المحرر موضوع: المربي الانسان والمناضل الغيور  (زيارة 1699 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جورج منصور

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 92
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في اربعينية الاديب والشاعر يونان هوزايا
المربي الانسان والمناضل الغيور
جورج منصور
في مستهل المقال، اود التأكيد على ان الكتابة عن شخصية مرموقة كالفقيد الراحل الاستاذ يونان هوزايا، ليست بالامر الهين. وان ما جعلني افكر مليا في سرد بعض ما عرفته عنه كشخصية عشت واقعها في مراحل مهمة من حياتنا، حتى لا اكون قد قصرت بكلمة لا يفي معناها غرضي الذي ارتجي منه محاولة بلوغ قمة الهرم. فقد كتب في الادب، ونظم الشعر، وناضل مع المناضلين، ذلكم هو الانسان المربي، والاديب، والشاعر يونان هوزايا الذي غيبه الموت عنا جسدا، وهو ما زال يعيش فينا ثقافة وتاريخ. ومن ابرز ما عرفته عن فقيدنا الراحل ايضا، هو مسيرته التي دونها تاريخ شعبنا كشخصية وطنية وسياسية تستحق اهتمامنا بذكر شذرات طيبة من خصاله وافكاره.
 كان الراحل موسوعة لغوية وإجتماعية وثقافية وسياسية، وانسانا صادقا وشفافا وطيبا ومخلصا وتحلى بصفات وميزات وخصال اخرى، هذه المزايا التي نادرا ما تجتمع في شخص واحد. لهذا لن اجوب غمار تجربته الغنية، بل سأختصر الكتابة عن ابرز المحطات التي جمعتني فيها بالفقيد الراحل، محاولة لإستذكارها كما هي ودون ادنى اضافات او رتوشات غير مستساغة احيانا.
في زيارتي الاولى عام 1993 لبلدتي الوادعة عنكاوا، التي غادرتها في العام 1975 بغرض الدراسة في موسكو، التقيت رابي يونان هوزايا في مقر الحركة الديمقراطية الآشورية. وجدته رجلا طيبا، هادئا  في طبعه وتطبعه، مخلصا غيورا، يهتم بالاصدقاء اكثر من المشاركة بالكلام وهذه حالة نادرة ان يحرص الرجل بالالتزام فيعطي فسحة للآخرين من الذين شاركتهم الحديث والحوار، قيادة وكوادر حول امور تتعلق بالهم العراقي آنذاك، وقضايا قومية واخرى تتعلق بالمهجر والوطن الأم.
وفي مؤتمر نيويورك عام 2000 الذي اقامته المعارضة العراقية بمشاركة 350 شخصية معارضة، كان فيها الوفد "المسيحي" مشاركا باعضائه الاثني عشر، فكان فقيدنا الراحل واحدا من اعضاء ذلك الوفد وهم: يونادم كنا ويونان هوزايا وشمائيل ننو ونمرود بيتو وسركيس آغاجان وريبوار يلدا وفوزي فرنسو الحريري وسركون داديشو والبرت يلدا وعمانوئيل قمبر وجورج منصور (كاتب المقال).
وخلال الاجتماعات واللقاءات بين اعضاء الوفد المسيحي لتقريب المواقف والخروج بخطاب موحد وإعداد كلمة بإسم الوفد تلقى في المؤتمر، وجدت الفقيد إنسانا جامعا للفرقاء، يتوسط بين المختلفين من اعضاء الوفد، حرصا منه على تحقيق افضل النتائج، واكبر قدر من المكتسبات في خطاب يرضي الجميع.
ومن صفحاته الوطنية المشرفة، اتذكر ذلك في صيف عام 2003  عندما كنت مديرا عاما لتفزيون شبكة الاعلام العراقي، استضفته في برنامجي الاسبوعي "شؤون سياسية" الذي تبثه قناة  "العراقية"- التلفزيون العراقي الوحيد في بغداد آنذاك. في حينها تم ترتيب الأستوديو لهذا الغرض وتحديد مكان جلوس ضيف ومقدم البرنامج. لكن المخرج فاجئني ليهمس بأذني طالبا تغيير مكان الضيف قبل الشروع بالبرنامج. لكن الضيف كان ذكيا، حاذقا، فقام بنفسه وبادر بالنهوض ليتم تغيير مكانه الذي خصص له. وقد لاحظنا عليه الاصابة بمرض الباركنسون من خلال يده التي ترتجف باستمرار.
وعلى مدار الخمسة والاربعين دقيقة، وهي المدة المخصصة للبرنامج، كان الضيف بارعا في اجاباته على الاسئلة، هادئا في إصغائه وكلامه. مهذبا، دمث الاخلاق ولا تفارق الابتسامة محياه، وكان يقارب او يخلط ما بين مبادئه الوطنية وفكره القومي بطرح غني بالثقافة السياسية على الصعيدين العراقي والدولي، وبفهم عميق بقواعد اللغة العربية واصولها. كان حديثه شيقا، حتى اني لم انتبه الى اشارات المخرج بإنتهاء وقت البرنامج. 
قام العاملون في الاستوديو وغرفة السيطرة (الكونترول) بعد انتهاء البرنامج بمصافحته. ومن غير المعتاد القيام بمثل هكذا فعل، لكن شخصيته المتميزة دفعتهم له. لم يكن معتادا خلال الحلقات العديدة التي قدمتها من البرنامج واستضفت فيها العديد من الشخصيات من المعارضة سابقا (وهي في الحكم اليوم)، والتي لم يكن الشعب العراقي يعرفها بعد او حتى لم يسمع باسمائها، فقد كانت هذه الشخصيات تواقة للتعريف بنفسها للشعب العراقي من خلال قناة "العراقية"، التلفزيون العراقي الوحيد في بغداد آنذاك.
في مشهد آخر هيج احزاني عندما التقيته في مقهى (بريستا) بعنكاوا في تشرين الثاني من عام 2015، كان الفقيد مختلفا. يمشي على عكازته، وعلى وجهه اختفت ملامح البهجة والنظارة، وقد خضب الشيب لحيته دون ان يمس هذا المشهد المحزن جل تهذيبه واخلاقه وفكره المتقد.
الذي لمسته فيه انه كان متألما ومستاءا من ما آلت اليه اوضاع شعبنا ومن مسيرة النضال القومي منتقدا عدم الانسجام والتفاعل الايجابي بين الفصائل والقوى السياسية وازدياد حالات التشرذم التي تقتل طموحات شعب اصيل ذو تاريخ عريق ليعود منكفئا، هامشيا ومممزقا وعيونه ترنو بعيدا عن الوطن الام، معتبرا ان المواقف الخاطئة تحجب ما يحدث من خراب وجريمة وصراخات شعب يكتوي بنار التهجير والنزوح وفقدان الامل، مستعرضا الاخطاء التي ما زالت ترتكب في هذا المنحى وتزيد من الفرقة بدلا عن التوحد ورص الصفوف وتصحيح المواقف وتوحيد الخطاب وتقريب المسارات. تحدث بحرقة وألم، فكيف لا وهو الرجل الذي وهب حياته مناضلا، مخلصا، متفانيا، وشجاعا في جل نشاطاته السياسية والثقافية والاجتماعية.
وبعد حديث مسهب ومشوق امتد لإكثر من ساعة ونصف الساعة، نهض رابي يونان مغادرا المكان، وعليه تبدو علامات الارهاق والتعب. وعندما اقترحت عليه المساعدة لإيصاله الى منزله، بادرني برد سريع: " سيارتي راكنة في المرآب ....".
بعد هذا اللقاء، كنت اتابع النشاطات الثقافية في عنكاوا التي كان حريصا على حضورها. وكان يفرحني حقا ان اجده مشاركا فيها. ولم اتوقع ان اجده لدى زيارتي الاخيرة له في منزله بعنكاوا في حزيران 2015، وهو طريح الفراش، مربوطا باجهزة طبية. لم يقوى على التحدث طويلا. كان صوته منخفضا تماما واراد ان يستمع لي اكثر من ان يعلق هو على ما اقوله. إلا انه بمجرد ان حاول تناسي وضعه الصحي الصعب والالتفاف عليه واراد استلام زمام الكلام، كنت اجد محاولاته صعبة وتكلفه جهدا هو في غنى عنه. لذا فضلت ان اودعه مبكرا بعد ان قبلت جبهته، وكلي أمل ان القاه في وقت آخر في حالة صحية افضل.
لكن المنية لم تمهله طويلا، فقد ترجل الفارس من صهوة جواده في الثلاثين من كانون الاول (ديسمبر) 2015 وهو محاط بعائلته ومحبيه ورفاقه واصدقائه الكثر.
فيا ايها المربي والشاعر والاديب، لقد ودعك محبوك الى مثواك الاخير في عنكاوا الحبيبة. وها نحن نتذكرك اليوم في اربعينيتك، وسنبقى نتذكرك نجما ساطعا بفكره ووفائه وإخلاصه لوطنه وشعبه.
 نم قرير العين ايها الفقيد الغالي، وستبقى ذكراك الطيبة عالقة في اذهان وأفئدة اهلك واصدقائك ومحبيك.



غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 761
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاستاذ جورج منصور المحترم،
شهادتك هذه قيمة جداً، كيف لا وأنها من وطنيّ مخلص ومعروف ومن إعلامي حيادي ومشهور. الحقيقة ان هذا الريبوتاج الذي جاء بلا رتوش أدمع عيناي لخسارة هكذا إنسان وكما وصفته انت باقل مايمكن وهو " المربي الانسان والمناضل الغيور"، اما وصفه كاملا ً فلابد من سطرين لتعريف القاريء بهكذا إنسان خطفه الموت منا قبل الاوان.
كما نوهتَ ان المرحوم كان يعاني من مرض Parkinson وسبق لي ان لاحظتُ ذلك في احدى زياراته الى شيكاغو ولكن بدا لي في حشرجة صوته، ولكن كل هذا فإن هذا الغيور على قوميته ووطنه لم ينتابه القنوط بل كان مثابراً لإعطاء كل ما يقدر عليه بأسرع ما يمكن فقد كان يعرف مرضه ومصيره.
لقد تأملت الصورة جلياً وهي كما يقال بألف كلمة وانتابني نفس الحزن الذي ترسمه الصورة على وجهه البريء وأكاد اجزم ان حزنه هذا ليس على شخصه او عائلته بقدر ما هو حزن على الظروف آلت اليه أمته ووطنه، كل ذلك وليس في يده من حيلة لأن المنية بأنتظاره وقريباً. حقاً شعرت بحزن عميق لقرآتي مقالك هذا يا استاذنا الكريم ولكن اعرف انه كان لا بد منه وفاءاً لذكرى هذا الانسان الغيور في ذكرى الأربعين من رحيله.
أشكرك من اعماق القلب على هذه الشهادة  بخصوص يونان هوزايا الذي كنتُ أجلُّه في حياته الأرضية  وبعد وفاته صرتُ أقدس ذكراه.  رغم اني لم اعش معه سوى لبضع ساعات ولكن شهادة الذين عايشوه  وتحدثوا عن خبرتهم معه تجعلني احس اني عشت معه طوال عمري.
الرحمة الأبدية لروحه الطوباوية وأمل ان ذكراه سوف تعيش مع كل من عرفه.
                                                                             حنا شمعون / شيكاغو
               

غير متصل اخيقر يوخنا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4988
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رابي جورج منصور
شلاما
ابراز راءع  لاهم مميزات وصفات الراحل يونان هوزايا
حيث يجد القاريء نفسه امام  الراحل كانسان حي بكل مشاعره الاخوية تجاه الاخرين واخلاصه وحبه لقومه وتراثه  وحضارته

حقا خسر شعبنا عملاقا كبيرا
وسيبقى اسمه دوما  في صدارة  جدار المبدعين  في خدمه قضايا شعبنا
نشكركم على تزويدنا بهذة المعلومات القيمة
تقبل تحياتي