نيراريات – 4 -
اذا رأيتِ دموع الشمس تنهمر فليس بالضرورة أنها تبكي بل تحضرها لك لتغسلي بها وجهكِ صباحا , واذا رأيت وجه القمر مضيئا نهارا فلا تتعجبي ,لأن القمر يهدى وجهه لك مراة تتبرجين أمامها وتمشطين شعرك , واذا أبصرتِ السماء مظلمة , فلا تظني أن النجوم العالقة فيها قد سقطت وتلاشت الى الاْبد , بل اعلمي أن النجوم قد غيرت عنوانها وسكنتْ عينيك .
• * * *
بدأ الرقص يعجبني , لأنني لا أرقص على ايقاعات الموسيقى التقليدية أو حتى الأيقاعات الحديثة , لكنني أرقص على أيقاع صوتكِ الرومانسي وأشدّكِ الى صدري لنلتصق روحا و جسدا فلا يبقى على خشبة المسرح غير ناركِ و دخاني .
• * * *
لا تكشر عن أنيابك اذا لم يكن في صدركَ قلب الأسد , ولا تتظاهر بالدهاء اذا لم يكن في رأسكَ عقل الثعلب , وبهذا تستطيع أن تتبنى مبدأ سياسة القوة ومبدأ قوة السياسة .
• * * *
هي كارثة كبرى أن يعتقد الكثيرون بوجود منطقة ظلامية في حياتهم , ويجهلون أنها منطقة حجبوا عنها الضوء .
• * * *
لا نتخذ من التاريخ سيفا نشهره في وجه الحاضر , بل لنتخذ من الحاضر درعا نحمي به صدر التاريخ.
• * * *
هكذا يقول يوحنا في انجيله المقدس (( لاْنه هكذا أحب الله العالم , فبذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به , بل تكون له الحياة الأبدية )) ,,, وهكذا أقول أنا في أنجيلي الشعري , (( لأنه هكذا أحببتك , فبذلتُ قلبي الوحيد لك لكي لا تيأسي بل يكون لك رجاء في عشقي الأبدي )) .
• * * *
أقرُّ أنه في كل ذات اشورية غيورة براكين من الثورات المؤجلة , أتطلع بشوق الى ساعة انفجارها المفاجيء .
• * * *
ما هذه الحالة الغريبة التي تنتابني , أينما سافرتُ فأن رائحة الوطن تطاردني لأستنشقها دوما ,, وكلما صادفتني امرأة معطرة , هبت رائحتك لأستنشق لا غيرها . ا
• * * *
رغم مرور نصف قرن على هروبي من رحم أمي و انطلاقي الى الحياة , أشعر أنني لا زلتُ بحاجة ماسة الى تعلم المشي الصحيح كي لا اتعثر , والتوقف الأصح كي لا أنزلق .
• * * *
للشاعر اتجاه معاكس , فهو يرتفع الى الهاوية ويسقط في السماء .
• * * *
هذه كانت وتكون وسوف تكون طريقي , فأذا قررت أن تتبعني , عليك أن تلقي بيديك للماضي , وتثبّت قدميك في الحاضر , وترسل رأسك للمستقبل .
• * * *
لستُ عدوا لدودا لعدوي , ولا صديقا وفيا لصديقي , بل أنا صديق لعدوي الشجاع , وعدو لصديقي الجبان.
• * * *
الفنان ليس له وطن غير اللوحة , وليس له تاريخ غير الريشة .
• * * *
لستُ متغطرسا كي أرتفع , ولستُ ذليلا كي أنخفض , أنا محافظ على مستواي الثابت , لذلك تُطلقُ علي تسمية " توأم البحر " .
• * * *
يا من تعتبرون أنفسكم قوميين خالصين , لا تجعلوا الأمة شماعة تعلقون عليها تناقضاتكم ومبرراتكم .
• * * *
ما قيمة التاريخ اذا لم يكن مكتوبا بالحبر الأحمر .
• * * *
أجمل تهمة وُجهت لي في حياتي هي عندما قالوا لي , " أنت متطرف لأمتك الاشورية ", وأقبح تهمة, عندما عادوا وقالوا لي , " أنت واحد من الذين نفوا وطنهم - بلاد اشور - بعيدا عن ذاتهم " , فكان ردّي على التهمة الأولى هكذا , " بارككم الله على هذه التهمة الصادقة " , وكان ردّي على التهمة الثانية " لعنكم الله على هذه التهمة الكاذبة " .
• * * *
أنصح نهديك بعدم التعالي على أصابعي , فمن أين تعلما ثقافة الكبرياء ؟ وكانا بالأمس يأتيان الي من غير أن أدعوهما الى العشاء , ويؤنساني بأحاديثهما الشيقة ويذكراني بمغامراتهما معي طيلة السنين الماضية , أهكذا - بين ليلة وضحاها - يفقد الماس تركيبه البلوري التكعيبي وتتغير خواصه ؟ وبعدما خطط نهداك لثورة شعبية كثورات شهر تموز , أهكذا ينقلب قائدا الثورة على ثورتهما وينفيان حلفائهما - أصابعي العشرة - ويضعان شفتيّ تحت الأقامة الجبرية ؟ ما الذي يحدث في هذه الأيام ؟ من كان يصدّق أن الحمل سوف يطارد الذئب ؟ والفأر يُرعب القطة ؟ والملاكيين اللذين كانا يحرساني ساعة النوم يفتحان باب المتحف ليدخل سرّاق الاثار وتختفي حضارتي ؟ أنصح نهديك ثانية ليعودا الى رشدهما كي لا يُثيرا الظنون , فالشعور بالعظمة يقود الى الجنون .
• * * *
في السابق كان يجول في خاطري أن أرتد عن ديانتي وأكون ملحدا , فمن يمنعني من ذلك ؟ حتى التقيتك فامنتُ أن هناك فعلا قوة وعقل مميز هو الله , فعندما خلق الطبيعة جميلة , خلقك أجمل , وعندما خلق الأنسان من طين , خلقك من ذهب , ووضع الشمس مكان عينك اليمنى كي تبهرني نهارا , ووضع القمر مكان عينك اليسرى كي ينيرني ليلا , وشد في حنجرتك أوتارا ماسية تعزف أحلى موسيقى رومانسية أنام على وقعها , وكتب على خديك وصايا عشر للشاعر العاشق , أولها أن أحبك لأقصى درجات الجنون , واخرها أن اموت فيك لأقصى درجات الجنون , وأعطى يديك سلطانا يغير أتجاه العواصف المدمرة القادمة نحوي , وأعطى ساقيك قوة تسابق السرعة الضوئية لتهربا بي من زمن الأرهاب العالمي , لذا قررتُ أن أكون أول الملحدين المؤمنين بوجود الله , وتمنيتُ أن يوحي الي الله أن أكون نبيا لأمة واحدة فقط , هي أنتِ
• * * *
لستُ مضطرا أن أقول أحبكِ , لأن المطر لا يحتاج ليُثبت أنه ماء , ولا يحتاج العطر أن يُثبت أنه عصارة دموع الوردة , ولا يضطر الموج أن يعلن تمرده على البحر , ولا حاجة للبرق أن يحذرنا بساعة الصعق , ولا يُسألُ الله عن يوم القيامة , فلا تنتظري مني أي تنويه , لأن كل خلية في جسدي تعترف بأختراقك لها , والأعتراف سيد الأدلة .
• * * *
من الان فصاعدا , أطلقوا علي لقب - ملك الدجل والدجالين - , لأنني وعدت أمتي أن أحيا من أجلها اطول عمر وأنقذها من التشرذم والأنقسامات ولم أقدر , وعاهدتها أن أموت من أجلها اذا اقتضت الضرورة ولم أفعل , وأقسمت لأرضها ان أبعث روح الهجرة المعاكسة , ولكنني تنفست زفير الديمقراطية في الغرب ففقدت شهيق الحرية في الشرق , وأخيرا وليس اخرا , طمأنت حبيبتي أن أرسم عينيها السومريتين الحزينتين على وجه الوطن الباكي كي تكتمل خارطته , ولكنني ألقيت بريشتي في مهب الريح . ,,
فيا وطني الى متى أيامك شقية
ويا أمتي كيف كفروك وأنت تقية
ويا حبيبتي ذات النفس النقية
أنا اسف جدا , لم يبق مني بقية
• * * *
مهما فعل الساسة في العراق اليوم لتجميل صورتهم أمام الشعب , فأن أبسط قصيدة شعر لأبسط شاعر عراقي سوف تفوز بصوت الشعب المنكوب اذا دخلت الأنتخابات .
• * * *
عندما أخبرت الالهة أوتانابشتم أن الطوفان واقع لا محال , سارع في صنع السفينة لأنقاذ من يتبقى من الأحياء , وأنا أسألك رأفة بي , عندما يصحو الطوفان في عينيك , أخبريني عنه لأصنع سفينة خرافية أنقذ بها نفسي وأنقذ جميع عشاق العيون السود .
• * * *
لا أحبذ بعد اليوم أن أكتب قصائدي على الألواح الطينية كما يحلو للملوك الاشوريين , ولا على أوراق البردي نزولا عند رغبة الفراعنة المصريين , ولا على الصفائح الخشبية أو المعدنية مقلدا الشعراء الأخشاب أو شعراء المعادن الهشة , لكنني قررت أن أنقش قصائدي على سطح مياه مقلتيك لكي تبقى طرية , و على حدائق وجنتيك لكي تبقى فواحة زكية , و على تضاريس شفتيك لتبقى فتية , فأنت قد قذفتك موجة الحياة لي هدية , فصرت حبيبتي البهية , وصاحبتي الأبدية , فاسمحي لي أن أسميك " واو المعية " .
• * * *
تتنقنق ذكور الضفادع لجذب الأناث اليها , ويتنقنق ساستنا المتضفدعون لجلب المصائب على هذه الأمة.
• * * *
ألقومي الاشوري المعاصر هو المسافة المحصورة بين الفخفخة الأعلامية والخدمة اللا الزامية .
• * * *
سحبتُ ثقتي عن الذين ظننتهم ثوار , وصفقت لهم ليل نهار , ورقصت لهم على ايقاع الطبل والمزمار , فاذا بهم تجار , جحدوا الله وسجدوا للدولار , خانوا ضمائرهم من أجل كرسي متخزوق هيئته كالمسمار , شبهتهم بالأزهار , تفوح منهم أزكى العطور كالنرجس والجلنار , وعندما استقووا بالشعب الذي خذلوه , طار عن أقنعتهم الغبار , وظهرت جيفتهم النتنة وانكشفت الأسرار , فيا بنين وبنات أمتي الأحرار , أعدوا المقصلة بحزم واصرار , فأنا من هذه الساعة جزّار .
• * * *
لماذا أنت منطوية على نفسك مثل سمكة الساردين المعلبة , كوني انفتاحية كالسماء , ورومانسية كالمساء , وجريئة كاللبوة , هاجميني على غرة ولا تترددي , ربما كنت أملك أسنان القرش , ولكنني لست هو.
* * *
جميع الأوطان لها نصب تذكاري للجندي المجهول , ولكن الوطن الذي وجدته في عينيك والذي ضمني بعد تشردي , سوف يقيم غدا نصبا تذكاريا للجندي المعلوم - نينوس نيراري - .
• * * *
اذا كان علي اْن أتفق معكم بأنني لست أسدا صنديدا , فعليكم أن تتفقوا معي بأنني لست أرنبا رعديدا .
• * * *
لا اْفرح لشروق الشمس , ولا اْتاْسف لغروبها , انما الذي يفرحني هو اْنها تبقى عالقة في فضاء وجهك ولا تغادره كي تبقى الشمس شمسا , والذي يؤسفني هو اْن الشمس تنهي احتلالها لوجهك وتسحب جيوشها خلف خارطته الضوئية .
• * * *
يا من جعلتني شاعرا في لحظة خافية
واْلبستني ثياب ملوك النهرين الدافئة الشافية
وعمدتني كالهة في مياه الشعر الصافية
ثم اْعطتني صولجان الوزن والقافية
وحولتني ماردا اْنفي - لا – النافية
تركض القصائد خلفك حافية
اذا مت فيك عاشقا , فاْلف عافية
• * * *
قد يصيبك العجب , لماذا اْحترس من اطلاق كلمة ( اْحبك ) واْنت تعلمين مدى جنوني المطلق فيك . اْحترس لاْن هذه الكلمة مكونة من نفس العنصر الذي يتكون منه كبريت الشخاط , فلو انطلقت من حنجرتي واحتكت بلساني لاحترقت واحرقتني .
• * * *
كيف يا اْماه لم تعلني لي باْنني عندما ولدتُ كنتُ اْملك حبلين سريين ؟ , اْلاْول متصل بمشيمتك زال مع الزمن , والثاني ما زال متصل بمشيمة الوطن .
نينوس نيراري حزيران – 28 - 2013