قلمي سيبقى فيصلاً لوطني الجريح وشعبي الطريح الذي لا ثمن له. العراق منذ 1963 وهو في نفق مظلم في الموت البطيء والى طريق الموت، نتيجة الخصومة الطائفية والتخبط السياسي والاقتصادي يصاحبه زلازل الصراعات والنزاعات والفساد والسرقة. ما أفسدته كيانات الإسلام السياسي في شحن الشخصية العراقية بالتعصب للهوية والمذهب وفي تهرؤ الضمير والقيم والأخلاق من قبل الوصولية وتحليل ما كان يعد خزياً حرامياً. وأثقلها حينما يكون المسؤول أميناً عن الرعية، وأقبحها حين يكون هذا المسؤول رجل دين أو من جمع بين الدين والسياسة. الفساد الاقتصادي انه موضوع خطر ومعقد وشائك ومرتبط بفساد سلطوي سياسي الذي أنهش الجسد العراقي. لقد تناول الفساد منظمات دولية كمنظمة الشفافية الدولية وتقارير دولية. وفقاً لإحصائيات صندوق النقد الدولي فأن حجم تجارة غسيل الأموال بلغ مليار و1,5تريليون$ وهذا الرقم كفيل بحد ذاته بان يضع الاقتصاد العالمي في مكان حرج، الى جانب ما أكده الصندوق في 2015 (ان الاقتراض الخارجي قد تجاوز 122 مليار $ وان عواصف اقتصادية تهدد بإفلاس العراق لاعتماده على 95% من اجمالي الدخل على النفط). ان نفط العراق خارج المزاد العلني من السرقة والتهريب، يتم عبر منافذ الموانئ الجنوبية في البصرة باتجاه الكويت وإيران من قبل سلطويين معمّمين (المكون الشيعي)، وان 500 ألف برميل لا يتم حسابها يومياً، وإيران تستفيد 300 ألف برميل مهرب اليها يومياً من اجل تمويل أنشطة فيلق القدس الإيراني العاملة في العراق وقائده قاسم سليمان، في عهد نوري المالكي استطاعت إيران الاستيلاء على حقول نفطية حدودية ولا تزال تسرقها. المنفذ الشمالي يتم نقله الى تركيا عن طريق (فئران الانابيب) الى جيهان (المكون الكردي) ويقوم تنظيم داعش (غالبيتهم من ازلام نظام صدام) بتهريب النفط بشاحنات الى تركيا عن طريق الشمال (المكون السني). (المصدر: تقرير المجموعة الدولية لمعالجة الازمات/ أين يتجه العراق). السلطات عجزت كلياً كشفها باسترداد المبالغ المسروقة وفشلت في الإصلاح ومحاربة الفاسدين، في الوقت كانت ميزانية البلاد السنوية 100 مليار$ (حصراً من النفط) ولم يقوموا بتطوير القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة. واعتبر العراق بمثابة مغارة علي بابا يقف على عتبتها أكثر من 40 حرامي باقتسام الكعكة. كشف وزير المالية السابق (المحسوب من الفاسدين) بأن بغداد تعزم بيع كميات من احتياطي النفط الخام بطريقة (الدفع المسبق) لتغطية النفقات ولدعم العمليات العسكرية ضد داعش، فهذا يعني إفلاس الموازنة مستقبلاً. علماً ان حجم الاحتياطي النفطي العراقي المؤكد نحو 142 مليار برميل. فيما لم يحصد الشعب غير الخراب والدمار والتشرد والخوف من المستقبل. ومن فوضى الفساد، مؤخراً تم توقيع اتفاقية مد انابيب نقل النفط الخام من حقول كركوك بين رئيس التحالف الوطني الشيعي عمار الحكيم ووزير النفط جبار اللعيبي المحسوب (من المحاصصة السياسية) على كتلة الحكيم والوزير الإيراني بيجين زنكنة عبر الأراضي الإيرانية لتصديره من موانئها، وهو بحدود 150كم الى مدينة خانقين الحدودية العراقية، ترى بأي صفة يبحث الحكيم هذا الاتفاق ومن هو الذي يقود وزارة النفط الحكيم ام رئيس الوزراء؟ ماليا؛ فقد بلغت مبيعات البنك المركزي من المزاد العلني من خلال (فواتير وهمية) من 1/10/2003 الى 10/11/2015؛ 408 مليار $ في محاولة لسرقة المال وتهريبه للخارج، استشرى الفساد خاصة في عهد نوري المالكي وقام بتعين 4 من حاشيته بمناصب كبيرة كمدراء عام، لدائرة غسيل الاموال، القانونية، مراقبة المصارف، الاقتصادية، حينها اضطر الأستاذ د. سنان الشبيبي محافظ البنك من صدار امراً بأبعاد مدير عام غسيل الأموال، جن جنون المالكي واصدر قرار بإلقاء القبض عليه (الشبيبي فرّ الى سويسرا)، وعين خلفاً له (علي العلاق ابن خالته) محافظاً للبنك لينهب كل احتياطي الدولة والبالغ 67 مليار$ ومن ثم استلم السلطة حيدر العبادي والخزينة فيها 3 مليار$ (تصريح العبادي)، وكشفت بعدها لجنة النزاهة البرلمانية ملف سرقة 10 أطنان من الذهب من البنك المركزي في 15/12/2012. ولدى العراق في بنوك فرنسا 17 مليار$، مخلفات (النفط مقابل الغذاء) ولم يعرف أحد عن مصيرها، وبحسب تقرير لمحقق أمريكي تم تهريب 30 مليار$ خارج العراق توزعت بين شراء جزر وملاهي ليلية وفنادق ومطاعم وشراء 150 عقاراً وقصراً في 3 دول أوربية وسجلت بأسماء أقارب الفاسدين، وبحسب التقرير قام أحمد أبن المؤتمن نوري المالكي، قد هرّب مبلغاً ضخماً تم حجزه في مطار بيروت فهرع والده وأفرج عنه والمبلغ بصفقة مع حزب الله الذي يسيطر على المطار ولم تكشف تفاصيلها. سنة 2014 عندما سقطت الموصل بيد داعش، استولت على البنك المركزي /الموصل وسرقت مدخرات ب 425 مليون$ وعلى كميات كبيرة من سبائك الذهب وغنموا أسلحة حديثة (صفقة خيانة) من معسكر الغزلاني وتشمل: عربات مدرعة، عربات من طراز همفي الامريكية ودبابات إبرامز 16 (المصدر: صحيفة واشنطن بوست). مؤخراً أمر الرئيس الأمريكي ترامب بتجميد أرصدة المسؤولين العراقيين تم كشف أسمائهم ال 24 (حرامي) من قبل الخزينة المركزية والبالغة 607 مليار$. ويعمد ضم الأموال بانها من حق أمريكا التي انفقت اثناء حرب 2003 والبالغ أكثر من تريليون$، ولم تكتفي أمريكا بذلك بل أعطت تعليماتها الى أوربا وسويسرا لحجز الأموال والاستثمارات وتقدر بأكثر من 100 مليار $. أما من جانب الآثار؛ فقد تُعرض وتُباع بالسر او بالمزاد العلني، بيع ختم أسطواني يعود تاريخه لنبوخذ نصر الثاني (652- 605) ق.م في مزاد علني بأمريكا. والسفارة العراقية تخاذلت عن مزاد علني لبيع الآثار في نيويورك يوم 4/6/ 2015 حيث عرض 35 قطعة آثاريه نادرة. أما في مجال الأرض والمياه والاملاك؛ في روما تم حجز مبنى السفارة العراقية لمديونتها منذ عام 1990 وسيباع العقار بمبلغ 60 مليون يورو مع الفوائد في المزاد العلني. هذا العقار ليس الأول بل سبق وتم بيع المدارس العراقية في دول أوربا، وبيع المركز الثقافي في لندن وغشاوة بيعه لا أحد يعرف كيف ومن هي الجهة التي تصرّف بها بالبيع. وتم بيع بناية الخطوط الجوية العراقية وبناية مصرف الرافدين في لندن. وتم بيع المركز الثقافي في اسبانيا. يتحلى العراقيون في الكرم والجود والعطاء والسخاء. رؤساء العراق باعوا وطنهم ومياهه. ان أعطاء خورعبد الله لدولة الكويت يأتي ضمن الاتفاقية الدولية التي وقعت عام 1963 من قبل الرئيسان عبد السلام عارف وأحمد حسن البكر. استلما شكاً بقيمة 30 مليون دينار كويتي مقابل تنازل العراق عن الكويت وإعطاءها نصف خورعبد الله. (المرحومين نوري السعيد وعبد الكريم قاسم طالبا بالكويت دبلوماسيا ولم يتنازلا عنها). في حرب الخليج الأولى تنازل صدام حسين للسعودية عن منطقة الحياد (7كم2)، بكل بساطة تكريماً عن أمتار مربعة من أرض ورثها عن أبيه، من يتباكى على صدام فأنه وهب ما لا يملك العراق كان سخياً في ارضه ومياهه. وحينها تنازل صدام لملك الأردن 70 كم أراضي داخل العراق (حدود زين القوس) من منطقة الرويشد العراقية وصارت اردنية. وتنازل للكويت عن جزيرة بوبيان ومياهها ومدينة ام قصر و11 حقل للنفط (حقول الرميلة الجنوبي)، وأُلزِم بقرار دولي على دفع تعويضات 42 مليار$ والمتبقي 11 مليار$، بسبب احتلاله الكويت. وسخي الى تركيا 20كم داخل العراق. وفي عهد نوري المالكي صرح وزير النقل عامر عبد الجبار ان المالكي منحه إجازة اجبارية وعين وزير الامن الوطني شيروان الوائلي وزيراً بالوكالة لأبرام اتفاقية خور عبد الله. يا حكام العراق!! في العهد الملكي، تولى نوري السعيد منصب رئاسة الوزراء 14 مرة، قتلوه وسحلوه وهو لا يملك داراً ولا ديناراً، عبد الكريم قاسم قتلوه ولا يملك داراً وفي جيبه 15 دينار، قتل بنذالة لا إنسانية، ثم دُفن في منطقة المعامل غرب بغداد، فعادوا ونبشوا قبره وأخرجوا الجثة بطريقة بربرية ووضعوا بلوكات كونكريتية بأرجله وألقوه في نهر دجلة. واليوم بعد 55 سنة لا زال العراق في نهج أشرّس من البربر المغول في حقب السوداء. بأي شعب تحكمون وشعبنا متشعب بالإقصاء. أنتم سطوتم على كيانه، أنتم بعتم وقتلتم الوطن، اختلفت وانعدمت القيم، فماتت الأمانة والباطل استباح الحق، مات ضميركم الإنساني فقتلتم شريان الحياة الوطن الحبيب، وما زلتم في صراع ونزاع من اجل استحواذ كراسي الانتخابات البرلمانية في العام المقبل. التغيير لا بد منه، من تغيير الوجوه الفاسدة البائسة وإصلاح ما يستطيع من خلال فسطاس الإصلاح تغيير واقع العراق المريض وانقاذه من حكم الميليشيات والطائفية والإرهاب والفساد، الزمن سيشهد نهايتكم.
الباحث/ ســــمير عســــكر
