في الذكرى " 102 "لمجازر الأرمن والسريان الآراميون "سيفو 1915 " على يد العثمانيين
بقلم : وسام موميكا يصادف يوم 24 من نيسان من كل عام ذكرى مجازر (سيفو 1915 ) والتي إرتُكبَت بحق الأرمن والسريان الآراميون من قِبل الدولة العثمانية المُجرمة في تركيا الحالية .
في عام 1914 بدأت الحرب العالمية الأولى والتي نَتجَت عنها مقتل الملايين وكانت نقطة النهاية لعدد من الإمبراطوريات التي تم تَقاسمت أراضيها ، وكانت الأراضي العثمانية من أهم الأسباب التي قامت لأجلها هذه الحرب التي حصدت الملايين من الأرواح البشرية وهذه الحرب كان لها الأثر الكبير على المجازر التي حلت على الأرمن والسريان الآراميون وباقي القوميات الأخرى .وما أصاب الدولة العثمانية المُجرمة من جراء هذه الحرب من ضِعف في الجانب الإقتصادي والسياسي وخسارة جزء من أراضيها لدول الغرب.
في الوثائق والسجلات العثمانية يتطرقون الى هذه المجزرة من جانب آخر ومغاير تماما عن الحقيقة وكما هو معروف أن المجرم لايعترف بخطأئهِ ، ودولة إرهابية بحجم الدولة العثمانية كانت معروفة بالإستبداد ومن جاء بعدها من حكومات والى يومنا هذا لايُقرون ولايعترفون بجرائم إقترفها آبائهم وأجدادهم وهذا أمر طبيعي بأن يَتستر الأبناء على تاريخ أسلافهم الملطخ بالدماء .
كانت الدولة الإرهابية العثمانية تطلق على الأرمن (المِلة الصادقة ) وهذا أمر طبيعي ومعروف عن الأخوة الأرمن ، و حيث كان الأرمن والسريان الآراميون في ظل الدولة الإرهابية العثمانية يشتهرون في الزراعة والصناعة وحِرَفٍ عدة كما وساهموا بشكل كبير في بناء أجمل المباني وإستطاعوا من العمل في مختلف مؤسسات الدولة وحسب وثائق العثمانيين كان للأرمن بشكل خاص مستشارين وجُباة وأطباء في القصر السلطاني وهكذا إتخذوا مكاناً لهم في نظام الدولة الإرهابية العثمانية على مدار قرون حتى أواسط القرن التاسع عشر وهذا يَدُل أن الأرمن خدموا بلادهم بكل إخلاص وتفاني لكن للأسف النظرة المتشددة والفكر الإسلامي المتعصب كان له دور كبير داخل الدولة العثمانية منذ ذلك الحين .
وفي عام 1890 بدأت الدولة الإرهابية العثمانية التحضير للمجازر بحق الأقليات القومية في المنطقة وخاصة عندما أعلن السلطان العثماني المجرم (عبد الحميد الثاني ) المصاب بجنون العظمة كما يُحكى عنهُ بِتشكيل عصابات ماتسمى * الألوية الحميدية * السيئة الصيت حينها تفاجأ الأرمن والسريان الآراميون وأصيبوا بصدمة بسبب قرار تشكيل هذه العصابات ، مما زاد ذلك في تعميق الأزمة الأمنية في البلاد بسبب تنافس هذه العصابات بإستخدام القوة المفرطة ضد الشعب مع تحول السلطان العثماني المجرم عبد الحميد إلى دكتاتور ، ولكي لاندخل أكثر في تفاصيل الموضوع الذي قد يحتاج منا إلى كتابة أجزاء من المقال الذي جاء متزامنا مع الذكرى المائة وإثنان لمجزرة سيفو 1915 ولهذا سوف أتطرق سريعا للموضوع ولن أغوص كثيرا في التفاصيل وسوف أختصرهُ للقراء والمتابعين الكِرام .
وتقول مصادر أنهُ في عام 1908 إستقبل كل من الروم واليهود و الأرمن والسريان الأراميون خبر نظام المشروطية بالترحيب حيث عقب ذلك دخول 14 عضواً أرمنياً إلى مجلس الأُمة العثماني ، وكان للجماعات الإسلامية والأرمنية نظرات وتوجهات مختلفة فيما بينهما داخل هذا المجلس ، وحيث كان الأرمن قد حصلوا على المقاعد من خلال تحالف المثقفين وحزب طاشناق الذي كان يُعرَف بحركة التحرير الأرمنية مع حزب الإتحاد والترقي آنذاك ، وهذا حسب ماورَد في سجلات الوثائق العثمانية .
وإستمر الحال حتى عام 1909 حيث تفاقمت الأحداث في ( أضنة ) بين المسلمين والمسيحيين من الأرمن والسريان الآراميون وكانت بداية الشرارة الأولى لتهجير وإرتكاب مجازر بحق المسيحيين الأرمن والسريان الآراميون .
كما وورَد في وثائق ومصادر العثمانيين الكاذبة أنه عند بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914 إلتقى عدد من المسؤولين في الدولة العثمانية المجرمة مع عدد من ممثلي حزب *طاشناق * الأرمني للسؤال عن موقفهِ ، فكان جواب الحزب أنه سوف يقف على الحياد ، ولكن المؤسسة الكنسية والدينية في يريفان طالبوا من الروس حماية الشعب الأرمني ، وبعد موافقة الروس على حماية الأرمن شَكل الأرمن وحدات مقاتلة وبالطبع هذا كذب عثماني لتبرير مجازرهِ وأفعالهِ تمهيدا لتَنفيذها بحق القوميات الأصيلة في المنطقة وخاصة الأرمن والسريان الآراميون ، وكانت هذه حجة وذريعة إتخذتها الدولة الإرهابية العثمانية لإبادة الشعوب الأصيلة وتبرير أفعالها حيث بدأت الحكومة العثمانية المُجرمة تُعبر عن قلقها بشأن الموضوع بحجة الوضع الأمني والداخلي للبلاد ، ومن ثم تطورت الأمور وزادت حِدة التوتر وأعلنت الدولة العثمانية المجرمة كذباً وإفتراءاً أن هناك حركة عصيان مسلح في (وان ) أولاً وحَسب إدعائها أنها إنتقَلت الى مناطق ومُدن أُخرى من سائِر البلاد التي يسكنها الأرمن وأبناء شعبنا من السريان الآراميون .
وفي الخامس عشر من نيسان عام 1915 أعلنت الدولة الإرهابية العثمانية أن المسلحين الأرمن في (وان ) قد قاموا بِقتل عشرة آلاف مُسلِم وهذا لتحريض الشَعب وتنفيذ مخطط التصفية والإنتقام والتطهير العرقي بحق المسيحيين عموماً وليس فقط الأرمن فحسب بل حتى السريان الآراميون واليهود كان لهم حصة من جرائم وبطش الدولة العثمانية ، وكانت قد أعَدَت الدولة العثمانية الإرهابية تَعميماً سرياً يستهدف الأرمن والسريان الآراميون في سائِر البلاد وحيث أصدر المجرم (طلعت باشا ) أمراً بإغلاق الجمعيات المسيحية الخاصة بالأرمن والسريان الآراميون وإعتقال مسؤوليها وكان ذلك قراراً إحترازياً إتخذته الدولة العثمانية الإرهابية بعد إشاعتها الكاذبة عن تمرد وعصيان أرمني في البلاد .
وتقول مصادر أنه بعد صدور القرار بحق المسيحيين عموما من الأرمن والسريان الآراميون تم تنفيذ مذكرة الإعتقال بحق 235 شخصاً وبعد فترة وصل العدد حتى 2240 معتقلاً من المسيحيين بمختلف قومياتهم وكان من بين المعتقلين ايضاً نوابٌ ومُثقفون وفنانون.
وبتاريخ 24 من نيسان عام 1915 وقعت الإبادة الجماعية و المجازر المنضوية تحت إسم "مذبحة سيفو" هي مجزرة دياربكر ومجزرة طورعابدين التي هاجر منها عدد كبير من الأرمن والسريان الآراميين هرباً من القتل ، كما وتَوجَهت بعض العوائل الناجية من هذه المجزرة نحو سوريا والعراق وقسمٌ مِنهم إتجه نحو دول أخرى مثل أوروبا ، وهكذا فُرغَت مُدُنٍ سريانية آرامية مثل نصيبين و ماردين و حَران وأورفا و * مديات * عاصمة أَول مملكة *آرامية* والتي تعود للقرن الثالث عشر ق.م "مملكة بيث زماني" !
ولا يوجد حتى يومنا هذا عَددٌ مُوَثق لأعداد الضحايا والشهداء ، لكن هُناكَ عدد من الدراسات تُبين أن عدد الضحايا لشهداء * مجازر سيفو * يتراوح بين المائتين وخمسين ألفاً وسبعمائة وخمسين ألفاً ، حيث إستَشهدوا الآلاف من الأرمن و السريان الآراميون بتخطيط وتنفيذ من قبل الدولة العثمانية الإرهابية آنذاك ، و كما أفصحنا أعلاه كان ذلك بتأثير التحريض العنصري والطائفي كما حدث لشعبنا المسيحي بجميع قومياته في سوريا والعراق ومسلسل التهجير والتطهير العرقي الذي طال شعوب المنطقة منذ إندلاع الحرب في سوريا وسقوط نظام الحكم في العراق عام 2003 وبَدء مُخطط تَهجير وإقتلاع مسيحي الشرق من جذورهم والتي أطلقنا عليها تسمية (سيفو الثانية ) والتي لاتختلف عن إبادة (سيفو 1915 ) من حيث التخطيط والهدف الرئيسي منها ، وأكتفي بهذا القدر وأرجو أن اكون قد أديتُ واجبي القومي بِحَق تجاه الذكرى الأليمة لمجازر الإبادة الجماعية للأرمن والسريان الآراميون ( سيفو 1915) .
الخِزي والعار للمُجرمين القَتَلة
المَجد والخُلود لشِهداء الأُمَة السريانية الآرامية
وشكراً