درس في التأوين وفي كيفية الحفاظ على ثقافتنا – عيد السعانين نموذجا
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
يحل علينا عيد السعانين. وأكاد اجزم ان كلنا نملك ذكريات طيبة عن هذا العيد وأناشيده الجميلة العذبة التي حفظتها ذاكرتنا ونحن أطفال صغار.
بيد ان الكثير من هذه الأناشيد التي تشكل عنصرا مهما من ثقافتنا، في طريقه الى النسيان او الترك أحيانا بحجة العصرنة واحيانا أخرى بحجة التأوين.
وبدون مقدمات وإسهاب، أقدم هنا ما اراه انه درس متواضع في ما يجب ان يكون عليه التأوين، الذي يجب ان يساعدنا على الحفاظ على تراثنا ولغتنا وثقافتنا وليس استبدالها او تهميشها.
وبمناسبة هذا العيد المبارك الذي له ذكريات لا تنسى في كل واحد منا، أضع هذه التجربة المتواضعة امام أبناء وبنات شعبنا كلدانا، ام سريانا ام اشوريين واذكرهم ان خسارتنا لثقافتنا (لغتنا) ستكون خسارة لا تعوض، لأنها تعني انهاء وجودنا كأمة وكنيسة مشرقية مجيدة بأسمائنا ومذاهبنا المختلفة.
وأناشيد السعانين، رغم روعتها وتأثيرها الخارق فينا، ما هي الا قطرة في بحر ثقافتنا التي يجب ان نتحمل مسؤولية الحفاظ عليها من الضياع وعاتق هذه المسؤولية يقع في الأخص على أصحاب الشأن في صفوفنا.
ولا علاقة للتشبث بهذا الإرث المجيد بالمذهب الذي نحن عليه او موقفنا من الكنيسة او إن كنا متدينين ام لا. في الغرب مثلا تعد أناشيد مثل هذه تراثا ثقافيا قوميا يحافظ عليه الجميع ويتم تدريسه في المدارس رغم علمانية النظم التي تحكم الدول الغربية.
وقبل تقديم هذه الدرس المتواضع، لا يسعني الا تقديم الشكر الى الأخ الملقب TheHenok30 الذي وضع نهجا مقاربا لنهجي هذا وباللغة الإنكليزية، مما شجعني على اقتفاء أثره لإعداد هذا الدرس في التأوين الذي أمل ان يكون بادرة تأخذ بها الكنائس ومؤسسات شعبنا للحفاظ على ثقافتنا.
وأمل أيضا ان يأخذ بهذه المبادرة المسؤولين الذين يهمهم شأن التأوين كباردة حسن نيه تجاه موقفهم من ثقافة شعبنا ويعمموها في الكنائس والمؤسسات للحفاظ على هذا الإرث الكنسي السامي والنبوي.
وأدعو قرائي الكرام أولا الى الاستماع الى نشيد السعانين هذا (مقام بيات) كما يتم تأديته في كنيسة المشرق الاشورية وكنيسة المشرق القديمة (سوركاذا عتيقا). درس التأوين ادناه يستند الى النص كما ورد في هذا النشيد:
https://www.youtube.com/watch?v=QnFsKUtdlZQومن ثم ادعو قرائي الكرام الى الاستماع الى النشيد ذاته كما يؤدى في كنيسة المشرق الكلدانية وهو من مقام جاركه:
https://www.youtube.com/watch?v=wQ0xaOre_-oتأوين النص
البيت الأول
ملكا (ملك) دملكى (الملوك) دمركوثى (في مركبته) نورا (من النار) بنورا (وفي النار) وشلهيويثا (واللهب) دعل عيلا (على ظهر اتان) شيطا (وضيع) رخيوا (امتطى) شوحا لشمه (المجد لاسمه).
البيت الثاني
إيثلى (له) بروما (في السماوات) شماشى (شمامسة) دلا (بدون) منيانا (عدد) قاعين (يصرخون) كلهون (اجمعين) قديش (قدوس) قديش (قدوس) قديشات (قدوس انت) شوحا لشمه (المجد لاسمه).
البيت الثالث
برقى (ابراق) دنورا (من النار) مزهرين (تضيء) حذاري (في محيط) كرسييى (عرشه) وغهران (وتنبهر وتبهت) عينى (عيون) دعويذى (المخلوقين) من (من) زهرى (اشعة متألقة) طاو (كثيرا) شوحا لشمه (المجد لاسمه).
البيت الرابع
كيغلى (أقراص) دنورا (من الضياء) دحيلاثا (رعشة وخوف) وعزيزاثا (شديدة) ورعلين (وترتعش) كرووى (ملائكة) وسرابى (وساروفين) دنحورون (للنظر) بيه (فيه) شوحا لشمه (المجد لاسمه).
البيت الخامس
دحيلا (مرهبة) حزاثى (رؤيته) عال (بالنسبة) بريا (للمخلوقين) طاو (أكثر ) من (من) كلّا (الكل) وراما (وأكثر اجلالا هي) دموثى (هيئته) من (من) دوميا (الشبيه) ومن (واكثر من) مدميانى (المشبه به) شوحا لشمه (المجد لاسمه).
البيت السادس
هللويا (هللويا) قاعين (يرتلون) ليه (له) عيرى (الملائكة) بروما (في العلى -السماء) وطلايونى (والصبيان) اوشعنا (اوشعنا) قعاو (يصرخوون) ليه (له) بعمقا (في الأعماق – الأرض) شوحا لشمه (المجد لاسمه).
البيت السابع
وردا (ورد) وأسا (وآس) وشوشنى (والسوسن) وبقحيي (زهور) نيسان (نيسان) عم (مع) اطروكى (اغصان النارنج) طعينينواو (كانوا له حاملين) ومزيحين (ويزيحون) ليه (له) شوحا لشمه (المجد لاسمه).
وختاما أقول نحن امام نص ادبي سامي، فيه يشرح لنا كاتبنا المبدع وبلغة مليئة بالاستعارات والرموز والمجازات فيها خاصية حوارية عجيبة ومقارنة بين ما يحدث في الأرض وما يحدث في السماء في هذا العيد المبارك ومعها مقارنة ومقاربة للمسيح الإله في السماء بين الملائكة والمسيح البشر على الأرض بين الصبيان.
نص سماوي ونبوي لا أظن هناك ما يرقى الى سموه في أي ادب أخر وإن اخذنا عمقه وعمره في عين الاعتبار نكون اما معجزة أدبية وان وضعنا لحنه وأنغامه في عين الاعتبار نكون امام فن لا يرقى اليه في قدمه وفي روعته أي فن اخر في الدنيا.
أكتفي بهذا القدر، لأن تحليل النص كما ورد هنا وهو سبعة ابيات (النص الأصلي يتألف من 23 بيتا) قد تحتاج الى مقال منفصل او أكثر.
ولمزيد من المعلومات حول هذه القصيدة الساحرة والتي تعد جوهرة من جواهر ثقافتنا، احيل القارىء الكريم الى التوضيحات المهمة التي يقدمها زميلي وصديقي العزيز ادي بيث بنيامين في رده رقم 2 حيث يلقي مزيدا من الضوء عليها ويقدم لنا النص الأصلي بمجمله. فله منا الشكر الجزيل.