المحرر موضوع: نهج المحاصصة وصفة للتجييش الطائفي وتقسيم البلدان  (زيارة 741 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الدكتور علي الخالدي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 486
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 
نهج المحاصصة وصفة للتجييش الطائفي وتقسيم البلدان   
دكتور/ علي الخالدي
أصيبت المجتمعات المتعددة اﻷعراق والديانات بداء مزمن ، وجد في تسمية المحاصصة الطائفية تعبير يسد حاجة من يسعى تطبيق سياسة فرق تسد ، التي وصفها اﻹستعمار البريطاني لحل المشاكل الطائفية والمذهبية في بلاد الهند ، مستحدثا في تطبيقها باكستان الشرقية ( بنعلادش )، وباكستان الغربية ، معتقدا بذلك انه  قد حسم الخلافات القومية والطائفية بين الهندوس والمسلمين ، مبقيا على  كشمير تعاني من ما يحدث فيها من تجييش طائفي ، يؤدي الى نزاعات دموية ، تُجدد ظهور أعراضها بين فترة وأخرى ، شأنها شأن الوباء الفايروسي المزمن ، الذي عصي علاجه عبر التفاوض بين المعنيين

لقد أعتمدت الدول اﻹستعمارية  وصفة التجييش الطائفي في بقاع  أخرى من العالم ﻹثارة النزعات القومية والمذهبية بين مكوناتها اﻹجتماعية ، التي كانت تتمتع بوقاية مستديمة ضد هذا الوباء ، لعدم تواجد الوسط الذي ينتقل بواسطته ، لكن عندما أجادت الدول اﻹستعمارية الضرب على الوتر الطائفي بداء هذا الداء يعرف طريق الوصول الى المجتمعات المتعددة المكونات العرقية لتفليشها وتقسيم بلدانها . ففرنسا نقلته الى لبنان ، ليكون نهج سياسي تتقاسم القوى الدينية السياسية كعكة الحكم فيها . وهذا بدوره شجع طائفة مذهبية ثالثة على دخلول معترك تقاسم السلطة ، بدعم مالي ولوجستي من قبل عامل خارجي ، إستطاعت به أن تفرض نفسها بما إستحدثته من مليشيا، ليكون لها نصيب من  كعكة الحكم ، ولتكون لبنان بلد اﻷرز ، مستعد  لخوض حروبا أهلية دموية ، ضحيتها الشعب اللبناني بكل طوائفة وأديانه .
وجد المستر بريمر الحاكم المطلق الذي نصبته أمريكا على العراق ، بعد إسقاطها الدكتاتورية مشكورة ، في نهج المحاصصة الطائفية ، وصفه مناسبة لتقسيم كعكعة الحكم بين اﻷحزاب اﻹسلامية المتنافرة مذهبيا وقوميا ، حظيت بقبول ومباركة أصدقاء وأعداء بلاده من جيران العراق ، لمعرفتها المسبقة أن هذ النهج سيؤدي الى خلق الفوضى الخلاقة التي كانت تريد تجربتها في العراق
 لقد أطلق الشعب العراقي على هذه الوصفة نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية المقيت ، لمعرفته المسبقة ايضا ، بأنها ستكون وراء كل مآسيه وويلاته كما تشير معطيات وضعه المزري الراهن ، بينما الحكومات التي توالت بعد سقوط الصنم ، خففت من لهحة هذه التسمية ، فأطلقت عليها المشاركة الوطنية ، ومن ثم التوافقات السياسية . وكلها تعطي مصداقية لحدس قوى الشعب الوطنية من أن متبني هذا النهج سيضعوا الوطن على سكة تقوده و الوطن الى المجهول ، وسيشكل هذا النهج خيمة تقي سراق المال العام من المساءلة ، وبالرغم من أنفضاح حجتهم بنصرة الطائفة ، إلصقوا بكراسي مواقع القرار بشكل متواصل لما يزيد عن عقدين من الزمن ، فلا هم نصروا طائفتهم ، ولا هم كنسوا موروثات النظام الدكتاتوري خلالهما ، بل إستغلوا ما مهدت لهم مواقع مسؤولياتهم من سبل في تجيير مردودات إسقاط الصنم  لصالحهم ولصالح أحزابهم وكتلهم ، مستعينين بمن أنسلخ عن هموم شعبه ، وعاش في دول اللجوء ، على الضمان اﻹجتماعي ، وعلى من أعتمد عليهم الدكتاتور في تسيير أمور نظامه ، ليسود نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية على كل المستويات اﻹدارية واﻷمنية . وبنفس الوقت يكونوا قد تصدوا لفكرة كان الشعب وقواه الوطنية تحلم بتحقيقها بعد إسقاط الصنم ، وهي أن توجه العملية السياسية نحو بناء دولة علمانية تضع لبنات مجتمع مدني ديمقراطي فدرالي موحد ، يزيل موروثات الدكتاتورية ، ويحقق العدالة اﻹجتماعية ، لكن هذا لم يرق لدول الجوار وصاحب إمتياز إسقاط النظام . شجعهم على موقفهم هذا . غياب التخطيط و إﻹستراتيجية الواضحة المعالم لبناء عراق الحضارة والتمدن ، من برامج وفكر قادة اﻷحزاب اﻹسلامية والقومية ، فدفعوا العملية السياسية بإتجاه آخر يعزز نهج المحاصصة ، ويفتح اﻷبواب أمام مطامع الدول القريبة والبعيدة ، ويواصل ضياع قيمة المواطن العراقي التي كانت تزن بما يعكسه سلوكه اليومي من مباديء وقيم إنسانية إمتزجت بصدق مشاعره الوطنية ، وشكلت أعتزازه في الداخل والخارج ، بتمييع روح اﻹنتماء الوطني ، مما  هيأء مستلزمات إحتلال داعش لثلث أرض الوطن ، وإعلان دولة الخلافة عليها بعد تهديم الحدود مع سوريا

لم تكتفي اﻷحزاب اﻹسلامية من توسيع رقعة الفقر بين صفوف الشعب ، حتى أصبح الفقر والحرمان صفة من صفات المواطنة العراقية ( فلان فقير فلان غني) يحملها في معيشته  اليومية ، ليصبح العراق معروفا ببلد ملايين الفقراء وآلاف اﻷغنياء ، من طبقة برجوازية هجينة إنسلخت من بين صفوف اﻷحزاب اﻹسلامية التي عُرفت بفقرها . واصلت وبدون فترة إستراحة ، حتى لم تأخذ إجازة من الركض وراء تراكم ثرواتهم . بينما المتعبون من نهج المحاصصة الطائفية المقيت ، لم يسكتوا بالمطالبة بإصلاح حقيقي يحقق العدل والمساواة بين الناس .، متحولين الى حالة تمرد مستمر ة ﻷكثر من 18 إسبوعا في طرق تحف به المعوقات ، من أجل تدوير عجلة اﻹصلاح الحقيقي ، التي تتطلب تواجد مقومات وشجاعة مطلقة تنبذ نهج المحاصصة الطائفية المقيت ،وتواجه الفاسدين بقانون من أين لك هذا     كخطوة أولى لتحقيق اﻹصلاح الحقيقي القادر على أيقاف عجلة الدمار والخراب والهوان