دلالات الأشكال والخطوط والألوان في بصمات الحضارات الإنسانية - ج 3
يوسف الملا اسماعيلوازاء تغيب محاكاة تعقيدات الطبيعة، وجد الفنان المستند الى الروح الجمعية، ان بامكانه قلب العالم الخارجي باتجاه العالم الداخلي، وطرح الحلول المبنية على تركيبات لونية، منفصلة عن أي تمثيل صوري، وهي بنائية تقود نحو التبسيط في الاشكال والمساحات اللونية، والاتصاف بالتسطيح والتخلي عن التدرج اللوني والمظاهر القصصية، وصولا الى اللون اللاصوري المستقل، الذي سيصبح بعد ذلك هدفا بحد ذاته لعدد كبير من فناني القرن العشرين تتميز الصورة في الرسوم الجداري المصرية، باستخدام نوع من القواطعية حين تتخلل الخطوط المميزة بشكل واضح مساحات اللون، نوعا من التركيب بين الشعور البدائي والعقلانية وتحويل سطح اللوحة الى مسطح ذي بعدين، حيث لم تخضع الالوان للقوانين البصرية، بل تحولت الى ظاهرة عقلانية، الى ابتكار اصطلاحي. ذلك ان الاسلوب التصويري، يقوم على تجزئة وجوه الشاشة التشكيلية، وعلى الاهتمام بالخط في تحديد الاشكال والمساحات، ذلك ان اللون الخالي من الكثافة وفيزياء الضوء والظل على سطح الجدارية، لا يجسد وحده ملامح المدى التشكيلي للصورة وقيمها، فهو يشترك ويتعامل مع الخط في تحديد المساحات اللونية باعتبار النظام الصوري بأجمعه ترجمة تشكيلية للفكرة، فكرة سلمية ومثالية، عالما مثاليا، في اشكال انيقة صافية والوان هادئة وتأليف ساكن، حيث الكمال والفضيلة، والذي هو بمثابة نداء نحو المجهول والعالم التخيلي.
ولنا لقاء
الاستاذ الدكتور يوسف الملا اسماعيل