المحرر موضوع: أبناء النهرين: رثاء الفقيد المناضل القومي سعيد قرياقوس (ورحل الراهب في صومعة الأمة)  (زيارة 1174 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abnaa Alnahrain

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 513
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

أبناء النهرين: رثاء الفقيد المناضل القومي سعيد قرياقوس

(ورحل الراهب في صومعة الأمة)



بعد صراع طويل وعنيد مع المرض رحل مؤخرا جسديا عن دنيانا الابن البار لأمة آشور.. المناضل القومي الكبير (سعيد قرياقوس) في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية.
لقرابة خمسة عشر عاما انتزع المرض اللعين من معلمنا الراحل القدرة على السير ولكنه وقف عاجزا عن النيل من عزيمته ومكابرته والمس ولو بجزء يسير من إيمانه الراسخ بقضية شعبه وحتمية انتصارها مهما دارت الأيام، فقد كان يذهل الجالسين بحضرته وحتى في أيامه الأخيرة بتيقنه من قناعاته هذه.. ويأخذهم في أحاديثه للاستغراق معه في الحلم الجميل بالعيش من جديد بحرية وكرامة على ثرى بيت نهرين مرة أخرى.
الكثير منا يعتصره الألم هذه الأيام وهو يرى أغلب أبناء هذه الأمة مغتربين عن ذاتهم وانتمائهم القومي، والكثيرين غارقين في مستنقع التقسيمات ومهزلة صراع التسميات.. فكيف بسعيد ونخبة واعية ومناضلة من الشباب تخوض في الخمسينيات من القرن الماضي تحدي الإبحار في المشروع القومي والتصدي للانقسام والتشرذم في ظل ما كان سائدا وطاغيا في تلك الأيام من الانغلاق والتزمت والتخندق الطائفي والعشائري والمناطقي، ولكن سعيد ابن سنجار ورفاقه الغيارى من أبناء الجزيرة وخابور لم تلن عزيمتهم وتثنى شوكتهم وواصلوا مسيرة النضال إيمانا بقضية شعبهم وحقيقة وحدته.
لقد عُرف الراحل الكبير سواء ممن عمل معه من الرفاق في المنظمة الآثورية الديمقراطية وحركة تحرير آشور اللتان ساهم في تأسيسهما.. أو بقية العاملين والناشطين في ساحة العمل القومي، عُرف عنه الثبات والإيمان والصفاء والنقاء، وخبر فيه مبدأيته ومقته الشديد للكذب والكذابين، فآثر العزوبية ونذر نفسه راهبا ناسكا لخدمة الأمة.. وآثر لنفسه العوز والانزواء وهو الذي كان بمقدوره وبيسر أن يمتطي صهوة المصالح الشخصية وبناء الأمجاد الزائفة والتي غالبا ما تكون كما علمتنا الأيام على حساب المصلحة العليا للشعب والأمة.
 في رحيلك لن تف الكلمات بحقك أيها المعلم والإنسان والمناضل العنيد، فارحل بسلام وطمأنينة، فحلمك أمانة في أعناق كل الشرفاء من أبناء هذه الأمة. ونقول إن حلمك ليس نسيج من الخيال.. وحركة الحياة ستقول كلمتها حتما، وفي الأخير سوف لن يصح إلا الصحيح لأنه مهما كانت سطوة ما نعيشه من كوارث وانكسارات ونعانيه من علل وعوامل الضعف.. فعوامل الانبعاث والقوة أكبر بكثير من كل ذلك.
وختاما نعزي أنفسنا في كيان أبناء النهرين ونعزي كل رفاقه وأبناء شعبنا في رحيل هذا المناضل الكبير.. سائلين الله ان يتقبله برحمته الواسعة في ملكوته السماوي.