المحرر موضوع: الميلاد والسلام  (زيارة 1345 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 761
    • مشاهدة الملف الشخصي
الميلاد والسلام
« في: 18:38 13/12/2013 »
الميلاد والسلام

جاء في الإنجيل المقدس في حين ميلاد المسيح ان جوقة من الملائكة ظهرت فوق المغارة التي ولد فيها الطفل "عمانوئيل" مُسبِحة بالعبارة : "المجد لله في الأعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة" لوقا 2-14 . هذه العبارة اصبحت فيما بعد شعار يرفع فوق أية مغارة تقام لهذه المناسبة التي تهز بالمسرة أركان العالم اجمع. لكن السؤال يبقى هل حقاً ان ميلاد المسيح كان بداية انطلاقة السلام بين شعوب العالم والجواب لن انتظره من القاري الكريم بل سأجيب من عندي. ان هذا لم يكن الواقع وربما ان ارض الواقع  بعد الميلاد كانت اكثر قابلة للحروب والنزاعات. فاين نحن من السلام الموعود من قبل الملائكة وها قد مر اكثرمن ألفين من السنين والسلام لم يتحقق ولو لزمن قصير .

المسيحية ليست كبقية الأديان ففي ثناياها يكمن سر الخليقة وسر العلاقة بين الخالق والمخلوق.، والسلام الموما اليه في ترنيمة الملائكة ليس السلام الارضي الذي نصبوا اليه وطالما تمنيناه ، انه سلام ازلي وهو اعظم من السلام الارضي فهو سلام ومصالحة بين الخالق ( الرب القدوس اسمه ) وبين المخلوق  ( الانسان من ذرية ادم ) اثر خطيئة ادم المعروفة في الأديان السماوية. تصوروا ان احد الأبناء تمرد على ابيه الذي يعيله كما جاء في مثال الابن الضال-- لربنا يسوع المسيح -- وحين انقطعت السبل بالابن العاق هذا وبدل من ان يموت جوعاً رجع الى ابيه، وابوه عفا عنه وصالحه بأعظم ضحية  وهي العْجِل المُسمَن، لوقا 11:15- 32 . اي غفر له وصالحه وحل السلام بينهما، وخير من ان يكون الابن في عداد الموتى اعطاه ابوه فرصة ثانية للحياة. هذا هو نوع السلام الذي رددته الملائكة في مولد المسيح.

ان ولادة المسيح التي تمر ذكراها في مثل هذه الايام هو المصالحة العظيمة التي تحققت ومعها جاءت العبرة والمثال الصالح  في ان نقتدي كبشر بالإله الذي سامحنا كي نتعلم نحن ايضاً ان نسامح إخوتنا وفي ذلك نخطوا خطوة نحو السلام الأرضي الذي نصبوا اليه. المسيحيون في الصلاة الربانية يتلون قائلين: "اغفر لنا كما نحن ايضاً نغفر لمن اخطأ إلينا". اي علينا ان نتعلم من مثال  الخالق ان نسامح من اخطأ إلينا وحين يأتي التطبيق لهذه الصلاة يأتي السلام منطلقاً من القلب الخاشع ، ينشر لمحبة ، محبة القريب، محبة مختلف الأجناس ومحبة من أخطأ إلينا وفي القمة ،  ومن غير عجب، محبة أعدائنا.
هذه هي المحبة حاضنة السلام في المجتمع والتي اِن طبقناها كاملة في حياتنا اليومية فإننا نحول مجتمعاتنا الى مجتمعات مثالية تنعدم فيها الفوارق الطبقية والمادية  والكل يصبح سواسية فلا يكون من بيننا من يسرق او يتحايل، او يقتل ولكن المثالية حالها حال المطلق لا يمكن تحقيقهما في شاكلة الحياة التي نعيشها.  لندع المثالية  والمطلق جانباً ونتقيد بالمحبة بقدرالمستطاع في افعالنا ومن اعماق القلب لانه ومن دونها تسوء الامور اكثر ويفسد المجتمع أكثر. حين تغيب المحبة كمبدأ في مجتمعاتنا المعاصرة ، حين لا نفهم الدين كعلاقة بين الخالق والمخلوق حينذاك نستسلم للأبليس الذي هو رمز الشر ليقودنا للحقد والكراهية وهذ يتجلى في ما يقترفه الارهابيون في ايامنا هذه في كل من العراق وسوريا بشكل خاص وفي مختلف انحاء العالم بشكل عام.

ماذا عن الثورات والحروب التي هي الاخرى تعتبر من سنن الحياة شئنا ام أبينا والتي لم تفارق البشر منذ بداء الخليقة ولحد اليوم . ما اتعس العيش في خضم ويلاتها التي منها القتل، التشرد وهجرة الأوطان. بهذا الصدد ماذا اقول عن أطفال سوريا الأبرياء وقد شردتهم الحرب الضروس لما يقارب الثلاث سنوات، خائفون جائعون يعيشون بلا مأوى  في هذا الشتاء القارس.  هذا ان لم تُغتال براءتهم امام أعين ذويهم.
الحرب هي نقيض السلام فأين هو موقف المسيح والمسيحية من السلام؟ الطفل الذي نعيش ذكرى ميلاده هذه الايام ، ويسعدنا ان نحتفي به،  حين كبُرَ لم يحمل يوماً من الأيام سيفاً ولا سلاحاً بل منع خليفته ، بطرس، من استعمال السيف وحتى انه لم يقاوم الذين امسكوه ليُحاكم ومن ثم يُصلب، بل انه اسلم شخصه الى الذين ظمروا الشر له. هل من تطبيق للسلام أكثر من هذا؟
ضمن وصاياه لنا -- في موعظة الجبل -- وصية يستحق الكتاب الذي وردت فيه جائزة نوبل للسلام، في مرة من المرات على الأقل . هذه الوصية هي : "طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدّعون" متى 5-9 . ابدع ما في هذه الوصية انها تحث المسوؤلين واصحاب القرار من اي جنسية وأي دين وفي اي زمان ومكان الى صنع السلام. انها تكافئ صانعي السلام بأعلى وسام سماوي يفوق جائزة نوبل بما لا يحصى من مرات لان الله سرمدي ومكافأته سرمدية. هذا هو وعد المسيح لكل من يطفي سعير الحروب، لكل من يعمل الى تهدئة الصراعات قبل ان تستفحل، ولكل من ينزع فتيل المشاحنات .. الى صانعي السلام، فطوبى لهم.
طفل المغارة " عمانوئيل " الذي ولد في مثل هذه الأيام والذي سجد له الرعاة وملوك فارس ( المجوس ) والذي جاء ببشرى السلام السماوي ومن ثَم اوصانا بصُنع السلام الأرضي، يستحق منا ايضاً السجود والشكر والأهتداء به ، وتلكم خير هدية نقدمها له لمناسبة ميلاده. 

للمزيد عن كتابتي السابقة عن الميلاد، الرجاء الأستعانة بالروابط الآتية:

                                                                                  حنا شمعون / شيكاغو




غير متصل عبدالاحـد قلو

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1595
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: الميلاد والسلام
« رد #1 في: 01:43 14/12/2013 »
الاخ حنا شمعون ..مع التحية
اننا نحتفل في كل سنة من نهاية هذا الشهر بعيد ميلاد ربنا المسيح والذي نطالب من خلاله ان يعم السلام ارجاء البشرية جمعاء..  ولكن ليس الجميع بمستجيب لنداء السلام حيث لا زال البعض يريد اعادة العالم الى شريعة الغاب بمعنى القوي يلوي يدي الضعيف ليخضعه لفكره وهرطقته .. ولكن نقولها للاله الحمد فهنالك من أيقن هذه الرسالة، متجاوزين الخصومات بعد ان اصبحت بلدانهم ينعم شعبها بمبادىء المسيحية الزاخرة بالحرية والسعادة والمحبة التي من خلالهم نطلبها للآخرين الخاضعين لأجندات لا تعرف الرحمة والشفقة وعلى ان تعم شعوبهم بما هو خير بنعمة ربنا..
متمنيا لكم وللعائلة الكريمة ولأخوتك الاعزاء عيدا سعيدا مباركا وكل عام وانتم جميعا بخير

اخوكم
عبدالاحد قلو

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1208
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net
رد: الميلاد والسلام
« رد #2 في: 19:47 15/12/2013 »
( المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة )
الأخ العزيز حنا شمعون المحترم
عنوان مقالك ( الميلاد والسلام ) يحمل معاني كثيرة ويعبر عن الكثير فنستطيع أن نقول عنه أنه ميلاد السلام ، السلام بين السماء والأرض ، أو السلام في الأرض كما قالوا الملائكة في ترتيلتهم ( وعلى الأرض السلام ) أو السلام في نفس كل من يؤمن بالحدث التاريخي الذي تم في ملْ الزمان . وهكذا يجب أن نعيش هذا السلام مهما قذفت بنا أمواج هذا العالم الهائج بعيدين عن أهداف ميلاد الأله في مذود كفقير ، وفي صمت بعيداً عن المظاهر والترحيب ، علماً أنه خالق ومالك كل شىء ، أنه درساً في البعد عن المظاهر . ودرساً واضحاً وكما تفضلت بأن المسيحية ليست كبقية الأديان . في الميلاد يجب أن تكون هناك مصالحة ومحبة ورحمة وتعاون وقبول الآخر حباً بمن أحبنا وولد من أجل خلاصنا .
ليباركك المولود في المذود على أيمانك وخدمتك للكلمة المقدسة .
كل عام أنت وأهلك الطيبين بألف خير وسلام .

متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 761
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: الميلاد والسلام
« رد #3 في: 06:20 16/12/2013 »
الأعزاء عبد الأحد قلو  و  وردا اسحاق  أشكركما لوقفتكم على موضوع يخص الميلاد والسلام  متمنياً لكما ولعوائلكما عيد ميلاد مجيد . شكراً للملاحظات القيمة التي وردت في تعقيبكما.،  الميلاد هو  وقت التمنيات، وتمياتي للسنة القادمة ان يحل السلام في سوريا وينهزم الإرهابيون  في كل مكان.
                      محبكم، حنا شمعون/ شيكاغو 

غير متصل سامي ديشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 941
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: الميلاد والسلام
« رد #4 في: 13:35 16/12/2013 »
الخال حنا شمعون المحترم

مقالة رائعة، شاملة وهادفة بكل معنى الكلمة. نعم المسيحية تسامح، الميلاد أمل ورجاء، طفل المغارة ذروة التواضع. رسالة طفل الميلاد واضحة وضوح الشمس لمن يرغب قراءتها والمضي في إثرها. ما أروع ملك الملوك في مغارة بسيطة، انها قمة التواضع، وهو درس بليغ لنا لكبح كبريائنا لنقتفي اثار المعلم. عيد ميلاد سعيد وسنة مباركة لجميع الأهل والأقارب في شيكاغو ... مع التحيات.

سامي ديشو  خنجرو- استراليا

متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 761
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: الميلاد والسلام
« رد #5 في: 07:21 17/12/2013 »
عزيزنا سامي،
قراتُ ردك المزدان بالنور والمعرفة الدينية والدنيوية. الرب يحفظك ذخراً لكنيسته المقدسة، اعرفك قريباً عائلياً، ولي كل الفخر في ذلك، وأعرفك شماساً ضليعاً وبصوت شجي وأعرفك ايضاً مهندساً تعبت لنيل شهادتك من العراق. وفي استراليا، نصيبك من الشتات، اعرف انك ناجح في اعمالك. هذا كله من التنشئة التي تلقيتها في بيت المرحوم خالي يعقوب والمعهد الكهنوتي الذي انت بحق انعكاس  لدوره في الحياة الاجتماعية  لمسيحيي العراق . هنا اود ان يعرف القراء الأعزاء ان الكثلكة ودور الفاتيكان في كنيستنا هو بلا شك ايجابي والف ايجابي وانت يا عزيزي سامي بأصغر رتبه  مثال حي على ذلك، فما بالك بالمئات من الكهنة والمطارين والبطاركة المتبحرين بالعلوم الدينية والتاريخية الذين هم نتاج الفاتيكان في العراق وهم يخدمون الكنيسة الكلدانية ويقودونها باحلك الظروف وباخلاص متفاني الى بر الأمان .
عزيزي سامي تمنياتي لك والعائلة والجالية المنكَيشية في استراليا بعيد ميلاد مجيد وعام جديد ومبارك، وليحل سلام الطفل يسوع على العالم اجمع.
                              محبكم : حنا شمعون / شيكاغو