المحرر موضوع: ميزانية الدولة هذه الأيام كالعجين المخمّر  (زيارة 1720 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كريم إينا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1311
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
    ميزانية الدولة هذه الأيام كالعجين المخمّر
                                             كريم إينا
         
الحياة مستمرة والبشر في تزايد ملايين بعد الملايين. والمعاشات والدرجات تقفز، والعامل الفقير الحديث النعمة يخرّ على أقدامه ليحظى بتحية من هم فوقه. وقس هذا على الوظائف الأخرى بتدرّجها. أمّا العدد فيزيد وينقص حسبما تقتضي الأهواء والأغراض. والولائم لا أوّل لها ولا آخر، حكومية وشعبية فالضيف لا يشبع إلاّ إذا أكل ثلاثة ألوان، فالتوظيف قوام الدولة عندنا. الحياة تدور فوق الكل فأفراد العائلة يتوسّط بعضهم لبعض الابن يتوسّط لأخته عند أبيه وبالعكس والأم تلجأ إلى بنيها وهكذا دواليك فالوساطة طبيعية تجري في نفس الإنسان، وكما نعلم بأنّ الغاية تبرر الوسيلة، فلو تطهّرنا من عنادنا عملياً إختفت أعراض الطائفية. سنة تعقب سنة والوضع ما زال كما هو نائماً على أنفاسه، الكسل والعتمة والجميع يركض صوب النور، ذاك يريد الكرسي لصالحه، والآخر يبكي على هريسته، والباقون يلملمون فتات الخبز من الحاويات والخضراوات الذابلة من سوق الخضار واليتامى يحومون حول أكمام الأغنياء والنعمة ما زالت تركض تفرّ من أيادينا بسبب الكفر والعنجهية ونسيان واجباتنا تجاه الخالق لا حول ولا قوّة للضعيف يسير وأرجله لا تحمله، وميزان المحاكم مال عن خطّه، المجرم يصبح بريئاً والبريء يصبح مجرماً!! والمال يقفز داخل حجرات ومناضد الدوائر. الديمقراطية في بلدنا لم تختمر بعد يعوزها قليل من البنزين كي تحترق. ورغيف الخبز بدأ يصغر ويؤكل قبل إستوائه. إرتفاع إيجارات المساكن وإرتفاع أسعار الأراضي، والمتزوّج الجديد يدعو بالإنفصال من بيت والده يفكّر بالإستقرار عسى ولعلّه جهة تحتضنه في مساحة صغيرة، والأيّام تتبعها الليالي وما زلنا ننتظر هذه الأيّام الفرح رغم نجاح الإنتخابات ورغم التزويرات لشهادات المرشحين وتضرّعات الناس حول بلاياهم لا ينفكّ شيئاً. والإنسان لا يفهم إلا شريعة القوة، فهيهات أن يسمع الصلاة. فما هذه العثرات يا رب؟. أليس الأفضل أن نعمل عملاً صالحاً يخدم عراقنا العزيز. فاليوم أمر عصيب وصوته ينبعث من كهف العوسج نزرع الورد بين العلّيق والشوك، والعوسج حتماً سوف يتوجّع ويُشد إلى مطاليب تعرقل حركة السير ويبقى علينا أن ننظر إلى الحالة المزرية بالمكرسكوب ونقول: هذا طويل وهذا قصير وهذا أسود وهذا أبيض،وهذا فقير وهذا غني، وهذا عالم وهذا جاهل ولكن لحد الآن لم نحدّد المقاس الحقيقي لبدلة العراق نخاف أن تكون الأيادي قصيرة أو ربّما الأرجل طويلة والأنف أفنص والعينان جاحضتان أو غائرتان حاشا ذلك ورغم الغيوم والهموم ما زلنا نتقاتل يومياً مع بعضنا البعض كأحجار الدومينو ولكن في الليل ننام في علبة واحدة. هكذا يا سادة يا كرام حكّام ومحتكمين إسرعوا قبل أن يسقط العجين المخمّر في آتون التنّور ونصرّح بالدار والدور! وعند ذاك لا يُحمد عقباه.