المحرر موضوع: ذات الرأي والمغزى بتعابير متفاوتة " رجع بخَفيّ حُنين "  (زيارة 1105 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ذات الرأي والمغزى بتعابير متفاوتة
" رجع بخَفيّ حُنين "
ميخائيل ممو
أكل يوسف التفاحة / يوسف أكل التفاحة / التفاحة أكل يوسف / أكل التفاحة يوسف
يوسف التفاحة أكل / التفاحة يوسف أكل
ست جمل متناثرة في التركيب النحوي لتنظيم الكلمات, ومتفاوتة في قواعد وأصول التعبير اللغوي. لكل جملة تركيبها الخاص في المعنى المرمي إليه, والمقصود منه بهدف نيل والتهام التفاحة الحائرة لعملية مضغها والتهامها, بغية تحقيق ما يصبو اليه المتحدث عن ذلك, علماً بأن الغاية المرجوة هي ذاتها وفق مفهوم كل واحد من الناطقين بها, وعلى نحو ما يتأمله ويحلم به ليصيب البعض منهم منطق التلعثم والتلكؤ لمعنى الدلالة. لذا فإن التساؤل هنا يفرض نفسه, هل أن الناطق أو المتحدث يستوعب فحوى ما يتمنطق به؟! قد يكون ذلك إن إستثنينا مدى المعرفة اللغوية في عملية التعبير لكل فرد, وإن إعتمدنا علم القواعد من حيث التحكم لبناء ملائمة المفردات وترتيبها الجُمَلي من جملة توليدية إلى جملة تحليلية واستنتاجية لإختلفت كل واحدة عن الأخرى في الدلالة, طالما لكل لفظة مستقلة وكامنة في ذاتها ولا تحتاج إلى غيرها من الوحدات. فلفظة أكل تتمتع بحرية في موقعها وتنقلها في عملية التركيب كجزء صغير من حيث التركيب, وكذلك الأمر فيما ترميه تكوين ألفاظ المفردات الأخرى.
في حال إقدامنا على تحليل مضمون كل جملة, لسهل الأمر علينا بتأكيد حال الجملة الأولى وفق منطق علم النحو والقواعد المنصوص عليها في اللغة العربية من حيث الإبتداء بالفعل فالفاعل والمفعول به بتأكيد حكم الحركات الإعرابية للفعل الماضي بالفتح والفاعل بالرفع والمفعول به بالنصب إن كان الفعل بصيغة المتعدي واللازم أيضاً. أما الجمل الأخرى التي لا تنسجم وتتوافق لتلك القاعدة بالإمكان تصنيفها وفق حالات التخمين المقصود من التساؤل المفروض في الإجابة كالتأكيد مثلاً في قولك: من أكل التفاحة؟ ليكون الجواب يوسف أكل التفاحة. وحال الجمل الأخرى قد تفرضها كمّن أصيب بالسكتة الدماغية في التلكؤ والتلعثم أو كالمبتدئ على تعلم لغة حديثة, بتقديم وتأخير لفظ مفردة على أخرى مع صعوبة النطق الواضح في إيصال فكرة الفهم والإفهام بالنسبة للمُرسل والمتلقي لما يكتنف وسيلة الإرسال. متى ما تفحصنا حقيقة التعابير الآنفة الذكر في إيصال الفكرة لتفاوتت الآراء من صحة صياغاتها المتعثرة, وهذه حقيقة لا يُمكن نكرانها مهما اسهبنا في التأويل والتحليل والتعويل.
إن مناحي التعابير عادة ما تتفاوت في إبداء الرأي لإيصال المغزى, وهذه حالة تميزها الصفات التي يتحلى ويتسلح بها الفرد بحكم ثقافته ومعرفته وإسلوبه في التعبير لتجسيد فكرته, ومدى استيعابه لها على ضوء مهارة المحادثة والمقدرة على التعبير, كما هو الحال في مسألة حسابية للوصول إلى النتيجة المحتمة بأساليب وطرق رياضية حسابية وهندسية متفاوتة ومغايرة, سواء في حالة الجمع أو الطرح أو الضرب والقسمة لتكون النتيجة أو المحصلة بذات الرقم أو العدد للمطلوب اثباته. ومن ناحية أخرى مشابهة مثلما يهدف السياسيون في تحقيق مآربهم للوصول إلى سدة الحكم بأساليب متعددة منها التآمر, الإنقلاب, الثورة, الخيانة, الإتفاق الضمني وغيرها من المنافذ بالتخطيط القريب أو البعيد المدى أو المباشر. ومن هذه البديهيات نستخلص بأن النتيجة هي واحدة لتحقيق الهدف.
إن الأمثلة التي استشهدنا بها في المجال اللغوي والحسابي والسياسي استخلصناها من واقع مجموعة من ممثلي أبناء شعبنا لأحزابها السياسية ومنظماتها الفكرية في لقاءاتهم بين فترة وأخرى, وذلك من جراء الظروف والأحداث القاسية التي فرضتها عليهم بغية التقارب والتفاوض لتوحيد الرأي والفكرة التي تنشد الخلاص من هضم وهدم وجودنا القومي كشعب آشوري بكافة انتماءاته التسموية المذهبية التي تسعى للإرتقاء بهيبته التاريخية لنيل حقوقه المشروعة وفق مبادئ حق تقرير المصير والمفهوم الديمقراطي. كما وإن ذلك تؤكده العديد من مكونات الشعب العراقي وأحزابه في وقت الأزمات التي تشمل الجميع, ومن خلال مسعى كل ممثل حزبي بما يجده مناسباً في مداخلاته التي تشكل سجالاً عقيماً أي لا غالب ولا مغلوب مردها التقوقع المذهبي والعرقي والطائفي والعشائري والإتجاه السياسي أو الفكري بمقولات وتحليلات وتأويلات متضمنة ذات المعنى بأساليب مختلفة على نحو تعبير تركيب الجمل المنوه عنها سابقاً, ليتم عدم الإتفاق على النص القويم والصحيح بمهاترات ومؤاخذات يناقض بعضها الآخر باللوم والمعاتبة, لينطبق بالتالي على كل واحد منهم بعد التفاوض المثل القائل: " رجع بخَفيّ حُنين " والذي مفاده الإخفاق بمعرفتهم على الخسارة التي منيوا بها لسوء التصرف في التحام صيغة التعبير كإنفراط خرز المسبحة, وبما تؤكده أيضاَ المقولة الشائعة " أتفقوا على أن لا يتفقوا " ليفندوا عن عمدٍ ودراية هدف رؤيتهم وعلى تفتيت حروف كلمة الوحدة بمحدودية الفهم اللغوي الخاطئ للتعبير في الميدان السياسي. علماً بأن المغزى المنشود من الرأي المطروح هو ذاته, مشوباً بإسلوب مبطن تفرضه التوصيات الخارجية والجانبية من خلف الستارة المتهرئة والمعلقة بدبابيس صدئة. لذا فإنه متى ما سبرنا وتوغلنا في دساتير ونواميس أحزابهم عملياً أو بالتخمين والظن لوجدناها تنادي بمبدأ الحرية والديمقراطية التي لا مفر منها, ولكن يتم تجسيدها بعكس ما هي عليه في مفاهيمها الإنسانية الحقيقية. إذن دعنا نقولها وبحرية تامة " إن الحرية تمنحك الحق في أن تخطئ, لا أن ترتكب الخطأ عمداً ".
mammoo20@hotmail.com