نكتة كردية في يوم عظيم:
-------------- 115 بطريرك كنيسة المشرق الآشورية كانوا كورد؟؟!!
===================================
بطريرك جديد وحدث تاريخي:-----------------
قبل كل شيء والأهم من كل شيء والأعظم من كل شيء في التاريخ المعاصر للآشوريين والمسيحيين وفي كنيسة المشرق الآشورية وفي إقليم كردستان أيضا هو إنتخاب غبطة المطرابوليت مار كوركيس صليوا كبطريرك إلـ (121) لكنيسة المشرق الآشورية في أربيل من قبل أعضاء المجمع السنهادوسي المقدس للكنيسة. وكل هذه الأهمية والعظمة لهذا الحدث التاريخي تأتي من سيامة قداسته في أربيل عاصمة إقليم كردستان، المدينة المقدسة التي كانت قبل قرون عديدة مقراً للإلهة الأربعة عند الآشوريين القدماء لذلك كانت تسمى أربائيلوا – أي الآلهة الأربعة ومنها جاء أسم مدينة أربيل، وكانت أيضا من زمن بعيد مركزاً لكرسي بطريرك كنيسة المشرق وبهذه السيامة تعود مرة أخرى لتصبح مركزاً للكرسي البطريركي في القرن الواحد والعشرين. لقد سبق وأن بينًا في مقال سابق وتحت عنوان (سوابق تاريخية في كنيسة المشرق الآشورية) عن الأسباب التي تجعل هذا الحدث سبقا تاريخياً. أنظر الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,792566.0.html لا أحد يستطيع أن ينكر أي من كان آشورياً أم غيره، مسيحياً أم غيره بأن مراسيم تنصيب غبطته كبطريرك في يوم الأحد المصادف 27 أيلول 2015 في كنيسة مار يوحنا المعمذان في عنكاوه كانت من العظمة والأبهة والمعبرة عن قيم وتراث هذه الكنيسة العظيمة مثيرة في نفوس الجميع سواء الحاضرين منهم للمراسيم أم الذين شاهدوها عبر شاشات وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي العديدة خاصة إجراءات وحركات وممارسات وقراءات للتراتيل والصلوات من قبل أحبار الكنيسة ألـ (13) مع عدد كبير من القساوسة والشمامسة أثناء عملية تكريس قداسته على كرسي البطريركية. وتأتي عظمة وأثارة هذه المراسيم في كونها لأول مرة في تاريخ الآشوريين وأبناء كنيسة المشرق يشاهدون وبشكل مباشر ومنذ عقود طويل مثل هذه الإجراءات في رسامة بطريرك جديد للكنيسة ومن ثم ترأسه للقداس وتقديم القربان المقدس للحاضرين. ولا أحد يستطيع أن ينكر أيضا بأن حضور العديد من المسؤولين الرسميين والحزبيين والدبلوماسيين وعلى رأسهم عناية السيد نجرفان بارزاني رئيس مجلس وزراء إقليم كردستان لها أهمية أضافت عظمة وأثارة أخرى لهذا الحدث التاريخي في كنيسة المشرق الآشورية وفي إقليم كردستان. وفي تصريح للسيد نيجرفان بارزاني بعد إنتهاء المراسيم وصف عودة كنيسة المشرق الآشورية إلى العراق وكردستان بأنه "يوم تاريخي"، وقال: إن "كردستان مكان للتعايش السلمي بين كافة الأديان والأطياف، خرجت هذه الكنيسة من العراق منذ 80 عاما، وهاهي تعود إلى أربيل، وهو حدث يشكل بحد ذاته أهمية كبيرة بالنسبة لنا في الإقليم".
وما زاد من عظمة وأبهة وفخامة هذه المراسيم هو حضور عدد من بطاركة كنيسة المشرق ومطارنتها، منهم قداسة مار إغناطوس أفرام الثاني بطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية وغبطة مار لويس روفائيل الأول ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية وغبطة المطران سمير مظلوم المعاون البطريركي للكنيسة المارونية وأيضا ممثل عن قداسة البابا وعدد من ممثلي مختلف الكنائس والطوائف. ولم يكن ينقص هذه الصورة الجماعية الجميلة إلا غياب قداسة مار أدي الثاني بطريريك الكنيسة الشرقية القديمة أو من ينوب عنه ليترك غيابه العديد من علامات الإستفسار المقلقة لأبناء الكنيستين، فرسالة التهنئة المرسلة من قبل قداسته إلى قداسة البطريرك الجديد لم يكن لها أي فاعلية لسد النقص الظاهر في هذه الصورة الجميلة.
بشائر العظمة والأبهة لهذه المراسيم المقدسة للبطريرك الجديد لم تنتهي لا بل إزدانت بزيارة سيادة مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان لقداسة البطريرك مار كوركيس الثالث صليوا وأعضاء المجمع السنهادوسي المقدس في مقرهم في مبنى كنيسة مار يوحنا المعمذان في عنكاوه في اليوم التالي للمراسيم لتهنئته، حيث تبادلا الأحاديث وبحثا في مسائل عديدة تخص كنيسة المشرق الآشورية بشكل خاص والمسيحيين بشكل عام وقد أشاد سيادة رئيس الإقليم بالدور الكبير الذي لعبه المسيحيون في إقليم كردستان وعظم أيضا دور الشهداء المسيحيين في ثورة أيلول. ويظهر من خلال تصريح سيادته لوسائل الإعلام بأن موضوع إكمال بناية البطريركية في عنكاوه قد تم مناقشته والوصول إلى قرار لإكمالها وهذا ما أكده قداسة البطريرك مار كوركيس الثالث صليوا عندما ذكر لوسائل الإعلام بأن موضوع إكمال بناية البطريركية يمكن أعتباره منتهياً. الحقيقة تقال بأن ما قام به الشعب الكوردي وقيادته وعلى رأسها سيادة مسعود بارزاني ورئيس مجلس الوزراء السيد نيجرفان بارزاني وغيرهم من المسؤولين في تسهيل مهمة إنتخاب وسيامة البطريرك الجديد وتوفير كل المستلزمات المطلوبة لذلك كان عظيماً وأكثر من المتوقع وعليه فأن الكرة الآن هي في ساحة أحبار كنيسة المشرق الآشورية لرد الجميل بالتي هي أحسن.
نكتة كردية ووسائل الإعلام:-----------------
في مثل هذا الحدث التاريخي لم يكن يمر من دون أن تعج الكنيسة وساحتها يوم تنصيب البطريرك الجديد بالعشرات من الصحفيين والمحررين والمراسلين لوسائل الإعلام المختلفة وللقنوات الفضائية التي نقلت الحدث وبشكل مباشر مؤكدين عظمة وأهمية سيامة بطريرك جديد لكنيسة المشرق الآشورية وعودة الكرسي البطريركي إلى موطنه التاريخي. حيث عبر معظمها عن الأهمية القصوى لهذا الحدث في هذه الأيام العصيبة وغطت تفاصيل مراسيم أجراء تنصيب البطريرك الجديد ونقلها البعض وبشكل مباشر وحي عبر الشاشات الفضائية. غير أنه كما يقال بأن لكل قطيع غروف أسود يشذ عن المجموع ويظهر كأنه مختلف عن الآخرين ويسكل سلوكاً لا يتوافق مع الحدث. هكذا ظهر في التقرير الإخباري المباشر من ساحة كنيسة مار يوحنا المعمذان للسيد هيفدار أحمد مراسل قناة رووداو الفضائية الكردية التي تبث من أربيل عاصمة إقليم كردستان حيث
ذكر (بأن بطريرك الكنيسة الشرقية الآشورية يتم إنتخابه من قبل مجمع المطارنة وعددم 15 شخصاً وعن طريق التصويت وهي أول كنيسة في العالم تأسست عام 92 الميلادي بالقرب من بغداد ومن مجموع 121 بطريرك لهذه الكنيسة هناك 115 بطريرك هم من كورد) هذه ترجمة غير رسمية للنص الكردي للفقرة الذي ورد في التقرير وأكدته مذيعة قناة روودار الفضائية ونشر في موقعها الألكتروني:
پەترییاکی کەنیسەی رۆژهەڵانی ئاشووریەکانە لە رێگەی ئەنجوومەنی مەترانەوە کە ژمارەی 15 کەس دەبێ، بەدەنگدان هەڵدەبژێردرێ. یەکەم کەنیسە لە دنیا ساڵی 92 میلادی لە نزیک بەغدا دروستکراوە و لەکۆی 121 پاتریارکی ئەو کەنیسەیە نزیکەی 115 پاتریارک کورد بوونە.
نص التصريح منشور على موقع القناة الفضائية
http://rudaw.net/sorani/kurdistan/27092015ليس لنا تعليق على هذا التقرير غير أن نقول، ونحن بصدد السوابق التاريخية التي سجلتها كنيسة المشرق الآشورية عند إنتخاب وتنصيب مار كوركيس الثالث صليوا كبطريرك لهذه الكنيسة، بأن السيد هيفدار أحمد قد سجل سابقة تاريخية أيضا في تحريف وجهل بتاريخ هذه الكنيسة العظيمة التي كُتب عنها ألاف الكتب والمجلات والبحوث ومن المؤسف لم يصل ولا واحد منها إلى يد السيد هيفدار ليغني معلوماته عن هذه الكنيسة ببعض الحقائق البسيطة ومنها أصل البطاركة الذين تسنموا كرسي البطريريكة. فتاريخ هذه الكنيسة سواء الذي كتبه الآشوريون وأتباع الكنيسة أم غيرهم وما أكثرها، لم تشر إطلاقاً إلى وجود بطريرك واحد من أصل كوردي فكيف توصل وأثبت وبث السيد هيفدار عبر قناته الفضائية إلى وجود 115 بطريرك كوردي في هذه الكنيسة؟؟ تاريخ هذه الكنيسة يؤكد وجود بطريرك واحد من أصل مغولي وهو البطريرك يهبالا الثالث (1281 – 1317) وقد تم إختياره أثناء إجتياز المغول لبلاد الرافدين والسيطرة عليها لكونه يجيد لغتهم ويستطيع التفاهم معهم. وقد يكون هناك عدد آخر قليل من البطاركة ومن أصول فارسية أو إغريقية أو عربية ولكن ذابت هذه الأصول في حضارة وثقافة مؤمني كنيسة المشرق ولم يعد التاريخ يُرجع أصولهم إلى هذه الأمم.
صحيح هو أن بعد أن وصلت رسالة ربنا يسوع المسيح له المجد إلى مدينة أورهي شمال بلاد ما بين النهرين (حاليا أورفه في تركيا) عن طريق الرسل مار توما ومار أدي ومار ماري ثم بدأ التبشير وبشكل واسع من قبل مبشري الكنيسة من مدينة أربيل نحو الجنوب فتأسس في القرن الأول الميلادي أول كرسي بطريركي في مدينة ساليق قطيسفون عاصمة الفرس الأكاسرة، حالياً المدائن بحدود 35 كم جنوب بغداد، وأستمر الكرسي البطريركي فيها حتى منتصف القرن التاسع الميلادي ثم أنتقل إلى عاصمة الدولة العباسية بغداد وبقى فيها حتى غزو المغول لمدينة بغداد في القرن الثالث عشر فلجاً البطريرك إلى المناطق الشمالية لبلاد النهرين فبدأ بالترحال والتنقل من مدينة مراغة (بلاد فارس) وأربيل وكرمليس وموصل وألقوش وقوجانس وهكذا إلى أن نفي من بغداد في الربع الأول من القرن الماضي إلى بلدان الإغتراب: قبرص، بريطانيا ثم الولايات المتحدة، واليوم عاد الكرسي مرة أخرى إلى موطنه الأصلي. فمن الملاحظ تاريخياً بأنه عندما وصل الدين المسيحي إلى المناطق الشمالية وشعوبها الآرية ومنهم الكورد التي كانت تعتنق الديانة الزاردشتية لم تلتف إلى هذه الدين الجديد ولم يثير أهتمامها لا بل كان غريباً عنهم ولم تفهم مغزاه لذلك لم تنتشر المسيحية بينهم ولم تححق نجاجاً كبيراً فيهم فبقوا كشعوب وأمم وحكام ودول وأمبراطوريات محافظين على عقيدتهم الزرادشتية حتى مجئ الإسلام، وهذا ما أكده المؤرخ الكوردي الكبير محمد زكي أمين في كتابه الموسوعي "تاريخ الكورد وكردستان" المطبوع في القاهرة عام 1931, ولا أدري كيف يمكن أن يكون 115 بطريرك كردي من بين 121 بطريرك والشعب الكوردي لم يكن مسيحياً. ألم يتسائل السيد هيفدار من الذي أنتخب هؤلاء البطاركة 115 وفي أي زمن كان؟؟؟ أفهل كان الكورد مسيحيون حتى يكون البطاركة كورد بهذا العدد الكبير ونحن نعرف بأن الزرادشتية كانت ديانة غالبية الشعب الكوردي وعرف عنهم بتمسكهم الشديد بها حتى مجئ الإسلام وظلوا متمسكين بديانتهم الجديدة ومدافعين عنها ومضحين في سبيلها وظهر بينهم أبطال بارزين أمثال صلاح الدين الأيوبي.
على العموم مهما كانت طبيعة هذا التقرير القائم على الجهل بتاريخ هذه الكنيسة فأن مثل هذا الأمر لا يعكر من عظمة الحدث ولا يقلل بشئ من أهميته التاريخية الذي جاء ليؤكد طبيعة العلاقة الطيبة والتفاهم الإيجابي القائم بين الآشوريين خاصة والمسيحيين عامة مع الكورد والسلطات الرسمية والحزبية فيها. ففي الأجواء الآمنة والهامش الديموقراطي السائد في إقليم كردستان يمارس الآشوريون حقوقهم القومية والدينية والتي هي، وبكل صدق وأمانة، موضوع حسد وغيره من غيرهم من الشعوب في دول الجوار وبلدان الشرق الأوسط. لا أدري إذا كنت مخطئاً في القول بأنني شاهدت لأول مرة في التاريخ والحاضر المعاصر رئيس وكبار المسؤولين الرسميين والحزبيين وهم مسلمون ملتزمون بكل إمان بدينهم الإسلامي يحضرون مراسيم تنصيب بطريرك مسيحي ويزورونه للتهئنة؟؟؟ على أن الذي أريد قوله هو أن مثل هذا التقرير للسيد هيفدار لم يشكل أي تأثير إطلاقاً على الوضع القائم بين الآشوريين والمسيحيين والكورد في الإقليم وإنما ما أخشاه هو تناقل خبر هذا التقرير بين الآشوريين في بلدان المهجر والبعض منهم هم من المتصدين في المياه العكرة (نحمد الله هم قلة قليلة جدا) فيستغلونه لفتح بعض صحفات التاريخ الأسود الذي سطره مير بدرخان وإسماعيل أغا (سمكو) ويقارنوه بالسياسات الإستبدادية لنظام البعث المقبور في حملته المشؤومة في إعادة كتابة التاريخ وفي تعريب الآشوريين. ولكن من المؤكد بأن مثل هذه الأفكار والتصورات سوف تصدم بالجدران الصلدة التي أكدها هذا الحدث التاريخي والذي كان أطرافه كنيسة المشرق الآشورية وبكل أحبارها وكهنتها ومؤمنيها من جهة والشعب الكوردي والمسؤوليين الحكوميين والحزبين في إقليم كردستان من جهة أخرى. أنا شخصياً من جانبي، رغم معرفتي القليلة بتاريخ كنيسة المشرق الآشورية وببطاركتها، فأن مثل هذا التقرير لا أعتبره إلا نكتة كردية... لا بل نكنة بايخة!!.