المؤتمرات المسيحية لن تضمن حقوق المسيحيين بدون هوية وجغرافية الارض الاشورية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الوقت الذي يتعرض الشعب الاشوري بمختلف انتماءاته المذهبية والكنسية الى جملة من المخاطر والتحديات التي تستهدف افراغ الارض الاشورية في نينوى ونوهدرا من ابنائها الاصليين الذين سكنوها الاف السنين واجبارهم على النزوح و الهجرة ، نجد بالمقابل نشاط مكثف ومحموم لعقد المؤتمرات المسيحية وتحت عناوين مختلفة للبحث في معاناة ومأساة المسيحيين وحقوقهم بحسب ما يروج لهذه المؤتمرات اعلاميا.
انها حقا معادلة غريبة وتزييف للواقع ومحاولة للقفز من فوق الحقائق التاريخية والجغرافية المتعلقة بالشعب الاشوري ، ففي الوقت الذي نعلم جيدا ان مسيحيي العراق هم نفسهم الاشوريين بمختلف كنائسهم ، نجد ان هناك اصرار على طمس الهوية الاشورية وتهميش متعمد ومقصود للحقوق القومية الاشورية المشروعة ، مع محاولات لأفراغ الارض الاشورية من سكانها الاصليين واجبارهم على النزوح و الهجرة والتي تمثلت بتعرضهم للقتل والعمليات الارهابية وتفجير الكنائس وقتل رجال الدين ، واجبارهم على ترك بيوتهم ومناطقهم ، واليوم تتخذ المؤامرة اشكالا اخرى من خلال سياسة التغيير الديموغرافي بغية استكمال احتلال معظم الارض الاشورية في نينوى والاقليم والاستيطان فيها وتغيير هويتها بعد ان اصبحت هدفا لمشاريع توسعية غير مشروعة ، والأنكى من ذلك كله اننا لم نسمع يوما بعقد مؤتمر قومي اشوري لبحث معاناة وحقوق الشعب الاشوري المشروعة ... ولكن من الجانب الاخر فان هذا الشعب وبعد مصادرة ارضه التاريخية و تجريده من هويته القومية وبعد تحويله الى طائفة واقلية دينية مسيحية ، نجده يحظى باهتمام العديد من الاطراف وفي مقدمتها تلك الاكثر طمعا بالارض الاشورية ، كما نجد تسابق السياسيين ورجال الدين للاعداد والمشاركة في تلك المؤتمرات المسيحية ، ناهيك عن تصريحات البابا والفاتيكان ومسؤولي الدول الاوربية المتعاطفين مع المسيحين ، اما مقررات تلك المؤتمرات فلا تتعدى سوى القاء الخطب و بعض والمجاملات على حساب معاناة المسيحيين .
وفي ظل التناقضات التي يتسم بها التعامل الاعلامي السطحي مع المشهد الاشوري والمسيحي ، ومقار نتها مع التعامل الحقيقي والواقعي مع الشعب الاشوري و المسيحي سنتوصل الى حقيقة المخاطر والتحديات التي يواجهها الاشوريون المسيحيون .
فالمطلوب من ( المسيحيين ) اليوم ان يدركوا تماما ان هذه المؤتمرات المسيحية التي تعقد من اجلهم ، ما هي الا مؤتمرات صورية لا تخدمهم بشيء ، لا من ناحية حقوقهم المشروعة ولا من ناحية ايقاف هجرتهم وليس بمقدورها توفير الامن لهم ، وانما الغاية منها السيطرة على الارض الاشورية وتفريغها من سكانها الاصليين، وان القائمين والمشاركين في هذه المؤتمرات قد يكون بينهم من يشارك بحسن نية ، الا ان الاغلبية الباقية هم من العاملين على تنفيذ اجندات لا تخدم المسيحين ( الاشوريين ) ،خصوصا ان هذه المؤتمرات وعدا الضجيج الاعلامي الذي يرافقها لم تغير شيئا من الواقع المأساوي للمسيحيين على الارض.
اضافة الى ذلك فأن المسيحيين يجب ان يكونوا على قدر عال من المسؤولية بحيث لا تقف انتماءاتهم الكنسية والمناطقية حائلا امام انتمائهم الاصييل الى ارضهم التاريخية وان لا تنطلي عليهم محاولات هذا وذاك الداعية الى تمسكهم بهويتهم الدينية المسيحية على حساب انتمائهم القومي من خلال ما يتم تسويقه لهم من اهتمام اعلامي بقضية المسيحيين وحقوقهم ، آخذين بنظر الاعتبار الفرق بين ان يمتد تاريخهم الى سبعة الاف سنة بدلا من ان يمتد الى الفي سنة ، وعليهم ان يضعوا نصب اعينهم ويحفظوا جيدا الوصية التي تؤكد على ان الغرباء الطامعين بارضنا ومناطقنا وبلداتنا وقرانا لا يفرقون بين الاشوريين والمسيحيين في عملية افراغ ارضهم التاريخية منهم ، وبمجرد القاء نظرة على الواقع السكاني والديموغرافي للاشوريين المسيحيين ، سندرك تماما صحة ما ذهبنا اليه ، باستثناء بعض المناطق التي مازالت تحتفظ ببعض الكثافة السكانية ، ولكنها ستظل مهددة مستقبلا في ظل الاوضاع السائدة والتهميش المتعمد للوجود الاشوري المسيحي وحقوقه المشروعة .
من الجانب الاخر ، فأن التركيز على تسويق معاناة ومأساة الشعب الاشوري المسيحي من خلال هويته الدينية المسيحية البحتة وبعد ان تكون الممارسات التي ذكرناه قد حولته الى اقل من اقلية طائفية دينية .. ليست ألا محاولة لتكريس واقع تسموي جديد للمسيحيين يتم من خلاله تحويلهم الى شعب كردستاني او مسيحيي كردستان واكراد مسيحيين وعرب مسيحيين وغيرها بحيث تكون المحصلة النهائية وكما اشرنا سلخ المسيحيين من هويتهم الاشورية وارضهم الاشورية .. وليست بخافية على احد الصراعات العربية الكردية للسيطرة على الارض الاشورية في تعد صارخ وواضح على الحقوق الاشورية المهمشة ، وما المشاريع المطروحة على الساحة السياسية اليوم كمشروع محافظة المكونات في سهل نينوى والحكم الذاتي في الاقليم الا احدى صفحات الالتفاف على القضية الاشورية ومحاولات خنقها .
لنستنتج في نهاية المطاف انه ليس بمقدور المسيحيين الاشوريين من الحفاظ على خصائصهم اللغوية والثقافية والتراثية والدينية من دون التمسك بهويتهم القومية وارضهم الاشورية التاريخية التي تعتبر الضامن الوحيد لأي مسعى وأي محاولة لنيل حقوقهم المشروعة سواء بالاعتماد على مواد وبنود الدستور العراقي الذي يساوي بين العراقيين، او بالاستناد الى المادة التي تعتبر العراق فيدراليا ، او بالاعتماد على القوانين والمواثيق الدولية عند البحث في مسألة حقوقه في المنابر العالمية ، وفي هذا السياق فأننا ندعوا الى عدم الوثوق بأية مشاريع تطرح مستقبلا تخص الحقوق الاشورية حتى وان كانت ورائها جهات وشخصيات اشورية ان لم تستند على العقيدة الاشورية المتمثلة بالارض الاشورية الواقعة اليوم تحت سيطرة الاقليم وسيطرة الحكومة المحلية في نينوى ، وبعبارة اخرى فأنه يتوجب الحذر من التسويق الاعلامي لعبارات ( شعبنا ) و ( مناطقه التاريخية ) التي يرددها السياسيون المسيحيون الاشوريون من دون الاشارة بصراحة ووضوح لا لبس فيه ولا غموض الى الشعب الاشوري والى الارض الاشورية ، وان كان ولا بد ، من قيام البعض بالحديث والسعي عن حقوق المسيحيين او حقوق الكلدان السر يان الاشوريين ، فلتكن تلك المطالب ضمن حدود الارض الاشورية ككيان فيدرالي مستقبلا بحيث لا يكون المسيحيين او الكلدان السريان الاشوريين ولا ارضهم الاشورية تحت وصاية احد ، او هدفا لاطماع وصراعات المكونات العراقية الكبيرة .
وختاما فأننا نؤكد على ان البحث في ايجاد حلول ومعالجات ترقيعية لما تتعرض له هذه البلدة او تلك من تغيير ديموغرافي من قبل العرب والاكراد ، ما هو الا مساهمة في خدمة الاجندات الطامعة بارضنا ومناطقنا وبلداتنا ومحاولة لالحاق ارضنا بمشاريعهم التوسعية ، لذلك فاننا نرى ان الطريق السليم المؤدي الى نيل حقوقنا المشروعة كأشوريين ومسيحيين على حد سواء يتمثل باستقلالية قرارنا القومي المتضمن حقنا المشروع في اقامة كيان فيدرالي خاص بنا ضمن العراق الفيدرالي يكون الضمانة الوحيدة لحماية وجودنا التاريخي في العراق .