المحرر موضوع: الهوية القومية والسياسية لبلدة القوش العريقة  (زيارة 3672 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جــلال برنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 158
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الهوية القومية والسياسية لبلدة القوش العريقة
 
بقلم : جلال برنو

 
Aug.26,2013/ jbarno56@hotmail.com

القوش هذهِ البلدة العريقة تأسست قبل مجيء الرب يسوع المسيح لهُ المجد الى كوكبنا بمئات السنين ، سكنها الآشوريون اذ كانت احدى البلدات التي لا تبعد كثيراً عن مدينة نينوى عاصمة الأمبراطورية الآشورية  لحقبة طويلة من الزمن . كذلك سكنها اليهود اثر سبيهم من أرض اسرائيل ويهودا كنتيجة للغزوات المتكررة التي نفذتها الجيوش الآشورية لمملكتي اسرائيل ويهوذا .
 
الآثار والحجارة تعلن عن هوية أرض القوش  ومنها على سبيل المثال لا الحصر : منحوتة  " مصناعي "  ، " شويثا د كَناوي "  ( وترجمتها الحرفية : فراش اللصوص ) ، و گوپا دْ مايا : وهو كهف يُعتقد أنهُ كان معبداً آشورياً قديماً و كَرا : تل يقع الى الجنوب وضمن الأراضي التابعة للبلدة ، وهو تل صنعتهُ أيدٍ بشرية ، من المرجح أن في باطنهِ  كنوز ولُقىً أثرية ، ولحد هذا اليوم لم يحظى بأيٍ من أعمال الحفر والتنقيب . ولو ابتعدنا قليلاً عن مركز بلدة القوش بنحو مسافة أربعة أميال  وتحديداً في صدر كَلي قرية بندوايا لتعرفنا على شاهد آخر ألا وهو المنحوتة  المعروفة بأسم " شيرو ملكثا " التي يُرجّح أن تكون للملك سنحاريب (704-681 ق.م)، والى الجنوب من قرية بندوايا يمكننا التعرف على بقايا المشروع الأروائي الذي صمم ليروي نهرها الأراضي الزراعية الممتدة بين بندوايا والقوش ، كذلك لا بد من الأشارة الى أسم محلة سينا التي سميت بهذا الأسم اكراماً للأله سين :  اله القمر وأسم القوش المتكوّن من كلمتي أيل قوشتي ، بمعنى الهي قوسي أو الهي قوتي .
وبعد أن تعرفنا على بعضاً من الآثار الآشورية التي لا تزال شاخصة وماثلة أمام كل ساكن وكل زائر الى القوش البلدة العريقة ناهيك عن المختصين بعلم الآثار والمؤرخون ، لا بد أن نشير الى الآثار اليهودية في مركز بلدة القوش والمتمثلة بمرقد النبي ناحوم أحد الأنبياء الصغار الذي نجد لهُ سفراً باسمهُ في العهد القديم من الكتاب المقدس . وناحوم باتفاق المؤرخين هو سليل اليهود المسبيون من قبل الجيوش الآشورية ولد وترعرع ودفن في القوش .
 
مما تقدم ومن خلال دراسة انثروبولوجية بسيطة ، أعتقد أنهُ بأمكاننا أن نستنتج أن سكنة القوش القدامى كانوا من الآشوريون والسبايا من اليهود ، أما فيما يخص سكان القوش في الوقت الحاضر ، ومن خلال مطالعة المراجع المتيسرة ، نجد أن معظم عوائل القوش هم من المهاجرين من جنوب شرق تركيا الحالية ، أي من تياري وهكاري ، جيلو و باز وتخوما ... بالأضافة الى قسماً آخر من المهاجرين من جزيرة بوتان ومناطق سعرد وآمَدْ ، والمهاجرون من قرى و بلدات سهل نينوى اضافةً الى عدد قليل من سكان القوش الأصليون كبيت بلو وبرنو و قوجا وشكوانا وعبيا وشيخو وقس نونا  وغيرهم ....
هذهِ هي التركيبة السكانية لبلدة القوش العريقة بحسب المؤرخين وبالتحديد كتاب " القوش عبر التاريخ " لمؤلفهِ المرحوم المطران بابانا وكتاب سفر القوش الثقافي للأستاذ بنيامين حداد .
أعتقد أن من حق أبناء القوش أن يفتخروا  بأن بلدتهم العريقة  القوش كانت و لا تزال كعش النسر ، عصية على جور الزمن أو بالأحرى على هجمات المغول والتتر ، نادر شاه  والأمير الأعور الملقب بِ " ميراكور "
، والأمير غازي المتعصب دينياً وقائد الجيش بكر صدقي الحاقد...وهذا غيض من فيض ...  وفي نهاية القرن الماضي نتذكر جيداً الهجمة الكبرى في زمن البعثيون الشوفينيون ، يتذكر أهل القوش كم كانوا قساةً على شاببنا وشيوخنا أيام الحرس القومي ، أتذكر وأنا في صغري أتذكر مقتل الشيخ بولس " پوّي " اسطبلايا على ما أظن ! الذي كان يسكن في دار بالقرب  من دار شابو وآل بابانا  ومقتل ياقو قيا  و نزيف الدم الذي كان يجري من رؤوس وجسد شباب القوش على ايدي الحرس القومي الآثمة ، بتهمة الأنتماء الى الحزب الشيوعي العراقي والحقيقة أن العديد منهم لم يكن له أية علاقة بالحزب الشيوعي  ولا بالسياسة . ناهيك عن ما جرى من أحداث أخرى  وقعت بعد ذلك الزمن . ولأن الحرس القومي ذاع صيتهُ بسبب قسوتهِ ، أرتأى حزب البعث أن يغير وجهه القبيح حيث ألغى مليشيات أو تنظيم الحرس القومي ، ولكن الجيفة ضلت نفس الجيفة ، فقط معلبة بقناني بلون مختلف  ... ومن نتانتهم ابتدعوا  ما يُسمى بِ " فدائيو صدام "  ، ومارسوا سياسة التغيير الديموغرافي عندما حاولوا بناء جامع ... وفشلوا أمام تصدي أبناء القوش لمشروعهم الخبيث ، لأن ما بعد الجامع بالطبع سيكون هناك توطين الأغراب .... ومارسوا سياسة التعريب حتى أنهم أطلقوا على أحد أحياء القوش أسم " حي صدام " ، ولكن ما أن أزيح صدام وتوارى أزلام البعث الفاشست ودخلوا جحورهم ، حتى سارع أبناء القوش الغيارى الى تغيير أسم ذلك الحي بأسم عزيز على قلوبهم وهو أسم " مار قرداغ " القديس الشهيد ، ومسيرة الصمود والتصدي لا زالت تسكن ضمائرهم وعزيمتهم باتت أقوى .. فكانت مسيرتهم السلمية التي جابت شوارع وأزقة  القوش تعبيراً عن رفضهم لسياسة التغيير الديموغرافي التي تتبعها الحكومة الحالية أو بعض المتنفذين في محافظة نينوى ، وهنا  لا بد من الأشادة بموقف مديرناحية القوش الحقوقي فائز جهوري عندما تنازل عن قطعة الأرض المخصصة لشخصهِ بهدف عدم اسكان الغرباء عن القوش من الموظفين العاملين فيها .
 
استناداً الى ما ذكر أعلاه ، نستخلص أن القوش يمكن أن تحتضن قومياً : بنوا اسرائيل من الذين لهم تاريخ في القوش ، وأهل القوش الحاليين بتسمياتهم آشوريون ،كلدان أو سريان وأرمن ، سياسياً :  يمكنها ان تحتضن أهل القوش الحاملين للفكر الشيوعي الأممي ،  لأن الشيوعية هي بداية التاريخ الأنساني الحق ، التاريخ الذي لا تصنعهُ صراعات الغاب ومصادماتهُ الكاسرة ، ولا تكتبهُ صراعات الطبقات والحروب ، والمسيحيون المتدينون من ايمانهم  بتعاليم رب المجد السامية ... وحتى البارتيين من أهل القوش  الذين تعاطفوا مع الحركة  التحررية  الكوردية لأنهم لم يدعوا يوماً أنهم كورد ، أما البعثي المؤمن  بمباديء حزب البعث  وليس المستبعث الذي اجبر على الانضمام الى الحزب أو الذي أنظم الى صفوف البعث من أجل مصلة شخصية ( وأُشددْ على كلمة المؤمن ) والذي كان وربما لا يزال يغرد باسم العروبة ولو بصوت مرتعد خارج السرب !
فلا بد أن تلفظهُ القوش لأن ليس لهُ جذور في تربتها العطرة ، أمّا اذا حدث وأن سقطت بذرة ذلك البعثي سهواً أو ذات يوم عاصف ، فسوف لا تنبت الا زواناً ولمّا كان في القوش حصدة ماهرين " خصادى كشيرى " فلا بد أن يكرموا سنابل الحنطة ويطرحوا الزوان تحت الأقدام قبل أن يأخذ طريقهُ الى تنور امهاتنا لأنهُ لا يصلح حتى كعلف يقدم للمواشي لئلا ينجسها .
 هاهو تمثال القائد البطل توما توماس ينتصب شامخاً معززاً مكرماً من قبل أهل القوش وهاهو تمثال مار ميخا المعلم الأول يتشفع بهِ أهل القوش وهاهم النسوة والصبايا يشعلون الشموع كل ليلة حول مراقد القديسين ... ونأمل أن يكرم رموز القوش من مفكرين وكتبة وخطاطين فتقام لهم النصب التذكارية ليصبحوا خالدين في ضمير ووجدان أجيال القوش القادمة . 
 
 
يجدر بالذكر، ان أحد القاب القوش هو " يما دمثواثا " أي أم القرى وفعلا يمكن تشبيه القوش بالأم فمثلما يسع قلب الأم لمحبة جميع أبنائها على اختلاف شخصياتهم وطبائعهم كذلك فان قلب القوش يسع لمحبة جميع أبنائها رغم اختلاف اتجاهاتهم السياسية وتسمياتهم و معتقداتهم القومية.
 
لكن بعض الناس (الذين يدعون أنفسهم مثقفين وهم بالأساس لا يملكون ذرة من الثقافة) يجدون الاختلاف السياسي او القومي فرصة للإثارة الفتن والخصومات بين أبناء القوش سواء في الوطن الام او في بلاد الغربة وهؤلاء يتوجب التصدي لهم.
فالاختلاف السياسي الذي يجده البعض نقطة ضعف قد يكون مصدر قوة
وغنى فكري وتنوع ثقافي وباعث للاجتهاد من جميع الاحزاب والمؤسسات الاجتماعية والتربوية من اجل القوش أقوى وأجمل


غير متصل Ashur Giwargis

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 880
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تحيـــّــة للأخ جلال برنو إبن ألقوش، القلعة الآشورية


لنعط ِما لألقوش لألقوش،
وما لكلدو لكلدو ...


آشور كيواركيس
بيروت- 26/12/2010



"ويلٌ لأمــة كل طائفة فيها تحسب نفسها أمـــّـــــة" (جبران خليل جبران)




سبق أن نشرنا مقالا بسيطا حول المعالم الأثرية لبعض البلدات في آشور المحتلة على الرابط التالي:

http://khabour.com/ara/index.php?option=com_fireboard&Itemid=79&func=view&catid=29&id=26140#26140

وكما يلاحَظ، من هذه البلدات العريقة بلدة ألقوش، تلك الوحيدة التي اهتمّ لها أخواننا من بعض أبنائها فيما تجاهلوا باقي البلدات التي قمنا بـ"أشوَرَتها" حسب اعتقادهم ... على أية حال، لم تكن المقالة تهدف أبدا إلى دغدغة مشاعر بعض الآشوريين الكاثوليك المتعصبين طائفيا، بقدر ما كانت تحذيرا – كما توحي مقدّمتها – بخصوص ما يجري في آشور المحتلة من عمليات تكريد وآخرها مخطط الحركة الديموقراطية الآشورية وباقي الحــُـزيبات سواء كانت تنشط تحت الإسم القومي الآشوري أو الأسماء الطائفية ... ولكن بما أن البعض فضـّـل تحويل الموضوع إلى فلسفة في غير محلـّـها ونقاشات طويلة بما لا يعرفه سواء عن طريق بعض الردود على مواقع الأنترنت أو عبر بريدنا الألكتروني، لذلك فضلنا إنهاء المسألة بشكل واضح لمن أراد التمعـّـن في فهم الانتماء التاريخي لشمال العراق ككل، ومنه سنتطرّق تحديدا إلى بلدتنا الآشورية العريقة؛ ألقوش.

منذ نيسان /2003/ بدأنا نشهد بعض الحجج التي يطلقها البعض بدون دراية بالتاريخ، وأهمها محاولة ربط ما يعرف اليوم بشمال العراق، بدولة بابل الحديثة (626-539 ق.م) – فترة تواجد قبائل الكلدو في بابل، ورغم كون هذه الطروحات غالبا ما تؤخذ على محمل السخرية، إلا أنها قد تثير الشكوك لدى بعض البسطاء حول احتمال كون الكلدو القدماء قد سكنوا فعلا في آشور (شمال العراق الحالي).

ليس للكلدو (كما سماهم آشور ناصربال) أية حضارة تذكر في العراق كون الحضارة هي لآكاد ونينوى وبابل، المدينة التي دخلها "الكلدو" الرحّل عام 734 ق.م، بعد أن استقروا في أقــذر المناطق لثلاثة قرون، وعن ذلك يقول عالم الآشوريات الشهير وأستاذ اللغات السامية في جامعة كارديف – بريطانيا، البروفسور هنري ساغس، ما يلي:

"الكلدانيون كانوا يثيرون الشقاق في بلاد بابل، وهم قبليون ذوي أوجه شبه مع الآراميين، دخلوا جنوب الأراضي البابلية حوالي عام 1000 ق.م وأسسوا نقاط سكنهم في مناطق المستنقعات الشاسعة بأقصى الجنوب في الأهوار العراقية الشهيرة. وفيما تلا تابع الكلدانيون حركتهم عكس نهر الفرات وحاولوا السيطرة على بعض المدن القديمة. وفي عام 734ق.م قام المدعو "توكن زير" أو "نابو موكن زيزي" الزعيم الأعلى لقبيلة "أموكاني" الكلدانية باحتلال بابل والإستيلاء على العرش، وانقسمت بابل في مسألة ولائها للآشوريين. فبالنسبة لسكان الدولة البابلية من غير الكلدانيين؛ كان جيرانهم الشماليون يمثلون رمزا لنظام الأشياء القديم، المستقرّ، أمام الكلدانيين المشاغبين..." (1)

أن الحديث عن هذا الإنقسام في بابل له درجة كبيرة من الأهمية التي يجب أن نوليها لهذه المواضيع قبل أن نتفلسف بها، تجنـبا لسخرية القارئ لا أكثر. فالمؤرّخ ساغس (1920-2005م) الذي كان من أشهر المحاضرين باللغة الآكادية، اعتمد في كتابه "جبروت آشور الذي كان" على المدوّنات التاريخية والمرسلات بين الملوك، التي كان يترجمها بنفسه ولم يعتمد على التوراة الذي كتبه رعاة حاقدين على نينوى وبابل، ولا على هلوَسات بعض القساوسة ... حتى اعتبرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية بأنه "أعظم علماء الآشوريات في العصر الحديث".

وعندما يقول ساغس بأن البابليين كانوا يعتبرون جيرانهم الشماليين رمزا لنظام الأشياء القديم بمواجهة "الكلدانيين المشاغبين"، فهو يتحدّث عن تراث وثقافة آشورية موجودة في بابل قبل تسلل "الكلدو" إلى جنوب ما يــُـعرَف اليوم بالعراق، وعن صراع بين القبائل الدخيلة وبابل العريقة. وحين نتحدّث عن "كلدان" يجب ألا نتعدّى مرحلة 626-539 ق.م لأنها المرحلة الوحيدة في تحوّل الكلديين من بدو إلى حضـَر حكموا لفترة 87 سنة مدينة بابل التي يعود عمر ثقافتها وحضارتها إلى آلاف السنين قبلهم، وإلا فعلينا اعتبارها فارسية كون الفرس حكموها أكثر من الكلديين، أو عربية لأن العرب حكموها أكثر من الفرس ... وهذا الإعتبار منافي للمنطق حينما نتناول موضوع ثقافة الأرض، وها قد تناولها العالم ساغس وقبله المؤرّخ الإغريقي هيرودوتس (القرن الخامس ق.م) الملقب بأبي التاريخ، الذي عاش في بابل ووصفها بأنها "أعظم مدن آشور، بعد نينوى" (2)

أما بالنسبة لشمال العراق "الكلداني" المفترض، فلا توجد أي مدوّنة تاريخية "كلديـّـة" تمّ اكتشافها في شمال العراق، والمقالة القصيرة التي نشرناها حول آثار شمال العراق لا تتحدّث عن أي وجود كلدي وهذا ليس ذنبنا لنتعرّض للملامة، بل ذنب التاريخ. فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هذه الدولة (البابلية الحديثة) التي احتلت أرضا ولم تترك فيها شواهداً ؟ علما أن ملوك بابل عبر تاريخها طالما افتخروا بفتوحاتهم كما ملوك الشمال الآشوري ودوّنوها لا بل بالغوا في وصفها وخصوصا ملوك "الكلدو" في المرحلة البابلية الحديثة، حيث نرى مسلة نبوخذ نصـّر حول سبي اليهود إلى بابل، ومودوناته حول احتلال صيدا في جنوب لبنان.

وعن تبعيـّـة آشور بعد سقوطها دولتها، تذكر عالمة تاريخ الشرق القديم، وأستاذة التاريخ في جامعة لندن، آميلي كورت بأنه لم تكن هناك أية علاقة بين الدولة البابلية الحديثة (حكم الكلديين) وأرض آشور بعد سقوطها، حيث تقول حرفيا: "بحلول العام 605 ق.م، كانت مساحات واسعة من الإمبراطورية الآشورية (وليس الدولة المركزية – الكاتب) تحت سيطرة البابليين وكانت تخضع للمركز البابلي في جنوب البلاد، أما المناطق الشمالية فقد بقيت ضمن كونفدرالية مع الميديين، تخضع للمركز الميدي في إكباتانا (همدان الحالية في غرب إيران - الكاتب)" (3)

وهناك طقطوقة أخرى يطرحها بعض المتعصبين من الآشوريين الكاثوليك وهي أن الملك تغلات بلاصّر الثالث (المذكور أعلاه) قد سبى الكلديين لدى دخوله بابل عام 737 ق.م، علما أنه ليست هناك أية شواهد على ذلك (كالعادة)، وفي المقابل نرى مجددا البروفسور ساغس يقول:

"سقطت بابل بأيدي تغلات فلاصّر وفرّ توكين زير (زعيم الكلديين – الكاتب) جنوبا نحو عاصمة قبيلته في عمق الأهوار الجنوبية، بعد ذلك طارده الجيش الآشوري ناشرا الخراب في أراضيه، بينما حلفاؤه القبليون الذين تفاهموا مع الآشوريين – رغم كونهم زعماء، مثل مردوخ بلادان – حافظوا على أراضيهم، وحين تمّت تسوية المشاكل بعد ثلاث سنوات أخضعت بابل لللآشوريين..." (4)

عندما يقول المؤرّخ ساغس بأن الزعماء الكلديين تفاهموا مع الآشوريين و"حافظوا على أراضيهم" هذا يعني أنهم بقوا فيها ولم يتمّ أخذهم إلى نينوى، ولو سلمنا جدلا وافترضنا فعلا بأن سبي الكلدان إلى بعض المناطق يعني أن أبناء هذه المناطق أصبحوا "كلدانا"، فهذا يعني بأن سبي نبوخذنصر لليهود إلى بابل يعني أن البابليين أصبحوا يهودا، وهذا الكلام لا يقوله سوى الرضـّـع في التاريخ. فلو عدنا إلى مدوّنات تغلات بلاصّر الأوّل حول السبايا نراه يتكلم عنهم كما يلي (بالآشورية القديمة) : "إيتي نيشي مات آشور أم نوشونوتي" – ما يعني : "إعتبرتهم أبناء آشور" (5) وكذلك تحدّث شاروكين (سرجون) الثاني عن السبايا اليهود، وهذا يثبت بأن السبايا ذابوا في الثقافة الآشورية وليس العكس.


ولا ينتهي الأمر هنا حول الشواهد الآشورية، بل هناك المؤرخون القدماء الذين كتبوا عن ألقوش ومنهم صموئيل زيا السعردي (القرن السادس عشر) الذي يتحدّث عن الشاعرة الألقوشية إيسيغا إيلاني قائلا:

" ناضلت البطلة المثقفة ايسيغيا أيلاني نضال الأبطال بسلاحها وقلمها. علّمت أجيالاً من الشباب والفتيات حتى غدت مربية للشبيبة بعلمها وصمودها ووقوفها الى جانب حقوق المرأة في المجتمع الآشوري، فأصبحت امثولة لجميع فتيات ألقوش ، كما أرست قواعد الفكر القومي في قلوب قبائلها…" (6)، كما يتحدّث الشماس بثيو ككـّـا (القرن الرابع عشر) عن نشاط إيسيغا إيلاني في جمعية نمرود الثقافية التي أسسها المؤرّخ هرمز بانيبال نعمان (لاحظ الإسم) الذي ولد عام 1307 وتوفي عام 1396م.

للأسف لقد أضاعت هذه النقاشات الكثير من وقتنا فيما عمليات التكريد جارية تحت عنوان "الديموقرطية العراقية" و"إرهاب القاعدة"، ونحن لا نزال نحاول إقناع بعض الأشبال بأنهم أبناء الأسود ... ولن نتعجب إذا رد علينا أحدهم بأن هنري ساغس هو نسطوري وآميلي كورت متأشورة والأحزاب الآشورية (التي أكثرية أعضائها من الكنيسة الكلدانية) متعصبة حاقدة على الكلدان .... وكل هذه الأقوال تدعم موقفنا لأنها تكشف عورات مطلقيها كم أنهم سُذج، خصوصا كون كافة المختصين بالتاريخ من الآشوريين الكاثوليك (كلدان اليوم) وبدون استثناء، مؤمنين بقوميتهم الآشورية ولهم كامل الحق بذلك أكثر مني، كوني من جبال آشور البعيدة، أما هم فإنهم من تلكيف وألقوش - من قلب آشور.


المصادر:


1. جبروت آشور الذي كان – هنري ساغس – ص:140 – طبعة 1995
2. Herodotus, “Histories”, Book I, P:70, Translated from Greek by Prof. Aubrey De Selicourt Penguin Edition – 1994
3. Kuhrt, Amelie : “The Ancient Near East” vol II, P:541, Edition 1995
4. هنري ساغس، نفس المصدر – ص: 141
5. "الهوية الآشورية بين العصور القديمة والحاضر" - البروفسور سيمو باربولا، جامعة هلسنكي، ص:7
6. "قبائل آشور، آرام، أرفكشاد في العراق"، ص: 188 – تأليف صموئيل زيا، سعرد - بلاد آشور، 1585م – عن بحث للدكتور عبد الأحد جلـّـو.


غير متصل سامي بلو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 201
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ابن امتي الاشورية البار وابن القوش الابية جلال برنو

قرأت ما سطرته باهتمام ، ولست هنا لاصفق او لاهلل لك فقط لاننا نلتقي في البعض اليسير من مفاصل قضيتنا القومية، ولست شاكا في ما ذهبت اليه حول هوية القوش الاشورية وقلعتها الابية في الحاضر. وانما اريد ان اقول بانك اصبت احيانا واخفقت احيانا اخرى، تاريخية او عرقية او اجتماعية او احداث معاصرة ، مدحك لبعض الاشخاص كان من المفروض ان يكون في محله وبعد البحث والتمحيص في الحقائق وليس باستقاء معلوماتك من مواقع الكترونية رخيصة تروج لبضاعة كاسدة، او من تصريحات بعيدة عن المصداقية ،.. الذين تنازلوا عن (ارضهم) هم الذين دبروا وتعاونوا مع الغرباء لفض بكارة القوش وتنديس عذريتها مقابل ثلاثين من الفضة (قطعة من الارض)، وعندما اجهضت العملية من قبل المخلصين من ابناء القوش وفلتت الاسماك من شبكة الصياد، انبرى من انبرى ليتنازل عن شئ لا يملكه وليتظاهروا بحرصهم على المحافظة على القوش لاهلها ، ورغم ان الكثرين من هؤلاء لايزيد تاريخ نزوح عوائلهم الى القوش اكثر من 150 سنة، الا انهم يقفون بالمرصاد ويمنعون اي من ابناء امتنا من الانتقال والسكن في القوش، فشعارهم لا لابناء امتنا ونعم للغرباء اذا كانت لديهم منفعة شخصية.. ولهذا فانهم ومن اجل مصالح شخصية تأمروا مع الغرباء للحصول على قطع اراضي سكنية في القوش مقابل ادراج اسماؤهم مع هؤلاء الغرباء ، فتوزيع الاراضي لم يكن مفاجأة لهم لان البداية كانت على ايديهم والترويج بدأ من لدنهم فصاعدا الى الوزارات المعنية هذا من ناحية
ومن ناحية اخرى سوف اتحاور معك في رسالة مفصلة حول الحقائق التاريخية الدامغة حول اشورية القوش موطنك واجدادك وسلالاتهم الى منابع التاريخ الصافية في نينوى واشور ، وان سمح لنا الوقت لنتحدث على السكايب

لك دائما تحياتي ومحبتي
سامي بلو

غير متصل جــلال برنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 158
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأخ سامي بلو المحترم ، أعتقد أنكَ لم تُصِبْ بقولكَ أننا نلتقي بالجزء اليسير من مفاصل المسألة القومية ، بالعكس أننا نلتقي كثيراً . أما بخصوص التأكد من الخبر المنشور على صفحات المواقع الألكترونية ، فأظن أنها الوسيلة المتاحة والأسهل للوصول الى المعلومة أو الخبر ... أما اذا ما أخفقت هذهِ الوسيلة في تقديم ونشر الخبر الصحيح ، أرى من واجب المثقف والباحث عن الحقيقة تقويم الخبر أو انتقاد مكامن الخطأ كي لا يربك القاريء فلا يميز الخطأ عن الصح ويا ريت توضح لنا الحقيقة فلا نتورط في مدح من لا يستحق الثناء والشكر . تقبل خالص تحياتي
جلال برنو