المحرر موضوع: هل بقيَ للعرب ضميرْ  (زيارة 762 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل بقيَ للعرب ضميرْ
« في: 14:55 15/07/2016 »
هل بقيَ للعربْ ضمير
بقلم / سلوان ساكو
حينما كنتُ في سوريا وانا ذاهب في طريقي الى دائرة الهجرة  والجوازات في العاصمة دمشق لتجديد الإقامة ، أنعطفت السيارة من أمام مبنى دائرة التجنيد العامة في شارع مرشد خاطر المزدحم، قال لي سائق التكسي ، بعد أن عرف أني لاجئ عراقي ، في سنة  1981 أرسلت لنا المخابرات العراقية وبعلم من صدام حسين نفسه سيارة مفُخخة مع سائق عراقي أراد إيقافها عند مبنى إدارة التجنيد وسط البلد وبعد ذلك بوقت قصير تنفجر.  وكان توقيت العملية عند الساعة الثامنة صباحاً ، آي عند بداية الدوام الرسمي ، وأضاف سائق التكسي قائلاً، حين شاهد الإرهابي العراقي الناس وهي متجه الى أعمالها ، والطلاب الى مدارسهم،  والموظفين الى دوائرهم والكل بحال سبيله يسَير، أيقن في ساعة صحوة ضمير كان ميت قَبْلَ  ثواني واستيقظ الأن في الوقت المناسب ، أن هؤلاء البشر جميعهم أبرياء وليس لهم علاقة بالصراعات الأيدلوجية والحزبية بيت شقي البعث ، فتوجه  فوراً  الى أقرب مخفر شرطة وأبلغ عن نفسه وعن السيارة.
لو فكر الإرهابي الدنيئ الذي أوقف السيارة المفُخخة في الكرادة التي خلفت  مأساة كبيرة وترك ثكالى تندب أبناءها الشباب الى الأبد ، والضابط والشرطي الذي سمح له في الدخول والعبور،  والموظف في وزارة الدفاع الذي أبرم عقود جهاز كشف المتفجرات الذي تبين انها فاسدة ولا تعمل  مروراً الى الوزير ذاته والى رئيس الحكومة الفاشل،  هل يظل هنالك ضمير حي ويعمل بصلاحية ، وهل هنالك مسؤولية لمسؤول يشعر ولو لدقيقة وَاحِدَة أن هناك شعب فوضه وخوله ووضع جلُ ثقته به من أجل توفير الأمن له السهر على راحته. أحداث الكرادة وغيرها هي سلسلة متواصلة من الضمير العراقي الميت الذي أصبح كفتاة عاهرة لم يعد يأتيها الشبق الجنسي من كثرة الممارسة فأصبح الموضوع هو عادة لا أكثر وإيقاع لروتين الحياة اليومي مثل الرشوة والفساد والمحسوبية والسرقة،  كل شيء يحدث هو عادي،  وعادي جداً الى درجة أنه لم يحصل ولا تحقيق واحد في آي أنفجار حصل سواء كان في بغداد أو غيرها،  كأن هؤلاء القتلى هم جرَاد أو نمل بدون اي قيمة تُذكر والموضوع بكل بساطة أنهم شهداء عند ربهم يرزقون وانتهى الأمر. ويتشدق المسؤول الكبير على الشاشات الفضائية بتشكيل لجان فرعية للتحقيق منبثقة من اللجان الرئيسية التي هي بدورها تابعة لورش عمل ،  ودوامة لا تنتهي من المصطلحات والجمل في أخر المطاف  يتبين انه لا يوجد أصلاً  لجان ولا ورشَ عمل ، ولكن المسؤول  على الشاشة ويجب أن يتحدث وأن يكون متكلم لبقْ فهو في أخر الأمر عضو نائب في المجلس الموقر ومسؤول في الداخلية والدفاع ، وخبير في خافية الأمور واحوال العباد،  ويجب عليه أن يغُطي الأحداث من جميع الزاوية وان كانت كل تصريحاته  كذب وخداع ، ولا يقل إجرام عن الإرهابي ذاته أن لم يكن أكثر منه متوغل في الارهاب والقتل. هذه الصفات تضرب جذورها في عمق الشخصية العربية والإسلامية على حد سواء. أن كانت في برلين أو في بغداد أو في جنيف أو آي بلد أخر، وأحداث مدينة نيس الفرنسية هي أكبر دليل على ذلك ولن تكون الاخيرة بالمناسبة،  فسوف يشهد العالم أحداث وعمليات وتفجيرات وقتل ، عملية نيس بنسبة لها مقُبلات ما قبل الوجبة ، وهذا الذي حدث في أمريكا وتركيا وبلجيكا ليس غير تمهيد للذي سوفة يحدث لاحقاً. هل بقيت قيمْ أخلاقية وضمير حي يُحدد ويوجه بوصلة  العربي  المسلم الى جادة الصواب ، أشك في ذلك.  لقد سقطت الاقنعة وبانت الوجوه الحقيقة بُدون رتوش تجميلية فظهرت الصورة الوحشية للحيوان البشري الذي يفتك ويقتل من أجل الوصول الى الاله الأسمى عن طريق فريضة الجهاد التي هي  أم الفرائض قبل الصلاة  والصوم  والزكاة. والماراثون الى حور العين والغلمان وأنهار الخمر.
 لقد انتهى العرب ولم تعد لهم مكانة في قطار الحداثة والعلمانية والفكر والجمال والفلسفة، لقد تحطمت أمالهم في دولة مدنية راقية على صخرة الغرور الزائف ، نحن خير أمةٍ أخرجت للِناس ، والإعلاء الوهمي للذات ، وتحقر الآخرين والحط من شأنهم وتكفيرهم وبالتالي قتلهم.  كل هذا ساعد على أنقراض وتخلف العرب المسلمين.