المحرر موضوع: دلالات الأشكال والخطوط والألوان في بصمات الحضارات الإنسانية / ج1  (زيارة 800 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف الملا اسماعيل

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 14
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
دلالات الأشكال والخطوط والألوان في بصمات الحضارات الإنسانية
يوسف الملا اسماعيل / ج1
للأشكال والخطوط قيم جمالية وتعبيرية تحبل بالكثير من الدلالات، ولذلك اهتم الدارسون بإيجاد قواسم مشتركة بينها انطلاقا مما خلفته الحضارة الإنسانية من تماثيل ونصب ومعمار وأعمال فنية. لأنه مهما تباعدت الحضارات من الناحية الجغرافيـة فإنـها تتماس في طريقـة تعبيرهـا انطلاقـا من انتقائـها اللاشعوري لأشكال وخطوط معينة.
ويعتبر المستطيل الشكل الأكثر حضورا في حياتنا ويختاره جل الناس مهما اختلفت حضاراتهم ومشاربهم ، فالمستطيل شكل يؤطر الأبواب والنوافذ والطاولات والبيوت والكتب وغير ذلك. ويرجع إقبال الناس على هذا الشكل لعدم تناسب قياس خطوطه، كما أن كمال وحدته يتجلى في تنوعه، وكل عمل غير متنوع يؤدي إلى النفور .
أما المربع فيعبر عن المطلق، ولذلك استخدمه المسلمون كوحدة زخرفية متكررة في الكثير من أعمالهم الفنية ، ووظفه الشيعة في تربيعتهم الشهيرة التي تخفي خلفيتها البيضاء كلمة علي بينما تشكل الأمامية أي الخط الأسود كلمة محمد ويرى شاكر حسن آل سعيد ” أن هذه التربيعة تمثل مدى التكامل بين علم الظاهر والباطن ، وهي تمثل أيضا نوعا من الرؤية البصرية التي تتخلل الرؤية الفلسفية العامة التي هي في الواقع تنطوي على شيء (من خداع البصر) حيث الموازاة ما بين الشيء المكتوب باللون الأسود الغامق والأرضية ذات اللون الأبيض الفاتح البيض.
. ونظر لتناسب خطوط المربع فانه الشكل الأكثر تقييدا لمساحة الأشياء، وهذا ما ُينفر الناس منه و لا يكثرون من توظيفه
و إذا كان المستطيل ارتبط بالجانب الدنيوي والمربع بالجانب الديني، فان المثلث هو الشكل الأكثر ارتباطا بالخطر والمحرمات. فكثيرا ما نسمع عن مثلث الشيطان أو مثلث الرعب ناهيك عن استعماله في علامات المرور الدالة على الخطر، والأمثلة كثيرة لا حصر لها .
والحديث عن الأشكال يحيلنا إلى الحديث عن الخطوط التي تكتنز بدورها قيما جمالية وتعبيرية ، ومن الصعب جدا طرق بابها ، لأن الخطوط يوظفها الفنانون والمهندسون والجغرافيون والعساكر وهلم جرا…. وكل فئة تنظر إلى الخط من زاوية معينة….. ولكن رغم تعدد الرؤى يمكن أن نجد قواسم مشتركة بينها.
فالمنحني مثلا يعبر عن المرونة والحنو وكذلك القوة والحركة . وقالت العرب قديما : ” استقامة المنجل في اعوجاجه” أي قوة المنجل في حركته التي يستمدها من شكله المنحني. وهذا النوع من الخطوط وظفه الخطاطون المسلمون في كتابة الآيات الدالة على الرحمة . كما أنه الخط الطاغي على الكثير من التماثيل التي تجسد بوذا أو إلهة الرحمة راما . كما وظفه فنانو عصر النهضة في اللوحات التي تمثل مريم العذراء المنتحبةPIETA أو الأم .
أما الخطان المستقيمان : العمودي والأفقي أي البعدان الأول والثاني ، فلكل منهما قيمه التعبيرية . فالعمودي تعبير عن النبل والانضباط والنظام . ويتخذ هذا الخط على السطح شكلا طوليا . فالجنود والتلاميذ يتخذون هذا الشكل في صفوفهم . وكذلك النمل، والكثير من أنواع الحشرات والحيوانات والطيور في هجرتها . إلا أن هذا النوع من الخط يبعث نوعا من الملل وعدم الارتياح لدى الإنسان لارتباطه بالانضباط والعمل الشاق ، عكس الخط الأفقي الذي يوحي بالراحة والخشوع . وكثيرا ما يبحث الإنسان عن راحته في تأمل آفاق مشاهد من الطبيعة كخط أفق البحر مثلا ، أو يصطف في المسجد مع المصلين في خطوط عرضية في جو من السكينة والخشوع.
أما اللون فقد أولاه الإنسان اهتماما كبيرا منذ القدم، باعتباره وسيلة للتمييز بين الكثير من الأشياء المتعلقة بالجانب البصري ، كما ارتبط باللغة والأحاسيس , فنقول” ضحكة صفراء” ، و”أحلام وردية “،و”كذبة بيضاء “، و”أيام سوداء” إلى غير ذلك..
ولنا بقية
الاستاذ الدكتور يوسف الملا اسماعيل