المحرر موضوع: الدولة العراقية الهشة تتقاذفها سياسات ونفوذ ومصالح الجيران؟  (زيارة 603 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كاظم حبيب

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1265
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كاظم حبيب
الدولة العراقية الهشة تتقاذفها سياسات ونفوذ ومصالح الجيران؟
لم ينقذ العراق من الصراعات في منطقة الشرق الأوسط خلال الحكم الملكي (1921-1958) سوى الميثاق الذي وقعته أربع دول هي تركيا، إيران، أفغانيتان والعراق وبرعاية بريطانية في العام 1937 في اسعد آباد، المدينة الإيرانية الصغيرة الواقعة في محافظة بوشهر، وأطلق اسم المدينة على هذه الاتفاقية "ميثاق سعد آبا"د، خاصة وأن إيران وتركيا كانتا تطالبان باستمرار بأراضٍ عراقية، كما في حالة تركيا ولاية الموصل، أو بمياه عراقية، كما في حالة إيران مع شط العرب. وقد أودعت الاتفاقية التي تم التوقيع عليها في 4 تموز/ يوليو 1937 في سجل عصبة الأمم في 19 تموز/ يوليو 1937. تضمنت الاتفاقية بنوداً تؤكد ما يلي:
-   "يتعهد الفرقاء المتعاقدون بإتباع سياسة الامتناع المطلق عن أي تدخل في شئونهم الداخلية .. كما يتعهدون تعهدا صريحاً بمراعاة حرية حدودهم المشتركة..  وأن يتشاوروا فيما يخص كلا منهم في الاختلافات التي لها صبغة دولية ولها علاقة بمصالحهم المشتركة.
-   حل وحسم كل المنازعات أو الاختلافات من أي نوع أو مصدر والتي قد تنشب فيما بينهم، يجب أن لا يكون إلاَّ بالطرق السلمية.
-   يتعهد المتعاقدون بأن لا يعمد أحد منهم في أية حالة من الحالات منفرداً وبالاشتراك مع دولة أو دول أخرى إلى تعدٍّ يوجه إلى أحد منهم." 
ومع إن أحداً لم يلغ هذا الميثاق، رغم التحولات التي جرت في كل تلك الدول، فأن المشكلة الكبيرة للعراق برزت في حالتين:
1.   توقيع النظام البعثي الاتفاقية الخيانية مع حكومة شاه إيران في العام 1975 حيث سلم البعث بموجبها نصف شط العرب إلى إيران، وكذلك بعض المناطق الحدودية، في مقابل تخلي إيران عن إسناد نضال حركة التحرر الوطني الكردستانية والتي أدت إلى انهيار الحركة التحررية الكردية المسلحة حينذاك ولو مؤقتاً.
2.   توقيع نظام البعث اتفاقية مع تركيا تبيح للأخيرة التوغل بمسافة 20 كيلومتراً داخل الأراضي العراقية لملاحقة فصائل الحركة البارتزانية الكردستانية والعراقية. وفي حينها اخترقت القوات والجندرمة التركية مرات كثيرة الحدود العراقية وقامت بقتل الكثير من أهالي القرى الكردستانية وتخريب قراهم وزراعتهم. كما مارست القوات الجوية التركية ضربات صاروخية ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني ولكنها كانت تقتل سكان القرى الجبلية وتخرب مساكنهم وزراعتهم. كان هذا حتى نهاية العام 2003. ولكن العدوان ما زامل مستمراً!   
 يتعرض العراق بوضوح كبير إلى تدخل مباشر من دولتين هما إيران وتركيا، إضافة إلى تدخل السعودية وقطر بشكل خاص في شؤون العراق الداخلية ودعم قوى الإرهاب الدموي بالبلاد.
فقبل فترة قصيرة صرح أحد المسؤولين الإيرانيين بأن "العراق أصبح جزءاً من الدولة الإسلامية الإيرانية وعاصمتها بغداد". وكان في ذلك يعبر عن رؤية القيادة الإيرانية الثيوقراطية للعراق. ولم يطل الوقت حتى قام 500 ألف إيراني باجتياح الحدود العراقية من نقطة زرباطية (محافظة واسط) والاعتداء على موظفي الحدود بذريعة المشاركة في عزاءات الحسين بكربلاء دون أن يكون هناك أي اتفاق مع الحكومة العراقية، وكأن العراق أصبح في نظر المرشد الإيراني والحكم الإيراني أحد ولايات الإمبراطورية الإيرانية الجديدة!!
أما تركيا فانتهاكها للحدود والأجواء العراقية في صراعها المتجدد مع حزب العمال الكردستاني ومسلحيه مستمراً. وقبل يومين اجتاح المئات من قوات الجيش التركي بعجلاتهم ومدرعاتهم ودباباتهم بذريعة تدريب قوات البيشمركة أو مجاميع من شباب الموصل على حمل السلاح والقتال.
لم يسبق هذا الاجتياح التركي للعراق أي تشاور أو اتفاق مع الحكومة العراقية أو حتى إعلامها، بل جاء هذا الانتهاك الفظ دون علمها، ولهذا أصدر رئيس الجمهورية وكذلك مجلس الوزراء بيانات أكدوا فيها رفضهم للاجتياح التركي ومطالبتهم بالانسحاب الفوري من الأراضي العراقية، وإلا ستطرح القضية على مجلس الأمن.
إن الجارتين تركيا وإيران تمارسان سياسات انتهاك سيادة العراق، وهو العضو الدائم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكأنهما ما زالا السلطنة العثمانية والدولة الفارسية وتتنازعان السيطرة على العراق واستغلال شعوبه وموارده ووضعه في خدمة أغراضهما في المنطقة.
إن هاتين الدولتين الجارتين تستغلان بوحشية هشاشة الدولة واحتلال عصابات داعش الإرهابية الممولة من تركيا والسعودية وقطر وبعض أمارات وأغنياء الخليج والعالم الإسلامي، والصراع الذي ما يزال يعرقل التفاهم بين رئاسة وحكومة إقليم كردستان العراق والحكومة الاتحادية، فتمارسان هذا الأسلوب العدواني ضد سيادة العراق.
إن على السلطات الثلاث والشعب العراقي وقواه الوطنية والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني، الاحتجاج بشدة على هذا التدخلات الفظة والضغط على  الحكومة لرفع القضية دون تأخير إلى مجلس الأمن الدولي.
إن تركيا الراعية للإرهاب والمتعاونة مع داعش وجبهة النصرة وجيش الفتح وأحرار الشام يجب أن تلجم وأن يفرض عليها الانسحاب من الأراضي العراقية وإدانة من وافق، إن كان هناك من وافق، على دخول قوات السلطنة العثمانية الجديدة إلى العراق!