تخرج دورة جديدة لتعلم اللغة الارامية من كلية كويامكا في سان دييغو نبيل يونس دمان شهد الاسبوع الماضي احتفالنا نحن طلاب المرحلة الاخيرة لدراسة اللغة الارامية القديمة، وقد علمنا باقتدار وحضور دائم وصبر طويل القس المعلم ميخائيل بزي الغني عن التعريف، ومنحت لكل تلميذ شهادة تخرج ومن الطبيعي ان تتدرج مستويات الطلبة من الوسط الى الامتياز، فقسم منهم درس سابقا في السيمنير وقسم اخر دخل مراحل اعداد الشمامسة وقسم ثالث درسها في صغره في الوطن الام، كانت بخاصة بلداتنا وقرانا في حدياب وسهل نينوى ونوهدرا تشجع تعلم اللغة خصوصاً في اروقة الكنائس.
لقد كان يوما مشهودا حيث ودعنا رحلات الدرس والسبورة ووجه معلمنا، ولكن اكتسبنا الحرف الجميل الذي نحته انسان بين النهرين قبل الاف السنين، فعندما نرسمه على الورق او نقرا كلماته في الاسفار القديمة ينتابنا الزهو فيصبح ما كان مجهولا امامنا حقيقة حررتنا من جهلنا ومن رحمة المترجمين بمختلف امكاناتهم ومدارسهم وحتى اهوائهم. اصبح الاعتماد على انفسنا في ان نشق طريقنا الى المزيد من الدراسة سواء بمجهود فردي او جماعي، ومن الطبيعي ان يكون صقل الانسان بلغة جديدة يعتمد على متابعتها ورصد وقت مناسب لذلك حتى يتمكن منها فتبرز مواهبه ويواظب تعليمها ما امكنه ذلك او الدعوة الى تعلمها للاجيال الجديدة كي لا تمحو من الوجود بعد ان بقيت حية تقاوم قرونا طويلة من التهميش والإلغاء والاضطهاد.
يطيب لي انا الذي درست المرحلة الثالثة منها ان ارفق موضوعاً كتبته قبل مدة ان( لماذا درس اللغة الارامية؟) :-
بإعتباري من ابناء بلاد النهرين، التي ارست معالم حضارة أولى في صرح البشرية، ثم إخترع ابن الرافدين الكتابة وطورها، وانبثقت اللغة التي ابتدأت صورية، ثم مسمارية، ثم تحولت الى احرف ونقاط وحركات عبر قرون طويلة. غدت لغة شاملة، رشيقة، ورصينة، سادت بلدان الشرق القديم، ولكن بعد انهيار امبراطورياتها العظمى ودخول الفاتحين من اجناس مختلفة من: فرس، عرب، اتراك، اكراد، وغيرهم اليها مما ادى الى اضمحلالها وضعف تداولها، ولكنها قاومت الزوال محروسة كبؤبؤ العين من الغيارى خصوصاً رجال الدين المسيحيين الذين واكبوها في طقوسهم، صلواتهم، ودراساتهم دون انقطاع رغم الانقسامات التي نخرت في جسد الكنيسة.
يؤلمني هذا المصير للغة قومي العريق، وانا في كهولة عمري حيث لم يسعفني الحظ في تعلمها صغيراً، وانطلاقاً من الحكمة الدارجة ان ليس متاخراً ابداً ان تبدأ، ومسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة، على الانسان الطموح مواصلة الحياة بجدية كما شرع بها وحتى نهايتها، حين يجرع كأس المنية ويلتحق بقافلة الراحلين والراقدين على رجاء القيامة.
تشدني رغبة قوية في تعلمها لانني منذ عقود امارس الكتابة خصوصاً في حقل التراث والماضي الجميل الذي عشناه قبل حلول عهود الدكتاتورية والتطرف الديني، والكتابة كما تعلمون تستند على مادة اولية وهي المطالعة المتواصلة كماً ونوعاً، هنا واجهتني كلمات واشعار وحكايات باللغة الارامية، لا استطيع قرائتها، والان منّ الله علي بنعمته في تعلمها على يد معلم قدير وهو القسيس ميخائيل بزي المحترم، وبمشاركة نوعية من تلامذة نجباء ، بعضهم يكبرني سناً، وبعضهم في اعمار الزهور، واحدهم دخلنا الابتدائية في العام الدراسي 1958- 1959، وآخرٌ في المتوسطة للعام 1964- 1965، دار الزمان بنا وبعد اكثر من نصف قرن على افتراقنا التقينا هنا على طاولات الدرس، هذا المكان المتطور الذي يعج بالحياة وينبض بروح الشباب وبطالبي العلم من مختلف الجنسيات.
انها نقطة تحول كبرى في حياتي وانا اتعلم لغة آبائي واجدادي، معاهداً نفسي ان اواصل التعمق بها والغور في اعماقها ما امكنني ذلك، واظل اتذكر وجه استاذي المرح وهذه الوجوه الطيبة التي زاملتني هنا، في قابل الايام، في الحياة العامة ب سان دييغو، وفي كنائسها التي هي مفخرة إنسان بيث نهرين في طراز بنائها، وقباب هياكل عبادتها، وهي من ابداعات الشرق الذي للأسف تسوده حالة الفوضى وعدم الاستقرار في هذه السنين العجاف، ومن خلل الظلام ارى شقوقاً يشع منها الضياء، ويتراءى لي المستقبل السعيد الذي اعقد عليه الآمال، بان يتحول حوض البحر الابيض المتوسط الى بحيرة سلام ونموذج للعالم اجمع، في ابعادها الدينية والتاريخية والحضارية.
والان الى اسماء الطلبة الذين درسوا معي:
1- سمير منصور خوشو
2- نوال انطون
3- سالم بتو
4- فرج بطرس
5- نوئيل يونس دمان
6- روي كيسفورد
7- فرج يونس حلبي
8- نوئيل حنوش
9- انثوني هيراس
10- ريتا جعدان
11- انثوني منصور
12- لمياء موسى
13- نادر نوح
14- صباح اوراها
15- صباح جيجو رئيس
16- نضال سلمان رمو
17- لويس سيبو
18- نجيب شمعون
19- ثامر يعقوب
20- كاميلا حسقيال شدا
21- يونان يوسف
22- فرنسيس ميخائيل صنا
واخيرا ادعوكم لمشاهدة الصور التذكارية:
nabeeldamman@hotmail.com
Dec. 14 2014