في زمن الإدمان على الضجيج
للمثقفين الذين كانوا بالأمس يتطلعون إلى المنظمة الأثورية تطلعهم إلى الأمل المنشود لإنقاذ الشعب الأشوري من الفراغ ة الانهيار والزيف و التجزئة و أصبحوا اليوم يتسابقون في رفع أصابع الاتهام في وجهها ولا يتورعون – في غمرة غيرتهم عليها و حز نهم لما أصابها – عن تحميلها أوزارا كثيرة لا تدخل ضمن نطاق مسؤولياتها وعن أثقال كاهلها با خطاء لا حصر لها ولا عد , بعضها من صنع الظروف الموضوعية وبعضها نتيجة تهاون فئة المثقفين بالذات , و بعضها نتيجة لعوامل محلية ذات إبعاد أضخم بكثير من إن تقارن بطاقات المنظمة الأثورية وقدراتها المحدودة .
للرفاق والعناصر الذين هلل معظمهم للمنظمة الأثورية وكبروا لها من بعيد حين بلغت أوجها و سكتوا عن أخطاءها التي يعرفونها جيدا واكتفوا بالتالف والتأييد و لم يحاولوا أن يعقدوا الصلة النضالية المطلوبة معها و أخفقوا كل الإخفاق في إن يدعموها على المستوى الجماهيري , و أهم من كل ذلك وأقسى منه : لم ينجحوا في تقديم مثل جيد لها في صلابة النضال ووحدة الصف ووضوح الهدف . و حين تأزمت أوضاع المنظمة ودخلت مرحلة التراجع الخطير انبرى من يتهمها منهم بأنها ابتلعت دورهم و طغت عليهم , ولذلك لم تستطيع هذه القوى أن تساندها حين بقيت بدون كوادر مثقفة, و الانكى من ذلك أن هذه التسويفات انطلت على بعض الضعفاء و اخذوا يرددونها في غمرة انجرافهم مع موجة (النقد الذاتي ) التي انقلبت إلى تنفيس للنزعات المازوشية المكبوتة التي لا يستغرب و جودها عند شعب كالشعب الأشوري لم يشهد يوما مشرقا طوال الفترة التي تسمى عادة بالأزمنة الحديثة .
للجماهير الأشورية التي أغرقتها وسائل الإعلام ببحر من المبالغات و التناقضات و التلفيات وتلاعبت بعواطفها و استغلت نبلها و طيبتها , و في جميع الحالات إرادتها إن تكون عنصرا سلبيا غير فاعل و لا شأن له بتقرير الأمور و إحداث ذات أهمية أساسية يتم التخطيط لها و تنفيذها في غيبته الكاملة بلا مواربة ولا لبس لا بد من العودة إلى الجماهير صاحبة المصلحة الأولى ولابد من التأكيد على أنه من العبث الحديث عن الصمود و البقاء و أذا لم يتيح لها أن تقول كلمتها وان تكون عنصرا فاعلا يمتلك حق التقويم و التقرير و النقد
و بالنسبة للمنظمة الأثورية لم يعد الصمت ممكنا . لقد حاول الكثيرون الإصلاح من الداخل و صمتوا حين كانت الأبواق ترتل الأنغام و الأناشيد لهذه الجهة أو تلك و لم تكن النتيجة سوى إمعان الصيغ القيادية في الخضوع للعوامل المحيطة بدلا من التمرد عليها و محاولة التحكم بها أو تعديلها للصالح العام .
وإزاء هذا الوضع لم يعد من خيار سوى اللجوء إلى القوى الضاغطة للجماهير حتى تتم عن وعي و إصرار ممارسة ضغوط منظمة و هادفة وملتزمة من شأنها أن تساند القوى المتحفزة في داخل المنظمة الأثورية الظامئة إلى تحقيق مفهوم قومي شريف وتقويم المسيرة و تبني إستراتجية طويلة المدى .
عبدا لله ماروكي
القامشلي -سوريا