المحرر موضوع: بريطانيا تطلق طلقة الرحمة على الاتحاد الاوروبي!!  (زيارة 1233 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بريطانيا تطلق طلقة الرحمة على الاتحاد الاوروبي!!
أوشـــانا نيســـان
" قضية المهاجرين لعبت دورا حاسما في قرار الخروج من الاتحاد الاوروبي"، يقول رئيس الوزراء المجري ردا على نتائج الانتخابات التي جرت في بريطانيا بتاريخ 23 حزيران 2016، بهدف البقاء في الاتحاد الاوروبي أو الخروج منه نهائيا. الامر الذي يثبت من جديد، أن البنية الاساسية للديمقراطية في جميع دول الغرب بما فيها محاولاتها الوحدوية قامت منذ البداية على اساس الثروات الاقتصادية الاوروبية قبل أن تتحول الفكرة الى الاتحادالاوروبي.  ففي 18 نيسان عام 1951 اتفقت ست دول اوروبية وهي فرنسا والمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا وايطاليا على تشكيل المجموعة الاوروبية للفحم والصلب والتي ستشكل نواة قيام المجموعة الاقتصادية الاوروبية الاولى، قبل أن تتحول المجموعة بعد 65 عام الى الاتحاد الاوروبي الذي يضم اليوم 27 دولة..
حقا أن نتائج الانتخابات البريطانية ليوم الخميس المنصرم مثلما جاءت بمثابة صدمة خيّمت على حي الاعمال والمصارف اللندنية بعد الطلاق الاوروبي، كذلك "كان اليوم يوما تاريخيا من الصعب أن نصدق ما حدث"، تقول المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل في وصفها لتداعيات الخروج ثم أضافت" نحن الاوروبيون نعاني من تبعات نزاعات وحروب بالقرب من حدودنا تسببت بهجرة الالاف نحو الاتحاد الاوروبي". واضاف نائبها " أن يوم خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي هو يوم مشؤوم بحق".
علما ان المراقب لظاهرة ارتفاع معدلات البطالة وتدهور الاوضاع الاقتصادية في الغرب خلال العقد الاخير، يعرف عن التداعيات السلبية للوضع ودوره في تصاعد نفوذ التيارات اليمينية المتطرفة المعروفة بعدائها للاجانب وتحديدا ضد المسلمين. الامر الذي قد يشجع الاحزاب المتطرفة في بقية دول الاتحاد الاوروبي أو التيارات التي يمكن تسميتها بمجموعات الضغط، بضرورة الخروج من الاتحاد  وتفكيكه باعتباره حسب قولهم وحسب مفردات أجندتهم القومية العنصرية، سببا لتسهيل مهمة ورود الالاف من المهاجرين القادمين من البلدان النامية وتحديدا من الشرق الاسلامي .
اذ على سبيل المثال لا الحصر، رحبت جميع الاحزاب اليمينية المتطرفة في اوروبا بنتيجة الانتخابات البريطانية واعتبرتها مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية العنصرية في فرنسا، أن النتيجة كانت " انتصار للحرية كما كنت أطالب لسنوات عدة، والآن نحتاج لاستفتاء مماثل في فرنسا، وفي دول الاتحاد الأوروبي". كما ورحب اليمين الهولندي المتطرف تحت زعامة خيرت فيلدز وقال" مرحى للبريطانين الان حان دورنا. حان الوقت لاستفتاء هولندي مماثل". هذه النتيجة التي وصفها المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الامريكية دونالد ترامب بقوله" هذا امر رائع ان البريطانيين تمكنوا من استعادة سلطتهم على بلدهم".
الشرق والغرب لا يلتقيا
يبدوا أن عقلية صانعي القرار السياسي في لندن تختلف كثيرا عن عقلية صناع القرارات المصيرية في جميع بلدان العالم. لان توفر هامش المناورة والخبرة الزائدة الى جانب المقدرة الحقيقية في عملية اتخاذ القرارات المصيرية، تجعله أهلا للتنبؤ باحداث المستقبل. فقد سبق لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن قال قبل يوم واحد من خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي " لا توجد إمكانية ولا حتى في الخطط لكي تصبح تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي في القريب العاجل، هم قدموا في عام 1987 طلباً للانضمام، وفي حال الحفاظ على وتيرة التقدم الحالية، قد يصلون إلى لحظة الانضمام في عام 3000 تقريباً، إذا صدقنا التنبؤات الأخيرة". ولربما كان ذلك ردا على ما عنونته صحيفة "صنداي اكسبرس" القريبة من "حزب الاستقلال" (يوكيب) المعادي للهجرة، من أن  "12 مليون تركي يقولون إنهم يريدون المجيء الى المملكة المتحدة ، وهم بصورة اساسية عاطلون عن العمل وطلاب".
ومن جانبه أيضا أعلن الرئيس اردوغان ادانته للسياسة التي يتبعها زعماء الغرب ازاء المهاجرين واللاجئين في كلمة القاها في انقره بتاريخ 12 شباط الماضي وأكد فيها "أنه هدد زعماء دول الاتحاد الاوروبي في قمة عقدت في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي وأنه بمقدور تركيا أن تقول "وداعا" للاجئين بعدما تفتح الابواب أمام الملايين من المهاجرين الموجودين في تركيا بالتوجه نحو دول الاتحاد الاوروبي". وجدد الرئيس التركي قوله بتاريخ 25 مايو 2016 من جديد خلال كلمته الختامية في مؤتمر القمة العالمية للعمل الإنساني قائلا:
"أن تركيا لا تنتظر من الاتحاد الأوروبي الرفق بها، وإنما تنتظر الصدق، إن المعايير لها حدود، ويمكن أن نقبل بهذه المعايير حتى حدّ معين، وبعدها نقول لهم، فكروا بأنفسكم، وتحملوا النتائج.. ثم اضاف انه هدد زعماء دول الاتحاد الاوروبي بقوله.. أنه لتركيا كل الحق في اخراج اللاجئين من البلاد اذا ارادت ذلك ...بعدما قال "لا توجد عبارة غبي مكتوبة على جباهنا. سنصبر ولكننا سنعمل ما ينبغي علينا عمله. لا تعتقدون ان الطائرات والحافلات موجودة لغير سبب.. ثم أختتم قوله "أني فخور بما قلته، فقد دافعنا عن حقوق تركيا واللاجئين واخبرناهم (الاوروبيين): آسفون، سنفتح الابواب ونقول وداعا للمهاجرين".
رؤية مسلمي بريطانيا
أظهرت الاستطلاعات التي جرت أخيرا في بريطانيا، أن مسلمي بريطانيا والبالغ عددهم نحو 4 ملايين و800 ألف شخص يميلون للتصويت لصالح البقاء داخل الاتحاد الاوروبي بسبب ترددهم وخشيتهم من صعود التيارات اليمينية المتطرفة ضد المهاجرين كما جاء في الموقع الالكتروني "الاسلام اليوم" بتاريخ 21 حزيران 2016. حيث ذكرت مريم خان ممثلة حزب العمال البريطاني في مجلس بلدية مدينة برمنغهام خلال مقابلة اجريت معها، "أنهم سيسعون جاهدين  لبقاء البلاد في الاتحاد، مشيرةً أن مجموعات متطرفة حولت الاستفتاء إلى قضية "مهاجرين.. ولفتت خان، أن المسلمين بشكل عام لا يعون أهمية الاستفتاء، موضحة أنهم يسعون إلى توعية المجتمع الإسلامي في هذا الإطار".
وفي الختام أعتقد أن عددا من الدول الاوروبية وعددها 27 دولة بعد خروج انكلترا ستحذو حذو بريطانيا مستقبلا، بسبب تداعيات الوضع الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة للايدي العاملة في معظم دول الاتحاد نفسها الى جانب ارتفاع وتيرة الهجرة وتدفق اللاجئين الى شواطئ البلدان المتاخمة لتركيا والبحرالابيض المتوسط. هذه الحقيقة التي تحولت الى هاجس بات يؤرق مخيلة المواطنين الاوروبين وعلى راسهم  بابا الفاتيكان فرنسيس الأول بعدما وصف أزمة اللاجئين بتاريخ 5 مارس 2016 بانها" غزو عربي لأوروبا..واضاف.. إذا كانت القارة ترغب بالتجدد، فعليها إعادة اكتشاف جذورها الثقافية وهي الأقوى بالغرب". لذلك تستوجب الضرورة اعادة صياغة القرارات الخاصة بالمهاجرين وحقهم بالمشاركة ضمن اليات صناعة القرارات السياسية في الغرب بالشكل الذي يتفق وقدرة كل بلد أوروبي على استيعاب السيل المتدفق من المهاجرين في حال الاستمرار على الاحتفاظ بوحدة اوروبا وثقافة اوروبا ونمط حياة الاوروبيين مستقبلا.
علما ان كل الدلائل تشيرهذه الايام الى فشل مقولة  الكاتب الامريكي فرانسيس فوكوياما وعنوانها   " نهاية التاريخ" أمام ظهور وسطوع نجم الفيلسوف الامريكي  صموئيل هنتنغتون وعنوان تنبوءاته "صدام الحضارات" قبل 23 عام. لا سيما بعد ضربه على وتر حساس عندما صور الخطر القادم ضد حضارة الغرب وهو خطراً أخضر أسلامي في أغلبه، وأن الصراع المستقبلي حسب قوله سيكون بين ثلاث حضارات رئيسية في العالم وهي الحضارة الإسلامية والحضارة الصينية والحضارة الغربية.