المحرر موضوع: أنفاس بارده – سلوان ساكو  (زيارة 2057 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أنفاس بارده  –  سلوان ساكو
في أحدى المناسبات دعاني صديق الى شرب فنجان من القهوة في مقهى عربي واقع في أهم شارع في ولاية ملبورن ، كانت والحق يقُال الجلسة جميلة والاجواء شاعرية ، والشارع مكتظ  بالمارة ، والمقهى له مقاعد وطاولات على الرصيف كما هو الحال في شارع الشانزليزيه في باريس . وكان يعطي مع المشروبات الساخنة والباردة النرجيلة ( الشيشة) . من داخل المحل استوقفني شاب تبدو  ملامحه عربية لم يتجاوز العشرين من العمر ، يسحب بشدة من هذه الشيشة ويدفع الدخان خارجاً مما يشكل سحب كثيفة من الدخان ، وكانت المارة من الاستراليين والاجانب  تنظر اليه بستغراب كبير ، وتنظر الى هذا العمود الذي يعلوه فحم مشتعل  بعجب ، الى أن وقفت فتاة شقراء جميلة قبالته مستغربة من هذا المنظر ، وحين رأها هو أصبح يسحب أكثر، وقام يفعل دوائر في الهواء من الدخان الخارج من فمه في حركات غريبة ، والفتاة  مندهشة الى أن قالت ( آوه ماي كاتْ ) ونصرفت .
لا أحد يعرف بتحديد من أين أتت النرجيلة أو الشيشة وماهي أصولها ، يعود أصل الشيشة إلى بلاد فارس ويقال أنها من وسط الهند، ثم انتقل استخدامها إلى شبه الجزيرة العربية لكنها انتشرت عالميا من خلال الدولة العثمانية (1299-1923 ) .
تسمى النارجيلة بعدة أسماء على حسب البلد: تتعدد الدول والشعوب في تسمياتها ولكنهم يتقفون على ضررها فتسمى شيشة او جوزه في شمال افريقيا و بلاد الخليج العربي واليمن وتسمى أركيلة في سوريا و نركيله في العراق و أركيلي أو معسل في لبنان و حوكاه في شبه القارة الهندية وفي اللغه العبريه و ووتر بايب (waterpipe) أو هابل بابل (hubble buble) في الإنكليزية و قلیان في إيران.   
تعتمد الشيشة على شيئان رئسيان هم الفحم المشتعل والمعسّل ، ولكن من أين اتى المعسّل ،يقُال أن سفينة تجارية كانت تنقل البضائع وكان على متنها تبغ عادي مجفف، وكان في الرف العلوي أكياس من التمور الطازجة ومن شدة الحر سال دبس التمور  ونزل الى التبغ وتشبع من هذا الدبس ، وحين وصلو  الى الميناء وأنزلوا البضائع وجدوا أن راحة التبغ أصبحت أطيب ونكهته عند الاشتعال اخف واحسن ، واستعُمل بعد ذلك بشكل كبير وتطورت صناعته واصبحت عالمية . وأضيف إليه أطعام مثل  ، التفاح النعناع البطيخ العلكة الفراولة ....... الخ . والفحم ايضًا انواع وأصناف ، والان ومع التطور والتقدم في الشيشة أستبدل الرأس الفخاري التقليدي الذي كان يضع المعسل فيه الى تفاحة ( فريش ) تقُعر من فوق ويضع فيه المعسّل ، أو آناناس ، أو برتقالة ،ثم  ورق السلفوفان والفحم ،
 الكثير من الناس تعتقد أن الشيشة تخلو من التبغ والنيكوتين وهذا غير صحيح بالمرة.
خلطة الفاكهة الخاصة بالنرجيلة تحتوي على مولاسا (دبس السكر – سائل حلو المذاق يستخرج من السكر) وكذلك قار (زفت), , كروم ورصاص, وهذه مواد قد تؤدي إلى أنواع مختلفة من السرطان مثل سرطان الرئة, سرطان اللثة, سرطان الشفاه والمثانة
كما أكدت أبحاث مركز دراسات السرطان في مدينة هايدلبرج الألمانية وهذه المواد هي:
- النيكوتين: الذي يسبب إثارة للجهاز العصبي، وبالتالي يعتبر المسئول الأول عن إدمان التدخين
- النشادر: التي تجعل النيكوتين أكثر قدرة على الذوبان في الدم، وبالتالي تعمل على التسريع من عملية إدمانه
- النعناع: وهو موجود في كل أنواع التبغ، حتى تلك التي لا تذكره بشكل خاص، ويعمل على التقليل من السعال المصاحب للتدخين
- السكر: فأنواع السكر المختلفة تضيع الطعم المر للتبغ، وتجعل التدخين أكثر إمتاعاً، لكن حرق السكر ينتج مادة مسببة للسرطان ومضرة بالغشاء المخاطي.
إذاً  فالنرجيلة تسبب الإدمان تماماً مثل السجائر، إلى جانب آثارها السلبية الأخرى . المعتقد الخاطئ الآخر أن تدخين الشيشة أقل ضرراً من السجائر ولكن ثبت العكس، أن حجر الشيشة يعادل من بين ٣٠-٤٠ سيجارة . وأنظر الاعتقاد الآخر حيث  يعتقد الكثيرون بأن النرجيلة غير مضرة بسبب الماء الذي تحويه ونكهة الفاكهة, ولكنها الأشد خطراً ",  كما أكد نفس المركز الالماني أنه يكفي تدخين النرجيلة لمدة نصف ساعة حتى تؤدي إلى تغييرات مدمرة للصحة. أبحاث سابقة بينت أن تدخين النرجيلة يؤدي إلى ارتفاع في نسبة الإصابة بسرطان الرئة, ضيق التنفس المزمن وكذلك إلى عدوى تلوثات عديدة بسبب نقل الفوهة من فم إلى آخر. كذلك يسبب تدخينها إلى ارتفاع ضغط الدم واحتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أكثر من السجائر بكثير. على الأهل أن يفهموا بأن النرجيلة مؤذية وأن يمنعوا أولادهم من تدخينها, أمر قد يتحول إلى إدمان خطير . عموماً هناك خطر كبير على الصحة من استعمال الشيشة . ولكن تبقى متداولة  في ليالي السمر بين الاصدقاء والاحباب  ،ومهما كتب عنها يظل حبر على ورق .