معركه
لطيف نعمان
قصه قصيره جدا
أحداث هذه الحكاية تصلح لتكون سيناريو فيلم كوميدي سينمائي
في ساعة متأخرة من الليل من مطلع شهر شباط أستفاق جميع أفراد العائلة خائفين على أثر صوت أنكسار دلة الماء الزجاجية التي نستها وارينه مساء أمس في شرفة النافذة . أعقبتها أصوات عالية لعراك القطط عند نافذة غرفة النوم ..
لم يكن الاب قرياقوس مهتما كثيرا للامر لولا فزع الاطفال ، وبكاؤهم ، وحتى فزع أمهم وارينه..
خرج في الحال الى فناء الدار واذا بريح باردة تلامس وجهه الدافىء . شعر بقشعريرة في جسده ..
عاد وأرتدى معطفه ، ثم خرج مرة أخرى ..
لفت نظره هر ضخم أسود اللون ، يحمل على رأسه عينين تلمعان كأنهما المصابيح الفسفورية في عتمة الليل .
الهر كان جاثما على ظهر قطة صغيرة تئن من حمله الثقيل . أما هو فقد أجهد نفسه ليزاوجها ، لكنها حاولت جاهدة الافلات من قبضته الحديدية المحكمة ، وبرغم حجمها الصغير كانت تطلق صرخات عالية لفرط أنزعاجها ..
وقف قرياقوس يتأمل المنظر ، ونسى فزع أفراد أسرته في تلك اللحظة ..
ظل يتأمل ذلك المشهد ، وشعر كأنه مطالب في ايجاد تفسير لحالة القطة المعذبة .. أخيرا قال بصوت مسموع وهو يحدّث نفسه :
(كأنها تتوسل اليه بأن يؤجل هذه المهمة الشاقة والعسيرة الى اشعار آخر، وعلى مايبدو لاطاقة لها بتحمل مضايقات هذا الحيوان الضخم الذي أفرط في أنانيته غير مكترث للازعاجات التي يخلفها لعوائل المحلة وأطفالها ..)..
طاب للرجل مواصلة التفرج على هذا الفيلم الغريب ..
فتحت وارينه النافذة ونادت بصوت خافت :
قرياقوس .. قرياقوس.. أين أنت ؟..
قرياقوس لم يسمعها برغم الهدوء ، وربما سمعها ولم يبالي..
لم يمض كثير من الوقت تذكر الرجل رعب أطفاله جراء أصوات هذه القطط ، وخشية من تكرارها بادر الى خلع فردة نعاله الكبير ورمى بها الهر بقوه وأصابه في بطنه ..
هربت القطه .. لكن الهر أكتفى بالابتعاد قليلا وتوقف معاندا ومتحديا كأنه النمر بعينه .
كان قرياقوس يخاله كأنه يكيل الشتائم والسباب له ، ويهدده بمزيد من الازعاجات ..
فما كان منه الا أن خلع فردة نعاله الاخرى وقذف الهر بها بقوة اكبر ، لكن فردة النعال هذه أخطأت الهدف ، وأصابت زجاج نافذة جاره شمشون ، وهشمت زجاج النافذة الكبيرة محدثة دويا قويا !!
على الفور خرج شمشون وهو يحمل مسدسا ، ثم أعقبه أبنه دانيال يحمل بيده عصا غليضة ، وحدثت معركة حامية الوطيس بين الطرفين أستفاق على أثرها أهل المحلة ..
لم تكن هذه المعركة تنتهي لولا أعتذارات قرياقوس المتلاحقه ، ووعوده بأن يصلّح زجاج النافذة ، ويتكفل بتنظيف المكان ، وعدم تكرار حماقته مستقبلا ..
في غمرة هذه المعمعة أفلح الهر المشاكس مرة أخرى في الامساك بالقطة في زاوية الحوش وانهال على رقبتها بعضّات متلاحقة ليكمل مشواره معها !!..
[/b] لطيف نعمان / عنكاوا