انا ولطيف نعمان* في تقاطع المرورقصة قصيرة جدا
زاهـر دودا - 1 ايلول 2016
شارد الذهن من هموم الدهر وبمصير العبد ، لا أعلمُ كيف عبرتُ الشارع، التَفَتُّ الى يساري ، لم اجده معي رفيق الفكر لطيف نعمان، بينما كنتُ في انتظارهِ ، اجتازتْ مسرعة من امامه سيارة سوداء فارهة رباعية الدفع، بسبب ثقل جوازها الدبلوماسي العابر للانسانية، لا تحمل لوحة التعريف خجلا من تسجيل سيرتها الشعواء لدى عيون المارة .
من عجلاتها العمياء قذفت زخة من المياه الآسنة المحملة بقذارة المركبات المريضة على طهارة الرصيف المُطهر بإقدام المارة المساكين، أرادتْ اجتياز اللون الأحمر لإشارة المرور، إلا انها اضطرت التراجع في آخر لحظة في إقتحام التقاطع وعدم مواجهة الوحوش المجهولة الاخرى المفترسة مثلها المتسارعة في نهب الثروات المستباحة في ظل قانون الأقوياء .
الى جانب المركبة كانت تقف امرأة تحمل مجموعة علب من المناديل البيضاء الصغيرة وتحت ظلالها تحمي رضيعها من اشعة الشمس اللاهبة .
كاد يخيب ظنّي باللون الأسود (الكذّابي) الظاهر ، قلت ان في داخلها يوجد ملاك ابيض طاهر، حينما بدأ زجاج النافذة لحوضها الخلفي بالهبوط ، خرجت يد منها بكامل طولها لرجل يرتدي السواد ايضا وامتدت نحو المرأة الواقفة بشموخ النخلة العراقية، ثم ألقت عند اقدامها حفنة من المناديل (المحارم) الملوثة بوباء الفساد المستشري لدى اصحاب المركبات المظللة .
قبل ان تستقر على الارض وتُلوثها، ارتفع صوت محرك المركبة زائرا على ما حوله منطلقة قبل ولادة اللون الأخضر .
**********************
* : لطيف نعمان : اديب وكاتب ومسرحي ومؤلف القصة القصيرة جدا المرفقة ادناه التي استلهمت من القصة رؤية مشابهة لها ولكن من زاوية اخرى ورؤية اخرى .
في تَقَاطُعِ المرُور ( ق.ق.ج )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرقت من أمامي مركبة فارهة سوداء اللون ، رباعية الدفع ، لا تحمل لوحة التسجيل ، يغطي نوافذها اللون الأسود للحد الذي ما عدتُ أرى إن كان فيها أشخاص أم لا ....
في تقاطع المرور امتثلت لإشارة المرور الحمراء ، أخفضَ الرجل الراكب في الحوض الخلفي زجاج نافذته ، ورمى عدة محارم بيضاء على الأرض .
ــــ لطيف نعمان
7 شباط / 2016 م .
ملاحظة :
القصة القصيرة جدا المرفقة للكاتب منشورة ضمن مقالات الكاتبة والقاصة المبدعة ( شذى توما مرقس ) ضمن سلسلة مقالاتها الفريدة حول كتّاب القصة القصير والقصيرة جدا من ابناء جلدتها , بتاريخ 29 / 08 / 2016 في الموقع الألكتروني : عنكاوا كوم .
رابط المقال :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=820292.0