المحرر موضوع: المؤتمر القومي الكوردي و الاقليات القومية الكوردستانية  (زيارة 2754 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. بولص ديمكار

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 110
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المؤتمر القومي الكوردي
و الاقليات القومية الكوردستانية
د. بولص ديمّكار*

كانت السنة 1985 و المدينة: مينسك عاصمة جمهورية روسيا البيضاء (بيله يه روسيا ) الجميلة حيث التئم شباب العالم بدعوة من اتحاد الشبيبة الديمقراطى العالمي ليناقش الاوضاع العالمية و تلابيبها من وجهة نظر الجيل الصاعد. و كما عودنا اتحاد الشبيبة فقد ساهم في هذا اللقاء العالمي ممثلي شباب قارات العالم اجمع لكى يتداولوا و يرسموا ويوضحوا تصورهم لعالم المستقبل على ضوء فهمهم و استيعابهم. و كنت سعيدا في ترشيحي لاكون ممثلاً لشبيبة كوردستان في هذا اللقاء العالمي و لاطرح قضية الشعب الكوردي المناضل بهدف تنوير شبيبة العالم بما كانت تعانيه الشعوب و القوميات القاطنة على ارض كوردستان و في المقدمة منها القومية الكوردية .

اتذكر اليوم  جلياً بأن مداخلتي في هذا اللقاء العالمي دارت حول حق الشعب الكوردي ليس فقط في تقرير مصيره بنفسه و انما حقه لتشكيل الدولة الكردستانية المستقلة عبر آلية عملية لتوحيد اجزاء كردستان الاربعة، بعد ان تم تكريس التقسيم  في معاهدة لوزان ( 1924) بين الحلفاء على اعقاب الحرب الكونية الاولى التي جاءت مناقضة لما تم الاتفاق عليه في سابقتها معاهدة سيفر( 1920) من ضمان لحقوق الشعب الكوردي والقوميات الاخرى من الكلدان و الاثوريون و اليهود والارمن التي تقاسم  الشعب  الكوردي الارض المشتركة و العيش المشترك تأريخياً.
 استقبلت المداخلة بحفاوة بالغة و باندهاش في الوقت نفسه لإستغرابهم و عدم تصديقهم بوجود شعب يتجاوز تعداده الملايين ليس فقط محروم من حقه في تشكيل دولته بل مقسم و موزع على دول اربع تتميز بسيادة انظمة حكم لقوميات و اثنيات مختلفة من عرب و فرس  و ترك غالبيتها  رافضة الاعتراف بوجوده و مانعة له من استخدام حتى لغته القومية في حياته اليومية.

شتان ما بين ذلك اليوم و يومنا المعاصر، فبعد مرور ما يقارب من اربعون عاماً على  ذلك التاريخ تمكن الشعب الكوردي من تحقيق انتصارات كبيرة و على المستويات المختلفة اقتصادياً و اجتماعياً و ثقافياً بفضل ايمانه بقضيته و استعداده للتضحية في سبيلها وفعلاً تطلب ذلك تقديم  تضحيات جسيمة كلفت شعوب كردستان العديد من الارواح و الاموال. فها هو الشعب الكوردي و على المستوى السياسي و القومي  يمشي بخطوات حثيثة  و ثابتة نحو انعقاد اول مؤتمر قومي كوردي يضم ممثلي اجزاء كردستان الاربعة  بعد تحضيرات دامت اكثر من شهرين و برعاية و مساهمة مباشرة من رئيس اقليم كردستان العراق السيد مسعود البارزاني ليساهم عبر ذلك بتقريب حلم ابناء كوردستان في تمتعهم بحقوقهم القومية المشروعة بما فيها الحق في تقرير المصير و تشكيل الدولة الكوردستانية الموحدة .

اذا كنا نحن ابناء الاقليات القومية الساكنة على ارض كردستان اباً عن جد و في المقدمة منهم ابناء الكلدان نبارك لاخوتنا ابناء الشعب الكوردي انجازهم الكبير هذا و نتمنى للمؤتمر النجاح الباهر في تحقيق الاهداف المرجوة منه، يحز في نفوسنا و نستغرب استثناءنا من حدث كبير كهذا الذي يخص وجودنا و حياتنا و مستقبلنا كما يخص الاخوة الاكراد و مبعث ذلك هو التأريخ  النضالي المشترك ضد الطغاة و المجرمين اللذين لم يألوا جهداً في قتلنا و تشريدنا عبر تدمير قرانا و مدننا من دون تفريق كوننا اكراداً او كلداناً او اثوريون او غيرهم بل عصاة فقط في نظرهم ، فقد اختلطت دماؤنا و خضبت  ارض كوردستان في اكثر من موقع و مأثرة حيث كان للكلدان و الاثوريون البيشمركة شرف حمل السلاح و الدفاع عن ارض كردستان جنباً الى جنب اخوانهم الاكراد و بقية الاقليات القومية واكبر شاهد حي و ماثل للعيان: مجزرة قرية صورية عندما اختلطت دماء الكلدان و الكورد دفاعاً عن ارضهم و حقهم في الحياة الحرة الامنة و الكريمة.

و لم يكن غريباً بل امرطبيعي و منطقي عندما اعتبر قائد الثورة الكوردية الخالد ملا مصطفى البارزاني  شهداء الكلدان و الاثوريون دفاعاً عن الثورة الكردية شهداء الوطن و الثورة كما هم الشهداء من ابناء القومية الكوردية على ان يتم تمجيدهم و الاحتفاء بهم على نفس الاسس و القواعد لاخوتهم الكورد. و اليوم مواقف الابن السيد مسعود البارزانى رئيس اقليم كردستان لاتقل شهامة وفخراً دفاعاً عن حقوق الاقليات القومية من كلدان و اثوريون حيث فتح ابواب كردستان على مصراعيها لاستقبالهم عندما ضاقت بهم الارض في بقية مناطق العراق و قدم المساعدات و التسهيلات الكبيرة من اجل الحفاظ على امنهم و سلامتهم واستقرارهم و تمتعهم بالعيش الكريم. وكلمته  اثناء الجلسة الافتتاحية للجنة التحضيرية للمؤتمر القومي الكوردى لم تترك مجالاً للشك في موقفه من الاقليات القومية المتعايشة مع الاخوة الاكراد على ارض كوردستان عندما نبه الحاضرين بكلمات صريحة الى ضرورة مراعاة مصالح القوميات الاخرى و قال " أود هنا أن أقول بكل وضوح إننا إذ نتحدث اليوم عن المؤتمر القومي الكوردي، لا يعني بأننا لا نراعي مصالح القوميات الأخرى في كوردستان بل إن واجب المواطنة والإنسانية يحتم علينا أن نراعي في جميع قراراتنا مصالح كافة شعوب كوردستان والكوردستانيين عموما. "

نحن الان على ابواب انعقاد المؤتمر القومي الكوردي الذي كان مجرد حلم و امل قبل اربعون عاماً و اجد نفسي فخوراً في التحضير غير المباشر له منذ  ذلك الوقت عبر المساهمة و لو بنذر يسير في التعريف بكوردستان و شعوبها ، كان املنا نحن الكلدان المساهمة في اعماله بشكل او بآخر و إن كان  يبدوا ذلك متعذراً اليوم، رجاؤنا  ان نكون حاضرين في  قرارات المؤتمر و توصياته انطلاقاً من متطلبات العيش المشترك و انسجاماً مع كلمات السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان العراق في ضرورة مراعاة حقوق و مصالح كافة شعوب كوردستان و الكوردستانيين.

التوفيق و النجاح للمؤتمر القومي الكوردي
لتتوطد مشاعرالتآخي و التآلف بين شعوب كوردستان
المجد و الخلود لشهداء كوردستان

شقــــلاوا     في   6/9/2013

*استاذ جامعي سابق
 عضو جمعية الاقتصاديين الكندية