المحرر موضوع: رأي في مقال الأستاذ أحمد الصراف "المسلمون وترامب وزوكربيرغ  (زيارة 435 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كاظم حبيب

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1265
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كاظم حبيب
رأي في مقال الأستاذ أحمد الصراف "المسلمون وترامب وزوكربيرغ
نشر الكاتب الكويتي المميز الأستاذ أحمد الصراف مقالاً بعنوان "المسلمون وترامب وزوكربيرغ" في جريدة القبس الكويتية بتاريخ 14/12/2015 انتقد فيه بشكل سليم تصريحات أحد مرشحي الحزب الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب المناهضة لحقوق الإنسان التي أكد فيها منعه للمسلمين جميعاً من دخول الولايات المتحدة إذا ما انتصر في الانتخابات على منافسيه في العام 2016. جاءت هذه التصريحات مناقضة للدستور الأمريكي وحقوق المواطنة الأمريكية، إذ أكد بأنه سيمنع حتى مواطني الولايات المتحدة المسلمين من العودة إلى الولايات المتحدة إن كانوا موجودين بالخارج. ولا شك في أن هذه التصريحات تصب في محاولة تافهة لكسب اليمين واليمين المتطرف واللوبي اليهودي بالولايات المتحدة لصالح التصويت له، إضافة إلى سعيه لكسب تأييد إسرائيل لجانبه. إن تصريحات ترامب تجسد من حيث الفكر والممارسة الرؤية السياسية والاجتماعية العنصرية. وهنا يقارن الصراف بين تصريحات هذا الملياردير العنصري التافه، والكلمة الإنسانية التي وجهها  الملياردير الأمريكي مارك زوكربيرغ باتجاه مسلمي العالم.
وفي جانب آخر من مقال الكاتب الصراف يجلب انتباه القارئات إلى المخاطر الجسيمة التي آذت العالم والناجمة " من تصرفات بعض أبنائهم (المسلمين، ك. حبيب)، إن نتيجة سوء التدريس والتربية، وليس فقط غض نظرهم عن أنشطة الأحزاب الدينية المتطرفة لديهم، بل وفي أحيان كثيرة رعاية تلك الأحزاب، وحتى تسليمها مفاصل حكومية مهمة، مع علم تلك الدول الإسلامية بما تضمره تلك الأحزاب من رغبة في فرض أجندتها الدينية، حتى لو أدى ذلك لحرق العالم من حولها، فالنصوص الدينية، حسب تفسيرها، تسمح لها بذلك".
مع صواب كل ما ذكر في أعلاه، فأن المقال يبعد عن نهج وسياسات الدول والحكومات في العديد من الدول العربية مسؤوليتها بالأساس عن كل ما حصل ويحصل من إرهاب أسود. إن هذا الموقف غير دقيق في ضوء الكم الهائل من المعلومات الموثقة التي تشير إلى تورط العديد من الدول العربية، وليس أفراداً أو بعض أبناء المسلمين، في ما جرى ويجري في العالم منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود. فليس هناك أفراداً وتنظيمات تمارس الإرهاب الإسلامي السياسي المتطرف فحسب، بل إن هناك دولاً عديدة تمارس وترعى الإرهاب وتموله وتمده بما يساعد على استمرار العمليات الإرهابية في أنحاء كثيرة من العالم. وأحمد الصراف، وهو ابن الخليج، يعرف جيداً أن دولاً خليجية مثل السعودية وقطر، إضافة إلى شخصيات وقوى وجماعات إسلامية متطرفة في دول الخليج كافة، تساهم في رعاية الإرهاب ودعمه وتمويله. والكاتب الصراف يشير إلى هذه الحقيقة إذ يقول:
"انظروا وتساءلوا معي: ماذا استفاد المسلمون من وجود كل هذا الكم الهائل، والمخيف، من آلاف المعاهد والمدارس الدينية التي عملت دون رقابة ولا إشراف لخمسة عقود ماضية؟ لا شيء. وماذا كان الدور الحقيقي لأكثر من مليوني رجل دين يعملون في الدول الإسلامية في تقدمها واستقرار أوضاعها؟
أختلف في هذا النص المكثف مع الأستاذ الصراف في مسألتين:
الأولى: إن الشعوب المؤمنة بالإسلام ليس فقط لم تستفد من هذه المؤسسات التعليمية، بل إنها خسرت الكثير والكثير جداً بسبب المناهج التعليمية الإسلامية السياسية المتطرفة التي تدرس في تلك المدارس والمعاهد والأكاديميات بالدول العربية وبالدول ذات الأكثرية المسلمة وفي دول أخرى من العالم الغربي. فهذه المدارس أنتجت مئات ألوف الخرجين المتطرفين من مختلف المستويات، ومنهم خرج عشرات ألوف الإرهابيين الموزعين في بقاع الدنيا، كما خسر المسلمون الآلاف المؤلفة من أبنائهم وبناتهم الذين قتلوا على أيدي هؤلاء الإرهابيين، وتدهورت سمعة المسلمين في كل مكان وفقدوا الكثير من تراثهم الحضاري الإنساني وعلاقاتهم بالشعوب الأخرى. إن الدولة السعودية تخرج سنوياً الآلاف المؤلفة من هؤلاء المتطرفين وكذلك باكستان مثلاً. ويكفي أن نتابعهم في أفعالهم الإرهابية في آسيا وأفريقيا وأوروبا والغرب عموماً.
الثانية: إن قول الأستاذ الصراف بعدم وجود رقابة كافية على هذه المعاهد ليس دقيقاً، بل أؤكد بأن هناك رقابة مشددة من جانب الدولة السعودية على تلك المدارس والمعاهد والأكاديميات وعلى مناهج التربية الدينية والتعليم فيها وعلى الهيئات التعليمية. فالذين يدرسون فيها ملتزمون حرفياً بالمناهج المقررة والتي تنبثق من المدرسة الفكرية السلفية المتطرفة، المدرسة الوهابية التي تستند في جوهرها إلى مذهب أحمد بن حنبل وابن تيمية بشكل خاص، إضافة إلى فكر محمد عبد الوهاب السلفي المتطرف والمتخلف والعنيف. فجميع المدارس والمعاهد والأكاديميات القائمة بالسعودية وتلك التي تمولها السعودية في جميع أنحاء العالم مناهضة في تعليمها وتربيتها الدينية لكل الأديان والمذاهب وتدعو إلى تكفير أتباع جميع الديانات والمذاهب، في ما عدا الشريعة الوهابية المتطرفة التي تلتزم بها السعودية وكل القوى المتطرفة المنبثقة عنها بما في ذلك القاعدة وداعش وجبهة النُصرة وغيرها. كما إن هناك مدارس ومعاهد أخرى تلتزم في تعليمها مناهج الإخوان المسلمين، كما بدولة قطر، الذي لا يختلف كثيراً عن المنهج الوهابي، وكلها تنبع من فكر ومذهب الإمام أحمد بن حنبل وأبن تيمية ومحمد عبد الوهاب والشيخ يوسف القرضاوي.