المحرر موضوع: بمناسبة ذكرى مجزرة سيدة النجاة - كي لا ننسى ...  (زيارة 922 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Ashur Giwargis

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 880
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

يستذكر الشعب الآشوري اليوم مجزرة كنيسة "سيدة النجاة" في 31/10/2010، التي تلاها مؤتمر الحــُـزيبات الآشورية للمطالبة بضم جنوب المثلــُـث الآشوري (ما يسمّى "سهل نينوى") إلى الإحتلال الكردي، وعن ذلك كتبنا في حينه :


الإمبــــراطـــوريــّــــة الكرديـــّــة
والمحافظة "المسيحية"


آشور كيواركيس – بيروت
06/12/2010 (مواقع آشورية وأخرى عراقية)


من غير الممكن أن يحدّد الشعب الآشوري هوية أعدائه إن لم تكن لديه قضية، ومن غير الممكن أن تكون له قضية وقيــَم طالما أنه لا يشعر بأنه مشرّد، أي لا وطن له خصوصا بعد أن برز إرهاب دولة العراق على الملأ. وفي نفس الوقت انكشف المهرّجون الآشوريون أمام ضوء جريمة جديدة في كتاب "التعايش" الآشوري مع الضيوف الطارئين على أرض ما يسمّى اليوم "عراق"، حيث تسارعت النطوّرات في المواقف والتقلبات في المبادئ ومبيعات القيـَـم بعد الحدث الجلل إثر قتل عشرات الآشوريين من طائفة السريان الكاثوليك بظروف غامضة، وقد انعكست الجريمة إلى ردّة فعل في الشارع الآشوري وخصوصا في المهجر، مـُـحرجة مـَـن سكتوا وغطــّـوا كافة الجرائم بحق الآشوريين على يد العصابات الكردية في آشور المحتلة منذ 1991 وحتى لحظة كتابة هذه الكلمات، فقد أتت مجزرة كنيسة سيدة النجاة إنطلاقة لصحوَة تجسدت في مطلب ولو "ميسحي" وليس "آشوري" إلا أنه يعدّ الأول من نوعه كطرح على هذا المستوى منذ جريمة الإضطهاد الأربعيني الذي استمرّ مجازرا لأربعين سنة (340-379م) أيضا على يد "جيراننا"، والذي ذهب ضحيــّـته 200 ألف مسيحي من كنيسة المشرق (1) في أربيل وكركوك، والفرق بين مجازر اليوم والأمس هو أنه بالأمس لم يكن لأعداء الأمة الآشورية أبواق تعمل على تغطية جرائمهم.

إثر جريمة كنيسة سيدة النجاة، تفاجأ الشعب الآشوري بمواقف من أبتلى به في البرلمان الكردو-إسلامي، وكالعادة، تسابق الساسة الآشوريون وتنافسوا على كتابة "أجمل استنكار"، أما الحركة الديموقراطية الآشورية فهي تعيش في عالم آخر حيث لوحظ فيها ارتباك فريد من نوعه، يتأرجح ما بين اللوم الشعبي للحركة والصراع الداخلي بين اللجنة المركزية التي تريد الحفاظ على ماء الوجه بعد سنوات من الأكاذيب والتبعية لشخص يونادم كنـّـا، حتى ظهور المطلب الكردي للحركة على العلن، والذي حذرنا منه منذ مؤتمر لندن لما يسمّى "المعارضة العراقية" في كانون الثاني عام 2002. ولكي لا نطيل التحليل والفلسفة، لنعد إلى أيام قليلة مضت ونتذكر ما حدث من تطورات في مواقف الأحزاب المسماة "آشورية"، علـّـنا نستنتج الحقيقة من وراء مطلب "المحافظة المسيحية":

31/10/2010: الهجوم على كنيسة سيدة النجاة وتعتيم إعلامي رسمي من قبل دولة العراق الإرهابية ودُماها من الساسة الآشوريين
01/11/2010: الحركة الديموقراطية الآشورية (على لسان كنــّــا)، تقلل من أهمية الجريمة "آشوريا أو مسيحيا" على أنها تستهدف تعطيل العملية السياسية وتشكيل الحكومة الجديدة (2) ، وأيضا تكرر عبر الإذاعة الروسية بأن ما حصل ليس ضدّ المسيحيين بل ضد العملية السياسية لإحراج المالكي وتضيف رفضها لأي تخصيص جغرافي (منطقة آمنة وغيرها) على أساس "مسيحي" كون ذلك مناقضاً للدستور (على حدّ قول كنـّـا) (3) علما أنه ساهم في كتابة دستور يعترف بـإقليم "كردي" وتحت إسم عنصري تفسيره بالفارسية "أرض الأكراد" (4)
12/11/2010: الحركة الديموقراطية الآشورية تشارك في وفد من البؤساء ومحبي التقاط الصور، في لقاء وزير "الهجرة" الأوسترالي في سيدني وتطالبه بـ"مساعدة" (؟) الآشوريين اللاجئين إلى دول جوار العراق (5)
18/11/2010: بيان من "اللجنة المركزية" للحركة الديموقراطية الآشورية يناقض تصريحات يونادم كنـّـا ويؤكد بأن العمليات التي استهدفت كنيسة سيدة النجاة وغيرها من العمليات هدفها تهجير "شعبنا" (كما تسميه) من العراق، ورفض البيان "الدعوات المعسولة لتهجير شعبنا" (مناقضة لمطالب الوفد الذي ضمّ الحركة في أوستراليا)، ودعا إلى اجتماع قيادات احزاب "شعبنا" لمناقشة الواقع القومي وتفعيل المطالبة بحقوقه القومية (6)
26/11/2010: تلبية لدعوة الحركة الديموقراطية الآشورية وإجتماع موسّع للأحزاب الآشورية، تحت راية الإحتلال الكردي في أربيل – آشور المحتلة، يناقش استحداث "محافظة" والعجيب هو تخصيصها "لشعبنا" (7) ، ما يناقض أقوال يونادم كنـّـا حول كون ذلك ضدّ الدستور، وذلك في كافة تصريحاته السابقة.
28/11/2010: يونادم كنا يناقض مجددا ما قاله مسبقا ويقول أن طرح الطلباني لـ"محافظة مسيحية"، مطلب دستوري (8)
28/11/2010: المكافأة الكردية : البرزاني يطالب بتعيين نائب رئيس للجمهورية الكردو-إسلامية أو نائب رئيس وزرائها من المسيحيين (9)
04/12/2010: عقد الإجتماع الثاني تحت راية الإحتلال الكردي، تلبية لدعوة الحركة الديموقراطية الآشورية والخروج بمطلب "محافظة مسيحية" والمطالبة بإمكانية ضمها للإحتلال الكردي مستقبلا، وذلك بتفعيل المادة /35/ من دستور الإحتلال الكردي (10)
  
إلى هنا يصل المسلسل الآشوري الطويل الذي يعود عمره إلى حزيران 1915، أيام الساسة الرجال، حين تمت المطالبة لأول مرة بالتحرر الآشوري من المحيط المتخلــّــف ومن أجل ذلك تم تقديم مئات الآلاف من الشهداء الآشوريين الذين تغنت بهم على مر العقود، المؤسسات المشاركة في بيان العار بتاريخ 04/12/2010، والذي جاء بمطلب كردي يتمحوَر حول ضمّ ما تبقى من المثلث الآشوري إلى الإحتلال الكردي، وإذا كانت ذريعة الحركة اليموقراطية الآشورية اليوم "رغبة الأكثرية" المنادية بالحكم الذاتي، فنذكر بأن هذا الطرح بدأ – على العلن - في 23/10/2003 من قبل الحركة الديموقراطية الآشورية نفسها إنما تحت عنوان "منطقة إدارية في سهل نينوى" وذلك في مؤتمرها الذي حضره كافة أبواق الحركة من مثقفين وأميين، والذي طعن الطعنات الأولى في خاصرة الأمة الآشورية وشهدائها عبر التاريخ، إن كان من ناحية الهوية الآشورية بتحويلها إلى "كلدوآشورية سريانية" تمهيدا لــ"المسيحية"، أو من ناحية الأرض باستحداث عبارة "سهل نينوى" لتقسيم المثلث الآشوري (بين الزاب الكبير ودجلة) تمهيدا لضمــّــه للإحتلال الكردي، وقد حذر الكثيرون من نوايا الحركة هذه منذ تشرين الأوّل /2003، وربما صدفة، في العام 2004 خرجت القوات الأميركية من الموصل وسلمتها والمناطق المحيطة إلى عصابات البرزاني حيث بدأت حملات تهجير الآشوريين باتجاه مناطق الإحتلال الكردي ومنطقة سهل نينوى، كون الأكراد يهمهم تغيير التوازنات في منطقة سهل نينوى وذلك بجلب الآشوريين إليها من كافة أنحاء العراق تمهيدا للإستفتاء حول ضمّ المنطقة إلى الإحتلال الكردي بعد إظهار عرب الموصل حصرا كأعداء يقتلون الآشوريين تحت شعار الإسلام، وكان دور الحركة الديموقراطية الآشورية طوال هذه الفترة يقتصر على تغطية الجرائم الكردية بتصريحات وتبريرات تكاد لا تصدّق. وكنا قد كتبنا منذ عام 2005 حول ذلك ما يلي : [ وُلد طرح "المنطقة الإدارية" في ما يُسمّى "سهل نينوى" ليكون جزءاً من المخطط الكردي لضم شرقي الموصل إلى ما يُسمّى "كردستان" ] (11

هذا كان من ناحية التاريخ القريب، أما من ناحية الحاضر فإن كافة إجراءات تكريد آشور تجري وفقا للدستور الكردو-إسلامي الذي يعتبر مرجع الحركة الديموقراطية الآشورية، وذلك باستخدام العبارة المناسبة دستوريا (أي "المحافظة") كونه حسب الدستور، يتكوّن الإقليم من المحافظات (الفصل الثاني)، وأيضا يحق للمحافظة أن تكون إقليما بحدّ ذاتها (المادة /119/) ولكن طالما أن بيان الإجتماع الموسّع للأحزاب الآشورية البائسة يطالب الإحتلال الكردي بتفعيل المادة /35/ من دستوره، فقد بات واضحا بأن مطلب "المحافظة" سينتهي إلى مطلب "حكم ذاتي تابع للإحتلال" بغض النظر عن مدى إمكانية تحقيق ذلك، بينما يستحيل إلحاق مطلب "الإقليم" أو "المنطقة الآمنة" بالأحلام الكردية دستوريا ومنطقيا، لذلك تم إهمال كليهما.

أما في ما يخصّ الهوية، فالإحتلال الكردي يعطي حقوقا لـ"المسيحيين" إلى حدّ لا بأس به لا بل يغضّ النظر على اعتناق عدد كبير من الأكراد للمسيحية، أما بالنسبة للحقوق القومية الآشورية فإن الأراضي الآشورية في محافظة نوهدرا (المكرّدة إلى "دهوك") وغيرها من المناطق لا تزال محتلة من الأكراد على أساس قومي يقتصر على سياسة تكريد الأرض والمجتمع ويتم استحداث قوانين تدعم ذلك لإضفاء الطابع القانوني لإحتلال الأراضي الآشورية التي لم تشملها المادة /58/ من القانون الإداري المؤقت الذي رفعه يونادم كنا فوق رأسه في 08/آذار/2004 وأبرز أسنانه أمام كاميرات العالم بدون خجل، وقد أكــّـد الدستور الكردو-إسلامي بمادته /143/ على بقاء هذه المادة بالإضافة إلى المادة /53/  فقرة – أ – (من قانون إدارة الدولة) التي تكرّد آشور، وإلغاء ما تبقــّـى من القانون وكل ذلك بموافقة يونادم كنــّـا ودفاعه عن "إنجازات المرحلة".  

هذا كان تفسيرا دستوريا مُختصرا لما جرى ويجري، وسيجري في حال استمرّ تجار الأمة الآشورية بالتلاعب بمصيرها، فإلى هنا وصل المسلسل الآشوري الطويل، ولكنه لم ينته أبدا، بل لوحظ انضمام التيار الآشوري النظيف إلى الجوقة الكردية إلى جانب الحركة الديموقراطية الآشورية والإتحاد الآشوري العالمي والحــُـزيب الوطني الآشوري وغيره ... فمشاركة المؤتمر الآشوري العام، تلك المؤسسة التي لم تعترف يوما بالإحتلال الكردي، ولا بغير الهوية الآشورية والتي تمثل طموحات قسم كبير من الشعب الآشوري الكسول، يعدّ نقلة نوعيــّـة نحو الأسوأ، تتطلب إجراء تغيير سريع في قيادة المؤتمر الذي أصبح يدار حسب الأهواء الشخصية للسيد إيشايا إيشو رئيس المؤتمر، الذي يبدو أنه يسير على خطى يونادم كنــّـا.

كيف يجب أن يكمل المسلسل الآشوري ؟

طالما أن المنهاج السياسي الآشوري العام يساند استراتيجية المحيط المعادي، إذا فالوحدة الآشورية (كما حصل مؤخرا) ستكون جامعة لكل الأهداف السياسية المعادية للآشورية، وبذلك سيقوى طرح تكريد آشور وعـَـورقة الشعب الآشوري بإذابته في ثقافات قومية أخرى تحت الإنتماء المسيحي. وطالما أن أكبر القوائم العراقية (التحالف والعراقية) رفضتا طرح "المحافظة المسيحية" رغم تفاهته، على اعتباره "تقسيما للعراق" (12) بينما وافقتا وساومتا على ما يسمّى "كردستان" في الدستور العراقي باعتباره "خطوة في مسار التعددية والديموقراطية"، فهنا يثبت مجددا بأن دولة العراق هي عدو استراتيجي للأمة الآشورية، وبامتياز، وكل ذلك بغياب المؤسسات الآشورية العقائدية.

إن هذه العوامل الخطيرة تتغذى مباشرة على واقع آشوري شاذ، يتمثل بربط المهجر الآشوري سياسيا بآشور المحتلة، أي ما معناه أن الأحزاب الآشورية التي تعمل في الخارج حيث الحرية، تربط نفسها بالسياسة الآشورية تحت الإحتلال الكردو-إسلامي وترضخ لواقع غير ملائم لضمان مستقبل الأمة الآشورية أرضا وشعبا وثقافة، فما هو عذر المنظمات الآشورية التي تنشط في الخارج حول مشاركتها في إجتماع البؤساء الأخير؟ وما عذر البؤساء الذين يتذرّعون بـ"الواقع المرير" بعملهم في العراق حول فتح فروع لهم في المهجر حيث الحرية، وإفسادهم للأجيال الآشورية التي من الممكن أن تعمل لـ"قضية" آشورية يوما ما ؟

وهنا يثبت مجددا بأن الحل الوحيد هو نسيان أمر الأحزاب والمنظمات الآشورية سواء العاملة تحت التسميات الطائفية (كلدان، سريان) أو حتى تحت التسمية الآشورية، وتوجــّـه النخب الآشورية المثقفة "المستقلة" في المهجر تحديدا، إلى تأسيس مجموعات تكون نواة مؤسسة قومية (وليس سياسية) عالمية، تعمل على فضح الدولة العراقية بأقطابها من التيارات المتخلفة الإسلامية والتكريدية كون آشوريي المهجر يتمتعون بمقومات الحركة القومية: العدد، الحرية، المال، والتقارب مع الثقافة الغربية في فهم الأمور. وكل هذه المقوّمات من السهل توظيفها في مؤسسة كلما صغرت سهل عملها، ليقتصر نشاطها على متابعة الحفاظ على الهوية الآشورية أرضا وشعبا بإنشاء "منطقة آمنة" رغما عن دولة العراق ووفقا للقوانين الدولية التي كتبها "البشر"، غير آخذة بعين الإعتبار مشاعر المالكي والبرزاني وآلهم وصحبهم أجمعين، ولا عبيدهم من الساسة الآشوريين ومن لفّ لفهم، لتبرز القضية الآشورية في العالم على أنها قضية أرض وثقافة وليست قضية كراسي وكروش.


هوامش:

1- "التنبيه والإشراف" –  المؤرّخ قطب الدين أبو الحسن المسعودي (896-957 م)، ص: 207
2- وكالة أصوات العراق: http://ar.aswataliraq.info/?p=255960
3- مقابلة صوتية ليونادم كنــّـا على إذاعة "صوت روسيا" : http://arabic.ruvr.ru/2010/11/01/30921382.html
4-  "ستان" هي من "شتانا" الفارسية وتعني : وطن، أرض، مكان
5- تقرير خاص من الحركة الديموقراطية الآشورية: http://www.zowaa.org/nws/ns7/n151110-2.htm
6-  بلاغ بتاريخ 18/11/2010: http://www.zowaa.org/nws/ns7/n181110-9.htm
7-  تقرير خاص من الحركة الديموقراطية الآشورية: http://www.zowaa.org/nws/ns7/n261110-5.htm
8- وكالة أنباء السومرية : http://www.alsumarianews.com/ar/1/14158/news-details-.html
9- http://pukmedia.co.uk/2009-10-23-12-00-41/10594-2010-11-29-05-46-24
10- تقرير خاص من الحركة الديموقراطية الآشورية:  http://www.zowaa.org/nws/ns7/n051210-1.htm
11- مفالة للكاتب بعنوان: "السوق السياسية الآشورية، باعة وزبائن وبضاعة" – 09/نيسان/2005
12- أنظر المصدر /8/.