المحرر موضوع: ستة وستون عاما..إلى أين سيصل الرقم؟  (زيارة 435 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل احـمـد مـطـر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 377
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ستة وستون عاما..إلى أين سيصل الرقم؟

د.أحمد أبو مطر
تمرّ اليوم ستة وستون عاما على ما اصطلح الفلسطينيون والعرب على اطلاق اسم أو صفة (النكبة) عليه، والمقصود هو مجمل أحداث القتل والتهجير والتدمير التي قامت بها العصابات الصهيونية قبل وبعد هزيمة الجيوش العربية عام 1948 ونتيجته إعلان قيام دولة إسرائيل في مايو من ذلك العام، وكانت نسبة التهجير أو النزوح أو الهروب عالية جدا إلى الضفة الغربية التي بقيت تحت الإدارة الأردنية وقطاع غزة الذي بقي تحت الإدارة العسكرية المصرية، وطال اللجوء كافة الأقطار العربية المجاورة خاصة مصر وسوريا والأردن ولبنان والعراق، ولم يبق على أرض فلسطين التي أطلق عليها اسم "دولة إسرائيل" سوى ما هو أقل من مائتي ألف من الشعب الفلسطيني. وكان المؤرخ القومي اللبناني المرحوم "قسطنطين زريق" هو أول من أطلق مصطلح "نكبة فلسطين" على ما جرى ونتج عن هزيمة الجيوش العربية وهجرة الفلسطينيين وما تعرضوا له من مذابح ومجازر. ومن الثابت تاريخيا وتوثيقيا التآمر البريطاني مع العصابات الصهيونية خطوة خطوة لقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين التاريخية، بدءا من إعلان بلفور وزير خارجية بريطانيا عام 1917 ثم وضع فلسطين التاريخية تحت الانتداب البريطاني، وصولا إلى اللحظة الحاسمة حيث تم إعلان قيام دولة إسرائيل في الرابع عشر من مايو عام 1948 ثماني ساعات بالضبط قبل إعلان بريطانيا انتهاء انتدابها على فلسطين، وكان واضحا أنّ إعلان انتهاء الانتداب مقدمة ضرورية لإحلال دولة مكان الانتداب فكانت دولة إسرائيل. وكانت أول دولتين اعترفتا بقيام تلك الدولة هما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي ثم كرّت مسبحة الاعتراف ب " دولة لشعب بدون أرض على أرض بدون شعب" حسب مزاعم وترويجات الحركة الصهيونية، ليصل عدد دول العالم المعترفة بتلك الدولة المحتلة لأرض ودولة شعب فلسطين إلى ما يزيد عن 160 دولة من بينها دولتان عربيتان هما مصر والأردن، وكان سبب هذا التزايد في الاعتراف بتلك الدولة المحتلة هو قبولها رسميا في الحادي عشر من مايو 1949 عضوا كامل العضوية في الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

أخطاء الفلسطينيين المتتالية قبل النكبة وبعدها

لا يمكن لمن يتحرى الموضوعية أن يسند أسباب النكبة لهزيمة الجيوش العربية عام 1948 فقط، بل يتحمل الفلسطينيون شعبا وقيادات مسؤولية كبيرة عن مقدمات وملحقات هذه النكبة، بدءا من الصراع قبل إعلان دولة إسرائيل بين عائلتي الحسيني والنشاشيبي، حيث ارتمت عائلة النشاشيبي في أحضان الانتداب البريطاني ونكاية فيهم سافر الحاج محمد أمين الحسيني إلى ألمانيا للقاء الزعيم النازي أدولف هتلر، مقدما بذلك خدمة كبيرة للحركة الصهيونية، خاصة بعد نشر صوره مع هتلر، التي ما زالت الدعاية الصهيونية الإسرائيلية تعيد نشرها في ذكرى ما أطلقت عليه "الهولوكست" موحية بطريقة غير مباشرة أنّ النازيان هتلر والحسيني خطّطا للهولوكست في اجتماعهما الظاهر في هذه الصورة. وتطور الصراع ليأخذ الشكل الحزبي الديكوري على غرار الاستنساخ الحالي لعشرات الجماعات والدكاكين التي تسمّي نفسها فصائل أو منظمات ، فأسّس راغب النشاشيبي عام 1934 دكانا أطلق عليه "حزب الدفاع الوطني" فردّ عليه جمال الحسيني بتأسيس سوبر ماركت عام 1935 أطلق عليه "الحزب العربي الفلسطيني"....وهكذا استمر الصراع من أجل المصالح الشخصية والعائلية بعد قيام دولة إسرائيل، فأسّس الحاج أمين الحسيني "الهيئة العربية العليا" بينما أسّس أحمد حلمي عبد الباقي ما أطلق عليه "حكومة عموم فلسطين"..ويستمر مسلسل الصراع المصلحي بعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 برئاسة أحمد الشقيري، وظلّت حركة فتح تصارعة باللكمات الخفيفة إلا أن أزاحته عن قيادة المنظمة عام 1968 ليتولى رئاستها ياسر عرفات.
وأخطاء متواصلة في الدول العربية
بعد تأسيس حركة فتح عام 1965 كانت بشائر التأسيس هزيمة يونيو 1967 التي احتلت فيها دولة إسرائيل كامل فلسطين التاريخية وسيناء المصرية والجولان السورية وجزيرتي تيران وصنافير السعوديتين اللتين لا يتمّ ذكرهما في أية كتابات تتعلق بالاحتلال الإسرائيلي، وهناك رأي يقول أنّ احتلالهما عام 1967 تمّ وهنّ تحت الإدارة المصرية حيث سمحت المملكة السعودية بذلك لمصر لدواع أمنية، والدليل على السيادة المصرية أثناء احتلالهما أنّ البروتوكول العسكري لمعاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل اعتبر الجزيرتين ضمن المنطقة (ج ) المدنية التي لا يحق لمصر وجود عسكري فيهما، وهذا ما هو حاصل حتى الآن ووقوعهما تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر، وأهمية الجزيرتين للإحتلال هو تحكمهما في السيطرة على مرور السفن الإسرائيلية لميناء إيلات على خليج العقبة. وتوالت الانقسامات والانشطارات الفلسطينية بعد هزيمة يونيو 1967 حيث بلغ عدد الفصائل والدكاكين الفلسطينية ما يزيد على عشرين دكانا، بعضهما مجرد ديكورات امتدادية لمخابرات عربية، مثل الجبهة الشعبية، القيادة العامة ،دكان صاحبها الوحيد أحمد جبريل الضابط السابق في الجيش السوري والضابط الحالي في المخابرات الأسدية منذ الأسد الأب. ونفس أسد سوريا أسّس دكانا بإسم أكبر من قوات الفييت كونج التي حرّرت ووحدت فيتنام، أطلق عليه ( طلائع حرب التحرير الشعبية، قوات الصاعقة ) وهذه الطلائع لم تقم بأية عملية أو إطلاق أية رصاصة ضد الاحتلال، وكذلك الميني ماركت المسمى (جبهة التحرير العربية) التابعة لمخابرات صدام حسين في زمن رئيسها سعدون شاكر، وهي اليوم مجرد اسم يصدر بيانا كل سنّة في مناسبة ما. ثم تواصل استنساخ وتوالد الدكاكين في الأردن بعد النكسة، حيث بدات الانشقاقات خاصة عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فأطلق الرفيق نايف حواتمه صاحب انشقاق "الجبهة الديمقراطية" شعار (فلنعلن مجالس السوفييت في كل شارع وحارة) مما أدى مع تطورات أخرى إلى أحداث سبتمبر عام 1970 حيث تمّ طرد كافة الدكاكين الفلسطينية إلى سوريا التي طلبت منها الذهاب إلى لبنان والبقاء في سوريا كمكاتب إعلامية فقط، وفي لبنان تمّ تأسيس جمهورية الفاكهاني اللاديمقراطية وصولا إلى اجتياح بيروت في يونيو عام 1982 وصولا إلى طرد كافة الدكاكين الفلسطينية في أغسطس 1982 . ومن الأخطاء الفادحة التي ارتكبها الرئيس عرفات تأييده لاحتلال صدام حسين لدولة الكويت عام 1990 حيث ما كان من المنطقي أن يؤيد من أرضه محتله احتلال أرض دولة أخرى.
وأخيرا وليس آخرا حروب فتح وحماس،
حيث الانقسام الفلسطيني على أبواب عامه الثامن وقد شهد تطهيرا تنظيميا وقتلا وطردا وسجنا بين التنظيمين لا يختلف عمّا يقوم به الاحتلال الإسرائيلي، و أخيرا بشّروا الشعب الفلسطيني باتفاق غزّاوي للمصالحة، ينتهي موعد إعلان الحكومة الموحدة في الثامن والعشرين من مايو الحالي، وكافة المعطيات تقول: لا مصالحة..لا حكومة موحدة..لا انتخابات تشريعية ورئاسية..وبالتالي الانقسام الفلسطيني الحالي قائم لزمن طويل..وبناءا على هذا التشرذم والصراع الداخلي الفلسطيني فالاحتلال قائم لما بعد الستة والستين عاما..إلى متى..لا أحد يعرف!!.
www.drabumatar.com