المحرر موضوع: الجزء الثاني /الفصل السابع / المسيحيون بين انياب الوحوش/  (زيارة 647 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3069
    • مشاهدة الملف الشخصي
المسيحيون بين انياب الوحوش
او مجازر المسيحيين في تركيا
(جرائم دولة تركيا الاسلامية العنصرية)
الفصل السابع / الجزءالثاني
مجزرة ثانية في ماردين
تكملة

وليد حنا بيداويد
كوبنهاكن
 
وكان الجنود الحراس يراقب هؤلاء السجناء باندهاش دنا من الاب يوسف رباني مستفسرا: لم انتم على قاب قوسين من الموت او ادنى وتمتلككم البهجة؟ اجابه الخوري" ذلك لان الموت بالنسبة لنا ليس نهاية بل بداية حياة جديدة افضل ويحدزنا الرجاء ان الله برحمته يمنحنا تلك الحياة، لاسيما لانهم يقتلوننا ظلما.
اثر هذا الايضاح، صار الجندي يظهر احتراما ومجاملة فضلى تجاه الكاهن، حتى انه اسر له فيما بعد: كم تمنيت لو امكنني ان اكاشفكم امورا الا انني اخشى زملائي هؤلاء" وتيقن الاب  يوسف ان نعمة الله انارت نفس هذا الجندي وهدته الى سبيل الخلاص، فاولياء الله ومختاروه موجودون في كل مكان.
كانت مجموعة ال 75 قد غادرت منذ اربع ساعات لما انطلقت اشارة الرحيل للمتبقين في القافلة، كانوا مستمرين في سيرهم الحثيث من مدة عندما وصلوا نهيرا يعترض طريقهم، هناك فر احد المعتقلين وفورا عرض ان يسعى الجنود اثره، اخذوا يطلقون النار على من في القافلة  واصابت رصاصة راس الكاهن الارمنى الشاب جبرائيل قاطرجيان، وقع على اثرها مجندلا صريعا وكان الى جواره الاب يوسف رباني الذي تلطخ ثوبه بدماء الكاهن المغدور, فاخترقت رصاصة اخرى ساقي الاب حنا رباني السرياني وفي الوقت ذاته صرع ايضا السرياني رزق دقماق وسرياني اخر، مغدان حبيب، اخترقت رصاصة جمجمته وفيما هو يتهاوى رسم اشارة الصليب والمجاور له الاب حنا رباني الجريح منحه الحلة واقبل احد الاكراد وسحق جمجته بضربة من اخمص بندقيته،، وكان الاب جبرائيل قاطرجيان امين سر سيادة المطران مالويان، قد فاز بمديح وثناء الجميع على مزاياه وخصاله الحميدة.
توقفت عند هذا بداية تلك المذبحة وما ان عاودت القافلة مسيرتها حتى شوهدت كوكبة من الفرسان تجرى مسرعة وهم يهتفون باعلى صوتهم: العفو العفو من قبل السلطان" هذا النبأ المفاجئ لم يؤثر في الاسرى ولم يحرك مشاعرهم بل على العكس اذا شبعوا من وعود الاتراك الكاذبة حتى ولو حملت لهم البشائر، من ناحية اخرى على حد قول احد الاسرى اولئك، وقع النبأ عليهم كمن سكب على راسه سطل ماء بارد ذلك لان اكليل المجد الابدي المعد لهم في السماء مكافاة لاستشهادهم قد انتزع من على هاماتهم مع مزيد الاسف فلم يكن النبأ ذاك مدعاة ابتهاج بل باعث غم واكتئاب.
رغم ذلك العفو، اقتيد الاسرى الى دياربكر حيث عوملوا معاملة اسرى المسجونين لفترة ما، ثم فرز من بينهم الارمن الذين لم يشملهم العفو الهمايوني وبعد شهر اعيد جميع الاسرى الماردينين من دياربكر الى مسقط راسهم ماردين، بينما زج  الارمن في السجون محكوم عليهم بالموت، اودع السجن ايضا من ليسوا ارمنا ليختبروا ثمن الحرية ويقدروا عفو السلطان الذي تكرم به عليهم، لذا لعدة ايام اشبعوهم ضربا واهانات ومعاملة خشنة بهدف افهام ان لكل مكرمة ثمن وتحريرهم ينال بالرشاوي السخية لحراسهم وجلاديهم، ادرك ذلك هؤلاء السجناء التعساء، لذا جمعوا مبلغا من المال ليبتلعه مصاصو دماء السجناء لعلهم يرتوون ويكتفون فينكفئون.
غير تم هذا السجن الاضافي، للبعض كان اشد وطاة من الاول، كما كان الحال مع سعيد بطامي، احد اشراف ماردين، لمدة ثلاثة ايام لم يكلفوا عن ضربه ضربا مبرحا حتى تطاير لحمه شرائح وتعرت بعض عظامه ولم يرافوا به حتى دفع لهم رشوة باهظة وسمحوا له بعدها بالذهاب الى منزله ليداوي جراحه وكاد يتماثل للشفاء حتى اقتيد مع ابنه الاصغر في قافلة من الاسرى، من (المفروض ان تكون وجهتها الموصل، الا ان افراد القافلة تلك ذبحوا جميعا بالقرب من نصيبين ( وقال اخرون انه اجهز عليهم في تلعفر).
مرحمة السلطان كلفت غاليا الاب متى كريمو امين صندوق المطرانية السريانية،المقصود من ايقافه كانت المطرانية ذاتها امعانا في الاهانة وللحصول على فدية لاطلاق سراحه وكان الاب هذا طاعنا في السن ومعتل الصحة وعلق على كلاب مثبت في حائظ في السجن معد لتعذيب السجناء، وبينما كان على ذلك الوضع اخذوا يثفعونه ويبصقون عليه وينتفون شعر لحيته ويجلدونه، بذا نافسوا في وحشيتهم صالبي المسيح على الجلجلة برعيقهم: " فاليات المسيح لينقذك" وكانوا يتهمونه ايضا بصداقة فرنسا الدولة العدوة والكاهن يجيبهم بكل هدوء ان فرنسا احسنت الينا وما صنعته انذاك كان بالاتفاق مع حكومتنا، فلم انكر فضلها اليوم واحتقرها؟ وكاد يرد عليه الجلادون: ايها الخنزير! تلق العصى من اجل فرنسا ضربوه قفا  رجليه 159 ضربة ولما فكوه من الكلاب هوى الى الارض فاقد الوعي شبه ميت، وفدى ايضا بمبلغ غير زهيد من المال وعاد الى المطرانية وشعر لحيته في جيبه لان  جلاديه كانوا من الرقة والكياسة بحيث سمحوا له ان يجمع بقايا شعر لحينه المبعثر على الارض كان من الصعب عليه الوقوف على رجليه المتورمتين المرضوضتين واستغرق وقت طويل قبل ان تلتئم جراحه ورضوض العصى التي تلقاها حبا بالمسيح و بفرنسا ايضا، الا ان الاثنين هما كريمان شهمان (المسيح وفرنسا) لن ينسيا افضال هذا الرجل النبيل الذي عانى ما عاناه  من اجلهما.
حظى ايضا ثلاثة كهنة للسريان الكاثوليك بمرحمة السلطان اولهم الاب لويس منصوداتي وثانيهما يوسف رباني وهما اللذان حصلا على شرف تكنيس السراي والثالث هو الاب حنا بنابيلي الذي تركت رصاصة في ساقيه اثرها الدائم (وبقى مريضا مرضا مزمنا من جراء معاناته في السجن وتاثير جروحه، وبعد مرور سنة واحدة فقط اصيب بحمى التيفوئيد التي اودت بحياته) وقيل ان يطلق سراح الثلاثة تشرفوا بالاهانا والجراح، بمثابة وسام رفيع علقته على صدورهم الحكومة التركية البارعة في هذا المجال.
ترى ما الذي حل بالقافلة المؤلفة من 75 شخصا والتي فصلت عن باقي الموكب في شيخان وسبقته باربع ساعات؟ لم يعرف مصير تلك القافلة الى حد الان وعلى الارجح قد ذبح افرادها جميعا دون استثناء, وربما عن الركب ذبحوا قبل ان يشملهم العفو الهمايوني، وكما ان ذلك العفو لم يشمل الارمن ايضا، فمن خلال هذا الاضطهاد كان الوجهاء المسيحيون هم المستفيدين بنوع خاص.
فقد السريان في شخص الاباء حنا طبي ومتي ملخ ويوسف معمارباشي، كهنة غيورين بكاهم اسقفهم بحرقة، وراينا ما كان من امر الكهنة الارمن الخمسة في القافلة، كيف ان الاب جبرائيل قاطرجيان اعدم والاربعة المتبقون اعيدوا الى ماردين وزجوا في السجن مع زملائهم في القافلة واعدموا في 27 تموز في دارا (ومصدر اخر اورد، انهم لقوا حتفهم في تلعفر، والقافلة على المسافة الى دارا لم تكن قافلتهم انما غيرها تعيسة الحظ هي الاخرى).
هذه كانت مجريات حوادث مذبحتي مسيحي ماردين، الاخيرة راح ضحيتها ثمانون شخصا، وسيعقبها مذابح اخرى فيها ينحر عدد اكبر من الضحايا وباكورتهم الارمن المبعدون عن دياربكر في قافلة ثانية وهم ضحايا تلعفر. 
استمرت المذابح قرابة شهرين ، حاصدة اساقفة وكهنة ولكن لم تقرب رهبان دير مار افرام للسريان الكاثوليك، كان العفو السلطاني لغير المسيحيين الارمن نوعا ما، ادخل الاطمئنان الى قلوبهم، ولسؤ الحظ كانت اللجنة المكلفة باعدام المسيحيين لازالت مقيمة في مقرها ومخولة جميع الصلاحيات لتفعل ما تشاء (وهنا تعليق في اسفل الصفحة حظه الكاتب بقلم رصاص مفاده: ان المهندس الالماني مونتر صديق المطران مالويان صادق على قرار اعدامه) وبما ان الفرمان الهميوني للعفو كان صريحا في عدم المساس بالمسيحيين غير الارمن، لم يحكم عليهم بالاعدام انما استعاضوا عنه بفدية باهضة لم يكن باستطاعتهم دفعها وخفضت الى 700 ليرة ذهبية فاضطر الرهبان الى رهن ممتلكاتهم والاستدانه لجمع ذلك المبلغ الكبير لقاء اطلاق سراحهم، مما افقرهم حتى اعوزهم لقمة العيش لمدة زمنية طويلة وحل بالمطران اسرئيل اودو للكلدان والمطران جبرائيل تبوني للسريان ما حل باولئك الرهبان الافراميين من ضنك العيش، صحيح ان ذلك الفرمان كان قد شملهما ورعيتهما ايضا، مع ذلك مانا معرضين للتعذيب والنهب على هوى رغبات اللجنة التنفيذية واضطر الاثنان الى دفع فدية باهظة لقاء بقائهما الى جانب قطيعيهما.

الرابط للجزء الاول/ الفصل السابع
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,994310.0.html


غير متصل متي كلـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 373
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عزيزي وليد حنا بيداويد
اتابع بشغف ما تنشره من التاريخ الذي كاد يندثر  لعدم اهتمام الكثير بهذا التاريخ،  وبانتظار المزيد.
نقبل تحياتي ومودتي

غير متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3069
    • مشاهدة الملف الشخصي
شلاما رابي ميوقرا متي كلو

نعم اتابع نشر فضاعات الجريمة التركية العثمانية تباعا والتي لاتزال جرائمهم متواصلة بحق الشعب العراقي وبحق شعبنا في قراه وبلداته في شمال العراق وسوريا بحجة الحزب العمال الكوردستاني وكذلك في لبنان وبالاخص ضد الارمن في ارمينيا وارتساخ
شكرا لك وتابع
تحيتي