المحرر موضوع: هلّ طُعن الكاردينال في الظهرْ  (زيارة 1440 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل طُعنَ الكاردينال في الظهرْ
بقلم/ سلوان ساكو
أنقسمَّ الشارع الأسترالي بين مؤيد ورافض لتداعيات قضية  الأسقف الكاردينال جورج بيل كمَا لم ينقسم من قبل. وقد كتبتُ في مقال سابق ملابسات الواقعة الكبيرة، والفجوة التي أحدثها زلزال الإدانة بحق الأسقف. ولستُ هنا في محل الدفاع عن بيل، فقد قُضِيَ الْأَمْرُ، وحصل ما حصل، وإلى أن تثبتْ محكمة الأستئناف العكس، وهذا لربما يتطلب مجهوداً مُضاعف من البداية لصياغة قرار ينفي الأول، والصادر بحق المتهم، وهو ممكن ولكن ليس سهلاً، يجب أن يتحلى المرء  بحسن الظن، ويضع الأمور في نصابها كما يجب، فالموضوع ليس سهلاً كما يظن البعض.
تتداول قضية أو لنقل (فضيحة) الكاردينال جورج بيل في الكثير من الأمكان، التلفزيون، الراديو، الفيس بوك، العمل، المحطات الفضائية، والقاسم الوحيد المشترك بينهم هو عدم الأتفاق على رأي واحد، هل هو مُدان أم بريء؟، هل المحكمة أنصفته أم ظلمته؟، هل هو فعلاً مُعتدي على أطفال صِغار، أمّ هي أتهامات باطلة لفُقت له لأنه وقف ضد زواج المثليين Gay، وتشريع جملة قوانين خاصة بهم؟. والسؤال الأهم والأخطر  من كل هذا، هل هيئة المحلفين Jury كانت مع الحق Right أم كانت مع العدل  justice، والفرق كبير بينهم؟، أمّ هي مارست حقها القانوني فقط، وبمسؤولية أتجاه الشعب والمدعين بالحق المدني!. أسئلة كثيرة ومتعددة تدور في هذا الفلك. لو تمعنّ المتابع لهذه الحادثة، لتلمس بسهولة أصابع هيئة المحلفين على الملف، وترجيحهم ميزان العدالة لكفة الخصوم فثبتت الإدانة القاطعة، وهنا مفتاح القضية. تتشكل هيئة المحلفين في الدول التي تعمل بهذا النمطْ من طبقات الشعب لتشارك في البتّ في القضايا الكبيرة، تتكون من 6 أو 8  أو 12 شخص، حسب نوع القضية وخطورتها، ولا يشترط بهم أن يكونوا من خلفيات قضائية أو حتى قانونية، بل العكس هو صحيح، أيَّ أن يكونوا من العوام، عامة الناس. بدأت فكرة إشراك ا لمواطنين فى تحديد جرم أو براءة المتهم منذ العصور الوسطى فى إنجلترا. فى القرى، حيث كانت تجتمع المحاكم الدورية التى يرأسها قاضي متجول، يزور القرية أو البلدة مرتين فى السنة، و يكون جميع المتهمين جاهزين للمحاكمة، و نظرا لأن المجتمع كان محدوداً، و الكل يعرف الكل، فقد كان من المطلوب من أهل القرية أن يحضروا المحاكمة، ثم يقوم القاضى بسؤالهم عن مدى صحة ما يقول المدعى، و ما يقول المتهم دفاعا عن نفسه، و على ضوء ما يسمعه القاضي، يتحدد الحكم في النهاية. ولكن هنا القاضي يتأثر ضمنياً بقرار المحلفين، وإلا ما الداعي لحضورهم من الأساس وجلوسهم في قاعة المحكمة، إذنَ لهم صوت مسموع ومؤثر، وهذا سيف ذو حدين، فهؤلاء في النهاية بشر، وغير مؤهلين في البت في القضايا الكبيرة، وعلاوة على ذلك همُ غير دارسين في الحقوق والقانون، يتأثرون بالإعلام والصحافة وأراء الناس.   
في كل الأحوال إدين جورج  بيل، والجميع ينتظر قرار محكمة الأستئناف بفارغ الصبر. الأسقف يبدو للناظر  متحليا بالبصر ورباطة الجأش، متحكماً في أقواله منضبط الأفعال. في النهاية لا وجود لأي منطق في حصر القضية في زاوية معينة واحدة، بحيث يبدو الحكم مُطلق ألهي منُزل، تشوه سمعة الرجل المسنْ بعد خدمة طويلة.
 تظل الإجابة على حزمة الأسئلة المطروحة للتداول صعبة بمكان، والحيرة والغموض يلفّ القضية برمتها، والسؤال الأصعب هل الكاردينال مذنب حقاً، وكيف كان يُقيم الذبيحة الألهية ويديه ملطخة بهذا العمل، كيف كان يستمع لعترافات واسرار المؤمنين، الأجوبة صعبة حقاً، وأسئله تتناسل من أخرى.
 في ظل المتغيرات التي تستجد من حين لآخر. سوف تتغير قناعات الكثيرين بدون شكّ بعد صدور حكم الأستئناف والبت بشكل قطعي بها.