المحرر موضوع: الأهداف التوسعية لتركيا وإيران بالعراق؟  (زيارة 769 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كاظم حبيب

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1265
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


كاظم حبيب
الأهداف التوسعية لتركيا وإيران بالعراق؟
يخطئ من يعتقد بأن تركيا قد انتهكت حدود العراق الآن وليس قبل أكثر من ثلاثة عقود، ويخطي من يعتقد أنها لم تحصل على موافقات عراقية وإقليمية بذلك، بل وبتأييد أمريكي، بسبب عضويتها في حلف الناتو، ويخطئ من يعتقد أنها جاءت للتصدي لداعش وأخواتها بالعراق أو حتى بسوريا، ويخطئ من يعتقد بأن تركيا خالية من أطماع العودة واحتلال مناطق بعينها من العراق، وبشكل خاص ليس لواء الموصل السابق حسب، بل وكل ولاية الموصل بمكوناتها السابقة (الموصل وكركوك وأربيل والسليمانية). ولذلك ليس من السهل إخراج تركيا من الأرض العراقي، وهو أصعب بكثير من طرد عصابات داعش من العراق. وسبب ذلك يكمن في هشاشة الدولة العراقية وفي ضعف الحكومة وتعدد مراكز الصراع والقرار وبعد الحكومة الواسع جداً عن الشعب ومصالحه وسقوطها في مطب الطائفية السياسة ومحاصصاتها المقيتة المعادية لروح المواطنة والوطن. ولكن سيكون في مقدور العراق التخلص من القوات التركية إن تخلص العراق من القوى والسياسات التي جعلته بهذه الهشاشة والضعف على جميع الأصعدة، وإذا استخدم اللغة الدبلوماسية الواعية والمعبئة للمجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن الدولي، وليس العنجهية الفارغة والتهديد بالقوة التي لا تؤتي بثمار ناضجة. وإذا ما اتخذت موقف سليم من إيران التي ما انفكت تتدخل وبشراسة ودون حياء بالشأن العراقي الداخلي وتحرك العديد من مراكز القوى التابعة لها، ومنها، رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية الحالي، والمليشيات الطائفية الشيعية المسلحة. هذا ما أراه حتى الآن.
وبالمقابل يخطئ من يعتقد بأن إيران لا أطماع لها لا بكربلاء والنجف والكاظمية وسامراء فحسب، بل هي طامعة بالعراق كله ليكون ضمن إمبراطورية فارسية "إسلامية!!" جديدة بقيادة خامنئي أو من يحل محل المرشد بعد وفاته، تماماً كما تسعى تركيا إلى استعادة "أمجاد!!" إمبراطوريتها العثمانية الاستعمارية من جديد بقيادة الإخواني اردوغان. ولم يخف الكثير جداً من زعماء إيران هذه الرغبة الجامحة، كما لم يخفها زعماء تركيا.
العراق يعيش اليوم بين فكي الرحى التركي-السعودي من جهة والإيراني من جه أخرى وهما يبذلان جهداً، وهنا الخطر الأكبر، في أن تصبح أوضاع العراق الداخلية على شاكلة الصراعات النزاعات الدموية الجارية منذ ثلاث سنوات بسوريا، بل وسيكون الأمر بالعراق أشد وأقسى وأكثر تدميراً وقتلاً.
إن التحرك التركي والإيراني صوب العراق يعتمد على قوى داخلية مؤيدة لهم ومساندة لتحركالدولتين. فأقطاب عراقية سنية مثل أسامة وأثيل النجيفي وطارق الهاشمي يدفعون بتركيا إلى التدخل بالعراقبذريعة إنقاذهم من حكم الشيعة، وأقطاب شيعية مثل المالكي والجعفري والأديب يدفعون باتجاه تدخل إيران بالعراق لحماية حكمهم بالعراق، وهم وأمثالهم في الطرفين يعتبرون سبب المشاكل بالعراق ومعاناة الناس. كما يجب الإشارة إلى إن الصراع السياسي بين الحزب الديمقراطي الكردستاني من جهة، والاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير من جهة أخرى، يدفع بالاتجاه الخطير ذاته. فالحزب لديمقراطي الكردستاني يحاول أن يستند إلى تركيا ناسياً رغبتها في الهيمنة على "مكونات ولاية الموصل السابقة، في حين يسعى الاتحاد الوطني وحركة التغيير أن يستندا إلى إيران، وهما ينسيان دور إيران التخريبي بالعراق، فلا فرق بالنسبة للمصالح الفارسية الإيرانية بين الشاه وخامنئي. وكل هذه الأطراف على مستوى الإقليم والعراق تتحمل مسؤولة فعليةً عما يجري اليوم بالعراق، شاءت ذلك أم أبت. وهي التي يمكن أن تعرض العراق ومصالح شعب العراق بقومياته العديدة كلها لمخاطر جمة، ولكنها سوف لن تنجو من العواقب التي يمكن أن تحل بالعراق من جراء ذلك، بل ستعاني الأمرين.
إن تركيا الإخوانية والسعودية ذات النهج الوهابي الداعشي في الفكر والسياسة الفعلية وقطر، ذات الفكر الإخواني الإرهابي، تشكل تحالفا سياسياً تحت واجهة مذهبية سنية مشوهة، كانت وما تزال مسؤولة عن تسريب عصابات داعش إلى العراق وسوريا. ولهذا التحالف غطاء أمريكي-أوروبي ما يزال فاعلاً حتى الآن. وفي المقابل تسعى إيران إلى تشكيل تحالف سياسي تحت واجهة مذهبية شيعية مشوهة يضم العراق وسوريا وحزب الله بلبنان وبغطاء روسي، وهي المسؤولة عن تشكيل عشرات المليشيات الطائفية الشيعية المسلحة. إن هذين التحالفين لا يعملان لصالح العراق، بل لتحقيق أهدافهما غير النبيلة والمناهضة لمصالح العراق وسيؤججان الصراع والنزاع الشيعي السني ببلادنا، في حين إن الصراع بالأساس يدور حول المصالح الاقتصادية بالعراق والمنطقة وتأمين الهيمنة السياسية على العراق ومنطقة الشرق الأوسط، في حين أن العراق لا ناقة له في هذه التحالفات ولا جمل!!!
إن هناك قوى سياسية داخلية تسعى إلى جرّ العراق وتوريطه بهذين التحالفين المتعارضين ليتحمل عواقب تحويل الصراع الإيراني التركي والإيراني السعودي إلى الساحة العراقية وهو ما ينبغي التصدي له ورفضه. فقد سببت هذه الدول للعراق ما يكفي من الفوضى والإرهاب والفساد والموت لبناء وبنات الشعب وإفقارهم عبر نهب خيرات البلاد وتدمير اقتصاده.
أن القوى الديمقراطية العراقية تتحمل مسؤولية فضح القوى التي تريد جعل العراق ساحة لمثل هذه النزاعات الدموية والكشف عنهم وتعريتهم أمام الشعب العراقي، إذ لم يعد العراق يتحمل المزيد من الجروح التي اُثخن بها طيلة العقود والسنوات المنصرمة.