خدِّنـا الايمن، لا يعطي تبريراً للاعتداء علينا
الشماس سامي القس شمعون – سيدني لنترك فن القاء الخطب جانباً، وجانباً نترك الاستنكارات الشكلية الغير مجدية، فما عادت تنفعنا، لا زحفاً ولا هرولةً، لاختلاط الحابل بالنابل على ارض نينوى وبابل ومعهما اختلطت اسباب تجنيد الارهاب ضد شعب الخد الاخر، شعب الميل الثاني، المسالم.
الخد الايمن، يجعلنا نقع في الفخ بصورة خاطئة، مراراً وتكراراً، من دون ان نعترض على قواعد اللعبة او من ظهور اللاعبين، لانشغالنا باجترار ذات الخلافات السفسطائية حول قواعد وأدبياتنا الدينية والقومية خارج مدرجات الملاعب الكبرى، وعليه علينا الاقرار باننا لم نحقق من الانجازات لشعبنا غير نجاحنا في القضاء المبرم على اوقات فراغنا من خلال سفسطة خلافاتنا، والاهم، علينا الإقرار وبشجاعة باننا لم نقدم لامتنا في بلاد ما بين النهرين غير الكلام، بينما جلادينا يقدمون لنا الأفعال، وتلك هي الميزة التي يتفوق بها جلادينا، علينا.
الحقيقة الصريحة هي ان الخد الايمن لا يقبل القسمة على اثنين، وهو ان كان الركيزة الأساسية لجلادينا، الا انه يحمل معنى يسمو على الاذلال وتمريغ الانوف في الوحل. الخد الأيمن والأيسر المدار يدخلان في دائرة العنف والعنف المضاد، هما دعوة للإصلاح والتواضع والمحبة، دعوة لامتصاص غضب الآخر وإعطائه الرداء والسير معه ميلاً زائداً آخرا بكل محبة، الا انها من جهة اخرى اساسية لا تحمل تبريراً لحماقة المعتدين علينا، وتدعوهم لقتلنا مجاناً، أو السكوت على الظلم.
ارخميدسياً، الخد الآخر هو دعوة لنقل مركز ثقل غضبنا من عضلاتنا الى قلوبنا، نقل مركز ثقل الكراهية الى مساحات المحبة الواسعة، وانتشال رد الفعل المدمر من معادلة العين بالعين الى محبة الآخر وان كان عدونا، بتقديم الخد الأيسر بكل محبة والحوار معه. مشكلة هذا المبدأ الروحي السامي تكمن في خضوعه لثقافة هادرة، تمجد الضارب وتصفه بطلاً، وتشمت بصاحب الخد المضروب وتعتبره جباناً، ولكن أليست الشماتة بالخد المضروب اقل من الشماتة بالجلاد الذي يضربنا ويخطفنا، يذبحنا ويقتلنا؟
ان مشكلتنا وماساتنا تتكرر، وستتكرر، لانها تكمن في طلبنا الحماية من "الارهاب" وليس من "فكرة الارهاب" التي اقتحمت بيتنا الحضاري حديثاً وتتجول الان طليقة في اروقة واجندة مختلفة لا علاقة لها بجاذبية خدودنا البريئة، فكلما أردنا من السلام إثبات جدارته أمام شعب يحب السلام، كلما أثبت لنا انه كائن حي يعاني من أمراض مزمنة وخطيرة، يصحو تارة ويغفو تارات عدة، مما يجعلنا نعيش عقدة نظرية المؤامرة وفرضياتها التي تبرر القاتل، وتدين وتلقي باللائمة على القتيل، وبالتالي الارتباط "بعلاقة التعدي الرياضية" مع جلادينا في خط متكافئ واحد.