المحرر موضوع: شعراء يتلون جراح مدن عراقية مستباحة في مهرجان شعري في عنكاوا  (زيارة 2970 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بهنام شابا شمني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 502
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
شعراء يتلون جراح مدن عراقية مستباحة في مهرجان شعري في عنكاوا


عنكاوا كوم / خاص
بهنام شابا شمني


" لا تشكو للناس جرحا انت صاحبه . ولا يألم الجرح الا من به ألمُ "
هذا ما حصل فعلا في المهرجان الشعري الذي اقيم في عنكاوا مساء يوم الثلاثاء 2 آب 2016 بمناسبة الذكرى الثانية للتهجير وتضمن فقرات مختلفة من بينها قراءات شعرية كان اصحابها قد نشروا اوجاعهم والامهم التي وثقوها في قصائد على حبل غسيل ربما غايتهم ان ينتبه اليهم العالم وعسى ان يضمد بعض جراحاتهم . ولكن ها نحن قد مرت علينا سنتان حتى بتنا نستنشق الالم ولم يرف لذلك جفن الانسانية .

الشاعرة بروين شمعون قالت بالسريانية وهي تدعوا الشعراء لقراءة قصائدهم
ليُدمِروا كل الكنائس .. كنائسا في قلوبنا سنبني  .
ليُكسِّروا كل الصلبان .. صلبانا على وجوهنا سنرسم .

تقرأ في عيون الشعراء مدى الالم الذي يحملونه بسبب التهجير وما ارتُكِب بحقهم حتى اصبحوا مشردين يطوفون المدن والبلدان . والشوق الى مدنهم لا تنطفيء ناره ، فاخذوا يتغنون بها .



 فهذا نضال العياش شاعر من الشرقاط يقول
الى الشرقاط .. صينية الدنيا ورغيفها الذي وَسِعَ كل شيء
ستُطعِمُ من وفي الشرقاط جوعُ
هي الحجر القديم اختط فيه هوى التاريخ والحلم الوديعُ
على اكتافها يرتاح نهرٌ  وفي جنباتها قلب وسيعُ
وفي قسماتها يختار صبحٌ  يُصحّي الشمسَ إن نسيَ الطلوعُ .



أما الايزيدي سرمد سليم الذي حضر وكأنه توا واصلٌ من سنجار منذ ليلة التهجير ، فحضر لابسا فردة حذاء واحدة وشعر منكوش وبثياب البيت والشرار يتطاير من عينيه . فقال
بعد ان نعود الى شنكال سابحث عن اشياء كثيرة .
وعن منزل صغير جدا 
وعن جدار يكتظُّ بصور جماعية لعائلة صغيرة .
 وفي الصورة عن الاحياء وبين الاحياء عنّي .
ابحث عن السكاكين ، السكاكين التي ذبحت العراقيين فقط
وسأضع رقبتي على سكين قاتل طيب وساقول له انا عراقي يا ابن الكلب ، حرّك حرّك يدك جيدا .
آثير نوح لم يُلق قصيدته محتجا .. لانه منذ سنتين وهو يشكو الامه وليس هناك من يسمعه .



ارام ابو وديع طلب من الحضور
عندما تعودون لا تعيدوهم معكم لئلا يخذلونكم مرة اخرى في الفرمان القادم .
دون ان يسميهم فالقصيدة كانت كفيلة بايضاح كل شيء .
يا كرادة الكل علينا كالعادة .
والحق علينا كالعادة .
الحق علينا يا وطنا حاكمه يقتل اولاده
 ويبيع ويسرق بغداد
الحق علينا يا بلدا قاضيه يعفو عن جان
 بل حتى ينصر جلاده



أما خُناف أيوب الايزيدية القادمة من القامشلي فقرأت مقطوعة نثرية كانت اجمل ما في المهرجان فكانت كلماتها تبكي قبل عينيها فقالت في القامشلي ثم مرت على  سنجار وهذا بعض مما قرأته .
امس ، وانا في طريقي لحزن شنكال سقطت مني الحياة . مدينتي غرقت بالدم والغبار . شهقتها الاخيرة بين ذراعي تبني اعمدة الويل فوق ركام النور .
شجرة عمرها الف مدفأة . البيوت لا تموت تحرس اطيافنا الهائمة على فراغ العودة . جدراننا السنابل واقفة هناك تمد يديها الى اغاني الحصاد حين كنا وكان لنا بيت . لائحة الاياب شهية ترتجف لها الثغور ثغورنا العطشى لماء البلاد
المساء في شنكال مقدس . مساء شنكال عشب ونارين قرنفلة الارض هناك تراقب الشمس تراقص ظل العسل على جذع شجرة عمرها الف مدفأة .
الحب في شنكال مقدس ونارين طرحة عروس خصرها بوصلة . المكان  كل الجهات في الارض هي شنكال . في شنكال لا وقت للكره شنكال ابتسامة تطير من ثغر عاشق لكتف انثاه ، والقبلة في شنكال مقدسة قُبلُ شنكال عناقيد عنب ونارين قبلة على جبين الحق . كل الشهور في شنكال هي اذار والماء سرب فرح ينبع من عين طفل ايزيدي .
هنا ان مات احدنا سندفنه دون اسم ، ماذا نفعل باسماء دون انتماء . الطريق الطويل البعيد العميق ، البعيد عن وطني القديم وما زالت نارين ابنة الجبل تلملم الثلج وتنثره على بيوتنا ، بيوتنا العطشى لاحتضاننا ، بيوتنا الواقفة على بوابة العودة وستدوم ابنة الجبل ، الجبل الذي حارب لتبقى شنكال شنكال  .
 
وهكذا كان باقي الشعراء المشاركين .
وبعد انتهاء المهرجان لملم الجميع ، الشعراء والحضور كل منهم جراحه وجراح مدينته في حقيبة وعاد بها كما في كل مرة منذ سنتين الى مسكنه في ديار التهجير .