المحرر موضوع: والخلائق تسبح بحمده " جسد الانسان "  (زيارة 763 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل المونسـنيور بيوس قاشا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 242
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
والخلائق تسبح بحمده " جسد الانسان "

المونسنيور د. بيوس قاشا
نعم ، المخلوقات، مهما كانت صغيرة وتافهة، تعكس بطريقة أو بأخرى ،  حكمة ومحبة ورسالة... وكلما كان الإنسان صالحاً وخالياً من الأنانية والكراهية ، وجد سهولة في فهم المعنى العميق لحوادث الحياة اليومية. فالقلب إذا ما خلا من الأنانية والكراهية ، أمتدّ تبصّره إلى عمق أعمق وأبعد، لأنه لا يتوقف عند سطحية الأمور، بل يفحص كل شيء ليصل إلى الغاية المنشودة والتي من أجلها كانت رسالة الله في المسيح الحي ، والتي فيها علّمنا ودرّبنا ورسم لنا طريقاً واحدة تقود إليه، وجعل الدنيا وما فيها من أجلنا عبرة ولغة وحقيقة.. وما الحقيقة إلا الله. فها هي المخلوقات تقودنا إلى الأمور العظيمة رغم الحواجز والفشل، وإلى الاستسلام لإرادة الله لأنه الخير الأسمى والعبرة السامية والغاية القصوى . فعبرَ مقالات  من " والخلائق تسبح بحمده" أُدرج هنا مخلوقات تعكس لنا ولكم محبة ورسالة وحقيقة .
   الإنسان مركَّب من نفس وجسد( تك1) . جميع مدارسنا الفلسفية تعترف بذلك. إنها قضية منتهية منذ أجيال، ومن غير المناسب العودة دوماً إليها. ومع ذلك لا تـــــزال المشكلة الأزليـــــة الرهيبــــة تطرق أبــــواب العالم: كيف الموازنـــــة بين أعمال الــــروح وأعمـــــال الجسد؟، هـــــــذا الجسد الثقيل المهدَّل، بـأمراضه ونقائصه و"بعرقلته للتفكير المحض المجرَّد"، كما كان يقول أفلاطــون، مما دعـــــا العباقرة وجهابذة المفكريــــن إلى الخجل من كــل ما فيــــه من فظاظــــة وضعف. هذا الجسد الذي يصــــرخ وينـــــام، ويغطّ وينتحـــب ولا ينفكّ يُزعـــج هذه الروح اللطيفـــة التي قُدِّر لها الاتحاد به حتى الممات!.
   لقــــــد قــــال الفلاسفة كـــــــل هذا وأثبتوه وبنوا عليه أنظمـــةً صوفيـــة للترهّب والتنسّك. قالوا: إن الجسد هو عدو النفس ونقيضها، ولذا يجب الحذر منه ومعاملته باحتقار وقسوة. كم هو سهل الاستهزاء بالجسد البشري والضحك على مظهره وخشونته وغبائه، والاشمئزاز من بُنيَتِه التشريحية، ثم وضع قائمةً طويلة عريضة بجميع عِلَلِهِ وأورامه القبيحة وصفاته الغير المشرِّفة. ولكن هل في هذا الانتقاد القاسي للجسد شيء من روح الإنجيل؟، وهل كان الإيمان ضرورياً ليظهر لنا عيوب جسم الإنسان التي بإمكان أي وثني أن يُظهرها؟.
   ما أحوج الإنسان إلى القداسة ليكون أهلاً لاحترام جسده وامتلاكه بصورة لائقة، وأعتقد أن هذا الإنسان يستحق كل تقدير لأنه يعتبر جسده من صنع الله رغم تركيبه الحيواني، ورغم ما فيه من عيوب مضحكة وأمراض مزمنة، وكل ما يخدّش أفكارنا الرفيعة السامية وإلهاماتنا الروحية ومُثُلنا العليا.
   هذا الجسد الفاني، ببؤسه وبجميع احتياجاته وتعاسته، الذي يكدّ ليلاً ونهاراً لتحصيل لقمة العيش"  بعرق الجبين" ( تك 19:3) . هذا الجسد الذي كُتِبَ له العذاب على الأرض، هو أولاً وآخراً من صنع الله!. وفوق كل هذا، فإن النفس لا تستطيع أن تربح الجنة وحدها بدون هذا الجسد، لأن في الكيان البشري لا توجد تجزئة تفصل بين أعمال الجسد من جهة وبين أعمال الروح من جهة ثانية، بل هنالك تركيب متماسك ووفاق متين يجمع في آنٍ واحد في انسجام وتكامل ما بين أعمال الجسد وأعمال الروح.
   نحـن لسنا من الذين يدّعون أن الإنسان البارّ هو روحٌ محض، وإن الإنسان الشرير هو جسدٌ محض، لأن البشـر جميعهم سواسية لا يختلفون إلاّ في لونهم ولهجتهم، وجميع المؤمنين يملكون نفس العظم واللحم والدم. والكنيسة ما هي إلاّ مجموعة كبيرة من البشر يحملون أمراضهم وعفونتهم، خطاياهم وأوبئتهم على مناكبهم، ويتقرّبون من المسيح المصلوب ليتطهّروا به ويتقدّسوا. نحن في الكنيسة، لسنا فقط لأجل سماع الموسيقى الرخيمة والأنغام الملائكية العذبة، بل جئنا لنبحث عن مشاكل الإنسان منذ يوم طرده الله الآب من الجنة إلى يوم عالجه الله الابن بدفقة من دمه المهراق على الصليب... جئنا نعالج بؤسنا وضعفنا وتعاسة جسمنا المنهوك المحطَّم، وبدلاً من أن نحتقر جسدنا، علينا أن نرفعه إلى قمّة الصليب ليتعذّب ويتحمّل ويعرق، ويشترك في عملية الفداء مع المسيح.             
   فعملية الفداء إذن ليست تحطيم معنويات الجسد وإبراز النفس وكأنها تتفوق تفوقاً ساحقاً عليه، بل هي انسجام الروح مع الجسد، رفع الجسد إلى مستوى درجات سموّ الروح، من دون سيطرة الروح وطغيانها على الجسد، تجمعهما معاً إصبع الله الآب منذ أن كوّنهما معاً في يوم الخليقة الأول من حفنة تراب!. عندئذٍ سترتفع جميع الفضائل المسيحية الخاصة بالجسد كالقناعة والعفّة والحشمة إلى المستوى الصحيح واللائق بجسد مطهَّر بروح القدس، بدلاً من أتاركسيا الإغريق أو نيرفانا البوذيين.
   هذا هو " جسدكَ المعلَّـــــق  على الصليب يا سيدي"( يوحنا 31:19)  ، لقد كـــان شبيهاً بجســــدي. وجســــد والدتـــــكَ مريـــــم العذراء كان شبيهـــاً بجميع أجســـاد نساء العالم بكل ما تحتويـه الواقعية من علم الفسلجة والتشريح.
   وربما الأطباء والممرضــات في المستشفيــــــات يعلمــــــون أكثــــــر من غيرهــــــم من الموظفيــــــن قبحـــــة هذا الجسد الذي يعاني كثيراً من الأمراض والآلام والعذاب، والذي يحتلّ رغم ذلك الموقع الأعلى والمركز الأسمى في المجتمع الإنساني.
   وقديماً كان المسيحيون الأوائل يتبارون في ادّخار بقايا أجساد القديسين من عظام وأسنان وقطع صغيرة من مفاصلهم، كانوا يحتفظون بها في علبٍ صغيرة مقدسة، يتبرّكون بها عند الشدائد والملمّات أو عند الشعور بالضيق.
   واأسفاً! لقد تبعثرت بقايا القديسين تلك، ولم يبقَ لنا منها سوى انتظار يوم الحشر العظيم، " عندما يقوم الأموات من قبورهم بالنفس والجسد" ( رومية 17:8)، بكيانهم الموحَّد كله، بهذا الجسد الذي تعب وتعذّب، شَقِيَ وجاهدَ كثيراً على الأرض، وينتظر الآن " المجد السماوي بصحبة روحه الخالدة!." ( متى 3:22) نعم وآمين .




غير متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5257
    • مشاهدة الملف الشخصي
الجـنة والحـشر العـظيم ..... ليست من ثـقافـتـنا المسيحـية
واللبـيـب تكـفـيه الإشارة

غير متصل المونسـنيور بيوس قاشا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 242
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الى الاخ العزيز MICHAEL CIPI  المحترم
سلام المسيح معك
ارجو ان تقبل تحياتي ومحبتي
انني اقدم لك شكري النابع من عمق فؤادي وانني اعتز بك واكن لك محبة واكراما خاصا وبعد
وتعليقك ما هو الا علامة محبتك للاخر المختلف ، نعم انني ادرك جيدا " ان الجنة والحشر العظيم " ليستا من ثقافتنا المسيحية ( كما قلتَ خطأ ، عذرا،  لغويا فالكلمة يجب ان تكون مؤنثة وليس مفردة كما قلتَ ) وادرك بالتمام والكمال ولكن لابد ان تسال نفسكَ كما سالتُ نفسي هل المقال يقرأه الذين من ثقافتك ام المقال مفتوح للجميع وأليس انت تؤمن  ان تكون يوما في الجنة بعد العمر الطويل وكما قال ربنا يسوع حينما يدعو اليه الابرار والاشرار للدينونة ( متى 25: 31) ؟ لذلك لا اريد ان اطيل الشرح واليوم انت لم تُخلق لنفسك ولشعبك ولايمانك انما خُلقت بمحبة لتزرع حب الاخرين وثقافتك ليست لك بل لغيرك ايضا وتظهر ايمانك . وامام هذا كله فانا اقول انني لبيب ومن الاشارة افهم جيدا ما كتبتُ قبل ان تقولها وتذكرني بها لذا ارجو ان كان بالامكان ان توسع افكارك لتوصل ايمانك وثقافتك الى الاخرين وكم صديق لك منهم فالايمان ليس بالكلام بل بالاعمال يقول مار يعقوب في رسالته( 14:2) . فارجو منك  ان تقبل اعتذاري وشكرا
محبك ابونا بيوس قاشا
بغداد الجريحة

غير متصل Husam Sami

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1087
  • الجنس: ذكر
  • ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المونسنيور الفاضل بيوس قاشا المحترم ...
سلام ومحبة
اليوم اعطيتني المبرر لمشاركتك مواضيعك ... سبق وان علّقت على مواضيعك ولكن عندما لا تنتظر استجابة او رد تغلق باب الحوار لتتجاهل الموضوع وهذا ما فعلته انا ... اليوم وبما انكم خرجتم عن صمتكم في الحوار يطيب لي محاورتكم من اجل بناء مفهوم او مفاهيم تقرّب فهمنا لفكر الرب يسوع المسيح ...
الملاحظة الأولى : تتعلّق بالموضوع : تقريب مفهوم العلاقة بين الروح والجسد جميل جداً وهو قريب جداً من مفهوم الرب يسوع المسيح في عدم تغليب احدهما على الآخر انهما يقعان على ( كفتي ميزان ) متساويتان وعندما يتم الأنفصال بينهما كل واحد منهما يأخذ طريقه لعالمه الخاص ...
وعندما ترتفع كفة الميزان التي تخص الجسد يرتفع مستوى الشهوات والمصالح
وعندما ترتفع كفة الروح يصيب الجسد الأهمال والتحقير

من هنا كان النص الرائع للرب يسوع المسيح الذي يساوي الكفتين
اعطِ لقيصر ما لقيصر ولله ما لله ... ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل يجب ان ترافقها كلمات الرب ... مثل الشاب الغني (( اعمل لدنياك ... اي طبق الشريعة فيما يختص بعيشك في المجتمع ( البنود الخمسة الأخيرة ) ... اعمل لآخرتك فيما يختص بحصولك على ملكوت السماوات ... البنود الخمسة الأولى ))
 وهنا اقتبس خليفة المسلمين الرابع ( علي بن ابي طالب ) هذا النص من كلام الرب يسوع المسيح ( مثل الشاب الغني ) عندما قال (( اعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً )) .
كثيرة هي النصوص التي تعادل كفتي الميزان بين ( الجسد والروح ) .
الملاحظة الثانية التي تتعلّق بالتعليق على مشاركة الأخ مايكل سبي : اقتباس : فالايمان ليس بالكلام بل بالاعمال يقول مار يعقوب في رسالته( 14:2)
وهنا ارغب في تبيان قناعتي الشخصية ... مشكلة مارتن لوثر انه قال ذلك مستنداً على رسالة يعقوب ( الإيمان تبرره الأعمال وليس الأقوال .. ) وهذا يتناقض مع مفهوم الرسول بولس في هذا الموضوع بالذات حيث ان الرسول بولس مقتنع بأن الإيمان في الأقوال التي تدعمها الأفعال ... اي ليس بالأفعال فحسب كون الأفعال بدون ايديولوجية تقودها ستصل إلى العفوية ثم التخبط وبالتالي يضيع الهدف النبيل من الفعل ... لذلك يرى الرسول بولس ان الأفعال يجب ان ترافقها ايديولوجية توجهها بالشكل السليم إلى الهدف ليكون ( مثمراً ) ... إذاً فالإيمان يجب ان يكون ( بألأقوال التي توجه الأعمال ... وليس بواحدة منهما لأنهما مترابطتين ترابطاً جدلياً ) ... تحياتي الرب يبارك حياتك وخدمتك
   الخادم  حسام سامي     31 / 8 / 2020

غير متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5257
    • مشاهدة الملف الشخصي
أخي بالرب المونسـنيور بيوس قاشا
إن رجـل الـدين يتـكـلم بلغة دينه ... ومنها يُـبـشـّـر الآخـرين
فالشيخ المسلم لا يـقـول ( المسيح هـو كـلمة الله ) بل يقـول هـو روح الله
ولا يقـول (( الملكـوت السماوي )) بل يقـول جـنة تجـري من تحـتها الأنهار