يقصد بالكوتا ( Quota ) تخصيص نسبة او حصة او عدد محدد من مقاعد الهيئات والمجالس المنتخبة مثل البرلمانات والمجالس البلدية لجنس او مكون او قومية معينة وذلك لضمان مشاركة تلك الجهة المعنية في التشريع وصناعة القرار، لان تلك الفئة او الطائفة او القومية او الجنس لن يتمكنوا من التمثيل المناسب في البرلمانات ومجالس البلديات بسبب قلة الاصوات التي يحصلون عليها بصورة اعتيادية لقلة عدد نفوسهم والتي تمنعهم من الحصول على مقاعد برلمانية، ومن هذا المنطلق خصصت للمكون المسيحي! باعتباره اقلية خمسة مقاعد في مجلس النواب العراقي ( البرلمان ) ومن قبله خصصت نفس المقاعد للمسيحيين في برلمان اقليم كوردستان، لكن بدلا من اعتبار الكوتا وسيلة لتمثيل شعب اصبحت اداة لتدميره بعيدا عن كل القيم والمبادىء التي على السياسي ( وليس التاجر ) التحلى بها وتطبيقها، فاصبحت الكوتا سببا في التفريق والتناحر والتناطح واسهل وسيلة لتبوأ المناصب والتمتع بامتيازاتها بعيدا عن الهدف الحقيقي التي من اجله خصصت هذه المقاعد.
في العراق الديمقراطي الجديد لم يكن هناك تصويت واقتراع على شخص لاخلاصه ومواقفه الانسانية والسياسية او على برنامج انتخابي يثير الناخب ويحفزه على اختيار القائمة او الكتلة او الشخص المناسب لتمثيله في البرلمان بل كان هناك تصويت على الطائفة او القومية، وباعتبار شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ( المسيحيين ) جزء من الشعب العراقي يحمل ثقافته واسلوبه في التعامل مع الوقائع والاحداث فاننا لم نخرج من هذه الدائرة الضيقة في التصويت واخفقنا مرارا وتكرارا في اختيار الانسب والافضل والاصلح لتمثيلنا في البرلمان فصوت الاغلبية للطائفة او الحزب بغض النظر عن الشخص المرشح ومدى اخلاصه لقضيتنا القومية وايمانه بتحقيق مصالحنا بعيدا عن الانانية وتكريس القضية لخدمة وتحقيق اهداف ومصالح شخصية لا تمت الى قضيتنا القومية ومستقبلنا بصلة، لذلك لا نستغرب من استغلال العواطف والمشاعر الدينية والقومية من قبل بعض الاشخاص الذين احتكروا المناصب المخصصة لشعبنا منذ تسعينيات القرن الماضي في برلمان وحكومة اقليم كوردستان ومن ثم في مجلس النواب العراقي وحكومة المركز بعد عام 2003.
كل الاحداث والمواقف تؤكد لنا، كشعب، ان اغلبية القادة والمسؤولين والسياسيين في كافة الاحزاب والمؤسسات والمنظمات والهئيات ...الخ لا تهمهم معاناة الشعب ومآسيه بقدر اهتمامهم بالبقاء في المنصب، حتى لو لم يبق في العراق مسيحي واحد، واغتنام الفرص لجمع ما يمكن من المال الحرام ولا يهم ان كان هذا المال على حساب مستقبل شعبنا وفنائه او مستقطع من خبز يتيم حافي او محجوبا عن ارملة ليس لها من معيل، لكن رغم ذلك يحاول هؤلاء القادة المحترمين! الاحتفاظ بمنصبهم مستخدمين كل الطرق والاساليب الملتوية من كذب وتضليل وخداع مختصرين ومختزلين قضية شعبنا بانفسهم!، والاكثر الما واسفا هو استمرار البعض من المطبلين والمزمرين والكتاب المستقلين! ( الذين يكتبون للشعب والوطن! ويخجلون من اعلان انتمائهم ) والوعاظين والمنافقين واصحاب الفتات من تقديس قادتهم العظماء وتمجيد اخفاقاتهم لنيل رضاهم، الذين كرسوا الشعب وقضيته لتبوأ المناصب وبناء الامبراطوريات المالية.
بعيدا عن الطوباوية والمثالية في التعامل مع سياسي شعبنا، فان من حق السياسي ان يقبض ثمن جهده وتعبه وقيادته للمسيرة القومية لكن بعيدا عن شخصنة القضية واستغلالها بابشع الصور لتحقيق منافع شخصية وعائلية وحزبية، اي يجب ان يكون هناك حالة من التوازن بين المنافع والمصالح الشخصية والقومية، لذلك يجب على السياسي تقديم الافضل لشعبه خصوصا وان منصبه ملك للشعب كونه مخصص للشعب وليس لشخصه، لكن سياسي! شعبنا اهملوا وتجنبوا كل القيم والمباديء الاخلاقية والسياسية في التعامل مع شعبنا وقضيته فسحقوا الشعب واغتالوا القضية للتمتع بالمناصب والامتيازات والمنافع لاطول فترة ممكنة.
شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ( المسيحي ) في العراق ذاق المر كثيرا وعاني من الويلات والمآسي والمذابح طويلا، واخر هذه الويلات التي هزت كيانه ووجوده كانت غزوة داعش لبلداته ومدنه في محافظة وسهل نينوى والتي ادت الى تهجير كل ابناء شعبنا في هذه المناطق والكثير ترك البلاد لفقدانه الامل بالرجوع والعيش الامن في تلك المناطق، والتي تبين بعد تحريرها! انها تتعرض الى تغيير ديمغرافي لم تشهده المنطقة سابقا يؤدي بالنهاية الى فقدانها لمسيحييها.
استغلال الكوتا المسيحية لتوحيد الخطاب السياسي هو مطلب وطموح شعبي لتحقيق الحد الادنى من المطاليب الشعبية ورفع الغبن والظلم الذي يلاحق ابناء شعبنا اينما حلوا في الوطن، لذلك نأمل ونرجو من المرشحين ان يتحلوا بقليل من الانصاف تجاه قضيتهم، ونرجو من الناخبين اختيار الافضل والانسب لتمثيلهم خصوصا وان البعض من المرشحين بدأوا بدعايتهم الانتخابية في المهجر بعقد ندوات لابناء طائفتهم! لكسب اصواتهم.
همسة:- جميل ان يكون لك منصب كبير وان تكون مقدرا لكن الاجمل ان تمشي بين اهلك وابناء امتك مرفوع الرأس، فتبا لمناصبكم التي تسلمتموها باسمنا واحتفظتم بها بدمائنا.
كوهر يوحنان عوديش
gawher75@yahoo.com