المحرر موضوع: الأفعال الثورية تقاس بنتائجها النهائية وليس بحسب الأهواء السياسية  (زيارة 1248 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأفعال الثورية تقاس بنتائجها النهائية وليس بحسب الأهواء السياسية
خوشابا سولاقا
بدءً ذي بدء نقول لأصحاب الأهواء السياسية الحالمة ما قاله المثل الشعبي الدارج  .
أحياناً " تأتي الرياحُ بما لا تشتهي السَفَنُ " *
كثيراً ما يحصل في حياتنا اليومية حوارات ونقاشات تخص الأحداث الجارية في حياتنا الحاضرة وعن الأسباب المؤدية إليها والممتدة من ماضينا القريب وربما حتى البعيد ، وقد تنتهي هذه الحوارات والنقاشات والسجالات الى خلافات وملاسنات بكلمات لا تليق بمنطق الحوار والنقاش الديمقراطي المثقف ، لأن المواقف السياسية المؤدلجة للمتحاورين تحول الى احتدام الحدّية والعدائية بينهم وبالتالي الى إفساد هذه الحوارات والنقاشات وإخراجها من مسارها التي من المفروض أن تستمر عليه للوصول الى الهدف المخطط له ، ولهذه الأسباب في أغلب الأحيان تنتهي هذه الحوارات والنقاشات من دون نتائج تخدم الموضوع ذاته ، وتعود لتبدأ من جديد في يوم آخر وفي مكان آخر وبنفس الوتيرة وربما بوتيرة أشد عنفاً وتصلباً وتعنتاً في الرأي ، ولكن مهما تكون فهي تبقى أمور طبيعية تحصل في الحياة ، إلا أن ما يؤسف له فيها شديد الأسف هو أنها تكون جهود ضائعة لا تفضي الى نتائج إيجابية تخدم المجتمع وتميز بين الخطأ والصواب في عملية مراجعة وتقييم أحداث التاريخ على طول مساره كما ينبغي تقييمها لكي يتم وضع الأمور في نصابها الصحيح وتأشير الأخطاء لكي يتم تجنب تكرارها في الحاضر والمستقبل ، ولكي تؤشر في ذات الوقت الايجابيات ليتم تعزيزها وتطويرها بما هو أفضل في الحياة الحاضرة والأنطلاق منها الى المستقبل الأكثر زهواً واشراقا .
عندما نستعرض التاريخ العالمي الانساني بشكل عام والتاريخ العراقي بشكل خاص والذي هو صُلب موضوع مقالنا هذا ، سوف نرى أن الكثير من الأحداث التي كانت تبدو في شكلها العام أنها تنطوي على بعض الأيجابيات المؤقتة فهذا أمر طبيعي ولكنها على المدى الأبعد أفضت في النهاية الى نتائج سلبية للغاية أدت الى جلب الكوارث المتسلسلة للأمم والشعوب ، ولكن تم تقييمها من قبل القائمين بها والمستفيدين منها من المقربين والأنصار والمتضررين من الوضع السابق بأنها كانت تغييرات وتحولات ثورية عظيمة تستحق الثناء عليها بإجلال وتعظيم ، ولكنها في حقيقتها وبنتائجها النهائية لم تكُن كذلك لأنها لم تفضي الى تغيير النظام الاجتماعي جذرياً الى ما هو افضل وأكثر عطاءً لصالح  الأغلبية من أفراد المجتمع مما كان عليه في السابق ، فمثل هكذه أفعال لا يجوز وصفها بأفعال ثورية ونعطيها صفة الثورة الاجتماعية .
انطلاقاً من قانون السبب والنتيجة في عملية التطور الطبيعي والاجتماعي في الحياة ، فإن كل فعل هو نتيجة لسبب وكل نتيجة تتحول الى سبب لنتيجة جديدة قادمة وهكذا تستمر سلسلة التطورات على مسار  ذي شكل هلزوني صعوداً ونزولاً من مرحلة الى أخرى ، وعلية فإذا كانت النتائج النهائية للأفعال التي جرت في الماضي القريب إيجابية على الحاضر وتبشر بمستقبل أفضل يكون التقييم لأسبابها إيجابياً واعتبارها أفعال ثورية ، وعندما تكون النتائج النهائية سلبية بدرجة كبيرة وأحياناً كارثية على شعوبها كما حصل ويحصل للعراق اليوم وغيره من دول الربيع العربي يكون التقييم للأسباب التي كانت أفعال تغييرية بالأمس تقييماً سلبياً بأمتياز واعتبارها أفعال ثورية مقلوبة في الأتجاه .
عندما يتم تقييم هكذا أفعال وفق المنطق العقلاني الواقعي والنهج البرغماتي الذي يتيح للقادة الوطنيين الحقيقيين الأعتراف باخطائهم واخفاقاتهم سوف تعثر الشعوب وقادتها معاً على أسباب انتكاساتهم وفشلهم واخفاقاتهم في إنجاز ما هو مطلوب لتَقدُمه وتطورهم ، ولكن عندما يتم تقييم الأفعال وفق المنطق والنهج السياسي الدوغماتي – بمعنى الأصرار على صواب الخطأ مهما كان بائناً للعيان لمقتضيات سياسية أيديولوجية بحتة -  فعندها تستمر الأخطاء بشكل تراكم كمي تؤدي في النهاية الى إنهيارات نوعية كارثية في بنى المجتمع كافة ، وعندها يلتجؤون القادة المسؤولين عن ما آلت إليه الأوضاع الى تحميل الآخرين أسباب فشلهم وإخفاقاتهم وبذلك يخرجون من ازمة ليدخلون الى ازمة جديدة أعمق وأشدُ تأثيراً على تأخر البلاد في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والأقتصادية ، ويصفون أنفسهم وأنظمتهم الفاشلة بكونها ضحية للمؤآمرات الدولية وتدخل الآخرين في شؤون البلاد ، وتجدون مثل هكذا افتراءات جاهزة لديهم يتم ترويجها عبر وسائل اعلامهم المتنوعة المتعفنة عند كل فشل واخفاق لتضليل وخداع الشعوب بحقيقة الأمور . 
هذا المنطق الأهوج والسقيم هو السبب في كل ما حصل ويحصل لنا اليوم في العراق ، وهنا من حقنا أن نتساءل متى يستفيق المسؤولين والشعوب من سُباتهم الأزلي هذا ؟؟  ، ومتى تخرج من شرنقة جهلها السياسي والاجتماعي المزمن وتُفعّل وعيها الفكري والثقافي لأن تعيد تقييم حوادث تاريخها القديم والحديث بشكل علمي وسليم من دون نفاق ورياء سياسي ؟؟ ، ولأن تكتشف الأسباب الحقيقية وراء تراجعاتها في كل ميادين التقدم والتطور ، وتعترف بأخطائها  الكارثية القاتلة ، وأن تُسمي الأشياء بأسمائها الصحيحة التي تستحقها ؟؟ ، عندها فقط تستقيم حياتها وتستقر على مسارها الطبيعي .
عندما نستعرض تغييرات الوضع العراقي كمثل للقياس عليه منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عام 1921 م سوف نجد بوضوح وجلاء كيف أن ما حصل في العراق من تغييرات وتبدلات في طبيعة السلطة الحاكمة من خلال الانقلابات العسكرية الدموية التي أُريقت فيها الدماء العراقية الزكية بغزارة ومن دون توقف ، وتحول الوضع المعاشي في العراق في النهاية الى موضع التندر للآخرين بوصفه أغنى بلد بثرواته وأفقر شعب ، حيث يعيش اليوم بحدود 20 % وأكثر من أبنائه تحت خط الفقر وتخلف كل منظومات تقديم الخدمات الاجتماعية للشعب في كل المجالات .
على ضوء هذا الواقع نستطيع ان نوصف ما حصل في العراق من تغييرات في شكل النظام السياسي عن طريق الأنقلابات العسكرية منذ تغيير النظام الملكي الى النظام الجمهوري في 14 / تموز / 1958 ، وما ترتب على ذلك  من عدم الأستقرار السياسي بسبب الخلافات الحزبية المراهقة بين الأحزاب السياسية والتدخلات الأجنبية والأقليمية وكيف تم استثمار ذلك من قبل الأستعمار والقوى الدولية لخدمة اجنداتها الخاصة على حساب المصالح الوطنية العراقية ، والتي اوصلت العراق وشعبه الى ما هو عليه اليوم من جميع النواحي ، فيما إذا كانت تلك التغييرات ذات طابع ثوري أم أنها كانت مجرد نزوات البحث عن السلطلة وامتيازاتها المغرية باية وسيلة كانت ؟؟ . كل الدلائل على ارض الواقع تشير وتؤكد وفق كل النظريات الثورية في التاريخ التي تُجمع على تعريف أن الفعل الذي يؤدي الى إحداث تغييرات جذرية في طبيعة وشكل النظام السياسي الأقتصادي الاجتماعي الى ما هو أفضل وأرقى بكل المعايير يعتبر فعلاً ثورياً ، وتعتبر عملية التغيير بهذه المواصفات بأنها ثورة اجتماعية – سياسية ، وهذا ما لم يحصل في العراق إطلاقاً إلا في عقول بعض السياسيين الكلاسيكيين ممن فشلوا  في تحقيق أهدافهم النظرية والذين ليس لهم الأستعداد والشجاعة السياسية المبدئية الكافية للأعتراف بالأخطاء التاريخية التي ارتكبت بحق العراق وأوصلته الى ما هو عليه الحال من دمار وخراب وتخلف وشيوع الفساد في أجهزة الدولة وشيوع الجريمة بكل أشكالها  .
                       منجزات فترة عهد النظام الملكي
كانت حالة العراق في فترة عهد النظام الملكي الدستوري البرلماني بالرغم من شحة موارده المالية وأنتشار الأمية بين أبنائه وشبه الأنعدام التام للبنى التحتية والمرتكزات  الأقتصادية لموارده المالية ، كان عهداً يخلو من الفساد المالي بين طبقات رجال الحكم من المسؤولين وهذا أهم شيء في نظام حكم وطني وصالح ، وكان القضاء قوياً وحازماً وصادقاً وعادلاً ومنصفاً مع الجميع بدءً بالملك وانتهاءً بأبسط مواطن ، وكان هناك احتراماً كبيراً للقانون من قبل رجالات الدولة قبل المواطن ، وكانت صيانة الأمانة الوظيفية وعدم خيانتها في دوائر وأجهزة الدولة مقدسة لدى الجميع لدى الرئيس الأعلى قبل المرؤوس البسيط ، وكان عدم التجاوز على المال العام والأنتفاع من السحت الحرام شبه معدوم لدى رجالات الدولة بكل مستوياتهم ، والذي كان يتجاوز على المال العام وعلى ممتلكات الدولة كان القانون له بالمرصاد ، ولم يكُن المال العام مالاً سائباً لمن هب ودب بل كان محروساً بقوة القضاء والقانون ، ولذلك من النادر أن نعثر في أرشيف الدولة العراقية في تلك الفترة حالة مسجلة ضد مسؤول كبير بمستوى الوزير .
لقد شهد العراق خلال فترة النظام الملكي بالرغم من قصرها إنجاز الكثير من المشاريع الأقتصادية في مجال إنتاج وتصدير وتصنيع النفط وسعت الحكومة مع شركات النفط الأجنبية العاملة في العراق الى أمتلاك أكبر نسبة من واردات النفط حيث كانت حصة العراق أكثر من 50 % سنة 1958 م ، كما انجز الكثير من شبكات الطرق المبلطة وخطوط السكك الحديدية التي تربط المدن الكبرى ببعضها البعض وربط الأقضية والنواحي بمراكز المحافظات من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب ومن شرقه الى غربه ، كما شيدت الكثير من المدارس بكل مراحلها حتى في القرى والأرياف النائية ، وكان الطلاب فيها يستلمون الكسوة الشتوية سنوياً وتوزع لهم التغذية المدرسية يومياً وكنا نحن كاتب هذه السطور أحد التلاميذ في المرحلة الأبتدائية ممن عاصروا هذه الخدمة النبيلة ونحن في قرية نائية في أقصى شمال العراق وتوقفت هذه الخدمة مباشرة بعد 14 / تموز / 1958 م ، وكذلك قامت الدولة بتأسيس جامعة بغداد لتخريج الكوادر العلمية التي كانت الدولة بأمس الحاجة الى خدماتهم لتطوير أدائها في تقديم الخدمات للمواطنين ، وكانت البعثات على نفقة الدولة للطلبة المتفوقين في المرحلة الأعدادية من كل المكونات من دون تمييز للدراسة في أرقى جامعات العالم ، وكذلك قامت الدولة بإنشاء الكثير من المستشفيات العامة والمستوصفات والمراكز الصحية في مراكز المدن والأقضية والنواحي لتقديم الخدمات الصحية المجانية للمواطنين كافة ، وكان التعداد العام للسكان يجري كل عشرة سنوات لغرض الأستفادة منه في تخطيط موارد ومشاريع الدولة ولا زال تعداد عام 1957 م هو المعتمد رسمياً الى اليوم في العراق .
وقامت الدولة بإنجاز الكثير من المشاريع الأقتصادية العملاقة مثل إنشاء مشاريع الري والسدود والبزل ومحطات إنتاج الطاقة الكهربائية وتصفية المياه والصناعات النفطية مثل المصافي وغيره من المشاريع الصناعية والزراعية من خلال خطط مجلس الأعمار الذي كان يرأسه المرحوم نوري باشا السعيد شخصياً ، لقد تم تنفيذ قسم كبير من مشاريع هذا المجلس في العهد الملكي والقسم الآخر في بعض فترات العهد الجمهوري وقسم أخر منها ما زال قيد الأنتظار لتجد طريقها الى النور ، كان للنظام الملكي - مجلس الأعمار مشروع عملاق للأسكان رصد له مبلغ كبير قدره أربعمائة مليون دينار عراقي وهو مبلغ كبير جداً في ذلك الوقت لبناء سكن مناسب ينفذ من خلال شركات عالمية متخصصة توزع للمواطنين بأسعار مناسبة وبأقساط مريحة على شكل مراحل نفذت المرحلة الأولى منه بأسم اسكان غربي بغداد ، ومن ثم توقف المشروع بسبب اسقاط النظام الملكي قبل المباشرة بالمرحلة الثانية والتي ما زالت قيد الأنتظار الى يومنا هذا !!! . وكل ما ذكرناه كما يقال هو " غيض من فيض " من الأنجازات .
ندرج أدناه معلومات مهمة عن حقوق نواب البرلمان في العهد الملكي عام 1945 م لغرض الأطلاع والمقارنة مع نوابنا اليوم :-
1 - يستلم النائب راتب يعادل ما يستلمه مدير المدرسة الأبتدائية في ذلك الوقت .
2 - يتم قطع الراتب بعد انتهاء الدورة البرلمانية وهو غير مشمول بالتقاعد ويعود لمزاولةعمله السابق بعد انتهاء الدورة البرلمانية .
3 - لا يتمتع النائب بأي حماية وله الحق بحمل السلاح دون أن يمتلكه .
4 - يتم رفع الحصانة عن النائب ومحاكمته خلال أسبوع في حالة ثبوت ولائه لدولة أخرى .
5 - ليس من حق النائب شراء أي عقار أو العمل بالأستثمار طوال فترة عمله بالبرلمان .
6 - يمنع النائب من السفر دون عمل رسمي خلال فترة وجوده في البرلمان .
7 - في حالة غياب النائب بما مجموعه خمس جلسات بدون عذر رسمي يتم فصله من البرلمان

عزيزي القارئ الكريم أين نواب اليوم في هذا الزمن الأغبر من أولائك النواب في ذلك الزمان الذي لم تبقى لنا منه سوى الذكرى والحسرة والغصة في القلب !!! .
                              منجزات فترة عهد النظام الجمهوري
كانت من نتائج إنقلاب 14 / تموز / 1958 م بعد ايام من سقوط النظام الملكي نشوب خلافات تناحرية بين القيادات التي قادت التغيير ، الجناح القومي الموالي لقيادة جمال عبدالناصر مما يسمون بالضباط الأحرار والمدعوم من التيار القومي الناصري وحزب البعث من جهة وبين الزعيم عبدالكريم قاسم والموالين له من الضباط الأحرار في الجيش وبدعم من الحزب الشيوعي العراقي بالرغم من عدم مشاركة الشيوعيين في حكومة عبدالكريم قاسم وبعض الشخصيات الوطنية الديمقراطية المستقلة من جهة ثانية ، وتطورت هذه التناحرات والصراعات السياسية الى أحداث دموية في الموصل في 8 / آذار من عام 1959 م على أثر مؤآمرة العقيد عبدالوهاب الشواف على الحكومة ، وتكررت الأحداث الدموية في كركوك بمناسبة احتفالات الذكرى الأولى لـ 14 / تموز وتوالت من بعدها الأغتيالات السياسية  في الموصل ، وانتهت هذه الأحداث بالمجازر الدموية الأنتقامية في انقلاب  8 / شباط / 1963 م الفاشي الذي خطط له وقاده ونفذه بالتعاون مع المخابرات الأجنبية القوميين الناصريين والبعثيين التي أدت الى تصفية عبدالكريم قاسم ومؤيدية في المقدمة منهم الشيوعيين بطرق وحشية دموية بشعة على يد عصابات الحرس القومي الفاشي .
هذا الأنقلاب الدموي أدخل العراق في نفق مظلم لا بصيص للنور في نهايته ، وكان قد سبق انقلاب 8 / شباط / 1963 م نشوب خلاف سياسي كبير بين قادة الحركة الكوردية بقيادة المرحوم ملا مصطفى البرزاني وبين حكومة المرحوم الزعيم عبدالكريم قاسم حول مطالبة الكورد بالحقوق القومية المتمثلة في الحكم الذاتي ، إلا أن ضيق الأفق السياسي لعبدالكريم قاسم وقلة خبرته وضعف حنكته السياسية في فهم واستيعاب شرعية حقوق الكورد تغلبَ سلوكه وتربيته العسكرية على سلوكه كرجل دولة في قِمة هرم السلطة مما انتهى هذا الخلاف الى نشوب الحركة الكوردية المسلحة في شمال العراق في أيلول من عام 1961 م ، تلك الحركة التي استنزفت امكانيات الدولة الأقتصادية والمالية والعسكرية وادخلت البلاد في حالة من الركود الأقتصادي وتوقفت مشاريع التنمية وبذلك مهدت الأرضية لأنقلاب الثامن من شباط الدموية ، ثم توالى على حكم العراق نظام الأخوين عارف الهزيل والمتهرئ والذي اصبح جسراً لعبور البعثيين مرة ثانية الى السلطة في انقلاب 17 – 30 / تموز / 1968 م ، هذا النظام البعثي الجديد بدأ عهده بتصفية خصومه السياسيين من القوميين الناصريين حلفاء الأمس ، والشيوعيين حلفاء اليوم ، وأحزاب الحركة الكوردية أعداء الأمس واليوم ، وأحزاب الأسلام السياسي لاحقاً الأعداء الجدد بعد الثورة الأسلامية في إيران ، ومن ثم بعض قادة الحركة الديمقراطية الآشورية الوليدة ، بهذه السياسة الشوفينية الرعناء لنظام حزب البعث ادخل العراق في حروب عبثية مع إيران ثم مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على خلفية إحتلاله لدولة الكويت في 2 / آب / 1990 م وما ترتب على ذلك من فرض حصار اقتصادي دولي مدمر على البلاد ، وثم إحتلال العراق في عام 2003 م من قبل أمريكا وحلفائها وإقامة نظام المحاصصة الأثنية والطائفية السياسية الذي نشهد اليوم عروضه المبتذلة على أرض الواقع ، هذا النظام بسبب سياساته الطائفية الأقصائية سهل الأمر لعصابات داعش لأن تحتل أكثر من ثلث مساحة العراق وجعل العراقيين يعيشون في حالة من البؤس والفقر والمرض والقتل على الهوية وفقدان الأمن والأمان واستشراء الفساد المالي في مؤسسات الدولة وشحة الخدمات الاجتماعية في مجال توفير الماء الصالح  للشرب والكهرباء والتربية والتعليم والصحة وغيرها من الخدمات ، واخيراً معاناة أكثر من ثلاثة ملايين نازح من العراقيين يعيشون في ظروف قاسية للغاية لا تليق بحياة البشر في هذا العصر .
بالتأكيد هذا لا ينفي عدم حصول أو وجود أية انجازات ذات تأثير ايجابي كبير على وضع البلاد في مختلف الميادين في العهد الجمهوري وكان ذلك تحصيل حاصل لا بد أن يحصل بحكم الحاجة الاجتماعية والتطور التلقائي ، ولكن السلبيات كانت أكثر وأكبر وحرقت كل الأيجابيات وذهبت أدراج الرياح ، والحالة شبيهة بحالة ذلك الفلاح الذي يزرع الحقل بالحنطة يحرث الأرض ويبذر البذور ويسقيها ويرعاها وعندما يحل موسم الحصاد يشعل النار فيها ويحرق المحصول ويخرج من الحقل خالي اليدين ويشحذ لقمة عيشه من الآخرين !!! ، هكذا فعلت حكومات العهد الجمهوري من حكومة قاسم الى حكومة حيدر العبادي وربما حكومة الدكتور عادل عبدالمهدي اليوم ، وواقعنا الحالي يشهد على ذلك في كل مجالات حياتنا بالتفصيل الممل 
هكذا تعاقبت وتوالت الأحداث الأليمة والمحزنة على العراق وفق قانون السبب والنتيجة ، بحيث أن كل مرحلة ولّدت المرحلة التي تلتها . عليه فإن تقييمنا لفعل التغييرات التي حصلت في العراق ضمن هذا المسلسل الدرامي والدامي يفرض علينا ولكي نكون منصفين مع الجميع أن نقيّمه من نتائجه النهائية التي حصدها الشعب العراقي وليس بحسب أهواء ورؤى السياسيين من أنصار هذا الطرف أو ذاك وفق معطيات مرحلة بعينها كما تقرأها عقول السياسيين المؤدلجين ، وليس وفق معطيات جميع المراحل وهي في علاقة جدلية تكاملية كما ينبغي أن تقرأ لأستخلاص النتائج التي على ضوئها تقيم الأفعال بين أن تكون أفعال ثورية أو غير ذلك من المسميات . 
*السَفَنُ : تعني ربان السفينة أو قائدها أو القبطان

خوشــابا ســولاقا
بغداد في 17 / ك1 / 2018 م



غير متصل هنري سـركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 976
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاستاذ العزيز خوشابا سولاقا المحترم
تحية طيبة
والله انت ما تقصر وكل هذه الجهود التي  تبذلها لاجل من، مع الاسف الشديد تذهب ادراج الرياح، لم يبق للكلمة والراي والفكر والثقافة طعم لدى الساسة الانتهازيين الذين ملؤا الساحة السياسية ضجيجا ولم يقدموا شيء لا للوطن ولا للشعب، فقط ملىء جيوبهم والعمل لمصالحهم الذاتية الضيقة. لذلك نحن نفتقر الى عملية تحديث في الوطن والتي بقت هاجس كل الشعب، لان العمل السياسي والخطابات السياسية والشعارات المزيفة  لم تاتي بثمارها منذ سنوات خلت كلها اصبحت خارجة عن التطبيق، والشعب يعيش في نفس الدوامة.وبالتالي استاذ العزيز حان الوقت لكي ياخذ العمل الثوري طريقه للمرحلة القادمة، لان العمل الثوري هو للاحرار وليس للساسة الفاسدين الحرامية. نحن في الوطن نحتاج فعلا الى ثوار شرفاء يصححون المسار الوطني ويقدمون انجازات للوطن والشعب. ختاما استاذ العزيز كل جوانب حياتنا في الوطن اصبحت بعيدا كل البعد عن الحوارات والنقاشات الرصين التي تخدم في اعادة الاعتبار لوطنيتنا بكل جوانبها. تقبل مروري مع فائق محبتي هنري

غير متصل جان يلدا خوشابا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1835
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الصدّيق مهندس  الوطن الاستاذ خوشابا سولاقا المحترم
تحية وعيد ميلاد سعيد
كثيراً ما يشدني تاريخ العراق وكثيراً ما كنت أدرسه واحفظ تاريخ الحضارات  وألامم ايام الدراسة في بغداد بل وكنت من خيرة  الطلاب في  المتوسطة والإعدادية في التاريخ وكثيراً ما كان أساتذتي   يستعينون بي للحديث عن تاريخ العراق في الماضي والحاضر وقتها ..
أيام وذكريات ومحطات  جميلة طارت مع أصوات   الحروب والانقلابات  والغدر  والاحتلال

كل ما كتبته حضرتكم في مقالتكم هذه  أنا متفق فيه  وذلك كون المرحوم أبي  الذي عاش فترة الحكم الملكي  وقاسم وعارف حيث لم أعيش انا تلك الفترة 
 كان أبي  فقط  يمدح الحكم الملكي   حيث كان يقول كان وقتها اي العهد الملكي  ....  القانون والاستقرار سيد البلد

من خلال حواراتنا مع حضرتكم ومن سنوات مرت  كثيراً ما كنت اقول لك شخصياً او كتابياً أننا اي نحن أهل العراق نحتاج الى دكتاتور/ ديمقراطي
يفهم ويحكم بالعصا والميزان
بالعصا لمن  من عصى على الدولة والقانون واعتدى على أروح  الناس وممتلكاتهم
 والميزان اي يعطي لكلاً حقه ووزنه ومقداره  بعيداً عن الدين والطائفية المريضة
ولازلنا نبحث عن هكذا قائد ؟؟؟؟؟،،       
لان  هذا هو  قدر شعوب المنطقة   .......... العصا  والميزان
  اي بالعربي الفصيح لمن يحكم العراق   أعطونا  شوية  ديمقراطية    وصفي البلد من الحرامية وووووووووو     
تقبل تحياني

والبقية تأتي
جاني     

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى الأخ والصديق العزيز الكاتب المبدع الأستاذ هنري سركيس المحترم
تقبلوا محبتنا الصادقة مع خالص تحياتنا الأخوية
شرفنا مروركم الكريم بهذه المداخلة الرائعة والقيمة بمقالنا ونشكر لكم تقييمكم الرائع للمقال وعلى ملاحظاتكم الأروع ، ونعتبر مداخلتكم إضافة ثرة لمقالنا ..... دمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام

                      محبكم اخوكم وصديقكم : خوشابا سولاقا - بغداد

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى الأخ والصديق العزيز الكاتب والشاعر والراوي المتألق الأستاذ جان يلدا خوشابا المحترم
تقبلوا محبتنا الصادقة مع خالص تحياتنا الأخوية
شكراً على مروركم الكريم بهذه المداخلة الرائعة بمقالنا ونشكر لكم كل ملاحظاتكم القيّمة التي أغنت المقال بالشيء الكثير ، كما نشكر لكم تقييمكم الأروع لموضوع المقال وتوافقكم معنا في كل ما أوردناه عن مراحل أنظمة الحكم التي توالت على حكم العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة سنة 1921 م وانعكاساتها على الوضع العام لمستقبل العراق .... دمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام .

                      محبكم أخوكم وصديقكم : خوشابا سولاقا - بغداد 
[/size [/b]