المحرر موضوع: نينوى والموصل المسيحية الحلقة ال 14  (زيارة 2631 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل josef1

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4780
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


                          الحلقة الرابعة عشر     نينوى والموصل المسيحية

تطرقت في الحلقتين الماضيتين عن بعض المدن في سهل نينوى وستكون هذه الحلقة مكملة لسابقتيها  . 
مدينة القوش:ـ بلدة القوش تاريخية عريقة تقع في الجزء الشمالي الشرقي لنينوى وتبعد عنها 50 كلم ، تحت سفح جبل اسمه ماخوذ من اسم البلدة . استمدت القوش عراقتها من اسمها فالقوش كلمة سريانية معناها(إيل ـ قوش )اي الاله القوي ، ويستدل به الى الاله سين اله القمر مركز عبادته . حيث تم الكشف عن دكة مذبح عليه 30 ثقبا رمز الاله سين وصهريج التطهير وحوض الغسل في محلة سينا من (الاله سين ) بنيت في زمن الملك سنحاريب ( 705 ـ 681 ) ق . م ، وعثر ايضا في موقع ( شويتا دكناوي ) على دنين كبيرين يحتويان على بقايا رماد بشري مع اربع قطع ذهبية ومثلها فضية كل منها يعود الى الفترة الاشورية  . القوش بلدة غنية بالاديرة والكنائس والمزارات ، ففي شرقها اقدم دير وهو دير الربان هرمز للكلدان الذي يقع اعلى جبل القوش وكذلك السهل القريب منه دير السيدة العذراء حافظة الزروع .وغرب القوش قرية بندوايا التي تتحول حاليا الى منطقة سياحية اذا عم الاستقرار والامان المنطقة . يقول عن القوش الاستاذ لطيف بولا ـ  جمعت معظم بقايا أمة عظيمة كالحديقة التي تجمع انواع الزهور . وهي المنبع الذي تدفق منه أكثر من عشرين بطريركا وعشرات المطارنة  ، ومئات القساوسة والاف الشمامسة والكتاب والسفراء والخطاطين . حاليا تشهد القوش نشاطا اجتماعيا من جميع النواحي ، ويذكرنا التاريخ ان القوش تعرضت للفتك كبقية قرى سهل نينوى ، ونكل بها ميركور الكردي عام 1832 في حملته ضد المسيحيين في مناطق القوش وتلكيف وتلسقف والعمادية وغيرها .وفي هذا التاريخ استشهد الانبا جبرائيل دنبو مجدد الرهبانية الانطونية الكلدانية مع ثلاثة من الرهبان ، شفيع القوش هو مار ميخا كنيستها الرئيسية باسم الشهيد مار كوركيس ، وفيها كنيسة مار قرداغ  . مطران الابرشية الحالي ميخائيل المقدسي وكاهنها الاب ايميل شمعون . وتذكرنا القوش بالمطران ابلحد صنا الذي خدم فيها اكثر من اربعون سنة   . 


         باقوفا:ـ  قرية كلدانية قديمة جدا ، واقعة في شمال العراق تبعد حوالي  25 كلم الى الشمال الشرقي من الموصل . واقل من ثلات كلم عن قرية باطنايا ، تنحدر جذورها الى العصر الاشوري الاخير ، ويعتقد بان باقوفا كانت احدى المحافظات خلال الفترة الاشورية الاخيرة ، فقد اكتشفت المخطوطات المسمارية والفخارية المصبوغة القديمة من قبل عالم الاثار الفرنسي ، فكتور بلاس الذي قام بالتنقيب في احد التلين المحيطين بباقوفا في عام 1852 ان اسم باقوفا أصله ارامي ، مكون من مقطعين ـ بيث وقوبا ـ والتي تعني بيت القضبان او ربما تعني أيضا مكان الجمجمة حيث يعتقد بان مجزرة ما قد حدثت هناك . او ان جيولوجيا الجبال في تلك المنطقة تشبه الى حد ما الجمجمة ، لقد مرت باقوفا بحقبات تاريخية جيدة وسيئة ، كما كان الحال مع أغلب القرى الكلدانية المحيطة بنينوى ، فقد كانت للهجمات الوحشية للمغول والفرس والاكراد تاثيرات مدمرة على القرية وعلى السكان الذين يعيشون فيها ، ومن المرجح ان سكان باقوفا كانوا في ترحال دائم الى خارج وداخل القرية بسبب تلك الهجمات . هاجم المغول باقوفا في الاعوام  1436 ،  1508 وادت تلك الهجمات الى قتل المئات من سكانها وتدمير ابنيتها وحرق محاصيلها ، وفي عام 1743 هاجمها الملك الفارسي نادر شاه عند حصاره للموصل وكانت النتيجة قتل المئات من سكانها ،اما الذين استطاعوا الخلاص فقد هربوا الى الجبال  . وقد ساهت الكراهية المباشرة للحاكم الكردي في راوندوز الملقب { ميركور } المعروف بكراهيته للمسيحيين حيث قام في عام 1833 بالهجوم على باقوفة والقرى المجاورة لها وادى هجومه الى مقتل المئات من سكانها بصورة وحشية ، مختطفا النساء والاطفال وحارقا ومدمرا كل الاشياء التي لم يكن باستطاعته أن ياخذها معه . وبالرغم من كل ما عانته هذه القرية عبر السنوات الماضية فقد استطاعت التواصل والعيش والولادة من جديد ومن ثم اعطائها الثمار بمئات الاطفال الذين نمو واصبحوا كهنة واطباء ومهندسين ومحامين وسياسيين ورجال أعمال . الذين ساهموا في بناء مجتمعهم بصورة ايجابية وما زالوا مستمرين بتاثيرهم الايجابي العظيم تجاه الكنيسة الكلدانية ، وابناء الجالية في جميع أنحاء العالم   .

            قرية تلسقف:ـ تلسقف مدينة سريانية بمعنى تلا سقيبا ـ الكلمة الاولى تعني التل والثانية تعني المرتفع او المنتصب او الصليب ـ وهناك من يقول أن كلمة تلسقف عربية تعني تل الاسقف ، وهي على طريق موصل القوش حيث تبعد عن الموصل سبعة وعشرين كيلومترا . وتلسقف قرية كبيرة معظمهم من الكلدان ، وفي القرية كنيستان الاولى وسط القرية باسم مار يعقوب المقطع ، والثانية باسم مار كوركيس ـ وفي الجهة الجنوبية من القرية اثر لجدار قديم  يقال انه بقايا دير لمار أفني وكان عامرا بالرهبان. وهناك مخطوطات كلدانية كتبت في تلسقف أحدهما في خزانة الابرشية الكلدانية في كركوك والاخرى في دير السيدة وثالثة في دير السيدة ايضا ، وفي خزانة برلين يذكر ان ثلاث مخطوطات كلدانية كتبت في تلسقف  .

          قضاء تلكيف:ـ  يتكون اسم تلكيف من لفظين {تل  و كيفا }او كيبا الارامية بمعنى الحجارة ، فيكون معنى تلكيف تل الحجارة، وعرفت بذلك لوقوعها على تل اثري جوانبه مرصوفة بحجارة ضخمة يقال إنه كان حصنا قديما في ايام الاشوريين وهي بلدة قديمة يسكنها المسيحيون من الكلدان لغتهم السورث ، وقد نزح اليها في العقود الاخيره عوائل اثورية بسبب احداث الشمال . كما سكن فيها ايضا عوائل عربية وغيرها مما اثر على التركيبة السكانية لاهل تلكيف الاصليون . يقول عنها السيد زياد عبدالله  هذه المدينة الاشورية التي يقطنها خليط من الاقوام المعروفة بحضارتها الراقية في بلاد ما بين النهرين ، عايشت حضارات وتعاقبت على ربوعها أجيال السومريين والاكديين والاشوريين الذين مكثوا فيها حتى بعد سقوط عاصمتهم نينوى وقد أنجبت عبر تاريخها القديم والحديث شخصيات عرفت بالتميز في مجال الدين والمعرفة والعلوم والاداب والفنون ،ان سكان تلكيف في هجرة دائمة عنها ويقدر عددهم بعشرات الالاف . ويقدر المطران ابراهيم ابراهيم وهو من تلكيف ان عددهم يتجاوز المائة الف ،أنجبت تلكيف العديد من البطاركة والمطارنة والكهنة ومنهم البطريرك الحالي عمانوئيل الثالث دلي بطريرك بابل على الكلدان ،المطران ابراهيم ابراهيم والمطران سرهد يوسف جمو والاثنين حاليا في امريكا والمطران جبرائيل كساب في استراليا والمطران رمزي كرمو في ايران ، كذلك المرحوم المطران كوركيس كرمو الذي خدم ابرشية الموصل وشيد في زمنه العديد من الكنائس منها طهرة الكلدان في حي الشفاء والتي فجرها الارهابيون بداية تموز  2004وكذلك بنيت زمنه كنيسة الروح القدس في حي الاخاء في الساحل الايسر من الموصل .

        قضاء عين سفني {الشيخان} :ـ  الشيخان قرية قديمة تعود قدميتها الى العهد الاشوري ، تبعد عن الموصل 46 كلم واثارها تبدوواضحة على التماثيل المنحوتة على واجهة الجبل الصخرية المطلة على نهر الكومل ، الذي يصب في نهر الخازر أحد روافد الزاب الاعلى. وهذه المنحوتات من ابرز الاثار الاشورية القائمة واعظمها روعة، وهي احدى المآثر العمرانية للملك الاشوري سنحاريب . ومنها في قرية خنل التي تبعد 8 كلم من شرق المدينة ، وبنى فيها سد سمي بسد سنحاريب بن الملك سرجون الثاني الذي استلم الحكم من والده عام 705 ق .م  . وهناك آثار في قرية جروانا التي تقع شرق المدينة . وقريب من المدينة قرية باعذرة التي فيها نقوش حفرت باليد تسمى بالقيصرية نسبة الى قيصر روسيا الذي كان يزورها في الصيف . يسكن عين سفني الاكراد اليزيدية والمسيحيين معظمهم من الكلدان حيث لهم كنيسة ، وكذلك العرب الذين سكنوها في العقود الاخيرة  .

قضاء قره قوش{بغديدا ـباخديدا }:ـوهي بلدة قديمةتقع شرق الموصل بمسافة 28 كلم يقطنها اكثر من ثلاثون الف نسمة ، وهي من المدن المسيحية الكبيرة معظم سكانها من السريان الكاثوليك ، واسم باخديدا ارامي { بيث ديتا ، بيت الحدأة } وهو طائر اسود ،ورد اسمها في العديد من المصادر السريانية والعربية بعد القرن الثاني عشر ، حيث لم يذكر عنها شي قبل هذا التاريخ . ذكرها ياقوت الحموي في معجمه فقال عنها { قرية كبيرة كالمدينة من اعمال نينوى ، في شرق مدينة الموصل ، والغالب على اهلها النصارى ، ويقول عنهاالبحاثة الاثاري اوبرت أن موقع قره قوش الحالي هو مدينة { رسن } المنوه عنه في التوراة . في قره قوش العديد من الكنائس الاثرية القديمة اشهرها كنيسة الطاهرة ، كنيسة مار يعقوب ، كنيسة مار يوحنا المعمذان ، كنيسة القديسة شموني  . انجبت المدينة شخصيات دينية كبيرة وظهر فيها في الوقت الحاضر المثقفون من الكتاب والاطباء والمهندسين ومختلف الوظائف ، وتشهد المدينة في الوقت الحالي تقدما وتوسعا في العمران والنشاطات على جميع المستويات  .

                                         يوسف حودي

    ملاحظة: ـ بالاضافة الى المصادر المذكورة بالحلقات السابقة اقتبست بعض المعلومات والصور من بعض المواقع الالكترونية للمدن في سهل نينوى