نُشرت في موقع TEBAYN ܛܒܥ̈ܢ الالكتروني بتاريخ نيسان -٢٠٠٨
س. ماهي برأيك الوسيلة الصحيحة لضمان بقاء هؤلاء الناس في قراهم ؟
ج. الجواب بسيط وهو ، ان تحاول مراعاة مصالح هؤلاء الراجعين وضمان معيشتهم في تلك القرى . اي توفر لهم الاشغال بالقرب من قراهم . وهنا اود أن انتقد مشروع وخطة التعمير ، إذ كان من المفروض والاصح ان تُضم عدة قرى في قرية عصرية واحدة لتأمين المعيشة لأصحاب جميع المهن والحرف ولتوفير الاشغال للجميع ، و كذلك المرافق التعليمية و مستشفى على الأقل . وإذ أمكن إنشاء مصنع او معمل او حتى مزرعة حيوانية تتيح العمل للمئات أو الألاف لتأمين حياة كريمة للجميع .
عندئذ فقط ستبقى غالبيتهم على الأرض ولن تلجأ إلى الهجرة الإقتصادية ، ومع مرور الزمن تتوسع تلك القرية العصرية لتصبح بلدة فمدينة و هكذا . ان الأشوري كغيره من البشر تواق إلى المدنية ، فهل من المعقول أن تتوقع بأن تعيش اربع او عشرة ، او حتى عشرين عائلة في قرية نائية معزولة عن الحضارة .
س . ولكن ما نشاهده على شاشة قناة عشتار الفضائية يخالف ماتقوله .
ج . لتـقـل قناة عشتار ما طاب لها لكن الواقع لايقرب ما تصوره إيجاباً.
س. لقد حدثتني عن وضعك الشخصي وعمّا دفعك إلى الابتعاد عن جميع الفعاليات الأشورية وأنت كنت واحداً من أوائل الملتحقين بالكفاح المسلح ضد نظام صدام ، ولقيت عائلتكم من الاضطهاد والعذاب مالم تلاقيه أية عائلة مسيحية في العراق على الاطلاق . وبصراحة ، بعد سقوط النظام ، كنت أتوقع بأن أراك وقد عينت وزيراً أو على الأقل مسؤولاً في موقع إداري وذلك مكافأة لك واعترافاً بنضالك ونضال والدك ( رحمه الله ) وتضحياتكما ؟
ج. سأجيب باختصار دون الخوض في التفاصيل . أقول ، بكل صراحة ، أن زمن المبادئ قد ولىّ وحل محله زمن المساومة بما تخدم المصالح الشخصية . وبات الفرد المبدئي غير مرغوب فيه لأنه لا يسير وفق الأجندة التي ترسم له .
س. إذن .. لماذا لاتهاجر وتعيش مع إخوانك في أستراليا أو آمریکا طالما إبتعدت عن الساحة السياسية الأشورية ، ولست تتقاضى أي راتب من أية جهة رغم السنوات الطويلة التي قضيتها في الكفاح المسلح والنضال من أجل قضية شعبنا الأشوري ؟
ج . لقد قلت لك إنني صاحب مبادئ ، فكيف تنتظر مني بأن أهاجر وأنا الذي بشرت على الدوام وأقنعت الكثيرين ولسنوات عديدة بعدم الهجرة وذلك حرصاً على وجود وبقاء شعبنا على أرض الوطن .
س . هل هناك من أمل لشعبنا لكي ينال حقوقه المشروعة أسوة بباقي مكونات الشعب العراقي ؟
ج . أنا شخصياً ، لم أفقد الأمل يوماً ، وإن كان لا يلوح في الأفق أي بصيص أمل في الوضع الراهن. ولكن إن استطاع الشرفاء من سياسيينا والنخبة الصالحة من أبناء شعبنا أن يوجهوا شعبنا للسير على السكة الصحيحة فأنا واثق من أننا سنحصل على حقوقنا كاملة و غير مبتورة . س. ماهي السكة الصحيحة برأيك ؟
ج . السكة الصحيحة هي التوجه الذي ينبع من إرادة الشعب ... فلحد اليوم لا يعرف شعبنا ماذا يريد ، ويوم يعبّر ، وبصوت موحد ، عن إرادته فلابد أن يدرك غايته.
س. كيف لشعبنا أن يحدد غايته ؟
ج . لابد من شباب واع وشجعان لا يخافون شيئاً وينهضون شعوراً بالمسؤولية الكبيرة تجاه شعبهم ووطنهم ، ويتحلون بصفات المناضلين ، ناكرين ذواتهم ومستعدون للتضحية في سبيل قضية شعبهم إذا فرضت الظروف . ويكونون ممن يصّرون على وحدته ولا يتحيزون إلى أي مذهب كنسي أو دين وبالتالي ، لا يساومون اطلاقاً من مصالحهم الشخصية إذا أتى ذلك على حساب مصلحة شعبنا ، ومتى إلتمَّ هؤلاء الصابرون ، وللصبر حدود ، عندها وبمثالهم سيعبّر شعبنا عن إرادته الحقيقية .
س . هل تظن أنه لايوجد في شعبنا مثل هؤلاء الشباب ؟
ج. بالعكس ، فأنا لم أقل بأنه لايوجد في صفوف شعبنا مثل هؤلاء الشباب ولكنهم إما هم بعيدون عن السياسة أوهم أعضاء احزاب لم تجد السكة الصحيحة بعد ، ومع الأسف ، أغلب شبابنا هم أسرى التسلطات السلبية و الموروثة كالأتكالية على الغير وعدم الإيمان بالنصر وفقدان الثقة بالنفس ، وهذه الأخيرة ، تحبط عزيمة الكثير من الشباب المؤمنين الجريئين، وكما ذكرت أعلاه، متى إلتمَّ هؤلاء إلى بعضهم وحرروا انفسهم من ترسبات الماضي الأسود وظهروا على مسرح السياسة ، حينئذ ، سيمكننا القول بأننا منعمون بشباب جدي قادر على التغيير. لأن الفرصة المتاحة اليوم للانخراط في النشاط السياسي القومي والوطني قد لاتتوفر أمامهم غداً . وأنا بدوري أناشد هؤلاء الغيورين وأحثهم على زعم مسؤوليتهم القومية والمباشرة بالعمل دون الاعتماد على الموجودين في الساحة حالياً . إذا ليسوا إلا سراباً مضللاً أو أبواقاً مأجورة هدفها الأول والأخير هو تمرير أجندة الغير .
س . مارأيك بالكنيسة و كان والدك كاهناً نشطاً فيها لتواجه عائلتك الصعاب بسبب ذلك ؟
ج. الكنيسة لا تختلف كثيرا عن الأحزاب وقد تكون أحزابنا وريثة ما في الكنيسة . فالصراعات الداخلية ظاهرة في الكنيسة كما هي في الأحزاب . وكنائسنا في صراع دائم بعضها مع البعض ، لذا فهي لا تختلف عن أحزابنا ، وهي مبتلية أساساً بمرض الانشقاق.
س . وأين تكمن العلة فيما نراه واقعاً في شعبنا ؟
ج. العلة في القائمين على الكنائس والمسؤولين على الأحزاب . إذ أنهم لا يؤمنون بشيء . وهم ضعفاء النفوس ولا يميزون أي شيء غير مصالحهم الذاتية وأنانيتهم تعلو فوق كل شيء . فلو كانوا مؤمنين لكانوا شجعان لا يخافون شيئاً، وأقصد الإيمان بأي شيء كان، فكيف الإيمان بالمسيح الذي علمنا بألا نخاف من الذين يقتلون الجسد . ومتى ما آمن مسؤولونا بشيء غير مصالحهم الشخصية وهجروا أنانيتهم ، عندها ستتغير المعادلة السياسية العراقية التي أسقطنا منها لنجد أنفسنا اليوم مهمشين ، فنعود عنصراً هاماً في المعادلة السياسية الوطنية وخصوصا ًونحن على عتبة بناء عراق جديد على أنقاض الأسس التي اعتمدت في بناء عراق عام ۱۹۲۱ الذي إنهارت أركانه لركاكتها أصلاً.
س. هل تفضل عودة نظام صدام على الوضع القائم ؟
ج . مع إبتسامة واستغراب ، قال ... لا بالطبع ، لا أفضل عودة نظام صدام الذي حاربناه طويلاً ، لكن القائمين على الحكم اليوم أثبتوا للجميع بأن صدام حسين كان أفضل منهم وأكثرهم عراقية ، ويوم إعدامه أثبت تمسكه بأفكاره وايمانه بها ، ولكني أتطلع الى اليوم الذي يعلو فيه القانون على الجميع ، ولا أن يعلو حكامنا على القانون ، كما يجري في الوقت الحاضر .
اكتفي بنشر هذا الجزء من الحوار لما فيه من أمور مفيدة لكي يطلع عليها أبناء شعبنا بكل إنتماءاته .
وأنا شخصياً يحزنني بأن أرى عائلة الأستاذ نورا القس زيا التي كرست حياتها في سبيل نهضة شعبنا وكانت حاضرة للتضحية في سبيله دون تردد او خشية ، وقد باتت منسية ومنزويه ونحن غير أبهين لها ، وختاماً أتطلع إلى اليوم الذي أرى تلك النخبة وهي تستجيب لنداء مناضلنا المقدام أستاذي العزيز نورا القس زيا.
وإلى لقاء قريب إن شاءلله .
الرجال يموتون لكن مبادئهم لا تموت
د. علي الوردي