المحرر موضوع: هل مات يسوع على صليب.؟  (زيارة 338 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سلام الراوي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 639
    • مشاهدة الملف الشخصي
هل مات يسوع على صليب.؟
« في: 01:33 19/06/2020 »
هل حقا مات يسوع على صليب؟‏
:


‏«الصليب هو اكثر الرموز المسيحية شيوعا»،‏ على حد قول احدى دوائر المعارف.‏ والكثير من الرسومات والاعمال الفنية الدينية تصوِّر يسوع مسمَّرا عليه.‏ فما سبب انتشار هذا الرمز في العالم المسيحي؟‏ وهل حقا مات يسوع على صليب؟‏
يستشهد كثيرون بالكتاب المقدس عند اعطاء الجواب.‏ على سبيل المثال،‏ يرد في الترجمة الپروتستانتية ان بعض الذين شاهدوا اعدام يسوع استهزأوا به وتحدّوه ان ‹ينزل عن الصليب›.‏ (‏متى ٢٧:‏​٤٠،‏ ٤٢‏)‏ وفي ترجمات اخرى كثيرة للكتاب المقدس يُنقَل هذان العددان على نحو مماثل.‏ ايضا،‏ تقول الترجمة اليسوعية الجديدة عن سمعان القيرواني ان الجنود ‹سخّروه لحمل صليب يسوع›.‏ (‏مرقس ١٥:‏٢١‏)‏ في هذه الآيات،‏ تُستخدَم كلمة «صليب» مقابل الكلمة اليونانية ستافروس.‏ فهل من اساس متين لترجمتها على هذا النحو؟‏ وماذا تعني هذه الكلمة الاصلية؟‏
هل معناها صليب؟‏

يقول العالم اليوناني و.‏ إ.‏ ڤاين ان ستافروس ‏«تشير من حيث الاساس الى خشبة او عمود مستقيم.‏ على شيء كهذا كان المجرمون يُسمَّرون تنفيذا لحكم الاعدام فيهم.‏ وهذا الاسم مع الفعل ستافروو،‏ ‏[الذي يعني] يُثبِّت على خشبة او عمود،‏ يختلفان في الاصل عن المصطلح الكنسي الذي يشير الى صليب ذي خشبتين».‏
ويقول قاموس الكتاب المقدس الامبراطوري ‏(‏بالانكليزية)‏ ان ستافروس«اشارت في الواقع الى خشبة او عمود مستقيم او وتد يمكن ان يعلَّق عليه اي شيء،‏ او ان يُستعمل في تسييج قطعة ارض».‏ ويضيف:‏ «حتى بين الرومان يبدو ان الـ‍ كروكس ‏(‏التعبير اللاتيني الذي أُخذت منه الكلمة المألوفة cross‏)‏ كان في الاصل عمودا مستقيما».‏ لذا،‏ لا عجب ان تذكر دائرة المعارف الكاثوليكية ‏(‏بالانكليزية)‏:‏ «بأية حال،‏ من المؤكد ان الصليب كان في الاصل عمودا محدَّد الرأس».‏
ثمة كلمة يونانية اخرى،‏ كسيلون،‏ استخدمها كتبة الكتاب المقدس للاشارة الى الاداة التي أُعدم بها يسوع.‏ ويعرِّف احد المعاجم A Critical Lexicon and Concordance to the English and Greek‏)‏ (‏New Testament هذه الكلمة بأنها «جذع شجرة،‏ خشبة».‏ كما يضيف ان كسيلون،‏ على غرار ستافروس،‏ ‏«كانت ببسيط العبارة عمودا مستقيما او خشبة قيل عن الاشخاص الذين سمَّرهم الرومان عليها انهم صُلبوا».‏

انسجاما مع ذلك،‏ نلاحظ ان ترجمة الملك جيمس ‏(‏بالانكليزية)‏ تقول في اعمال ٥:‏٣٠‏:‏ «ان اله آبائنا اقام يسوع الذي انتم قتلتموه،‏ معلقين اياه على شجرة [‏كسيلون‏]».‏ وهنالك ايضا ترجمات اخرى تنقل كسيلون الى «شجرة» رغم انها تنقل ستافروس الى «صليب».‏ على سبيل المثال،‏ يذكر الكتاب المقدس الاورشليمي ‏(‏بالانكليزية)‏ في اعمال ١٣:‏٢٩‏:‏ «لما تمموا كل ما أُنبئ عنه في الاسفار،‏ انزلوه عن الشجرة [‏كسيلون‏] ودفنوه».‏

نظرا الى المعنى الاساسي للكلمتين اليونانيتين ستافروس و كسيلون،‏ يذكر المعجم المقتبَس منه آنفا (‏Critical Lexicon and Concordance‏)‏:‏ «لا تحمل الكلمتان كلتاهما المفهوم الحالي للصليب الذي اصبح مألوفا لدينا من خلال الصور».‏ بعبارة اخرى،‏ ان ما قصده كتبة الاناجيل بكلمة ستافروس يختلف كل الاختلاف عما يدعوه الناس اليوم صليبا.‏ لذا،‏ يستخدم الكتاب المقدس —‏ ترجمة العالم الجديد على نحو دقيق عبارة «خشبة الآلام» في متى ٢٧:‏​٤٠-‏٤٢ والمواضع الاخرى حيث ترد كلمة ستافروس.‏ وبشكل مماثل،‏ يستعمل الكتاب المقدس اليهودي الكامل عبارة «خشبة الاعدام».‏

اصل الصليب
:
بما ان الكتاب المقدس لا يذكر ان يسوع مات على صليب،‏ فلماذا نرى جميع الكنائس —‏ الكاثوليكية والبروتستانتية والارثوذكسية —‏ التي تدّعي انها تعلِّم وتتبع الكتاب المقدس تزيِّن مبانيها بالصليب وتتخذه رمزا لإيمانها!؟.‏ وكيف اصبح الصليب رمزا شائعا الى هذا الحد؟‏
في الحقيقة،‏ لا يقتصر تبجيل الصليب على مرتادي الكنائس المدّعين اتِّباع الكتاب المقدس،‏ بل قامت بذلك ايضا شعوب بعيدة كل البعد عن الكتاب المقدس،‏ وعباداتها اقدم بكثير من الديانة «المسيحية».‏ فالكثير من المراجع الدينية يعترف ان استخدام الصلبان بشتى اشكالها يرقى الى عصور قديمة جدا في تاريخ الحضارات البشرية.‏ مثلا،‏ غالبا ما يُرى في كتابات المصريين الهيروغليفية القديمة ورسومات آلهتهم وإلاهاتهم صليب على شكل حرف T تعلوه دائرة.‏ وهو يدعى صليب الأنْك —‏ صليب في اعلاه عُروة —‏ ويُعتقَد انه يرمز الى الحياة.‏ ومع الوقت،‏ جرى تبني شكل هذا الصليب واستخدامه على نطاق واسع في الكنيسة القبطية وغيرها.‏
وبحسب دائرة المعارف الكاثوليكية،‏ ‏«يبدو ان الصليب البدائي كان على شكل ما يسمى صليب ‹ڠاما› (‏كروكس ڠاماتا‏)‏،‏ المعروف باسمه السَّنسكريتي سْواستيكا لدى المستشرقين وطلاب علم الآثار المختص بأزمنة ما قبل التاريخ».‏ وقد شاع استخدام علامة هذا الصليب بين الهندوس في الهند،‏ والبوذيين في كل ارجاء آسيا،‏ ولا تزال حتى اليوم تلاحَظ في زخارفهم وحليّهم.‏
لا يُعرف بالضبط متى اصبح الصليب رمزا «مسيحيا».‏ يذكر القاموس التفسيري لكلمات العهد الجديد لواضعه ڤاين (‏بالانكليزية)‏:‏ «بحلول منتصف القرن الـ‍ ٣ ب‌م كانت الكنائس إما قد هجرت بعض تعاليم الايمان المسيحي او شوَّهتها.‏ ولتعزيز نفوذ النظام الكنسي المرتدّ قُبل الوثنيون في الكنائس بصرف النظر عن تجديدهم بالايمان،‏ وسُمح لهم الى حد بعيد بإبقاء اشاراتهم ورموزهم الوثنية»،‏ بما فيها الصليب.‏
يستشهد بعض الكتّاب بما ادعاه قسطنطين،‏ احد عباد اله الشمس!.‏ فقد قال انه خلال احدى حملاته العسكرية سنة ٣١٢ ب‌.م شاهد في رؤيا صليبا على قرص الشمس مع الشعار «بهذه العلامة تنتصر» (‏باللاتينية،‏ in hoc vince‏)‏!!.‏ ولاحقا،‏ وُضِعت علامة «مسيحية» على رايات وتروس ودروع جيشه.‏ ويسوع قال:-(ردّ سيفك الى مكانه.‏ لان كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون.‏ ‏متى ٢٦:‏٥٢‏) ويُزعَم ان قسطنطين اهتدى الى المسيحية مع انه لم يعتمد إلا بعد مرور ٢٥ سنة وهو على فراش الموت!،‏ ما جعل البعض يشككون في دافعه.‏ يقول عنه كتاب الصليب غير المسيحي ‏(‏بالانكليزية)‏:‏ «تصرف كمن يحوِّل المسيحية الى دين كاثوليكي [عالمي] اعتقد انه سيكون على الارجح مقبولا عند رعاياه،‏ وليس كمهتدٍ الى تعاليم يسوع الناصري».‏
ومذاك،‏ بدأ استخدام الصلبان المتعددة الاشكال.‏ على سبيل المثال،‏ يقول قاموس الكتاب المقدس المصوَّر ‏(‏بالانكليزية)‏ ان ما يسمى صليب القديس انطونيوس «جُعل على شكل الحرف T وأُخذ في اعتقاد البعض من الحرف تاو،‏ رمز الاله [البابلي] تموز».‏ ايضا،‏ هنالك صليب القديس اندراوس الذي يماثل شكل الحرف X‏،‏ والصليب الشائع الذي يتألف من خشبتين متقاطعتين وقد خُفضت فيه الخشبة الافقية.‏ وهذا الاخير،‏ الذي يدعى الصليب اللاتيني،‏ «هو بحسب التقليد شكل الصليب الذي مات عليه ربنا».‏ لكن ذلك عارٍ عن الصحة!.‏
ما آمن به مسيحيو القرن الاول
يُظهر الكتاب المقدس ان كثيرين ممن استمعوا الى يسوع في القرن الاول اصبحوا مؤمنين وقدَّروا القيمة الفدائية لذبيحته.‏ وبعدما كرز الرسول بولس لليهود في كورنثوس،‏ مبرهنا ان يسوع هو المسيح،‏ «آمن كريسبس رئيس المجمع بالرب،‏ وكذلك كل اهل بيته.‏ وكثيرون من الكورنثيين الذين سمعوا آمنوا واعتمدوا».‏ ‏اعمال ١٨:‏​٥-‏٨‏)‏ لكن بولس لم يُدخِل اي رمز او صورة او تمثال ديني الى عبادة رفقائه المسيحيين،‏ بل حضّهم ان ‹يهربوا من الصنمية› ومن اية ممارسة تتأصل جذورها في العبادة الصنمية.‏ —‏ ١ كورنثوس ١٠:‏١٤‏.‏

لم يجد المؤرخون والباحثون اي دليل يُثبت ان المسيحيين الاولين استخدموا الصليب في عبادتهم.‏ ومن المثير للاهتمام ان كتاب تاريخ الصليب ‏(‏بالانكليزية)‏ يقتبس سؤالا طرحه احد كتّاب القرن الـ‍ ١٧:‏ ‏«هل يُعقَل ان يُسَر يسوع المُبارك برؤية تلاميذه يتباهون بما يمثِّل وسيلة الاعدام التي [يُفترَض انه] احتمل عليها الآلام دون ذنب،‏ محتقِرا الخزي؟‏».‏ كيف تجيب انت على ذلك؟‏
لا تتطلب العبادة المقبولة لدى الله استخدام صورة او تمثال او اية اداة اخرى.‏ فقد سأل بولس:‏ «اي اتفاق لهيكل الله مع الاصنام؟‏. ٢ كورنثوس ٦:‏​١٤-‏١٦‏)‏ ولا تشير الاسفار المقدسة مطلقا ان العبادة المسيحية تستلزم استخدام نموذج للاداة التي استُعملت لقتل يسوع.‏ —‏ قارنوا:-( متى ١٥:‏٣؛‏ مرقس ٧:‏١٣‏).‏
اذًا،‏ ما هي السمة التي تحدد هوية المسيحيين الحقيقيين؟‏. ليست الصليب ولا اي رمز آخر،‏ بل المحبة.‏ قال يسوع لأتباعه:‏-(اني اعطيكم وصية جديدة:‏ ان تحبوا بعضكم بعضا.‏ كما احببتكم انا،‏ تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا.‏ بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي،‏ إن كان لكم محبة بعضا لبعض.‏ يوحنا ١٣:‏​٣٤،‏ ٣٥)‏.‏
الآب يهوه ينير بصيرة الجميع باسم المعلم الكبير يسوع المسيح آمين.