انا اتعجب من الذين انزعجوا من موضوعي هذا في الوقت الذي يبقون فيه ساكتين عندما يقوم احد التابعين للكنيسة الكاثوليكية بهرطقة الكنائس الاخرى وبالاخص النسطورية. هذا ان دل على شئ فانه يدل على عدم فهمهم لمصطلح المسؤولية.
ما قامت به الكنائس سابقا من هرطقة النسطورية لو كانوا قد قاموا به اليوم فانني لن اتردد للحظة من اعتبارهم ارهابين ومجمعهم الذي يسمونه بالكنسي سادعوا الى قصفه بالصواريخ الفتاكة لابادتهم كلهم وازالة وجوهم من على الكرة الارضية. ببساطة من يقوم اليوم بهكذا هرطقة هو شخص حتما زعطوط وارهابي واذا فعلت ذلك جهة كنسية فانها حتما منظمة ارهابية وليست كنيسة.
ونلاحظ ايضا بان الذين يهرطقون النسطورية من اجل الكاثوليكية فانهم في مواضيعهم عن الكاثوليكية لا يملكون بانفسهم اي فكر خاص بهم, هم يكتفون فقط بنقل ما كتبه بعض الغربيين.
ومن هنا اقول بان هذا الموضوع الذي لم يستطع احد دحضه هو ليس الوحيد. انا استطيع ان افتح عدة مواضيع اخرى حول النسطورية وبشكل مشابه لما فعلته, حيث ان الذين يعتقدون بان النسطورية لا يمكن الدفاع عنها هم متوهمين تنقصهم المعرفة والقدرة على التفكير الحر.
حيث مثلما ان هناك من تعود منذ صغره بان عليه ان يكره الغرب او اسرائيل او الراسمالية ومن ثم شربها وجرت في عروقه, فان الموضوع هذا مشابه. هناك من قام بتربية الاجيال القديمة على هرطقة النسطورية فجرت في عروقهم واصبحوا يمتعضون من سماعها حتى بدون ان يقرؤا بانفسهم حرف واحد.
اعتذر منك لأَنِّي ساقول لك رأيا بسيطا ينطلق من معلوماتي (العلمية) فأنا عندي شهادة ماجستير في علوم الهندسة الميكانيكية ويتطلب ذلك ان أقوم ببحث علمي كشرط للحصول عليها بالسنة الثانية وقد تعلمت من أساتذتي ان البحث العلمي يقوم على التجربة والقياس وماورد في تعليق السيد صباح قيا يتطابق مع ماعلمني إياه أساتذتي العلميين !
وحيث ان لايمكن تجربة او قياس النظريات (الفلسفية) الدينية سواء النسطورية او الكاثوليكية فان هذه النظريات ليست علمية بتاتا بل ان الظن بذلك يخالف نصوص الاناجيل نفسها حيث يعتبر الايمان وليس العلم القاعدة التي يقوم كل اعتقاد ديني !
اولا: اساتذتك هم يعلمونك فقط ما تحدده المؤوسسة العلمية. وانا ذكرت مرارا بان هذا ليس العلم الحقيقي. العلم الحقيقي هو العلم الذي يتعامل مع فلسفة النظرية العلمية ويدرس وينتقد ويضع المنهج العلمي حول كيف يجب ان تكون النظرية بشكل عام, العلم الحقيقي هو ذلك العلم الذي تجده بين الجدل القائم بين فلاسفة العلم انفسهم والصراع بين النظريات المقبولة والمرفوضة الخ. وفي نفس الوقت فان اي شخص تنتهي دراسته الجامعية فانه يتوقف عن القراءة. فلسفة العلم وتاريخ فلسفة العلم انا قراتها كمطالعة خارجية لمدة خمسة سنوات. وانا هنا لا اقول بانني افضل من الاخرين وانما انا اعطيت الوقت لهكذا مجال ربما اكثر من غيري.
وثانيا: انا انزعج عندما يكتب اشخاص وهم لا يركزون على محتوى موضوعي. انا لم اتحدث في اي مكان بان قياس موقع كوكب المريخ يتم عن طريق قواعد الدين. ولم اقل في اي مكان بانه يمكن القيام بتجربة علمية مشابه لشق الالكترون لنرى هل الدين صحيح ام خاطئ.
انا ما تحدثت عنه هو وضع ما ياخذه الكثيرين كبديهية تحت اسئلة منطلقا من فلسفة النظرية العلمية. ومن هنا اقول ايضا للذين قالوا بان العلم لا علاقة له بالدين بان كلامهم عبارة عن هراء وترديد ببغائي يقولونه بدون معرفة. حيث العلم مثل غيره من المجالات يتاثر بالثقافة والمعتقدات والظروف السياسية والاقتصادية. مثلا عندما تقوم النمسا بايقاف صرف اموال لمختبرات علمية لاسباب مالية فهنا نقول تاريخيا بان العلم يتاثر بالظروف الاقتصادية. وعندما لا يؤمن علماء اليابان بتجارب معينة لكونها لا تقنعهم فهنا هذه تشير بان العلم يتاثر بالمعتقدات وهذه بدورها لها علاقة بالثقافة ....الخ....هكذا كان تاريخ العلم كله...
فعندما قال العلماء بان قوانين الطبيعة هي مطلقة في كل زمان ومكان, فان هكذا ايمان ومعتقد لم ينزل من المريخ في رؤوسس العلماء, وهكذا قول لم يظهر في اي ثقافة اخرى. لم يظهر في الثقافة الصينية بالرغم من ان العلم اول ما ظهر كان في الصين ولكنه توقف واضمحل لكون الصينين كانوا يعتمدون فقط على الحواس. هكذا معتقد ظهر ضمن الثقافة المسيحية لان الثقافة في المسيحية كانت تقول بان الرب الذي هو كلي القدرة في كل مكان وزمان لا بد ان تكون القوانين التي وضعها للطبيعة ايضا كلي القدرة . ومن هنا سموها بقوانين الطبيعة المطلقة...
وهذه النقطة نفسها بان الرب كلي القدرة في كل مكان وزمان عبارة عن فلسفة بحد ذاتها, وهي اول ما ظهرت كانت ايضا ضمن النسطورية لانها اول من عرفت ادخال الفلسفة ضمن الدين.
الثقافات الاخرى مثل الصين كما قلت كانت اول من ظهر فيها العلم لكن العلم توقف فيها ومات سريعا, كما قلت لانها كانت ثقافات تعتمد كليا على الحواس. بينما الثقافة المسيحية تقول: بما اننا نؤمن بالرب الذي لا نحس به ولا نراه لكونه unobservable بمعنى غير قابل للملاحظة والمشاهدة, فاننا بنفس الطريقة نستطيع ان نؤمن بكائنات علمية غير قابلة للملاحظة والمشاهدة والتي وضعت الرابط لها في بداية موضوعي للوكيبديا والتي تسمى بالكائنات العلمية الغير القابلة للملاحظة unobservable entitie
ثالثا: ما تحدثت عنه في موضوعي هذا هو التالي:
في البداية ما هي الحقيقة؟ الحقيقة الموضوعية المطلقة لا علاقة لها بتغيير البشر لوعيهم خلال التاريخ. بمعنى ان الحقيقة تبقى حقيقة حتى لو اختفى البشر من الكرة الارضية.
ولاشرح الواقعية العلمية بكلماتي واعطي لها مثال: لو ان هناك اكتشاف علمي حدث في عام 1992 واعتبره العلماء حقيقة علمية, فان الواقعية العلمية لا تقول بان هذه الحقيقة موجودة منذ تاريخ 1992 وقبلها لم تكن حقيقة, وانما تقول بان هذه كانت حقيقة منذ الازل, منذ ان وجدت الحياة والكون. اي ان الواقعية العلمية تقوم بفصل الاكتشاف العلمي عن تاريخه وظروف اكتشافه.بمعنى تفصل الحقيقة العلمية عن البشر ووعيهم. والسؤال كان من اين تعلم العلم ذلك؟ اذ ان هكذا اجراء هو ايضا معتقد الذي حتما لم ينزل من المريخ في رؤووس العلماء. فهو بدوره تاثر بثقافات .
والجواب هو ان العلم تعلم ذلك من المسيحية. لكوني انا اتحدى ان يجد شخص هكذا اجراء فصل للحقيقة عن التاريخ في اية ثقافة اخرى غير مسيحية. وهذه اخذها العلم من المسيحية لكون المسيحية قامت ايضا بفصل الرب عن التاريخ واعتبرته حقيقة مطلقة موضوعية وبان وجوده لا علاقة له بوعي البشر, وبانه سبقى حقيقة حتى لو اختفى البشر من الكرة الارضية.
وهكذا فصل بين الطبيعة الالهية والطبيعة البشرية كانت النسطورية اول من قامت به مسيحيا ودافعت عنه بشدة. وغرض مار نسطوريوس كان من اجل فصل الطبيعة الالهية عن الطبيعة البشرية ليجعل الطبيعة الالهية خارج التاريخ وبانها حقيقة مطلقة . افكار النسطورية هذه انتقلت بعدها الى الغرب والتي اخذها العلم بعد مدة, ليطبق هكذا فصل على الاكتشافات العلمية ليحولها العلم الى حقائق علمية.
هذه النقطة هي ليست الوحيدة في النسطورية, هناك عدة نقاط اخرى التي استطيع عرضها, فالنسطورية كانت اول من ادخل الفلسفة في الدين.
رابعا : الموضوع الذي تم الحديث عنه حول مريم والدة الرب.
هذا الموضوع بالطبع يحوي بدعة. والبدعة هي ليست في هل نؤمن بانها والدة الرب ام لا. البدعة تكمن في جعل هذا الموضوع في السابق بان من لا يؤمن بذلك فان الرب لن يرضى عنه وبالتالي لن يدخل الملكوت وهذه اخذوها نقطة لهرطقة النسطورية. هي بدعة لان الانجيل كله لا يحوي اي مقولة تقول بان الرب لن يرضى بشخص لا يؤمن هكذا او بانه لن يدخل الملكوت.
السيد المسيح واضح جدا في كلامه المحدد, حيث يقول: "
في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو اعظم في ملكوت السماوات، فدعا يسوع اليه ولدا وأقامه في وسطهم، وقال الحق أقول لكم إن لم ترجعوا و تصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السماوات. فمن وضع نفسه مثل هذا الطفل فهو الأعظم في ملكوت السماوات"
وهذا يعني ان مواضيع مثل والدة الرب والهرطقة التي قام بها الكاثوليك ويمتلكون عنها سابقا الالاف الكتب كلها عبارة عن ثرثرة فارغة وزبالة.
ما قاله السيد المسيح هنا عبارة عن اعظم مقولة. انا استعملها حتى عندما جرى نقاش بيني وبين اشخاص ملحدين عندما قالوا لي بان الايمان شئ طفولي, فقلت لهم طبعا هو هكذا والسيد المسيح يريد ان نؤمن مثل الاطفال. حيث ايضا وبشكل عام يستطيع اي طفل ان يحول اي بروفسور في العلم الى اخرس اذا ساله من اين جاء الكون والحياة, فهو سيتحول ايضا الى طفل لا يعرف اي شئ.
واخيرا اقول بان الذين قاموا بهرطقة النسطورية لا ملكوت لهم, ولهذا فهؤلاء ربما بعد مماتهم سيتحولون الى شجرة, وعندها سياتي شخص حاملا فأس بيده ليقطع هذه الشجرة قطعة قطعة, ومن ثم يدخلها في مكينة لتحويلها الى شرائح رقيقة, وبعدها يتم ادخالها في مكينة اخرى لغرض كبسها وتحويلها الى ورق, وعلى هذا الورق اتمنى ان يطبع احدهم كتب مار نسطوريوس.