المحرر موضوع: مجرد تساؤل حول ما يجري باسم الله  (زيارة 697 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شمعون كوسا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 201
    • مشاهدة الملف الشخصي
مجرد تساؤل حول ما يجري باسم الله

شمعون كوسا

كنت قد هيأت مقالا من نوع آخر ولكني ارتأتيت تأجيله في هذه الاوقات العصيبة . لقد تحركت غيوم قاتمة السواد وهبّت رياح مسمومة لم يتعرف عليها الزمن قبل الان ، بروق ورعود جعلت القائمين على الانواء الجوية يفقدون قابليتهم في التنبؤ ، لان التقلبات أطاحت بقواعدهم فاضاعوا ارقامهم ومعاييرهم .
قبل ايام كنت اقرأ رسالة بلغتني حول ما يجري الان . ذهبتُ مباشرة الى مرفقاتها فرأيت شريطا يعرض مجموعة لا بأس بها من الشباب ولقد صفّهم احد المسلحين جنبا الى جنب وربط اياديهم من الخلف . كان يستجوبهم بصورة عشوائية وهم يجيبونه باحترام وخوف ويوافقونه على كل ما يقوله ويطلبه منهم ، وبعد ان انتهى منهم ، بدأ يرمي  كل واحد منهم برصاصة على رأسه ، واعاد الكرّة مرتين خوفا من ألاّ يكون قد نجا احدهم من ناره ، ولدى كل اطلاقة كان يردد بصوت عالٍ عبارة  : الله اكبر . كنت اتوقع بان القاتل الوديع ، بعد أن انتزع منهم الحديث او الاعتراف الذي يرضيه ، سيعطف بحالهم ، فيرحم شبابهم ويفرج عنهم ، ولكنه بدا لي كالصياد الذي لم يصدق وقوعه على قطيع كبير فشرع يصوب فوهته الى الطرائد ويمطرها بناره الى ان تسيل دماؤها . طرائدنا هنا سالت دماؤها مع مناداة باسم لله وتمجيدا له . كان الاخ المهلل يمجد الله عن طريق قتل شباب لا يعرفون ذنبهم . عند كل رصاصة وووقوع كل جثة الى الامام ، كان يردد القاتل اسم الله مرات ومرات ، وكأنه يقوم بانبل عمل ، سيذكره الله ، ويسجله له التاريخ في الدنيا وفي الاخرة .
لقد فكرت كثيرا بهذا الموضوع ، واستعدتُ كل ما تعلمته منذ صغري وما اطّلعت عليه فيما بعد . استعدت كل ما اعرفه عن الاديان وعن البشر وعن الحقيقة الثابتة التي تقول بأن الاديان أتت لخدمة البشر ، ولاجل أن يتعايشوا بمحبة فيما بينهم . لقد استعدتُ ما تعلمته عن أن الله خلق الانسان على صورته ومثاله ، وعندما خلقه أُعجب به وأحبه .
قلت في نفسي ماذا دهى الله كي يَسعدَ لإهراق دم كائن أوجده هو على صورته ومثاله ؟  الم يخطر ببال القتلة هؤلاء ، بان المغدور نفسه قبل ان يموت ، او ذويه قد يجابهونه  اذا استطاعوا ، ليقولوا : من اعطاك الحق يا هذا بإنهاء حياة لم تخلقها انت ؟ هل انت الذي اوجدتنا لكي تتحكم بمصيرنا ؟ سيقولون ايضا : هل الله بهذه الدرجة من الظلم كي يفرح لذبح انسان برئ . وسيقولون : لمذا خلقنا الله كي يأمر بقتلنا بهذه الصورة المبكرة البشعة ، ولماذا خلقنا اذن ؟ كان الافضل له الا يوجدنا . هل ان حياتنا كان مكتوب لها ان تنتهي حالا على يد شخص يقول بانه يقدم خدمة لله . الا يناقض الله نفسه اذا رضي حقا وفرح بما فعله هولاء القتلة ؟ اليس هو الذي صنع هذا المقتول ؟ من جهة اخرى هل ان الله بهذا الضعف ، او هل انه معاق ام عاجز لكي يحتاج الى الانسان ليحميه من مخلوق اوجده هو لمجده ، لان االله يتمجد بوجود الانسان وليس بقتله .
لقد تركتم جانبا أجمل وصية لِله وهي محبة القريب ، لقد اهملتم مفهوم العفو والتسامح اللذين  أوصي بهما الله ، لقد نسيتم بانه طلب بان يعيش الناس كاخوة ، بغضّ النظر عن اختلافاتهم لانهم جميعا مخلوقاته واولاده . الخطيئة هي ان يعتدي الانسان على أخيه الانسان ، فما بالك اذا وصل هذا الاعتداء الى القتل . ان  محبة الغير تأتي حتى قبل الصلاة .  من جهة اخرى ، أولم يقل الله في وصاياه العشرة لاتقتل ؟  لقد تناسى القتلة كافة الفضائل والاعمال الصالحة التي زرعها الله فطريا في قلب كل انسان ، وصاروا يبحثون عن اعمال صالحة اخرى ، وفي مقدمتها القربان الذي يتمثل بقتل الانسان . هؤلاء يعتقدون ان كل من لا يفكر مثلهم ليس خليقة الله ويجب ان يزول من الوجود ، بإسم الله وارضاءً له !!     
منذ ايام وانا افكر في هذا الموضوع ، وكنت مترددا جدا في الكتابة عنه ، ولكني  أمرّ أحيانا بحالات لا استطيع فيها كتم ما يجول بخاطري . كان الموضوع يشغلني ليلا واستطيع القول باني كنت اعثر على افكار وعبارات اجمل بكثير مما كتبته هنا . في كل مرة كنت اصل الى النتيجة المنطقية والتساؤل التالي الذي فكرت كثيرا ان اضعه عنوانا للمقال ولكني لم افعل ، وهو : هل ان للاديان السماوية جميعا نفس الاله ؟!!!