بداية اتمنى وارجو من مؤيدي ومؤزاري ومحبي السيد يونادم ان يتقبلوا بصدر رحب وواسع وروح رياضية نقدنا وتعقيبنا على سياسة وعمل السيد يونادم منذ تسعينات القرن الماضي لحد يومنا هذا وان يكون حوارهم معنا بخصوص ما نكتب ونعبرعنه من اراء هادئا وهادفا وشفافا بعيدا عن التعصب الاعمى والتطبيل المجاني لاناس كرسوا قضيتنا لخدمة مصالحهم الشخصية.....
من المعلوم والمؤكد ان وضعنا كمسيحيين لم يعد قابلا للمجاملة والتصفيق لاي كان، لان المآسي التي تثقل كاهلنا والمعاناة التي تحوم حولنا جعلتنا ضائعين تائهين في بلد نفختر بكوننا اصلائه لم تترك لنا من امل سوى الهجرة.....
المتحدثين باسمنا والمدافعين عن حقوقنا على الفضائيات وامام شاشات التلفزة وفي الندوات التعريفية خلال حملات الانتخابات الدعائية كثيرون لا يعدون ولا يحصون اما في الواقع فما اقلهم او بالاحرى هم نادرون، وكوننا احد ابناء هذا الشعب ( الكلداني السرياني الاشوري ) يحق لنا ان نعبر عن رأينا الشخصي بخصوص ما يضر حاضرنا ويمس بالسوء وجودنا ومستقبنا، وفي نفس الوقت كشف حقيقة بعض المتاجرين بمعاناتنا من المحسوبين علينا.
لقاءات السيد يونادم كثيرة وما يتناوله من مواضيع في غاية الاهمية خصوصا ما يتعلق بوضع شعبنا لكن لحد اليوم لم نسمع سوى الكلام المعسول المنمق دون منجزات او حلول واقعية لمشاكلنا تعطينا املا في الثبوت والبقاء في هذا الوطن، ومن هذه اللقاءات التي استمعت اليها صدفة كان لقائه على قناة (هنا بغداد في 8/7/2018 ) في برنامج ( نقطة نظام ) تناول فيه بعض منجزاته لشعبنا... والتي نحاول مناقشتها باختصار شديد وحيادية وشفافية قدر الامكان.
النصاب الوطني والسيد يونادم كنا
في معرض حديثه يقول السيد يونادم ان ( النصاب الوطني بغيابنا لن يتحقق )، نتفق مع السيد يونادم في ان نصاب العراق الوطني لن يكتمل دون المشاركة الفعلية لجميع اطيافه في ادارة البلد امنيا واقتصاديا وتشريعيا وتنفيذيا وقضائيا ....الخ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا ومن يقصد السيد ب ( بغيابنا )؟هل يقصد تمثيل حقيقي من قبل اناس نزيهين وكفوئين وجريئين يعبرون عن طموحات شعبنا ويدافعون عن حقوقنا دون مساومات او مجاملات او يقصد بضعة انتهازيين يكرسون قضيتنا لتمرير منافع شخصية بعيدة عن الهم القومي والديني؟ وهل يقصد المسيحيين ككل او يقصد نفسه وشخصه بالتحديد، لانه لم يكن غائبا من المشاركة الشخصية ( على حساب اسمنا ومعاناتنا ) في العملية السياسية سواء في الاقليم منذ 1992 او في بغداد منذ 2003 لحد يومنا هذا، فاصبح وزيرا للاشغال والاسكان 1992 – 1999 ، ووزيرا للصناعة والطاقة 1999 – 2001 هذا في حكومة الاقليم، اما بعد اسقاط النظام العراقي السابق فاصبح عضو مجلس الحكم – رئيس لجنة الاعمار والخدمات العامة عن المكون الكلداني السرياني الاشوري تموز 2003 – حزيران 2004 ( لم يفند السيد يونادم الشائعات والاقاويل التي اثيرت حول اعتراضه على زيادة نسبة التمثيل المسيحي في مجلس الحكم باكثر من ممثل! )، عضو المجلس الوطني المؤقت آب 2004 – كانون الاول 2004، عضو الجمعية الوطنية العراقي 2005، رئيس قائمة الرافدين الوطنية في انتخابات الجمعية الوطنية العراقية والبرلمان العراقي وبرلمان اقليم كوردستان ومجالس المحافظات وعضو مجلي النواب العراقي من 2006 الى 2018، لن ادخل في ذكر تفاصيل مملة يعرفها القاصي والداني تعقيبا على كلامه هذا بل اختصر تعقيبي بسؤال قصير، متمنيا العثور على جواب مقنع يثبت خطأ تقييمي لنضال وانجازات السيد يونادم، الا وهو هل يستطيع السيد يونادم ومن يؤيده ذكر جزء من انجازاته او حتى انجاز واحد او موقف مشرف واحد يصب في مصلحة شعبنا ويعطيه فرصة او فسحة امل للعيش بكرامة والاستمرار في الوطن طيلة هذه السنوات؟
الثبات في الوطن ونسبة التمثيل
يقول السيد يونادم ( سعينا ولا زلنا نسعى لنثبت في هذا الوطن )، لا نعرف ما هي مساعي السيد للثبات في الوطن وكيف يعرفها ويوضحها للعامة من ابناء شعبنا الذين حزموا حقائبهم ليودعوا وطن الاجداد، فالثبات لايعني خداع وتضليل الشعب وحثه على البقاء في النار دون امل ( هل يستطيع السيد يونادم كشف مكان اقامة عائلته وجنسيتهم؟ )، لان الداعي لشيء ما يجب ان يكون قدوة ضمن ما يدعي به، او على الاقل تطبيق ما يدعي به شخصيا لاظهار صدق نياته واخلاصه لما يقوله وينصح به، لكن يبدو ان للثبات في هذا الوطن مفهوم وتعريف اخر لدى السيد يونادم الا وهو البقاء في المنصب!!! ليس الا، وهذا الثبات ( في المنصب طبعا ) كلف الحركة وسكرتيرها كوادر كثر وجمهور كبير.
ويمضي السيد يونادم في كلامه حتى يصل الى ما يشبه التنبوء! عن مستقبل شعبنا المظلم حيث يقول ( بعد عشرة سنوات لن تلقى مسيحي بالبلد! )، نعم لن نلقى مسيحي لكن من الممكن ان نلقى اشخاص التصقوا بالكرسي ورفضوا الانفصال عنه. الكل يعرف ماذا حصل مع المسيحيين بعد الانفلات الامني والقانوني الذي رافق اسقاط النظام السابق عام 2003 وما بعده، لان المسيحيين بقلتهم العددية وعدم امتلاكهم لميليشيا مسلحة تحميهم وامتناع دول الجوار وحتى العالم عن دعمهم وحمايتهم اضافة الى الاتجار بقضيتنا ومعاناتنا من قبل الانتهازيين الذين سمحت لهم الفرصة للتحكم بمصيرنا وتمثيلنا، حيث ان كل ما كان يحدث ولا يزال مستمرا من قتل واختطاف وتدمير للكنائس والتحريض الديني وتشريع للقوانين الاقصائية ...الخ يؤشر ويدل على اقتراب نهاية المسيحيين وانقراضهم من وطن هم اصحابه واصلائه، لكن المصالح الشخصية والعائلية والحزبية للمحسوبين علينا كانت دائما تقف عائقا امام الاعتراف بذلك والتصريح به، لذلك كانت كل تصريحاتهم لا تخرج عن كونها مكياجا لبشاعة ما يحدث معنا من جرائم ومذابح.
دق ناقوس خطر الانقراض من قبل السيد يونادم الان ( بعد تمثيل المسيحيين لاكثر من 27 سنة ) له مدلولين لا ثالث لهما، المدلول الاول هو ندم السيد يونادم على سكوته على تهميش شعبنا واقصائه والانتقاص من عقيدته وسلب حريته بتشريعات برلمانية، وايضا السكوت على كل المجازر والمذابخ التي ارتكبت ضد شعبنا طيلة فترة تمثيله في الحكومة والبرلمان، اما المدلول الثاني هو محاولة يائسة لخداع الرأي العام والتلاعب بمشاعر وعواطف ابناء شعبنا للظهور بمظهر المخلص لقضيتنا والمدافع عن حقوقنا والمناضل من اجل مستقبلنا، خصوصا وان نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة يمكن ان تؤدي الى ازاحة السيد يونادم من المشهد السياسي والا لماذا لم يحرك هذا السيد ساكنا ولم يعلن عن الابادة التي نتعرض لها! عندما كان يتمتع بالنفوذ والمناصب والامتيازات ويحتكر المناصب المخصصة لشعبنا لنفسه وعائلته والمطبلين له فيعين من يشاء في السفارات والوزارات ووووو.
اعتبار 2014 ( لحد الساعة ) باسوأ مراحل التاريخ حسب تعبير ورؤية السيد يونادم هو اكبر جريمة بحق تاريخنا الموثوق بالدم، لاننا كمسيحيين عانينا كثيرا بسبب انتمائنا الديني ومعاناتنا كانت تنقص وتزداد مع كيفية ادارة النظام الحاكم للبلد ودرجة تشدده وانفتاحه ومدى تطبيق القانون وانعدامه والية تشريع القوانين وتكييفها مع معتقداتنا وانتمائتنا الدينية والقومية مع مراعاة خصوصيتنا، وهكذا فان المذابح والمجازر وحملات التهجير التي بدأت بالاشتداد منذ 2003 كانت كافية لتوضيح الرؤى والمستقبل المظلم الذي ينتظر شعبنا في العراق لكن حفاظا على المصالح الشخصية والحزبية فان السيد يونادم سكت على كل المظالم وكان يعتبر ما يحدث للمسيحيين جزء مما يحدث للشعب العراقي ككل، وفي كل تصريحاته كان ينفي وجود حملة تصفوية ضد المسيحيين، اما مع انتهاء مدة الخدمة!!! ( احتكار المنصب ) فان السيد جاء ليذكرنا بان قتلة الشهيد المطران فرج رحو الذي استشهد في عام 2008 لا زالوا احرار! وبدورنا نسال اين كنت يا سيادة النائب منذ ذاك التاريخ لحد يومنا هذا ولماذا لم تحاول تقديمهم للعدالة او على الاقل لماذا لم تصرح ذلك لوسائل الاعلام لتعلن للعالم ما يحدث للمسيحيين في العراق الديمقراطي؟، وبنفس الجرأة فان السيد يذكرنا بمذبحة سيدة النجاة ويدعي بان منفذي تلك الجريمة البشعة لا زالوا احرار، اذا كنت تعرف كل هذه الامور فكيف رضيت بالمشاركة في افتتاح الكنيسة بعد اعمارها ولماذا اكتفيت بكلمتك بالتعبير عن سعادتك لاعادة افتتاح الكنيسة؟؟؟ ولم تطالب معاقبة منفذي الجريمة الذين يتحركون بكل حرية دون خوف او مسائلة؟
اما البكاء بدموع التماسيح على تهجير المسيحيين من الموصل وسهل نينوى من قبل داعش واعتبار، عام 2014 لحد الساعة باسوأ مراحل التاريخ ، يعتبر اجمل تمثيل واعظم بدعة لحفظ ماء الوجه وتبييض التاريخ، والا لماذا لم نتلمس موقفا شجاعا من سيادة النائب ازاء هذه المحنة الكبيرة التي هددت وجودنا ووضعته قاب قوسين او ادنى؟، بل بالعكس من ذلك وجدوها فرصة ذهبية لتعظيم الذات وتحقيق طموحات شخصية ( حيث قال السيد كنا:- ان الكتل السياسية مطالبة بمنحنا نائب رئيس الجمهورية كاستحقاق للمكون المسيحي الذي يتعرض اليوم الى ابشع انواع التهجير والابادة على يد عصابات داعش الارهابية ) وكأن معاناة المسيحيين ومأساتهم ستنتهي بمنحهم منصب نائب رئيس الجمهورية!.
همسة:- حالنا سيسوء اكثر بسبب الازدواجية في التعامل وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.
كوهر يوحنان عوديش
gawher75@yahoo.com