بهجة أخيتــــو الأسلاف في عيون وعقول الأخلاف
شوكت توسا شخصيا لستُ من الضالعين في التاريخ والمختصين بتفاصيله ,بل مجرد مطلّع بسيط يهمني منه ما يعالج مشاكلنا وليس ما يزيدها تعقيدا لذا لا استبعد ان ينهال علي احد المتزمتين ويضع كلامي ضمن قائمة الجهله و الجناة بحق التاريخ وحقائقه , ذلك لن يغير من قناعتي وايماني بان التزمت بنصوص سرديات التاريخ لم يعد وسيلة ناجحه لتقديم الخدمه التي نرجوها اليوم لشعبنا.
أول مرة اسمع فيها عن أكيتو كانت في نيسان عام 1970من صديقي المرحوم الدكتور الآثاري دانيال أسحق الآشوتي اثناء أحتفالات مهرجان الربيع في نينوى , سمعت منه بأن أكيتو أو اخيتو مناسبه تاريخيه إعتاد البيثنهرينيون القدماء الإحتفاء بها مع إطلالة نيسان من كل عام باعتباره موسم تجدد الحياة وإخضرارالطبيعه , وحكى لي ايضا كيف كان اهالي القوش القدماء يشاركون الطواف بالإله سين في مدينة نينوى . فتوارث شعبنا هذا التقليد الجميل من جيل الى جيل لكن برؤى ومنطلقات اختلفت و تغيرت بتاثيرات عوامل شتى أوصلتنا بعض سلبياتها كما هو حالنا اليوم الى تسفيه تلك المعاني والقيم الانسانيه التي على اساسها كان يحتفل أسلافنا .
ورغم اني كما اشرت لست من الضالعين في شؤون التاريخ , لكن القليل الذي تعلمته لاحقا سواء ما يتعلق باكيتو او بحال واوضاع المحتفلين به , يكفي لاستغرابي عندما اجد بأن خلافا( تاريخيا) قد شب بين الأخلاف المثقفين بسبب الاختلاف حول تحديد تقويم اكيتو وترقيم سنينه من دون ان يعطوا اعتبارا لإحتمال ان يكون الفرق بين التقويم الشمسي والقمري هو سبب هذا الاختلاف في تثبيت الترقيم التاريخي للمناسبه, وحتى في حال عدم صحة ودقة هذا الاحتمال , فإن واجب المثقف يقتضي التخفيف عن كاهل أهله المثقل وليس تحميله المزيد, ناهيك عن ان البعض وصل بهم عنادهم وتزمتهم حد حصر المناسبة بفئة دون أخرى , مع شديد الاسف ظاهرة غير ذكيه كهذه كما في العديد من أخواتها العبثيه بتنا نمارسها من دون ان ننتبه الى انعكاساتها السلبيه ومن دون التحسب مثلا لدلالات المناسبه ان كنا نتحدث عن اكيتو ومعانيه الانسانيه التي كانت تشمل كل من سكن او يسكن هذه الجغرافيه .
وهل من ثمر يجنيه شعبنا من مثل هذه الإثارات سوى وجع الراس , أنا لا أفهم لغز ترك المهم والأهم والتمسك بما يسئ لقيمة المناسبه اولا وبما يزيدنا شرذمة ً ثانيا ويشوه سمعتنا ثالثا بين بقية الاقوام بحيث ينقلب تباهينا وتغنينا بأكيتو الى إدعاء مزيف مادمنا نختزله في إبرازما يفرقنا كي تغدو مثل هذه المناسبه الراقيه مناسبة لترسيخ الفرقة بدلا من لم شمل أجيالنا التي تتغنى إعتزازا بهذه المناسبه وتزين اليافطات بأحرف الكلمة أكيتو, ألسنا بذلك أشبه بالعاجز عن ربط الأتان حيث معلفها فينهال بالضرب على البردع .
لنأخذ على سبيل المثال مدى اهتمام ساستنا وأعني منهم المنضوين تحت التجمع بضرورة الإحسان في التعامل مع شعبهم في مثل هذه المناسبه , أذكــّر هنا القارئ الكريم بمقاله كتبتها قبل فترة وجيزه تحت عنوان (( ورقة تجمّع أحزابنا لن تحرّك ساكنا ما لم تتغير عقول الموقعّين عليها)), كتبتها مبدياً رأيي بورقة مطالب وقعّ عليها ممثلو اطراف التجمع مشكورون . ورغم اني تمنيت أن أكون مخطئا في توقعاتي وحكمي الذي رآه البعض قاسيا على مصير الورقه في حين كان اعتمادي في ذلك على حقيقة تكرار عرض الورقة لاكثر من مره دون جدوى ومن دون دخان يشم فيه رائحة الطبخ ,إلا ان ما حصل في مناسبة أكيتو جاء ليؤكد توقعاتي مع الاسف, لا أقول ذلك تشاؤما أو حطا ً من معنويات ابناء شعبنا, فشعبنا كان وما زال يؤمن وبكل قناعه باننا واحد لا يقبل القسمة مهما قست به الايام ومهما تمايلت أشرعة وبوصلات سفان مراكب ساستنا ومثقفينا .
الكثيرون شاهدوا المسيره النيسانيه (اكيتو) التي نظمتها الحركه الديمقراطيه الآشوريه, وقد استمتعنا بمشاهدة الآلاف من ابناء شعبنا فرحين يجوبون شوارع مدينة دهوك ( نوهدرا) إحتفاء ً بالمناسبه, بلاشك جهود الحركه وجماهيرها والوافدين من خارج القطر كلها مشكوره , لكن ذلك لا يعفي الحركه من نقدنا الموجه لأطراف تجمع احزابنا وتنظيماتنا القوميه , نحن في نقدنا لسنا بصدد مصادرة او هضم حق الذي تدله قناعاته الى سلوك ونهج سياسي معين يختاره لنفسه ,او اتباع تقويم او تسمية باختياره للإحتفاء لكن عليه أن لا ينسى باننا شعبا واحدا في السراء والضراء وعلى هذا الاساس يتوجب التقيد بهذه النقطة في ممارسة نشاطاتنا . النقطه التي بودي ان اركز اشارتي اليه , هي ان الورقه المقدمه لحكومتي بغداد واربيل والتي يطالب فيها التجمع مشكورا منح حقوقنا القوميه والوطنيه ( علما ان الحقوق تؤخذ وتحتاج الى سواعد وعقول مؤمنه لأخذها) , مع الاسف لم تحظى هذه الورقه بما تستحقه في مراسيم احتفالات أكيتو وهو أضعف الايمان , حيث أخفق الموقعون على الورقة في تحقيق خطوه هي من السهولة بمكان بحيث كان من الممكن تحقيقها اعلاميا في اقل تقدير لكن ذلك لم يحصل , وإلا مالذي منعهم من ان يشكلوا كردوسا من ممثلي أحزابهم يتقدم مسيرة أكيتو لمدة ربما لا تتجاوز الساعه او الساعتين؟ .
حقيقةً انا لا يهمني من سيقول عن مقالي بانه مقال مغرض وتحريضي , لأني ضد الذي يعتبر الورقه ومطاليبها موضوعة سياسيه بحته لا رابط يربطها بالاحتفاء سوية او مفرقين في مثل هكذا مناسبه , كما لست بمؤيد للمدعي بان تناولنا لمثل هذه الاموريجب ان يكون له توقيتات محدده كي لا ينعكس سلبا علينا , هذا في نظري كلام غير دقيق و تبرير يخفي بين طياته أمورا سلبيه مزمنه ذقنا بسببها الويلات, إن كان البعض يتحفظ على كشفها او مواجهتها , فهي من المهمات التي تتطلب المعالجه وما ارقاها من معالجه حين تكون عاجله ,ثم نحن حين نخاطب المسؤول , نخاطبه لاننا على علم ويقين بان مشكلتنا ليس في شعبنا المظلوم الذي ما زال موحدا رغم كل ما يتلقاه من نكسات ومطبات ,انما أساس مشكلتنا هي في سلوك بعض المثقفين من سياسيين ورجال دين الذين فشلوا أكثر من مرة وفي اكثر من مناسبه أن يثبتوا لابناء شعبهم وللسلطات الحكوميه بأنهم يمثلون شعبا واحدا متكاتفا , حتى وإن إختلفوا في رؤاهم السياسيه والمذهبيه فالضرر ليس في ذلك , انما الضير حين يتفقوا على استغفالنا وكأنهم ليسوا معنيون في إسعاد شعبهم وإظهاره بالمظهر اللائق, اذن بأي منطق سنتحدث عن وجود تجمع تنظيمات وأحزاب , وباي وجه سنطالب الآخربالاستجابة لمطالبنا .
اعود واقول بأن حجب الشمس بغربال لم يعد يجدي كي نغض الطرف عن ظاهرة عدم إستقلالية البعض في امتلاك حرية القرار والتغطيه عليها بحجج وتبريرات سئم منها شعبنا , لم تعد هذه المسأله بخافيه لا بل باتت مفضوحه سياسيا ومعيبه لدرجه لا يمكن السكوت عليها , خاصة و الانتهازيه تتكلم عن نفسها عندما يحاول احدهم تصفيط الحجج كلما حسّ بعجزه عن تلبية ابسط ما يمكن تلبيته لابناء جلدته في وقت شعبنا بأمس الحاجة الى إظهار ملمح من ملامح التكاتف والتآلف , نعم الانتهازي ( عذرا عن استخدام الكلمه ) فقط لا يمتلك جرأة مواجهة الحقيقه التي باتت معروفه خاصة ونحن نتحدث لسنوات عن غياب كيان سياسي حقيقي وموحد يستحيل خلقه في غياب الاستقلالية التي تستدعيه في اضعف حالاتها الى السير مع اهله المحتفلين في اكيتو ,وقد تأكد ذلك في تلكؤ الإخوه في التجمع وعدم قدرتهم على تحقيق خطوه شكليه هي من أبسط ما يمكن تحقيقها الا وهي السير سوية في مسيرة احتفاليه شعبيه .
لنفترض ان حزبا او تنظيما رفض لسبب ما ان يجامل ابناء شعبه في الاندماج مع فكرة تشكيل كردوس من ممثلي الاحزاب والسير يد بيد سوية في مقدمة المسيره التي نظمتها الحركه زوعا , لا باس ربما سنعطيه الحق في ذلك استثناء ً ومن وراء أذننا كما يقال, ولكن ألم يكن من باب أولى وإحتراما للحمتنا القوميه والوطنيه والشعبيه , ان تتفق أحزابنا فيما بينها على قيام كل حزب لوحده في تسيير جماهيره في شارع يختاره لنفسه لرفع شعارات يافطاته مع فرقته الموسيقيه وشعرائه وفنانيه ثم تلتحم المسيرات مع بعضها في نهاية او مفترق احد شوارع دهوك؟ لماذا لم يفكروا بهذه الطريقه؟ سؤال مطروح ربما سيرى البعض فيه شيئا من الخبث , وليكن ,لكن الاجابه عليه مطلوبة كي يفهم الشعب اين هو الداء وكيف يمكن معالجته.
بمناسبة أعياد أكيتو, أتقدم بأحر التهاني لأبناء شعبنا الكلدواشوريين السريان متمنياً لهم عاما ً آمنا ً تكتمل فيه عودة أهلنا النازحين الى بلداتهم وقراهم معززين مكرمين .
الوطن والشعب من وراء القصد