المحرر موضوع: لماذا تتغاضى منظمة المؤتمر الاسلامي عن أضطهاد المسيحيين والايزيديين ؟  (زيارة 1106 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د.عبدالله رابي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1274
  • د.عبدالله مرقس رابي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                                   لماذا تتغاضى منظمة المؤتمر الاسلامي
                                                  عن أضطهاد المسيحيين والأيزيديين؟
د . عبدالله مرقس رابي
باحث أكاديمي
                  تعد منظمة المؤتمر الاسلامي من المنظمات الدولية الكبيرة ،حيث تضم في عضويتها 57 دولة أسلامية .تاسست عام 1969 في الرباط في المملكة المغربية ردا على حريق المسجد الاقصى في القدس،وتعتبر المنظمة بمثابة الصوت الذي يُوحِدُ ويجمع ويتكلم بأسم العالم الاسلامي. وتنفرد المنظمة كونها جامع كلمة الامة وممثل  للمسلمين في مختلف أنحاء العالم بحسب ماجاء في مقدمة نظامها .
   لم تُشعر هذه المنظمة العالم ولم تُعبر عن موقفها  ،أدانة أو أستنكارا على أضعف الاحتمالات ولم تحرك ساكنا تجاه الاحداث الاخيرة التي بدأت بأضطهاد المسيحيين والايزيديين والكاكائية والتركمان والشبك الشيعة منذ أحتلال مدينة الموصل في بداية شهر حزيران الماضي من قبل العصابات الاجرامية المتشددة  التي تمارس أفعالها العنصرية منطلقة من العقائد الاسلامية ، ومهما كان مصدر صناعة هذه الجماعات الارهابية الذي يختلف المحللون في أثباته ،فانها تمارس عملها بأسم الدين الاسلامي ،وعليه أستوجب أن تكون منظمة المؤتمر الاسلامي المبادرة الاولى في تحديد موقفها والاحالة دون تحقيق هذه الجماعات لاهدافها الشريرة.
من مراجعتي لميثاق وأتفاقات ونظام هذه المنظمة ،تبين أنها لاتعمل وفق ما دونته وما اتفق أعضائها عليه حيال الارهاب.فأنطلاقا من أدبياتها ساناقش موضوع صمتها تجاه أضطهاد المسيحيين والايزيديين .
وفقا لميثاقها ترمي المنظمة الى ( حماية صورة الاسلام الحقيقية والدفاع عنها والتصدي لتشويه صورة الاسلام وتشجيع الحوار بين الحضارات والاديان ).وهنا اطرح السؤال للمنظمة أ لستم على دراية بأن ما تقوم به الجماعات الارهابية هو بأسم الدين الاسلامي ؟ فهي تقطع رؤوس الابرياء وتسبي نساؤهم وتستولي عل ممتلكاتهم وتطردهم الى البراري حفاة من بيوتهم ، أو أجبارهم واكراههم على أعتناق الاسلام وتدمير المعالم الحضارية والكنائس والمعابد والجوامع والحسينيات،كل هذه الممارسات على مرأى من الدول الاعضاء في المنظمة .فلماذا السكوت أليس هذا تشويه لصورة الاسلام ؟فكيف سيتم الحوار بين الحضارات والاديان وجماعات أرهابية في وضح النهار تُخير الناس بين الدخول في الدين الاسلامي أو قطع رؤوسهم ، أويُسلبون ويُطردون  من موطنهم الاصلي ،وتحت راية الاسلام.
لماذا لا تنطلق دول الاعضاء من المادة رقم 1 من معاهدة منظمتهم لمكافحة الارهاب الدولي لسنة 1999؟ حيث جاء( عملا بتعاليم شريعتنا الاسلامية السمحاء التي تنبذ كل أشكال العنف والارهاب ،خاصة ما كان منه قائما على التطرف ،وتدعو الى حماية حقوق الانسان ،وهي الاحكام التي تتمشى معها مبادىء القانون الدولي واسسه التي قامت على تعاون الشعوب من أجل اقامة السلام ) .أليست هذه الممارسات تدخل ضمن العنف والارهاب من منظوركم  ؟ وانتم تعرٌفون الارهاب كما يلي وفقا لمنظمتكم في المادة 1 ، الفقرة 2 لمعاهدة 1999  ( الارهاب هو كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه ،يقع تنفيذا لمشروع أجرامي فردي أو جماعي ويهدف الى القاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بأيذائهم أو تعريض حياتهم أو أعراضهم أو حريتهم أو أمتهم أو حقوقهم  للخطر أو ألحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الاملاك العامة والخاصة أو أحتلالها والاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو المرافق الدولية للخطر أو تهديد الاستقرار أو السلامة الاقليمية أو الوحدة السياسية أو سيادة الدولة المستقلة ).فهو تعريف شامل فعلا لمفهوم الارهاب ،ولكن أين أنتم من الافعال التي تمارسها هذه الجماعات ؟ فهي تقوم بما أعتبرتموه أرهابا في تعريف المنظمة الرسمي .فهناك التهديد والترويع والايذاء والاعتداء على الاعراض والحريات الدينية والحاق الضرر في البيئة والاحتلال وتهديد الاستقرار فلماذا السكوت المطبق؟.
من التدابير الاحترازية التي وضعتها المنظمة لمكافحة الجرائم الارهابية ،جاء في المادة( 3 فقرة أ )مايأتي ( على دول الاعضاء الحيلولة دون أتخاذ اراضيها مسرحا لتخطيط أو تنظيم أو تنفيذ الجرائم الارهابية أو الشروع أو الاشتراك فيها بأية صورة من الصور بما في ذلك العمل على منع تسلسل العناصر الارهابية أو لجوئها اليها أو أقامتها على أراضيها فرادى أو جماعات أو أسستقبالها أو أيوائها أو تدريبها أو تسليحها أو تمويلها أو تقديم اية تسهيلات لها).اين الدول الاسلامية المحيطة بالعراق مثل تركيا والسعودية وقطر وغيرها من هذه التدابير ؟ فكل ماورد  في الميثاق الذي تعاهدت عليه دول الاعضاء من حيث التدابير لمكافحة الارهاب تمارس العكس ، فتركيا تسهل مرور الارهابيين من أراضيها وتدربهم والسعودية وقطر تمولهم وتؤيهم وتستقبلهم وتسلحهم وترسلهم لابادة المختلف عنهم دينا ومذهبا .
ألا تتناقض هذه الممارسات مع الهدف الاساسي لمنظمة المؤتمر الاسلامي الذي وُرد في ميثاقها وينص ( تعزز الدول الاعضاء وتساند على الصعيدين الوطني والدولي الحكم الرشيد والديمقراطية وحقوق الانسان والحريات الاساسية وسيادة القانون )وثم تؤكد في بند آخر ( تعمل المنظمة على محو العنصرية )؟
تناقض واضح فالدول المنضوية تحت هذه المنظمة تعزز بسكوتها وصمتها الرهيب الحكم الدموي والمتخلف وسلب الحريات الدينية والحقوق الاجتماعية والسياسية،وأنعدام القانون ، فالامر والنهي هو للخليفة المزعوم دون غيره .
من غرائب الحكومات الاعضاء في المنظمة هي دعوة الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز في 15 / 8 / 2012 الى عقد مؤتمر اسلامي في مكة لمناقشة القضايا العربية الاسلامية الساخنة وفي مقدمتها المذابح التي يرتكبها النظام الاسدي ضد الشعب السوري الشقيق . فعلا أمر غريب في تعاطي دولة مثل السعودية لها دور مهم وأساسي ومؤثر في منظمة المؤتمر الاسلامي تعد ما يقوم به النظام الاسدي في سوريا مذابح ،بينما تسكت وتتغاضى عن المجازر التي ترتكبها العصابات الاجرامية باسم الدين ضد الايزيديين وطرد المسيحيين السكان الاصليين من دورهم وتسليبهم واكراههم لاعتناق الدين الاسلامي .فهل تعد السعودية هذه الممارسات نزهة أم بطولات ؟ ولماذا لم تدعو هي أو غيرها من الدول الاعضاء الى عقد مؤتمر أسلامي لمناقشة الاوضاع المأساوية التي تمارس بأسم الدين في العراق ؟أم أنها تغافلت ذلك لان ما تمارسه الجماعات الاجرامية هو ضد المسيحيين والايزيديين والاقليات الاخرى؟
وقد دعمت السعودية  ودول اسلامية أخرى في المنظمة بما لها من المال والامكانات لدعم مسلمي البوسنة والهرسك لينالوا أستقلالهم ودعت الدول الغربية لاتخاذ الاجراءات الحاسمة آنذاك للتسريع في أنقاذ المسلمين .في حين لا يسلم المسيحيين والايزيديين من أجرام الجماعات التكفيرية في العراق فحسب ولكن يطال المسلمين الشيعة من العرب والشبك والتركمان أيضا .فأية أزدواجية هذه في المواقف تجاه نفس الاحداث ؟لماذا اعتبرتم الاعتداء على مسلمي البوسنة والهرسك أعتداء على الحقوق الدينية وأنها أبادة جماعية؟ وتتغاضون عن ما يحدث ضد المسيحيين وغيرهم كأنما بفلسفتكم ليس أعتداء على الحقوق الدينية التي ثبتموها في ميثاقكم .
منذ بدء الاعتداءات المتكررة على المسيحيين وغيرهم من الاقليات في العراق ومن متابعتي للاحداث والاعلام لم أر أية دولة من الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي قد أتخذت خطوات جدية على كل المستويات سواء الاستنكار والتنديد أعلاميا أو المساندة الانسانية للمضطهدين أوالاسناد العسكري ،ولم تصدر اية فتوى تجاه ما يقوم به دعاة الدولة الاسلامية من هذه المنظمة التي تعتبر نفسها بأنها (جامع كلمة الامة وممثل المسلمين  وبمثابة الصوت الذي يوحد ويجمع ويتكلم بأسم العالم الاسلامي وتؤكد على أنها منظمة تسعى لتعزيز السلم والامن بين مختلف شعوب العالم).
وكل ما نلمسه هو السكوت المطبق على المستوى الرسمي أو الشعبي ،حيث كان باستطاعة الدول الاعضاء في المنظمة الاسلامية تنظيم تظاهرات شعبية أستنكارية على أبسط الاحتمالات ،أو المساهمة الانسانية للمضطهدين في تقديم الغذاء والدواء والماء والكسوة للمهجرين من مدنهم الذين ينامون في العراء وتحت الجسور، فلو لا نداء الكنائس وأخص بالذكر النداءات واللقاءات المتكررة لغبطة البطريرك مار لويس روفائيل الاول ساكو بطريرك بابل على الكلدان في العالم ، ودعم أقليم كوردستان رئاسة وحكومة الذي عمل المستحيل بحسب أمكاناته وأيوائه لهؤلاء النازحين لكانت الكارثة تتضاعف سوءاً فسوءاً.
 أن عدم التحرك لدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي جديا على الارض لمساعدة العراق وأقليم كوردستان لدحر هؤلاء المجرمين الذين يسفكون دماء الابرياء  ويضطهدون ويسلبون بسبب الهوية الدينية، يدل بكل وضوح بأنها راضية ومقتنعة ومؤيدة لممارسات المجرمين الارهابية، وألا ماذا يفسر هذا السكوت منطقيا ؟فلو أرادت أن تعيش هذه البلدان في عالم متعدد الحضارات سلميا وتنبذ كل ممارسات العنصرية وأنتهاك لحقوق الانسان التي أوردتها في ميثاقها كحبر على ورق دون أن نلمسه على ارض الواقع ،عليها أن تراجع ذاتها ومواقفها مما يحصل في العراق وتكون صريحة في رغبتها لدحر من ينتهك حقوق الاخرين وحرياتهم الدينية والاجتماعية والسياسية بغطاء ديني ومذهبي مقيت ومتخلف .وألا يمكن تفسير حالة التغاضي هذه عن الجرائم المرتكبة تحت راية الاسلام من قبل الارهابيين هي تعبير عن العقل الباطني لحكومات ومواطني الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي ،أي أنها راضية ومقتنعة بما يجري لانهم هكذا تلقوا في تنشئتهم الاسرية والدينية ، ولا يمكنهم التخلص منه حيث ترسخت في الاعماق النفسية ،عدم قبول الاخر دينيا وحتى مذهبيا ،فيكتفون بالتظاهر الشكلي أمام الخلق على أنهم غير ذلك .