المحرر موضوع: ماذا تعني كلمة سريان؟ شرح بسيط غير اكاديمي ج/1  (زيارة 3656 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل اسعد صوما

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 61
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ماذا تعني كلمة سريان؟ شرح بسيط غير اكاديمي

اسعـد صومـا
ستوكهولم
[/color][/size][/b]
الجزء الاول

إذا اردتَ ايها القارىء اللبيب ان تعلم ماذا تعني كلمة "سريان" و من هم "السريان"، فاقول بكل بساطة: ان كلمة "سريان" ܣܘܪ̈ܝܝܐ (سوريايى/سورايى) هي اسم لمجموعة من البشر تضم الكثير من الافراد والجماعات والمؤسسات التي تنتمي اليها. وهذا ليس غريباً لأن جميع الناس يُقسمون الى مجموعات بشرية تتكون منها القبائل والشعوب والامم كبيرة كانت ام صغيرة، وان لكل شعب اسمه الخاص الذي يعرف به، وكذلك السريان ايضاً، فهم ليسوا استثاء من هذه القاعدة، بل هم "شعب" مثل غيرهم من الشعوب ولهم اسمهم السرياني هذا.

وكما ان لكل شعب بعض الامور الهامة المنظورة وغير المنظورة المشتركة بينه والتي تربط افراده ببعضهم برباط ووشائج متميزة قد تميزه عن غيره من الشعوب كاللغة والاثنية المشتركة والدين والتاريخ والثقافة والعادات، الخ. كذلك للسريان ايضاً بعض الامور المشتركة التي تربط افرادهم ومجموعاتهم ببعضهم بروابط عديدة، منها مادية ومنظورة وقد يعيها ويعلمها، ومنها معنوية وغير منظورة قد لا يعيها ولا يعلمها الفرد لكنها موجودة وتلبسه حلته السريانية التي تعطيه خواصه التي يتميز بها وتميزه عن غيره من الشعوب.

كان الموطن الاصلي لهذه المجموعة البشرية التي تُسمى بالسريان يشمل منطقة كبيرة من الشرق الاوسط ممتدة من البحر المتوسط لغاية فارس ومن اواسط تركيا الحالية لغاية منتصف فلسطين. حيث كان السريان يشكلون الغالبية العظمى من السكان في ديارهم هذه لغاية وقوعها في قبضة العرب المسلمين الذين احتلوا المنطقة في القرن السابع الميلادي.
 
كان السريان في القرون المسيحية الاولى يقسمون سياسياً ومناطقياً الى سريان مشارقة (تقريباً في العراق الحالي) واقعين تحت حكم الفرس، وسريان مغاربة (تقريبا في سوريا الحالية) تحت سلطة البيزنطيين، لكن عند احتلال العرب المسلمين للشرق الاوسط زال الانقسام من المنطقة السريانية واصبحت تحت سلطة حاكم واحد. وبزوال الحدود السياسية بين السريان اصبح معظمهم مواطنين في دولة واحدة هي "الدولة العربية المسلمة"، لكن القسمة الكنسية والطائفية واللغوية استمرت بينهم لغاية اليوم، لذلك بامكاننا ان نتحدث اليوم عن "فرق سريانية" و "كيانات سريانية" يتكون منها "الشعب السرياني".

ورغم الانقسام الطائفي والكنسي الذي ضرب السريان قديماً، ورغم الصراع اللاهوتي الحاد والمقيت بينهم في القرون التي تلت انقسامهم، إلا ان نخبة مثقفيهم من فلاسفة واطباء من السريان المشارقة والمغاربة ممن كانوا يعيشون في العاصمة بغداد اثناء حكم العباسيين، كانوا يلتقون بشكل طبيعي في الحلقات الدراسية الشهيرة حينها في دراسة المنطق والفلسفة، كما كانوا يدرسون على بعضهم، ويحضرون محاضرات بعضهم ويناقشون رسائل بعضهم، بغض النظر عن اختلافاتهم الكنسية القائمة. وكان الحكام العرب والخلفاء ينظرون الى السريان على انهم "شعب" سرياني "واحد" رغم انتماءاتهم الكنسية المتباينة، وكانوا يسمون جميعهم باسم السريان، (والملفت للنظر انه لم يكن حينها يطلقون على احد منهم اسم "عرب" كما يفعل الحكام اليوم في سياستهم التعريبية).

ونجد في بعض كتب التراث العربي القديمة بأن تسمية سريان تطلق ايضاً على بعض الحكماء والاطباء من طائفتي "الصابئة" و"اليهود" من سكان العراق القديم، فمثلا يقول ابن ابي اصيبعة في كتابه "طبقات الاطباء" عن ماسرجويه متطبب البصرة بانه "كان يهودي المذهب سريانياً" (طبعة بيروت، صفحة 232) وهذا إن كان صحيحاً وإن دل على شيء فانه يدل على ان الاسم السرياني حينها كان فيه تعددية دينية وطائفية، وهنا تسقط المقولة الهشة التي تدعي ان لفظة السرياني كانت تعني مسيحي. بل استعمل السريان ثلاث كلمات للدلالة على المسيحي: اثنتان سريانيتان وهي ܡܫܝܚܝܐ (مشيحايا) و ܡܗܝܡܢܐ (مهَيمنا) والاخرى يونانية وهي ܟܪܝܣܛܝܢܐ (خريسطيانا)، لذلك لم يكونوا بحاجة حينها ليستعملوا اسمهم بمعنى مسيحي.
لكن منذ القرن الخامس عشر وبعدها وبسبب ما حل بالمنطقة على يد جحافل تيمورلنك وقعت بلادنا في بحر العزلة والانغلاق، وأخذت المجموعات السريانية تسبح في مستنقع الجهل والتخلف، فأخذ اسم السريان في "التقليد الشفهي" يتقوقع عل ذاته ليعني ايضاً مسيحي الى جانب معناه السرياني التقليدي. ونفس الشيء حدث لكل المجموعات البشرية حيث ارتبط اسمها بدينها وبمذهبها وتلاحم الاسمان معاً. أما في التقليد الكتابي فلا نجد في النصوص السريانية بان كلمة سرياني كانت تعني مسيحي. أما اذا كانت لفظة سرياني "سورايا" تعني مسيحي اليوم، فهذا ليس شاذاً بالقياس عما حلَّ باسماء بقية شعوب المنطقة (فاسم الكردي "قوردايا" يوحي ايضاً الى الاسلام). ان التطور الذي حصل في استعمال لفظة "سورايا" ادى بها الى ان تحمل المعنيين معاً، اي انها الى جانب معناها "السرياني" الاصلي، فقد تولد فيها "معنى اخر" هو المسيحي وارتبط بها بقوة لغاية اليوم. وكل من ادعى من الكتّاب القدماء والمحدثين بان كلمة سرياني لا تدل على شعب او قومية، فان كل المصادر السريانية القديمة وبالاجماع تفنّد هذا القول "السياسي" الملغوم.


من هم سريان اليوم؟
[/color][/size]

ان الجواب على السؤال "من هم سريان اليوم؟" بسيط للغاية لدى العارفين وعلماء الدراسات السريانية، لكنه قد يكون "صعباً" نوعاً ما لدى العامة من الناس والقراء. ولكي نجيب على السؤال المذكور نقول: ان سريان اليوم يُقسمون الى قسمين: القسم الاول يضم سريان الشرق الاوسط والقسم الثاني يضم "سريان الهند".

1.   أما سريان القسم الأول أي سريان الشرق الاوسط، فهم ابناء وأحفاد السريان القدماء، الذين يسمون انفسهم اليوم باسم "سريان واشوريين وكلدان وموارنة". وقد كان اجداد هؤلاء جميعاً يُعرفون باسم "سريان" ܣܘܪ̈ܝܝܐ ويُسمون انفسهم بهذا الاسم السرياني بشكل طبيعي وبدون تعقيد وارتباك بل بفخر واعتزاز. وهذا واضح في جميع كتبهم السريانية. كما ان العرب المسلمين بعد قدومهم الى بلادنا واختلاطهم بشعبنا استعملوا بدورهم كلمة "سريان" واطلقوها على السريان. وكان هذا الاسم السرياني هو الاسم "الرسمي" الوحيد الذي أطلقه العرب علينا بعدئذ، وكمثال بسيط حول الموضوع احيلك ايها القارىء الى احد الكتب التراثية العربية التي بحثَتْ في تاريخ الحضارة والفلسفة والطب وهو كتاب "عيون الانباء في طبقات الاطباء" لمؤلفه "ابن ابي اصيبعة" ويحتل الحديث عن اجدادنا السريان حيزاً كبيرا من الكتاب، حيث خصص المؤلف الباب الثامن من كتابه عن اطبائنا وفلاسفتنا ويسمى هذا الفصل "طبقات الاطباء السريانيين الذين كانوا في ابتداء ظهور دولة بني العباس"، لكن فصول الكتاب الاخرى ايضا تحتوي على الكثير من اخبار فلاسفتنا واطبائا السريان الذين عاشوا اثناء حكم العرب وخاصة اثناء حكم الدولة العباسية. ولو راجعتَ كتاب "الفهرست" لابن النديم، وكتاب "اخبار العلماء" للقفطي، و"طبقات الاطباء والحكماء" لابن جلجل، وغيرها من الكتب،  ستجد كتبهم مليئة بذكر علماء وحكماء وفلاسفة واطباء وتراجمة السريان. والسريان الذين يتحدثون عنهم هم اجداد جميع الذين يسمون انفسهم اليوم بالكلدان والسريان والاشوريين.

أما اسماء "اشوري" و"كلداني"، فللأسف، لم تكن موجودة حينها في هذه الفترة التي نتكلم عنها، ولم يكن احد يعرفها إلا من خلال ذكرها في العهد القديم. ولو كانت هذه الاسماء موجودة، لاستعملها الكتّاب دون اي تردد.


2.   أما القسم الثاني من السريان فهم "سريان الهند"، أي "الهنود المسيحيون" الذين يعيش معظمهم في ولاية كيرالا في جنوب الهند. ويُسمون سرياناً لأنهم ينتمون الى الكنائس السريانية الهندية ارثذوكسية كانت أم كاثوليكية أم بروتستانتية أم نسطورية. وتلتحق معظم الكنائس السريانية الهندية بالكنائس السريانية التي في الشرق الاوسط وتستعمل طقوسها ولغتها السريانية وتتبع تقاليدها الكنسية.

ويوجد بين المسيحيين الهنود اقلية متميزة لها تقاليدها الخاصة بها تصرّ على انها تنحدر من "اصل سرياني"، وتقول انها قدمت الى الهند من منطقة الشرق الاوسط، وخاصة من الرها ومن العراق. ان غالبية اعضاء هذه الاقلية "السريانية المتميزة" يتبعون كنيسة السريان الارثوذكس ولهم مكانة خاصة متميزة في هذه الكنيسة ويتمتعون بحقوق اكثر من اشقائهم الاخرين من ابناء كنيسة السريان الارثوذكس في الهند ممن هم هنود اصلاً، إذ يحق لهم بالمشاركة في اختيار بطريرك الكنيسة السريانية الارثوذكسية، بينما ابرشيات الكنيسة السريانية الارثوذكسية الهندية الاخرى لا يحق لها بالمشاركة في اختيار البطريرك اثناء انتخابه لأنها ليست من أصل سرياني.
 
وينقسم سريان الهند الى مجموعتين تُعرف الاولى باسم Syro Malabar  "سيرو مالابار" اي السريان الملاباريين ومعظمهم كاثوليك ويستعملون ويتبعون الطقس الكنسي "السرياني الشرقي" ويستعملون الفرع الشرقي للغة السريانية كما يلفظها الكلدان واغلبهم تابع للكنيسة الرومانية، واقلية صغيرة تتبع الكنيسة الاشورية.
وتُعرف المجموعة الثانية باسم Syro Malankara "سيرو مالانكارا" ويستعملون الفرع الغربي للغة السريانية كما يلفظها السريان والموارنة، ويتبعون في طقوسهم وتقاليدهم والبسة كهنتهم السريان الارثوذكس. كما ان اغلبهم ارثوذكس مع وجود مجموعة كاثوليكية هامة ضمن هذا التقليد واخرى مرتبطة مع الكنيسة الانكليكانية.

اي ان جميع الهنود المسيحيين ممن يرتبطون عضوياً أو تراثياً بكنائسنا السريانية والكلدانية والاشورية هم "سريان" ويسمون انفسهم "سريان" ويُطلق عليهم اسم "سريان". كما انهم يطلقون اسم السريان حتى على مؤسساتهم ومنشآتهم ليس فقط الكنسية والثقافية منها، بل حتى على مؤسساتهم الاجتماعية والاقتصادية والمالية والصناعية، فمنها على سبيل المثال "البنك السرياني الكاثوليكي" الذي هو من اشهر البنوك في ولاية كيرالا في جنوبي الهند.

وبالمناسبة ان اتباع "الطقس الكلداني" في الهند لا يسمون انفسهم "كلداناً" ولا يسمون كنيستهم كلدانية، بل يسمون انفسهم "سريان" ويسمون كنيستهم "سريانية ملابارية"، كما ان اتباع الكنيسة الاشورية في الهند لا يسمون انفسهم "آشوريين" ولا كنيستهم آشورية، بل يسمون انفسهم "سريان" وكنيستهم باسم "سريانية كلدانية".

إذاً، ان النساطرة في الهند (اتباع الكنيسة الاشورية) يسمون كنيستهم باسم "سريانية كلدانية"، بينما اتباع الطقس الكلداني هناك لا يسمون اسم كنيستهم بهذا الاسم الكلداني.

ويبلغ عدد جميع اتباع الكنائس السريانية الهندية اكثر من عشرة ملايين، وحوالي نصفهم يتبع تقاليد الكنيسة السريانية الارثوذكسية ويمارسون طقوسها واعيادها وتقاليدها الكنسية، ويستعمل الباقي تقاليد وطقوس كنيسة المشرق.

اما الكنيسة النسطورية في الهند والتي تسمى رسمياً الكنيسة الكلدانية السريانية، فهي من اصغر الكنائس في الهند ويبلغ عدد اتباعها اليوم حوالي 25 الفاً فقط.

كما ان كل الكنائس السريانية في الهند تستعمل اللغة السريانية في طقوسها لكن بنسب متفاوتة. لكن كنيسة السريان الارثوكس تستعمل اللغة السريانية اكثر من باقي الكنائس الهندية السرياية الاخرى.

النتيجة:
[/size][/color]
إذاً، وكما رأينا ان السريان ينقسمون اثنياً وجغرافياً الى قسمين: الاول هو الشعب السرياني الذي هو سرياني الانتماء والاصالة واللغة والحضارة في منطقة الشرق الاوسط ويضم السريان والكلدان والاثوريين، والثاني هو الشعب الهندي المسيحي الذي هو هندي الانتماء والحضارة  لكنه سرياني الكنسية لأنه ينتمي الى الكنائس السريانية بتقاليدها ولغتها منذ اعتناقه المسيحية ولغاية الان.

والخلاصة ان مسيحيي الشرق الاوسط عدا الاقباط والارمن هم بالاساس "سريان" اثنياً وحضارياً، وكذلك فإن مسيحيي جنوب الهند هم "سريان" لكن كنسياً وطقسياً.

قريباً سأنشر القسم المتبقي من المقال وهو "حول أصل واشتقاق لفظة سريان".

أسعد صوما[/size]
[/size]



غير متصل حكيم البغدادي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 354
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


تحية طيبة حضرة الأخ أسعد توما  المحترم

مقال رائع عن ماذا تعني كلمة السريان

لكن لماذا كل الاطراف او النخبة ((المثقفين ))تختلف بمعنى الأسم و الشعب و الجميع بقدم الأثباتات و البراهين

رغم أني لست من الذين يتصارعون عن الأسم و الأصل ...لكني ايضاً استغرب من كثرة الأختلافات بهذا الخصوص

وكما ذكرتها في مقالك ما حدث في زمن العباسين و كذلك بعد الفترة المظلمة بسبب تيمورلنك.

اشكرك على هذا المقال الرائع و ننتظر منك المزيد.
 
تحياتي

حكيم البغدادي

غير متصل wesammomika

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1654
  • الجنس: ذكر
  • السريان الآراميون شعب وأُمة مُستقلة عن الكلدوآثور
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاخ العزيز أسعد صوما
تحية طيبة
أشكرك جزيلا على المقال وماسطره قلمك من توضيحات جميلة ورائعة لمعنى كلمة (سريان) التي نعتز بها قوميا والى مزيد من التألق والابداع ،،،
تحياتي.

وسام موميكا _ بغديدا السريانية
>لُغَتنا السريانية الآرامية هي هويتنا القومية .
>أُعاهد شعبي بِمواصلة النضال حتى إدراج إسم السريان الآراميون في دستور العراق .
(نصف المعرفة أكثر خطورة من الجهل)
ܣܘܪܝܳܝܐ ܐܪܡܝܐ

غير متصل ليون برخو

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2141
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

الدكتور أسعد صوما المحترم

تحية طيبة

شكرا على مقالك القيم ولكن لدي تصحيح على ما ورد فيه بشأن أتباع الكنيسة الكلدانية في الهند.

ليس هناك أتباع للكنيسة الكلدانية اليوم في الهند. ما حدث للكلدان في الهند كارثة رهيبة وجريمة ضد الإنسانية حيث أجبروا قسرا وظلما وهم بالملايين على فك إرتباطهم بكرسي قطيسفون وبابل وإلحاقهم بروما حيث أنهى وحطم ودمر مبشروها لا سيما من الكرمليين والدومنيكان ثقافة وأداب وطقوس سريانية كانت قد تجذرت هناك على مدى حوالي 15 قرنا. وثار الكلدان ضد الظلم الفاتيكاني في حينه ولكنهم لم يفلحوا لأنهم طبقوا عليهم محاكم تفتيشهم اللعينة اللعينة وأستخدموا القسوة والبطش بشكل مريع وعاني منها حتى بعض السريان في مالانكارا أيضا.

نحن أكاديميين ويجب ان لا نخاف من ذكر الحقيقة. وعلى الكلدان ورئاستهم الكنسية وكل الكنائس المشرقية إثارة هذه القضية لأنها جريمة كبرى وبحجم هائل ترقى في كثير من تفاصيلها إلى جريمة ضد الإنسانية وعليهم إثارتها لأن اثرها لا يزال قائما حتى اليوم وضحاياها لا يزالون يعانون حتى اليوم ومسببها أناس يدعون أنهم مسيحيين ويقراؤن الإنجيل كل يوم. وعليه ارجو ان تعيد النظر وتصحح ما ورد في مقالك من جمل وعبارات خاطئة عن الكلدان في الهند  اضعها ادناه:

((واغلبهم تابع للكنيسة الكلدانية
بكنائسنا السريانية والكلدانية والاشورية
وبالمناسبة ان اتباع "الكنيسة الكلدانية" في الهند لا يسمون انفسهم "كلداناً" ولا يسمون كنيستهم كلدانية، بل يسمون انفسهم "سريان
ويتبع الباقي تقاليد وطقوس الكنيسة الكلدانية))


غير متصل اسعد صوما

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 61
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حضرات الاساتذة حكيم البغدادي ووسام موميكا،
تحية طيبة وشكراً لمحبتكم وعواطفكم النبيلة تجاه المقال.

حضرة الدكتور ليون برخو المحترم
تحية طيبة،
شكرا لمداخلتكم والملاحظات التي تتضمنها. ان ما ذكرتم عن الكنيسة الكلدانية صحيح، وانا اعرف ذلك تماماً، لانني مضطلع على هذا الموضوع بتفاصيله وجزئياته، وتربطني علاقات ودية مع الكثير من الاكليروس المثقف من مختلف الكنائس السريانية في الهند، وخاصة المشتغلين منهم بامور الثقافة واللغة السريانية.

نعم لا يوجد اليوم من بين الكنائس السريانية الهندية من هي مرتبطة مع الكنيسة الكلدانية بشكل عضوي وسلطوي، ولا حتى الكنيسة السريانية الملابارية، رغم التقاليد الكنسية والثقافية واللغوية المشتركة بينها وبين الكنيسة السريانية الملبارية التي تستعمل ذات الطقس الكنسي وكتاب الحودرا حسب الطبعة الكلدانية (طبعة الاب بيجان). لكنني مع ذلك قمتُ بتغيير اسلوب كتابة بعض الكلمات والجمل لئلا يُفهم منها ما لم اقصده. وشكراً للتنبيه.

ان قصة المسيحية وتاريخ الكنائس السريانية في الهند ممتعة لكنها مليئة بالمآسي يتفطر لها القلب لما عانته من اخوانها المسيحيين الاوروبيين، ليس فقط من الكنيسة الرومانية بل من الكنائس البروتستانتية ايضاً. لانه على اثر احتلال البرتغال وهولندا وبريطانيا للهند، قامت كنائس هذه الدول باحتلال الكنيسة الهندية المحلية. وبدأ كل بدوره وبالتتالي يضطهد الكنيسة الهندية ويجبرها على التخلي عن شخصيتها وتراثها، والالتحاق بكنيسة المحتل والايمان بمذهبه وممارسة طقوسه وعاداته. لكن الاضطهاد الاعنف الذي غيّر وجه جماعة كبيرة من مسيحيي الهند جاءهم من البرتغاليين والكنيسة الرومانية. تصوّر ان البرتغاليين حاولوا بشتى الوسائل لتننة الكنيسة الهندية، إذا اخذوا يطلِّقون نساء الكهنة الهنود عنوةً ليجبروهم على العزوبية وفقا لتقاليد كنيستهم، كما ان انهم ارتكبوا جريمة حمقاء بحق تراثنا ولغتنا بحرقهم لجميع الكتب السريانية على مشهد الجميع بحجة انها "هرطوقية" ولا تتماشى مع العقيدة الرومانية. واليوم لا يوجد وللأسف في كل الهند غير بضعة كتب سريانية فقط تعود الى فترة ما قبل الاحتلال البرتغالي للهند، لأنهم احرقوا جميعها عمداً، فياللكارثة الكرثاء والمصيبة النكراء التي حلت بلغتنا السريانية وكتبها. وهذه الكارثة تشبه كارثة حرق آلاف المخطوطات السريانية القديمة في دير صيدنايا بجوار دمشق لنفس الاسباب.

وعلى اثر التدخل السافر للبرتغاليين في حياة الكنيسة في الهند واجبارها لقبول التعاليم الجديدة والعادات الغريبة، كانت النتيجة حصول العديد من الانقسامات في جسم المسيحيين الهنود لا زالت نتائجها باقية يعانون منها.

شخصياً لدي علاقات جيدة مع الكثيرين من اخوتنا في الهند من كهنة وعلمانيين من مختلف الكنائس والدرجات. فقد زرتهم عدة مرات والقيت لديهم محاضرات. كما انني جالس في بعض الهيئات السريانية الثقافية والعلمية في الهند بهدف دعم وتقوية اللغة السريانية هناك.

وفي هذه الفترة بالذات، نقوم بالتعاون مع الاصدقاء في الهند بتأسيس صندوق Foundation في الهند على اسم الراهب الهندي العلامة باللغة السريانية "عمانوئيل ثلي" من الكنيسة السريانية الملبارية (تتبع الطقس الكلداني) بمناسبة بلوغه التسعين من عمره. امد الله في حياته. والاب عمانوئيل المذكور يتقن اللغة السريانية بشكل جيد وقد امضى اكثر من نصف قرن من حياته بتدريسها. وقد علّمها ايضا في السيمنار الكلداني في العراق في ستينيات القرن العشرين. انظر الرابط
http://uservideos.smashits.com/video/MZZx2-0HuZs/ARAMAIC-PROJECT-Part-1-Fr-EMMANUEL-THELLY-CMI-in-coversation-with-Dr-Joseph-J-Palackal.html
كما ان الاب عمانوئيل ثلي شاعرٌ واديب قدير بالسريانية وله بها عدة اعمال منها قاموسه الشهير بثلاث لغات "سرياني انكليزي مليالم"، وكتابه في قواعد السريانية وكذلك مجموعاته الشعرية السريانية. وتقديرا لاتعابه وافضاله في حقل اللغة السريانية في الهند تعاونتُ مع بعض الاصدقاء في الهند في تحقيق مشروع تاسيس الصندوق المالي الثقافي على اسمه بهدف دعم اللغة السريانية في الهند وتقديم الاعانة لدارسيها هناك. وقد جمعتُ مبلغاً من المال من الاصدقاء السريان في السويد لوضعه في هذا الصندوق ليكون الاساس والنواة له.

وكنا في رابطة الاكاديميين في السويد قد منحنا جائزة اللغة والادب السرياني للاب عمانوئيل ثلي قبل حوالي عشرين عاما، مثلما كنا منحنا هذه الجائزة لبعض الادباء والشعراء السريان الاخرين من الهند، ومنهم الشيخ الجليل الاب العلامة القدير كوريان كنيابرمبيل الذي بلغ عمره اليوم مئة سنة ولا زال في عطائه، امد الله في عمره بالصحة والنشاط. وهو كاتب نحرير وشاعر قدير بالسريانية. وكان قد صنف انجيل متى كله بقصيدة سريانية عصماء نالت اعجاب الجميع، كما له قصيدة سريانية عصماء مطولة تشبه المعلقات بعنوان ܙܢܝܬܐ ܕܗܘܬ ܩܕܝܫܬܐ (الزانية التي اصبحت قديسة) كنا قد نشرناها له قبل عشرين سنة.
مع خالص محبتنا
اسعد


غير متصل Abo Nenos

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 444
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


الاستاذ اسعد صومو

تحية طيبة

باعتقادي ان الدخول في مثل هذه المواضيع بعبارة شرح بسيط غير اكاديمي هو دخول خاطئ لان الفراء يبخثون عن الحقيقة العلمية الاكاديمية لتثبيت القناعات لديهم ، لذلك جاء الموضوع على شكل موضوع انشائي لسرد تاريخي غير منظم واغلب القراء يعرفونه اي ليس هناك اي جديد فيه .

اولا : كان الموطن الاصلي لهذه المجموعة البشرية التي تُسمى بالسريان يشمل منطقة كبيرة من الشرق الاوسط ممتدة من البحر المتوسط لغاية فارس ومن اواسط تركيا الحالية لغاية منتصف فلسطين. حيث كان السريان يشكلون الغالبية العظمى من السكان في ديارهم هذه لغاية وقوعها في قبضة العرب المسلمين الذين احتلوا المنطقة في القرن السابع الميلادي.
 
كان السريان في القرون المسيحية الاولى يقسمون سياسياً ومناطقياً الى سريان مشارقة (تقريباً في العراق الحالي) واقعين تحت حكم الفرس، وسريان مغاربة (تقريبا في سوريا الحالية) تحت سلطة البيزنطيين، لكن عند احتلال العرب المسلمين للشرق الاوسط زال الانقسام من المنطقة السريانية واصبحت تحت سلطة حاكم واحد. وبزوال الحدود السياسية بين السريان اصبح معظمهم مواطنين في دولة واحدة هي "الدولة العربية المسلمة"، لكن القسمة الكنسية والطائفية واللغوية استمرت بينهم لغاية اليوم، لذلك بامكاننا ان نتحدث اليوم عن "فرق سريانية" و "كيانات سريانية" يتكون منها "الشعب السرياني".

هذا اقتباس من كلامك تستشهد فيه ارتباط الاسم السرياني بالمسيحية ولكنك لاتذكر اي شئ عن السريان قبل المسيحية هل كانوا منقسمين الى شرقيين وغربيين ام لا علما ان التناحر بين الامبراطوريتين فارس وبيزنطا كان قائما قبل المسيحية .

ثانيا :  ويحضرون محاضرات بعضهم ويناقشون رسائل بعضهم، بغض النظر عن اختلافاتهم الكنسية القائمة. وكان الحكام العرب والخلفاء ينظرون الى السريان على انهم "شعب" سرياني "واحد" رغم انتماءاتهم الكنسية المتباينة، وكانوا يسمون جميعهم باسم السريان، (والملفت للنظر انه لم يكن حينها يطلقون على احد منهم اسم "عرب" كما يفعل الحكام اليوم في سياستهم التعريبية).

اقتباس ثاني ولكن في تلك الاوقات لم يكن احد يعير لتسمية اي شعب خارج اطار التسمية الدينية لذلك نلاحظ ان عددا كبيرا من العرب اتخذوا التسمية السريانية بسبب دينهم المسيحي الذي حافظوا عليه بالرغم من انهم كانوتا من القبائل العربية مثل النعمان بن المنذر وامراء الغساسنة وحنين بن اسحق وايشو ( عيسى ) بن علي وغيرهم فهنا ايضا الاسم السرياني يحمل المدلول الانتماء الكنسي المسيحي .

ثالثا :  وهنا تسقط المقولة الهشة التي تدعي ان لفظة السرياني كانت تعني مسيحي. بل استعمل السريان ثلاث كلمات للدلالة على المسيحي: اثنتان سريانيتان وهي ܡܫܝܚܝܐ (مشيحايا) و ܡܗܝܡܢܐ (مهَيمنا) والاخرى يونانية وهي ܟܪܝܣܛܝܢܐ (خريسطيانا)، لذلك لم يكونوا بحاجة حينها ليستعملوا اسمهم بمعنى مسيحي.
لكن منذ القرن الخامس عشر وبعدها وبسبب ما حل بالمنطقة على يد جحافل تيمورلنك وقعت بلادنا في بحر العزلة والانغلاق، وأخذت المجموعات السريانية تسبح في مستنقع الجهل والتخلف، فأخذ اسم السريان في "التقليد الشفهي" يتقوقع عل ذاته ليعني ايضاً مسيحي الى جانب معناه السرياني التقليدي. ونفس الشيء حدث لكل المجموعات البشرية حيث ارتبط اسمها بدينها وبمذهبها وتلاحم الاسمان معاً. أما في التقليد الكتابي فلا نجد في النصوص السريانية بان كلمة سرياني كانت تعني مسيحي. أما اذا كانت لفظة سرياني "سورايا" تعني مسيحي اليوم، فهذا ليس شاذاً بالقياس عما حلَّ باسماء بقية شعوب المنطقة (فاسم الكردي "قوردايا" يوحي ايضاً الى الاسلام). ان التطور الذي حصل في استعمال لفظة "سورايا" ادى بها الى ان تحمل المعنيين معاً، اي انها الى جانب معناها "السرياني" الاصلي، فقد تولد فيها "معنى اخر" هو المسيحي وارتبط بها بقوة لغاية اليوم. وكل من ادعى من الكتّاب القدماء والمحدثين بان كلمة سرياني لا تدل على شعب او قومية، فان كل المصادر السريانية القديمة وبالاجماع تفنّد هذا القول "السياسي" الملغوم.

أما القسم الثاني من السريان فهم "سريان الهند"، أي "الهنود المسيحيون"

هنا اقتباسين متناقضين في موضوعك فتارة ترفض استعمال كلمة السريان كمدلول مسيحي وتارة اخرى تقول سريان الهنود اي الهنود المسيحيين .

رابعا :  أما سريان القسم الأول أي سريان الشرق الاوسط، فهم ابناء وأحفاد السريان القدماء، الذين يسمون انفسهم اليوم باسم "سريان واشوريين وكلدان وموارنة". وقد كان اجداد هؤلاء جميعاً يُعرفون باسم "سريان" ܣܘܪ̈ܝܝܐ ويُسمون انفسهم بهذا الاسم السرياني بشكل طبيعي وبدون تعقيد وارتباك بل بفخر واعتزاز.

والسريان الذين يتحدثون عنهم هم اجداد جميع الذين يسمون انفسهم اليوم بالكلدان والسريان والاشوريين.

أما اسماء "اشوري" و"كلداني"، فللأسف، لم تكن موجودة حينها في هذه الفترة التي نتكلم عنها، ولم يكن احد يعرفها إلا من خلال ذكرها في العهد القديم. ولو كانت هذه الاسماء موجودة، لاستعملها الكتّاب دون اي تردد.

ثلاثة اقتباسات اخرى ففي الاول تذكر سريان واشوريين وكلدان وموارنة واهملت اليونانيين والعرب والفرس وبقية الاقوام التي تسمت بالتسمية السريانية بعد اعتناقها المسيحية والاقتباس الثاني لا دليل يؤكد عن وجود التسمية السريانية في اثارات الاشوريين والكلدان القدماء فيكون يكونوا اجدادهم اذن ؟ الاقتباس الثالث المقصود به ان الكل ترك اسمه القومي وتمسك بالتسمية السريانية .

تقبل تحياتي

الشماس
نمئيل نوتالي
كندا