الاحتفاء بالصحافة السريانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ/
زاهـر دودا / 1 ت 2 / 2015
عند الاحتفاء والاحتفال في المناسبات الثقافية وخاصة التاريخية منها ، ينبغي أن نتوقف ونأخذ العبر والدروس من الذين سبقونا لنستلهم من الايجابيات أفكارا وأعمالا لتكون منارة في مشوارنا الثقافي والأدبي. ولا بد من وجود الحالات السلبية، لذلك علينا تحليلها ودراسة الأسباب والمسببات كي نتجنب مثيلاتها إذا ما واجهتنا خلال مسيرتنا ومشوارنا الصعب .
يحق لنا الاحتفاء بذكرى الـ 166 على صدور أول صحيفة باللغة السريانية باسم ــ ܙܲܗܪܝܼܖܹ̈ܐ ܕܒܲܗܪܵܐ / زَهريرى د بَهرا ( أشعة النور ) التي صدرت في تشرين الثاني من عام 1849 . فكانت فعلا نورا لتاريخ وثقافة شعبنا وقد وصلنا شعاعها وبعث الحياة إلى اللغة السريانية عندما استخدمتها لتنقل أحداث شعبنا ونشاطاته الثقافية والاجتماعية رغم اقتصارها في منطقة جغرافية محدودة بمدينة أورمي الواقعة في شمال غرب إيران الحالية ، وأول رئيس تحريرها كان الدكتور بنيامين لابار ، وصدر منها 800 عدد عبر الـ 69 عام من تاريخها الذي شهد أحداث إقليمية وعالمية ومن تغيرات سياسية، حيث توقفت في عام 1918.
و زَهريرى د بَهرا ( ܙܲܗܪܝܼܖܹ̈ܐ ܕܒܲܗܪܵܐ ) سبقت صحيفة الزوراء العراقية الأولى بعشرين عام ، والصادرة في تاريخ 15/حزيران/1869 باللغتين التركمانية والعربية ، وقد اعتُبر هذا التاريخ يوما للصحافة العراقية من قبل نقابة الصحفيين في العراق.
أما أول مجلة صدرت في العراق ويزيدنا فخرا لأنها صدرت على يد أبناء شعبنا وحملت اسم ــ ܟܠܝܼܠܵܐ ܕܘܲܖ̈ܕܹܐ / كليلا د وردي ( إكليل الورد ) ــ للآباء الدومنيكان في سنة 1902 وبعشرين صفحة وبنصف شهرية في بداياتها، حيث كانت تطبع بالمطبعة الحجرية وبثلاث لغات العربية، السريانية، والفرنسية .
إن احتفاءنا بهذه الذكرى التاريخية العزيزة التي سطرها أجدادنا رواد القلم الصحفي والثقافي بمرور 166 عام وجعله يوما للصحافة السريانية، إلا تخليدا لهم وإكراما لدورهم الشجاع عندما وضعوا اللبنة الأولى في مسيرة صحافتنا السريانية، وهم امتدادا لمبتكري أبجديات الكتابة الأولى لأجدادنا العظام، وما سُطِر في الألواح الطينية بالعشرات الآلاف من المواضيع في الأمور الحياتية والإدارية والقانونية وغيرها، لهو خير دليل كي تُنَسب إليهم أول صحيفة عالمية بمفهومنا الحالي، وبذلك يمكن اعتبار أجدادنا في وادي الرافدين بالأوائل في ممارسة الصحافة والإعلام أيضا، لما كان لها من أهمية في توصيل ونقل الأخبار والأوامر للقوانين المركزية إلى المقاطعات البعيدة في الإمبراطورية الآشورية الكبيرة المترامية الأطراف .
ولولا أهمية الصحافة في حياة الدول والشعوب لما سُميّت ورُتبت بالسلطة الرابعة بعد السلطات الثلاث ( التشريعية التنفيذية والقانونية ).
واليوم ، تعاني الصحافة تحديات جسيمة، وعلى عاتق الصحفي تقع مسؤولية كبيرة، لذلك أطلق على هذه المهنة بمهنة المتاعب ، لأنه في كثير من الأحيان يدفع حياتهِ ثمنا كي ينقل الصورة الحقيقية للحدث وخاصة أثناء الصراعات السياسية أو في الحروبِ الدولية أو في أثناء الانتفاضات والثورات الشعبية .
وما يشهده العراق بعد التغيير لهذا العدد الكبير من شهداء الصحافة والإعلام لِما لهما من التأثير القوي الفاعل عندما ينقلان الحقيقة فتنكشف المؤامرة المحاكة ضد هذا الشعب الطيب المسالم. وان قتل الصحفي بمثابة قتل الشاهد لكي لا يدلي بقلمه الواقع للرأي العام.
والعالم اليوم نتيجة التطوّر الحاصل في العلوم والتكنولوجيا وغيرهما، بدأت الصحافة تتفرع لتواكب تعقيدات العصر، ويتجه كل صحفي ليأخذ اختصاص معين دون غيره ليتمكن من مهنته في نقل المعلومة بدقة، فبالإضافة إلى الصحافة الالكترونية نشاهد صحافة تهتم وتختص بالفن والأدب أو بالعلوم والمعرفة وأخرى بالسياسة والاقتصاد وغيرها ...
واليوم لسهولة العمل والإمكانيات يمكن ان نعتبر كل مهتم في امرا ما بالصحفي عندما ينقل الحدث بالصورة والصوت والكلمة عبر وسائل الاعلام الإلكترونية التي أصبحت متاحة للجميع ومنها الفيسبوك / Facebook مثالا وليس حصرا .
وسؤال يمكن أن يخطر في بال أحدنا :
ـــ كيف ستكون حياة الشعوب والدول من دون وجود صحافة حقيقية باختصاصاتها وفروعها المتنوعة !!؟؟
في الختام :
كل الحب والتقدير للقلم الذي مدادِهِ ينبع من الضميرِ الانساني الحي الحر ، والرحمةُ على أرواحِ روادِ صحافتنا السريانيةِ الأوائل.