المحرر موضوع: مشــــــاكسة التـــوزيع العـــــادل للاشـــــــعاعات  (زيارة 936 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مال الله فرج

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 559
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 
مشــــــاكسة
...............

التـــوزيع العـــــادل للاشـــــــعاعات
........................................
  مال اللــــه فـــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com
......................
بعد ان فشلت الحكومات المتعاقبة في تنفيذ شعارها العتيد المجيد في التوزيع العادل للثروات، بل وحتى للمآسي والفواجع والنكبات، حيث اخذت الثروات الوطنية والمكاسب والاموال العامة والامتيازات والمخصصات  والحصص والعمولات والنسب المئوية من العقود والصفقات طريقها الى جيوب وخزانات وبنوك وحسابات مختلف الفاسدين من السياسيين والمسؤولين والبرلمانيين وتركت الفقراء والمسحوقين والنازحين والمهجرين يرزحون بثقل معاناتهم تحت خط الفقر اللعين، فقد اصبح من حق هؤلاء المعدمين ان يطالبوا حكومتهم الرشيدة التي خيبت آمالهم في التوزيع العادل للثروات بالتوزيع العادل  للنكبات والاشعاعات.
فبعيدا عن الازمات السياسية والخلافات البرلمانية ومحاولة  بعض المسؤولين إلقاء اخطائهم وفشلهم ونهبهم للمال العام ودفعهم للبلاد الى الافلاس على عاتق المعدمين من خلال استقطاعاتهم لنسب من رواتب المتقاعدين المساكين وسلبهم عبر ذلك للقمة عيش القطاعات الفقيرة بدل محاسبة حيتان الفساد الكبيرة، قرعت بشدة جرس الانذار صورة كتاب (ســــري)، لكنه لم يعد سريا بعد ان امسى تداوله علنيا، اسوة بكل القضايا المصيرية في معظم البلدان النائمة والساهمة، التي غالبا ما تكون بمنتهى السرية، بل ربما حتى ما يتعلق منها بالامن الوطني واذا بها سريتها كالصقيع الذي ما يلبث ان يذوب لتصبح علنية التداول بين ايدي الجميع،  باستثناء ثروات بعض المسؤولين وامتيازاتهم واتفاقاتهم وسفراتهم وتكاليف عمليات التجميل والشد والنفخ والتبييض والتكبير والتصغير لهم ولزوجاتهم التي غالبا ما تتحملها الحكومات الرشيدة بموافقتها السديدة، وتعاقداتهم الشخصية التي كثيرا ما تستهدف ثروات الشعوب ومصالح البلاد بل وربما المصير الوطني بشكل او بآخر فانها وحدها تبقى بمنتهى السرية ووفقا لتعبير بعضهم (تـــوب ســـكرت).
اما صورة الكتاب المعني (الســـري) والذي اصبح لا سريا، بل ومتاحا للجميع بعد ان تناقلت صورته اجهزة الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ليتحول وفقا لتوصيفات اخواننا المصريين الى (فضيحــــة بجلاجــــل) فهو صادر عن (الهيئـــة العراقيــــة للســـيطرة علـــى المصـــادر المشـــعة) وموجه الى مكتب وزير الصحة، كاشفا عن عدم التزام مستودع احدى الشركات التي تقوم باستيراد شحنات (اليـــــود المشـــع والتكنيثيـــوم) بالمتطلبات الرقابية للهيئة بشأن تعزيز اجراءات السلامة الاشعاعية اثناء النقل وعدم حمل المكلفين بالنقل لاجهزة قياس الاشعاع وافلام التعرض الشخصي وذلك خلافا لخطة النقل المقدمة من قبل الشركة.
بيد ان الادهى والامر والاخطر الفقرة الثالثة والاخيرة من كتاب الهيئة (الســــري) والذي لم يعد سريا التي جسدت موقفا عبقريا مفرط الذكاء في التعامل مع معضلة التسرب الاشعاعي العالي، مؤكدة بالنص (وجــــود تســـرب اشـــعاعي عــــالٍ مــــن ســــيارة نقــــل المـــواد المشـــعة وعــدم وجـــود علامــــات تحذيـــر مــــن الاشــــعاع).
 فالاعتراض (العبقــــري) هنا اذا هو على عدم وجود علامات تحذيرية وليس على التسرب الاشعاعي نفسه وعدم وجود ضمانات وتحوطات تحول دون تسربه.
 كما ان التساؤل المشروع والملح والمنطقي الذي يفرض نفسه بقوة وفقا لافتراضات ان هذا (التســـرب الاشـــــعاعي) ولكونه (عاليــــا) وفق تأكيدات الهيئة وتحذيراتها ، فهو اذا (خطيـــر)، وربما يؤدي الى الاصابة بسرطانات مختلفة لمن يتعرض له ، او باضرار جسدية اخرى، لاسيما وهو يتجول بمنتهى الحرية بالسيارات الناقلة في شوارع العاصمة ويخترق اجساد العشرات وربما مئات الآلاف من المواطنين الغافلين عن هذا (الوبــــــاء) الصامت الذي يقطع الشوارع موزعا الاشعاعات في كل الاتجاهات، فهل كانت ستوقفه عند حده (علامــــات التحذيــــر) إن تم وضعها على السيارات الناقلة له وتحصن المواطنين ضد اضراره واصاباته؟ وهل هنالك تعليمات محددة في اي دولة في العالم تلزم مواطنيها بقراءة التحذيرات المكتوبة على حافلات نقل المواد المشعة قبل اقترابهم منها وتحذرهم من استخدام الشوارع التي تمر فيها مثل هذه الحافلات؟ ام ان الاجراء الموضوعي والاصولي والعملي  والحيوي والفعال يكمن في ارغام الشركات المعنية بعملية تسويق المواد المشعة على توفير الضمانات والمستلزمات والاجهزة ومضادات التسرب الاشعاعي التي تمنع اية نسبة او اي حزمة اشعاعية من التسرب وفقا لارفع المعايير الدولية وتحصين حافلاتها بها قبل السماح لها بالتجول بحرية في الشوارع والاحياء السكنية في طريقها الى مستودعات الخزن وتوزيع تسريباتها الاشعاعية على خلق الله المساكين الغافلين عن مثل هذه الاخطار وبما يحول بينها وبين توزيع اشعاعاتها ذات اليمين وذات الشمال.
ترى من سمح لمثل هذه الشركات او الجهات المعنية بنقل موادها المشعة بمثل هذا الاستهتار بارواح المواطنين وهل هنالك من تعاقد ومن دفع ومن قبض للسكوت على هذه المخالفات؟ وكم من المواطنين اصيبوا بهذه الاشعاعات الصامتة المتجولة دون علمهم؟ ومن الذي سيعوضهم ان ظهرت عليهم مستقبلا تأثيرات هذا التعرض الاشعاعي باعراض مرضية سواء كانت خطيرة ومستعصية او يمكن علاجها؟؟؟
بيد ان التساؤل الاهم، ان افترضنا ان هذه الاشعاعات العالية المتسربة من حافلات النقل التي تجوب شوارع العاصمة من المطار الى مخازن الشركة المعنية ربما تحدث اصابات سرطانية خطيرة، فهل سيبادر بعض السياسيين او المسؤولين الفاسدين الذين تطالب الاعتصامات والتظاهرات الجماهيرية باقالتهم واحالتهم الى القضاء الى محاولة استغلال سيارات الاشعاعات هذه والتعاقد سريا مع الشركات المعنية من اصحاب ومستوردي هذه المواد المشعة بتسيير سياراتهم الناقلة ذات التسرب الاشعاعي العالي بين المتظاهرين وقرب تجمعاتهم لمعاقبتهم والنيل منهم جراء مواقفهم الوطنية الشريفة في التصدي للفساد والمفسدين والفاسدين؟
اخيرا، اذ فشلت الحكومة في تنفيذ شعارها المجيد العتيد (التوزيع العادل للثروات)، فهل سيعمد البعض، احتكاما للعدالة والمساواة، الى المطالبة بتسيير هذه الحافلات في شوارع بقية المحافظات والمنطقة الخضراء اسوة ببقية الشوارع التي تمر بها هذه الحافلات من اجل التوزيع العادل للاشعاعات؟