المحرر موضوع: تحت كل كلمة يختبيء لغم  (زيارة 1571 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جنان بولص كوركيس

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 38
    • مشاهدة الملف الشخصي
تحت كل كلمة يختبيء لغم
« في: 12:37 17/02/2007 »
تحت كل كلمة يختبيء لغم
[/color]

في الحقبة الماضية .. كل المشاعر والاحاسيس والافكار والاراء والمعتقدات، كانت كامنة في دواخلنا، حرام عليها رؤية النور خوفاً من اغتيالها في وضح النهار حتى صارت صدورنا كاتمة حد الانفجار، نحس بالمؤامرات التي تحاك حولنا والمكائد التي تنصب لنا ونحن عاجزين عن درئها عنا فنقع في دركها طائعين هالكين.. عهدنا رجال السلطة متآمرين على الشعب في أكله وشربه وعيشه وعقيدته وتعليمه وصحته و.. و.. حتى في مماته .. هذا ما جعل النفس العراقية شكاكة مرتابة في ما يدور حولها وان كان صادقاً، وهذا نادر جداً. فهي ترتاب في الصديق قبل العدو وتخشى غدر القريب قبل الغريب.. اصبح التآمر هاجساً يؤرقنا ويقلق راحتنا.
وها نحن اليوم نعيش في العراق الجديد بعد ان قُبر شبح الطغيان، وقد منَّينا النفس بالطمأنينة الفكرية التي افتقدناها طويلاً، ولكن بعد ان اخفقت كل الطروحات التي اتى بها الحكام الجدد مدعين اسعاد الشعب ورفع المظالم عنه، واستشرى الفساد في كل المرافق الادارية للدولة،  تراجعت الثقة الى الوراء بين المواطن والمسؤول وبين الشعب والحكومة، فالانتخابات سادها التزوير ومجلس الحكم كان من صنع بريمر والجمعية الوطنية كان اعضاؤها يلتهمون كثيراً مالذ وطاب ويجتمعون قليلاً ونادراً ما يقررون .. فالآمر الناهي فيهم كان ولايزال المستعمر، وكذا الحال بالنسبة للبرلمان الحالي والحكومة الجديدة والوزارات.. و لهذا نحس اليوم بان كل شيء في حياتنا صار مفخخاً، السيارات والدراجات، والرسائل، والاشخاص، والخطابات والوعود والسياسة وحتى الثقافة صارت مفخخة .. كل مشروع يطرح علينا من قبل الحكومة نشك في مصداقيته ونعتبره تمثيلية مفخخة لتمرير غرض ما في نفس يعقوب.. فنحاول جاهدين فضح تفاهة التمثيلية ورداءة الاخراج وكذب الممثلين . وكل خطاب يوجه من قبل المسؤولين الى الشعب، نحس بان تحت كل كلمة يختبيء لغم، ووراء كل فاصلة ينتظرنا مجهول جديد.
فعلى سبيل المثال لا الحصر.. شعبنا (المسيحي) اليوم جعلوه يحتار في امره لايجاد تسمية جديدة له وكأنه خلق وعُمذ دون ان يطلق عليه اسم خاص به. تطرح عليه تسميات مركبة قابلة للمد والجزر ولها خاصية ابدالية كما في الرياضيات بين عناصرها.. وكذلك مشروع الحكم الذاتي لشعبنا في سهل نينوى، يبدو انه حق غفل عنه شعبنا فذكروه به وعن طريق الفضائية التي اخذت تطبل وتزمر له ولمقترحيه، في حين كل حزب من احزابنا القومية يجتمع وينظم مؤتمرات لينسب الى نفسه شرف طرح فكرة الحكم الذاتي.. وهناك من جاء من وراء البحار ومن دول الجوار مدعياً هذا الشرف الرفيع ويريد من شعبنا في الداخل التأييد والمؤازرة.. وكأن الحكم الذاتي كعكة جاهزة علينا الاسراع بالتهامها قبل ان يلتهمها غيرنا!!.
اصبح شعبنا في الداخل لايعرف اين يكمن الصواب، ومن هو المخلص الامين على حقوقه قبل ان يكون اميناً على جيبه.
هل يحتفظ بتسميته الاصلية ام يتبنى التسمية الجديدة لانها تتماشى مع انتزاع الحقوق من الدستور؟ اي دستور هذا الذي تنتزع منه الحقوق بدلاً من ان تعطى بدون عناء؟! وهكذا الحال بالنسبة للحكم الذاتي.. اين هو مشروع الحكم الذاتي ؟ وهل اطلع عليه احد وعلى مضامينه؟ ام انه كأغنية اطلقتها بعض الحناجر وكثر ترديدها من قبل من لايفقه شيئاً عما هو الحكم الذاتي من العجزة والجهلة واحياناً من بعض المثقفيين! اهكذا يتم تثبيت الحقوق؟ اما كان من الاجدر ان تكون التسمية او الحكم الذاتي مطلباً شعبياً ملحاً يفرض نفسه على المتنفذين وصناع الدستور وعندما ينضج ويجد الارض الخصبة يثمر خيراً وبركة؟ كل هذا  غيض من فيض ولكن الاكيد الاكيد في كل ماحدث و ما يحدث، ان الشعب اصبحت لديه حساسية مفرطة ضد كل ما يطرح عليه من قبل المتنفذين، وهذه الحساسية المفرطة جعلتنا متطرفين في تذوق الاشياء وفي التعبير عن الاشياء، فارضنا ارض التوتر ولايمكن لاي انسان يمر بها او يسكنها ان يبقى هادئاً ومطمئناً..


جنان بولص كوركيس[/b][/font][/size]