المحرر موضوع: سعيدة بنت غافان ,,,,,والسؤال التالي : من المــــــسسسسسؤول ؟؟؟؟؟؟  (زيارة 1310 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل rashid karma

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 499
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
سعيدة بنت غافان ,,,,,والسؤال التالي :
        من المــــــسسسسسؤول ؟؟؟؟؟؟
[/b]رشيد كَرمة
   
  لربما لم يشاهد الكثير من العراقيين  وغيرهم الفيلم التلفزيوني العراقي ( من المسؤول ) الذي انتج لحساب مؤسسة بابل للإنتاج التلفزيوني بداية السبعينات والفيلم من تمثيل نخبة من الفنانين العراقيين ,أبرزهم الفنانة العراقية الجميلة ( الرائعة ) ناهده الرماح والممثل والمخرج المسرحي سامي عبد الحميد ولست بصدد الحديث النقدي عن الفيلم كمنتوج سينمائي ,ولكنني اعتقد ان الموضوع ( إ غتصاب المرأة ) وهي المعادل الموضوعي للحرية التي نرمز لها في مختلف مجالاتنا الأدبية أصبح من الأفعال الشائعة و ( الشانعة ) لأن الأخيرة ذا مدلول أخلاقي  يعيب فاعله ولقد تعددت أساليب كتابنا وفنانينا على مستوى الشعوب العربية أو على المستوى العالمي من إدانةجريمة ( جرائم ) العنف والأغتصاب الجنسي الذي يوليه المجتمع الأوربي  المتحضر الكثير من الإهتمام ويعاقب القانون بشئ من الصرامة على من يجنح , ولقد روى لي شاب   سويدي ارتكب ( هذا الفعل الشنيع ) كيف عاملته الأجهزة القضائية بخصوص ذلك ملخصا لي الوضع القانوني – الإجتماعي برمته ,إذ أخبروه بعد المحكمة التي قاضته بالسجن خمس سنوات ان الذين يرتكبون أو يحاولون ارتكاب جريمة الإغتصاب إنما يهددون أمن المجتمع بأسره ويشكلون تهديدا ً خطيرا للنشئ والعائلة والحرية وبالتالي النظام العام  لذلك لابد من عقوبة ولابد من توجيه ولابد من مناهج تربوية علمية  يشارك فيها أدباء وأطباء وخبراء في  العلم السايكلوجي. ولابد من تنظيم علاقة تواصل تتسم بالتعاون بين الأهل والمدرسة وخصوصا لما هم دون الثامنة عشر ,  ورغم الطفرة الكبيرة التي حققتها المجتمعات الأوربية في هذا المضمار الا ان جرائم العنف والإغتصاب لم تنته , ولكن الفرق بين اوربا والعالم العربي والإسلامي واضح جدا ,بخصوص المعالجة الموضوعية التي تتصف بالشفافية والصراحة ووضوح القوانين التي لا تستثني أحدا ً, ومن الجدير بالذكر انما يحصل في البلدان الآسلامية من تجاوزات في هذا المجال أمر ٌُ مرعب ومخيف ولم يستطع الدين ( في كل مكان وزمان )حتى هذه اللحظة الحد من الأعتداء  بهذه الطريقة الوحشية  ( الإغتصاب ) لذا لابد من فك الإرتباط بين الدين  والدولة التي تشرف على القانون من خلال السلطات الثلاث التي تشرع القانون وفق منطلقات ديمقراطية حضارية تسمح بالإختلاط بين الجنسين ومن المراحل الأولى للطفولة وتعزيز روح الأخوة والتسامح الديني والعرقي وإعتماد العلم الحديث كطريق لحل ازماتنا ومشاكلنا .. ومن هنا فان الدين والتعاليم السماوية بمجملها كالحجاب والبرقع والإيغال في لبس ما أنقرض كالبوشية والكفوف ونحوهما * وعزل الذكور عن الأناث في الحافلات العامة والمؤسسات ومنع الأطباء عن تأدية دورهم الأنساني في معالجة النساء لايلغي الجريمة ولا يمنع ( الفحشاء والمنكر والإثم ) ولدينا سيل من الأعمال الدرامية التلفزيونية والسينمائية والمسرحية تناولت هذا الجانب المهم.                                             ولقد ذكرت الفيلم العراقي ( من المسؤول) لأن الطريقة التي تناولها الفيلم يشبه الى حد كبير ما تناولته القاصة الأماراتية الدكتورة سعاد العريمي , وذلك ضمن مجموعة القصص القصيرة والتي تحمل عنوان ( حقل غمران ) والفرق ان من مارس عملية الإغتصاب في الفيلم العراقي قد نال عقابه من الضحية نفسها بعد ان ضربته على رأسه وهي ممدة على سرير المرض في إحدى المستشفيات حيث اصبح الجاني  طبيبا ً يعالج الناس ومن بينهم من  كانت  الضحية  ( المغتصبة ) حاملة جرحها كل السنوات المريرة بينما تركت سعاد العريمي الضحية تموت بصمت    ....ما أن  انبلج  الفجر حتى جاء من يخبره : سعيدة بنت غافان ...غابت ,سارت الى رحمة الله .   ....وإذ تنتقل ( المغتصبة ) الى رحمة الله يبقى الجانى في الحياة الدنيا على وشك ان يؤم الناس في صلاة الجماعة في المسجد . وتبدو الضحيتان متوحدتين تحت ظلم وبشاعة القيم الإجتماعية( الإسلامية ) فكلتاهما لم تقويا على الجهر بما حدث , فالضحية عند العريمي ..طفلة , بلهاء , خرساء !!!؟؟؟؟؟؟؟                          وغمران وغافان والمترف وطفول أسماء شائعة في دول الخليج وتحديدا سلطنة عمان وهي  ان جاءت في حوار ما فهي تضفي نمطية العلاقة التي تخدم النص و لا علاقة لغمران بالحدوثة ( القصة ) ولقد ذُكر غمران هنا كإسم لرجل إمتهن حراسة  حقول البترول في الصحراء العربية, وكانت قد صدرت المجموعة القصصية الطبعة الأولى عام 1997 وهي من منشورات إتحاد كتاب وأدباء الأمارات وتحتوي المجموعة على أحد عشر موضوعا داخل فن قصصي يغلب عليه الرمزية , في أغلب الأحيان وهو ما تلجأ اليه سعاد العريمي دائما ً , ولها الحق في ذلك , كونها نعيش في مجتمع تسوده العقلية الذكورية بالإضافة الى ما تسوده وتسيطر عليه أعراف وقيم دينية إسلامية  من الصعوبة الإفلات منها وذلك بحكم التشدد الذي يفرضه رجال الدين الذين يجدون مصلحتهم في ذلك , رغم ما يظهر للعيان من جرائم ترتكب بإسم الدين أو ان الدين سيكون ستارا ً يحجب جرائم البعض ممن يدعي انه الأقرب الى تطبيق الشريعة الأسلامية من الآخرين . ولا أحد يدري بأي مبرر وتحت اي مسوغ يتم ذلك ؟؟.ولعل الموضوعات التي تعالجها سعاد مختلفة ولكن سأورد في هذه المقالة عن واحدة من هذه القصص تفضح وان برمزية  (العريمي  ) إثما ارتكب ويرتكب في مجتمعاتنا الإسلامية ولعل العراق وما يتعرض له من تدخل فض من قبل الآخرين وتحديدا الإسلام السياسي وما يريده الآخرون من تعميمه كفرض ( دكتاتورية دينية على غرار إيران ونظام حكمه المقيت ) يجعلني انتقي هذه القصة دون سواها لأهميتها وأود الإشارة الى أن القاصة وفي أمسية لها قرأت هذه القصة في جهد اشكره لها بتسليطها الضوء على جوهر الموضوع ومن هنا أبديت إعتزازي للقاصة ولشجاعتها من طرح هذه المادة على غيرها , بإلقاء ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍغير متردد ٍ او خجل من تناول هذا الموضوع فتحيتي اليك سيدتي للشجاعة أولا وللمساهمة في نشر الوعي المعرفي ثانيا وقبل ان نغوص في تفاصيل الإثم من خلال قراءة القصة ,أود ان أُشير الى ان المجموعة القصصية للقاصة العريمي تتنوع بتنوع معرفة وثقافة العريمي** نفسها من خلال اكثر من قصة وحدث ومنها شناشيل حيث تداعيات الحرب المجنونة بين العراق وإيران ... واتمنى ان تتاح لي الفرصة في تناول المجموعة المشار اليها ,,واترك للقارئ  ليس الإستمتاع بما جرى لسعيدة بنت غافان  وإنما التضامن معها ..وإدانة المجتمع والدين معا ً.......ر.ك
                                     المترف
ما أن انبلج الفجر حتى جاء من يخبره :سعيدة بنت غافان ..ماتت, سارت الى رحمة الله .
نهض متمايلا ً بإيقاعه البطئ , وسكون الليل يغلق الصخر ,_ قم الليل _ نشيد قي القلب يغلف هذه الرغبة العارمة المكبوتة والمحفوفة بحزام العفة ...
_ إذكر الله _ غسل وجهه, ثم مسح على الرأس : الله أكبر _ اقم الصلاة ..نشيد صوفي يلجم الرغبة ...
يمشي متمايلا بسير ٍمأتمي ,..أربعة رجال يتبعهم جمع , وآخرهم إمرأة ..في الوسط إمرأة محمولة على قوائم خشبية ...لا إله إلا الله ..
محمد يتوسط الحشد : سعيدة بنت غافان سارت الى رحمة ربها .. نزعة نارية تشتعل في صدره ..كيف سيلقي ربه بقلب سليم ,
قبل ضياءات الفجر أتى من يخبره .
هل الزمن يقضي على الأحداث ! تنبه محمد...سنوات مرت بلا معنى ..سنوات مرصعة بالتوتر والتكفير , ثم يأتي الموت ..هذا الموت الأبيض المنبثق مع خيوط الفجر – الخيط الأبيض يأتي ليغزل الموت .
يمشي محمد متوازيا ًمع الجنازة ..رجل عجوز ..لحية بيضاء ..وتجاعيد عمر بلا معنى ..وهذا الجلال البهي الهائم في سماء الغفران .
تذكر محمد سنوات التكفير . حقا ً الزمن يقضي على الأحداث ..تذكر غافان وكيف لجم بالسوط وخر صريع.... بأن تجرأ على سيده وولى نعمته , إبنته تلك الدميمة ذات البشرة السوداء ..تلك الخرساء التي تجوب الطرقات ..قال ناصر بن المترف : هاتوا لي غافان وإصلبوه .
(( أنا من عرق الزنوج الذين ركبوا البحر ..في مراكب النخاسة الخضر ..أقرن الحبال والأيدي المغلولة ...إلا أن لي روحا ًتغرد إلا أن لي روحا ًتغني ..) )***
كانت رجفة عابرة أثمرت عن طفل وئد في الحال – أتى في كيس غشائي ..قذفته تلك الطفلة الخرساء .. إستله ناصر المترف ذات مغيب ..وليمة غسقية إرتجت لها جدران الغرفة ..صرخة أطلقتها على وليدها الذي إختنق بماء رحم أمه (( إن لي روحا تغرد...إن لي روحا ًتغني ))
قال محمد : أتيتها في الغرفة- ذات المعبد الطيني ,صومعة الحب والموت ,كانت البلهاء تنظف المكان عندما داهمها سيدها وشعرت بالغثيان , صرخ غافان لربه الذي خلقه ,,وجعل له يشرة سوداء : بأن إبنته الخرساء البلهاء الدميمة الوجه سوداء البشرة ..قد أصيبت ..والفاعل هو سيده ومولاه وتاج رأسه ..محمد بن ناصر المترف , زعق غافان بأعلى الصوت ,,في باحة المسجد بعد صلاة الجمعة وسط جمع من الرجال وكان الجواب ___صمت جسيم __تجرع غافان حسرته ومضى , تمنى لو شق صدره وانتزع ذلك الشعور بالذل ...والقلب النابض الذي يسكن هذا الجسد الأسود الملطخ بالعار والعبودية .
(( يايها الرجل الطيب ..إنك خادم ..! إطبق شفتيك غيظا ً..لأنك لن تتضمخ البتة بعطر سيدك ))
أربعة رجال يحملون إمرأة ..مضت سعيدة بنت غافان في مهب الريح وعبرت الضباب ..تناهت الى ما لانهاية ..كاشفة ستر سيدها ..عندما ترصع جسدها الداكن بنجوم سيدها الوضاءة ..إن لي روحا ًتغرد ...محمد بن ناصر المترف ...فرخ النسر سنوات بلا معنى : قطع النسل ...محمد قطع النسل تزوج يامحمد ظل يلهج حتى مات .
جوهرة سوداء وأنا حبيس العبادة ...هائم في سماء الغفران .
قال محمد لأبيه بأنه رأى الكلاب وهي تجرجر جثة طفل وليد ..طفل له شعر أسود كانت الكلاب (....) على شعر الصبي ..وكانت تنبش التراب ,رأيت الكلاب يا أبتي :قال المترف : سم بالرحمن يامحمد ...الولد يهذي إنك لك تر شيئا ً
كان الطفل يشبه البالون الأبيض المنفوخ بالهواء ...كيس به ثقوب ...وكأنها جعلت للتهوية..الكيس به كتلة لحمية متوهجة الإحمرار ..الكيس كان شفافاًوالكتلة لها شعر أسود نابت في مؤخرة الكيس ...وعندما كانت الكلاب تنهش التراب وتستخرج ذ لك الشئ  ..لم أتبين بعد ÷ذا كان الطفل فيه أم لا . وعندما صعدنا المئذنة ...وقال لي أبي : هيا لقد حان موعد الآذان ...صعدنا أنا وأبي ورأيت المدينة تحت قدمي وكانت مليئة بالكلاب والحفر وكان الوقت فجرا ً...عندما صعد أبي الى المئذنة , وقال لي سوف نصلي بمحاذاة الإمام مباشرة ,تذكرت المئذنة الدائرية الشكل – وانا وأبي نرتقي تلك السلالم الخشبية  والحفر المتناثرة في قاع المدينة – والطفل والكلاب وهي تهم بفتق الكيس ...وكانت يد أبي أسرع من أنياب تلك الكلاب المدربة , والتي يحتفظ بها لأيام الصيد .
حفر أبي الحفرة داخل الفناء ..حفرة صغيرة تتسع لطفل وليد – دس بها ذلك الشئ وردمها ..ثم رشها بالماء ..وساوى بها التراب , وأخذ يدكها بقدميه .
كان الوقت فجرا ً..عندما خرج أبي الى المسجد واستيقظت على نباح الكلاب ...وعندما رأى ذلك المنظر ...منظر الكلاب وهي تجرجر الكيس ...هرول مسرعا ً حاملا ً الكيس على ظهره ومضى .
حمله الى المقبرة وربطه بحبل وذهب به – وجلست أنا أبكي , أبوها قال لي : الولد إبنك ,قال ذلك قبل ان يموت _ وأبي يقول : لا إنها مجنونة تجوب الطرقات , وأنا لا أعلم أهو إبني حقا ً؟أبي يقول بأن الطفل كان ميتا ً...أنا لم أقتله ...هو كان ميتا ً, قال ذلك وهو على فراش الموت ...وقال بأنني يجب أن أصدقه وأسامحه .
ولكن الطفل كان حيا ًوكان يموء من داخل الكيس , كان صوته يصلني , وأبي يمسك برأس الحبل , وأنا كنت أتبعه ..تبعته الى داخل المقبرة , رأيته وهو يرمس القبر رأيت ذلك وبكيت – ثم عدت الى بيتنا وقال أبي : يالله نصلي الفجر
نهض متمايلا ًبإيقاعه البطئ ...وسيكون الليل يفلق الصخر _مسح وجهه ثم رأسه ::تفقد فناء المسجد , ثم أقام الصلاة – قم الليل –كان وجه غافان مرسوما ًعلى صفحات الجدران , على سجادة الصلاة , عن يمينه ويساره ...رآه وهو يصلي ...قال له :  أبوك مات ...لقد مات ناصر بن المترف ,مضى ,تلفت يبحث عن أبيه وكانت النعوش مصفوفة بشكل مرتب في فناء المسجد..قالوا له  :  يجب ان نصلي عليه في المسجد , وستخرج الجنازة من المسجد الجامع...هذا ابوك , كانت مجموعة من الرجال , وهو يتوسطهم يحملون المترف الى المقبرة حاملا الكيس على ظهره ويهرول ...يجب ان نصلي عليه ...فرغ من صلاته , وكشف عن تلك النعوش المصفوفة , ولم ير وجه أبيه ولم يجد غافان ......إستعاذ بالله من الشيطان الرجيم ..مسح على وجهه وكبر ثم أقام الصلاة  .
لم تكن نعوشا ًتلك التي رآها ...كانت أكياسا ً داكنة مزمومة ومنتفخة ليس بها ثقوب ...أكياسا ًمنضودة فوق بعضها البعض في الباحة الخلفية ...كان عامل النظافة يجمعها ويكومها ...
كانت تلك الدوائر ...دوائر سوداء توصد الرؤية أمام عينه , ولم يتبين له شئ ...كانت عيناه شبه مغمضتين خلف الزجاج المعتم , وهو يغالب الهاجس الداخلي  -  الله  أكبر - ...كان قد دعا الناس الى الصلاة , كان على وشك أن يؤمهم عندما جاء من يخبره بأن سعيدة بنت غافان .غابت , سارت الى رحمة الله !!!!!!!!!!!

*  إشارة الى مايفرضه الملالي الجددمن العراقيين  والموالين لأيران الخميني على الشعب العراقي , وسوف نفرد لهم مقالا ًخاصا ً
** القاصة سعاد العريمي ....نهلت من الثقافة العراقية الكثير وتعرفت على أدبائه وشعرائه من خلال دراستها في العراق في بداية السبعينات إلى نهاية السبعينات , وكانت فترة إزدهار ثقافي بحق, وبفضل النساء العراقيات تحولت الطالبة سعاد الى قاصة لها اسلوبها المميز ...وهي تحمل شهادة دكتوراه في علم الأجتماع ( التنمية )
***  الشعر بين معقوفتين مزدوجتين للشاعر الإفريقي أندريه مارسيل دانس

   رشيد كَرمة    السويد   17  آب    2005 [/size]