المحرر موضوع: ملاحظات على مقال الدكتور سعدي المالح (من العار أن نسكت على ما يحدث ! )  (زيارة 1440 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كوركيس مردو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 563
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


                              ( ملاحظات على مقال الدكتور سعدي المالح ( من العار أن نسكت على ما يحدث ! )

         لا أعرف الدكتور سعدي المالح عن كثب ، ولكنني عرفته من خلال كتاباته في موقع عنكاوا رجلاً  وحدوياً رزيناً وناقداً واقعياً مع انحيازه جزئياً الى الآثوريين على حساب الكلدان حيث لم يتعرّض للموقف الآشوري المتصلّب بشأن الوحدة والتسمية وإصراره على فرض التسمية الآشورية على عموم الشعب المسيحي العراقي ، ولو أفلحوا لهلّل لهم منشرحاً غير عابيءٍ بشعور الشعب الكلداني حامل الرقم الأصعب في المعادلة القومية ديمغرافياً وعلمياً واقتصادياً إذا غيّب اسمه وهمّش تاريخه ، وبالمقابل كان يدعو الكلدان تلميحاً وإشارةً وأحياناً علناً للتنازل عن تسميتهم القومية والقبول بتسمية موحّدة يغتزل فيها اسم الكلدان ويضاف إليه اسم أشور كاملاً ( كلدوأشور ) ورغم كل هذا كان الجانب الكلداني منفتحا ومتساهلاً رغبةً منه في إقامة الوحدة ، فقبل بهذه التسمية المركّبة وإن كان متردّداً في ذلك لغرابتها إذ لم يسبق لها مثيل في التاريخ ، وما أثار استغرابه أكثر أن الجانب الآثوري مبتدعها ، تنصّل عنها بعد فترة من ترويجه لها، وعاد الى التشبث بالتسمية الآشورية وبصلابةٍ أشد ، تجلّى ذلك في موقف سكرتير(زوعا) عندما تآمر على تغييب الاسم الكلداني في استمارة الاحصاء مستغلاً موقعه كعضو في مجلس الحكم الإنتقالي وادرج الاسم الآشوري منفرداً ضارباً بعرض الحائط الاسم المركّب، وإذ خاب أمله عندما استطاع الكلدان إدراج اسمهم في قائمة الاحصاء وانكشف تآمره ، لم يجد بدّاً من العودة للتمسك بالاسم المركّب ، ولكن المستور انكشف للكلدان فلم يعد التعامل مع الجانب الآشوري بالإمكان ، والسؤال الآن للدكتور المالح أيّ ردّ فعل مغاير كنت تتوقّع من الكلدان ، هل كان عليهم الرضوخ للامر الواقع وهم يرون المؤامرات التي تحاك ضدّهم الهدف منها إلغاءهم ؟
        تقول أن بطريرك الكنيسة النسطورية لم يحرك ساكناً وكأنه غير موجود على الساحة الوطنية بالمرة، وأنا أقول العكس تماماً فقد عمل بكل ما بوسعه من وراء الكواليس لإثبات التسمية الآشورية منفردةً في الدستور ولكنه لم يوفّق ، وخير دليل زيارته المفاجئة للرئيس الايراني السابق وايعازه لوكيله في العراق ليوقّع على رسالة مشتركة مع بطريرك الكنيسة النسطورية القديمة ، ناشدا فيها لجنة صياغة الدستور إدراج التسمية الآشورية وحدها في الدستور.
         بطريرك الكنيسة الكلدانية وافق على تسمية (كلدوأشور) محرجاً واعتبرها تسمية سياسية تقتضيها المرحلة الحرجة التي يمر بها شعبنا للخروج من المأزق الشائك الواقع فيه ، ولم يكن مقتنعاً بها كتسمية قومية لشعبنا ، وراودته الشكوك بحسن نوايا مقترحيها وكانت في محلّلها ، حيث تأكّدت لديه أن المنادين بها جعلوا منها مناورةً سياسية خبيثة، المرمى منها تغييب التسمية الكلدانية وتهميش دور أبنائها والإنفراد بالتسمية الآشورية ، ولذلك استاء جداً من هذا التصرّف الأناني الغير مسؤول ، فأرسل رسالة الى القيادة العراقية مطالباً تثبيت اسم الكلدان منفرداً في الدستور، ولكنه لم يطلب بعدم إدراج اسم الآخرين كما فعلوا هم . ثمّ لا تنسى عزيزي الدكتور بأن أبناء القومية الكلدانية المعاصرين هم أحفاد اولئك الكلدان العظام الذين أدهشوا العالم القديم بحضارتهم المميّزة التي شيّدوها في بلادهم الأصلية ( بلاد ما بين النهرين) والتي اعترف بها المؤرخون والباحثون بأنها الأرقى بين الحضارات القديمة قاطبةً ، وقد استثرت منها الحضارات المعاصرة ، هؤلاء الأحفاد توقّعوا أن يحسب لهم حساب عند قيام الدولة العراقية الحديثة عام 1921 م بالإعتراف بهم دستورياً ، ولكن ذلك لم يحدث رغم أصالتهم وتجذّرهم في تربة العراق ، ومع ذلك لم يبخلوا في المساهمة في بناء الدولة الفتية وتقدّمها في شتي الميادين العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ، أما وقد بزغ فجر الحرية والديمقراطية في العراق أليس من حق الكلدان أن يعترف بهم دستورياً وهم الغالبية الساحقة من الشعب المسيحي في العراق وتقدّر نسبتهم 80% من مجموعه ؟ ألستَ خير من يعلم أن كنيسة كوخي في منطقة المدائن كانت الكنيسة الكبرى التي شيّدت على عهد مار ماري وجعلها مقراً لكرسيّه ولجثالقة(بطاركة لاحقاً) كنيسة المشرق الكلدانية الأصل والمنشأ ! كيف يجوز التنكّر للقومية الكلدانية وكنيستها المقدسة ونعتها بالمذهب ، ألا يدخل ذلك في باب الكفر والجريمة ؟
         وليس بخافٍ عليكَ أيها الدكتور سعدي بأن التجزئة بين فصائل شعبنا هي واقع ملموس ومزمن لا يمكن إنكاره وقد أصبح لديها وضعاً طبيعياً من غير بأس ومن الصعب عليها تغييره ، وهذا ما أكّده فشل المسعى المضني المبذول من قبل جميع الأطراف للإتفاق على تسمية موحّدة ، ولذلك فلا جدوى إطلاقاً مهما صرفنا من جهدٍ ووقتٍ إضافيين لإقناع أحدنا للتنازل عن تسميته لحساب الآخر ، فذلك ضرب من المستحيل ، وما أراه برأيي المتواضع هو إقرارنا بأننا شعب واحد متعدّد التسميات وعلينا العمل على هذا الأساس بتوحيد قوانا وتناسي خلافاتنا والإستفادة من أخطائنا إذ كلنا قد أخطأنا .
         إن الوحدة الحقيقية تترجمها وحدة القلوب لا وحدة المكتوب ، وقد برهن عليها شعبنا قبل أن تظهر الأحزاب السياسية العنصرية التي شوّهت تلك الوحدة وأفرغتها من معانيها السامية ، فكما ذكرت كان أبناء شعبنا البسطاء والحكماء بالفطرة لا يأبهون بالتقاليد والقيود المفروضة دينياً ومذهبياً ، حيث يناسبون بعضهم البعض بالزواج ويقبلون على التعامل فيما بينهم غير معترفين بالحدود الفاصلة بين قراهم وعشائرهم ، يمارسون أنشطتهم الاجتماعية وفق تقاليدهم وعاداتهم الموروثة ويتكلمون بلهجات بعضهم البعض دون حرج ، ويؤمنون بصدق أنهم شعب واحد تعدّدت أسماؤه بسبب ظروف قاهرة.
         لنطلب العون من المسيح الرب له المجد حيث قال في انجيله المقدس ( لا تستطيعوا أن تفعلوا شيئاً بمعزل عني ) لكي نعبر هذا المنعطف المؤلم ونعالج امورنا بروح مسيحية صادقة ، وليكن اتحادنا مبنياً على الاحترام المتبادل لمشاعر بعضنا البعض وبدون إلغاء واحدنا الآخر ، ولنصرف النظر عن العارات الاربعة .

الشماس كوركيس مردو
في 27 / 8 / 2005