عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - حبيب تومي

صفحات: [1] 2
1
الأستاذ ابرم شبيرا والكلام المكرر وامثاله التهكمية الهزيلة لم تكن في محلها                                                                            
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
في الحقيقة تفاجئت واستغربت من المقال الذي سطره الأستاذ ابرم شبيرا والذي بدا وكأنه يخاطبنا من برجه العاجي ، فهو يتعامل معنا بعقلية تفوقية ويدرج بعض الأمثال التهكمية السقيمة ويحاول ألصاقها بنا ، بجهة اعتقاده انه يملك الحقيقة ومعاني النضال وأسباب الوحدة ، والأخرون على باطل ويعملون على تمزيق الأمة ، وعليهم اعلان التوبة لكي يعودوا الى طريق الحق والخلاص الذي يمثله الكاتب شبيرا والحزب الذي يدعمه الذي يجسد آمال الأمة .
كنت اتوقع شخصياً من الأستاذ ابرم شبيرا ان يكون ارقى وأسمى من هذا الأسلوب المتعالي في مخاطبة الآخرين ، لكن ما لاحظته انه لم يخرج ايضاً من دائرة الشخصنة في مقاله عن حبيب تومي فلم يختلف عن الذين سبقوه في الكتابة بالتركيز على الأسم والأستهداف الشخصي بل ذهب ابعد منهم حينما استعمل اسلوبه التهكمي في عنوان مقاله الغريب (عندما يفلس التاجر يبحث في أوراقه القديمة ... د. حبيب تومي نموذجاً  ) والبعيد عن الكياسة الحوارية بين المثقفين المختلفين رأياً ناهيك كما يدعي شبيراً اننا ابناء شعب واحد .
بتقديري كان يجب ان يكون اسلوبه ارفع من هذا المستوى في مخاطبة الآخرين المختلفين عنه في الراي ، وأن يتلافى اسلوب ايجاد شحنات التهم والرجوع على امور قد اكل عليها الدهر وشرب ، وكنت اتوقع بأنه سوف يختلف عن الآخرين ويلوج في حديث ملؤه مقارعة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة  بدلاً من الأسلوب التهكمي الأستهجاني بالآخرين والذي يلجأ اليه بعض المقنعين تحت اسماء مستعارة . لكن اسقط في يدي مع الأسف حيث ان الأستاذ ابرم شبيرا قد جسد ذلك الأسلوب وزاده شحنة .
لقد تسلسل في نفس الخطاب القديم من قبيل : شيوعي قديم وتحوله الى الجانب القومي ، الكلدان توجهوا الى العمل القومي بعد 2003 فأين كنتم قبل هذا التاريخ ؟ وغير ذلك من الفقرات التي حفظتها لمدة عقد من السنين  ولم نلاحظ اي تغير في مضمونها ، والأخ الكاتب المعروف ابرم شبيرا لم يزد حرفاً على ما سمعناه وقرأناه طيلة هذه الأعوام من الأخوة مؤازري الزوعا الذين هم الوحيدين الذين لا يقبلون اي نقد مهما كان هادئاً ، وسأناقش بعض الأمور في هذا المقال :
اولاً : في مقالي عن الزوعا : (هل ساهمت زوعا بتفريق صفوف شعبنا؟)
نعم الزوعا خلقت مثل هذه التفرقة فقبل رواج خطاب الزوعا (الإقصائي = الوحدوي جداً ) لم يكن جدل التسمية موجوداً ، ولا احد يهتم بهذا الجانب  لأن كل انسان يعرف اسمه ويعي انتمائه القومي وليس بالضرورة الإعلان عن هذا الأنتماء بلافتة إعلانية . لكن بوجود الزوعا ، وتنحيتها التسميات الأخرى والعمل على ابقاء التسمية الآشورية هو الذي خلق هذا الأنقسام بين ابناء الشعب المسيحي الواحد ، وخلقت جدلية التسمية لتضيف مشكلة تضيفها الى مشاكل هذا الشعب المسكين .
لقد اوضحت ذلك في علاقة المرحومين توما توماس وهرمز ملك جكو ، وكذلك في مرحلة وجود العوائل الآثورية في القوش عام 1933 ، وأضيف على ذلك انني شخصياً كنت عضو الهيئة الإدارية في نادي بابل الكلداني قبل خروجي من العراق سنة 1999 وبنفس الوقت كنت عضو في جمعية آشور بانيبال الثقافية ، وقدمت عدة محاضرات في الجمعية كما قدمت مسرحية الخمار التي كنت انا كاتبها ومنتجها  وعرضتها في النادي لمدة يومين وفي الجمعية 3 ايام ، ولم نتطرق يوماً الى مسالة الكلداني والاشوري ، هكذا عملت بمهنية وتجرد دون اي دوافع سياسية او قومية او مذهبية  ، كان الأحترام المتبادل بين الكلدان والآثوريون هو سيد الموقف .
 لا احد يريد ان ينظّر للاخر او يكون وصياً عليه ، الكلداني هو كلداني والآشوري هو آشوري ولم يكن ثمة اي افكار إقصائية بين الطرفين ، وكان يسود الأحترام والتعاون ، وهذه حقيقة لا تريدون الأعتراف بها ، لأنكم لا تقبلون بأي نقد ، وقد جعلتم من طروحات حزب الحركة الآشورية وكأنها طروحات مقدسة لا يجوز المساس بها . وأنت نفسك اخي  شبيرا سلكت نفس السبيل في دفاعك عن الزوعا ولم تختلف قط عما يعرضه الآخرون .
ثانياً : في الفقرة التالية يكتب الأخ شبيرا :
(معظم ما يكتبه يتركز على معاداته المستميتة لوحدة شعبنا والتسمية الأشورية وحتى للتسمية الوحدوية "الكلدانية السريانية الاشورية" وإصراره العنيد على تفريق شعبنا وتمزيقه معتمداً على أسس خاطئة ومفاهيم لا وجود لها إلا في ذهنه أو إهانته لأحزابنا السياسية خاصة الحركة الديموقراطية الآشورية (زوعا) .. الخ) انتهى الأقتباس .
اقول :
ثمة شئ اسمه المقارنة ، لكي نرى الخير يجب ان نشير الى الشر ونقارنه معه ، فالشر ضروري لأثبات الخير ، ولكي يثبت الأخ شبيرا انه وحدوي فيجب ان يكون في الساحة انفصاليين وانقساميين ، فهو والحزب الذي يؤيده يمثلون الوجه الوحدوي للمعادلة، فعلى الجانب الأخر من المعادلة ثمة من لا يؤيد الحزب الضرورة وطروحاته يعتبر معارض للجانب الوحدوي ، وهكذا يطرح الأستاذ شبيرا بأنه وحدوي والزوعا هي الحصن الحصين للوحدة ومن يعارضها او ينتقدها فهو من المفرقين ، فهو يمثل الحق ومن لا يقول لهم سمعة وطاعة ، فهو على باطل، انهم يبنون ونحن نهدم . وهذا منطق نحن وهم ..
المشكلة مع الأخ شبيرا انه يعاملنا بعقلية القطيع ، فهو يصدر الأوامر والتوجيهات الرشيدة ونحن علينا طاعتها ويمنع علينا الأعتراض ، ان الحركة هي الملهم المعجزة التي جاد بها الزمن علينا ، ممنوع علينا ان نحتج او نعترض إنها قرارات عليا من فوق واعتراضنا يعني الإخلال بتوازن وحدة الأمة ، لا شك باعتراضنا نسلك سلوك الأنفصالين والأنقساميين .
يا اخي انا مع وحدة شعبنا المسيحي واحترم التسمية الآشورية ، كما احترم الذين يؤمنون بالتسمية المركبة ، لكن يا اخي انا اؤمن بأن قوميتي كلدانية ، فلماذا تجبرني ان اغير قوميتي ، الموقف السياسي يتغير وفق المناخ السياسي ، اما الدين والقومية ، فهي من المبادئ الأساسية التي يعتز بها الأنسان ،  فلماذا تطلب من غيرك ان يبدل دينه وقوميته التي ورثها عن ابائه وأجداده ، اليس ذلك اجحافاً بحق الأنسان ؟
  انا شخصياً لا اقبل بالأنسياق القطيعي وراء الأحزاب وما تقرره بشأن الأسم القومي الذي هو موروث اجتماعي ، الكوردي يؤمن بأنه كوردي ولا يستطيع الحزب الديموقراطي الكوردستاني او اي حزب كوردي ليس له صلاحية تبديل الأسم الكوردي ، وهذا ينطبق على الأسم العربي والأرمني والتركماني والآشوري والكلداني والسرياني ، فليس من حق الأحزاب السياسية ان تغير اسم شعوبها . لا اقبل منك ان تضعني في خانة العداوة مع الأخوة الآشوريين او الأحزاب الآشورية او الزوعا ، انا احترم كل هذه الجهات ، لكن لا اتفق معها مع بعض الطروحات ، وهذا لا يعني انني عدو لها ، إن تفسيرك خاطئ من اساسه .
اما الأسم الثلاثي والذي اشتهر بالتسمية القطارية ، فأنا في الحقيقة لا اؤمن بها .  في بغداد كنت احتفظ بكتاب عنوانه اثنوغرافية الشعوب ، وكان فيه اسماء لجميع الشعوب على الأرض ولم اعثر بينها شعب له ثلاثة اسماء ، وانت والأحزاب الآشورية تريد ان تجبرنا على القبول بالأسم ومن لا يقبل به تطلقون عليهم بأنهم انفصاليين ، وانت ايضاً مع الأسف تجيد لصق هذه التهمة بغيرك .
انا لا اتفق معك ان الأنسان لكي يكون سياسياً محنكاً ان يبدل مبائه واسمه القومي وفق الظروف ، هذا ليس ذكاء انها انتهازية بعينها ، إحد ابناء شعبنا كان عروبياً خالصاً ، ثم تحول الى كلداني قح ويمتدح الأمة الكلدانية والتاريخ الكلداني في كل مناسبة ، ثم تحول الأخ الى جبهة الكلداني السرياني الآشوري ، ولم يمكث طويلاً في هذه المحطة حيث انتقل بسرعة صاروخية الى  الأمة الآشورية ، فهل تحسب هذا ذكاء سياسي ام انتهازية مفضوحة ؟
ثالثاً : كتاب ابرم شبيرا
في هذه الفقرة إن كنت انت من المؤسسين او من المنظرين او من المفكرين للزوعا ، فذلك لا يعتبر تلفيق او تهمة لصقنها بك يا اخ شبيراً نحن نتكلم عن كتابك الذي يتناسق فكرياً مع المنطلقات الفكرية لزوعا ، وهذا لا يحتاج لإثارة العاصفة على هذا الزعم ، وبعد ذلك ترشدني الى موقع الزوعا ، فما دام العم كوكول موجود فليس مشكلة للوصول الى الهدف في البحث ، ولكن اعجبني قولك : (.. او يمكنك ان تطلبه ، إذا تجرأت من احد اعضائها ..) .
يا رجل انا في حياتي لم يتسلل الخوف الى نفسي ، لسبب واحد هو انني أخاف الموت ، فلم ينتابني الخوف في لحظة من حياتي ، ولكن تحذيرك هذا يجبرني ان احتاط كثيراً حينما اقابل احد هؤلاء الأعضاء ، لا ادري إن كنت تقصد انهم من الشقاوات ام ماذا ؟ فهذه الجملة اثارت استغرابي .
بالنسبة الى كتابك المعنون : الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر ، ووصفته بالكراس لم تكن المسألة مقصودة ولم اهدف الى التقليل من الدراسة ، لكن ما يهمني الفكرة الفكرة التي يدور حولها الكتاب ، وانت الغيت الكلدان والسريان وجعلت منهم كيانات مذهبية تابعة للقومية الآشورية وفي عدة مناسبات ، وانا ركزت على هذا الزعم الذي تشبثت به ودافعت عنه ومن يشك في قولي يمكنه مراجعته ليرى كم فيه فكر اقصائي بحق الكلدان والسريان .
لقد ورد في مقالك هذا المقطع :
( صحيح هو ما ورد في هذا الكتاب من إشارة إلى التسمية الآشورية ولكن هذه التسمية لم ترد إعتباطاً ونحن نتكلم عن زمن عمره أكثر من عقد ونيف. إستاذنا الفاضل، يظهر بأنه لا تعرف حتى أبجدية السياسة التي هي  فكر وممارسة وبهذه الممارسة يتطور الفكر عبر مراحل زمنية فإذا لم يتطور يصبح دوغما وفكر جامد لا مكان له على الواقع. وكما نحن نعرف أيضا بأن السياسية هي فن الممكن .. الخ ) انتهى الأقتباس
لقد رديت في على هذه الرؤية في فقرة سابقة وهنا اضيف ان الأسم القومي لا يتغير وفق المناخات السياسية في الزمكانية ، وإذا لم يتطور يصبح دوغما وفكر جامد .. اي انك كنت تنادي بالآشورية ، قبل عقد ونيف من الزمن واليوم تنادي بالكلدانية الآشورية السريانية ، وهذا رأيك انا لا اتفق معك والكل لا يتفق معك لأن الأسم القومي لا  يتغير مع التحولات السياسية .
 لقد عمل كمال اتاتورك لخلق مجتمع متجانس بإلغاء الأسم القومي للمكونات وحصرها في الهوية التركية ، ومنهم الأكراد ، الذين اطلق عليهم اتراك الجبال ، والى اليوم تعاني تركيا من هذه المشكلة ومنذ ذلك اليوم يعمل الأكراد الى استعادة وجودهم القومي الكوردي في هذه الدولة التركية . بنفس السياق ، فإن الأتحاد السوفياتي السابق ، بعد 75 سنة من إلغاء القوميات وصهرها في بودقة الأنتماء السوفياتي ، لكن رأينا النتيجة كانت مع  تفكك هذه الدولة العظيمة  الى دول قومية مستقلة ، فلا يمكن تبديل الأسم القومي بما تفرضه السياسة ، انا لا اتفق مع زعمك هذا ، والقرائن كثيرة .
نحن الكلدان لا يمكن ان نبدل اسمنا القومي ولا يمكن ان نكون ذيل للأحزاب الآشورية ونكون رهن اشارتهم في تبديل اسمنا القومي ، كما تقتضي مصلحة الزوعا او غيرها من الأحزاب ، فالأسم القومي ثابت ، ومن يزعم غير ذلك فإنه يخدع نفسه ويخدع الآخرين ، فابرم شبيرا او يونادم كنا ، حين سؤالهم عن قوميتهم سوف لا يجيب اي منهم بأنه كلداني سرياني آشوري بل سيقول انه آشوري وليس غير ذلك ، وانا سوف اقول قوميتي كلدانية ، وخلاف ذلك سيكون من قبيل النكت التي لا تضحك احداً .
إذا كانت الأحزاب قررت ان يكون اسمنا كلداني سرياني اشوري او سورايا ، او كلدوآشوري ، او ارامي او.. او.. . نحن كلدان فقط والأشوري آشوري فقط والسرياني سرياني  فقط ، ولا داعي للتنظير والتعب ، الصورة واضحة وجميلة امامكم فلا تعملوا على تشويهها بخطوطم وإضافاتكم وتحويراتكم ، كل منا له اسمه التاريخي ونعتز ونفتخر بكل هذه الأسماء ، وانا في مكاني وأنت في مكانك يا جاري ، ونحن اخوان .
رابعاً :
يبدو ان الأخ شبيرا لا يريدنا ان نخرج عن النص الذي يريحه ، ولا يحق لنا ان نختار طريقنا بمنأى عن الأملاءات وتعليمات الأحزاب الآشورية التي  تدعي انها تمثل التيار الوحدي ولهذا تفوز في الأنتخابات وفق رؤية شبيرأ ، ناسياً ان المال هو العنصر الفعال والمؤثر الأول في ايصال هذه الأحزاب او اشخاص الى مبنى البرلمان وليس الكفاءة .
للسيد شبيرا معاييره لقبولنا ، ويطرح نفسه ككاتب معتدل لا يفرق بين ابناء الشعب الواحد وهو يستطيع ان يلعب دور حمامة السلام بين الفرقاء المتنافسة ، لكن العكس هو الصحيح فالسيد شبيرا منحاز كلياً لأنتمائه الآشوري ، وطرح التسمية الهجينة هي مرحلية لسد الطريق امام الآخرين لا سيما الكلدان لكي لا يرفع اسمهم القومي الكلداني بشكل مستقل  فهو يقول :
(.. قبل عام 2003 من كان يجرأ أن يقحم أسم الكلدان في السياسية القومية أو تضمين التسمية الكلدانية كقومية في الفكر القومي ؟؟؟ كم حزب سياسي كلداني كان موجوداً قبل تلك السنة؟؟؟ وهل يستوجب أن نشير إلى إحصاء نفوس العراق لعام 1977 عندما كتبوا معظم الكلدان "عربي أو كردي" في حقل القومية في إستمارة الإحصاء وأولهم بعض من إقربائي الذين كنت ألح عليهم أن يكتبون كلدان أو الناطقين بالسريانية وليس أثوري،  ولكن كان ردهم "خلينا مستورين على خبزنا". واقع الحال في تلك الفترة كان يفرض على كل إنسان وكاتب موضوعي أن يتناول التسمية الكلدانية كما كانت معروفة كتسمية طائفية بل كان عليه إحترامها كما هي وكما كان يرغب أتباعها أن توصف ومن دون "توريطها" في السياسة ..) انتهى الأقتباس .
الأخ ابرم شبيرا : انا كنت في احصاء سنة 77 في البصرة وكنت مكلفاً في عملية الأحصاء ، وكنت في منطقة يسكنها الأجانب ، لكن بيتنا كان تابع لأحد اصدقائي اسمه حسين وهو مكلف في عملية الأحصاء ايضاً ، ويوم ملئت استمارتي وسلمتها له ، نظر الى حقل القومية فيها ( الكلدانية ) قال لي : اخ حبيب انت تعرف التعليمات افضل مني ففي حقل القومية تكتب كردي او عربي ، وانت كتبت كلداني ، فقلت له انا كتبت ما اريده وأنت حر بما تفعل وسلمت له الأستمارة  . ولكن اسأل الأخ شبيرا كم آشوري كتب في حقل القومية آشورية ؟
الأخ شبيرا اختصر الشعب الكلداني العريق ببعض كلمات كلمات لاقربائه حينما قالوا له :
(خلينا مستورين على خبزنا". ).
يا اخي حينما هاجر الكلدانيون التلاكفة ، وهم رواد المهاجرين الكلدانيين ، منذ العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي الى اميركا ،افصحوا عن اسمهم القومي ( CHALDEAN) بمعنى كانوا واعين لأسمهم القومي .
 في اوائل القرن التاسع عشر ، ذهب رجل من عائلتنا ( تومي) وزوجته وهي من بيت (كولاّ) الى القدس ، وبعد ذلك استقرا في الأردن ، واتخذ لقباً له ( كلداني ) وفي الأردن ( في مدينة مأدبا ) حالياً عائلة من بيت تومي تطلق على نفسها لقب كلداني ، واحدهم هو الاب حنا سعيد كلداني مؤلف كتاب : المسيحية المعاصرة في الاردن وفلسطين . ويقول لقد اتخذ الأب الأول لقب كلداني لكي لا يضيع مع الأسماء ألأعتيادية مثل هرمز وتومي وكوركيس .. الخ  فاسم الكلداني كان تعبيراً عن هويتهم .
وزيادة للاخ ابرم شبيرا لكي لا يستشير احد اقاربه حينما قال له ( .. خلينا مستورين على خبزنا ) الذي اعتبره الكاتب شبيراً كمصدر رئيسي للتاريخ الكلداني ، فأقول له :
بعد ان اسدلت الحرب العالمية الأولى اوزارها ، كان احد نتائجها عقد معاهدة سيفر في 10 / 8 /1920 حول تصفية تركة الدولة العثمانية . وكان ما يتعلق بضمان حقوق  الأقليات المواد 62 و63 و64 ، وورد في المادة 62 ضمان حقوق الأكراد إضافة الى الأقليات الأخرى كالاشوريين والكلدانيين ، وكان ذلك استجابة لوفد كلداني قدم الى سيفر ،قرب باريس ، يطالب بالحقوق القومية للشعب الكلداني ،وكان ايضاً ثلاثة وفود آشورية . فأرى ان ترجع الى المصادر افضل مما تعتمد على قريبك الذي يقول : (خلينا مستورين على خبزنا ).
اما بشأن قبول شعبنا المسيحي بالتسمية القطارية ، وكما تقول :
(.. أفرزت فوز الأحزاب السياسية المتبنية للتسمية الوحدوية "الكلدانية السريانية الآشورية أكثر من مرة وهزيمة الأحزاب المتبنية للتسمية المفردة الكلدانية أو الآشورية أكثر من مرة لهو دليل قاطع على قبول شعبنا لهذه التسمية الوحدوية ونحن نعرف بأن هذه الإنتخابات هي المعيار الوحيد المتوفر حالياً في العراق في معرفة شعبية أحزابنا سواء قبلنا ذلك أم رفضنا فهذا لا يغير من الواقع شيئاً...) انتهى الأقتباس
فأنا اقول ان الناخب لا ينظر في كل الأحوال الى الكفاءة ، وبشكل خاص الأنتخابات فإن المال يلعب دوره ، وكم من المال السياسي يصرف في وقت الأنتخابات ، إن كان صرفه  على الدعاية الأنتخابية او الى توظيف الأعلام من ملصقات ومختلف اشكال الأعلام ، المكتوب والمرئي والسمعي ، إضافة الى شراء البطانيات والصوبات والولائم الباذخة وهذه كلها تحتاج الى المال ، فالمال السياسي الذي يوظف في الأنتخابات هو الذي يقرر النتيجة وليس علم المرشح وكفاءته  وعلومه ، يقول الكاتب المصري الراحل انيس منصور :
رأيت الناس قد ذهبوا الى من عنده ذهب
                                         ومن ليس عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا
يا اخ اعطني ربع الأموال الذي خصصها المجلس الشعبي مثلاً للأنتخابات وأنا اعطيك ثلاثة نواب كلدان .
لكن لتوخي المصداقية مع القارئ ومع نفسي ومعك ، فأقول ان معظم  الأصوات التي تحصل عليها الزوعا من الآشوريين فهي اصوات مؤمنة بقضيتها وليس نتيجة المال السياسي .
يقول الأخ شبيرا في سنة 2000 كنت اشد المعارضين للتسمية المركبة وبعد ذلك اقتنعت بالتسمية المركبة ، وهذا شأن يخص الأخ شبيرا فلماذا نكون ملزمين بقناعاته ؟ وإن اقتنعنا نحن بهذه التسمية هل يقبل بها قداسة البطريرك مار دنخا الرابع الذي يجعل من الكلدان والسريان مذاهب كنسية تابعة للقومية الآشورية ، فكيف نمزج بين القومية والمذهب الكنسي اخي شبيرا ؟ فلماذا تستخدم قناعتك لحبيب تومي وللكلدان ، لماذا لا تستخدمها مع الطرف الآخر وانا متأكد انك لا تستطيع إقناع واحداً منهم .
لقد كتبت الكثير عن التسمية وذلك تماشياً مع ما توسعت وأسهبت به ولكني اريد ان اعلق على فقرة وردت في نفس السياق تقول :
(..الأنتقال من التسمية المفردة إلى التسمية الوحدوية "الكلدانية السريانية الآشورية" هو إنتقال داخل الحدود التي تحدد وجود أمتنا ضمن مقوماتها القومية المعروفة وهو ونوع من التطور وإستيعاب الواقع، أما الإنتقال والتحول من أيديولوجية ماركسية شيوعية إلى التطرف القومي الضيق مقرونً بالطائفية المقية فهو أمر قد يوصف بالإنتهازية.) انتهى الأقتباس
تقول ان انتقال من اديولوجية ماركسية شيوعية الى التطرف القومي الضيق .. فهو امر يوصف بالأنتهازية . حسناً اخ شبيرا ، المرحوم ابرم عما كان من ضمن مجموعة الهيئة المؤسسة للحزب الشيوعي العراقي حين تقديم الطلب لأجازة الحزب في عهد عبد الكريم قاسم ، وبعد مدة ترك المرحوم ابرم  الحزب الشيوعي وانتقل العمل القومي الاشوري ، ولا تقول ليس من مؤسسي الزوعا ، فهل تقبل ان نطلق على المرحوم صفة الأنتهازية ، وكذلك اعرف في القوش من النشيطين وفي قيادة الحزب الشيوعي في القوش والمنطقة وكنت على علاقة حزبية معهم  ، وبعد ذلك تحولوا الى العمل القومي في الزوعا ، فهل تقبل ان نطلق على هؤلاء انتهازيين ، الأمر متروك لك اخ ابرم شبيرا .
خامساً :
فيما يتوسع به الأخ شبيرا بشأن تسمية الحركة الديمقراطية الآشورية ، لا اريد ان اصرف وقت عما هي الحركة السياسية والحزب السياسي والنقابة والنادي الرياضي وما الى آخره ، انا انتقد فكرة الغاء الأخر والتنظير له والوصاية عليه ، هذا هو جوهر كلامي ، وهذه الحالة بدأت بين ابناء شعبنا حينما طرحته الحركة الديمقراطية الآشورية وكتاب يروجون لها الفكر وأنت واحد منهم ، وكتابك الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر يجسد هذه الحالة الإقصائية ، فتستهله بالفقرة الواضحة :
يعد من نافلة القول والإطناب تكرار التأكيد في كون الآشوريين هم ، من الناحية القومية، تقيباً ، معظم ابناء الطوائف الكلدانية والسرياني والمشرقية النسطورية في العراق ، فبغنى عن التسمية الاشورية العامة والشاملة لجميع هذه الطوائف ..
يا اخ شبيرا نحن لا نحكم على النيات نحن امامنا نص مطبوع ونعلق عليه .
تقول في مقالك :
ويظهر من سطحية تفكير د. حبيب تومي في التاريخ وإصراره على كون هذه التسمية عنصرية غير أن الكثير من علماء الأثار والتاريخ وعلم الآشوريات أثبتوا بالدليل القاطع بأن الآشوريين لم يكونوا يشكلون عنصراً أو عرقاً مستقلاً بحد ذاته بل أن تسميتهم الآشورية هي تسمية حضارية مرتبطة بتاريخ حضارة بلاد مابين النهرين، وهي الحضارة التي كانت تشمل عدد من الشعوب والأعراق... انتهى
اولاً انا تفكيري سطحي في التاريخ ، وانت فيلسوف زمانك ، بارك الله فيك ونتعلم منك .
 ثانياً انت لم تدرج مصدر تاريخي تعتمد عليه يبين بأن الآشورية تسمية حضارية .. وهي الحضارة التي كانت تشمل عدد من الشعوب والأعراق .. ولكني بدوري سوف اثبت لك بأن الكلدان هم اكثر حضارة وعلماً ، وليس من باب السباق ، فالشعوب الرافدينية القديمة كلها ساهمت ببناء الحضارات العراقية ، لكن كل امة لها ذكرها في التاريخ بما تركته ، والآشوريون عرف عنهم انهم كانوا يجيدون صناعة الحرب ، ولا اريد ان انقل لك ما كتبه المؤرخون امثال وول ديورانت في قصة الحضارة والعالم المؤرخ ارنولد تونبي في دراسته للتاريخ عن الآشوريين لأنه سوف يزعجك كثيراً . وأكتفي بما كتبه المؤرخون عن الكلدان  سوف احيلك الى قاضي صاعد بن احمد الأندلسي ، في كتابه : التعريف بطبقات الأمم . إذ يقسم الأمم في زمانه الى سبع طبقات ويقول ص 143 والأمة الثانية هم الكلدانيون : وهم السريانيون والبابليون وكانوا شعوباً منهم الكربانيون والآثوريون والأرمنيون والجرامقة ، وهم اهل الموصل والنبط وهم اهل سواد العراق .. الخ
اما تقسيم الأمم حسب اهتمامها بالعلوم فيقول ص 164ان الأمة الثالثة المهتمة بالعلوم هم الكلدانيون .. وكان من الكلدانيين علماء جلّة ، وحكماء وفضلاء يتوسعون في في فنون المعمار ومن المهن التعليمة والعلوم والرياضيات .. الخ
لكن الأخ شبيرا سوف لا نبقى اسرى الماضي وعلينا بالحاضر وما يحمله الراهن من افكار وحريات وحقوق التعبير والعقيدة ، فاليوم من حق الإنسان ان يفكر كما يريد ويجاهر بهويته بكل حرية وأن يكون له حرية المعتقد واستعمال شعائره .
لقد مضى في التاريخ محطات كثيرة قرأنا عن مظالم كثيرة باسم الوحدة والأنسجام والتجانس المجتمعي وهذا ما اراده حزب البعث بصهر الجميع في بودقة العروبة من اجل الوحدة من المحيط الأطلسي الى الخليج العربي ، وهذا الفكر كان سبب تفكيك يوغسلافيا وكذلك جيكوسلوفاكيا  والأتحاد السوفياتي طبعاً ، والزوعا تجرب حظها اليوم فباسم الوحدة القومية ( على الأقل في الأسم ) تعمل على إلغاء القومية الكلدانية تحت مبرر خلق تجانس قومي .
اخ ابرم شبيراً نحن بحاجة الى تفاهم لوضع اسس لتفعيل التعاون في كل معارج الحياة ، انا شخصياً لست ضد الآثوريين ، زوجة ابني اثورية ، ونحن نحبها وهي تحبنا ، والزيجة تمت بموافقتي ومباركتي لهم ،فلماذا تستخدمون مصطلح العداوة وكأننا نتقاتل في جبهة عسكرية او نتخاصم على حلبة مصارعة ، حل المسألة جذرياً يكمن في الأحترام المتبادل للمشاعر القومية للطرفين لا اكثر .                   
سادساً : بشأن المرحوم المناضل  توما توماس
يقول السيد ابرم شبيرا بشأن المرحوم توما توماس ان حبيب تومي لا ينصفه مظهراً وكأنه كان كلدانياً طائفياً  ويعادي الآشورية وأحزابها السياسية خاصة زوعا ... انتهى
اولاً ان قومية المناضل توما توماس هي القومية الكلدانية العراقية الأصيلة ، والقومية الكلدانية هي قومية عراقية مذكورة في الدستور العراقي وسوف تذكر في الدستور الكوردستاني والكلدانية ليست انتماء طائفي كما تزعم  ،
وإن كنت تحضر في كل زيارة الى دمشق في مقر زوعا مع المرحومين توما توماس ابو جوزيف وسليمان بوكا ابو عامل  لعدة ساعات ، فأنا كنت من 1963 الى 1968 مرافقاً لتوما توماس كظله اي منذ ان كان عمري 20 سنة الى 25 سنة اي خمس سنوات تخرجت فيها من كلية الحياة ،فانا والصديق صباح ابو ليلى ، باستثناء عدة اشهر كنت مع المرحوم الشهيد هرمز ملكو جكو الى وقت استشهاده في في 30/ 11 / 1963 م  وأرجو ان تنظر الى الصور التي تعكس الواقع . وانا وصباح لم نفترق بعد استشهاد هرمز حيث كنا مرافقين لتوماس باستمرار .
 
الواقف الأول من اليسار كاتب هذه السطور صديقكم حبيب تومي ، والثاني البطل الشهيد هرمز ملك جكو وهو يعتمر في رأسه ما يعرف بـ ( كوسيثا)، والباقين اعرفهم نسيت اسمائهم باسثناء الثاني من الجالسين على اليسار هو صبحي يوسف من عنكاوا والصور في خريف عام 1963  وهذه الصورة منشورة في كتاب الرئيس مسعود البارزاني الموسوم : البارزاني والحركة التحررية الكردية الجزء الثالث
 
الى اليمين صباح توماس ابو ليلى والى اليسار كاتب هذه السطور حبيب تومي الملقب ( حبّا)

انك يا اخ شبيرا حتى الرفيق الكلداني ( فهد) يوسف سلمان يوسف مؤسس الحزب الشيوعي جعلت منه أشورياً وسالت في المقال السابق من اي عشيرة آشورية هو ولم اجد عندك الجواب .
وعن 1933 يقول الأخ شبيرا بأن حبيب تومي يذكرنا بهذا الحدث دائماً ، نعم ان اذكر هذا الحدث حينما تأتي مناسبة لذكره ، وان هذا جزء من تاريخنا الحديث ، وقد سمعنا من أبائنا الكثير حول الموضوع وأنا ذكرت بعض تفاصيله في كتابي عن القوش .
اما ما يقول حسب ما قلت جدته الله يرحمها بأنه رد الدين حيث كان اعضاء من الجيش الليفي الآشوري سمعت هذه الملحمة من جدتي الألقوشية التي ولدت قبل الحرب الكونية الأولى وعاشت أكثر من مائة عام ومات في السبعينيات القرن الماضي فكانت تروي لنا هذه الملحمة التي عايشت أحداثها بموضوعية أكثر من روايتك ..
ويستطرد :
ففي بداية العشرينيات من القرن الماضي كان الحاكم العثماني صقيلي يفتك بأبناء{ وبنات }ألقوش
يا اخي شبيرا احترامي الكبير لمثوى جدتك ، ولكن ان الدولة العراقية تأسست في اوائل 1921 وكان التداول بشأن مشكلة الموصل ، وأن مشاكل صقلي او سقلي كما يقال في القوش كان في مطاوي اعوام الحرب وليس بعده وإن أشارتك ( يفتك بأبناء {وبنات} القوش غير صحيحة ، لأنهم لم يكن يفتك بيده بل دوره كان في ايام الحرب حيث يلقي القبض على الشباب ( وليس البنات فلا تذهب بعيداً) لأرسالهم الى جبهات القتال حيث اثبتت التجارب المريرةان ذهابهم كان دون رجعة .
فاحترامي الكبير لمعلوماتك ان احداث 1933 لم يكن موقف القوش كردة الفعل لأنهم خلصوا القوش من الحاكم الظالم ( سقلي التركماني ) وإن الذين اجهزوا على سقلي هم اربعة شباب اثنان من الأثوريين من قرية بدرية القريبة من القوش واثنان من شباب القوش ، واسماء اثنان منهم : كليانا زورا وكليانا رابا ، اما الآخران فقد غابا من ذاكرتي .

في فقرة يريد الكاتب ابرم شبيرا يهمس في اذني حول الشهادة التي سعيت اليها وأقول له ولكل من يحاول تسقيط الآخرين لأمور شخصية لا داعي للهمز بل تكلم بصوت عالي فأنا لم اسرق او اقوم بعمل ناقص لكي استحي منه .
انا يا استاذ ابرم شبيرا بدأت من جامعة بغداد لأدرس العلوم السياسية ، لكن تعثرت بسبب احوال المعيشة والأوضاع السائدة ،  وفي الخارج بعد ان تخطيت عتبة الـ70 سنة من عمري وأنا في  طريقي الى مرحلة الثمانين  وفي هذه المرحلة لم يكن بمقدوري الجلوس على مقاعد الدراسة فراسلت عدة جامعات التي لها برامج تدرس عن بعد  وفعلاً سجلت في جامعية عربية في هولندا ، وبعد مرحلة قصيرة كانت هنالك إشكالات ادارية فانتقلت الى الجامعة المفتوحة لشمال امريكا ، وسعيت وتعبت وأنا في هذه المرحلة من العمر ولم اكن انوي الأعلان عن ذلك في وسائل الأعلام ، لأن الموضوع كان شخصي بحت في التحدي مع نفسي لا اكثر ، ولكن بعضهم بهدف شخصي واسلوب التسقيط الهابط  قال احدهم انه سوف تنزل الكوارث على شعبنا المسيحي بسبب حبيب تومي لحصوله على الشهادة بهذه الطريقة ، والغريب ان وراء حصولي كان ايضاً من ابناء شعبنا ممن حصل شهادات مماثلة بطريقة الدراسة عن بعد ، ولكن صاحبنا الحريص جداً على مصلحة  شعبنا لم يتفوه بحرف واحد بل كان من المهنئين ، وهكذا كانت المسألة شخصنة مقيتة وعملية تسقيط شخصي لا اكثر .
 انا لا اتبجح بتحصيلي العلمي او بعملي السياسي ، انا تركت العمل السياسي في الحزب الشيوعي قبل حوالي خمسين سنة وانا رجل مستقل كل هذه المدة ال اليوم ومع ذلك لم انكر تلك السنين القليلة في الحزب الشيوعي ،فأنا لم اكن في قوات الأمن او المخابرات لكي اخجل ذلك الماضي . كما اني لم ابحث عن اي منصب في اقليم كوردستان او غيرها  ، إن ما اكتبه باعتقادي هو لخير الناس ، فانا ما اكتبه يتحمل الخطأ ويتحمل الصواب ، ولكن ما اكتبه هو ان ضميري مرتاح وهذا هو المهم .
 لدي ثلاثة كتب مطبوعة  وهي :
1ـ كتاب القوش دراسة انثروبولجية اجتاعية ثقافية يقع في ( 400) صفحة وقد راجعة كل من الأستاذ بنيامين حداد والأستاذ نوئيل شكوانا ، ووافقت على طبعه وزارة الثقافة والأعلام قبل سقوط النظام ،وطبع بمطبعة الديوان في بغداد عام 2003 .
2 ـ كتاب (معجم الألفاظ المحكية المشتركة ) بين العربية والكردية والفارسية والتركية والآرامية بلهجاتها السريانية والكلدانية والآشورية ، ولغة القوش المحكية نموذجاً .
 الكتاب يقع في (476 ) صفحة ، طبع من قبل دار آراز للطباعة والنشر سنة 2011 اربيل .
3 ـ كتاب ( البارزاني مصطفى قائد من هذا العصر ) ويقع في ( 768) صفحة قدم له الأستاذ المرحوم فلك الدين كاكائي ، وفي اللغة الأنكليزية قدمه الأستاذ طاهر شوشي، وفيه فصل عن مساهمتي ورفاقي في ثورة ايلول التحررية ، وطبع من قبل دار آراز للطباعة والنشر في اربيل سنة 2012 .
ولدي مئات المقالات منشورة في الموقع الألكنرونية ومنها منشور ببعض الصحف . ارجو ان اكمل مشواري مع اشتغالاتي في بعض الكتب التي وضعتها ببرنامجي لإكمالها في ما تبقى من العمر .
انا لا أتباهى بعملي انا إنسان بسيط وأحب كل الناس وليس لدي اعداء في حياتي ، انا معجب بقول ارسطو حينما يقول : انا اعترف بأنني لا اعرف شيئا .
اجل الإنسان يبقى يتعلم الى آخر يوم في حياته .
الأخ شبيرا اقول صراحة بأن مقالك كان بعيداً عن الكياسة الأدبية وفيه الكثير من محطات التشفي وبعد ذلك كثير من مظاهر التفكير الأديولوجي المتسم باحتكار الحقيقة ، وأنا اقول إن تمسكي بالحوار الحضاري الراقي بين المثقفين من المتعلمين والدارسين او من الذين يتمسكون بأبسط ا قواعد الأحترام المتبادل  ، فسوف لا ابدأ مقالي بالتاجر المفلس كما بدأت مقالك ولا بمثلك في ان الطيور على اشكالها تقع كما ختمت مقالك ، بل سوف اقول لك يا ابرم شبيرا دمت بخير صديقاً واخاً عزيزاً .
د. حبيب تومي / اوسلو في 06 / 02 / 2015

2
ما هي الرسالة التي اراد الرؤساء الثلاثة تمريرها للبطريرك الكلداني بمغادرتهم قاعة مؤتمر الأديان قبل كلمته؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
ملاحظة ذكية اشار اليها الزميلين سيزار ميخا هرمز في مقاله المعنون : خروج العراق من كأس أسيا بالمركز الرابع .. وخروج الرئاسات الثلاثة قبل كلمة البطريرك ساكو حسب الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,771607.0.html
ومقال الزميل زيد ميشو المعنون :غبطة أبينا البطريرك... الكثير لا يفقهون وحسب الرابط :
 http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,771649.0.html
وكلاهما يشيران الى حالة واحدة وهي خروج الرؤساء الثلاثة قبل بدء البطريرك الكاثوليكي الكلداني بإلقاء كلمته .
إن اي مراقب او محلل سياسي سوف يستنتج بأن المسألة مقصودة ومدبرة ، فليس من المعقول ان تكون الشخصيات الثلاث مرتبطة بوقت واحد بمواعيد مسبقة وهم السادة رئيس الجهورية الأستاذ فؤاد معصوم ، ورئيس الوزراء الأستاذ حيدر العبادي  ورئيس مجلس النواب الأستاذ سليم الجبوري ، فاحتمال خروجهم كاحتجاج على موقف معين ، وارد وغير مستبعد .
لقد كان مؤتمر الوئام بين الأديان  الذي نظمته مؤسسة الحكيم الدولية  من المؤتمرات المهمة إذ شهد المؤتمر  حضور الرؤساء الثلاثة في القيادة العليا العراقية بالأضافة الى عدد من الوزراء وعلماء الدين من مختلف الملل والنحل العراقية .
الرؤساء الثلاثة هم المعنيين اكثر من غيرهم عن مصير ابناء العراق بكل اطيافهم في المقدمة هم مسؤولين عن المسلمين من سنة وشيعة على السواء ، وبعد ذلك هم مسؤولون قانونياً وأدبياً وأخلاقياً عن مصير المكونات الصغيرة وبشكل خاص المكونات الدينية اللاإسلامية التي يطالها مختلف انواع العنف ، بحيث وصل الغلو ال حد اسر وسبي نساء هذه المكونات وبيعها في سوق النخاسة في مدينة الموصل العراقية ، وبعد ذلك يجري الأستيلاء  على بيوتها وممتلكاتها ، وتباع الأثاث والأمتعة المنهوبة من بيوت المسيحيين التي جرى الأستيلاء عليها في سوق الموصل فقد افتتحت عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية  سوق خاص باغراض منازل المسيحيين اضافة لمحتويات الكنائس المصادرة وقد اطلق على السوق المفتتح مؤخرا سوق (غنائم النصارى) . راجع الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=771535.0
من المؤكد ان البطريرك الكلداني كان يتطرق الى هذه الحالة التي وصلت اليها احوال المسيحيين والمكونات الدينية الأخرى فالرؤساء الثلاثة لا يريدون سماع مثل هذه الأخبار فآثروا مغادرة القاعة بدلاً من سماع تلك الأخبار .
لقد استهل البطريرك الكلداني كلمته بتأسفه على خروج الرؤساء الثلاثة :
في البداية أود ان أعرب عن عتبي على الرؤساء الثلاثة الذين انتظرناهم ساعة، فجاءوا واسمعونا ما يريدون وخرجوا من دون ان يسمعوا ما نريد. هذا مؤسف حقا.

 
اماكن المنسحبين خالية
هنا يطفو على السطح تساؤلات : هل كان ضيق الوقت ؟ وبهذه الحالة لا يمكن لثلاثتهم ان يكون نفس المواعيد كان لا بد ان يمكث احدهم على الأقل لسماع ما يقال ، لماذا هم قالوا كلمتهم ولم يسمعوا الى كلمة ألاخرين ؟ ان جوهر دولة القانون ان تسري القوانين والأنظمة على المواطن العادي وعلى رئيس الجمهورية وبقية المسؤولين .
ورأي آخر يقول ان خروجهم بحسب قناعتهم ان مقررات وتوصيات المؤتمر عبارة عن حبر على ورق  وليس لها تأثير على الواقع ، ولماذا يصرفون من وقتهم الثمين على سماع كلمات لا تحمل اهمية في سير الأحداث فالمغادرة افضل .
ولكن برأيي المتواضع ان المغادرة الجماعية للرؤساء الثلاثة في وقت واحد وقبيل مباشرة البطريرك الكلداني لكلمته ، كانت بمثابة وقفة احتجاج على تصريحات غبطة البطريرك في بعض المناسبات السابقة ، حيث ان غبطة البطريرك لا يجامل احداً إذ يشير الى مواضع الخلل مباشرة ودون مجاملة من خلال كلمته التي القاها في المؤتمر الذي نظمه المركز العراقي لادارة التنوع
 في احدى المناسبات يقول البطريرك الكلداني :(ICDM(
 (ان  التهديد الاكبر ليس ارهاب داعش وغيرها فحسب، بل هو منظرو هذا الفكر التكفيري ودعاتُه ومروّجوه. وكذلك بعض القوى المتنافسة على السلطة  التي توظفّ الدين.  .
 ربما مثل هذا الكلام المباشر الصائب لا يوافق عليه بعض الساسة او رجال الدين .
كما ان للبطريرك ساكو كان قد زار في 9 / 1 السفارة الفرنسية ببغداد لتقديم تعازي الكنيسة الكلدانية  على الاحداث الارهابية التي راح ضحيتها 12 شخصا وعددا من الجرحى، واعرب عن تضامن الكنيسة مع الشعب الفرنسي وعائلات الضحايا.
في مساء الثلاثاء 13/1 قام بزيارة البطريركية الكلدانية امين عام منظمة التعاون الإسلامي السيد أياد أمين مدني ، وفي الوقت  الذي أكد البطريرك ساكو على ضرورة الركون إلى السلام وتخليص الخطاب الديني من كل تطرف، وخصوصا تنقية المناهج الدينية فهي التي تربي الاجيال وترسم المستقبل . في مقابل ذلك أشار السيد أياد أمين مدني إلى ضرورة أن يفهم الغربيون خطورة الاساءة إلى الرموز الدينية، فكما أن لديهم خطوطاً حمراء، لدى المقابل أيضا الشيء عينه .
قد يكون ما يطرحه غبطة البطريرك من حلول جذرية لمكافحة الأرهاب ، فالعنف والأرهاب لم تكون بدايته بقدوم داعش ، فالعمليات الإرهابية ضد المسيحيين كانت قبل داعش وبعدها ، فالدولة العراقية لم يكن لها اي دور في ايقاف هذا الأرهاب بسبب الأختلاف الديني ، وإن خطاب البطريرك ، لا يجامل اي مسؤول ، وهكذا كانت مغادرة المسؤولين قبل بداية غبطته في إلقاء كلمته ، وبتصوري كانت مغادرتهم للقاعة خارج نطاق المألوف في هذه المواقف . إن غبطة البطريرك يمثل الشعب الكلداني الأصيل والمسيحيين في العراق بشكل عام وكان يتعين على المسؤولين في الدولة ان يسمعوا على ما يقوله بصدد هموم شعبه  ، فحضورهم كان كان لإسماع الآخرين رأيهم ، وكان يجدر بهم البقاء لسماع رأي ألآخرين .
إن احتمال ان يكون خروجهم لتمرير رسالة احتجاج على موقف البطريرك وارد واتمنى ان اكون مخطئاً في تقديري .
د. حبيب تومي / اوسلو في 02 / 02 / 2015

3
الحملة الإعلامية ضد المطران سرهد جمو وتعقيب على عنوان مقال ليون برخو
        ج3 وهو الأخير                                                                     
بقلم: د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
الجزء الثالث من المقال ينطوي على ما يسطره الأخ ليون برخو ، وكان آخر مقاله تحت عنوان مثير للجدل وهو : المطران سرهد جمو يهدم بيته على رأسه ورأس اصحابه ، باعتقادي ان الصحيح لغوياً ( على رأسه ورؤوس اصحابه ) ، ومسالة الرأس والرؤوس سنعود اليه في فقرة لاحقة من هذا المقال .
المقال الذي اجتذب الاف القراء لغرابة عنوانه لم يكن إلا مقالاً غايته الإثارة وجلب القراء لا اكثر ، وهو على هذا الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=762635.0
يقول في فقرة :
.. وأين صارت النهضة الكلدانية التي نادى بها؟ الم يحولها الى عداء وفرقة بين الكلدان انفسهم؟
أقول :
ان مؤتمر النهضة الكلدانية يعتبر اول مؤتمر كلداني كان يهدف مناصرة الفكر القومي الكلداني وتحريك العمل القومي والسياسي والأجتماعي والثقافي  الكلداني بهدف تعزيز المشاعر القومية لدى شعبنا وكان برعاية المطران الجليل سرهد جمو . وباعتباره المؤتمر الأول يرى بعضهم انه شابه بعض الأخطاء ، وهذا شئ طبيعي ، فإن من لا يعمل لا يخطأ ، وهكذا في المؤتمر اللاحق في ديترويت والذي كان برعاية المنبر الديمقراطي الموحد ، كان اكثر شمولاً ويمكن اعتباره خطوة مكملة او ثانية نحو الأمام وبالأستفادة من اخطاء الماضي ، فالقضية الكلدانية لم تمت وهي باقية ، فنحن في بداية الطريق ، ونتأمل في الأجيال اللاحقة ان تكمل المسيرة .
يقول الأخ ليون برخو :
منذ اليوم الذي سمعته وهو يتحدث ومعه القس الذي في معيته في مدينتنا في مؤتمر لنهضتهم  قلت إن القائمين على النهضة لا علاقة لهم بالكلدان ولا بقضيتهم وهمهم تبجيل انفسهم على حساب اقرب المقربين إليهم ومنهم القوميون الكلدان الذين ظهر كم كانوا مخطئين في تشبثهم به كرمز لنهضتهم ووضع كل بيضهم في سلته.
لقد كان السيد برخو حاضراً الأجتماع في مقر نادي بابل الكلداني في يونشوبنك ، وقبيل بداية الفترة المخصصة لطرح الأسئلة والنقاش ، خرج السيد برخو ، وأنا في الحقيقة لم اعرف الرجل الذي خرج ، وبعد هنيهة اخبرني احدهم انه الرجل الذي خرج هو ليون برخو ولو عرفته لأوقفته وسلمت وتعرفت عليه مباشرة ، ولا ادري سبب خروجه ، لكن في اليوم التالي كتب مقالاً عن الجلسة ، وكان يجب ان يطرح ما طرحه في مقاله عبر النقاش المباشر وقبل ان يكتب ما كتبه لاحقاً .
إذا كان المطران سرهد جمو يقوم بواجباته الدينية على اكمل وجه وله انجازاته الكنيسية والثقافية ، فهل يمكن اعتبار اعتزازه وافتخاره بهويته القومية على انها خطيئة مميتة ؟
فيما اورده السيد ليون برخو في بقية المقال حول الطقس الكنسي واللغة لست مهتماً بمناقشته لأن ذلك لا يدخل في اختصاصي ، وفي الحقيقة اردت مناقشة العنوان المثير للمقال فقط .
رأس ورأس
يكتب الأخ برخو مقالاً تحت عنوان : المطران سرهد جمو يهدم بيته على رأسه ورأس اصحابه
ويكتب مقال آخر يقول في عنوانه : الشيخ عوض القرني : اقبل رأسك
يقول في مقاله هذا : قد يتساءل قرائي الكرام ما الأمر الذي يدفع الكاتب إلى توجيه شكر وتقدير إلى داعية إسلامي بهذا الشكل؟.. تقبيل الرأس إشارة العرفان بالجميل. والمرء في البلاد العربية يقبل رأس والديه.
وقد يتساءل القراء هل يعني الكاتب ما يقول؟ أي لو التقى الكاتب الشيخ القرني في مؤتمر علمي يحضره كبار أساتذة السويد، فهل سيقبّل رأسه، ولماذا؟
نعم. لو صادف وأن التقيت الشيخ الفاضل هذا لقبلته على رأسه في أي مكان في الدنيا. ..
للمزيد افتح الرابط ادناه :
http://www.aleqt.com/2011/11/04/article_595822.html
وأتساءل لماذا تقبل بهدم بيت المطران على رأسه ورؤوس اصحابه ، بينما تقبّل رأس الشيخ عوض القرني ، وهذا الموقف دفع برجل الدين السعودي عوض القرني ان يشكره ففي صحيفة الأقتصادية السعودية نقرأ :
ليون برخو يشيد بالإسلام والقرني يشكره .
الدكتور ليون برخو الذي تقول عنه الصحف النصرانية أنه "متطرف له اجندة لقلب الحقائق التاريخية، القومية والطائفية وتزويرها. وله اسلوب ماكر فهو يضرب من اسفل الجدار"، بسبب مواقفه المتشددة تجاه بعض مذاهب المسيحية، يشيد بدور الإسلام في التجارة والصيرفة الحديثة، ويقر بفضائل الإسلام التي جعلت الإقتصاد الإسلامي يدرس في جميع كليات الإقتصاد في العالم كثاني أهم مادة اقتصادية.
يقول برخو في أحد مقالاته علي موقع الإقتصادية السعودية "قد لا يصدقنا البعض عندما نقول إن الإسلام في حقيقته لا يقبل الكثير مما نلاحظه من سلبيات في الدول والمجتمعات التي تدين به، وأكثر ما يعارض الإسلام كفكر ونعمة للبشرية هو العنف غير المبرر ضد الآخرين المختلفين عنه فكريا ومذهبيا وطائفيا ودينيا.
حسب الرابط : http://www.masress.com/moheet/253202
الجدير بالذكر ان الشيخ عوض القرني رجل الدين السعودي  يعد أحد أبرز الدعاة الإسلاميين السعوديين وقد أسلم على يديه رئيس الاتحاد العالمي للبرمجة اللغوية العصبية، الدكتور وايت ود سمول، وأعلن اعتناقه الإسلام.
الشماس ليون برخو يوظف قلمه لخطابين : الأول كيل المديح للدين الإسلامي وإبرازه كدين متسامح ومنفتح على قبول الآخر . والثاني هو النيل من الكنيسة الكاثوليكية وهي ام المصائب في التاريخ ولها وجه استعماري . في نفس السياق  يكيل التهم للكنيسة الكلدانية باعتبارها تابعة لكنيسة روما وفي هذا السياق ايضاً لا ينسى السيد برخو ان يصب جام غضبه على القوميين الكلدان ( الأنفصاليين) ، إنه شديد في احكامه لا يتساهل مع ابناء شعبه من المسيحيين الكاثوليك الكلدان لا سيما من يحملون بذرة القومية الكلدانية في خطابهم .
ومقابل ذلك يبدو الشماس برخو  في غاية المرونة واللطافة والمسامحة والمجاملة مع الأخ المسلم ، بل لا يرد حتى على الإساءات  التي تلحق به ، فمثلاً احدهم يصفه بالكويتب إذ يكتب :
.. وبشكل عام، فإن من يتابع مقالات كويتب صحيفة الاقتصادية السعودية، المدعو “ليون برخو .. حسب الرابط ادناه :
 https://deedat.wordpress.com/2010/01/02/leon02/
إن السيد برخو لا يرد على الكاتب بحرف واحد بينما يصول ويجول في مواقعنا وكأنه وحده يمثل الحقيقة ورأيه هو الراجح ، وقد ذهب احد الأخوة وهو اخيقار يوخنا بأن يرشحه كشخصية 2014 ، وباعتقادي ان الأخ احيقار يوخنا يرشح الأخ برخو بسبب اتفاقه معه في معاداته الدائمة للكنيسة الكاثوليكية في روما والكنيسة الكلدانية والقوميين الكلدان وهذا ما يوافق طموحات وأهداف السيد اخيقار يوخنا في حياته ولهذه الأسباب كان ترشيحه .
سوف اضع نفسي محاوراً ، مع رجل ، لا اقول انه مسلم بل رجلاً يدافع بشكل مستمر عن الدين الإسلامي ، وهنا احيط الأخ برخو علماً بأني لست ضد الدين الإسلامي او ضد المسلمين فلنا علاقات اجتماعية عائلية ، ولدينا اصدقاء اوفياء من المسلمين إن كان في الدراسة او العمل ، وهناك مليار مسلم لا يمكن ان اكون ضدهم . فأرجو ان لا تضعني بكفة معاداة الإسلام . خاصة وانك تدعي في صحيفة الأقتصادية على الأقل بأنك محارب من قبل المسيحيين لأفكارك النيرة وفي مواقفك ، فلا يوجد من يحاربك فأنت حر فيما يسطره قلمك .
الشماس المسيحي الكاثوليكي الكلداني الاخ ليون برخو يعتبر الغرب مجرد حالة امبريالية استعمارية لمساعدة الصهيونية العالمية ولظلم الاسلام المتسامح ، كل كتابات ليون برخو تسير بهذا الأتجاه ، إن كل ما يصدر عن الإسلام اليوم هو خروج عن روح الأسلام الصافية ، وبعض الأقتباسات مما يكتبه توضح زعمي هذا .
ليون برخو المسيحي المتمسك باللغة وهو مهموم على المسلمين إذ يتساءل في مقال له تحت عنوان : كيف نواجه الخطاب المعادي للإسلام؟
حسب الرباط : http://www.aleqt.com/2009/10/30/article_294602.html
ولم نقرأ للشماس برخو مقالاً يقول : كيف نواجه الخطاب المعادي للمسيحيين وهم في وطنهم وفي عقر دارهم ، إنه يخاف على الأخوة المسلمين في الغرب الذين لهم حقوق افضل من حقوقهم في بلدانهم الإسلامية .
في مقال آخر يقول الشماس برخو :
الإسلام والإعلام.. العرب والمسلمون استنبطوا خطابا اعتذاريا يضعهم في قفص الاتهام رغم براءتهم . وادناه رابط المقال :
http://www.aleqt.com/2010/01/29/article_341237.html
وفي فقرة يقول : والمسلمون الذين يعيشون في المجتمعات الغربية في وضع لا يحسد عليه.. الخ 
وهل كلامك صحيح يا سيد برخو لو كان الأمر كذلك لماذا يتزاحم المسلمون امام سفارت الدول الغربية المسيحية ، وهل تقبل الدول المسلمة اللاجئين إن كان لجوء سياسي او انساني ؟ وماذا عن مصير المسيحيين في الدول الإسلامية ، هذه دول عربية اسلامية معتدلة الخطاب ولا اتكلم عن الخطاب المتشدد لمنظمات القاعدة او داعش او بوكو حرام او جبهة النصرة او .. او .. لماذا يهاجر المسيحيين من بلدانهم وهم السكان الأصليين ، لماذا يهاجرون او يهجرون وهم تحت اي شريعة وتحت احكام ومواد اي دستور ؟ ( ايتو بليما ومحكي عدولا)
يقول ليون برخو : في مقاله المعنون : من يقود بوصلة النص الديني؟
حسب الرباط ادناه :
http://www.aleqt.com/2010/06/25/article_411253.html
ويقول في متن المقال :
 القرآن هو حصتنا في هذه الأرض، منحه الله لنا من خلال رسوله، فبأي حق يأخذه الآخرون منا. كل واحد منا يملك القرآن برمته، لأنه يمثل الرحمة الإلهية. كل مؤمن بهذا الكتاب يملكه.
ويستطرد برخو :
 أنا أستغرب كيف يتنازل الناس عن أغلى وأعظم وأقدس شيء يملكونه في هذه الدنيا للآخرين ولا يتنازلون عن مقتنيات شخصية قد يأكلها العث وتعبث بها عوادي الزمن. عندما نقبل أن يقرأ الآخرون لنا القرآن أرى ذلك - من وجهة نظري المتواضعة - أننا نمنحهم حصتنا في هذه المعجزة وندير ظهورنا لما كنا سنكتشفه لأنفسنا من أمور أعظم شأنا وأكثر استجابة لمتطلباتنا في الدنيا والآخرة لو اعتمدنا على ما منحنا إياه الله سبحانه وتعالى من مقدرة عقلية على التمييز والقراءة والتفسير ولا سيما في عصرنا هذا. كلنا نقول إننا سنأخذ بما يوافق القرآن ونتنحى عما يعارض كتاب الله. هذا قول صحيح لا غبار عليه. القرآن نص مقدس ويجرم من يحاول العبث بالنص. النص أتى ليبقى بقاء الكون. لكننا قلما نشعر أننا بالتشبث بقراءة مستقاة من آليات سلطوية ومعرفية نغير بوصلة النص لأغراض محددة وأننا بذلك نجرم بحق النص مثل الذي يحاول تحريفه. النص الديني المنزل هو بمثابة الكعبة التي نصوب بصرنا نحوها، والله منحنا العقل، البوصلة التي بإمكانها قيادتنا إليها. المشكلة هي أننا لا نثق ببوصلتنا ونمنح القيادة للآخرين. ماذا يحدث عندما نرمي بوصلتنا جانبا ونتبع بوصلة الآخرين في دأبنا للوصول إلى الجهة التي يحددها لنا النص؟
اقول عزيزي الشماس ليون برخو وماذا عن كتابنا الأنجيل المقدس ؟ وحتى المسلمين يحترمون انجيلنا لكن يبدو ان تفاعلك وانسجامك مع قراءاتك قد انساك ان ثمة كتاب اسمه الأنجيل المقدس .
لا اعتقد ان اي شماس او رجل دين مسيحي يقبل بالكلام الذي تقوله فلدينا كتابنا المقدس والأنجيل ونؤمن به والقرآن هو كتاب المسلمين الذين يؤمنون به ونحترمهم ، ولكن نحن المسيحيون لنا كتابنا المقدس  ، فأنت تتكلم كأي مسلم او انك ملكي اكثر من الملك نفسه  .
وفي مقال للسيد برخو وهو يقدم نفسه كأكاديمي وعالم ، وفي مقال تحت عنوان : القراءة قد تختلف.. أما النص المقدس فلا يتبدل تبديلا
حسب الرابط ادناه :
http://www.aleqt.com/2010/07/02/article_414330.html
ويقول في متن المقال :
وشخصيا استفدت كثيرا من هذا العلم، ولا سيما عند قراءتي القرآن، الكتاب الذي إن فاتني يوم ولم أقرأ آيات منه أعد ذلك اليوم غير محسوب من عمري على هذه الأرض. والقرآن نص مكتوب نزل شفويا على رسول اصطفاه الله على سائر البشر كي يبلغ بني قومه به ومن خلالهم سائر الدنيا .
وسؤالي للسيد برخو وماذا عن الأنجيل ؟ هل اهملت امره ولم يعد لك وقت لقراءته ؟
في مقال آخر عناونه : كيف أصبحنا لا نميز بين الجهاد و«الجهادية»
حسب الرابط ادناه :
http://www.aleqt.com/2010/11/12/article_468430.html
يقول الشماس المسيحي الكاثوليكي الكلداني  الاخ ليون برخو:
نظرتي إلى الإسلام تنبع من واقع عشته لعقود طويلة، ومن قراءتي كتابه، ومن اطلاعي على تاريخه. الإسلام دين عظيم، دين يأوي الآخر ويحتضنه، دين الإحسان والتسامح والجهاد في سبيل الخير ومقارعة الظلم والظالمين. هذا الدين العظيم يحتل أوسع مساحة جغرافية على وجه الأرض بالنسبة إلى عدد أتباعه من أي دين آخر، حتى المسيحية التي يبلغ عدد أتباعها نحو ثلاثة مليارات نسمة، أي نحو ضعف عدد المسلمين. هذا الدين صار اليوم هدفا لهجمة شرسة، والدليل وجود جيوش أجنبية جرارة مدججة بأفتك وأحدث أسلحة تقاتل المسلمين في أراضيهم، في فلسطين، وفي العراق، وفي أفغانستان. المسلمون ليس لديهم جندي واحد يقاتل في أراضي غيرهم. هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان.
يا اخي العزيز ليون برخو اسألك : لماذا هربت من وطنك وتركت بيتك وأهلك ، ولماذا هجر المسيحيون مدنهم وبيوتهم في البصرة وبغداد والموصل وبعد ذلك هربوا من تلسقف وباطنايا وتلكيف وبغديدة ، لماذا لم تتحدث لنا عن الأحسان والتسامح وجهاد في سبيل الخير ومقارعة الظلم والظالمين ؟
في مقال له تحت عنوان : هل نسي العرب تسامح دينهم ؟
يقول :
عندما غزا الصليبيون فلسطين بناء على فتوى من واحد من كبار رجالات دينهم واحتلوا القدس، منحوا جنودهم الحرية لثلاثة أيام متتالية قتلوا فيها من الأطفال والنساء والشيوخ من قتلوا وعاثوا فيها فسادا وفتكا.
بعد نحو 200 سنة مكن الله العرب والمسلمين من تحرير مدينتهم المقدسة. وبناء على فتوى من قائدهم حرموا استخدام السلاح بعد دخولهم المدينة، لا بل إنهم سمحوا للصليبيين وقادتهم ورجال دينهم مغادرتها بسلام مع كل مقتنياتهم من الذهب والفضة والمال وغيرها رغم أفعالهم الشنيعة التي اقترفوها بحق العرب من مسلمين ومسيحيين.
حسب الرابط : http://www.aleqt.com/2011/10/28/article_593660.html
سوف اترك هذا المقال بدون تعليق .
المسلمون يرفعون الأذان للصلاة في السويد
حسب الرابط : http://www.aleqt.com/2013/06/14/article_763098.html
يقول برخو :
كنت سعيدا جدا عند سماعي نداء الله أكبر وحي على الفلاح وحي على الصلاة من جامع حي الفتية - حي شعبي غالبيته من المسلمين - أثناء وجودي في استوكهولم الشهر الماضي...
حسناً ايها الشماس يمكنك ان تعود الى بلدك حيث سيرفع الأذان وسوف تكون سعيداً جداً جداً خاصة هذه المرة سوف يرفع من الكنائس والأديرة التي اصبحت من ممتلكات الدولة الإسلامية الذي تقبل التسامح والتعايش وأيواء الآخر ..
ويستمر السيد برخو في نهجه فهو خائف على الأسلام حيث يكتب في الأقتصادية
لا تسمحوا لهم أن يخطفوا الإسلام ونصوصه
حسب الرابط : http://www.assakina.com/news/news1/51004.html
يقول :
الإسلام الذي نعرفه براء من هكذا مجاميع شريرة وهكذا أعمال وممارسات غير إنسانية. العرب والمسلمون عليهم قبل غيرهم محاربة كل من يفسر النصوص على هواه لتحقيق غايات سياسية وغيرها. هذه مهمة أخلاقية وإنسانية وإسلامية أيضا لأن من يشوه سمعة الإسلام بالقول والفعل والساكت عنه وأقواله وأعماله يشارك هذه المجاميع تشويهها للإسلام كفكر نير ونعمة للبشر ..
شكراً لك ايها الشماس لكن هل تتفضل وتشرح لنا هذه الآية ؟
قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ 29 (التوبة9: 29)
وانت خبير اللغات اكيد تدرك ماذا تعني لفظة (صاغرون) ، ( وأما قوله : ( وهم صاغرون ) ، فإن معناه : وهم أذلاء مقهورون .) ام انت ترى خلاف ذلك .
وباعتقادي فأغرب ما قرأته للشماس برخو هذا المقال فحتى المتزمتون من الكتاب المسلمين لن يبرروا احداث سبتيمبر عام 2001 حيث راح ضحيتها اكثر من 3000 إنسان برئ ، والسيد برخو يجعل من هذه الجريمة بأنها وصمة على على جبين الأمريكان وحلفائهم .
يقول : هل أصبح ما بعد 11 سبتمبر وصمة عار على جبين الأمريكان وحلفائهم؟
ويوم 11 سبتمر 2001 أخرجت أحداث 11 أيلول (سبتمبر) كل الحقد الدفين والضغائن والكره الذي يحمله الغرب للعرب والمسلمين واتخذوا من أحداث أيلول (سبتمبر) ذريعة لإذلال العرب والمسلمين لدرجة أن سعادتهم وغبطتهم تزداد بزيادة التدمير والأذى الذي يلحقونه بهم. والقرآن يحذر من أمثال هؤلاء البشر بأية تجمع وتختصر ما أتى به الفلاسفة من مفاهيم ونظريات لدراسة مكنونات الشر لدى الإنسان: "أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم" (محمد).
للمزيد راجع الرابط ادناه :
http://www.aleqt.com/2011/09/16/article_580953.html
في مقال آخر يتساءل برخو : هل هناك قراءة مقدسة لنص مقدس؟
هذا سؤال مهم، وأهميته ذات دلالات كبيرة ومؤثرة. لماذا؟ لأن البشر يضفون القدسية على أمور كثيرة، وإن كان النص المقدس يرفض ذلك رفضا قاطعا. والقرآن النص المقدس الوحيد الذي لا يقبل لا من قريب ولا من بعيد إضفاء خاصية القدسية الربانية على أي نص خارج الوحي أو على بشر مهما كان شأنه أو مقامه ومن بينهم الرسول الكريم: "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" (آل عمران). وعيسى بن مريم، الذي يؤلهه المسيحيون، "قال إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيا" (مريم). وبعض المسيحيين من الكاثوليك مثلا يضفون خاصية القدسية على مريم بنت عمران ويذهبون بعيدا لدرجة الاعتقاد أن ولادتها، كولادة عيسى، كانت بلا دنس.
ويضيف
إن كان أصحاب النصوص المقدسة من المسيحيين واليهود يضفون القداسة على الأشخاص والقراءات، فإن ذلك مرده لأن النصوص التي بين أيديهم قد تمكنهم من ذلك. انظر إلى الهالة "المقدسة" التي يسبغها المسيحيون الكاثوليك على حامل منصب بابا روما في الفاتيكان، مثلا، وكيف أن قراراته وأقواله لها عصمة تفرض قبولها وكأنها منزلة رغم أننا في العقد الثاني من القرن الـ 21.
حسب الرابط : http://www.aleqt.com/2010/08/06/article_426680.html
اخي الشماس إن تحليلك تحليل اسلامي بحت ومن منظور ما جاء في كتاب واحد وهو القرآن الكريم لا غيره من الكتب المقدسة . ومع ذلك نهنئك على هذا الأكتشاف .
اقول :
لا اريد إدراج المزيد والأستفاضة  لكن اقول للشماس الكاثوليكي الكلداني  العزيز ليون برخو  هل قرأت احاديث ابن تيمية وهو شيخ الإسلام واحاديث ابن عثيمين وهل قرأت احكام اهل الذمة لأبن قيم الجوزية ؟ من المؤكد انك قرأتها ، وسؤالي الم تقرأ بها معاني الظلم وإهانة المكانة الأنسانية للآخر والذي يطلق عليه مصطلح الكافر ، وانت تعرف من يقصدون بالكفار اخي الطيب ليون برخو .
 
انا اقدر ظروفك ككاتب في صحيفة سعودية وحضورك لمؤتمرات ومن المؤكد تستلم اجور كتاباتك ، وكل ذلك يخصك ، لكن الذي لا نقبل به ان تجعل من نفسك نموذجاً مثالياً لنا إن كان في الأمور الكنسية او في الأمور القومية وحتى في الأمور اللغوية ، وتمسك بيدك عصا وتسلطها على من لا يوافق طروحاتك  فتدعو علينا بتهديم بيتنا على رؤوسنا ، لأننا لا نقبل بآرائك .
وأخيراً اقول : ربما يكون مناسباً  اخي ليون برخو ان تسأل في المؤتمرات التي تحضرها كم من الجوامع بنيت في اوروبا المسيحية ؟ وكم كنيسة بنيت في الدول الإسلامية ؟  ولماذا لا يوجد كنيسة واحدة في السعودية رغم وجود مليون ونصف مسيحي ؟ ولماذا يعتبر اقتناء كتاب الأنجيل جريمة في هذه الدول . ولماذا يبشر المسلمون بدينهم في اوروبا بكل حرية بينما لا يستطيع المسيحي مزاولة طقوسه الدينية ( ناهيك عن التبشير ) بالدول الإسلامية ؟ والأسئلة موجهة لك ايضاً .
ودمت بخير
د. حبيب تومي / اوسلو في 28 / 01 / 2015





4
هل ساهمت زوعا بتفريق صفوف شعبنا ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
في الحقيقة انا شخصياً لا احبذ الكتابة بهكذا مواضيع ، حيث لم نستفيد منها سوى التفرقة وخلق خصومات نحن في غنى عنها ، لكن يبدو ان الأخوة مصرين على الأستمرار بنفس النهج ، وهذا المقال بمثابة الرد على الأخ يوسف شكوانا ، فيبدو انه مكلف بالرد على ما يكتبه حبيب تومي او هو متطوع للرد حيثما يكون المقال يخص زوعا ، وليس لنا اعتراض على ذلك فهذا امر يخصه إن كان بتكليف من حزبه او بتطوعه شخصياً فحرية التعبير يجب ان تكون من حصة الجميع  .
 الأخ شكوانا يقول : لا يوجد نص في النظام الداخلي الذي يعكس الجانب الشوفيني للحركة . وسوف احاول في هذا المقال ان اقتبس من ادبيات الحركة الديمقراطية الآشورية ما يخص تركيزها على اعلاء الشأن الآشوري وتبخيس التسميات الأخرى ( الكلدانية والسريانية )  ولا احسب نفسي ملزم في المستقبل للرد على ما يكتبه السيد شكوانا او غيره ، فالكاتب له رأيه يسطره في مقاله والقارئ له رؤيته يسطرها في اعتراضه او مداخلته على المقال ، وفي حالة عدم تطابق الآراء فكل جانب يحتفظ برأيه ، وهذا معناه التعددية الفكرية على ان لا تنسحب الى تخوم الإساءة او العنف اللفظي او اليدوي .
الحركة الديمقراطية الآشورية حزب سياسي قومي آشوري ، اتخذ اسم الحركة على اعتبار انه كان حركة مسلحة الى جانب الثورة الكوردية  ، ولكن بعد 2003 كانت مظاهر الحزب السياسي اكثر وضوحاً بجهة افتتاحه مقرات سياسية في بغداد وبعض المدن ومنها المدن  المسيحية ، وعلى اعتبار انه حزب سياسي يعمل في الساحة العراقية  هنالك من يرضى بمسيرته ، وآخرين لهم اعتراض او نقد على بعض مواقفه ، وهذا حال اي حزب سياسي او قومي يعمل في الساحة ، ولكن يبدو ان الزوعا لا يقبل اي نقد او اعتراض على مسيرته وعلى مواقفه ، فهو الوحيد الذي يدافع بأمانه عن وحدة شعبنا ، وكل من يجادله او يعترض او يوجه نقد له  فهو ضد مصلحة شعبنا وهو انفصالي وهو عدو ، لا بل هو خائن ، كل ذلك لأنه لا يؤيد كل مواقف الزوعا كما يريدها الأخوة الموالين للزوعا .
إذا حللنا وضع الحركة فإنهم يسعون الى تشكيل البنية التنظيمية بالأستناد الى تمتين البنية العسكرية والسياسية والفكرية التي تدور حول المحور الفكر القومي الآشوري حصرياً ، لكن الحركة اخفقت في الجانب العسكري لتتحول الى حزب سياسي يعمل لخدمة الجانب القومي الأحتوائي هدفه تبخيس الجانب القومي للسريان والكلدان الذي يمثلون غالبية مسيحيي العراق . وهكذا دأبت  الحركة الديمقراطية الاشورية تستند على فكرة احادية لا مجال لوجود مفهوم المعارضة او حتى الحياد فهي لا ترى في العالم سوى ذاتها ، وتفسر الآخرين على رؤيتها الخاصة للامور والمواقف . وبذلك تلتقي مع الفكر الأديولوجي الأقصائي بحق الآخر .
ان تاريخ الحركة ( زوعا ) حينما كانت مسلحة في الجبل لم تترك بصماتها على اي واقعة او معركة عسكرية اشتهرت بها ، ربما الخمول العسكري كان يلفها ، فما هو معروف لمن يحمل السلاح ضمن ثورة شعبية يترتب ان يكون له افعال ومواقف عسكرية منظورة ، يشتهر من خلالها   فنحن حينما كنا في الجبل برفقة المرحومين هرمز ملك جكو وتوما توماس في قاطع بهدينان التابع لحسو ميرخان ، كان لنا معارك واضحة مسجلة بالتاريخ والنتائج إما لوحدنا او الى جانب قوات البيشمركة .
ما بعد 2003
 إن كانت الحركة الديمقراطية الآشورية متقوقعة في الجانب العسكري فإنها تفوقت في المجال السياسي بعد سقوط النظام في 2003 ، لكن المؤسف إن نشاطها السياسي وتبشيرها بالفكر القومي ارتكز بنشاط دؤوب لفرض التسمية الاشورية على شعبنا الكلداني ، فبدأت تزرع الشكوك في تسميته وكرست جل نشاطها في تثبيت الأسم الآشوري كأسم قومي شامل لكل المسيحيين في العراق والأسماء الأخرى ( الكلداني والسرياني ) مجرد اسماء مذهبية كنسية تابعة للقومية الآشورية ، وجرى ترويج هذه الفكرة الأقصائية لهدف نبيل هو ( وحدة شعبنا ) . وكل من يعترض عليها هو انفصالي لا يريد وحدة شعبنا ( كذا ) .
في عام 1933 حينما لجأ الى القوش لفيف من الأخوة الآثوريين ، كانت ثمة رابطة مسيحية دينية ، ولم يجادل اهل القوش او الأخوة الآثوريين بموضوع التسمية ، فالكلداني هو كلداني والآثوري هو اثوري ولكن ثمة تعاون عميق يصل الى حد التضحية بالنفس من اجل ذلك التعاون ، فالفرمان الفاشي كان يقضي بإبادة الآثوريين وهكذا طلبت الحكومة والعشائر المتعاونة معها من القوش الكلدانية إخراج العوائل الآثورية ، وإن كانت القوش آثورية كانت ضربت بالسيف لوجود الفرمان بذلك .
المهم لم يكن ثمة اي جدل على الأسم ، كان ثمة تعاون مثمر فحسب ، وهذه الحالة تنطبق على تعاون الفصيلين العسكريين توما توماس الكلداني وهرمز ملك جكو الآثوري ، ولم يكن في يوم من الأيام الى جدل حول التسمية القومية .
الحركة الديمقراطية الآشورية هي التي  خلقت موضوع التسمية وإشكالاتها ، فقد طرحت موضوع القومية الواحدة للمسيحيين وهي القومية الآشورية والدلائل كثيرة ، لا ادري إن كان سيقتنع السيد يوسف شكوانا واعضاء وموالي الزوعا ام لا . وسوف اعتمد على ثلاثة مصادر آشورية : اولاً :منظر الزوعا والفكر الآشوري السيد ابرم شبيرا ورسائل واوراق توما توماس  وثانياً :  النظام الداخلي الذي يشمل المنهاج السياسي وثالثاً : اقتباسات من مكتب التنظيم لزوعا .
اولاً : ـ
نبدأ بالكاتب ابرم شبيرا الذي ينادي (اليوم) بالتسمية القطارية الحزبية ( كلداني سرياني آشوري ) في مقالاته حيث ان هذه التسمية المشوهة طبخت بمطابخ حزبية وفي المقدمة الحركة الديمقراطية الآشورية .

في كراس لأبرم شبيرا عنوانه : الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر ، دار الساقي سنة 2001 يستهل الفصل الثاني ص15 بهذه العبارة :
يعد من نافلة القول والإطناب تكرار التأكيد في كون الآشوريون هم ، من الناحية القومية ، تقريباً ، معظم ابناء الطوائف الكلدانية والسريانية والمشرقية " النسطورية " في العراق . فبغنى عن التسمية الآشورية العامة والشاملة لجميع الطوائف ، سواء اتفقنا معها او اختلفنا ... الخ
وعلى نفس السياق في تعظيم الآشورية كقومية وتقزيم الكلدانية كمذهب كنسي يكتب شبيرا ص21 :
إن الحزب الشيوعي تبنى مجاملة وتطييب خاطر الطوائف الآشورية على حساب وحدة تسميتهم القومية بحجة ان تبني مثل هذه التمسية المركبة هو استجابة للواقع الموضوعي لمطالب ابناء الطوائف الآشورية المنتمية الى الحزب الشيوعي ومناصريه ..
ولا ينسى الكاتب شبيرا ان يحرف كل الحقائق من اجل تمشية نظريته الشوفينية في اقصاء الآخر فيقول صفحة 34 :
.. إن الكثير من الآشوريين كان (كانوا) ينتمون او يتعاطفون مع الحزب الشيوعي العراقي ، لا بل وكان بعضهم اعضاء مراكز قيادية ويكفي ان نذكر ان المؤسيين الأوائل له ، أمثال بيتر باسيل ويوسف سلمان يوسف ( فهد) كانوا آشوريين .
ولم يذكر السيد شبيرا هل ان هما من تياري السفلى ام تياري العليا ؟
وفي صفحة 22 ينتقد الكاتب شبيرا مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني لخطابه المتلفز سنة 2000 بمناسبة الذكرى 45 لتأسيس الحزب عندما أشار الى حقوق اخواننا التركمان والآشوريين والكلدان ..فقد ( زعل ) الأخ شبيرا لأن الرئيس مسعود البارزاني ذكر الكلدان كقومية عراقية . بينما الكاتب يذكرنا بموقف حزب البعث على لسان مؤسسه ميشيل عفلق حينما يقول : .. ان تشعر الاقليات العنصرية بأنها مهددة بوجودها امام مثل هذه القومية لذلك كان هناك رد فعل على القومية المتعصبة من الاكراد والآشوريين والأرمن ..
إن الفكر الشوفيني كان مع فكر الزوعا منذ تبنت الفكر الأقصائي للاخرين ( الكلدان والسريان ) وجعلتهم طوائف مسيحية تاربعةللقومية الآشورية ، لقد سبب مثل هذا الفكر الغريب  ضرراً كبيراً في مسالة العلاقة الأخوية بين ابناء شعبنا المسيحي بسبب فرض الاشورية على الكلدان والسريان دون رضاهم ، وقد كانت ردة فعل من شخصيات مهمة وفي مقدمتها المناضل المرحوم توما توماس الذي اراد تبني علاقات اخوية شفافة مع الزوعا وغيرها حيث يكتب توما توماس في اوراقه ورسائله يقول :
يقول المرحوم توما توماس الشخصية العراقية المعروفة :
إن من هم كلدان لا يمكن تبديلهم بجرة قلم الى آشوريين كما يحلو للاخوة الآشوريين ذلك ، إنه تعقيد العمل القومي والوحدة وإنه امال البعض بإحداث الأنقلاب في التاريخ
نعم ان الكاتب شبيرا وغيره يريدون احداث انقلاب في التاريخ .

ثانياً : ـ المنهاج السياسي للزوعا
إن هذه الرؤية من قبل ألأحزاب القومية وبالأساس من قبل الزوعا ، قد خلق واقع الجدل ، الذي بدا وكأنه الجدل البيزنطي ، وقبل نظرية زوعا في التسمية كان كل طرف يعرف اسمه ولا يحتاج الى تنظير .
 في اوائل السبعينات اصدر مجلس قيادة الثورة العراقي بلائحة حقوق سماها حقوق الناطقين بالسريانية من الكلدان والسريان والآثوريين ، ولم يعارض هذا القرار اي طرف لأن الفكر الأقصائي لم يكن مستفحلاً بين ابناء الشعب المسيحي الواحد ، فكل يعرف تاريخه واسمه وقوميته ويحترم رؤية الآخر دون اقصاء او تنظير او تدخل في شؤون الآخرين ، لكن النقاش حول التسمية كان من اختراع الزوعا تحديداً ، فهل كان قبل زوعا مثل هذا الجدل ؟
 كلا لم نسمع بهكذا جدل قبل الزوعا ، ربما كان اختلاف او جدل كنسي بين عامة الناس على سبيل المثال في عام 1933 وقت لجوء الآثوريون كان بعظهم يردد ان الألاقشة ارادوا منهم ان يصبحوا ( بابايي) اي كاثوليك ، وغير هذا الحديث لم نسمع شيئاً عن القومية وما هو الأسم القومي ؟ وما هي تبعاته ؟ فبدأ حزب الزوعا يختزل الأسم القومي بالأسم الاشوري وهذا تجاوز على الحقيقة والتاريخ وهكذا بدأ الجدل حول التسمية والى اليوم ، وهذه بعض المحطات من هذا الفرض .
 مؤتمر الزوعا في شقلاوة سنة 2001 جاء في المادة الثانية : إن حركتنا تنظيم ديمقراطي وطني قومي قائم على اسس ثورية  واتحاد طوعي بين الأفراد يتميزون بنكران ذات وينتمون الى مختلف فئات وطوائف الشعب الآشوري ..
للمزيد يرجى مراجعة المادة الثانية والثالثة والخامسة المستنسخة في الصور المرفقة في نهاية المقال .
ثالثاً :ـ
 لقد اقتبست من كراس مكتب التنظيم للحركة الديمقراطية الآشورية والذي يوضح الجانب الأقصائي للحركة وادناه بعض الفقرات ، لكن قبل ذلك ينبغي ان الزوعا قد بينت بجلاء هويتها الآشورية : باسمها الحركة الديمقراطية الآشورية ، وكذلك فضائيتها المعروفة بقناة آشور ، وكل ذلك لا يهم ، لوم لم تكن للحركة افكار التفوق والتكبر على الأخر والآخر هم الكلدان والسريان .
وفي والنظام الداخلي عن مكتب التنظيم للحركة الديمقراطية الآشورية سنة 2001   
1ـ       
جاء بعد المقدمة ، فقرة عنوانها الحركة الديمقراطية الآشورية ـ تعريف بالأسم وورد ص3 من الكراس :
.. وهذا يتوافق مع الظرف النضالي الذي يمر به شعبنا ( الآشوري ) وواقع الأضطهاد الذي يعيشه ..
2 ـ
في نفس الفقرة ورد : وبعد مناقشة وافية ان تسمية الحزب لتنظيمنا قد تكون ملائمة في ظروف الديمقراطية في الوطن وقيام المؤسسات الدستورية التي تقر بالحقوق المشروعة لشعبنا ( الآشوري ) ..
3 ـ في نفس الفقرة ورد :
.. وما يفرزه هذا الخط الفكري من تقييم الموضوعي اشعبنا ( الآشوري) .. ورد في نفس الفقرة ص6 :
..وهذا يتجلى في شعار حركتنا (( عراق ديمقراطي حر والإقرار بالوجود القومي الآشوري)).
وفي نفس الفقرة ورد ايضاً :
.. وعلى صعيد ساحتنا ( الآشورية ) فإن حركتنا ...
4 ـ وفي ص7 ورد ان اسم الحركة الديمقراطية الآشورية فهي التسمية التي تعبر عن هوية اعضاء التنظيم .. وإن تبني التسمية الآشورية هو لكونها امتداد سياسي دام لأكثر من قرن ونصف من النهضة القومية ..
5 ـ
وفي فقرة عنوانها : لماذا زوعا ؟
ورد  ص7:  .. جاء انبثاق زوعا كضرورة موضوعية تاريخي حتمها التطور الطبيعي للمسألة القومية ( الآشورية ) في الوطن ... ويمكن الإحاطة بموضوعة التاريخ (  الاشوري) المعاصر من خلال ...مقدمة وثيقة المنهاج السياسي ...بالإضافة الى مصادر وبحوث تحتويها المكتبة الآشورية .
6 ـ

ورد ص 12 في فقرة وطنياً :
.. من الإمعان في إنكار الوجود القومي ( الآشوري ) ... وغموض المسألة ( الآشورية ) لدى شرائح واسعة من فئات الشعب العراقي ــــ اشرت على ذلك في الفقرة اولاً  بالأقتباس من كتاب ابرم شبيرا :  الاشوريون في الفكر العراقي المعاصر ..
.. لقد توصلنا الى استبيان صورة حقيقية ولكنها مريرة ومؤلمة لحال الشعب ( الآشوري ) ..
7 ـ
تميز نهج زوعا بما يلي ص13 :
الأعتماد الكامل على الجماهير( الآشورية) ..
استقلالية الموقف والقرارا للحركة المرتبط دائماً بمصالح الشعب ( الآشوري ) .
إعتبار الأقرار بالوجود القومي (الآشوري) ضرورة حتمية .

شموله على كل فئات الشعب ( الآشوري ) ومذاهبه وتغطية كافة ساحاته جغرافياً .
موضوع بعنوان زوعا واسس نضاله السياسي ص15 وما يليها :
8 ـ
ورد يعتبر العمق التاريخي للوجود ( الآشوري ) كشعب ...ويتجلى ذلك من خلال دور الإنسان ( الآشوري ) في بناء ...إن المحافظة على الوجود القومي ( الآشوري ) ...
9 ـ
ورد فقرة تقول : الأنقسام الكنسي الذي انعكس بشكل مباشر على الجانب القومي وتقسيمه الى مذاهب متعددة ( كلدان ـ سريان ـ نساطرة ) ومن ثم إحلال اسماء هذه المذاهب محل الأسم القومي لشعبنا ..
اقول يا كتاب ومفكري الزوعا ،كيف اخترعتم المذهب الكلداني ومن ثم المذهب السرياني ، ارى من الضروري مراجعة دروسكم  في المذاهب الكنسية .
هناك المزيد المزيد من هذا الفكر في ادبيات الزوعا ولا يمكن اخفائها فالوثائق تتحدث بنفسها .
انا متأكد سوف لا تقتنع حينما اقول ان زوعا هي آشورية ، وطرحها اسم الكلدان والسريان هو ذر الرماد في العيون ، وهي تعتبر الجنس الآشوري جنس متفوق وينبغي على الآخرين الخضوع ، ونحن ( الكلدان ) لا نقبل بهذا الأستخفاف بقوميتنا الكلدانية الأصيلة ، وأنت إن قبلت بذلك  يا اخ يوسف شكوانا ربما بسبب ارتباطك  حزبياً مع الزوعا فنحن لسنا ملتزمين بقبول ذلك ولسنا ملزمين بقبول تنظيرها حول شعبنا الكلداني والسرياني ولا نريد ان تكون الحركة وصياً على مقدراتنا ، نحن نحترم الحركة كحزب سياسي لكن لا نقبل بتنظيراتها القومية الإقصائية .
 اتمنى ان تسود بيننا الشفافية وروح التعاون والأخوة على اسس من التعامل الندي والتفاهم والحوار الديمقراطي الحضاري وليس خلافه .
د. حبيب تومي / اوسلو في 23 / 01 / 2015







 

 
 

5
الحملة الإعلامية ضد المطران سرهد جمو وتعقيب على عنوان مقال ليون برخو الأستفزازي
                                     (ج2)
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com

في البداية احيي الزملاء الذين كانت لهم مداخلات على الجزء الأول من المقال إن كانت هذه التعليقات مؤيدة او معترضة على بعض فقرات المقال ، ولابد من الإشارة للزميل عبدالأحد سليمان بولص في مقاله الموسوم : حوار حول مقالة الأستاذ حبيب تومي عن الحملة الاعلامية ضد المطران سرهد جمّو..
وتعليق الأخ كوركيس اوراها منصور وبقية التعليقات كما احب ان احيي الزميل يوحنا بيداويد لمقاله المعنون : رسالة مفتوحة  الى الاخوين الكاتب حبيب تومي والكاتب عبد الاحد سليمان . وكم كان بودي التعقيب على المقالين ومداخلات الزملاء ، لكن يبدو ان سيف الوقت امضى ولا يرحم وسوف (احاول) الكتابة والتعليقات على اراء الزملاء الواردة في المقالين . فاحترامي وتقديري لهم جميعاً .
في هذا الجزء اعود الى عنوان المقال وأقول :
 ان غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو كان شعاره في البداية ولا زال : الإصالة ، التجدد ، الوحدة ،  في شعار الوحدة خطا البطريرك الكلداني خطوات جريئة نحو الوحدة ، ومن جانب واحد ، مع الكنيسة الآشورية ، ومن هذا المنطلق نرجو ان تكون وحدة الكنيسة الكلدانية وتعزيز البيت الكلداني من ضمن نفس شعار الوحدة ، والبيت الكلداني أولى  بتطبيق هذا الشعار ( الوحدة ) ، من اجل كينونة وديمومة الكنيسة الكلدانية كبنيان متراص . لهذا نرجو ان يرفع غبطة البطريرك شعار مهم وضروري وهو :
 تصفير الخلافات مع ابرشية مار بطرس الكلدانية في امريكا ومع ابنائه وأخوانه من المثقفين الكتاب المهتمين بشان قوميتهم الكلدانية . فثمة خطوات تسوية الإشكالات مع سيادة المطران مار سرهد جمو وسيادة المطران مار باوي سورو ، وإنهاء قضية الكهنة والرهبان . لا يمكن ان نفكر بمنطق الأنتصار والأنكسار والغالب والمغلوب ، وأنا كشخص علماني قرأت كلمات رائعة في الأنجيل المقدس تقول :  وسمعتم انه قيل ، تحب قريبك وتبغض عدوك ، اما انا فأقول لكم ، احبوا اعداءكم ، وباركوا لاعنيكم ، واحسنوا معاملة الذين يبغضونكم ( متي 5 : 43،44 ) ، وينبغي الإشارة هنا ، ان ابنائكم واخوانكم في ابرشية مار بطرس الكلدانية في امريكا  ليسوا اعدائكم بل اخوة لكم .
نحن الكتاب الكلدان وأنا واحد منهم ، حينما نناقش مع البطريركية ونشير الى مواضع الخلل ، حسب رأينا ، يكون ذلك من باب الحرص على مؤسسة البطريركية ، ومن باب الحفاظ على البيت الكلداني ، ولا نريد ان ينظر الى هذا الجدل وكأنه يرمي الى النيل والأنتقام من مؤسسة البطريركية ، بل انا شخصياً انظر اليه وكأنه حوار بين الأبناء والأب بغية التوصل الى افضل السبل للحفاظ على هذا البيت .
نحن نتحاور مع غبطة البطريرك والمطارنة الأجلاء ، حول الأمور الحياتية لشعبنا الكلداني والمسيحيين بشكل عام ، وهذا الحوار هو من باب التفاهم بين النخبة المثقفة من العلمانيين والقيادة الدينية ، ونحن في العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين يتعين علينا التفاهم بالحوار الديمقراطي الحضاري ، ولا يمكن ان يصار الى التعامل معنا بمنطق (القطيع) .
 نعم في الأمور الدينية والكنسية واللاهوتية نقول لرجل الدين سمعة وطاعة ، ولكن بشؤون الحياة الأخرى نتحاور  ونختلف ونتفاهم مع رجل الدين بمحبة وبمنطق الحوار الحضاري للوصول الى ما هو في صالح شعبنا .
لقد قرأنا  توضيحات وبلاغات وبيانات الكنيسة وفيها بعض المصطلحات ، اقل ما نقول عنها بأنها (قاسية ، بل ليست مناسبة ) في مخاطبة الآخر ، وكمثل غير حصري لتلك المصطلحات التي وردت في إعلام البطريركية نكتفي بمصطلح ( القومجية ) فنحن المهتمين بالشأن القومي الكلداني إخوانك وابنائك ولسنا (قومجية)  بل نحن مثقفين قوميين كلدان نفتخر بقوميتنا الكلدانية دون تعصب ، ونحترم الآخرين من كل المكونات الدينية والقومية والأثنية ، وليس لنا مفهوم إلغاء الآخر ، وما كنا نسلك الطريق القومي لو ان شعبنا الكلداني قد نال حقوقه في وطنه ، نحن نعمل من اجل توحيد الصف الكلداني ليكون متراصاً ومسانداً للمكون المسيحي في العراق ومن اجل إعلاء شأن العراق وإحلال السلام في ربوعه ليكون واحة خضراء مزركشة بمختلف المكونات العراقية الجميلة .

غبطة البطريرك إن القوميين الكلدان هم اخوانك وأبنائك ويدافعون عنك وعن الكنيسة وهم مستعدين للتضحية ونكران الذات ، ولكن مع الأسف ثمة من يحاول دق اسفين التفرقة بين البطريركية وأبناء شعبه من النخبة المثقفة المخلصة والحريصة على حقوق شعبنا الكلداني والمسيحيين بشكل عام والمخلصة للكنيسة ولمؤسسة البطريركية الموقرة بالذات ، فيجب ان لا تنطلي تلك المحاولات بل يجب إفشالها  لأنها تعمل على تمزيق لحمة الكنيسة الكلدانية والإيقاع بين البطريركية وأبنائها المخلصين من المثقفين الكلدان .
الموقر غبطة البطريرك
الكاتب مهمته تشخيص مناطق الخلل وتسليط الأضواء عليها ، واستخدام منظومة النقد ، ومسألة السمع والطاعة تتنافى مع فلسفة الأختلاف وتعارض مفهوم القطيع فنتساءل
 اولاً :
ومن باب تشخيص الخلل لا ادري إن كان بمقدورنا ان نسأل عن مصير الفساد المالي في مؤسسة البطريركية الذي اشير اليه في بداية تسنم غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو المسؤولية ، ولم نسمع بعد ذلك عن اي تحقيق او نتائج التحقيق فما هو مصير الفساد المالي ؟ لماذا تراجعت البطريركية بإدراتها الجديدة عن الخوض في غمار هذه المشكلة ؟ هل كان السكوت عنها بمبدأ : عفا الله عما سلف ام ان قدرات الفاسدين اقوى من قدرات الكنيسة ؟
ثانياً :
 ولم يكن ثمة اي توضيح من الكنيسة حول الموضوع بينما كانت هناك العديد من التصريحات والتوضيحات والقرارات بشأن الكهنة والرهبان المخالفين حسب رؤية البطريركية  الموقرة ، وبصدد المخالفات الإدارية للرهبان والقسس كانوا يقومون بواجبهم الكنسي في مكان آخر ولم يرتكبوا مخالفة دينية او لاهويتية او يرتكبوا هرطقة ، لقد المت بهم ظروف صعبة وهم جزء من هذا الشعب الذي ترك بيوته وأمواله وهربوا الى ارض الله الواسعة وهؤلاء الكهنة والرهبان بشر مثلنا ، هاجروا من كنائسهم ووطنهم ، وإن كانوا ارتكبوا مخالفة إدارية فليست خطيئة مميته ولا تستحق الطرد والأنتقام . فسبق لغبطة البطريرك نفسه مع مجموعة من المطارنة الأجلاء ان امتنعوا عن حضور السينوس الكلداني لعدة سنوات الذي كان يدعو له البطريرك المرحوم عمانوئيل دلي ، ولم تصدر اي عقوبة لهذه المخالفة الإدارية .
نحن نؤيد القانون والنظام في جسم الكنيسة ، لكن ليس بالضرورة ان يكون لهذا النظام قوة لتطبيقه على امور قد مضى عليها سنين ، فهنا حسب رأيي المتواضع يكون صالحاً ومفيداً مبدأ :
عفا الله عما سلف لتنقية القلوب ولكي تجري المياه الصافية بمجاريها ، ولنقلب الصفحة ونبدأ بصفحة جديدة ناصعة .
ثالثاً :
في نفس السياق نسأل عن مصير الرابطة الكلدانية ، وربما كانت الظروف القاسية التي ألمت  بشعبنا الكلداني في تشريده من بيوته في مدنه سبباً في تأجيل الفكرة ، لكن لم يكن اي توضيح بهذا الصدد من مؤسسة الكنيسة .
رابعاً :
لقد تم إقصاؤنا نحن الكتاب الكلدان من الموقع الذي يتكلم باسم بطريركية الكلدان ( سانت ادي ) ، وهذا ينطبق على موقع كلدان اوروبا ، الذي كنا ضمن مؤسسيه ، وبعد فترة قصيرة كان إقصائنا من الملعب في موقع كلدان اوروبا ليكون الموقع خاص لما يقرره رجل الدين فحسب ، بينما كان من المقرر ان يكون الموقع مناصفة بين العلمانيين الكلدان ورجال الدين ، فكان طردنا من الملعب حتى دون علمنا . وإن كان اسم الموقع كلدان اوروبا فهل كلدان اوروبا هم رجال الدين فحسب ؟ ولا ندري لمن نقدم شكوانا ؟
بالنسبة لموقع البطريركية كتب في صدر صفحتها الرئيسية هذه العبارة :

 

وفي الحقيقة ان بعض المقالات المنشورة في موقع البطريركية ( سانت ادي ) ليس مطابقاً لما ورد في هذه الملاحظة .
في ملاحظة اخيرة عن عنوان المقال في الحملة الإعلامية على المطران سرهد جمو ، انا شخصياً لدي تحفظ على بعض مواقف المطران الجليل مار سرهد جمو ، لكن هذه التحفظات لا تمنع من ان اقف الى جانب الحق حسب قناعتي ، فمن وجهة نظري ان سيادته  بادر الى رعاية مؤتمر النهضة الكلدانية ، ويوم مقابلة الرئيس مسعود البارزاني وأنا شخصياً كنت ضمن الوفد الذي كان يرأسه المطران ابراهيم ابراهيم والمطران سرهد جمو كان المطران جمو متكلماً لبقاً ومفاوضاً شجاعاً .
 وبعض مسيرته تفيد انه ولادة  بغداد  سنة 1941 اكمل الأبتدائية في بغداد والثانوية في المعهد اللاهوتي للكلدان  في الموصل وبعدها انتقل الى روما وكان عمره 17 سنة ، ودرس في السنوات ما بين 1958 و 1964 في الجامعة البابوية في
أوربانيانا، نال فيها شهادة الماجستير في الفلسفة وألاهوت .و واصل دراساته في المعهد
البابوي للدّراسات الشّرقيّة حيث حصل على شهادة دكتوراه في الدّراسات الشّرقيّة الكنائسيّة
برسالته الموسومة: تركيبة الطقس الكلداني .
 بعد إكمال دراساته في روما، عاد إلى بغداد حيث عُيِّنَ راعي كنيسة مار يوحنا المعمدان من
  1969 إلى 1974 خلالها تم بنا كنيسة جديدة و بيت لراعي الكنيسة . في عام 1974
اصبح عميدا للمعهد اللّاهوتي البطريركي الكلدانيّ و الّذي خدم فيه الى عام 1977 . وبعد
ذلك سافر الاب سرهد جمو إلى الولايات المتّحدة و عُيِّنَ كقسّ مساعد لكنيسة ام الله في
سوثفيلد، وبعدها انتقل إلى تروي - ميتشيجان ليصبح راعي كنيسة مار يوسف حيث
خدم هناك لمدّة عشرون سنة . واثناء خدمته هناك، بنى قاعةً احتفالات جديدة و قاعة
للاجتماعات ومجمّع مكاتب و بيت جديد للقسّيس و كنيسة جديدة . في 1991 تم تعينه نائب
عام للأبرشيّة الكلدانية في الولايات المتّحدة.
في عامي 1984 و 1985 حاضر في جامعة نوتردام، و في عام
1987 حاضر في الجامعة الكاثوليكية في واشنطن العاصمة. و منذ 1993 تم تعينه أستاذا
جامعيا لللاهوت الشّرقي في المعهد الشّرقيّ البابويّ، حيث يحاضرهناك فصلا دراسيّا واحدا
في السّنة. اما في مجال توحيد كنيسة المشرق، ففي عام 1979 أصبح عضو الجنة
الاستشارية لمؤتمر الأساقفة الكاثوليكيّ، للحوار بالكنائس الأرثوذكسيّة الشرقية. كان لعمله
باتجاه الوحدة عامل مهم في إعلان البيان المسيحي المشترك في عام سنة 1994 بين الكنيسة الأشوريّة الشرقية و الكنيسة الكاثوليكيّة، في 1995 عُيِّنَ عضوا في اللّجنة المشتركة للحوار اللّاهوتيّ بين الكنيسة الكاثوليكيّة و الكنيسة المشرق الأشوريّة، و في 14 اب 1997 اصبح واحدا من سكرتيري للجنة المشتركة للتّوحّيد بين الكنيسة الكلدانية الكاثوليكيّة و الكنيسة المشرق الأشوريّة. وقد ادى عمله في هذه اللّجان في اصدار وثيقة الكرسيّ البابويّ سنة 2001 حول العلاقة المتبادلة بين الكنيسة الكلدانية الكاثوليكيّة وكنيسة المشرق الآشورية.
للمزيد عن سيرة المطران سرهد جمو راجع الرابط :
http://www.chaldeansonline.org/umtha/umtha2/umtha2_p8.pdf

يتضح من سيرة المطران سرهد جمو ، انها سيرة طيبة وبرأيي المتواضع ان الهجمة الإعلامية على الأرجح هي نتيجة مواقفه القومية الصريحة بجانب قوميته الكلدانية ، ويتضح ذلك من الأقلام التي سطرت المقالات لمهاجمته .
غبطة البطريرك لويس ساكو الكلي الطوبى :
لا ريب انكم تتحملون العبئ الأكبر من المسؤولية في قيادة الكنيسة وشعبها ، وإن تصليح الخلل في جسمها يقع على عاتقكم ، وإن حدث خلل ما او ارتكب خطأ ما من قبل فرد من الأكليروس  إن كان اسقفاً او كاهناً او راهباً فمسؤولية الإصلاح منوطة بسيادتكم ، وانا لست مبحراً في الشؤون الدينية الكنسية  لكن لدي المعلومات العامة وما تعلمناه في التعليم المسيحي ومن خلال بعض القراءات ، ولو فرضنا ان ابناء كنيستك هم في اسوأ الأحتمالات من الهالكين لا سامح الله  او من الخطاة فإن ابن الأنسان جاء لكي يخلص الهالكين ، ما ريكم في إنسان كان عنده مئة خروف فضل واحد منها ، افلا يترك التسعة والتسعين في الجبال ويذهب ويبحث عن الضال ، الحق اقول لكم ، إنه إذن وحده ، فإنه يفرح به اكثر من فرحه بالتسعة والتسعين التي لم تضل ، وهكذا لا يشأء ابوكم الذي في السموات ان يهلك واحد من هؤلاء الصغار ( متي 18 : 11 ـ 14 ) .
لقد قدم الزميل صباح دمان مقترحات جميلة وواقعية بتشكيل لجنة من العلمانيين تقوم بالمساعي الحميدة لرأب الصدع بين البطريركية وبين ابرشية مار بطرس الكلدانية في اميركا . او يمكن ان تكون بمساعي حميدة من الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان .
لكن مقترحي الشخصي : ان تؤلف لجنة من ثلاثة مطارين  لتكون اكثر قبولاً ، وأطرح اسماء المطارين الأجلاء لتكوين لجنة هدفها رأب الصدع هذا ، والمطارنة الأجلاء هم :
المطران ابراهيم ابراهيم ، المطران انطوان اودو ، المطران شليمون وردوني
.

اجزم ان غبطة البطريرك ساكو يتشوق ويعمل جاهداً للمحافظة على الكنيسة كحرصه ومحافظته على حدقتي عينيه  ، وإن التضحية في سبيل مصلحة الكنيسة يشكل هدفه الرئيسي ، وإن وحدة بنيان الكنيسة هو غاية نعمل جميعاً لتكريس هذا البنيان وتقويته ، والمسالة تحتاج التضحية ونكرات الذات من الجميع ، سيادتكم تتحملون الجانب الأكبر من الثقل في هذه المهمة الدينية والإنسانية والله يكون في عونكم .
ودمتم بخير ومحبة المسيح جميعاً .
يليه الجزء الثالث  )وهو الأخير )
د. حبيب تومي اوسلو في 16 / 01 / 2015

6
الحملة الإعلامية ضد المطران سرهد جمو وتعقيب على عنوان مقال ليون برخو الأستفزازي
                                                  (ج1)
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
الحملة الإعلامية الأخيرة على المطران سرهد جمو قد اتخذت منحى جديداَ ، فيه وتيرة الشدة ظاهرة لا سيما من الكتاب الذين لهم تاريخ في محاربة اي فكر قومي كلداني ، ويرحب بما يكتبون في مواقع الأحزاب التي تعمل لتقويض الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية اولاً ، والإجهاز على اي فكر قومي او نهضة كلدانية ثانياً ، وهذه الجهات  معروفة لا داعي لذكر اسماءها ، وبتقديري ان الإجهاز على الفكر القومي الكلداني  تلقى القبول والأرتياح من مؤسسة البطريركية الكاثوليكية الكلدانية حسب ما هو ظاهر للعيان ، وأرجو ان اكون مخطئاً في تقديري هذا . وسوف اتناول الموضوع بشئ من التفصيل ولهذا سوف يليه الجزء الثاني لكي لا يكون طويلاً على القارئ الكريم .
مقدمة عن الأسم القومي الكلداني
غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو ، له مكانة سامية لعلمه الغزيز وثقافته الراقية وبعد ذلك  تبوئه لقمة الهرم في مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية في العراق والعالم كبطريرك للشعب الكلداني حيث كان قد اطلق اسم الكنيسة الكلدانية تيمناً بشعبها الكلداني ، وكان اللقاء الأول بين نساطرة قبرص في عهد الحبر الروماني  بندكتس الثاني عشر وحضر فيه رؤساء اللاتين واليونان والأرمن والموارنة والنساطرة واليعاقبة ، فأبرز النساطرة صورة الأيمان المستقيم وأقروا برئاسة الحبر الروماني على كل الكنيسة ، وطلبوا فقط على الأبقاء على طقوسهم الأبوية التي لا تشين الأيمان وكان ذلك سنة ( 1340 ) ( للمزيد راجع القس بطرس نصري الكلداني في ذخيرة الاذهان م2  ص76  دير الاباء الدومنيكيين ، الموصل سنة 1913) .
 اما اللقاء الثاني فكان سنة 1445 حين الأتحاد مع روما في عهد البابا اوجين الرابع ( 1441 ـ 1447 ) . حيث اختار اسقف نساطرة قبرص المطران طيماثاوس الكلداني  الذي ابرم وثيقة الأتحاد ، اختار الأسم القومي للكنيسة الكاثوليكية في بلاد النهرين اسم الكنيسة الكلدانية كهوية قومية لهذه الكنيسة اسوة بالكنيسة الأرمنية او الفرنسية او اليونانية او اي كنيسة قومية وطنية اخرى ، ولم يختار الأسم الآثوري لهذه الكنيسة لأن الشعب الذي تنتمي اليه هو الشعب الكلداني ، فعرفت بالكنيسة الكلدانية وفق السياق الذي يتمشى مع تاريخ هذا الشعب العريق في بلاد ما بين النهرين ( العراق ) .
اليوم يمثل الكلدان غالبية مسيحيي العراق ، وهو مكون عراقي  اصيل يدين بالديانة المسيحية ويسلك المذهب الكاثوليكي ويحمل اسم القومية الكلدانية العراقية كانتماء قومي وطني ويتشرف برآستها اليوم غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى والوقار .
 إن الشعب الكلداني معروف تاريخه قديماً وحديثاً ، فمنذ ولادة الدولة الوطنية العراقية الحديثة في سنة 1921 تميز هذا الشعب وقيادته الدينية بمساندة ودعم تأسيس تلك الدولة وساهم ببنائها وتطورها وتقدمها ، وكانت القيادة الدينية المتمثلة بغبطة البطريرك المرحوم عمانوئيل الثاني توما (1900 ـ 1947 ) . كانت ممثلة بمجلس الأعيان وكان البطريرك الكاثوليكي الكلداني عضواً في مجلس الأعيان الى ان وافاه الأجل عام 1947 وكان هذا المجلس يتكون من 20 عيناً يتم اختيارهم من الملك مباشرة من وجهاء القوم وعقلائه ومدبريه .
وتمشياً مع ذلك السياق فإن غبطة البطريرك اليوم له منزلة سامية فالكلدان شريحة مهمة من المكونات العراقية الأصيلة ، وينبغي ان يكون للبطريرك شخصياً احترام كبير لأبناء شعبه من كتاب ومن رواد ومدافعي عن مؤسسة الكنيسة وعن القومية الكلدانية والتاريخ الكلداني  ، البطريرك الموقر يحمل ثلاث صفات فهو مسيحي ، من الكنيسة الكاثوليكية ، ومن القومية الكلدانية التي يحملها شعبه الكلداني بلغته القومية الكلدانية ، فلا يمكن للبطريرك ان يشك في انتمائه القومي ولسنا بحاجة الى اي دراسات او مؤتمرات لنعرف اسمنا القومي ، وأتساءل كيف يشك غبطة البطريرك ساكو في اسمه القومي وهو رئيس الكلدان ومسؤول عنهم امام المسؤولين في العراق وفي المنطقة وفي المحافل الدولية .
إن اي مسؤول : رئيس حزب ، رئيس دولة ، رئيس ديني مثل البطريرك ، الملك ..  او اي مسؤول رفيع مسؤول عن دولة او جماعة او طائفة .. ينبغي ان يتميز بالحنكة والعلم والمعرفة ، وبعكس ذلك نشهد انهيار الدول والأمم ، وأهم مراتب المعرفة ان تصغي الى الرأي العام والى ابناء شعبه ، وأهم من ذلك ان يكون الحاكم او المسؤول الذي اشرنا اليه ان يكون اميناً على شعبه وعلى حقوقه ومبادئه ومصالحه وتاريخه وعلى  ومشاعر هذا الشعب .

 


لقد تألمنا للزيارة التي قام بها غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو لقداسة البطريرك الآثوري مار دنخا الرابع  وللمنظر المؤلم الذي ظهر سيادة البطريرك الكلداني وهويقبل يد البطريرك الآثوري والأخير غارق في نوبة من الضحك، إنه موقف مؤلم ليس الى نسيانه سبيل .
 ناهيك عن بروتوكول الزيارة الذي لم يكن مناسباً لاستقبال سيادته ، هل هو التواضع.. ؟ كلا وألف كلا هذا الموقف ليس له علاقة بتواضع المسيح .
 الوحدة التي اردتموها مع البطريرك مار دنخا الرابع تحديداً ليست في صالح شعبنا المسيحي ، فكان ان تبذلوا نفس الجهود مع البطريرك الكنيسة المشرقية القديمة ومع بقية البطاركة ، وبعد كل ذلك تتم الوحدة بقبول كلا الجانبين وحينما يتنازل احد الطرفين او احد الأطراف لمصلحة الوحدة ينبغي على الطرف الآخر او الأطراف الأخرى ان تتنازل بنفس المقدار وتخطو نفس الخطوات للوصول الى الوسطية الذهبية ، ولكي لا يهيمن مفهوم المنتصر والخسران .
في شأن الوحدة ايضاً نعود لمقال المطران الجليل ( البطريرك لاحقاً ) لويس روفائيل ساكو سنة 2005 حيث يكتب في موقع عنكاو مقالاً تحت عنوان : المسيحيون في العراق الى اين؟ وبشأن التسمية ورد في متن المقال هذه الفقرة :
(( ما نحتاجه اليوم  ويقرر مصيرنا  كفريق متجانس هو  الاتفاق على تسمية واحدة ، حتى ولو في هذه المرحلة الهامة. هناك ضرورة على التوافق: تبني تسمية واحدة كأن تكون  " كلدو اشوريين " كتسمية قومية أو  " سوراي"  أو " السريان"  أو الاشوريويين  أو الكلدان.. )) .
المقال حسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,962.0.html
لقد جرى اقتراح هذه الصيغة سنة 2005 وما قبلها ، كانت ثمة طروحات كثيرة ، وبشكل عام لا يمكن ان يتخذ بها لأنها صيغة غير عملية ، الأحزاب المتنفذة وفي مقدمها الزوعا طرحت موضوع التسمية للنقاش ولكنها تمسكت باسمها القومي الآشوري وفضائيتها كانت اسمها قناة آشور ، ولكنها طرحت اسم كلدوآشوري خصيصاً لأحتواء الكلدان وتفريغ اسمهم من محتواه القومي الذي يعتزون ويفتخرون به .
ولو سلمنا ان الأسم القومي الكلداني بدأ سنة 1445 فيكون قد مضى عليه ما يقارب 6 قرون من السنين ، فهذا يكفي لأن يفتخر هذا الشعب باسمه ، بينما الأسم الآشوري لم يمض عليه سوى قرن واحد ومع ذلك يعتز الأخوة الآشوريين باسمهم القومي ولا يمكن ان يتنازلوا عنه .
 انا لدي ثلاثة اولاد ولكل منهم اسمه يعتز ويفتخر به وليس بينهم اي خلاف او صراع ، وسيكون عكس المنطق ان يكون لهم اسم واحد ، انهم ثلاثة اخوة متحابين متضامنين والأسماء المختلفة لا تفرقهم ، وفي مسألة شعبنا المتكون من السريان والآشوريين والكلدان يكوّن شعب مسيحي  واحد ، فلماذا نصر على ان يكون لنا اسم واحد ؟ إنه تنظير قومي شوفيني بأن يكون هذا الأسم هو الأسم الآشوري وبقية المكونات الكلدان والسريان عبارة عن اسماء كنائس وهي تابعة للاسم الآشوري الواحد هذا هو الهدف من ان يكون لنا اسم قومي واحد ، فالحل الأمثل غبطة البطريرك ان تبقى اسماؤنا الثلاثة ، وهو الحل العقلاني الصائب  لموضوع التسمية ، ومن غير المنطقي ان نخضع للأحزاب القومية الآشورية لإلغاء اسم الكلدان والسريان والأبقاء على الأسم الآشوري كاسم قومي لمكونات كنسية لا اكثر فهذه لعبة حزبية لا تعبر على شعبنا الكلداني .
اكتفي بهذا القدر في هذا الجزء من المقال .
يليه الجزء الثاني حيث سأتناول فيه مسألة الفساد المالي وموقف الكنيسة من الكتاب الكلدان ، وموقف المطران سرهد جمو ، واعقب على عنوان مقال السيد ليون برخو الأستفزازي : المطران سرهد جمو يهدم بيته على رأسه وعلى رأس اصحابه .
د. حبيب تومي / اوسلو في 07 / 01 / 2015

[/b]

7
الزوعا المستفيد الأول من النزاع داخل الكنيسة الكلدانية . كيف ولماذا ؟
بقلم : د. حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
 الزوعا ، او الحركة الديمقراطية الآشورية ، حزب قومي آشوري علماني ، طرح شعارات قومية آشورية وتبنى في نظامه الداخلي مواد تطرح المكون الآشوري كمكون قومي وحيد يمثل كل المسيحيين ، وله من المنظرين القوميين يكتبون بهذا الأتجاه وكان في مقدمتهم الكاتب ابرم شبيرا ، الذي كتب عن الآشوريين في العراق وهو الذي عاتب السيد مسعود البارزاني لأنه يذكر المكون الكلداني بنفس الدرجة التي يشير الى المكون الآشوري ، ويعاتب الحزب الشيوعي العراقي ايضاً لأنه يشير في أدبياته الى المكون الكلداني والسرياني كإشارته الى المكون الآشوري ، والذي أراده السيد شبيراً ان يشار الى القومية الآشورية والبقية يشار اليهم كمذاهب كنسية تابعة للقومية الآشورية  وإن ذلك واضح في تنظيراته السياسية والقومية الذي نشره في كتيب تحت عنوان : (الاشوريون في الفكر العراقي المعاصر : دار الساقي سنة 2001)، وفيه يوجه الكاتب الى صهر الكلدان والسريان في البودقة الآشورية وكانت حجته ، توحيد الكلمة وخلق تجانس قومي مسيحي على المقاسات الأيدولوجية الحزبية للحركة المذكورة ، بجهة احتواء المسيحيين الآخرين في الرداء القومي الآشوري ، كما يمكن مراجعة النظام الداخلي للحركة الديمقراطية الآشورية الذي يعكس هذا الجانب الشوفيني بكل وضوح .
الحركة الديمقراطية الآشورية ومنظريها وكتابها ارادوا من الكلدان ان يكونوا فلاحين في الحقل الآشوري ، لأن الآشوريين في المدن العراقية اعدادهم محدودة قياساً بالمكون الكلداني وكذلك السرياني .
ارجو ان لا يفسر هذا المقال النقدي على انه موقف معادي من الحزب المذكور ( الحركة الديمقراطية الآشورية ) ، فيمكن مناقشة ما يورد فيه بمنطق مقارعة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة ، وليس في كيل التهم وإرسال الشتائم .
 الحركة الديمقراطية الآشورية بفضل سكرتيرها يونادم كنا ذو الباع الطويل في السياسة ودعم كامل من قبل الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر ، فقد افلح الحزب المذكور في كسب عدد كبير من ابناء الكلدان والسريان الى صفوفه لا سيما بعد 2003 ، وقد حاول الحزب المذكور استمالة مؤسسة الكنيسة الى جانبه معترفاً بمكانتها ، واستمالتها الى جانب خطابه يعني تحييدها في الشأن القومي .
بفعل حدسها السياسي ايقنت قيادة الحركة الديمقراطية الآشورية ، ان المكون الكلداني يعاني من ضعف التنظيم السياسي والقومي ، وإن للكنيسة الكلدانية مكانة مهمة في تمثيل هذا الشعب ( الشعب الكلداني ) ، فتوجهت قيادة الزوعا نحو البطريرك المرحوم عمانوئيل دلي ، طارحة تسمية ( كلدوآشور) مغيبّة المكون السرياني عن المعادلة ، وفعلاً استقبلت البطريرك بحفاوة ونظمت مؤتمراً في فندق بغداد  سنة 2003 ، الهدف إبرام صفقة مع البطريرك عن التسمية المختلطة يقبل بها الكلدانيون ، لكن في نهاية الأمر ، لم تنطلي اللعبة الحزبية على البطريرك الكلداني المرحوم عمانوئيل دلي وأدرك ان الأمر يتلخص في احتواء المكون الكلداني ، وقد تبينت اللعبة بجلاء حالما افلحت قيادة الحركة في إبعاد المكون الكلداني عن مجلس الحكم ، بحجة اننا شعب واحد ، فتنحوا انتم الكلدان جانباً ونحن نكون في الواجهة ، وكل من عارض ذلك فله تهمة جاهزة إنه انفصالي  ، ولحد اليوم يجري تمرير هذه الفلسفة التعبانة .
بصراحة الحركة الديمقراطية الآشورية تبارك كنيسة آشورية مهتمة بالشأن القومي الآشوري ، وبنفس الوقت تبارك كنيسة كاثوليكية كلدانية لكن هذه يجب ان تكون بعيدة عن الشأن القومي الكلداني ، وهذا محور استراتيجيتها في المرحلة السابقة والى اليوم .
قادت الحركة الديمقراطية الآشورية حملة إعلامية ضد البطريرك الكلداني يومذاك ، واستمر النهج المعادي ضد مؤسسة الكنيسة ورئيسها البطريرك ، الى وقت رحيل البطريرك الكاردينال المرحوم عمانوئيل دلي . وإمعاناً في السخرية من التاريخ الكلداني الأصيل ، كان تصريح السيد يونادم كنا لأحدى وسائل الأعلام في تعريفه للكلدان قوله : كل آشوري ينتمي الى كنيسة روما يصبح كلداني  (كذا) ، لقد كان تصريحاً سطحياً ساذجاً بحق شعب بيثنهريني اصيل ، هو الشعب الكلداني .
في الحقيقة ان الحركة الديمقراطية الآشورية لا تريد ان تقوم قائمة للفكر القومي الكلداني ، لأنه يخالف فكرها القومي الإقصائي ، ولهذا تريد ان تكسب الكنيسة الى جانبها ، لاسيما حينما تطرح الكنيسة مقولة عدم التدخل بالشأن السياسي وتوجه ذلك ان عدم التدخل بالشأن السياسي يعني عدم التدخل بالشأن القومي ايضاً ، بينما الحقيقة ان الفرق كبير بين العمل السياسي والعمل القومي يرجى مراجعة مقالي حسب الرابط : http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,758597.0.html
بعد انتخاب غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو ، تبدلت الأمور وتحسنت العلاقات بين قيادة الزوعا ومؤسسة البطريركية ، فكان الإعلام يظهر السيد يونادم كنا سكرتير الحركة ووزير البيئة السابق السيد سركون لازار الى جانب البطريرك في مناسبات كثيرة ، حتى ان غبطة البطريرك ساكو في معرض اجابته على سؤال لعنكاوا كوم حول التمثيل المسيحي في الحكومة العراقية ، كانت إشادة غبطة البطريرك بالوزير لازار بقوله :
(... إنني لم أسمِ اي شخص لشغل الوزارة فهذا ليس من شأني ويبقى هذا الاستحقاق مهم بالنسبة لنا وأتمنى من أي شخص كان بهذا الموقع أن يعمل لشعبنا وهنا أشيد صراحة بموقف وزير البيئة السابق السيد سركون لازار، لقد عمل كثيرا من اجل شعبنا، والحق يقال لنا أو علينا !).
الجدير بالذكر ان الوزير المذكور  قد طاله الكثير من النقد اللاذع من معظم اوساط شعبنا المسيحي بسبب تأييده غير المشروط  للقانون الشيعي للأحوال الشخصية ، فكان الأمتعاض من السيد الوزير ، لكن غبطة البطريرك كان له رأي آخر بالإشادة به .
إن هذه المواقف والتصريحات تصب في خانة مصلحة الحركة الديمقراطية الآشورية تحديداً فتصريحات غبطة بطريرك الكلدان في العراق والعالم له مكانته السامية في الأوساط السياسية في العراق وفي المنطقة وتصريحاته لها وزنها .
نحن مع الجهود الخيرة التي يبذلها غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو مع قداسة البطريرك دنخا الرابع رأس الكنيسة الآشورية بالرغم من اعتراضنا على طريقة الأستقبال التي لم تكن مناسبة بمقام ومنزلة غبطة البطريرك مار لويس ساكو ، وبعد ذلك ينبغي ان تكون جهود الوحدة مبنية على تضحية الطرفين وتنازلهما بما يفيد الوحدة وأن يخطو كل فريق نحو الوسطية الذهبية ، فلا يكون مكان لعقلية الغالب والمغلوب او القوي والضعيف ، هكذا نفهم الوحدة بين طرفين متكافئين ، ولهذا كان اللقاء غير مناسب من الناحية البروتوكولية ، فمبادرة غبطة البطريرك الكلداني لم تقابل بنفس الروحية من قبل البطريرك الآشوري ، فالأسقبال لم يكن مناسباً لمكانة ومنزلة غبطة البطريرك الكلداني ، ونحن ابناء الشعب الكلداني لم يروق لنا هذا الأستقبال .
 . هذا اولاً وثانياً ان تبذل نفس الجهود مع قداسة البطريرك مار ادي الثاني راس الكنيسة الشرقية القديمة كما بذلت مع البطريرك مار دنخا الرابع .

إن كان البطريرك الكلداني قد بذل جهوداً استثنائية مع الكنيسة الآشورية (تحديداً) ولم تقابل جهوده بنفس الحماس ، اليوم مطلوب من البطريرك الكلداني ان يتوجه لتماسك لحمة بيته الكلداني المتمثل في امور الكنيسة وفي شأن شعبه الكلداني الذي تعرض للإرهاب والتهجير والأبتزاز .
نقرأ للكتاب الكلدان المقربين والموالين للحركة الديمقراطية الآشورية والذين تنشر مقالاتهم في صدارة مواقع الزوعا قد اصبحوا بين ليلة وضحاها المدافعين عن البطريركية ، وطالما هؤلاء حاربوها في الماضي ، اليوم دأب هؤلاء يدافعون عنها ويخافون عليها من الوقوع في شباك القومية ، الغريب انهم يشجعون ويناشدون المؤسسة الكنسية في الأبتعاد عن الشأن القومي الكلداني ، بذريعة عدم التدخل في السياسية علماً ان السياسية شئ والحقوق القومية للشعب شأن آخر ، انهم يصبون الزيت لكي تتوسع هوة الخلافات بين البطريركية وبين ابرشية مار بطرس الكلدانية في كاليفورنيا . إن ذنب هذه الأبرشية لها توجهات قومية كلدانية .
 لقد كان لآبائنا في العقود الماضية  ومن العشرينات والثلاثينات والعقود التالية من القرن الماضي حينما هاجروا الى العالم الجديد ،جاهروا بهويتهم القومية الكلدانية ( CHALDEAN ) والى اليوم ، ولم يكونوا في شك من هويتهم ، كانوا واثقين من هويتهم ، والى جانب ذلك جاهر الآشوريون بهويتهم الآشورية ، ولحد اليوم ، ولهذا يجب ان يكون للبطريركية الكلدانية موقف ايجابي من طموحات شعبها الكلداني القومية ، كما هو موقف الكنيسة الآشورية بموقفها الصريح والداعم لطموحات شعبها القومية .
مع احترامنا للحركة الديمقراطية الآشورية كحزب سياسي لا يمكن ان يكون مخلصاً وداعماً للكنيسة الكلدانية وللبطريركية الكلدانية بقدر ما يكون ابناء هذه الكنيسة مخلصين وداعمين لكنيستهم ولغبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى .
علاقة الحركة الديمقراطية الآشورية بكل الأطراف بما فيها البطريكية الكلدانية هي علاقة مصلحة حزبية ، بينما علاقة ابناء الكنيسة من الكلدان ان كانوا من مهتمي بالشأن القومي ، او غير مهتمين انهم  المدافعون الحقيقيون عن كنيستهم ، ولا يهدفون الى تحقيق اي مصالح ذاتية او حزبية في هذه العلاقة الروحية الأبوية .
وبالنسبة الى الإشكالات مع ابرشية مار بطرس الكلدانية في ساندييكو ومع الرهبان والكهنة الموقوفين ، فيجدر بالبطريركية ، ان تحل هذه المشكلة بمحبة وتسامح ، وبمنأى عن الطرق الإجرائية الحكومية والحزبية المعهودة ، فنحن امام شأن إداري ، وليست ثمة انتهاكات عقائدية  او خلافات لاهوتية او هرطقة دينية ، لقد حلت مسألة الفساد المالي بهدوء وروية ، بعيداً عن نشر الغسيل على حبال الشبكة الألكترونية ، ولكن مسالة الرهبان والكهنة ، تطورت واتسعت بفضل نشرها على وسائل الأعلام بالرغم من الفساد المالي هو اخطر من الخلاف الإداري .
اقول مخلصاً :
حفاظاً على وحدة شعبنا الكلداني وكنيستنا الكاثوليكية الكلدانية ننتظر بفارغ الصبر المبادرة المباركة من لدن غبطة البطريرك ومن حكمته وكارزميته ، وباعتباره المسؤول الأول عن الشعب الكلداني وعن كنيسته التاريخية ، لكي يضع الحلول الناجعة لكل مشاكل الإدارية الكنسية ، وان يقف مع هموم شعبه الكلداني ومع وجوده وكينونته في وطنه ، ومع حقوقه الوطنية  والقومية التي يستحقها كمكون عراقي أصيل .

د. حبيب تومي / القوش في 25 / 11 / 2014

8
هل يصبح حيدر العبادي نيلسون مانديلا العراق ؟
بقلم : د. حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
اجل العراق لم يكن متعافياً وكان ولا يزال يعاني من مختلف الأمراض والعلل ، ويحتاج الى الطبيب الحكيم الذي يشخص هذه الأمراض والعلل وبعد ذلك استخدام الأدوية الناجعة لمعالجة تلك الأمراض المستعصية . فهل يكون العبادي ذلك الحكيم ؟ وهل يكون رجل المرحلة لأنتشال العراق من واقعه المأساوي ؟ البدايات كانت سليمة وضرورية ، التخلي عن الجنسية الأجنبية البريطانية ، والأبقاء على الجنسية العراقية وعدم التشبث بالدفاع عن مفهوم الجنسيتين ، وهذه خطوة مهمة في المجتمع العراقي ، كما كان إلغاء الألقاب التمجيدية في التخاطب ، والأكتفاء بالأسماء المجردة وعنوان الوظيفة ، وبتصوري ، هذه خطوة مهمة للقضاء على الثقافة السائدة في مجتمعات العالم الثالث ، وشعبياً تعرف بثقافة ( تعرف  ويّا من دتحجي ؟ ) اي هل تعرف مع من تتكلم ؟ . وفي هذه الثقافة تجاوز فظيع على هيبة القانون والإستخفاف به ، فسيف القانون يجب ان يكون مسلطاً على رقاب الجميع دون محاباة او تمييز .
النقطة الأخرى التي التفت اليها رئيس الوزراء الجديد ، عدم تعليق صور رئيس الوزراء في الدوائر والشوارع والمباني ، كما كان لجوءه الى اختيار الوزراء من ذوي الكفاءة والخبرة وهي نقطة مهمة لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب ،  ولكن شئ واحد سيكون عصياً  على الحل امام رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وهو معرفة وقياس عنصر الإخلاص لدى الوزير، فالإخلاص هو الركن الأساسي للقيام بالواجب بشكل مهني سليم ، والإخلاص متوقف على ضمير الأنسان لإداء واجبه بشكل سليم دون ربط ذلك بدافع المنفعة الشخصية او الحزبية ، فالواجب هو واجب ينبغي القيام به بمهنية وتجرد  بمنأى عن اي غايات او فوائد او مصالح .
لقد ورث العبادي من عهد المالكي تركة ثقيلة من المشاكل الكبيرة التي تمس سيادة الوطن وهيبة الدولة وتمزق اللحمة المجتمعية العراقية ، وتعقيد العملية السياسية ، وخلق الصراعات والعداوات بين الطبيقة السياسية .
 نتيجة هذه السياسة الطائفية الفاشلة تمزق الوطن الى كتل طائفية متناحرة ، واليوم  ثلث مساحة العراق ومدن مهمة مثل الموصل وتكريت .. خارج سيطرة الدولة العراقية . كما ان تعددية المجتمع العراقي الدينية والمذهبية والعرقية اصبحت نقمة ، وباتت المناطق المختلطة طائفياً نقاط ساخنة ومحل انتقام وقتل وتهجير . امام هذا الواقع المرير ينبغي ان يعمل العبادي على انتشال العراق من واقع التمزق والأنشطار ، لكي يعود محور الألتفاف حول الهوية الوطنية العراقية ركناً اساسياً لكل العراقيين على اختلاف اديانهم ومذاهبهم وقومياتهم وقبائلهم وأحزابهم ومدنهم ومناطقهم ، إنها مهمة تدور في فضاء المستحيل إذا بقيت الرؤية الى الأحداث بهذه العقلية الطائفية . والمعضلة المعقدة الأخرى هي تطهير الأراضي العراقية من سيطرة الدولة الإسلامية التي باتت معضلة اقليمية ولها امتدادات عالمية ، فهل سيفلح العبادي بالخروج من الورطة ؟
جوابي على هذا السؤال : ممكن الخروج بشرط ان يدعم الشعب حكومة العبادي وشخصية العبادي ، وهنا اريد التركيز على الكارزمية الشخصية في الوضع العراقي ، إن العراق وكل دول العالم الثالث يكون للقيادة الكارزمية اهمية كبيرة ، تجارب كثيرة امامنا وليس اقلها كارزمية مهاتما غاندي والتفاف الشعب الهندي حوله ، والثمار كانت استقلال الهند ، وبعد ذلك تجربة جنوب افريقيا حينما نجحت شخصية نيلسون مانديلا الفذة ، في تحقيق الأستقلال ووضع اسس راسخة لدولة ديمقراطية على انقاض دولة عنصرية مقسمة بشدة تقسيماً عرقياً . وتجارب الشعوب كثيرة لا مجال لسردها .
إن التفاف الشعب حول القيادة لا يمكن تحقيقه بتلك السهولة لا سيما في الظروف السياسية العراقية الشائكة ، وثمة ازمة ثقة بين مختلف المكونات ، وهنالك كثير من الشعور بالمظلومية ، كل فريق يظن انه مهمش وحقوقه مسلوبة في وطنه ، وهو يستحق اكثر مما يناله حالياً  ، لكن الحكومة تظلمه وتهضم حقوقه ، فثمة الأقليات الدينية وفي المقدمة الكلدان وبقية مسيحيي العراق والتي كانت والى الآن لا زالت مظلومة وحقوقها مهمشة ، وثمة السنة الذين فقدوا ناصية الحكم واليوم هم يشعرون بغبن شديد ، والأكراد لهم نفس المشكلة مع المركز ، اما الشيعة فلا زالوا يتصرفون وكأنهم معارضين للحكم ، فكل طرف يسحب النار لخبزته ولا احد يضحي بشئ من الحطب لإدامة شعلة النار في التنور لكي يستفيد منها الأخرون . الكل مظلومون ويطالب العراق بإنصافه وهكذا نبقى في جانب تقويض الدولة التي تظلمنا .
نحن نريد من منظف الشارع ان يكنس الشارع لكن نحن لا نساهم في عدم رمي الأوساخ في الشارع ، إن عملية التنظيف وكل مسألة كبيرة او صغيرة تتطلب تعاون الشعب مع الدولة ومؤسساتها ، إن العراق وهو بهذه الأوضاع يحتاج الى معجزة لكي ينهض من كبوته ، وهذه المعجزة تكمن في ابناء العراق ، في إخلاصهم في تفانيهم ، وعلى الجانب الثاني تبقى المهمة الملقاة على عاتق الحكومة من تقديم الخدمات وحفظ النظام وتحقيق الأستقرار .
إن تحقيق دولة مؤسساتية تفرض النظام والأستقرار وتكافح الفساد وتقضي على البطالة وتقدم خدمات جيدة للمواطن إن مثل هذه الدولة تبدو في الوقت الحاضر كالمدينة الفاضلة التي تكلم عنها افلاطون اي انها خيالية اكثر مما تكون واقعية وهذا الأستنتاج متأتي من الواقع المرير الذي يعيشه العراق وكما قلت يحتاج الى معجزة . لكن البداية بالسير نحو هذا الهدف يبدو ممكناً إذا توفرت النيات الحسنة ، وإذا اجاد العراقيون بالتضحية ببعض مصالحهم وخفظوا من سقف مطالبهم ، إن كانت هذه المطالب مرفوعة من قبل الأكراد او التركمان او السنة او الشيعة ، فكل جانب من هذه المكونات يشعر بأنه مغبون ، وكل منهم يكافح من اجل نيل حقوقه التي يعتبرها مشروعة ، وإن حقق بعض منها فهو في مثابرة دائمة من اجل نيل المزيد .
 لا احد يفكر بعراق متماسك وقوي ، إنه يريد كل شئ من العراق وهذا حقه ، اما واجب المواطنة والتضحية فقد اهمل امرها ، لا احد يريد ان يتطرق اليها .
برأيي المتواضع واستناداً على ما ينشر في الإعلام فإن بصيص الضوء بات يلوح في نهاية النفق ، فالدول المتنفذة والمؤثرة في وضع العراق : امريكا ، ايران ، السعودية ، تركيا ، باتت هذه الدول وغيرها متفقة على ضرورة ان تعيد الدولة العراقية هيبتها ، فهناك اتفاق ضمني بين هذه الدول . كما ان القوى السياسية العراقية باتت على يقين ان الدولة المدنية العلمانية هي الحل الوحيد لضمان وحدة العراق الأتحادي ، والدولة المتماسكة القوية هو الضمان الأفضل للقضاء على داعش وعلى اي صيغة اخرى للإرهاب .
إن رئيس الوزراء حيدر العبادي ، قد بدأ بداية سليمة في حلحلة الأوضاع المعقدة في العراق ، ويمكن له ان يستمر في الطريق لقيادة العراق الى بر الأمان ، وعلى القوى الأخرى التي تخلص للعراق ان تقف الى جانبه لتنظيف العراق من التطرف الديني والمذهبي ، اجل نستطيع ان نصنع من شخصية حيدر العبادي ، نيلسون ماندلا العراقي وهذا يصب في مصلحة الوطن العراقي والمنطقة ، لكي يعم ويسود السلم والأستقرار والتعايش في ربوع العراق  العزيز ، ويمكن الأقتداء بتجربة اقليم كوردستان في مسألة التعايش المدني بين كل المكونات ، إنها ثقافة التعدد وقبول الآخر ، تحت قيادة مدينة علمانية حكيمة لضمان عراق ديمقراطي مستقر ومتطور .
د. حبيب تومي / القوش في 18 / 11 / 2014

9

مناقشة هادئـة مع غبطة البطريرك مار لويس ساكو حول ترتيب البيت الكلداني
بقلم : د. حبيب تومي / القوش
habeebto71mi@gmail.com
habeebtomi@yahoo.no
في اخر ما سطر غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو على شبكة الأنترنيت ، حول ترتيب البيت الكلداني يقول : ترتيب البيت الكلدانيّ مسؤوليّةُ الجميع ، وهو يقف في رأس الهرم التنظيمي لمؤسسة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية العراقية في العراق والعالم ، ولا ريب ان انتشار ابناء الشعب الكلداني في دول المهجر في اوروبا وأمريكا واستراليا وكندا قد افرز وضعية التوسع والتشعب وبات ترتيبه يتطلب جهوداً اضافية لا سيما في ظل استمرار الأوضاع الأستثنائية بما يتعرض له هذا الشعب الأصيل ( الشعب الكلداني ) الى جانب بقية المسيحيين ، من تهجير وقمع واضطهاد وتفجير كنائس وشتى ضروب الإرهاب ، فامست مهمة الحفاظ على لحمة هذا الشعب من المسؤوليات الكبيرة ، وطفق الحفاظ على البيت الكلداني مهمة صعبة ، فهي مسؤولية الجميع هذا ما صرح به غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى . راجع الرابط ادناه :
http://saint-adday.com/index.php?news=6694
وأود ان اعلق على بعض الفقرات في هذا المقال فقد ورد فيه :
اسلوبي شخصانيٌّ وتلقائيٌّ،  قد  يجد فيه البعضُ شيئاً  من القساوة، أقرّ بها، وطبعي  سريعُ  الانفعال خصوصًا  امام التركةِ الثقيلةِ التي ورثتُها، والاحداث المتسارعة التي لا تُتيح مجالاً للتفكير والتخطيط، ورغبتي الصادقة في ترتيب الكنيسة واستعادة دورها وهيبتها، وخدمة الناس بأفضل ما لديّ.  احّس انها دعوتي ورسالتي " الان وهنا". عمومًا  ألجأ الى أُسلوب الكتابة لأني  أَجدُه  اقرب  وسيلةٍ للتوجيه والتوعيّة والتنشئة، واعدّه فرصةً لي، ولمن اتوجه اليهم للتعمق والتقييم والتجديد.
تعليقي :ـ

 اقر بأن الكنيسة الكاثوليكية الجامعة استطاعت ان تصمد عبر الزمكانية  بفضل تظامها الهرمي ومركزيتها الشديدة ، وكنيستنا الكلدانية جزء من هذا التنظيم وتتبع نفس الصيغة الإدارية المركزية ، واستطاعت ان تحتفظ بكينونتها وديمومتها واسمها ولغتها وطقسها الكلداني عبر تاريخها في منطقة يكتنفها لغة العنف والأنتقام . لكن في كل الحالات ينبغي مراعاة الظروف المستجدة في كل مرحلة على نواحي الحياة الأجتماعية والسياسية والثقافية ، إذ لا يمكن للكنيسة ان تهمل او تغض النظر عن الظروف الموضوعية وما يدور حولها في البيئة الأجتماعية والسياسية وتبقى في وعائها القديم ، بل عليها ان تجاري الحياة وما يدور حولها من التطور والحداثة والأفكار ... إن عجلة الكنيسة ينبغي ان تسير مع نهر الحياة لكي لا يجرفها التيار .
وأنا شخصياً اختلف في الرأي مع سيادة البطريرك في الرأي حينما يقول :
طبعي سريع الأنفعال خصوصاً امام التركة الثقيلة التي ورثتها ، والأحداث المتسارعة التي لا تتيح مجالاً للتفكير والتخطيط ..
فحسب رأيي المتواضع يترتب على المسؤول ( الزعيم ، القائد ، الرئيس ، البطريرك ، رب الأسرة ، وزير ... الخ ) ان يتخذ قراراته بمنأى عن اي تسرع او انفعال ومهما كان الحدث جلل ، فالقرار السليم يكون نتيجة منطقية للتفكير الهادئ ، وأزيد على ذلك ان يكون ثمة مستشارين يمكن استشارتهم ، وهو يقول :
.. أرسل ما أكتبه الى اشخاص مختلفين لإبداء الرأي  وأغيّر ما يَلزم تغيرُه!
وهذه حالة صحية تندرج في باب الأستشارة والأستئناس برأي الآخرين في مجال الكتابة ، وحبذا لو يصار الى استشارة الآخرين في مجال اتخاذ القرارت المهمة ايضاً ، وينبغي ان تكون الأستشارة مع ذوي الخبرة والأختصاص ( التكنوقراط ) ، وليس مع من يجيدون لغة المدح فحسب .
ورد في مقال غبطة البطريرك ساكو هذه الفقرة :
كنيستنا كان لها دور الريادة  في الانفتاح والمثاقفة والمناداة بإيمانها  (Kerygma) علنيّة وبقوّة،  ونقلته الى شعوب عديدة في بلدان الخليج وايران وتركيا  وافغانستان والهند والفيليبين والصين!   لذا لا يمكن لكنيستنا المجيدة ان تكون قوميّة منغلقة بالمعنى الذي يسوقه البعض  الذين ينادون بـِ " كنيسة  على حدة" خارج الحدود البطريركية! هذا محضُ وهمٍ!
تعليقي :
كنيستنا الكاثوليكية الكلدانية لا يمكن ان تكون منغلقة قومياً بدليل انفتاحها ايمانياً وثقافياً نحو الشعوب الأخرى : بلدان الخليج ايران تركيا وأفغانستان والهند والصين .. الخ لكن هذا الأنفتاح لا يعني إلغاء القومية والخصوصية الكلدانية ، وبعين الوقت ان الوجود القومي الكلداني لا يمكن تفسيره بالأنغلاق ، فثمة موازنة قائمة ، بين الوجود القومي المشروع وبمنأى عن منظومة الأنغلاق والتزمت او التعالي القومي ، فالوجود ضمن الحدود حق طبيعي لكل المكونات ، على الا يشوبه التدخل او التنظير للاخرين او محاولة احتوائهم تحت اي ذريعة ،  يقول البابا الراحل يوحنا بولس الثاني بهذا الشأن :
لكل امة حق في ممارسة حياتها وفقاً لتقاليدها الخاصة ، من خلال حظر اي انتهاك للحقوق الأنسانية الأساسية وخاصة اضطهاد الأقليات . إن مشاركة الأقليات في الحياة السياسية هو ( دليل على مجتمع ناجح اخلاقياً ، وهو يكرم البلدان التي يكون فيها المواطنون جميعاً احراراً في المشاركة في الحياة الوطنية في جو من العدالة والسلام ) ـ جوزيف ياكوب ، ما بعد الأقليات ص95
بعد اندحار نابليون في معركة واترلو 1815 وسقوط امبراطوريته ونفيه ، اعيد ترتيب الخارطة السياسية لأوروبا ونشأت دول قومية ، فأعادت الشعوب اكتشاف ماضيها القومي وتقاليدها وثقافتها وعكفت على تعلم لغتها القومية وتوحيد لهجاتها ، وكتب الكرواتي لجودفيت كاج :
 ان شعباً بلا قومية مثل جسد بلا عظم .
وبعد سقوط جدار برلين سقطت المنظومة الأشتراكية ، والأتحاد السوفياتي السابق بعد اكثر من 70 تفكك الى دول ( قومية ) مستقلة ، وانطبق ذلك على جيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا ، فالنعرة القومية كانت كالجمر تحت الرماد ، اشتعلت حين هبوب رياح الحرية .
في العراق بعد سقوط النظام في 2003 تربعت المعارضة العراقية انذاك على مقاليد الحكم ، وكانت المعارضة الفاعلة تتكون من الأحزاب الدينية والقومية ، فتأسس مجلس الحكم على اسس طائفية والى اليوم ، ومن بين المكونات العراقية الأصيلة كان الشعب الكلداني ، الذي قرر الحاكم الأمريكي السفير بول بريمر ، تهميش تمثيله للمكون المسيحي في مجلس الحكم يومذاك وإحلال محله ممثل المكون الآشوري الذي يمثل اقلية مسيحية صغيرة قياساً بالمكون الكلداني .
المكون الكلداني يفتقر الى احزاب سياسية قومية فاعلة بعكس المكون الآشوري الذي يمتاز بتوافق وانسجام الرؤية القومية بين الأحزاب السياسية والمؤسسة الكنسية ، وهذه الحالة ضرورية ومطلوبة في مكون صغير ديموغرافياً ، لكن الأمر مختلف في المكون الكلداني ، فالتعاون والتفاهم  والتنسيق مفقود في المكون الكلداني ، إذ ان الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في العراق ( حالياً ) ، تنأى بنفسها عن هموم شعبها الكلداني القومية ، وأرى من الضروري ان يكون ثمة رؤية مشتركة الى المسألة القومية بحيث تسود ارضية الأنسجام والتفاهم  في الرؤية بين الكنيسة واحزاب وابناء شعبها من المهتمين بالحقوق السياسية والقومية ، وربما كان تأسيس الرابطة الكلدانية على اسس راسخة يندرج في هذا الطريق ، ولحد الآن لم نجد ولادة هذه الرابطة .
 على وجه العموم ، فإن انحياز القائد لطموحات شعبه ليس اثماً ، إنما ذلك شرفاً له وهو واجبه .
كانت هناك مذكرة من البطريرك الكلداني المرحوم عمانوئيل دلي الى الحاكم الأمريكي لتثبيت الحقوق القومية الكلدانية في الدستور العراقي ، والذي افلح في تدوين اسم القومية الكلدانية في الدستور ، وكانت هناك ايضاً مذكرة من المطارنة الأجلاء في السنودس المنعقد سنة 2009 لتدوين اسم القومية الكلدانية في مسودة اقليم كوردستان ، وقد رأيت في نفس الفترة زيارة وفد كلداني قادم من اميركا وفي مقدمة الوفد كان المطران الجليل ابراهيم ابراهيم والمطران الجليل سرهد جمو وكنت انا شخصياً من ضمن الوفد حينما قابلنا الرئيس مسعود البارزاني .
 في نهاية المطاف انتصرت إرادة القوى الخفية حيث جرى رفع اسم القومية الكلدانية بشكل مجحف من مسودة الدستور الكوردستاني وهذا الأجراء المجحف لا يتناسب مع الأنفتاح الكوردستاني على المكونات العراقية كافة ، ونأمل ان تبذل البطريركية الكلدانية الموقرة اليوم جهودها الخيرة لتثبيت حقوق الشعب الكلداني في مسودة دستور اقليم كوردستان .
العمل القومي بمعزل عن العمل السياسي
ثمة إشكالية الخلط بين الحقوق القومية ومسألة التدخل بالسياسة ، فالعمل القومي هو ما يشمل الحفاظ على التراث والتاريخ واللغة والأسم والأوابد والثقافة والفولكلور .. هذه هي الخصائص القومية لأي شعب يعمل على المحافظة عليها وحينما نقول الطقس الكلداني نحن نشير الى معنى وتراث قومي كلداني ، فالقداس يمكن سماعه بكل اللغات لكن نحن نتوقى الى سماعه بلغتنا الكلدانية ، ولهذا سميناه القداس حسب الطقس الكلداني واستطاعت كنيستنا المحافظة على هذه التراث عبر الزمكانية ، فنحن في اوسلو ننتظر 4 مرات في السنة لكي يأتي الينا القس الكاثوليكي الكلداني ويقدس لنا بلغتنا الكلدانية ويعمذ اطفالنا ويبرخ شبابنا وفق الطقس الكلداني ، ورغم وجود كنيسة كاثوليكية في هذه المدينة لكن ننتظر قدوم كاهن من كنيستنا الكاثوليكية الكلدانية  لكي نصلي بلغتنا القومية الكلدانية .
إن ملابسنا القومية ومطبخنا القومي وأغانينا وأمثالنا وطقوس كنيستنا وعاداتنا وتقاليدنا في الزواج والتعازي وتراثنا العام ولغتنا واسمنا القومي كل هذه العناصر تشكل وجودنا القومي الكلداني ، وإن العمل على المحافظة عليها يعتبر جزء من العمل القومي .
هناك العمل السياسي الذي تتزعمة الأحزاب السياسية والمهتمين بالشأن السياسي من ابناء الشعب من الحزبيين ومن غير الحزبيين . العمل السياسي يهدف الى تحقيق المصلحة الوطنية والقومية ، يقول ثعلب السياسة الدولية المخضرم الدكتور هنري كيسنجر بأن الدبلوماسية أداة للسياسة الخارجية في إطار استراتيجية حماية المصلحة القومية.
فالحفاظ على السمات القومية جانب مهم من وجود الشعب وضمان عدم ذوبانه في كؤوس الآخرين ، اما العمل السياسي فهو ركوب موجة الصراع والأشتراك في الأنتخابات والتحالفات في تحقيق المصالح الذاتية والحزبية ، ولكن حتى في السياسة يمكن سلوك السبيل الأخلاقي في تحقيق المصالح المشروعة .
يجب ان لا يكون للكنيسة اي شكوك حول اسمنا القومي الكلداني التاريخي الذي اختاره ابائنا وأجدادنا ، ويجب ان نتبنى جميعاً مظلومية شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، وإن صفة الكلدانية ليست طائفية ، يجب ان يكون الكلدان الى جانب المكونات المسيحية الأخرى ونشكل صفحة ناصعة من التعددية الجميلة في البنية المجتمعية العراقية ، ونشكل  زهرة جميلة عطرة في الحديقة العراقية .
مع الأسف لمؤسسة كنيستنا الكلدانية اليوم ولبعض الكتاب من ابناء شعبنا الكلداني موقف سلبي من الشأن القومي الكلداني ، في حين نجد بقية المكونات إن كانوا رجال الدين او من الكتاب العلمانيين لهم مواقف ايجابية من شعبهم ويفتخرون بهوياتهم الخاصة ويجاهرون بها  ، إن كانوا من العرب او من الأكراد او التركمان او الآشوريين او غيرهم . 
إن بناء وترتيب البيت الكلداني يزدهر حينما يكون تنسيق وتناغم بين الكنيسة وشعبها ، فالمكون الكلداني وبقية مسيحيي العراق لا يفتقرون الى الحرية الدينية في وطنهم ، بل انهم يكافحون من اجل الأمان والتعايش والحقوق القومية والوطنية ، ويتشكون من المعاملة الفظة التي عوملوا بها في الآونة الأخيرة تحت ظل احكام الشريعة الإسلامية  التي تبنتها دولة الخلافة الإسلامية التي عرفت بداعش .
اناقش غبطة البطريرك في الأمور الحياتية العلمانية بروح اخوية طافحة بالأحترام والوقار ، وذلك لثقتي العالية بالثقافة السامية والروح العالية لغبطة البطريرك ساكو في قبول الرأي الآخر ، ويمكن استشفاء ذلك من المواضيع التي يطرحها غبطته عبر شبكة الأنترنيت . وهذا يشجعني ويشجع الآخرين على الكتابة والحوار البناء لما يفيد شعبنا ، وفي حالة التوافق او الأختلاف في الرأي نتمنى ان لا يفسد في الود قضية ، هدفنا الحوار الحضاري البناء مع غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الجزيل الأحترام .
وهناك مواضيع اخرى يمكن طرحها في قادم الأيام .
د. حبيب تومي / القوش في 9 / 11 / 2014

10
غبطة البطريرك بتقديري ان الوقت غير مناسب لإثارة الاحتراب الداخلي 
بقلم : د. حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
من باب الحرص على تماسك لحمة  بيتنا الكلداني  ومنعه من الأنهيار اشترك بنقاش اخوي مع غبطة البطريرك مار لويس ساكو الكلي الأحترام ، والنقاش ليس في الجانب اللاهوتي ، فأنا بعيد عن من مثل هذه النقاش الذي ليس من اختصاصي ، لكنه نقاش في الجانب الوضعي من امور قومية وإنسانية وسياسية وتنظيمية بشأن مؤسسة الكنيسة وأحوال الشعب الكلداني ، فهذه ليست ايقونات ممنوع الأقتراب منها بالنقد ، بل نحن نتطرق ونناقش امور زمنية قابلة للصواب والخطأ ، ومن الحصافة ان يسود مبدأ الأحترام المتبادل في الحوار الحضاري ، وأن تبقى ارضية المودة سائدة في حالة الأختلاف في وجهات النظر .
ألمت بالعراق ظروف قاهرة منذ عام 2003  وكانت الأقليات الدينية هي المتضرر الأول من سيل الأضرار والنكبات التي طالت كل المكونات دون تمييز : الأكراد ، العرب ، الكلدان، الأرمن ، السريان ، الآشوريين ، الشبك ، الكاكائيين ، السنة الشيعة الأزيدية ، المسيحيون ، المندائيين ، كل هذه المكونات اصابها الضرر والعنف بشكل ما ، ولكن المسيحيين من كلدان وسريان وآشوريين كانوا في مقدمة من طالهم الضرر بدليل ان حوالي (%50) وربما اكثر من هذه النسبة من المسيحيين قد غادروا العراق الى دول الجوار والى دول المهجر في اوروبا وأستراليا وأميركا وكندا ، وبعد عاصفة الدولة الأسلامية داعش التي عصفت بالمنطقة ولوحت بالسيف لأتباع الديانات اللاإسلامية بوجوب التحول الى الإسلام ديناً ، فإن الهجرة باتت الخيار المفضل لدى شريحة واسعة من ابناء شعبنا ، فالوجود المسيحي بدا مستهدفاً ، حقاً إنه كثير الشبه بما حل بالمكون اليهودي الأصيل في اواسط القرن الماضي .
بقيت ايام في عنكاوا وانتقلت الى القوش ولا زلت فيها ، ورغم ما يظهر على السطح بأن الوضع طبيعي ، إلا ان الواقع غير ذلك ، فالوضع غير مطمئن ولا يوجد ضمانات لديمومته ، إنه مرشح للتبدل نحو الأسوأ في اية لحظة ، وفي مجمل لقاءاتي عند طرح سؤال الهجرة على اصدقائي ومعارفي ومن التقي معهم ، يكون خيار الهجرة يحتل مكان الصدارة في اختيارهم ، عوائل كبيرة وميسورة الحال اقتصادياً في القوش اقفلت بيوتها الحديثة وبعضهم ترك سياراتهم الفارهة عند اقاربهم وحملوا حقائبهم وهم في تركيا الآن ، وبعضهم رجع من تركيا من اجل الحصول على الفيزا للدخول الى الأردن ، وهي المحطة المفضلة حالياً بين تركيا ولبنان . عوائل بكاملها من اطفال ونساء ورجال وشباب وشيوخ يتوجهون الى بغداد بهدف الحصول على جوازات سفر للهجرة ، قد تكون الأملاك عائقاً مؤقتاً امام بعض العوائل وآخرين يلجأون الى ايجار بيوتهم ، وبعضهم يتركها فارغة ويشد الرحال . وفي إحصائية لبعض الأصدقاء فإنهم كتبوا اسماء اكثر من 150 عائلة القوشية هاجرت خلال الفترة المنصرمة ( شهرين)، وفي القوش حالياً يعيش 325 عائلة من تلسقف وباطنايا وتلكيف وأماكن اخرى حيث أجرت كل البيوت القديمة وبعض البيوت الحديثة .
غبطة البطريرك لويس ساكو الكلي الطوبى
يحيط بشعبنا وضع خطير غير مسبوق ، ويتطلب ترك او إرجاء كل الخلافات وكل المشاكل العالقة والتوجه الى الحريق المحيق بشعبنا ونعمل على إطفائه ولكي نخرج منه بأقل الخسائر ، لا ان نتركه ينتشر ويأتي على الأخضر واليابس ، ونحن نجادل إن القس الفلاني ترك كنيسته ، والراهب الفلاني ترك ديره دون موافقة رئيسه .. الخ فأتساءل : ماذا بقي من ديورتنا وكنائسنا ؟ الشعب طرد من كنائسه  ومن ديورته ومن بيوته ومن مدنه وقراه وبلداته : ماذا بقي من الكنائس ليعود الكهنة ؟ ماذا بقي من الأديرة لكي يعود الرهبان اليها ؟ إنه إنهاء وجودنا وقلع جذورنا ، فكيف نعمل بقلب واحد من اجل الخروج من هذه الكارثة بأقل الخسائر ؟ هذا هو المحور الذي نركز عليه .
لقد اصبح من الماضي قول الشاعر :
لما علمت بأن القوم قد رحلوا                 وراهب الدير بالناقوس منشغل
إذ كان احتلال الدير ولم يعد هناك راهب بالناقوس منشغل .

سيدنا البطريرك ان انتهى وجودنا من الوطن سوف لا يكون اهمية لتلك الكنائس والأديرة  وحتى المؤسسة الكنسية سوف لا يكون لها اهمية . امامنا المزارات اليهودية في العراق التي تنعدم فيها الحياة والتي اصبحت  عبارة عن اطلال من الماضي .
لا تعتقد ايها الأب الجليل انني من انصار الهجرة او ادعو الى تشجيعها ، بل العكس ، أنا امارس نوع من الهجرة المعاكسة وذلك ببناء بيت لي في القوش وقضائي معظم الوقت في بيتي الجميل ، واريد ان يكون مثواي الأخير في القوش ، لكن التيار الجارف هو في صالح الهجرة ، وهذا هو الواقع ويجب ان نشير اليه بصراحة وشجاعة .
لقد قرأت مرة تصريحك الشجاع بأننا لا نقبل ولا نريد ان نعيش كذميين إذ تقول : نعم، اننا لسنا بذمة أحد، اننا لسنا موجودين على ارضنا منية من أحد...  لكن الحقيقة المرة ايها الأب الجليل اننا عشنا ذميين في ظل الأسلام اليوم وأمس  وعلى مدى 1400 سنة ، لقد كان آبائنا في الزمن العثماني الإسلامي في الموصل يضعون على اكتافهم مناشف ، لأن المسلم حين يغسل يديه يمسح بملابس الذمي ( المسيحي او اليهودي ) فكان آبائنا وأجادنا في مدينة الموصل يضطرون على حمل تلك المناشف على اكتافهم لكي ينشف المسلم يديه ، لقد تحمل ابائنا وأجادنا الذل والهوان لأن ابواب الهجرة لم تكن متوفرة امامهم في ذلك الوقت ، إن داعش ليست وليدة اليوم غبطة البطريرك لقد كانت داعش جاثية على صدورنا ، نعم كنا نعيش ولكن نادراً ما كان منطق المواطنة من الدرجة الأولى سائداً ، وهذا يفسر الهبوط الديموغرافي الخطير في اعداد المسيحيين في العراق من دولة مسيحية سكانها اكثر من 95 بالمئة من المسيحيين الى 1 ـ 2 بالمئة .
نحن نرى حركتكم الدؤوبة مع المطارين الأجلاء ومع رؤساء الكنائس الأخرى ، من لقاءات المسؤولين المحليين والدوليين ، ومن التصريحات ومن المؤتمرات الكثيرة ، لكن بصراحة كل هذه الحركة الدؤوبة لم تثمر ما تصبون اليه من وضع الأمور في نصابها فيما يتعلق بشعبكم الكلداني وبقية المسيحيين في العراق او وضع المسيحيين في الشرق الأوسط بشكل عام ، وباستثناء المساعدات الأنسانية الأنية لم نلاحظ اي تطورات سياسية او عسكرية على بلداتهم المسيحية ، ولم نلاحظ اي خطوة لتحقيق منطقة آمنة . فتصريحات المسؤولين العرب وغيرهم الذين تجتمعون معهم ، إنها كلمات معسولة لا تغني عن جوع ، ويعطون وعود فارغة خالية من الأفعال ، فالكلام الطيب شئ ، والواقع المأساوي شئ آخر .
باعتقادي غبطة البطريرك الوقت لم يكن مناسباً لإثارة هذا الموضوع ، وسوف اكتب مقالاً تفصيلياً حسب وجهة نظري ، وأستطيع غبطة البطريرك ان اكيل المديح لكم وأبارك كل الخطوات وكل التصريحات وكل المواقف دون تحليل او تمحيص ، واعتقد ان ذلك سوف لا يكون مجدياً لمسيرة البطريركية ، فالمديح لا يشخص مواضع الخلل في العمل ، لدينا في القوش مثل يقول إذهب عند الذي يبكيك ولا تذهب عنذ الذي يضحكك ، إن الذي يكيل المديح لك في كل خطوة فهو مداح لغيرك ايضاً الذي كان قبلك والذي يأتي بعدك ، إنه يجيد صناعة المديح فحسب ، وبتصوري في هذه المرحلة نحتاج الى من يشخص الخلل ويضع اصبعه عليه  بغية معالجة الداء وتشخيص الدواء الناجح .
في قت الضيق والشدة يتعين نسيان وتهميش كل الخلافات الثانوية ، والوقوف صفاً واحداً وبقلب واحد من اجل اجتياز تلك المحنة ، فكيف إن كانت الكارثة بحجم استهداف وجود شعب اصيل وطرده من ارضه . وما قيمة المشاكل التي وردت في بيانكم بإيقاف عدداً من الكهنة والرهبان إزاء الكارثة الكبيرة المحيقة بنا ؟
نأمل التريث وحل كل المشاكل بمحبة المسيح وبروح اخوية بمنأى عن اي ثقافة انتقامية .

د. حبيب تومي / القوش في 24 / 10 / 2014

11
مقاربة بين سقوط سلالة اور الثالثة وسطوع نجم داعش
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
اعترف للقارئ الكريم انه عنوان يبعث على الأستغراب ، ماذا يربط سقوط سلالة اور الثالثة بظهور وتقدم تنظيم الدولة الإسلامية ؟ داعش ، ولهذا سوف اسرع لاستيضاح العوامل التي تربط هذه بتلك . فكما هو معروف لذوي الخبرة في المجال العسكري ان الجيوش تزحف على بطونها أي ان الطعام هو العامل الأول في استمرارية الجيش ، والعوامل الأخرى مثل الأسلحة والذخيرة والتجهيزات اللوجستية ، تتوقف على توفير المال فمن يملك المال مرشح لربح الحرب ،والأموال هي الضرورة القصوى لاستمراية الحرب .
في مطاوي التسعينات من القرن الماضي اخبرني المرحوم الأب الدكتور يوسف حبي بنية صدور عدد خاص من مجلة بين النهرين حول هجرة ابونا ابراهيم من اور الكلدانيين ولمناسبة مرور الألفية الرابعة على هذه الهجرة والتي كانت باتجاه مدينة حران وبلاد الكنعانيين ومصر  .وطلب المرحوم ان يكون لي مقالة بهذا العدد وهو المرقم  103 و 104 سنة 1998 م .
لقد كان في العدد مقالات كثيرة لكن معظمها او جميعها ، كانت معتمدة على التوراة سفر التكوين ، وربما كنت الوحيد الذي تطرقت الى اسباب خارج سياق الإطار الديني ، حيث وضعت المسألة في الإطار الأقتصادي والسياسي ، فعظمة بلاد ما بين النهرين تكمن في الحياة التي يوزعها نهري دجلة والفرات وهما في طريقهما بين جبال وبراري وصحاري العراق محولاً الأراضي التي يمران فيها الى جنة ، لكن الذي حصل  عبر التاريخ ان محصول الحنطة الذي كان من  المحاصيل الرئيسية الضرورية لإطعام  الشعب والجيش أخذ يتناقص بعد تشبعت الأراضي المسقية بالأملاح ولم يتوصل الأنسان وقتذاك الى اختراع غسل التربة عن طريق البزل ، فلم يعد بمقدور محصول الحنطة النمو بتلك التربة ، فأصبح التركيز على محصول الشعير الذي يقاوم الملوحة اكثر من حبة الحنطة ولكن  بعد سنين وعقود من الزمن بدأ محصول الشعير يتناقص ايضاً بسبب الملوحة الزائدة في التربة .
 كان نقص الغذاء ، ولم يعد بالمستطاع توفير الغذاء للمقاتلين فسقطت سلالة اور الثالثة (2112 – 2006 ق.م) وبسبب الوضع الأقتصادي المتردي الناجم عن هبوط مستوى محصول الحبوب ، كان انكسار جيوش الدولة وكانت هجرة شرائح كثيرة من المجتمع ، وكانت هجرة ابونا ابراهيم بنفس الفترة ، وإن هجرة الآشوريين من سهل  شنعار هي لنفس الأسباب . وما يهمنا في هذا الأستطراد هو ان سلالة اور الثالثة بعد ان كانت امبراطورية واسعة وهنت وأفل نجمها بسبب عجزها من توفير الغذاء للجندي المحارب وبصورة  ادق فانها سقطت لأسباب اقتصادية ، فحين انقطاع شريان اقتصادها في محصول الحبوب كان سقوطها السياسي والعسكري . وفي مرثية لسقوط  اور الكلدانيين يقول الشاعر الكلداني القديم :
اور في داخلها موت وفي خارجها موت
في داخلها نموت نحن من الجوع
وفي خارجها نقتل نحن بأسلحة العيلاميين
لقد اخذ العدو اور ..
ورفع مزالج بواباتها ، وها هي ابوابها مشرعة الى اليوم
لقد داسها العيلاميون مثل سيل عرم
فتحطمت اور بفعل السلاح مثلما يتحطم اناء من فخار ...
والآن نأتي الى الشق الثاني من الموضوع وهو سطوع نجم الدولة الإسلامية ( داعش ) في القرن الواحد والعشرين وتوسعها الصارخي على حساب العراق وسورية وتهديدها  لدول المنطقة مع تهديدات اخرى للدول الغربية التي تحالفت لمحاربة داعش ، وقد تحالفت اكثر من ستين دولة بضمنها دول عربية إسلامية لمحاربة الدولة الإسلامية داعش هذه الدولة التي يشكل العامل الأقتصادي الركن الرئيسي في قوتها وديمومتها . 
نعم هنالك عوامل اخرى لهذه القوة وهذا الزخم ومنها بعث الفكر الديني الأديولوجي حيث ان الشباب متأثر ثورياً بطروحات الدولة الناشئة كبعث للدولة الإسلامية وطروحاتها الدنيوية المثيرة بسبب الغنائم وسبي النساء والمغريات في الحياة الأخروية بجنة محتشدة بحور العيون .
لكن نبقى بالعامل الأقتصادي
يبدو من المعطيات ان داعش تسلك استراتيجية مختلفة عن غيرها من التنظيمات التي كانت تقوم بعمليات ارهابية ، فقد طرحت داعش نفسها بمفهوم (الدولة ) الإسلامية ، وبالتحديد للمكون السني من الإسلام ، فتقاطر الشباب المسلم ( السنة ) من اربع جهات المعمورة ، فكان ضمان تأمين القوى البشرية المهمة والضرورية لمثل هذه الطروحات الطموحة . واهتمت بمسالة التمويل الذي يعتبر الدعامة الأساسية في محور الأستمرارية والديمومة . ويمكن الإشارة الى نقاط رئيسية وهي :
ان البداية تتلخص في تكوين نواة قوة عسكرية قادرة للحركة السريعة في الأراضي السهلة وكانت شبكة سي أن أن الأخبارية الأمريكية قد كشفت مصادر تمويل داعش بأنها من السعودية والإمارات وقطر ، وإن تركيا تقدم تسهيلات في وصول المقاتلين عبر أراضيها الى سورية ، وقد يكون اشتراك السعودية والإمارات في التحالف الدولي ضد داعش محاولة لدحض تلك المزاعم ، لكن ذلك لا يبدل القناعة بضلوع هذه الدول في تقوية الإرهاب فالخطاب الديني المتزمت للسعودية ووجود آلاف المدارس الدينية والجمعيات الخيرية التي تساهم بقوة بدعم الإرهاب مالياً وبشرياً وهي منبع الإرهاب والتطرف الإسلامي في المنطقة والعالم .
من المحتمل ان تكون الحكومات المعنية غير مساهمة  رسمياً بالتمويل المباشر ، ولكن سكوتها لا يمنع إن حركة داعش تتلقى تمويل ودعم من قبل المنظمات والأثرياء بالكويت وقطر والسعودية وغيرها .
إن تنظيم داعش يحاول تحقيق مصادر للتمويل الذاتي دون الأعتماد على الدول ، لقد كشف المحللون ووكالات الأخبار ان الدولة الإسلامية ، داعش ، تعتبر من أغنى التنظيمات الجهادية على مستوى العالم، إذ يقدر حجم اقتصاده بما يقارب حجم اقتصاد بعض الدول الصغيرة، واستطاع مراقبون أن يقدّروا ثروة داعش بحوالي  2.1 مليار دولار.
ـ إن التوسع السريع في الأراضي العراقية والسورية اتاح لداعش السيطرة على آبار لأستخراج النفط وعمدوا على تكريره بوسائل بدائية ليكون جاهزاً للبيع بأسعار مخفضة في السوق السوداء وقد انتبهت دول التحالف على هذا الجانب المهم للتمويل فبادرت الطائرات الأمريكية لقصف تلك المصافي والآبار وشلت امكانيات داعش في الأستفادة من هذا المورد المهم .
ـ الخطف والأبتزاز ، إذ يجري خطف الأفراد من من العوائل الغنية او افراد اجانب إن كانوا يعملون في منظمات إنسانية او مراسلي صحف او وكالات فكما هو معلوم فقد اختطف عشرات المواطنين الأتراك والهنود بحدود المناطق الواقعة بشمال غرب بغداد وطالبوا الحكومة والسفارات بدفع فدية لإطلاق سراحهم.، إن مهنة الخطف واحدة من الأساليب الخسيسة لأبتزاز الأموال من العوائل والمنظمات والدول .
وكما هو معروف فإن جماعة القاعدة او حضائن داعش في الموصل وقبل فتحها من قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام ، داعش ، كانت تفرض ضرائب شهرية على التجار والشركات والمقاولين ، وبعد استيلاء داعش على الموصل فرضت المزيد من تلك الضرائب ، ليس على الموصل فحسب بل على كافة المدن التي تستولي عليها ، فهذه المبالغ تقدر بملايين الدولارات تتدفق شهرياً على ميزانية الدولة الإسلامية .
ومن اساليب الحصول على الأموال لدولة داعش الإسلامية تجارة المخدرات والسرقة وبيع الآثار المسروقة من المتاحف ، ومن والإستيلاء على ممتلكات وأموال المختلفين دينياً كالأيزيدية والمسيحيون واعتبارها من الغنائم ، هذا إضافة الأموال العامة التابعة للدولة فمثلاً يوم دخول داعش الى الموصل وضعوا ايديهم  على الأموال في البنك المركزي في المدينة وكانت السبائك الذهبية تقدر 430 مليون دولار كما تناقلته وكالات الأنباء في وقتها .
هكذا تمتلك خلافة الدولة الإسلامية مؤهلات وإمكانيات كبيرة تفوق إمكانيات بعض الدول ، ولهم تنظيم جيد وأسلحة وأعتدة ، وأموال كثيرة ، وهكذا رغم الضربات الجوية فلا زال مقاتليها يتوسعون ويهددون غير آبهين بالتحالف الدولي ضدها ، واليوم يهددون مدينة بغداد ، ويتوسعون في الحدود الشمالية في سورية يرومون الأستيلاء على مدينة كوباني الكوردية المهمة طارقين ابواب الحدود للدولة التركية .
ويبقى خطر سرطان الدولة الإسلامية ،داعش ، قائماً ما لم تتضافر الجهود العراقية والأقليمية والدولية في التصدي لهذه العلة الخطيرة  .
د. حبيب تومي / القوش في 16 / 10 / 2014
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
http://edition.cnn.com/2014/06/22/world/meast/mme-isis-money/index.html?hpt=hp_c4#index

12
القوش الحزينة من يمسح دموعها ؟
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi@yahoo.no
نعم ، القوش اليوم تبدو وكأنها ترتدي حلتها الحزينة ، فأتساءل اين فرحها ؟ صحيح للقادم من بعيد تبدو المدينة في حضن جبلها رابضة بحنان وهي مكللة بالأشجار الباسقة لكن حين الوصول الى القوش تشاهد ان ابتسامة اهلها المعهودة قد اختفت وراء تراكم الوقائع  المؤلمة ، صحيح كانت هناك مأساة كبيرة وحملة إبادة بالنسبة لأخواننا الإزيدية ، ومن بعدهم كانت مأساة ومظالم اهل الموصل المسيحيين من كلدان وسريان ، ومن ثم كانت نكبتهم يوم احتلال مدنهم  بغديدا وكرملش وبرطلي وتلكيف وباطنايا وباقوفا وتلسقف واضطرارهم  للنزوح من مدنهم وبلداتهم ، وبلمح البصر فقدانهم كل شئ ، والقوش لم تكن بمنأى عن تلك الأحوال حيث اضطر اهلها الى تركها والنزوح نحو كوردستان وكان ذلك يوم 5 و6 من شهر آب المنصرم  . التقيت بمجموعة كبيرة من الأصدقاء ومنهم الصديق العزيز بطرس قودا ، وقال بقي عشرة ايام مع عائلته كنازحين في إحدى القرى ويضيف ان تلك الحياة لا تطاق لأنك في كل الحوال مجبر عليها ، وكم يملؤ صدرك الألم حينما تترك بيتك وكل ما تملك وتصبح في لمح البصر نازحاً وتصبح من الذين يتلقون المساعدات الأنسانية ، كم يؤلمك ذلك اخي حبيب ؟ اجل ان ذلك مؤلم و الشئ بالشئ يذكر عن الصديق الأستاذ بطرس :
حينما كنا تلاميذ في الصفوف الأبتدائية ( في العهد الملكي ) كانت الكتب والقرطاسية توزع مجاناً للفقراء واليتامى ، وكنا نعمل شهادة فقر موقعة من المختار ، نسلمها لإدارة المدرسة ويوم توزيع الكتب ، استلمنا الكتب دون مقابل ونحن جميعاً يغمرنا الفرح  باستثناء التلميذ بطرس عيسى قودا لأنه كانت يتيم ، واستلم الكتب مجاناً ، فقد وصل الى البيت باكياً ، وتسأله امه عن سبب بكائه ، فيقول لها : هل نحن فقراء يا امي ؟ فتجيبه الأم : كلا يا ابني من قال لك نحن فقراء ، فأجاب : إذن لماذا اعطيت لي كتب مجاناً ؟ وهنا اخذت  الأم التلميذ بطرس مع الكتب الى ادارة المدرسة ودفعت ثمنها امامه للإدارة مقابل وصل استلام ، واقتنع التلميذ بطرس انه ليس من عائلة فقيرة .
ونبقى قليلاً مع الصديق الأستاذ بطرس عيسى وهو خال الوزير المسيحي الكلداني فارس يوسف ، فيقول :
قبل يومين اتصلت به ( الوزير ) تلفونياً وابلغته بمشكلة كبيرة في القوش ، وهي ان محصول حبوب الحنطة لهذه السنة لا زال مكدساً في مكانه في العراء تحت السماء والشتاء على الأبواب ، وينتظر تسويقه لكي تشتريه وزارة التجارة ، ويضيف ان الوزير فارس فعلاً اجرى اتصالاته مع ذوي الشأن بضمنهم وزير التجارة الذي وعد باتخاذ الأجراءات اللازمة بأسرع وقت ممكن ، لأن الظروف استثنائية في المنطقة .
كثير من الأصدقاء الذين يصادفوك يفاتحونك بقولهم : لماذا قدومك الى القوش يا حبيب ؟  نحن نريد المغادرة وأنت ماذا جاء بك في هذه الظروف . والجواب الروتيني : ليكن حالي من حالكم ومصيري مثل مصيركم ، ولبعضهم اضيف :
إن القوش اجمل واحب منطقة في الوجود الى قلبي ، الا يقطع العاشق الوديان والجبال والشعاب والصحاري ويتحمل الصعاب من اجل حبيبته ؟ وهل احب حبيبتي في اوقات السلام وابتعد عنها اوقات الشدة ؟
في اليوم الذي وصلت مساءً كانت شمس الغروب تستعد للدخول في خدرها هناك في الأفق البعيد لتودعنا بخيوطها الذهبية الطفيفة مخترقة الغيوم الصيفية التي ترسل امتداداتها نحو الشمال حيث جبل القوش الخالد فتحوم فوقه وكأن هناك تنافساً بين الجبل والغيوم من اجل السمو والترقي ، إنها صورة طبيعية تسحرني وتزاد سحراً حينما يمتزج التاريخ بالجغرافياً فإن وصلت الى القوش وانتقلت في ازقتها لتصل الى مدرسة مار ميخا النوهدري والى مرقد النبي ناحوم الألقوشي والى محلة سينا ومحلة قاشا ومحلي ختيثا ومحلة اودو ، فيزداد تعلقك في المكان كما قلت ويبدو ان ظلمة الليل لها خصوصيتها فحلول  الظلام لا يعني رقود الحياة ، فإن اخذنا بمقاييس شبابنا وطفولتنا حيث لا تلفزيونات ولا راديوات ولا كهرباء.. بل فوانيس ولمبات وسراريج او اسرجة ( جمع سراج= شراءا) ، وكانت على ضوئها تعقد حلقات وتحكى حكايات وتطرح حزورات وهكذا ،واليوم هناك النوادي والبارات والقهاوي ..
كل من يصادفك يجاملك بأن كل شئ على ما يرام ولكن حين مواصلة الحديث ، سوف تكتشف الحزن والوجوم بادياً في اعماقه ، وهو لا يستطيع إخفاءه . حينما تسير في ازقة القوش القديمة حيث يفوح عبق التاريخ وعطره ، او في شوارعها في القوش الحديثة حيث الحداثة والفخامة للبيوت الجديدة ، وتلتقي بناسها تقرأ في عيونهم وعلى وجوههم سيماء الحزن ، وكأن شيئاً عزيزاً قد فقد من هذه المدينة التاريخية او هو خوفهم المشروع على ماسّتهم النفيسة ، فمظاهر الترقب والخوف من المجهول وما يضمره المستقبل ، إنها عقدة ليس الى حلها سبيل في القريب العاجل .
في اليوم الأول التقيت بمعارف وأصدقاء التقيت بهم عن طريق الصدفة ، في محل للتسوق ، اسواق ( زرا) العامرة ومعظم الأسواق في القوش هي كذلك ، رأيت انها شبه خاوية وصاحبها يقول بأنه يعمل على تصفيه اسواقه ، لأنه ازمع على الهجرة ، وإن هذه الأرض لم تعد تتسع لنا ، لقد كان هذا المحل كما يقولون في القوش ( قّاطي ديوا وسيما ) وكان المثل يضرب لمن له مهنة من قبيل : نجار ، حداد ، خياط ، اسكافي ، حائك ـ مبيضجي ـ اي صفار .. الخ لأن المهنة تقطع ذهباً وفضة .
التقيت بالأستاذ جميل حيدو في قاعة مارقرداغ في القوش حيث كانت اربعينية الصديق المرحوم المهندس جرجيس حبيب حيدو ، وعزا وفاته الى تلك الظروف وقد دفن في عنكاوا لأستحالة نقله الى القوش في تلك الظروف ،وحدثني الأستاذ جميل حيدو بانهم توجهوا يوم 5 آب نحو دهوك وبعد الأتصال بأحد اصدقاء ابنه حصلوا على بيت فارغ مؤثث في شيوز ( شيزي)  فسكنوا به ليصل عددهم في البيت 35 شخص ، يقول كان بجوار البيت هياكل بيوت مسقفة وحين نزوح ايزيدية من جبل سنجار اسكنوا في تلك الهياكل ويقول تعرفت على احدهم واسمه خديدة الذي سرد لي احداثاً عجيبة من الأعتداء على اعراض الناس وقد سرد بعضها لي الأستاذ جميل لكن  من غير المناسب إدراجها في هذا المقال ..!!!
لكنه يضيف من طريف ما حدث ونحن في تلك الظروف خابرني خديدة في ساعة متأخرة من الليل يقول : بأن زوجة ابنه قد ولدت طفلاً في هذه الساعة ونحن محتاجين الى بعض الملابس لهذا الطفل الذي اقبل الى الدنيا في هذه الظروف : فيقول جميل لأبني طفل بعمر ثلاثة اشهر اخذنا مجموعة من ملابسه مع حفاظات الطفل وأخذت نسائنا تساعد الأم . ويختم استاذ جميل حديثه : رغم اننا كنا في البيت لكننا شعرنا وكأن كابوساً يخيم على صدورنا ، الى ان رجعنا الى بيوتنا .
لقد سمعت قصص كثيرة عن النزوح لكن معظمهم او جميعهم يؤكدون ان مضيفهم او جيرانهم كانوا كرماء ولطفاء معنا وحدثتني نازي شموئيل زوجة المرحوم عمي كريم تومي الذين نزلوا في اينشكي ان  اهالي القرية استقبلوهم بمودة قدموا لهم لعون اللازم ، وكنا سعداء سعداء في هذه القرية وكأننا في بيوتنا ونحن مدينين لهم بهذه الضيافة الكريمة .
هنالك موضوع الهجرة الذي يستعد له معظم ولا اقول الجميع ، عائلة كبيرة اعرفها سافروا الى بغداد للحصول على جوازات سفر ، عوائل كثيرة تعود من تركيا لأن الأنتظار طويل يصل الى سنة 2020 وهم يشدون الرحال نحو الأردن او لبنان ، العنصر المتحمس في هذه الهجرة بين افراد الأسرة هي الزوجة ، والرجل ( المسكين ) في معظم الأحوال يبقى معترضاً ، لكن في الآونة الأخيرة لم يعد اعتراضه ذي قيمة ، فيمكنه ان يمكث في البيت ( فهذه مشكلته ) فأفراد الأسرة يعرفون الطريق ، وقد وصل الأمر في بعض العوائل الى مشاكل جدية بين الزوج والزوجة .
بعض من هم مصرين على البقاء مثل الأخ نادر يشكو ويقول بأن وضع القوش سيكون ضعيفاً بعد ان يهجرها معظم ابنائها ، إنه يتكلم بحزن وألم ولا يريد مغادرتها مهما كلف الأمر وفي الحقيقة ثمة شريحة لابأس بها مثل نادر .
لقد كانت صورة الهجرة ( النزوح) في البداية شاملة وكاسحة فحينما هاجر اهل القوش وتلسقف وباطنايا وباقوفا الى دهوك مثلاً كان اهل دهوك قد سبقوهم في النزوح الى مناطق نحو الحدود او الى تركيا وهذا ينطبق على القرى والبلدات المسيحية في محافظة دهوك ، اليوم في القوش عدد من عوائل باطنايا وتلسقف قد استأجروا البيوت في القوش . ويقوم الألاقشة بالخفارت الليلية ويدير الحراسة منظمة الحزب الشيوعي في القوش ، وينبغي ان نعترف ان المنظمة الحزبية الوحيدة التي بقيت في القوش وظلت ابوابها مفتوحة ونظمت الحراسات المنتظمة والى اليوم ،  شكراً للقائمين على هذه المنظمة الشجاعة .
بقي ملاحظة مهمة اختم فيها مقالي :
أفاد بعضهم : بأن القوش لم يصادف ان توقف ناقوسها عن الضرب في يوم من الأيام ولمدة 2014 سنة ( هذا كلام مجازي ، والصحيح هو منذ دخول المسيحية الى القوش ) ولكنه لأول مرة يتوقف ولمدة عشرة ايام وبعدها عثر على مفتاح الكنيسة عند الصاعور ليستأنف ضربه والتاريخ والفضاء يرددان صدى دقات ورنات ناقوس كنيسة القوش  .
د. حبيب تومي /القوش في 8 / 10 /2014

13
الإزيدية والمسيحيون : كم انت ظالم يا وطني !!!
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
سنين الحرب مع ايران اشتركت فيها كل شرائح المجتمع العراقي : العرب ، الأكراد ، التركمان ، الكلدان ، الاشوريين ، السريان ، الأرمن ، المندائيين ، الكاكائيين ، الشبك ، الأزيدية ، المسيحيين ، المسلمين من السنة والشيعة ، وكل اطياف الشعب العراقي ، لقد كانت الحرب بين الدولة العراقية والدولة الإيرانية بغض النظر عن طبيعة هذه الحرب وإشكالياتها وأهوالها التي تحملها الشعبين العراقي والإيراني .
لقد حارب الأزيديون والمندائيون والمسيحيون الى جانب المكونات الأخرى دفاعاً عن الوطن وسقوا تربة العراق بدماء شهدائهم الزكية ، ولم يقولوا هذه الحرب بين المسلمين ليس لنا فيها اي مصلحة ، بل دافعوا عن الوطن بكل شجاعة وإخلاص ، وكانت النتيجة كوكبة من الشهداء وشباب معوقين وأسرى .
 اليوم يأتي من يقول للمندائيين والإزيدية والمسيحيين ، بأن هذه الأرض ليست لكم إنها ملك الدولة الأسلامية ، ليس لكم حصة في هذه الأرض والخيار امامكم هو ان تجحدوا دينكم وتعتنقوا الإسلام ديناً لكم ، وإلا فحد السيف ينتظر رقابكم ، وكانت النتيجة معروفة في عملية الأقصاء والتطهير الديني وفي محاولة الإبادة الجماعية بحق المكون الإزيدي الأصيل .
كم انت ظالم يا وطني !!
حينما يأتي اقرب جار مسلم ويقول لك عليك ان تترك بيتك وما فيه من اثاث وان تخرج بملابسك التي تكسو جسمك ، وان تترك سيارتك ومقتنياتك للدولة الإسلامية ، وحينما تسأله عن السبب يقول لأنك مسيحي . الذي يحز بالنفس ويفطر القلب هو جارك المسلم الذي عاش بجوارك سنين وعقود ويصبح مرشداً للمسلحين من الدواعش لكي يستولوا على بيتك الذي بنيته بعرق جبينك ، فأين اصبح الوصاية بسابع جار ؟ وماذا عن اول وأقرب جار ؟ اجل إنه وطن ظالم . يقولون :
الوطن الذي لا يحمينا لا يستحقنا ، وإن ظلم ذوي  القربة اشد مضاضة وأكثر ايلاماً ، وهكذا وضع معظم النازحين امامهم الهجرة الى الأوطان التي تحترم كرامة الإنسان مهما كان دينيه ولونه ومذهبه وقوميته ، الهجرة الى البلد الذي لا يستولي على بيتك ويقول هذه غنائم حللها الله للمسلمين ..
في اربيل أعلنت المديرية العامة لجوازات السفر أن آلاف النازحين يقبلون على استصدار جوازات السفر من المديرية لغرض الهجرة إلى خارج العراق، مشيرة إلى أنها تسلمت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية نحو 9 آلاف طلب من النازحين الموجودين في إقليم كردستان .
وهكذا اصبح الخيار الأكثر قبولاً هو شد الحقائب والهجرة الى ارض الله الواسعة ، التي لا يوجد فيها شريعة تعاقب على الدين المخالف كما هي في الدول الإسلامية والعربية . وخلال هذا العقد سوف يفرغ العراق من الكلدان وبقية المسيحيين ومن الإزيدية ومن المندائيين ما لم تتوفر منطقة آمنة تحت الحماية الدولية ، فيبدو ان الغابة العراقية تقبل الدين الواحد ولا تتسع للتعددية الدينية .



النازحون من المسيحيين يتناكفون للحصول على جواز سفر لمغادرة الوطن الظالم
نأتي الى الشق الثاني من المقال بشأن الأخوة الإزيديين ، إن الإزيدية قوم عراقي اصيل استطاع عبر التاريخ من الصمود والبقاء رغم تواتر المظالم والإضطهادات الدينية وان يحافظ على معتقداته الدينية الأصيلة وان يصمد بوجه الغزوات الإسلامية الأنتقامية التي تواترت في العصر العثماني وقبله وبعده وأخيراً كانت حملة مسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام ، داعش ، التي فاقت في قسوتها كل تلك الغزوات في العهد العثماني .
ربما كان نوع من التساهل نحو المسيحييين بجهة منحهم بضع ساعات للنجاة بأنفسهم من السيف المسلط على رقابهم ، لكن المكون الإزيدي لم تتاح له مثل تلك الساعات الثمينة من الوقت ، لكي ينسحب بأبنائه وبناته وأطفاله ونسائه وشيوخه من حد السيف المسلط على رقابهم .لقد طبقت بحقهم على الفور الآية :
لقد أُمرت أن أقاتل الناس ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وإن محمداً رسول الله . ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الله وحسابهم على الله تعالى    .
لقد كانت مأساة انسانية بمجزرة بحق الرجال الذين وقعوا في اسرهم ، وكان كارثة اخرى بالعودة الى الأفعال المقرفة التي كانت سائدة قبل 1400 سنة بسبي النساء ، حيث يقول نبي الإسلام لأصحابه في معركة تبوك : اغزو تبوك تغنموا بنات الأصفر ونساء الروم .
وهذا ما قامت به الخلافة الإسلامية الحديثة في القرن الواحد والعشرين

.

الدولة الإسلامية في القرن الواحد والعشرين تبيع النساء في المزاد العلني وهذا سوق الجواري بالموصل يحدد سعر اليزيدية والمسيحية بـ500 أو 1000 $ بالمزاد العلني راجع الرابط ادناه  :
http://www.tayyar.org/Tayyar/Touch/NewsDetails.aspx?_guid=%7B57123F6E-F24E-4C2D-BA93-0FB5FE21D168%7D
كما كانت المأساة الإنسانية التي طالت تلك الجموع البشرية التي تقطعت بهم السبل في شعاب ووديان وصخور جبل سنجار وهي تستنجد الضمير الإنساني لكي ينقذها من السيف ومن الإرهاب ومن الجوع ومن العطش.



                           كم انت ظالم يا وطني !!!!
لقد علق احد الأخوان على مقال سابق لي على موقع صوت كوردستان كان بنفس المعنى يقول :    
كم أخجل من نفسي ان اكون على دين داعش وعلى مذهب داعش، لكن سلواي اني لست على
ديدنهم .لم افكر يوماً ان اكون شرطياً لله او عبد جاهل وذليل لإمام مجنون أنفذ رغباته في إيذاء الاخرين.
أخذت من الاسلام ما يجعلني ان احب جاري الى سابع جار، والجار قبل الدار
وأخذت من المسيحية التسامح وتقبل الاخر والأمانة.
وحاصل ثقافتي هو ان احب جيراني من كان وعلى اي دين كان اكثر من مسلمي مكة والمدينة.جيراني يفيدوني اكثر من اهل مكة. ابناء مدينتي هم اخوتي الحقيقيين ويمتد الحلقة لتشمل جيران جيراني وجيران مدينتي لكن يبقى الأقربون بمفهوم الجغرافية لا بمفهوم الحسب والنسب هم اولى بالمعروفِ، وعلى هذا الأساس أستطيع العيش مع الجميع دون مشاكل بل هذا يساهم في بناء مدينة .
اجل هذا صوت واحد لكن ماذا عن الأصوات الأخرى ؟ الم تكن المجازر بحق الإزيدية ان تشكل حافزاً ان تقوم مظاهرات واحتجاجات غاضبة ؟ إننا لم نرى شئ من هذا القبيل بل ربما كان محاولات تبرير لما حصل .
فكما هو معلوم ان داعش هي تطور في عمل القاعدة والمنظمات الأخرى فلدينا دواعش كثيرة مثل جبهة النصرة وأحرار الشام في سورية وبوكو حرام في مالي ، وأنصار الشريعة في ليبيا ، والقاعدة في اليمن وأبو سياف في الفيلبين ، والتنظيمات المتطرفة في سيناء ومنطقة جنوب الصحراء .. الخ إنها منظمات لها حواضنها في المنطقة ، وقد رأينا كيف تحفظت بعض الدول كتركيا والقطر على ضرب داعش وكيف يغازل الإسلام السياسي داعش . إنه صمت يقترب من الأبتهاج بفتوحات داعش .
برأيي المتواضع ان الصراع ضد داعش متأتي من خوف بعض الحكام العرب على عروشهم ، لأن داعش يطبق الإسلام بشكل جذري وفكره جاذب للشباب الصغار كبعث للخلافة الإسلامية  وربما تبقى الأليات في ذبح الرقاب يصار الى عدم ترويجه وإلا هنالك ارتياح عام لصعود نجم داعش بهذه السرعة .
بقي ان نشيد بالتحالف الدولي الذي تتزعمه امريكا للتخلص من داعش ونأمل ان يتعافى العراق من هذه الآفة ويأخذ طريقه الى الأستقرار والبناء والتطور .
وفي موضوعنا إن اردنا العيش الأمن للمسيحيين والأزيدية يجب ان تكون هنالك منطقة آمنة تحت إشراف دولي دولي يضمن عيش وسلامة هذين المكونين في الغابة العراقية ، الى ان تستعيد الدولة العراقية هيبتها وتبسط الأمن والأستقرار في ربوع العراق ، حينها سوف لا نردد : كم انت ظالم  يا عراق يا وطني !
د. حبيب تومي / اوسلو في 19 / 09 / 2014






 




14
بشينا وبشلاما المطران الجليل رمزي كرمو في اوسلو
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
منذ اوائل القرن العشرين كانت طلائع من ابناء الشعب الكلداني وقد وصلت الى العالم الجديد ( امريكا ) ليشكلوا هناك جالية كلدانية ( Chaldean ) وهي اول جالية كلدانية خارج الوطن (بيثنهرين ) وفي اواخر القرن المذكور كانت الهجرة الى دول اخرى كالدول الأوروبية واستراليا وكندا إضافة الى امريكا ، وبعد عام 2003 كانت الهجرة الكبرى للكلدان وبقية مسيحيي العراق ، إلا ان الهجرة الأكبر كانت بعد سيطرة الدولة الإسلامية في العراق والشام ، داعش ، على مدينة الموصل وسهل نينوى برمته ، لنشهد فراغ مدينة الموصل وكذلك معظم المدن والقرى التابعة لشعبنا المسيحي من سكانها المسيحيين ، وأمام هذا الواقع المرير اضطرت سفينة شعبنا الى الرسو في مرفأ الهجرة الى الخارج وها هو يشد الرحال للإبحار الى ارض الله الواسعة .


الحشد البشري المسيحي للحصول على جواز سفر للهجرة من الوطن الذي لا يقبلهم ولم يعد لهم موطئ قدم فيه .

المسيحيون العراقيون بصورة عامة والكلدانيون بشكل خاص كان رأي الكنيسة مُنصب على التواصل معهم  في دول المهجر بجهة حفاظهم على تراثهم وهويتهم وتربيتهم المسيحية ولغتهم الكلدانية وطقسهم الكنسي الكلداني ، الذي ورثناه من ابائنا وأجدادنا جيلاً بعد جيل ، وكانت الكنيسة الأم الرؤوم ، امينة ووفية ، وطيلة قرون مضت ، للحفاظ على تلك اللغة وتلك الهوية ولم تقبل الذوبان في كؤوس الآخرين ، رغم محاولات الترهيب والترغيب عبر التاريخ  ، وها هي الكنيسة اليوم تنهض بواجبها في رعاية ابناء الوطن في محنتهم الإنسانية التي تعرضوا لها ، بعد هيمنة مسلحي الدولة الإسلامية على الموصل ومدن وبلدات وقرى سهل نينوى ، واليوم تشكل اوضاع المسيحيين في العراق وفي دول الشتات الشغل الشاغل لكل رجال الدين الأجلاء من مختلف الكنائس العراقية وفي مقدمتها الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية .
 
المطران الجليل رمزي كرمو كلي الأحترام وكاتب هذه السطور على يمينه

في اوروبا لا تخلو دولة من المكون الكلداني وتنتشر الإرساليات الكنسية في الدول التي فيها جاليات كلدانية ويبلغ عدد الرعايا فيها 18 رعية مع وجود 22 كاهن ويربو عدد الكلدان في هذه الدول على 40 الف نسمة ، وهناك بعض الدول تفتقر الى كاهن رغم وجود جالية كلدانية لكن ليس فيها كاهن يدير شؤون الرعية وعلى سبيل المثال دولة فنلندا والنرويج التي فيها خورنة مار يوسف الكلدانية .
كان الخور اسقف فيليب نجم زائراً رسولياً لعموم الكلدان في اوروبا وأسس عدة خورنات منها خورنة مار يوسف الكلدانية في اوسلو واليوم هو مطران الكلدان في مصر .
وبناءً على طلب آباء السينودس الكلداني المنعقد للفترة 5-10/ 6 / 2013  في بغداد، عيّن قداسة البابا فرنسيس سيادة المطران رمزي كرمو زائرًا رسوليًا لعموم الكلدان في اوروبا مع احتفاظه بكرسيّه رئيسًا لأساقفة طهران . وبموجب هذه المسؤولية كانت زيارته لدولة النرويج ، لتفقد رعيته التي كانت متعطشة لمثل هذه الزيارة الأبوية والروحية في هذه الأوضاع الحرجة التي يمر بها وطننا وشعبنا ، وفي نفس اليوم استقبلنا الأب فادي القادم من مدينة يوتوبوري في السويد ، وكانت زيارته لمدينة اوسلو لمرافقة المطران رمزي كرمو ، إذ رافقه في زياراته وخلال إقامة القداديس وأثناء لقائاته مع ابناء الجالية الكلدانية وكافة المسيحيين الذين حضروا هذه المناسبة السعيدة .
في كرازته بعد قراءة الأنجيل المقدس في القداس الإلهي يوم الأحد الماضي ، حث سيادة المطران ابناء الجالية الكلدانية على التمسك بتراثنا وتقاليدنا الأجتماعية والدينية وعدم الأنجراف لبعض السلوكيات التي تتناقض مع ابجديات تربيتنا الدينية المسيحية والأجتماعية والثقافية ، فرغم  الإيجابيات في هذا البلد وفي غيره من البلدان الغربية ، إلا اننا يجب ان ندين بعض السلوكيات ، كعملية الأجهاض المرأة الحامل ، وعملية زواج المثليين والأنفكاك في الرابطة الأسرية التي تجعل الشاب او الشابة بعد العمر 18 سنة  ان يصبح مستقلاً عن عائلته وهذا يؤدي الى انفكاك الأسرة ، فقد ادان المطران هذا السلوك الذي يناقض قيمنا ومبادئنا وتقاليدنا الأجتماعية .
كما تطرق سيادة المطران الى موضوع آخر وهي افتقار الكنيسة الى الكهنة ، وقد اهاب بأبناء الجالية ان تعمل من الآن لكي تحث الصبيان والشباب على الأنخراط في السلك الكهنوتي ، ولا يهم إن كان ثمة شماساً متزوجاً وكان حسن السيرة ان يرسم كاهناً ، إن الكنيسة بحاجة ماسة الى الكهنة وعلى جالياتنا العمل من اجل انخراط ابناؤهم في السلك الكهنوتي .
 ويضيف انتم رسل الكنيسة المشرقية في الغرب . كما كان ابائكم رسل الكنيسة الى الصين مروراً بالهند ومدنها .
بعد إقامة القداس الإلهي يوم الأحد في اوسلو وجهت له دعوة لحضور تجمع الجالية العراقية لأشعال الشموع على أرواح شهداء العراق ، وهكذا كنا برفقته وألأب فادي في هذا التجمع ، حيث القى سيادته كلمة في جموع الجالية العراقية تطرق فيها على ما يطال المكون المسيحي من إرهاب وظلم وهو في وطنه ، والى اوضاع العراق بشكل عام وكان لهذه الكلمة صدى كبير لدى الحضور .
 وفي اليوم التالي رافقناه والأب فادي والأخ فرج اسمرو والأخ حكمت منصور وأنا الى السفارة العراقية ، والتقينا بسعادة السفيرة سندس عمر علي التي اعربت عن تضامنها مع المكون المسيحي ، وضرورة ان نبقى بجانب الهوية العراقية لسلامة العراق الواحد ، وفي اليوم التالي اقام قداساً في مدينة فريدريكستاد وتقاطر على هيكل الكنيسة جمع غفير من الجالية المسيحية هناك . وبعد القداس كان سيادة المطران والأب فادي يلتقيان مع ابناء الجالية وتؤخذ الصور التذكارية وتدور الأحاديث حول مستقبل شعبنا الكلداني بشكل خاص والمسيحي بشكل عام .
كما كان في اليوم التالي اللقاء مع مطران اوسلو للكاثوليك وموعد آخر مع مطران اوسلو للبروتستانت وفي كلا اللقائين كان الحديث عن الأحوال المأساوية التي عصفت بالأقليات العراقية وفي مقدمتها المكون المسيحي .
بقي ان نشير الى ان المطران الجليل رمزي كرمو عراقي الأصل من مدينة تلكيف الكلدانية مواليد 1945 ومن عائلة كرمو العريقة ، رسم كاهناً سنة 1975 وخدم في ايران ، وفي سنة 1996 رسم اسقفاً لطهران وابتدأ رسمياً كرئيس للابرشية سنة 1999 م . واليوم مضى على وجوده في ايران 38 سنة ،وهو يجيد عدة لغات وهي : الكلدانية والعربية والفارسية والفرنسية والأنكليزية .
  وقد افاد المطران كرمو : ان اليوم في ايران مكون مسيحي ضئيل قياساً بالمكون الإسلامي حيث تبلغ نفوس ايران حوالي 73 مليون نسمة فيهم مكون مسيحي  يبلغ تعداده حوالي مئة الف نسمة اغلبهم من الأرمن الأرثوذكس ، وحوالي عشرة آلاف كاثوليكي   فيهم الكلدان وأكثرية آثورية الى جانب كنيسة المشرق الآشورية ( النسطورية ) وثمة ابرشية للاتين ، ومراكز تواجد المسيحيين مدن طهران والأهواز ومنطقة اورميا وتبريز وأصفهان وللكنيسة الكاثوليكية الكلدانية  مطرانين : المطران كرمو والمطران توماس ميرم في اوروميا ، كما هناك مطران آثوري واحد ، وبشأن التمثيل في البرلمان فثمة ممثل واحد للمسيحيين وهو اثوري يونادم بيث كليا وبرلماني يهودي واحد ، واثنان من الأرمن .

اقول : ـ
المطران الجليل رمزي كرمو كلي الأحترام ، التقينا معه لأول مرة ورأينا انه مثال التواضع ورجل صلاة وله روحانية عميقة وخبرة اسقفية ، وأنا شخصياً رأيت الحديث معه ممتعاً وراقياً ومفيداً فهو مستمع جيد مع الآخر ليستوعبه جيداً ثم يبدي رأيه السديد المفعم بإيمانه العميق  معتمداً على ثقافته الدينية والأجتماعية ، وهو يسكب مع حديثه كؤوس الأحاسيس والمحبة ، وجالسه يحس وكأن ثالثهم السيد المسيح ، كنت اسمع حديث هذا الإنسان بإصغاء وانتباه ولا اريد ان يفوتني شيئاً من درره النفيسة .
برأيي المتواضع ان المطران كرمو أفلح في سبر اغوار الروح والضمير الإنساني عن طريق نبله  وعفويته الإنسانية ومسيحيته المفعمة بالمحبة لكل الناس ، كل هذه الخصال عكست شخصيته الشفافة والراقية ، إنه زائر محبوب مثل الطيف الرقيق والنسيم العليل ، وهذا هو الإنسان القدوة الذي لم تجد كلمة الكراهية سبيلاً الى قلبه النظيف المملوء بنعمة محبة يسوع المسيح .
د. حبيب تومي / اوسلو في 12 / 09 / 2014








15
[b] نواب شعبنا في البرلمان العراقي يغردون خارج السرب
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
كان دخول مسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام ، داعش ، الأراضي العراقية واستيلائه على مدينة الموصل وعلى مساحات واسعة ومدن وبلدات وقرى شمال غرب العراق ومنها مدن أيزيدية ومسيحية ، وما رافقها من جرائم ومظالم ارتكبت بوحشية في هذه المدن والقرى من فظائع وقتل وتهجير ، وما اظهرته اجهزة الأعلام من صور فظيعة ، والتي فسرت بأنها جرائم ضد الإنسانية ، كل ذلك حرك الضمير العالمي من دول وحكومات وشعوب ومنظمات ، فانشغلت الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الإنسانية ، والولايات المتحدة والدول الغربية وحلف شمال الأطلسي وكل العالم انشغل بأخبار سفك الدماء والسرقات والأعتداء والأغتصاب والتهجير وغيرها من الشرور ، لكن الغريب ان احزابنا ونوابنا مكثوا في الظل ، بل ظلوا يغردون خارج السرب مستمرين على انانيتهم واستئثارهم على الذين انتخبوهم وأصلوهم الى قبة البرلمان .
إن هؤلاء النواب بدلاً من المشاركة بمعاناة وهموم شعبهم في هذه الأوقات العصيبة ، والتي انشغل بها كل العالم ، فإنهم لا زالوا في تنافسهم وتناكفهم للإمساك  بمنصب الوزير اليتيم المخصص للمكون المسيحي . يا له من عيب في جبين هؤلاء الممثلين لشعبنا في البرلمان العراقي . لقد نشر موقع عنكاوا خبراً جاء فيه :
مع بدأ العد التنازلي لأعلان الحكومة الجديدة المكلف بتشكيلها حيدر العبادي مرشح التحالف الوطني، يتنافس تحالفان نيابيان على وزارة واحدة من حصة الاقليات التي يرجح أن تكون للمكون المسيحي فيما لا تزال الصورة ضبابية بشأن حسمها لاي منهما.
ويضم التحالف الاول نواب قائمتي المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري والوركاء الديمقراطية بينما  شمل التحالف الثاني نواب قائمة الرافدين برئاسة يونادم كنا وممثل الايزيديين النائب حجي كندور لتصبح المعادلة ثلاثة نواب لكل تحالف.
وبهذا الصدد، أكد النائب فارس يوسف عن قائمة الوركاء في تصريح خص به "عنكاوا كوم" ترشيح تحالفه ثلاثة شخصيات معروفة بسيرة حسنة وتاريخ مشرف الى رئيس الوزراء المكلف، معربا عن أمله أن يتحلئ من يتسنم منصب الوزارة برؤية واضحة وشفافة في أدارتها.
وكشف يوسف عن أسماء مرشحي تحالف المجلس الشعبي والوركاء التي ضمت، شميران مروكل وتيريزا مروكي وعزيز عمانؤيل، مبينا أن من بين الوزارات المقترح شغل واحدة منها حسب أعتقاده ، حقوق الانسان أو شؤون المرأة أو الثقافة.
من جهته، شدد النائب يونادم كنا على أن تكون الكفاءة والمصداقية والموقف السياسي الواضح والوطني من أهم المعايير الواجب توفرها في أختيار الشخصية المناسبة لتسنم الوزارة المفترض أسنادها للمكون المسيحي.
وحسب الرابط :
http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=751884.0
التعليق على التناكف العبثي هو :
المكونات العراقية استطاعت ان تكون كتلة واحدة رغم خلافاتها السياسية منها الكتلة الكوردستانية التي ضمنت لها منصب رئيس الجمهورية ، والكتلة السنية ضمنت رئاسة البرلمان ، والكتلة الشيعية التي استفردت بمنصب رئيس الوزراء ، ونواب شعبنا في البرلمان انقسموا الى كتلتين للتنافس فيما بينهما على منصب وزير واحد  .
اسئلة تطفوا على السطح : الم يكن من الأفرض الأجتماع سوية وتكوين كتلة مسيحية واحدة وتتفق على اسم او اسمين او ثلاثة من ابناء شعبنا من التكنوقراط ، بغض النظر عن صلاتهم الحزبية ، لترشيحهم لهذا الكرسي اليتيم ؟
لماذا هذا التنافس العبثي ؟
اكثر من كاتب كتب على هذا المنبر وزعم بأن الذين يفوزون في الأنتخابات هم وحدويون جداً ولهذا منح لهم شعبنا الأصوات الضامنة لفوزهم ، فيما الأحزاب الكلدانية لا تفوز لأنهم انفصاليين : واليوم يثبت كذب هذا الأدعاء ، فهؤلاء ابعد ما يكون عن وحدة شعبنا رغم الظروف القاهرة التي تحيط  بشعبهم المسكين ، فلم يفلحوا في لم شمل خمسة اشخاص من النخبة ، فلماذا يتبجحون بضرورة وحدة شعبنا  .
اتساءل حينما يتنافسون على هذا الكرسي اللعين الا يخجلون من انفسهم ؟ الا يحزنون حين النظر الى صورة كرستيان ابنة 3 سنوات حين اختطفها الوحوش من حضن امها عائدة حنا نوح ومن ابوها المنكوب خضر عزو توما ؟
والله عيب يا جماعة

                                           
 
                               ايتها الطفلة النجيبة نعتذر لأبتسامتك الملائكية البريئة  نحن لسنا رجال نحن اشباه الرجال ، فنطلب منك المعذرة يا كرستيان
               
نطلع على الموقف المشرف الذي سجله الوزير جونسون سياويش بتقديم استقالته  لحكومة اقليم كوردستان .
احتجاجا على معاناة المسيحيين واوضاع النازحين الى مدن اقليم كردستان .. عازيا اسباب تقديم استقالته " الى اوضاع المسيحين النازحين لمدن الاقليم السيئة وعدم توفير المساعدات والتعاون اللازمين لهذه الشريحة من النازحين " مشيرا الى أن "
تقديم استقالته جاءت تضامنا مع المسيحين النازحين واحتجاجا على اوضاعهم الصعبة التي يعيشوها حاليا في مدن الاقليم التي لجأو ا اليها هربا من بطش تنظيم داعش .
وشريحة اخرى المتكونة من رجال الدين الأجلاء  لمختلف الكنائس بمواقفهم الإنسانية المشرفة ، بل تعدت مواقفهم الدينية والإنسانية الى مواقف سياسية ومناشدة الحكومات والدول ذات النفوذ والتأثير على القرارت الدولية  وكان اخرها قرارهم بالتوجه الى واشنطون .
فبعد زيارتهم الى اربيل - العراق واطلاق نداء الاستغاثة الى كل حكام العرب من اجل المسيحيين في البلدان العربية يتوجه بطاركة الشرق في التاسع من الجاري الى عاصمة القرارات الدولية واشنطن للمشاركة في مؤتمر المسيحيين المشرقيين برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وذلك بهدف نقل صورة مأساة المسيحيين الحقيقية في العالم العربي الى البيت الابيض.
وبحسب مجلة المهاجر بان المعلومات قد تاكدت بان البطريرك الراعي سوف يغادر الى واشنطن يوم الاحد المقبل على راس وفد رفيع المستوى اعلامي وكنسي لترؤس المؤتمر في التاسع من الجاري "كما علمت تيلي لوميار بان منظمة idcهي التي تقوم بتنظيم المؤتمر in defense of christians"هذا ويتساءل الجميع اليوم امام انعقاد هذا المؤتمر التاريخي الى اي مدى سيستطيع البطاركة ايقاظ ضمائر الحكام ويرشدوهم الى مواقع النزيف المسيحي في الشرق؟وهل تنبهت الولايات المتحدة اخيرا الى الخطر الذي حل بمسيحيي المشرق وفتحت اذنيها للاستماع الى هموم المسيحيين وصرخات المهجرين ؟وهل سيستمع الكونغرس الاصوات الحق والظلم المشتت في كل بقاع العالم؟
ووفقا للمهاجر ايضا بان الفريق المنظم للمؤتمر في صدد انتظار موعد رسمي للمؤتمرين مع الرئيس الاميركي اوباما ومع المسؤولين في الادارة الاميركية .
 
http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=751837.0

إن هذه المواقف المشرفة وغيرها لمختلف الجهات ، تتيح لنا حق مساءلة احزاب شعبنا ونوابنا في البرلمان العراقي : ماذا قدموا لهذا الشعب وهو في محنته ؟
 وممثلينا في البرلمان الى متى التنكاف على الكرسي ؟ وشعبهم قد احتلت كنائسه وسرقت بيوته وصودرت ممتلكاته ، الشعب هاجر من مدنه وقراه وهو في طريقه الى الهجرة الى ارض الله الواسعة ، فأنتم من سوف تمثلون في البرلمان ، إن كان شعبكم قد شد رحاله وهاجر ؟
 إنكم لا تسطيعون ان تلموا شمل خمسة اشخاص في كتلة واحدة فكيف تستطيعون على تمثيل شعب ومن ثم قيادته الى بر الامان ؟
حقا نواب شعبنا في البرلمان العراقي يغردون خارج السرب ليس إلا .
د. حبيب تومي / اوسلو في 06 / 09 /2014

ً 
       



16
الى قوات البيشمركة وأمريكا تحرير مدن وقرى سهل نينوى اولاً . لماذا ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi71@gmail.com
habeebtomi@yahoo.no
يوم 10 حزيران دخلت قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام والتي اشتهرت بقوات داعش ، دخلت مدينة الموصل ويبدو انها دخلت لتبقى ، ولهذا يجب اعتبار هذا اليوم محطة انعطاف خطير في تاريخ العراق ، كما ان دخول هذه القوات الى المدينة بهذه السرعة ، بل الترحيب بقواتها من الأهالي يدل ان المدينة هي بيئة مجتمعية حاضنة لهذه القوات ، وفي الحقيقة لا يمكن ان تتجه هذه القوات إلا الى المناطق التي تقبل بها وتستقبلها ، والذين طالهم الأذى والتهجير القسري والأستيلاء على ممتلكاتهم ، وجرى إذلالهم كان المكون المسيحي في هذه المدينة وفي مواقف كثيرة كان الأصدقاء والجيران من المسلمين هم أدلاء لمسلحي الدولة الإسلامية لبيوت المسيحيين ليفرضوا عليهم شريعتهم الإسلامية .
إن المكون المسيحي الأصيل في هذه المدينة قد طاله التطهير الديني ، واضطر للهجرة الى اقليم كوردستان والعيش والمبيت في الحدائق العامة والمدارس والكنائس وهياكل المباني تحت التشييد ، وانتظار المساعدات الأنسانية من المنظمات والحكومات وأهل الخير .
والفصل الأخر من القصة كان الهجوم على المدن والقرى المسيحية في سهل نينوى ومن ثم الأتجاه نحو مكون (الداسنايي ) الإزيدية  في الهجوم على سنجار والقرى المحيطة بها وهنا تكررت المآسي الإنسانية وبرز التطهير الديني بأبشع صوره . حيث شاهد العالم الجموع البشرية وهي تفرش الأرض وتلحف السماء وتتضور جوعاً وتموت عطشاً ، وهكذا كانت مسيرة الإزيدية التي جسدتها الدموع الساخنة  للنائبة فيان دخيل عبر شاشات التلفزة ، نعم تحرك الضمير العالمي والإنساني وتناكفت الدول والمنظمات لإجلاء النساء والأطفال والشيوخ المحاصرين في منعطفات وشعاب جبل سنجار او بتقديم الماء والغذاء والدواء ، وكانت محنة الطائرة العراقية في سقوطها واستشهاد قائدها الشجاع وجرح اغلب ركابها وفي مقدمتهم النائبة  فيان دخيل نفسها .
ليس بالامر اليسير اغاثة عشرات الآلاف من العوائل ، بايجاد المأوى وتوفير الماء الصالح للشرب تحت درجات الصيف القائضة ، وتوفير المأكل والدواء والصرف الصحي والأفرشة ووو.. الخ
 وللمرء ان يتساءل ماذا بعد توفير كل تلك المتطلبات ، هل تنتهي المشكلة بتوفير المأكل والمأوى ؟ هل تستطيع ان تبقى العوائل مقيمة في صالة مقسمة بالكراسي على عدد العوائل ؟  ؟ وماذا عن مدارس اطفالهم ؟ وماذا عن وثائقهم ومستنداتهم التي صودرت ؟ وماذا عن املاكهم ؟ وماذا عن البنات اللائي جرى سبيهم ومنهم الطفلة كريستين التي استولى عليها الوحوش ، لأن والده ليس له ما يدفعه لمسلحي الدولة الأسلامية ؟
إنها اسئلة كبيرة وكثيرة لا احد يملك الجواب عليها .
من اولويات وضع الحلول لتلك المشاكل هو تحرير هذه المدن والبلدات والقرى لكي يعود اليها ساكنيها ويمارسوا حياتهم الأعتيادية في بيوتهم وممتلكاتهم ، فتحرير تلك المدن من سيطرة الخلافة الإسلامية ، داعش ، ياتي في المقدمة ، وبعد ذلك تأتي النقطة الثانية المهمة ، وهي وضع حماية دولية لمناطقهم ، فإن إرجاعهم الى الغابة دون ضمان وحماية دولية يعني العودة  الى المربع الأول من المشكلة . 
سؤال وجيه يتبادر الى الذهن : لماذا لا ندعو الى تحرير الموصل ؟
اليست محتلة من قبل قوات داعش ؟
والجواب لذلك إن الموصل جزء من داعش وداعش جزء من الموصل ، فأهل الموصل ليس لهم اي مشاكل مع مسلحي الدولة الإسلامية . لكن مشكلة هؤلاء المسلحين هي مع الشيعة من اهل تلعفر ومع الشبك ومع المسيحيين ومع الأزيدية ، وليس لهم اي مشكلة مع السنة في مدن وقرى المنطقة .
الذين هجّروا من مناطقهم وتركوا مشاكل عويصة هي المكونات التي طالهم التطهير العرقي والديني كالمكونات التي ذكرتها : التركمان لأنهم مسلمين شيعة ولنفس السبب الشبك ، والمسيحيين من كلدان وأرمن وسريان وآثوريين وكذلك الأخوة ( الدسنايي) الأزيدية إضافة المندائيين والكاكائيين . إن هذه المكونات كانت الضحية التي طالها حكم الشريعة للخلافة الإسلامية في القرن الواحد والعشرين بسبب هويتهم الدينية غير الإسلامية .
لقد سردت كل ذلك لأن التوجه الى تحرير مناطق هؤلاء في سهل نينوى سوف يحل جانب كبير من مشاكل هؤلاء العاثري الحظ الذين شملتهم الشريعة الأسلامية .
ولهذا تبقى مسألة تحرير هذه المناطق المنكوبة افضل من تحرير الموصل التي تعيش عصرها الذهبي في الحكم الإسلامي والتي اصبحت الموصل مدينة الدين الواحد والمذهب الواحد ، كما ان تحرير هذه المناطق افضل من تحرير المدن السنية الأخرى مثل تكريت والمدن التي صفقت ورحبت بقوات الداعش . فالمكونات الدينية غير الإسلامية والعرقية غير العربية قد هربت من المنطقة تحت ضغط تطبيق الشريعة لا سيما المسيحيين والإزيدية وكذلك التركمان والشبك والكاكائيين .
إن ما حل بالمدن والقرى الأزيدية والمسيحية من قتل ونهب وسبي واعتداء على الأعراض والأستحواذ على الأملاك والتهجير القسري ، فغدت الآلاف من العوائل نزيلة اماكن الهجرة في مدن وقرى اقليم كوردستان ، وها هو الشتاء على الأبواب ، وهؤلاء ينتظرون العودة الى بيوتهم ، لأنه من الصعوبة بمكان حل مشكلتهم في الهجرة بهذه السرعة ، اجل ان تحرير كل المدن والقرى مهمة لكن الأهم هو تحرير بيوت هؤلاء البشر التي حلت بهم هذه الكارثة ، وليس من المعقول ان تحتل محنتهم الأنسانية الدرجة الثانية .
تقوم الولايات المتحدة بتوجيه ضربات جوية مؤثرة على قوات داعش ، وهذه الضربات لا تكون ذي فائدة ما لم تكن قوات مشاة على الأرض تمسح المنطقة وتنظفها من الألغام وتدافع عنها ، وهذا ما تقوم به قوات البيشمركة على الوجه الأكمل ، لكن يبدو ان امريكا ليست مستعجلة من جانبها وكما يقال من يده في الماء ليس كمن يده في النار .
من جانب آخر الولايات المتحدة تريد ان تحث الدول العربية على التحرك ، إذ ان هذه الدول دائماً تعاتب الدول الغربية لأنها لم تتدخل علماً ان الدول العربية هي صاحبة المشكلة وهي وخطابها الديني هو المسبب لظاهرة داعش والقاعدة وغيرها وعليها ان تكافح وتحصد ما زرعته بيدها .

في نفس السياق ينبغي الإشارة الى الموقف المخزي والمعيب للدول العربية الإسلامية لما حل بالمسيحيين والإزيدية ، وإذا استثنينا موقف لبنان المشرف الإنساني وكذلك الأردن والسعودية ، فإن الدول العربية الأخرى يبقى عار على جبينهم لأنهم لم يبادروا ويقدموا رغيف خبز واحد للمسيحيين والأزيدية  كمساعدات إنسانية لهذين المكونين إنها وصمة عار في جبين هذه الدول التي هي وراء خلق القاعدة والدولة الإسلامية في العراق ومن ثم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش ، إن كان بالتمويل او الجهاديين المقاتلين او ببث الخطاب الديني المتطرف.
إننا ندعو امريكا وقوات البيشمركة الى العمل لتحرير بقية المدن والقرى الأزيدية والمسيحية ، وأن يعود هؤلاء المشردون الى بيوتم ويكون لهم حماية دولية تحافظ على ممتلكاتهم وتحميهم من الدولة الإسلامية داعش . وهذا واجب إنساني وأخلاقي وقانوني لا يقبل الجدل او التأجيل
.
د. حبيب تومي / اوسلو في 31 / 08 / 2014












17
شعبنا بحاجة الى قوة مسلحة للدفاع عن النفس والوجود وأنا متطوع رقم واحد
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi71@gmail.com
habeebtomi@yahoo.no
مدننا وبلداتنا العامرة منها الكلدانية والأخرى السريانية تبدو موحشة خالية من سكانها وهي كالرجل المريض في غرفة الأنعاش ، وتتوافد الوفود ورجال الدين ورجال السياسة والمنظمات الإنسانية ورجال الإعلام ومسؤولي الأحزاب السياسية ورجال الدولة وغيرهم بزيارة هذا المريض ويواسوه على محنته واعدين بتقديم المساعدات وتحسين الظروف المعيشية والسكنية ، نعم شعبنا مريض ألمت به رياح مسمومة صفراء ، جعلت ابنائه يتركون جنتهم التي شهدت ولادتهم وطفولتهم وشبابهم وافرحهم وأتراحهم ، وبين ليلة وضحاها كان عليهم ترك ذلك الفردوس . حقاً انه قمة الظلم والإجحاف ان يسيطر غيرك امامك على ما تملك ، وبهذا الصدد يذهب جون لوك ابو الفكر الليبرالي في اوروبا الى القول : أما الأنسان قد يكون في مقتل ابيه اكثر تسامحاً منه في مصادرة امواله .
لقد اخذت مختلف جوانب الحياة لشعبنا المسيحي بنظر الأعتبار ، إن كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية ، لكن لم يصار الى الأهتمام بناحية الدفاع عن النفس في حالة تردي الظروف الأمنية للمنطقة ، ولا نحتاج الى دراية ومعرفة ببواطن الأمور في عراق مضطرب ، وفي اية لحظة قد تنجم ظروف خطيرة كالتي وقعت في اجتياح مدننا السريانية والكلدانية والآشورية قبل اسابيع . لقد اعتمدنا كلياً على قوات البيشمركة ، الذين كان لهم دور فعال في تحقيق الأمن بالمنطقة طيلة السنين الفائتة . لكن حين قدوم داعش فإن البيشمركة قد انسحبت بشكل فجائي مما افرز وضعاً مرتبكاً في خروج آلاف العوائل من بيوتها ونجم عن هذا النزوح الجماعي وضع إنساني مأسوي .
لقد كان لنا نواة تحمل السلاح في برطلة وبغديدا وكرملش تحت تسمية حراس المدينة ، وهذه القوة كانت بمؤزارة قوات البيشمركة في المنطقة ويوم انسحبت قوات البيشمركة فقد جرى جمع هذا السلاح من قبل قوات البيشمركة حسب ما سمعت ، وبعبارة اخرى ان تلك القوة المسلحة إن كانوا تحت تسمية الحراسة او الشرطة او اي اسم آخر ، فلم يكن لهم اي قرار مستقل .
حينما اقترح تكوين نواة قوة مسلحة ، بالتأكيد هذه القوة سوف لا تكون مؤهلة لمقاومة داعش ولا يكون هدفها مقاومة الجيش العراقي او مخاصمة البيشمركة ، إنما هذه القوة ستكون قوة ذاتية تحافظ على امن البلدة او المدينة في حالة غياب السلطة على الأرض كما حدث يوم انسحبت قوات البيشمركة وقوات الحكومة في وقت واحد من مدننا وبلداتنا ، كما ان مثل هذه القوة كانت ضرورية بعد انسحاب مسلحي داعش من بعض بلداتنا ربما تكون منظمة الحزب الشيوعي في القوش مثالاً ممتازاً حيث صمدت المنظمة مع مسلحين آخرين من القوش ورتبت خفارات ليلاً ونهاراً للمحافظة على ممتلكات الأهالي ، ومثل هذه القوة شكلها الدسنايي ( الإزيدية ) الشباب ولكن ليس لي التفاصيل .
ثمة مثل عراقي دارج يقول : ( لا يحكك ألا ظفرك) ، انت المسؤول الأول للدفاع عن النفس وعن المال والعرض ، وفي حالة انسحاب شعبك لأسباب قاهرة ، تكون النواة المسلحة هي الضامن والمنظم لهذا الأنسحاب ، فلو كانت مثل هذه القوة موجودة بين الأزيدية في شنكال مثلاً ، لأستطاعت هذه القوة من تنظيم الأنسحاب بحيث كان يؤدي الى اقل الخسائر الممكنة ، وهذه ينطبق على مدن وبلدات شعبنا المسيحي ، ولا اقول بلداتنا الكلدانية والسريانية ، لكي لا تزعل الأحزاب الآشورية ويقولون انت تفرق بين ابناء شعبنا .
والشئ بالشئ يذكر إذ تصلني على بريدي الألكتروني اخبار عبر وكالة  تطلق على نفسها وكالة الأنباء الآشورية مختصرها :AINA اي
Assyrian International News Agency
وهذه الوكالة التي يجدر بها ان تتميز بالحياد المطلوب ، فتعمل من كل النازحين هم نازحين اشوريين ومن بلداتنا الكلدانية والسريانية والأزيدية والشبك تطلق عليها جميعاً بلدات  أشورية وكنائسنا هي كنائس آشورية وحتى الأزيدية والشبك هم نازحين آشوريين ، وكم طلبت من هذه الوكالة إزالة عنواني من رسائلهم التي تزوّر الحقائق لكن دون جدوى . لقد مللنا من هذا الخطاب الأقصائي العنصري طيلة هذه السنين ، فالأهمال وسلة المهملات هي خير ما نواجه به هذا الخطاب العبثي الممل .
نعود الى الموضوع الذي بصدده ، فمثل هذه القوة ستكون قوة عسكرية ضابطة للامن والأستقرار في حالة غياب السلطة فمثلاً في بلدتي تلسقف وباطنايا حيث غياب اي شكل من اشكال السلطة فإن هذه القوة ستقوم بالواجب وتلعب الدور المطلوب منها على اكمل وجه .
 فنحن بخطوة تكوين تلك النواة ستؤدي الى تمكين شعبنا من اتخاذ القرارات المصيرية بمعاونة اصدقاء شعبنا في المنطقة من الأكراد وما اكثرهم ومن العرب وما اقلهم مع الأسف . إضافة الى احتساب ان هذه النواة ستكون بداية البداية لتكون منطقة آمنة بوجود قرار اممي .
بالعودة الى ستينات القرن الماضي وما بعدها ، كان لنا قوة عسكرية من ابناء شعبنا تحت قيادة المرحومين توما توماس وهرمز ملك جكو ، ولو ان هذه القوة كانت رمزية قياساً بقوة البيشمركة على طول جبال كوردستان ، إلا ان هذه القوة كانت محل احترام وتقدير من لدن القيادة الكوردية المتمثلة بالمرحوم البارزاني مصطفى ، نظراً لأن هذه القوة كانت تعمل بإخلاص وتفان ، كما انها حصن امين لأبناء شعبنا حنى بالنسبة للقوات الحكومية فلا تقدر السلطات المحلية ان تعبث ببلداتنا كما تريد لأنها تعلم وراء العبث عقاب .
وفي شأن الثورة الكردية اذكر يوماً أحدى فصائل البيشمركة استولوا على قطيع غنم من القوش على اعتبار هذه ضريبة الثورة على القوش ، وكاد ان يحدث بيننا نزاع مسلح ، لكن المرحوم توما توماس امرنا بعدم اطلاق النار وقال سنحل المشكلة بطريق آخر ، وفعلاً  توجهنا الى مقر حسو ميرخان ، وأعاد القطيع الى اصحابه دون نقصان مصرحأ ، ان القوش تزودنا بالمقاتلين والعتاد والأدوية ولا تترتب على القوش اية ضريبة ، بل الثورة تشكر موقف القوش والثورة مدينة لها . إن الذي فعلناه اواسط الستينات من القرن الماضي وما بعدها كان اثبات الوجود وإثبات الشخصية المسيحية إن كان من السريان او الكلدان او الآثوريين او الأرمن ، وإن هذه الشخصية ليست مخلصة فحسب بل شجاعة ايضاً ، وفعلاً كنا في جميع المعارك في جناح الهجوم .
                                                           
                                                                                                 ليت الشباب يوماً يعود              
اليوم شعبنا اصبح مشرداً في مدن وقرى كوردستان وفي دول الجوار املاً في الهجرة وفي الحقيقة فإن الضروريات الملحة كالمأوى والمأكل والمشرب والعلاج وغيرها من ضروريات الحياة تأتي في المقام الأول ، كما ان ضمان عودة املاكهم في الموصل ، وعودتهم الى منازلهم وأملاكهم كل ذلك يجب ان يكون من اولويات المجتمع الدولي والحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان . لكن هذا الجانب الذي تكلمنا عنه ليس هنالك إلا إشارات قليلة لأهميته لهذا الشعب يحاول ان يحافظ على وجوده وكيانه وهويته كبقية شعوب الأرض .
لقد كانت ثمة دعوة للتطوع تسعى اليها منظمة الزوعا وبنظري ان هذه دعوة حزبية لا ترقى الى المستوى المطلوب ، وكانت هنالك دعوة مماثلة من  قائمة الوركاء تدعو الشباب المسيحي الى التطوع للدفاع عن نينوى : حسب الرباط :
http://www.alqurtasnews.com/news/38940/AlQurtasNews
كما كانت ثمة دعوة من لفيف من ابناء شعبنا سمت نفسها اسم غريب وهو مجموعة 2/8/2014 وأطلقت الدعوة الى التطوع باسم نداء رقم واحد ، ووردت في متنه هذه النقاط :
1.   من خلال المباشرة بوضع خطة ومنهج متكامل لإقامة منطقة آمنة لحمايتهم على ان تشمل كافة مناطق سكناهم وحيثما هم على أراضيهم التاريخية في شمال العراق.
2. توفير الخدمات الأساسية اللازمة فورياً لانقاذهم من محنتهم الإنسانية.
3. فتح باب التطوع لتسجيل أفواج من شبابهم (ذكورًا وإناث) وتدريبهم عسكريًا وتهيئتهم نفسيًا و معنوياً لكي يتمكّنوا من حماية محميتهم المرتقبة وبأشراف دولي.
راجع الرابط :
http://www.ankawa.com/index.php/ankawaforum/index.php?topic=750248.0
وفي نفس السياق وعلى ضوء لقاء الرئيس البارزاني مع وزير خارجية لبنان
أعلن الرئيس  مسعود البرزاني حين لقائه مع وزير خارجية لبنان جبران باسيل في اربيل ،بأن حكومة الإقليم جاهزة لفتح الباب أمام المسيحيين الراغبين بالتطوع ضمن القوات المسلحة الكردية، وذلك من خلال إعطائهم الفرصة للدفاع عن أنفسهم وعن قراهم في وجه الميليشيات المسلحة المنضوية تحت تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام (داعش). http://jordanianvoice.net/web/2012-05-16-11-52-23/34892.html
إن الكنيسة تنهض بالمهمة الأنسانية ، لكن ليس من واجبها القيام بالمهمة العسكرية المطلوبة وهنا يأتي دور الشباب ، خصوصاً الشباب المستقل ويجب ان يكون لهم دور بارز في هذه المحنة ، وأنا شخصياً اعلن استعدادي للتطوع وأن اكون جندياً بسيطاً في مقدمة الشباب ، او اي مهمة تناسب عمري أكلف بها ومن اجل ذلك سوف اصل الى العراق في  الوقت المطلوب .
ينبغي ان يكون لنا وحدة الكلمة وأن نركن الخلافات العقائدية والسياسية وغيرها على جانب ، ونعمل جميعاً بنكران ذات دون ان نفكر بالمصالح الحزبية والشخصية .
دمتم جميعاً بخير
د. حبيب تومي اوسلو في 26 / 08 /2014


 

18
شكراً للبيشمركة وشكراً لأمريكا وساستنا يكفي عبادة المناصب والكراسي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi71@gmail.com
habeebtomi@yahoo.no
إنها لحظات سعيدة ان ترى عدو شعبك وعدو الإنسانية يتقهقر امام ضربات الطيران الأمريكي وأمام زحف قوات البيشمركة ، هذا العدو الذي يخالف تعامله للناس مع كل المعايير الدينية والإنسانية . نتأمل ان يستمر هذا الزحف الى كل مدن وقرى شعبنا ومدن وقرى الأخوة الإزيدية الذين طالهم الظلم والقهر والفتك بشكل وحشي ، والتي نجم عنها الهجرة الجماعية لعشرات الآلاف من المسيحيين والإزيدية ، الذين كان الأنتقام والتطهير الديني قد طالهم بأبشع صوره فنأمل ان يزول الكابوس الجاثم على صدر العراق برمته  لكي يعود هذا البلد معافياً بعد السنين العجاف ولاسيما ما آل اليه وضعه بعد اجتياح حدوده من قبل خلافة الدولة الإسلامية ، داعش في الفترة الأخيرة .


لقد كان ثمة نقد لاذع موجه للمجتع الدولي وفي المقدمة الولايات المتحدة لسكوتهم عن الأنتهاكات الصارخة بحق الأقليات الدينية والعرقية في سهل نينوى بحق الشبك والتركمان والإزيدية والمسيحيين ، كما كانت هناك انتقادات موجهة الى قوات البيشمركة في المنطقة حينما تركت مواضعها وانسحبت بصورة مفاجئة وغير مدروسة ، حيث لم يتوفر وقت كافٍ لانسحاب الاف العوائل لا سيما في منطقة سنجار التي شهدت كارثة انسانية بسبب مباغته قوات داعش الإسلامية لمناطقهم المشمولة بالمادة 140 والتي عرفت بالمناطق المتنازع عليها .
ينبغي ان لا ننكر حقيقة ان هذه المناطق سادها الأستقرار والأمان طيلة السنين المنصرمة منذ سقوط النظام في عام 2003 ، إذ كانت هذه المنطقة تحت حماية قوات البيشمركة ، وكان هناك ارتياح عام لهذه القوات لما تبذله من جهود في سبيل توفير حالة الأمن والأستقرار ، في حين كانت كثير من المدن العراقية خصوصاً المختلطة ( السنة والشيعة : بغداد ، الموصل ، ديالى ، الأنبار ، صلاح الدين ، بابل  ) مسرحاً مفتوحاً لعمليات إرهابية انتقامية ، والموصل كانت تأتي في مقدمة هذه المدن التي كان الأمن فيها مفقوداً وشوارعها مسرحاً لعمليات القتل والأبتزاز . بعكس المناطق المجاورة التي نتحدث عنها والتي كانت قوات البيشمركة ضامناً اميناً لأمنها ولأستقرارها .
الصفحة الثانية بدأت بعد تدفق عشرات الآلاف من النازحين الهاربين من بطش مسلحي دولة الخلافة الإسلامية ونبوت وضع إنساني مأساوي يتطلب التدخل الأممي ، وامام تلك الصور الوحشية المفجعة إن كانت تلك التي طالت المكون الإزيدي او المسيحي والتي تعتبر من المكونات الدينية التي تسعى الدولة الأسلامية داعش الى استئصالها وإقصائها . تسابقت الدول الغربية لتقديم المعونات السخية  في المجالين العسكري والإنساني ، كما نشطت منظمات المجتمع المدني في جمع التبرعات . والى جانب ذلك كانت الدعم العسكري وفي المقدمة قرار امريكا في توجيه الضربات العسكرية الجوية على قوات داعش في المنطقة .
في هذا المجال ينبغي التطرق الى الموقف العربي والموقف الخليجي اللاإنساني المخجل فلم نسمع عن مساعدات او دعم من هؤلاء والسبب معروف لأن المنكوبين من غير دين فكيف يساعدوهم ؟ بعد ذلك هؤلاء مشغولين في دعم وتصدير الجماعات الإرهابية فمستواهم لا يرتفع الى مستوى المساعدات الإنسانية .
في العرف العسكري فإن الضربات الجوية لوحدها لا تجدي نفعاً ما لم يصار الى تعزيز الضربات بجهود قوات راجلة على الأرض ، فقوات المشاة تعتبر العامل الحاسم في احتلال الأرض والأحتفاظ بها . هكذا جاء دور قوات البيشمركة لكي تنتقل على الأرض .
فكان هذا التعاون بين قوات البيشمركة وسلاح الجوي الأمريكي ان تمخص عن تحرير سد الموصل بالكامل نظراً لخطورته وأهميته في السياق الأستراتيجي للعراق ، الى جانب تحرير بعض البلدات في سهل نينوى منها تلسقف وباقوفا وباطنايا وبعشيقة ونتطلع الى تحرير مدينة سنجار وتلكيف وبغديدة وبرطلي وكرملش وكل اصقاع سهل نينوى مع جميع المدن العراقية لتعود مدناً تزخر بالأمان والأستقرار .
كان سقوط النظام في نيسان 2003 انعطافة في تاريخ العراق لتبدأ مرحلة  يمكن ان نقول عنها اختلط الحابل بالنابل ، وكان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي يتحمل مسؤولية كبيرة في عدم استقرار البلد ، ولعل اختراق حدود العراق ودخول مسلحي قوات الدولة الإسلامية ( داعش ) كان اخر وأخطر تلك الكوارث التي حلت بالعراق .
 عن ظاهرة داعش تنوعت التعليقات والتحليلات وقيل عنها الكثير وملخصها ان بداية التشكيل كانت في العراق على يد ابو مصعب الزرقاوي تحت اسم جماعة التوحيد والجهاد"  وكان ذلك عام 2004 وبعد ذلك اصبح اسمها "دولة العراق الاسلامية" بزعامة ابي عمر البغدادي
وبعد مقتل الأخير في نيسان 2010 اختار التنظيم ابو بكر البغدادي والذي يحمل اسماء اخرى هي : أبو دعاء أو ابراهيم عواد ابراهيم السامرائي، والأخير يتميز بقوة المناورة العسكرية والسياسية ويختار العمليات النوعية من قبيل عملية البنك المركزي، ووزارة العدل، واقتحام سجني أبو غريب والحوت والتفجير السفارة الإيرانية في بيروت ..الخ  وفي  أبريل عام 2013 وبرسالة صوتية بُثت عن طريق شبكة شموخ الإسلام، أعلن أبو بكر البغدادي دمج فرع التنظيم "جبهة النصرة" في سورية مع دولة العراق الإسلامية تحت مسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، وهنا بدأت قصة داعش.
حيث امتد وتوسع في العراق وسورية وهو يتجه نحو لبنان ، ويمتاز بمرونة العمل وتعدد اللغات ولهذا يتميز بجذبه لمختلف الجنسيات لأن له القدرة على التفاهم بلمختلف اللغات .
ما نعرفه ان الحرب بين العراق وايران كان بين دولتين بعد وقف النزاع كل جيش انسحب الى حدود بلاده ، والعراق حينما أُرغم على الخروج من الكويت عاد الى حدوده الوطنية ، ولكن التوصل الى وقف العمل العسكري مع داعش يعني التنازل عن الأرض وما فيها ، وفعلاً ان خلافة الدولة الإسلامية تتوسع عن طريق احتلال مدن وسدود لمسطحات مائية وأبار نفطية على حساب العراق وسورية ، وهي ( داعش) من جانبها ليس لها ما تخسره .
ومؤخراً كان توجهات الدولة الإسلامية في التوسع والأنتقام من مناطق المكونات غير الإسلامية من المواطنين العراقيين الأصليين من المسيحيين والإزيدية وتعمل على تهجيرهم بغية إسكان المهاجرين المسلمين بمناطقهم . إن الدولة الإسلامية قبل 14 قرن عملت على إلغاء ديننا والقضاء على لغتنا وقوميتنا وهويتنا ، وتحملنا كثيراً لكي نحافظ على تراثنا وهويتنا القومية الكلدانية وأوابدنا وكذلك فعل المكون الإزيدي الأصيل ، بقينا نحافظ على معتقداتنا الدينية واليوم تأتي الخلافة الإسلامية وتجبرنا بالقوة على اعتناق الدين الإسلامي او تهجيرنا والى الأبد من الأرض التي شهدت ولادتنا من أرحام امهاتنا منذ ألاف السنين .
انه انتهاك صارخ لكل المعايير الأنسانية إنها فاشية وعنصرية دينية في القرن الواحد والعشرين .
اقول :
ليس لهذه المحنة علاج سوى ان تتسم الطبقة السياسية برئاسة الدكتور حيدر العبادي بالنزاهة ونكرات الذات وأن تبقى ضمائرهم مستيقضة لبلورة خطاب سياسي مسؤول يتناسب وخطورة المرحلة ، وأن يستلموا ما ارادوا من الرواتب والمخصصات وكل ما نطلبه منهم ان يعملوا بإخلاص وتفان وأن يبتعدوا عن عبادة الكراسي والمناصب  وأن تكون مصلحة الشعب قبل مصالحهم الشخصية والحزبية ، فهل تبادر الطبقة السياسية مرة واحدة فقط الى تفضيل مصلحة العراق على مصالحها الشخصية ؟ سوف نرى في قادم الأيام .
د. حبيب تومي اوسلو في 21 / 08 / 2014


 
 
 












19
البطريرك الكلداني يطلب الحد الأدنى لشعبه من المجتمع الدولي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو يطرق كل الأبواب عند المسؤولين في الدولة العراقية وفي اقليم كوردستان ولدى رجال الدين المسلمين ، ويجري المقابلات في الفضائيات ومع وكالات الأنباء والصحف ومع الشخصيات والوفود الأجنبية ، كل ذلك أملاً في ان يجد بارقة امل في تخفيف معانات شعبه الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، انه وقت العمل ، وقت التضامن ، وقت نسيان الفروقات الدينية والمذهبية ، إنه وقت الشدة والمحن  يلقي بظلاله  على كاهل هذا الشعب ، وإن الصديق الصدوق هو من يمد يد العون والمساعدة اثناء الشدة .
لقد كانت قرى وبلدات ومدن كبيرة عامرة هادئة يسكنها شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين ، يسكنون بمحبة في احياء ومحلات مدنهم : القوش ، شرفية ، تلسقف ، باقوفا ، باطنايا ، تلكيف ، بغديدا ، برطلي ، كرملش .. ويسكنون الى جانب جيرانهم من الإزيدية والتركمان والشبك والأكراد والعرب ، ولا يكدر صفو هذا التعايش ، إلا حوادث طفيفة بين آونة وأخرى ، وهذا طبيعي ، حيث ان افراد العائلة الواحدة معرضة الى مثل هذه الحوادث . المهم كانت الحياة تسير بنمط طبيعي مألوف ، الفلاح متجه لحقله والطالب لمدرسته او معهده او كليته ، والتاجر مشغول بتجارته والمرأة لتربية اولادها والأطفال منطلقين في عالمهم البرئ البعيد عن كل منغصات الحياة ...
ذلك الروتين كان سائداً ويمكن التعايش معه ، فبشكل عمومي ان الوضع السياسي والأمني لم يكن مرضياً ، لكن كان يمكن التعايش معه ، وربما كان العيش في هذه الأحياء افضل من العيش ببعض المدن من ناحية الأمن والأستقرار .
وإذا نظرنا ابعد سوف نلاحظ ان الخلل يكمن في العملية السياسية نفسها المبنية على قواعد البناء الطائفي ، مما قسم العراق الى احزاب وتنظيمات وتكتلات طوائف متناحرة يسودها الأحتقان والكراهية والأنتقام ، في ظل تلك الأوضاع كانت الأقليات الدينية تعاني الأمرين من دكتاتورية الأكثرية ، ورغم ان الظلم والتهميش والعنف طال جميع المكونات العراقية بشكل وبآخر ، إلا ان المكونات الدينية من المسيحيين والإزيدية والمندائيين كانت حصتهم من الضرر اكثر من غيرهم ، إذ انهم تعرضوا بمدنهم الى التغيير الديموغرافي الخطير الذي هدد ويهدد بقلع جذورهم من وطنهم ، حيث انهم السكان الأصليين بهذا البلد الذي اصبح اسمه العراق بعد الفتح الإسلامي وكان اسمه بلاد ما بين النهرين ، ميسوبوتاميا قبل ذلك .
حكم صدام حسين تميز بالعلمانية ، ولم نشعر بوجود تفرقة دينية ، إذ كان النظام يسعى الى بناء وتعزيز سلطة ، وكان صدام حسين هو الحكومة وهو السلطة وهو الدولة ، ومن يعارض السلطة يصار الى تصفيته وليس مهماً من يكون هذا المعارض إن كان مسلم او مسيحي او ايزيدي ، وتغيرت الأمور بعد الحرب مع ايران والدخول الى الكويت ، حيث ضعفت السلطة وبدأ خطاب جديد تحت يافطة الحملة الأيمانية ، ومن هناك بدأت بوادر الإقصاء الديني حيث تقرر في وقتها تدريس القران لغير المسلمين ، واستطاعت الكنيسة إبطال القرار بحق المسيحيين ، وعلى العموم لم يكن ثمة اي ضغط محدد ضد المسيحيين .
لقد فشل الفكر القومي ، وبرز بعد سقوط النظام في 2003 حكم الأحزاب الدينية ذات الصبغة الطائفية ، ومع ضعف السلطة وطغيان سيطرة الميليشيات ، وفقدان الأمن اصبح مصير المكونات الدينية على كف عفريت ، وفعلاً كان هنالك افعال إرهابية وتهديد وخطف وابتزاز بحق المندائيين والمسيحيين في مدن العراق مما سبب في الهجرة شبه الجماعية من تلك المدن إن كان الى مدن اقليم كوردستان او الى الدول المجاورة كمحطات الى دول الهجرة الدائمة .
وقع مسلسل طويل ورهيب ملخصه تفجير الكناس ، وقتل المصلين في كنيسة سيدة النجاة واغتيال المطران فرج رحو واغتيال الأب رغيد كني ورفاقه ووو...  والحديث يطول عن قصة الرعب هذه ، ليبدأ فصل جديد من هبوب إعصار تسونامي المتمثل بمسلحي المجاهدين الذين عرفوا بمسلحي الدولة الأسلامية في العراق والشام ، وعرفت اختصاراً بداعش ، وبعد ذلك تحولت الى الخلافة الإسلامية ، التي تسعى لأسلمة المسيحيين والأزيدية ، او تصفيتهم وطردهم من المنطقة لكي يأتي اليها المهاجرون المسلمون من دول العالم .
في هذا الواقع المرير وفي هذه الغابة الوحشية يرسل البطريرك الكلداني نداءه الى الضمير العالمي لنجدة نحو مائة الف شخص هم ضحية الزلزال البشري المتمثل في الهجمة الإرهابية التي سبب بهجرة عشرات الآلاف من 13 بلدة مسيحية من سهل نينوى توزعوا في مدن وقرى في اقليم كوردستان إنهم يعيشون في مجموعات في اماكن عامة ليست مخصصة للسكن . ولا يلوح في الأفق بوادر حل لمشكلتهم .
إن وضع الحكومة المركزية الحالي لا يعول عليه ، ولكنه يناشد الجهات المجتمع الدولي  فيقول :
، ننادي الولايات المتحدة الامريكية التي لا ينكر العالم نفوذها ويرى تحمـّلها الجزء الكبير من مسؤولية هذا الفراغ، ونحضّ الاتحاد الأوربي في مواقفه المتزايدة، وننتخي فروسية المواقف لدى زعماء الجامعة العربية، للتكاتف ضدّ شبح الإرهاب، والتحرك السريع لتحرير بلدات سهل نينوى من المقاتلين الجهاديين لتتمكن هذه  العائلات من  العودة  الى بيوتها  واستعادة  ممتلكاتها والمحافظة  على خصوصيتها الدينية والثقافية والتراثية  من خلال تأمين حماية دوليّة  فاعلة لحين استقرار المنطقة  وتتمكن الحكومتان المركزية  وحكومة اقليم كوردستان من فرض القانون.
ويختم نداؤه :
.  ويؤلمني ان اقول  ليفتح باب الهجرة لمن يشاء، وما لم يتغير هذا الواقع، فإننا جميعا أمام وقوع مأساة  ابادة   بطيئة لمكّون أصيل بكامله وخسارة  بلداتنا  وتاريخنا وارثنا الثقافي!
علماً ان النداء كان باتفاق مع اساقفة الموصل .
حسب الرابط :
http://ishtartv.com/viewarticle,55580.html.
اجل بعد آلاف السنين من العيش في هذا الوطن لم يطلب غبطته سوى الحد الأدنى لشعبه ، فلم يطلب الحقوق القومية او السياسية ، لقد طلب لشعبه الكلداني ولكل مسيحيي العراق حق الحياة وحق المأوى ( السكن ) اي ان الإنسان من حقه ان يعيش في بيته وأن يكون له املاكه . وأن يكون له حرية المعتقد والعبادة .
وأنا اختم هذا هذا المقال فاذا بالخبر السار عن تحرير تلسقف ، فأقول شكراً لأمريكا وشكراً للبيشمركة .
http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=749761.0
تحياتي
د. حبيب تومي / اوسلو في 18/08/2014

20
المسيحيون والإزيدية وصيحات : هاوار .. هاوار .. هاوريلا
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
في اللغة الكوردية مصطلح هاوار هو لطلب النجدة والإستغاثة وقت الشدة  ، لكن في القوش نستخدم لفظة (هاور .. هاور او هاوريلا .. هاوريلا ) لحث الرجال للخروج من البيت مع سلاحهم حينما يحيق بالبلدة خطر ما ، وينبغي على الجميع الخروج للذود عن البلدة ضد الخطر المحيق . وهذه اللحظة تكون مناسبة لظهور وبروز اسماء الشجعان . لكن صيحات :هاوار .. هاوار اليوم مختلفة فهي تعني قلع الجذور من الأرض التي ولدنا فيها نحن وآبائنا واجدادنا لألاف السنين . نعم كان اليأس من الحياة بعد التعامل اللاإنساني الذي تعرض له هذا القوم من قبل الدولة الإسلامية ( داعش ) الناهضة بعد الربيع العربي الذي قطف ثماره التيار الديني الإسلامي والشعار الرئيسي الذي فرض نفسه بقوة على الساحة اليوم  ولا صوت يعلو عليه هو صوت الهجرة .. الهجرة او منطقة آمنة بحماية دولية .
لقد ادخل المالكي العراق في سلسلة من الأزمات وكأنما كانت تعوزه ازمات قاتلة اخرى حينما اخترقت قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) الحدود (وكأنها في نزهة ) لتصل الى مدينة الموصل وتستولي عليها في ساعات ثم تتجه جنوباً لتستولي على مدن مهمة اخرى ، وحينما تلكأت مسيرتها نحو بغداد ، تبدل اتجاه بوصلتها نحو اقليم كوردستان ، فكانت المناطق المتنازع عليها والتي يقطنها مكونات التنوع العراقي من الكلدان والآشوريين والسريان من المسيحيين وكذلك الإزيدية والشبك والتركمان ، وكانت هذه المكونات الضعيفة هي الضحية الأولى التي وقع عليها اختيار الدولة الإسلامية لترويعها والأنتقام منها بتطبيق الشريعة الإسلامية بحقها خاصة الإزيدية والمسيحيين ، وذلك بإجبارهم على اعتناق الدين الإسلامي او دفع الجزية او الهجرة او مواجهة السيف بالنسبة للمسيحيين باعتبار انهم اهل الكتاب ، وعليهم تنطبق احكام اهل الذمة
 .

اما بالنسبة للإزيدية فأمامهم خيار اعتناق الإسلام وإلا فعليهم مواجهة حد السيف ، فوقعت الأفعال اللاإنسانية بحق هذه المكونات ، وكانت البداية في الموصل حيث اجبر وضع المسيحيون امام اعتناق الدين الإسلامي او دفع الجزية او مواجهة السيف ، او ترك كل شئ غنيمة للدولة الإسلامية والخروج بملابسهم من الموصل التي اصبحت ديار الإسلام تحت شريعة السيف .
وبعد ذلك كان دخول قوات خلافة الدولة الإسلامية الى المدن المسيحية تمكن هؤلاء الإفلات تاركين بيوتهم وحلالهم ، وذلك حفاظاً لكرامتهم من الإهانة على يد قوات داعش ، بالأضافة الى الحفاظ على اعراضهم من اعتداء المسلحين في الدولة الإسلامية التي تجيز الأعتداء على اعراض الناس تحت احكام وتفاسير دينية .
إن الذي وقع في هذه المحنة كان المكون الإزيدي المسالم الذي وضع امامه خيار اعتناق الدين الإسلامي فقط وإلا مواجهة حد السيف ،  فكان النزوح من سنجار والقرى التابعة لها من قاطنيها الإيزيدين متجهين صوب الجبل والحماية بشعابه الوعرة ، وفضلوا الموت من الجوع والعطش وتحت رحمة الطبيعة على الإذلال وإهانة كرامتهم على يد داعش ، ومن لم يحالفة الحظ في اللجوء الى الجبل فقد كان مصير الرجال منهم القتل والنساء أخذن كسبايا يُبعن كجواري في سوق النخاسة في مدينة الموصل .
 
هكذا يبقى مسلسل العنف والدم والهجرة سارياً ما داموا يحملون هويتهم الدينية اللاإسلامية .
بل اكثر من ذلك فإن هذا الغلو الديني قد دفع مسلحي الدولة الإسلامية ، داعش ، على مهاجمة اتباع دينها الإسلامي فهدمت مقامات دينية للصوفية السنية والأضرحة الشيعية ، كما شنت داعش حرب إبادة وتهجير معلنة ضد التركمان والشبك الشيعة في منطقة نينوى وتلعفر ، فقد نزح عشرات الآلاف نحو مدن الجنوب ، وفي البرلمان عبر الجلسة المفتوحة اكد احد نواب البرلمان عن المكون التركماني ان داعش ربما امهلت المسيحيين ساعات للخروج من الموصل لكن التركمان لم يكن لهم اي إنذار مسبق .
وهكذا وقع على يد داعش شكلاً سافراً من التطهير العرقي والديني والمذهبي فكان نزوح الشيعة نحو مدن الجنوب الشيعية ( رابطة مذهبية شيعية )، ونزوح المسيحيون الى اقليم كوردستان الى المدن والقرى المسيحية ( الرابطة الدينية المسيحية ) ، ونزوح الأزيدية نحو اقليم كوردستان ( رابطة قومية الكوردية) . إن هذا النزوح السكاني الكثيف قد خلق مأساة إنسانية ، لاسيما في اقليم كوردستان ، فألاف اللاجئين من المكون الإزيدي لا زالوا عالقين بين تضاريس وشعاب جبل سنجار ينتظرون إجلائهم بسلام وقالت الامم المتحدة إن نحو 700 ألف إيزيدي شردوا منذ ان استولى مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية على سنجار من القوات الكردية التي تدافع كانت عن المدينة، وعن بي بي سي باللغة العربية ان موظف اغاثة إيزيدي كان على متن طائرة تابعة للقوات الجوية العراقية تشارك في إجلاء اللاجئين المحاصرين، وصف الموقف بأنه "إبادة جماعية"، مع وجود ما بدا أنه مئات الجثث. .. هكذا منطقتنا تواجه مأساة إنسانية كبيرة بالنسبة لهذا المكون الأصيل .
اما بالنسبة للمسيحيين فحدث ولا حرج فهناك الآلاف الذين تقطعت بهم السبل وفرشوا ساحات الكنائس والمدارس والحدائق العامة ، ومن خلال تمرير عدسة المصور للقنوات التلفزيونية المختلفة تظهر على وجوه هؤلاء اللاجئين أمارات المعاناة محفورة على وجوههم ، ولا يعلمون ماذا يخبئ  لهم المستقبل ، والى متى يكونون في هذه الحالة المزرية .
 لقد كانت احاديث من الرجال والنساء  تدفع على الأسى والأسف من هذا الإنسان الذي يتنكر بين ليلة وضحاها معاني الوفاء والصداقة والجيرة ، فتقول إحدى النساء هذا الجار المسلم الذي قضينا العمر بصداقة ووئام ، يتنكر اليوم ويقوم بإرشاد الداعشيين لبيتنا ، ويقول هذا بيت مسيحي ، او اذهب الى الوكيل فيقول لها انتم مسيحيين ليس لكم حصة . هذا غيض من فيض من معاني اللاوفاء وثقافة الكراهية والتنكر للقيم الإنسانية :
يقول طرفة بن العبد
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة     على المرء من وقع الحسام المهند
وعموماً نقرأ في الخطاب الإسلامي اشياء منافية للروح والأخوة الإنسانية ، فالمسلم يدعو الله الى تدمير غير المسلم ويقول ويطلب من الله .
رمّل نساءهم ، ويتم اطفالهم ، وجمد الدماء في عروقهم ، اجعلهم وأموالهم ونساءهم وذراريهم غنيمة للمسلين .
فمن تربى على هذه الخطابة وهذه الثقافة يجب ان لا نستغرب منه اي فعل منافي للمشاعر الإنسانية والتسامح والتعايش الإنساني .


الأيزيديون من حصار مسلحو داعش الى حصار الجوع والعطش على جبل سنجار الأجرد
نحن في القرن الواحد والعشرين ولا شك ان استهداف الأقليات المسالمة يعتبر جريمة بشعة ، فهذه الأقليات لم يكن لها اي مقاومة لقدوم داعش ، ولم يكن لها اي مظاهر العنف مع جيرانهم المسلمين ، فلا مبرر  للكراهية والسلوك الأنتقامي البغيض اتجاه المسيحيين او الإزيدية ، لقد دخل الجيش الأمريكي للعراق ، وزُعِم بأنه كانت هناك حالة اغتصاب واحدة في المحمودية اشارت اليها بعض وسائل الإعلام ، ولكننا نجد في مسلحي الدولة الإسلامية يعتدون على اعراض هذه المكونات ويسبون بناتهم ، ويعتبرون ان الأمر طبيعياً، فيوزعون الجميلات على امرائهم ، والبقية يصار الى بيعهن كجواري في سوق النخاسة ، هل هناك جرائم ابشع من هذه الجريمة ؟
هكذا امام الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان والمجتمع الدولي تقديم المساعدة العاجلة لوضع حد لمأساة إنسانية تجري على الأرض ، وتتمحور الإغاثة في ايصال المساعدات الحياتية لهؤلاء البؤساء ومن ثم إجلائهم الى مناطق آمنة يتوفر فيها الحد الأدنى للعيش .
وقد انفرد جوناثان كرون مراسل صحيفة ديلي تلغراف الذي صاحب طائرات الجيش العراقي لاغاثة افراد الأقلية الايزيدية الذين فروا إلى سفح جبل سنجار حيث كتب تحت عنوان "ليلة في جبل الجحيم"، تفاصيل الليلة الاولى التي قضاها وسط أفراد طائفة الايزيدية.
أمضى الايزيديون هذه الليلة في البحث اليائس عن النوم والطعام والماء على أضواء القمر ونيران صغيرة أضاءت جانباً من الجبل امتد إلى الحدود السورية على مدى النظر.
ويوضح أنهم قضوا الليلة على الجبل في محاولة لنيل قسط من الراحة التي لا يمكن ان يجدوها وسط العراء ووسط وعورة المنطقة وذلك ليستعدوا ليوم شاق جديد يبحثون فيه عن المياه التي ان لم يجدوها أو لم يتم ارسالها عبر طائرات المساعدات التي تقذف لهم زجاجات المياه بين الحين والاخر سيكونون في عداد الموتى خلال 24 ساعة وسط ارتفاع درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية...
وتساؤل اللحظة : الى متى تستمر هذه الحالة ؟ الى متى يبقى الأزيديون معلقين في سفوح الجبل ؟
الى متى تبقى العوائل المسيحية نزيلة المدارس والحدائق والكنائس ؟
ما مصير الأموال والبيوت التي صودرت في ليلة وضحاها عن اصحابها التي شقوا وتعبوا وكدحوا لبنائها طول العمر .
الى متى يستمر الأقصاء الديني والقومي في بلد متعدد الأديان والأعراق ؟
الى متى تستمر شريعة الغاب ؟
إنها اسئلة كثيرة لا يوجد جهة محددة نوجهها لها او تجيبنا عليها . 
اصوات الهجرة تعلو على ما عداها من الأصوات ، ثم هنالك اصوات تطالب بمنطقة آمنة برعاية اممية . لكن في كل الأحوال قبل هذه وتلك ينبغي توفير المأوى والمأكل لهذه المجاميع التي لم يعد لها إلا الملابس التي عليها . ودائماً تطفو على السطح اسئلة عديدة :
متى تنتهي المعاناة ؟ وهل ثمة امل ان تعود البسمة ؟ اليس من حق هذه المكونات اللاإسلامية ان يكون لها حريتها وتعيش حياتها الكريمة في ظل القوانين الوضعية للدولة البعيدة عن الشريعة الإسلامية ؟ متى نعيش في وطننا كبقية المواطنين وكبقية البشر في اوطانهم ؟
إنها عاصفة هوجاء نأمل نهايتها ، والأمل يجب ان يبقى قائماً لكي تستمر الحياة ، وبرأيي المتواضع ان قبس من النور يلوح في نهاية النفق الذي ادخلنا فيه نوري المالكي طيلة 8 سنوات ، وإن التشكيلة الجديدة لرئاسات الجمهورية والبرلمان والحكومة لهي بداية النهاية لتلك المرحلة الصعبة ، ونأمل ان ينهض العراق من كبوته ليحل فيه التطور والبناء والسلام في ربوعه والتعايش بين مكوناته .
د. حبيب تومي / اوسلو في 14 / 08 / 2014

21
بعد سقوط تلكيف وبغديدا وكرملش  ..فالصلوات والمؤتمرات لا تفيد يا سادة
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
ها هو التاريخ يكرر نفسه في هبوب عاصفة كاسحة تهدف وجودنا وقلع جذورنا من ارضنا ، الأرض التي ولدنا وترعرنا فيها ، علينا مغادرتها او نبقى فيها تحت احكام ظالمة .
 لقد تكررت مثل هذه الأهوال والأيام السوداء في التاريخ ، وكان الشعب يتلقى الضربة بالمقاومة وببعض الخسائر واحياناً تكون جسيمة لكنها لم تكن تهدف انهاء الوجود ، لكن هذه الموجة تهدف الى قلع الجذور من تربة الوطن ، فبعد الأستيلاء على بغديدا وتلكيف والتوجه الى برطلي وكرملش وباطنايا وباقوفا وتسلقف وألقوش ، يعني استهداف الوجود المسيحي والإزيدي بالمنطقة .
لقد كانت هنالك محطات عبر التاريخ تعرضنا فيها الى الضيم والقهر والتهديد ، ففي سنة 1401 م توجه تيمولنك نحو القرى والبلدات المسيحية التابعة للموصل فقتل عدد كبير من الاهالي ودمر قراهم .
وفي سنة 1743 بعد فشل نادر شاه الفارسي في احتلال الموصل يتوجه بحملة ظالمة ضد القرى والبلدات المسيحية لينتقم من كرمليس وبرطلة وبغديدا وتلكيف وباقوفة وباطنايا وتلسقف والقوش ، حيث هدم الكثير من الكنائس وأخذ النساء والأطفال سبايا الى ايران .
وفي عام 1832 كان حملة محمد باشا الراوندوزي الملقب ( ميريكور ) اي الأمير الأعور وهجم على قرانا وبلداتنا وفي القوش وحدها قتل 370 رجلاً عدا النساء والأطفال .
وفي سنة 1933 كانت مصيبة اخرى حينما احيطت القوش بالقوات الحكومية وقوات العشائر لفرهدة القوش إذا لم يسلموا الأثوريين اللاجئين المختبئين فيها ، وفي ذلك الوقت لا اتصلاات هاتفية ولا موبايلات ، تمكن سائق من القوش وهو المرحوم ( يوسف متيكا صارو الملقب ايسف سرسروكي ) من الأنفلات الحصار المفروض على القوش والوصول الى الموصل ليتجه الى كنيسة مسكينتا مقر البطريركية الكلدانية ( البطركخانة ) انذاك ، وهو في حالة انفعال ، قائلاً للبطريرك (مار يوسف عمانوئيل توما الثاني ) إن القوش مهددة وهي في خطر ، فقال له البطريرك : لا تخف يا ابني إن القوش يحميها القديسين ومريم العذراء ، فما كان من يوسف إلا ان يجيبه بعفوية قائلاً  : يا سيدنا البطريرك وانا في طريقي عبر الكنود شاهدت مريم العذراء حاملة إزارها وحذائها وهي هاربة من القوش . فبادر البطريرك بإجراء تصالاته الضرورية لوقف الأعتداء على القوش .
اليوم تعصف الموجة الكاسحة حيث لم يقف امامها القوات الحكومية المسلحة بأحدث الأسلحة ، ولم يقف امامها قوات البيشمركة التي تعتبر قوات ذات حرفية كبيرة ، وكانت تحمي المناطق المتنازع عليها التي معظم سكانها من المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين ومن الإزيدية والتركمان والشبك ، ومنها مدن السنجار وتلعفر وتلكيف وبغديدا ومنطقة سد الموصل وغيرها من المدن والقرى والمناطق في سهل نينوى ، وجميع هذه المكونات مهددة لاختلافاتها الدينية والمذهبية مع قوات وتنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) ذات التوجه الإسلامي السني المتشدد .
وفي سرعة كبيرة سيطرت داعش على مناطق مهمة من هذه المنطقة والمناطق الأخرى مهددة هذه المكونات التي تعتبر الحلقات الضيعفة في سلسلة المجتمع ، ومسألة احتلالها هي مسألة وقت إن استمر الأتجاه على هذا المنوال . فالأنسحاب من منطقة يجري بيسر وسهولة لكن العودة اليها صعب جداً ويكلف الكثير من الخسائر والضحايا .
إن هذا الوضع قد خلق وضع إنساني مأساوي تعرضت له هذه المكونات التي تمثل الأماكن الرخوة من نسيج المجتمع العراقي .
نحن البعيدين عن الساحة في الدول الأوروبية وامريكا واستراليا تظاهرنا ورفعنا اللافتات وشعلنا الشموع ، ودبجنا الكلمات والأشعار وصلينا في الكنائس ، لكن كل ذلك لن يجد نفعاً على ارض الواقع ، فما يتطلب في الوقت الحاضر هو استخدام الحكمة ، إن لم يكن بمقدورنا استخدام القوة .
في الوقت الحاضر فإن الدول المعنية والإعلام مشغولون بفلسطين واسرائيل وغزة ، وليس لهم الوقت الفائض ليصرفوه على مآسي الأزيدية والمسيحيين والشبك والتركمان . من هم هؤلاء قياساً بغزة ؟ إن الإعلام ايضاً مركز ومسلط على احداث غزة فلا احد يهتم بما يجري لهذه الأقليات المقطوعة من شجر ، مئات الآلاف منتشرين في العراء يفرشون الأرض  ويلحفون السماء لا احد ينظر الى مأساتهم .
ونحن المسيحيون من كلدان وسريان وآشوريين ماذا امامنا لنفعله ؟ نحن نفكر في الدرجة الأولى بالهجرة وهذا شئ طبيعي ، لكن الهجرة ليست بالسهولة التي نتصورها ، وماذا عن املاكنا وحلالنا ؟ وماذا عن تراب الوطن وعن بلداتنا ومدننا ؟ نحن لنا مشاعر نفكر كبقية البشر .
واسئلة نبادر لطرحها عسى ان تجد اذان صاغية .
اولاً ـ
هل يمكن ان نتسلح وندافع عن النفس كآبائنا ؟ لقد دافعنا سنة 1963 وما بعدها عن مدننا وقرانا بوجه القوات الحكومية المدججة بالسلاح وتستخدم الطائرات والدبابات مع المشاة من الجيش والجتا ضدنا ومع ذلك استطعنا مقاومتهم ببنادقنا القديمة مستفيدين من التضاريس الجبلية ومن معنوياتنا العالية .
ثانياً ـ
هل يمكن ان نتسلح ونحارب الى جانب قوات البيشمركة الحليفة حيث ان اقليم كوردستان اصبح المكان الأمين الوحيد في المنطقة فيه الملاذ الآمن للمسيحيين وبقية المكونات اللاإسلامية .
ثالثاً ــ
هل يمكن ان نتفاوض مع داعش لترتيب سلامة مدننا وقرانا كأن ندفع لهم بعض المبالغ لقاء سلامة وجودنا في مناطقنا ؟
رابعاً ـ
هل يمكن لمرة واحدة ان يلم شمل السياسيين ورجال الدين وبعض النخب في اجتماع موسع ، لكي يتوصلوا الى قرار يخدم مصير هذا الشعب المسكين الذي نطلق عليه اسم ( الأمة ) ؟
ـ عزيزي القارئ برأيي المتواضع إن الصلوات لا تكفي بل لا تفيد لإبعاد الخطر ، كما ان الأجتماعات والمؤتمرات التي تعقد بهدف مساندة هذه المكونات ومن بينها المكون المسيحي فهي عبارة عن مؤتمرات نزهة وولائم وكلمات فارغة  ليس لها اي صدى على ارض الواقع ، إنها مضيعة للوقت وبذخ للاموال لقراءة وسماع اقوال وكلمات وخطب مملة ومكررة  دون معنى
.
تحياتي
د. حبيب تومي / اوسلو في 07 / 08 /2014




22
القوش والمنطقة والأحداث المقلقة تجري بسرعة وتحطم الأعصاب
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habbeebtomi71@gmail.com
habeebtomi@yahoo.no
قلما اجلس امام شاشة التلفزيون لمتابعة برنامج او فلم او مسلسل ، والأخبار افضّل ان استقيها من الوكالات مباشرة ومن المواقع عبر الأنترنيت ، إن كان عبر مواقع شعبنا او من المواقع الأخرى ، وفي هذه الأثناء يستقر رأيي على موضوع ما ، لكي اكتب عنه مقال وفعلاً ابدأ الموضوع وأضع له عنواناً ، ويحدث اثناء الأسترسال في الكتابة ان اجد فسحة لمتابعة اخر الأخبار، إذ بسيل الأخبار الجارف يأخذني واجعل من الموضوع الذي استقر رأيي للكتابة عليه اراه ليس بالأهمية التي تستوجب الكتابة ، فأنتقل للكتابة عن الحدث الفلاني فهو يحمل اهمية اكبر وهكذا انا في دوامة في هذا الزمن الردئ ..
بالأمس واليوم كان الحدث الخبري يجري بسرعة وكلها تبعث على الأنزعاج والقلق الذي يقبض الصدر ويحطم الأعصاب ..  نقرأ على المواقع عناوين :
ــ مسيحيو الموصل يطالبون بترحيلهم إلى الخارج والهجرة توزع 275 حصة غذائية لهم في أربيل
ــ البطريرك مار ساكو : ندعو فرنسا الى ارسال مساعدات عاجلة لنازحي الموصل لضمان معيشتهم وبناء وحدات سكنية لهم في المناطق الآمنة .
ــ ازدياد الهجرة من بلدات سهل نينوى بعد حوادث الموصل الاخيرة .
ــ أمير الايزيدية يناشد أوباما وبارزاني لإغاثة سكان سنجار:
 نحن مسالمون ونحترم كل الأديان .
ــ «داعش» يمهل الإيزيديين في سنجار 24 ساعة لإعلان إسلامهم
ــ داعش يفجر مرقدا مقدسا لدى الايزيدية بُني قبل 700 عام في سنجار
ــ نجل بارزاني يقود معركة لاستعادة السيطرة على سنجار من "داعش"
ــ ائتلاف علاوي: المالكي فشل فشلا ذريعا في حماية العراق .
 ــ شنكال.. البيشمركة تشن هجوما على عناصر "داعش" من اربعة محاور .
ــ داعش يمهل البيشمركة ساعتين للانسحاب من سد الموصل .
ــ  الامم المتحدة تدعو لتعاون عاجل بين بغداد واربيل:
 داعش فجر ازمة انسانية في سنجار
قائمة الأخبار المقلقة طويلة قبل ان ننتقل الى المحافظات العراقية الأخرى والى احداث سوريا وليبيا وغزة واسرائيل ....
في هذه الدوامة كان التلفون ايضاً واسطة الأتصال المباشر مع الأهل والأصدقاء والأقارب ، ففي اتصالي مع اقاربي من بغداد افادوا : ان الوضع طبيعي ( اليوم ) ولكن لا ندري ماذا يضم لنا الغد ، وبعد ذلك كان الأستفسار عن الصحة والأحوال وهذه لا تحمل اهمية في هذا الوقت ، الذي اصبح فيه المحافظة على الحياة يأتي في المقام الأول ، الذي من اركانه الدفاع عن العرض والمال والدين . ولذلك اصبح السؤال عن الصحة والمعيشة من الأسئلة التافهة ، وليس من الضروري صرف الوقت عليها .
في معرض استرسال الحديث مع اقاربي في بغداد افادوا بأنهم سمعوا ان نقطة السيطرة في قرية بدرية القريبة من القوش ، والمؤدية نحو دهوك وزاخو قد تركها البيشمركة ، وإن داعش قد امهلتهم لترك الشيخان .
لكن في حديثي مع اقاربي في القوش وهم اقرب الى الحدث ، افاد احدهم ان الوضع طبيعي ، وحينما حدثته عن نقطة تفتيش البدرية فكذب الخبر بدليل ان السيارات والشاحنات الناقلة تسير بشكل طبيعي ولا يوجد شئ غير طبيعي على الطريق ، وقال انا الآن اتابع لعبة كرة قدم تجري على ملعب القوش .
 ولدى اتصالي بالقريب الآخر افاد ايضاً بأن الوضع طبيعي في القوش ، وإنه خابر اقاربنا في تلكيف وأفادوا بان الوضع طبيعي هناك ايضاً ، واستطرد : وإن حدث شئ فسوف اخذ العائلة الى دهوك .
الأحداث المقلقة تتسارع ولا مجال للتفكير ، وأنا شخصياً اريد ان اكون في قلب الحدث ، ولا افكر ، ولم افكر في حياتي في شئ اسمه الخوف ، لكن هناك مثل يقول : لا حاكم ولا حكيم ، فليس لك خيار إذ يجب إطاعة الحكيم ( الطبيب ) الذي ادخلني في هذه الفترة ثلأثة مرات الى المستشفى ، وأخبرته انني في القوش رغم دخان السكائر والنركيلة في النادي ، كانت صحتي عال العال ، وهنا في اوسلو في الهواء النقي والأهتمام الصحي ، إلا انني دائم المراجعة للطبيب والمستشفى .
المهم ، حينما اجلس لوحدي وأفكر في هذا الزمن الردئ حيث القوة الجسمية في تراجع مع مرور الوقت ، وهذا ناموس الحياة لا اعتراض عليه ، لكن الأعتراض هو على احوال الوطن الذي لا نقرأ فيه خبر مفرح عن بناء مدرسة او تبليط شارع او بناء جسر او مستشفى او افتتاح مسرح او .. او .. إنما معظم او جميع اخباره ، هي : المصادمات بين الجيش والمسلحين ، تصادم بين قوة من البيشمركة والدواعش ، تهجير المسيحيين ، خطف الشبك ، تفجير مرقد الإزيدية في سنجار . قتل .. تهجير ،، تفجير ، اختطاف ،، معارك طاحنة  .. مصادمات .. قصف .. سقوط قذائف هاون .. استيلاء .. انسحاب .. إنذار .. تفخيخ ... اختفاء ... نازحون .. مأساة انسانية ...الخ
هل نقرأ عن اخبار العراق غير تلك الأخبار ؟
هل هناك خبر يسر ويفرح المواطن العراقي ؟
كل العالم لهم اخبار عن البناء والأنجازات والمخترعات والأبداعات والسياحة والمهرجانات ، ونحن لنا اخبار الفساد والعنف والتشبث بالكرسي وسرقات المال العام ، الأصطفاف الطائفي ... كل فريق هو صاحب المقاييس والحقائق المطلقة ، كل فريق يريد إقصاء الفريق الآخر ، والقضاء عليه بالضربة القاضية . إنه عراق غريب عجيب ، بل انه عراق مجنون . وبعد كل ذلك ، الا تريد عزيزي القارئ ان نصاب بالسكر والضغط  وتحطم الأعصاب والقلق النفسي وانقباض الصدر والكآبة ؟ إن كان هذا حالي انا البعيد ، فما هو حال من يعيش الحدث وسط العاصفة ؟
دمتم بخير
د. حبيب تومي / اوسلو في 04 / 08 / 14




23
مظاهرة حاشدة للجالية المسيحية وأصدقائهم  في اوسلو لمناصرة  شعبنا في الوطن


اقيم يوم  السبت 2/8/2014 في اوسلو  تظاهرة حاشدة كبيرة   امام مبنى البرلمان النرويجي  احتجاجاً على ماحدث من تهديد وتهجير للمسيحيين العراقيين من قِبل المتشددين الإسلاميين مما أدى الى هروبهم الى خارج مدينة الموصل.
ابتدات المظاهرة من محطة القطار الرئيسية في ساحة النمر ومرورا في شارع كارل يوهان  وفي النهاية  اتجه الجميع الى مقر البرلمان النرويجي  لتسليمه رسالة تعبر عن معاناة  المسيحيين في العراق وتطالبه بمساعدتهم على الحماية و الامن.
تضمنت المطالب بداية بانه في عام  1914 حدث قتل ومذبحة للمسيحين في تركيا في العهد العثماني والان  وبعد 100سنة تتكرر الماساة للمسيحين في الموصل فهم يقتلوا ويرغموا على تغيير دينهم وتم الاستحواذ على ممتلكاتهم وطردوا من مدينتهم التي عاشوا فيها مع اباءهم واجدادهم
المطالبة من الحكومات الدولية ان تخرج من سكوتها تجاه ما يحدث في الموصل و ان تدافع عن المسيحين ويقدموا خدمات لهولاء المسيحين الذين يقتلون ويغتصبون ويتركون دينهم ويتم طردهم والاستحواذ على ممتلكاتهم من قبل داعش وكما ساعدوا  الاكراد 1991 وبوسنية 1993 وللالبان في كوسفو في 1999 و لجنوب السودان في 2011 وفي العام الماضي للاجئين في مالي
واخيرا نشكر كل الذين حضروا المظاهرة تضامنا مع المسيحين في الموصل والتي تبين رفضهم للظلم من قبل داعش .
 
الهيئة الأدارية لنادي بابل الكلداني في النرويج
 بالأشتراك مع الحركة الديمقراطية الاشورية وجمعية نينوى في النرويج

24
حلو الفرهود لو يصير يومية
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
كان عنوان المقال بالأمس الفرهود اليهودي واليوم الفرهود المسيحي والحبل على الجرار ، لكن ارتأيت ان اضع احد الأهازيج الشعبية عنواناً للمقال والذي يعني : كم هو الجميل الفرهود حبذا لو يتكرر يومياً .
في الحقيقة لا نريد الكتابة في مثل هذه المواضيع التي تدمي القلب قبل العين ، إنها نقاط معتمة من سلوك الأنسان اتجاه اخيه الإنسان ، لكن حجم الماساة والظلم الذي يتعرض له المسيحيون والمكونات الأخرى من اتباع الديانات الأخرى غير المسلمة ، تحرك المشاعر ولا تقبل السكوت ، يقول نابليون :
 العالم يعاني كثيراً ليس بسبب ظلم الأشرار ، لكن بسبب صمت الأخيار .
اجل ان اضعف الأيمان هو التعبير بشتى الطرق عن الأحتجاج واستنكار الظلم والقهر والقمع والتهجير القسري ، والفصل العنصري الديني  الذي يتعرض له شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن وبقية المكونات غير الإسلامية في بلد اسمه العراق .
في الحقيقة إن ثقافة الفرهود اي النهب والسلب كانت دائماً قائمة ، لكن اشير اليها دائماً على انها من الشرور ، وقد اعطي لهذا النهب والسلب اسماء اخرى لتصبح عمليات مقبولة شرعية ، فالعرب قبل الإسلام رغم ان جواً من حرية الفكر والمعتقد الديني كان سائداً في جزيرتهم قبل مجئ الإسلام ، حيث كان المسيحية واليهودية وعابدي الأصنام والأوثان يتعايشون جنباً الى جنب بوئام وسلام الى مجئ الإسلام ، حيث وضع حد للتعددية الدينية وفرض الدين الواحد في جزيرة العرب .
المهم ان طبيعة النهب والسلب كانت قائمة في المجتمع العربي قبل الإسلام لشن غزوات فردية وعشائرية ضد بعضهم البعض ، بغية تحقيق بعض المكاسب المادية عن طريق المباغتة والغزو . وهذا الفكرة تطورت بعد الإسلام تحت مسمى الغنائم لتتطور وتتوسع لتشمل النساء والأطفال والرجال إضافة الى النقود ومصوغات الذهب وغيره . وهذه الثقافة ظلت قائمة على مدى عصور ، كانت على شكل فتوحات إسلامية ، واليوم تحاول دولة الخلافة الإسلامية داعش تطبيق هذه النظرية بحق الناس المسالمين العزل من المسيحيين ومن غيرهم من اتباع الأديان الأخرى غير الإسلامية في الوطن العراقي .
قرأنا الكثير عن الفرهود اليهودي الذي وقعت احداثه الرهيبة يومي الأول والثاني من حزيران عام 1941 ، وكانت تلك الأحداث نتيجة احداث سياسية لا مجال لذكرها ، افرزت فراغ امني جرى استغلالها من قبل تلك المجاميع للهجوم على المكون اليهودي و( فرهدة ) ممتلكاتهم



وشن حملة تنكيل ونهب وسلب ضد المكون اليهودي الأصيل الذي يعود تاريخه العراقي 2500 سنة ومنذ سقوط الدولة الكلدانية ، حيث تعاقب على حكم بلاد ما بين النهرين عهود : الفرس واليونان والساسانيون ثم الأحتلال او الفتح الإسلامي والدولة العباسية والمغول والتركمان والصفويون والأتراك ، والأحتلال البريطاني ، والعهد الملكي حيث جرى تسفير اليهود عام 1950 وكان يبلغ تعداد اليهود منتصف القرن العشرين ( قبل التسفير ) اكثر من 180 الف نسمة معظمهم في بغداد ( مير بصري ـ يهود العراق ). وفي يومها يتغنى الشعراء بالتعايش والتسامح بين الأديان ، فيقول الشاعر جميل صدقي الزهاوي :
عاش النصارى واليهود ببقعة               والمسلمون جميهم اخوانا
لقد كتب الكثيرون عن ذلك الحدث الرهيب ونتائجه ونقتبس من إعداد مازن لطيف في :
التاريخ المنسي ليهود العراق المستدرك من ذكريات انور شاؤل ، دار ميزوبوتاميا ، سنة 2013 بغداد ص54 :
( .. تعرض المواطنون اليهود الى ملاحقات ومضايقات واعتداءات لم يسبق لها مثيل انتهت بتلك المجزرة الرهيبة في 1 و2 حزيران 1941 التي ذهب ضحيتها من اليهود ، حسب الإحصائيات التي توفرت في حينه ، 179 قتيلاً و2118 جريحاً ، وبلغ عدد ما نهب من الدور 1000 بيت ، ومن الحوانيت 2500 حانوت ... اما عدد الأشخاص الذين تضرروا نتيجة النهب فقد بلغ 40 الف متضرر .
 لقد شاعت في تلك الفترة بين العوام المستفيدين من هذه الظروف ذهنية الفرهو د وسلب اموال الناس فقد وردت اهازيج ومنها :
حلو الفرهود لو يصير يومية التي وضعها عنواناً للمقال واهزوجة اخرى بنفس المعنى :
الله اشحلو الفرهود يا إسلام       يا ريتة يعود كل سنة وكل عام .
نعم هكذا عاد الفرهود بعد 73 سنة اي 2014  في مدينة الموصل ، وكان الدور من حصة المسيحيين هذه المرة ولم يكن بتلك الفوضى التي تم في عام 1941 بل كان مدروساً هذه المرة وتم على يد قوات الدولة الإسلامية او ما عرف بداعش التي باتت تسيطر على مناطق واسعة من العراق



مدينة الموصل اليوم تعيش ايام الفرهود ، إن كانت داعش لا تفتك بالمسيحيين فإنها تجردهم من املاكهم ومقتنياتهم وكرامتهم وتفرض عليهم الهجرة القسرية كبديلاً لإبقائهم على دينهم وعدم فرض الجزية عليهم . في الموصل قصص مؤلمة مليئة بالخوف والأنكسار والعبثية والأستهتار بإنسانية الأنسان وكرامته وحقه في الحياة والتملك وحرية المعتقد .
بعد الأستيلاء على بيوت المسيحيين وكل ما داخل البيت من اثاث وملابس ومقتنيات كانت الحملات السرقة واللصوصية تكمل فصولها في في نقاط السيطرة ، وفي الوقت الذي ينبغي ان تكون تلك النقاط ( السيطرة ) مكان لحفظ امن المسافرين لكي لا يتعرضوا للاعتداء والسرقة في الطريق ، فإن افراد السيطرة نفسها يقومون بإعمال اللصوصية والسرقة تماماً كأي قاطع طريق ، ولكن هنا اللصوصية تكون مغلفة بالإطار الديني ، فكل ما يملك هؤلاء المساكين من نقود إن كانت دولارات او دنانير عراقية ومن مصوغات ذهبية حتى خاتم الزواج وموبايلات وباسيكلات اطفال وزجاجات حليب الأطفال وأدوية مرضى القلب ، وبعد كل ذلك سيارة العائلة ، اجل السيارة مهمة  فجميع هذه هي من ممتلكات الدولة الأسلامية عليهم تركها في السيطرة ، وعلى رب العائلة وبرفقة عائلته ترك كل ذلك والترجل مع افراد عائلته حيث يشاء ودون اعترض ، إنهم يطبقون شريعة الله .

 

دير مار بهنام
نحن لا نتطرق هنا الى الهيمنة على الأديرة والكنائس والعبث بمحتوياتها التاريخية وقدسيتها الدينية منها دير مار بهنام قرب بغديدا ودير ماركيوركيس في الموصل ودير مارميخائيل الكبير التاريخي في الموصل وغيرها من الأديرة والكنائس ، فكانت هناك ناحية اجتماعية تناقض ناموس الحياة في كل المذاهب والأديان والأعراف والقيم الأجتماعية في كل المجتمعات البشرية ، وهي وقوف الجار مع جاره اوقات الشدة والمحن ، ورغم سماعنا لبعض القصص بوقوف الجار المسلم مع الجار اليهودي في الفرهود الأول وفي الفرهود الثاني الذي كان مع المكون المسيحي ، إلا ان الجار المسلم بشكل عام كان الصمت المطبق يلفه حين الأعتداء على جاره المسيحي ، بل يكون هو الدليل للايقاع بجاره المسيحي . وهنا اقتبس فقرة من مقال سوسن الأبطح في الشرق الأوسط بتاريخ 27 /07 تكتب :
«داعش» ليس تنظيما أرعن، يوزع الموت والخراب في صحراء معزولة، لولا البيئات الحاضنة والسكوت المطبق، وأحيانا الدعم المحلي. أحد الفارين من الموصل يبكي قهرا أمام الكاميرا وهو يتحدث عن جيرانه الذين فرحوا بنبأ إخلاء المنزل: «أسعدهم أن يستولوا على بيتنا». كاتب من الموصل سطر رسالة مبكية يخاطب فيها المسلمين قائلا:
«نغادر الموصل مطرودين وقد أذلنا حاملو راية الإسلام الجديد، نغادرها لأول مرة في التاريخ، لا بد لنا أن نقدم شكرنا لأهلنا فيها، الذين كنا نعتقد أنهم سيحموننا كما كانوا يفعلون، وسيقفون بوجه عتاة مجرمي القرن الحادي والعشرين ويقولون لهم إن هؤلاء هم الأصلاء وهم الذين أسسوا هذه المدينة. كنا نطمئن النفس في أن لنا جارا عزيزا، وابن محلة شهما، وإخوانا تبرز أخلاقهم يوم الشدة .. لكننا خًذلنا




وهناك قصص كثيرة سمعناها لا مجال للتطرق اليها حيث تدل على معنى التفرقة الدينية بأبشع صورها ، وهذا يذكرني بالفصل العنصري الذي كان سارياً في جنوب افريقيا ، فأثناء عملي البحري حيث عطلت باخرتنا  قبالة سواحل مدينة كيبت تاون التابعة لجنوب افريقيا ، المهم في القصة اننا طاقم الباخرة نزلنا الى المدينة ونحن مجموعة اردنا دخول احد البنوك فلاحظنا اعتراض الشرطي امام الباب على احد بحارتنا واسمه حسين ، حيث كانت بشرته سمراء الى مائلة الى السواد ، فأخذت أجادله بأننا عراقيين وهذا عراقي ، وبعد إصرارنا وأخذ ورد سمح للبحار حسين بالدخول الى البنك الذي لا يسمح للسود بالدخول فيه .
ونقرأ عن حوادث مماثلة في اواخر الأربعينات من القرن الماضي بأن نلسون مانديلا كان يسافر برفقة ثلاثة من اصدقائه الهنود الملونين الذين كان يسمح لهم بالركوب في نفس الترام مع المواطنين البيض على يجلسوا في الدور الأعلى من القسم الخلفي للترام ، اما المواطنين السود فكان لهم ترام مستقل لهم يتوقف تشغيله ليلاً . لقد حاول جابي التذاكر ان يطردهم من الترام مخاطباً العمال الملونين الهنود  : القانون لا يسمح لكم باصطحاب شخص زنجي حيث لا يمكن لأي شخص ان يفعل ذلك سوى المواطنين البيض فقط .
طبعاً هذه تصرفات مشينة قد مضى زمنها ، ولكن يبدو ان الفصل العنصري الديني هو اشد قسوة وظلماً من الفصل العنصري على اساس بشرة الوجه ، والعجيب كل العالم كان يستنكر تلك التفرقة العنصرية ولا احد يستنكر ويشجب الفصل العنصري الديني الذي نعاني منه .
بقي ان نقول ما يخص موضوعنا إن فرهود الأمس كان جلياً واضحاً من يقوم به من العامة المسلحين بالسلاح الأبيض ، وإن من يقوم بفرهود اليوم هم نفس العامة لكنهم يحملون الأسلحة المتطورة الحديثة ، ويقومون بتلك الأفعال تحت برقع داعش ، ولو كشفنا عن هذا البرقع سيظهرون العامة أنفسهم فداعش ليسوا مقطوعين من شجرة وليسوا تنظيم منبوذ إنما هو تنظيم مرحب به في بيئة الموصل المجتمعية ، وإن البيوت التي صودرت من المسيحيين ستكون من الغنائم لأهل الموصل من الدواعش .
نعم المسيحيون بحاجة الى حماية دولية وإلا سيكون مصيرهم في حكم المنتهي ما دامت عقلية الفرهود ( الغنائم ) هي السائدة في هذا المجتمع .
ودمتم بخير
د. حبيب تومي / اوسلو في 28 / 07 / 2014








25
وأخيراً مدينة الموصل بدون مسيحيين في ظل خلافة الدولة الإسلامية
اين الصوت الإسلامي المعتدل من التفرقة العنصرية بحق المسيحيين في الموصل ؟

بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
بعد ان نشرت المقال في بعض المواقع تحت عنوان : اين الصوت الإسلامي المعتدل من التفرقة العنصرية بحق المسيحيين في الموصل ؟ فقد استجدت ظروف اخرى بين ليلة وضحاها ، إذ ورد خبر في CNN  يقول :
المهلة تنتهي السبت .."داعش" تخيّر مسيحيي الموصل بين الإسلام أو الجزية أو القتل وورد في الخبر :
 ( بغداد، العراق (CNN)-- أصدر المسلحون المتشددون الذين يسيطرون على مناطق واسعة في العراق وسوريا، تهديداً للمسيحيين العراقيين في مدينة الموصل، فإما أن يدخلوا في الإسلام، أو أن يدفعوا الجزية وفق أحكام الشريعة ، أو يواجهون الموت بحد السيف .




   الرسالة موجهة من الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروفة باسم "داعش"، وتم توزيعها على قيادات الأقلية المسيحية ، التي بدأت بالتناقص في الأيام الأخيرة.
 وتقول الرسالة بأن زعيم الدولة الإسلامية "الخليفة" أبو بكر البغدادي، وافق على السماح للذين لا يريدون الدخول في الإسلام ، أو دفع الجزية، بأن يخرجوا من المدينة بأنفسهم فقط ، خارج دولة الخلافة،  وذلك بحلول ظهر يوم السبت،  وبعدها بحسب التحذير الوارد في الرسالة فإن "السيف هو الخيار الواحيد.") .
حسب الرابط : http://arabic.cnn.com/middleeast/2014/07/18/isis-mawsil-christians-mesaage
هكذا يكون مصير اهل المدينة الأصليين يوضعون امام خيارات عسيرة ونحن في القرن الواحد والعشرين ، ويكون مصيرهم الهجرة وترك بيوتهم العامرة بعد ان كدحوا وعملوا طول العمر بعرق جبينهم جاءت الدولة الإسلامية لتصدرها بجرة قلم والسبب انهم مسيحيون ، وقرأنا ان خمس عوائل مسيحية بعد خروجهم من مدينة الموصل متجهين نحو اربيل ، خرج مجاهدو الدولة الإسلامية في العراق في نقطة سيطرة الشلالات عليهم وصادرت مبالغهم المالية مع مقتنياتهم الذهبية وأجهزة الموبايل التي بحوزتهم وحسب الرابط :
http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=745887.0
افادت مصادر موقع عنكاوا كوم  في الموصل بأن مسلحو الدولة الاسلامية في العراق و الشام – داعش قاموا بسلب خمس عوائل مسيحية و هي في طريقها الى اربيل.
واضافت المصادر بأنه تم سلب ثلاث عوائل منهم  مساء امس الخميس عند سيطرة الشلالات وهم في طريقهم الى اربيل و عائلتين  اخريتين صباح اليوم الجمعة وفي نفس المنطقة.
وقالت المصادر بان عناصر داعش قامت بمصادرة المبالغ المالية التي بحوزة العوائل و مقتنياتهم الذهبية و اجهزة الموبايلات.
وهكذا اعتُبرت اموال هؤلاء الفقراء بأنها غنائم حرب ينبغي مصادرتها .
والآن اعود الى المقال الأصلي الذي كتبته :
في العراق اختلط الحابل بالنابل على خلفية الصراع الطائفي وانقسم العراق جغرافياً وسياسياً وعسكرياً وقومياً ومذهبياً ، وليس هناك خلاف ونقاش وحوار هادئ ومنطقي بين المناطق الشيعية والسنية ، بل هنالك حوار بلغة قعقعة السلاح بمختلف انواعه من طائرات مقاتلة ومن طائرات الهيلوكبتر وقوات المحمولة جواً ومن مضادات الطائرات ومن دبابات ومدرعات وصواريخ ومدافع هاون وجميع انواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة ، هذا هو الوضع بكثير من مدن العراق المقسم ، والذي يفترض انه دولة واحدة تعيش فيها المكونات الدينية والعرقية والمذهبية العراقية من : عرب وأكراد وتركمان وكلدان وسريان وأرمن وآشوريين وشبك وأيزيدية وكاكائيين ومندائيين وسنة وشيعة وغيرهم على اساس ان هذه مكونات متآخية تحمل الهوية العراقية ، وفي الحقيقة هي مكونات متآخية لولا الصراع الدموي بين السنة والشيعة ، ونحن نذهب ضحية هذا الصراع الذي لا ناقة لنا فيه ولا جمل .
في الموصل بتاريخ 10 حزيران الماضي دخلت قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) واحتلت المدينة بزمن قياسي ،  وبعد ذلك تبدل اسم داعش الى دولة الخلافة الإسلامية ، ونحن المسيحيون ليس امامنا سوى الترحيب بهذه الدولة ، لأن الجيش العراقي بجبروته تقهقر امام هذه القوات ، وأهالي الموصل رحبوا بهم ، فنحن نرحب بهم ايضاً على ان يكونوا عادلين في حكمهم وان يعاملوا جميع العراقيين بمساواة وعدالة وليس بتفرقة دينية عنصرية .
ان ما قامت به هذه القوة انصب في قالب الأنتقام من المكون الشيعي في المنطقة مما حدا بهذا المكون العراقي بهجر بيوتهم واللجوء الى الأماكن الآمنة ، وهذا ينطبق كثيراً على اتباع الأديان غير المسلمة كالمسيحيين والأزيدية والشبك ، وما يخص هذا المقال ، فإن العوائل المسيحية القليلة المتبقية في الموصل رغم ابتعادها عن الصراع الدائر بين السنة والشيعة ، ورغم دعوتهم المستمرة الى الإخاء والمحبة ، إلا ان نصيبهم لم يكن قليلاً من عمليات الخطف واالتهجير والفصل العنصري ، ومنذ دخول قوات داعش الى الموصل زادت معاناتهم واحوالهم سوءاً ، فهذه القوات تفرض الشريعة الإسلامية على المسلمين وعلى غير المسلمين ، وليس هذا فحسب ، فقد تعرضت راهبتان مع 3 ايتام الى عملية خطف واطلق سراحهم بعد 17 يوم ، ويمكن ان نحسب عملية إطلاق سراحهم بسلام على انها نقطة ايجابية تغطي على عملية الأختطاف .
وليس هذا فحسب فكانت هناك عمليات الفصل العنصري الديني في كثير من المواقف ، ففي إجراء حرمت داعش على ابناء شعبنا العمل  في الملاكات الصحية والطبية في الموصل فقد ورد خبر من الموصل مفاده :
»إن تنظيم الدولة الاسلامية – داعش قد امر ادارات المؤسسات الصحية في مدينة الموصل بأيقاف عمل المئات من المسيحيين ممن يعملون كأطباء وممرضين .
واضافت المصادر بان العديد من الموظفين في الملاكات الطبية و الصحية تلقوا توجيهات شفوية من مدراء المستشفيات والمراكزالصحية في المدينة بعدم الدوام والى إشعار اخر.
وتأتي هذه الاجراءات ضمن سلسلة من المضايقات على ابناء شعبنا في الموصل بعد استيلاء داعش على المدينة.
حسب الرابط ادناه   :                                                                                 
http://www.ankawa.com/index.php/ankawaforum/index.php?topic=745377.0
كما كان ثمة اجراء آخر يدل على التفرقة العنصرية بسبب الهوية الدينية مفاده ان الجوامع توفر اسطوانات الغاز لأهالي الموصل وتستثنى من ذلك المسيحيين ، علماً ان الكنائس حينما توزع المساعدات وتكون مخصصة للعوائل المسيحية فتمنح قسم منها للعوائل المسلمة المتعففة دون تفرقة .
اكثر من ذلك فتفيد الأنباء ان عناصر الدولة الأسلامية ابلغوا وكلاء الحصة التموينية بقطع مفردات الحصة التموينية عن العوائل المسيحية والشيعية .
هذا بالإضافة الى الإستيلاء على مقر المطرانية والأستيلاء على بيوت عائدة لمواطنين مسيحيين ، وغيرها من المعاملات المنافية لأبسط حقوق الأنسان والمواطنة ولعل اكثرها ايلاماً تلك التفرقة العنصرية التي يشيرون الى بيت المسيحي بحرف (ن ) اي نصراني والى عبارة تقول (عقارات الدولة الإسلامية ) فقد اكد عدد من مسيحيي الموصل الساكنين
 في منطقة حي العربي شمال شرقي مدينة الموصل ان عناصر ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام داعش  قاموا بوضع عبارة (عقارات الدولة الاسلامية ) على منازلهم مع حرف (ن) في اشارة الى ان مالك هذا الدار هو (نصراني ) أي مسيحي واضاف عدد من ابناء شعبنا ان هذا الاجراء يعزز اجراءات عناصر داعش في الأستلاء
 على منازل المسيحيين ومحاولة طردهم منها مع عدم تمكنهم من التصرف بها من خلال بيعها للاخرين.

 كما اكد اخرون انهم رغم اشغالهم تلك الدور فان عناصر داعش قامت بوضع علامة دائرة وفي داخلها حرف (ن) .. كما تم تزويدهم باستمارة معلومات تتضمن استفسارات عن عدد افراد الاسرة واعمارهم.. وحسب الرابط
بط : http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=745701.0
 
 
إن هذه الإجراءات منافية لحقوق الأنسان وهذا يذكرنا بإجراءات المانيا النازية التي اتخذت بحق اليهود في اثناء الحرب العالمية الثانية حيث كان يفرض على اليهود في المانيا  وفي الدول التي تحتلها المانيا
تفرض عليهم وضع علامة نجمة داود على ملابسهم الخارجية لتفريقهم عن المواطنين الآخرين كما يظهر في الصورة 

From 19th September, 1941 Jews in Germany and occupied countries were required to wear the Star of David in public as the Nazi racial laws had produced much hardship
لقد درسنا وصادقنا وتعاملنا مع مسلمين بأعمال تجارية وعلاقات صداقة اجتماعية إن كانت علاقت شخصية او عائلية ، وجرت بيننا معاملات تجارية وبيع وشراء بيوت وعقارات مع مسلمين ولم نسمع يوماً ، بأن بيوت المسيحيين هي ملك الدولة او هي حلال للمسلمين ، علماً ان الدولة العراقية في كل مراحلها تشير في المادة الأولى للدستور انها دولة إسلامية .
وهنا يتبادر الى الذهن سؤال : يا ترى من هو المسلم الحقيقي ؟ هل هو المسلم الذي يعالمنا كمواطن وكصديق ولا يطمع ولا يستولي على املاكنا واموالنا ؟ ام المسلم الذي يستولي ويغتصب اموالنا وبيوتنا وحلالنا ؟
في الموصل وفي المدن العراقية هناك مسلمون معتدلون ، يعاملون غيرهم من اتباع الأديان الأخرى غير الأسلامية يعاملونهم كبشر مثلهم ، والمسلمون يجب ان يكونوا كبقية البشر ليسوا افضل من الآخرين ولا الآخرين افضل منهم ، الناس سواسية كأسنان المشط .
الا ينبغي بهذه الحالة ان يرفع المسلمون المعتدلون من السنة والشيعة ، أن يرفعوا اصواتهم لمناصرة المظلومين من الأديان الأخرى ؟ إن لم يكن بالتظاهر والأحتجاج فعلى الأقل بأساليب اخرى ، فمتى نقرأ مقالة لكاتب ؟ ومتى نسمع خطبة من رجل دين مسلم يرفع صوته ضد الظلم بحق الأقليات الدينية في الوطن العراقي وفي بقية الدول الأسلامية ؟ إننا لم نلمس شئ من هذا القبيل من المسلمين المعتدلين لحد الساعة .
المسلمون يهربون من الظلم في اوطانهم ويلجأون الى الدول الغربية المسيحية وهناكك يزاولون حريتهم بحرية افضل ويأخذون حقوقهم افضل من اواطنهم ، بينما ابن الوطن المسيحي او غيره من اتباع الأديان الأخرى يلاقي معاملة بعيدة التعامل الإنساني من الإنسان المسلم وهو ابن الوطن قبل المسلم وليس لاجئاً .
اليوم مدينة الموصل تعيش حالة فصل عنصري كامل ، فأين المفر ، اين يهرب الإنسان من ظلم اخيه الأنسان ؟ إن الحقد الديني والكراهية يؤديان الى ظلم البشر للبشر وهو يؤدي الى المزيد من الحقد ، حقد الإنسان ضد اخيه الأنسان ، وانا لا اتكلم فقد بين المسلم والمسيحي او الإيزيدي او المندائي بل حتى بين المسلم والمسلم كما هو الحال اليوم بين السنة والشيعة ، وعلى المسلمين المعتدلين ان يكون لهم كلمة وصوت في هذه المأساة التي يتعرض لها العراق اليوم .
د. حبيب تومي اوسلو في 19 / 07 / 2014

26
العقلانية في احترام بغداد لإرادة الشعب الكوردستاني بعد الأستفتاء الشعبي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
قبل ايام طرح الرئيس مسعود البارزاني دعوة للاستعداد لإجراء استفتاء على حق تقرير المصير ، ففي خطاب له في البرلمان الكوردستاني قال :
إن كوردستان لا تتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بأي شكل من الأشكال، وان المتسببين هم من يجب أن يتحملوا المسؤولية، وانه اليوم أتيحت فرصة سانحة للشعب الكوردستاني ليقرر مصيره بنفسه، وهذا حق دستوري ويكفله الدستور العراقي حيث جاء فيه إن الالتزام بهذا الدستور يضمن وحدة العراق.
وقد طالب الرئيس بارزاني خلال كلمته الإسراع في المصادقة على مشروع قانون المفوضية العامة المستقلة للانتخابات في كوردستان وتشكيل الهيئة وأن يستعد البرلمان الكوردستاني لمستلزمات إجراء الاستفتاء حول تقرير المصير.
راجع الرابط ادناه : ـ
http://www.krg.org/a/d.aspx?s=040000&l=14&a=51814
بعد هذه المقدمة يتعين ان نقول ان الأكراد مثل باقي شعوب المنطقة والعالم لهم حق تقرير المصير ، ولهم حق تكوين دولة او دولهم القومية على امتداد وطنهم التاريخي إن كان في العراق او تركيا او ايران او حتى سورية ، وإن كان العرب يعتقدون بأنهم ضحية اتفاقيات سايكس ـ بيكو المبرمة عام 1916 فإن باقي المكونات يشعرون بهذا التهميش ومنهم الأكراد الذين انقسموا في الكيانات السياسية الناجمة عن تلك الأتفاقيات .
ان الحرب التي اندلعت عام 1914 اطلق عليها الحرب العالمية الأولى لتوسع مساحة الحرب ولكثرة عدد الدول المتورطة فيها حيث بلغ عدد الدول المشاركة في الحرب من مختلف القارات 30 دولة صغيرة وكبيرة ، وكان من نتائجها سقوط امم وقيام امم  ،فمثلاً انهارت الأمبراطورية العثمانية ( الرجل المريض ) ، وظهرت فكرة القومية العربية ذات النزعة الأستقلالية لتحل محل الرابطة الإسلامية في زمن سلاطين الدولة العثمانية ، ومن المعطيات الأخرى اكتشاف النفط في المنطقة ومعرفة اهميته في الثورة الصناعية ، فرسمت ملامح جديدة للمنطقة ، وكان ذلك جلياً في معاهدة سايكس بيكو الآنفة الذكر ، حيث جرى تقسيم المنطقة بمقياس مصالح الدول المنتصرة وفي مقدمتها بريطانيا العظمى وفرنسا .
القوميات الأخرى شعرت بالغبن والتهميش وفي المقدمة الشعب الكوردي ، حيث ضغط ليكون له موطئ قدم بعد الحرب وفي عام 1920 كانت هنالك معاهدة ابرمت في ضاحية سيفر القريبة من باريس عرفت بمعاهدة سيفر ومن بين مواد هذه المعاهدة كانت مواد 62 و63 و64 على حقوق الشعب الكوردي وحقوق الأقليات القومية الأخرى ومنها حقوق شعبنا الكلداني ، حيث ورد في المادة 62 :
تتولى هيئة تتخذ مقرها في استنبول مكونة من ثلاثة اعضاء تعينهم حكومات كل من بريطانيا وفرنسا وأيطاليا للتحضير اثناء الأشهر الستة الأولى التي تعقب تنفيذ هذه الأتفاقية ، لوضع خطة لمنح حكم ذاتي على المناطق التي تسكنها غالبية من الأكراد والتي تقع في شرق الفرات والى جنوب الحدود الأرمنية التي تحدد فيما بعد ... وينبغي ان توفر الخطة ضمانة كاملة لحماية الآشوريين والكلدانيين والجماعات العراقية او او الدينية الأخرى في المنطقة ..الخ .
بعد سقوط النظام في نيسان 2003 استجدت ظروف بجهة التقسيم الطائفي وتردي الأوضاع الأمنية ، ورغم ما خصص لهذا الجانب من مليارات الدولارات من ميزانية الدولة العراقية بهدف إنشاء جيش عراقي وقوات امن تحافظ على كيان العراق خارجياً وداخلياً ، لكن يبدو ان البناء شيد على اسس طائفية ولهذا لم تثمر كل تلك المبالغ في تأسيس مؤسسة عسكرية مهنية مخلصة لمفهوم الوطن العراقي ، وقد شاهدنا كيف انهارت دفاعات الجيش العراقي في الموصل المدينة العراقية الثانية بعد العاصمة ، كيف انهارت وسلمت لقوات داعش دون إطلاق طلقة واحدة .
المهم في الظروف المستجدة بعد سقوط الموصل ومدن اخرى ، طفت على السطح وبشكل جدي مسألة الأستفتاء الشعبي في اقليم كوردستان . الملاحظ ان الأكراد متعلقين جداً بالرابطة القومية الكوردية ، وبنظري فإن حدث استفتاء حول الأستقلال ستكون ثمة نتيجة كاسحة في صالح تقرير المصير ، وإن الأرتهان على اختراق الأكراد وإن تعددت وجهات النظر لديهم ووجود بعض الفروقات في المواقف  بين اربيل والسليمانية ، ففي المسألة المصيرية القومية لا خلاف حولها .
من المؤكد ان القيادة الكوردية لها تصورات واقعية على حجم الصعوبات التي تعتري طريق تأسيس مثل هذا الكيان ، ومن زمن القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني كانت المنطقة تسير وفق مصالح وألاعيب الأمم ، فجمهورية مهاباد التي كان البارزاني الأب احد ابطالها سنة 1946 فقد افل نجمها بسرعة بسبب لعبة الأمم يومذاك .
لا شك ان القيادة الكردية تقدر حجم العقبات والمصاعب التي تعتري سبيل اعلان الدولة الكوردية ، فالرغبة الجامحة للشعب الكوردي في الأستقلال ربما لا توازي الصعوبات الناجمة عن هذا الأعلان ، فاليوم كما في الأمس كانت الولايات المتحدة وتركيا وإيران والعراق هي العوامل المؤثرة في المنطقة وفي المسألة الكوردية على وجه الخصوص . ويمكن الإشارة الى بعض العوامل المؤثرة ولاشك ان القيادة الكوردستانية لها تصور لحجم تلك المؤثرات . ويمكن ملاحظة هذه الجوانب المؤثرة بشكل مباشر :
اولاً : ـ
موقف تركيا الرافض بشكل دائم لأي توجهات في إعلان الأستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد ، لأن نزعة الأستقلال هذه لو تمت في اقليم كوردستان سوف تشكل حافز لنقل العدوى الى 20 مليون كوردي في الدولة التركية الذين يسعون بشكل دائم لنيل حقوقهم ، وإقامة دولتهم القومية المنشودة كبقية شعوب المنطقة .
ومع ان تركيا شريك اقتصادي كبير والمستفيد الأول من اقليم كوردستان ، ورغم انها ( تركيا) ساعدت في تصدير بعض نفطهم ، لكن مع كل ذلك تعارض الأستقلال لانه يسبب تأجيج مشاعر الأستقلال لدى اكراد تركيا .
ثانياً : ـ
موقف أيران لا يقل اعتراضاً للعملية عن الأتراك ، فأكراد ايران يشكلون القومية الثالثة بعد الفرس والتركمان الأذاريين ، وكان للاكراد تجربة مريرة مع الفرس يوم قمعت جمهورية مهاباد الكوردية وعمرها 11 شهر وذلك سنة 1946 .
ثالثاً :ـ
 انكماش الأقتصاد الكوردستاني في الآونة الأخيرة بسبب التلكؤ في دفع رواتب موظفي الخدمات المدنية بعد توقف بغداد عن صرف المدفوعات الى حكومة الأقليم ، مع صعوبات بيع النفط في الأسواق الدولية بسبب ضغوطات الولايات المتحدة وتهديدات بغداد بمقاضاة اي مشتري يشتري النفط دون تصريح من الحكومة العراقية .
اليوم تعاني كوردستان من ازمة في مخزون البنزين واقتضى ذلك ترشيد الأستهلاك فكان الوقوف لساعات طويلة للتزود بالوقود والسبب الرئيسي يعود الى العجز في تكرير النفط في الداخل للاستخدام المحلي ، وكان يجب الأنتباه لهذه الناحية ، حيث ان الأنتاج الصناعي لا سيما في مجال مشتقات النفط وفي الصناعات البتروكيمائية المهمة ، وهذا الجانب هو اهم من الأهتمام بالبناء العمراني الذي لا يشكل اهمية كبيرة في مسالة الأكتفاء الذاتي .
رابعاً :ـ
 العلاقة مع المركز : ويمكن اختصار هذه العراق بأن اقليم كوردستان هو جزء من العراق الأتحادي ، ولهذا يترتب ان تكون هنالك حقوق وواجبات ، وللأقليم علاقات مع المركز يحددها الدستور ، ولكن في محطات كثيرة اعترى هذه العلاقات توترات ومشاكل ، اليوم ينبغي على الأقليم ان يختار رئيس جمهورية للعراق كوردي وهي حصة الأقليم من المناصب السيادية حيث جرى الأتفاق غير المكتوب ، ان يكون رئيس الوزراء شيعي ورئيس البرلمان سني ورئيس الجمهورية كوردي ، وعليه ان يساهم في العملية العراقية .. الخ
لكن نلاحظ ان العراق ممزق ومقسم تحت شريعة القوة والسلاح ، ها هي خلافة الدولة الإسلامية تدخل بقوة على الخط وتفرض واقعاً ليس من السهل إزالته ، وكوردستان تحت ضغط الشعب الكوردستاني مطلوب لإجراء استفتاء شعبي يقرر مصير اقليم كوردستان . ويبدو ان هذا واقع تفرضه الظروف الموضوعية السائدة . وعليه من الحكمة اللجوء الى الخطوات السلمية ، بحيث تكون عملية الأستفتاء ونتائجها مقبولة من كافة الأطراف لا سيما جانب حكومة العراق الأتحادي .
لقد جرى في كانون الثاني ( يناير ) 2011 استفتاء لشعب جنوب السودان ، بهدف الأنفصال بدولة مستقلة عن السودان ، وكان تصويت الأغلبية لصالح الأنفصال ، وفعلاً جرى في وقتها احتفال كبير بهذه المناسبة بحضور ممثلين عن المؤسسات الدولية والأقليمية والأفريقية ، بالأضافة  الى بان كي مون الأمين العام للامم المتحدة والرئيس السوداني عمر حسن البشير . وفي الحقيقة كان هذا القرار عين العقل ، فمن الأفضل ان يتم الأنفصال عن طريق التفاهم وبالطرق السلمية ، وأن تكون هناك علاقات وثيقة بعد الأنفصال ، فلماذا تسود علاقات المخاصمة والعداوة إن كان هذا قرار وإرادة الشعب الكوردي فينبغي ان تحترم هذه الإرادة ، اما وضع الأسقلال على اسس من العداوة لا شك ان الأستنزاف سيكون سيد الموقف للعراق ولإقليم كوردستان المستقل .
برأيي المتواضع انه يترتب على الحكومة العراقية ان تحل المسألة بندية وعدالة وتراعي رغبة الشعب الكوردستاني ، وان يتم الأستفتاء بموافقتها وتقبل بالنتيجة ، وأن يجري الأستقلال بالطرق الدبلوماسية دون إثارة اي خصومات او مواقف عدائية ، وأن تسود علاقة التعاون والأخوة بين الشعبين إن كان في حالة استقلال الأقليم او في ظل دولة عراقية مستقرة وديمقراطية وموحدة .
د. حبيب تومي / اوسلو في 09 / 07 / 2014

27
لا لدولة إسلامية هدفها هدم الكنائس وظلم اتباع الديانات الأخرى
بقلم د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi@gmail.com
ونحن نلوج في العشرية الثانية من القون 21 تتعالى الدعاوي والأصوات بضرورة إعادة المجد الإسلامي عن طريق تأسيس دولة إسلامية في العصر الحديث وذلك على غرار الدولة الإسلامية القديمة قبل 1400 عام ، وبدأت المظاهر العملية لهذا التأسيس في الربيع العربي ، الذي ترجم على انه ربيع إسلامي وكاد ان يولد دولة إسلامية في مصر على يد الإخوان المسلمون ، إلا ان انفاسها اخمدت وهي في المهد من قبل الجيش والشعب المصري ، فلم يثمر لحد اليوم اي دولة اسلامية من التي قرأنا عنها في التاريخ .
ومن قراءتنا للتاريخ عرفنا ان الإسلام نشأ على يد نبي الإسلام محمد بن عبدالله بن عبد المطلب من عشيرة قريش ، وكان ذلك في صحراء الجزيرة العربية في المجتمع البدوي الذي كان يمتهن الرعي وطبقة صغيرة منه تزاول التجارة ، ولا يتقن الزراعة او الصناعة ، وفي اواسط القرن السابع الميلادي كان نبي الإسلام محمد قد اثبت حكمه في ارجاء جزيرة العرب ، وكانت الثقافة المنتشرة في جزيرة العرب ، الفقيرة في مياهها ومواردها ، هي ثقافة بدو الصحراء في الغزو بين العرب انفسهم لكسب بعض المغانم البسيطة المتوفرة لديهم يومذاك ، ولكن بعد الإسلام توسعت تلك  الأحلام للاتجاه لأصحاب الحضارات المتقدمة ( الرومان والفرس ) ، فكان بدو الجزيرة غير مصدقين ان يخرجوا من فقرهم الى الأرض المليئة بالكنوز والخيرات الوفيرة .
 لقد كان كسب الأموال والمغانم وسبي النساء هي الدافع الأكبر في الأندفاع العربي الإسلامي  نحو الغزوات وكان الدين غطاءً لهذه المكاسب ، لقد قال نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة : ( أغزوا تبوك تغنموا بنات الأصفر ونساء الروم ) .
هكذا كان سبي النساء والبنات الروميات الشقراوات والأسلاب من الأسباب  الرئيسية في التوسع الإسلامي ، وهكذا دأبت الدولة الإسلامية على  غزواتها وفتوحاتها ، واستطاعوا في وقت قصير نسبياً من بناء امبراطورية عربية إسلامية لتغطي نصف العالم ولينشروا دين الإسلام وأن يملؤا مخازن بيت المال من اموال الشعوب المحتلة ، وكان من نصيب الشعوب التي لم تترك دينها وتدخل في الدين الجديد ان فرضت عليهم ضريبة الجزية مع احكام عرفت بأحكام اهل الذمة التي تدني من قدر الإنسان ولا تحترم كرامته الإنسانية . وهذا هو سر الأنضمام الى الدين الجديد عبر الأجيال ، فكانت الزيادة في عدد السكان المسلمين وانخفاض في عدد السكان من الأديان الأخرى : اليهودية والمسيحية والمندائية والإيزيدية لحد اليوم .
الإسلام الآن

اليوم يختلف وضع العالم الإسلامي ، إنهم ليسوا في جزيرة مقفرة وليسوا بدو رحل وليسوا اصحاب قطيع صغير من الأغنام ، ولا يمتهنون الصيد البحري لكسب رزقهم ، اليوم للعرب ورادات هائلة من النفط الذي يستخرج من البلاد العربية ومن المملكة العربية السعودية بشكل خاص ، فالعربي لم يعد بحاجة الى الغنائم والأسلاب من العالم ، ومن ناحية الدين فإنهم ينشرون الدين الإسلامي في الدول المسيحية ، ومقابل ذلك هم لا يسمحون للمسيحيين بالتبشير بديانتهم المسيحية في الدول العربية والإسلامية ، وبينما نجد الآف الجوامع والحسينيات قد بنيت في اوربا وامريكا بينما الدول العربية لا يقبلون ببناء كنيسة واحدة على اراضيهم ، وأجد مئات الآلاف من النسخ من القران تطبع في اوروبا وتوزع بكل حرية بينما لا يجوز ترويج الأنجيل في الدول الإسلامية ، بل ان حمل الأنجيل من الجرائم الكبيرة التي تصل عقوبة حاملها الى الإعدام .
نحن نقرأ عن حوار الأديان والحضارات ، ولا ادري كيف يكون هذه الحوار ، في الوقت الذي يأخذ المسلمون حريتهم الدينية والأجتماعية في الدول الغربية المسيحية ، بينما الدول العربية والإسلامية لا توفر واحد بالمئة من الحرية الدينية  لأصحاب الأديان الأخرى ، فالسعودية تبني مئات الجوامع في الدول الأوروبية ، بينما هي لا تسمح ببناء كنيسة واحدة على اراضها لمليون ونصف المليون مسيحي اجنبي يعملون على اراضيها ، والسعودية تدعي دائماً على انها دولة معتدلة تدعوا لحوار الأديان ، فأي نوع من الحوار تدعو اليه لست أدري ، وعلى  الأرجح هو من نوع : تريد ارنب خذ ارنب تريد غزال خذ  ارنب .
الصحوة الإسلامية اليوم
 
بعد سقوط النظام في عام 2003 شعر السنة بغبن كبير في وطنهم العراقي ، فإنهم كانوا هم السادة في العراق ، لكن يبدو بعد سقوط النظام كان يعني سقوط لتلك السيادة ، وأصبح السنة مواطنون عاديون اي ليس من درجة (السوبر) إن صح التعبير ، كما ان الشيعة الذين منح الحكم لهم على طبق من ذهب من قبل الأمريكان ، فإنهم لم يكونوا اهلاً للمسؤولية ، تماماً كما فعل الأخوان المسلمون في مصر حينما استلموا الحكم ، سارعوا على ( اخونة ) كل شئ ، فمصر يجب ان تخدم اجندة الأخوان وليس العكس ، فكانت نكستهم التي كانوا السبب الأول فيها ، هكذا الشيعة في العراق ، رغم موقفهم المعتدل نوعاً ما بالنسبة لعلاقاتهم مع المكونات الدينية غير الإسلامية كالمسيحيين والمندائيين والإيزيدية ، لكن كان لهم موقف حدي بالنسبة لمكونات الشعب العراقي ، ونفخوا في الرماد ليظهر جمر العداوة التاريخية بين السنة والشيعة ، لقد اختزلوا الوطن في مكون الشيعة ، وأصبحت المظاهر الدينية الشيعية وكأنها المظاهر الدينية لكل العراقيين .
 لقد قادت الطبقة السياسية الشيعية ، عملية سياسية عراقية فاشلة ، ورغم مرور 11 سنة عليها فقد فشلت في جمع اللحمة العراقية بل وسعت في الهوة الطائفية ، وفشلت في بناء بنية تحتية ، وفشلت في تقديم الخدمات من النوع الجيد للمواطن العراقي ، كما اخفقت في ردم هوة الخلاف مع اقليم كوردستان ، ولم يكن للحكومة العراقية اي قراءة صائبة للواقع العراقي ، بل كانت قراءة حزبية طائفية لا اكثر وكانت النتيجة ، أيصال العراق الى حالة التقسيم ومن الصعوبة بمكان العودة الى ما قبل غزوة داعش للموصل في العاشر من الشهر الحالي ، حيث انقسم العراق عسكرياً الى المنطقة الكوردية المعروفة باقليم كوردستان ومعها المناطق المتنازع عليها بما فيها مدينة كركوك .
ومنطقة ثانية وهي منطقة السنة التي تمركزت في الموصل وصلاح الدين والأنبار وكل منطقة ومدن حوض الفرات ، ومنطقة الشيعة المرتكزة في المحافظات الوسطى والجنوبية .
من الواضح للعيان ان هناك عدة جهات دولية ضاغطة ولها مصالحها ونفوذ في العراق ، وفي الوضع الجديد في الموصل والمناطق القريبة من مدننا وقرانا فهناك فرض واقع جديد للحياة يتعلق بحياة المرأة والأقليات والفن وأسلوب العيش والعبادة ، فهم ( دولة الإسلام في العراق والشام : داعش ) معنيون بهدم المعالم الفنية والثقافية باعتبارها رموزاً شركية ، ولتفرض على غير المسلمين نمطاً معيناً من اللبس والعيش .
 إن الذي يساعدهم على ذلك هو البيئة الدينية المحيطة ، فبعد اكتسابهم لأرضية او موطئ قدم في الموصل كان الترحيب بهم ، وزيادة على ذلك كان  خطباء جوامع يباركون لداعش سيطرتها على الموصل و يدعونها لطرد المسيحيين  والمكونات الاخرى من المدينة ، وقد تناقل موقع عنكاوا خبراً مفاده :
أن عددا  من خطباء الجوامع في الجانبين الايمن و الايسر من مدينة الموصل يوم امس الجمعة باركت ما قامت به المجاميع المسلحة التابعة للدولة الاسلامية في العراق و سوريا – داعش من احتلال المدينة. و اضافت المصادر بان الخطباء طالبوا داعش  بتطبيق الشريعة الاسلامية وطرد "الكفرة و النصارى و المكونات الاخرى من المدينة"
حسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=743252.0
كيف نفسر هذا الموقف من رجال الدين في الموصل ؟ المسيحيون من الكلدان والسريان  والآشوريين ، ابناء هذا الوطن الأصليين ؟ أقل ما نقول عنه انه موقف غير واقعي وغير منطقي وغير وطني ، وإلا كيف يوصف ابن الوطن بهذا التوصيف لسبب عنصري واحد وهو انه يختلف عنه في الهوية الدينية .
نحن الكلدان وبقية مسيحيي العراق نقف بين سندان الشيعة ومطرقة السنة ، وليس لنا اي مصلحة في الخلاف المذهبي بين الطرفين ، نحن نريد ان يسود السلم بين الطرفين لكي ينعم العراق بالسلم والأمان ولكي يتفرغ للبناء والتعمير كما هو اقليم كوردستان . نحن نقف بين نارين وغالباً ما يصلنا الكثير من ذلك النار .
نحن نتساءل دائماً اليس الأفضل للسنة والشيعة في العراق ان يتفاهما ؟ وينهيا العداء التاريخي ولغة الثأر والأنتقام السائدة بين الطرفين على مدى عقود عشناها ، ومن المؤكد ان جذورها ممتدة الى قرون ..
إذا خرجنا من الموصل ونتوجه الى المناطق المتنازع عليها المشمولة في المادة 140 من الدستور نلاحظ ان هذه المناطق هي اخطر المناطق في العراق إذ يقول المحللون ودبلوماسيون بأن مشكلة هذه المناطق هي من اخطر التهديدات لأستقرار العراق على الأمد البعيد ومن الناحية الدينية وفي مجال التطهير الديني نلاحظ ان الأنظار توجهت الى نحو مدينة مسيحية كبيرة وهي مدينة قرقوش الآمنة حيث استهدفت بالقصف المدفعي العشوائي  من قبل مسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) وتصدت لهذه الهجمة قوات البيشمركة ، لكن ذلك لم يمنع الألاف من سكان المدينة بالرحيل منها والتوجه الى اربيل حيث خصصت حكومة الإقليم بالتعاون مع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية مركزا لإيواء هذه العوائل في منطقة عينكاوا التي تسكنها غالبية مسيحية .
نحن مع دولة مدنية ديمقراطية عراقية تراعي مصالح ومصائر الجميع دون تفرقة ، وبنفس الوقت إذا فرضت دولة دينية فنحن لسنا مع او ضد تأسيس دولة إسلامية معاصرة على ان لا تكون على حساب المكون المسيحي وبقية المكونات الدينية غير الإسلامية .
د. حبيب تومي / اوسلو في 29 / 06 / 2014

28
سقوط نينوى ونهاية العراق الواحد ومصير شعبنا الكلداني وبقية المسيحيين
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
دولة العراق التاريخية المعروفة ببلاد الرافدين او بين النهرين (  Mesopotamia ) ميزوبوتاميا ويقول عنها ادي شير ص1: ان ارض ما بين النهرين هي البقعة الكبيرة التي يكتنفها الدجلة والفرات وتسمى في سفر الخليقة بأرض شنعار ويدعوها الكلدان بيت (نهراواثا) او بيث نهرين والعرب الجزيرة واليونان والروم ميزوبوتاميا .. تأسست دولة العراق قبل آلاف السنين نجدها اليوم تترنح لتواجه انقساماً خطيراً ، فبعد ان كانت هذه البلاد موحدة ، بل وتضم تحت سيطرتها اراض وأمم كثيرة في عهد الأمبراطوريات القديمة ، نجدها اليوم مقبلة على الأنقسام ، وفي السياق التاريخي ايضاً فإن كلمة العراق التي يقول عنها هنري فوستر في كتابه : نشأة العراق الحديث ص17 انها كلمة عربية دخلت في الأستعمال بعد الفتح العربي في القرن السابع الميلادي، وكانت هذه الكلمة قد اطلقت في ذلك الوقت على جزء من الوادي الذي عرف لدى القدماء باسم بابل او كلديا ويقول المترجم في حاشية في نفس الصفحة بأن تسمية كلديا في التوراة وقد قصد بها بلاد سومر في الدرجة الأولى ولذلك عرفت مدينة اور عاصمة السومريين باسم ( اور الكلدان حيث تشبث بها المسيحيون فيما بعد بهذه التسمية فاعتبروا ان الكلدان هم سكان العراق القدماء .
لقد بقي العراق موحداً في العصور التاريخية في عهد السومريين والأكديين والعيلاميين والأموريين وفي عهد الدولة البابلية , والدولة الآشورية ، و في عهد الدولة البابلية الحديثة الدولة الكلدانية والتي انتهى فيها العهد الوطني البينهريني العراقي ، حيث دخل العراق تحت حكم القادمين من خلف الحدود ، فكان تحت حكم اليونانيون والفرثيون والساسانيون ، ثم العرب تحت حكم الخلفاء الراشدين ثم الدولة الأموية والعباسية ، ثم الدولة العثمانية وبعدها الحكم الملكي، الى ثورة تموز 1958 ، حيث حكم العراق شخصية عراقية المتمثلة بعبد الكريم قاسم .
اليوم كانت الصدمة الكبرى بما حل بالعراق باستيلاء تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام (داعش ) على مدينة الموصل ومدن عراقية اخرى . من المؤكد ان هذا الفعل لم يأت اعتباطاً دون مقدمات ، وبالعودة الى عقود انصرمت فنلاحظ ان العراق شهد تقلبات السياسة والمبادئ ، فالفكر الطبقي شهد نكسة كبيرة بعد انهيار الأتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين وتفكك المنظومة الأشتراكية ، وفي العراق لم ينجح الفكر الطبقي بتطبيق واقع معيشي تلتف حوله الجماهير ويكتب له الديمومة ، ولهذا لم يجد هذا الفكر التطبيق الملموس على ارض الواقع .
وبدلاً من ذلك نهض الفكر القومي العروبي في مد وزخم ثوري سيطر على الساحة العربية كما استطاع استقطاب الشارع العراقي ، وهذا الفكر ( الفكر القومي العروبي ) ، ادخلنا في دوامة الفكر الشمولي ، ليصار الى إقصاء القوميات الأخرى في البلد ، ولندخل في متاهات الحروب الداخلية والخارجية وتحت قيادة دكتاتورية فردية .


في هذا الواقع المرير الذي هيمن على الساحة العراقية ، كان فقدان البوصلة امام الجماهير التي لم يبق امامها سوى الملاذ الديني والمذهبي الطائفي لتشكل بديلاً لتلك الأنتماءات القومية والطبقية . فكان نهوض الأحزاب السياسية المتسربلة برداء الدين والمذهب ، وبذلك جرى تقسيم واضح وصريح للشعب بين السنة والشيعة ، ولتظهر الخلافات المدفونة وكأنها الجمر تحت الرماد الى ان اتيح لها للخروج الى العلن لتشكل سبباً لنشوب الحرائق الكبيرة  في المجتمع وفي نهاية المطاف كان تطورها الى عمليات العنف في الأنتقام والثأر والأرهاب على تربة العراق وفي المنطقة .
وهكذا لم يفلح اي حكم بأيجاد لغة مشتركة بين التنوع العراقي في إطارها الوطني لبناء مشروع دولة عراقية مؤسساتية علمانية ديمقراطية تراعي مصلحة كل الأطياف العراقية بصرف النظر عن الأنتماء الديني او المذهبي او العرقي .
خلال 35 سنة من عمر حكم حزب البعث ( وبالعربي الفصيح ، حكم السنة ) ادخل العراق في حروب داخلية وخارجية ، وأسس حكم مركزي استبدادي ، لا حرية لمن يختلف عن يقينياتهم المطلقة ، والديمقراطية كانت تعني عندهم انفراد الحزب القائد والأوحد في الحكم ، ولا اعتراض ولا معارضين على حكمهم هكذا مرت عقود صعبة على العراق .
وبعد 2003 اي بعد سقوط النظام توهمنا بتصورنا ، اننا مقبلون على تأسيس دولة الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية والى التحول الى يابان في البناء والى سويسرة في الديمقراطية ، لكن اسقط في ايدينا إذ خيمت على الساحة السياسية خطابات الأحزاب الدينية والمذهبية ذات الطابع الطائفي ، وهيمنت بفضل الديمقراطية ، على الساحة السياسية الأحزاب الشيعية ، والغريب ، ان حكم الشيعة بدلاً من تطوير البلد والأستفادة من اجواء الديمقراطية ، إضافة الى الثروة الهائلة من إيرادات تصدير النفط ، فإن ( الطبقة السياسية الشيعية ) مع الأسف ، انخرطوا في مشاكل مع الآخرين لا اول لها ولا اخر ، وقد كانت كثير من هذه المشاكل من صنع ايديهم كالمشاكل مع اقليم كوردستان ، ومع المتظاهرين في الأنبار وغيرها من المشاكل التي كانت تحتاج شئ من الأعتدال والعقلانية لحلها .
بكل صراحة اقول :ـ
 إن الطبقة الشيعية الحاكمة قد فشلت في حكم البلد وفي تعزيز وحدة المجتمع العراقي ، لقد حولوا العراق الى ساحات مآتم للبكاء واللطم ، مع احترامي لكل الشعائر الدينية فالعبادة من الشؤون الخاصة للانسان ولا يجوز ان توقف عجلة التقدم والأنعتاق من الدوران .
 هكذا اليوم نلاحظ تقسيم حقيقي للعراق :
اولاً : الى عراق شيعي ، يتمثل في الحافظات الجنوبية والوسط ، التي فيها اكثرية شيعية وتتزعمها احزاب سياسية دينية شيعية . وثانياً : عراق سني ، الذي يسعى الى تشكيله بالقوة العسكرية تنظيم الدولة الأسلامية في العراق والشام ( داعش ) المتمثل في المحافظات السنية وبعض المحافظات المختلطة وهي محافظات الأنبار كبرى المحافظات العراقية وديالى وصلاح الدين والموصل ، وكركوك المتنازع عليها والتي تحتفظ بأكثرية كردية  . وثالثاً :اقليم كوردستان في المحافظات الكوردستانية ، بالإضافة الى المناطق المتنازع عليها والتي يحافظ على امنها وأستقرارها اقليم كوردستان .

 ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه : ماذا إذا طلب شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق بأقليم او كيان ذاتي كلداني باعتبار القومية الكلدانية هي القومية الثالثة بعد العربية والكردية  في خارطة القوميات العراقية ؟ اليس من حقنا نحن السكان الأصليين ان يكون لنا مساحة من الأرض نعيش عليها كما نشاء ؟ ام ان ذلك حلال على غيرنا وحرام علينا نحن الشعب الكلداني وبقية مسيحيي العراق . لماذا يستكثر علينا مثل هذا المطلب ، مع انه مطلب مشروع  وأ
خلاقي .

إن الذي يجري على ارض العراق ان الكثير من العراقيين باتوا يدينون بالولاء لجماعات ومرجعيات وميليشيات وعشائر وليس لدولة العراق ، واصبح الولاء للعراق بالمرتبة الثانية او الثالثة بعد الولاءات الأخرى .
لقد كتبت جريدة الشرق الأوسط يوم 11 / 06 / 2014 ان تمدد داعش من شرق سوريا الى غرب العراق يسهل مهمتها في تكوين دولة اسلامية :
ويبدو أن توسع نفوذ التنظيم المعروف بتسمية «داعش» من سوريا إلى العراق لم يكن ممكنا «لولا توطيد تحالفاته مع زعماء العشائر في المنطقة والاستفادة من مصادر التمويل، لا سيما آبار النفط، التي سبق وسيطر عليها في مناطق شرق سوريا لتحصين مواقعه في العراق»، وفق ما يؤكده الخبير في الحركات الجهادية وعضو الائتلاف السوري المعارض عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط»، مرجحا وجود «عدد من الضباط داخل الجيش العراقي يتعاونون مع التنظيم المتشدد على المستوى الاستخباراتي لتزويده بالمعلومات لتسهيل تحرك قواته ومنع استهدافها»، لافتا إلى أن «سرعة الانهيار العسكري في الموصل أمام هجوم (داعش) يدل على أن جزءا من الجيش العراقي يساعد التنظيم».
ملخص الكلام ان تغيراً كبيراً حصل في معادلة التوازن بين الشيعة والسنة العرب والأكراد ، حيث ان السنة العرب ، من خلال داعش ، بصدد تشكيل دولة الخلافة الأسلامية في المدن السنية التي يسيطرون عليها في العراق وسورية ، خاصة وإن هذا التنظيم قد استولى مؤخراً على سلاح نوعي من الطائرات وكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر ، فالمعادلة اصبح لها ابعاد اخرى ينبغي ان يحسب لها حساب . في ظل هذه الظروف يمكن الرجوع الى ما قاله جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي :( انه من الأساليب التي تسمح بالحفاظ على وحدة العراق هو منح كل جماعة عرقية او تجمعها روابط دينية او طائفية مجالاً لإدارة نفسها بنفسها ).
نأمل ان لا نجد كارثة تقسيم العراق في حياتنا ، وإذا انقسم العراق فلابد لشعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ان يكون لهم موطئ قدم اسوة ببقية المكونات .
د. حبيب تومي / اوسلو في 13 / 06[/color] / 2014
[/b]

29
العقوبة الجماعية بحق موظفي اقليم كوردستان اين الخلل ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
الأرض التي اتخذت اسمها من شهرة نهريها ، هي بلاد ما بين النهرين دجلة والفرات ، وأخذت هذه الكلمة كترجمة للمصطلح اليوناني ( Mesopotamia ) بين النهرين وفي العربية بلاد الرافدين وفي اللغة الكلدانية بيثنهرين ، وهي جميعها تدل على بلد يعرف حالياً بالعراق ، والعراق كان بلداً غنياً بمياهه وتربته الخصبة ، ولهذا كان هدفاً لهجرات بشرية في مختلف العصور ، ونتيجة تجارب وتفاعل تلك الشعوب على هذه الأرض نشأت حضارات باهرة يذكرها التاريخ كنجوم ساطعة في تاريخ البشرية ، وما يهمنا في هذا الموضوع ان العراق منذ القدم كان ارض التنوع البشري على ارضه ، لكن اليوم يبدو ان العراق قد طلق ثقافة تعددية المجتمع وقبول تنوعه ، ولهذا هو مرشح للتمزق ، إن لم يكن قد تمزق فعلاً تحت وطأة الأزمات التي تنهال عليه بفعل سوء إدارة الطبقة الحاكمة للقادة السياسيين الغارقين في مستنقع المصالح الخاصة اولاً والتغليب للمصالح الفئوية والطائفية ثانياً .
لقد صبّحنا في مرحلة الشباب ولحد اليوم على العيش في ظل حروب خارجية وداخلية عبثية وقودها من الناس الأبرياء وحصيلتها المزيد من الدمار والتأخر وتفكك النسيج المجتمعي ، وبدلاً من الأستفادة من دروس الماضي ، والأبتعاد عن عقلية الثأر والانتقام ، وذلك بالنزوع الى بناء الوطن وتعميره وبناء الإنسان وغرس بذور حب الوطن ، لكن الذي يحدث اننا استنسخنا الماضي لنطبق بنوده على واقع الآن ، فعودة الى عنوان المقال بتكريس عقوبة جماعية بحق موظفي اقليم كوردستان ، نلاحظ ان الشريحة الكبيرة المتضررة من عدم دفع الرواتب او تأخيرها هم من ابناء الشعب من العرب والكلدان والآشوريين والتركمان والسريان وكل المكونات العراقية وفي مقدمتهم الموظفين الأكراد .
إن هذه الحالة تذكرنا بالحصار الأقتصادي الذي كان يفرض على المنطقة في عقود الحروب الداخلية ، فحينما يجدون في السيارة كيلو سكر او كيس رز او دقيق ونحن مقبلين الى المنطقة المشمولة بالحصار مثل القوش ، كان التعامل معنا من قبل السيطرات الحكومية وكأننا نهرب اسلحة فتاكة ، وربما كان الحصار الأقتصادي فقرة من فقرات الحرب المعلنة على المنطقة ، لكن اليوم نتعامل تحت مظلة الدستور الذي ينبغي على الجميع احترام مواده وفقراته ، كما يجب ان تكون الحلول السياسية الإطار الذي تجري التفاهمات من خلالها .
 إن الأستقطاب السياسي المبني على الأستقطاب الطائفي المقيت يصنف من الشرور التي خيمت على اجواء البلد ، فالخلافات السياسية يجري حلها عبر المفخخات والأسلحة كاتمة للصوت والأغتيال السياسي والعمليات ذات الطابع الإرهابي على مختلف صوره .
اليوم نجد طريقة اخرى وهي محاربة الرزق ، يقولون قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق ، لقد ادى الخلاف السياسي بين بغداد وأربيل ، الى محاولة كسر العظم ، بمحاربة الرزق ، لقد كانت هنالك مشكلة المصادقة على الميزانية من قبل البرلمان ، ، لكن يبدو ان المشكلة احاطت باقليم كوردستان فقط ، إذ يقول نيجيرفان البارزاني خلال مؤتمر صحافي عقده في برلمان كردستان الأسبوع الماضي، إنهم عندما ذهبوا إلى بغداد كانوا يظنون أن الأزمة المالية تشمل العراق كله إلا أنهم تفاجأوا بقول وزير المالية العراقي، إن «ميزانية الإقليم قطعت بأمر من رئيس الوزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي».
اي ان قطع الراتب او تأخيره شمل موظفي اقليم كوردستان فحسب ، وتعود المسألة الى الخلاف السياسي بين قيادة اقليم كوردستان والحكومة العراقية ، فما ذنب الموظف في اقليم كوردستان لكي يصار الى محاربته في لقمة العيش فيمنع عنه وعن عائلته الراتب الشهري الذي نظم حياته المعيشية على اساس هذا الراتب ومقداره .
لقد لجأ الأقليم الى بيع النفط مباشرة حينما امتنعت الحكومة عن منح حصة الأقليم من الميزانية ، وكانت هنالك محاولات حكومية بمنع بيع هذا النفط وذلك عبر تفويض  شركة قانونية لملاحقة أي جهة أخرى تبيع النفط خارج مظلة مؤسسة سومو العراقية المخولة ببيع النفط العراقي ، إذ اخفقت لحد الآن الناقلة يونايتد ليدرشيب المحملة بشحنة من النفط الخام المستخرج من حقول النفط في اقليم كوردستان من ايجاد مشتري لتلك الشحنة . يستنتج من ذلك ان الحكومة تريد ان تمسك بكل الخيوط لكي تجبر الآخرين للامتثال للحلول التي تضعها الحكومة دون اعتراض . ومن الواضح ان هذه الحلول هي من المستجدات الطارئة فطيلة السنين المنصرمة ، كانت حصة الأقليم ،رغم بعض العثرات ، إلا انها لم تصل الى حد ايقاف الرواتب المستحقة لموظفي الأقليم الذين هم بالتالي موظفي العراق .
المراقب المحايد لسياسة بيع النفط العراقي يلاحظ منذ حوالي عشر سنوات ان الشعب العراقي لم يحصل الى منفعة من واردات النفط ، إذ لم تحقق هذه الواردات الضخمة اي تحسن في الخدمات العامة سواء من ناحية الكمية او النوعية ، ولم تحصل اي تنمية او ازدهار في حقول التقدم من زراعة او صناعة ، كما ان الوضع الأمني لا زال متردياً ولا يوجد علائم تحسن الوضع في المستقبل المنظور ، لا اثر لهذه الثروة الكبيرة في حياة العراقيين . وإذا قارنا هذا الواقع بأقليم كوردستان وما يستلمه من حصته بعد الأستقطاعات ، فإن الأقليم قطع شوطاً كبيراً في مضمار التقدم والتنمية والأمن والأمان ، ولهذا نلاحظ إقبال المستثمرين والشركات للعمل والأستثمار في اقليم كوردستان .
 لقد افاد فلاح مصطفى وهو مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في2014-06-08 إن «هناك تقدما ملحوظا في علاقاتنا مع الدول العربية، فالوضع السياسي المستقر في الإقليم واستتباب الأمن فيه وسياسة الانفتاح التي تبنتها حكومة الإقليم والتقدم الذي تشهده كردستان، كل هذا دليل للتواصل مع الدول العربية». وأضاف «هناك في إقليم كردستان حاليا 31 قنصلية وممثلية أجنبية، إلى جانب وجود الكثير من الشركات ومكاتب الخطوط الجوية العربية والعالمية، وهناك دول تنوي افتتاح قنصليات لها في الإقليم، وهذا يساهم في تعميق العلاقة بين إقليم كردستان والعالم».
يتعين على الحكومة العراقية ان تجد الحلول الناجحة لمختلف المشاكل التي تعصف بالبلد ، إن كان التصعيد مع اقليم كوردستان او فقدان الأمن والأمان في المدن العراقية وفي المقدمة العاصمة بغداد  ، إضافة الى ذلك  فإن كثير من المدن العراقية اصبحت مفتوحة امام إرهاب داعش والقاعدة ، وأصبحت المبادرة بيد هذا التنظيم ، واصبح موقف القوات الحكومية عبارة عن ردة فعل فيلجأ الى موقف دفاعي ، وبدا ان التنظيم بدأ يستنزف قدرات الجيش والشرطة العراقية ، كل ذلك بسبب قرارات الحكومة الأرتجالية ، وبالتالي ان الشعب هو من يتحمل نتيجة هذه السياسية غير الحكيمة . انهم يفرطون بهيبة الدولة نتيجة هذه السياسة الفاشلة ، والكثير من الساسة العراقيين مع الأسف يجدون بأن الدولة والوطن ليست اكثر من ساحة للمكاسب والمغانم الشخصية وفرصة للنفوذ والسيطرة .
اكرر ان الحكومة يجب ان تضع الحلول لمشاكلها وهي ليست محتاجة لخلق مشاكل جديدة مع الأطراف السياسية وبضمنها اقليم كوردستان .
اوسلو في 11 / 06 / 2014

30
معذرة غبطة البطريرك .. القوش ليست عنصرية بل تحافظ على وجودها وهويتها
بقلم : د.حبيب تومي ـ اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
Habeebtomi71@gmail.com
القوش ـ وتكتب باللغة الكلدانية (ܐܠܩܘܫ ) ـ موقعها الى شمال مدينة الموصل بحوالي 50 كم ، وهي رابضة في سفح جبلها المعروف باسمها ( جبل القوش ) ، ويرجع تاريخها الى ما قبل الميلاد حيث ورد ذكرها في سفر النبي ناحوم الألقوشي ، وهي تحتفظ لحد اليوم بأطلال لمرقده مع بناية هيكل وكنيس ملحقة به ، وكان اليهود من انحاء العراق يحجون اليه الى عام 1950 حيث كانت هجرتهم الى اسرائيل .
 في القوش معالم دينية تاريخية ومنها دير الربان هرمز الذي يعود تاريخه الى القرن السابع الميلادي وهناك العديد من المدارس والكنائس والأديرة لعل اهمها هو دير السيدة حافظة الزروع الذي يعود تاريخ انشائه الى عام 1848 في عهد البطريرك مار يوسف اودو ، ومن المعالم التاريخية البارزة في تراث القوش دير ومن ثم كنيسة وأخيراً مدرسة مار ميخا النوهدري ، وأخيرا وليس آخراً كنيسة مار كيوركيس في محلة قاشا في القوش القديمة .
ادارياً كانت القوش ناحية منذ سنة 1918 أي قبل تأسيس الدولة العراقية ، ويقول التقليد ان الألاقشة لم يرغبو في تحويلها الى قضاء ، السبب الرئيسي كان خشية ابنائها على فقدان خصوصيتها وحفاظاً على هويتها .
 وكنسيا كانت القوش خورنة تابعة لأبرشية الموصل ، وفي عام 1961 تحولت الى ابرشية وكان اول مطران لها المرحوم ابلحد صنا ، اما اليوم فيرعى ابرشية القوش المطران الجليل مار ميخا مقدسي وتشمل ابرشية القوش : (خورنة ألقوش وعين سفني وجمبور وبيندوايا وتللسقف وباقوفا  وباطنايا ) .
ما يمكن الإشارة اليه اليوم من الناحية الأقتصادية ، يلاحظ المتابع نمو وازدهار طبقة متوسطة ميسورة الحال تشق طريقها في المدينة لتتوسع افقياً  وعمودياً ، ومن مظاهر هذه النهضة التوسع العمراني لبيوت راقية جميلة في احياء المدينة لا سيما الحي المتجه نحو الشرق ليلامس حدود دير السيدة ، ومن المظاهر الأخرى لهذه الرفاهية الأعداد الكبيرة للسيارات الحديثة الخاصة التي يمتلكها ابناء القوش وغيرها من المظاهر التي تدل على النمو والرخاء الأقتصادي للعائلة الألقوشية بشكل عام ، فإضافة الى الأعمال الحرة ، ثمة طبقة من واسعة من الموظفين في دوائر الدولة وفي حكومة اقليم كوردستان في القوش نفسها او في القرى المجاورة او في دهوك او الموصل ، كما يمكن الإشارة الى منظومة خدمات عامة لا بأس بها من ناحية الطاقة الكهربائية والمياه العذبة والخدمات الصحية وغيرها من الخدمات .
لكن باعتقادي اهم من كل ذلك هو استتباب الأمن والأمان في القوش والمنطقة بشكل عام ، فهذا عامل مهم للعيش والأستقرار .
مع كل هذه الأسباب التي اعتبرها ايجابية يمكن ملاحظة ندوب غائرة على وجه القوش المتمثلة في نزيف الهجرة القاتل المتمثل في استهداف الوجود المسيحي في القوش وفي غيرها من المدن والقرى المسيحية .
في اهم معضلة تواجه المسيحيين في العراق وفي الشرق الأوسط عموماً ، هو الوجود المسيحي المهدد ، وهذا الهاجس ( هاجس الهجرة ) دفعت غبطة البطريرك مار لويس  روفائيل الأول ساكو، بإعلان الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية بأنها كنيسة منكوبة ، نعم انها في طريقها الى الزوال والأندثار إن استمرت اوضاعها على هذا المنوال في نزيف الهجرة التي مادتها الأنسان يغادر بلده نهائياً دون رجعة  .
مناقشة المشكلة مع غبطة البطريرك
في اثناء زيارة غبطة البطريرك مار لويس  روفائيل الأول ساكو الى القوش :  اوصل الى اهالي القوش رسالة كلها امل ومحبة ، وفيما جاء في فقرة من فقراتها يقول :
5((. إنكم تنتظرون وضعاً أفضل: إن شاء الله. قراكم مهملة تفتقر إلى مشاريع خدمية وصحية وسكن، والكثير من أراضيها تم إطفاؤها؟؟ هذا غير مقبول! التقينا بالمسؤولين: سيادة محافظة نينوى، ورئيس مجلس المحافظة ومسؤولي إقليم كردستان في المنطقة ووعدونا خيراً. شكراً لهم. ننتظر الأفعال لتطمين شبابكم الذين يتطلعون إلى سكن وفرص عمل وتعيينات. لكن عليكم تقع مسؤولية المتابعة، فسارعوا إلى تشكيل مجلس أعيان في القوش وكل البلدات، لمتابعة تحقيق مشاريع على ارض الواقع وتسهيل الأمور. كما اطلب منكم الانفتاح على إخوتكم الراغبين في السكن في قراكم. سهلوا أمرهم. إنهم فائدة لكم وعامل قوة وتطور. لقد كنتم سباقين في استقبال المهجرين واحتضانهم عبر تاريخكم الطويل. فلا يليق بكم الانغلاق والعنصرية .)) انتهى الأقتباس .
حسب الرباط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,739391.msg6256675.html#msg6256675
في الحقيقة مناشدة غبطة البطريرك في الأنفتاح للراغبين في السكن في قرانا اعتقد المسالة محلولة ، لكن فتح الأبواب امام الراغبين للسكن في مدينة القوش تحتاج الى مناقشة جدية . ففي الفقرة الاخيرة ورد في الرسالة :
لقد كنتم سباقين في استقبال المهجرين واحتضانهم عبر تاريخكم الطويل. فلا يليق بكم الانغلاق والعنصرية .
نناقش هذه الفقرة بالعودة الى الوراء لما سمعناه من آبائنا ، وأنا شخصيا كمتابع لتاريخ بلدتي القوش ولدي كتاب منشور عنها سنة 2003 تحت عنوان : القوش دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية  يقع في 400 صفحة . ومن خلال التقليد ان القوش حفاظاً على هويتها ووجودها لم تقبل المهاجرين اليها للسكن ونشير الى المحطات :
اولاً : ـ
 ويفيد هذا التقليد المتوارث ( سوف نستخدم التقليد المتوارث في عدة فقرات من هذا المقال ) ان عائلة حكيم حينما دخلت القوش اقنعت اهلها ، بأنهم يجيدون مهنة الطبابة ( الطب الشعبي ) السائد في تلك المرحلة من جبس الكسور وتطبيب الجروح بالحشاش وشفاء بعض الأمراض السائدة ، وعلى هذا الأساس قبل الأب الأول او الآباء الأوائل لبيت الحكيم ، وهم عائلة كبيرة اليوم وكان منهم البطريرك يوسف اودو (1790- 1878) .
ثانياً : ـ
عائلة اخرى قدمت الى القوش وهي عائلة الصفار ، وعرضت مهنتها وهي إزالة الصدأ عن الأواني المنزلية النحاسية ( صفر) التي كانت مستعملة في ذلك الوقت، وفي لغة القوش الكلدانية المحكية فالصنعة تعرف بـ ( مبيضانا)   صفار ، واليوم عائلة صفار عائلة كبيرة في القوش وفيها مختلف المهن والأختصاصات ، والتقليد يقول انه سمح لهم بالسكن قرب كور ( اتونات ) صناعة الجص التي كان موقعها يومذاك جنوب مدينة القوش ، واليوم هي الأماكن القريبة من كنيسة ماركيوركيس في القوش القديمة ، في محلة قاشا الحالية .
ثالثاً : ـ
في صفحة اخرى حينما كنا في الجبل بصفة بيشمركة في الستينات من القرن الماضي وكان مقرنا في دير الربان هرمز ، وكان المقر  يجمع خليط منوع  لكل المكونات العراقية : فبالأضافة الى الكلداني كان معنا العربي والكوردي والتركماني والآشوري والإيزيدي والشبكي والأرمني ومن مختلف المدن العراقية ، ولكن الأكثرية في هذه القاعدة كانوا ابناء القوش الكلدانية ، وحاول بعضهم شق صفوفنا ، على اساس ان الألاقشة في القاعدة متكتلين ومتعصبين لألقوش ، ولا يقبلون بالتضحية بألقوش من اجل الحزب والثورة ، وفي الحقيقة كانت القوش تقدم المواد الغذائية والسلاح والعتاد والأدوية بالإضافة الى ابنائها المقاتلين والذين استشهدوا في المعارك ، ونضيف الى ذلك تعرض عوائلنا لمختلف انواع القمع والملاحقة ومنهم من دخل السجن ، مما سبب في هروب وهجرة عوائلنا الى بغداد والمدن العراقية الأخرى .
وتحت تلك الحجة نهضنا في احد الأيام وإذا بمجموعة كبيرة قد تركت القاعدة مع اسلحتها التي كانت تعود لقاعدتنا وبعضها كان امانة من اهالي القوش عندنا  وعسكر هؤلاء في كلي قيصرية في جيل باعذري ، وكانت حجتهم انهم مبدأيين ونحن عنصريين لأننا نحب القوش وندافع عنها ، اجل وقفنا الى جانب القوش ولم نسمح بالعبث بأمنها وأمانها عبر القيام بعمليات استفزازية فيها ، ولم نعطي حجة للحكومة لكي تقوم بعمليات انتقامية ضدها .
فالتساؤل هنا هل نحن متعصبين بهذا الموقف ؟ لقد جرى اتهامنا في وقتها بأننا عنصريين .
رابعاً : ـ
في اواخر عام 1963 انسحبنا من جبل القوش ومن كل المنطقة حينما استولت عليها القوات الحكومية ، وبعد مدة من الأنسحاب كان قرار القيادة بضرورة العودة الى المنطقة لكي لا تبقى مفتوحة للقوات الحكومية تحديداً ، ووقع الأختيار في حينها على هرمز ملك جكو وتوما توماس للعودة الى المنطقة  ، وفعلاً رجعنا ، ولظروف العودة هذه قصة طويلة لا مجال للتطرق اليها في هذا المقال القصير ، وكان الرأي بعد وصولنا ان نقوم بعملية عسكرية مهمة لكي يكون لها صدى في المنقطة ، وكان اقتراح المرحوم هرمز ملك جكو الهجوم على مركز شرطة القوش بغية الأستيلاء عليه .
 لقد وقفنا نحن ابناء القوش ضد هذا الأقتراح ، لكن وقف عدد قليل جداً من الألاقشة مع مقترح الهجوم ، وأخيراً كان قرار الهجوم الذي كتب له الفشل ، ولو قدر له النجاح بالأستيلاء على المركز ، لتعرضت القوش لعملية انتقامية من القصف الجوي والبري ، ولهذا وقفنا ضد اجتياح المركز . وبعد ان فشلت العملية وقفنا نحن الألاقشة ضد محاولات كسر اقفال الدكاكين بغية نهبها وفي وقتها اتهمنا ايضاً بأننا عنصريين لأننا لم نفرط بأمن واستقرار القوش ، وحافظنا على وجودها في تلك الظروف العصيبة .إذ كان همنا الأول المحافظة وجود وديمومة القوش ونجحنا في  ذلك .
خامساً : ـ
لا ادري من هو قائل هذا الكلام :
من جاور السعيد يسعد به        ومن جاور الحداد اكتوى بناره
وفي القوش نقول : ( اشواوا قريوا بشطوء مأخونا رحوقا ) اي الجار القريب افضل من الأخ البعيد . فحينما تبني بيتاً تسأل عن الجار قبل كل شئ ، وكم من المعارف باعوا بيوتهم هرباً من جيرانهم . وحينما نتكلم عن الجار والجيران يمتد الحديث الى محاولات التغيير الديمقوغرافي الذي يكون نتيجة فرض جيران عليك انت لا ترغب فيهم ، بسبب رغبتك المحافظة على هويتك وخصوصيتك . لا نقول عنهم انهم سيئين او خيّرين .
امامنا تجارب مريرة غبطة البطريرك ، فتجربة تلكيف ماثلة امامنا ، وقد انتهت الى ماهي عليه اليوم ، وهنالك محاولات لإلحاق مدن اخرى بتلكيف ليكون لها نفس المصير ومنها برطلة وبغديدا وكرملش وباطنايا ، وبقية المدن والقرى وبضمنها القوش .
سادساً :ـ
بداية النار الكبيرة تكون بمستصغر الشرارة ، في تسعينات القرن الماضي خيمت عائلة عربية لهم اغنام في قرية بيندوايا وتبعتها عائلة اخرى ثم عوائل وأخذ هؤلاء ببناء البيوت من البلوك والسمنت بعد ان ازالوا الخيم ، وفي الأخير اعترف الدير بالأمر الواقع وهو مالك قرية بيندوايا ، وبعد جهود مضنية من قبل رئيس الدير انذاك القس مفيد استطاع اخراجهم بعد دفع مبالغ كبيرة لهم ، كانوا معتدين وتم تعويضهم ثمن اعتادهم .
في نفس الفترة حاولت عائلة القوشية استخدام عائلة عربية كرعاة لأغنامهم ، ونصبوا لهم خيمة بالقرب من القوش ، والذي بادرنا في وقتها ( زمن صدام ، زمن تعريب كل انسان وكل شئ ) ، استطعنا ان نرسل وفداً من نادي بابل الكلداني في بغداد يحثون ،الألقوشي ، مالك قطيع الغنم بالعدول عن استخدام الراعي العربي ، وفعلاً استجاب الرجل . وبقيت القوش بمنأى عن اية بذور لغرسها في تربة القوش ، وحينما وزعت قطع اراض في القوش على موظفي الدولة دون النظر على هويتهم ، لجأ الألاقشة الى شراء جميع تلك الأراضي ، ولم يجري تسريب اي قطعة للغريب .
سابعاً : ـ
في باطنايا عدة عوائل عربية ، وهؤلاء يقولون انهم رعاة غنم ، أفاد احد اصدقائي عاش في باطنايا لفترة ، يقول : في احد الأيام جاء احدا الشباب العرب واشترى مربى محفوظة في علبة زجاجية فسلمها للشاب واراد الشاب دفع ثمنها البالغ 1500 دينار ، وفي هذه الاثناء سقطت العلبة الزجاجية من يده وانكسرت ، فطلب علبة ثانية من البقال البطناوي ، فسلمه البقال علبة اخرى، فأخرج الشاب ثمن علبة واحدة ودفعها للبقال ،فقال له البقال اريد ثمن علبتين لأن الأولى انكسرت من يدك ولست انا السبب في كسرها وعليك دفع ثمن علبتين ، فأصر الشاب على دفع ثمن علبة واحدة مع ارتفاع نغمة الغلط والتهديد من قبل الشاب على صاحب الدكان وصدفة حضر شاب بطناوي وحينما رأي العربي يكيل الغلط على صاحب المحل ، فكان من هذا الشاب ان لقن درساً للمعتدي الشاب العربي ، والذي حدث على اثر هذا الحادث ، خطفوا احد ابناء باطنايا ولم يطلقوا سراحه إلا بعد دفعه لآلاف الدولارات للخاطفين .
ثامناً : ـ
قدم احد اصدقائي من السويد ، وهو القوشي توظف في عنكاوا لأكثر من عقدين من السنين وبقي في السويد اكثر من عقد ، وفي معرض زيارته لعنكاوا مؤخراً يقول : سألت عشرة اشخاص بلغتنا الكلدانية ، اجابني اثنان فقط ، وثمانية ردوا على بالكردي او بالعربي ، هذا يعكس ان اهالي عنكاوا الكلدانية اصبحوا اقلية في مدينتهم عنكاوا والسبب طبعاً لأن ابوابها مفتوحة .
هنا سوف نربط هذا الحادث بألقوش وموقفها الحدي من بيع او تأجير البيوت للغرباء ، ويقصد بالغريب كل من ليس القوشي ، والفقرة هنا تحتوي على مسألتين الأولى البيع والثانية التأجير ، وفي الأولى إن وافق الأهالي للبيع للغريب ، فالغريب حينما يبغي البيع يهمه الربح ويبيع البيت لمن يدفع اكثر ، فهو يغادر المدينة دون رجعة ، وليس له اقارب فيها ، ولا يوجد قانون رسمي يمنعه من هذا البيع .
 إذاً نحن الألاقشة سوف نقع في مشكلة نحن في غنى عنها ، ويقال درهم وقاية خير من قنطار علاج ، وهكذا قطع دابر هذه المشكلة والكل متفقون على هذا الحل : عدم بيع للغريب ، بالرغم من وجود بعض الشذوذ ، ولكل قاعدة شذوذ .
اما الشق الثاني من المسالة وهي حالة التأجير للغريب ، فالحكمة في عدم التأجير هي ان الأيجارات سوف ترتفع نار إذا فتح باب التأجير للغريب ، وهنا سوف يتضرر ابن القوش الذي لا يملك داراً سكنية ، وسيدفع اضعاف الأيجار الذي يدفعه حالياً ، ومن هذا المنطلق قفل باب التأجير للغريب ، لكي تبقى اسعار الأيجارات على حالها إذ يكون الطلب قليل مقتصراً على ابناء القوش فحسب .
تاسعاً :ـ
غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو الكلي الطوبى . إن موقف القوش هذا لا يدل على الأنغلاق والعنصرية ، إن مواقف القوش معروفة ، ففي عام 1933 حينما لجأ اليها الأخوة الأثوريون هرباً من تنفيذ الفرمان الفاشي القاضي بإبادة الأثوريين ، كانت ابواب اهالي القوش مفتوحة لهم واستعدوا لتحمل الكارثة التي تحل بهم جراء موقفهم هذا ، فلم يأبهوا للمخاطر المحيقة بهم من قبل السلطات الحكومية ومن قبل العشائر التي كانت تتربص للانقضاض على القوش ، فإنهم لم يكتفوا بفتح ابوابهم للاثوريين بل استعدوا لتحمل النتائج مهما جسمت وكبرت . وكان هناك موقف مشابه حينما لجأ اليها ابناء شعبنا هاربين من التهديدات والعمليات الإرهابية في الموصل ومدن العراق ، ولهذا لا يمكن اتهام القوش بالأنغلاق والعنصرية .
عاشراً : ـ
إن السبب الرئيسي للهجرة هو المحاولات المستميتة في تغيير التركيبة السكانية لمدننا وقرانا الكلدانية والسريانية والآشورية ، وامام هذه المحاولات كانت القوش المدينة الوحيدة التي انطلقت فيها مظاهرة ضد محاولات التغيير الديموغرافي هذه ، وقد وقفت كل القوى في القوش للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة ، والحزب الوحيد الذي امتنع عن الأشتراك في هذه المظاهرة كان حزب الزوعا ( الحركة الديمقراطية الآشورية ) الذي تغيب بشكل مخجل ومريب عن الأشتراك في هذه التظاهرة المهمة ، وهناك علامات استفهام حول الموقف الغريب العجيب للحركة الديمقراطية الآشورية من القوش ، وهذا المقال ليس مكان مناسب لشرح للإجابة على تلك الأسئلة التي تسبق علامات الأستفهام .
وكانت هنالك مواقف وأشياء لتمزيق لحمة القوش ووحدتها ولا يمكن التطرق اليها عبر هذا المقال ، ولما لم يفلحوا نقلوا نشاطهم الى ديترويت في امريكا .
احد عشر :ـ
غبطة البطريرك كما تعلمون نحن مهددون بوجودنا ، وقد ثبت من خلال تجربتنا التي صاغها الزمن الطويل والمحن المتواترة عبر الزمن الطويل ايضاً ، ان طريقة غلق الأبواب هي الوسيلة الناجعة للحفاظ على وجودنا وهويتنا وخصوصيتنا ، انه استمرارية لديمومة شخصيتنا ، ليس من باب تفوق عرقي او تاريخي ، بل من باب الحفاظ على صيرورتنا وهويتنا على ارضنا ، ونعيش على ترابها كما عاش آبائنا وأجدادنا ، ولا نريد امجاد مالية او وظيفية ، لقد جربنا هذه الطريقة عبر مختلف الظروف وثبت لدينا انها ناجحة في الحفاظ على وجودنا ، وغيرنا لم يستعمل هذا هذه الطريقة ففتح ابوابه للغريب وحقق امجاداً مالية ووظيفية ، ولكنه تفاجأ بأن وجوده قد اصبح في مهب الريح ومدينة تلكيف خير دليل على كلامنا .
إن صواب اي فكرة نابع من حصيلة نتائجها ، ونحن قبلنا بنتيجة ان تبقى القوش فقيرة خير من تكون غنية ومع الغنى نفقد خصوصيتنا وشخصيتنا بل وكرامتنا .
دمتم بخير ومحبة سيدنا البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو الجزيل الأحترام
 
د. حبيب تومي
[/font]
[/size] / اوسلو في 04 / 06 / 2014
 
 


31
مبروك للفائزين.. وهل جرى هندسة النتائج ؟
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
Habeebtomi71@gmail.com
الحدث الأنتخابي في العراق بنهاية نيسان المنصرم جسد بشكل كبير التعددية السياسية ، واسبغت على العملية تواصيف تستحق التقدير ، حيث تنافس في هذه الانتخابات 9039 مرشحا للفوز باصوات أكثر من 20 مليون عراقي، أملا بدخول البرلمان المؤلف من 328 مقعدا ، اي بمعدل حوالي 28 مرشح لكل مقعد ، وبالنسبة للكوتا المسيحية فإن 90 مرشح يتنافسون على الفوز بـ 5 مقاعد اي بمعدل 18 مرشح لكل مقعد وبعد ظهور النتائج ، كان من يصرح بأن النتائج مطبوخة في دهاليز التزوير ، او على الأقل جرى هندستها لتكون على صيغة تركيز نفس الواقع المعاش ،وفي كل الأحوال ينبغي التهيؤ لأنتشال العراق من واقعه المزري ، ويجب تكريس الجهود لبناء عملية سياسية بمنأى عن تقسيم حصص الطوائف .
 اما ما يتعلق بالكوتا المسيحية ، فكانت هنالك بعض المفاجئات ، لكنها لم تكن حاسمة ، هذا وكانت النتيجة النهائية للكوتا فوز المجلس الشعبي بمقعدين ، وقائمة الرافدين التابعة للحركة الديمقراطية الآشورية بمقعدين ، وقائمة الوركاء التابعة للحزب الشيوعي العراقي بمقعد واحد ، وادناه الأصوات التي حصلت عليها قوائم الكوتا المسيحية وحسب القوائم المنشورة على موقع عنكاوا كوم . وندرجها حسب اعلى الأصوات فأدنى :
1 ـ قائمة المجلس الشعبي : 19371
2 ـ قائمة الرافدين ( الزوعا ) : 18382
3 ـ قائمة الوركاء الديمقراطية : 7602
4 ـ ابناء النهرين  : 5821
5 ـ ائتلاف بلاد النهرين : 5318
6 ـ قائمة البابليون  : 4790
7 ـ تحالف سواريي الوطني : 3877
8 ـ اور الوطنية  : 3706
9 ـ كيان شلاما  : 3403
المجموع = 72270 صوت ،وتكون عتبة الفوز بحدود 14500 صوت
إنه تقريباً نفس عدد الأصوات الذي حصلت عليها الكوتا المسيحية في انتخابات عام 2010 م .
والملاحظات هنا ان قاعدة احتكار مقاعد البرلمانين العراق الأتحادي والكوردستاني من قبل الزوعا والمجلس الشعبي قد جرى تجاوزها ،وهكذا كان المقعد الخامس من نصيب قائمة الوركاء المدعومة من قبل الحزب الشيوعي العراقي .
وهذه بعض الملاحظات .
1 ـ المقعد الذي حصلت عليه قائمة الوركاء على حساب قائمة الرافدين التابعة للحركة الديمقراطية الاشورية ، وهكذا رغم احتفال الزوعا بالفوز في الأنتخابات الاخيرة ، فإنها لا يمكن إخفاء امتعاضها من خسارتها لمقعد واحد وبقي لديها مقعدين فحسب ، والمآخذ على الحركة ان المقعدين قسمت بين سكرتير الحركة وابن اخته ، ورغم الجدل الحاصل حول الفوز بمقعد كركوك من قبل وزير البيئة السيد سركون لازار صليوا ، ولكي نكون مهنيين وصادقين في منظومة النقد نقول : ان المقعد الذي حصل عليه السيد يونادم كنا ، كان عن استحقاق وجدارة فقد فاز الرجل رغم زخم الدعاية المناوئة له من عدة جهات فقد أبلى بلاءً حسناً في مسألة الدعاية الأنتخابية ، والذين منحوا له اصواتهم كانت عن قناعة وعن مبدأ .  ومع هذا الفوز فإن الحركة الديمقراطية الآشورية تأكد لديها في هذه الأنتخابات بأنها لم تعد اللاعب الوحيد في الساحة .
2 ـ شهدت هذه الدورة تدخل كبيرمن قبل الأحزاب الكبيرة للتأثير على النتيجة بغية مجئ اناس موالين لتلك الأحزاب الممولة والداعمة حتى بأصوات الناخبين ، وقد اكدنا ان يكون لنواب الكوتا المسيحية خطاب مستقل بمنأى عن تأثير الأحزاب الكبيرة ، وأن يكون لهم خطاب موحد فيما يتعلق بمصير شعبنا ، لكن النتيجة كانت عكسية حيث ازداد تدخل تلك الأحزاب واصبحت الكوتا مقسمة حسب موالات اعضائها لأولياء نعمتهم وداعميهم .
3 ـ قياساً بنتائج انتخابات عام 2010  لقد فقدت القوائم التي اشتركت في تلك الدورة الأنتخابية وهذه ، الكثير من الأصوات ، وما بقي عالقاً في ذهني ، فإن الزوعا كانت اصواتها بحدود 28 الف صوت واليوم مجموع اصواتها بحدود 18 الف صوت اي بخسارة حوالي 10 الآف صوت ، وهذه النتيجة مخيبة لآمال الحركة ، وهي نتيجة حتمية لما آل اليه حال الحركة من انشقاقات في صفوفها . والمجلس الشعبي خسر حوالي 2000 صوت وقائمة اور الوطنية فقدت حوالي 2000 صوت .
4 ـ طريقة وآلية منح المقاعد للقوائم الفائزة قد اوقع تلك القوائم في حالة من الحيص بيص ، كل طرف له قراءته لتوزيع المقاعد الفائزة ، فمثلاً السيد خالص ايشوع الذي حصد آلاف الأصوات لم يتاح له الفوز بالمقعد بذريعة شموله بإجراءات المساءلة والعدالة ، وإن كان الأمر كذلك كيف سمح له بالأشتراك في الأنتخابات ؟ وكيف كان عضواً في البرلمان في الدورة السابقة ؟
5 ـ بنظري ينبغي على الكيانات الفائزة ان تبتعد عن اسلوب إرسال عبارة التشفي بالخاسرين والأبتعاد عن مظاهر الغرور والتبجح ، لأن هذا الأسلوب جزء من الثقافة البعثية المتأصلة في نفوس بعض ابناء شعبنا والذين تحولوا اليوم لمولاة الأحزاب القومية الإقصائية العاملة في ساحة شعبنا .
6 ـ في الحقيقة ان البرلمان الجديد تنتظره مهمات كبيرة وصعبة ، فهناك قضايا متعلقة ، إذ عجز البرلمان الماضي وضع الحلول لها منها مسألة الميزانية التي جرى تحويلها الى هذه الدورة  ، والقضايا والمشاكل المتعلقة مع اقليم كوردستان والتي لم نلاحظ اي خطوات مهمة لوضع الحلول الناجعة لها طيلة الأربع سنوات . وهنالك تحديات كثيرة تنتظر البرلمان الجديد ، لعل اهمها هو هاجس الوضع الأمني ، فالعاصمة العراقية ، قلب العراق ومدن اخرى لا زالت ساحة مفتوحة للإرهابين والعصابات والميليشيات ، وعجزت الحكومة بخططها وأساليبها التقليدية من وضع الحواجز وقطع الطرق ونشر نقاط التفتيش التي باتت نفسها عرضة للإستهداف ، وبات وأصبح وامسى الأمن والأمان والأستقرار صعب الوصول اليه .
وهنالك امام البرلمان العراقي من اعقد المشاكل وهي تعيين رئيس مجلس النواب ومن ثم تعيين رئيس الجمهورية الذي يكلف رئيس الوزراء من القوائم الفائزة بتشكيل الوزارة ، وبعد ذلك توزيع الحقائب الوزارية ، وما أدراك ماذا يعني توزيع الحقائب الوزارية والمناصب الرفيعة ، إنها مشكلة المشاكل بين اناس هدفهم الأول تحقيق المنافع الشخصية والحزبية ، والشعب ينتظر تشكيل الحكومة لجعل دولاب عجلة البناء والتطور يتحرك نحو الأمام في العراق ، فيا ترى كم يستغرق ذلك ؟
في مسألة نواب الكوتا المسيحية ، ماذا يكون موقعهم في البرلمان الجديد ؟ هل يسعى كل منهم الى جمع النار ( لخبزتة ) ويكتفون بحذف الواو بين تسميات شعبنا ، فيكون سعيهم بعد عناء كبير بتفسير الماء بالماء ، لحد اليوم لم نلمس موقف قومي جاد من نواب الكوتا المسيحية سوى تبادل الأتهامات فيما بينهم رغم ارتباطهم بالمرحوم تجمع احزاب ( كـ ـ س ـ ا ) الذي دفن اسمه في  مقبرة المنظمات الفاشلة لأن اساسه كان مبني على الرمال المتحركة حسب المصالح وبهدف واحد هو محاربة الأسم القومي الكلداني لا غير .
اليوم نأمل ان يكون هنالك نوع من التنسيق بينهم فيما يخص مصلحة شعبهم الذي اوكلهم لتمثيله في البرلمان العراقي .
بشأن النتائج العامة للانتخابات فلم يكن هناك فوز حاسم لأي طرف يمكنه من تشكيل الحكومة منفرداً ، فدولة القانون التي حصدت  95 مقعداً والتيار الصدري احرز 34 مقعداً والمجلس الأعلى الإسلامي 31 مقعداً وهي تشكل التحالف الوطني الشيعي ويضاف اليها منظمة بدر وحزب الفضيلة والأصلاح ويكون لهؤلاء ما يزيد على 165 مقعد الذي يؤهلهم لتشكيل حكومة ، لكن حكومة الأغلبية هذه سوف تكون حكومة طائفية بامتياز وبعيدة عن منطق الأغلبية السياسية التي يدعو اليها المالكي ، والرأي المتكون عن الأنتخابات فإن التزوير كان بعيداً عنها لكنها لم تكن بعيدة عن محاولات هندسة نتائجها وفق النمط المطلوب بعد سقوط النظام في 2003 . ومن المظاهر الأخرى التي نخشاها بأن الأخبار تتحدث عن سعي كتل برلمانية كبيرة لتقديم مغريات مالية لنواب جدد من أجل الانضمام إليها ، فالكتل الكبيرة تحاول استمالة الكيانات الصغيرة بغية تشكيل كتل اكبر ونأمل ان لا يكون برلمانيو الكوتا المسيحية جزءاً من تلك اللعبة .
د. حبيب تومي ـ القوش في 25 ـ 05 ـ 2014

32
القوميون الكلدان الإخلاص للوطن  وللكنيسة وخطاب قومي كلداني معتدل
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi71@gmail.com
الشعب الكلداني باعتباره من المكونات العراقية العريقة يكون قد ساهم في بناء الحضارات البينهرينية القديمة ، وفي العراق المعاصر ساهم ويساهم الشعب الكلداني ببناء العراق الحديث ، والكلدانون هم ملح المجتمع العراقي إنهم يرتبطون بعلاقات ثقافية واجتماعية مع مختلف الطبقات المجتمعية وعلى مديات التعددية الثقافية والدينية والعرقية وعلى امتداد المسافة الزمنية والجغرافية العراقية  . ومقابل ذلك نلاحظ آيات التقدير والأحترام من كافة المكونات العراقية لهذا الشعب المسالم العريق في وطنه ، فالمكونات العراقية من الأكراد والعرب والتركمان والمندائيون والأيزيدية والشبك والأرمن والسريان والمعتدلين من الآشوريين كل هؤلاء يحترمون تاريخ وثقافة وقومية الشعب الكلداني .
 لكن من المفارقات الغريبة العجيبة هنالك من الكلدان انفسهم يبخسون تاريخ هذا الشعب ويستكثرون على ابنائه افتخاره بتاريخه وهويته القومية الكلدانيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ، ويصبون حمم غضبهم على كل من يدافع عن هذا الشعب ، كل ذلك استجابة ومجاملة للاحزاب القومية الإقصائية المتنفذة والتي تنشط في ساحة شعبنا القومية والسياسية والتي تدعو علانية الى سياسة التطهير القومي ضد الكلدان وصهرهم في البودقة الآشورية بحجة المحافظة على وحدة شعبنا المسيحي .
 إن القوميين الكلدان وفي مقدمتهم الكتاب الأعضاء في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان لا يمكن ان يقبلوا بهذه السياسة العنصرية ، فأين الخطأ ان يقفوا الى جانب شعبهم الكلداني ضد محاولات التطهير القومي هذا ؟
الغريب والعجيب ايضاً هناك من الكتاب الكلدان انفسهم من يقفون بوجه المدافعين عن حقوق شعبهم الكلداني ويوصمون بمن يفتخر بقوميته الكلدانية بأنه انقسامي ومفرق ، وربما هذا الموقف الغريب له اسبابه فحينما يكون شعب ما ، واقعاً تحت ظلم واضطهاد يحاول بعض ابنائه مجاملة الطرف القوي المتنفذ على حساب شعبهم .  هنالك صوركثيرة مشابهة لحال الشعب الكلداني وكمثل غير حصري صورة الشعب الكردي حينما طاله القمع والأضطهاد  في اواسط القرن الماضي ، وكان كل من يدافع ويقف الى جانب شعبه الكوردي يصار الى اتهامه بأنه من المتمردين والعصاة ، وقد وقفت شريحة كبيرة من الأكراد الى جانب الحكام قامعي شعبهم الكوردي .
والشئ بالشئ يذكر فثمة حالة اخرى تشبه التي جسدها دريد لحام في شخصية ( غوار الطوشي) حينما يريد اللجوء الى دولة عربية مجاورة فكان عليه كيل الشتائم للنظام والحكام في بلده لكي يكسب ودّ الدولة التي يرغب اللجوء اليها  ، فثمة كتاب من ابناء شعبنا يسلكون هذا السلوك ، فيتوددون لمن له المال والنفوذ ،
فثمة قول :
رأيت الناس قد ذهبوا الى من عنده ذهب ، اما من ليس عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا
وثمة وتر آخر ، وأتى العزف  عليه بنتائج جيدة ، وهي التهجم على القومية الكلدانية ومخاصمة ومهاجمة من يدعو لها ويفتخر بها ، فالذي يتهجم عليها ينال الحظوة لدى الأحزاب والجهات المتنفذة والقريبة من دائرة صنع القرار . وقد رأينا كيف يتسابق من يريد التقرب من تلك الجهات ( المجلس الشعبي والزوعا ) كيف يجري التسابق في التهجم على حبيب تومي وغيره من الكتاب الكلدان والأتحاد العالي للكتاب والأدباء الكلدان وكل ما اسمه كلداني . وقد أثبتت هذه الطريقة جدواها في حالات كثيرة فهناك اسماء احزاب وشخصيات تسلقت جدار التقرب وهي تحظى بمنافع مادية كبيرة خاصة من المجلس الشعبي .
القوميون الكلدان والكنيسة والبطريركية .
بالرغم ان الكنيسة الكاثوليكية في العراق هويتها محدودة بشكل رئيسي بالشعب الكلداني فالبطريرك مار لويس ساكو الكلي الطوبى هو بطريرك على الكلدان في العراق والعالم ، وهو المعني بالأهتمام بمعاناتهم ومشاكلهم ، وله منزلة رفيعة في الأوساط السياسية والشعبية العراقية ، والحالة تمتد جذورها الى يوم تأسيس الدولة العراقية الحديثة ، إذ وقف بطريرك الشعب الكلداني مار عمانوئيل الثاني توما ( 1900 ـ 1947 ) الى جانب تشكيل الدولة العراقية الحديثة وكان له مواقف عراقية وطنية مشهودة في ضم ولاية الموصل الى العراق وغيرها من المواقف الوطنية المشرفة ، فكان له ولشعبه الكلداني المكانة السامية لدى الحكومة العراقية يومذاك فكوفئ بتعينه عضواً في مجلس الأعيان كما كوفئ شعبه الكلداني بكوتا محددة بأربعة مقاعد في البرلمان ، اليوم يجلس سعيداً غبطة البطريرك مار لويس ساكو ، وله مكانة سامية في الدولة العراقية ، كيف لا وهو بطريرك شعب نبيل وأصيل وهو الشعب الكلداني ذو المواقف الوطنية والمكانة الأجتماعية في المجتمع العراقي .
القوميون الكلدان يكنون جزيل الأحترام للبطريرك ولمؤسسة البطريركية برمتها ، فهناك ارتباط روحي بين الكنيسة وشعبها ، ونحن في هذا اليوم ضعفاء محتاجين الى التضامن والتكاتف بين الكنيسة وشعبها ، وقد رأينا اب الكنيسة يدق ناقوس الخطر ، ويعلن ان كنيسته منكوبة ، من يقف الى جانب البطريركية في هذا الوقت العصيب إن لم يقف ابنائها والنخبة المثقفة بشكل خاص .
نحن الذين نفتخر بتاريخنا وأسمنا الكلداني من رأينا ان تشكل رابطة القومية الكلدانية هي الخيمة التي تحتوينا جميعاً ومن توحيد خطابنا ( الأكليروس والعلمانيين ، كما في الكنيسة الآشورية على سبيل المثال ) وبعد ذلك يصار الى توحيد الخطاب المسيحي بين الكلدان والسريان والآشوريين . ونحن ندعو البطريركية ان تلعب دورها في توحيد الكلمة وفي المحافظة على الإصالة ، لقد كان لكنيستنا الدور الكبير في حفظ الهوية الكلدانية وذلك منذ عام 1445 حينما اعادت الأسم القومي الكلداني بعد نبذها المبادئ النسطورية وعودتها واتحادها مع الكنيسة الكاثوليكية الجامعة ، لتعيد اسمها القومي الكلداني .
لقد تطوع بعضهم لدق اسفين التفرقة بين البطريرك وشريحة مثقفة من ابناء شعبه وقد كتبت في وقتها مقال تحت عنوان :
محاولات إذكاء الخلاف بين البطريركية والعاملين في الشأن القومي الكلداني
حسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=668411.0;wap2
في هذا السياق نُشر في الآونة الأخيرة مقال تحت عنوان :
ماذا يريد القوميون الكلدان من البطريرك وكنيسته ؟ وهناك مقلات اخرى بهذا الأتجاه .
في الحقيقة نحن نقف الى جانب البطريركية في همومها المتعلقة بنزيف الهجرة والتغيير الديموغرافي ، نحن مع البطريركية والكنيسة والشعب الكلداني برمته نشكل وحدة واحدة ، ونحن الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن نشكل شعباً مسيحياً واحداً يطاله التفرقة الدينية ولهذا يكون العراق دولة مرشحة لتفريغه من مسيحييه ، وهذه مهمة ثقيلة يحاول البطريرك الكلداني النهوض بها باعتباره يمثل اكبر كنيسة مسيحية في العراق ، ونحن نقف الى جانبه بكل محبة ، واعتقادنا ان الرابطة القومية هي خير وشاج يتماهى به هذا الشعب وهو مقسم بين قارات الأرض ، وأين الضرر ان يكون مثل هذا الطرح من القوميين الكلدان ؟
نحن القوميون الكلدان لنا فكر مستقل ونحترم كل الأطراف التي تحترم توجهاتنا ولهذا نرتبط بعلاقات طيبة مع كل المكونات في إطار التعددية ، ونتيجة هذا الخطاب القومي المستقل لم نجد اي طرف قوي يلزم ظهرنا ، فليس لنا مناصب نوزعها لأننا بعيدين عن مصادر صنع القرار إضافة الى عدم وجود  دعم مالي لنا من اي طرف متنفذ في العملية السياسية إن كان في اقليم كوردستان ام في العراق الأتحادي .
ولهذا ليس لنا مقرات وحراس وسيارات دفع رباعي ، الذي نملكه هو قلمنا وفكرنا ونحن نعمل على نشر الوعي القومي بين ابناء شعبنا الكلداني هذا الذي نستطيع فعله ونطمح اليه في الوقت الراهن ، نحن نغرس الشتلة والأجيال القادمة سوف تستظل بظلالها الوارفة ، هذا واجبنا الإنساني والقومي ونحن سعداء بالقيام به .

قناعتنا ان شعبنا الكلداني منتشر في دول المهجر وفي المدن العراقية ، وشريحة كبيرة منه تسكن اقليم كوردستان ، ونحن نؤمن بأن الرابطة القومية الكلدانية هي ضرورة قومية تربط هذا الشعب ليدافع في إطارها عن حقوقه المشروعة ، ونؤمن ايضاً بضرورة وحتمية التعاون بين مؤسسة الكنيسة وشعبها في الإطار القومي ، والأقتداء بالكنائس الشقيقة الأخرى ، مثل الكنيسة الأرمنية والكنيسة الآشورية ، وفي الأخيرة ( الكنيسة الآشورية ) ثمة تماهي منقطع النظير بالقومية الاشورية ، وعلى كنيستنا الكلدانية ان يكون لها نفس المستوى من الدفاع عن القومية الكلدانيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ، هذا هو الطبيعي والمألوف والمطلوب . وهذا ما ندعو اليه نحن القوميين الكلدان .
نحن نتساءل هل ثمة خطأ في توحيد الخطاب القومي بين الكنيسة وشعبها ؟  لنقتدي بالكنيسة الآشورية في هذا الصدد ، والتي نعمل جاهدين بالتقرب منها على فرض ان هذاالتقرب هو الوسيلة لتحقيق الوحدة ، فلماذا لا نستفيد من تجاربها بالشأن القومي ؟ وأنا معجب بشجاعة وصراحة البطريرك الآشوري بوقوفه مع هموم شعبه القومية بل هو من الداعين الأوائل للفكر القومي الآشوري ، فلماذا لا تكون بطريركيتنا الكلدانيــة بهذا المستوى من الأعتزاز بالفكر القومي الكلداني ؟
وختاماً اقول : ان انحياز الزعيم لشعبه ليس إثماُ

د. حبيب تومي ـ القوش في 17 ـ 05 ـ 2014

33
شيرا دربان هرمز في القوش بين حمير الأمس وسيارت اليوم
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi71@gmail.com
ما هو الفرق بين الحمار والسيارة الحديثة ؟ هذا هو الفرق بين شيرا دربان هرمز في الماضي والحاضر وعلى مدى ذكرياتنا عبر المسافة الزمنية البالغة نصف قرن ونيف من السنين ، اي في اواسط الخمسينات من القرن الماضي إنه الزمن الجميل هذا هو التوصيف الذي اسبغه على تلك السنين ، وهل افلح في إعطاء صورة تطابق ذلك العصر ؟ هذا ما احاول نقله للقارئ الكريم عبر هذه السطور ،فالذكريات تتدفق وتفرض حضورها في الحاضر لتدق اجراساً بأن القوش لم تتغير فهي شامخة وراسخة في الأرض كما جبلها وديرها العتيد ، وإن الذي تغير فيها هو الوسائل المتوفرة عبر التطور في الزمكانية ، فالشيرا نفسه هو هو ، لكن القدوم الى الدير في ذلك الزمن كان بمساعدة الحمير واليوم هو بواسطة السيارة ناهيك عن الأدوات والوسائل الأخرى التي تطورت وتغيرت .
في الزمن الجميل يشترك الفقراء والأغنياء بالسير مشياً على الأقدام الى الدير ، مع حمل الأكل والشرب والأمتعة الضرورية للسفرة على الأكتاف ، والميسورين لهم حمير ينقلون على ظهورها بضائعهم من متطلبات السفرة ، كان الطريق مع سفح الجبل وقبل الألتفاف والولوج في وهدة الدير  وليس كما هو حالياً بالذهاب الى دير السيدة ثم الأستدارة نحو الشمال ، لقد اختاروا قديماً اقصر الطرق بمحاذاة سفح لجبل ، فكانت ساحة او ميدان الشمامسة المعروف بالكلدانية ( جًري دشماشي:  Churra D Shamashi) المشرف على وادي المهود ( دركوشياثا : Dargoshyatha) وهو مكان مناسب لألتقاط الأنفاس والأستراحة قليلاً للاستمرار في قطع الطريق الوعر نحو الدير .
من مدخل الكلي تبدأ العوائل بفرش البسط والأفرشة ثم تتوزع  في منعطفات وكهوف الدير ويرتكز معظمهم قرب ( الكافا سموقا ) والجهة الشرقية اليمنى لوهدة الدير ، وفي مدخل الكلي كان ( صهريج صغير يعرف محلياً بـ ( سارجتا : Sarechta ) تستقطب عددا مهماً من العوائل لتوفر الماء العذب في هذا الصهريج<1> الصغير نسبياً .
من المناطق المهمة في الطريق الى الدير وفي وسط الكلي تقريباً هنالك الكهف الأحمر ( كافا سموقا ) ، حيث يفترش اصحاب البنادق وينصبون الهدف  ( عَمَنج : نيشان ) في الجانب المقابل من الوادي ، حيث يثبت احدهم قطعة حجر مسطحة او قنينة فارغة على صخرة ويبدأ حاملي البنادق بالرمي على الهدف ، وإمعاناً في التحدي يقوم احدهم بتثبيت سيكارة في فوهة القنينة ، والشرط يكون بالتصويب نحو السيكارة دون ان تنكسر القنينة الزجاجية في اسفلها .
الجدير بالملاحظة ان حمل البندقية يعتبر من اسباب الوجاهة والهيبة ، وهناك انواع من البنادق ( تَفكتا جمعها تفنكي : Tafengi ) وهناك انواع منها ( سيتيرا ) و ( انكليزية ) و ( جاردا خور ) و ( كجكجابي : Kichkchapi) و ( برنو) التي تعتبرافضلها وغيرها ، اليوم اختفت هذه الظاهرة ، لم يعد حمل السلاح مسموحاً به ، ولم يعد امتلاك البندقية من مظاهر الوجاهة .
بالأمس كان الألاقشة ينتشرون في انحاء الكلي ويستظلون بظلال الأشجار الوارفة ، اليوم  اختفت تلك الأشجار ، وتلجأ كل عائلة الى نصب خيمة ولا يسمح بنصب الخيام داخل الكلي ، بل ينصبون خيامهم في السهل الممتد بين دير السيدة وفتحة الكلي ، ومن الفروقات ايضاً ، ان الجلوس سابقاً يكون على الحشيش مباشرة ، واليوم اصبحت الكراسي من الضروريات للسفرة .
في مطاوي الخمسينات لا تزيد السيارات القادمة من تلكيف وتلسقف وباطنايا لا تزيد على عدد اصابع اليد الواحدة ، وهي عبارة عن باصات خشبية ( باس : Pas ) اليوم لم يعد مهرجان الشيرة يستوعب الكم الهائل من السيارات القادمة من تلك المدن الكلدانية وألقوش ، فاضطر القائمون على هذه المناسبة على تخصيص يومين لأقامة المهرجان ، يوم لغير الألاقشة ( نخرايي) ويوم آخر لأهل الفوش . نعم انه فرق شاسع بين ما كان عليه الناس وما هم عليه اليوم ، ومن هذه الفروقات السيارات الحديثة التي يسوقها اولاد اليوم ، إنها تدل الى الرخاء والرفاهية .
ما يمكن وضعه في باب المقارنة ، ان الدير يفتقر اليوم الى ساكنيه الأصلين من الرهبان والقسس بل من المطارنة والبطاركة ، ففي احصائية اوردتها في كتابي حول القوش : ان الرهبنة الهرمزية الكلدانية انجبت  منذ تجديدها عام 1808 وحتى عام 1977  ( 354 ) راهباً منهم تخرج 143 كاهناً و19 مطراناً وبطريركاً واحداً هو البطريرك يوسف اودو . اليوم لم يعد في الدير سوى افراد الشرطة الذين مهمتهم تقتصر على حراسة الدير ومعالمه التاريخية . بقي ان اشير الى ملاحظة او مقارنة اخرى ، وهي ان الزوار في الزمن الماضي الجميل لم يتركو هذا الكم الكبير من القمامة والمخلفات ، اما اليوم في عصر السيارة الحديثة ، فإن العوائل الزائرة تترك كماً كبيراً من القناني الزجاجية والعلب المعدنية وأكياس البلاستك وغيرها من المخلفات التي ينبغي على العائلة ان تجمع هذه المخلفات وتترك المكان نظيفاً ، ويبدو انه في اليوم الأول وهو المخصص لغير الألاقشة ، اكثر تلويثاً للمكان فليس اي اهتمام من قبل هؤلاء الزوار الأعزاء بنظافة المكان .
الدير والتحديث
الطبيعة كانت تكتسي معالم الدير ، وكان في وضعه هذا يحمل في طياته سمات الهيبة والرهبة وعبق التاريخ ، فالهدوء والسكينة والصمت المطبق لا يعكر صفوها سوى زقزقة العصافير ورقصهم ومرحهم وهبوب النسيم العليل وحفيف الأشجار ، ومن المناطق الأثرية كانت في صدر الكلي اثر لنضوح ماء عذب نطلق عليه عين القديس( اينا دقيشا ) ، ويرجح ان يكون هذا المصدر للماء هو الذي اغرى الربان هرمز لاختيار هذا المكان للاستقرار والصوم والصلاة والتعبد والأعتكاف بعيداً عن البشر ، وكان في تلك الفترة ( اواسط الخمسينات ) يتوسط المكان جرن ( كارنا : Garna ) حجري كبير ، وكان المكان مظلماً ينبغي التريث والتوقف قليلاً لكي تستطيع العين تمييز معالم المكان ، وهذه الحالة تنطبق الى حد كبير ممرات المغارة الكبيرة المعروفة بـ ( بخشوكي ) اي بيت الظلام او المظلم ، وكان الولوج الى هذا الموضع  يتم عن طريق الأضاءة بالشموع فالذي يسير في المقدمة يحمل بيدة شمعة لإضاءة الممر الذي يتطلب خفض الرأس والأنحناء قليلاً . وهناك مقبرة البطاركة وهيكل الكنيسة القديمة والرواق الواسع تحت ساحة الكنيسة الأمامية ، وثمة الى الشرق من بناية الدير كهف البارود ( كوبا دباروت : Guppa d Baroot)  حيث ينضح من بين الصخور مياه معدنية صالحة لبعص الأمراض الجلدية ، هذا وهناك الكثير من المغارات والكهوف والمعالم التاريخية في هذا الدير العتيد .
اليوم تمتد الى الدير شبكة المياه لتزود الدير بكمية المياه المطلوبة وبذلك تنتفي الحاجة الى الصهاريج المتعددة المنتشرة في زوايا الدير ، كما ان الدير مزود بالطاقة الكهربائية المطلوبة ، وهنا ينبغي الإشارة الى ما فعلته الكهرباء بهذا الدير ، فبالرغم من اهمية الطاقة الكهربائية للحياة المعاصرة ، لكن انتشار الإضاءة في ثنايا وزوايا الكهوف ، قد افقد تلك الأماكن هيبتها وعبقها التاريخي ، اليوم اصبحت ( بخشوكي ) اي بين الظلام او المظلم اصبح البيت المضاء ، وعين القديس اصبح مضاءً وواضحاً غاب جرن الماء في الوسط  ، وأصبح عبارة عن مغارة رطبة فيها قليل من الماء مسكوب على ارضها ، انا ارى ان الكهرباء او طريقة اضاءتها قد افقدها منظرها المهيب وربما كان من الأفضل تزويدها بمصابيح وإضاءة خافتة مناسبة لكي تلائم المكان الأثري ، وربما هذا ينطبق على الترميمات والصيانة الجارية فينبغي اختيار المواد المناسبة ، فليس من اللائق تزويقها بالسيراميك والمواد المستخدمة في ديكورات المطاعم وقاعات الأحتفال ، إنها اماكن اثرية تاريخية ينبغي حين إجراء اعمال الترميمات والصيانة مراعاة هذه السمة للحفاظ على طرازها الأثري .
مقتطفات من كتابي القوش دراسة انثروبولوجية .. حول دير الربان هرمزد
حينما يصل القادم الى القوش الى قرية شرفية تتراءى امامه الى الشرق من القوش وهدة عميقة يرتفع من صدرها بناية الدير والكنيسة ويخيل للقادم ان نسراً عملاقاً يفرش جناحيه متأهباً للانطلاق والتحليق في السماء العالية ، هكذا يتراءى الدير للقادم من بعيد وكلما دنونا منه برزت معالمه وتوضحت تفاصيله .
وإن كان الطريق الى الدير سهلاً ومعبداً الى مكان قريب من بناية الدير ، ففي السابق لم يكن كذلك فيكتب في اواخر القرن التاسع عشر السير وليس بدج حينما  زار الدير يقول :
قام الرهبان بشق طريق في الصخر في بعض الأمكنة ، كما عبد الطريق هذا في بعض اقسامه بالحصباء ، وأخذنا نرقي منحدراً ولحسن الحظ كان قصيراً ، فبلغنا المنصة التي التي يقوم عليها الدير شامخاً باذخاً متجبراً ، وبتحري الدقة فإن بنايته لا تشبه بناية دير من النوع المألوف .
في تاريخ الدير نقرأ  ان الربان هرمز قدم الى هذه الأصقاع حوالي سنة 640 ميلادية برفقة الربان ابراهيم الذي بقي في موضع قريب من باطنايا ليؤسس دير مار اوراها المعروف ، ولجأ الربان هرمز الى وهدة في جبل القوش بالقرب من ينبوع صغير للماء ، أرجح ان يكون المقصود (اينا دقديشا ) عين القديس الذي مر ذكره قبل قليل . وتوفي الربان هرمز في ديره وعمره 87 سنة قضى منها 20 سنة في البيت وفي الدراسة و39 سنة في دير الربان برعيثا و6 سنوات في دير الرأس و22 سنة ديره .
ومن المفيد ان نختم هذا المقال بمقاطع من المقام الذي كتبه المرحوم الأب يوحنا جولاغ يقول :
هذا الشموخ من واديك صوب العلى
آية ملؤها بهاء وجمال
وهذه الأطياف الجاثمة فوق آثارها
بطولات وعبر تخلدها الأجيال
لكن الطود الصامد باق مهما نطح به الغزال ..
....
 يا دير يا مثوى السكينة تشفها شوقاً الى الذرى تسابيح وأقوال
القلب فيك طائر ولهان وأعقل خواطره موجات طوال
صخورك الصماء خاشعة ناطقة بخير ما قاله الحكماء والعقال <2 > .
د. حبيب تومي ـ القوش في 12 ـ 05 ـ 2014
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
<1> ـ سارجتا تصغير سارج ( صهريج ) وهو عبارة عن حفرة في الأرض الصخرية لخزن مياه المطر ، ويصار الى جمع هذه المياه عبر قنوات صغيرة ينزل عبرها الماء من قمة الجبل ومنحدراته ليستقر في الصهريج ، الذي يمتاز بفتحته الصغيرة في الأعلى وتتوسع القاعدة كلما نزلنا الى باطن الأرض .
 الجدير بالملاحظة ان راهب الدير كان ينذر على نفسه نقر قلاية لسكنه ولأعتكافه فيها والى جوارها ينقر في الأرض صهريج يجمع فيه الماء ، وإن نماذج لهذه القلايات والصهاريج محفورة في الجزء الغربي من الدير .
<2> ـ كتابي الموسوم القوش دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية ص200  ـ 205

34
لا اتوقع الفوز في الأنتخابات .. كيف؟ ولماذا ؟
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi71@gmail.com
اجل لا اتوقع الفوز في الأنتخابات المقبلة لاعتبارت بعيدة من منطق الخبرة والأخلاص والتجربة ، فلعبة الأنتخابات يدخل فيها الكثير من العوامل وأسطيع تشخيص بعض العوامل التي كان لها الدور المؤثر في الحصول على الأصوات ، وأنا مع كل ذلك اهنئ من يفوز في الأنتخابات و احترم رأي الناخب مهما كانت التأثيرات ، وهنا أورد بعض العوامل التي أثرت في النتيجة وبشكل صريح ودون مجاملة لأي طرف وهي :
اولاً : ـ
 عملية الأنتخابات حالة مهمة كان يجب إيلاء الأهتمام لها ، انها الخطوة الأولى في طريق الديمقراطية التي نحن بأمس الحاجة لانتهاجها والتمسك بها ، ويوم توجه المواطن نحو صناديق الأقتراع هو الحد الفاصل لوضع اللبنة الأساسية للنهج السياسي لأربع سنوات قادمة ، وكان لي من الأفكار ما يفيد المجتمع العراقي بشكل عام والمجتمع  المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين بشكل خاص . لكني اهملت هذه اللعبة المهمة ، وكان لذلك اسباب منها صحية ، حيث كان لي برنامج طموح للدعاية الأنتخابية بالسفر الى بعض الدول الأوروبية مثل السويد والدنمارك وهولندا وألمانيا وبعد ذلك السفر الى امريكا  ، ديترويت وساندييكو ، وربما الى استراليا ، وأخيراً مدن العراق مثل بغداد والبصرة والناصرية ، وذلك لعقد ندوات تخص الأنتخابات لكن العملية الجراحية التي تزامن وقتها قريباً من موعد الأنتخابات قد سبب في إلغاء هذا البرنامج الطموح ، فكان تأخري عن قافلة الدعاية الضرورية في اللعبة الأنتخابية .
ثانياً : ـ
اثناء سفري الى عنكاوا وألقوش تفاجئت بهذا الكم الهائل من الصور والمصلقات والبوسترات لكيانات وأحزاب شعبنا ، وكانت دعايتي الأنتخابية بعيدة عن التأثير على الناخب من ابناء شعبنا ، حيث كانت بعض الصور بمثابة قطرة في بحر ، لم تجذب انتباه الناخب . جهودي المتواضعة تضمنت طبع ولصق بعض الصور إضافة الى عقد ندوة انتخابية واحدة في القوش ، وكلفتني هذه الدعاية على بساطتها وتواضعها حوالي مليون دينار ، وأنا اتساءل كم يا ترى صرفت الكيانات الأخرى للكوتا المسيحية ناهيك عن الكيانات والأحزاب الكبيرة ؟  فلو كان في مناطقنا ( عتاّكة ) وهم الذين يتاجرون بالسكراب المستخرج من أطر اللوحات الإعلانية المصنوعة من الحديد والألومنيوم والخشب ، لما استفادوا من دعاية حبيب تومي شئ يذكر، بل كانت استفادتهم من الكيانات الغنية المعروفة من احزاب شعبنا الذين صرفوا ملايين الدولارات على الدعاية الأنتخابية .
ثالثاً :ـ
انا شخصياً وأفراد عائلتي معي لم يسمح لنا الأشتراك في عملية الأقتراع في المركز الأنتخابي المرقم 131401 في مدرسة القوش الأبتدائية الأولى للبنين ، وقد ابرزت لهم هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية وبطاقة السكن في القوش ، إضافة الى جواز سفر نرويجي وبطاقة السفر ، وإنني غادرت العراق منذ زمن صدام حسين ، كل الحجج والوثائق لم تجدي نفعاً ولم تقنع المراقبين ، ابلغوني ان اتوجه الى بغداد وأراجع المركز الأنتخابي في المدرسة الفلانية في الغدير ،  لقد حرمت المفوضية العليا للانتخابات قطاع كبير من المواطنين العراقيين وأنا وافراد عائلتي حرمنا من هذا الحق من الإدلاء بأصواتهم لأسباب تافهة ولم يكن اي دراسة مستفيضة للحالات الخاصة للمواطنين  .
رابعاً :ـ
في القوش وغيرها من مدننا وقرانا ترددت أقاويل وأحاديث تفاوتت بين العتاب والنقد والأستنكار حول تدخل الحزب الشيوعي العراقي والحزب الديمقراطي الكوردستاني بالكوتا المسيحية ، عن طريق خلق كيان شلاما من قبل الحزب الديمقرطي الكوردستاني وكيان الوركاء الديمقراطي من قبل الحزب الشيوعي العراقي ، مما يشار اليه ان الحزبين لهما ماض عريق في النضال السياسي فلا يليق بهما التدخل والطمع في 5 كراسي يتيمة للكوتا المسيحية ، فجند الحزبان امكانياتهما البشرية والمادية للاستيلاء على مقاعد في هذه الكوتا ، هذا ما اشار اليه المهتمون بالأمور السياسية لشعبنا المسيحي .
خامساً : ـ
اسلوب الدعاية الأنتخابية ، إذ تميزت بعض القوائم بالقيام بالدعاية الأنتخابية بشكل جماعي وكفريق واحد ، كما حصل لقائمة المجلس الشعبي وقائمة الرافدين وقائمة ابناء النهرين ، لكن ثمة قوائم اخرى سلكت في الدعاية الأنتخابية وكأن من فيها مرشحين مستقلين وكل شخص يسعى الى ابراز نفسه بشكل مستقل، وكمثال على ذلك قائمة اور الوطنية التي سعى فيها رئيس القائمة الأخ ابلحد افرام الى ابراز نفسه وشخصيته تحديداً فيما عرض من ملصقات وصور ، وبنفس السياق كانت قائمة بابليون ، إذ تميزت بالتفكك وعدم التناسق بين المرشحين ورئيس القائمة وهو الأخ ريان الكلداني ، فقد كان تركيز الأخ ريان على اخيه اسوان بشكل كبير في الوقت الذي كان ينبغي على رئيس القائمة اكثر حيادية وأن يقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين في قائمته .
انا شخصياً حينما وصلت الى القوش تعجبت لهذه الكثافة لصور الأخ ريان وأخيه اسوان ، وكان وجودنا فقط حينما لجأنا الى لصق بعض الصور التي طبعتها في شرفية وأخرى التي ارسلها الأخ ريان من بغداد فكان هناك بون شاسع بين تلك الملصقات .
 اكثر من واحد صادفني بعد الأنتخابات وهو يقول لقد انتخبتك في الأنتخابات لقد طلبت بابليون وأسوان ، وهو يقول اليست هذه قائمتك ؟ إذاً الدعاية كانت لأسوان تحديداً ، وأتمنى من كل قلبي الفوز لأسوان ، فهو شاب كلداني يستحق الفوز . اتمنى ان اكون مخطئاً في قراءتي لهذه الحالة من الدعاية الأنتخابية .
سادساً :ـ
ان لموقع القوش نت موقف اخوي ودي حينما بادر الى وضع البوستر الذي يخصني لمدة شهر كامل دون مقابل ، وهذا موقف اخوي من الصديق عادل زوري وكذلك كان موقف موقع نادي بابل الكلداني في النرويج ،وشبيه بهذا الموقف كان من موقع صوت العراق ، وكذلك كان الموقف المحايد لموقع عنكاوا كوم ، وكان الموقف الرائع الودي من كثيرمن الأصدقاء والأقارب على موقع التواصل الأجتماعي لفيسبوك ، في الحقيقة لم يعد موضوع الفوز يشغلني ، فالمهم ما بعد فرز الأصوات وموقف الذين يفوزون في الأنتخابات ومستقبل العملية السياسية في العراق ، وموقف نوابنا ( الكوتا المسيحية ) داخل قبة البرلمان ، هل يكونون اوفياء لمن اوصلهم الى البرلمان ؟
لقد تعب الشعب العراقي من طبقة سياسية همها الأول والأخير خدمة مصالحها ونحن نتطلع ان تفرز الأنتخابات الجديدة طبقة سياسية تضع مصلحة شعبها ووطنها في المقدمة ، وأن تكون الحكومة القادمة مبنية على عاتق طبقة سياسية من التكنوقراط لكي تنأى بعيداً عن الصرعات السياسية والطائفية التي مزقت هذا الوطن .
كما نتطلع الى تغيير في ذهنية نواب الكوتا المسيحية ، فالنواب في السابق كانوا يغردون خارج سرب شعبهم ، إذ كانت الهجرة والتغيير الديموغرافي والإرهاب يطال هذا الشعب المسكين وهم لا يحركون ساكناً ، بل كان جل اهتمامهم منصب على التعصب الطائفي والقومي ، فلم يهتموا بالمواضيع المصيرية المهمة بقدر اهتمامهم بمحاربة الكلدان قومياً وتاريخياً وسياسياً وفكرياً ، فاجتهدوا في تقسيم شعبنا الكلداني والسريان الى وحدويين وانقساميين ، مما جعل هذا الشعب المسكين منقسماً على نفسه بسبب تلك السياسة الأقصائية المرفوضة إنسانياً ووطنياً . نتطلع الى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشورين بمنأى عن تلك الأفكار العنصرية .
د. حبيب تومي ـ القوش في 04 ـ 05 ـ 2014

35
ايليا خيرو بلّو رحلة عمر حافلة .. تتوقف
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
haeebtomi71@gmail.com
 رحل من بيننا بهدوء المرحوم ايليا خيرو بلو عن عمر يناهز التسعين سنة ، وهذا الرحيل قد حفزني للكتابة عن هذا الإنسان الألقوشي الرائع والذي مثلت حياته تجسيداً حياً لمراحل مرت بها مدينته الجميلة القوش .
المرحوم ايليا خيرو بلو من مواليد 1923 وهو زوج شكري كريش ، وشقيق كل من عابد ، اسطيفوا ، ودي ، حبوبة والمرحومين كريم ، شمعون ، شمّي ، وبغية الوصول الى هدفنا لا بد من العودة الى الوراء نحو تخوم اواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات من القرن الماضي ، وسنصادف الفقر يلف الجميع باستثناء بعض العوائل التي تعتبر ميسورة في ذلك الوقت لامتلاكها قليل من المال ، والى جانب هذا الفقر سنصادف القناعة لدى الجميع والحياة تسير بهدوء وبساطة . ونموذج لذلك نأخذ حياة الراحل ايليا خيرو بلو حيث كان في ريعان وقوة شبابه في تلك المرحلة ، واليوم  رحل من بيننا الى الحياة الأبدية يوم 28 نيسان الجاري في مدينة سانديكو بكاليفورنيا بأميركا .
حلقة الوصل لمواكبة واطلاع على حياة المرحوم كانت المرحومة الوالدة شكري ( باجي) صادق بلو والتي دأبت على زرع حب الناس واحترامهم في قلوبنا ، ومن رابطة قرابة الخؤولة فإن أي شخص كبير في عائلة بلو هو خالي ينبغي احترامه ، وهكذا فإن المرحوم ايليا هو ابن خالي خيرو ، وكانت امي تحرص على زيارة اولاد عمها ( خوالي ) لأنها كانت يتيمة من الأب الذي كان احد ضحايا الحرب العالمية الأولى ، وأمها تزوجت تخلصاً  من آفة الفقر والجوع ، وبقيت امي وعمرها ستة اشهر في كنف ابن عمها كنا بلو الى ان تزوجت عام 1940 .
 اتذكرا ان المرحوم ايليا مع زوجته المرحومة شكري كريش في البيت الملاصق لبيت خالي كنا بلو الذي يقع خلف كنيسة مار كيوركيس في محلة قاشا ، والبيت الذي اتكلم عنه هو عبارة عن غرفة واحدة يمكن الصعود ( التسلق ) اليه فيما يشبه الدرج .
عرفت المرحوم ايليا وأنا طفل صغير وهو يحمل المنجل على كتفه مع عمي كيكا وغيره من العمال ، وهم ينتظرون في سوق القوش من يأخذهم الى حقل الحنطة لحصد  المحصول الناضج، إن الحصاد من الأعمال الشاقة في ايام تموز الحارة ، وإن انتهى موسم الحصاد ينتقل المرحوم ايليا الى تعزيق تربة مزرعة البطيخ ( خبارا د وًرزا ) ، الأجور هنا اقل من حصاد محصول الحنطة ، لكن المهم هنا الأستمرارية في العمل ، لقد رأيت المرحوم ايليا يعمل خبّاطاً او عجاناً ( كًوالا) الجص الى جانب متي ابونا في بيت بيبو حلبي المجاور لبيتنا ، كما عمل المرحوم ايليا في حفر وتعزيق وتقليم  الكروم ، ( مخايا مّارا ) وعمل في الكور ( اتونا ) لحرق الصخور الكلسية بغية الحصول على مادة الجص ، وما ادراك ماهو العمل في اتونا ؟  إنه من الأعمال الشاقة من الفه الى يائه والعمل مهم لتحضيرمادة الجص المستخدم كملاط في بناء البيوت قبل ظهور وانتشار مادة السمنت ، كما عمل في منطقة الكنود في استخراج الصخور الكلسية .
في مسيرة العمل الكادح عمل ايليا خيرو بلو لمدة ثلاثة اشهر بشكل متواصل في الميتم الملاصق لدير السيدة الذي شيّد في اواسط الخمسينات من القرن الماضي وكان عمله المضني يتلخص في ملئ كيس كبير ( مر جبطا سموقا ) بالجص وحمله ونقله الى السطح مع كل متطلبات البناء ، والعمل المضني هذا كان بأجور يومية قدرها ( 4 ) دراهم لليوم الواحد ، وكانت امرأة من الجيران قد حسدت المرحوم ايليا وأخذت تحسب المحصول الكبير لأيليا لثلاثة اشهر مضروبة بأربعة دراهم كم اصبح غنياً هذا الرجل ؟
الأوضاع غير المستقرة في الشمال كانت وراء هبوب رياح الهجرة في الستينات من القرن الماضي ، فكانت استراحة محارب بالنسبة للمرحوم ايليا إذ شد الرحال ليستقر في بغداد ليبدأ مشوار جديد لمواصلة الكفاح والعمل ، وهنا كان عليه ان يعمل في حقل البيع والشراء ، فهنالك شريحة كبيرة من ابناء شعبنا آثروا الاستقرار في بغداد قادمين من المحافظات الشمالية بسبب اوضاع الحرب في تلك المناطق ، وهؤلاء يحبذون المأكولات التي تعلموا عليها ، كالبرغل ( كركور ) والحبية ( بقّوتا ) والجريش ( سمذي كريسي) والجبن الأبيض وجرزات الشمال والراشي ، فكان خيار المرحوم ايليا العمل في تجارة هذه المواد ، واشترك مع ابن عمله جميل بلو وذلك بوضع المواد في عربة الدفع اليدوية ، ودفعها في الشوارع والأزقة التي بها ابناء شعبنا .واستطاع بهذا العمل التجاري المتواضع مع الإستمرارية والتواصل والإرادة ان يحقق نجاحات اقتصادية وتماشياً مع العمل التجاري هذا دأب الأولاء على الأنخراط  في العمل التجاري ، ولكن ليس عن طريق التجول في الأزقة والدرابين بل في محلات وأسواق تجارية .
قد يتساءل احدهم ويقول ان هذا الرجل لم يذق طعم السعادة في حياته ، لأنه كان متواصلاً في العمل ، ولكن انا اختلف مع هذا الرأي ، فالتعريف الحديث للسعادة هو السعي لتحقيق هدف ، إن شئت ان تصل قمة فسعادك هي في التعب والشقاء في محاولة لبلوغ تلك القمة ، يقول الفيلسوف ارسطو : ان السعادة هي في العمل والمقصود بالفكرة ان الناس في نهاية المطاف يبتغون السعادة او الشعور بالسعادة في اي عمل يؤدونه .
إن كان المرحوم ايليا قد ترك القوش الى بغداد هرباً من الأوضاع وسعياً لأسباب المعيشة ، فإن الأولاد كان طموحهم ابعد ، فقد عزموا امرهم للهجرة الى اميركا ، العالم الجديد ، بلاد الفرص ، وكانت تربية العائلة في الكدح والإخلاص بالعمل متأصلة في اعماقهم ، هكذا تقدم هؤلاء الأولاد النجباء في المجال التجاري والأقتصادي محققين نجاحات مهمة في اميركا ، لقد اثبت هؤلاء الأولاد بأنهم خير خلف لخير سلف .
لقد تقاعد المرحوم ايليا خيرو بلو من مشقات العمل والكدح ، وبقي مع زوجته شكري كريش يعيش سعيداً الى ان خطفت يد المنون شريكة العمر شكري ، ولم يقبل المرحوم ايليا ان ينتقل الى بيت اولاده بل تشبث ساكناً في البيت الذي يحمل ذكرياته السعيدة مع الزوجة الوفية .
لقد زرت المرحوم ايليا في بيته المتواضع الجميل في سانديكو ، وحين جلست مع هذا الإنسان انساب نهر الذكريات في مخيلتي ، وعلمت ان هذا الرجل يحمل في اعماقه فيضاً كبيراً من توصيفات الأنسان العظيم .
بعد ان مضت قافلة سنين العمر بعقودها التسعة يرحل ايليا خيرو بلو الى الحياة الأبدية ، ونتضرع الى الرب يسوع ان يتغمد المرحوم بوافر رحمته وأن يسكنه فسيح ملكوته السماوي مع الأبرار والقديسين ، وأن يلهمهم جميعاً نعمة الصبر والسلوان .
وبهذه المناسبة الأليمة نعبر عن حزننا ، فنقدم تعازينا القلبية لأولاده الطيبين : يونس ، خالد ، جلال ، فاضل ، ريمون ، فؤاد ، صبرية والى اخوانه وأخواته والى كل آل بلو الكرام .
د. حبيب تومي ـ القوش في 02 ـ 05 ـ 2014

36
صورتي الصغيرة تصارع من اجل البقاء بين الصور الكبيرة وردود وهوامش متفرقة
 بقلم : د. حبيب تومي مرشح قائمة بابليون تسلسل رقم 2 ـ القوش
habeebtomi71@gmail.com
نحن في الهزيع الأخير من ليل الدعاية الأنتخابية التي  كانت عبارة عن معركة محورها تعليق الصور الكبيرة  والصغيرة التي  ترتفع فوق المباني والدور السكنية وعلى امتداد ارصفة الشوارع بالإضافة الى نشر الإعلانات المدفوعة الثمن في بعض الفضائيات ، وغيرهم  من القوائم والشخصيات الحزبية من الذين يملكون فضائيات تابعة لهم ، فإن دعايتهم الأنتخابية تجري على قدم وساق على مدار الساعة ، وفضائية عشتار المسيحية مثال حي لتفرغها كلياً للدعاية الأنتخابية لقائمة المجلس الشعبي حصرياً .
في الأول من نيسان بدأت الحملة الأنتخابية ، وفي القوش صادفت بعض الزملاء وهم يعلقون تصاوير رئيس احد الأحزاب لشعبنا ، وكانت صور جميلة ومثبتة تثبيتاً جيداً على لوائح من الخشب بحيث لا تؤثر عليها هبوب الرياح ، واعتقدت انها صور معدودة ، لكن اكتشفت ان اعداداً هائلة من تلك الصور منتشرة ومثبتة في مدننا وقرانا حيث رأيت نفس الكثافة من تلك الصورة في مدينة عنكاوا وغيرها ، وفي الحقيقة لم اعثر على صور المرشحين الآخرين في نفس القائمة معلقة إلا ما ندر ، ثم ظهر بمرور الأيام ان الصور الضخمة للمرشحين في الأحزاب والكيانات الأخرى بدأت تتسابق فيما بينها لتكون اكثر بروزاً ووضوحاً امام المواطن .
بعد ان اصبحت منعطفات وشوراع القوش مليئة بتلك الصور بادرت متأخراً ان اطبع بوستر واحد وتوجهت الى مطبعة في شرفية عملاً بالمثل الروسي : ان تصل متأخراً افضل من ان لا تصل ابداً ، وبعد ان طبعت تلك البوسترات وصلتني  كمية من البوسترات من الأخ ريان الكلداني ، وقام بعض المؤيدين لقائمة بابليون بلصق بعضها في شوارع القوش ، كما دفعت اجور تعليق بعضها الآخر في القوش وفي عنكاوا ، كلفني ذلك مبلغاً مهماً بالنسبة لي وتساءلت كم صرف اصحاب تلك الصور الكبيرة الجميلة والمثبتة تثبيتاً جيداً انه امر يدفع على التعجب ، لأنني شاركت في عملية انتخابية في النرويج ، ولم اشاهد اي صورة لأي مرشح معلقة في الشوارع . ولا ادري كيف سيتصرف الناخب العراقي المسكين امام هذا السيل الجارف من الدعاية ، وهل سينجذب ويختار اصحاب الصور الكبيرة والكثيرة المعلقة في اعلى المباني وعلى طول ارصفة الشوارع ام سوف يختار الشخص المناسب في المكان المناسب ليغدو عضواً في البرلمان بمنأى عن كبر صورة المرشح المعلقة او صغرها .
عودة الى لغة التسقيط السياسي
السيد يوسف شكوانا المحترم دأب كل مرة على انتقاء بعض الجمل او فكرة من المقال الذي انشره ثم يعلق عليها ليصبح منبراً حراً لمجموعة من المقنعين ليفرغوا جام حقدهم وغضبهم على حبيب تومي وعلى كل من يفتخر بقوميته الكلدانية ، فهؤلاء اتخذوا قراراً في حزبهم بأن يوصم كل من يعتز بانتمائه الكلداني بأنه انقسامي ، وهكذا كتب السيد يوسف شكوانا قبل ايام مقالاً بعنوان : هل يجوز ان يمثل شعبنا انقسامي ؟ وفي المفهوم الزوعاوي ان الأنقسامي هو من يعتز بانتمائه الكلداني ، والوحدوي هو من يتعصب لأنتمائه الآشوري ، ووزعوا التهم وخوّنوا من يخالفهم رأياً ومن لا يرضى بفكرهم الأقصائي ، وإن الأقلام المقنعة على اهبة الأستعداد للنيل من هؤلاء تماماً كالخطاب البعثي الأقصائي : الذي كان يقول البعث نور لمن يهتدي ونار لمن يعتدي ، ومن يعتدي كان يقصد به كل من يعارض ولا يقبل بالخطاب البعثي ، فكل من يعيش في الوطن العربي هو عربي ، والويل لمن يعترض او لا يقبل بهذا الطرح .
السيد يوسف شكوانا همومه هي حبيب تومي فهو يفتح الطريق امام الطاقم ليسجل كلمات الحقد ولغة التسقيط . فهو يرى القشة في عين صاحبه دون ان ينتبه الى العود الذي في عينه ، فهو لا يرى ان حركته ( الحركة الديمقراطية الآشورية ) قد اصابها الهرم والتفكك وتشهد عمليات انشقاق وتمزق كبيرة ، ودون ان يرى ان اهتمام وانتماء الأخ يونادم  كنا العائلي اقوى من اهتمامه وانتمائه القومي ، ودون ان يرى ايضاً حملات النقد اللاذعة حينما أيد السيد وزير الزوعا للقانون الجعفري الذي كان محط استنكار من الشيعة انفسهم ، ودون ان يرى ان الزوعا تتسلح بفكر قومي إقصائي بحق الكلدان والسريان .
كلام في قوائم شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين
 بعد سقوط النظام في 2003 بدأ يتبلور منحى جديد في العملية السياسية ، إذ بدأ الولاء السياسي ينحو منحى الخطاب الطائفي ، ونحن الكلدان بدأت تظهر يقظة قومية مفادها اننا شعب اصيل ينبغي ان يكون لنا مكان في في الطبقة السياسية والخارطة القومية العراقية ، لكن الأحزاب الآشورية طرحت نفسها كممثل للمسيحيين كافة وعاونهم بذلك الحاكم الأمريكي بول برائمر ، وفي انتخابات الدورة الأولى عام 2005 كان هنالك قائمة مسيحية واحدة تابعة لحزب اشوري ، وفي الحقيقة وضعنا ثقلنا وثقتنا في هذا الحزب قبل ان يتبين انه حزب قومي عنصري يعمل على إذابة المكون الكلداني وتفريغه من تكوينه القومي .
المهم في هذا الصدد ان المعادلة مختلفة كلياً فالحركة الديمقراطية الآشورية تشهد انشقاقاً وتمرداً في صفوفها فلم تعد اللاعب الوحيد على الساحة ، والمنافسة على مقاعد الكوتا تشهد منافسة قوية بين 9 قوائم لها اجندة مختلفة . فهنالك قائمة المجلس الشعبي القوية التي تملك المال الوفير ويخدمها اقوى إعلام ، وهنالك قائمة ابناء النهرين المنشقة من الزوعا التي تتميز بالحراك السياسي ويبدو انها تتلقى الدعم ..
وثمة قوائم اخرى من الكوتا تتلقى الدعم المعنوي او المادي من جهات اخرى وهي معروفة لا داعي لذكرها . نستنتج من ذلك ان الكوتا المسيحية لم تعد مسيحية صرفة ، فهي تحت تأثير الكبار ، وكل قائمة من القوائم المسيحية تتنافس بكفاءة وندية ومن موقع قوة ، هكذا قائمتي الزوعا والمجلس الشعبي عليهما التهيؤ للمنافسة الشديدة مع القوائم التي لم تعد قوائم ضعيفة .
إن الحصول على اي مقعد في البرلمان العراقي من حصة الكوتا المسيحية من قبل القوائم الأخرى سيشكل خسارة للمجلس الشعبي والزوعا ، لأن قائمة البابليون مثلاً  إن لم تحصل على اي مقعد سوف لا يشكل ذلك خسارة لها ،لأنها ببساطة لم يكن لها مقعد وخسرته في الأنتخابات ، وهذا ينطبق على القوائم الستة الأخرى باستثناء الزوعا والمجلس الشعبي ، فإن خرجت إحدى القوائم بمقعد سيكون على حساب المجلس الشعبي والزوعا تحديداً ، فكم تكون خسارة الحزبين ( الزوعا والمجلس الشعبي ) يا ترى لو حصلت اكثر من قائمة على مقعد ؟
الايام القليلة القادمة حبلى بالمفاجئات السارة او المحبطة ، وفي الحقيقة يجب ان نحترم رغبة الناخب ونقبل باختياره بروح رياضية ، ونقبل بالنتيجة إن كنا نؤمن بالديمقراطية التي تعني حكم الشعب .
د. حبيب تومي مرشح قائمة بابليون المرقمة 303 تسلسل رقم 2 ـ القوش في 26 ـ 04 ـ 2014

37
من يقف وراء الحملة الظالمة ضد قائمة بابليون ؟
بقلم : د. حبيب تومي ، مرشح رقم 2 في قائمة بابليون رقم 303 ـ القوش
habeebtomi@yahoo.no
المساهمة في العملية السياسية حق مشروع لكل مواطن عراقي ، وفي العراق المدني الديمقراطي الذي ننشده ، تشكل نتائج صناديق الأقتراع هي المحك الذي تنطلق منه العملية السياسية ، ويتبلور من خلالها وجه الحكومة المقبلة واتجاهها ، وانطلاقاً من روح العملية الديمقراطية ومن مبدأ شرعية الأختلاف في الآراء والمواقف السياسية سيفضي بنا الرأي الى الأقرار بشرعية لا بل بضرورة وأهمية المعارضة السياسية والتي لها الشرعية والحق في السعي نحو استلام الحكم ، ولهذا تشكل عملية الأنتخابات خطوة مهمة وجوهرية في سير العملية السياسية  وبعد ذلك هي الصراط الأسلم  نحو تقدم البلد وتطوره ، او في تراوحه في مكانه بل ربما في الرجوع الى الوراء ، ومن هنا ايضاً ينبغي الألتزام بقواعد اللعبة الديمقراطية لكي يفوز في الأنتخابات أشخاص يملكون الخبرة والتجربة اولاً ويتميزون بالنزاهة والإخلاص ثانياً .
لا نكشف سراً او نأتي بجديد إذا قلنا ان العراق يراوح مكانه في عملية البناء والتنمية ، وهذا التلكؤ هو نتيجة حتمية للاوضاع الأستثنائية في ظل انعدام الأمن والأمان وتسيد الفوضى والعنف على مفاصل الحياة ، مع تلكؤ وعرقلة العملية السياسية وهيمنة الأزمات وشيوع الفكر الطائفي الأقصائي بين الفرقاء ، لقد ضربت صورة الدولة العراقية واصبح من السهل اختراق هيبتها ، رغم امكانياتها الهائلة في مختلف المجالات ، لقد اضحت دولة العراق دولة المكونات اي الطوائف بدل ان تكون دولة المواطنة ، لقد كتبت سلسلة من المقالات تحت عنوان : ماذا لو اصبح حبيب تومي رئيساً لوزراء العراق ( يمكن العودة اليها عن طريق العم كوكل ) ، لخصت في تلك المقالات وجهة نظري عن مشاكل العراق والسبيل لوضع الحلول لها .
قائمة بابليون
انطلاقاً من مبدأ واجبات وحقوق المواطن المدرجة في دستور الدولة العراقية ، فقد تكونت كيانات وأحزاب وانبثقت القوائم الأنتخابية التي سوف تتنافس للفوز بمقاعد البرلمان ، وفي شأن المكونات الصغيرة العرقية والدينية كان هناك استخدام نظام الحصص المعروف بالكوتا ، حيث تكون عدد من المقاعد البرلمانية محجوزة للفئات المهمشة . هكذا كان إقرار الكوتا المسيحية المتكونة من خمسة مقاعد مخصصة  للكلدان والسريان والآشوريين إضافة الى مقعد واحد للمكون الأرمني . وانطلاقاً من حقوق المواطنة كانت المبادرة لتشكيل قائمة باسم البابليون لخوض المنافسة على المقاعد الخمسة المحجوزة للمكون المسيحي في العراق ، علماً ان الأخ ريان سالم الكلداني وهو رئيس القائمة يعيش في بغداد وله علاقات طيبة مع مختلف الأوساط القريبة من دائرة صنع القرار في بغداد .
قائمة بابليون لها طموحات كبيرة لخدمة العراق وخدمة شعبنا ويتجلى ذلك في اهدافها ، وهي نقاط كثيرة تتطرق الى مختلف نواحي الحياة السياسية والأقتصادية والأمنية ، ولا تبغي القائمة حصاد او تحقيق اهداف مكاسب حزبية اديولوجية ، بل تريد تخفيف من الهموم اليومية للمواطن ، إن دخول نائب او اكثر من هذه القائمة تحت قبة البرلمان سوف يغير الوجه النمطي للكوتا المسيحية المحصورة  بين الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي فيفضي الى تغيير مهم في الوجه التقليدي للكوتا المسيحية .
من يقف وراء الحملة على قائمة بابليون وعلى اعضائها ؟
حينما انبثقت قائمة البابليون بدأت حملة منظمة للنيل من رئيسها ومن اعضائها المرشحين ، وأنا شخصياً تعرضت لمثل هذه الحملة ولو ان الحملة ضدي دائمية بسبب معتقداتي الفكرية الليبرالية حيث لا اقبل بالفكر الإيدولوجي الأقصائي ، من ناحية اخرى فأنا مقتنع ان كل من يعمل في الشأن العام معرض لشتى الأحتمالات ربما الى المديح او الأنتقاد او ربما الى الشتيمة والتجريح ، وثمة اسباب لكل تلك الأحتمالات ، وبشأن قائمة البابليون فهي كيان جديد على الساحة انبثقت من قلب الوطن العراقي من العاصمة بغداد ، ومهما كانت نتائج الأنتخابات في حسابات الربح والخسارة سوف لا تكون القائمة خاسرة حتى لو لم تحصل على اي مقعد ، لأنها ببساطة لم يكن لها مقاعد في البرلمان وخسرتها في هذه الأنتخابات ، وإن حصلت على مقعد، فسيكون على حساب الحركة الديمقراطية الآشورية او المجلس الشعبي ، لان الحزبان يحتكران المقاعد الخمسة للدورتين الأنتخابيتين السابقتين ، إن كان في برلمان العراق الأتحادي او في برلمان كوردستان .
هذا ما يفسر انزعاج الكيانين ( المجلس الشعبي والزوعا ) من الضيف الجديد او الوليد الطارئ على الساحة وهكذا بدأت الحملة الظالمة المنظمة ، ويبدو ذلك جلياً من كتابات وتعليقات الكتاب الذي يشتركون بهذه الحملة وهم المعروفين بموالاتهم  إما للمجلس الشعبي او الزوعا ، إن الصورة واضحة لا تنطلي على ذي نظر . وبتصوري ان الأخوة كتاب الزوعا اكثر تفوقاً بهذا المضمار فإنهم يحملون فكر اديولوجي إقصائي لكل من يخالفهم الرأي ويشنون عليه حملة شعواء ، على اعتبار انهم وحدهم يحتكرون الحقيقة وهم على صواب ومخالفيهم او المعترضين عليهم يدرجون في خانة مقسمي الشعب او الخونة او مفرقي الأمة الى آخره من المصطلحات التي يتسلح بها اي حزب اديولوجي شمولي إقصائي . ونحن على اطلاع دائم على زخم المقالات والتعليقات التي تحمل مختلف العناوين لكنها تحمل مضمون واحد وهو التسقيط السياسي بحق قائمة  البابليون ككيان او بحق المرشحين فيها .
ثمة تصورات تذهب الى ان هذه الأنتخابات ستتمخض عن مفاجئات ، على اعتبار ان الناخب اصبح اكثر وعياً لمصلحته وسوف يدير ظهره لمن اوكله سابقاً ولم يفي بوعوده ، وسوف يتوجه نحو الوجوه الجديدة ، وفي ما يخص الكوتا المسيحية فثمة دلائل قوية تشير الى انبثاق قوائم جديدة مسنودة من الكبار وتتسلح بإمكانيات مادية وإعلامية كبيرة، وهي منافسة ندية للقوائم التقليدية المحتكرة للكوتا ( الزوعا والمجلس الشعبي  ) ،  وبنظري ان الكوتا المسيحية في هذه المرة سوف لا تكون مقتصرة على الكيانين بل سيكون فيها شركاء انداد ، ولا يفصلنا من يوم الحسم في 30 نيسان سوى ثلاثة اسابيع سوف يقرر الناخب قراره الحاسم ، في ان يبقي نفس الوجوه او يختار وجوهاً ودماء جديدة
.
دولة العراق حبلى وهي مقبلة على الولادة وفي شهرها الأخير وقريباً يكون المخاض والولادة في 30 نيسان الجاري
 وفي الحقيقة لا يمكن التكهن بنوعية الوليد ، ووفق المعطيات المتوفرة لا يمكن توصيف الصورة النهاية للمرحلة المقبلة ما بعد الأنتخابات ، وإن كان لابد من اعطاء الجواب ، فباعتقادي المتواضع ان الكيانات الرئيسية ستبقى تحتل اماكنها للمرحلة السابقة ، وإن تكررت المعادلة او صورة مقاربة لها ، ستكون مسيرة عسيرة على المواطن العراقي ، إذ تبقى المشكلات عالقة ، وإن قرر الناخب عكس ذلك فبإمكانه تغيير الصورة بأن يضع الحصان امام العجلة وليس العكس .
د. حبيب تومي ، قائمة بابليون رقم 303 مرشح رقم 2 ـ القوش في 06 ـ 04 ـ 2014

38
قائمة بابليون المستقلة برئاسة الأخ ريان الكلداني المعبر الحقيقي عن طموحات شعبنا كيف ؟ولماذا ؟
بلقم : د. حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
قبل بداية موسم المباريات في ماراثون الدعاية الأنتخابية ، يحاول كل فريق ان يعكس صورة مثالية عن وحرصه على مصالح الشعب بشكل عام وعن تفانيه بالذود عن عناوين انتمائه الحزبي او المذهبي او القروي او العشائري او القومي ...الخ وعن ابناء شعبنا في الكوتا المسيحية من الكلدان والسريان والآشوريين ، فإنهم ايضاً يسلكون نفس الطريق وليس عليهم اي عتب او نقد لأنه عمل مشروع ، لكن بشكل عام كان هناك نقد لاذع تناول الإداء السيئ  لمعظم او جميع اعضاء البرلمان في الدورتين السابقتين ، وهذا النقد اللاذع شمل نواب شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين في الدورتين السابقتين .
إن الراصد لإداء نواب شعبنا يلاحظ بجلاء تشرذمهم داخل اروقة البرلمان ، ولم يجسدو اي موقف موحد كممثلين للمكون الواحد ، وهو المكون المسيحي في البرلمان ، في حين نلاحظ الموقف الموحد ( رغم الأختلاف السياسي والمصلحي في المواقف لدى المكونات الأخرى ) لاسيما إن كانت ثمة قضية مصيرية تخص ذلك المكون ، والموقف الموحد للمكون الكوردي في القضايا المصيرية خير دليل على كلامنا ، فيجب ان يدرك ممثلي اطياف شعبنا المسيحي ، اننا مثل اختلاف التضاريس الجغرافية ، لايمكن لأحد مهما اوتي من قوة او نفوذ سياسي ان يزيل تلك التضاريس من الوجود ، فإقصاء الآخر ليست ارضية صالحة للتعامل بين ابناء شعبنا لا سيما القوى والأحزاب السياسية القومية التي تتمترس بالأفكار الأقصائية في نظرياتها .
الغريب انه رغم  الظلم والإرهاب والتشريد الذي يطالنا فإننا نبقى متفرقين منقسمين على انفسنا بعكس المكونات الأخرى التي توحد صفوفها حين وقوع الظلم عليها او في حالة سلب حقوقها ، ولذلك نحن المسيحيون نشكل حالة فريدة من نوعها ويمكن ان نشبهها بحالة القبج الكوردي الذي يكون سجين القفص ومع ذلك يبقى ( يتناقر) مع قرينه الآخر نزيل نفس القفص .
نأتي الى المهم في هذا المقال وهو قائمة البابليون التي يرأسها الأخ الشيخ ريان سالم الكلداني . إنها قائمة مستقلة غير مرتبطة بأي حزب سياسي فالقائمة ( البابليون ) تعتبر كيان مستقل ليست تابعة لحزب سياسي ولا ترتبط بأجندة سياسية ، وليس لها فكر اديولوجي تريد تمريره على المواطن بغية تحقيق هدف شمولي .
ان قائمة بابليون تقف على مسافة واحدة من جميع المكونات ، فمن ناحية يرتبط رئيسها بعلاقات طيبة مع المكون الشيعي من الشعب العراقي ، وثمة اعضاء مرشحين في القائمة يرتبطون بعلاقات طيبة مع المكون الكوردي ، وغيرهم يرتبطون بعلاقات طيبة مع المكون السني ، ووسط هذه العلاقات الطيبة مع تلك المكونات فإن القائمة تريد ان تكون المدافع الحقيقي لحقوق جميع المسيحيين دون تفرقة ، وإن كان بينهم من له حقوق مهضومة كحقوق الشعب الكلداني فإن القائمة ( البابليون) تقف الى جانب منح تلك الحقوق .
من هذا المنطلق فإن قائمة بابليون برئاسة الأخ ريان الكلداني ، والذي ليس ضمن المرشحين في قائمته ، وهذه حالة فريدة ، فرئيس القائمة يقف على مسافة واحدة بين مرشحي قائمته .
إننا ننظر الى احوال شعبنا المسيحي وما يجري من محاولات تغيير ديموغرافي  لمناطقنا ، كما ان نزيف الهجرة ينخر كيان وجود شعبنا المسيحي في وطنه العراقي ، إضافة الى مظاهر التفرقة الدينية التي يجري تمريرها في مختلف نواحي الحياة على المواطن المسيحي ، كل ذلك من اهدف قائمة البابليون ، مختصر مفيد ليس للقائمة اي اهداف سياسية ترمي الى تحقيقها ، إنها قائمة تريد ان تعبر عن الحياة اليومية للانسان المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين في وطنه وأن تخفف من همومه وقلقه اليومي في ظل الظروف الأمنية المتردية في المدن العراقية لا سيما مدينة بغداد العاصمة .
الأخ الشيخ ريان الكلداني الشاب المثابر مواطن عراقي مسيحي من القوش قوميته كلدانية ، يعمل بهمة وإخلاص وتفان لخدمة العراق اولاً وشعبه المسيحي دون تفرقة ثانياً ، إنه يقوم بزيارات ميدانية متبادلة مع مختلف الشخصيات العراقية الدينية والعشائرية والطلابية والشبابية .. الخ دون تعب او كلل ، ويحاول ما يستطيعه من الحصول على المساعدات للعوائل المتعففة ، كما يحاول ان يخفف من وطأة المظالم التي تطال ابناء شعبنا ، ووفق حدود امكانياته ومعارفه ، انه يعيش في عين العاصفة في قلب مدينة بغداد التي تعتبر اخطرعاصمة بالعالم .
إن قائمة (بابليون) تسعى لأن يكون لها علاقات طيبة مع كافة الأطراف ، لاسيما تنوع المكون المسيحي ، ورئيسها  يقوم بزيارات تفقدية للكنائس والأديرة ، ونأمل ان تكون هنالك علاقات طيبة مع مؤسسة البطريركية الكاثوليكية الكلدانية الموقرة  وجميع الكنائس الأخرى . هذا إضافة فتح قنوات اتصال مع الأحزاب السياسية لكل المكونات بما فيهم الأحزاب المسيحية . إننا نقف على مسافة واحدة من الجميع ونحترم الجميع ونطلب من الآخرين احترام وجهة نظرنا .
نحن في قائمة بابليون ليس لنا اجندة او طموحات سياسية او نفعية ، فانا شخصياً ، كاتب هذه السطور ، والمرشح الثاني في قائمة بابليون ، ليس لي اي طموح لتحقيق هدف سياسي او إشغال وظيفة حكومية ، وأنا شخصياً لست محتاجاً الى مادة فلدي ما يكفيني للعيش المحترم ، ولدي سكن مع عائلتي في مدينة اوسلو في النرويج ، كما لدي بيت عزيز على قلبي في القوش الحبيبة ، وأسعد لحظات حياتي هي تلك التي اعيشها في بيتي الجميل في القوش العزيزة على قلبي ، ولهذا اقول ان ترشيحي لمجلس النواب العراقي وأنا في هذه المرحلة العمرية هو  مكرس لخدمة شعبي وخدمة العراق ، فليس لي اهداف مادية او وظيفية شخصية لأنني لست محتاجاً لها البتة .

العراق دولة غنية بموارده الطبيعية والبشرية ، ولكن مع ذلك نجد العراق يقف في مؤخرة الدول الناهضة ، ومن المؤكد ان النخبة السياسية تتحمل المسؤولية الأولى ، وتأتي مسؤولية البرلمان في المقام الأول في إداء الحكومة ، باعتبار العراق دولة برلمانية .
وهموم العراقي كثيرة ومتشعبة ومعقدة ، فثمة مسألة العنف والإرهاب التي تخيم على مدن العراق الرئيسية وفي مقدمتها العاصمة بغداد ، وهنالك مسالة انعدام او رداءة الخدمات المقدمة للمواطن ، وانتشار البطالة والبطالة المقنعة ، وامامنا العلاقات المتازمة بشكل مستمر مع اقليم كوردستان ، وبعد ذلك هنالك العملية السياسية المتعثرة والأزمات السياسية المستمرة وبعد كل ذلك هنالك العلاقات المتوترة مع بعض المحافظات وانتعاش وتدخل الإسلام الأصولي في بعض مدن ومحافظات العراق غيرها من المشاكل العويصة ، كل تلك المشاكل تقع على عاتق البرلمان القادم ، فعلى الناخب ان يحسن الأختيار .
نحن في قائمة بابليون سوف نحاول إصلاح ذات البين بين كافة الأطراف ونكون واسطة خير لما نملكه من خبرة وتجارب واعتماداً على موقفنا المحايد بين كل الفرقاء ، إن حداثة قائمة البابليون واستقلاليتها ، وعدم ارتباطها بأي حزب سياسي او اديولوجية إقصائية لأي طرف يضعها في موقع قوة بين ابناء شعبنا المسيحي الذي ملّ من الخطب السياسية الرنانة المملوءة بالشعارت التي لا تغني ولا تشبع .
الناخب العراقي مطلوب منه ان يسجل حضوراً كثيفاً في مراكز الأقتراع لكي لا يترك الساحة مفتوحة للاحزاب الموجهة فتتكرر نفس الحالة . على الناخب ان يكون ذكياً ويستفيد من تجاربه السابقة ويتوجه نحو الوجوه الجديدة لتنشأ حالة سياسية صحيحة بعيدة عن التصورات الطائفية ، لقد آن الأوان ليقول العراقي كلمته ، وإن اللحظة الحاسمة ستكون يوم 30 نيسان الجاري ليقول الشعب كلمته الفاصلة لوضع اسس جديدة لتطور وبناء العراق .
د. حبيب تومي ـ القوش في 01 ـ 04 ـ 2014

39
مـاذا عـن مصـير الأقليـات فـي الدولـة الكورديـة المنتظـرة ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
في شهر آذار من كل سنة تلبس مدن اقليم كوردستان حلتها الربيعية ، وفي مقدمتها اليوم تزهو وتتألق مدينة اربيل  كونها عاصمة السياحة العربية عام 2014 حيث الفعاليات الفنية والثقافية والفولكلورية  الجميلة ، وهذا يعكس صفحة التعايش والأستقرار والأمان في اقليم كوردستان ، وينبغي الإشارة الى ان ولادة ملا مصطفى البارزاني القائد المعاصر للثورة التحررية الكوردية هي في شهر آذار عام 1903 كما ان هذا الشهر اضافة الى حوادث مؤسفة تعرض لها الشعب الكوردي كضرب حلبجة بالغازات السامة وكذلك ايام من عمليات الأنفال السيئة الصيت قد ارتكبت جرائمها في آذار عام 1988 . وهنالك حوادث اخرى كان تاريخها شهر آذار الذي بقي ثابتاً لاستقبالها كذكرى سنوية كرمز للتحرر ولتجدد الحياة في عيد نورز الربيعي السنوي .
بعد هذه المقدمة نعود الى عنوان المقال . إذ لا ريب ان المسألة  لا تحتاج الى فطنة وبعد نظر سياسي ليجد المراقب امامه على أرض الواقع دولة كوردية قائمة ، لكنها غير معلنة ، وفي الحقيقة ، إن امر الدولة الكوردية بات مقبولاً ،  الى حد ما اليوم ، من اطراف عراقية وعربية وأقليمية ودولية . ويبدو ان القبول هو نتيجة منطقية امام حجم التضحيات والنضالات التي قدمها الشعب الكوردي خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي .
من جانب آخر فإن حجم الملفات العالقة بين بغداد وأربيل تدفع على الأعتقاد ان مفهوم الدولة الكوردية لا يمكن ان يكون إلا خطوة استراتيجية قد حان أوان قطافها ، لاسيما إن اتسمت الخطوة الأستراتيجية باعتبارها خياراً مدروساً وستكون في صالح اقليم كوردستان وصالح العراق ، فالعراق الحديث اثبت انه ليس كالأتحاد السويسري الذي طبعت في مخيلة شعبه وفي قوانين حكومته ودستوره ثقافة التعدد والتنوع . فالدولة العراقية الحديثة غلبت عليها ، منذ التأسيس ، ثقافة التوجهات الأديولجية الشمولية ، فكل من يصل الى الحكم يكون هو على حق وعلى الآخرين الخضوع له ، كما ان عقلية الدولة المركزية الصارمة مسيطرة على العراق ، ولا يمكن تصور العراق بدون حكم مركزي ، وثمة هاجس شائع بأن العراق آيل نحو السقوط والأنفكاك في ظل فقدان او ضعف الحكم المركزي ، اي ان العراق لكي تبقى وحدته قائمة هو بحاجة دائماً الى عصا غليظة .
 وبموجب هذه المعطيات وطغيان تلك الثقافة يلوح في الأفق عدم تماسك العراق ، فالقضايا المعلقة بين الأقليم والمركز كثيرة ، وهي في تفريخ وازدياد ، كان آخرها مشكلة  موازنة الدولة ، ومسألة رواتب موظفي اقليم كوردستان ، حيث ان المشكلة طفرت من جانبها الحكومي الى طابعها الشعبي ، فهناك الآلاف في اقليم كوردستان  لم يستلموا رواتبهم .
وتيرة الأزمات بين المركز والأقليم بين مد وجزر ، وغالباً ما يصار الى ترديد شعار تقرير المصير مع كل ازمة ، وفي الحقيقة ان تقرير المصير هو حق طبيعي للشعب الكوردي الذي نادى وكافح لعقود طويلة ، وليس منوطاً بطبيعة العلاقات بين الأقليم والمركز .
في هذا السياق نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 14 / 03 / 2014  حيث ورد ان الرئيس مسعود بارزاني، يعتزم إعلان استقلال الإقليم بعد سنتين. وكانت وكالة «باسنيوز» الكردية نقلت عن شخصية لم تسمها حضرت لقاء مع نوشيروان مصطفى في المقر الرئيسي لحركة التغيير بالسليمانية أنهم خلال اللقاء تحدثوا عن موضوع الدولة الكردية المستقلة، فأبلغهم مصطفى بأن بارزاني ينوي إعلان الدولة المستقلة بعد سنتين من الآن وأنه بصدد الإعداد لذلك حاليا. وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع أحد المشاركين في الاجتماع أكد أن موضوع الدولة الكردية «نوقش كاحتمال». وأضاف المصدر، طالبا عدم نشر اسمه، أن حركة التغيير «ستدعم إعلان الدولة إذا جرى التحضير لها جيدا وفي حال تهيئة الأرضية الاقتصادية والمؤسساتية اللازمة لها وما إذا كان مشروع الدولة سيتحقق عبر الحرب أو بدعم إقليمي».
وعليه ينبغي بحث كيفية تحقيق هذا الحق ( حق تقرير المصير) ، والأفضل ان يصار الى تحقيقه بالطريق الدستوري ، بحيث يجري استفتاء الشعب الكوردي وبأسلوب ديمقراطي وبإشراف دولي ، وبرضى وقبول من الحكومة الأتحادية والشعب العراقي عموماً ، بحيث ان الأنفصال لا يعني إنشاء دولة معادية ، بل يعني إنشاء دولة لشعب صديق اختار ان يعيش حياته ويكون اقرب جيرانه وأصدقاءه في العراق .
 ويكون العراق اول المعترفين بجمهورية كوردستان ، وبهذا سنكون قد وضعنا ركائز متينة للعلاقات المستقبلية بين  العراق والدولة الناشئة على اسس دستورية ، وثانياً سوف لا تبقى هذه الجمهورية حبيسة اعتراف دولة او دولتين كما حصل حين انفصال قبرص التركية عن قبرص حيث لم يعترف بها سوى تركيا التي صنعتها . وفي الحقيقة ان الطريقة الوحيدة في الوقت الحاضر هو نشوء الدولة الكوردية على الأسس التي نشأت عليها دولة جنوب السودان .
حينما نتكلم عن التجربة السودانية لا يعني اننا قد وضعنا حدا لما ينجم بعد الأستقلال ، فالشيطان يكمن في التفاصيل والتفسيرات كما يقال وكل فريق يفسر المواد المتفق عليها وفق رؤيته .
هنالك متعلقات متراكمة خلال السنين السابقة بين الطرفين ، الأقليم والمركز ومنذ سقوط النظام في نيسان 2003 فإن كان هنالك اتفاق على حدود الأقليم ، لكن هنالك المناطق المتنازع عليها وفي المقدمة تأتي مدينة كركوك ، كيف يصار الى حل تلك المشاكل ؟ هل يؤخذ مبدأ الأستفتاء وأخذ رأي المواطن في تلك المناطق ؟ كأن يكون السؤال للمواطن في المناطق المتنازع عليها :
هل تفضل الأنتماء الى جمهورية كوردستان الوليدة ام تفضل البقاء مع العراق الأتحادي ؟
((( وهنا سؤال يفرض نفسه بقوة وهو : ماذا لو صوّت المواطن في المناطق المتنازع عليها ، بأنه يريد الأستقلال وليس له رغبة في الأنتماء الى جمهورية كوردستان الوليدة ولا الى جمهورية العراق الأتحادي ، إنه يريد الأستقلال في ارضه ))) .
هل بحثت هذه الفرضية بين اصحاب القرار ؟ لا سيما بأن ثمة مساحة كافية من الحرية ليبدي المواطن برغبته ، كما سيكون هنالك اطرافاً دولية تراقب عملية الأستفتاء .
لا يوجد في الأفق اي علائم تشير الى تطبيق المادة 140 الواردة في الدستور العراقي في المستقبل المنظور ، وإن استقلت كوردستان حينئذ يصار الى الأحتكام الدولي باللجوء الى منظمات الأمم المتحدة التي لها خبرة وتجربة في وضع الحلول لقضايا مماثلة في مختلف مناطق العالم ، ولكن هذا الأحتكام ينبغي ان يُتفق عليه قبل اي خطوة لكي لا تكون محل نزاعات وعنف دموي .
الدولة الكوردية المنتظرة ستبنى على ارضية الحكم في اقليم كوردستان حالياً الذي يتمتع بمساحة جيدة من الديمقراطية فهنالك اكثر من خمس احزاب متواجدة في برلمان الأقليم بالأضافة الى المقاعد الممنوحة للاقليات الدينية والقومية في برلمان الأقليم ، اي ان الديمقراطية سوف لا تكون حالة جديدة في الدولة المنتظرة .
هنا يتبادر الى الذهن بعض الأسئلة حول مستقبل الأقليات الدينية في الأقليم وفي المناطق المتنازع عليها لا سيما المكون المسيحي ، حيث انه بعد موجة الإرهاب التي طالت هذا المكون في المدن العراقية ، وجد الملاذ الآمن في اقليم كوردستان او في المناطق المتنازع عليها ،ويتكون اكثريته من الكلدان ، وهؤلاء مهمشون كلياً لا يجد من يدافع عنهم سياسياً وقومياً حتى كنيستهم الكلدانية تخلت عن مسؤوليتها القومية والسياسية عن شعبها على اعتبار ان الكنيسة لا تتدخل بالسياسة ، فبقي هذا الشعب (الشعب الكلداني ) كأنه مقطوع من شجرة لا يوجد من يدافع عنه ، واصبحت حقوقه محصورة في حق ممارسة الشعائر الدينية ، ولا شئ عن حقوقه القومية والوطنية السياسية .
ـ في حالة تأسيس الدولة الكوردية هل سيبقى التعامل مع الشعب الكلداني كتابع للأحزاب الآشورية المتنفذة كما هو حاصل حالياً في اقليم كوردستان ام سيكون التعامل معه بشكل مستقل كما هي الحالة مع التركمان والأرمن والاشوريين ، ام ستبقى وصاية الأحزاب الأخرى غير الكلدانية  قائمة ؟ وهذا ينطبق على الأخوة السريان ايضاً ، حيث مصيرهم غامض كمصير الكلدانيين .
ـ وسؤال آخر يفرض نفسه : كيف سيذكر اسم القومية الكلدانيــــــــــــة في دستور الدولة الكوردية المنتظرة ، هل سيكون مذكوراً بوضوح واحترام كما هو في الدستور العراقي ؟ ام يبقى ذكره غامضاً ومشوها  وغير منطقي كما هو مذكور حالياً في مسودة الدستور الكوردستاني ؟
ثمة امور كثيرة تخص الموضوع لكن اختم المقال لنعود اليه بمناسبات قادمة
.
د. حبيب تومي / اوسلو في 22 / 03 / 2014

40
لمن امنح صوتي الثمين في الأنتخابات القادمة ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
في الأنتخابات السابقة في شباط او آذار 2010 لم يتوفر مركز انتخابي في النرويج ، وهكذا اضطررنا نحن المشدوهين بحب السياسة ان نقطع حدود دولة اخرى وهي ، السويد ، للإدلاء بأصواتنا ، لقد اتفقت مع احد الأصدقاء للذهاب من اوسلو الى مدينة يوتوبري في السويد التي تبعد 350 كم اي قطعنا 700 ذهاباً وأياباً يوم الأنتخابات . كان امامنا خياران ، إما ان نركب في باص مؤجر من قبل الحركة الديمقراطية الآشورية ، وفي الحقيقة عرضوا علينا الفكرة دون ان ندفع اجور السفر ، والأختيار الثاني كان الباص التابع لمنظمة الحزب الشيوعي ، وعلينا دفع اجور السفر ، فهنا لا يوجد صداقة بل ( كلمن قهوتو من كيسو ) ، المهم ركبنا انا وصديقي الباص المؤجر من قبل منظمة الحزب الشيوعي في اوسلو ، وكان الجو بارداً جداً وبقينا واقفين ساعات ننتظر الى ان دخلنا المركز الأنتخابي ومنحت صوتي الثمين للسيد ضياء بطرس حيث كنت قد وعدته بأن  امنح له صوتي في الأنتخابات ووفيت بوعدي ، فوعد الحر دين عليه كما يقال ، بعد تلك المعاناة اليس صوتي ثمين ؟
اجل ان صوت اي مواطن عراقي ثمين لانه عن طريق صناديق الأقتراع يستطيع ان يغير المعادلة السياسية في العراق ، يقول جون لوك ، إن الشعب لا يحكم بل يقوم بتفويض الأشخاص الذين يأتمنهم ويعهد اليهم بمهمة تحقيق السلم والأمن من خلال النظام الديمقراطي ، اي الشعب ينتخب البرلمان ، ومن البرلمان وحسب قوة الكتل السياسية فيه يصار الى اختيار رئيس الحكومة الذي بدوره يتشاور مع القوى السياسية لتشكيل حكومة تخدم الشعب ، وعادة ما يكون الصراع السياسي محصوراً بين قوى يسارية وأخرى محافظة وتكون هنالك قوى وسط ، ولكن الخلل عندنا حدث حينما بنيت المعادلة السياسية على اسس طائفية .
لقد جرى تسويق شعب العراق على انه عبارة عن طوائف دينية ومذهبية وعرقية وكل طائفة لها حصة في الكعكة حسب اصواتها وثقلها السياسي ، ومن ليس له ثقل سياسي او لم ينظم نفسه في حزب سياسي فعال ، فليس له حصة في الوليمة وعلى هذا الأساس خرج شعبنا الكلداني من المعادلة السياسية في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان إذ خرج من المولد بلا حمص .
 لم يثبت البرلمان العراقي ، ولا الحكومة المنبثقة منه ، وخلال دورتين انتخابيتين لم يثبتا الجدارة ، فالمشاكل لا زالت تعصف بالعراق من كل جانب ، إن كان على نطاق الأرهاب الذي يصول ويجول في المدن العراقية ، وإن كان في عمليات الفساد المستشرية ، او في تعثر العملية السياسية وتوالي الأزمات دون ان توضع لها حلول جذرية ، هذا بالإضافة الى توتر العلاقات مع اقليم كوردستان . امام هذه الأوضاع المتأزمة على مختلف المستويات تيقن الناخب العراقي انه قد اخطأ في الأختيار ، وإن كان اكتشافه قد جاء متأخراً فإنه افضل من لا يأتي ابداً ، والمسالة ، لا تنتهي حين اكتشاف الخطأ ، فتشخيص الطبيب للداء ليس كافياً ما لم يعالجه بالدواء المطلوب للحالة .
 اليوم في الحالة المرضية العراقية قد تم تشخيصها من قبل الشعب العراقي ، وتبقى المعضلة كيف يستطيع الشعب وضع علاج شاف لهذه الحالة المستعصية ، جميعاً نحث الناخب العراقي ان لا يمنح صوته الثمين للفاسدين واللصوص والمجرمين ، لكن تبقى مشكلة امام الناخب كيف يستطيع التمييز بين المرشح المخلص والآخر الفاسد ، هل له جهاز فلتر لا يدخل فيه الفاسدون ؟ في المطارات نولج جهاز الفحص ، وإن كنا نحمل اي قطعة معدنية فإن الجهاز يؤشر بضوء احمر ، ولكن في معادلتنا تختلف القضية ، فإنه يأتي متلبساً بشعارت جميلة براقة ووعود ما بعدها وعود ، وفي النهاية يدير المرشح ظهره للناخب حال فوزه في الأنتخابات .
إذن هنا يجب ان يكون الناخب العراقي ( مفتح باللبن) لكي يستطيع مقارعة هؤلاء ، هنالك تجربة حية امامه ، ولابد انه يختار جماعة من منطقته او يكون على معرفة تامة بهم وبحقيقتهم وتاريخهم ، لابد ان تتوفر لديه معلومات عن خلفيتهم الأجتماعية والسياسية ، فعلى الناخب ان يكون يقظاً وحذراً .
 في المقدمة يتحتم ، على الناخب ( غير الملتزم الحزبي) ان يساهم بالحضور والإدلاء بصوته ، وإن غيابه سيخلي الساحة للناخبين الحزبيين الملتزمين بأجندة احزابهم ، وبغيابه ستخلو الساحة للؤدلجين حزبياً ، اما حضوره والمساهمة الفعالة من قبل المستقلين ( اي الأغلبية الصامتة ) في الأنتخابات سيأخذ مساحة كبيرة ، وبذلك يستطيع ان يخرج العراق من قعر الهاوية ، ويصل به الى القمة ليلتحق بالركب الحضاري ، ويعيد امجاده التاريخية كمهد للحضارات .
النائب المسيحي في البرلمان العراقي
احترامي الشخصي لأعضاء البرلمان العراقي من المكون المسيحي ، وسوف لا اقول من الكلدان والسريان والآشوريين ، لأنهم يمثلون المكون المسيحي فحسب ، لكن اثيرت الكثير من الأقاويل حول خلافاتهم وانقسامهم داخل قبة البرلمان حول مختلف القضايا ، فلم يسجلوا يوماً موقفاً قومياً نشير اليه بالبنان ، فالأكراد رغم وجود بينهم خلافات سياسية ومصلحية لكن حينما تأتي المصلحة القومية يتحدون مع بعضهم لمصلحة كوردستان ، وهذا ينطبق على المكون الشيعي ومكونات عراقية أخرى .
قبل يوم قرأنا على موقع عنكاوا مواقف مثيرة مثلاً وقوف وزير مسيحي الى جانب تشريع قانون الأحوال الشخصية الجعفري ، في حين ان وزراء شيعة عارضوه ، وانا لست مع او ضد التوقيع ، لكن على المسيحي يجب ان يسجل موقف ، وكذلك قرأنا عن نواب من شعبنا قاطعوا جلسات المؤتمر حول الميزانية تضامناً مع القوائم او القائمة التي قاطعته .
في الحقيقة نحن المسيحيون في العراق من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ، نعاني في الوقت الحاضر من مشكلة مستعصية وهي الهبوط الكبير في اعداد المسيحيين في المدن العراقية  ، لكن نعوض هذا النقص في العدد بما يمكن ان نطلق عليه بالنوعية ، فلنا شخصيتنا وثقافتنا ولغتنا ومكانتنا في المجتمع ، ولنا دورنا المميز في شتى مجالات الحياة الأجتماعية والأقتصادية والثقافية والسياسية , واعتقد افضل مكان نبرز وجودنا وشخصيتنا هي ساحة البرلمان العراقي .
ما بقي عالقاً بالذاكرة هو الموقف النائب الأيزيدي ( لا يحضرني اسمه ) قبل سنين في البرلمان العراقي ، وكان ذلك عبر مقال قرأته للكتاب السعودي عبدالرحمن الراشد ، حيث افاد ان السيد ابراهيم الجعفري واعتقد كان رئيس وزراء العراق وقتئذِ ، ابتدأ كلامه بقوله : بسم الله الرحمن الرحمن عودة من الشيطان الرجيم ، وهنا وقف له النائب الأزيدي قائلاً : هنا مبنى البرلمان وليس  مسجداً للصلاة .
 لقد تكلمت عن هذا الأعتراض الشجاع في وسائل الأعلام الى درجة ان الكاتب السعودي الكبير عبد الرحمن الراشد كتب مقالاً حول الموضوع في جريدة الشرق الأوسط اللندية . هذا يسمى تسجيل موقف شجاع وجرئ ، حتى وإن لم يثمر نتائج .
نتمى في الدورة القادمة ان يكون لأعضاء برلماننا من الكوتا المسيحية ان يكونوا متوحدين ومخلصين للشعب الذي وثق بهم وإن يسجلوا مواقف مستقلة ومشهودة ، فالذيلية تفيدهم شخصياً وتفيد عوائلهم وربما أحزابهم ، ولكنها تخذل الشعب الذي وثق بهم وأرسلهم الى مبنى البرلمان ليخدموه ، ولكي يكونوا امناء ومخلصين له  .
د. حبيب تومي اوسلو في 17 / 03 / 2014


41
هل يصبح العراق واحة تعايش بين العرب والأكراد والسنة والشيعة والكلدان و.. بعد الأنتخابات ؟
بقلم : د. حبيب تومي ـ اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
مصادفة ان يكون مائة عام قد مضى على رسم حدود وخرائط المنطقة وقيام كيانات سياسية على انقاض الأمبراطورية العثمانية حيث كانت بداية الحرب العالمية الأولى سنة 1914 بمثابة المسمار الأخير في نعش الأمبراطورية العثمانية  ، فهذه الأمبراطورية المترامية الأطراف كانت تضم الكثير من المجموعات الدينية والأثنية والعرقية : الفرس والعرب والقوقاز والبلقان والكلدان والأكراد والأرمن .. وبعد انهيارها خيّم التداعي والأنقسام في الأرض والهوية والجذور العرقية والثقافية .. وجزء من ذلك المخاض كان ولادة الدولة العراقية الحديثة في سنة 1921 والتي تكونت من ثلاث ولايات : بغداد والموصل والبصرة ، وكانت هذه الولايات سابقاً تابعة بشكل مستقل للباب العالي في استنبول ، فكان تأسيس دولة العراق منذ بدايته مبنياً على منظومة من التناقضات ، لكن إرادة الكبار شاءت ان تكون بتلك الصورة فكانت كما ارادوا .
في كتاب " فيصل الأول.. أفضل زعيم في تاريخ العراق الحديث " من تأليف على العلاوي قدمه امير طاهري في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 26 ـ 02 ـ 2014 ، ورد فيه ان البريطانيين ارادوا في البداية إقامة دولتين في العراق واحدة في الشمال يحكمها (زيد ) وأخرى في الجنوب  يحكمها (عبدالله ) وهما من ابناء حسين بن علي الهاشمي، شريف مكة.
 بعد ذلك كان الراي بتحويل العراق الى جمهورية لكن إصرار ونستون تشرشل وزير المستعمرات على بقاء العراق دولة ملكية كان الأرجح ، وبعد ذلك وقع الأختيار على الملك فيصل  ليصار تسويقه ملكاً للعراق ، ولا يتسع المجال في الإسهاب بهذا الشأن .والغاية هنا ايراد ما قاله فيصل الأول في بداية التأسيس ، وسوف نقتبس من كتاب على علاوي يقول :
((( مرة كتب الملك فيصل قائلا «رحل الأتراك وأصبحنا الآن مثل الأيتام، فليس لدينا حكومة أو جيش أو نظام تعليمي. وعلاوة على ذلك، لا يتفهم السواد الأعظم من شعبنا مسألة حب الوطن أو الحرية أو معنى الاستقلال». ويضيف :
كتب الملك فيصل ليقول إن العراق «تفتقد للأمور الأساسية للوحدة الاجتماعية المتماسكة، وتحديدا وجود الشعب المتحد من خلال السمات العرقية المشتركة ومجموعة المعتقدات والديانة». ويختم قوله :
وكتب أيضا «يتمثل اعتقادي في عدم وجود شعب عراقي. لا يوجد سوى جماعات كثيرة متنوعة ليس لديها عاطفة وطنية. ولدى تلك الجماعات شعور قوي وأحاسيس بالخرافات والعادات الدينية المغلوطة. ولا توجد أسس وقواسم مشتركة فيما بينها))) .
ويرى علاوي سخافة هذه الرؤية ، ولكن اثبتت الوقائع التاريخية  ان رأي الملك فيصل اتسم بالواقعية لما كان عليه المجتمع العراقي وقتذاك والى اليوم .
المتابع للوقائع في العراق بعد الحرب العالمية الأولى وتكوين الدولة العراقية الى 2003 من حكم العراق ، سيصادف حكم ثلاثة ملوك وخمسة رؤساء جمهورية ، لكن يمكن تقسيم هذه المدة الى مرحلتين : ملكية وجمهوية ، في المرحلة الملكية كان الملك فيصل الأول ابرز ملوكها ، خطا خطوات مهمة لتفعيل مكونات المجتمع العراقي في العملية السياسية ، رغم خلفيته السنية ، ، فأدخل اتباع الديانات الأخرى غير المسلمة في التركيبة الحكومية من يهود وكلدان وسريان وسعى الى مزيد من الحقوق للاكراد والشيعة وعموماً حاول بالأتفاق مع الأنكليز تثبيت اقدام دولة برلمانية عراقية ، شبيهة بالملكية البرلمانية البريطانية وعلى نمط الحكم في الهند والتي ما زالت تمثل تجربة فذة في الحكم الديمقراطي  في العالم الثالث .
في العصر الجمهوري والذي بدأ بسقوط الملكية في تموز 1958 كان بمثابة انتهاء الأستقرار والهدوء وبداية عصر الأنقلابات وانتشار مظاهر العنف ، في البداية كان هنالك تأييد شعبي جارف لمولد الجمهورية ، لكن بعد تبخر السكرة واستقرار الفكرة تبين ان النظام الجمهوري عمل على تكريس الحكم الدكتاتوري متسربلاً بشعارات ثورية قومية ، ولم نجني من ذلك سوى الحروب الداخلية والخارجية .
بعد نيسان 2003
بسقوط النظام عام 2003 استبشرنا خيراً من ان العراق سيتحول الى اليابان في مجال الصناعة والتكنولوجيا، والى سويسرا في الحكم الديمقراطي وسيكون واحة خضراء تنتعش في ظلالها كل المكونات على قدم المساواة .  لكن ظهر ان مفعول خطاب الملك فيصل الأول بقي سارياً لحد الساعة ، والعراق لم ينفك من عقدة هيمنة احد الطراف على مقاليد الأمور وعقدة تسيده وسيطرته على الآخرين . فخيم ظلام الفوضى  وهيمنت روح الأنتقام من رجال الماضي ، فتبلورت مظاهر العداء بين السنة والشيعة ، وتمخضت عن عمليات القتل المفتوحة عبر شتى صنوف الأنفجارات والقتل في المناطق المزدحمة بالسنة وبعد ذلك المناطق المزدحمة بالشيعة ، وفي حالات اخرى قيام المتطرفين من السنة والشيعة بالأنتقام من اصحاب الأديان الأخرى غير المسلمة لحملها على الهجرة ، وهكذا اصبح العراق مرشحاً لكي يصبح فارغاً من المسيحيين والمندائيين والأيزيدية في في المستقبل المنظور .
ثمة حالات فريدة في العراق ، وربما في ما يعرف بالوطن العربي برمته . لقد كان هنالك مشاعر قومية عربية حماسية وكان هذا الاندفاع القومي يعطي نوع من الشرعية بالتفوق على الآخرين غير العرب ، بل ابعد من ذلك يذهبون الى نكران وجود غير العرب ، فلا مكان لغير العرب في ما يطلق عليه بالوطن العربي ونجم عن هذا التصور غياب المشاعر القومية بالروح الأنسانية التعايشية مع القوميات الأخرى غدت محملة بالأفكار الفاشية الأقصائية بحق الآخرين ، ونتج عن ذلك الويلات الكثيرة التي نجمت عن الصراع العربي الكوردي ثم كان في وقع الظلم في العهد السابق على الشيعة ، واليوم انعكست الآية ليشمل الظلم السنة  .
بعد سقوط النظام في 2003 وتثبيت مفهوم العراق الأتحادي في الدستور والأعتراف بأقليم كوردستان ، اقليماً يحمل الكثير من الأستقلالية في ظل الدولة العراقية ، إلا ان تفاصيل كثيرة بقيت معلقة بين بغداد وأربيل لتظل حجر عثرة في طريق المسيرة السياسية العراقية .
ومن الأسباب التي جعلت العراق يراوح مكانه ، هو العملية السياسية الفاشلة المبنية على اساس طائفي ، ومهما حاولنا تجميل الصراع المحتدم حالياً ، إن كان بين الأقليم والعراق الأتحادي او بين السلطة النفيذية الممثلة بالحكومة والسلطة التشريعية الممثلة بالبرلمان ، وكذلك الصراع الدائر في بعض المحافظات  وفي مقدمتها محافظة الأنبار ، كل هذه الصرعات التي نعطيها مختلف الأسماء السياسية والحزبية والكتلية والشخصية ، فهي في نهاية المطاف صراعات طائفية ، إن كان لها جذور قومية كما هي بين العرب والأكراد ، او كان لها جذور مذهبية كما هي بين السنة والشيعة .
المواطن العراقي الذي نقول عنه انه ، مفتح باللبن ، للاشارة الى نباهته ، فقد تبين ان اختياره لدروتين انتخابيتين قد اخطأ في الأختيار والتقدير ، واليوم المواطن العراقي مقبل على خوض نفس التجربة الأنتخابية . فهل سوف يقع بنفس المطب ، ام انه سيحسن الأختيار ...؟
العالم اليوم قرية صغيرة والأستفادة من تجارب الآخرين ليس عيباً ، فالعرب يأخذون كل شئ من الغرب من ابرة الخياطة الى الدبابة والطيارة ، وهم لا يفكرون بالمخترعات ، فلهم قول مأثور يؤمنون يقول :
لا تفكر فلها مدبر ، فلماذأ يستنكفون من الأستفادة من ديمقراطية الغرب ؟
ثمة دول قطعت اشواطاً مهمة في مضمار التقدم الحضاري ، ولم يكن لها الثروات والقدرات المادية والثروات الطبيعية التي تملكها الدول العربية ، والعراق بشكل خاص ، وقد يكون من المفيد التطرق الى تجربة سويسرا حيث اتسم مجتمعها بالتعدد والتنوع اللغوي والأثني ، ولكن الفرق بينها وبين العراق انها عرفت اصول الحكم في الدول التعددية وذلك بدخولها في صيغة اتحادية ناجحة ، فتعاملت مع مكوناتها بالعدل والأنصاف ، بدل اسلوب النزاعات والصراعات والغالب والمغلوب ، وإن كان العراق فيه اقليم واحد فإن سويسرا تتكون من 26 اقليماً ( كاتونات) ، وتتكلم اربع لغات وهي الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانيش ، وتعاملت سويسرا مع هذه المكونات بالعدل والإنصاف رغم ان المتكلمين بالألمانية يشكلون اكثر نصف عدد السكان ، ولكن شعوب هذه الدولة تعتز بهويتها الوطنية المشتركة بالدرجة الأولى .
لقد فشل العراق في التعامل العادل مع المكونات ، فهيمنت الفكرة الأستبدادية المركزية للدولة ، واستخدمت الجانب الأمني لفرض (هيبة) الدولة واعتبر منح اي حقوق للادارة الذاتية في الأقليم او المحافظات وكأنه يعني الأنتقاص من سيادة الدولة العراقية  .
الواقع العراقي اليوم يمر بأزمة سياسية ، وتسود شوارع كثير من مدنه عمليات إرهابية ، وأخرى طائفية ، إن كان ضد السنة او الشيعة ، وعلاقات متوترة مع اقليم كوردستان ، وثمة عمليات كر وفر عسكرية مع المجموعات الإرهابية في الأنبار وبعض المدن الأخرى ، ناهيك عن حالة الأقليات الدينية كالمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين واالمندائيين والإزيدية ، ولا نستطيع هنا التحدث عن الحقوق القومية والسياسية ، فالعراق ليس سويسرا ، حيث المواطن له حقوقه ، بينما في العراق من يتظاهر ويناضل ويرفع صوته ويحمل السلاح له حقوق ، اما في غير ذلك فليس حقوق ولا هم يحزنون .
فالشعب الكلداني من المكونات العراقية الأصيلة ، لكن هُضمت حقوقه في العراق الأتحادي وأقليم كوردستان على السواء ، لأنه لا يرفع صوته ، لقد كانت له حقوق كاملة في العهد الملكي الذي تميز بالتعامل العادل مع كل المكونات ، لكن بعد 2003 مسحت ورقة الشعب الكلداني وقد برر   السيد بريمر الحاكم الأمريكي ذلك بأن الكلدان ليسوا فعالين بما فيه الكفاية لذلك ينبغي نفيهم خارج العملية السياسية  ، ولم يعد له ( الشعب الكلداني ) اي ذكر في المحافل السياسية والقومية بل اصبح من الممنوعات ترديد اسم الشعب الكلداني والقومية الكلدانية واللغة الكلدانية  ،
فكان عزلهم عن الدور السياسي الوطني الذي لعبوه في تاريخ العراق القديم والحديث ، ونحن نتطلع الى الأنتخابات القادمة لعل الشعب الكلداني ينجح في ايصال ممثليته الحقيقيين الذي يفتخرون باسمه الكلداني وبتاريخه ، كما نتأمل في الأنتخابات القادمة ان توضع اسس جديدة لخدمة العراق وللهوية العراقية التي تشمل جميع المكونات العراقية وفي المقدمة الشعب الكلداني الأصيل .

د. حبيب تومي / اوسلو في 10 / 03 / 2014

42
الى الأخوة في إدارة موقع عنكاوا المحترمون
تحية ومحبة
كتب السيد  ilbron خبراً في اخبار شعبنا تحت عنوان :
الكلدانيون في العراق يتشبثون بالوطن والعيش المشترك
ولكن رأينا ان الأسطر الأتية بالحروف اللاتينية اقحمت في الخبر ، ما هذا الخلط في الأوراق ايها الأخوة في إدارة موقع عنكاوا ؟
تحياتي
حبيب 


kha Amma khda Omta  shmsha le atya al shyapa Omtan pesha shmshanta  khaya Omtan Ashureta

ha Amo hddo Omtho  i shmsho lekotyo lslogo i Omtheydan kol naqla ked feysho mbahronitho tihe li Omteydan Ashureyto

         Mota al kol sanyane o saqoblaye d Omtan Ashureta               

                            Tihe al Omtan Ashureta
                         Tihe li Omteydan Ashureyto

43
الرابطة الكلدانية خطوة مباركة في الأتجاه الصحيح .. كيف ؟ ولماذا ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
كل ولادة يعتريها المعاناة والمخاض ، وإن كان اليوم باستطاعة العلم التكهن بجنس الوليد ذكر ام انثى ، لكنه لا يستطيع التنبؤ بمستقبل هذا الوليد هل يكون صالحاً ام شريراً، عالماً ام غبياً ..الخ هكذا كل وليد يراد به غايات نبيلة ، وفي عالم الأجتماع والسياسية والأقتصاد والفن .. يراد بالكيان الوليد غايات مجتمعية او سياسية ، وفي موضوعنا الرابطة الكلدانية تعتبر غاية وهدف يراد به خدمة المجتمع في سياقات ومجالات معينة ، لا سيما وإن مبادرة التأسيس نابعة من البطريركية الكلدانية المعنية بمصير الشعب الكلداني في العراق والعالم .
إن العاصفة الهوجاء التي عصفت بالعراق ، طال الشعب الكلداني قدر كبير منها ، فكانت هجرتهم وتشتتهم في ارجاء المعمورة ، وكانت هذه الهجرة التي شملت نسبة كبيرة من المسيحيين  ، لاسيما بعد سقوط النظام عام 2003 كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ، حيث دقت نواقيس الخطر ، واعلن عن انباء ان العراق في طريقه الى التخلص من مسيحييه ، واعلنت نسبة مخيفة عن هذه الهجرة وعن عدد العوائل التي تهاجر يومياً ، وكان البطريرك الكلداني اكثرهم خوفاً وتوجساً من هذا الخطر المحيق بشعبه ، وفي الآونة الأخيرة عقدت ندوة في بغداد عن تحديات الهجرة ، وقال فيها غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى : ترك البلاد بمثابة بيع الهوية وخيانة للوطن .. وأضاف :
وأعتبر البطريرك ساكو ظاهرة ترك المسيحيين لبلدهم والهجرة نحو المجهول "بألاستئصال عن الجذور والتقاليد الموروثة من حضارة بلاد الرافدين وشكل من أشكال الموت لمن يجهل طبيعة المجتمعات والعقلية الغربية ويجد صعوبة في التأقلم مع اللغة والاعراف المختلفة عن ثقافتنا ولغتنا ومبادئنا". ولكن مع ذلك يضيف غبطته :
رغم أن مستقبل المسيحية والكنيسة الكلدانية يكمن في العراق حيث اللغة والتراث والطقس وليس في بلاد الانتشار ، أكد البطريرك ساكو أن حضورنا لا يخضع للعدد سواء كنا أقلية أو أكثرية  بقدر ما هو مرهون بالتزامنا المعطاء وتأثيرنا في المجتمع العراقي.
وكلمته حسب الرابط :
http://splashurl.com/l287qdf
ومهما كان فإنه لا بد من مراعاة الأمر الواقع ، فإن المسيحيين بشكل عام والكلدان بشكل خاص اليوم نلقاهم منتشرين في بلدان المهجر ، والأسباب متعددة ولكن النتيجة واحدة ، ، ولهذا ينبغي ايجاد آصرة تربط هذا المكون وتجعله قوماً واحداً إن كان في وطنه او في حله وترحاله ، وهذه الآصرة هي القومية التي تربط هذا المكون وتمنعه من التشتت ونسيان الهوية . إن فكرة تأسيس الرابطة الكلدانية تعتبر حلقة مهمة في تلك السلسة التي تشكل مقومات القوم الواحد . ومن قراءة اوليات تأسيس الرابطة الكلدانية نقرأ ان :
حشد طاقات الكلدان في الداخل والخارج وتعزيز العلاقات داخل البيت الكلداني.
كما نقرأ
الرابطة ليست جبهة منغلقة ضد أحد، بل منفتحة على الكل.  هدفها  مدني وانساني ومسيحي وكلداني،  تسعى لخدمة الكلدان والمسيحيين والدفاع عنهم بأسلوب حضاري هادئ  وتمد  الجسور بين العراقيين في سبيل عيش مشترك متناغم  وتسعى لنشر تراثنا المشرقي وتأوينه وتفعيله .
كما ورد ان :
الرابطة عالمية لا تقتصر على بلد معين أو جماعة محددة، لكنها تتشكل أساسًا من النخبة الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية .
وورد ايضاً :
العمل على الحفاظ والدفاع عن حقوق الكلدان والمسيحيين الاجتماعية والثقافية والسياسية وتشكيل قوة ضغط لاستمرار وجودهم في البلد الأم بطريقة متساوية راجع الرابط :
http://splashurl.com/klhhzwv
والرابط :
http://splashurl.com/mo4ynyh
إن هذه المعطيات وغيرها تعطينا الخطوط العريضة لعمل هذه المنظمة المهمة . وكما يقال ان تصل متأخراً خير من ان لا تصل ابداً ، فهذه المنظمة كان يجب ان يسبق تأسيسها هذا الوقت . واليوم كانت المبادرة من اعلى المصادر ، وإن تأسيس مثل هذه المنظمة يعتبر وضع حجر الزاوية في بناء البيت الكلداني . وهذه المنظمة ليست من باب الترف ، إنما هي ضرورة موضوعية خلقتها الظروف التي تحيط بشعبنا الكلداني وببقية مسيحيي العراق بشكل عام .
إذا اهملنا التعاريف الكلاسيكية لمفهوم القومية ، من اقتصاد مشترك وجغرافية مشتركة ، ولغة مشتركة الى آخره من المشتركات ، ونحاول التقرب من المصالح والمصير المشترك سوف نجد تفسير مفهوم لمعنى القومية ومعطيات نموها ، وسوف نشير الى واقع عشناه في القوش ، إذ كان هنالك بين الأهالي خلافات واختلافات في الحياة اليومية لأهل القوش ، ولكن حينما يصدر نداء النجدة ( هاوار ) كأن يجري الأستيلاء على قطيع غنم او ابقار القوش ، فيهب الجميع ، ليس اصحاب الغنم او اصحاب البقر فحسب ، بل جميع الرجال يلجأون لحمل السلاح  ، وتذوب كل الخلافات القديمة في بودقة مصلحة البلدة ومصيرها .
 هذه هي المشاعر القومية التي تحرك الشعوب ، لدينا تجربة الأكراد حيث ان التقسيم العشائري كان شديداً بينهم ، كما ان الجغرافية الجبيلة قد ساهمت بهذا التقسيم ، ولكن حينما وجدت هذه العشائر ان شعوب المنطقة قد كونت دولها بعد تفكك الأمبراطورية العثمانية مثل العرب والأرمن واليونان والأتراك ، فدأبت المشاعر القومية تدب بين مواطنها لتعلن وتكافح من اجل تحقيق اهدافها القومية العابرة للروابط القبلية والمناطقية وغيرها ، هذا ما لمسناه ايضاً في القبائل الآثورية ايضاً التي كانت متمركزة في جبال حكاري ، حيث بقيت هذه العشائر محافظة على ولاءاتها العشائرية ، مع رابطة دينية مبنية على المقدس بولاء كبير للرئيس الديني ، والذي كان بمثابة الرئيس الدينيوي ايضاً ، لكن بقي الرابط القومي غامضاً ومتخفياً لحين تعرض تلك القبائل ( مجتمعة ) الى هجمة استهدفت مصيرهم ( جميعاً ) فكانت ولادة الشعور القومي الأثوري  ومن ثم تطور الى آشوري بعد الحرب العالمية الأولى ولحد اليوم .
الشعب الكلداني تعرض في وطنه الى هجمة إرهابية استهدفت وجوده ومصيره في وطنه ، كما تعرض الى حملة اخرى استهدفت الى إلغاء اسمه القومي التاريخي الكلداني في وطنه العراقي . هنا اود ان اشير الى تاريخ قريب ينبغي الأستفادة منه ، فغايتنا من قراءة التاريخ هي للاستفادة من تجاربه ، وإلا ما فائدة قراءة وقائع واحداث قد مرت وطواها الزمن ؟
وهنا اشير الى تجربة الأتحاد السوفياتي السابق التي عايشنا ظروفها عن كثب ، لقد كان الأتحاد السوفياتي السابق قد وحدته الآيديولوجيا ، ورغم نظام الجمهوريات وكيانات الحكم الذاتي ، فإن الأتحاد السوفياتي السابق كان يرتكز على حكم مركزي ، وبقيت مسألة المشاعر القومية كامنة كالجمر تحت الرماد ، وحينما تراخت القبضة المركزية الصارمة بعد 75 سنة من الحكم  انبعثت تلك الجمهوريات المستقلة المبنية على معطيات قومية بالدرجة الأولى . وهذه تجربة يمكن الأستفادة منها بأنه لا يمكن دفن المشاعر القومية لدى الشعب الكلداني مهما كانت المزاعم والمبررات ، إن كان بعضها يدعي بأننا شعب ضعيف منقرض ، وإن الوحدة بيننا تقضي بعدم الدعوة لتنمية المشاعر القومية الكلدانية كل هذه المزاعم ليس لها اساس من الصحة لأنها تصب في خانة الفكر الإقصائي لمكون عراقي كلداني اصيل .
إن المنطلقات القومية لا تعني العمل القومي فحسب بل ان التمسك بالأسم القومي وباللغة القومية ، وبالأناشيد والأغاني والموسيقى والغذاء والأزياء القومية والتقاليد والعادات والأوابد والأعياد والأهازيج والقصص والحكايات والفولكلور .. كل هذه عناصر مهمة لبقاء القومية .
اليوم يبادر البطريرك الكلداني الموقر مار لويس روفائيل ساكو على طرح مقترحه لتأسيس رابطة كلدانية ، إنها حقاً لبنة مباركة في عمارة المصير والوجود الكلداني . برأيي المتواضع ان منظمات المجتمع المدني لها دور كبير في رفد الفكر والثقافة والفن ، إضافة الى كونها مراصد لمراقبة الإداء الحكومي ، وإبراز مكامن الخطأ لمعالجتها ووضع الحلول الصائبة لحلها ، هنالك من يقف بالضد من هذه المنظمات باعتبارها لا تؤدي المهمات الملقاة على عاتقها ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، ثمة من يرى ان هذه المنظمات تحمل الأسم الكلداني فحسب ، وكمثل غير حصري جمعية الثقافة الكلدانية ، التي ليس بمقدورها تجسيد الأسم الذي تحمله في نشاطاتها ، وهنا يأتي دور التمويل ، فإن من يمول ويدعم هذه الجمعية وغيرها ، يعمل على سحب الجمعية نحو خطابه السياسي والثقافي .
اريد هنا ان اكون صريحاُ فنحن الناشطون في العمل القومي الكلداني ، نتحمل جزء من المسؤولية ففرع هذه الجمعية في القوش او عنكاوا ، لم تمنع يوماً نشاط كلداني ، فالتقصير من جانبنا ايضاً ، ولهذا نشاط كل منظمة متوقف على نشاط اعضائها ومؤازريها وأصدقائها ، ونشاطها وحراكها من نشاطهم وحراكهم .
في الحقيقة ان العمل السياسي والقومي والأجتماعي كل ذلك يتطلب قدر كبير من التضحية والتفاني ، وانطلاقنا يكون بأيماننا بقضية شعبنا العادلة ، وهذه المسؤولية جسيمة يتحملها السياسي والناشط في المجال القومي والفنان ورجل الدين والمرأة والعامل والفلاح والطالب ، وكل فرد مثقف واعي من هذا الشعب ، فالمسألة هنا تتعلق بمجمل العمل الجماعي والتنسيق بين الجميع وبرأيي الشخصي ان الرابطة الكلدانية ستشكل القاسم المشترك الذي يمكنه التنسيق بين كل تلك الجهات لوضع قضية الشعب الكلداني وقضية المسيحيين عموماً في المحافل الوطنية والأقلمية والدولية ، ويبرزونها كقضية عادلة في وسائل الأعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة .
وفق الله كل الخيرين لغرس هذه الشتلة المباركة ( الرابطة الكلدانية ) ورعايتها لتنمو وتزدهر لما هو خير بيتنا الكلداني وعموم المسيحيين والوطن العراقي برمته .
د. حبيب تومي / اوسلو في 02 / 03 / 2014

44
شكراً لكل المهنئين بالشفاء شكراً للنرويج شكراً للأطباء الملائكة
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no
لقد كان الجبل صديقاً حميماً ايام الطفولة والشباب وتعلمنا من هذا الجبل تسلق الذرى في الجبال العاصية وسلوك المنحدرات والشعاب الوعرة ، ونادراً ما كنا نسير في الطريق السوي السهل بل نسلك المسالك التي فيها صعوبات التسلق لانها اقرب واسرع الى الهدف ، وهكذا في الأونة الأخيرة وأنا في اوسلو حيث طبيعتها الطبوغرافية جبلية ، وأنا اقطع الطريق اشعر بوخزة وربما الم في منطقة الصدر ، وتمشياً مع روح التحدي ، فأقوم بترك الطريق المبلط للمشاة واسلك المسالك المستقيمة اي المزيد من الصعود ، ولكن في نهاية الأمر كان علي الرضوخ لمتطلبات الصحة ومراجعة الطبيب ، الذي بينت اجهزته ان هنالك شرايين شبه مسدودة ينبغي معالجتها بعملية جراحية .
ولم يكن في الحسبان دخولي الى المستشفى ، ولكن يقولون ( لاحاكم ولا حكيم ) فهؤلاء اوامرهم مطاعة لا محالة ، كانت هنالك توضيحات مستفيضة عن العملية قبل ايام من دخولي المستشفى لكن كان إعجابي اكثر بالطبيب الجراح وهو نرويجي الذي جاء قبل يوم من اجراء العملية ، وقال لي بالحرف الواحد  : انا سوف اجري لك العملية الجراحية وسوف افتح صدرك ، وإن نسبة الوفاة في مثل هذه العملية 2 بالألف ،  وفيها ايضاً 4 بالمئة احتمال الجلطة الدماغية ، وقال سوف ننقل شرايين من رجلك لصدرك ، وهنا رأيت هذا الطبيب جلس القرفصاء على ارض الغرفة وانا جالس على الكرسي وأخذ يتحسس شرايين رجليّ وقال سوف نأخذ من هذه الرجل ..
اجريت العملية بنجاح وأنا لا ادري ، فحين استيقظت من تأثير المخدر سالت الممرضة الواقفة فوق رأسي ، متى تجرى لي العملية الجراحية ؟ فقالت إن العملية قد اجريت وأنت لا تدري . نعم هكذا سارت الأيام التالية للعملية الجراحية بطيئة ، لكنها مفيدة لعملية الشفاء فقبل نهاية الأسبوع الأول نقلت الى مستشفى قريب من بيتنا ، وفي هذا المستشفى توالت زيارات الأهل والأصدقاء ، وفي الحقيقة ، هذه الحالة شبه غريبة في النرويج ، فالزيارت للمريض النرويجي تقتصر على شخص او شخصين ربما ثلاثة اشخاص ، اما ان نحتل  معظم مقاعد الصالون الصغير المخصص لذلك الجناح فإنه امر غريب ، والطريف في الأمر ان احد الأصدقاء جاء مع زوجته لزيارتي وهو يضحك ويقول : قبل ان ابادر بالسؤال من الأستعلامات ، قالت الموظفة تريد حبيب تومي هو من هنا وأشارت الى الجناح الذي كنت فيه .
دولة النرويج وخدمة المواطن
ثمة دول تتباهى بقواتها وجيشها وتهمل مصلحة شعبها ، وأخرى تتسابق وتتألق في تقديم الخدمات المختلفة لشعبها كاسترليا وكندا وبعض الدول الأوروبية ، لقد اشتهرت في العقود السابقة دولة سويسرا على انها جنة الله على الأرض إن كان بطبيعتها الخلابة او بسبب المنظومة الأقتصادية والأجتماعية الموزونة والتي توفر مستوى رفيعاً من العدالة الأجتماعية والأمن والأمان والعدل والرفاهية لمواطنيها ، وكانت سويسرا مضرب الأمثال في هذا السياق ، لكن في السنين الأخيرة تنحت جانباً ، وأفل نجمها لصالح دولة اوروبية اسكندانافية هي مملكة النرويج . هذه الدولة الدولة الصغيرة سكانياً ، إذ لا يتجاوز عدد سكانها 6 ملايين نسمة تشق طريقها لتتبوأ المركز الأول بين الدول التي تمنح مواطنيها امتيازات بدرجة عالية من الجودة ، إن كان في مجالات الصحة او التعليم او الرعاية الأجتماعية ، او مجالات الخدمات العامة من من مطارات وسكك حديدية ومرافئ وملاعب ومتنزهات وكهرباء وطرق وجسور وغير ذلك من الخدمات ..
اعتمدت النرويج في اقتصادها على صيد الأسماء في سواحلها الطويلة ومياهها الداخلية ، كذلك اهتمت بالزراعة واشتهرت بجودتها وقيمتها الأستثنائية . لكن الطفرة الأقتصادية كانت عام 1969 حينما اكتشف النفط بكميات تجارية فيها في المياه الأقليمة المتآخمة لها في بحر الشمال ، هكذا دأبت النرويج على استثمار الثروة النفطية بطرق غير تقليدية ، وأرادت ان تكون هذه الثروة من حصة هذا الجيل والأجيال القادمة .لقد اورد الكاتب حسين شبكشي في  في الشرق الأوسط بتاريخ  24 يناير 2014 يقول :
(.. ووسط ارتفاع في الأسعار لسلعة النفط بسبب الطلب المتعاظم عليها، ولدت فكرة استحداث صندوق استثماري سيادي توضع فيه كافة إيرادات الدولة، ومن عوائده يوزع على ميزانيات الدولة، وللصندوق كيان أشبه بالجمعية العمومية المتعلقة بملاك الشركات المساهمة، وفي حالة الصندوق هذا فإن الكيان هو أعضاء البرلمان «المنتخب» للنرويج، ويدير الصندوق بحسب الوصف المهني وزير المالية. ويقدم هذا الصندوق منذ أكثر من عشرين سنة وإلى الآن عوائد بمتوسط 5 في المائة على ما يجري استثماره والذي ينحصر في 60 في المائة في أسهم وسندات، و40 في المائة في سندات وقروض حكومية وشركات عملاقة. ولقد أثبتت هذه السياسة نجاحها وتألقها وجدارتها في تأمين عوائد محترمة مستقرة للنرويج ) انتهى الأقتباس .
لو قارنا هذه الدولة مع ليبيا حيث اكتشف النفط فيها في نفس السنة التي اكتشف النفط  في النرويج ، والنرويج كما هو معلوم من قراءة تاريخها ، بأنها الدولة التي انطلق منها الفايكنغ ، وعن ويكبيديا فإن «الفايكنغ»، هم مجاميع عسكرية مقاتلة عرفت برباطة الجأش والقدرة القتالية العالية وقيادتها لقوى بحرية سابقة لوقتها تمكنت من احتلال دول مختلفة في أوروبا وخارجها.
.أشتهر الفايكيج ببراعة ملاحتهم وسفنهم الطويلة، واستطاعوا في بضعة مئات من السنين السيطرة واستعمار سواحل أوروبا وأنهارها وجزرها، حيث احرقوا وقتلوا ونهبوا مستحقين بذلك اسمهم الفايكنغ الذي يعني القرصان في اللغات الإسكندنافية القديمة.
لم تحاول النرويج إعادة امجادها التاريخية بل اكتفت ببناء بلدها على اسس متينة من التقدم والتطور ، بعكس حكام ليبيا فالأخ الأكبر معمر القذافي ، لقب نفسه بملك الملوك ،  وأصبح وريثا شرعياً لثروة النفط الليبية ، واراد بهذه الأموال اسلمة قارة اروبا المسيحية ، حيث دعا اوروبا الى اعتناق الدين الإسلامي ، وبعثر ثروة بلاده في نشر الفوضى وفي حبك المؤامرات وبدلاً  من ان تغدو ليبيا لؤلؤة متوسطية مزدهرة ، اصبحت مع تلك المداخيل دولة ممزقة فاشلة تسودها الفوضى والعنف ، اما النرويج  فلم تسعى الى بعث مجدها التاريخي والديني ، بل ساعدت الشعوب الفقيرة واهتمت  بمسالة تلوث البيئة وحقوق الأنسان وتطبيق القانون على الجميع دون تفرقة وتقديم الخدمات الممتازة لمواطنيها الحاليين وفي المستقبل ، فأخذت تنعكس عوائد النفط الهائلة على حياة المواطن ، وتقدم تلك الخدمات بلا  ضجيج او دعاية للحكام ، فاصبحت النرويج نموذج ينظر اليه بإعجاب ، حيث حولت الأموال هذه البلاد الى جنة جديدة على الأرض . وما يتعلق بعراقنا الحبيب من حقنا ان نتساءل :
هل نرى عراقاً يسترشد بالنرويج ام عراقاً ممزقاً يسترشد بليبيا ؟
الشكر والأمتنان لكل المهنئين بالشفاء
وصلت رسائل كثيرة عبر بريدي الألكتروني وكذلك مكالمات هاتفية لي او لأخي جلال او لأحد أفراد العائلة ، اما الرسائل التي وصلت عبر الفيسبوك فهي كثيرة جداً  ومن المتعذر الإشارة اليها ، فسوف اكتفي بالزيارات والمكالمات والرسائل الأخرى :
من ديترويت : الأخوة : الدكتور نوري منصور ، والأخ سام يونو ، والأخ فوزي دلي ، والأخ الشماس كوركيس مردو ، والأخت سولاف شاجا والاخ اثير سلومي ،والأخ العديل يوسف ميخائيل يوحانا واسيت تومي ، وسنور يوسف يوحانا ، والأخ جرجيس بوتاني والأخ فريد دمان والاخت سندس وسراب يوسف يوحانا ..  والاخ هلال نونا والاخ كاك اوميد ، والاخ نبيل مقدسي وزوجته والاخ نجيب يلدكو والاخ ماجد حكيم والاخ مسعود ميخائيل ، والاخ داود ابو سرمد .
ومن ديترويت ايضاً وصل اخي جلال وكانت عائلته على اتصال دائم ، وكذلك اختي ماري وأنيتا جلال والن جلال وميعاد تومي  وسلوى عزيز اسمرو ، وابنة العم سلطانا تومي ، وابنتي اشواق تومي وزوجها بركات زوما .  وأمجد تومي ، وليث يعقوب شمو تاتا .
ومن كندا الأخ الدكتور عبدالله رابي ، والأخ سامي اسمرو وعوني اسمرو والأخ بطرس آدم والأخ عبدالأحد قلو والأخ سرمد دمان وسورية منصور تومي وسعيدة تومي .
ومن سانديكو : الأب الراهب نوئيل كوركيس ، والأخوة في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ممثلاً بسكرتيره الأخ مؤيد هيلو ، والأخ الدكتور نوري بركة والأخ صباح دمان والأخوة طارق وزهير ورائد ورافد اولاد المرحوم جرجيس الياس جيقا ، وأمهم شكري يوسف بولا ، وكذلك الأخ يونس بلو وفؤاد بلو ، وكان والدهم ايليا بلو قد نشر تهنئة بالشفاء على موقع القوش نت ، وعلى موقع عنكاوا كوم ، وكانت عليه الكثير من التهاني بالشفاء من قبل الأصدقاء وشكراً للاخ الكبير ايليا بلو ، والأخوة الذين سجلوا تمنياتهم وتهانيهم بالشفاء على موقع عنكاوا .
ومن نيوزيلاندا  الاخ صباح اسمرو ، ومن استراليا الأخ ناصر عجمايا والأخ سعد توما عليبك والأخ مايكل سيبي . ومن تركيا الأخ رامز شاجا والعائلة . ومن فرنسا الأخ سالم كوريال .
ومن هولندا الصديق كامل وزي ومن الدانمارك الأخ نزار ملاخا والأخ ضياء ملاخا والأخ موسى ابشارة وعائلته ، وكذلك الأخ امير ككا وزوجته  هيلدا ، والأخ صباح بجوري ، والأخ لهيب بجوري ، ومن السويد الأخ وديع زورا ، والآخ قرداغ كندلان والأخ سركون يلدا ، والأخ حميد بحو بوداغ ، والأخ حازم كتو والأخ حكمت ججو يونان والأخ رحيم بلو ، وكذلك الأخ نبيل تومي ، والأخت سهام تومي والأخ عمانوئيل تومي والأخ صباح ميخائيل .
ومن سوريا حفيديّ العزيزين رامي وروماريو
ومن بغداد العراق ، الأخ الشيخ ريان الكلداني ، ومن عنكاوا الأخ خليل برواري والأخ آنو جوهر عبدوكا والأخ سولاقا بولص يوسف ، والأخ وسام موميكا ، والأخ غانم بلو والأخت اخلاص تومي والأخ عدنان وزوجته يازي تومي ومن بغداد الأخت سلمى تومي ، والأخ حميد روئيل تومي والأخ اياد تومي ، ومن القوش الأخ باسم اسمرو والأخ ثائر قاشا ، والأخ ابو غزوان ، والأخت كافي دنو قس يونان والأخ صباح رحيم بتوزا واخوانه ، والأخ زهير بتوزا، والأخ لهيب زرا . وكذلك ابن العم هاني تومي وفائز تومي ، وابن العم عامر تومي . ورواء يعقوب شمو تاتا وزوجها لؤي جما .
ومن اوسلو كانت زيارات كثيرة للمستشفى وكان اولادي رياض ورائد ونورس وعوائلهم ، وزوجتي الوفية بتول ، وابنتي انجيلة وزوجها فرج ،وعبد اسمرو ( اودا) وهو اخ بالرضاعة ودخل المستشفى لأجراء نفس العملية وهو بصحة جيدة حالياً ، وكان كذلك الأخ خالد جيقا وعائلته ، وأولاد اختي مار كل من لؤي وريفا ، وكذلك رفاء وزوجها ثامر خوركا ، وألأخ هاني شلينكي وزوجته عائدة بطرس ، والأخ سلوان وعائلته ، والأخ كمال وزوجته ابتسام ، والأخ فخري بطرس ابو عمار ، وابنه عمار وعائلته ، وابنه ياسر ، والدكتور عزيز اودو وزوجته الدكتور انجيلة اسمرو ، وكذلك الدكتور عيسى بطرس ، والأخوة في الحركة الديمقراطية الآشورية في اوسلو ، وهم الأخ حكمت كاكوز وعائلته سوزان ، والأخ روفائيل والأخ هارون والأخ يوبرت ( يوبي ) وعائلته بشرى، كما حضر الأخ هندرين نعمان من منظمة البيئة الكوردستانية الأوروربية والتي مقرها اوسلو ، كما حضر الأخ هيمن نعمان ، والأخ عدنان وزوجته ماركريت ، والأخ كاميران يونس اودو وعائلته ، والأخ الشماس نزار بطرس وعائلته والأخ فرج مروكي وعائلته ، والأخ صلاح نوري ، والأخ غريب ساكا وعائلته ، والأخت رجاء ساكا ، والأخ شماشا وزوجته مادلينوالأخ نينوس خوشابا ،والصديق امجد صحب وعائلته والأخ عوني صحب ، والأخ ليث الصفار وعائلته والأخ امير الصفار وعائلته ، والأخ فراس وزوجته زينة . والأخ ثائر ساكو والعائلة .
اعتذر لكل الذين فاتني ذكر اسماءهم ، وأقدم اعتذاري لمئات الأصدقاء الذين عبرو عن مشاعرهم عن طريق التواصل الأجتماعي على فيسبوك ، إذ من المتعذر التطريق اليهم جميعاً  شكراً للجميع . حقاً إن الكلمة الطيبة هي عامل مهم في مسيرة الشفاء .
اكرر شكري وامتناني للجميع
د. حبيب تومي ـ اوسلو في 26 ـ 02 ـ 2014
  

45
الكلدان في العراق والعالم والوعي القومي المطلوب ودور المثقف الكلداني  
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
كنت قد باشرت بكتابة مقال عن ظاهرة التناكف لتأسيس محافظات : محافظة سهل نينوى ، تلعفر ، طوزخورماتو ، حلبجة ، فلوجة ، الزبير ، خانقين ، وأقاليم مثل سهل نينوى ، البصرة ، العمارة ، الرمادي .. لكني ارجأت المقال المذكور بسبب جاهزية هذا المقال .
الكلمة التي يسطرها الكاتب والمفكر تخاطب العقل وتسلط النور على دياجير الظلمات ليطارد علامات الجهل في مكامنها ، وينشر نور المعرفة والحقيقة في متاهات تلك الكهوف ، كما ان المفكر ينبغي ان يتجنب تخوم التعصب وأن يناصر الحرية ويقف الى جانب الضحية .
 لقد وقف فولتير ( الكاثوليكي ) بقوة الى جانب عدوه جان كالاس ( البروتستانتي ) حينما شعر انه مظلوم في محكوميته وإنه ضحية التعصب المذهبي الأعمى ، فاستنفر فولتير كل طاقاته وعلاقاته الواسعه لإعادة تفحص القضية من قبل قضاة محايدين ، وهذا ما حصل وأدى في نهاية المطاف الى كشف الحقيقة وتبرئة هذا البروتستانتي الأقلوي المغدور . لقد اثبت فولتير ان التعصب مدان من اي جهة جاء ، والمفكر الحقيقي ينبغي ان يقف لصالح الضحية اياً تكن . وهكذا فتح فولتير صفحة جديدة في تاريخ الثقافة والمثقفين ، وأسس ما يدعى بالفكر الملتزم بقضايا الحق والعدل . ( هاشم صالح ، الشرق الأوسط 20 /12 / 13 ) .
إن الوعي القومي المطلوب ينبغي ان يكون سور منيع بوجه محاولات الصهر والذوبان في كؤوس الآخرين ، لقد كتب الكرواتي لجودفيت كاج عام 1834 يقول :
((( إن شعباً بلا قومية مثل جسد بلا عظم ))) (جوزيف ياكوب ، ما بعد الأقليات 30) .
أجل انها مقاربة موفقة ، فالقومية هي مكون اساسي لنهوض اي شعب انها العمود الفقري للجسم ، وإنها بمثابة الشبكة الفولاذية في قالب الأسمنت المستخدم في البنيان . لقد لاحظنا كيف ان القبائل في جبال حكاري التي كان يطلق عليها ( التيارية ) كيف ان هذه القبائل تخندقت في إطار القومية الآشورية بعد الحرب العالمية الأولى ، وتمكنت ان تجسد لها هوية قومية لتعرض نفسها في المحافل الدولية كوجود قومي متماسك بدلاً من التقسيم القبلي الموروث ، فحملات الاضطهاد والظلم تؤسس على حالة من التماسك بين من يطالهم الظلم من الأسر والقبائل والقرى والمدن .. وهذه الحالة انطبقت على الشعب الكوردي الذي تمحور حول مفهوم القومية الكردية لكي يخوض نضاله التحرري ، وقد اثمر هذا التوجه ( القومي ) اكثر من التوجهات القبلية والجغرافية والدينية والمذهبية ..
ومن هذه الحالة وغيرها من الحالات المتشابهة يمكن استخلاص ان النزعة القومية تزداد وتنمو مع استمرار الظلم ومع حالات الأقصاء والإلغاء والصهر .
إن الأتحاد السوفياتي السابق الذي اراد تجاوز وعبور المفهوم القومي ، فإنه في نهاية الأمر تفكك ( الأتحاد السوفياتي ) الى دول قومية مستقلة ، اجل بقي الشعور القومي كالنار تحت الرماد الى ان هبت الريح لتظهر القومية على السطح .
إن الوعي القومي والمشاعر القومية الجياشة كما مر ، تكون في حالة التعرض الى الأضطهاد والأقصاء والقمع والصهر ، لكن يبقى الوعي القومي حالة ضرورية في كل الحالات بين ابناء القوم الواحد ، وهنا يأتي دور المثقف المبدع ، الذي يعمل على تحريك الماء الراكد فيخلق الحراك داخل الركود الفكري ، فالماء الآسن الراكد بيئة ملائمة لنمو الطفيليات والفطريات وتحريكها يمنع نمو تلك الكائنات المتطفلة .
الكلدان مع بقية مسيحيي العراق تعرضوا مع مكونات الشعب الأخرى الى العمليات الإرهابية وعمليات التهجير والتهديد ، والى جانب ذلك تعرضوا ( الكلدان ) من الناحية السياسية الى تهميش قومي وسياسي في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان ، وهكذا وجد الكلدان طريقهم الى الأنتشار في دول الشتات ، فالعائلة الواحدة وجدت نفسها منقسمة في عدة دول وفي مختلف القارات ، وناهيك عن ابناء العشيرة الواحدة والقرية الواحدة والبلدة الواحدة .. من هنا كان وسيكون امام المثقف والكاتب والمفكر الكلداني طريق طويل وصعب ، وتتمحور هذه المهمة بإنارة الطريق امام الإنسان الكلداني الذي يتوزع اليوم في دول الشتات .
يساعد المفكر الكلداني في مهمته الصعبة بنشر الوعي بين ابناء قومه ، بأنه يستفيد من الكم الهائل لما كتب عن الماضي الكلداني من قبل المؤرخين والرحالة الأجانب إضافة الى ما كتبه المؤرخون العرب ، وما سطره المؤرخون الكلدان انفسهم .
ويكون من المفيد السرد التاريخي ونستعين بكتاب يعتبر مصدر تاريخي مهم وهو كتاب "التعريف بطبقات الأمم " لمؤلفه : القاضي ابو القاسم بن صاعد الأندلسي حيث انتهى من تأليفه عام 1068 م اي قبل حوالي عشرة قرون فيكتب عن الأمم السائدة في وقته فيقول ص143 :
والأمة الثانية : الكلدانيون ، وهم السريانيون ، والبابليون ، وكانوا شعوباً منهم : الكربانيون ، والآثوريون ، والأرمنيون ، والجرامقة ، وهم اهل الموصل ، والنبط ، وهم اهل سواد العراق ، وكانت بلادهم وسط المعمور ايضاً ، وهي العراق والجزيرة التي ما بين دجلة والفرات ....
وبشأن الأمم التي عنيت بالعلوم فيكتب الأندلسي ص163 يقول :
إن الأمة الثالثة التي اعتنت بالعلوم فهم الكلدانيون ، فكانت أمة قديمة الرئاسة نبيهة الملوك كان منهم النماردة الجبابرة الذين كان اولهم النمرود بن كوش بن حام باني المجدّل .. ويضيف ص164 : كان من الكلدانييــن علماء جلة وحكماء وفضلاء يتوسعون في فنون المعارف من المهن التعليمية والعلوم الرياضية والإلهية.. وكانت لهم عناية بأرصاد الكواكب وتحقق بأسرار الفلك... وكان اشهر علمائهم هرمس البابلي الذي كان في عهد سقراط الفيلسوف اليوناني ..
هكذا يتوفر اليوم تحت يد الكاتب الكلداني معطيات كثيرة وثروة نفيسة من التاريخ واللغة والفولكلور والأوابد والتقاليد .. تمكنه ان يغرف من ذلك الكنز لبناء حجته العلمية والتاريخية والمنطقية .
في القرون القليلة الماضية كانت معطيات القراءة والكتابة والثقافة متوفرة لطبقة محدودة ، وفي مقدمتهم رجال الدين ، وفي ما يخص موضوعنا فإن رجل الدين اثبت دوره في الحفاظ على الأسم القومي الكلداني ، فحينما ابرم المطران  طيمثاوس، أسقف نساطرة قبرص، وثيقة الإتحاد مع روما سنة 1445 م ومعه مطران الموارنة فيها، كان عليه أن يستبدل لقبه النسطوري المرتبط بالمذهب الذي هجره، بلقب آخر تتبين منه هويته. فوقّع وثيقة الإتحاد هكذا :
" أنا طيمثاوس رئيس اساقفة ترشيش على الكلدان ومطران الذين هم في قبرص منهم، اصالة عن ذاتي وبإسم كافة الجموع الموجودة في قبرص، أعلن وأقر وأعِد أمام اللـه الخالد الآب والإبن والروح القدس وأمامك أيها الأب الأقدس والطوباوي البابا أوجين الرابع وأمام هذا المجمع (اللاتراني) المقدس، بأنني سأبقى دوماً تحت طاعتك وطاعة خلفائك وطاعة الكنيسة الرومانية المقدسة على أنها الأم والرأس لكافة الكنائس (عند شموئيل جميل، كتاب العلاقات، روما 1902، ص 10).
ويعلّق المرسوم البابوي الذي أصدره أوجين الرابع في 7 آب 1445 م على ذلك بقوله : " وطيمثاوس ذاته، أمامنا في المجمع اللاتراني المسكوني وفي جلسته العامة، أعلن بإحترام وتقوى صيغة إيمانه وتعليمه أولاً بلغته الكلدانية، ثم ترجمت إلى اليونانية ومنها إلى اللاتينية ". وبناء على هذا الإعلان الوحدوي، فإن أوجين الرابع يمنع في مرسومه الآنف ذكره أن يسمّى أحد الكلدان فيما بعد نساطرة، كما يمنع في الموضوع عينه أن يسمّى الموارنة هراطقة، ومن ثمة يساوي الكلدان والموارنة بالحقوق والإمتيازات الدينية مع كافة الكاثوليك. (عند شموئيل جميل، ص 11).
( للمزيد راجع مقال المطران د. سرهد يوسف جمو تحت عنوان الهوية الكلدانية في الوثائق التاريخية <رابط 5> .
في الزمن الراهن ثمة ساسة وأحزاب تعمل على النهوض القومي ، وبالنسبة الى شعبنا الكلداني نلاحظ بعض السياسيين وإن كانوا بمنأى عن الأحزاب القومية الكلدانية نلاحظ حرصهم واعتزازهم بتاريخهم واسمهم القومي ويأتي في مقدمتهم المناضل المعروف توما توماس الذي كتب يقول :
إن من هم كلدان لا يمكن تبديلهم بجرة قلم الى اشوريين كما يحلو للاخوة الآشوريين ذلك، إنها تعقيد للعمل القومي والوحدة وإنها آمال البعض بإحداث إنقلاب في التاريخ...
ونحن بصدد الإشارة الى الجهود القومية فنلاحظ ان للمرأة دور ايضاً ، وهنا نشير الى مقال السيدة جوليت فرنسيس ( ام نادين ) من السويد تكتب مقالاً تحت عنوان :
الاساقفة الجدد والبيت الكلداني القومي وتطرقت الكاتبة الجليلة في فقرة من المقال تقول :
  ليخرج من هذا البيت الكلداني المنظم  الكنسي  اذن كل ماهو خيّر ومفيد وكل وظيفة تبني وكل شخص علماني يعمل بنفس الخطة والنهج ومنهم المعلم والطبيب والمهندس والعامل  والكاتب والناشط والسياسي والخ ..لنتوقف عند الاخير وتاثيره على القومية  والحقوق والدين  كما يتمناه الكلدان للحصول على  المكاسب  في العراق وطن الجميع, الكل مدعوون  للدخول في الانتخابات القادمة لانتخاب النواب المخلصين الوطنيين والامناء لخدمة المسيحيين اولا ثم الكلدان, والكلدان اذا نهضوا  فان نهضتهم  ستكون عظيمة او الانتظار  الى مئات اخرى من السنين الى ان يفوزوا دعاة القومية ويرتبوننا .(رابط رقم 6 ) .

لا ريب في حالة شعبنا الكلداني اليوم نحن بحاجة الى كل الجهود إن كانت من قبل رجل السياسة او من قبل رجل الدين او اي شخصية من النخبة المثقفة والأكاديمية ، ونحن الكلدان بأمس الحاجة الى موقف صريح ومشجع من قبل البطريركية الكاثوليكية الكلدانية بحيث يكون موقفها مشابهاً للموقف الصريح والشجاع للبطريكية الآشورية ، ونتمنى ان تتوصل بطريركيتنا الموقرة الى هذا الموقف الشجاع لتجسد شراكتها في الهموم القومية والوطنية لشعبها الكلداني .
نعود الى عنوان المقال لنضع النقاط التالية امام المثقف الكلداني :
اولاً : ـ
 زرع مبادئ الحرية والقيم النبيلة في الإنسان الكلداني ، قبل قيامه بمسؤوليته القومية ، وعليه تقع مسؤولية صناعة الوعي القومي بالأعتماد على المعطيات التاريخية والحضارية والأنسانية لقومه الكلداني عبر التاريخ والى اليوم .
ثانياً : ـ
زرع الأمل في شخصية الأنسان الكلداني بوجه محاولات زرع اليأس والقنوط والأستسلام ومحاولة التعتيم على الهوية القومية الكلدانية ، فواجب المثقف الكلداني الذي يفتخر بتاريخه وبقوميته ، ان يتحمل عناء المسؤولية ، وينفض عنه الرماد ليتوهج ويغدو مصدر إشعاع قومي ينير الدرب لبني قومه .
ثالثاً :ـ
في عالم السياسة ثمة خلافات واختلافات وتحالفات وتناقضات ومصالح وصراعات بين الكيانات السياسية ( الكلدانية ) على المثقف الكلداني ان لا يورط نفسه في تلك الصراعات وأن لا يجعل من نفسه طرفاً فيها بل عليه ان يجسد دور المثقف الملتزم المحايد، ليكون جزء من الحل وليس جزء من المشكلة ، فالمصلحة القومية اسمى من التورط والخوض في وحل السياسة .
رابعاً : ـ
مطلوب من المثقف الكلداني ان يتصدى لحملات التضليل والمكر التي تسعى لتجفيف منابع الفكر القومي الكلداني تحت حجج وافتراضات واهية ، بجهة اننا ضعفاء ويطالنا التهجير والأرهاب فليس ثمة ضرورة بالمناداة القومية ، إن هذه الحجة تستخدم ضد الكلدان والسريان تحديداً ، وعلى المثقف ان يتصدى لمثل هذه الحملات التي لا تستند على منطق ، لأن تلك الدعوات لا تخاطب الأطراف الأخرى بالأمتناع عن المناداة القومية .
خامساً : ـ
الشعب الكلداني مكون عراقي ضعيف ومخترق ، ولا يملك مؤسسات ثقافية وتربوية ولغوية واقتصادية مستلقة نحن قوم مخترق ، ليس لنا إعلام او فضائيات او وكالات اخبار ، ومنظماتنا الأجتماعية والثقافية ليست كفوءة لرعاية شؤوننا ، وهذا ينطبق الى حد ما على احزابنا السياسية الكلدانية ، خلاصة القول : نحن الكلدان ضعفاء والكل يحد سكينه للنيل من ضعفنا . وعلى المثقف الكلداني ان يعلم بأنه ينطلق من تلك الأرضية الصحراوية وعليه ان يتحمل مسؤولية تعبيد الطريق امام الآخرين .
إن انفتاحنا على الآخر لا يعني إلغاء هويتنا والأنصهار في كؤوس الآخرين ، يقول مهاتما غاندي : لتهب الرياح في داري من كل الأتجاهات ، ولكني لا سامح ان تقلعني من جذوري .
سادساً : ـ
مطلوب من المثقف الكلداني التسلح والتعمق بدراساته الثقافية واللغوية ( خاصة لغة الأم الكلدانية : تكلماً وقراءة وكتابة ) والأدبية والفنية ، عليه الأنفتاح على الثقافات الأخرى مع اعتزازه بثقافته ولغته وقوميته مع تجنب النعرة القومية العنصرية الأستعلائية ، فالكلداني ليس افضل من الآخر ، والآخر بعين الوقت ليس افضل من الكلداني . على المثقف الكلداني ان لا ينجرف في مستنقع التزمت والإقصاء والعنصرية كرد فعل لتزمت وعنصرية الآخر ، فطريق المحبة هو السبيل الأمثل للكلداني ليواجه خطاب الأستخفاف والكراهية من قبل الآخر .
على المثقف الكلداني تعميم القيم النبيلة والتسامح والإخاء والمحبة ومبادئ الحرية واحترام الرأي الآخر والتعددية في مختلف حقول الحياة .
إن انتشار الكلدان في ارجاء المعمورة تحتم عليهم ايجاد محور هوياتي يجمع هذا القوم الأصيل ، إن المثقف الكلداني هو الذي يتحمل ثقل هذه السؤولية التاريخية الكبيرة .
سابعاً : ـ
وهذا هو المهم ، بأن المثقف الكلداني ليس بالضرورة ان يحصد الثمار بيده اليوم ، لكن الأجيال القادمة حتماً ستجني الثمار ، فالمثقف الكلداني ينبغي عليه ان لا يتذمر ويتأفف لأنه يشقى ويتعب دون ان يقطف الثمار ، وكثير من الزملاء يعتريهم الفتور وربما يتملكهم اليأس ، بسبب استعجالهم ورغبتهم في الوصول الى نتيجة بأسرع وقت . لكن برأيي المتواضع بأننا نحن الكلدان في بداية الطريق ، وأمامنا مشاكل وعراقيل ومطبات كثيرة وعلينا تجاوز تلك المعضلات برؤية ثاقبة وبعقلانية سياسية مدروسة مع وضع امامنا ، حقيقة ، انه لاشئ يتحقق دون تضحيات .
إن ما تحصده اوروبا اليوم هو بسبب الفكر التنويري الذي غرسه المفكرون الأوروبيون : جون لوك ، فولتير ، روسو ، فرنسيس بيكون ، سبينوزا ، كانت ، سبنسر ، ماركس ، برتراند رسل ، وغيرهم . هذه الكوكبة من المفكرين الأفذاذ ، شتلوا في تربة الوطن الفكر التنويري ، ليقطف الأبناء والأحفاد ثمار تلك الشتلات .

د. حبيب تومي / اوسلو في 25 / 01 / 14
ــــــــــــــــــ
المصادر
1 ـ هاشم صالح " متى سيظهر فولتير العرب ؟" الشرق الأوسط اللندنية  20 /12 / 13
2 ـ جوزيف ياكوب ، ما بعد الأقليات بديل عن تكاثر الدول ،ترجمة حسين عمر ط1 المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء المغرب 2004
3 ـ قاضي صاعد الأندلسي " التعريف بطبقات الأمم " مؤسسة انتشارت هجرت ، طهران .
4 ـ اوراق توما توماس .
5 ـ http://splashurl.com/o2j7gua
6 : ـ http://splashurl.com/pofydzc




46
خريطة طريق واضحة امام سفينة الكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
العلوم البحرية تتألف من مختلف الفروع المتعلقة بالعمل البحري ، منها هندسية وأخرى ملاحية وثالثة بيولوجية وأخرى جغرافية وبيئية وهلم جراً ، وبالنسبة للملاحة في اعالي البحار تتطلب دراسة وخبرة وممارسة وأدوات وأجهزة لكي تساعد الربان على الإبحار في البحار والمحيطات والوصول الى هدفه بسلام ،. إن السفينة وطاقمها مهددان في كل لحظة بهبوب عواصف عاتية تجعل من السفينة ريشة في مهب الريح .
يفتح ربان السفينة امامه خريطة الطريق الذي يسلكه وعليه ان يرسم خط  يمر بالمواقع التي يسلكها من موضعه الى المرفأ المنشود للرحلة ، وهكذا ينبغي ان تكون امامه خريطة واضحة ، وبهكذا خارطة وبتوجيه بوصلته نحو الهدف إضافة الى خبرته وحكمته ، سوف يضمن سلامة وصول السفينة بقيادتها وبملاحيها ومهندسيها وكل طاقم القيادة مع ركابها الى شاطئ السلامة .
الكنيسة هي السفينة التي يمسك دفتها البطريرك الكلداني والمساعدين والملاحين هم من الأكليروس من مطارنة والآباء الروحانين والرهبان والراهبات والشمامسة .. والركاب هم مؤمني الكنيسة الكاثوليكية من ابناء الشعب الكلداني ومن بقية مسيحيي العراق .
اللافت على ضوء المعطيات الناجمة عن الأوضاع السياسية بعد ما يطلق عليه الربيع العربي ،  ان المسيحية في الشرق الأوسط تتقلص مساحتها تدريجياً وعلى مدى التاريخ تحت تأثير وتوسع مساحة الإسلام كدين ودولة ، فبالرغم ان المسيحية ديانة شرقية المنبت ، فالسيد المسيح ولد في فلسطين وتحدث بالآرامية ، وعن طريق التلاميذ والرسل انتشرت المسيحية ووجدت طريقها نحو اوروبا لتصبح ديانة اممية ، وعلى مدى قرون وفي زمن الدولة الرومانية تفاعلت الحضارة الثقافة الأوروبية مع اللاهوت والتعاليم المسيحية ، وكما قال البابا الراحل يوحنا بولس الثاني :
ان الأرث الثقافي الأوروبي في الوقت الحاضر مبني على النسيج الثقافي للمسيحية .
الملاحظ اليوم في القارة الأروبية التأثير الدور الكبير للثقافة المسيحية روحياً وسياسياً على حد سواء ، ومن يتجول في عواصم والمدن الأوروبية سيلاحظ بجلاء تأثير الثقافة المسيحية ، إن كان بكنائسها ومعالمها العمرانية او بثقافة النسيج المجتمعي المسالم لهذه الدول .
 لكن في منبعها الأصلي في الشرق ، تقلصت المسيحية بمرور الأجيال على مدى 1400 عام ، واليوم يجابه الشرق الأوسط واقع مأساوي في تسلط التيار الأسلامي السياسي على زمام الأمور ، وقد مرت على العراقيين المسيحيين من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن وبقية المكونات الدينية كالمندائيين والإزيدية ، مرت على هؤلاء سنين عجاف لا سيما بعد سقوط النظام في عام 2003  ، إذ لاحظنا كيف تفجر الكنائس وكيف يصار الى قتل المصلين داخل الكنيسة في كنيسة سيدة النجاة في قلب بغداد والقائمة تطول لا مجال للاسهاب . واليوم انتقلت العدوى الى سوريا وبوتيرة اشد مما حصل في العراق .
مع كل تلك الأجواء الغابوية ( من الغابة ) نحن نروج لكلمة اسمها (التعايش) وإذا ما علمنا ان التعايش يعني امكانية الشراكة في حقوق المواطنة والعيش والمصير المشترك ، فمقارنة اولية تبين اننا في حالة تعايش كاذب ، لا اكثر .  
وسط تلبد السماء بالغيوم السوداء وهبوب الرياح العاتية ، يحرص البطريرك الكلداني ان يمسك دفة قيادة السفينة لكي تبقى سالمة لحين بلوغها مرافئ السلامة والتعايش والتسامح في الوطن العراقي .
كان البطريرك الكاثوليكي الكلداني مار لويس روفائل الأول ساكو الكلي الطوبى ، يدرك حجم المسؤولية وخطورتها ، لكن عمق ايمانه المسيحي وتجربته الحياتية وإخلاصه ، ومحبته لتقديم الخدمة لشعبه ولوطنه ، تجشم ثقل المسؤولية ووضع امامه خريطة الطريق التي شملت خطوطها العريضة : الإصالة والتجدد والوحدة .
لقد مرت سنة وتبين ان عجلة البطريركية تدور بخطواتها المدروسة ، لتسير في الأتجاه الصحيح ، قبل ايام كان انعقاد السينودس الكلداني في بغداد والذي انتخب ثلاثة أساقفة للابرشيات الشاغرة ومعاوناً بطريركياً ، والأساقفة هم :  هم: الأب د. يوسف توما مرقس الدومنيكي، رئيس أساقفة أبرشية كركوك والسليمانية (التي تمّ دمجها قانونيًا وإداريًا بأبرشية كركوك)، والأب حبيب هرمز ججو النوفلي، رئيس أساقفة أبرشية البصرة والجنوب، والأب د. سعد سيروب حنّا أسقفاً فخريًا للحيرة ومعاونًا للبطريرك ، كما وضع الحل النهائي لمشكلة المطران الجليل مار باوي سورو ، ليصار الى قبوله في الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية .
بالعودة الى خارطة الطريق في معنى التجدد بمواكبة روح العصر والمضئ في عملية التحديث مع عدم إغفال او نسيان الإصالة والجذور فنحن لنا تاريخ راسخ في هذه الأرض ، ولنا اسم قومي كلداني وحضارة مشرقة فلا يمكن الأنقطاع ومعاداة الماضي امام زخم التجدد والتحديث . ويمكن وضع موازنة عقلانية حكيمة بين الماضي والحاضر ، وفي شأن الوحدة كان انفتاح وتحرك غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو لتجسير اواصر التفاهم والتعاون مع كل الكنائس وفي المقدمة كانت الكنيسة الآشورية ، ولم يدخر جهداً في سبيل ذلك .
مصير الكنيسة وشعبها منوطان باستعادة الدولة العراقية لمكانتها وهيبتها ، وإرجاع الأوضاع الطبيعة للمجتمع في كل المدن العراقية ، وهكذا عملت البطريركية الكاثوليكية الكلدانية على تقريب وجهات النظر لمختلف أقطاب القوى السياسية العراقية ، ونالت باطريركية بابل على الكلدان في العراق والعالم مكانة سامية ومحترمة بين اوساط القيادة العراقية وهي محل تقدير واحترام كل الأطراف في هذه القيادة وذلك لموقفها الوطني الحكيم النابع من اخلاصها لمفهوم الوطن .
إن هذا الموقف المعتدل المقبول من جميع الأطراف ، يعتبر موقف مبدأي ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في اوائل العشرينات من القرن الماضي ، والتي اسست على انقاض الأمبراطورية العثمانية المنهارة ، لقد كانت الدولة العثمانية تعامل الأقليات بمبدأ نظام الملل الذي يعني منح مساحة من الحكم الذاتي للملة مقابل دفع الضرائب المترتبة عليها للباب العالي ، ويكون الرئيس الديني ( البطريرك ) للملة هو الحاكم الدينيوي لملته ايضاً .
في الدولة العراقية بات الرئيس الديني ( البطريرك ) هو الرئيس الديني فقط ، والمسائل الدينوية تعود مرجعيتها الى قوانين الدولة التي تسري على الجميع ، لكن هذا الوضع لم يمنع الدولة العراقية من وضع صيغ للمساواة بالجوانب السياسية ، فقد كان مجلس الأعيان يتكون من 20 عين يصار الى اختيارهم من قبل الملك مباشرة ، وكان البطريرك الكاثوليكي الكلداني عضواً في هذا المجلس ، إضافة الى كوتا مسيحية مؤلفة من 4 نواب وبعد هجرة اليهود كانت الكوتا المسيحية عام 1952 تتألف من 8 نواب .
إن مسيرة مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في المجال السياسي كان مناصراً للدولة بجهة تطبيقها حكم القانون ، وكانت مع استقرار الأوضاع ، لأن الأوضاع المستقرة تضمن الظروف الملائمة للعيش المشترك ، وهي تسعى لضمان حقوق شعبها الكلداني والمسيحيين بشكل عام ، ليس في ضمان حقوقهم الدينية في العبادة والشعائر فحسب ، بل السعي لمساواة شعبها الكلداني في الحقوق القومية والوطنية كما هي لبقية المكونات .
لقد كان واضحاً لكل ذي نظر ، بأن هنالك محاولات مفضوحة لدق اسفين التفرقة بين الكنيسة وشعبها الكلداني ناسين او متناسين انهم جميعاً في سفينة واحدة تمخر عباب البحر وينتظرها مصير واحد ، ويقودها ربانها الحكيم وعلى متنها طاقم القيادة مع الركاب ، وإن الجميع ينتظرهم مصير واحد ، وإن مصلحتهم جميعاً ومصلحة الوطن تكمن في رسو السفينة على شاطئ السلام والأمان ، كما ان تلاحم الكنيسة مع شعبها ضمان لهذا الأمان والأستقرار  .
إن مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في العام المنصرم ، إضافة الى نشاطها الكنسي ، وعلى مستوى الإداري والإعلامي ، فقد كان زاخراً بنشاط وحراك على مستوى المؤتمرات للدفاع عن المسيحيين في العراق وفي الشرق الأوسط  عموماً ، كما كان ثمة حراك على مستوى الوطن لرأب الصدع بين اقطاب الساسة في العراق بهدف تحقيق عملية سياسية ناجحة ، لنقع على حالة من الأمان والأستقرار لوطننا العراقي . وهي امنية الجميع إذ إن الأمان والأستقرار حالة مطلوبة وتصب في مصلحة النسيج المجتمعي العراقي برمته .

د. حبيب تومي / اوسلو في 16 / 01 / 14





47
كيف نشكل من الكوتا المسيحية كتلة برلمانية مؤثرة في القرار السياسي؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
كان قدرنا ان ننحني ونسلم للقرارات المفروضة علينا ، فقد نزع عنا الأنتماء القومي الكلداني والسرياني والآشوري ليصار الى شرعنة الإطار الديني تحت مسمى الكوتا المسيحية ، وكانت كل المكونات قد حددت باسمها القومي : الأكراد التركمان الأرمن .. لكن نصيبنا كان التقسيم الديني ، فكان التجاوز على تسمياتنا القومية التاريخية ، وكان لأحزابنا المتنفذة دورها الكبير بقبولها لهذه للتسمية الدينية لتمشية مصالحها ولإحراز مكاسب سياسية تحت اسم المكون الديني المسيحي . فأنا شخصياً انفر من التقسيم الديني للمجتمع : مسيحي ومسلم .. ولنا نحن المسيحيون تجربة مريرة عبر العلاقة التي كانت تترجم بمنطق اهل الذمة او اهل الكتاب . نحن في القرن الواحد والعشرين ونحن لسنا اهل الذمة بل مواطنون عراقيون في الدولة العراقية الحديثة . ولهذا اقول سوف نقبل بهذه التسمية بمرارة لعلنا نفلح في تغيير الواقع مع الخيرين من ذوي النفوذ والسلطة في المستقبل .
كل الدلائل تشير الى شيوع حالة فريدة في نفور وابتعاد  الناخب المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين من الأشتراك في عملية الأنتخابات ، وهذه اللامبالاة ، بل النفور والأبتعاد عن المساهمة في اللعبة الأنتخابية ناجم عن التجربة المريرة في السنين الخوالي وعبر عدة دورات برلمانية ، والكل يصل الى قناعة بأن نوابنا في هذه الدورة والدورة السابقة لها ، كانوا نواب يعملون بالدرجة الأولى لمصالحهم الخاصة ، ولم نلمس بينهم من برز في الدفاع عن حقوق شعبه ، لقد خلق ذلك نفوراً واستياءً لدى ابناء هذه الشعب من الكلدان والسريان والآشوريين ، وهكذا كان الإحجام الكبير عن الاشتراك في عملية الأنتخاب .
من العبث التشدق بأن اعضاء برلمان الكوتا المسيحية حققوا نصراً بإصدار الحكومة العراقية  "قانون اللغات الرسمية 7 كانون الثاني 2014 " الذي صدر مؤخراً فجعلت السريانية لغة رسمية ، فالواقع يدحض هذا الزعم حيث ورد في المادة السابعة من هذا القانون :
المادة -7- يجوز فتح مدارس لجميع المراحل للتدريس باللغة العربية أو الكردية أو التركمانية أو السريانية أو الأرمنية أو المندائية في المؤسسات التعليمية الحكومية أو بأي لغة أخرى في المؤسسات التعليمية الخاصة وفقاً للضوابط التربوية. راجع الرابط ادناه :
http://splashurl.com/p5ndxzw
فالقانون قانون وطني عام يشمل اللغات العراقية قاطبة ، ولا فضل لنواب شعبنا في إصدار هذا القانون ، وليس من الأصول تسويقه لحساب حزب مسيحي او نائب مسيحي .
لقد كانت اعداد المقترعين لقوائم الكوتا المسيحية في اقليم كوردستان في الأنتخابات الأخيرة لا يتجاوز العشرة آلاف صوت ، وهذا عدد متواضع جداً ، وماذا يبقى منه إن طرحنا الأصوات التي وصلت قائمتا الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي من القوائم الكردية ؟
 وهي بحدود 2000 صوت اي ان المقترعين لا يتجاوز عددهم الى 8 آلاف صوت ، ونحن نقول ان اغلب ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين هم في اقليم كوردستان ، في حين ناهزت الأصوات للكوتا المسيحية في الأنتخابات السابقة السبعين ألف صوت . وبالقسمة على خمسة نواب في البرلمان الكوردستاني ستكون حصة كل منهم حوالي 1600 صوت وهذا رقم متواضع جداً جداً إذا ما قورن ما يحتاجه المرشح في القوائم الأخرى المنافسة والتي  بشق الأنفس تحصل على مقعد في البرلمان ، وهنالك احزاب صغيرة وعريقة اخفقت بالوصول الى مبنى البرلمان بسبب العتبة الأنتخابية العالية التي ينبغي الوصول اليها .
إن إخفاق نواب الكوتا المسيحية في تحقيق إي انجاز ملحوظ لشعبهم ، ناجم ، حسب رأيي المتواضع ، عن الخلافات التي تمزق وحدة كلمتهم داخل مبنى البرلمان ، وبذلك يفقدون اهمية عددهم حتى إن كان متواضعاً .
الراصد لسير الأمور في البرلمان العراقي يلاحظ بجلاء : كيف ان الشيعة رغم الخلافات بينهم تمكنوا من ايجاد صيغة توافقية لتكوين اكبر كتلة برلمانية داخل البرلمان ، ليصبح من نصيبهم تشكيل الوزارة ، وهذا ينطبق على الكيانات الكوردية المؤتلفة داخل البرلمان وتعمل مجتمعة بخطاب واحد للدفاع عن حقوق الشعب الكوردي ، وهذا ينطبق على المكون السني ، باستثناء المكون المسيحي الذين احدهم ( يجر بالطول والآخر يجر بالعرض ) كما يقال .
فهل يمكن ان نستفيد من تجربة هذه المكونات ؟
وهل نستطيع ان نأخذ العبرة من السنين الماضية ؟
وهل يمكن ان تشكل كتلة الكوتا المسيحية ورقة ضغط في البرلمان ؟
وهل يمكن ان تشكل الكوتا المسيحية كتلة واحدة يكون لها تأثير ودور في القرار السياسي؟
هذا ما اريد ان اجيب عنه في هذا المقال .
حينما اتحدث ان كتلة الكوتا المسيحية ، إنما اطرحها كفكرة عامة ، فالكوتا المسيحية يتنافس عليها 13 قائمة وإن كان في كل قائمة 10 مرشحين سيكون هنالك 130 مرشح يتنافسون للفوز بخمس مقاعد ، أي سيكون هنالك خمسة من الفائزين مع 125 من الخاسرين ، ومن المؤكد سوف يفوز من يمتلك مقومات الفوز ، وفي كثير من الأحيان لا تكون الكفاءة من مقومات الفوز بل الإمكانية المادية المعروفة بالمال السياسي ، والدعاية الأنتخابية ، وهذا واقع حال في الأنتخابات السابقة ، وعلى الأرجح اللاحقة ، لكن لا نريد ان نعطي توقعات متشائمة عن الأنتخابات المقبلة ، فنـامل ان تجري انتخابات نزيهة ، وان يكون الناخب اكثر ذكاءً وان لا يقع بنفس المطب السابق .
 اعود الى موضوع تشكيل كتلة برلمانية مؤثرة من العدد المتواضع للكوتا المسيحية .
فإن كان كل نائب مسيحي يسير منفرداً ، فإن هذا النائب سوف يشكل (1) على (325 ) من مجموع النواب في البرلمان ، وسوف لا يكون له اي قيمة عددية ، بينما لو اتفق 5 اعضاء وبالأتفاق مع النائب الأرمني ستكون هناك كتلة برلمانية متكونة من 6 اعضاء ، وسوف تكون هذه الكتلة البرلمانية واحدة من الكتل البرلمانية العشر ، اي يكون صوتها عددياً (1) على (10) وحسب الكتل البرلمانية الصغيرة والكبيرة ، ونحن نعرف اهمية هذه الأصوات اثناء التصويت على قرار معين .
بهذه الصيغة سوف تحاول الكتل الكبيرة بالأتصال بهذه الكتلة ( المتراصة والموحدة في قرارها ) لاستمالتها وكسب اصواتها الستة الى جانبها ، وحينئذِ سوف تعرض الكتلة المسيحية شروطها ، فهي كبقية الكتل تريد ان تقدم مكاسب لشعبها ولناخبها الذي انتخبها .
إن احترام وتقدير الكتل الأخرى للكتلة المسيحية سوف يزداد حينما تتميز هذه الكتلة ( المسيحية ) ( مجتمعة ) باستقلالية قرارها ، وعدم خضوعها لأية جهة ، وتجري المساومة على المكاسب ، أن اي كتلة تحترمنا وتعطينا مكاسب اكثر نحققها لشعبنا سوف نصوت لجانبها ، وستة اصوات لها قيمتها وسط الكتل المتعددة .
إن تشرذم وتشظي النواب المسيحيين في البرلمان وتقسيم ولاءاتهم لهذا الطرف او ذاك ، سوف لا يكون في صالح المسيحيين من الكلدان والسريان والاشوريين والأرمن وسوف يفقدهم الكثير من عناصر المناورة السياسية المطلوبة في هذه المواقف المهمة . ،سوف تغدو هذه الكتلة ضعيفة ومشلولة وغير قادرة على تحقيق اي مكسب مهم لشعبها وتكتفي بالرواتب والمخصصات التي يتقاضاها البرلمانيون ، ويا لها من خديعة بحق الشعب الذي انتخبهم وأوصلهم الى مبنى البرلمان .
ربما لا نسطيع تحقيق تضامن او تعاون في الجانب القومي فلكل طرف نظرته القومية يعتز بها ، وعلينا احترام مشاعر كل طرف : الكلداني والسرياني والآشوري . لكن هذا ( العدم التعاون بالشأن القومي ) لا يمنع من ان يسود التضامن والتعاون سياسياً فنشكل كتلة برلمانية مؤثرة في القرار السياسي لنحقق مكاسب للناخب المخلص الذي انتخبهم ومنحهم صوته الثمين .
إنه طريق واضح اضعة امام النائب المسيحي العراقي في الكوتا المسيحية وليس المهم من يحظى بالفوز ، إنها مهمة النائب المسيحي ليكون وفياً وأميناً للامانة التي منحها له الناخب المسيحي إن كان داخل العراق او خارجه .
الطريق واضح امام نوابنا اليوم وغداً ، فإما كل منهم يعمل بشكل شخصي مستقل ويميل نحو الجهة التي تحتضنه ، وكما جرى في الدورات السابقة ، وإما ان يكون لهم مصداقية وأمانة لشعبهم ويشكلون كتلة برلمانية واحدة ، فيكون لهم استقلالية القرار وشخصية يحترمها الجميع ، بفضل ميزة تميزهم بعملهم المؤسساتي في اتخاذ المواقف الموحدة عن القضايا المطروحة ، بعد العمل التشاوري المستمر بينهم وليشعر كل عضو منهم بأنه المسؤول عن اي فشل امام شعبه .
 
تحياتي
د. حبيب تومي / اوسلو في 10 / 01 / 14


48

أدعو لتوقيع عهد شرف بين قوائم الكوتا المسيحية بعدم اللجوء الى التسقيط السياسي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@.no
نحن شعب مسيحي واحد كما يزعم الجميع إن كنا كلداناً او آشوريين او سريان او ارمن فلا فرق بيننا والدليل على ذلك هو (المساواة) بيننا في عمليات التهجير القسري من الوطن وظلم وقهر وإرهاب يطالنا جميعاً دون تفرقة والسبب هو هويتنا الدينية المسيحية فهذه الهوية يمكن ان توحدنا في السراء والضراء ، لاسيما اوقات المحن .
بالإضافة الى كل ذلك هنالك من العقلاء والكتاب ورجال الدين المعتدلين من المسلمين في وطننا يضربون بنا المثل نحن المسيحيون  بأننا مثال التعايش والوعي وقبول الآخر ، والكل يشهد ان المكون المسيحي يمثل نخبة عراقية وطنية واعية في النسيج المجتمعي العراقي  . ومع كل هذه الأسباب ينبغي ان نشكل مثالاً جيداً يقتدى به في التجربة الديمقراطية العراقية ، ولهذا اقول :
علينا ان نوقع وثيقة شرف بين كل الكيانات المتمثلة في قوائم الكوتا المسيحية لكي لا نلجأ الى اسلوب التسقيط السياسي للاخر او استخدام المال السياسي في عملية الأنتخابات وحري بنا ان نبتعد عن هذا الأسلوب المعتبر اسلوب يتاخم اللاأخلاقية السياسية . فمهما كان بيننا من التنافس فلا يمكن ان نصل الى حدود العداوة والأنتقام  .
من المؤسف ان نلمح في الأفق اسلوب التسقيط السياسي يلجأ اليه الآخرون ونحن في مرحلة مبكرة من الدعاية الأنتخابية ، فقد كتب السيد انطوان صنا في تعليق له على مقالي السابق الموسوم : لماذا رشحت نفسي في قائمة بابليون التي يرأسها الأخ ريان الكلداني ؟
وكان رد السيد انطوان صنا الذي تنكر لأنتمائه الكلداني وانتقل الى الأنتماء الآشوري ، وهذا امر يخصه لا نتدخل فيه ، لكن هو اول من استخدم اسلوب التسقيط السياسي باعتباره ، محسوب وموالي لقائمة المجلس الشعبي تحديداً . وقد كتب تعليقه على المقال المذكور بتعليق غريب عجيب وبمنأى عن اي رأي حصيف ولائق ومسؤول ، ويبدو ان اناء هذا الرجل ينضح بما هو فيه ، إذ يقول في الفقرة الرابعة وحسب الرابط اسفل المقال . يقول :
 - حسب رأي الشخصي ان السيد حبيب تومي فقد مركز توازنه السياسي ويتخبط ويشعر بنوع من الافلاس السياسي والتهميش والشعور المسبق بفشل التنظيمات السياسية الكلدانية لذلك ارتمى في احضان قائمة (بابليـون) بشكل غير لائق بعمره وبتاريخه ومواقفه وادعاءاته ومزايداته من اجل الكرسي خاصة ان قائمة بابليون غير متجانسة فكريا وسياسيا وطارئة على شارع شعبنا وليس لها علاقة بفكر شعبنا وبحقوق شعبنا الوطنية والقومية والتاريخية المشروعة في الوطن واني مسؤول عن كلامي . انتهى الأقتباس .
في الحقيقة انا مستغرب من هذا الأسلوب التسقيطي ، فأنا شخصياً كانت علاقتي طيبة مع هذا الرجل العجيب الغريب في مواقفه ، والدليل على ذلك ما يسطره هذا الرجل من كلمات التقدير والأحترام لشخصي ، ففي رسائل سابقة كنت استلمتها من السيد انطوان الصنا وعلى سبيل المثال هذه رسالة بتاريخ 12 / 3 / 2009 يقول فيها :
استاذي العزيز حبيب تومي المحترم
تحية طيبة
استلمت رسالتك التاريخية واني عن نفسي سوف التزم بكل ماورد فيها من اسس وقواعد حرصا على وحدة الكلمة والصف القومي الكلداني مع
تقديري


                                                                اخوكم ومحبكم
                                                                  انطوان الصنا
                                                                    مشيكان

 ورسالة اخرى وهي بتاريخ 17 / 5 / 2009 يقول السيد انطوان الصنا في بعض ما ورد فيها :
استاذي الفاضل حبيب تومي جزيل الاحترام
تحية اخوية واعتذار
اعتذر كثيرا لتأخري في الرد لانشغالي ...  

استاذي العزيز
ان مفاهيم الزعل والتشنج ليس ضمن قاموس تعملنا الحياتي اليومي والثقافي لثقتنا بأنفسنا ومبادئنا اولا ... فكيف ذلك ونحن تلاميذ مدرستك ثانيا ......

مرة اخرى اكرر اعتذاري واسفي الشديد على تأخري الرد وستبقى علما ومفكرا واستاذا لنا وتذكره الاجيال الحالية والقادمة بكل شموخ واباء بعد عمر طويل وبفخر واعتزاز وثقة مع تقديري واعتزازي ...

                                                    تلميذكم ومحبكم
                                                      انطوان الصنا
                                                        مشيكان

يستنتج من هذه الرسالة وغيرها بأنه لا يوجد خلاف شخصي  مع السيد صنا ، ولكن حينما بدل السيد صنا ولائه القومي والسياسي بات يسلك سلوك التسقيط السياسي للاخرين ..
انا شخصياً كنت ثائراً في الجبال وبعد ذلك درست خارج العراق ، ثم عملت مهندساً بحرياً في اعالي البحار ، وخالطت مجتمعات كثيرة ولم اصادف في حياتي شخص بهذه القابليات ، فأنا شديد التعجب بهذه القابلية للتلون او التحول ، وهنا اسأل السيد انطوان الصنا : اي من النصين عن حبيب تومي فيه المصداقية وأي منهم فيه عدم المصداقية ولا اقول ( الكذب ) . والجواب متروك للسيد الصنا .

اقول :
لا يليق بنا نحن المسيحيون ان يسود بيننا اسلوب التسقيط السياسي ، من حق اي كيان وقائمة ان يشرح برنامجه للمواطن ويظهر تاريخه النضالي ، ومن حقه ان يقنع المواطن ويكسبه الى جانبه ، لكن ليس من حقه اللجوء الى إسقاط الآخر ، لأن الاخر سيقوم بعملية رد فعل فيلجأ الى اسقاطه ايضاً ، وهكذا تبرز المشاكل لتصل احياناً الى عمليات الأنتقام والقتل بين بعض القوى المتنفذة ، ونحن الكلدان والسريان والآشوريين في غنى عن هذا التسقيط الذي يصنف مع اللاأخلاقية السياسية .

المال السياسي
من المعروف ان المال السياسي للدعاية الأنتخابية يأتي من المتبرعين ، وخاصة من اعضاء الكيان او اصدقائهم ، لكن في العراق اعتقد الحكومة تساهم في هذا الجانب ، وعلى نطاق قوائمنا المشتركة في الكوتا المسيحية ، فما ترشح من الأخبار في الأنتخابات السابقة فإن القائمتين التابعتين للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والزوعا قد أغرت الناخبين ببعض الحاجيات المنزلية كالصوبات ، والبطانيات ، وكرتات الموبايل وربما مبلغ من المال .. الخ
ليس من حق الكيان ان يصرف المبالغ التي تجمع باسم الجمعيات الخيرية ، كجمعية آشور الخيرية ، والمبالغ المخصصة للعوائل المتعففة او المخصصة للبنية التحتية للقرى المسيحية والتي هي بحوزة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، ليس من حق هذين الكيانين صرف هذه المبالغ للدعاية الأنتخابية ، او لشراء اصوات الناخبين .

الدعاية والإعلام
يحضرني ما اقدم عليه موقع عنكاوا في الأنتخابات البرلمانية العراقية السابقة ، حيث منح مساحة إعلامية متساوية لجميع القوائم ، لكن هذا السلوك لم يكن سارياً في قنواتنا الفضائية . ففي فضائية اشور ومواقع الزوعا الألكترونية كانت مخصصة للدعاية لقائمة الزوعا وهذا مفهوم . باعتبار زوعا حزب قومي متشدد معروف بأديولوجيته الأقصائية بحق الكلدان والسريان على  فرضية خلق مكون مسيحي متجانس قومياً وهي القومية الآشورية . لكن هذه الأفكار باتت منبوذة ومنكرة في العالم المتقدم ، وفي وطننا العراقي في طريقها الى الزوال امام الفكر الليبرالي الديمقراطي الحر .
وفي نفس السياق عكفت فضائية عشتار المخصصة للمكون المسيحي من قبل اقليم كوردستان ، فإن هذه الفضائية تستغل من قبل مكون مسيحي معين ، دون ان يستفيد منها السريان والكلدان فيما يخص المسألة القومية ، بل ان فضائية عشتار تتخصص وقت الأنتخابات          ( حصرياً ) للدعاية الأنتخابية لحزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري  الذي يتنافس مع الأحزاب الأخرى على مقاعد الكوتا المسيحية . فيتوفر حظ اوفر من الدعاية الأنتخابية للزوعا وللمجلس الشعبي ، وهذا واضح من هيمنة الحزبين على الكوتا المسيحية في اقليم كوردستان وفي برلمان العراق الأتحادي في الدورات السابقة .

نعود الى المهم
 وهو الكف وإيقاف اسلوب التسقيط السياسي ، وكذلك عدم اللجوء الى تسخير المال السياسي في شراء الأصوات بين الفرقاء في الكوتا المسيحية ، بغية خوض عملية انتخابية شفافة شريفة ، ونترك للناخب حرية الأختيار بمنأى عن الأساليب الملتوية . وربما تكون هذه الطريقة غريبة في مجتمعاتنا ، لأننا تعلمنا على الأسلوب الميكافيللي في الوصول الى الهدف السياسي ، إذ اصبحت الميكافيلية تعتمد كصفة للخبث والدهاء والغدر والفساد في السلوك والأخلاق .
ولكن حتى ( ميكافيللي يقر بوجود سبيلان للوصول الى الإمارة ، ففي الفصل الثامن من كتابه الأمير يقول ص96 في عنوان : أولئك الذين يصلون الى الإمارة عن طريق النذالة ، ويضيف ان احد السبيلين يتلخص في وصول المرء الى مرتبة الإمارة عن طريق وسائل النذالة والقبح . اما السبيل الآخر فعن ارتقاء أحد ابناء الشعب سدة الإمارة في بلاده بتأييد مواطنيه) . انتهى الأقتباس
 وفي الحقيقة ان ميكافيللي يورد ذلك منطلقاً من ظروفه ولا يمكن التطرق اليها لأسباب يطول شرحها .
المهم إذا اتفقنا على نبذ الأساليب المنافية للعملية الديمقراطية السليمة  ولأخلاقيات السياسة ، فيمكن ان يشكل ذلك ارضية سليمة للتعاون داخل مبنى البرلمان والذي سوف نتطرق اليه في مقال قادم .
ولهذا ادعو كافة الكيانات السياسية المسيحية العراقية المتمثلة بالقوائم المسجلة ان نلجأ الى الدعاية الأنتخابية الشريفة لكي نمثل نموذج حي مثالي لخوض اللعبة الديمقراطية بطرق نزيهة ، فهل نستطيع ذلك ؟ فلنوقع وثيقة شرف على انتهاج هذا الأسلوب المثالي .

تحياتي
د. حبيب تومي / اوسلو في 04 / 01 / 14
 

://.ankawa.com/forum/index./,718951.0.


49

لماذا رشحت نفسي في قائمة بابليون التي يرأسها الأخ ريان الكلداني ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
كانت المخاضات المعقدة التي طرأت على الساحة العراقية منذ 2003 بعد سقوط النظام كانت عسيرة ، وتولد منها عملية سياسية يمكن اعتبارها فاشلة في ضوء ما آلت اليه الأوضاع بعد مضئ عقد من السنين على السقوط ، وإذا كانت جميع مكونات الشعب العراقي قد طالهم الظلم او الأرهاب او التهجير القسري او شكل من اشكال التعسف ، فلا جدال حول ذلك ، لكن زيادة على ذلك سيكون المكون المسيحي ومعه المكونات الدينية الأخرى قد اصابها الإرهاب في مقتل ، حيث ان هذه المكونات في طريقها الى الأندثار من عموم المدن العراقية .
وإذا مضينا ابعد سنجد ان المكون الكلداني هو الأكثر ضرراً من بين كل هذه المكونات ، فما اصاب الآخرين قد طاله ايضاً ، زائداً حالة واحدة وهي تهميشه وإهمال شأنه سياسياً وقومياً على الساحة العراقية والكوردستانية .
لقد وجد الشعب الكلداني نفسه بعد سقوط النظام عام 2003 انه قد أقصي من العملية السياسية ، وأصبح كأنه لا جئ غير مرغوب فيه في هذا الوطن لا حقوق قومية ولا سياسية .
نحن العاملين في المسالة القومية الكلدانية ، إن كنا من المستقلين او من الأحزاب القومية او من منظمات المجتمع المدني ليس لنا اي دعم مالي او إعلامي من اي جهة ، الحكومة الكوردية لا تساعدنا والحكومة المركزية لا تساعدنا ، وأصبحنا نسبح ضد التيار مع هذا أقران لنا ، ولهم الكم الهائل من الدعم ومثال ذلك ما  يتلقاه اخواننا في الأحزاب الأخرى كالمجلس الشعبي والحركة الديمقراطية الآشورية ، فهؤلاء لهم الإسناد والدعم ونحن نسبح وكأننا مقطوعين من شجرة ، وهكذا يبقى الغريق يرحب بأي يد منقذة تمد اليه .
هكذا وجدنا بشخص الأخ الشيخ المستشار ريان الكلداني الذي مد يده للتعاون معنا ، وأنا مندهش من هذه الحملة غير المبررة على هذا الشاب الألقوشي الكلداني ، لكي اكون صريحاً هنالك كلام سلبي على الأخ ريان ، لكن هنالك كلام ايجابي كثير يذكر به ، وهذه حالة اعتيادية عن اي شخص ينشط ويتحرك في الساحة السياسية .
الأخ ريان الكلداني شاب في مقتبل العمر يتمتع بعلاقات جيدة مع اوساط شيعية ، إضافة الى علاقات طيبة مع اوساط كردية ، وإنه يساعد المسيحيين بطريقته الخاصة ، وكمثل غير حصري : كان لأحدهم بيت قد اغتصبه جاره المسلم ، فإن الشيخ ريان يتدخل فيتفاوض ويتدخل ويهدد لإرجاع البيت الى صاحبه المسيحي .
وهنالك امثلة كثيرة على هذا الدور ، كما ان الأخ ريان يعيش في وسط بغداد ومقره بالقرب من ساحة الواثق ، وأبوابه مفتوحة للجميع ، وهو مستعد لأبداء اي مساعدة يستطيعها لأي مسيحي يطلب منه المساعدة وهو بصدد الحصول على مساعدات من الحكومة العراقية للعوائل المسيحية المتعففة .
في مسألة لقب الشيخ ، فلا ادري لماذا كل هذه الضجة المفتعلة حول هذا اللقب ، المسألة وما فيها هنالك مجلس العشائر وهذا المجلس مهمته المصالحة الوطنية ، وإن الأخ ريان منح هذا اللقب ليكون عضواً في هذا المجلس ، ويأخذ وظيفة المستشار في مجلس الوزراء ، فأين الخلل ؟
وما هو الخطأ الذي ارتكبه هذا الشاب لقيامه بهذا الدور ؟
 فأولاً الأخ ريان لم ينصب نفسه شيخاً على احد ، كما انه ليس بديلاً للبطريركية ، وليس مسؤولاً عنها ، انه تابع للكنيسة الكاثوليكية الكلدانية كما نحن اتباع ورعايا هذه الكنيسة .
من جانب آخر انه ليس بديلاً عن الأحزاب السياسية ، إنه شخص يمثل نفسه ويمثل من يقف وراءه ، فأنا شخصياً احد مرشحي قائمة ( البابليون ) وإن الأخ ريان رئيسها ، وهو شخصياً سوف لا يرشح نفسه ، فلماذا كل هذه الضجة على شاب كلداني مسيحي القوشي يريد ان يخدم المسيحيين قاطبة ، وهو كان صاحب اقتراح بأن تكون قائمة بابليون شاملة ليس للكلدان فحسب بل لكل المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين ، وأنا شخصياً فاتحت الأخ وسام موميكا للانضمام الى قائمة البابليون ، ولحد اليوم انا شخصياً لم أسال من هو الأول ومن هو الثاني ومن هو الخامس .. الخ في القائمة ، نحن نعمل في هذه القائمة كمكون اخوي واحد .
في مسالة ترشيح نفسي تعتبر تجربة جديدة بالنسبة لي ، ورغم انني انشد النجاح ، لكن مهما كانت النتيجة سوف اتقبلها بروح رياضية ، فالأنتخابات مسابقة يخوض غمارها المرشحون ، ولا بد من فائزين وخاسرين ، وفي كل الأحوال سوف اتلقى النتيجة بروح رياضية .
لكن إن فزت سوف اكون اميناً لكلامي ولبرنامج القائمة ، ولي افكاري الخاصة فيما يخص اتباع الديانات الأخرى غير الإسلامية وما يخص التقاعد لجميع العراقيين ، ومن الطبيعي اني لا استطيع ان اعمل المستحيل ، لكن في كل الأحوال سوف لا اكون متفرجاً  او مستمعاً فقط في البرلمان ، بل سوف اكون معارضاً لكل ما يتناقض مع مبادئي في الحياة ، وسوف اتصرف كانتماء عراقي اصيل بالدرجة الأولى ، وسوف افرض شخصيتي مهما كانت النتائج إذ ليس لي ما اخسره تحت قبة البرلمان ، هذا ما صممت عليه إن فزت في الأنتخابات ، وإن لم يحالفني الحظ سوف اتفرغ للكتابة وإكمال مشاريعي الكتابية .
وأخيراً وليس أخراً اقول :
جميل ان نتعلم كيف نختلف ، وأجمل من ذلك ان نتعلم كيف نتحاور لكي نتفق ،  فالطبيعة البشرية مبنية على الأختلاف ، وإن التوجهات والأفكار الشمولية منها المذهبية والقومية والدينية والطبقية وجدت نفسها في مربع الفشل والسقوط ، وكمثال على ذلك الفكر القومي العربي الذي فشل في تحقيق الوحدة العربية ، والفكر الطبقي المتمثل في انحلال الأتحاد السوفياتي وانهيار جدار برلين ، وبعد ذلك كان فشل حكم الأخوان المسلمين في مصر ، وبقيت الأفكار العلمانية الديمقراطية الليبرالية هي خميرة المجتمعات التي تتطور وتزدهر .
وأخيراً أقول :
إن هذا التهجم على شخصية الأخ ريان الكلداني هي بسبب لقبه الكلداني ، وهذا واضح من خلال الردود ، وهذا يدخل في مستنقع التسقيط السياسي ، وإلا اي ذنب ارتكبه الشيخ المستشار ريان الكلداني وهو يقف الى جانب ابناء شعبه ؟ ويوظف علاقته السياسية والشخصية لحصول حقوق شعبه وحقوق مواطنيه المسيحيين في قلب بغداد ، هل هذه اعمال يستحق عليها محاربته ؟ ام علينا مساندته .
 برأيي المتواضع إنها محاربة طائفية عنصرية إقصائية  ضد المكون الكلداني في بلده ، بل اكثر من ذلك ان بعض الطروحات والردود تظهر بشكل جلي فاضح محاولات دق اسفين التفرقة بين مؤسسة البطريركية الموقرة وبين ابنائها من المخلصين لقوميتهم الكلدانية . إن هذا السلوك وتلك الأفكار الشمولية قد مضى زمنها ، ولا يجوز ان يكون لها فسحة بيننا .
واختم هذا المقال بقول لا اعرف قائله :
 إن لم تستطع قول الحق فلا تؤيد الباطل .
د. حبيب تومي / اوسلو في 29 / 12 / 2013

50
امنياتي وطموحاتي الوطنية والسياسية والقومية عام 2014
بقلم : د. حبيب تومي  / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
عام 2013 يلفظ انفاسه الأخيرة ليودعنا ، وقافلة الأيام سائرة في قانونها الأزلي غير مكترثة بادعاءاتنا ، بوجود وقت جميل ووقت تعيس ، إن وقتنا هو انتاج صناعتنا نحن نصنع الزمن الردئ ونحن نصنع الزمن الجميل ، الوقت من شروق الشمس الى غروبه ، شئ محايد لا يزرع الحروب والبغضاء والأحقاد ، أنما نحن نزرعها ، فالكينونة ماضية عبر الزمن لتغدو صيرورة يخلد ما يكتب عنها في التاريخ وما يبقى فوق الخرائب والأطلال بعد القرون في قادم الأزمنة .
قبل سنين وصلت الى بريدي مجلة باللغة النرويجية وزينت على كامل غلافها الأول رقم   60 سنة (60år. year) ومعها بطاقة دعوة لحضور احتفال في أحدى القاعات الكبيرة في مركز مدينة اوسلو ، حضرت الأحتفال ورأيت الحضور يتكون من الأعمار 60 سنة فما فوق من رجال ونساء . وتكلم بعضهم عن مراحل العمر . وقال احدهم :
ان العمر بعد الستين يكون المرء قد تخلص من مسؤولياته ، إن كان بالشأن الدراسي فقد حقق آماله الدراسية ، وإن كان في المجال الأسري فقد انتهت مسؤوليته بتربية الأولاد وتخرجهم واعتمادهم على انفسهم ، وإن كان في المجال التجاري  فقد حقق طموحاته المالية وبنى له مسكناً ملائماً .. هكذا ينبغي بعد الستين ان يعيش المرء حياته دون قيود او مسؤولية وكما كان طفلاً حيث يعيش ليومه دون هموم او تعقيدات الحياة .
في الحقيقة ان الحياة لا تقف عند حد معين مادام الفكر فاعلاً ونشيطاً ، وليس هنالك حدود او حالة معينة تمثل السعادة والفرح ، انها اشياء نسبية ، إن السعادة برأيي المتواضع ان يبقى الإنسان حاملاً لهدف يسعى الى تحقيقه ، فبعد بلوغة قمة عليه ان يسعى لغيرها ، وكما يقول الفيلسوف الألماني شوبنهاور : الدنيا ليست محلاً للسعادة بل للانجاز ، هكذا هي الحياة .
بعد ايام سوف نودع عاماً ونستقبل عاماً جديداً ، والأيام تنتظر ما يضاف اليها من جهود ومنجزات لتضاف الى التراكمات المنجزة عبر الأجيال ، الحياة لا تتوقف ، وكما يقول  فولتير ( 1694 ـ 1778) (ول ديورانت "قصة الفلسفة " ص249) :
من لا يعمل لا قيمة لحياته ، وكل الناس أخيار إلا الكسالى . لقد ذكرت سكرتيرته عنه انه لم يكن بخيلاً بشئ سوى بوقته . وهو يكتب :
كلما تقدمت في العمر اكثر شعرت بضرورة العمل اكثر ، واصبح العمل لذتي الكبرى ، وحل في مكان اوهام الحياة ، إذا اردت ألا ترتكب جريمة الأنتحار ، أوجد لنفسك عملاً .. وفي مكان آخر يقول فولتير عن نفسه : إنني اعبر عن آرائي بوضوح كاف ، وأنا كالجدول الصغير الشفاف ترى ما في قاعه لقلة عمقه ..
اجل ان الحياة عمل ومثابرة وفرح ومحبة وإنجاز .. علينا ان نقتدي بهؤلاء الفلاسفة العظماء ، إنهم قد اعطوا معنى حقيقياً للحياة وكانت إبداعاتهم التي تفتق عنها الذهن البشري وبأفكارهم النيرة توصلت الشعوب والأمم المتقدمة الى ما هي عليه اليوم من تقدم ورقي .
 بعد هذه المقدمة التي لم تكن مملة بالنسبة لي ، لأنني استمتعت بتصفح كتاب عزيز الى قلبي وهو وول ديورانت  " قصة الفلسفة من افلاطون الى جون ديوي " الذي اغيب بين صفحاته اللذيذة في احيان كثيرة .
اعود الى عنوان المقال امنياتي وطموحاتي للعام المقبل .
اولاً : ـ
ـ الشأن القومي لشعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين

من المؤسف ان اقول اننا لا زلنا في نفق أُدخًلنا به عنوة من قبل الأخوة في الأحزاب الآشورية التي استطاعت ان تأخذ بيدها مسؤولية المكون المسيحي من الكلدان والسريان والآثوريين ، في العملية السياسية ، بعد سقوط النظام في 2003 . هذه الأحزاب ، مجتمعة ودون استثناء ، بدلاً من تبني صيغة وحدوية اخوية تحترم كل الأطراف ، عوضاً عن ذلك تبنت نظرية إقصائية مكروهة بحق الكلدان والسريان ، في البداية جربت التسمية الآشورية فقط لاحتواء الجميع ، وحينما لاقت تلك التسمية الرفض القاطع من قبل الكلدان والسريان لجأت تلك الأحزاب على إعداد طبخة سقيمة في مطابخهم السياسية الحزبية ، وهي التسمية الهجينة ( كلدان سريان آشوريين ) لتكون بديلاً لوحدة حقيقية بين هذه المكونات .
كان تسخير المال والإعلام والإغراء بالمناصب لكي يصار الى تشويه المفهوم القومي الكلداني ، وفعلاً ثمة طبقة من الكلدان تأثرت بتلك المغريات وبتلك المناصب وبذلك الإعلام ، فأنا اعرف اشد المنافحين عن القومية الكلدانية ينتقلون بين ليلة وضحاها الى الضفة الأخرى لإحراز بعض المكاسب الشخصية على حساب المسالة القومية ، بل الأنكى من ذلك تطوع بعض هؤلاء ، الملقبين بالمتأشورين ، تبرع هؤلاء بمناوئة اي شخص او تنظيم يفتخر بقوميته الكلدانية ، وانا شديد الذهول من هؤلاء ، كيف يدعون بأحقية تمثيلهم للشعب الكلداني في حين يستهزئون ويستهجنون طموحاته القومية الكلدانية ، وتاريخه ، وأسمه ، وحتى تعبير لغته الكلدانية يعملون على محوها من الوجود ، فهل مثل هؤلاء مدافعين عن حقوق الشعب الكلداني ام مناوئين له ؟ حقاً إن من له مثل هؤلاء المدافعين لا يحتاج الى اعداء .
أقول :
أملي في العام المقبل 2014 ان نجد صيغة واقعية مقبولة لتعاوننا نحن الكلدان والسريان والآشوريين وأن نطور علاقاتنا لكي نستطيع صنع شكل مثالي ، ليس للعيش المشترك فحسب بل لأيجاد اسس راسخة من التفاهم وقبول الآخر لنتمكن من بناء علاقات اخوية حقيقية مع نبذ وإجهاض اي افكار إقصائية بحق اي مكون من مكونات شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ومع كل مكونات الشعب العراقي .
يقول نلسون ماندلا :
لثلاثة قرون، حاول البيض أن يقولوا للرجل الأسود أن لا تاريخ له ولا أي حضارة ولا هوية يمكن له أن يعتز بها، وإن البيض فقط لهم تاريخ وتراث وشعور برسالة في الحياة .
وهنا اهمس بأذن الأخوة الذين يتبنون تلك النظريات التي مضى زمنها ، علينا ان نفتح صفحة جديدة من الأحترام المتبادل وقبول الآخر ، هذا هو الفكر الليبرالي المعاصر ونحن اولاد اليوم علينا الأقتداء بتلك الأفكار النيرة .

ثانياً :ـ
ـ الشأن الوطني

ثمة المسألة الملحة وهي استتباب الأمن والأستقرار في المدن العراقية التي يلفها العنف والصراع الدموي ، حصاد السنين العشرة الماضية كان له نتائج مؤلمة وكارثية لا سيما على الأقليات الدينية وفي المقدمة يأتي المسيحون من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن وكذلك الأخوة المندائيين وبعد ذلك الإيزيدية ، وبات الأنسان يتعامل بفرضية إما قاتل او مقتول ، وهنالك الأكثرية الساحقة من الشعب العراقي التي تريد ان تنتهي هذه الحالة المأساوية ، لكن يبقى القرار بيد الطبقة السياسية التي يبدو بالظاهر انها تتحاور وتتفاوض وحينما لا تتوصل الى قرار تنقل صراعها الى الشارع وتتحاور بلغة المفخخات والأحزمة الناسفة والأسلحة الكاتمة للصوت .. الخ ، والى جانب ذلك ثمة القاعدة التي لا تريد ان تقبل ان يسود القانون والنظام ولا تقبل ان تبسط الدولة سلطتها وهيبتها في المدن العراقية ، فتعمل على إفشال مفهوم الدولة ليكون لها السطوة في الشارع العراقي .
إن اقليم كوردستان قد عالج هذه المسالة وإن الحكومة هناك قد بسطت معالم الأمن والأستقرار في مدن اقليم كوردستان ولهذا يشهد الأقليم نهضة في البناء والتقدم .
وفي الشأن الوطني هموم كثيرة ، لكن جميعها تبقى معلقة دون توفير الأمن والأستقرار ،الركن الأساسي لبناء مقومات دولة ناجحة وفاعلة في كل مفاصل الحياة .
فهل سيكون عام 2014 عام عودة الأمن والأمان على المدن العراقية ؟ وإن استقرت الأمور سوف يصبح بالأمكان وتأسيس مشاريع استثمارية للقضاء على البطالة ويكون بالإمكان الأهتمام بالبنية التحتية وبالخدمات العامة وبالتعليم وبالزراعة والصناعة والسياحة والثقافة والفن والموسيقى ...  كل ذلك سيكون ممكناً حينما تخرج مدن العراق عنق الزجاجة ومن دائرة العنف الدموي .
ثالثاً : ـ
ـ اما الشأن السياسي

برأيي المتواضع ان العراق اليوم ، حكومة وشعباً مثقلان بتبعات صراعات اقليمية وطائفية ، وإن هذه التركة تنعكس كلياً على الوضع السياسي ، فالعملية السياسية لا تشبه العملية السياسية المألوفة في البلدان المتقدمة بل وحتى في دول العالم الثالث ، فالعملية السياسية عندنا هي محاصصة طائفية مفضوحة ، وهي متأثرة بشكل كبير بضغوطات الجيران ، إن هذه الحالة تنعكس سلبياً على الشارع ، فليس من المعقول هذا الكم الهائل من العمليات الأرهابية اليومية ، وكأنها عمل روتيني وهي تطال تجمعات السكان في الأسواق والمطاعم والمناسبات الدينية والمآتم ومجالس العزاء وغيرها كالتي تقع في مدينة او منطقة ذات طابع سكاني سني ويعقبها تفجيرات مماثلة بمدن ومناطق ذات طابع شيعي .
إن الغطاء الطائفي للعملية السياسية قد افرز الفسادة المالي والإداري وتفشت المحسوبية والقبلية والمناطقية والمذهبية والتفرقة الدينية كل ذلك نتيجة العملية السياسية العرجاء فلم يعد مكان لمفاهيم : الشخص المناسب في المكان المناسب ، ولم يعد مكان لسؤال المسؤول : من اين لك هذا ؟ يا هذا ؟
نأمل ان ان يكون الشعب العراقي قد استفاد من خبرته وتجربته لمدة 10 سنوات وأن يقبل على الأشتراك بالأنتخابات القادمة بشكل كثيف وجدّي ، وأن يتمعن في اختيار الناس المؤهلين لكي تفرز الأنتخابات القادمة طبقة سياسية مهنية ، وربما من المناسب ان نستفيد من العملية السياسية في اقليم كوردستان ، وحسب رأيي انه قد تجاوز مسالة التوزيع الطائفي للمناصب والمسؤوليات فأمامنا طبقة سياسية تمثل الأحزاب السياسية وليس احزاب طائفية .
نتمنى ان يكون عام 2014 عام خير وسلام ووئام للعراقيين قاطبة .
د. حبيب تومي / اوسلو في 22 / 12 / 2013  

51
نصف قرن على استشهاد هرمز ملك جكّو ذكريات البطولة والتضحيات

بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
في مدخل كلي دهوك من الشمال وباتجاه زاويتة وقرية كوري كافانا ينتصب تمثال للشهيد هرمز ملك جكو ( 1930 ـ 1963 ) ، الذي كُرم من قبل قيادة اقليم كوردستان وفاءً لما قدمه من تضحيات لثورة ايلول التحررية بقيادة القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني ( 1903 ـ 1979 ) . ان هذه الشخوص والرموز ترجعنا الى لحظة من الزمن تركت بصماتها في سجل التاريخ المسجل في عقول البشر في تلك المرحلة العصيبة .

صورة منشورة في كتاب الأستاذ مسعود البارزاني " البارزاني والحركة التحررية الكردية " الجزء الثالث مع مجموعة الصور المنشورة بين ص160 ـ 161 ، ويعود تاريخها  الى شهر تشرين الأول من عام 1963 في منطقة النهلة ، والذين اعرفهم في هذه الصورة من الجالسين الثاني من اليسار هو صديقي صبحي بطرس من عنكاوا ، والواقفين الثاني من اليسار هو هرمز ملك جكو ( استشهد ليلة 30ـ 01 / 11/ 1963 )  والواقف الى يمينه كاتب هذه السطور
مهما طالت سيرورة الزمن وانسابت قافلة السنين من تضاعيف العمر فلا يمكن ان تفارقني اللحظات الحالمة والسعيدة في تراكم المحن ولحظات الأستعداد للقتال لمقاومة العدو المتربص وراء الأكمة ، فثمة لحظات ، رغم الضائقة ، يمكن فيها امتاع النظر في السماء الصافية المرصعة بآلاف النجوم ، ومع نسائم الصباح  تدغدغ مسامعك زقزقة العصافير المرحة فتنتشي الروح ببصيص من الأمل بالمستقبل ..
إذا تصفحنا اوراق سجل الزمن السرمدي نلقاها تنطوي برتابة وسيرورة وفق قوانين النظام الكوني الأزلي وليس امام المرء سوى التسليم بما يحيط به من البيئة الجغرافية والأجتماعية والثقافية ، وقبل حوالي نصف قرن من الأن تكون قافلة الأيام قد مضت بهذا الكم الكبير من الأيام في القياس الشخصي للعمر ، وما يساوي لحظة واحدة من الزمن الكلي الأبدي ، هكذا هي الحياة ، وفي حدث كبير في  وقته وهو استشهاد احد المقاتلين الأشداء وهو هرمز ملك جكو وغيابه عن ساحة المعركة ، نحاول الولوج في غمرة الذكريات ، ورغم  ما وقع قبل شهر او ربما ايام يكون قد غاب عن سجل الذاكرة لكن ذلك الحدث البعيد لا زال مطبوعاً بوضوح على صفحات كتاب الذاكرة .

صباح ياقو  ( ابو ليلى ) من اليمين كاتب هذه السطور من اليسار والصورة اواسط الستينات من القرن الماضي
إن تراكم  الذكريات العارمة بالمواقف والمفاجئات ، احياناً ، تتداعى كأحجار الدومينو  فتتراءى امامك الممرات الضيقة الوعرة تتلوى كالثعبان عبر الشعاب والوهاد والتي مهدتها الأقدام البشرية والحيوانات عبر آلاف السنين .. وفي اللحظة الزمنية التي نتكلم عنها ( اواسط الستينات من القرن الماضي )  شهدت تلك الممرات والشعب زخم كبير من المقاتلين تركوا بصماتهم على مسار الأحداث ، وأتساءل حينما اكتب عن هرمز ملك جكو هل من السهل نقل مناخات تلك السنين وأشخاصها ومفرداتها وزمنها  ووضعها في ميزان اليوم وفق المعايير الآنية في حاضر الأيام ؟
من الأحداث التي قلما يرد ذكرها كانت عملية مهمة قمنا بها بمعية المرحوم هرمز ملك جكو وانا شخصياً اشتركت بها ، وهي التوجه الى تللسقف وتفريغ محتويات مستوصف تللسقف لأننا كنا بأمس الحاجة الى مادة الكنين المضادة لمرض الملاريا الذي كان متفشياً بين المقاتلين ، ويبدو ان عدم الإشارة الى العملية ناجم عن عدم حدوث اي معركة ولم نطلق فيها طلقة واحدة ، وتم معالجة اصابات كثيرة بمرض الملاريا بين المقاتلين وبين الأهالي .
اما موقع هرمز ملك جكو في تلك الفترة اي منذ عام 1962 حيث تم تحرير كل منطقة بهدينان وجرى تنظيم الإدارة والإشراف العسكري في تلك المنطقة وما يهمنا في هذا المقال ، هو قرار البارزاني مصطفى بإجراء بعض التعينات ومنها تعيين حسو ميرخان دولومري قائداً لمنطقة الشيخان ، ويكون غازي حجي ملو وهرمز ملك جكو وعمر آغا دولمري وشكر عبدال شيخي معاونين له ( مسعود البارزاني : البارزاني والحركة التحررية الكوردية ج3 ص54 ). اي ان هرمز ملك جكو كان موضع ثقة من لدن القيادة الكوردية .
الأنسحاب من منطقة القوش والعودة اليها
لكي يكون القارئ الكريم ملماً بتطور الأحداث في منطقة بهدينان في تلك المرحلة  ، نعود القهقري الى تخوم احداث ثورة ايلول ، اوائل الستينات من القرن الماضي ، حيث استطاعت الحكومة العراقية ان تكسب ود معظم عشيرة المزوري الكبيرة ، فجرى تسليم المنطقة للقوات الحكومية دون مقاومة ، ولم يبق في المنطقة سوى قوتنا التي كانت متمركزة  في دير الربان هرمز وقوة كاكا احمد( مصلح الجلالي )  التي كانت في كلي قيصرية قرب قرية كافارا ، وهذا الكلي فيه مغارات منحوتة يدل على انها دير سابق ، اما هرمز ملك جكو فقد كان في هذه الفترة في قرية شرمن في جبل عقرة .
وكان تسليم المنطقة من قبل المزوريين يعني بقائنا وحيدين محاطين من جميع الجهات بالقوات المعادية ، وهكذا ارسلنا الخبر لجماعة كاكا احمد بالأنسحاب بأسرع وقت ممكن ، ومع ذلك فإن عملية الأنسحاب جاءت بعض الوقت متأخرة فكان يجب الأنتباه جيداً اثناء الأنسحاب لاحتمالات نصب الكمائن على الطريق . ولم نستطع المرور بخوركي وهو طريقنا المعتاد فاتجهنا نحو بالاتن ( بالطة ) ثم الى بريفكا ، الى ان وصلنا في الليل الى بيبوزي التي كانت مزدحمة بالبيشمركة ، فاتجهنا منها الى حسنكة وفي خضم الوضع العسكري المعقد بتسليم المنطقة ومضاعفاتها وقع الأنقلاب الذي تزعمه عبد السلام محمد عارف ضد البعث يوم 18 / 11 / 1963 م .
الوضع العسكري الذي استجد بعد تسليم المنطقة كان يتطلب ايجاد صيغة مستحكمة للعودة الى اليها وذلك عن طريق إرسال قوة عسكرية اليها لأثبات وجود نفوذ للثورة في هذه المنطقة المهمة ، ويقول المرحوم توما توماس في مذكراته :
لم يكن الرجوع الى المنطقة ، امرا سهلا ، اذ يحتاج لمقاتلين اشداء لهم كامل الاستعداد للتواجد الدائم فيها والدفاع عنها في وضع معاشي بائس لا تتوفر فيه الارزاق لعدم وجود الفلاحين في قرى المنطقة ، وتدبير الارزاق يتطلب تضحيات كبيرة لصعوبة نقلها من مناطق بعيدة.
ووقع الأختيار على قوة توما توماس وهرمز ملك جكو إضافة الى قوة من المزوريين ظلت مخلصة للثورة ويقدرون بحوالي 50 مقاتلاً . واهم من ذلك فإن إثبات الوجود في المنطقة يتطلب قيام بعملية عسكرية تكون بمثابة رسالة للحكومة وقواتها المرابطة في المنطقة ولذلك كان يجب القيام بعملية عسكرية .
وقع الأختيار على مركز القوش بالرغم من اعتراض معظم المقاتلين الألاقشة ، وفعلاً تم الهجوم ليلة 26 – 27 / 11 / 1963 لكن الهجوم لم يسفر عن نتيجة ، وهنا ايضاً نعبر هذه المحطة دون توقف لكي لا يشغلنا عن موضوعنا الرئيسي وهو استشهاد هرمز ملك جكو .
بعد الهجوم الفاشل على مركز شرطة القوش انسحبنا الى قرية سينا الإزيدية بالقرب من قرية شيخ خدر في سفح جبل دهوك المقابل للسهل الفاصل عن جبل القوش ، القرية مهجورة إلا من بعض الرعاة فكان يجب تدبير بعض المؤن ، وهنا تجدر الإشارة بأنه كان لنا حملين من العدس والطحين مخزونة في كهوف قرية سيدايي لاستخدامها للحاجة القصوى ، وفعلاً  تم نقل الحملين الى قرية سينان بعد ان وصلنا ونحن نعاني التعب والجوع .

استشهاد هرمز ملك جكو
في يوم 30 تشرين الثاني 2013 يكون قد مرّ على استشهاد هرمز ملك جكو نصف قرن من السنين بالتمام والكمال . وكما سبق ذكره لم يسفر الهجوم على مركز شرطة القوش عن نتيجة ، واعتبر المرحوم هرمز تلك النتيجة وكأنها خسارة ، وأراد تعويضها ، واتفق مع المرحوم توما توماس على القيام بعملية على طريق دهوك بعد القيام باستطلاعات كافية على المنطقة ، لكن المرحوم هرمز قبل موعد القيام بتلك العملية والأستطلاعات اللازمة لها ، طلب تشكيل مفرزة للقيام بالأستطلاع من سفح الجبل فقط دون النزول الى السهل وهكذا شكلت المفرزة، وكانت تتكون من 15 مقاتل اضافة الى المرحوم هرمز ملك جكو ، وكان بينهم 8 مقاتلين من جماعة توما توماس ، وقد اعترض توما على المهمة لكن  هرمز طمأنه بأن المهمة سوف تقتصر على الأستطلاع عن طريق جبل دهوك ليس إلا .
 وهكذا كان من جماعة توما توماس 8 مقاتلين مع هرمز وهم : سعيد موقا وجميل بولص وعابد شمعون كردي ، وكامل مرقس ، ودنخا بوداغ وحنا عوديش العقراوي وعزيز ياقو وحسن تركي مع مجموعة من 7 مقاتلين من جماعة هرمز ملك جكو .
لقد ظهر ان هرمز ملك جكو لم يذهب بمحاذات الجبل ، إنما توجه نحو السهل المنبسط والشمس لا زالت ترسل اشعتها لتنير الدروب ، اي ان الظلام لم يخيم ، وهذا كان خطأ عسكري كبير ، إذ ان العتمة هي سلاح البيشمركة في الأرض المستوية ، وهكذا اندفع هرمز وقوته باتجاه الشارع العام الرابط بين  موصل ودهوك ( علماً ان الشارع زمنذاك كان ممر واحد للاتجاهين ) ، وبالضبط الى الغرب من قرية زاون حيث نصب كميناً على الشارع العام وعلى مبعدة 4 – 5 كم جنوب جسر الوكا الذي كان يتمركز فيه معسكر للجيش السوري المعروف بلواء اليرموك .
وقعت في الكمين ثلاث سيارات زيل عسكرية كبيرة قادمة من الموصل باتجاه دهوك وكان فيها 40 عسكري عائدين من اجازاتهم ، وإثر الهجوم المباغب وقعوا جميعاً في الأسر ، والمفاجئة التي طرأت في هذه المعركة ، ان واحدة من السيارات الأهلية اخترقت موضع الكمين دون توقف ، ويشك بأنها سربت خبر المعركة للمعسكر في جسر آلوكا ، حيث جرى على وجه السرعة إرسال مدرعات عسكرية حسمت المعركة لصالح الجيش بأنزال الخسارة الكبيرة بالثوار البيشمركة بمعركة غير متكافئة بين المدرعت وبين مقاتلين يحملون اسلحة خفيفة ، وبعد ان خيم الظلام اكتفت القوة المدرعة بتخليص اسراهم من قبضة الثوار ولم يبقى منهم سوى نائب ضابط وجنديين . ولم تتحرى القوة العسكرية هذه عن هوية المقتولين ، فكان امامها الأنسحاب السريع ، لكن بالنسبة للثورة كانت خسارة كبيرة بفقدان هرمز ملك جكو وعدد من المقاتلين الأشداء .
الجدير بالملاحظة لم يكن في المعركة اي مجروح ، فإما النجاة ، وإما الأستشهاد ، ومن خلال الأطلاع على طبيعة ساحة المعركة  كان هنالك وادي صغير بالقرب من ساحة المعركة ويمتد لمسافة بعيدة باتجاه جبل دهوك ، فكل من وصل هذا الوادي نجا من رصاص المدرعات ، وكل من لم يحالفه الحظ في الوصول اليه كان هدفاً سهلاً لذلك السلاح الفتاك
فكانت جميع الإصابات مميتة من رشاش المدرعة ، وأقرب واحد الى الشارع العام كانت جثة الشهيد حنا عوديش عقراوي ، وأبعدهم كان الشهيد هرمز ملك جكو ، ولا صحة للمزاعم القائلة ان هرمز انهى حياته بطلقة من مسدسه ، لأنه كما لاحظنا ونحن نحمله بأن إصاباته بليغة في صدره من رشاش المدرعة .
كان لنا بعض بعض الدواب لحمل جثامين شهدائنا وقد استعرناها من بعض الإزيدية في المنطقة كانوا يلجأون الى حراثة اراضيهم الزراعية في الليل خوفاً من القصف .
لقد كتبت قبل سنين مقالاً تحت عنوان : هرمز ملك جكو عنوان الشجاعة ، استهلته بمقدمة تقول :
 اسم هرمز ملك جكّو ، كان في اواسط الستينات على مسرح الثورة الكردية وفي منطقة بهدينان بالذات ، اشهر من نار على علم ، كانت عشائر المنطقة منها الكردية    والإزيدية والعربية تكن لهذا الرجل وافر التقدير والأعجاب والأحترام ، ان شجاعته النادرة ومواقفه الجريئة ، يتناقلها العدو قبل الصديق ، والحكومة العراقية تأخذ احتياطات كبيرة لدى سماعها بوجود هرمز في منطقة ما ، وفوق هذا كله فان هرمز ملك جكّو يحتل مكانة محترمة خاصة من قبل قائد الثورة الكردية مصطفى البرزاني وكذلك من قبل قائد منطقة بهدينان حسو ميرخان ، ليس لكونه عضواً نشيطاً في الحزب البارتي فحسب ، بل لكونه قوة عسكرية ضاربة بيد هذه القيادة .  
هكذا كانت خسارة كبيرة للثورة لم تكن تدري به القوات الحكومية في المنطقة  إلا بعد انتشار وشيوع الخبر .
بالأضافة الى الشهيدين هرمز وحنا، وقع في الأسر حسن تركي من جماعة توما توماس ، ولجأت القوات الحكومية الى إعدامه بنفس منطقة الكمين ، وكان من الشهداء ايضاً الاخوين بنيامين شابو وهرمز شابو إضافة كوركيس ايشو وفيليب أيشايا ،والشهداء الأربعة من قرية ارادن ، نقلت رفاة الشهيد هرمز ملك جكو الى مسقط رأسه في قرية كوري كافانا  ، اما الشهداء الآخرين فقد ووريت جثامينهم في مقبرة الشهداء في دير الربان هرمز فيما بعد ، وجرى تشويه هذه المقبرة في العهد البعثي السابق ، لكن اليوم هذه المقابر لها مكانتها من التقدير والأحترام .

العلاقات بين المرحومين توما توماس وهرمز ملك جكو
كان التقدير والأحترام والتفاهم الأرضية التي يتعامل بها الرجلان ، لقد توطدت العلاقات بين هرمز ملك جكو وتوما توماس وأن العمل المشترك بينهما كان منوطاً بقيادة الثورة الكوردية التي تراعي مصلحة الثورة بالدرجة الأولى ، فحينما رجعنا الى المنطقة كانت بأوامر من قيادة الثورة ، وكذلك حينما انفصل هرمز ملك جكو عنا متوجهاً الى منطقة عقرة كان بأمر القيادة وفق ما تتطلبه مصلحة الثورة .
 لكن عموماً كان هنالك تعاون بين الرجلين وبين رجالهما ، فنحن كنا نرتبط بعلاقات اخوية بيننا ، باستثناء بعض المواقف التي يحتمل حدوثها حتى بين الأخوان في العائلة الواحدة ، وعلى سبيل المثال ، يوم خروجنا من القوش بعد الهجوم الفاشل على مركز الشرطة ، كانت هنالك محاولات لكسر ابواب الدكاكين في السوق لكن نحن الألاقشة كنا بالمرصاد لتلك المحاولات وحدثت بعض الملاسنات الطارئة ، والمرحوم هرمز ملك جكو لم يقبل بها مطلقا .

[mg width=223 height=357]http://upload.ankawa.com//files/1/ankawa3/hn55%20%281%29.jpg[/img] ]
المرحوم توما توماس
 لكن الشئ الذي اود الإشارة اليه أنه لم يكن بيننا اي جدل حول التسميات ولم يكن اي إشارات لإلغاء الآخر ، هرمز ملك جكو آثوري وجماعته آثوريين ، وتوما توماس كلداني ومعظم جماعته كلدانيين باستثناء العرب والأكراد الذين معه ، لكن المحصلة النهائية كانت الأحترام المتبادل لكل الأطراف وقبول الآخر بأبهى صوره .
 لم يكن اي اعلان قومي لوجودنا في الثورة ، كان هنالك بوصلة موجهة لإسقاط حكم ، والكل كان يسترشد بتلك البوصلة هذا على الصعيد السياسي ، لكن ينبغي ان لا ننسى ان لكل طرف انتماءاته الدينية والقومية والمذهبية والوطنية والإنسانية ويسعى لتحقيق حقوقه وطموحاته تلك .
لقد كان تعاون المرحومين توماس توماس وهرمز ملك جكو ، تعاون اخوي مثالي غير مسيّس وبمنأى عن اي اهداف حزبية ضيقة ، وبعد ان استشهد هرمز ملك جكو خلفه شاب اسمه ابرم فانقطعت العلاقات بينا ، لكن بمجئ طليا شينو عوديشو ابو فكتوريا بعد ابرم تحسنت العلاقات كالسابق وهذا الرجل الوقور جسد ذلك التعاون بأسمى صوره ، وكان رجلاً مخلصاً وشجاعاً ، وأستشهد في أحدى المعارك .
إن ما نستطيع الأستفادة منه اليوم هو الأسترشاد بتلك العلاقات الأخوية وإن كنا نستطيع ان نطور علاقاتنا لأنتاج صورة مثالية ومتوازنة للتعاون والعيش المشترك بين ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين من ناحية ومع بقية مكونات الشعب العراقي على مساحة الوطن . بحق كان زمن البطولات والتضحيات دون ان يخطر ببالنا ان نسأل عن ثمن لتلك التضحيات .
د. حبيب تومي في 16 / 12 / 2013
ـــــــــــــــــــ
مصادر واستفادة
1 ـ مسعود البارزاني " البارزاني والحركة التحررية الكردية " ج3 اربيل 2002
2 ـ حبيب تومي " البارزاني مصطفى قائد من هذا العصر " دار آراس للطباعة والنشر ، اربيل 2012
3 ـ مذكرات توما توماس
4 ـ استفادة من البشمركة السابقين في ثورة ايلول : جميل بولص وسعيد موقا وجليل زلفا .

52
باسم دخوكا فارس يترجل
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الموت هذا الزائر المقدام لا ينسى احداً ، ويعاودنا بإطلالته دائماً ليذكرنا بوجوده وبعدالته وبحقيقته ويبقى ( الموت ) هو الحقيقة الوحيدة التي تبقى قائمة ومستمرة الى ابد الآبدين .
لا ريب ان لرحيل الكبار وقعاً خاصاً في النفس لتستثير المشاعر والعواطف وتفتح الطريق امامك على نثر الحروف وفاءً للصداقة او تأثراً بالفاجعة او بكليهما . وكيف إذا كان الراحل بمكانة وبقامة الفقيد باسم دخوكا ، حيث تتشابك العواطف مع المعاني السامية النبيلة التي جبلت روح الفقيد باسم دخوكا
.[]
                    مداخلة باسم دخوكا في المؤتمر القومي الكلداني بمدينة ديترويت ايار عام 2013   

لا ريب ان المرحوم باسم يوسف دخوكا كان ينطلق من حالته الصحية ومن واقعه المَرضي لكن إصراره وإرادته ووجدانه يأبى ان يستسلم للمرض ، فلم يرضى  بالصمت ، بل يحبر بياض الورقة بكلماته المنثورة نثراً المتألقة بصدى الكلمات النابعة من اعماق دواخله الفائضة بالمشاعر والإرهاصات ، وسوف يجد القارئ وراء جدران تلك الكلمات احزان رجل أصر ان يجمع الزهور ويبتسم للحياة رغم ما يعانيه من ألم  وتفاقم المرض ، فكانت كلماته المنثورة اقرب الى الشعر إذ يقول في بعضها  :

سقطت مني الكلمات , كما تسقط أوراق الشجر في فصل الخريف ..
لم أعد أجمع بين الحروف  أو أتهجى الكلمات .
كالبحر الذي غادرته الرياح والأمواج , فلم تعد تبحر فيه السفن ...  
لا يبارحني الألم إلا ليشتد ألم أخر , والدمعة لا تغادرني إلا لتنزل اخرى.. .
 عيون حائرة تتأمل في السماء و الطبيعة و الوجوه ...
فالسماء لا تزال صافية والطبيعة تحدثني عن الحياة والوجوه تتأملني ...!!
كتابات كثيرة تنتظرني وأنا أنتظرها بشغف و شوق و ترقب ...
لا زلتُ لم أكتب عن الوطن كثيرا ً ....
 وعن أطفال الوطن ...
حقاً إنه كلام كبير ايها الفارس باسم دخوكا .
كلمات تنبعث من اعماق الوعي .. من مشاعر الشجاعة والإقدام ، اجل لا معنى للاستسلام ، إنها عاصفة ترنو ، ولتكن المجابهة حتمية  ، إنها رياح عاتية يخمد اوراها حيناً .. لكن سرعان ما تنشأ رياح عاصفة اخرى اقوى من الأولى ، إنها معركة غير متكافئة ، لكن لا مناص من خوضها ، اجل إنها إرادة الشباب إنها الشجاعة ، لكن المرض العضال اقوى سلاحاً وعتاداً وحيلة .
هكذا في هذه المعركة غير المتكافئة كان انطفأء شمعة باسم دخوكا ، وترجله من فرسه ،  لقد بقيت قامته سامقة الى ان ضعفت قواه تحت تأثير المرض الخبيث ..  
إن باسم يوسف دخوكا لم يكن فقيد عائلته وأهله وذويه فحسب ، بل كان فقيد وطنه العراقي وقوميته الكلدانية وفقيد مدينته الجميلة العزيزة عنكاوا ، عنكاوا كان بعيداً عنها الاف الأميال لكن قلبه كان قريباً منها ، إنها في مرمى بصره لا يمكن ان تغيب عن مخيلته . اجل ان عنكاوا يجب ان تبقى عذراء نقية لا ينالها ضيم او سوء او ظلم ، يجب ان تبقى تلك الماسة الصافية الصلدة ابد الدهر .
لقد كتب سلسلة مقالات عن عنكاوا :
الأبراج الأربعة ( خنجر ) مسموم في خاصرة عنكاوا / عنكاوا لا تزال تعشق المطر/ ألا تستحق عنكاوا أن ندافع عنها ؟ / شبابنا في عنكاوا والدرس الكبير الذي نتعلمه منهم / هل نحتاج لثورة بيضاء في عنكاوا ؟ / رسالة مفتوحة من مغترب ... لعنكاوا الحبيبة   / عنكاوا بين الماضي والحاضر /  صور مختلفة من الواقع في عنكاوا الحبيبة . يقول في كلمات الغزل الجميل لمعشوقته عنكاوا :  
عنكاوا .. لا تشبه أي مدينة في العالم , لا تزال تلك السمراء الجميلة ذات الشعر الأسود والعينين السوداوين والقوام النحيل والذي يشبه سنابل الحنطة والشعير ، التي كانت تحتضن عنكاوا فيما مضى من الزمن .. انها تسكن القلب والقلب لا يهوى سواها , فلابد أن  يستمر عشقنا و لهفتنا و حلمنا مهما حدث و يحدث ..
نجم عن التوافق الفكري بيني وبين المرحوم باسم يوسف دخوكا صداقة جميلة وكانت بيننا رسائل كثيرة وفي واحدة منها يقول : أخي الفاضل د. حبيب تومي المحترم .
لا يسعني إلا أن أشكرك من كل قلبي على السؤال عن صحتي .
و كم تمنيت أن ألتقيك في ديترويت و لكن ( لعنة الله ) على المرض اللعين والذي حرمني من هذا الشرف وذلك لأسباب صحية حيث كنت في المستشفى في تلك الايام .. وأدعوك لتصلي من أجلي . وانا كلي ثقة باننا سوف نلتقي يوما ما .. وانني على ثقة تامة بإن الغد هو لنا و علينا يا سيدي أن نتذكر المقولة الرائعة في الكتاب المقدس :
 ( بوم الحصاد يسهل عليك الفصل بين ما ينفع ليكون ثمر وما يجب أن نرميه أو نحرقه لكونه لا ينفع ) تقبل مني فائق التقدير و الاحترام .
أخوك
باسم دخوكا
اجل كان على ثقة بلقائنا ، وكان لقاؤنا بعد حين في اروقة المؤتمر القومي الكلداني في ديترويت ، لقد تحمل متاعب السفر واشترك في جوانب عديدة منه وكان لقائنا الأول والقدر قرر ان يكون اللقاء الأخير .
كانت ترافقه في المؤتمر شريكة حياته بيداء لقد كانت هذه المرأة الطيبة الوفية الى جانبه وهي ترافقه كظله لا تفارقه في كل تحركاته ، لقد كان المرحوم باسم مع بيداء صنوان لا يفترقان ، وهذا ما يعترف به باسم حينما إهداء كتابه ليستهله بقوله :
 الى رفيقة دربي وحبيبة عمري بيداء التي لولاها معي لما قدر لهذا الجهد ان يرى النور .
 لقد وضع حصيلة فكره وخميره وجدانه في مؤلفه الذي كان يفتخر ويعتز به ، كيف لا وهو عصاره فكره وثمرة جهوده ، كما انه يضفي اليه مسحة حزينة التي كانت تعكس آلامه  فيقول في مقدمته :
إنه صوت صدى قادم من بعيد . صوت حزين ينادي منذ سنين طوال ، إنه ألم وجرح عميق وأنين ..
وهو يدعوا القارئ الى التمعن في قصته ، فهي ليست كقش في مهب الريح ، إنها ليست إبداع اللغة في عالم الكتابة .. إنها انفاس وارواح تئن .. إنها نزف جرح غائر . إنها صرخة من الواقع المرير الذي حول الأمل الى الألم والحب الى الكراهية والحرية الى العبودية . إنهم أناس يعانون ويتألمون لسبب بسيط جداً ألا وهو انهم احياء .
ترجل الفارس باسم دخوكا عن فرسه ، ورحل عنا بعيداً ، لكن تبقى ذكراه الجميلة العطرة في وجدان وذاكرة محبيه . لقد كان مهموماً بأوضاع شعبه ووطنه وعائلته الوافية وقوميته الكلدانية ومعشوقته عنكاوا .
 نتضرع الى الرب ان يتغمد فقيدنا المرحوم باسم دخوكا بوافر رحمته وأن يسكنه فسيح ملكوته السماوي ، وأن يلهم اهله وذويه وعائلته الكريمة نعمة الصبر والسلوان .
د. حبيب تومي / اوسلو في 10 / 12 / 2013-12-10[
/b]

53
قائمة بابليون وزحمة القوائم في الكوتا المسيحية للانتخابات القادمة
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
العملية السياسية في العراق تمر بمرحلة عصيبة بجهة عدم استقرار الأوضاع الأمنية والأقتصادية للمواطن رغم مرور عشرة أعوام على سقوط النظام وبدء العملية الديمقراطية ، فالواقع الداخلي مهشم ومتأثر بتفاعلات اقليمية ، وهذا ما خلق مساحة كبيرة من اللامبالاة  من قبل المواطن العراقي وعدم اهتمامه بأمر الأنتخابات ، ولم تعد تنطلي عليه الوعود والأوهام بتصليح الأوضاع العامة نحو الأحسن ، هكذا انعكست هذه الحالة من القنوط واليأس  الى حد كبير على مجمل عملية الأنتخابات البرلمانية في العراق الأتحادي ، على خلفية وعود الأحزاب والكيانات وحتى الأشخاص الذين فازوا في الأنتخابات وفشلوا في تحقيق وعودهم ، بل انهم اداروا ظهورهم لمن اوصلوهم الى قبة البرلمان ، فكانت برامجهم وعوداً هوائية لم نلمس شيئاً من تلك الوعود على ارض الواقع . ولهذا السبب نجد الناخب اليوم ينأى بنفسه عن عملية الأنتخابات المهمة ، التي يمكن من خلالها قلب الموازين السياسية . لكن كما قلنا فإن التجربة المريرة قد ابعدت الناخب نفسياً من هذه العملية الديمقراطية المهمة .
رغم هذه الحالة من اليأس وخيبة الأمل ، لكن شخصياً ارى في ركن من الوجدان يكمن الأمل الذي نرى من خلاله بصيص من النور مرسوم على ملامح متجددة لمستقبل عراقي افضل ، إذ لا يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف .
إن انعدام الثقة بأعضاء البرلمان قد انعكس بشكل كبير على الناخب المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين وحتى الأرمن ، فنواب الكوتا المسيحية قد خيبوأ الآمال ايضاً .
إن الذين كانوا يدعون للوحدة بين ابناء الشعب المسيحي ، إنهم انفسهم كانوا منقسمين داخل قبة البرلمان ، ولم يمثلوا كتلة واحدة كما ينظر اليهم من الآخر المختلف عنهم دينياً وقومياً ، بعد ذلك فإن اعضاء البرلمان من الكوتا المسيحية لم يقدموا شيئاً ملموساً للمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين ، اما برامجهم الأنتخابية فكانت حبراً على ورق لا اكثر .
 من هذا كله نستنتج سبب عدم حماس الناخب العراقي عموماً والمسيحي خصوصاً من الأشتراك في هذه العملية الديمقراطية المهمة .
وفي نطاق الأنتخابات القادمة المزمع إجراؤها نهاية نيسان 2014  نلاحظ  زحمة في القوائم المسيحية المتنافسة والمتكونة من 13 قائمة وهي :-  
1 ـ  قائمة بابليون ( ريان سالم صادق ) 25

2-  مجلس اعيان قرقوش ( اسطيفو حبش ) 36

3-  حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني ( ابلحد افرام ) 70

4-  تحالف سورايي الوطني ( وليم خمو وردا ) 139

5-   قائمة الرافدين التابعة للحركة الديمقراطية الاشورية ( يونادم كنا ) 176

6-  قائمة بابل واشور ( عماد سالم ججو ميخا ) 183

7-  قائمة الوركاء الوطنية ( شميران مروكل ) 195

8- الحزب الوطني الاشوري ( عمانوئيل خوشابا ) 199

9-  حزب بيت نهرين الديمقراطي ( روميو هكاري ) 238

10- المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ( فهمي يوسف )253

11-  ابناء النهرين ( كلاويز شابا ) 257

12-  شلاما ( انو جوهر ) 258

13-  قائمة السالم والمحبة لمسيحيي العراق ( فادية سيده الياس دنحا )276
إن هذه القوائم هي من اصل 277 قائمة لكيانات سجلوا اسمائهم للتنافس على 328 مقعد في البرلمان العراقي ، ومن هذه المقاعد ثمة ستة مقاعد للمسيحيين ، احد هذه المقاعد مخصص للارمن ، وخمسة مقاعد مخصصة للمكون المسيحي على اعتبارات دينية وليست قومية .
اكثر من نصف القوائم المسيحية المدرجة اعلاه تخوض المنافسة للمرة الأولى ، ولكن من بينها قوائم سبق لها خوض الأنتخابات منها من فاز في الأنتخابات ولأكثر من دورة ، وأخرى جربت حظها لكنها اخفقت في الحصول على مقعد . ويمكن تشخيص بعض الملاحظات على هذه الكيانات .
اولاً : ـ
ثمة رغبة اكيدة من الكيانات الكبيرة بكسب ود اطراف في الكوتا المسيحية لتكون مع خطابها في مبنى البرلمان ، وقد رأينا اطراف الكوتا المسيحية في انتخابات برلمان اقليم كوردستان وبشكل خاص المجلس الشعبي والحركة الديمقراطية الآشورية ، إذ كانت إشارات واضحة لمنح الأصوات لهذين الكيانين من قبل قوى سياسية كوردية .
 اليوم في انتخابات البرلمان العراقي الأتحادي تتراءى جلياً نفس الحالة ، فالحصول على مقعد في برلمان العراق من قبل الكيانات المتنافسة يكلفها عشرات الآلاف من الأصوات بينما الحصول على مقعد عبر الكوتا المسيحية يكون عبر اصوات متواضعة إذا ما قورن العدد الكبير مع القوائم العامة ، هكذا كل كيان كبير يضع في الحسبان دعم هذه القائمة او تلك من القوائم المتنافسة في الكوتا المسيحية ليضمن اشخاص او كيان مؤيد لرؤيته من خارج كيانه السياسي .
ثانياً : ـ
 ثمة بوادر للقيام بدعاية انتخابية من قبل الكتل الكبيرة ، كما ان قوائم الكوتا المسيحية ليست بمنأى عن تلك البوادر للقيام بدعاية انتخابية مبكرة وبشكل غير مباشر ، وعلى سبيل المثال فقد رأينا في توقيت عقد مؤتمر اصدقاء برطلة من قبل المجلس الشعبي ..  في هذا الظرف بالذات والتحشيد الإعلامي والدعم المالي الذي رصده المجلس الشعبي ... كان بمثابة الدعاية الأنتخابية ، فمن المعلوم إن مسألة التغير الديموغرافي ليست مسألة خاصة بحزب معين ، وليست وليدة اليوم ، هكذا توخى المجلس الشعبي إصابة اكثر من عصفور بحجر واحد حين عقد مؤتمر اصدقاء برطلة ، فكان تجيير المسألة القومية الكبيرة لحسابه ، وبنفس الوقت تعمد على  إبعاد كل الأصوات السريانية  والكلدانية الأصيلة عن المؤتمر ، كما عمل بشكل ما على إبعاد الحركة الديمقراطية الآشورية عن الحدث .
ثالثاً : ـ
هنالك إشارات انتخابية اخرى في بعض المواضيع الى درجة غير معقولة ، فكما هو معروف هنالك حالة غير مقبولة في عنكاوا ، وهي انتشار البارات ومحلات اللهو  بشكل غير معقول ، وهذه الحالة مدانة من قبل اهل عنكاوا وأصدقائهم وكل طرف يعبر عن هذه الإدانة بصورة ما ، لكن مع جزيل احترامي للاخوة في كيان ابناء النهرين حين تحركهم حول المسألة كان مطلبهم غير معقول وذلك  بتحويل المطاعم الكبيرة في عنكاوا والتي تقدم الغناء والطرب.. إلى كنائس
ان نطلب بغلقها ونقلها الى مكان آخر معد خصيصاً لذلك كأن يخصص قرية او موضع سياحي امر معقول  . اما تحويل اماكنها الى كنائس فهذا مجافي للحقيقة والواقع . ماذا نعمل بهذا القدر من الكنائس ؟
ومن الذي يؤمها ؟
وأين الكهنة للصلاة وإدارة تلك الكنائس ؟
وهل لنا مشكلة نقص الكنائس ؟
ام لنا مشكلة نقص البشر ؟
 ولهذا انا اعتبر المطلب كان يندرج في الدعاية الأنتخابية لكنه غير موفق .
وأعتقد نفس الكيان طلب حصر الأقتراع للكوتا بالمسيحيين فحسب ، وهذا ايضاً مطلب غير معقول ، فنحن نزاول لعبة سياسية بحتة ، فمن يمنع إنسان متعاطف مع المسيحيين ان يمنح صوته لقائمة كلدانية مثلاً ، ومن يمنع المسيحي لأدلاء بصوته لحزب كوردي او الحزب الشيوعي مثلاً ، إنه مطلب بعيد عن الموضوعية لا نقول اكثر .
رابعاً : ـ
 كان المؤمل ان تكون هنالك قائمة كلدانية واحدة على خلفية الأخفاق الذي منيت به القائمتين الكلدانيتين في الأنتخابات السابقة بل كان هذا واحداً من القرارات المهمة للمؤتمر القومي الكلداني المنعقد في ديترويت برعاية المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد  ، إذ ان وجود قائمتين كلدانيتين في الأنتخابات السابقة  ، سبب غياب نواب الشعب الكلداني عن البرلمان العراقي ، واليوم رغم تلك الرغبة في الخروج بقائمة كلدانية واحدة ، لكن في السياسة في الغالب لا تطابق حسابات البيدر مع حسابات الحقل ، هكذا خرج الكلدانيون بقائمتين ، الأولى وهي البابليون ورقمها 25 ويترأسها الشاب الكلداني ريان سالم صادق وسوف نتكلم بالتفصيل عن هذه القائمة في قادم كتاباتنا ، والثانية هي قائمة الحزب الديمقراطي الكلداني ويترأسها الأخ ابلحد افرام . ويرى المهتمون بالشأن القومي الكلداني ان تمنح الأصوات للشخصيات الكلدانية التي يقتنعون بها بغض النظر عن وجودهم في هذه القائمة الكلدانية او تلك .
الجدير بالذكر نحن في الساحة السياسية قد  يتمخض الوضع في اية لحظة عن ولادة تحالفات جديدة ناجمة عن اتفاق او دمج قوائم .
يمكن إضافة ملاحظة اخرى وهي العمل في الأنتخابات القادمة بموجب نظام سانت ليغو المعدل ، حيث ان الشعب الكلداني خسر مقعداً لتكسبه الحركة الديمقراطية الآشورية بسبب تطبيق نفس النظام لكنه لم يكن معدل ، وفي القانون الجديد ستتوفر فرصة اكبر للكيانات الصغيرة للحصول على مقعد او اكثر .
 في العموم انا شخصياً انظر الى الأنتخابات بمنظور الروح الرياضية ، ونتمنى ان لا تسود الضغائن والأحقاد بين ابناء الشعب الواحد المظلوم ، فالأنتخابات لعبة ديمقراطية جميلة ينبغي ان نمارسها بروح رياضية ، فلسنا على حلبة مصارعة . والشعب يدلي بصوته بمنتهى الحرية ، ولهذا نستهجن اسلوب شراء الذمم وشراء الأصوات ، لتكن عملية الأنتخابات عملية نقية لا سيما ما هو متعلق بالكوتا المسيحية ، رغم اعتراضنا على صيغتها الدينية . ، ولهذا المهم هو المساهمة في الأنتخابات عبر الإدلاء بصوت حسب قناعة الناخب ، وهو الطريق الأصوب للتأثير على العملية السياسية ووضعها في مسارها الطبيعي السليم .
د. حبيب تومي : اوسلو في 05 / 12 / 2013


54
اقليم كوردستان والسباحة ضد التيار .. كيف ؟ ولماذا ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
لا يمكن الركون الى واقع الحال اليوم بمعزل عن توجيه البوصلة نحو الآفاق التاريخية وبالذات الى ما حصل لخارطة المنطقة اثناء وبعد الحرب العالمية الأولى ، وبشكل خاص الإشارات التي وردت في معاهدة المستر سايكس ـ والمسيو بيكو  والتي ابرمت عام 1916 بين انكلترا وفرنسا ، الغريب انها سميت باسم الدبلوماسيين المستر والمسيو ، حيث تم الأتفاق على تفتيت اجزاء الأمبراطورية العثمانية التي عرفت بالرجل المريض ، وتقسيمها بين الدول المنتصرة ، فتأسست على انقاض تلك الأمبراطورية  دول قومية ، لكن بعض القوميات التي اعتبرت صغيرة قد لحقها الغبن والإجحاف كالقومية الكوردية والقومية الكلدانية وبعض القوميات الأخرى .
بالنسبة الى الأكراد رغم كونهم قومية كبيرة إلا ان التقسيم كان من نصيبهم ، حيث وجدوا انفسهم مقسمين بين دول متاخمة ، هي أيران وتركيا والعراق وسورية ، ورغم ان معاهدة سيفر 1920 كان فيها بعض الضمانات لتأسيس كيان كوردي في المناطق ذات الأغلبية السكانية الكوردية ، إلا ان انتصار التيار القومي التركي الأتاتوركي المتشدد قد قوض تلك الأتفاقية وأصبحت في خبر كان ، ليبدأ الشعب الكوردي في مسلسل نضالي دام  قرابة قرن من الزمان .
إن الدول التي قسمت كوردستان وهي تركيا ، ايران ، العراق ، سورية ـ لا ندخل في تفاصيل ذلك التقسيم وأسبابه ـ عملت تلك الدول على الحفاظ على الأمر الواقع ، وخلافاتها كانت تتبدد وتذوب في بودقة المصلحة المشتركة في رسم الخطوط الحمراء امام اي توجهات كوردية تحررية ، وهكذا بقيت القضية الكوردية في دهاليز السياسة ووفق ما تمليه مصلحة الكبار ، دون ان يسمح لها ان ترى النور في المحافل والمنظمالت الدولية .
إلا ان القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني ( 1903 ـ 1979 ) استطاع ان يجد لشعبه موطئ قدم بين حركات التحرر العالمية ، ورغم الحملات العسكرية والحصار الأقتصادي ، والتعتيم الإعلامي التي فرضته الحكومات المتوالية على اخبار الثورة الكوردية  ، فقد استطاع هذا القائد التاريخي ان يضع قضية شعبه امام وسائل الإعلام ، وان يبرز قضيته في المحافل الدولية كحركة تحررية لأي شعب يتوقى نحو الأستقلال والتحرر والبناء . لقد كانت تلك الظروف مأساوية وشاقة ، ولكن القيادة كانت متكئة على طبقات الشعب الفقيرة من العمال والفلاحين والطلبة  ...
لقد نهجت الثورة منذ البداية وبالتحديد منذ ثورة ايلول بخلق اجواء تعايشية بين المكونات الكوردستانية دون تفرقة مما اكسب هذه الثورة تأييداً ودعماً من مختلف المكونات من الكلدان والتركمان والآشوريين والسريان والأرمن والمندائيين ، لقد كانت ثورة شعبية بكل معنى الكلمة .
اليوم اختلفت آلية العمل ، فالبندقية ، اصبحت من تراث الماضي ، وينتعش العمل السياسي المبني على اسس من الديمقراطية ، يتحكم فيها آلية الأنتخابات وصناديق الأقتراع ، وينبغي التعامل مع الجميع بمنطق التفاهم وبناء جسور التواصل لبناء علاقات تضمن المصالح المشتركة لكل الفرقاء .
لا ريب ان العملية السياسية ليست سهلة كما يبدو لأول وهلة فهي من التشابك والتعقيد بما يتناسب ومصالح الفرقاء والحكمة والعقلانية تتطلب المزيد من المرونة والخبرة والحنكة السياسية لمسيرة سياسية متوازنة في خضم الجيوبولتيك المحيط .
لقد استطاع الرئيس مسعود البارزاني من ان يمسك بيده قبان توازن للعملية السياسية العراقية بشكل عام في مواقف ومناسبات عدة ، كما استطاع ان يؤسس علاقات متوازنة مع الجيران تركيا وأيران والقوى الدولية عموماً .
لقد قام الرئيس مسعود البارزاني بزيارة رسمية وشعبية الى دياربكر ( آمد ) جنوبي تركيا يوم 16 تشرين الثاني نوفمبر للاجتماع برئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان والبحث معه العقبات التي تكتنف عملية السلام بين حزب العمال التركي والحكومة التركية ، الجدير بالملاحظة ان الآلاف من سكان دياربكر اشتركوا في استقبال الرئيس البارزاني ملوحين بالأعلام الكوردية ، وكان هذا مهرجان تاريخي للهوية الكوردية في تركيا ، إذ بعد سنين من التهميش والإقصاء للهوية الكردية ، واعتبار الأكراد عبارة عن اتراك الجبال وحظر التحدث باللغة الكوردية ، كل ذلك واليوم ترفع الأعلام الكوردية في تركيا وبحضور رئيس الوزراء ، ورغم انه عمل رمزي إلا انه يعتبر حدث تاريخي بالنسبة للشعب الكوردي والهوية الكوردية في الدولة التركية الحديثة ، ومن اجل تعزيز الثقة المتبادلة لا بد من الأعتراف الحكومي والدستوري بحقوق الشعب الكوردي وبقية الأقليات في تركيا ، لأن تركيا لها سجل ملطخ بالعنف وسفك الدماء في مسألة التعامل مع الأقليات الدينية والعرقية كمذبحة الأرمن والكلدان والسريان والآشوريون واليونانيون اثناء وبعيد احداث الحرب الكونية الأولى .
لنأخذ جانب آخر من المعادلة وهو ضغط الحكومة العراقية على الحكومة التركية للحد من العلاقات المتطورة بين اقليم كوردستان وتركيا ، لا سيما مجال المشاريع النفطية وبألأخص ما هو مطروح اليوم بشأن تصدير النفط من كوردستان الى تركيا عبر انبوب مشترك يمتد من الأقليم الى تركيا ، وكان رئيس وزراء اقليم كوردستان الأستاذ نيجيرفان البارزاني قد قام بزيارة الى تركيا لتوقيع العقد ، لكن يبدو ان الضغوط على تركيا قد حالت دون توقيعه او على الأقل تأجيل عملية التوقيع ،  
لقد ورد في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 29 / 11 / 2013 بأن الولايات المتحدة تعترض على مثل هذه العقود إذ ورد :
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدثة الرسمية باسم الوزارة جين ساكي أن الولايات المتحدة الأميركية تؤكد على أنها «لا تؤيد أي خطوة في مجال تصدير النفط من أي جزء من أرض العراق دون موافقة الحكومة العراقية». وأكدت خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أمس على ضرورة «موافقة الحكومة العراقية على مشروع تصدير النفط من الإقليم لتركيا لأن هذه المسائل هي من الاختصاصات الدستورية للحكومة المركزية»، داعية بغداد وأربيل إلى «الاحتكام للدستور في حل هذه المسألة».
أجل إن امريكا لها علاقات تاريخية واقتصادية وسياسية مهمة مع الدولة العراقية ومع تركيا ، كما انها ترتبط بعلاقات جيدة مع اقليم كوردستان ، ولا تريد ان تفرط بعلاقاتها ومصالحها مع اي طرف من هذه الأطراف . وبالنظر الى جوانب المعادلة نرى ان اقليم كوردستان هو الجانب الأحدث في المعادلة وإن الألتزمات الأخلاقية تقضي بالوقوف معه ، لكن تبقى المصالح هي المحركة .
 هكذا يترتب على القيادة الكوردية ان تتميز بالحكمة والنضوج ، لقد اثبتت هذه القيادة كفاءتها بإدارة العملية السياسية في اقليم كوردستان ، ونستطيع ان نجزم بوجود عملية سياسية ناجحة في الأقليم بعيدة عن الميول الطائفية التي تمزق العراق . كما ان هنالك علاقات متوازنة مع دول المنطقة والعالم . لكن تأتي اللحظات الحرجة التي تتطلب الخبرة والتجارب السياسية ، والظاهر الى اليوم إن قيادة الأقليم تقود شعبها في الطريق الصحيح مع خلق علاقات متوازنة مع المركز . في الحقيقة ينبغي الأعتراف ان الطريق طويل وشائك امام القادة في الأقليم بغية  خلق علاقات متوازنة لكي تصب في مصلحة كوردستان والعراق عموماً ، في الحقيقة هذه تحديات لا يمكن لأقليم كوردستان ان يبحر وحده في هذا الخضم ، فكل يوم هناك معطيات جديدة ينبغي التعامل والتكيف معها ، باختصار إن المسألة بالنسبة لكوردستان ليست مصالح سياسية او اقتصادية ، إنما تعني الوجود . حقاً إنها السباحة ضد التيار والقيادة الكوردية مؤهلة لخوض هذه التجربة .
تحياتي
د . حبيب تومي / اوسلو في 02/ 12 / 2013

55
مؤتمر اصدقاء برطلة إبعاد الكلدان والسريان وتجييره كدعاية انتخابية للمجلس الشعبي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no
اموال طائلة خصصت لتمويل مؤتمر اصدقاء برطلة ، وبُدأ قبل مدة كافية للتحضير له ، كما كانت هنالك حملة إعلامية سبقت عقد المؤتمر وظلت مرافقة له والحملة لا زالت مستمرة حتى بعد انقضائه ، وكان هنالك حضور رسمي على مستوى رفيع من قبل اقليم كوردستان يناسب اهمية الموضوع المطروح ، وذلك بحضور السيدة الأولى هيروخان احمد ورئيس ديوان رئاسة اقليم كوردستان الأستاذ الدكتور فؤاد حسين ، إضافة الى عدد من المسؤولين والشخصيات الحكومية والسياسية والثقافية ولفيف من رجال الدين المسيحيين .
كل ذلك كان بمستوى القضية المهمة والتي هي بحجم خطورة محاولات التغيير الديموغرافي في المناطق المسيحية ، التي تشهد خللاً ديموغرافياً خطيراً والذي استفحل وتوسع بعد سقوط النظام في عام 2003 م .
لا ريب ان مسألة التغيير الديموغرافي ، هي مسألة مركزية تخص الدولة العراقية الأتحادية وأقليم كوردستان على حد سواء ، كما انها مسالة تخص مصير المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين ، وفي سهل نينوى بالذات تخص الكلدان والسريان على وجه التحديد ، وكان يجب ان يكون لهما حضوراً واضحاً ومساهمة فعالة في هذا المؤتمر الذي كان يخص مناطقهم بشكل رئيسي في مدنهم : بغديدا ، برطلة ، كرملش ، القوش ، باطنايا ، تللسقف ، تلكيف ، باقوفة ،  والقرى التابعة لهذه البلدات والمدن .
لكن المؤتمر مع الأسف سيّس من قبل المجلس الشعبي ، وأراد تجيير المسألة وكأنه يحمل الحمل الثقيل ويحمل هموم الشعب ومشاكله هو وحده ولا غيره بالساحة ، وقد استغل المجلس الشعبي او على الأقل اللجنة التحضيرية المكلفة بهذه المهمة وفي المقدمة رئيس اللجنة السيد كامل زومايا ، فكان يجب ان يكلف بهذه المهمة اناس معتدلين ولا يحملون اي افكار متزمتة اقصائية ضد الكلدان والسريان كالتي يحملها السيد كامل زومايا الذي اثبت تحيزه الكامل وإقصائه اي عنصر كلداني او سرياني من المؤتمر .
كنت قبيل انعقاد المؤتمر في عنكاوا وقد التقيت السيد زومايا ، وقد سألني بعض الأصدقاء ، إن كان لي اي مداخلة في مؤتمر اصدقاء برطلة ، فقلت لهؤلاء الأصدقاء :
 أنا لست مدعواً يا اخي ، فنحن اميين في القراءة والكتابة وليس لنا اي هموم حيال شعبنا ، بالإضافة الى ذلك نحن انقساميون ، وهؤلاء المدعوين من ابناء شعبنا مستواهم راقي ونحن لسنا ( قد المقام ) فكيف تريدون  ان يسمح لنا بدخول المؤتمر ؟
أجل لم توجه دعوة اقل ما نقول لبعض الكتاب من ابناء شعبنا ، وكمثل غير حصري نذكر اسم وسام موميكا السرياني الأصيل وحبيب تومي الكاتب الكلداني الذي يعتز بقوميته الكلدانية وكان الرجلان في عنكاوا  وقتئذِ ، بل رأيت قسم من وجهت لهم الدعوات ليس لهم اي باع لا في السياسة ولا في الكتابة ولا شان لهم لا في العير ولا في النفير ، بل كل ما يجيدونه هو التصفيق والموافقة ، ولا مناقشة ولا هم يحزنون .
لقد وجهت دعوات الى رؤساء وأعضاء منظمات المجتمع المدني التابعة للمجلس الشعبي  والتي فتحت لها مقرات بمثابة دكاكين استرزاقية وتأخذ ملايين الدنانير من المجلس الشعبي وهذه المبالغ هي فلوس الفقراء المسيحيين لكنها تمنح وتغدق لمن يصفقون للمجلس الشعبي .
 إذا نحينا جانباً اسماء المسؤولين من اقليم كوردستان وخارجها ، وبعض الكتاب من غير المسيحيين ، فإن المسيحيين المدعوين هم اعضاء المجلس الشعبي أو من الذين اعلنوا ولائهم له او ركبوا موجته . وبعضهم  فتحوا دكاكين استرزاقية تحت يافطات لمنظمات مجتمع مدني وبأسماء براقة  فهؤلاء كانوا جميعاً لهم حضور ، وحسب تقديرات اللجنة التحضيرية التي يرأسها السيد كامل زومايا ، فإن هؤلاء وحدويون لهم الحق في حضور المؤتمر ، وهم وحدهم يهمهم مسألة التغيير الديمغرافي ، فالمسألة لا تخص حبيب تومي ، ولا تخص وسام موميكا ولا تخص اي حزب سرياني او كلداني او اتحاد القوى السياسية الكلدانية ، بل حتى الحركة الديمقراطية الآشورية أبعدت بشكل ما عن حضور المؤتمر .
وسؤال للقائمين على المؤتمر ، وهنا اخص بهم السيد كامل زومايا الذي كان لولب المؤتمر . هل يعلم الأخ زومايا لمن تذهب اراضي تلكيف ، وكيف ترتب امور بيع تلك الأراضي ؟ ومن يمتلكها في نهاية الأمر ؟ إن الأخ زومايا لا يدري ولا يدري انه لا يدري ، والمصيبة انه لا يريد ان يدري  .
لو تكرمتم بدعوتنا لحضور المؤتمر لم نرغبه لو كان فضلاً او إحساناً او معروفاً منكم ، بل كان لدينا ما نقوله من الأمور المهمة التي تخص هذا الجانب المهم ، فهنيئاً للقائمين على المؤتمر يبحثون التغيير الديوغرافي وتغيب عنهم امور اساسية في صلب عملهم .
اقول :
لقد عقد المؤتمر تحت شعار قومي شامل ومهم ، وخصصت له مبالغ جيدة ، ورسم له إعلام واسع ، لكن برأيي المتواضع انه اريد تجيير المؤتمر لحساب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، وأريد به دعاية انتخابية استباقية قبيل انتخابات البرلمان العراقي .  
لأنه كما هو معلوم سوف تكون هنالك منافسة قوية على مقاعد الكوتا ، واراد المجلس الشعبي بهذا الحدث ان يسبق الآخرين ويكسب دعاية انتخابية ، من جانب آخر افلح في إبعاد اي قوى سياسية كلدانية او سريانية مستقلة عن المؤتمر ، لمواصلة تهميشهم قدر الإمكان .
هكذا استطاع المجلس الشعبي من صيد عدة عصافير بحجر واحد .
د. حبيب تومي / اوسلو في 26 / 11 / 2013

56
لو اصبح حبيب تومي رئيساً لوزراء العراق ..!!(3 ) القسم الأخير
بقلم : د. حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
عزيزي القارئ اقتبس هذه الفقرة من القسم الأول :
( لو : زُرعت وما حصدت ، ولغوياً هي اداة شرط تستعمل في الأمتناع او في غير الإمكان ، مثلاً : لو كنت غنياً لساعدت الفقراء ، وهي ايضاً حرف للتمني ، لو تحضر فتفرحني .. الخ ، هنا نستخدم لو في الأمتناع وغير الإمكان ، فرغم استحالة هذه الـ ( لو )، لكن الكاتب ينبغي ان يكون له حرية مطلقة في التعبير عن رأيه وأن يكون له حق التعبير عن الأفكار بصوت عال ، وهذه نعمة نتمتع بها في دنيا الخيال ونعلن عنها عبر المواقع وهذا جل ما نستطيع فعله ، وربما يحقق هذا المقال فائدة لأصحاب القرار الذين يؤهلهم انتماؤهم الديني تبوأ هذا المنصب ، فسوف لن يخسروا شيئاً إن صرفوا دقائق معدودة لقراءة الموضوع .) انتهى الأقتباس .
ثامناً:ـ
إقرار قانون : من اين لك هذا ؟ يا هذا !!

قد يكون عضو البرلمان او الوزير او اي مسؤول في منصب سيادي في الدولة له املاك وعقارات وشركات ، ولكن قد لا يملك ذلك المسؤول سوى الراتب الذي يتقاضاه ، في كل الأحوال فإن الشفافية والنزاهة والإخلاص في العمل تقضي تقديم كشف حسابي بما يملك المسؤول من ارصدة ومبالغ وعقارات قبيل استلامه الوظيفة او المسؤولية ، وعليه تقديم كشف حسابي بما يملك قبيل خروجه من الوظيفة ، إن المسؤول ليس من حقه تلقي الهدايا من شركة او حكومة اجنبية يعقد معها اتفاقاً اقتصادياً ، إن الهدايا التي يتلقاها المسؤول في هذه الحالة ينبغي ان تعود الى الدولة ، ان الوزير او اي مسؤول في الحكومة البريطانية مثلاً ، لا يحق له الأحتفاظ بهدية تزيد قيمتها عن 75 دولار ، وإذا بلغت قيمتها اكثر من ذلك فعليه تسليمها لوزارته او دائرته ،إنها  حصة خزينة الدولة.
إن اي مسؤول كبير في الدولة ينبغي ان يتسم بالإخلاص والشفافية ليكون بمقدوره محاسبة الموظف الأقل مركزاً حينما يلجأ الى الأختلاس او تلقي الرشوة او حين التقصير بواجبه ، وأنا اتساءل كيف يستطيع المسؤول الكبير محاسبة الأدنى منه ان كان هو نفسه مختلساً او راشياً او مرتشياً ، كيف يستطيع منع الفساد وهو فاسد . اعيد وأكرر اهمية تشريع قانون من اين لك هذا يا هذا ؟
تاسعاً : ـ
التربية والتعليم

إنه العمود الفقري لتقدم البلد وذلك بإيلاء الأهتمام نحو منظومة التربية والتعليم ، وبرأيي ان التربية قبل التعليم ، لأن التربية هي قوام التقدم وبناء الأنسان وهي مسيرة مستمرة من الطفولة وتستمر مع العمر ، إن تربية الأنسان ، تعني شعوره بالمصلحة العامة وحفاظه على المال العام ويعني غرس عنصر الإخلاص في كيان الإنسان العراقي لتربيته الوطنية والإنسانية ، اجل ان التعليم مهم جداً ، لكن لابد ان تسبقه عملية التربية .
إذن نحن ملزمون بتخصيصات مالية مهمة للاهتمام بالطفل والتلميذ والطالب في كل مراحل دراسته . إنه امر عجيب ان تكون المليارات من الدولات متراكمة في ميزانية الدولة العراقية ، ويضطر الطالب للدوام في مدرسة تفتقر الى ابسط متطلبات المدارس ، وكذلك الطالب في الكلية وهو بأمس الحاجة الى المصادر العلمية والأجهزة الحديثة ، انها مأساة ان تكون بناية واحدة تستقبل اثنان او ثلاث وجبات تعليم ، المرء من حقه ان يتساءل : لماذا لا تبنى مدارس حديثة ؟ مالذي ينقص العراق ؟ القوى البشرية متوفرة والأموال متوفرة ، فأين يكمن الخلل في التلكؤ في بناء المدارس الضرورية ؟
ما هو الباب الأهم الذي تخصص له الأموال وتحرم من تلك الأموال رياض الأطفال والمدارس ، إن حصة الأطفال من التربية والتعليم والمراحل الدراسية المختلفة إن كانت مهنية او نظرية او علمية يجب ان يخصص لها حصة الأسد من الميزانية العامة ، إن التربية والتعليم والبحث العلمي ينبغي ان يكون لها الحصة الكبيرة من التمويل ، أنه المحور الأهم في تقدم البلد .
ثمة حالة يرثى لها ولا يمكن هضمها من قبل مجايليني ، ماذا يعني التدريس الخصوصي ، لماذا يرسب الطالب بدرس الفيزياء مثلاً حينما يتلقى درسه في المدرسة ؟ بينما يحالفه النجاح ان تلقى دروس خصوصية من نفس المدرس . إن المدرس يجب ان يبذل قصارى جهده في الصف كما يبذلها اثناء التدريس الخصوصي ، إن هذا الجانب هو جزء من الفساد ، وهو نتيجة منطقية لغياب عنصر الإخلاص من قبل المدرس ، الذي يهمل واجبه في المدرسة حيث يستلم راتباً حكومياً ، إلا انه يعمل بتفان وإخلاص فقط حينما يعطي دروس خصوصية .
ثمة جانب آخر في المسألة يبعث على الأستغراب وهو ان يصار الى الأستثمار في مختلف الجوانب الإستهلاكية والعمرانية مع عدم المبالاة للإستثمار بموضوع تطور وتنمية التعليم العالي العلمي ، فثمة مبالغ طائلة تستثمر في شتى المجالات ، ولكن ليس هنالك اي استثمارات مهمة لشراكة حقيقية مع جامعات عالمية عملاقة معروفة . كجامعة سوربون وجامعة هارفارد وواشنطن وغيرها من الجامعات العالمية المعروفة ، إن الإستثمار في مجال العلم اهم من الأستثمار في مجال الأتصالات والبناء والعقارات والسيارات والمواد الغذائية وغيرها من المجالات المتسمة بالربح السريع ، إن هذا المجال سيكون اهم المنجزات الأستثمارية إضافته الى فائدته الجمة في خدمة المسيرة العلمية للبلد .
عاشراً : ـ
ترك جزء من واردات باطن الأرض للاجيال القادمة او بإقامة المشاريع الأستراتيجية .

الثروات الطبيعية لا سيما النفط مخزون في باطن الأرض منذ ملايين السنين ، ولهذا لا يحق لجيل واحد ان يهيمن على تلك الثروة بل ينبغي ان يشترك في الأستفادة منها الأجيال اللاحقة . وثمة من البلدان من يستخدم هذه الثروة لبناء مشاريع تطورية عملاقة في تنمية البلد ، وهنالك من يدخر تلك الأموال لتكون تحت تصرف الأجيال القادمة ، لكن في وطننا العراقي لا يحدث ادخار تلك الأموال ولا استثمارها في مشاريع استراتيجية ، كما ان العدالة مفقودة في توزيع ثروة العراق ، بل إنها معرضة الى عمليات الفساد وللسرقة وأنا برأيي ان اكبر جناية هي تبديد ثروات العراق .
إن ابناء هذه اليوم يستفيدون من المشاريع الأستراتيجية التي وضعت في العهد الملكي منها كمثل غير حصري ، سد دوكان ، مشروع الثرثار ، سدة الكوت ، سد دربندخان ، سد اسكي موصل وغيرها ، كل هذه المشاريع وغيرها خططت ورسمت خرائطها في العهود السابقة . ونحن اليوم لا نبادر الى تنفيذ مشروع سابق ولا نخطط لمشروع جديد ، إننا نستخرج النفط ونبيعه ونستهلك تلك الأموال في استيراد المواد الإستهلاكية فوصلنا الى استيراد القمح والرز والطماطة والخيار والملابس .. وكل شئ . لقد تعلمنا وتعودنا على تناول وجبة الغذاء والأنزواء تحت ظل شجرة للتمتمع بقيلولة مريحة ، هكذا اصبحت حياتنا في عراق الحضارات ، عراق النفط والزرع وعراق النهرين العظيمين ، عراق 35 مليون نسمة .
اصبحت عبارة عن حياة استهلاكية غير مثمرة نستورد كل شئ من الذين يعملون ويكدون ، ونحن لا زلنا نعتمد على ثقافة الغنائم ، دون نفكر بالأنتاج والعمل والإبداع .
نحن نعيش في دولة العراق التي مضى على تأسيسها قرابة قرن من الزمن ، لكن هذه الدولة لا زالت عاجزة ان تصريف مياه الأمطار في شوارع عاصمتها وأهم مدنها ، فتدخل المياه الأمطار معها المياه الآسنة الى بيوت الناس ، لا يوجد اي ذرايع تبرر هذه الحالة المأسوية في دولة العراق المعاصرة .
حادي عشر : ـ
الخدمات الصحية

ـ تقديم الخدمات الصحية المتطورة وبمستوى راقي لكل العراقيين ، دعم المستشفيات والأطباء واستيراد الأجهزة المتطورة ومواكبة العالم في هذا المجال المهم ، إن الزخم على العيادات الخاصة والمستشفيات الأهلية رغم ارتفاع اسعارها ، يؤشر بصورة جلية الى مدى الأهمال الذي يسود المستشفيات الحكومية ، وشأنها شأن المدارس الحكومية التي يتهرب الطالب للتدريس الخصوصي ، إن غياب عنصر الأخلاص للوطن يقف وراء هذه الحالة المؤسفة التي تغطي مساحة العراق وأصبحت جزءاً من ثقافة اليوم .
اثنا عشر : ـ
قضاء مستقل

ــ فصل السلطات الثلاث : التنفيذية والقضائية والتشريعية وعدم التدخل في الشؤون القضائية لضمان قضاء مستقل وعادل .
اثناء الحرب العالمية الثانية ، اوصى تشرشل على تحديد مكان خاص آمن للقضاة لكي لا تصلهم قذائف العدو وقال :
إن الخسارة في القضاة لا يمكن تعويضها ، وفقدانهم يعني فقدان العدالة فيغرق البلد في فوضى عارمة . إن كل سلطة لها حدود وينبغي احترام تلك الحدود .
ثلاثة عشر : ـ
دولة مؤسسات

ينبغي احترام حرمة مؤسسات الدولة وأن يكون العراق دولة مؤسسات ، العراق ليس ميدان للسباق لأعتلاء الكراسي والمناصب ، المناصب يحتلها من يكون مؤهلاً لإشغالها من منطق الرجل المناسب في المكان المناسب ، فلا يجوز ان تكون المناصب جوائز ترضية وكسب ولاءات ، او شراء سكوت جهة منافسة الى آخره ، فيضيع الخيط والعصفور كما يقول المثل العراقي .
أربعة عشر : ـ
حكومة واقعية موضوعية لا تبيع الأوهام لشعبها

ــ الحكومة يجب ان تكون صادقة وواقعية مع شعبها ، لا تبيع الأوهام والوعود ، وتحاول شراء الوقت الى ما لا نهاية ، في علم الفيزياء الضغط الزائد  يولد الأنفجار وهذا ينطبق على الحالة السياسية وما ثورات الربيع العربي ، رغم المآخذ عليها ، سوى حالة تمثل جزءاً من ذلك الأنفجار ، بوجه الحكومات التي كانت تبيع وتسوق الأوهام لشعوبها .
وأخيراً وليس آخراً أقول
ثمة امور كثيرة في هذا الجانب تسبب تأخر البلد وتبطئ تطوره ، فهنالك نقاط مهمة ينبغي الأنتباه عليها لتسير العملية السياسية بالطريق الصحيح ، لكن مع الأسف فإني ارى ان العقل في العراق قد منح إجازة مفتوحة ، لقد قفلت الموضوعية والعقلانية ابوابها الى اجل غير مسمى .
لقد بات طبيعياً في الواقع اليومي مصادفة خلطة عجيبة من خلط الدين بالسياسة ، ولا احد يعلم هل ان العراق اصبح معبداً للعبادة ام دولة سياسية عضوة في الأمم المتحدة ، لقد اصبح كل شئ خليط غير متجانس وغير معقول : الميزانية تشهد تراكم المليارات والخدمات معدومة والبنية التحتية متدهورة والبطالة مستشرية .
مختلف القوات الحكومية منتشرة في كل الشواع والزويا والمنعطفات لكن الأمن معدوم ، بغداد تعتبر من اخطر العواصم للعيش فيها .
الأهمال في كل شئ ، الأرصفة المخصصة لسير المواطن يسيطر عليها ويحتلها باعة الجملة والمفرد .
الإهمال في الشوارع وتركها دون صيانة والقاذورات والقمامة لا يوجد من يرفعها .
 ننتظر الأمطار لكي تغسل الشوارع وتزيل الأوساخ ، لكن في بغداد والمدن العراقية تشكل هذه الأمطار نقمة ، في كل مدن العالم اثناء المطر يرفعون المظلات تقيهم من زخات المطر لكن في مدن العراق ، المواطن قد اهمل شأن المظلة ليرفع بيديه سرواله لأن الشوارع قد تحولت الى بحيرات وممرات مائية .
هكذا يبدو الأنسان في بلد الحضارات قد اصبح كئيباً خائفاً مرتعداً ، يحلم في الليل او في احلام اليقظة ان ينهض ويجد بلده اميناً مستقراً نظيفاً ، لكن سرعان ما يصطدم بالواقع المزري ، تتراكم في ميزانية العراق مليارات الدولارات ، ومع ذلك نجد الفقر قد دق ركائزه ، والأمية في تفشي مستمر ، والبطالة اصبحت جزء من مشاكل الحياة اليومية فجيش الخريجين من المعاهد والجامعات في تزايد وتراكم مستمر والعمل وأيجاد العمل المناسب اصبح من الأحلام فقط ، كل ذلك بسبب سوء التخطيط وغياب المشاريع الأستثمارية التي تمتص البطالة ، وغياب الأمن والأستقرار .
إن انعدام الخدمات وفقدان الأمن والأستقرار اصبح العراق يحتل المراكز الأولى في الأحصاءات المحايدة . شئ واحد معلوم ومزدهر وهو الفساد الإداري والمالي ، المليارات في الميزانية تنتظر المشاريع الوهمية وتنتظر الشاطر لمن يسرقها ، المناصب اصبحت جزء من المكافئات السياسية لهذا الحزب او لذاك المكون ، ألاف منظمات المدني تستهلك مليارات الدنانير من ميزانية ، وفي النتيجة تكون هذه المنظمات عبارة عن دكاكين استرزاق ليس اكثر .
دولة العراق ليست دولة مؤسسات ، إنها ساحة للسباق على الكراسي ، والفوز بالأنتخابات يعني الفوز بالغنيمة ، للفائز ولأقاربه وذويه وأبناء عشيرته ، والوطن العراقي ، كان هنالك وطناً اسمه الوطن العراقي ، واليوم فقد رحل وحل محله الأنتماءات الطائفية الدينية والعراقية والمذهبية والسياسية ...الخ .
رجائي من القارئ الكريم ، هل استطيع بعد كل ذلك ان احلم ؟ هل استطيع ان احلم بحقول خضراء على امتداد البصر ؟ هل يمكن ان يعم الأمن والأستقرار مدن العراق جميعها دون استثناء ؟
هل استطيع ان احلم ان يكون العراق دولة ديمقراطية بحق وحقيقة ؟
هل نحلم بدولة عراقية صناعية وزراعية وسياحية ؟
هل نخرج من قوقعة الطائفية الى فضاء الوطن الواحد ؟ هل يخرج الشعب العراقي من الإستلاب العقلي الذي يهيمن على معظم فئاته ؟
وفيض من الأسئلة تنبجس من المخيلة ،وتختفي ، ولكن سؤال سؤال مهم يبقى قائماً : هل يمكن ان نجنب سفينة الوطن من مصير الغرق وهي تتمائل مع الأمواج العاتية ؟
لقد وضعت تلك التمنيات في هذا المقال ، ويقول هذا المدعو (( أنـا )) ، تحت شرط ( لو ) اصبح حبيب تومي رئيساً لوزراء العراق . وهذا من مستحيلات التحقيق فكل ما ورد في هذا المقال من تمنيات يدرج ضمن مستحيلات التحقيق على الأقل في المستقبل المنظور .
 لكن مع كل ذلك الأمل يبقى قائماً في ضمير ووجدان كل عراقي مخلص اصيل .
د. حبيب تومي / عنكاوا في 21 / 11 / 2013

57
لو اصبح حبيب تومي رئيساً لوزراء العراق ..!!(2) الجزء الثاني
بقلم : د. حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
عزيزي القارئ نقتبس هذه الفقرة من الجزء الأول :
( عزيزي القارئ
لو : زُرعت وما حصدت ، ولغوياً هي اداة شرط تستعمل في الأمتناع او في غير الإمكان ، مثلاً : لو كنت غنياً لساعدت الفقراء ، وهي ايضاً حرف للتمني ، لو تحضر فتفرحني .. الخ رغم استحالة هذه الـ ( لو ) لكن الكاتب ينبغي ان يكون له حرية مطلقة في التعبير عن رأيه وأن يكون له حق التعبير عن الأفكار بصوت عال ، وهذه نعمة نتمتع بها في دنيا الخيال ونعلن عنها عبر المواقع وهذا جل ما نستطيع فعله ، وربما يحقق هذا المقال فائدة لأصحاب القرار الذين يؤهلهم انتماؤهم الديني تبوأ هذا المنصب ، فسوف لن يخسروا شيئاً إن صرفوا دقائق معدودة لقراءة الموضوع .) انتهى الأقتباس
لكي لا نخرج من موضوع الإرهاب فينبغي وضع الحلول الناجعة للقضاء على الإرهاب وتجفيف جذوره ومصادره .
من الناحية السياسية ينبغي على الشركاء في العملية السياسية ، إن يكون تنافسهم بوسائل وأدوات سياسية وليس بأساليب انتقامية او إرهابية ، وهناك من يذهب الى القول :
بأن جانب كبير من الإرهاب اليوم هو نتيجة الصراع السياسي بين الأطراف المتصارعة او المتنافسة ، وفي كل الأحوال لا يمكن ان يكون الإرهاب او العمليات الإرهابية وسيلة بديلة للصراع السياسي ، إن الخلافات السياسية يجب ان تكون بين القوى السياسية تحت مظلة البرلمان ومقر الحكومة او على نطاق وسائل الإعلام المرئي والسمعي والمكتوب ، وفي حالات يكون الصراع بالخروج الى الشوارع عبر مظاهرات سلمية ، وفي كل الأحوال لا يمكن ان يكون الأنتقام عبر المفخخات والأحزمة الناسفة والأغتيالات بالأسلحة الكاتمة للصوت ، لا يمكن ان تكون هذه الوسائل الإرهابية الإجرامية وسيلة للصراع السياسي بين القوى السياسية العاملة في الساحة ، ويمكن الإشارة هنا الى العملية السياسية في كوردستان ، التي لا يمكن ان تكون العمليات الإرهابية ادوات للتعامل بين مختلف القوى السياسية المتنافسة ، إن كانت في الحكم او في موقع المعارضة .
ثم ننتقل الى الوسيلة المباشرة الأعتيادية للقضاء على الإرهاب عن طريق قوى الأمن والشرطة والأستخبارات والمخابرات ، هذه تكون الوسيلة الأمنية . لكنها في كل الأحوال ومهما بلغت التكنولوجيا المستخدمة لا يمكن القضاء على الإرهاب كلياً ما لم تجفف منابع ومصادر الإرهاب ، كما يجب ان تكون القوات الأمنية المستخدمة ان تكون مهنية ويكون ولائها للوطن ، وتكون عصية على الأختراق من قبل القوى الإرهابية .
والنقطة الأخيرة في هذه الفقرة هي حل مشكلة الأرهاب فكرياً ، ويكون ذلك عبر تنشئة الطفل ، فتريبة الطفل هي الضمانة الأساسية لخلق مجتمع متكافئ متعايش ، ومصداق هذا القول يتضح في تأثير التربية على الأنسان ، فالتعليم هو مهمة المدرسة والجامعة ، اما التربية فتبدأ بالمدرسة والعائلة وتستمر مع الشخص طول عمره .
في الآن معظم المجتمع العراقي مهيأ فكرياً ونفسياً لقبول الصراع مع الآخر والأنتقام منه ، كما هي بالتنشئة الدينية الإسلامية ، التي تعتبر اصحاب الديانات الأخرى كفار وفي احسن الأحوال انهم اهل الذمة ينبغي العطف عليهم ، والأسلام هو دين الحق ، والأديان الأخرى هي اديان الباطل ، والطفل في هكذا ثقافة وتربية سينشأ على حمل الحقد والكراهية اتجاه الآخرين ، وهذا ما يفسر صعوبة عيش اتباع الأديان الأخرى مع الإسلام ، وهذا ليس موضوعنا ، انما إن شئنا ان نربي مجتمع عراقي متسامح متعايش علينا وضع البرامج المدرسية التي تدعو الى التآخي بين كل البشر ، ويجب تشر ثقافة بين العراقيين بكل معتقداتهم وأديانهم وقومياتهم وإن الأنتماء العراقي هو فوق الأنتماءات الأخرى .
ينبغي التخطيط والعمل على تدريس مادة الأديان للاطفال إن كانوا مسلمين او مسيحيين او إيزيدية او صائبة ، فمادة الأديان تعني تدريس كل الأديان ، وليس كما هو معمول به الآن حيث يدرس الدين المسيحيي للمسيحيين والإسلامي للمسلمين ، فيجب ان نحرص على ان يتلقى التعليم بكل الأديان لكي لا تنشأ عنده نعرة الدين الواحد . إن كثير من الحروب في التاريخ كانت بسبب اختلاف الأديان والتعصب الديني .
هكذا سوف تكون بداية جيدة وصحيحة لتنشئة الطفل وتربيته ، وتكون هذه خطوة هامة لقطع الطريق عن الفكر الإرهابي امام الأنسان العراقي حينما يبلغ سن المراهقة وسن الرشد والشباب لكي لا يكون لقمة سائغة بيد الإرهاب فيصدق اسطورة منحه اربعين حورية في جنة وكأن الجنة عبارة عن بيت للدعارة ، وليس هنالك عمل سوى النوم والتمتع بالحوريات ..
الدول الأوروبية تكبدت وعانت كان من صراعات طائفية وتم القضاء عليها جذرياً وذلك بالتوجه الفكري السليم ، لأن القائم بالعمل الإنتقامي الأرهابي لا يعتبر نفسه مجرماً ، إنه يحمل فكر وهو بصدد تحقيق ما يصبو اليه ، لقد عانت اوروبا من الصراع المذهبي الطائفي ، وقضت على تلك الآفة بالعمل المضني بتوجيه البرامج التربوية الصحيحة للمجتمع ابتداءاً من الطفل ، فعملت على القضاء على ذلك الصراع فكرياً ، وخير مثال ألمانيا التي قضت على الفكر الطائفي بواسطة مفكرين افذاذ امثال كانط وفيختة وهيكل وغيرهم من مفكرين ومن قادة سياسيين .
الحديث عن الإرهاب طويل وأريد الأنتقال الى النقاط الأخرى في هذا المقال .
ثانياً : ـ
التقاعد لجميع العراقيين
العراق بلد غني بثرواته وهذه الثروات قيل الكثير عن تبديدها وسرقتها من قبل فاسدين يعملون في مختلف مفاصل الدولة العراقية ، لاسيما ما يتعلق بالفساد الإداري والمالي . إن تلك الثروات يجب ان تكون من حصة الشعب العراقي وليس من حصة الفاسدين ، فيجب تخصيص راتب تقاعدي لأي عراقي ، ذكر او انثى حينما يبلغ سن التقاعد كأن يكون يحدد بعمر 65 سنة ، ويتقاضى الراتب التقاعدي ، حتى لو لم يكن قد خدم فى مؤسسات حكومية او غيرها ، فيمنح لأي عراقي راتب تقاعدي يبلغ الحد الأدنى ( وهذا الحد الأدنى ) يحدد بدراسة من قبل الخبراء ، ليكون مقداره يتيح لصاحبه العيش بكرامة بقية حياته دون ان يطلب مساعدة من أقاربه وذويه ، او يضطر الى طلب المساعدة وربما التسول ليعيش بقية حياته .
إن منح راتب تقاعدي لجميع العراقيين في العمر التقاعدي هو عمل وطني وإنساني ، يحافظ على كرامة العراقي ليكون مرفوع الرأس في وطنه . وهنالك دول متقدمة لها خبرة جيدة في هذا المجال ينبغي الأستفادة من تجربتها . وعلى سبيل المثال دولة النرويج تعتبر من الدولة المهتمة بهذا الجانب ولا يوجد متسول واحد في هذا البلد إن كان يعيش حياته الأعتيادية .
ثالثاً : ـ
عملية الإحصاء لوضع الخطط التنموية
يصار الى تخصيص رقم شخصي لكل فرد عراقي ، دون ان يكون لهذا الرقم علاقة بالعائلة او بالمدينة او بالعشيرة او غير ذلك ، وهنالك تجارب ناجحة للدول المتقدمة بهذا الخصوص ، كأن تكون الـ 6 أرقام الأولى هي عبارة عن يوم الميلاد باليوم والشهر والسنة ، تضاف الى هذه الأرقام اخرى تحددها دائرة الإحصاء او اي جهة معنية ، إن مثل هذه العملية تفتح امام الدولة افاق التطور والتقدم ، وتعمل على اعطاء معنى عميق للانسان لكي تصان حقوقه الشخصية ، فإضافة الى المعلومات الوافية عن كل شخص ، منها المعاشية والصحية ، فتعطي معنى آخر للانسان بجهة تساويه مع بقية افراد الشعب ومهما كان مركزه الوظيفي ، فرئيس الوزراء ومنظف الشوارع وسائق التكسي كل منهم مواطن له رقمه الشخصي ولهم نفس المقدار من الحقوق وعليهم نفس المقدار من الواجبات كل في مجال عمله ، ولكنهم جميعاً متساوون امام القانون ، إنها الخطوة الأولى لتحقيق التقدم . فالخطط التنموية الموضوعية تكون مبنية على نتائج إحصاءات دقيقة للسكان وللقوى البشرية العاملة ولفئات الشعب التي تحتاج الى معونة او الرعاية الأجتماعية ... الخ
رابعاً : ـ
إلغاء الميليشيات من الساحة العراقية
إنهاء إشكاليات الميليشيات بكل أشكالها وأسمائها ، فبعد ان استقرت الدولة وأصبح لها جيش وشرطة وقوات امن .. فمن الضروري ان يصبح العراق دولة مؤسسات ، وان لا يكون هنالك مكان لتنظيمات مسلحة خارج إطار السلطة ، فالأحزاب السياسية مشتركة في العملية الديمقراطية وهي جزء من كيان السلطة فلا يجوز ان تمتلك هذه الكيانات قوات خاصة ، إن وجود الميليشيات الى جانب القوات الحكومية يعطي دلالة قوية ان الدولة فاشلة ، وإنها فقدت هيبتها بعد ان تعددت مراكز القوى داخل حدودها .
وهنالك خطأ آخر يرتكب بهذا الشأن فعند حل هذه الميلشيات وضمها الى القوات الحكومية تبقى على ولائها لحزبها ، فتصبح القوات الحكومية إن كانت من الجيش او من الشرطة تبقى سهلة الأختراق ، لأنها فقدت مهنيتها بضم هذه الميليشيات ، فعند حل الميليشيات ينبغي تفريقها وتوزيعها الى وظائف وأعمال مدنية وليس عسكرية .
خامساً : ـ
بناء جيش مهني
إلحاقاً بالنقطة رابعاً ينبغي إعادة هيكلة وبناء الجيش العراقي لترسيخ منظومة الحياة العسكرية المهنية والحرفية للجيش لكي لا يكون جيش الحزب الحاكم او جيش الأكثرية او الأقلية ، او يكون عبارة عن ميليشيات تبدي ولائها لهذا الحزب او ذاك ، ينبغي إرساء قواعد لتشكيل قوات عسكرية من الشرطة والجيش وجهاز الأمن والمخابرات على اسس وطنية مهنية ، لا يكون لها اي ولاء سياسي لأية جهة سياسية بل يكون ولائها للوطن ، إن مثل هذه الأجهزة الحرفية المهنية كفيلة بالقضاء على كل اشكال الإرهاب والجريمة والحفاظ على امن المواطن وأستقراره في بلده ، وكذلك تكون مستعدة ومؤهلة للدفاع عن حياض الوطن في حالة وجود اعتداء خارجي ، قد تكون تجربة اقليم كوردستان مثالاً قريباً يحتذى به .
سادساً : ـ
اقرار قوانين مدنية علمانية
العمل على تعديل الدستور بما يناسب ببناء الدولة المدنية الديمقراطية بالدرجة الأولى ، ,ان تكون حرية المعتقد والدين مكفولة لكل المواطنين .وأن لا يشكل الدستور وثيقة تخدم فصيل او طائفة ميعنة حتى لو شكل ذلك الفصيل او تلك الطائفة الأكثرية ، فينبغي ان يكون الدستور عقد اجتماعي وسياسي ووطني بخدمة جميع العراقيين دون استثناء .
واحدة من تصريحات البطريرك الكاثوليكي الكلداني مار لويس روفائيل الأول ساكو يقول : إننا نريد وثيقة رسمية من الجامعة العربية والدول الإسلامية وفتوى من المرجعيات الدينية تعترف بوجودنا ومساواتنا ومنح حقوقنا اسوة بالمسلمين على اساس المواطنة الواحدة ، وأن لا يشكل ذلك منة .
اجل ينبغي ان ينص الدستور العراقي بأن العراقيين جميعهم مواطنين من الدرجة الأولى ولا يوجد فيه اهل الذمة . هكذا دستور يحفظ كرامة العراقيين جميعهم من كل الأطياف ومن النسيج المجتمعي العراقي دون استثناء .
الحكمة تقضي بأن يكون ثمة توازن بين الدين والسياسة والعلوم والفلسفة ، وأن يفسح مجال لهذه المفاهيم دون تطرف لأي مفهوم من هذه المفاهيم ، كل مواطن يفكر كما يريد ، إنها الحرية الشخصية للانسان يجب مراعاتها وتعزيزها ، ليكون بمقدور الأنسان التفكير والإبداع .
سابعاً : ـ
العلاقة مع اقليم كوردستان
العراق دولة اتحادية فيدرالية وينبغي تعزيز هذه السمة ليكون دولة اتحادية قوية اسوة بالدول التي لها نظام مشابه ، ولهذا يجب إنهاء كل المشاكل المتعلقة مع اقليم كوردستان ، مع إنهاء المشاكل مع المحافظات المضطربة والتركيز على المصلحة الوطنية العراقية العليا ، ليكون الجميع مع العراق ويساهم الجميع ببنائه وتطوره . إن حل هذه المشاكل بأسس من الديمقراطية ومفاهيم التسامح ، والأستفادة هنا من المبادئ الأنسانية لمهاتما غاندي في الهند ونلسون مانديلا في جنوب افريقيا .يجب ان تنتصر مبادئ التسامح على عقلية الأنتقام والثأر . وربما نستفيد من تجربة اقليم كوردستان بهذا الصدد ، حيث عمل الرئيس مسعود البارزاني منذ البداية على طي صفحة الماضي المليئة بالأحقاد والمآسي وفتح صفحة جديدة ، يعمل فيها الجميع من اجل مصاحة كوردستان مما اتاح الفرصة للسير قدماً نحو الأمام في مجتمع مدني متصالح متعايش ، فنأى بالأقليم من الوقوع في مستنقع الإرهاب .
د. حبيب تومي ـ عنكاوا في 14 ـ 11 ـ 2013
يليه الجزء الثالث

58
لو اصبح حبيب تومي رئيساً لوزراء العراق ..!!(1)
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
عزيزي القارئ
 لو : زُرعت وما حصدت ، ولغوياً هي اداة شرط تستعمل في الأمتناع او في غير الإمكان ، مثلاً : لو كنت غنياً لساعدت الفقراء ، وهي ايضاً حرف للتمني ، لو تحضر فتفرحني .. الخ ، هنا نستخدم لو في الأمتناع وغير الإمكان ، فرغم استحالة هذه الـ ( لو )، لكن الكاتب ينبغي ان يكون له حرية مطلقة في التعبير عن رأيه وأن يكون له حق التعبير عن الأفكار بصوت عال ، وهذه نعمة نتمتع بها في دنيا الخيال ونعلن عنها عبر المواقع وهذا جل ما نستطيع فعله ، وربما يحقق هذا  المقال فائدة لأصحاب القرار الذين يؤهلهم انتماؤهم الديني تبوأ هذا المنصب ، فسوف لن يخسروا شيئاً إن صرفوا دقائق معدودة  لقراءة الموضوع .
وهكذا عزيزي القارئ رغم قناعتي وقناعتك باستحالة ذلك ، لكن ماذا يضرك لو امهلتني قليلاً لأعرب لك عمّا يجول في خاطري من  امنيات لو تحققت هذه الـ ( الو ) المستحيلة  ، وإن خلت المسألة من الضرر ، فما هو المانع من تسجيل هذه الأفكار على هذا الورق الأبيض ، وقد يستفيد منه او من بعضه من هو مؤهل لنيل هذه الوظيفة السامية ، في بلدنا العزيز الذي تحولنا فيه الى مواطنين من الدرجة الثانية او الثالثة ، وهذا البلد الذي نحمل جنسيته يبدو اليوم ممزقاً ، وعلى مدار زمني يقارب قرن من السنين لم يتطور ، فقد نشأ ممزقاً واستمر على حاله الى اليوم ، إن لم يكن أسوأ حالاً .
 في بداية تكوين الدولة العراقية الحديثة وتوحيده بعد ان كان يشكل  ثلاث ولايات مستقلة تابعة الى الباب العالي في الدولة العثمانية ، وبعد ان ساعدنا الأنكليز في توحيد الولايات الثلاث ، الموصل وبغداد والبصرة ، وفي تأسيس هذه الدولة العراقية الحديثة ، فقد كتب المرحوم الملك فيصل الأول الذي حكم في سنين ( 1921 ـ 1933 ) عن معاناته والصعوبات التي اعترت سبيل تكوين تلك الدولة ، لا سيما في تخطي الصعوبات الناجمة عن العوامل الذاتية ، فكتب في مذكرة سرية له يقول فيها <حنا بطاطو " العراق " ج1 ، ص44 ، ط1 ، ترجمة د. عفيف الرزاز ، ايران ، منشورات فرصاد ، قم 2005 م > .
يكتب :
أقول وقلبي ملآن أسى ، إنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد ، بل توجد كتلات بشرية خيالية خالية من اي فكرة وطنية ، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية لا تجمع بينهم جامعة ، سماعون للسوء ، ميالون للفوضى ، مستعدون دائماً للإنتفاض على اي حكومة كانت ، نحن نريد والحالة هذه ان نشكل من هذه الكتل شعباً نهذبه ، وندربه ، ونعلمه ، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف ، يجب ان يعلم ايضاً عظم الجهود التي يجب صرفها لإتمام هذا التكوين وهذا التشكيل .  
اجل كتب ذلك في وقت تأسيس الدولة العراقية حيث كانت الحكومة ضعيفة ففي سنة 1933 إذ كانت الحكومة تملك 15 ألف بندقية بينما كان الشعب يملك اكثر من 100 الف بندقية ، ولهذا سعى الملك فيصل الأول الى تأسيس جيش قوي يتمكن من بسط الأمن والأستقرار في ربوع الوطن كما انتبه الى مشكلتين رئيسيتين وهي وضع الشيعة ووضع الأكراد ، ففي شأن المكون الشيعي ، كان يجري تداول مقولة مفادها ( المصدر السابق نفسه ) :
الضرائب للشيعة ، والموت للشيعة ، والمناصب للسنة ، فقد بادر الملك فيصل الأول على فتح الأبواب  امام الشيعة لتسلم المناصب ويشغلوا الوظائف ، كما حرص على ان يتسلم الأكراد على حصة ملائمة من التعيينات ، ولا ننسى ان اول وزير مالية في الدولة العراقية كان يهودي ، وكان هنالك ايضاً وزير مسيحي ، وبشكل عام كان هنالك صفحة واضحة لأنصاف كل المكونات العراقية بقدر كبير من العدالة والمساواة .
اليوم ونحن نقترب من عتبة القرن الكامل من السنين على ذلك التأسيس الصعب ، وننظر الى اليوم بأدوات اليوم ، فنتعمد النظر من الأعلى الى الأسفل ،سنجد قاعدة شعبية اكثر تمزقاً ، في هذه القاعدة الشعبية جميعها تتكلم عن وحدة الصف ، لكن في الواقع لا احد يلتزم بتلك الوحدة ، الخلافات القائمة هي خلافات طائفية ودينية ثأرية ، انها صراعات دموية بكل المقاييس ، يجري على ارض الواقع فصل طائفي وعنصري ، الكل ينأى بنفسه من هذا الواقع ، لكن الكل يساهم بهذا الصراع ، في عراق اليوم إما انت قاتل او مقتول وفي حالة افضل إما مشرد او مهاجر او خائف مرتعد لا تنام ليلاً لأنك لا تؤمن على حياتك في الوصول الى عملك او في العودة منه سالماً . وأنت في هذا الطريق ترتفع امامك الأسوار الكونكريتية  لتعزل هذه المنطقة في هذه المدينة العراقية عن المنطقة المجاورة لها المنطقة ، او لكي تحمي هذه الدائرة الحكومية من القصف ، وكأننا في ساحة المعركة حيث المواضع والأسوار الأسمنتية للحماية من العدو المتربص .
هذا هو الواقع حين النظر من الأعلى نحو الأسفل ، ولكن ماذا لو نظرنا من الأسفل نحو الأعلى ، اي من قاع الوطن ومن واقع اليومي للمواطن ويمعن النظر نحو الأعلى حيث الطبقة السياسية الحاكمة ، وهذه الطبقة كانت قد افرزتها الطبقة المعارضة لحكم صدام ، التي استطاعت ان تقنع اميركا بضرورة إسقاط حكم صدام ، ولتشكل  هي ( المعارضة العراقية ) بديلاً  ديمقراطياً لنظامه الدكتاتوري ، وفعلاً اسقطت اميركا وحلفائها حكم صدام وسلمت الحكم بطبق من ذهب الى المعارضة التي كان قد خيم عليها في نهاية الأمر النوازع الطائفية والمذهبية والقومية والدينية ، وأصبح الوطن العراقي في خبر كان ، وفي احسن الأحوال في المرتبة الثانية ، بعد الأنتماءات الطائفية .
قد يكون من البديهي ان تحدث هذه الحالة ، فإذا طرحنا من المعادلة المعارضة من المكون الكوردي التي كانت في اقليم كوردستان ، فإن فصائل المعارضة الأخرى ، قبل سقوط حكم صدام حسين ، كانت بحماية الدول المجاورة ، وديمومتها كانت بتمويل من هذه الدول والتي يمكن تشخيصها بدون عناء وهي سورية وأيران والسعودية وتركيا ودول الخليج ، هذا اضافة الى اميركا والدول الأوروبية التي كان دعمها لكل الجهات دون تمييز ، فمثلاً ايران كانت تدعم المعارضة من المكون الشيعي ، والسعودية والخليج يدعمون التوجه العروبي مع الوقوف مع المعارضة من المكون السني ، وهكذا يمكن الزعم ان معارضة الأمس اي حكام اليوم طفقوا يوفون او يدفعون جزء من الدين الذي بذمتهم .
 استمر ولاء كل فئة الى الجهة او الدولة الداعمة لها ايام المعارضة ، واصبحت الطبقة السياسية الحاكمة في العراق تتحرك في الساحة السياسية العراقية وفق من تمليه عليها واجب الإخلاص للدولة صاحبة الفضل ايام المعارضة ، هكذا اصبحت الساحة العراقية ساحة الصراع بين مصلحة الأجانب ، ولا تمليها مصلحة العراق العليا ، فكان الترااشق السياسي بين التيارات بإيعاز من دول الجوار ، وتكون هذه التيارات بمثابة بيادق الشطرنج يحركها الجيران حسب مصالحهم ،هكذا اصبح العراق بمنأى عن النجاح والتقدم واكتسب مناعة ضد الآستقرار والتعايش والرخاء والهدوء والسلم المجتمعي .
وبعد السرد الممل لهذا الواقع المزري علينا التفكير ملياً للخروج منه ، ويبدو لأولة وهلة انه من المستحيل تخطيه ، لقد مرت الشعوب بتجارب مريرة مماثلة لكنها في نهاية المطاف استطاعت تخطي تلك المصاعب والعبور نحو مرافي السلام والتقدم ويمكن بهذا الصدد ان نتصدى لمختلف النواحي التي تسبب هذا الواقع المرير وفيما يلي من السطور نحاول ان نسلط الأضواء على تلك النقاط مع وضع المعالجات لتلك الأمراض وحسب رأينا المتواضع .
اولاً : ـ
لا شك ان الأرهاب يعتبر المعضلة الأولى التي تحول دون استقرار الأوضاع في العراق وفي دول عديدة اخرى . وفي الحقيقة فإن العمليات الإرهابية ، ولا نقول الإرهاب ، لأن العمليات الأرهابية في العراق توجه اصابع الأتهام نحو القوى الأسلامية السلفية وضد البعثيين وضد قوى سياسية مشتركة في العملية السياسية ، وحينما تتشابك وتتراشق التيارات السياسية في العراق نلاحظ اشتداد وتيرة العمليات الإرهابية منها تفجير السيارات المفخخة او بواسطة الأحزمة الناسفة او بزرع عبوات ناسفة او الأغتيال بواسطة الأسلحة المكتومة الصوت ، هكذا تتغير الأساليب والنتيجة واحدة . كل ذلك ناجم من تفاقم الخلافات السياسية بين القوى التي تعتبر نفسها ممثلة للشعب لأنها تعتلي الكرسي عن طريق الأنتخابات الديمقراطية ، ونحن نتساءل هنا هل ان اللجوء الى العمليات الأرهابية هو جزء من تلك الديمقراطية ؟
الواضح على الساحة العراقية عمليات الأنتقام الطائفي ، منه الأنتقام من اتباع الأديان غير الإسلامية كالمسيحيين والصابئة المندائيين والإزيدية ، وثمة صراع طائفي محتدم آخر بين الإسلام انفسهم وهو بين السنة والشيعة ، ويصل هذا الصراع الى درجة تفجير مجالس العزاء لهذا الطرف او ذاك وتفجير الأماكن المكتضة بالسكان للسنة او للشيعة بغض النظر عمن يكون هؤلاء الضحايا .
وهنالك العمل الإرهابي الذي يكفر الجميع ولا يميز بين دين او مذهب .
 إذن هنا نحن امام معضلة كبيرة ينبغي وضع الحلول المناسبة لها ، لكي نخلق اوضاعاً طبيعية يعيش المواطنون بشكل آمن وسليم ، وهذا ما يحث العراقيين المغتربين الى العودة كما ينعش السياحة الى العراق ، وأهم ن كل ذلك فإن الأوضاع المستقرة تجذب أصحاب رؤوس الأموال والشركات للقدوم والمنافسة لإقامة مشاريع إعمارية واستثمارية في العراق وكما هو حاصل في اقليم كوردستان الذي تتنافس الشركات للعمل في ربوعه ويشهد حركة متميزة من التنمية والبناء والتعمير .
د. حبيب تومي ـ القوش في 10 ـ 11 ـ 2013
يليها الجزء الثاني

59
اروع تجربة لتضامن الشعب الكلداني وكنيسته في ساندييكو بأمريكا
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
تكاد اميركا تمثل الوطن الثاني للشعب الكلداني بعد رحيله من وطنه الأصلي بلاد ما بين النهرين ، ففي هذا البلد اكبر تجمع كلداني بعد الوطن العراقي ، وأصل الوجود الكلداني في امريكا ليس وليد الهجرة الحالية التي جاءت بعد نهوض الأصولية الإسلامية في العقود الأخيرة ، بل ان الوجود الكلداني كان قبل ذلك بعقود بل بقرون ، فقد كان اول شرقي وصل الى العالم الجديد هو الكلداني : إلياس الموصلي الكاثوليكي الكلداني وهو قسيس ورحالة يعتبر أول عراقي ومشرقي ومن العالم العربي وصل إلى قارة أميركا وكان ذلك عام 1668 م حيث ان اكتشاف اميركا من قبل كريستوف كولومبوس كان في العقد الأخير من القرن 15 الميلادي .
وفي مطلع القرن العشرين كان الكلــــــــــــــــــــدان التلاكفة هم السباقون بمغامرة السفر  الى اميركا حيث ان السفر في تلك العقود كان يحمل الكثير من المخاطر والأهوال منها ما يرتبط بقطاع الطرق وغياب سلطة الدولة وانتشار مناطق النفوذ لهذه القبيلة او تلك ، إضافة الى مخاطر الإبحار عبر الأطلسي بتلك المراكب التي غالباً ما تكون لقمة سائغة للبحر تحت تأثير العواصف والرياح والأمواج العاتية .
اجل لقد وصل هذا القوم الى اميركا ، وكانت هنالك شعوب قادمة من شتى انحاء الأرض الى العالم الجديد ، واستطاع هذا القوم ان يحتفظ بهويته وقوميته الكلدانية مع ذلك الخليط من شعوب الأرض التي استوطنت العالم الجديد  ( امريكا اليوم )، لقد كتب هذا القوم اسمه ( CHALDEAN) بأحرف من نور لكي يبقى على مدار تاريخ هذه الدولة ، وهكذا بقي الشعب الكلداني مخلصاً لأسمه (CHALDEAN ) ولم يشجل اسمه كلدوآشوري ، او ، كلدان سريان آشور ، أو سورايي ،  أنما سجل اسمه بسجل القوميات باسم القومية الكلدانية(CHALDEAN) لا غير .
قد يكون من المفيد ان نعود الى مقال منشور حالياً على موقع عنكاوا بقلم الأستاذ صلاح سليم علي تحت عنوان :
رحلة رئيس اركان الجيش الالماني المارشال هلموت فون مولتكة الاكبر الى الموصل عام 1838 يقول فيه عن اهل الموصل  :
ويتألف سكان الموصل من خليط متنوع فبالأضافة الى السكان الكلدان وهم سكان المدينة الاصليين،هنالك العرب والاكراد والفرس والترك الذين توالوا على حكم الكلدان على نحو متعاقب [العبارة غير دقيقة لأن الفرس والكرد لم يحكموا كلدان الموصل ولاتؤيد المصادر وجود اسر فارسية في الموصل].. واللغة التي يتحدث بها اهل  الموصل العربية...
وعن رحلة فيليب جون يكتب الأستاذ صلاح سليم علي عن المكونات في الموصل وتلكيف ليست بعيدة عن هذا التكوين السكاني حيث ان المسافة بين الموصل وتلكيف هي بحدود 8 كم يقول :
ومنذئذ توالى على حكم الموصل الباشوات الذين عرفوا بجشعهم واستبدادهم..ويتالف سكانها الحاليين من خمسين الف يضمون الكلدان والسريان والعرب، فضلا عن الأتراك والكرد وأقليات أخرى .
ويضيف :
..ثم غادرت روما الى كالديا وحضرت طقوس النسطوريين الذين يعدون كلدانا بالولادة.. الخ
هكذا اليوم فإن محاولات طمس الأسم الكلداني او تشويهه او ايجاد البديل للاسم الكلداني العريق وتحت شتى الحجج لا يمكن ان تقلع اسم الشعب الكلداني من التاريخ او من الخارطة القومية العراقية .
لأسباب سياسية يحاول بعضهم دق اسفين التفرقة والفصل بين الكنيسة وشعبها الكلداني ، ويفسرون وقوف الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية مع شعبها على انه تدخل في السياسية ، وهؤلاء الفطاحل انفسهم لا يفسرون مثل هذا الموقف من الكنيسة الآشورية بأنه تدخل بالسياسة ، بل يمتدحونه ويثنون عليه .
اليوم كانت تجربة فذة اثبتت قوتها ، وهي تضامن الكنيسة مع شعبها الكلداني ، وخلفية المشكلة هي قيام عمدة بلدية الكهون في سانتييكو بكاليفورنيا بإطلاق تصريح مسئ للشعب الكلداني ، وفي البداية طالب الشعب الكلداني في سان دييكو رئيس بلدية الكهون بتقديم إعتذار علني حسب الرابط (1)
الرابط رقم (1)  
http://www.kaldaya.net/2013/News/10/Oct23_A1_ChaldeanNews.html
حيث ورد فيه :
قام مجموعة من أبناء شعبنا الكلداني بمواجهة مدير بلدية الكاهون (سان دييكو) مارك لويس خلال الاجتماع الشهري للمدينة يوم الثلاثاء الماضي (22/10/2013) وطلبوا منه ان يعتذر للكلدان عن تصريحات عنصرية ضد الكلدان قالها لإحدى المجلات المحلية.
وقد حضر في مقدمة هذا الاجتماع سيادة المطران سرهد راعي ابرشية مار بطرس الكلدانية الكاثوليكية والسيد مارك عرابو مدير جمعية المخازن والسانتور الكلداني وديع ددة والكثير من أبناءنا الكلدان الذين عبروا عن غضبهم عن هذه التصريحات الاستفزازية.
في البداية لم يستجب مارك لويس لمطالب أبناء شعبنا ولكنه اضطر هذا اليوم الخميس الى تقديم استقالته تحت الضغط الجماهيري وردود الفعل من مختلف الشخصيات الرسمية في مدينة سان دييكو.
وحسب الرابط (2)
http://www.kaldaya.net/2013/News/10/Oct25_A1_ChaldeanNews.html
وكذلك موقع عنكاوا الذي نشر الخبر تحت عنوان استقالة مدير بلدية في سان دييغو الامريكية بعد تصريحات ضد الكلدان وحسب الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,707043.0.html
وفي نفس السياق كتب الأستاذ مؤيد هيلو مقالاً تحت عنوان :دروس وعبر من إستقالة عمدة مدينة الكهون ،وحسب الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,707603.0.html
يقول عن العبر والدروس التي يمكن الأستفادة منها :
أن المجتمع الكلداني أو (أي مجتمع) إذا تكاتف وتعاون أثمرت جهوده في أي مجال ومهما كانت الصعوبات.
كما ان إلتفاف الشعب الكلداني وتعلقه المصيري بكنيسته الكلدانية الكاثوليكية المشرقية علامة الرجاء والخلاص لهذا الشعب المؤمن ... ويضيف :
بأننا نحن الكلدان احوج ما يكون اليوم الى توحيد صفوفنا سواء في المهجر أو في الوطن الأم ونحن على أعتاب إنتخابات برلمانية مطلع العام القادم لنتمكن من إيصال صوتنا الوطني الأصيل الى من يهمه الأمر ونوقف التداعي والتهميش بحق كلدان الوطن .  
اجل ينبغي على الشعب الكلداني ان ينهض ، إنه يتعرض الى هجمة شرسة من قبل قوى الإرهاب على خلفيته الدينية وبعد ذلك يتعرض ال هجمة شرسة اخرى على خلفيته القومية الكلدانية ، وهذا الوضع يحتم عليه ان يوحد صفوفه ، وتوحيد الصفوف نعني به الكنيسة والعلمانيون على حد سواء ، وعلينا ان نقتدي بمواقف مماثلة لمكونات مسيحية تتعرض لحالة الإقصاء والتهميش مثل الأقباط في مصر والسريان في سورية والموارنة في لبنان والآشوريون في العراق وأيران ، حيث ان جميع هذه الكنائس تقف مع شعوبها دون تحفظ  لأن شعوبها معرضة للأستئصال والأندثار وهي ملزمة للوقوف معها .
على كنيستنا الكاثوليكية الكلدانية ان لا تنطلي عليها إدعاءات بعض الأحزاب القومية المتزمتة ومن الموالين لها من بعض الكتاب من ان الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ينبغي عليها ان تنأى بنفسها عن هموم شعبها القومية بحجة عدم التدخل بالسياسة ، إنه شرف كبير للكنيسة ان تقف مع شعبها قومياً ووطنياً ، بل انه من صلب واجبها حينما يكون شعبها مضطهداً ومهمشاً وطنياً وقومياً .
وأخيراً وليس آخراً عسى ان لا يصيب الكلدان ما سماه هاملتون الموت التاريخي ، فنحن الكلدان نحتاج مراجعة النفس وتوحيد الصفوف لكي تبقى جذوة الأمل متوقدة مع وجود الضوء الأخضر لكل من ينشد الحياة والمستقبل وإن طال زمنه الى حين .

د. حبيب تومي القوش في 03 ـ 11 ـ 2013

60
محاولات يائسة للإيقاع بين مؤسسة البطريركية والنخبة القومية الكلدانية
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
المقدمة
نستخدم مصطلح الناس التي يكون همها الأول العيش الرغيد بأجواء الحرية والأستقرار والأمان والسلام الأجتماعي ، وإذا حولنا مصطلح الناس الى مصطلح الشعب او مصطلح الجماهير ، سوف نخطو خطوة نحو تخوم السياسية والحقوق القومية والسياسية  والمدنية ، وفي كل الأحوال فإن الطبقة المهتمة بالحقوق السياسية والقومية تتكون من اقلية ضئيلة قياساً بالأكثرية الساحقة المهتمة بالهموم الحياتية اليومية الروتينية من اسباب المعيشة والعلاقات الأجتماعية والدينية ، ويمكن وضع المثقفين مع الطبقة المهتمة بالشؤون السياسية والقومية ، فالمثقف المبدع يرى ما لا يراه غيره من نواقص وسلبيات الإداء وهو يسخّر قلمه لتشخيصها وتسليط الضوء عليها وعلى منظومة الحقوق والواجبات ، فيعمل على بث ونشر الوعي بين طبقات الشعب من اجل النهوض بالمطالبة بتلك الحقوق .
 الثورات لا تتولد نتيجة وجود الظلم ، إنما الثورات تنشب حين الشعور بوجود ظلم ، كانت طبقة العبيد في العصور القديمة راضية بمصيرها ، ولم يكن ثمة مشاعر بوجود ظلم ، فكانوا مؤمنين بقدرهم وبمصيرهم ، فلم يكن عبر التاريخ ثورات كثيرة للعبيد ضد اسيادهم ، وربما الكثير من القراء قد اطلع على قصة السيد والعبد ، في الأدب العراقي القديم ، وكيف ان العبد يغير رأيه مع رأي السيد بين لحظة وأخرى ويكاد يكون العبد كظل ملازم للسيد حتى بطريقة تفكيره وتبدل مزاجه ، ولا يسمح المجال لإيراد القصة . هنا على الكاتب الكلداني ان ينهض بمسؤولية في التوعية فيحث شعبه على المطالبة بحقوقه القومية والسياسية في الوطن العراقي وفي اقليم كوردستان .
بعد هذه المقدمة المملة ، أقول :
هنالك نخبة كلدانية مثقفة ، لا تطمح ان يكون للشعب الكلداني حياته الأجتماعية المستقرة فحسب ، بل تعمل ان يكون لهذا الشعب حقوقه القومية والوطنية والسياسية في وطنه العراقي وفي اقليم كوردستان ، وهذه الطليعة او النخبة المثقفة بدأت قليلة العدد في البداية لكن بمرور الوقت توسعت وهي تعمل من اجل النهوض بحقوق الشعب الكلداني .
ثمة حاجة ماسة ان يكون تفاهم وتفاعل بين الشعب وكنيسته الكاثوليكة الكلدانية اسوة بما هو وارد بين مؤسسة الكنيسة الآثورية وشعبها ، ولكن في حالة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية وشعبها نلاحظ  من يتسارع لزرع العصي في دولاب عربة العلاقات بين مؤسسة الكنيسة والنخبة القومية الكلدانية ، وهؤلاء يروّجون لاعلام مفاده :
ان الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ينبغي ان تنأى بنفسها عن تخوم السياسة ، والغريب العجيب ان هؤلاء انفسهم يباركون تورط الكنيسة الآشورية بالسياسة والمسائل القومية بل ان الكنيسة الآشورية تظهر بصورة جلية انها مهتمة بالشأن القومي الآشوري اكثر من الأحزاب القومية الآشورية نفسها ، وهؤلاء الكتاب لا يحركون ساكناً إزاء هذا التدخل بل يكيلون المديح له ، وهذه مفارقة غريبة لقابلية هؤلاء  بالكيل بمكيالين.

وبرأيي المتواضع اقول لمؤسسة البطريركية الكاثوليكة الكلدانية الموقرة :
 إن وقوفها مع الطموحات القومية لشعبها الكلداني لا يعني مطلقاً التورط  في دروب السياسة الشائكة ، إنه موقف إنساني ووطني ان تقف مع شعبك .
لقد استغل هؤلاء المتربصين لكل توجه قومي كلداني ، استغلوا الخطاب المحدود لغبطة البطريرك بأن للكنيسة توجهاتها الدينية ، وفاتهم ان الكنيسة يجب ان تبقى مع هموم شعبها إن كانت اقتصادية او اجتماعية او ثقافية او سياسية ، والكنيسة وشعبها جسم واحد وكيان واحد ، وإن غرقت السفينة سوف يغرق الربان والطاقم والشعب ، وهكذا دأب هؤلاء الكتاب المعادين لطموحات الشعب الكلداني دأبوا على العزف على وتيرة فصل الكنيسة عن السياسة ، ونحن مع هذا الفصل ، لكن المسألة هنا تأخذ ابعاد اخرى حينما يحاول هؤلاء الحريصين على فصل الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، بينما يلفهم صمت القبور حينما يتعلق الأمر بتدخل الكنيسة الآشورية بالسياسية من اوسع ابوابها فنلاحظ  هؤلاء (الحريصين جداً ، والذين يذرفون دموع التماسيح على مصلحة الكنيسة ) نراهم لا يحركون ساكناً إزاء التدخل الكنيسة الآشورية الصارخ بالسياسة ، فأين انتم ايها السادة ؟ لماذا حرصكم هو للكنيسة الكاثوليكية الكلدانية فحسب ؟
أجيبونا رجاءً إن كان لكم جواب حقاً .
لقد اصدر البطريرك الكاثاوليكي الكلداني غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى نداءه بدعوته الكريمة لوضع حدود للهجرة في ندائه للعودة الى الوطن ، وكانت هنالك مناقشات موضوعية وواقعية باسلوب حضاري ، ولكن كان من يحاول التصيد بالمياه العكرة ، آملين في دق اسفين التفرقة بين الكنيسة وشعبها الكلداني .
 لقد كانت مناقشات هادئة رصينة لموضوع محدود وفات هؤلاء المتصيدين ، بأننا نناقش على محورين الأول ن الجانب الكنسي اللاهوتي المقدس وهذا لا شأن لنا به ، لكن نحن نناقش الجانب العلماني لمؤسسة الكنيسة وليس لنا اي تدخل بالجانب الديني اللاهوتي فهذه ليست مهمتنا ، ومن هذا المنطلق فأمامنا فضاء ديمقراطي وأقصد الديقراطية الشخصية المتجسدة برحابة صدر غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى وأستعداده لسماع الرأي الآخر وفتح المجال له ، الذي ربما يكون مخالفاً لرؤيته، فهذه هي الكتابة وهذه الديمقراطية ، وفات هؤلاء المتربصين ان البطريرك يحمل مع فكره السامي اللاهوتي الديني ، يحمل فكر ديمقراطي متفتح لسماع الرأي الآخر .  
 وفي توضيح لندائه الخاص بالحد من الهجرة وعودة المهاجرين يقول :
اود ان اعرّب عن شكري لكل من ردّ او عقّب أو علّق على ندائي،  ولا ضيرّ ان تجاوز أحدٌ في ما كتب.. اني اب و اخ ولا يمكن ان احقد على احد ... إنني لست حالماً ولا واهماً ولا سياسيًّا ولا قوميًّا متطرفًا ولا مسيحيًّا منغلقاً ولا أمسك بعصا سحرية .. ويضيف :
 لم يكن في نيتي بأي شكلٍ من الاشكال احراج احد او اهانة احد او تجريح احد، لكنني من منطلق مسؤوليتي وحرصي  شددتُ على التعلق بالوطن والارض والاهل والجيران وعلى لعب دورنا كمسيحيين " ساعين للسلام".. هذه تقاليدنا وقيمنا، يقينا ان الارض ليست ملكوتا – فردوسا ولا منفى ولا صحراء ولا ذاكرة محنطة  لشكل الوطن والناس!
وفي الختام يقول غبطته :
الفسحة امامنا واسعة، وبمقدورنا  الان وليس غداً عمل شيء كبير ان تكاتفنا و تعاونا بمحبة وسخاء. عندها يقوم البناء رويدا رويدا باختلاط عملنا ومهاراتا واسمائنا وباختلاف وجوهنا،  وستتدفق الحياة وما أجملها!
ليتحول كل واحد من الكلام الى الفعل!
والتوضيح منشور حسب الرابط ادناه :
http://www.saint-adday.com/index.php/permalink/5143.html
في الختام ككاتب متابع لأمور شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين الذين نشترك بوشائج تاريخية وثقافية ولغوية ، يطفو على السطح سؤال مفاده :
إن كان هذا النداء موجه لكل مسيحيي العراق ، فمن المنطقي ان يكون موجه بالدرجة الأولى لقداسة البطريرك مار دنخا الرابع بطريرك الكنيسة الآشورية ، ليكون قدوة لشعبه الآشوري في العودة الى العراق ، وعسى ان نقرأ عن جواب لهذه الكنيسة لنداء غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى . كما قرأنا جواب الكنيسة الآشورية على دعوته الكريمة للوحدة بين كنائسنا .
 الملاحظة الأخرى التي اراها ضرورية ان يكون للمطارنة الكلدان الأجلاء ، ان يكون لهم رأي واحد صريح وشجاع وأن يقفوا مع شعبهم الكلداني وطموحاته القومية الكلدانية بكل شجاعة وإخلاص ، لنكون جميعاً يداً واحدة وقلب واحد لترسو سفينة شعبنا الكلداني على بر الأمان .

دمتم جميعاً بخير
د. حبيب تومي في 25 ـ 10 ـ 2013

61
البطريرك الكاثوليكي للشعب الكلداني من قلب العاصفة ينادي : يا مهاجرين ارجعوا
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
الشعب الكلداني العريق والبطريركية الكاثوليكية الكلدانية كان لهما حضور ناجز في الساحة السياسية العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في اوائل العشرينات من القرن الماضي ، وكان موقف البطريرك الكاثوليكي الكلداني مار عمانوئيل الثاني توما ( ت 1947 ) مشهوداً له في دوره الفعال في تأسيس الدولة العراقية الحديثة ومن ثم كان لهما الدور المميز في بناء الدولة العراقية الحديثة ، كمواطنين عراقيين مكانتهم المواطنة من الدرجة الأولى من ناحية التمثيل في مجلسي النواب والأعيان وفي التركيب الوزاري الحكومي إضافة الى التعامل المجتمعي المعتدل .
كان للبطريرك الكاثوليكي الكلداني مار عمانوئيل الثاني توما الدور الكبير والحاسم في انهاء الأزمة التي المت بألقوش نتيجة قدوم ( لا نقول لجوء لكي لا يزعل المتربصون لاستعمال مصطلح اللاجئين الى القوش ) من الأخوة الآثوريين وتطويقها من قبل القوات الحكومية المدعومة من قبل عشائر المنطقة للانقضاض على القوش ومن فيها ، فكان وقوف الشعب الكلداني في القوش الى جانب اخوانهم المسيحيين الآثوريين ، مع ما رافق ذلك من اتصالات مهمة مع اصحاب الشأن من قبل البطريرك الكاثوليكي الكلداني ، فكان حل المشكلة ( فايدوس ) بالطرق الدبلوماسية السلمية ، لقد استمرت البطريكية الكاثوليكية للشعب الكلداني بنهجها المتميز المعتدل هذا في العقود اللاحقة بعد تبدل الأوضاع السياسية وسقوط النظام الملكي وتوالي الأحداث والحروب الداخلية والخارجية التي كان العراق متورطاً فيها .
بعد سقوط النظام في عام 2003 تغيرت الأوضاع بشكل جذري إذ خيمت اجواء الإرهاب والعنف الدموي على الساحة العراقية وكانت النتيجة المنطقية لتلك الأوضاع الهجرة شبه الجماعية من بغداد والمدن العراقية ، وكان للكلدان وبقية مسيحيي العراق والمندائيين حصة الأسد من تلك الهجرة قياساً الى حجمهم الديموغرافي الضعيف في المدن العراقية ، إضافة الى ذلك فقد تعرض شعبنا الكلداني الى تهميش متعمد في الساحة السياسية والقومية العراقية .
ونعود الى موقف البطريركية الكاثوليكية الكلدانية المتميز رغم كل تلك الظروف ، فقد كان الكاردينال البطريرك المستقيل مار عمانوئيل دلي يصرح بأنه آخر مسيحي يترك بغداد . اليوم يجلس سعيداً غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى في قلب العاصمة العراقية ، مع المطارين والآباء والراهبات والشمامسة ورواد الكنيسة من العلمانيين . ولا ريب ان بغداد تشهد منذ فترة ليست بالقصيرة الكثير من العمليات الإرهابية والعنف الدموي ، إن ذلك يتجلى في مدى الأحترازات والأحتياطات الأمنية من قبيل انتشار نقاط التفتيش في المدينة وارتفاع الحواجز والسواتر امام الدوائر الحكومية وقد لاحظنا مثل هذه الأجراءات ونحن نقترب من مقر البطريركية الكاثوليكية الكلدانية في منطقة المنصور ببغداد ، وأنا اتذكر حينما كنت اقابل المرحوم البطريرك مار روفائيل بيداويد ، في مطاوي التسعينات من القرن الماضي ، حيث لم يكن هنالك حارساً واحداً امام البطريركية .
لا ريب ان الأجراءات الأمنية المشددة اليوم هي النتيجة الحتمية للوضع الأمني المتردي في مدينة بغداد .
لكن يبدو لأول وهلة ان كل شئ طبيعي وعادي إذ لاحظت امامي انا القادم الى بغداد ومن خلال تجوالي في شوارعها ومراجعتي لبعض دوائرها ومعالمها ، بأن الحياة تسير بمجراها الطبيعي لا شئ استثنائي ، الوضع طبيعي وهادئ ولم اجد ما يعكر صفو هذا الهدوء لحد الآن ، هذا على الأقل إذا ما اهملنا امر الأخبار التي تتسرب عبر الاعلام المرئي والسمعي والمقروء عن العمليات الأرهابية التي تستهدف الأسواق الشعبية ومجالس التعازي للسنة او الشيعة او التي تستهدف المسيحيين وغيرهم ، ولكن إذا احجمنا عن سماع تلك الأخبار ، وقمنا بجولة في مدينة بغداد العاصمة وشوارعها ومعالمها سوف نجد ان الحياة تسير بمجراها الطبيعي ولا شئ استثنائي في الوضع الأمني ، لكن سرعان ما يطفر تساؤل مفاده : إن كان كل شئ طبيعي واعتيادي فلماذا نصبت كل هذه الحواجز والكتل الأسمنتية وعزلت الدوائر الحكومية وغيرها بأسوار عالية ؟ ولهذا الكثير من يقول : ان الهدوء هذا مرشح لأن يكون يسبق العاصفة المتوقع وقوعها في اية لحظة .
إن صدى العمليات الأرهابية يتجلى في سلوك ونفسية العوائل التي اخالطها وأعيش في ضيافتها ، حيث لا يخرجون من البيت الا من اجل الألتحاق بالعمل او من اجل التسوق ، والأطفال حبيسي اسوار البيت او ربما في حديقة البيت فلا مجال للعب امام البيت في الشارع كما يتوق اليه الأطفال ، اما الليل فهو طويل وكئيب ، وإن طرق احدهم الباب ليلاً فهذا يعني كارثة ، فالخوف والهلع يحيط بالعائلة ، سمعت لدى حضوري واحدة من التعازي ، ان مسلحين استطاعوا دخول البيت بعد ان كسروا ( كتيبة = ستار حديدي يحمي الشباك من الخارج ) وأدخلوا طفلاً ، الذي فتح الباب من الداخل لتجد العائلة نفسها انها تحت تهديد السلاح والمطلوب تفريغ ما عندهم من ذهب ونقود لتسليمها لهؤلاء اللصوص ، والسلطات الحكومية ملتهية في حماية نفسها .
أجل انها اجواء ارهابية ، وكل يفكر في كيفية الأفلات والتخلص من هذه الحالة التي هي فوق تحمل البشر في هذه الأجواء المحفوفة بالمخاطر .
من جملة طموحات البطريرك الكاثوليكي للشعب الكلداني وضع حد للهجرة التي تعتبر نزيف خطر يهدد الوجود الكلداني وبقية المسيحيين ، وإفراغ العراق منهم بعد ان شكلوا القسم الأصيل من المجتمع العراقي لآلاف السنين.
فلماذا لم يفرغ العراق عبر القرون الماضية رغم وجود مختلف انواع الظلم والتفرقة الدينية ؟ الجواب يتلخص في انهم كانوا يتحولون الى الدين الإسلامي للخلاص من تلك التفرقة ، وهذا ما يثبته الواقع حيث لم يبقى من المكون المسيحي بعد 14 قرن من الحكم الإسلامي سوى نسبة ضئيلة بعد ان كان العراق دولة مسيحية قبل دخول الإسلام .
السبب الثاني في الهجرة هو وجود دول لها نظرة إنسانية تمنح اللجوء الأنساني للمضظهد في بلده ، وفي دول المهجر يحترمون كرامته ويمنح حقوق مساوية لحقوق المواطن في تلك البلدان ، وهكذا يخاطر الآلاف من من الشباب معظمهم من الدول الإسلامية ويحاولون الهجرة الى تلك الدول ، والمكون المسيحي يأتي في مقدمة من يطلبون اللجوء .
اليوم يطلق البطريرك الكاثوليكي الكلداني نداءة للعودة الى الوطن وادناه نصه :
((يا مهاجرين ارجعوا أليس البلد كالولد.
أرضنا مهدُ الحضارات، عانقتنا وعانقناها.
عظيمة قرانا في سهل نينوى والعمادية وزاخو والعقرة، قائمة طويلة.
قرانا وبلداتنا ومدنُنا قامةٌ تاريخيّة عظيمةٌ، نتلهف عليها حبًّا وشوقا.ّ.
أنتم مشتون في الأرض (حتى العائلة الواحدة مشتتة) وفي الغربة والاغتراب، ماذا سيبقى منكم بعد 100 سنة أو 200؟ ماذا سيبقى من أسمائكم: إيشو ويلدا وشمعون وسركون وزيا وميخو.. ؟ ما هي النتيجة؟ النتيجة هي أنكم ستندمجون لا محالة في محيطاتكم وتذوب أسماؤكم وهويتكم وقوميتكم ولغتكم !! معظمكم يعيش الآن على المساعدات ونحن نعيش بعرق جبيننا؟! تتكلمون عن بابل العظيمة وآشور الجبارة؟ وما فائدة الكلام! أليس مجرد شعور؟ صراحة أحياناً كثيرة وجودكم في الخارج يضرنا نحن الصامدين في الداخل.
نحن لن نرحل من هنا، نبقى. صحيح لا نعرف المستقبل، بل نعرف من نحن وما تاريخُنا وهويتُنا ولغتُنا وطقوسنا وتقاليدنا وجيراننا. لذلك نبقى ملتصقين بأرضنا وناسنا وبمبادئنا وحقوقنا.
عودوا يا مهاجرين لكي نقوى ونبقى ونعمل ونتعاون في بناء الحاضر والمستقبل.. لو عدتم لصار لنا شأن ومكانة ودور. عودوا ونستفيد من مهاراتكم.. لو عدتم لغدونا القوميّة الثالثة والديانة الثانية! وإن لم تعودوا فسنبقى أقلية لا شأن لها، لكننا مع هذا نبقى ولن نرحل، نقبل أن نأكل الخبز والبصل من اجل تواصل تراثنا وشهادتنا المسيحية.
"حتى لو غابت عن السماء زرقتها فلا تغلقن النافذة أمام شعاع الأمل"
مع تحياتي الخالصة
البطريرك لويس ساكو".)) .
النداء فيه المحبة والطموح والكثير من الأمل لكن من اجل ان نستكمل الصورة من خلال بعض التفاصيل نقول ان الأمال والتمنيات والنيات الصافية والأخلاص كلها لا تشكل ارضية صالحة لاستكمال حل المشكلة العويصة الكامنة في تعقيدات الهجرة .
إن هذه المشكلة اعقد من ان تحل بنداء مهما بلغت اهدافه الإنسانية ، إنها مسالة متشعبة ترتكز على عدة ركائز اجتماعية وسياسية ودينية ، ومثل هذه المسائل لا تحل بقرارات حكومية او بنداءات ذات توجهات وطنية او إنسانية قد يكون من المنطقي ان تبحث المسألة على مراحل :
المرحلة الأولى : تقضي بتوفير الأجواء والظروف ( الأمان ، توفير العمل ، توفير السكن .. الخ ) التي هي مسببات رئيسية للهجرة ، فيصار الى الحد منها كمرحلة اولى .
المرحلة الثانية : إذا لم تنجح المرحلة الأولى ، محاولة العمل على جعل الهجرة متوازنة مع الهجرة المعاكسة ، اي يكون عدد المهاجرين مساوياً او قريباً من عدد العائدين .
المرحلة الثالثة : تفرضها ظروف العراق ، إن توفر الأمن والأمان والظروف الطبيعية للمعيشة مع توجهات لخلق دولة علمانية ديمقراطية ، يتساوى فيها جميع المواطنين وتنتهي عقلية اهل الذمة .
ثمة اعداد كبيرة من الأكراد عادوا من دول المهجر الى كوردستان بسبب ظروف الأمان والأستقرار وتوفر فرص العمل ، فيمكن الزعم بوجود هجرة معاكسة لدى الأكراد ، ولا تتوفر مثل تلك الظروف للكلدان ولبقية مسيحيي العراق .
رغم الأهداف النبيلة للنداء سيبقى حبيس الإعلام إذا لم يقترن بدراسات معمقة وجادة مع اصحاب صنع القرار في الحكومة الأتحاية وفي اقليم كوردستان .
د. حبيب تومي ـ القوش في 16 ـ 10 ـ 2013          

62
مبروك الفوز الساحق للأحزاب الآشورية (بجميع) مقاعد الكوتا المسيحية .. ولكن !!
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) كان تأسيسها حسب ادبياتها عام 1979 وتوسعت في اقليم كوردستان وكانت على اسس عسكرية رغم عدم اشتراكها بأي عمل عسكري حسب معلوماتي ، ولهذا سميت بالحركة ، ثم اتخذت قالب الحزب السياسي بعد ان جرى تحديد منطقة الحكم الذاتي في كوردستان عام 1991 وذلك تمشياً مع المحيط الجيوسياسي الكوردستاني المحيط بها . وفي نظامها الداخلي تحدد هويتها وتوجهاتها الآشورية مع فكرها الإقصائي بحق القومية الكلدانية المعروفة .
ثم كان في عام 2007 ولادة المجلس الشعبي ، الذي كان تأسيسه على هيئة مجلس يحتوي كل المكونات من الكلدان والسريان والآشوريين  ، لكن بمرور الوقت تمحور المجلس واتخذ صيغة الحزب السياسي وانحاز للفكر القومي  الآشوري في خطابه ثم عكف على خوض الأنتخابات البرلمانية فتورط في العمل السياسي ليصبح طرفاً سياسياً عنيداً بدلاً من بقائه كياناً مستقلاً يقف على مسافة واحدة من المكونات ففقد سمة الحياد بمرور الوقت . وهنالك احزاب آشورية أخرى في الساحة لكن الزوعا والمجلس الشعبي قد هيمنا على الساحة السياسية للمكون المسيحي برمته ، بسبب الدعم المادي والمعنوي لكلا الحزبين من قبل الحكومة المركزية  وجهات اخرى للزوعا ، والحزب الديمقراطي الكوردستاني للمجلس الشعبي .
في اللعبة الأنتخابية خصصت مقاعد للمكون الديني المسيحي على اسس دينية وليس على اسس قومية فمررت بجدارة الخدعة السياسية  في وضح النهار والتي عرفت بـ ( الكوتا المسيحية ) تمرر نتائجها هذه دون ضجة اعلامية فقد جرت بهدوء ودون منافسة لا من الكلدان ولا من السريان كل شئ سار كما كان مخططاً له ، الأحزاب الآشورية تهيمن على الموقف بسهولة دون جهد او تعب فكل شئ في مكانه والحمد لله لم يكن هنالك اي وجع رأس ، ولم يشترك اي من الذين يركضون وراء الكعكة ويريدون الكراسي من الأنقساميين من الكلدان او السريان  ، وبقي في الساحة الناس النزيهين الوحدويين جداً والذين يكرهون طعم الكعكة وينفرون من الكراسي ، وفازوا بشبه تزكية بجدارة بكل المقاعد ومبروك لهم ويستحقون خمس مقاعد اخرى.
هنالك من ينظر الى الجبل الجليدي العائم ، ويخمن حجمه على ما يظهر منه على سطح البحر في حين ان الحقيقة ان تسعة اعشار حجم الجبل تكمن اسفل الماء ولا يظهر للعيان إلا الشئ اليسير منه  ، فاليوم ينظر الى العُشر البارز من الجبل على ان هنالك كوتا مسيحية مخصصة للكلدان والسريان والآشوريين ، ويجري التنافس الشريف بين هذه المكونات الثلاثة ويفوز من يحصل على اكثر الأصوات ، هذا هو الجزء الظاهر الذي يمثل واحد على عشرة من الحقيقة ، لكن الحقيقة الكاملة اي التي تكمن تحت طبقات مياه البحر وتمثل معظم اجزاء الحقيقة ، هي وجود احزاب اشورية خالصة تهيمن على الساحة االسياسية والإعلامية والمالية للمكون المسيحي ، وتحتكر قنوات الأتصال بمصادر صنع القرار وتمرر ما تريد تمريره على ان احزابهم هي احزاب وحدوية وتمثل المسيحيين جميعهم ، وإن الأحزاب الأخرى خصوصاً الكلدانية منها ، هي عبارة عن احزاب انقسامية لا تمثل المسيحيين ، وهكذا فازت الأحزاب ( الآشورية ) دون وجود منافس حقيقي لها ، لا من المكون الكلداني ولا من المكون السرياني كانت وحدها في الساحة ، وادعت تمثيلها لكل المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين وهذا يجانب الحقيقة الواقع ، فالحقيقة ان هذه الأحزاب تمثل نفسها فقط وإن كانت تمثل جهة مسيحية فهي تمثل المكون الآشوري لا غيره ، لقد جرى الألتفاف على المكون الكلداني والمكون السرياني بخديعة اسمها اسمها :
                                           ((((( كوتا مسيحية )))))
 وبخديعة اكبر حينما يتغنون بادعاء فارغ بترديد مصطلح شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ، في حين امامنا في الساحة  احزاب اشورية فقط والكلدان والسريان خارجين من المولد بلا حمص ، فإلى متى يجري تمرير هذه ( الحقيقة ) ؟ وكما يقول نيشة : يا ايتها الحقيقة يا اكبر كذبة في الدنيا . نعم نحن نتعامل مع اكبر كذبة في الدنيا .

وكان يجب ان يطلق عليها كوتا آشورية فقط لكي تكتسب صفة المصداقية . فهذه الكوتا ابعد ما تكون عن تمثيل الكلدان او السريان .
مبدئياً لسنا ضد ان تكون هناك كوتا آشورية ، ومبروك عليهم تلك المقاعد ، لكن الذي ننشده دائماً ان يكون للكلدان والسريان نفس العدد من المقاعد في برلماني كوردستان وبرلمان العراق الأتحادي ، ويكون لنا سقف من الحقوق مساوياً للاخرين بما فيهم المكون الآثوري .
انا متأكد بوجود من يستعجل الأمور من الأخوة من الكلدان والسريان الراكبين موجة الأحزاب الآشورية ، وربما ينتفعون من ركوب تلك الموجة ، فيدعون ان الأحزاب الآشورية تضم بين صفوفها الكثير من الكلدان والسريان وإن من بين القوائم التابعة للمجلس الشعبي والحركة الديمقراطية الآشورية بينهم مرشحين من الكلدان والسريان  ، وإن جوابي لهؤلاء هو :
اجل هنالك كلدان وسريان يرشحون انفسهم في احزاب آشورية  لكن ايضاً ثمة من الكلدان والسريان من يرشحون انفسهم في قوائم كوردية وعربية وإسلامية والأحزاب الشيوعية  كما في الأحزاب الآشورية ، لكن ما اهمية هذا الترشيح كمكون قومي كلداني ؟ وربما المرشح الكلداني في الأحزاب الإسلامية او الكوردية او العربية او في الحزب الشيوعي يستطيع الكلداني ان يجاهر بقوميته الكلدانية ، ويطالب ببعض حقوق قومه الكلداني ، لكن المرشح الكلداني حتى الفائز من خلال الأحزاب الآشورية في الأنتخابات ، هل يستطيع ان يجاهر بقوميته الكلدانية ؟ ام يبقى تابعاً لأوامر حزبه القومي الآشوري لكي ينفذ ودون اي اعتراض ، فهل مثل هذا الشخص نستطيع ان نعتبره كلداني ، ويمثل قومه الكلداني ؟
الجواب واضح ان مثل هذا الشخص يكتفي بمنافعه الشخصية التي يستلمها ، ورحم الله حقوق شعبه الكلداني ، ولهذا ان الكلدان الفائزين ( مع احترامي لشخصياتهم ) في صفوف الأحزاب الآشورية خاصة في حركة الزوعا فإن الكلداني الفائز عليه ان يتنازل عن قوميته الكلدانية ويثبت انه موالي للقومية الآشورية اكثر من الآثوريين انفسهم وبعد ذلك يسمح له بالعبور .
بعض الكتاب الكلدان الذين يطالبون بحقوق الشعب الكلداني بإخلاص ، يُنعتون بمختلف النعوت ويقولون عنهم انقساميين ومفرقي اوصال الأمة ، وهم يركضون وراء الكعكة والكراسي اي المصالح الذاتية لهم شخصياً ، وتطلق هذه النعوت بحق الكتاب الكلدان وبحق الأحزاب الكلدانية التي لم تركب موجة الأحزاب الآشورية الوحدوية جداً جداً . ويظهر ان الأحزاب الآشورية خاصة حزبي الزوعا والمجلس الشعبي ، والذين قد فازا بجدارة ، ويبدو ان الحزبين لا يركضان وراء الكعكة ويمقتان الكرسي بشدة ، إلا ان الشعب يفرض على الحزبين الأشتراك في العملية السياسية والترشيح للمنافسة في الأنتخابات ، ولولا هذه الملحة من المسيحيين ، لما خاضا الأنتخابات لأن الحزبان بريئين من الركض وراء الكعكة ، هم رهبان متعبدين وناس مجردين من المصالح الذاتية ، ودائماً يعملون من اجل المصالح العامة ، الشعب اليوم انتخبهم وفازوا فوز ساحق لأنهم حققوا خلال السنين المنصرمة مكاسب مهمة للشعب المسيحي :
ــ  لقد تمكنوا من ايقاف الهجرة كلياً
ــ وتمكنوا من إرجاع كل الأراضي المتجاوز عليها
ــ ولم تحدث اي محاولات للتغيير الديموغرافي
ــ  لقد كان الشعب المسيحي سعيداً مرفهاً بظل الحزبين ( الزوعا والمجلس الشعبي ) ولهذا الح عليهم الشعب للترشيح لأنتخابات اقليم كوردستلن وبما انهم لا يريدون الكعكة ، لكن خجلهم وملحة الشعب اضطروا للترشيح والفوز بشبه تزكية من الشعب المسيحي .
الآن نأتي الى الشق الثاني من عنوان المقال وهو ولكن ..
سؤال يطرح نفسه  :ـ
ــ  خوض الأنتخابات يحتاج الى اموال كثيرة : 50 مليون دينار تأمينات مع 50 مليون دينار دعاية انتخابية مع 50 مليون دينار للمراقبين على مراكز الأقتراع ، هذا هو الحد الأدنى للمصاريف ، وما هو معلوم هنالك عدة جهات داعمة للزوعا في المركز وفي السليمانية من اقليم كوردستان ، اما الحزب الديمقراطي الكوردستاني يدعم المجلس الشعبي ، لكن من اين حصلت قائمة ابناء النهرين المنشقة من حزب الزوعا ، من اين حصلت على التمويل اللازم لخوض الأنتخابات ؟ التساؤلات طرحت كيف استطاع هذا الكيان من الخروج من زوعا وعلى عجل تمكن من خوض الأنتخابات والفوز بمقعد واحد في برلمان كوردستان ، من يقف وراءهم ؟ هل هي الزوعا نفسها ؟ ام هنالك جهات اخرى ؟ السؤال يبقى مطروحاً .
 ــ التساؤل الأخر هو : عن موقع عنكاوا كوم وحسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,703422.msg6120650.html#msg6120650
يقول : أن أي من المرشحين الخمسة عشر "لم يتمكن من تحقيق القاسم الانتخابي بل الجميع من فازوا بمقعد الكوتا من خلال أصوات قوائمهم".
 ويضيف الموقع :
والملفت أيضاً هو أن قائمة الرافدين (126)، حصلت على أكثر من ثلاثة آلاف صوت، دون التصويت إلى أي مرشح أي ما يقارب نصف مجموع الأصوات.
فما هو مصدر الـ3000 صوت التي لم يشخص بها اسم اي من المرشحين ؟
ــ نقطة اخرى فيها غموض : جميع الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب الآشورية الثلاثة المتنافسة قد بلغت 12968 صوت وإن الفائزين الخمسة قد نالوا 6464 صوت فقط اي حوالي نصف الأصوات الذاهبة للقوائم .وهل هذا الرقم المتواضع يمثل كل المسيحيين في اقليم كوردستان ؟ حقاً انها حالة يرثى لها .
ــ بعد ان راحت السكرة جاءت الفكرة ، فبعد ركود غبار معركة الأنتخابات ، ها هي الأتهامات المتبادلة يتعالى ضجيجها .
 في البداية الزوعا تتهم المجلس الشعبي بقيامه بمخالفات انتخابية ، واليوم حزب بيث نهرين الديمقراطي  يتهم زوعا بحصولها على اصوات غريبة في السليمانية  وباتفاق مع احد الأطراف ( لم يسميها ) حصلت قائمة الزوعا على 3000 صوت وجاء في الأيضاح المنشور على موقع عنكاوا وحسب الرابط في اسفل المقال :
 منذ اللحظة الأولى لشروع الحملة الدعائية الانتخابية، دأبت الحركة الديمقراطية الآشورية، وكما هو ديدنها، ومرشحي قائمتها بإطلاق التهم الكاذبة تجاه القوائم الأخرى لشعبنا...
وبشان حصولها على الأصوات يمضي الأيضاح الى القول :
فالمعروف للجميع أن الحركة الديمقراطية الآشورية في أوجه تقدمها لم تحصل في أي انتخابات على آلاف الأصوات في محافظة السليمانية، فكيف وأن تحصل عليها الآن وفي خضم المشاكل الداخلية التي تعاني منها وفي مناطق لا يتواجد فيها أبناء شعبنا!.
عزيزي القارئ هكذا تسقط الأقنعة ويسقط ما يسمى التجمع الكلداني السرياني الآشوري في امتحان آخر كما سقط من قبل ، لأن التجمع المذكور مهماته محصورة في محاربة اي توجه قومي للكلدان او السريان ليس اكثر والواقع المعاش يثبت ذلك .
اخيراً أقول :
 إذا ارادت الحكومتان  المركزية واقليم كوردستان إن ارادتا تطبيق العدالة والمساواة وأنصاف كل المكونات العراقية فيجب ان تكون هنالك كوتا للكلدان وأخرى للسريان وثالثة للاثوريين ، فالموافقة على مبدأ الكوتا المسيحية يعني سيطرة الطرف القوي عليها وهذا ما حصل في معظم دورات الأنتخابات المركزية وفي اقليم كوردستان ، في السياسة لا يوجد الأخوة المسيحية ، هنالك مصالح فوق كل الأرتباطات الأخرى هذه هي السياسة . ومن هذا المنطلق ينطلق الأخوة في الأحزاب الآشورية .
ويظهر من التعقيبات والبيانات المختلفة ان المعركة حامية الوطيس حتى بين الأحزاب الآشورية نفسها لقضم اكبر كمية من الكعكة التي يتنافس عليها الأحزاب الآشورية فقط وبغياب تام لأي حزب كلداني او سرياني ، فنقول مبروك الكوتا المسيحية للأخوة الآشوريون .

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,703581.msg6121482.html#msg6121482

د. حبيب تومي في 07 ـ 10 ـ 2013

63
لقائي مع الأخ علي الكلداني في بغداد
بقلم : د. حبيب تومي ـ بغداد
habeebtomi@yahoo.no
وضعت امامي برنامج لزيارة بغداد ، ومن هناك رأيت ان ازور الأخ علي الكلداني في الناصرية ، وبعد ذلك تولدت فكرة السفر الى البصرة حيث قضيت فيها 13 سنة وفعلاً اتصلت ببعض الأصدقاء ، لكن فوجئت بدعوة الأخ علي الكلداني التي يقول فيها :
تتشرف التجمعات الكلدانية في اور المقدسة الناصرية
بدعوتكم
لحضور المنتدي الثقافي العالمي والذي سوف يقام في بغداد شارع المتنبي المركز الثقافي البغدادي صباحا ومساء يوم غد الجمعة 2013،9،27
وسوف تشارك التجمعات بنشاطين .. الخ
وهكذا رأيت ان البّي الدعوة وأختصر الطريق بالسفر الى الناصرية ومن ثم الى البصرة ، لقد كان يوم الجمعة موعداً تقليدياً لزيارة شارع المتنبي الذي تتخلله نكهة تاريخية وثقافية وتراثية ، وهكذا خرجت من البيت في منطقة الأمين الثانية وانا انتظر سيارة تاكسي تقلني الى شارع المتنبي وطال انتظاري بكونه يوم جمعة ، الى ان قدمت سيارة خصوصي لاحظت عليها علامة سيارة الأجرة كما ان السيارة كانت تبدو عليها علامات التعب والإستهلاك  تماماً كالشاب الذي كان يسوقها الذي حاول ايقافها امامي لكن ضعف الفرامل ( البريكات ) جعلها تقف بعيداً عني ، فقلت للسائق الشاب ، إن هدفي هو شارع المتنبي وكما ارى ان سيارتك تبدو تعبانة ، فقال اركب يا استاذ وأنا مستعد ان اوصلك الى الموصل او الى البصرة ، فيبدو  واثقاً من سيارته ، وانا من جانبي ارتأيت ان اخوض المغامرة .
في البداية شرع السائق يشرح مميزات سيارته ثم اشار الى نوع العطل البسيط ، ولكن في الطريق كانت تتقطع وتحاول ان تقف وهو بدوره يضخ لها الوقود لكي تستمر في السير ، وأراد الأنعطاف نحو شارع الجمهورية فتبين انه مقفل امام السيارات القادمة فكان عليه الدخول نحو  شارع الرشيد وازدادت مصاعب تواصل السير ، وأخيراً توقفت بعد وصولنا الى بناية البريد وأبت السيارة ان تتواصل إذ انطفأ محركها  وانقطع السير وراءنا وتعالت ابواق ( هورنات ) السيارات وراءنا ، فعرضت على السائق ان يأخذ الأجرة وأن اساهم في دفع سيارة لنركنها الى جانب الشارع لكي نسمح للاخرين بالمرور ، وهكذا كان علي ان اقطع شارع الرشيد سيراً على الأقدام الى شارع المتنبي ، لكن بعد تقاطع حافظ القاضي كان شارع الرشيد مخصصاً للمشاة فحسب ، إذ ليس صالحاً لمرور المركبات وربما لدوافع امنية ، وعلى العموم فإن ما آل اليه حال شارع الرشيد اليوم يبعث على الألم والبكاء ، انه مكب لرمي القمامة تنتشر فيه المطبات والحفر ويبعث الكآبة في النفس بدل  انبعاث عبق التاريخ الذي اشتهر به .
في شارع المتنبي كان كما الفيته ايام زمان من المعارض الأرضية للكتب وتزاحم الرواد واصوات الباعة وانتشار المصوريين والإعلاميين ، ولفت نظري وجود الكثير من الشابات السافرات في الشارع وفي المركز الثقافي البغدادي في مبنى القشلة والساعة البغدادية القريبة ، وفي تلك الساحات تواعدت مع الأخ علي ايليا الكلداني في المركز الثقافي البغدادي وكان قد حجز خيمة لنشاطه الذي يشمل معرض صور لنشطات جمعيات المجتمع المدني المرتبطة معه وهي :

1 ـ جمعية اور
2 ـ رابطة أطفال محبة فرج رحو
3 ـ رابطة نساء الكلدان
4 ـ فرقة عينكاوا الجنوب للتمثيل
5 ـ جماعة اللاعنف الطلابية .
وكان الأخ علي الكلداني يرحب بالزائرين ويشرح لهم منظمات المجتمع المدني هذه تعمل على وضع المحبة والوئام بقلوب المكونات العراقية ، وهي تقوم بزيارات لكل المكونات في مناسباتها وأفراحها وأتراحها ، ان كان هذه المكونات من الأسلام او من المسيحيين او من المندائيين المهم هو إعلاء شأن الهوية العراقية وخلق اجواء القبول والتعايش بين تلك المكونات العراقية .وقد ورد في فولدر الجمعية :  بأن الجمعية هي نواة فكرية تؤسس لثقافة وطنية داخل المجتمع العراقي من خلال استراتيجية فكرية وعملية متكاملة تهدف تحقيق التواصل والقترب في وجهات النظر الوطنية المختلفة .. وإعادة صياغة مفهوم التعايش السلمي وفق المبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان والقيم والأعراف الدولية بإطار الوطن الواحد بعيداً عن كل الأعتبارات الضيقة والفئوية .
هذا ورحب الأخ علي الكلداني بزيارتي كما كنت سعيداً بلقائه ، وقد اختصر سفرتي الى الجنوب بلقائي معه في بغداد ، وأهدى لي مجسم لزقورة اور الكلدانية  التاريخية ، كما اخذنا صور كثيرة مع الزوار وكان جلهم من الشباب والمهتمين بالثقافة وكانت اجواء جميلة للحوار والتفاهم تتخللها اجواء الموسيقى العراقية وقرءة أشعار وقصائد الشعر وعرض الأعمال الفنية ...
وقد علق احدهم على لافتة مكتوب عليها ( ابناء اور المقدسة ) واقترح علينا التفكير في إسباغ لفظة المقدسة على مدينة اور ، فاقترحت على الأخ علي ايليا الكلداني ان تبدل العبارة المذكورة بعبارة ( ابناء اور الكلدانيــــــــة بدلاً من اور المقدسة ) وهي اقرب الى الواقع حيث ان ابونا ابراهيم الخليل قد خرج من اور الكلدانيين .


الأخ علي الكلداني له طموحات مشروعة ، وبين حاجته للترويج الإعلامي لنشاط جمعياته ، كما انه من الضروري دعوته الى مؤتمرات ونشاطات كلدانية ، ويجب ان لا نهمل المسألة المادية التي تكون ضرورية للقيام بأي نشاط .
الأخ علي الكلداني يرتأي ان المشاعر القومية هي مشاعر وجدانية وليست بالضرورة متعلقة بالدين ، فالدين الواحد قد يتضمن ابناء عدة قوميات ، او اصحاب القومية الواحدة يمكن ان يتضمن ابناء عدة اديان ، ويضيف بأن لهم مشاعر قومية كلدانية .
وحسناً فعلت البطريركية الكاثوليكية الكلدانية حينما وجهت الدعوة لأبناء اور الكلدانية من الأخوة المسلمين بحضورهم  مؤتمر التعليم المسيحي ، فقد كتب الأخ علي الكلداني :
 




 
بالالتفاتة الرائعة والأبوية الطيبة من قبل غبطة سيدنا مار لويس روفائيل الأول ساكو  شارك وفد من كلدان الناصرية  بالمؤتمر التعليم المسيحي حيث التقى الوفد بداية بسيدنا شليمون وردوني  ، تم الترحيب بهم اشد الترحيب وأيضا تم إلقاء كلمة من قبل الوفد الكلداني الناصري وقد تحدث السيد علي إيليا الكلداني قائلا :
بداية اشكر الرب علي إتاحة هذه الفرصة لي بان التقي مع أبناء عمي وأيضا الشكر الكبير لغبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو علي أتاحه الفرصة لنا بالمشاركة بهذا المؤتمر  الذي تعلمنا به أشياء كثيرة وقرب بيننا وبين أبناء عمنا حيث تم اطلاع الجميع على أعمال ونشاطات التجمعات الكلدانية في أور المقدسة الناصرية وما قدمناه خلال ثمانية سنوات سابقة من عمل وجهد وعزيمة واعتزاز باصوالنا ومنبعنا الأصلي الكلداني حيث صفق الجميع بكل حرارة لنا فبارك الله للجميع وحفظ أبناء شعبي أينما كانوا .
اجل انها خطوات مهمة للتفاهم والتعايش المجتمعي لكي يرفل وطننا في ثياب الأمن والأستقرار  بين مكوناته الجميلة .
د. حبيب تومي ـ بغداد في 02 ـ 10 ـ 13


64
هل تبادر البطريركية الكاثوليكية الكلدانية لجمع سياسيي شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين حول مائدة مستديرة ؟
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
الكثير يعزون اسباب الضعف الذي يعتري اوصال الشعب المسيحي من الكلدان والسريان والآثوريين ، وما حل بهم من مآسي وتهجير وإرهاب ، يعزون تلك النتائج الى سبب واحد وهو تشرذمنا الى قوميات او طوائف وأحزاب ، وهم يرون انه لو كاان بيننا وحدة متراصة لما حل بنا هذا الواقع المزري ولبقي الشعب المسيحي صامداً في مدنه وقراه ، ولما تفشت ظاهرة الهجرة بين تلك الأوساط ، وإن هذا الحديث يتكرر بشكل دائم ، الى درجة انه اصبح مملاً ، لكن يبقى موضوع الوحدة بين مكونات الشعب المسيحي شعاراً يتسم بالجاذبية لدى اوساط  واسعة من المسيحيين ، وذلك نظراً لما يطال هذا المكون من ظلم وتشريد واستهداف في وطنه العراقي . ونحن نقف مع هذا الجانب الوحدوي على ان لا يكون مسيّراً او إقصائياً لأي طرف من الأطراف .
بعد هذه المقدمة اعود الى عنوان المقال ، حيث شكل انتخاب البطريرك لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى انعطافة جديدة في مسيرة البطريركية الكاثوليكية للشعب الكلداني ، إن كان على مستوى المؤسسة الكنسية الكاثوليكية الكلدانية او على نطاق توحيد الصف والكلمة للكنائس المسيحية في العراق ، كما كانت هنالك تحركات وخطوات ملحوظة لغبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى للتقارب مع الكنيسة الآشورية . لكن تبقى مسألة الهجرة وتفريغ الوطن العراقي من المكون المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين من التحديات الكبيرة التي تواجه البطريركية ، وفي الحقيقة ان البطريركية ادركت ان هذه المعضلة منوطة بالوضع العام في العراق لا سيما الوضع الأمني ، حيث ان فلتان الأمن وشيوع العنف ، الذي يستهدف الحلقات الضعيفة في المجتمع فيكون في مقدمة ضحاياه ابناء الأقليات الدينية والقومية والتي تعتبر الحلقات الأضعف في نسيج المجتمع العراقي .
هكذا أدرك غبطة البطريرك الى الناحية المهمة وهو يعلم إن مسألة الهجرة متعلقة بالوضع العام والوضع الأمني في العراق ، وهذه بدورها منوطة بشكل كبير في العملية السياسية المتعثرة في العراق وهي نتيجة حتمية للخلاف السياسي بين اقطاب الأحزاب والكيانات المشتركة في تلك العملية ، هكذا استطاع غبطة البطريرك من جمع هؤلاء الأقطاب حول طاولة واحدة ، كما قدم المكون المسيحي مبادرة لحلحلة الأوضاع السياسية في العراق ، لكن جرى التعتيم عليها ولم ترى تلك المباردة النور لكي يطلع عليها افراد الشعب .
بهذا الكلام اريد ان اصل الى نتيجة ان البطريركية تستطيع ان تعمل الكثير بما يصب في مصلحة شعبنا ، وقد تكون هذه المبادرة خطوة في الأتجاه الصحيح لرأب الصدع المستشري حالياً بين سياسيي وقادة شعبنا .
وإذا نظرنا الى الخلف سنلاحظ ثقافة مشتركة تشكل الأرث الحضاري لتلك المكونات ، الكلدان والسريان والآثوريين وينبغي ان تكون المجال الطبيعي الذي يجمعهم ويجمع اهدافهم ورغباتهم ، لأنها الصلات التي تربطهم اجمعين بالعالم من حولهم فالمجال الديني واللغوي من السمات المهمة لتكوين الثقافة المشتركة .
هذا من ناحية اما إذا نظرنا الى الجانب الآخر من المعادلة وهو الجانب السياسي ، سنلاحظ على صفحتها انعكاسات التناقضات في المواقف وتضارب المصالح وتطفو على السطح الصراعات والمصالح المكبوتة .وهي المحك الذي تختبر عليه الخطابات السياسية المختلفة لكل فريق ، والسؤال هنا هل نستطيع مغالبة ما يجمعنا على ما يفرقنا ؟ هنا تكمن اهمية أوجه ومجالات التعاون . برأيي المتواضع ان الجانب الآثوري سوف يمتنع عن الدخول في المعادلة كونه يحتكر كل الأمتيازات لنفسه إن كان المركز او في اقليم كوردستان فلا يريد ان يتنازل من ذلك الموقع المتميز ، وإذا ذهبنا ابعد في تحليل الواقع سوف نلاحظ بعض الأخوة من الكتاب الكلدان او من الموالين لتلك الأحزاب نلاحظ استقوائهم على بني جلدتهم بتلك الأحزاب المتنفذة مركزين على ما يسمى الشرعية الأنتخابية ، فجرى الأستئثار بكل الأمتيازات بشكل مستفز وغير حصيف ، وجرى إهمال وتهميش اي اشتراك جدي او تمثيل متوازن لبقية القوى السياسية إن كانت كلدانية او سريانية والتي لها خطاب سياسي وقومي مستقل بمنأى عن هيمنة الأحزاب الآشورية المتنفذة  .

ان الجانب السرياني  منقسم على نفسه ، منهم من ربط مصيره مع المجلس الشعبي ، ويستفيد من امتيازاته وقدراته المالية والجانب الذي له رأي مستقل لا زال يحبو في المعادلة السياسية . وهذا ينطبق الى حد ما على المكون الكلداني الذي طاله الغبن من الناحية السياسية بعد سقوط النظام عام 2003 م .
العبرة هنا تكمن في الدور الذي تستطيع البطريركية الكاثوليكية الكلدانية ان تلعبه في هذا المضمار ، لا ريب ان اي تقارب في المواقف وفي وجهات النظر سيكون له صداه الأيجابي بين ابناء شعبنا وعلى نطاق الساحة السياسية العراقية وفي اقليم كوردستان ، ويمكن ان نشكل كتلة متراصة مهمة على المسرح السياسي . وبنظري ان البطريركية حينما افلحت في جمع اقطاب السياسة العراقية رغم التناقضات والتناحرات بينهم ، فسوف لا يكون عسيراً عليها ان تجمع القادة السياسيين لشعبنا حول مائدة مستديرة واحدة ، لوضع اسس من التعاون والتفاهم ، وبمنأى عن اي توجهات إقصائية لأي طرف من الأطراف . الكلداني يحضر محتفظاً بهويته الكلدانية والسرياني والآشوري كذلك كل منهما يعتز ويفتخر بهويته ، بهذه العقلية الحكيمة وبفضيلة قبول الآخر كما هو ، نستطيع ان نبني اسس راسخة للتعاون الثقافي والسياسي .
إن ما يطلق عليه اليوم تجمع الكلداني السرياني الآشوري ، لا يشكل ارضية صالحة للتعاون الندي المتكافئ ، ولهذا يجب ان نبحث عن آفاق جديدة للتعاون والعمل سوية ومن منطق التساوي بين الكلدان والسريان والآثوريين ، وبعيداً عن تسلط الأقوياء الذين يمسكون بيدهم المال والأعلام . هذه الأرضية الصالحة للعمل يمكن العثور عليها تحت رعاية البطريركية الكاثوليكية الكلدانية الموقرة وبمباركة بقية الكنائس ، لأن البطريركية الكاثوليكية الكلدانية وبقية الكنائس يهمها جداً وحدة الشعب المسيحي على ارضه ، وأن يكون متحداً قوياً وإن قوة هذه الكنائس هي بقوة شعبها ، اما إذا هاجر هذا الشعب فماذا يكون مصير كنائسه وأديرته ومدارسه ؟ ومن المؤكد ان الجميع يدرك ان خطراً هائلاً يهدد وجودنا على هذه الأرض التي هي ارض آبائنا وأجدادنا ، ويستهدف العصف بكياننا اجميعن دون تمييز .
ولهذا انا اقترح على البطريركية الكاثوليكية الموقرة ، وهي تسير بتعجيل وزخم قوي ، ارتأي ان تتوجه الكنيسة الى هذا الجانب وتضع ثقلها به ، لكي يكتسب اهمية كبيرة ويصبح الجميع امام مسؤولياتهم التاريخية ، فتجتمعم تحت سقف واحد وحول مائدة مستديرة ، واضعة الخطوط العريضة للحوار البناء والتعاون الأخوي وعلى اسس راسخة يقبل ويعمل بها الجميع .
د. حبيب تومي في 15 ـ 09 ـ 2013

65
نداء البطريركية الكاثوليكية الكلدانية لمساعدة قرانا ونوم العافية لنواب شعبنا
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
بدءاً يعتبر نداء البطريركية  عملاً إنسانياً لا غبار عليه ، فطلب المساعدة من ميسوري الحال وأهل الغيرة والشهامة لإسعاف المحتاجين ، او لتقديم الإغاثة والمعونة في حالات الكوارث الطبيعية او الإنسانية ، كل هذه الحالات وغيرها من الحالات تعتبر حالة إنسانية ضرورية ينبغي دعمها ، ولا ريب ان زيارة غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى للمنطقة قد اتاح له الأطلاع عن كثب على احوال شعبه الكلداني وبقية المسيحيين القاطنين في القرى المسيحية المنتشرة في قرى ومدن الأبرشية الموحدة في زاخو وعمادية . وانطلاقاً من ثقتي بأن غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى يحترم ويقبل الرأي الآخر ، ولهذا اكتب رأيي الصريح عسى ان يكون له صدى لدى اصحاب القرار .
اولاً
ورد في نداء طلب المساعدة هذه الفقرة :
( وجهت البطريركية الكلدانية، ومقرها بغداد، نداءً لمساعدة القرى المسيحية في شمال العراق، مادياً، لحثهم على البقاء في مناطقهم.) انتهى الأقتباس .
في الحقيقة ان مصطلح ( شمال العراق ) قد أبطل تداوله ، وكانت في العهود السابقة وزارة باسم وزارة شؤون الشمال إذ كانت لفظة كوردستان ممنوعة من التداول ، وكان يشار الى منطقة كوردستان بمصطلح شمال العراق او الشمال فحسب ، لكن بعد ان اصبحت دولة العراق دولة اتحادية تضم اقليم كوردستان ، ولم يعد من يستخدم مصطلح شمال العراق بل اقليم كوردستان ، وإن المسؤولين العراقيين في بغداد ومن اعلى المستويات يتداولون مصطلح اقليم كوردستان في خطاباتهم وتصريحاتهم ولا ادري سبب عودة البطريركية الموقرة الى المصطلح القديم .
ثانياً
مد يد المساعدة ، مادياً ، لحثهم على البقاء في مناطقهم ، وأعتقد انه يراد في هذه الفقرة بحثهم على عدم الهجرة والبقاء في الوطن .
في الحقيقة إن مسألة الهجرة تعتبر من المعضلات الشائكة والمعقدة التي لا يمكن أيقافها بتقديم الدعم المادي للعوائل او للافراد فحسب . في سنة 2009  قابلت الأستاذ سركيس اغا جان وكان وزيراً للمالية في حكومة اقليم كوردستان وجرى الحديث عن الهجرة ، وقلت في وقتها : ان المبالغ الشهرية التي تعطى للعوائل ليست الحل الأمثل ولا يمكن التعويل عليها في الحد من ظاهرة الهجرة  ، هنالك مثل صيني يقول : (لا تعطيه سمكة بل اعطيه العدة وعلمه كيف يصيد سمكة ) ، اجل ان تقديم المساعدات لشاب يستطيع ان يعمل ويكدح ، فإننا نزرع فيه روح التسول وزعزعة الثقة في النفس ، ودعوت حينذاك لإنشاء المصانع الأنتاجية وحقول دواجن وتسمين العجول وغيرها من المشاريع بدلاً من تشييد الكنائس الفخمة او الأديرة او بنايات ، إن هذه الأبنية تغدو هياكل صماء  إن هجرها الأنسان ، إنها لا تشكل سبباً  وجيهاً ومقنعاً لتشد الإنسان على البقاء والأرتباط بالأرض ، إن الذي يشده هو مصدر رزقه ، فمعمل تعليب الفواكه مثلاً في مدينة من مدننا ، يعمل فيه مدير المعمل والسواق والموظفين ومسوقي الأنتاج والعمال واكثر من ذلك تطرح الأسهم لشرائها من قبل الأفراد فيكون حافز العمل والمساهمة ، اجل يأتي بعد الوضع الأمني والسياسي يأتي العامل الأقتصادي ، فالعاطل عن العمل ، يستعد لقطع آلاف الأميال بغية ايجاد وظيفة او عمل يكفل معيشة عائلته واطفاله .
هكذا تكون مدننا وقرانا بأمس الحاجة الى إنشاء مشاريع انتاجية لكي نساهم في ( تعليم الشباب كيف يصيدون سمكة ، بدل اعطائهم سمكة ) .
ثالثاً
قرأنا على المواقع وفي وسائل الإعلام قبل حوالي سنة او اكثر بأن الحكومة الأيطالية قدمت مساعدة للقرى والأرياف في جنوب العراق قدرها 400 مليون دولار ، وسؤالنا لماذا لم يخصص جزء من ذلك المبلغ الكبير لدعم قرانا المسيحية في اقليم كوردستان ، ولمن ذهبت تلك الملايين ؟ ولماذا لم يكن للمسيحيين اي حصة من ذلك المبلغ الضخم ؟  لقد كان المسيحيون اولى بتلك المساعدات ، وهم بأمس الحاجة الى اي مساعدة ، حيث قطعت ارزاقهم وجرى الأستيلاء على دورهم او بيعت بأبخس الأثمان ، فلماذا لم ينصف المسيحيين  بشئ من تلك الملايين ؟ اسئلة لمن يهمه الأمر حبذا لو نجد جواباً لها .
رابعاً
علمنا ان القرى التي زارها غبطة البطريرك هي بحاجة الى خدمات ومطالب اخرى وحسب ما جاء في بيان البطريركية ، وفي بيان لاحق وحسب الرابط الأول والثاني في نهاية المقال إذ ورد :
(ان البطريركية الكلدانية تتابع "من كثب مطاليب أبناء شعبنا مع الحكومة المركزية وحكومة الإقليم. وأبدت الحكومتان النية الصادقة في تلبية المطاليب، ولكنها بحاجة إلى الوقت. فمثلاً أبناء القرى المهجورة في السابق وأتى آخرون وبنوا على أراضيها بيوتهم وزرعوا فيها، يحتاجون إلى تعويض وبيوت لينتقلوا إليها. وهناك وعود وإجراءات حقيقية لمعالجة هذا الملف) وعن المطالب البسيطة ورد :
(أما المساعدات الآنية فهي تعبير عن الشراكة والتشجيع في سبيل معالجة المطاليب البسيطة. عالجت البطريركية بعضها من خزانتها، ولكنها غير قادرة على تلبية جميع الاحتياجات. نذكر بعضها: باص صغير لنقل الطلاب، إصلاح بعض البيوت، اثاث لروضة الاطفال، تكييف، مستوصف، مساعدة مرضى واشخاص وحدانيين، ارامل، ايتام، اصلاح بساتين، شراء شتلات...) .
حسناً كل هذه المطالب شخصها غبطة البطريرك اثناء زيارته القصيرة للمنطقة ، ونحن من حقنا ان نسأل : اين ممثلي شعبنا الذين انتخبهم الشعب الكلداني وبقية المسيحيين ومنحوهم الثقة لتمثيلهم في البرلمان الكوردستاني ، لماذا لم يحركوا ساكناً الى اليوم .
اقول :
لقد أُصبنا بالصمم من من صياح وتبجح احد الكتاب من شعبنا وهو لا ينفك يردد مقولته بمناسبة وبدون مناسبة فيقول : بأن ( شعبنا الكلداني السرياني الآشوري ) قد انتخب ديمقراطياً ممثليه ولم ينتخب الكلدانيين لأنهم انقساميين والى خره من المصطلحات التخوينية ، فنحن نهمس بأذن هذا الكاتب المعروف بتنقلاته من هذه الضفة الى تلك ، نقول له ولمن يردد هذه الأحجية المملة :
 لماذا لم يحرك هؤلاء الممثلون (الشرعيون) ، المنتخبين ديموقاطياً ولم يحركو ساكناً في برلمان اقليم كوردستان ؟ الم يمنحهم الشعب الكلداني وبقية مسيحيي العراق ثقتهم ؟ لماذا هم غارقين في سباتهم ؟ لماذا لم يكلفوا انفسهم بزيارة المنطقة والأطلاع على مشاكلها لعرضها على المسؤولين في البرلمان وفي حكومة اقليم كوردستان ؟
لماذا شخص البطريرك النواقص خلال زيارته القصيرة في حين ممثليه غارقين في نوم العافية ، هل انتهى دورهم بعد الأستحواذ على اصوات الناخبين من ابناء شعبنا الكلداني ومعهم الآشوريون والسريان ؟ ولحد الآن لم نسمع منهم اي تصريح بما صرحت به البطريركية فالذي نقوله لممثلي شعبنا في اقليم كوردستان ومعظم ممثلينا في برلمان العراق نقول لهم : صح النوم ، بعد ( غفوة القيلولة ) .

د. حبيب تومي ـ في 06 ـ 09 ـ 2013
   

66
حقوق الكلدان ليست ضد حقوق الآثوريين او السريان او ..
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi@yahoo.no
يستخلص من الردود وبعض التعليقات بأنه ثمة هواجس مفادها ، بأن حقوق الكلدان إن تحققت ستكون على حساب المكون الآشوري التي تمنح في الوقت الحاضر لأحزابه كل الأمتيازات ويحرم الكلدان والسريان من تلك الأمتيازات ، إن هذه الهواجس لا اساس لها من الصحة ، فالدولة تستطيع ان تمنح الحقوق والأمتيازات لكل المكونات وبحسب ما يقرره الدستور ، وبالذات حينما تقف الدولة على مسافة واحدة من كل المكونات المجتمعية ، وربما هذه الهواجس والمخاوف لا تعتري المكون السرياني ، كما هي المسالة لدى المكون الآشوري لا سيما الأحزاب القومية منها . فهنالك القبول والأحترام المتبادل بين السريان والكلدان وكذلك بين الكلدان مع بقية المكونات باستثناء الأحزاب الآشورية التي تسترشد بنظريات قومية متزمتة ، ولا تقبل الأنفتاح على الشعب الكلداني المعتدل والمقبول في المجتمع العراقي برمته .
 العراق بلد واسع تتسع ارضه لكل المكونات ، وخيراته الوفيرة تكفيه ليتبوأ مكانة ومصاف الدول الغنية كدول الخليج العربي وغيرها من الدول التي يسودها الرخاء والطمأنينة ، ولو توفرت الأيادي الأمينة ، ومبادئ العدالة والشفافية والنزاهة ، لبلغ المواطن العراقي مكانة راقية من النعيم والرخاء على النطاق الفردي وعلى مستوى الخدمات المقدمة له من قبل الدولة .
وكما هو معلوم ان العراق كان على مر التاريخ كان موطناً ومرتعاً خصباً للتنوع الثقافي والديني والأثني ، واليوم لم يتغير شئ في تلك المعادلة المجتمعية المبنية على التنوع على مختلف الأصعدة ، ومن حق كل فئة في هذا التنوع ان يكون لها حقوق المواطنة ، من الحقوق الأساسية كحق الحياة والتدين والثقافة الى الحقوق السياسية والوطنية والقومية ، ومن هذه المكونات العراقية الأصيلة يمثل الشعب الكلداني من الناحية القومية ، القومية الثالثة في الخارطة القومية العراقية وفي اقليم كوردستان ، وما نكتب به بشكل مستمر ان يتمتع هذا الشعب ( الكلداني ) بحياة حرة كريمة في وطنه ومن حقه ان يجاهر ويفتخر بهويته الكلدانية دون مضايقات او منغصات من هذا الطرف او ذاك ، وأن يتمتع هذا الشعب المهمش الى حد الإقصاء ، ان يتمتع بهوية سياسية وقومية معترف بها ، وأن تمنح له الحقوق اسوة بالمكونات الأخرى فنعيش في بلدنا كسائر عباد الله تمنح لنا حقوقنا ولا يفسد احد ما حياتنا .
 فأين هو ذلك الملاذ التي لكي نشخص نحوه الأبصار ، هل هي الحكومة العراقية التي تتحمل المسؤولية الأولى ام اقليم كوردستان الذي يعيش في مدنه وريفه الشق الأعظم من شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق بعد الهجمة الإرهابية التي تعرض ويتعرض لها هذا المكون العراقي الأصيل منذ سقوط النظام في نيسان عام 2003 م .
ثمة لفيف من الأخوة الكلدان من يستكثر علينا حتى حق الكتابة عن حقوق الكلدان المالية والقومية والسياسية ويزعمون ، اننا غير مخولين بالتحدث او بالمطالبة او بالكتابة عن الشأن الكلداني وكأن الشعب المظلوم  والمهمش مؤهل لكي ينتخب من يتحدث باسمه او توكيل من يدافع عن حقوقه ، وإذا كان الكاتب الكلداني يحجم عن الدفاع عن حقوق شعبه فما هو واجبه إذن ؟ هل ينبغي عليه ان ينضم الى فريق الساكتين ؟ ام الى الذين يدعون ان الأحزاب الحالية التي تدعي تمثيل المسيحيين بأنهم يتسمون بالعدل والمساواة وإنه مضيعة للجهود والوقت بطلب الحقوق ، وما علينا سوى التسليم وقبول الأمر الواقع ، وتقديم آيات الشكر والأمتنان للمسؤولين على مصائر شعبنا من الأحزاب السياسية القومية المسيحية المتنفذة والقريبة من من دوائر صنع القرار في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان . ويتزعم هذا السياق في الرؤية لفيف من المثقفين الكلدان الذين ركبوا موجة الأحزاب الآشورية القومية ، لاسيما الأخوة الملتحقين بسفينة الحركة الديمقراطية الآشورية الزوعا او الموالين لخطابها لسبب وآخر . وإن انتمائهم او موالاتهم لتك الأحزاب لا يقلقنا ، لأن ذلك يدخل ضمن حرية الرأي وحرية الأنتماء والعقيدة ، لكن الذي لا نقبل به هو وقوفهم ضد توجهاتنا ومطالبتنا بتلك الحقوق . وتفسيري الشخصي لذلك ربما يعود لخوفهم من فشل خطابهم القومي في حال تحقيق الكلدان لمطالبهم القومية والسياسية في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان .
 نحن الكلدان لا نطلب اكثر من الذي نستحقه ولا مبرر لمن يقوم ضد الحقوق او يسكت عن دعمها ، في البداية لا نقبل بالإقصاء مهما تنوعت ابوابه إن كان إقصاء قومي او سياسي او وطني او ديني او مذهبي ، فنحن الكلدان قوم عراقي اصيل ومعتدل في كل مواقفه السياسية والدينية والقومية ، ونؤمن بالتنوع المجتمعي العراقي الجميل . فكل الذي نطمح اليه هو ان نكون مثل الآخرين ليس اكثر او اقل ، فنحن مواطنون عراقيون ، علينا واجبات المواطنة ولنا حقوق كالتي يمكلها الأخرون من المكونات العراقية . فإن كان للاخرين حضور وتمثيل في العملية السياسية والقومية فنحن نطالب ان يكون لنا نفس التمثيل والحضور ، وإن كان للاخرين حصة في الثروة الوطنية فنحن الكلدان نطالب ان يكون لنا حصة من الثروة الوطنية العراقية ، ولا نقبل بفرض وصاية على شعبنا الكلداني مهما كانت الذرائع . وقد مضى على سلب حقوق شعبنا الكلداني زهاء عشر سنوات اي منذ سقوط النظام .
المثير هنا ان الجميع يتحدث عن مظلوميته وإن كان له خمسة كراسي في الحكم فإنه يدعي ان حقه هو  8 كراسي وهو يتشكى المظلومية لفقدانه ثلاثة كراسي ، والآخر له حق المنصب الفلاني لكنه يمنح بمنصب ادنى مما يستحقه هكذا كل المكونات : السنة ، الأكراد ، الشيعة التركمان ، الآشوريون ..  الكل يبعث بشكواه لمن يهمه الأمر ، ونحن الكلدان نرضى بالحد الأدنى والحد الأدنى غير متوفر ايضاً ، بل اكثر من ذلك حيث المطالبة بحقوقنا فإن بعض الأخوة يستكثروها علينا ويوسمون تلك المطالبة بأنها نوع من التطرف ، فعلينا ان نرضى بما تتكرم به الأحزاب الآشورية القريبة من مصادر صنع القرار في الدولة العراقية الأتحادية او في اقليم كوردستان .
 بقي ان اقول لأبناء الشعب الكلداني ، بأن مطالبنا سوف لن تلبى من اي طرف ما لم نتحرك ونكتب ونتظاهر ونرفع اصواتنا لكي يسمعها المسؤولون ، هذه هي الطريقة لأخذ مطالبنا نحن الكلدان ، نعم ان حقوقنا مهضومة ومهمشة لكن علينا ان نتحرك لكي يشعر الآخر بوجودنا على المسرح السياسي العراقي .
 وأكرر هنا ان ما يتعلق بحقوق الشعب الكلداني ليس له اي تأثير على اي مكون عراقي نحن لا نريد ان تكون حقوقنا على حساب الآخرين نريد ان نأخذ حقوقنا مع الآخرين بما فيهم السريان والآشورين والأرمن وكل المكونات العراقية الأخرى . فحينما تكون هنالك مساواة في المواطنة والحقوق على اعتبار اننا جميعاً عراقيون بنفس الدرجة ، حيث لا وجود للعراقي درجة اولى او ثانية او ثالثة فستكون الوحدة العراقية راسخة كرسوخ الجبال على الأرض .
د. حبيب تومي ـ القوش في 28 ـ 08 ـ 2013

67
لماذا أحجمت الأحزاب الكلدانية عن الأشتراك في انتخابات برلمان اقليم كوردستان ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الشعب الكلداني هو مكون عراقي اصيل ويشكل تعداده السكاني الأكثرية من مسيحيي العراق ، وقومياً الكلدانية هي القومية الثالثة في خارطة القوميات العراقية ، ووطنياً يشكل الشعب الكلداني جزءاً  مهماً من الشعب العراقي المعروف بتعدده القومي والأثني والديني ، ويشتهر الشعب الكلداني بطيبته واعتداله وبوزنه الثقافي في المجتمع العراقي ، وهو من الداعمين  الأوائل لقيام الدولة العراقية الحديثة ، هذا هو الشعب الكلداني الذي تهضم وتهمش حقوقه الوطنية والسياسية والقومية في وطنه العراقي .
إن اي كاتب او محلل عادل ومنصف لتاريخ العراق المعاصر سوف يشير الى حقبة العهد الملكي على انها كانت تمثل العصر الذهبي قياساً  بما آل اليها العراق من مآسي وكوارث وحروب بعد سقوط النظام الملكي ، لقد افلح الملك فيصل الأول وبدعم من بريطانيا من تأسيس الدولة العراقية الحديثة ، كما افلح الملك بتوحيد اوصال المجتمع العراقي ، الذي كان مبنياً على المفهوم القبلي ولم يكن هنالك قبولاً لمفهوم الدولة ، ثم كان هنالك ايضاً مشاعر المظلومية التي كان الشيعة والأكراد تساورهم بجهة تهميش حقوقهم . فعمل الملك فيصل الأول لتأسيس عراق معاصر يعمل على تهيئة الأوضاع الملائمة للحاجات الحياتية اليومية لمواطنيها وكذلك تمكن من إرساء  نظام سياسي يعمل على رفع مستوى المعيشة وتوفير الوظائف والأشغال لتحقيق الرخاء في ظل حكم مدني ديمقراطي يحمي الحرية للجميع دون تفرقة ويسمح بالتعددية ، وهكذا يشعر المواطن بمكانته المهمة في وطنه وهي المواطنة من الدرجة الأولى وليس خلافها .
المواطن اي كان موقعه في النسيج المجتمعي العراقي ينبغي ان يكون له حقوقه القومية والسياسية ، بحيث لا تقتصر حقوقه على حرية ممارسة الشعائر الدينية فحسب ، فالمواطن الكلداني ليست حقوقه الوطنية محصورة على حرية ممارسة الشعائر الدينية بالدخول الى الكنيسة او الحقوق الوطنية الحياتية ، كحقه في التعليم او او العلاج او السفر .. الخ ، إنما له حقوق قومية وسياسية وله حقوقه في حصته من الثروة الوطنية .
هنالك من يتوهم او يحاول خلط الأوراق ، فحينما نطالب بمواقع وظيفية لأبناء شعبنا الكلداني ، كأن يكون لنا وزير كلداني في الحكومة العراقية او في حكومة اقليم كوردستان ، فسرعان ما يصدرون فتاويهم بأن حبيب تومي يطلب منصباً لنفسه ، وحينما نطالب ان يكون للشعب الكلداني حصة من الثروة الوطنية ، فإنهم متهيئون مرة اخرى لأصدار فتاويهم المملة الرخيصة بأن حبيب تومي يريد الحصول على الكعكة ، وهؤلاء الذين يطلقون مثل هذه الأراجيف الرخيصة هم انفسهم يسلكون اسوأ طرق التملق والمداهنة للحصول على تلك المكتسبات لأنفسهم وليس لشعبهم .
أجل من حق الشعب الكلداني ان يكون له حصة من ثروة العراق ، وحصة من المناصب السيادية ، إنه يمثل القومية الثالثة في خارطة الوطن العراقي . انا لا اطلب شئ لنفسي إنني اطالب بشكل دائم بحقوق الشعب الكلداني الوطنيةالمشروعة ، منذ ان بدأت الكتابة بالشأن القومي والسياسي بعد سقوط النظام في نيسان 2003 م .
اليوم ونحن مقبلون على انتخابات البرلمان الكوردستاني في ايلول القادم، وهي انتخابات مهمة في كل المقاييس ، وأهمية ذلك تكمن في الوجود الكثيف لشعبنا الكلداني ، إن كان في داخل الأقليم نفسه او في المناطق المتنازع عليها . فالأكثرية الساحقة من الكلدانيين او من بقية مسيحيي العراق يتركز تواجدها في اقليم كوردستان ولهذا فإن تفعيل الدور السياسي للأحزاب الكلدانية ومساهمتها في عملية الأنتخابات كانت تحمل اهمية كبيرة .
لقد بُحثت هذه المسألة في المؤتمر القومي الكلداني الذي عقد في اواسط ايار الماضي في ديترويت  ، لكن شكلت مسالة الدعم المالي حجر عثرة امام هذه الرغبة في المساهمة في تلك الأنتخابات المهمة ، إذ لا يوجد جهة حكومية إن كان في العراق الأتحادي او في اقليم كوردستان تدعم الأحزاب القومية الكلدانية للنهوض بواجباتها ، إنما الدعم مقتصر على الأحزاب الآشورية ومن يسير في ركابها من الأحزاب الكلدانية والسريانية .
المنافسة على 6 مقاعد مخصصة للمسيحيين ، واحداً منها محسوم للارمن، وخمسة مقاعد هي للكلدان والسريان والآشوريين في اقليم كوردستان ، وهي من اصل 106 مقاعد يتكون منها برلمان الأقليم ، وهنالك ثلاثة قوائم مسيحية تتنافس على المقاعد الخمسة ، وهذه القوائم تمثل الأحزاب الآشورية ، وهي ابناء النهرين تحمل رقم 125 وهي تتكون من الأعضاء المنشقين من الزوعا ، ولا ندري إن كانت هذه مناورة سياسية الحركة الديمقراطية الآشورية فتكون هذه القائمة تعود لها وتدعمها  ، لكنها تحمل اسم آخر لسحب البساط من تحت قائمة المجلس الشعبي ، الذي تغلب عليها بشكل ساحق في مجلس محافظة الموصل . وإن لم تكن تابعة للحركة فمن يدعم هذه القائمة ومن اين لها تلك الأموال لخوض تلك الأنتخابات ؟
والقائمة الثانية هي الرافدين 126 التابعة للزوعا ثم هنالك قائمة التجمع الكلداني السرياني الآشوري 127 وهكذا يتغيب عن التنافس اي حزب كلداني .
وفي الحقيقة هنالك اسباب تكمن وراء عدم اشتراك الأحزاب الكلدانية التي اجتمعت في ديترويت على هامش المؤتمر المنعقد هناك في ايار الماضي ، واتفقت على الدخول في اتحاد القوى السياسية الكلدانية ،وهي الحزب الديمقراطي الكلداني والحزب الوطني الكلداني ،والمنبر الديمقراطي الكلداني الموحد ،والتجمع الوطني الكلداني ، ورغم هذه الرغبة في العمل الجماعي ، إلا ان توفير المال اللازم للانخراط  في العملية قد حال دون اشتراك تلك الأحزاب في انتخابات برلمان كوردستان وفي انتخابات مجالس المحافظات .
وإذا طرحنا سؤالاً : يا ترى من يتحمل مسؤولية تعثر هذه الأحزاب وعجزها عن القيام بواجبها القومي والسياسي على الساحة السياسية العراقية ؟
برأيي  المتواضع ثمة عوامل لعبت دورها لكي نصل الى هذه الحالة من الضعف او من التهميش وهذه العوامل هي :
اولاً : ـ
سيتبادر الى الذهن مباشرة ما قامت به الأحزاب القومية الآشورية المتنفذة والتي طرحت نفسها ممثلة للمكون المسيحي ، وتناكفها في سباق ماراثوني لمحاربة اي نوازع قومية كلدانية ، مهما كانت صفتها ،وتريد تلك الأحزاب ( الآشورية ) ان تكون وحدها في الساحة وتحتفظ  لنفسها بكل المكتسبات الممنوحة للمكون المسيحي وتستخدم تلك الأمتيازات لأهدافها الحزبية اولاً ، ولمحاربة التوجه القومي الكلداني ثانياً .
ثانياً : ـ
العامل الآخر هو موقف الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، لاريب ان لكلمة الكنيسة الأهمية القصوى بين ابناء الشعب الكلداني وعلى نطاق المسؤولين ، فإن كنيستنا الكاثوليكية الكلدانية ليس لها ذلك الموقف الواضح  بالوقوف بصراحة ووضوح الى جانب الأماني السياسية والقومية لشعبها الكلداني ، وإن اردنا المقارنة بين الكنيسة الآشورية والكنيسة الكلدانية  بما يتصل بالأماني السياسية والقومية ، فالكنيسة الآشورية تعلن صراحة وبوضوح كامل وقوفها الى جانب شعبها الآشوري في طموحاته القومية والسياسية ، بينما كنيستنا على مختلف المستويات تنأى بنفسها عن تلك الطموحات وغالباً ما يتسم موقفها بالسلبية مع تلك الطموحات وكغطاء لذلك الموقف هو عدم تدخل الكنيسة بالسياسة .
نحن السياسيين الكلدانيون نحترم هذه الرؤية ، رغم ان الحاجة تتطلب من الكنيسة ان تقف مع حقوق شعبها إن كانت سياسية او قومية او انسانية، فالكنيسة وشعبها في مركب واحد وعليهما التعاون لكي يصل المركب الى بر الأمان . فالكنيسة تكون قوية حينما يكون شعبها قوياً والعكس صحيح ايضاً .
ثالثاً : ـ
موقف اقليم كوردستان لم يكن منصفاً للكلدان بشكل عام . نعم كان لأقليم كوردستان موقف إنساني مشرف من المسيحيين القادمين الى اقليم كوردستان هاربين من العمليات الأرهابية ، ولكن تبقى مسألة الحقوق القومية والسياسية موضوعاً آخر فالشعب الكلداني وقف الى جانب الشعب الكوردي في كفاحه المسلح ، وينبغي ان يكون للشعب الكلداني حقوقه كاملة في الأقليم بعد ان تمتع الأقليم بمساحة كبيرة من الأستقلالية ، فلماذا تكون كل المكونات متمتعة بحقوقها القومية والسياسية من تركمان وآشوريين وأيزيدية وأرمن باستثناء الكلدان ، فأين يكمن الخلل ؟  لماذا نشتكي ونقول ان حقوق الكلدان القومية مهمشمة في اقليم كوردستان ؟  فهذه الحالة لا تليق بأقليم كوردستان ، ينبغي ان يعامل الكلدان باحترام وأخوة  وصداقة بمنأى عن اي وصاية من اي قوى اخرى ، فنحن الكلدان مستقلين لنا قوميتنا الكلدانية ولنا ذاتيتنا وكرامتنا لسنا تابعين لأي قوى اخرى .
رابعاً : ـ
لقد اوردت الأسباب المحيطة بنا، لكن ماذا عن ظروفنا الذانية ، نحن نلوم الآخرين ، لكن هل نحن الكلدان والقوى السياسية الكلدانية هل كنا على اكمل وجه ؟ ألم يكن لنا اي شطحات او أخطاء ؟
 الا ينبغي ان ننظر الى المرآة لكي نرى انفسنا ونمارس بشفافية وصراحة منظومة النقد والنقد الذاتي ؟
رغم هذه الظروف المحيطة ، الم يكن بالمستطاع العمل اكثر ، الم يكن بالمستطاع الحصول على المبالغ لو تخطينا خطوات نحو نكران الذات والتضحية ؟ الم يكن من المستطاع ان نجمع مئات الآلاف من الدولارات لو احسننا طريقة الجمع وآليتها ؟
الا نفكر يوماً بأن نتوجه الى الوطن ونعمل فيه ونقوي ونعاضد من يعمل فيه ؟ إنها افكار جميلة لكن جميعها تحتاج الى تطبيق ، نعم كان يجب ان ندخل في الأنتخابات السابقة بقائمة وأحدة ، نعم لنا اخطاء كثيرة وبحثناها في المؤتمر لكن كل تلك المقررات الجميلة تحتاج الى تطبيق على ارض الواقع وليس خلافه .
بيني وبين نفسي افكر وأقول :
 لا يمكن إغفال متغيرات الأزمنة ، ومتطلبات العصر التي تقضي باستحالة التهميش فقد ولت الأزمنة  المظلمة الى غير رجعة ، ولهذا انا متفائل بمستقبل الشعب الكلداني لكي يتبوأ مكانته اللائقة في عموم العراق وفي اقليم كوردستان .

د. حبيب تومي : القوش في 11 : 08 ؛ 2013

68
الراحل فلك الدين كاكائي الإنسان.. التواضع من خصال الكبار
بقلم : د. حبيب تومي : عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
الراحل فلك الدين كاكائي ( 1943ـ 2013) اسم لأنسان معروف على الساحة السياسية والأدبية والفكرية في اقليم كوردستان ،وعلى الساحة العراقية ،ومن الصعوبة بمكان خلق توازن بين متطلبات العمل بين تلك النواحي ، لا سيما  العمل السياسي الذي يتطلب ، في كثير من المنعطفات ، الخوض في  متاهات المصالح  وتبرير الوسيلة مهما كانت لتحقيق تلك المصالح . لقد كانت هنالك تجارب تاريخية قليلة استطاع اصحابها التوفيق بين تلك المسائل والخوض في العمل السياسي . لقد استطاع الزعيم الهندي مهاتما غاندي من اتباع اسلوب النضال المدني السلمي من اجل تحقيق اهداف سياسية في استقلال بلده ، كما استطاع الزعيم التشيكي فاتسلاف هافيل ( 1936 ـ 2011 ) من تحقيق ثورة مخملية لبلده وهو كاتب مسرحي ونصير للسلام ، وان يتبوأ منصب الرئاسة في تشيكوسلوفاكيا ومن ثم رئاسة جمهورية التشيك في عام 1993 وحتى عام 2003 ، وحاز على جائزة غاندي للسلام لأسهاماته حيال السلام العالمي .
 المهم هنا ان شخصية الراحل المرحوم فلك الدين كاكائي كان يحمل كثيراً من افكار مهاتما غاندي  السلمية ، إذ استطاع ان يوفق بين عمله النضالي ووظيفته السياسية مع بقائه مساهماً في عالم الثقافة والأدب والفكر والأعلام  ، بل استطاع ان يحقق بعض طموحاته الثقافية والأدبية حينما كان وزيراً للثقافة فكان له المجال الواسع للوقوف الى جانب الثقافة والمثقفين وتعضيدهم وتقديم الدعم لهم ولنشاطاتهم .
لقد تعرفت على الأستاذ فلك الدين كاكائي يوم كان لنا دعوة لحضور مؤتمر في اربيل كرس لتكريم الراحل ناجي عقراوي ، وتمت لقاءات اخرى خارج قاعة المؤتمر ، كان دائماً يتخاطب معنا بمنطق المثقف وليس بصفته كوزير مسؤول . بعد اكثر من سنة التقيت مع الأستاذ فلك الدين كاكائي في احد فنادق اربيل ، وسلمته نسخة مستنسخة من مسودة كتابي الموسوم " البارزاني مصطفى قائد من هذا العصر " وطلبت منه ان يراجع الكتاب قبل طبعه ، وأن يكتب مقدمة للكتاب ، وحينما سلمت له الأوراق وكانت حوالي 1500 ورقة لأنه مطبوع على جانب واحد من الورقة ، ونظر المرحوم الى كمية الأوراق وقال :
 يا رجل انه عمل كبير ويتطلب جهداً فائقاً ، وأنا صحتي ليست على ما يرام ، ولكن مع ذلك سوف استلم النسخة وأبذل جهودي وقدر الإمكان . وهكذا بعد اشهر وصلتني الملاحظات القيمة للاستاذ كاكائي  ومرفقة بنص المقدمة للكتاب وهي مكتوبة بخط يده، وهكذا افتتحت الكتاب حين طبعه بتقديم الأستاذ كاكائي وكان تقديمه تحت عنوان : عودة البارزاني ، وقد استهلها بقوله :
وكأني بالفيلسوف الألماني فردريك نيتشة المتوفي سنة 1900 م. وهو يستنبط من تراث الحكيم زرادشت فكرة لصورة السرمدية التي كشف عنها في كتابه ( هكذا تكلم زرادشت ) .. اقول : ان نيتشة إنما يعبر ايضاً عن مسيرة مصطفى البارزاني الذي كلما حاول خصومه إخفاء وطمر حقيقة كفاحه وأهدافها الإنسانية ، إذا به يتجلى من حيث لا يتوقعون ولا يريدون ، سواء في كتاب او حديث مهم او تذكير بالماضي القريب .. ( كتابي " البارزاني مصطفى قائد من  هذا العصر" دار ئاراز ص11 ) .
أجل تحمل الرجل جهوداً كبيرة لمراجعة الكتاب وتقديمه ، وهو سعيد بهذا التعب ما دام يخدم قضية وتاريخ الشعب الكوردي ويخدم الثقافة .
 من خصائل الكاكائي انه مثقف وإنسان متواضع ومناضل من اجل تحقيق اماني شعبه ، فلقد انضم كاكائي وهو  في سن مبكرة إلى صفوف الحزب الشيوعي العراقي، وبعد انقسام اتحاد الطلبة إلى قسمين الأول تابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، والآخر إلى الحزب الشيوعي، أصبح فلك الدين عضوا في الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل طبيعي، حيث كان الحزبان يتقبلان ذلك الأمر دون إشكالات. وظل في الحزب إلى حين انهيار ثورة التحررية التي قادها الزعيم الراحل مصطفى بارزاني، ثم عاد مرة أخرى للالتحاق بالثورة التي أعلنها نجلا بارزاني، إدريس ومسعود، وظل معهما حتى آخر لحظة في حياته(جريدة الشرق الأوسط  في 4: 8 : 13).
كان للراحل فلك الدين كاكائي مكانة محترمة ومتميزة في كوردستان ، إن كان على نطاق الوسط الشعبي او على مستوى المسؤولين في اقليم كوردستان فقد كتب الرئيس مسعود البارزاني الى عائلة الفقيد أكد فيها أن :
«الراحل كرس جل حياته من أجل النضال للدفاع عن شعبه، وكان له دور متميز وكبير في ثورة كأحد أفراد البيشمركة ثم سياسيا ومثقفا وإعلاميا، وسطر لنفسه مجدا في وقت كانت الأنظمة الديكتاتورية تواجه شعبنا بالحديد والنار، لكن كاكائي لم يبال بمصاعب وقسوة ظروف النضال وكان دائما موجودا بخنادق النضال، سواء كبيشمركة، أو كادر إعلامي، أو رجل سياسي .
كما كان هنالك اشتراك متميز من قبل الاستاذ نيجرفان البارزاني رئيس وزراء حكومة اقليم كوردستان حيث كان في مقدمة مشيعيي الراحل ومن اشترك في حمل نعشه الى مثواه الأخير . وقال في رسالة حزينة وجهها إلى شعبه بهذه المناسبة وقال فيها:
 «أكتب اليوم هذه الرسالة وقلبي يعتصره ألم كبير بسبب رحيل أحد أقرب المقربين إلي، وهو فلك الدين كاكائي الذي أعتبره معلما لي». ويستطرد بارزاني: «بعد نكسة ثورة سبتمبر (أيلول) كنت أرى كاك فلك الدين دائما في بيتنا وفي مقرات البيشمركة، وكان المرحوم يلازم والدي الراحل إدريس بارزاني خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ شعبي، وكانت الأواصر النضالية تقربهما، لذلك كانت جهودهما المشتركة تثمر دائما عن توحيد الموقف الكردي، ولذلك أرى أنه من الطبيعي اليوم أن يحضر تشييع جنازته ممثلون عن كل أجزاء كردستان الأربعة ..
كان فلك الدين كاكائي يجد نفسه في حقل الثقافة اكثر من السياسة ، فلم ينقطع عن الثقافة مهما كانت الظروف ورغم مشاغل الحياة فقد استطاع كتابة مؤلفات مهمة  ومنها بالعربية «العلويون»، و«موطن النور»، و«احتفالا بالوجود» و«حلاجيات»، و«البيت الزجاجي للشرق الأوسط»، و«انقلاب روحي». أما مؤلفاته باللغة الكردية فهي «بيدارى» و«روناهي زردشت»، إلى جانب مئات المقالات والدراسات والبحوث التي ساهم بها ، وحتى وظيفته كانت في وزارة الثقافة حيث تولى حقيبتها لمرتين .
وعن انطباعاته الشخصية يقول عبد الوهاب علي ، وهو احد رفاقه في دروب النضال يقول :
«كان سرعان ما يمل تلك الوظائف الحكومية والحزبية، ويهجرها ليعود إلى عشه الأصلي، وهو الوسط الثقافي، الذي كان أحد فرسانه الأساسيين». ويضيف :
 إن «آخر تكريم لهذا المفكر الكبير كان من عندنا بالسليمانية، فقد دعوناه أخيرا لعقد ندوة ثقافية بالمدينة، وعلى الرغم من اعتلال صحته، والذي بدا عليه بشكل واضح أثناء حضوره إلى السليمانية وتقطع أنفاسه أثناء الحديث، لكنه كما بين لي، فإنه جاء إلى السليمانية ليلتقي بشبابها وشاباتها ولكي لا يحرمهم من لقائه ومن ثقافته، وكان ذلك آخر نشاط ثقافي للمرحوم، وكرمناه خلال الندوة، وكان هو التكريم الأخير أيضا».
كان للقامة السامقة للراحل فلك الدين كاكائي حضوراً كبير في الساحة السياسية والفكرية والثقافية وسوف يترك فراغاً كبيراً ، كما سيبقى ما سطره قلمه وذكريات شخصيته الإنسانية سوف تبقى خالدة مع الأجيال القادمة . رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح ملكوته السماوي والصبر والسلوان لأهله ومحبه وذويه .
د. حبيب تومي : عنكاوا في : 06 : 08 : 2913







69
إشكالية رئاسة اقليم كوردستان والموقف المسيحي العام حول ذلك
بقلم د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
لا نأتي بجديد إذا قلنا ثمة حالة صحية في تداول السلطة في اقليم كوردستان ، واستطاع هذا الأقليم بعد ان تمتع بمساحة كبيرة من الأستقلالية السياسية والأقتصادية والأجتماعية ان يقطع اشواطاً كبيرة في دروب الأستقرار والتعايش المدني السلمي ، ورغم عدم استقرار المدن العراقية بما فيها العاصمة العراقية بغداد فقد استطاع الأقليم ان ينتهج سياسة مختلفة عن السياق السياسي في عموم العراق الأتحادي . إن المناخ التعايشي واختيار المنهج الديمقراطي في الأنتخابات وفي عملية التداول السلمي السلس للسلطة وفقاً لما تفرزه صناديق الأقتراع ، كل ذلك اوجد مناخات ملائمة لقدوم وتنافس الشركات والمستثمرون والتجار واصحاب الأعمال للعمل والأستثمار في الأقليم إن كان في مساهمة بناء الخدمات والبنية التحتية للمواطن ، او في المشاريع الأنمائية والخدمية وفي شتى المجالات العمرانية والزراعية والتجارية والسياحية والصحية وغيرها ، وهكذا انتعش الأقليم اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً في ظل تلك الحركة الدؤوبة من اجل بناء الوطن ، والإنسان يشعر هنا بأهمية الحياة وعظمتها ، ونتمنى ان يكون العراق برمته كما هي كوردستان .
لقد وقعت في السنين الأخيرة حالات التصعيد وتعطيل الحياة العملية السياسية ومعها تعطيل الحياة المدنية والأقتصادية  بتحريك الشارع بالمظاهرات والأعتصامات اي بالعودة الى الشعب وهذا ما اقدم العسكر في مصر الى إزاحة رئيس منتخب ديمقراطياً حينما توجه الملايين من ابناء الشعب الى الشوارع ، ورغم عدم اهلية خطوات العسكر إلا ان الخطوة جاءت ملبية ومعبرة عن آمال الشعب ، وقد عبر الشعب عن استيائه من الرئيس مرسي المعزول ومباركته لخطوة الجيش بخروجه بمظاهرات جماهيرية لا سابقة لها ، في سنة واحدة من حكم الرئيس الدكتور محمد مرسي انزلقت البلاد الى مختلف الأزمات الأقتصادية والأمنية ، إذ فشل فشلاً ذريعاً في ادارة شؤون البلاد وكان هذا اكبر استفتاء لعزل الرئيس ونظامه ، وتعيين رئيس محكمة العليا كرئيس مؤقت للبلاد .
هذا هو قرار الشعب ولا إرادة فوق إرادة الشعب وفي مسألة تمديد ولاية الرئيس مسعود البارزاني لمدة سنتين حسب مقترح الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي جرى الأتفاق عليه في البرلمان الكوردستاني ، لكن الأحتمال الآخر يقضي بالعودة الى استفتاء الشعب وهو يستطيع ان يدلي بصوته بكل حرية ، فكردستان اليوم لا زالت بحاجة الى مكانة وكارزمية الرئيس مسعود البارزاني .
وفي الحقيقة فإن النظام الرئاسي في كوردستان فيه بعض الخصوصية التي تعتبر ضرورية في الظرف الراهن . ونستطيع إجراء مقارنة بين النظام الرئاسي في اقليم كوردستان والنظام الرئاسي في مصر وايران .
في كوردستان تتمتع السلطة التنفيذية ( الحكومة )  بمساحة كبيرة من الصلاحيات ، ورئيس الأقليم لا يتدخل في شؤونها ، وهو يتدخل في حالات تفاقم خلافات بين الحكومة والمعارضة خاصة حينما تصل الأمور الى طريق مسدود ، وفي الحقيقة ان الرئيس مسعود البارزاني حسب رأيي المتواضع هو زعيم اكثر مما هو رئيس ، خاصة حينما يعرب عن افتخاره بلقب ( البيشمركة ) اكثر من افتخاره بلقب الرئيس .
اما الحكومة في مصر فليس لها اي تأثير في المجرى السياسي في الدولة ، لقد بقي هشام قنديل رئيس وزراء مصر لمدة سنة منذ مجئ الأخوان لحكم مصر عن طريق الأنتخابات وبعد ذلك عزلهم عن طريق قرار جماعي من الشعب الذي عبرت الملايين منه ، بضرورة تنحيتهم من الحكم لأساءتهم استخدام السلطة . المهم بقي الدكتور هشام قنديل بلا صلاحيات ولا يستطيع تمرير قرار يفيد الشعب بل كان الأهم تمرير قرارات تخدم توجهات الأخوان المسلمين تحديداً ، وهو الحزب الحاكم في مصر . لقد كان رئيس الوزراء في مصر موظفاً تابعاً للرئاسة وليس رئيس الوزراء يحكم وفق اجتهاده والذي كان يترتب ان يكون الرجل الثاني في الدولة المصرية .
اما في ايران فرغم انه نظام رئاسي وله شبه كبير بالنظام الرئاسي الأمريكي ، إلا انه حكم ثيوقراطي بامتياز إذ ان المرشد الأعلى يمسك بيده زمام الأمور ، وحتى رئيس الجمهورية الذي من المفترض ان يكون الشخص الأول في الدولة عليه ان يفوز بمباركة المرشد الأعلى قبل الموافقة على ترشيحه ، فالمرشد الأعلى له حق الفيتو على اي شخص حتى لو كان رئيس الجمهورية الذي يصار الى انتخابه مباشرة من قبل الشعب ، عموماً إنه يقف على رأس الهرم التنظيمي للنظام السياسي في الدولة الأيرانية .
 وحين المقارنة في بتوزيع السلطات في اقليم كوردستان نلاحظ وجود توافق ووضوح وتوازن بين مختلف الأجهزة والسلطات ، وكل يعرف حدوده ويعمل ضمنها .
وتفيد آخر الأخبار عن قبول الرئيس البارزاني في تمديد ولايته لمدة سنتين والذي جاء بناء على مقترح تقدم به الحزب الحليف الأتحاد الوطني الكوردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال الطالباني وهنا يقول البارزاني :
«لم أكن أبدا عاشقا للسلطة والمناصب، واليوم لا أريد أن أبدل تاريخي النضالي من أجل تحرير كردستان بأي شيء آخر، فالإنسان يعرف بنضاله وتضحياته من أجل شعبه ووطنه، وليس بالمناصب والعناوين الوظيفية والإدارية، وقد وقعت قانون تمديد ولاية البرلمان حتى لا يحدث أي فراغ قانوني ودستوري بالإقليم>> .
ويختم البارزاني قوله :
«احتراما مني لأصوات معظم الكتل البرلمانية ولعدم إحراجهم، أعلن لشعب كردستان أنني سأحمل هذه الأمانة إلى حين انعقاد الدورة الرابعة للبرلمان، ومن الآن أطالب رئاسة البرلمان القادم بالعمل خلال فترة لا تتجاوز سنة واحدة لتحقيق التوافق حول مشروع الدستور وتحديد آليات انتخاب رئيس الإقليم، وأن تنظم الانتخابات الرئاسية حينذاك لكي نسلم هذه الأمانة لمن يحصل على ثقة الشعب».
أجل ان البارزاني أراد انهاء الجدل الدائر حول هذا الموضوع ، لكن يبدو للمراقب ان علاج هذا الموضوع كان بمنأى عن الأسترشاد بمصالح الشعب الكوردي بل كان يصب في خانة المعارضة السلبية بدلاً من المعارضة الأيجابية التي تكون مصلحة الوطن هي المنارة التي تسترشد بها بدلاً من المصالح الحزبية .
البارزانيون والمكون المسيحي
هنالك من يسأل عن الأسباب التي تجعلني ادعو لمزيد من التقدير والأحترام للبارزانيين ، فأقول للقارئ الكريم اجل ثمة اسباب تدعوني الى ذلك وأرجو ان تمهلني قليلاً لأشرح ذلك وأقول : في الماضي القريب هنالك محطات تاريخية تجمع بين المسيحيين والبارزانيين ، واعتقد ان هذه المكانة هي نفسها بالعلاقة الطيبة مع الأيزيدية والمندائيين والأرمن ، وبشان المسيحيين نورد بعض المواقف التي ورد ذكرها في كتاب مهد البشرية<1 > وكان ذلك في في زمن عبد السلام البارزاني ( 1876 ـ 1914 ) وفي ص130 نقرأ :
كان ( عبد السلام البارزاني ) يؤمن بالمساواة التامة بين الكردي المسلم والمسيحي على حد سواء ، لكننا نخشى ان الموظفين الأتراك على العموم لا يستحسنون منه هذا السلوك .
 وبسبب عدالة هذا الرجل كان محبوب من قبل القرويين ولم يقبل اي منهم بإفشاء سره حينما اختفى بين ظهرانيهم فيقول المؤلف ويكرام وشريكه في التأليف لكتاب مهد البشرية  ص 132 :
وهنا جنى الشيخ ( عبد السلام البارزاني ) ثمرة معالمته الكريمة للقرويين فلم يخطر ببال احد من رعيته مسيحيين كانوا ام مسلمين ان يخونه ويسلمه الى اعدائه . وفي هذا الوقت بالذات لقيناه لأول مرة وهو متنكر في ثياب خلقة وليس معه غير تابع واحد وهو مختف في إحدى القرى المسيحية فيما يلي إمارته .
وفي ص144 نقرأ :
.. مسكينة قرية ( أردل ) فهي منسية منعزلة تسبح في ظلام الفقر والجهل وهي اصدق مثل للحياة البشرية السائدة في القرى المسيحية التي يملكها الكورد في الجبال . .. لكن والحق يقال ان ( اردل ) تستحق التهنئة من عدة نواح ، فأهلها يقرون انهم لا يجدون للشكوى من الناحية السياسية لأن صاحب القرية وهو آغا ( سورايي ) فيكون سيدهم الأعلى والحالة هذه شيخ بارزان الذي عرف بلقب ( شيخ النصارى ) لأنه يعامل النصارى وأتباعه المسلمين على قدم المساواة . وتسامحه هذا جعلهم ينعمون بالأمن والحصانة من الأضطهاد من النهب والسلب .
 وهذا السلوك استمر في عهد الشيخ احمد البارزاني ، ومن ثم في عهد القائد الكوردي المعروف ملا مصطفى البارزاني ، الذي ازال الفوارق بين المسلم والمسيحي في مسألة الأستشهاد . ولا شك ان الرئيس مسعود البارزاني يسير في نفس الطريق في موقفه العادل من مسألة الأقليات الدينية بشكل عام ومن المسيحيين بشكل خاص .
من هذا المنطلق التاريخي ومن معطيات موضوعية في الوقت الحاضر في الجانب السياسي والأجتماعي فإن الأقليات الدينية بشكل عام تقف مع القيادة البارزانية ، وهذا ليس سراً بل نمارسه بشكل علني صريح وموقف اعضاء البرلمان المسيحيين في برلمان كوردستان يبين بشكل واضح وقوف هؤلاء الأعضاء مع الحكومة ومع الخطاب العام للرئيس مسعود البارزاني . لكن يجدر بي ان اكرر هنا بأن الحقوق القومية والسياسية للكلدان في اقليم كوردستان ليست على ما يرام . ويطالهم الغبن والتهميش في مجال الحقوق القومية والسياسية .
د. حبيب تومي / اوسلو في 18 / 07 / 2013
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر <1> دبليو . أي . ويكرام وهو دكتور في اللاهوت . مع  أدكار . تي . اي . ويكرام " مهد البشرية ، الحياة في شرق كوردستان " نقله الى العربية جرجيس فتح الله المحامي . من منشورات التآخي .بغداد ، سنة 1971



70
إشكالية الخلط بين المحاور الثلاثة لوحدتنا : القومية والسياسية والكنسية المذهبية
 بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
من اكثر المصطلحات إثارة للعواطف والأحاسيس هو ما يطلق عليه مصطلح ( وحدة شعبنا ) وهنا يكون المطلوب هو وحدة المسيحيين الذين ينقسمون على انفسهم سياسياً ومذهبياً وقومياً ، وهنالك من يطلق شعار الوحدة جزافاً ، ولا يذكر الجانب الذي يطلب فيه تحقيق هذه الوحدة  هل هي وحدة قومية . ام سياسية ام كنسية مذهبية ؟ ام جميعها ؟
إنه يطلق شعار الوحدة في الفضاء ، ولا يكلف نفسه ان يشرح لنا اي وحدة يقصد الكاتب ، إنه يقرر بقرار وتوجيه حزبي بأن كل من يحذف الواوات بين اسمائنا هو وحدوي ، ومن يبقيها فهو انقسامي ومتآمر ، وما علينا إلا السمع والطاعة والويل والثبور لم يعارض ، كما اصبح موضوع الوحدة مادة للكتابة لمن ليس له ما يكتب عنه ، فاصبح الحديث عن الوحدة حديث ديماغوجي اي لغة سهلة وشعارت فارغة ومزايدات ليس اكثر  .
نأتي الى هذه الجوانب محاولين تفكيك هذه المصطلحات وتشريحها لتسليط قبس من الضوء على كل منها .
اولاً : ـ  الوحدة السياسية :
السياسة عالم متقلب مبني على المصالح ويتبرقع بشتى الشعارات حسب ما تتطلبه المرحلة ، وليس للوحدة السياسية وجود على نطاق شعبنا المسيحي في العراق ، وإن ما اصطلح عليه فيما سمي ، تجمع احزاب شعبنا الذي كان يتمثل بكيانات كلدانية وسريانية وآشورية  بأنه يمثل وحدة شعبنا يعتبر خطأ فاضح ، فمجرد تأليف تجمع معين لأهداف سياسية آنية ، وحذف الواوات بين اسماء شعبنا على صيغة كلداني سرياني آشوري ( ك ـ س ـ ا) لم تكون سوى وحدة شعاراتية شكلية ، خالية من المضمون والجوهر وحينما خرج الحزب الديمقراطي الكلداني من هذا التجمع لا يعني ذلك انه اصبح حزب لا وحدوي . وقد اثبتت الوقائع ان ما يسمى تجمع احزاب شعبنا ( ك ـ س ـ ا) ، ليس سوى كيان مهزوز ، لم يكن له  اي تأثير على مجريات المخاطر المحيقة بشعبنا ، فعند المنعطفات المهمة كل حزب مضى في طريقه وأصبح التجمع في حالة من الأهمال يرثى لها ، وهو حالياً يشهد حالة من التمزق لانه كان مبني على اساس من الرمال ، فالظروف اجبرت كيانات متناقضة في الرؤية السياسية الى الجلوس معاً بعد الأحداث الدامية التي طالت كنيسة سيدة النجاة .
يمكن ان نعطي توصيف لمثل هذه الوحدة بأنها اتفاق مرحلي كأن يكون اشتراك في الأنتخابات بقائمة واحدة ، او الأتفاق بشأن مسألة ما ، وقد اثبت ما يسمى ( تجمع احزابنا شعبنا ) فشله الذريع في اول امتحان له وهو الأشتراك في انتخابات برلمان اقليم كوردستان في قوائم مختلفة ، وحتى حينما اشتركوا في قائمة واحدة في انتخابات مجالس المحافظات كان كل طرف يحشد الدعاية لأبن حزيه بل اكثر من ذلك يعمل على تسقيط الآخر في نفس القائمة  ، فالحزبية لم تقبل ان تضحي او تتنازل بشئ لما يسمى تجمع احزاب شعبنا ، وحتى اعضاء البرلمان من داخل ما يسمى تجمع احزاب شعبنا الكلداني السرياني الآشوري ( ك ـ س ـ ا ) فإنهم منقسمون على بعضهم داخل البرلمان ولا يشكلون قائمة واحدة بعكس القوائم الأخرى التي تتلاحم داخل قبة البرلمان ، إن كان برلمان كوردستان او برلمان العراق . فما يسمى تجمع احزاب شعبنا هو اسم بلا جسم اي حسب المثل العراقي : اسمه بالحصاد ومنجله مكسور . وإن الدعاية التي تحاط بهذا التنظيم هي اكبر من حجمه الحقيقي .
بمعنى آخر ان الوحدة السياسية هو قول فيه الكثير من الغلو وكل من يزعم بإمكانية تحقيق مثل هذه الوحدة فإنه يعيش في الخيال ، فالمكون الواحد كالمكون الآشوري ، كم هي الهوة عميقة بين الأحزاب الآشورية نفسها ، بل حتى الحزب الواحد كالحركة الديمقراطية الآشورية زوعا نشهد صراعاً سياسياً وتنظيمياً من داخلها بحيث انها سوف تنزل في الأنتخابات البرلمانية الكوردستانية القادمة بقائمتين ، فعن اي وحدة تتكلمون ؟ وإن اعترضنا نحن الكلدان على صيغة تجمع احزاب شعبنا ( ك ـ س ـ ا) قيل لنا انتم انفصاليون ، يا اخي انتم حزب واحد تنزلون في قائمتين فلماذا تلصقون تهمة الأنفصال بنا نحن الكلدان ؟
هذه هي السياسة وهذا ينطبق على الأحزاب السياسية في المكونات الأخرى ولو بدرجات متفاوتة .
ثانياً : ـ الوحدة القومية
الأتحاد السوفياتي السابق كان مبنياً على المعادلة الأجتماعية الطبقية اي تفعيل آصرة العلاقات البروليتارية العابرة لحدود الدين والقومية وبقيت تلك المشاعر متقدة ولكنها راقدة تحت رماد القمع او الإهمال في احسن الأحوال ، لتنطلق في اول فرصة سانحة ولنشاهد انهيار وتفكك الأتحاد السوفياتي دون إطلاق رصاصة واحدة ، وعلى انقاضه كانت ولادة دول قومية مستقلة ولم يوقف او يسعف تفكك تلك الدولة العظيمة بما تملكه من عناصر التقدم التكنولوجي ، او ما كان في ترسانته العسكرية الحربية من اسلحة . وهذا ينطبق الى حد كبير في تفكك دول يوغوسلافيا وجيكيوسلوفاكيا والأمبراطورية العثمانية التي تولدت على انقاضها دول  قومية مستقلة .
هنالك خطأ شائع يقع فيه الكثير ، مع الأسف ، وهو خلط بين المفهومين القومي والسياسي والمذهبي ، فحينما نقول على الكنيسة ان تقوم بواجها القومي تجاه شعبنا يفسر قولنا وكأننا نعني ان تنخرط وتتورط الكنيسة في مستنقع السياسة ، ويقع في هذا الخطأ مع الأسف كثير من رجال الدين ، والذي يخلط الأوراق هو الأحزاب السياسية الذين يحذرون الكنيسة الكلدانية (فقط ) بالأبتعاد عن الهموم القومية لشعبهم ، لأن ذلك  يعتبر مجال التورط في العمل السياسي . وهذا خطأ لأن محاور القومية هي في المشاعر وفي الثقافة وفي اللغة وفي الفولكلور والأسماء والملابس القومية والأعياد والى آخره فالمظاهر القومية نستخدمها عن وجدان ووعي كامن داخل النفس وذلك حينما يكون لنا مراسيم زواج محددة او ازياء قومية او رقصات او اغاني او موسيقى كل تلك المظاهر تمثل الجانب القومي للانسان اذ يتحرك فيها ضمن مجموعته القومية من ابناء قومه المشتركين معه بتلك الرموز والخصائص الثقافية التي ترمز الى قومه ، ومجموعها نطلق عليها الخصائص القومية لتلك الشريحة من البشر .
 لكن لا يمكن الأنكار بوجود من يسعى لاستخدام المشاعر القومية لأغراض سياسية ، فيعمل على شحن العواطف وإلهاب المشاعر القومية للتحشيد السياسي ، لقد استطاع  جمال عبد الناصر من إلهاب مشاعر الجماهير في الدول العربية حينما رفع شعار القومية العربية في خطاباته النارية واستخدمها في اهدافه السياسية ، وفعلاً نجح في كسب ود ومشاعر الملايين من البشر في الدول العربية  تحت اليافطة القومية العربية .
وبشأن شعبنا المسيحي في العراق فهنالك القومية الكلدانية التي تعتبر القومية الثالثة في الخارطة القومية العراقية ، وفي سنة 1920 حينما انعقد مؤتمر سيفر قرب باريس ، كان هنالك وفد كلداني يطالب بضمان حقوق الشعب الكلداني في المعاهدة التي ابرمت ، وفعلاً كان في المواد 62 و63 و64  من تلك المعاهدة إشارة واضحة لحقوق الكلدانيين والآشوريين والكورد .
 اليوم في ظل الأصطفافات القومية والدينية والمذهبية فهنالك نزعة قومية نامية لدى شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين إضافة الى الأرمن ولدى جميع المكونات العراقية .وإن كان هنالك من يخلط القومية بالسياسة فهنالك ايضاً من يخلط بين المشاعر القومية والتوجهات المذهبية الدينية والتي سوف نتطرق اليها في النقطة التالية .
لقد تضمن الدستور العراقي إشارة واضحة الى الحقوق القومية للكلدان والآشوريين والأرمن لكنه همش السريان ، والدستور الكوردستاني لم يكن بمثل هذا الوضوح للاشارة الى القوميات العرااقية الأصيلة كالقومية الكلدانية كمثال غير حصري .
على الساحة العراقية فإن الأرمن قد حسموا امورهم ولهم لغتهم وقوميتهم فلا مجال لأحتوائهم قومياً ، وسياسياً استطاعوا ان يعززوا مركزهم في اقليم كوردستان حينما حصلوا على كوتا قومية . والى جانب ذلك يسعى الكلدانيون والسريان الى حد ما ليكون لهم كوتا قومية اسوة بالتركمان والأرمن والآشوريين ، إن كان في اقليم كوردستان او في البرلمان العراقي .
وقبل الأنتقال الى النقطة الأخرى نشير الى بعض المواقف القومية لكنيستنا الكلدانية عبر التاريخ المعاصر
لنأخذ موقف البطريركية في زمن البطريرك يوسف اودو ( 1793 ـ 1878 ) : حيث استمات في الدفاع عن لغته الكلدانية وعن الكنيسة في ملبار وعن تاريخه ، اليست هذه مواقف قومية ؟ هل كانت هذه شؤون دينية او لاهوتية بحتة ؟ لماذا يدافع عن طقسه ولغته في حين ان مخاطبة المسيح يمكن ان تكون بأية لغة إن كانت لاتيينية او كلدانية لماذا الأصرار على الكلدانية ؟ اليس هذا موقف قومي ؟ وهل يعتبر البطريرك يوسف اودو متدخلاً في السياسية حينما دافع عن حقوق شعبه الكلداني ؟  
ثالثاً : ـ الوحدة الكنسية ( المذهبية )
المذاهب الكنيسة معروفة وهي : الأرثوذكسية والبروتستانتية والكاثوليكية والأنكليكانية ، والنسطورية . وفي الحقيقة هنالك تنافس ، بل صراعات بين هذه الطوائف المذهبية خصوصاً فيما مضى من الزمن ، ولا مساحة للتطرق لتلك الصراعات في مجال هذا المقال ، لكن نلخص قصة واحدة اوردها الكاتب هاشم صالح في جريدة الشرق الأوسط اللندنية في مقاله : هل يمكن تجاوز الطائفية في المدى المنظور ؟ وهي تشير الى جانب واحد من ذلك الصراع .
فعن الصراع الكاثوليكي البروتستانتي يتحدث عن كتاب من تأليف كاتبة بروتستانتية اسمها فريدريك هيبرار ، وهي ابنة أحد كبار المفكرين البروتستانتيين في فرنسا ويتحدث الكتاب عن قصة زواجها بشاب كاثوليكي تعرفت عليه بالصدفة في الجامعة. وعندما أرادت تقديمه إلى عائلتها كان من الأسهل عليها أن تقول إنه يهودي أو حتى عربي مسلم وليس كاثوليكيا! وقد شعر والدها وكأن الطامة الكبرى قد نزلت على رأسه عندما عرف أنه ينتمي إلى المذهب المضاد: أي مذهب الأغلبية الكاثوليكية.
 ماذا يا ابنتي: أتأتيننا بواحد كاثوليكي إلى البيت؟ العدو التاريخي! هل تعرفين كم اضطهدونا وعذبونا واحتقرونا على مدار التاريخ؟ ومع ذلك فقد أنجبا الأولاد وعاشا أجمل حياة ولا  يزالان ...
الواقع الذي نحن فيه هو اننا مقسمون كنسياً وهنالك جهود تبذل بين آونة وأخرى في سبيل توحيد كنيسة المشرق ، لا سيما الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية مع الكنيسة النسطورية التي اتخذت اسم كنيسة المشرق الآشورية ( النسطورية ) ، والكنيسة الشرقية القديمة ( النسطورية ) ، وقد بذل المرحوم البطريرك مار روفائيل بيداويد جهوداً كبيرة لخلق وحدة كنسية لكنائسنا ، الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، والمشرق الاشورية والشرقية القديمة ، لكن يبدو ان المحادثات في نهاية المطاف وصلت الى طريق مسدود .
اليوم كانت باكورة ومنهجية غبطة البطريرك مار لويس الأول روفائيل ساكو كانت مبادرته الرائعة بالقيام  بزيارة الكنائس الآشورية في استراليا  مستحثاً  السير نحو خطوات وحدوية مهمة للتقارب ولتضييق الهوة بين الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية وكنيسة المشرق الآشورية ، وفي الحقيقة ليس في ألأفق ما يشير الى تحقيق تقدم يذكر كثمار لتك الجهود المباركة . وما يترشح من الأخبار أن كنيسة المشرق الآشورية تشترط للتقرب بأن تعمل الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية على الأبتعاد عن تلاحمها مع كنيسة روما ، لكن الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني متمسكة بتلاحمها مع الكنيسة الكاثوليكية الجامعة .
أقول :
المفروض ان تكون اجواء التقارب والوحدة بين كنائسنا اسهل من تحقيق الوحدة القومية او الوحدة السياسية فما هو معروف في كنائسنا ، انها متقاربة في الطقس وفي اللغة وفي اللاهوت . هذا ما يبدو للعيان لنا نحن العلمانيون ، لكن من المؤكد ثمة خلافات اخرى ليست طافية على السطح ، وفي الحقيقة ينبغي ان يكون الأساقفة الأجلاء والآباء الروحانيين والبطاركة الموقرين ، يجب ان يكونوا اكبر من تلك الخلافات لكي يكونوا مثال وقدوة لشعبهم ، فهم يمثلون نخبة اكاديمية ومثقفة  ومتسلحة بروح الأيمان والمحبة ، وهم رجال الدين ينبغي ان يسود بينهم روح التضحية ونكران الذات ، ليكونوا لنا قدوة نقتدي بها . فوحدتهم من المؤكد سوف تؤثر ايجابياً على نواحي الحياة الأخرى بما فيها النواحي القومية والسياسية .
ونحن بانتظار المبادرات الأخوية المبنية على الشفافية والصدقية ، لكي نؤسس وحدة حقيقية في كل مجالات الحياة ، فنحن نشكل اقلية صغيرة في وطننا وأعدادنا آيلة نحو النقصان بسبب مرض الهجرة الخطير ، ويتحتم علينا التفاهم والتضامن والتكاتف وتحقيق وحدة حقيقية مدروسة من كافة جوانبها ، لكي لا تفشل في اول امتحان لها .

د. حبيب تومي / اوسلو في 10 / 07 / 2014

71
باسم دخوكا وحبه في الأزمنة الصعبة / قراءة في كتاب
 
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

(الحب في الزمن الصعب) قصة اغرتني للكتابة عن قراءتي لها وأقول :
 باسم يوسف دخوكا غني عن التعريف بين ابناء شعبنا إنه كاتب كلداني معروف ، يكتب في مختلف المواضيع ويركز بشكل خاص على هموم ومشاكل عنكاوا ، وأنا اعرف باسم دخوكا من خلال كتاباته ، لكن هذه المعرفة توطدت يوم لقائنا في المؤتمر القومي الكلداني العام الذي انعقد في ديترويت اواسط ايار المنصرم . ومن خلال لقاءاتنا تعرفنا على عائلته الكريمة بيداء التي يفتتح قصته " الحب في الزمن الصعب " في صفحة الإهداء يقول :
الى رفيقة دربي وحبيبة عمري بيداء التي لولاها معي لما قدر لهذا الجهد ان يرى النور ... اجل انها باكورة اعماله الأدبية ، وأشكر الصديق باسم على هديته التي اتاحت لي الفرصة لقراءتها الشيقة والتي جذبتني من الصفحات الأولى للاستمرار بقراءتها ، وأردت تصفحها والمرور عليها مرور الكرام في البداية ، لكن حينما بدأت في اولى صفحاتها شدتني الرواية ليس في الأحداث الدرامية التي سادت معظم فصولها بل الأحاسيس الأنسانية التي أفراغها المؤلف من دواخله ومن وجدانه ، فكان علي ان ابقى مع الكلمات وأن اذرف دموع الحزن الدافئة مع شخصيات القصة وكأنني اعيش واقع تلك القصة وأحداثها تقع امامي .
 لقد كان الكاتب صادقاً مع نفسه ومع القارئ ، ولم يحاول إضافة رتوش او جمل إنشائيئة تجميلية ، لقد جسد الواقع بما هو ، ممزوجاً بأحاسيسه فجعل من القارئ مشاركاً له وجدانياً وبما تختلج به الكلمات المعبرة التي حبرها الكاتب . لقد تناول القضايا السياسية ومسائل الحرية لا سيما حرية الفكر وحرية الصحافة والقيود التي تكبل هذه الحرية بل وتصل الى إخماد انفاس من لا يتجاوب مع السياق العام للسلطة او بعض الاطراف المتنفذين .
يقودنا الكاتب بأسلوب ذكي الى نهاية الحدث ثم يعود بنا برشاقة الى تفاصيل الحدث ومن الصفحة الأولى في القصة نقرأ :
رن الجرس الهاتف وأستمر بالرنين في منتصف الليل ليقطع السكون المخيم في الغرفة . استفاق دريد ليمد يده ببطء نحو سماعة الهاتف .. ليصله صوت مرتبك من صديقه الحميم نديم وهو يلفظ الكلمات بصعوبة : النجدة يا دريد ارجوك بسرعة يا دريد ..
وهنا ينتفض دريد مسرعاً لنجدة صديقه المغدور الصحفي نديم يوسف ويعمل المستحيل لأيصاله الى المستشفى وإدخاله غرفة العمليات ليخرج الطبيب بعد قليل ويقول بصوت حزين : لقد بذلت كل ما في وسعي ويؤسفني ان اقول ...
هكذا نبقى مع دريد ليتيه في المدينه دون هدف لكن مكامن اللاوعي تقوده نحو منزل صديقه نديم ويمد جسمه المنهار على سرير صديقه وهنا يشعر بشئ صلب تحت الوسادة وإذا بمجلد جميل على غلافه عبارة : مذكراتي في الصحافة ..
وهنا دون تعب نعثر على تفاصيل دقيقة ومجريات الأمور الى ان توصلنا الى حافات الجريمة التي ستقع في اية لحظة وها هي اللحظة قد وقعت .
علمنا ان نديم يوسف قد وجد في مفاصل الحياة محطات داكنة ومظلمة ، واراد ان يشعل الشموع لأضاءة تلك الأماكن ، لكن هنالك قوى ترى في إضاءة تلك المحطات ما يهدد مصالحها ، ووضع امامه بإرادته الشبابية الطموحة ان يتصدى لتلك النواحي وان يفضحها بقلمه الجرئ ، وهو يتوقع ما سيؤول اليه إصراره هذا ، وهو يعرف ان الحيتان يمكن ان تبتلعه يوماً ، وها هو ذلك اليوم قد حان وارتكبت الجريمة وسجلت ضد مجهول ...
لقد تبين ذلك من مذكراته (نديم ) حينما يتجنب التقرب من الفتاة ( سماء) التي تحاول التعبير عن حبها له فنقرأ حواراً جميلاً :
سماء : عليك ان تنظر من حولك لا بد ان تجد شيئاً جميلاً يستحق ان تعيش من اجله .
نديم ـ وإن لم يجد شيئاً كهذا ؟
........
سماء : لماذا هذا الشعور ؟ هل لكونك وحيداً ؟ ...
نديم ــ بل لدي اصدقاء اعتبرهم اخوتي .
سماء : أحقاً ما تقول ؟
نديم ــ لمَ لا ؟
...............
نديم ــ الحقيقة لا اتصور نفسي ابداً اعيش في حالة حب يوماً ما .
سماء : وهل استطيع ان أسال لماذا ؟
نديم ـ لأنني لا اود العذاب لأمراة اختارها لتكون حبيبتي .
سماء : ولمَ العذاب ؟
نديم ـ لأنني اجهل غدي ..
وبعدها كان الحديث عن تراكم الأحزان عند نديم بسبب اعدام والده وأخيه ثم وفاة والدته بنوبة قلبية وهو في العاشرة من عمره ، ليهتم بتربيته صديق حميم لوالده . ليس هنالك سبيل لالتئام الجرح بعد هذه المآسي وهكذا كانت نهايته هو ايضاً .
وتداعيات حياته سوف يكون لها تأثير على مجرى حياة صديقه دريد الذي يعاني من صدمة نفسية لما حصل لصديقه ، ويصبح في حالة يرثى لها ، وتسعى خطيبته واخيه هشام لمساعدته ، وهنا بطريقة ذكية ينقلنا الكاتب الى دنيا خطيبته التي تتذكر او لقاء لها معه .
دريد : أظن انك حديثة التوظيف في البنك اليس كذلك ؟
شروق ـ هذا صحيح فلم يمض على تعييني سوى بضعة ايام .
دريد : انا اعمل مدرساً في المدرسة المجاورة ، عليك ان تعتادي على رؤيتي كثيراً ، لكن لا تظني سوء فأنا لست غنياً .
فابتسمت وقالت اسمي شروق
 ــ انه اسم جميل .
وبعد تفاهمات الشباب الممزوجة بمصاعب الحياة لا سيما ما ترتبت على حياة دريد من مشاكل ومن اليأس الذي انتابه ، غير ان شروق بعد ان اصبحت خطيبته ، دأبت مع اخيه هشام على مساعدته لمعاودة الحياة الطبيعية والعيش بسلام مع كل ما صادفها من مصاعب ومشاكل ، ولكن هل حقاً اصبح الطريق سالكاً للمرور وللعيش الطبيعي المألوف ليعيش الأنسان حياته كلها ؟ وهل كان هناك المزيد مما يخفيه الزمن لهذا الأنسان ؟
وللاجابة نبقى مع كاتبنا باسم دخوكا وأبطال قصته التي استوحاها من واقع الحياة .
هشام مع مصاعب الحياة يضع امامه خطة للهجرة الى الخارج ، ويعمل على اقناع اخيه دريد وخطيبته ان طريق الهجرة هو اصلح طريق ، وكان من العبث مقاومة تصميمه ، فكان سفره الى دهوك وهو يحمل رسالة من صديق له الى شخص اسمه سردار وهو الذي يقوم بمهمة عبوره الى تركيا .
وفي الطريق الى دهوك يتأمل هشام المناظر الجميلة على جانبي الطريق من الجبال الشاهقة والتي تفرشها اشجار السرو والجوز ويقول هشام في قرارة نفسه :
كم انت جميل يا وطن ولكن ماذا اقول لمن حول هذا الجمال الى خراب ودمار ...
وفي النهاية يصل هشام الى سردار الذي يحمل له الرسالة ويرحب به الرجل وفي المختصر المفيد ، ان هشام يصاب بطلقة في كتفه من قبل حراس الحدود الأتراك ، ويحمله سردار لكي يصل الى قرية امنة له فيها معارف ، وهنا يدرك هشام مصيره ويطلب من سردار ان يقف ليكتب رسالة لأخيه ويطلب من سردار أيصالها ، ويكتب بأنه أصيب بطلقة من حراس الحدود وهي إصابة مميتة ، ويريد من اخيه دريد ان يستمر في الحياة ومع شروق فالحياة يجب ان تستمر ولا تتوقف حين فقدان عزيز علينا .
وهكذا يقوم سردار بإيصال الرسالة الى دريد بعد ان دفن اخاه قبل ايام على الحدود .
لقد كان الحادث المؤلم صدمة قوية لدريد فخرج تائهاً في الشوارع دون هدف سوى الأدمان على المشروب والنوم على قارعة الطريق فأصبح كل شئ عنده سيان ، الموت والحياة والحب والكراهية والوجود واللاوجود الليل والنهار ..  وهكذا اخذ يستعطي رواد الحانات ليشتروا له كاساً من المشروب .
وذات يوم وهو يسير في شارع دون هدف لمح شروق تسير بنفس الممر من الأتجاه المقابل ، وحينما لمحته تسمرت في مكانها وهو ايضاً توقف ليتأمل كل منهما الآخر ، وبعد اخذ  ورد تقول له : عد الي ارجوك ويكفي ما حل بنا .
تراجع دريد الى الخلف ليقول : لم اعد انفع لك يا شروق وأرجوك انسيني وابحثي عن مستقبلك .
وترد عليه شروق : ماذا تقول انسيت حبنا ؟ اين مضت احلامنا ؟
ويرد بصوت خافت : قتلها الزمن .
 ومن جانبها تحاول ام شروق ان تعيد لابنتها حياتها الأعتيادية وان تسعد بها ، وان تمسح الحزن من حياتها بأن تفتح صفحة جديدة ، فتبلغها بأن مخلص يحبها وان أمه اتصلت اكثر من مرة تريد زيارتهم لتطلب يدها . وفي نهاية المطاف توافق شروق على الخطوبة وتستمر الترتيبات لعقد الزواج ولم تبق سوى ايام للحفلة ، وبينما كانت تسير مع خطيبها مخلص إذا بها تلمح رجلاً بهيئة متسول جالس على قارعة الطريق ، وامام دهشة خطيبها اتجهت نحو المتسول الذي كان هو دريد بعينه وركعت امامه وخطيبها ينظر اليها وهي تبكي .. وبعد ان سحبها اردف قائلاً . في اوروبا سوف لا تجدين مثل هؤلاء المتسولين في الشوارع ، وهنا توقفت : وهي تقول :
ارجو ان تغفر لي يا مخلص  لا استطيع الأستمرار معك .. فالرجل الذي ظننته متسولاً هو دريد خطيبي .. وانا لا استطيع ان اتركه على هذه الحال ..
وأردفت : سامحني ارجوك
ومخلص بروح رياضية قال لها ايضاً : انا لا اود الأرتباط بفتاة يشغل قلبها رجل آخر ، وأخرجت خاتم الخطوبة من اصبعها وناولته له .. وعادت الى حبيبها وخطيبها دريد ولكي تنقذه من واقعه المأساوي الذي وقع فيه .
 برأيي ان الكاتب هنا انتصر للحب وانتصر للمشاعر الأنسانية ، وإن الحب هو المنتصر حتى في الأزمنة الصعبة . وقبل الختام لا بد من المرور على الكلمات االمعبرة التي خطها باسم دخوكا على غلاف الصفحة الأخيرة لكي يودعنا وهي كلمات رائعة نابعة من قلبه النقي النابض بحب الحياة والأنسان يقول :
تمعنوا جيداً في كل كلمة بقصتي هذه ، إنها ليست كقش في مهب الريح ، إنها ليست إبداع اللغة في عالم الكتابة ، لربما افتقرت لمفردات لغوية رنانة ، إنها انفاس أرواح تئـن ، إنها نزف جرح غائر ، انها صرخة من الواقع المرير الذي حول الأمل الى الألم والحب الى كراهية والحرية الى العبودية . إنهم أناس يعانون ويتألمون لسبب بسيط جداً ألا وهو انهم أحياء .
 تحية للصديق العزيز باسم يوسف دخوكا والى اشتغالات ادبية وثقافية .. اخرى
د. حبيب تومي / اوسلو في 04 / 07 / 2013




72
السيد آشور بيث شليمون يعود الينا بفكره العنصري الإقصائي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
يعود الينا السيد آشور بيت شليمون بمقاله الملئ بالحقد العنصري وأفكار التطهير العرقي المقيتة وينفثها عبر مقاله المعنون :
كتاب مفتوح الى الاخ مايكل سيبي وشركاه ممن يسمون بأدباء الكلدان المحترمين . حسب الرابط اسفل المقال .
أقول :
بالجهود الحثيثة المباركة التي يبذلها البطريرك الكاثوليكي الكلداني مار لويس الأول روفائيل ساكو بفتح صفحة جديدة لتقريب وجهات النظر والعمل على وحدة كنيسة المشرق وتوحيد ابنائها ، تنهض الأصوات التقليدية النشاز التي تعلن بدون خجل عن افكارها الهتلرية الإقصائية بإلغاء تاريخ الشعب الكلداني المكون العراقي الأصيل ، ويدعو الى التطهير العرقي بحجة ان الكلدان ينبغي ان يرحلوا الى وطنهم اور الكلدانيين ، وإن هذه المنطقة هي بلاد أشور التي يملك السيد آشور شليمون وربعه من المتعصبين سند طابو بامتلاكها ، ناسياً انه جاء لاجئاً من تركيا برفقة القوات البريطانية ، ودخل العراق لاجئاً لحين وجود له مسكن يسكن به ، وبعد ان فتح الكلدانيون بيوتهم لأيوائهم في القوش وغيرها من البلدات الكلدانية ، وهذه ليست منّة منهم ، بل يمليه عليهم واجبهم الأنساني والديني والرجولي ، إنهم اليوم ينقلبون على هؤلاء الكلدان ويطلبون منهم مغادرة ارض آشور ، ولكن هذا البطل المغوار آشور بيث شليمون لا يستطيع تحريك ساكن اتجاه العرب او الأكراد او التركمان او الأيزيدية او الشبك بل بطولته الخارقة هي بحق الكلدان فقط .
كم نحاول ان نلبي الدعوة الكريمة لغبطة البطريرك مار لويس روفائل ساكو بتنقية الأجواء بيننا ، وكم نحاول ضبط النفس لعدم الرد على اصحاب تلك الأفكار الأقصائية ، إلا ان الكيل يطفح احياناً ، وها هو السيد آشور يعود الينا بعد غياب ويستعمل نفس الأسطوانة المملة المليئة بالحقد والكراهية وبث المكنونات الطائفية التي نعتبرها من جانبنا ان اوانها قد زال دون رجعة .
اقول :
ياسيد آشور بيت شليمون نحن يشرفنا تاريخنا الكلداني ، تاريخ العلم والمعرفة والثقافة ولا يشرفنا تاريخ القتل والوحشية اتدري لماذا ، اقرأ ما كتبه المؤرخون العلماء :
أرنولد توينبي ص104 من كتابه : مختصر دراسة للتاريخ ج2يكتب :
كانت الكارثة التي اودت بالقوة الحربية ألاشورية عام 614 ـ 610 ق. م إحدى الكوراث العارمة المعروفة في التاريخ . فإنها لم تتضمن فحسب دمار أداة الحرب الآشورية ، ولكنها تضمنت كذلك محو الدولة الآشورية من الوجود واستئصال لاشعب الاشوري .
 والسبب يذكره وول ديورانت في قصة الحضارة م1ج2 يقول ص 281ـ 282
يبدو ان الآشوريين كانوا يجدون متعة او ـ تدريب لأبنائهم ـ في تعذيب الأسرى وسمل عيون الأبناء امام ابائهم ، وسلخ جلود الناس احياء ، وشي اجسادهم في ألأفران .. ويحدثنا آشوربانيبال بقوله :
سلخت جلود كل من خرج علي من الزعماء ، وغطيت بجلودهم العمود ، وسمت بعضهم من وسطهم على الجدران وأعدمت بعضهم خزقاً .. اما الزعماء والضباط الذين ثاروا فقطعت اطرافهم .. ويضيف المؤلف :
ويفتخر آشور بانيبال بأنه حرق بالنار ثلاثة آلاف أسير ، ولم يبق على واحد منهم حياً ليتخذه رهينة ، وفي نقش آخر يقول :
إن المحاربين الذين اذنبوا في حق آشور .. فقد انتزعت ألسنتهم من افواههم المعادية وأهلكتهم ، ومن بقي منهم على قيد الحياة قدمتهم قرابين جنائزية ، وأطعمت بأشلائهم المقطعة الكلاب والخنازير والذئاب .. وبهذه الأعمال أدخلت السرور على قلوب الآلهة العظام .
ويضيف وول ديورانت ص270 يقول :
ولم يخطر ببال آشور بانيبال أنه ورجاله وحوش كاسرة او اشد قسوة من الوحوش ، بل كانت جرائم التقتيل والتعذيب هذه في نظرهم عمليات جراحية لابد منه لمنع الثورات وتثبيت دعائم الأمن والنظام بين الشعوب المشاكسة ... لقد كانت هذه الوحشية برأيه واجباً يفرضه عليه حرصه على ان يبقى التراث سليماً..
يا اخي آشور بيت شليمون مبروك على ابائك سلخ جلود البشر وانتزاع الألسنة وقطع الأطراف ، لا يشرفنا ان يكون هؤلاء آبائنا وأجدادنا .
ثانياً ياسيد آشور بيث شموئيل انت لست وصياً على غيرك ، وليس مطلوباً منك ان تنظّر لنا نحن الكلدان ، فكفاك عنصرية ودع الناس تفكر كما تريد ، لأن الفكر الهتلري مكانه في مزبلة التاريخ فلا يمكن لك ان تحيه يا مفكر زمانك آشور بيت شليمون .
انظر يا سيد آشور بيث شليمون كيف يتمزق العالم العربي امامك والسبب هو التحشيد والتأجيج لروح الطائفية بين السنة والشيعة ، إنك قابع في دهاليزك المكيفة الوثيرة وترسل لنا رسائلك العنصرية الطائفية بعدم وجود الكلدان وغيرهم ، يا رجل احترم مشاعر الناس ، انت لست عبقري زمانك لكي ترسل لنا نظرياتك الطائفية المتعصبة التعبانة ، لقد مضى زمن هذه الأفكار الإقصائية الى مزبلة التاريخ فلماذا تريد احيائها ؟

د. http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,675990.0.html
حبيب تومي / اوسلو في 29 / 06 / 2013

73
زوعا خسرت الكثير من شعبيتها بسبب غرورها وقصور افقها السياسي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no
 المقدمة
عمر الحركات والأحزاب السياسية يمكن مقارنته مع أعمار البشر ، فألإنسان يبدأ بالطفولة ومراهقة الشباب ثم الشباب المتكامل الذي يتمتع بالقوة الفكرية الى جانب القوة العضلية ، وتستمر المسيرة لتبدأ مرحلة الرجولة المحتفظة بالقوة الجسمانية مع النضوج الفكري واكتساب المزيد من تجارب الحياة ، وبعدها الكهولة التي تبدأ مرحلة الضعف في القوة العضلية لكن تصحبها زيادة نضوج فكري كامل بعد تراكم تجارب الحياة عقب مرور غالبية عقود العمر .
الحركة الديمقراطية الاشورية يمكن النظر اليها بهذا المنظار حينما بدات بفترة الطفولة عند التأسيس بإمكانيات متواضعة وبعدها فترة المراهقة الصعبة ثم كانت فترة الشباب حيث خدمتها الظروف السياسية بعد سقوط النظام عام 2003 لتنزل الى الشارع في كامل قوتها واندفاعها وزخمها ، وتعاطفت معها مختلف مكونات الشعب المسيحي دون ان تكون اية حساسيات بل كان ثمة ترحيب وقبول مسيحي ، فتمكنت من فتح مقرات في البلدات المسيحية الكلدانية والسريانية في سهل نينوى ، إضافة الى فتح فتح مقرات لمنظمات مكملة لخطابها للطلبة والنساء والشباب .. وكانت الحركة اللاعب الوحيد البارز في الساحة السياسية لشعبنا المسيحي ، ولم يكن هنالك اي اعتراض ظاهر على ذلك الدور .
والزوعا حزب مهم على الساحة السياسية لشعبنا المسيحي ويمكن الأشارة الى بعض مكامن الخطا لهذا الكيان السياسي ببعض النقاط وهي :
اولاً :
كان خطأ الحركة بدلاً من مواصلة اتصالها بالجماهير ومراجعة الأنتقادات التي تصلها ، كانت تستهجن تلك الأنتقادات وتضعها في دائرة المؤامرة على الحركة ، فجماهير الشعب مع الحركة ، اما الناقدين والمعارضين عبارة عن انفار قلائل على عدد اصابع اليد وهم في خانة الأعداء فليكتبوا او يعارضوا ما استطاعوا .
 ألم تحقق الحركة الفوز والسيطرة على معظم مقاعد الكوتا المسيحية في اقليم كوردستان وفي البرلمان العراقي ؟ فلماذا الأهتمام بما يكتبه منتقديها وخصومها ، لقد اصابها الغرور والنرجسية في خطابها إزاء مخالفيها في الرؤية .
ثانياً :
الخطأ الآخر الذي ارتكبته الحركة هو التركيز على الجانب القومي على حساب الجانب السياسي ، فأسرعت على الدعوة القومية الآشورية دون اي ذكر للمكونات القومية الأخرى كالكلدان والسريان ، وأهملت واجبها السياسي فأوجدت حولها حلقة من الكلدان والسريان من  الموالين لخطابها الحزبي القومي الآشوري ، واهملت بل جابهت كل دعوة قومية كلدانية او سريانية بالرفض القاطع ، ووضعت اي دعوة من هذا القبيل خيانة لمبادئ الأمة التي تحددها (هي ) دون مراعاة مشاعر الآخرين ودون الأهتمام بالأكثرية الصامتة من الكلدان والسريان ، ووضع كل من لا يؤيد الخطاب القومي او حتى من يقف موقف محايد وضعته في خانة الخصوم . وهذا خطأ فاضح إذ خلقت لها جيش من الأعداء او من المستائين من سلوكها وهي كانت تستطيع اجتياز هذه الحالة لو تصرفت بذكاء وعقلانية وشفافية مع الآخرين المختلفين معها إن كان سياسياً او مذهبياً او قومياً .
 ويمكن ملاحظة هذه الحالة حينما اقدمت على اشورة اسماء الأماكن في بغديدا كالتي بينها الأخ وسام موميكا في احدى مقالاته ، فالحركة ذات النفوذ في تربية الموصل لم تحاول ان تطعم هذه الأسماء الآشورية ببعض الأسماء السريانية التاريخية بل تعمدت على اشورتها ، وهذا يعكس التعصب القومي للحركة .
الحركة الديمقراطية الآشورية كحزب مسيحي كان يجب ان تستفيد من تجربة الأحزاب الليبرالية الأوروبية ولا تقتدي بحزب البعث او الأحزاب الأديولجية في المنطقة ، فالأحزاب الأوربية لها برنامج عمل سياسي ، ومن يؤازرها هو صديقها ومن لا يؤازرها بل حتى من يحاربها لا تجعل منه عدواً او خصماً ، لكن احزابنا السياسية برمتهم لهم انصار ولهم خصوم ولا يعترفون بالوسط ، وهذا الطريق سلكته الحركة بتفوق .
وفي مجمل سير الحركة يمكن ملاحظة ان خطأ الحركة بدأ حينما  بدأت تحاول بلع فريسة اكبر من حجمها ، فعرض إطار مسيحي وان تكون ممثلة للمسيحيين كان مقبولاً الى حد ما ، او بالأحرى لم يكن هنالك اعتراض ظاهر كما قلت لكي تلعب هذا الدور ، فنحن جميعاً مسيحيون وليس بيننا فرق إن كنا كلدان او سريان او اشوريين ، لكن هذا القبول قد اوقع الحركة في هوة الغرور والغطرسة كما قلت ، فلم تولي اهتماماً لمعارضيها ولم تحترم الأصوات التي تحترم وتفتخر بكلدانيتها او سريانيتها ، فكان انصار الحركة يعاملون اي معارض وكأنه خائن لوحدة الأمة ومتآمر ، وتعاملت معه معاملة الخصم او العدو ، فازادات دائرة الأعداء ، إما صديق وإما عدو فلا مكان للوسطية ، وليس اي قبول او احترام لمن يقف في مربع الوسط .
وهكذا كان للحركة أما اعداء او اصدقاء ولا يوجد محايدين .  الحركة دأبت على التواصل بتمثيل دور الممثل القومي ، وتسعى الى صهر الجميع ببودقها وتفرض عليه الدخول في إطارها القومي الآشوري وربما كان هذا الشئ مقبول في البداية . لكن بعد الأستقطاب الطائفي والديني والقومي بعد 2003 ، قد ايقظ الآخرين من سكرتهم ،  فجاءت الفكرة ، فالنظام الداخلي للحركة يدعو الى حقوق الاشوريين ، ولا مجال لوجود مشاعر  قومية كلدانية او سريانية  وهكذا بدأ النهوض القومي الكلداني ثم السرياني .  
إذن الحركة اخطأت سياسياً لمزج الأهداف القومية مع نظيرتها السياسية ، القومية تتناولها في تثقيف اعضاء حزبك ، وليست مسموعة من الأخرين او بالأحرى ليسوا ملزمين بسماعها او القبول بها ، فهذه قضايا اديولويجية ، وإن اردت ان تتعامل معنا فخاطبنا بالمنطق السياسي وليس بنظرياتك القومية التي تبني عليها اديولوجيتك .
ثالثاً :
بتصوري ان السيد يونادم كنا هو سياسي محنك ويجيد اللعبة السياسية ويعرف دوربها ومن اين تؤكل الكتف ، لكن الخطأ الذي وقع فيه هو إحاطة نفسه بحلقة من المؤيدين والمصفقين ، وعدم سماعه للأصوات المعارضة او التي توجه له شئ من النقد ، واحاط نفسه بمؤيدين وموالين دون اعتراض ، وكانت مكافئات وجوائز هؤلاء المصفقين كانت ترضيتهم بمناصب على حساب الكفاءة ، فتمكن من التحرك والمناورة بغية الأستفراد بالسلطة في حزبه وإقصاء الآخرين المعارضين فأتيحت له إمكانية الأنفراد في القرار داخل قيادة حركته او حزبه ، وبالتالي نشهد ترهلاً في هيكل هذه الحركة والتي ظهرت فيه بعض مظاهر الفساد التي تسربت من خلال الإعلام ومن القياديين المنشقين من الحركة .
رابعاً :
ثمة جانب آخر قد اثر على شعبية الحركة لا سيما في صناديق الأقتراع ، إذ ينبغي النظر الى المشاعر والنعرة القومية المتنامية للكلدان والسريان ، وقد قرأت مقال في موقع عنكاوا عنوانه : زوعا تخسر مقعد نينوى للكوتا المسيحية .. لماذا ؟ ويحاول الكاتب الجليل ان يقلل من شأن تنامي المشاعر القومية للكلدان والسريان ، وحجته بذلك هو فوز مرشح الزوعا في بغداد والمقترعين هم في الغالب من الكلدان والسريان ، لكن هذه المقارنة ليست واقعية بسبب ان التركيز القومي السرياني هو في برطلة وبخديدة وهكذا كان السرياني ابن المنطقة السيد انور هدايا يحصد الأكثرية الساحقة من اصوات ابناء قومه ، بينما في بغداد لم تكن مثل هذه الكثافة في المكون السرياني ، وهذه النتيجة تعكس جانب من المشاعر القومية ليس إلا .
 وهذا يعكس ايضاً جانب مهم من تفكير الزوعا بالمحاولة لتحييد الكلدان والسريان والعمل على إبقائهم خارج ساحة اللعبة في العملية السياسية العراقية وفي اقليم كوردستان .
 خامساً :
ثمة عامل آخر وهو وجود المجلس الشعبي كقوة مؤثرة في المنطقة ، وهو يطرح شعار الكلدان والسريان والآشوريين بأكثر من القوة التي تطرحها الحركة الديمقراطية ( الآشورية تحديداً) ، كما ان للمجلس سند مادي قوي وهو مدعوم من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني كحليف سياسي ثابت .
وهكذا كل هذه العوامل لعبت دورها في هبوط شعبية الحركة الديمقراطية الاشورية في المنطقة ،  وإذا ما حصل نهوض قوي للقوى الكلدانية بعد المؤتمر القومي الكلداني العام في ديترويت وإن توفرت لهم  شئ من الأمكانيات المادية فحتماً سوف يكون له المزيد من التأثير على شعبية الحركة ، فمعظم جماهير الحركة هم من الكلدان والسريان .
 انتشت الحركة الديمقراطية الآشورية بمكانتها السامية في بداية السقوط وقعدت متربعة على عرشها في السنين التالية بعد السقوط  حيث استلمت السلطة والنفوذ على طبق من ذهب بعد سقوط النظام عام 2003 ، دون ان تفكر في ابداع افكار جديدة بعد ذلك ولحد الساعة ، بل استهوت الفكر الأديولوجي القومي ولم تحرك قيد انملة من فكرها التقليدي ، فكل شئ يتحرك حولها وأمامها وهي باقية تلوك مجدها وتلوح بالويل والثبور لكل من تسول له نفسه في المعارضة او في نقد خطابها القويم .
هكذا بقيت الزوعا اسيرة هذا الفكر المتعالي الى اليوم ، ولكن برأيي يجدر بالحركة ان تتواضع قليلاً وتلامس ارض الواقع بعد نتائج انتخابات مجلس محافظة نينوى إذ استطاعت ان تحصل على 20 بالمئة فقط من الأصوات في نينوى وربما اقل من ذلك ، وهذه كارثة للحركة التي كانت تحصد حصة الأسد من الأصوات في كل الأنتخابات .
لا ادري كيف سوف تنظر الحركة على هذا المقال هل ستضعه في خانة خصوم الحركة أم سوف تفكر ملياً قبل التسرع بإصدار الحكم على هذا الكلام وغيره من الأفكار والأحاديث التي توجه لها عبر منظومة النقد والأنتقاد .
 في الحقيقة لا يوجد جدول ضرب للأرقام او كتالوك في السياسة يرشدك الى كيفية الأستعمال لكن هنالك تجارب وعبر وهنالك متغيرات ينبغي مراعاتها وهنا يقول ميكافيللي : على الأمير ان يغيّر طريقته عندما تتغير الظروف ، فالحركة الديمقراطية الآشورية لم تراع المستجدات والمتغيرات حينما تبدلت الظروف ، بل تشبثت بتكبرها وغرورها ولهذا فقدت الكثير من شعبيتها ناهيك عن خروج الكثير من اعضائها البارزين من صفوفها
.
حبيب تومي / اوسلو في 28 / 06 / 2013

74
قبس من ذكرياتي في دشتة د نهلا وقرية جمي ربتكي قبل نصف قرن

بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
في هذه الأيام يطوف على السطح الحديث عن جمربتكي وعن دشتا دنهلا ، وهكذا تسلقت جدار الذكريات لأنظر من كوة صغيرة الى ماض يبتعد عن حاضرنا قرابة نصف قرن الزمن .
من منطقتنا في جبل القوش كان علينا قطع مسافة طويلة في كلي طويل يعرف بـ (كلي رمان ) الذي كان يفتقر الى ينابيع الماء في الطريق ، ولكن في نهاية المطاف نصل الى اول قرية في سهل ( دشتة د نهلة ) أعتقد ان اول قرية نصل اليها من جهة الغرب هي جمي ربتكي وما علق في ذهني من اسماء تلك القرى : جمه سني وبلمند وجولي وخليلاني وكشكاوا وهيزاني ، وميروكي .. وتقع هذه القرى في سهل منبسط يعرف بدشتة دنهلة لكن نلفظه ( دشت د نالا ) ، وكان الى الشمال الشرقي من السهل ثمة قرية في وادِ ( كلي او وهدة ) ذي شعب وممرات وعرة عاصية كانت قرية دفريي التي كانت مقراً لحسو ميرخان قائد منطقة بهدينان . في قرى سهل نهلة لم يستطع الأهالي المكوث فيها لأنها سهل مستوي لا كهوف ولا تشققات في صخور عاصية فالطيران الحربي كان يستهدف تلك القرى بكل سهولة ويسر . ، ولهذا كان معظم ساكنيها قد هجروها .
من ذكرياتي عن ( دشته دنالا) في اواسط 1963 ذهبنا مجموعة من الشباب بحدود 20 شخص من جماعة توما توماس للالتحاق بهرمز ملك جكو بهدف تسليحنا بالبنادق ، وكان دليلنا في الطريق رجل اسمه باكوس . وما بقي عالقاً في ذهني ، اننا وصلنا قرية اسمها جمه ربتكي وهي اول قرية نصل اليها ، وفي هذه القرية نزلنا في بيت المختار ، وكانت القرية جميلة ، حيث ان لكل مسكن مزرعة ( وهي حديقته ) ملحقة به يزرع فيها كل انواع الخضروات التي يحتاجها الفلاح من طماطة وخيار وفاصوليا ... اي ان الفلاح في هذه القرى مكتفي ذاتياً . بالأضافة الى ذلك كان في ضواحي القرية حمام على ضفة النهر ، وأن القرية بشكل عام تمتاز بالنظافة والأناقة فالبيوت هنا تتخللها الشبابيك والتي يظهر من الخارج منظر الستائر الجميلة وهذا كان غير متوفر في القرى الكوردية في ذلك الوقت .
في البيت الذي ضيّفنا اتذكر ان السقف المسنود على اعمدة خشبية كانت تتخلله  كنائر حديدية كالتي يستخدمها القصابون في محلاتهم لتعليق قطع اللحم حيث يصار الى ذبح الربيط ، وتقطيع وتجفيف وتمليح لحومها لفصل الشتاء الطويل ، وقد كتبت في كتابي الموسوم ( البارزاني مصطفى قائد من هذا العصر) الذي طبع مؤخراً في اربيل ص703 عن دشتة دنهلة ، وكنت احاول ان يكون وقت حراستي في ساعات الصباح الجميل حيث كان يسحرني المنظر والطبيعة الجميلة فكتبت :

الى اليمين صباح توماس (ابو ليلى) والى اليسار كاتب هذه السطور حبيب تومي الملقب ( حُبّــا ) والصورة التقطت والأرض مغطاة بالثلوج والصورة تعود الى عام 1965م .
" دشتة د نالا " التي كنت كنت استمتع بجوها الجميل وكانت تباشير الربيع تملاْ الجو والأرض ، فالسماء مجلوة كالمرآة الصافية والهواء نسيمات نقية تنساب بهدوء وتداعب الأغصان المتمايلة ، وتترنم الطيور ألحانها الأزلية مع وقع الحياة في تلك الأصقاع ، كم كانت رائعة تلك الصباحات الجميلة في منطقة نهلة ، حيث النسيم العليل مع زقزقة العصافير المتراقصة على انغام خرير الماء ومعها تنتشر بشكل أخاذ تجمعات الضباب لتختفي متوارية مع الخيوط الأولى لأشراقة الشمس المنسابة من بين قمم الجبال . فتترامى الأرض المنبسطة وكانها واحة خضراء تتكلها مختلف الأوراد والأزهار ومن شتى الأشكال والألوان ، فتنبثق برشاقة وحنان بين بساط الحشيش الأخضر المترامي بين الصخور ، ومن هذه الزهور الزنبق والسوسن والبنفسج وشقائق النعمان ، وفي الأماكن العالية تتربع مجموعات من ازهار النرجس الجميلة وتبدو وكأنها قطعة ثلج ناصعة البياض ، وكان الهدوء يخيم على المنطقة ما خلا خرير الماء المنبثق من اختراق نهر الخازر لهذه المنطقة .
الجدير بالذكر ان منطقة نهلة كانت قبل ان يسكنها المسيحيون الآثورين كانت منطقة موحشة غير ملائمة لسكن البشر حيث تسرح فيها الوحوش من نمور وذئاب ودببة ، وقد اعطيت هذه المنطقة للاثوريين يوم هاجروا من تركيا وأيران في اعقاب الأضطهاد والتنكيل والتهجير التي طالت الأقوام المسيحية من الكلدان والسريان والآثوريون والأرمن في مطاوي واعقاب الحرب العالمية الأولى .
اثناء تنقلاتنا في قرى كوردستان ابان ثورة ايلول وصلنا إحدى القرى الكوردية مساءً ، وإن كانت ذاكرتي لا تخونني فإن القرية كانت بيبوزي ، وكالعادة انا وصباح توماس ابو ليلى كنا سوية إن كان في السراء او الضراء ، إن كنا برقة توما توماس او بالقيام بمهمة ما او في وقت الراحة فكنا سوية لا نفترق ، وفي تلك الليلة كنا في بيت من القرية بتنا ليلتنا فيه كان هنالك رجل عجوز تبرع ان يسرد لنا بعض الحوادث القديمة حينما علم اننا مسيحيون قال وهو يتربع في فراشه المفروش على الأرض :
كانت منطقة دشتة نهلة تسكنها الوحوش وتربتها صعبة على الأستصلاح ، لكن القوم الذي نزل بها كانوا فلاحين مجربين وهم قوم محاربين ايضاً ــ  وقد علمت من المقالات المنشورة ومن الأخ خوشابا سولاقا بالذات ان هذه القرى ( دشت نالا)  سكنها عشيرة تياري السفلى ــ  . ويضيف وهو يتحدث الينا وهذه المرة تمدد في فراشه متكئاً على مرفق يده ونحن جالسون على الأرض قبالته فيضيف :
كما هو معروف فإن قرى قبيلة الزيبار تنتشر بجوار هذه المنطقة ، وبعد فترة من استقرارهم في تلك الربوع اغار عليهم رجال من قبيلة الزيبار وأخذوا منهم (5 ) رؤوس غنم ، وما فعله الأثوريون مقابل ذلك ، انهم بعد ايام اغاروا على الزيباريين وأخذوا منهم ( 10) رؤوس غنم ، فاغتاظ الزيبارون من هم هؤلاء المسيحيين لكي ينهبوا منهم وضعف ما نهبوه؟
وهكذا اعدوا لهم غارة أخرى ناهبين قطيعاً من 15 رأس غنم وكالعادة اغارت عليهم القبيلة الأثورية ونهبت من حلالهم 30 رأس غنم ، وفي هذه المرة اشتدت العداوة ، وهيأت القبيلة الزيبارية نفسها وأخذت قطيع من الغنم وقتلت احد الرعاة ، اما القبيلة الأثورية فقد ردت الصاع صاعين حينما نهبت في قابل الأيام قطيعين غنم وقتلت اثنان من رعاتهم .
 حين ذاك ادرك عقلاء القبيلة الزيبارية ان هؤلاء ليسوا من المسيحيين الذين يعطون الخد الأيسر بعد صفع الخد الأيمن ، وكان عليهم تشكيل وفد للمفاوضات والتفاهم ، فهم جيران ويجب احترام قواعد الجيرة ، وفعلاً تمت الأتفاقية بضرورة احترام الجيرة وذلك بإنهاء مظاهر الأعتداء بين الطرفين ، وبدلاً من ذلك يصار الى التبادل التجاري حيث ان منطقة النهلة كانت مشهورة بإنتاجها من الرز الممتاز ، ومنطقة الزيبر مشهورة بإنتاجها من العدس وهو افضل عدس في العراق .
 الحديث كله سمعته من الرجل العجوز المسلم الكوردي وهو يفرغ ما علق في ذهنه من ذكريات ، في الحقيقة لم اشعر بأهمية ذلك الحديث في وقتها لأن المرحلة العمرية وقتذاك لم يكن يهمنا كثيراً احداث الحرب العالمية الأولى بقدر ما نحن مقبلون عليه يوم غد .
جدول الذكريات يتدفق احياناً وسيكون لنا عودة الى هذا الموضوع وغيره حينما تحين الفرصة ، وذكريات مرحلة الشباب جميلة ليس الى نسيانها سبيل .
اليوم في اقليم كوردستان كما في عموم العراق ، من المفروض ان لا يكون مكان لعمليات الثأر والعداوات ، كما ينبغي ان لا يضطر الناس لحماية انفسهم وممتلكاتهم ، وينبغي ان يكون سلطان القانون فوق الجميع دون تفرقة او تمييز ، وإن مبادئ المواطنة تقتضي ان يعيش كل مواطن حياته ، وإن واجب الحكومة ان تحمي ممتلكاته وأن تضمن حريته وتحترم خصوصياته في بيته او قريته او ميدنته .
د. حبيب تومي / اوسلو في 23 / 06 / 13
[/b]


75
الرئيس البارزاني لا يمكن ان يسمح بالأعتداء او التجاوز على القرى المسيحية لكن اين يكمن الخلل ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
انا هنا اعبر عن رأيي الشخصي ، واكتب بصراحة ، ومن خلال تجربتي على ارض الواقع فمن خلال تنقلنا في مناطق اقليم كوردستان او في المناطق المتنازع عليها ، او اثناء الدخول الى اربيل او دهوك او غيرها من المناطق فتكفي الهوية المسيحية ، او صليب معلق في مقدمة السيارة لكي تستمر في سيرك نحو المدينة دون عائق ، ولا يمكن لرئاسة الأقليم او لرئاسة الحكومة او الأحزاب الكردية  ان تقبل بأي تعدي او تجاوز على المسيحيين إن كانوا من الكلدان او السريان او الآشوريين او الأرمن او من الأديان الأخرى من الشبك او المندائيين او الأيزيدية ، ولا شك ان القيادة تحترم هذه المكونات وتعتبر الأقليم هو ملك لكل المكونات الدينية والأثنية الكوردستانية وليس للاكراد وحدهم .
القيادة الكوردية إن كان في الحكومة او الحزب او الرئاسة هي قريبة من هموم الأقليات وتحاول ان يسود الأمن والأستقرار والطمأنينة في قلوب هذه الأقليات لكي تنعم في الأجواء التعايشية المستقرة وتعمل مجتمعة وتساهم في عملية التطوير والبناء لهذا الأقليم . ومن هنا نلاحظ اقتراب القيادة من هموم الأقليات .
 لكن الخلل يكمن في الضفة الأخرى فهنالك ثقافة المجتمع وخلفياته المعتقدية والثقافية والتاريخية المتراكمة ، فخلال قرون كانت والى اليوم تروج ثقافة اسلامية رائجة في كوردستان وفي مناطق وبلدان أسلامية كثيرة وهي وصف غير المسلم بأنه كافر ، ولا مجال هنا للتطرق الى احكام اهل الذمة ، وهي احكام اقل ما نقول عنها انها ليست ملائمة ومناسبة مع احترام حرية البشر وكرامتها ، المهم كان المصطلح الرائج في كوردستان هو مصطلح ( فلاه) وهي مأخوذة من لفظة فلاح العربية ، إذ كان يطلق في الموصل على الأقلية المسيحية اسم (فليحي ) نظراً لتسمية لغته بهذا الأسم ( فلّيحي ) ، وهي منحوتة من لفظة ( الفلاح ) ، فالفلاح حينما يتوجه الى الموصل يتكلم بلغته الكلدانية ، ولا يفهما الموصلاوي ، فيقول عن لغتهم انها لغة الفلاحين ( فلّيحي) ، ثم حورت الكلمة الى الكردية باسم ( فلاه = Falah ) .
وهذه التسمية لا بأس بها مقارنة بمصطلح ( كاور او كافر ) تطلق على المسيحي ، ولعل الحديقة في كركوك المعروفة باسم (كاور باغي) ، وهي تسمية تركية تعني ( حديقة الكفار) ، وكاور هي كافر ، وباغي هي الحديقة . وهنالك أمور اخرى قد لا يعرفها القارئ ، وهي قبل اندلاع الثورة الكوردية في ايلول 1961 كان ممنوعاً على المسيحي الذي يستشهد في معارك بأن يطلق عليه لفظة الشهيد وبعد ذلك بدّل المرحوم البارزاني مصطفى بأن من يقتل في المعارك من المسيحيين هو شهيد بكل معنى الكلمة .
بعد عام 1991 حينما تمتع اقليم كوردستان بمساحة كبيرة من الحكم الذاتي ، عكفت القيادة الكوردية بقيادة البارزاني مسعود الى تحريم استعمال لفظتي ( فلاه ، وكافر او كاور ) وطفقت لفظة المسيحي تروج في الدوائر الحكومية وبين افراد الشعب ، ونحن نلمس ذلك في نقاط التفتيش ( السيطرات على الطرق ) ومدى التقدير والأحترام الذي يخاطب به الأنسان المسيحي ( مسيحي سه ر جافا = masihe sar chava ) اي مسيحي على عيني . وفي الأمثلة الشعبية هنالك مقولة يرددها المسلمون وهي : تعشّى في بيت اليهودي ، ونام في بيت المسيحي . دلالة على ائتمان الجانب المسيحي وإنه لا يمكن ان يخون الأمانة .
وهذا المثال هو جانب واحد من الأمثلة الشعبية لكن في الضفة الأخرى نقرأ خطاباً مختلفاً كلياً  وهو العمل على إذكاء روح الضغينة والكراهية ضد الآخر غير المسلم ، والتي يروج لها رجال الدين المسلمون مع الأسف في منابرهم الدينية ، وهذه الخطب هي التي تشحن وتؤجج المشاعر العاطفية للمواطن البسيط بأن عدوه امامه ، وعليه الأنتقام منه .
في الحقيقة سمة الأمانة والأخلاص للاقليات بشكل عام والمسيحيون بشكل خاص جعل من هذه الأقليات قريبة من القيادة في الحكومات والدول لا سيما في العراق ، والشواهد التاريخية كثيرة ، ولكن ربما يجادلني احدهم ويقول :
لكن ما هذا الظلم والأضطهاد ؟ ولماذا تتشرد هذه الأقليات وتترك اوطانها إن كانت بهذه الدرجة قريبة من من مراكز صنع القرار وكانت بحماية الحكومات ؟
 اجل ان الأقليات تكون بحماية الحكومات لكن ، يحدث احياناً ان تكون تلك الحكومات مخترقة او فاشلة ، وهذا الذي كان واقعاً بعد سقوط النظام في نيسان عام 2003 فكانت الحكومة لا تستطيع حماية نفسها ، فكيف تستطيع ان تحمي الأقليات ؟ وهكذا كان تفجير الكنائس وتشريد الأقليات الدينية والأستحواذ على املاكهم او منع ارزاقهم تحت شتى الحجج الواهية . وقد اوردت مثلاً في إحدى المناسبات من ان احد اصدقائي قد ائتمن جانب صديقه المسلم في بغداد على ان يجلس في البيت دون بدل ايجار او ببدل ايجار رمزي ، فكان ما قام به هذا الصديق العزيز ان لجأ الى بيع الأثاث ، ثم كتب قطعة على الدار يقول فيها : الدار معروضة للبيع . واعتبر ان البيت هو من الغنائم .
إنه يدل على فشل الحكومة التي لا تستطيع ان تحمي شعبها ، لا سيما الأقليات التي تعتبر اضعف الحلقات في النسيج المجتمعي العراقي .
 في عام 1941 وقع ما عرف بالفرهود ضد المكون اليهودي ، واليهود من الأقوام العراقية الأصيلة ، ومن قام بعمليات النهب والسلب والقتل في هذا الفرهود كانوا من عوام الشعب ، وحاولت الحكومة حمياتهم لكنها لم تستطيع الى ذلك سبيلاً إلا بعد اضرار جسيمة طالت الأرواح والممتلكات لهذا القوم العراقي المسالم .
الحكومة الكردية فتحت ابوابها لاستقبال المشردين من المدن العراقية بسبب عمليات الترهيب والقتل والتهديد المترتب على خلفية الهوية الدينية ، لقد تمتع المسيحيون والمندائيون في كوردستان بحقوقهم الكاملة كمواطنين من الدرجة الأولى ، لكن هذا لم يمنع من وقوع بعض الخروقات منها حدوث بعض الأعتداءات على المحلات والمتاجر التي تخص الأيزيدية والمسيحيون في مدن زاخو وغيرها  ، واتخذت الحكومة في وقتها الأجراءات الفورية لكي لا تتطور الأمور نحو الأسوأ ، ونحن نعلم ان اقليم كوردستان ينعم باستقرار امني وسلام مدني ، لكن الذي يحدث بين الفينة والأخرى هو انطلاق تلك التراكمات الثقافية في مسألة المسلم والمسيحي .
إن محاولات التأثير على البنية الديموغرافية لقرانا وبلداتنا المسيحية من قبل اخواننا المسلمين محصور في الثقافة الدينية ، وعلى الحكومة ان لا تقوم  بواجبها الأمني فحسب ، وفي اعتقادي المتواضع ان الحل الأمني ليس كافياً ، فمطلوب من قيادة الأقليم ان يكون لها توجه وبرنامج متطور لبناء الأنسان في كوردستان ، قبل ان يكون لها توجه في بناء البنية التحتية ، فبناء الأنسان هو من اصعب المهام وتبدأً ببناء الطفل بتلقينه التربية الأنسانية المسامحة ( التعلم في الصغر كالنقش على الحجر ) .
 على الإنسان الكوردي ان يعلم بأنه قبل ان يكون مسلم هو إنسان ، وعليه ان يتعلم شيئاً عن  الأديان الأخرى ، فالدين الأسلامي ليس وحده على الكرة الأرضية فحسب ، فثمة معتقدات وأديان اخرى يعتز معتنقيها بأديانهم  ومعتقداتهم وكما يعتز المسلم بمعتقده ودينه .
 إن البداية تبدأ في الطفل ، ولهذا نؤكد على اقليم كوردستان ان يخصص اهم المبالغ من الميزانية في مشاريع لتربية وتعليم الأطفال واجيال الشباب ، وحينها سوف لا تضطر الحكومة لمزيد من القوات الأمنية للمحافظة  على الأمن ولحماية المواطنين . إن محاولات التجاوز على دشت النهلة وقراها او غيرها من الأماكن في كوردستان بقصد تغيير تركيبتها السكانية ، هي نتيجة طبيعية لتلك الثقافة التي تدعو لكراهية الآخر وعدم القبول به .
من المؤكد ان القيادة الكوردية وفي مقدمتها الأستاذ مسعود اليارزاني وكل ألأقطاب في هذه القيادة لا يمكن ان توافق على سياسة التغيير الديموغرافي ولا تقبل بالتأثير على الخصوصيات الثقافية واللغوية والأثنية والدينية للمكونات غير الكوردية وغير الأسلامية ، ولنا الثقة ان يصار الى معالجة هذه الأشكالية بشكل آني وجذري ، لكي لا تتكرر في المستقبل وأن يصار الى معالجة التراكمات القديمة وإزالة آثارها لينعم الجميع في اجواء الأمن والأستقرار والتعايش المدني السلمي للجميع دون تفرقة او تمييز .
د. حبيب تومي / اوسلو في 17 / 06 / 2013

76
اعتدال وشمولية البيان الختامي لسينودس الكنيسة الكلدانية ونسجل بعض المداخلات
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
علينا ان نعترف ان مؤسسة الكنيسة الكلدانية قد اعتراها بعض مظاهر الضعف والهوان في العقد المنصرم ، وكان  ذلك نتيجة طبيعية لحالات العنف الدموي الذي خيم على الشارع العراقي ، وكانت مظاهر العنف وعمليات الأرهاب والأبتزاز والتشريد والتهديد تطال الكنيسة وأبناء شعبها الكلداني وكل المسيحيين في المدن العراقية لاسيما الموصل والبصرة وبغداد  ، فحينما كان يشرد ابناء هذا الشعب من بيوتهم وتصلهم التهديدات وعمليات الخطف والأبتزاز ، كانت في الوقت ذاته تفجر الكنائس بمصليها وقساوستها وكانت عمليات الخطف والأبتزاز والأغتيال تطال رجال الدين المسيحيين ، لتصل في ذروتها الى عملية اختطاف المطران الجليل فرج رحو في 29 شباط 2008 واغتياله حيث عثر على جثته الطاهرة في في يوم 31 آذار 2008 ، إن هذه الأوضاع المأساوية ومسائل اخرى اشتركت في تشريد الشعب الكلداني وإجباره على الهجرة القسرية ,الى تفريغ الكنائس من مصليها والى تشريد رجال الدين منها ، هكذا بقيت الأعداد القليلة وكان في مقدمة هؤلاء البطريرك الكاردينال مار عمانوئيل دلي الذي ربط مصيره مع ابناء شعبه الكلداني ومع بقية المسيحيين وهم في محنتهم الشديدة .
وفي هذه الظروف العسيرة كانت ثمة عامل حاسم آخر يساهم في إضعاف مؤسسة الكنيسة تنظيمياً وهيكلياً ، حيث كانت تنهال المساعدات للأبرشيات من المجلس الشعبي دون ان تراعى هرمية التنظيم لمؤسسة الكنيسة وضرورة ان تصل تلك الأموال الى المركز ومنها توزع للابرشيات حسب الحاجة ، فتولدت مصطلحات غريبة من قِبل مطارنة الشمال ومطارنة الجنوب ومطارنة الخارج ...
 وهنا لست متأكداً هل ان كل ابرشية لها صلاحيات واسعة تصل الى درجة الإدارة الذاتية وفي استقلالية التصرف بالأموال اما ثمة ميزانية مركزية يتولى صرفها وتوزيعها المركز اي مقر البطيريكية في بغداد وفق اسس وضابط معينة ؟
المهم كل هذه العوامل عملت على ضعف وهوان الكنيسة الكلدانية وأضحت بمثابة الجسم المريض الذي تفتك به الأمراض دون ان يستطيع مقاومتها في ظروف تعذر العثور على الأدوية الناجعة ، فتركت الكلدانية الكلدانية تعاني من ذلك الضعف الى جانب ما تعرض له شعبها الكلداني وبقية مسيحيي العراق من ظلم وعنف وإرهاب ..
اليوم ..
اليوم ما اجمله تشرق الشمس وتنير الدروب وتتصافى القلوب في محبة المسيح ،
فيلتئم شمل المطارنة الأجلاء والآباء الكهنة في العاصمة العراقية بغداد ، باستثناء من لم تسمح ظروفهم بالمجئ ، فكان السينودس المنعقد في الفترة 05 ـ 11 من شهر حزيران الجاري وتوصل الى نتائج مهمه في مشواره الطويل وترشح بعض التوصيات والمقررات في البيان الختامي ( طالع الرابط اسفل المقال ) .
 لقد ورد في البيان الختامي في الفقرة اولاً :
( .. خلال إعادة هيكلية تنظيم البطريركية والأبرشيات والرهبانيات والمؤسسات الكنسية باحترام القوانين الكنسية. لقد كان هذا السينودس فرصةً مميزة للقاءاتٍ مهمة خصوصاً وأن  انعقاده  جاء بعد خمسة أشهر من انتخاب البطريرك الجديد. ورأى الآباء الأساقفة أن الكنيسة الكلدانية بتنوّع أعضائها أينما وجدت في الوطن وفي الشرق أم في بلاد الشتات، تمثل جسداً واحداً .. ) انتهى الأقتباس .
وكما اوردت في بداية المثال التقسيم القسري الجغرافي الذي طال مؤسسة الكنيسة فإن هذه النقطة تعالج تلك الحالة فهي كنيسة واحدة وجسد واحد وكل عضو في ذلك الجسد الكنسي يعمل على وحدتها وقوتها وتطورها ويعينها لتقوم بواجبها الكنسي اللاهوتي والأنساني في المجتمع ، وأين ما كانت في الشمال او الجنوب او في دول الشتات إنها كنيسة واحدة وجسد واحد يضمن ديمومتها القلب النابض ، ويضبط مسيرتها الفكر الديني المسيحي الواحد والكنيسة المقدسة الواحدة الجامعة .
وفي الفقرة ثانياً نقرأ :
( .. وذلك  بوضع آليات حوار وتواصل لكي لا تتبعثر قوانا خصوصًا وأننا في تناقص مستمر. كما أنهم أكدوا على رغبتهم في فتح حوار صريح وشجاع مع كنيسة المشرق الآشورية لاسترجاع وحدة كنيسة المشرق ومكانتها وهيبتها ومجدها. ) انتهى ...
إنها توجهات وحدوية نبيلة لإعادة لحمة كنيسة المشرق كخطوة اولى لأعادة مجدها التليد عبر التاريخ ومداخلتنا على هذه الفقرة هي : ان تتوفر منظومة الوسطية الذهبية ، فالوحدة تتحقق حينما يتوفر الأستعداد لدى جميع اطراف المعادلة وليس الكنيسة الكلدانية فقط :
ـ كنيسة المشرق الآشورية .
ـ الكنيسة الشرقية القديمة . أضافة الى الكنيسة الكلدانية المنفتحة نحو الوحدة في كنيسة المشرق .
 وذلك بأن يخطو كل منهم خطوة نحو الطرف الآخر وفي نهاية المطاف يلتقي الجميع في الحلقة الوسطية الذهبية الجميلة ، وهذه الحالة تتطلب من جميع اطراف المعادلة يتطلب التضحية ونكران الذات ، وفي جانب الأخوة الأثوريون هنالك إشكالية أخرى حيث هي منقسمة على نفسها الى كنيسة المشرق الآشورية والكنيسة الشرقية القديمة ، وفي نفس المربع ثمة اشكالية المطران مار باوي سورو والكهنة والعلمانيين من الأخوة الآثوريين الذين معه . إنها حقاً مهمة عسيرة ، ولكنها ليست مستحيلة التحقيق ان تصافت القلوب وهيمنت الثقة المتبادلة وإن كان التوجه نحو فتح صفحة جديدة في العلاقات لكي يصار الى تذليل الصعوبات الجمة .

وفي الفقرة ثالثاً نقرأ :
( .. وأيد آباء السينودس هذه الخطوات من أجل استقرار بلدنا وتنعمه بسلام عادل وشامل، فنعيش تحت ظلِ نعمة الرب وكان مسك الختام عشاء المحبة الذي دعا إليه غبطته بمناسبة انعقاد السينودس الكلداني، مساء الأثنين 10/6/2013 في فندق الرشيد، وقد اشترك فيه المسؤولون الحكوميون والكتل السياسية وعلماء الدين وروؤساء الطوائف المسيحية وجاء اللقاء حقا لقاء مصالحة. ) انتهى ..
ونرفق هذه الفقرة مع الفقرة ثامناً التي ورد فيها :
(يؤكد الآباء أن ما جاء في رسالة غبطة البطريرك بخصوص العمل القوميّ والسياسي هو للعلمانيين المقتدرين. ونحنُ نشجعهم على بناء مدارس لتعليم لغتنا وإنشاء مراكز ثقافيّة واجتماعية تعنى بالتراث والفن والثقافة، وتشكيل أحزاب سياسيّة تدافع عن كرامة الناس وحقوقهم، لكن لا يمكن لأفراد الأكليروس بجميع درجاتهم الانخراط فيها أو التحول إلى دعاة لها. على أعضاء الاكليروس الالتزام  الكامل بدعوتهم الكهنوتية وخدمة كلِّ الناس من دون تفريق. ) انتهى الأقتباس .
 وفي الفقرتين نلاحظ على ارض الواقع في الفقرة ثالثاً هنالك ممارسة سياسية بحتة ، بدعوة رجال الدولة الى الجلوس سوية بغية تقريب وجهات النظر وحلحلة الأوضاع السياسية والأمنية في العراق ، وهنا نقول ان المصلحة الوطنية العليا تدعو البطريرك الى التدخل في الوقت المناسب لوقف عمليات العنف المجتمعي وسفك الدماء ومطلوب منه الوقوف مع شعبه الكلداني ومع المسيحيين عموماً في حالة تعرضهم لمخاطر التطهير العرقي او العلميات الأرهابية ، وحسناً فعل المطارنة الأجلاء بدعم غبطة البطريرك مار لويس الأول روفائيل ساكو في جهوده الوطنية لجمع القادة حول مائدة محبة .
وفي كل الأحوال فإن الكنيسة حينما يكون لها هذه الموقف الإيجابي الشجاع من هموم العراقيين عامة ، فلا بد ان يكون لها نفس الموقف وأكثر من حقوق وهموم شعبها الكلداني ، فالكنيسة الكاثوليكية الكلدانية وشعبها الكلداني في سفينة واحدة تمخر عباب اليم ، ومصير جميعم منوط في سلامة هذه السفينة وبلوغها بر الأمان .
فثمة ظروف إنسانية وكارثية قاهرة تجبر اي انسان على ركوب موجة السياسية لأنقاذ قوم من الكارثة . وبعد ذلك كل يذهب الى حال سبيله إن كان الواجب الكنسي اللاهوتي أو كان العمل العلماني الأقتصادي او السياسي او القومي والتاريخ الكنسي زاخر بمثل تلك المواقف القومية والسياسية الشجاعة .

في الفقرة رابعاً ورد :
(رفع الآباء الأساقفة المجتمعون رسالة بواسطة سيادة السفير البابوي إلى قداسة البابا فرنسيس مؤكدين له محبتهم وتقديرهم لمواقفه المشجعة على الانفتاح والتقارب بين الناس، وأكدوا على أهمية انتماء الكنيسة الكلدانية إلى الكنيسة الكاثوليكية.) . انتهى
 أنه تأكيد لثبات موقف الكنيسة الكلدانية من الكنيسة الكاثوليكية وعلى ديمومة هذه العلاقة الروحية والتنظيمية .
وفي الفقرة خامساً ورد :
( تداول الآباء أوضاع الأبرشية البطريركية في بغداد وتنظيم الدائرة البطريركية وأيضاً الدوائر الأسقفية وخصوصاً الدوائر المالية حسب نظم حسابية دقيقة وشفافة.. ) انتهى الأقتباس .
وهذه الفقرة تغريني ان اقول كان من الضروري حضور بعض العلمانينن من الملمين بالشأن السياسي والأقتصادي والمالي لربما كان لهؤلاء افكار تصب في مصلحة الكنيسة لاسيما في الجانب المالي الذي يحتاج لادارته خبرة وممارسة وتخصص .
قرأت في النقطة سادساً هذه الفقرة :
(.. وضمان عيش كريم لهم. وناقشوا موضوع انتقال بعض الكهنة من أبرشية إلى أخرى من دون موافقة مطرانهم مما يؤدي إلى ضعف في الخدمة الكهنوتية. ودعوا كل الأبرشيات إلى عدم قبول أي كاهنٍ من دون رخصةِ مطرانه... ) .انتهى الأقتباس
انها خطوة سليمة ومهمة لضمان انسيابية العمل الكنسي في الأبرشيات إذ ينبغي ان يكون التنقل وفق ضوابط كنسية وما تمليه المصلحة العامة التي من اجلها انخرط ذلك الكاهن او الراهب وتطوع في ذلك السلك .
لكن ثمة قضية مهمة لم اقرأ لها خبراً يخص نفس الموضوع وهو انتقال الكهنة والرهبان ، من الكنيسة الكلدانية الى الكنيسة الآشورية ، وقد يكون هذا الكاهن مطروداً من كنيسته لأسباب وجيهة ، ثم نلاحظ ان هذا الكاهن يأخذ موقعه وأفضل منه في الكنيسة الاشورية ، فإن كان لنا جذور كنسية واحدة وكان لنا لغة واحدة وطقس كنسي واحد وهي كنيسة واحدة ، فكيف يطرد من كنيسة لمخالفته القوانين الكنيسة ، ثم لا يلبث ان يجد له موقعاً في الكنيسة الأشورية افضل مما كان له في كنيسته الكلدانية ؟ وهذه الحالة شملت باعتقادي 10 كهنة ، فهنا سيكون الألتزام قليلاً بأوامر الكنيسة الكلدانية فكل من لا تناسبه تلك الأوامر فمكانه محجوز في الكنيسة الأخرى التي ربما تفوق امتيازاتها ومغرياتها عن الكنيسة الكلدانية ، لا سيما في مسألة الحالة الأجتماعية للكهنة في الكنيسة الآثورية .
 ومن المؤكد ان هذه الحالة قد نوقشت في اجتماعت السينودس لكن لم يكن إشارة اليها في البيان الختامي الذي ايضاً خلا من التطرق الى مشكلة المطران الجليل مار باوي سورو .

في الفقرة سابعاً نقرأ :
(.. وطلب الآباء تأسيس لجنة مكونة من إكليروس وعلمانيين لدراسة شاملة ووافية عن هذا الموضوع من خلال جمع معلومات لوضع الأسس الاقتصادية والاجتماعية ... ) انتهى
حقاً ان مسألة الهجرة هي مشكلة مستعصية وينبغي ان تتظافر جهود الأفراد والمؤسسات ، فهي مشكلة شائكة لها جذور وأسباب اقتصادية وسياسية ودينية وامنية ، فهي مشكلة معقدة وتتطلب حلول مستفيضة مستقبلية ، وإلا أن استمرت الهجرة بهذه الوتيرة سوف يكون العقد القادم عقد خلو العراق من المسيحيين ومن المكونات الدينية غير الإسلامية الأخرى .
وفي نفس النقطة سابعاً قرأت هذه الفقرة :
( تفتخر كنيستنا بهويتها الكلدانية بأنها تعود بتاريخها إلى زمن الرسل، إلى توما وأدي وماري، هؤلاء الذين جاءوا من بعيد ليشهدوا للمسيح ويحملوا بواسطتنا البشرى إلى أقطار العالم البعيد حتى الهند والتبت والصين .. ) انتهى
في الحقيقة انها أشارة جديرة بالأهتمام التي تشير الى هويتنا الكلدانية ، وبرأيي المتواضع كان ايضاً من الضروري الإشارة الى حقوق الشعب الكلداني السياسية والمالية حيث انه المكون الوحيد الذي لا يتمتع بحصته من الثروة الوطنية وهذا اجحاف بحق الشعب الكلداني وكان يترتب على السينودس الموقر ان يكون له إشارة الى حقوق شعبه في عموم العراق وفي
 اقليم كوردستان .
تحيتنا ومحبتنا لغبطة البطريرك مار لويس الأول روفائيل ساكو الكلي الطوبى ، والأساقفة الأجلاء والأباء الروحانيين الكرام والأخوات الراهبات ، نتمنى لهم جميعاً ومع شعبهم الكلداني وكل مسحيي العراق المظلومين ، نتمنى ان نشهد الأنفراج والأمن والأستقرار في الحالة العراقية ليعود المسلم والمسيحي والمندائي الصابئى والأيزيدي والكاكائي والشبكي والعربي والكردي والتركماني والأرمني والآشوري والسرياني وكل إنسان عراقي  ان يتمتع بنعمة الأستقرار والمواطنة المدنية الآمنة في ظل مجتمع عراقي يسوده التسامح والتعايش والتعاون والمحبة .

د. حبيب تومي / اوسلو في 12 / 06 / 2013
ـــــــــــ
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,671210.msg6025890.html#msg6025890

77
الرئيس البارزاني والدستور وكلمة الفصل تكمن في أستفتاء الشعب الكوردي
 بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
قطعاً إن اقليم كوردستان ليس سنغافورة في الصناعة وليس النرويج او سويسرا في الديمقراطية وليس دبي في البناء العمراني ، ونستطيع ان نوصف كوردستان بأنها تخطو الخطوات الأولى نحو تلك الآفاق الديمقراطية والبرامج العمرانية والصناعية والخدمية .
ثمة قصة حقيقية دارت احداثها في العرأق منذ عام 2003  والفصل الأول في هذه القصة يفيد ان العراق في نيسان 2003 تخلص من نظام حكم دكتاتوري ، وكان من المنتظر ان يشهد العراق بعد ذلك استقراراً امنياً وأن ينعم بالحكم الديمقراطي بعد عقود الحكم الدكتاتوري ، وأن يتفوق في البناء والتعمير والصناعة والزراعة والسياحة والخدمات ، لكن الذي حدث كان عكس تلك التوقعات تماماً ، فلم يصار الى إرساء قواعد حكم ديمقراطي ولم نشاهد مظاهر البناء والتعمير ولم ينعم العراقيون بالأستقرار والأمان . والى اليوم المدن العراقية غارقة في برك الدم وساستنا غارقين في مستنقع الخلاف الدموي الطائفي .
لكن في فصل آخر من هذه القصة الحقيقية ، تدور احداثها في منطقة من الوطن العراقي المعروفة بكوردستان او أقليم كوردستان ، إذ استفاد هذا الجزء من غياب الدكتاتورية فأفلح في إرساء دعائم حكم ديمقراطي ، وتمكن من ترسيخ النظام والأستقرار والقانون وخلق اجواء التعايش المجتمعي للنسيج الكوردستاني الجميل وفي هذه الأجواء كان تسابق وتناكف المؤسسات والشركات الأستثمارية للعمل في كوردستان التي اكتسبت سمعة دولية واقليمية متميزة ، فأخذت تدور عجلة التقدم في كوردستان ، والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو :
 من كان وراء كل النهضة في كوردستان ؟ من كان مهندسها ؟ وهنا تتجلى شخصية البارزاني كرائد لهذه المسيرة انه رجل عركته سنوات النضال منذ ستينات القرن الماضي ليغدو سياسياً ماهراً في كوردستان وعموم العراق والمنطقة ولذلك فإن شخصية مسعود البارزاني لا تحتاج الى من يمتدحها .أن المسيرة التي قطعها اقليم كوردستان في معارج العلم والتقدم الحضاري ، ووضع ركائز قواعد ثابتة للعملية السياسية بالأنتقال الديمقراطي السلس للسلطة السياسية .
لكن برأيي الشخصي ان اهم انجازات الرئيس مسعود البارزاني أنه لم يتأثر ولم يقتدي بالنهج السياسي الذي سلكه القادة السياسيون العراقيون وهو اسلوب الأنتقام والثار والثار المضاد والأصطفاف الطائفي ، بل ادخل الأنسان الكوردي في اقليم  كوردستان في واحة التسامح والتعايش فأعلن عن ولادة كوردستان جديدة ، لا مجال لثقافة الثأر والأنتقام ولا مكانة لعداوات سابقة ، لقد طويت صفحة الصراعات الدموية والمعارك ، إنها ساحة البناء والتعمير وبناء الأنسان لخلق مجتمع متفاهم متسامح متعايش ، في ظل الأمن والأستقرار للجميع . هذا هو الأنجاز التاريخي الكبير الذي يُسجل لمسعود البارزاني .
إن الرئيس مسعود البارزاني ليس بحاجة الى منصب رئيس الأقليم او اي منصب آخر ، إن كوردستان احوج ما تكون اليوم الى شخصية مسعود البارزاني الكارزمية والتي يحترمها كل الأطراف في عموم العراق وفي المحافل الدولية والأقليمية . لكن الأستاذ مسعود البارزاني يملؤه الأعتزاز والفخر حينما يلقب بالبيشمركة اكثر من اي لقب آخر حتى لو كان رئيس الأقليم .
 قبل سنين رفض مسعود البارزاني ان يكون رئيساً للاقليم على اعتبار ان حزبه قد فاز في الأنتخابات ، وأراد ان يكون تفويضه من الشعب مباشرة ، وهكذا كان ترتيب انتخابات رئاسية ويكون الأقتراع من الشعب مباشرة ، ونافسه على المقعد عشرة مرشحين وكان بينهم من نافسه بشكل جدي فكانت نسبة حصوله من الأصوات تقترب من 70%  وبقية الأصوات ذهبت لمنافسيه في العملية الديمقراطية .
إن ترشيح البارزاني لنفسه للمرة الثالثة سيفتح الأفاق للتنافس الحر والشعب حر في منح صوته لمن يشاء عبر صناديق الأقتراع ، أما ان كانت نصوص الدستور ، الذي لم يصار الى تصديقه لحد الآن ، إن كانت تناقض المصلحة العامة فتلك النصوص ليست مقدسة ، وكما قال شارل ديغول وأشرت الى قوله في المقال السابق يقول: لن اضحي بفرنسا من اجل نص ، اي بنص مكتوب في الدستور الفرنسي ، فالدستور وضع ليكون خدمة للوطن والشعب وليس نقيض ذلك ، من المؤكد ستكون هنالك منافسة قوية على إشغال هذا الموقع المهم .
طبيعة النظام في اقليم كوردستان
في الحقيقة رغم وصف النظام في كوردستان بأنه رئاسي ، ومطلب المعارضة الكوردية بأنها تسعى الى استبدال النظام الرئاسي بالبرلماني ، فإن هذه المعادلة لا تنطبق كلياً على اقليم كوردستان ، فالنظام الرئاسي الذي يتجسد بشكل واضح في النظام الأمريكي وفي دستوره ، إذ ينتخب رئيس الجمهورية بالأقتراع المباشر من قبل الشعب ، وتناط بالرئيس المنتخب السلطة التنفيذية ويصبح مسؤولاً عنها كلياً لعدم وجود رئيس وزراء ، كما هو معمول به في النظام البرلماني الذي تناط برئيس ومجلس الوزراء السلطة التنفيذية مباشرة .
وهنالك موقف يردد ذكره عن ابراهام لنكولن وهو الرئيس 16 لأمريكا حيث تمكن من ايقاف الحرب الأهلية ووحد الولايات وألغى نظام الرق في امريكا عام 1863 وهو الذي دعا مجلس وزرائه المتكون من 7 وزراء فقط ، للاجتماع  ، فاجتمعوا في موقف على رأي  مخالف له فقال : سبعة تقول : لا ، وواحد يقول : نعم ، وواحد هو الذي يغلب لأنه الصحيح .
في الحقيقة لا يمكن توصيف الحكم في اقليم كوردستان بأنه رئاسي بحت ، بل يمكن ان نقول انه نصف رئاسي او نصف برلماني ، او هو يأخذ من النظامين ، فمطلب المعارضة بتبديل النظام الرئاسي بالبرلماني غير واقعي ، ففي كوردستان مجلس وزراء منبثق من النتائج التي تفرزها صناديق الأقتراع ، وثمة مجلس الوزراء يملك بيده صلاحيات السلطة التنفيذية . وفي حالة اختيار الرئيس من قبل البرلمان كما تريد المعارضة ، فإن المنصب سيكون حتماً من نصيب الحزب الحاكم ، بينما حينما يكون الرئيس منتخب من قبل الشعب مباشرة قد يكون هنالك شخصية محترمة تفوز بثقة الشعب من خارج نطاق الحزب الحاكم .
  برأيي المتواضع ان اقليم كوردستان بحاجة ماسة الى وجود شخصية الرئيس مسعود البارزاني في هذه المرحلة المهمة ، انه يمثل قبان توازن في محصلة العملية السياسية العراقية وفي المنطقة اما في أقليم كوردستان فإن الرئيس ( البيشمركة ) مسعود البارزاني يجسد الشخصية الكارزمية التي يلتف حولها قاعدة عريضة من ابناء الشعب الكوردي ، وهو الذي يتميز بالمواقف المعتدلة في حل الخلافات الناشئة على الأرض نتيجة الأختلاف في المواقف السياسية .
لم يمض على ممارسة الأقليم السلطات السياسية والأقتصادية الذاتية سوى عقدين من الزمن ، وقد مارس تلك السلطات بشكل اوضح منذ عام 2003 فحسب ، وهذه المدة القصيرة من عمر الزمن لا يمكن ان نعتبر الأقليم قد بلغ نقاط التكامل في عمره القصير وتجربته الفتية في ممارسة السلطات الذاتية ، ورغم قطعه اشواطاً مهمة في هذا الطريق .
نعود الى مسألة مهمة اخرى وهي مسألة إعادة مسودة الدستور الكوردستاني الى البرلمان لأعادة مناقشة تفاصيل مواد الدستور وتعديلها ، إذ كان هنالك مناقشات مستفيضة في البرلمان حول مواد الدستور واتخذت مواده الصيغة النهائية ، ولم يبقى سوى ان يصدر الشعب حكمه بالإقرار عليه او بعدم الموافقة عليه عبر عملية الأستفتاء الشعبي مباشرة ، الجدير بالملاحظة حتى بالنسبة الى ما يخص معارضتنا نحن الكلدان للدستور والتي تتركز على نقطة واحدة وهي ذكر اسم قوميتنا الكلدانية بشكل مستقل في  مسودة الدستور الكوردستاني ، وكما هو منصوص عليه في دستور العراق الأتحادي ، وكانت المناقشات المستفيضة في البرلمان قد اقرت صيغة ذكر اسم القومية الكلداني بشكل مستقل ، لكن ان الصيغة بدلت الى التسمية المختلطة ( كلداني سرياني آشوري ) بعد انهاء كل المناقشات ، وهكذا جرى سلب حقوق الشعب الكلداني دون ان تكون هنالك موافقة عليها في البرلمان الكوردستاني ، ولهذا ينبغي إعادة الأسم الكلداني الى الدستور ، ولا يحتاج ذلك اي تأويلات او مناقشات .
لكي يتقدم اقليم كوردستان في معارج العلم والحضارة ينبغي بناء الأنسان قبل كل شئ ، وهذا يحتاج الى برامج  طموحة في التربية والتعليم منذ سنوات الطفولة ، بأن يتمسك الطفل بالنظام والقانون وحثه على البحث والدراسة في مستقبل حياته ، والمعارضة والحكومة ينبغي ان يكون همهما الأول في هذه الناحية المهمة وهي الضمانة الأكيدة لمستقبل كوردستان . وإن التناكفات الأخرى سوف تزيد في الطين بللة ، وهذا ما يحصل في العراق حيث قد اهملت كل القضايا المهمة في تطور البلد ، واصبح الهم الوحيد هو التناكف السياسي ، والأصطفاف الطائفي الدموي ، والعراق الى اليوم يخوض في مستنقع العنف والأرهاب ، وهذا شئ مؤسف حقاً ان ينحدر العراق الى هذه الهاوية ، ولذلك اقول دائماً علينا ان نبني الأنسان قبل نبني المباني ونشيد الجسور .
د. حبيب تومي / اوسلو في 06 / 06 / 13

78
لا يليق بأقليم كوردستان إهمال وتهميش حقوق الشعب الكلداني والدستور مثالاً
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الشعب الكلداني يعتبر مكوناً اساسياً من الشعب المسيحي في العراق وفي اقليم كوردستان الى جانب اخوانه من السريان والآشوريين والأرمن ، ويشترك مع السريان والآشوريين بمقومات لغوية وثقافية واجتماعية . لقد علمتنا اجواء الحرية في اقليم كوردستان على الصراحة والمكاشفة والكتابة بحرية  ، فإن لاحظنا عملاً ايجابياً او إنجازاً عمرانياً  قيمناه وأشرنا اليه بالبنان وهذا ينطبق على رأينا في العلمية السياسية والتداول الديمقراطي السلس للسلطة السياسية والتي تنجم عن العملية الأنتخابات الديمقراطية في اقليم كوردستان ، والى جانب هذه الحالة فإن ملاحظة مسألة او حالة سلبية فنحن نزاول منظومة النقد البناء وبشكل صريح وهدفنا هو التصحيح والبناء ليس إلا .
ومن هذه الأرضية نكتب ونقول ان حقوق الكلدان ليست على ما يرام في اقليم كوردستان وهذا الغبن لا يلائم مع ما يساهم به الشعب الكلداني في علمليات البناء ، وما قدمه من تضحيات الى جانب شقيقه الشعب الكوردي في سنين الكفاح المسلح الذي تبلور بشكل واضح بعد ثورة ايلول سنة 1961 وما بعدها ومحطات القتال والتضحية كثيرة وقد أشرت اليها في الفصل السابع عشر من كتابي الموسوم : " البارزاني مصطفى قائد من هذا العصر " والذي طبع مؤخراً في اربيل من قبل دار آراس للطباعة والنشر .
ينبغي ان نعترف بأن اقليم كوردستان قد استقبل المكونات الدينية غير الإسلامية ( المسيحيين والمندائيين ) التي طالتها العمليات الإرهابية من تشريد وقتل وتهديد في مدن العراق ، وقد وجدت هذه المكونات الملاذ الآمن في اقليم كوردستان ، بل كان التعامل معهم بلغة المواطن من الدرجة الأولى ، ولكن من ناحية الحقوق السياسية والقومية كان هنالك غبن وإجحاف واضح بحق الكلدان ، وقد أشرنا الى ذلك خلال مقالاتنا كما اشرنا الى الحقوق المهضومة للكلدان من خلال مقابلاتنا للمسؤولين في اقليم كوردستان كوفود او كأفراد .
في سنة 2009 اشتركت بوفد كلداني كبير قادماً من اميركا ، وقابلنا الرئيس مسعود البارزاني وكان الوفد متكون من عشرة اعضاء في مقدمتهم المطرانين الجليلين مار ابراهيم ابراهيم ومار سرهد جمو . ومع نفس الوفد قابلنا الأستاذ فاضل الميراني ، وفي كل المقابلات كان الثناء على العلاقات الأخوية الكوردية مع المسيحيين بشكل عام ومع الشعب الكلداني بشكل خاص . في المقابلة مع الرئيس مسعود البارزاني اكد سيادته للوفد ان ذكر القومية الكلدانية في الدستور الكوردستاني سوف يكون واضحاً وصريحاً وكما هو مدرج في مواد دستور العراق الأتحادي وليس خلافاً له .
 لكن الذي حدث ان الأمور تغيرت بين ليلة وضحاها ، فبدلاً من الألتزام بمواد دستور العراق الأتحادي وكذلك بما وعد به الرئيس مسعود البارزاني للوفد الكلداني خلال مقابلتنا له ، وكذلك حسب المذكرة التي رفعها الأساقفة الكلدان والبطريرك الكلداني مار عما نوئيل دلي في وقتها وعلى هامش السنودس الكلداني المنعقد في عنكاوا في اوائل أيار عام 2009 ، والمطالبة بإدراج التسمية الكلدانية بشكل مستقل وكما هو مدرج في الدستور العراقي ، برغم كل ذلك فقد جرى تغيير المادة ورفعت التسمية الكلدانية  لشعب عريق وبدلت بتسمية سياسية كانت من إخراج الأحزاب السياسية القومية ، وهي تسمية مركبة لا تدل على شعب يحترم نفسه وتاريخه وليس لها مثيل في اثنوغرافية شعوب الأرض قاطبة .
اليوم يدور الحديث حول الدستور الكوردستاني بين الحكومة والمعارضة وحول الأستفتاء المزمع إجراؤه وذلك بعرض مسودة الدستور الى الشعب مباشرة للمصادقة عليه . ورغم تاييدنا لقرار العودة الى الشعب في شأن مهم كوثيقة الدستور ، فإن عرضه بهذا الشكل على الأستفتاء سيشكل غبناً وإجحافاً بحق الكلدان ، وعليه نرى تعديل المادة الخاصة بذكر القوميات ووضع اسم القومية الكلدانية بشكل لائق وكما هو مدرج في الدستور العراقي وبعد ذلك عرضه على عموم الشعب للأستفتاء عليه ، فلا يليق كما قلت في بداية المقال ان يطال الغبن والأجحاف الشعب الكلداني وهو شريك الشعب الكردي في سنوات وعقود النضال المسلح .
إن حقوق الكلدان ليست على ما يرام في اقليم كوردستان ، والدليل ان القوى السياسية الكلدانية التي لها مقرات في كوردستان سوف لا تتمكن من الأشتراك  في الأنتخابات القادمة في كوردستان إن كانت انتخابات برلمانية او انتخابات مجالس المحافظات ،  والسبب هو افتقار الأحزاب والمنظمات الكلدانية الى المال ، فإن كنا جميعاً مسيحيين ، وإن كان الأقليم يعطي حصة للمسيحيين ، لماذا لا يصل شيئاً للاحزاب والمنظمات الكلدانية ؟
لماذا تبقى عاجزة اليوم عن الأشتراك في الأنتخابات بسبب اافتقارها الى المال ؟ بينما الأحزاب الآشورية متخمة بالمال وتشترك في الأنتخابات وتصرف على الدعاية الأنتخابية ولهم باع طويل في الأعلام وفي مقدمة ذلك تأتي فضائية عشتار ، وهكذا إن أرادت قيادة الأقليم ان تنصف الشعب الكلداني كبقية المكونات فأنها مطالبة :
 اولاً : إدراج اسم القومية الكلدانية في مسودة الدستور الكوردستاني وكما هو مدون في دستور العراق الأتحادي الذي جرى التصويت عليه عبر استفتاء شعبي عام ، وإن يكون هذا الأدراج قبل عملية طرح الدستور للاستفتاء .
ثانياً : منح الكلدان كوتا قومية ، اسوة بما منحت للاخوة الأرمن ، فنحن الكلدان قد جردنا في اقليم كوردستان من اية امكانيات إعلامية او مالية ولا نستطيع منافسة من يملكون بأيديهم كل تلك الأمكانيات فذهبت مقاعد الكوتا لأصحاب تلك الأمكانيات وهذا غبن حقيقي بحق الكلدان .
ثالثاً : منح الكلدان حصتهم من الثورة العراقية ، إنهم عراقيون مثل العرب والأكراد والتركمان والآشورين والسريان والأرمن وغيرهم فلماذا يحرم الكلدان من حصتهم من الثروة العراقية ؟ لماذا يعاملون وكأنهم اتباع لمكونات أخرى ؟ ولتحقيق العدالة والمساواة في اقليم كوردستان يترتب على قيادة الأقليم ان تقف على مسافة واحدة من هذه المكونات .
 نحن الكلدان لسنا ضد منح كافة الحقوق للاشوريين والسريان والأرمن والتركمان والشبك والأيزيدية وكل المكونات الدينية والقومية في أقليم كوردستان ، لكن نحن نطالب بحقوقنا كشعب كلداني ومكون عراقي أصيل . فالعدالة والمساواة ينبغي ان تشملنا كما تشمل بقية المكونات .  نحن أبناء هذا الوطن وينبغي النظر الينا بمفاهيم المواطن من الدرجة الأولى ، نحن الكلدان لنا شخصيتنا وكرامتنا وخصوصيتنا وينبغي على الجميع احترام هذه الخصوصية إن كان في اقليم كوردستان او في عموم العراق .
د. حبيب تومي / اوسلو في 31 / 06 / 13

79
محاولات إذكاء الخلاف بين البطريركية والعاملين في الشأن القومي الكلداني
بقلم : د. حبيب تومي / ديترويت
habeebtomi@yahoo.no
خيط الذكريات يمتد الى فترة الطفولة حيث العبثية والمشاكسات والشقاوة ، عندما كان ينشب شجار بين اثنين يحاول الآخر إذكاء الشجار ، وعلامة هذا الإذكاء هي بحك اظافر اليد اليمنى مع اظافر اليد اليسرى والغاية الساذجة كانت من اجل تأجيج الصراع وإدامته ، وإن كانت تلك العبثية فيها نوازع بريئة فإن مثل هذه النزعة بين الكبار ليست بريئة وتمتد الى الاحزاب والدول  فتأجيج الصراع له غايات وأهداف ، إذ كان هناك دائماً من يصب الزيت على النار لأذكاء ولأستمرار الحرب العراقية الأيرانية التي دامت 8 سنوات بالتمام والكمال حتى وصفت في وقتها بانها الحرب المنسية وإلا كيف تدوم تلك المآسي كل هذه السنين لو كان اهتمام دولي بإيقافها ؟ لقد كانت حرب بدون اهداف وبدون نتائج فهي حرب من اجل الحرب ومن اجل استنزاف الطرفين ليس إلا .
اليوم هنالك من يحاول دق اسفين التفرقة وخلق فجوة بين غبطة البطريرك وأبناء شعبه إن كانوا من المستقلين من الذين يفتخرون بقوميتهم الكلدانية ، او من الذين يشكلون احزاب قومية كلدانية ويسعون للانخراط في العملية السياسية العراقية او في اقليم كوردستان ، بل يذهب بعضهم الى  محاولات دق أسافين التفرقة والأيقاع بين غبطة البطريرك وبعض من المطارنة الأجلاء ، ويستمرون في مواقفهم المناوئة لأي توجه قومي كلداني شريف . ويعملون على تأويلها وإظهارها وكأن امامنا معركة طاحنة بين غبطة البطريرك وبين القوميين الكلدان او بين مؤسسة البطريركية وبعض المطارنة ،  الى درجة ان احدهم يتطاول على المطران الجليل ما سرهد جمو فيضع عنواناً لمقاله يقول : نيافة المطران سرهد جمو يتمرد ويتحدى البطريركية الكلدانية ويستفز شعبنا في الوطن ..
وآخر يقول او ينقل بأن البطريرك سيقوم بطرد الكهنة الداعين الى قيام الدولة الكلدانية .
 إن هؤلاء حينما شاهدوا صحوة الكنيسة الكلدانية وشعبها الكلداني ونزولهم بقلب واحد الى الساحة الوطنية العراقية والزخم الإعلامي الداخلي والخارجي الذي رافق هذه الحالة ، وأصداء هذا الزخم الذي رافقه بتمثيل رسمي عراقي وكوردستاني على اعلى المستويات ، كل ذلك وضع شعبنا الكلداني وكنيسته تحت الأضواء ، ولكن يبدو ان هنالك من لا يريد لهذا الشعب وهذه الكنيسة لا يريدون لهم الأزدهار والتقدم ، فأخذت بعض الأقلام تحاول دق اسفين التفرقة لتفريق صفوف هذه الكنيسة وشعبها المظلوم ، فأثيرت مزاعم لا اساس لها من الصحة ومخاوف لا تستند على المنطق وعلى أرض الواقع  مفادها :
ان هنالك اصوات قومية كلدانية تنادي بالقومية الكلدانية وتلغي السريان والآشوريين والأرمن في العراق.
حقاً انه كلام فارغ وساذج ويفتقر الى المصداقية والموضوعية ، فالكلدان كما هو معروف هم القوم الوحيد الذي ينبذ الطائفية وهو المنفتح على جميع الأقوام العراقية ويعتبر الكلدان ملح المجتمع العراقي عموماً ، فكيف يمكن ان نصدق ان الكلدان يطرحون مثل هذه الأفكار التي تصب في خانة الفكر القومي الإقصائي ؟ إن القوميين الكلدان يقفون بشدة مع منظومة الأحترام المتبادل ، وهم يحترمون المشاعر القومية لأي مكون عراقي وفي مقدمتهم السريان والآشوريين والأرمن . فكيف يمكن ان نصدق هذه الأحجية الركيكة التي لا تستند على حقيقة او منطق مقبول .
إن مفبركي هذه الأفكار ومطلقي مثل هذه الشائعات ليسوا ابرياء من الدوافع ، إنهم يريدون السوء للكنيسة وشعبها الكلداني ، إن هؤلاء مهنتهم التخريب وليس التعمير ، ولا يريدون الخير لكنيستنا وشعبها ، بل يسعون الى تمزيقها بأي شكل .
 ومن المزاعم الساذجة الطفولية الأخرى إن غبطة البطريرك الكلداني سوف يعمل على إنذار وطرد الكهنة الداعين الى الدولة الكلدانية .. يا لها من مزاعم افترائية كاذبة .
 عن اي دولة كلدانيـــــة يتحدثون ؟ من اين لكم هذه المزاعم ؟ إنها افتراءات ومزاعم لا اساس لها من الصحة .
لقد اشتركنا في مؤتمر قومي كلداني  طيلة خمسة ايام في ديترويت بدعوى من المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد ، وحضر المؤتمر كل المهتمين بالشأن القومي الكلداني من الوطن ومن انحاء المعمورة ، من ممثلي احزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني وكتاب ومؤرخين ومفكرين ومستقلين ، ويعتبر المؤتمر اعلى هيئة كلدانية ، وجرى التطرق الى ضرورة توحيد الصفوف وانبثقت هيئة باسم :
                        (اتحاد القوى السياسية الكلدانية )
كما جرى التطرق الى مسائل التمويل والأعلام والتغيير الديموغرافي والعلاقات مع القوى السياسية لشعبنا ، والى تعزيز العلاقة من مؤسسة كنيستنا الكاثوليكية الكلدانية .. وغيرها من الأمور ، ولم يجري التطرق مطلقاً لمسألة تكوين كيان كلداني إن كان محافظة او دولة او حكم ذاتي ، او منطقة آمنة او إدارة محلية  في منطقة ما . لقد اكد الحضور الى الأنتماء العراقي ، لا اكثر . فكيف جرى استنباط واختراع فكرة الدولة الكلدانية وإلصاقها برجال الدين منهم ؟ إنها اكاذيب وافتراءات هدفها شق الصف الكلداني وحفر هوة بين الكنيسة وأبنائها من المهتمين بالشأن السياسي والقومي  وتمزيق مؤسسة البطريركية الكلدانية نفسها .
نحن المهتمون بالشأن السياسي والقومي الكلداني نبارك خطوات غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى ، ونثني على توجهاته بالانفتاح على كنائسنا وبشكل خاص الكنيسة الآشورية ، نحن نؤمن ان اي تعاون يحتاج الى الصدق : الذي يقول إنني من كنيسة مختلفة ومستعد للتعاون على اسس من الندية والتكافؤ ، إن البطريرك الكلداني حريص على بناء جسور الثقة ونحن نقف مع غبطته ونشد على يده في هذا التوجه الذي يصب في نهر الوحدة الحقيقية المبنية على اسس متينة من التفاهم والحوار الحضاري البناء .
وكما يقول احد الزملاء في رسالة داخلية بيننا ، بأن هنالك من يهدف بإشاعة هذه المزاعم بتأليب الحكومة المركزية وأقليم كوردستان ضد الكلدان بدعوتهم لإقامة كيان يصل الى تخوم  دولة كلدانية ، كما تهدف مثل هذه الحملات تأليب مشاعر طأئفية ضد شعبنا الكلداني وكأننا نريد تحقيق مصالح ذاتية على حساب المكونات الأخرى خصوصاً الأخوة الآشوريين .
ولكن اهم من كل ذلك يعملون على تعميق الخلافات بين سيادة البطريرك مار لويس ساكو وبين ابناء شعبنا وإستغلال التوتر الحالي لعزل شعبنا الكلداني نهائياً عن قيادته الكنسية .
إن اكثر ما يخشون هو التعاون والتنسيق بين مؤسسة البطريركية  وبين المنظمات الكلدانية الثقافية والأجتماعية والسياسية والقومية . وأنا ارى ان خشيتهم هذه لا معنى لها .
هنالك من يبني رؤيته على وجود قتال وصراع حول احقية هذا الأسم او ذاك فهذه نظرية لا اساس لها من الصحة نحن الكلدان نعرف اسمنا واسم قوميتنا الكلدانية ومن يقف في الدائرة الضبابية من هذا الوضوح ، فهي مشكلته وليست مشكلتنا كما انها ليست مشكلة الآشوري او  السرياني او الأرمني ، كل منا يعرف تاريخه واسمه ويدرك بجلاء موقعه ، ونحن ليس لنا استعداد للوقوف في دائرة التردد والتذبذب فكل منا يعرف اسمه وهويته وتاريخه .
القوميون الكلدان وقفوا برسوخ وثبات مع الوطن العراقي ومع وحدته ومع النهج العلماني الديمقراطي ، إن هذا النهج هو الطريق الأمثل لوضع العراق في المسار الصحيح ، وهو يضمن الحقوق المدنية والقومية والسياسية لجميع المكونات ولهذا بقينا مع هذا النهج الذي يصب في مصلحة الجميع دون استثناء .
 نحن القوميون الكلدان لم يكن للتعصب والتزمت القومي مكاناً في قلوبنا ووجداننا ، ولم نحاول يوماً ان نستهجن او نستهين بالآخر ، ولم نحاول إقصاء اي مكون ، فنحن يطالنا الأقصاء ونتشكى منه فكيف ننهي عن سلوك سئ ونأتي مثله ؟ فهذا غير ممكن ، فنحن الكلدان لنا تصور واضح لأسمنا الكلداني ونحترم جميع المكونات ومعتقداتهم ، ونطلب منهم دائماً ان يعاملوننا بالمثل ولا نطلب اكثر من ذلك .
لقد تعلمنا على ان البطريكية تدافع وتقف وتدعم شعبها وتدافع عن حقوقه وكرامته ، لقد حاول غبطة البطريرك الكردينال المستقيل مار عمانوئيل دلي مع الأساقفة الأجلاء ان يترجموا وقوفهم مع شعبهم حينما قدموا مذكرة الى الحاكم المدني الأمريكي وذلك عام 2004 وكذلك كانت هنالك مذكرة اخرى بنفس المعنى عام 2009 وكانت على هامش السينودس الكلداني مرفوعة الى الرئيس مسعود البارزاني تحمل المطالبة بإثبات حقوق الشعب الكلداني القومية في مسودة الدستور الكوردستاني .
 فنحن هنا نحاول اثبات حقوق لشعب اصيل في وطنه ، ومن العسير ان نتصور شعباً لا يحمل هوية ، والأنسان ذلك الكائن الفريد يستمد شعوره وإحساسه بالهوية والأنتماء فهو يشترك مع عدد كبير من افراد الجماعة في عناصر مشتركة كالثقافة والرموز والمعايير والمصير المشترك وغيرها من عناصر القومية .
في الختام اقول :
نحن الكلدان نقف مع جميع المكونات العراقية ولا ينتابنا اي تعصب او تعالي على غيرنا ، وفي الشأن القومي فنحن نعتز بهويتنا الكلدانية ، وفي الشأن الكنسي نقف مع كنيستنا ومع التوجهات الجديدة بالأنفتاح على كل الكنائس وفي مقدمتها الكنيسة الآشورية ، ونحن نقف بقوة مع غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الكلي الطوبى ونطلب من غبطته ومن المؤسسة البطريركية الموقرة أن :
               ((( تعطي ما لله لله وما لقيصر لقيصر ))) .
د. حبيب تومي ـ ديترويت في 25 ـ 05 ـ 2013

80
لحظات الأفتتاح الكبير للمؤتمر القومي الكلداني في ديترويت وبعض الملاحظات
بقلم : د. حبيب تومي ـ ديترويت
habeebtomi@yahoo.no
أجل انه الأفتتاح الكبير بكل المقاييس ، ففي يوم الأربعاء الموافق 15 ـ 05 ـ 2013 مساءً كانت قاعة نادي شنندوا الكبيرة مكتضة بالحضور من الكلدان واصدقائهم ، لم اجد سابقاً تجمع كلداني بهذا الحجم ، كانت البداية في وقوف الحاضرين دقيقة واحدة على ارواح شهداء الكلدان وشهداء العراق ، ثم كان النشيد الوطني الأمريكي ليعقبه بعد ذلك نشيد موطني العراقي ، ثم تلاه النشيد الوطني الكلداني الذي جاء فيه :
 قومون يا جونقي وأختون خماثا
كول يالي دعمّن من بنوني وبناثا
زاريرا شمشا دعمّا كلدايا  
مبصيري أثرا وكل دوكثا مخايا ...
اجل كانت الأجواء في تلك القاعة مفعمة بالوقار والمهابة والحماس للمناسبة ،فإضافة الى المدعوين القادمين لحضور المؤتمر من الوطن ومن اوروبا ومن استراليا ومن انحاء اميركا ، كان هنالك من الضيوف الذين يعتزون ويحترمون الكلدان هذا المكون العراقي الأصيل . لقد حضر ممثل السيد السيستاني في ولاية مشيغان متمثلاً بالسيد باقر الكشميري إضافة الى السيد مهدي الأمين والأستاذ سمير صولاغ،
وحضر القنصل العراقي في مشيكان الأستاذ المنهل الصافي ، كما حضر السيد داسكو شيرواني ممثل حكومة اقليم كوردستان في واشنطن إضافة الى عدد  من المسؤولين الأمريكان ، وكان يتصدر القاعة المطران الجليل مار ابراهيم ابراهيم والأسقف الجليل ـ صديق الشعب الكلداني مار باوي سوروـ هذا إضافة الى عدد من الآباء ومنهم الأب نؤيل كوركيس الذي قدم من ساندييكو ممثلاً للمطران الجليل مار سرهد جمو .
كانت اللغات المحكية في المؤتمر : الكلدانية والعربية والأنكليزية ، وقد القى سكرتير المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد الدكتور نوري منصور الذي كان راعياً مبادراً وراعياً للمؤتمر الذي انعقد تحت شعار :  
" وحدتنا ضمان لنيل حقوقنا القومية والوطنية "
في البداية تطرق الدكتور نوري منصور في حديثه الى إنطلاقة المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد في 30 ـ 8 ـ 2003 والأهداف التي من اجلها اسس ، حيث عمل منذ تأسيسه على خدمة القضايا القومية والوطنية ، والحرص على المشاركة الفعالة في دعم مسيرة شعبنا على اسس ديموقراطية مستوحاة من الأرث الثقافي والحضاري لشعبنا الكلداني ، ثم شكر الحضور على تجشمهم عناء السفر لحضور المؤتمر وقدم شكره للجنة التحضيرية التي عملت بشكل متواصل للتهيئة للمؤتمر ، وفي الحقيقة كان يمكن ملاحظة النشاط والمثابرة من قبل الجميع وفي الحقيقة لا اريد ان اذكر الأسماء ، لكن اقول : كان ثمة عمل جماعي يتسابق الجميع لأداء اي خدمة مناطة بهم .
في البداية كانت كلمة المطران الجليل ابراهيم ابراهيم والتي استخدم فيها اللغات الكلدانية والعربية والأنكليزية وقد افاد في مجمل حديثه : ان الحقوق القومية والوطنية هي حقوق أساسية لكل البشر وإن الكلدان ينبغي ان يكون لهم تلك الحقوق ، وأفاد : ان حقوقنا الوطنية ليست في أيجاد وطن للكلدان ، فنحن الكلدان لنا الوطن العراقي ولنا ايضاً الوطن الأمريكي .
وأضاف ان غاية المؤتمر هي توحيد كلمة الكلدان ولا تحمل في طياتها اي اهداف مضادة لأي شخص او منظمة او حزب ، هدفنا في المقام الأول يقتصر في توحيد جهودنا  لنتكلم بلغة واحدة وبهدف واحد وخطاب واحد .
 وفي الشأن التاريخي ، تطرق المطران الجليل ابراهيم ابراهيم الى ان سقوط الحكم العراقي كان بسقوط الأمبرطورية الكلدانية عام 539 قبل الميلاد ، إذ بعد افول الأمبراطورية الكلدانية تناولت مقاليد الحكم في بلاد ما بين النهرين قوى اجنبية من الفرس والمقدونيين والعرب والمغول والعثمانيين وأضيف من عندي ان الحكم العراقي بدأ في ثورة تموز عام 1958 م .
بعد ذلك تساءل سيادته ( المطران ابراهيم ابارهيم ) : ما هو موقف الكنيسة من المسألة القومية ؟
وأجاب على التساؤل : كلنا نعلم ان للكنيسة رسالة التبشير والدفاع عن المظلومين والفقراء ، وحيث يكون الظلم ينبغي على الكنيسة ان تتدخل ، لقد دافع البطريرك يوسف اودو ( توفي 1878 ) عن حقوق الكلدان حينما كانت هنالك قرارات تهمش ذاتية الكلدان وتذيب لغتهم وطقوسهم وثقافتهم ، أي كان يراد بتلك القرارات صهر الهوية الكلدانية . وبعد وفاة البطريرك اودو ، تجمع مطارنة الأمة الكلدانية لأنتخاب بطريرك جديد وأسفر الأجتماع على انتخاب البطريرك  الكلداني مار ايليا الثاني عشر عبو اليونان ( 1878 ـ 1894 ) .
واستمر سيادته في الحديث عن مسيرة الدفاع عن الهوية الكلدانية في عهد البطريرك مار يوسف الثاني توما ( توفي 1947 ) الذي دعم تأسيس الدولة العراقية الحديثة مع التأكيد على ضمان حقوق الأقليات العراقية في تلك الدولة وفي مقدمتهم الشعب الكلداني الذي كان يملك كوتا في مجلس الأعيان وأخرى في البرلمان العراقي ، واستمرت الأمتيازات سائرة في عهد مار يوسف السابع غنيمة (ت 1958 ) .
 بعد سقوط النظام في نيسان عام 2003 كانت هنالك محاولة لأهمال وتهميش الدور الكلداني التاريخي في وطنهم العراقي ، وهكذا بادر 18 اسقف عراقي ( لم يكن ثمة بطريرك ) بتوجيه مذكرة الى الحاكم المدني الأمريكي وذلك بتاريخ 25 ـ 06 ـ 2009 ورد فيها :
إن الكلدان بحسب عددهم ونسبتهم السكانية يشكلون اليوم ثالث قومية في العراق فهم يأتون مباشرة بعد العرب والأكراد .ومنذ تأسيس العراق كان للكلدان دور بارز في تكوين الدولة العراقية ، إننا نطالب إدارتكم الجليلة احترام القومية الكلدانية وموقعها وثقلها بين قوميات العراق وإشراك ابنائها في الوقت المعاصر ونخص بالذكر المشاركة في اجهزة الدولة ...
وعلى هامش انعقاد السنودس في 05 ـ 05 ـ 2009 قدم البطريرك الكردينال الكلداني مار عمانوئيل دلي الثالث مذكرة الى الرئيس مسعود البارزاني بتاريخ 25 ـ 06 ـ 2009 تضمت المطالبة في إدراج القومية الكلدانية الى جانب القوميات الأخرى في مسودة الدستور الكوردستاني وكما هو مدون في في الدستور العراق الأتحادي . وفي نهاية حديثه اوضح ان موضوع  التسمية نحن لا نحتاج اي دراسات بهذا الصدد فهذا موضوع في حكم المنتهي فنحن نعرف ان قوميتنا كلدانية .
وما ان ذكر أسم المطران باوي سورو لألقاء كلمته حتى وقف الجميع مصفقاً بحرارة لما يكنه كلدان مشيغان من حب واحترام لهذه الشخصية الدينية الرائعة. حيث بدأ كلمته تعقيباً على كلمة المطران أبراهيم أبراهيم قائلاً: أنا واحد من أبناء تلك الأمة الكلدانية، أنا لي حلماً وقد تحقق اليوم وأحس بحضور الله معنا وذلك بحضور محبتكم وانا كآشوري أحضر هنا كأخ ومن كل قلبي أنا فخور ككلداني... إن اللذين درسوا التاريخ يعرفون ما هي الحقيقة. أنا اعرف بأنني صلبت بسبب ما اقوله...
وبعد ذلك ارتجل الأب نويل كوركيس الراهب ، ممثلاً للمطران الجليل مار سرهد يوسب جمو كلمة هنأ فيها المؤتمرين ، وهنأ الأمة الكلدانية بهذا الحدث ، وقد أشار الى المؤتمر الكلداني الأول ، مؤتمر النهضة الكلدانية عام 2011 وأشار الى ان من بين قرارته تعليم اللغة الكلدانية إذ هيئنا ونشرنا كتباً وبرامج مسجلة لتعليمها. وذكر أيضا أن الانسان الكلداني يطمح إلى الحرية منذ خلقه ويتحدى مساويء الزمن ليحيا حياة حرة أينما عاش وحتى في الغربة .. وأضاف : هنا في مشيغان اكبر تجمع للكلدان في العالم وحان الوقت لنرفع علمنا الكلداني في كل بيت ومحل عمل وكنيسة فهو رمزنا الذي يجمعنا وفخر لنا الى الابد .
كما تليت رسالة غبطة البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو الكلي الطوبى للمؤتمر والتي قدم فيها التهاني والتبريكات وتمنياته بنجاح المؤتمر وتحقيق اهدافه النبيلة . وقد ورد في الرسالة : باعتزازوتقدير ابارك محبتكم وسخاءكم ، واهتمامكم بالبيت الكلداني وسعيكم لتقويته من دون ان تنغلقوا على ذاتكم ، وهذا يتطلب منهجية علمية وموضوعية دقيقة ومتجددة ، بعيداً عن الأنتقادات التي لا تليق والتجاذبات التي تعيق التقدم .. وفي الختام ورد : بهذه المناسبة أحيي راعي المؤتمر سيادة الأخ المطران ابراهيم ابراهيم كما احيي الأستاذ د. نوري منصور سكرتير المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد .
وبعد ذلك كانت رسالة المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكوردستاني التي ورد فيها :
نشيد بالعلاقات التاريخية بين شعبنا الكردي والشعب الكلداني ومشتركاتنا الوطنية والنضالية ومساهمة الكلدان ومشتركاتنا الوطنية والنضالية ومساهمة الكلدان في النضال الوطني على صعيد العراق وكردستان وتضحياته مشاهد متجسدة في ذاكرة الجميع . ويضيف :
إن ما يؤسف له ان تكون ثمرة هذا النضال وتلك التضحيات ان يتعرض الكلدان شعباً وكنائساً وروحانيون الى هجمات إرهابية شرسة في العديد من مناطق العراق ، وما كان كردستان الوطن الأم إلا الملاذ الآمن لأبنائها من الكلدان لتأمين الأمن والعيش الكريم للمهجرين . هذا وقد اعتذر في الرسالة الأستاذ فاضل ميراني سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني عن الحضور بسبب الأوضاع السياسية الحساسة في المنطقة والعراق والأقليم ، وفي الختام كان تمنياتهم لنجاح المؤتمر الكلداني .
وفي الختام اسجل بعض الملاحظات عن المؤتمر .
ـ المؤتمر ركز على المشاكل الكلدانية وبناء البيت الكلداني .
1 ـ كانت هنالك قناعة بين الأحزاب الكلدانية لتوحيد الخطاب وضرورة الخروج بقائمة واحدة في الأنتخابات القادمة .
2 ـ كان للمؤتمرين توجهات للانفتاح على القوى السياسية القومية للاخوة الآشوريين والسريان ، لفتح قنوات اتصال لبناء جسور التواصل والتفاهم .
3 ــ ثمة من يعاتب المؤتمر لخروجه من المظلة الدينية الى الفضاء القومي الكلداني البحت ، وفي المؤتمر السابق ( مؤتمر النهضة الكلدانية) كان ثمة عتاباً لتسربل المؤتمر بالغطاء الديني ، واليوم يجري العكس . وفي الحقيقة فإن المؤتمر يحترم موقف الكنيسة ولا يريد لها التدخل في شؤون المؤتمر ، والكنيسة تقدر هذه الخصوصية ، فهذا مؤتمر قومي سياسي ، وهكذا كِلا الطرفين يحترم حدود الآخر .
4 ـ بصراحة كان يشغلني هاجس مفاده : ان المنادين بالكلدانية هم على عدد اصابع اليد ،وثبت لدي في لحظات الأفتتاح ، ان هذه الفرضية ليس لها اساس من الصحة على ارض الواقع فثمة مشاعر قومية جياشة لدى مجموعة بشرية تفتخر بأن قوميتها كلدانية ، وإن تلك المشاعر هي في نمو واتساع مع سيرورة الزمن .
5 ـ الكلدان مع الحقوق القومية والوطنية لجميع المكونات الصغيرة الدينية والعرقية العراقية منهم : المندائيون ، السريان ، الآشوريون ، الأرمن ، الأيزيدية ، الشبك ، الكاكائية .. لكن نحن الشعب الكلداني ايضاً نشكل واحداً من تلك المكونات الأصيلة ، وينبغي ان تُحترم هوية وكرامة الكلدان ، إنه مكون عراقي اصيل .
6 ـ برأيي المتواضع كان ينبغي ان يكون للبطريركية الكلدانية الموقرة تمثيلا في هذا المؤتمر ، إذ ان وقوف مؤسسة البطريركية الكلدانية مع شعبها الكلداني والوقوف مع همومه ودعمها لنيله حقوقه ، لا يعني الأنغلاق على الذات او الحد من الأنفتاح على الكنائس الشقيقة او تجسير الروابط مع المكونات الأخرى .  فانحياز القائد لشعبه ليس إثماً .
لقد تأخر نشر المقال بسبب الأنشغال المتواصل في اعمال المؤتمر .
د. حبيب تومي ـ ديترويت في 21 ـ 05 ـ 2013
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.kaldaya.net/2013/Articles/04/Apr27_KaldayaNet.html


 :(

81
اجل الشعب الكوردي بحاجة الى الرئيس (البيشمركة ) مسعود البارزاني
بقلم : د. حبيب تومي / ديترويت
habeebtomi@yahoo.no
في عالم السياسة والثورات ليس المهم ان تحقق نجاحاً فحسب ، بل اهم من ذلك ان تحافظ عليه ، وتبادر للأنطلاق نحو آفاق أخرى من النجاحات، وإلا سوف تركد مظاهر ذلك النصر ويتلاشى مع مرور الزمن ، وتبقى الأهداف البعيدة الأستراتيجية دون انجاز . لنأخذ التجربة العراقية ، فقد حققت اميركا بالتعاون مع دول اخرى وبتأييد من المعارضة العراقية حققت نجاحاً باهراً في القضاء على الحكم الدكتاتوري ، ولكن حينما لم يجري الأحتفاظ بالنصر ولم تحقق نجاحات اخرى تصب في مصلحة الشعب ، كان أجهاض تلك التجربة ، والمتضرر الأول والأخير كان الشعب العراقي المغلوب على امره ، فأمست الساحة السياسية العراقية مسرحاً لعمليات ارهابية وساحة مفتوحة للانتقام والثأر ، عوظاً ان تغدو ساحة للبناء والتعمير والتعايش والتعددية .
 لقد استطاع مسعود البارزاني بحكمة ودراية ان يتجنب تلك الأخطار التي احاطت بالعراق ، واستطاع ان يحافظ على لم شمل الشعب الكوردي والمكونات الكوردسانية الأخرى ، فحافظ على تلاحم الشعب من التمزق ، داعياً الى فتح صفحة جديدة لبناء اقليم كوردي يسود في مجتمعه التعددية والتعايش والتفاهم ، بمنأى عن سلوك الأنتقام والثأر التي خيمت على الساحة العراقية بعد سقوط النظام في 2003 ، ورأى ان  تجربة الداحس والغبراء في أخذ الثأر والأنتقام هي تجربة فاشلة وسوف تمزق لحمة المجتمع الكوردستاني فليس من الحكمة الأقتاداء بها .
 هكذا  عكف الرئيس البيشمركة مسعود البارزاني على فتح ابواب الحديقة الكوردستانية لكل من يريد المحافظة على كوردستان ، بغض النظر عن ماضيه وما اقترفه من مواقف عدائية اتجاه شعبه والثورة الكوردية . وفتح صفحة جديدة تبدأ الكتابة بها اعتباراً من تاريخ سقوط النظام وليس قبله ، وبهذه السياسة الحكيمة انقذ اقليم كوردستان من مغبة الوقوع في مستنقع العنف والفوضى ، وجعل الأبواب مشرعة امام آليات التعمير والتعايش المجتمعي والأستثمار الأقتصادي  ، فلو سار البارزاني على نفس النهج العراقي لكانت كوردستان اليوم متأخرة في البناء والخدمات وتمزقها الأختلاف الدموية كما يحدث في العراق .
 اعتقد ان دور القائد مطلوب في هذه اللحظات الحاسمة من التاريخ ، لقد استطاع البارزاني العمل بإخلاص لكوردستان ، وينبغي على المعارضة وعلى الشعب الكوردي اخذ هذه الناحية بنظر الأعتبار ، إذ ان آثار بصمات البارزاني ظاهرة في صنع التاريخ الكوردستاني خلال الربع الأخير من القرن الماضي والى اليوم .
باعتقادي ان البارزاني لا يحتاج الى رئاسة الأقليم ، لكن الأقليم يحتاج الى الرئيس البيشمركة مسعود البارزاني ، إذ ان الحياة قد عركته ، فمدرسة الحياة ابتدأت عنده في سوح النضال والمعارك في صفوف قوات البيشمركة للثورة الكوردية ، ومن ثم بالعمل مع قوى المعارضة العراقية وبعدئذٍ الأنخراط والعمل مجال السياسة العراقية والأقليمية والدولية . كما ان لشخصية البارزاني اهمية كبيرة في السياسية العراقية ، وكانت اتفاقية اربيل وغيرها من المبادرات خير دليل على تقدير واحترام كل الأطراف السياسية لمكانة البارزاني ودوره الكبير في الموازنة السياسية العراقية .
إن مكانة البارزاني تكون اكثر اهمية خاصة بعد غياب الرئيس جلال الطالباني بسبب مرضه ، الذي كان يشكل صمام امان للعملية السياسية العراقية المتأزمة بشكل مستمر ، ولهذا يبقى تواجد البارزاني على الساحة السياسية العراقية يحمل اهمية كبيرة  في اقليم كوردستان اولاً وفي عموم الوطن العراقي ثانياً .
ونقلاً عن موقع رئاسة الأقليم نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 6 مايو ( ايار )  الجاري رسالة البارزاني التي يقول فيها :
إن هدفه ليس موقعاً او منصباً ، بل إن هذا الموقع هو مجرد وسيلة لخدمة الشعب ، وليس المهم من الذي سيتولى هذا المنصب ، لأن المنصب لم يصنع لشخص معين بحد ذاته .
ويضيف :
 وفيما يتعلق بي، أرى أن هذا الموضوع ليس محصورا بشخصي؛ لأني منذ اليوم الأول أعلنت بصراحة أني لست رئيسا للإقليم فحسب، بل أنا أحد أفراد البيشمركة وسأبقى كذلك، وليس هناك أي منصب أو موقع أهم عندي من تشرفي بحمل هذا الاسم الكبير».
أجل ان البارزاني تبدأ قصته منذ انخراطه في صفوف البيشمركة وووقف مع تحقيق الديمقراطية في العراق والأستقلال الذاتي لكوردستان ، واستمراره مع المعارضة العراقية ، الى ان سقط النظام حيث بدأت عملية بناء اقليم كوردستان ، واستطاع البارزاني من تحييد الدول الأقليمية التي كان هاجسها العمل على وضع العراقيل امام قيام اي كيان كوردي في المنطقة ، إلا ان البارزاني استطاع من تبدبد تلك المخاوف وعكف على إعادة الثقة بين الفرقاء ومد جسور المصالح بينهم  ،لقد استطاع من تحييد مواقف تلك الدول وبشكل خاص تركيا التي كان لها موقف متصلب إزاء المسألة الكردية ، بحق ان الرئيس مسعود البارزاني استطاع من حلحلة كثير من المواقف المتشددة في المحيط الأقليمي ، إضافة الى الساحة السياسية العراقية التي تغلب عليها المصالح والاصطفافات الطائفية ، وتغمرها الأزمات السياسية بشكل متواصل منذ سقوط النظام في نيسان عام 2003 .
لقد تحدث الرئيس البيشمركة مسعود البارزاني عن الدستور وضرورة عرضه للاستفتاء إذ يقول :
... واليوم من حق الشعب أن يقرر ما إذا كان يقبل بهذا الدستور أم لا .
في الحقيقة نحن الكلدان نعترض على مسودة الدستور الكوردستاني وينبغي ان تؤخد مصلحة الشعب الكلداني بنظر الأعتبار فمسودة الدستور الكوردستاني تتناقض مع دستور العراق الأتحادي الذي يذكر اسم القومية الكلدانية بشكل واضح وصريح ، بينما مسودة الدستور الكوردستاني قد جرى تعديلها بتسمية سياسية ( كلداني سرياني آشوري ) وهذه التسمية الهجينة لا يمكن ان تطلق على شعب له تاريخ ويحترم نفسه ، فعلى قيادة اقليم كوردستان ان تبادر الى تعديل مسودة الدستور الكوردستاني بما يناسب ويحترم كل المكونات ، فالشعب الكوردي حينما كان مظلوماً لا يليق به ان يكون اليوم ظالماً ، فالقومية الكلدانية هي ثالث قومية عراقية على الأكراد احترام ابناء هذه القومية وتلية مطالبهم العادلة .
ونعود الى رسالة البارزاني التي يقول فيها :
«أن النظام السياسي في كردستان ليس رئاسيا، وبرغم الجوانب السلبية الإيجابية لهذا النظام السياسي، فإنه لم يؤسس لمصلحة شخص واحد، المهم هو أن يحترم هذا النظام رأي الشعب، وأن يكون مصيره بيد الشعب، وأن لا يسمح للصفقات السياسية بأن تكون بديلا عن إرادة الشعب».
اجل ان الصفقات السياسية غالباً ما تكون نتيجتها هي إرضاء الأطراف على حساب مصلحة الشعب ، فالمسألة هنا هي عدم مصادرة رغبة الشعب ، فالشعب هو الذي يقرر اولاً وأخيراً من يكون رئيسه ، وهذه هي المعادلة التي تصب في مجرى مصلحة كوردستان والعراق عموماً .
د. حبيب تومي ـ ديتوريت في 13 ـ 05 ـ 2013

82
في الطريق الى المؤتمر القومي الكلداني ومناقشة بعض المزاعم الخاطئة عنه  
بقلم : د. حبيب تومي ـ سماء المحيط الأطلسي
habeebtomi@yahoo.no
كان يوماً ربيعياً مشمساً في اوسلو يوم حزمت حقائبي ، برفقة الزوجة ام رياض ، ونحن نتوجه الى مطار اوسلو للانطلاق في رحلة لقطع المحيط الأطلسي ، وذلك بغية حضور المؤتمر الكلداني المزمع عقده في مدينة ديترويت والتي اصفها بأنها قلعة الكلـــــــــدان ، وليس هنالك مجال للاستغراب من هذا الوصف بعد علمنا انها اكبر مدينة في العالم فيها تجمع سكاني من الكلدان ويربو على 120 الف كلداني والذي يفوق تعداده اكثر من اي مدينة اخرى إن كان في الوطن العراقي والذي وصف بأنه بلاد الكلدان او في خارج هذا الوطن .
في كل رحلة احاول ان اقرأ كتاباً وأعلق عليه في مقال ، لكن في هذه الرحلة رغم الساعات الطويلة التي تستغرقها الرحلة إلا ان الأمر اختلف عزيزي القارئ هذه المرة وقبل معرفة السبب  اليك هذا السؤال المحرج :  
هل تستطيع ان تقرأ كتاباً وزوجتك تجلس الى جوارك ؟ لنترك جواب هذا السؤال معلقاً في الفضاء ، كما انا معلق بين الأرض والسماء .
لكن مع ذلك توفر لي بعض الوقت ، كان كافياً لقراءة مقال طويل كان قد اعجبني كثيراً ولهذا طبعته واحتفظت به كملزمة ، والمقال يتناول شخصية ماكسميليان روبسبير الذي كنا ندرسه في التاريخ المدرسي  بكونه خطيب الثورة الفرنسية وهو كذلك فعلاً ولكن اكثر من ذلك فإن روبسبير كان درس القانون وفقهه وفلسفته وتاريخه ، وعاش في مجتمع منقسم بشكل حاد الى ثلاث طبقات : رجال الدين والنبلاء والطبقة العامة التي تشكل 98 بالمئة من الشعب .
تخرج روبسبير محامياً وتوجه عام 1789 من مدينته ( اراس ) الى باريس وفي نفسه طموح بتغيير العالم ، إذ كان يؤمن بحرية جميع البشر ، وكانت باريس في تلك الفترة تعيش المخاض العسير الذي نجم عنه ولادة الثورة الفرنسية ، وفي هذه المرحلة يتألق نجم روبسبير ويصبح رجلاً قيادياً ومتنفذاً في تلك الأيام التي اختلط فيها الحابل بالنابل ، وفي الأجواء الثورية تصبح الأعدامات هي الشغل الشاغل لقادة الثورة التي يقف على راس هرمها روبسبير ، الذي كانت مهنته قاضياً ويدافع عن القانون وعن المظلومين ، لكنه يتحول مع الفكر الثوري الى اكبر مجرم مهمته تصفية كل من يشك بأنه يعادي للثورة ، إن كاتبة هذا المقال هي ميسون البياتي التي تقول :
ان روبسبير جسد شخصية  رجل القانون الذي يتحول الى مجرم ، وكان الروائي العظيم دوستويفسكي في روايته الرائعة ( الجريمة والعقاب ) الذي حلل النفس البشرية قد نجح في اثبات بإمكانية تحول الرجل المدافع عن القانون الى مجرم ، وهذا ما حل بروبسبير الذي قدم الآلاف من الأبرياء لتقطع رؤوسهم بالمقصلة وهي عبارة عن شفرة ثقيلة يحملها عمودان تهوي على منطقة الرقبة لتفصل الرأس عن الجذع ونفس المقصلة هوت على روبسبير لتفصل رأسه عن جسمه ، ومعنى ذلك ان الثورة تأكل ابناءها . ، إن روبسبير هوى بنفس السرعة التي حلق بها .
اعود الى عنوان المقال الذي يدور حول المؤتمر الكلداني الذي يعتبر تظاهرة قومية والذي تصدر بحقه وحق المؤتمرات الأخرى بعض المزاعم الخاطئة ، لكن بالرغم من ذلك فنحن الكلدان احوج ما نكون الى مثل هذه النشاطات ، فثمة تعتيم إعلامي مبرمج لدفن كل ما اسمه كلداني ، وهكذا تبقى مثل هذه المؤتمرات متنفساً إعلامياً لأثبات الوجود .
كل ما يكتب عن الكلدان في هذه المرحلة له اهميته إن كان مقال او بحث تاريخي او أكاديمي او مقترحات سياسية للعمل القومي ، لأننا ببساطة نفتقر الى فضائية كلدانية والى نوافذ إعلامية فاعلة ، كما نفتقر الى تمثيل سياسي في الدولة العراقية وفي اقليم كوردستان فلم يعد امامنا إلا قول الكلمة وهي النافذة الوحيدة المتاحة لنا في هذه المرحلة .
افكر بالمؤتمر القومي الكلدناي وماذا يمكن ان يقدم هذا المؤتمر ؟ اجل نحن نعلق امالاً كبيرة ، لكن في الحقيقة ان المنجزات تبقى رهن اروقة المؤتمر ما لم يصار الى جعل المؤتمر نقطة الأنطلاق نحو العمل الجاد في بغداد وفي اربيل وفي واشنطن ومع الدول والمنظمات المعنية بحقوق الأقليات .
إن المؤتمر ينبغي ان ترسم فيه خارطة الطريق ، فهندسة الخارطة تكون بالجهود المشتركة لجميع الحاضرين ودراسة  وملاحظة المقترحات والأفكار والدراسات الواردة لهذا المؤتمر ، وبعد ذلك يصار الى متابعة كافة المحاور التي قررت في هذا المؤتمر .
 هكذا نقطع الاف الأميال وتملؤنا الآمال في بداية انطلاقة جديدة مستفيدين من التجارب والعبر السالفة
 فنحن الكلدان لا نطلب اكثر مما نستحقه ، ولسنا ضد من حقق له مكاسب من الدولة العراقية ومن اقليم كوردستان ، ونحن بدورنا نطمح ان نحقق لنا مكاسب اسوة بغيرنا من المكونات ، لا نغالي إذا قلنا بأننا مع الحقوق المشروعة للاشوريين والسريان والتركمان والأرمن والأكراد والسنة والشيعة والشبك والأيزيدية وغيرهم من المكونات نحن مع حقوق هذه المكونات ، لكن نحن (الكلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدان ) ايضاً خلقنا الله على هذه الأرض قبل آلاف السنين ونريد ان يكون لنا حقوق مثل بقية البشر في وطنهم . نطمح ان يكون لنا وجود وكرامة وشخصية وهوية في وطننا ، العلم السوسيولوجي يفيد بعدم وجود شعب بدون هوية ، ونحن الشعب الكلداني ما يتعلق بهويتنا تفيد بأن ديننا مسيحي وهويتنا الوطنية عراقية وهوية قوميتنا كلدانية نحن نحترم الجميع دون استثنتاء ونريد من الجميع احترام هويتنا وكرامتنا  بنفس المستوى .
المطالبة بحقوقنا لا تعني انا ضد حقوق الآخرين ولا نريد ان تكون على حسابهم  ولسنا اوصياء على اي مكون عراقي او مسيحي ولا نقبل بنفوذ ووصاية اي مكون عراقي او مسيحي علينا نحن الكلدان لنا خصوصيتنا ونعتز بها وهذا ما نسعى اليه في مؤتمرنا الكلداني العام في ديترويت الذي اتخذا شعاًراً يقول :
"وحدتنا ضمان لنيل حقوقنا القومية والوطنية"  ومع هذا الشعار الضامن لوحدتنا ، لكن مع الأسف نلاحظ ان بعض الأخوة المنتمين والموالين الداعمين لخطاب الاحزاب الآشورية يروجون لمزاعم بأن المطالبة بحقوق الكلدان يعمل على تقسيم او تمزيق الأمة المزعومة ، فمؤتمراتنا الكلدانية توسم بأنها مؤتمرات انقسامية ، ولكن نفس المجموعة توسم المؤتمرات الآشورية بأنها مؤتمرات قومية وحدوية ، فنحن نلاحظ  بأن هؤلاء يكيلون بمكيالين ، فنحن الكلدان جزء من الوطن العراقي وجزء من المجتمع الأنساني ، لنا حقوق كبقية البشر ، وفي الحقيقة لا يمكن الفصل بين لوائح حقوق الأنسان ولوائح حقوق الأقليات وإن من يقول انه يناصر حقوق الأنسان ويقف ضد حقوق الكلدان فهو فاقد للصدقية والموضوعية،  إذ لا يمكن فصل حقوق البشر وتجزئتها ، إن كانوا من الكلدان او غيرهم .
حينما نناشد كنيستنا الكلدانية بالوقوف  مع شعبها ، يتطوع بعضهم ( من الكتاب الكلدان الموالين للاحزاب الآشورية ) بان هذه الدعوات هي لأجل إقحام الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية بالشؤون السياسية . علماً ان هؤلاء الكتاب لا ينبسون ببنت شفة حينما تتدخل الكنيسة الآشورية بالسياسة من اوسع ابوابها ، وتختفي شجاعة هؤلاء الكتاب وتتحول الى صمت عجيب ( ولدينا تطرق لهذا الموضوع في مقالات قادمة ) .
إن المؤتمر يدعو كل الأطراف للمساهمة في هذا المؤتمر بما فيها مؤسسة الكنيسة الكلدانية التي بدأت تمارس دوورها التاريخي النشيط والفاعل في المسائل الوطنية وبدأت في توحيد الخطاب المسيحي ، كما بادرت الى خطوات جدية بإعادة الثقة مع الكنيسة الآشورية ، وهكذا لم يبق امام غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى  إلا ان يلتفت لشعبه الكلداني ، وأن يقف مع حقوق شعبه الكلداني الوطنية المشروعة في وطنه العراقي وفي اقليم كوردستان ، إن انحياز البطريرك الكلداني لشعبه الكلداني ليس إثماً .
نتمنى نبذ الفكر الإقصائي بين ابناء الشعب الواحد ، لأن مثل هذا الفكر لا يكتب له النجاح في القرن 21 ، ولأجل ، إن الترويج لمبادئ وأفكار ومفاهيم الوحدة والتآلف بين ابناء شعبنا ، وتسويق افكار الأحترام المتبادل وقبول الآخر هي الطريق الأسلم لإزالة الاحقاد والكراهية بين ابناء الشعب الواحد ، وإن رغبة وعمل غبطة البطريرك الكلداني وزياراته للكنائس الآشورية لا تجدي نفعاً في توحيد القلوب ما لم يسود بيننا خطاب ملؤه المحبة ونبذ الكراهية وافكار الأقصاء التي مزقت صفوف هذا الشعب المسكين بعد سقوط النظام في نيسان 2003 .
في هذا المؤتمر نفتح قلوبنا ونمد ايدينا لمصافحة كل الأطراف التي تعاملنا بمحبة واحترام .
د. حبيب تومي ـ ديترويت في 09 ـ 05 ـ 2013

 

83
مسألة ترشيح الرئيس مسعود البارزاني لولاية ثالثة ما لها وما عليها
بقلم : د . حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
يدور الحديث ، ساخناً ، في اروقة السياسة في كوردستان حول تمديد ولاية الرئيس مسعود البارزاني او السماح للترشيح لولاية ثالثة التي تبلغ مدتها اربع سنوات ، الجدير بالملاحظة ان مسودة الدستور الكوردستاني ، والتي لم يجري إقرارها لحد الآن تنص المادة 61 على أن : «ينتخب رئيس إقليم كردستان عن طريق الاقتراع العام السري المباشر من قبل مواطني إقليم كردستان بالطريقة التي يحددها القانون».
وهي الطريقة المتبعة في الولايات المتحدة لانتخاب الرئيس الأمريكي حيث يقوم المواطن بانتخاب رئيسه مباشرة ، كما نصت المادة 64 من مسودة الدستور ان «مدة ولاية رئيس إقليم كردستان أربع سنوات تبدأ من تاريخ أدائه اليمين الدستورية، ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية اعتبارا من تاريخ نفاذ هذا الدستور»، بينما ينص قانون رئاسة الإقليم بالمادة الثالثة على أن «تكون ولاية رئيس الإقليم أربع سنوات ويجوز إعادة انتخابه لولايتين».
كل شئ واضح امام الشعب الكوردي وأمام الحكومة في اقليم كوردستان ، وأمام المعارضة الكوردية التي تتكون من حركة التغيير والأتحاد الأسلامي والجماعة الإسلامية , وحينما تطرح المعارضة اعتراضها على التمديد او الترشيح لولاية ثالثة فهي محقة وتستند على مواد في مسودة الدستور الكوردستاني .
الآن نأتي الى الجانب الآخر من المعادلة فحسب اعتقادي المتواضع ان مسعود البارزاني يقوم ببناء دولة ، اي لم تكن هنالك دولة ورشح البارزاني نفسه لرئاستها وانتهت ولايته وينبغي عليه فسح المجال لغيره لاستلام المنصب بعد اجراء الأنتخابات ، المسألة هنا فيها بعض الأستثناءات ، لقد كانت بدايات متواضعة في إقامة كيان كوردي على ارض كوردستان التي كانت بدايتها السنة الأولى من العقد الأخير من القرن الماضي ، حيث كانت الطموحات تقف عند حدود الحكم الذاتي او الأدارة الذاتية ضمن دولة العراق ( قبل إقرار الدولة العراقية الأتحادية بعد 2003 ) ، اليوم الساحة تتسع وسقف الطموحات يرتفع الى تأسيس الدولة الكوردية ، وقد باشر الرئيس مسعود البارزاني مع شعبه المبدع في العمل وهو بصدد إكمال بنائه ، إن البنّاء الذي يباشر في بناء البيت يعمل على انجازه لكي يسلمه الى صاحبه كاملاً .
من المؤكد أنها المرة الأولى في تاريخ كوردستان ان يحكمها رئيس فائز في انتخابات ديمقراطية وفق الأقتراع السري ، كان القائد او الزعيم في كوردستان سابقاً يتبوأ مركزه بكفائته ومقدرته القتالية وشجاعته وحكمة تدبيره ، وقد برز في العصر الحديث الكثير من القادة الأكراد ومنهم من لهم تاريخ قريب مثل القائد الكوردي المعروف محمود الحفيد البرزنجي الذي استطاع بالتفاف الشعب حولة وبإمكانيات متواضعة ان يدوخ الحكومات العراقية والقوات البريطانية العاملة في العراق ، وذلك بشجاعته وبحكمته ومساندة الشعب له ، إلا ان تفوق الآلة الحربية البريطانية والطيران الحربي بشكل خاص ، قلبت موازين القوى إذ ان المعادلة العسكرية لم تكن متكافئة فكان رجحان كفة الميزان لصالح القوات المعادية .
 كما كان هنالك قادة أكراد آخرين برزوا في مطاوي القرن العشرين ولعله من الأنصاف ان نشير الى القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني الذي افلح في وضع الحركة الكوردية بمصاف ومستوى الثورات التحررية للشعوب المقهورة .
هكذا خرج مسعود البارزاني من رحم الثورة الكوردية ، وعاش ايامها واستمر في اوقات الأنتصارات والأفراح وأوقات والأنكسارات والنكسات فأصبح رجلاً مجرباً عركته المعارك وتجارب الحياة وتقلباتها ، واستمر على مسرح الأحداث وهو يواكب العملية السياسية العراقية وفي المنطقة .. ومن مصلحة الشعب الكوردي ان يكمل هذا الرجل ما بدأه  .
لا ريب ان المعارضة على حق وتستند على القانون ، ولكن قبل ذلك فإن المعارضة والحكومة والرئاسة في كوردستان يهمهم جميعاً مصلحة الشعب الكوردي وتحقيق الأهداف الأستراتيجية لهذا الشعب ، فإن مواد الدستور لا يمكن ان تقف حجر عثرة في ما يصب في مصلحة الشعب .
يقول الجنرال شارل ديغول : لن اضحي بفرنسا من اجل نص ، اي بنص مكتوب في الدستور الفرنسي ، فالدستور وضع ليكون خدمة للوطن والشعب وليس نقيض ذلك ، فإن تناقضت بعض مواده في مرحلة معينة  فمن الممكن تعديله ، فمسودة الدستور الكوردستاني لا زالت مسودة غير مصادق عليها من قبل الشعب ، وهنالك مواد تخالف مصلحة بعض المكونات في اقليم كوردستان ومنها شعبنا الكلداني ، الذي مسحت اسم قوميته الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ووضع بدلها تسمية حزبية سياسية هجينة ( كلداني سرياني آشوري ) وهي تسمية مشوهة لا تدل على شعب يعتز ويفتخر بتاريخه وله شخصيته وكرامته ، وعلى القيادة الكوردية الموقرة ان تزيل هذا الغبن بحق الشعب الكلداني وعليها ان تذكر الأسم الكلداني كما هو منصوص عليه في دستور العراق الأتحادي وليس خلافه ، فكوردستان لا يجوز ان تقبل بتهميش حقوق شعب اصيل وهو الشعب الكلداني .
أقول :
إن الرئيس مسعود البارزاني ، إنسان معتدل وحكيم وله تجربة فذة في الساحة السياسية العراقية ، كما انه شخصية عراقية لها وزنها في المعادلة السياسية العراقية وقد كان الى جانب الرئيس جلال طالباني يشكلان محوراً مهماً وصمام امان للسياسة العر اقية ومنع الأوضاع من التدهور نحو التصادم والحرب الأهلية بين مختلف الكتل والأحزاب والميلشيات ، واليوم بتغيب الرئيس جلال الطالباني ، بسبب مرضه ، عن الساحة العراقية والكوردستانية ، ولهذا ستكون الحاجة الملحة الى شخصية مرمووقة بقامة وحكمة مسعود البارزاني ، إنه الشخص المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب ، وإن غيابه عن الساحة الكوردستانية والعراقية سوف يترك فراغاً كبيراً ، فالعراق لا زال يحبو ببطء شديد نحو الأستقرار السياسي والأمني ، وكوردستان بحاجة ماسة الى مسعود البارزاني في هذه المرحلة .
قرأت في جريدة الشرق الأوسط قول الاستاذ يوسف محمد مدير غرفة البحوث السياسية بحركة التغيير الكردية التي يقودها رئيس جبهة المعارضة نوشيروان مصطفى  بأن :
«لا الحلول الترقيعية تنفع، ولا حتى الحيل الشرعية، لأن القانون صريح في عدم إعطاء الفرصة لرئيس الإقليم بالترشح لدورة ثالثة. فقانون رئاسة الإقليم حدد مدة ولاية رئيس الإقليم بدورتين فقط، وحتى مشروع دستور الإقليم المقترح نص بدوره على ولايتين بغير قبول للتجديد، ولذلك مهما حاول الخبراء إيجاد منافذ أو التحايل على القانون فلن ينفع ذلك بترشيح بارزاني لولاية ثالثة لأنه يتعارض تماما وصراحة مع النصوص القانونية .
اقول :
 لا اعتقد بضرورة ايجاد طرق للتحايل على القانون ولا الحلول الترقيعية بل تكون هنالك الصراحة والمكاشفة ووضع مصلحة الشعب الكوردي ومصلحة الشعب العراقي عموماً في المقام الأول وينبغي وضع هذه المصلحة في المقدمة قبل البحث عن اي حلول ترقيعية كأن يكون هنالك تمديد لسنة او سنتين ، اجل هذه حلول ترقيعية لا تجدي نفعاً ، وليس مطلوباً ان يكون هنالك تحايلاً على النصوص ، بل يكون هنالك قرار وطني شجاع من الأحزاب الحاكمة ومن احزاب المعارضة ، بأن تجري انتخابات الرئاسة يوم 8 سبتيمبر ( ايلول) القادم ، وإن كان الشعب الكوردي والمكونات الأخرى في اقليم كوردستان إن كانت تريد تجديد انتخاب الرئيس مسعود البارزاني لولاية ثالثة سوف تقوم بذلك ، وإلا سوف تنتخب منافسه ، والشعب الكوردستاني هو الذي يقرر ما هو في مصلحة كوردستان فأعتقد يجب تسليم الأمور بيد الناخب الكوردستاني وهو سيحسم الأمور .

د. حبيب تومي ـ اوسلو في 02 ـ 05 ـ 2013

84
أزمة الندايي واليباسي عكست تمسك الشعب الكلداني بتراثه وتاريخه .. قراءة في كتاب
 بقلم : د. حبيب تومي ـ اوسلو

habeebtomi@yahoo.no
وهكذا اعود اليوم لكتابة مقال وأنا على متن الطائرة في طريق العودة من القوش الى اوسلو مستفيداً من قراءتي لكتاب الأب المرحوم الدكتور بطرس حداد ، وهو تحت عنوان : الندايي واليباسي ، ازمة هزت الكنيسة الكلدانية ( 1869 ـ 1889 ) ويقع الكتاب في 112 صفحة من منشورات مركز جبرائيل دنبو الثقافي ، نينوى 2009 ، والكتاب يتعرض لمشكلة عصفت بالكنيسة الكلدانية ،وقسمت شعبها الى قسمين ، هذا وقد تعرضت في كتابي غير المطبوع لهذه المشكلة تحت عنوان ضجة في صف الكنيسة .
والقراءة المقارنة لهذا الكتاب رغم انه صغير الحجم لكنه غزير بالأحداث والوقائع ويمكن ملاحظة تشابه بما يحدث اليوم من اختلاف في وجهات نظر على نطاق كنيستنا الكاثوليكية وشعبها الكلداني .
في مدخله للكتاب يقول المؤلف ص5: يطيب لي ان اتطرق الى البحث في حقبة تاريخية مهمة عاشها شعبنا الكلداني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وكانت هذه الحقبة بمثابة مخاص عسير وصعب لكنها انتهت بخير ..
ومن قراءة الكتاب يبدو ان بداية تلك الأحداث كانت بين قطبيها قداسة البابا بيوس التاسع (1846 ـ 1878 ) وبين البطريرك الكلداني يوسف السادس اودو ( 1847 ـ 1878 ) . وكانت نهايتها على يد قداسة البابا لاون الثالث عشر ( 1878 ـ 1903 ) والبطريرك  الكلداني مار ايليا الثاني عشر عبو اليونان ( 1878 ـ 1894 ) . ونبدأ بقرءاة فقرات متناثرة من هذا الكتاب مع إبداء بعض الملاحظات .
يقول الكاتب عن البطريرك يوسف اودو ص9 :
كان له نظرة ابوية عليا على كل ابناء رعيته وكان له التفاتة خاصة الى ابناء الكنيسة الكلدانيـــــــــــة المهملين في الملبار ( الهند) الذين كانوا يطلبون من وقت الى آخر من بطاركة الكلدان إرسال أساقفة لهم من طقسهم وإدراتهم وتعليمهم ، لأنهم ملّوا إدارة المرسلين الغرباء عنهم .انتهى
في الحقيقة كان البابا بيوس التاسع يريد من البطريرك الكلداني تقديم مظاهر الطاعة فحسب ، فحينما كلف البطريرك الكلداني المطران توما ـ روكس خنجريان بالرحيل الى الملبار كزائر باسم بطريرك بابل وأساقفة الكلدان ، فيهرع القاصد الرسولي دون اي تفويض رسمي ويهدد بالحرم كل من يسافر الى الهند ، ويأمر بالخضوع التام لتعليمات روما على يده .
وفي طريقه ( البطريرك الكلداني يوسف اودو ) الى مجمع مسكوني يدعو اليه البابا ، وفي بيروت يستلم البطيريرك وثيقة بابوية عرفت باسم ( البوللة ) ، وتحتوي هذه الوثيقة تعليمات تعلق كل التعيينات وانتخاب البطريرك والأساقفة وإدارة اوقاف الكنيسة الكلدانية تجعلها جميعاً من صلاحية روما ، وقد امهل البطريرك الكلداني 40 يوماً لكي يتراجع عن كل قرارات التعيين وغيرها وإلا فإن قداسته سيرشقه بالحرم الكبير وفي النهاية يكتب البطريرك الكلداني عن خضوعه التام لا بل استسلامه الكلي كأبن بار للكنيسة .
وهنا كان رفض قسم من الشعب الكلداني لهذا التنازل واعتبروه خضوعاً فنشأ جراء ذلك حزب اليباسي ، والذي ادعى انه يدافع عن الأصالة الشرقية ، والحزب الآخر المعاكس سمي حزب ( الندايي) الذي انطلق من مبدأ الوقوف مع الشرعية .
حضر الباطريرك الكلداني المجمع المسكوني الفاتيكاني الأول وكان في 8 كانون الاول 1869 وأراد ان يقنع خلال هذه الجلسات الحاضرين بشرعية موقفه حيث يرى الفروقات الكبيرة بين الحقوق والأمتيازات والعادات ليست المدنية فحسب بل الكنسية ايضاً .. الموجودة في كنائس الطرفين وقوله : اليست بعيدة عن بعضها كبعد المشرق عن المغرب ؟ وقد قاوم لتينة ( من اللاتين ) طقوسه الكلدانية الشرقية ، وقد ورد ص23 ان الشعب الكلداني كان يتابع اخبار البطريرك ومواقفه إذ كان يرى فيه انه رجل الساعة الذي يعمل من اجل المحافظة على كرامة الطائفة ، وكان الشعب المسحوق والمضطهد في محيطه من قبل السلطة العثمانية الغاشمة يرى في الرئاسة الكنسية ملجأً له ..
كانت ثمة معضلة اخرى وهي امتناع البطريرك الكلداني التوقيع على ( عصمة البابا) فقد قبلتها الكنيسة واصبحت عقيدة ايمانية على كل كاثوليكي ، وقد وقعها كل بطاركة الكنائس الشرقية ، لكن في نهاية المطاف يقنعه القنصل الفرنسي على التوقيع على الوثيقة ووعده بأن يجد حلاً مرضياً لأمتيازات وصلاحيات البطريرك الكلداني مع روما عندئذ وجه غبطته رسالة بخط يده بالكلدانية الى قداسة البابا وذلك بتاريخ  29 تموز سنة 1872 جاء فيها :
أعلن بوضوح عن إرادتي لقبول .. رسوم وتحديدات المجمع الفاتيكاني المسكوني وبصورة خاصة قانون حفظ الحبر الأعظم قداسة بابا روما وتعليمه الذي يتطرق فيه الى مسائل الأيمان ..
كان موقف البطريرك الكلداني صعباً ويحتاج الى حكمة وتعقل ليوازن بين واجبه الديني بالخضوع التام لروما وتطبيق تعليمات وثيقة ( البوللة = مؤيديها عرفوا بالندايي كالنبتة الطرية التي تتأقلم مع الظروف المناخية اي يكون فيها مرونة للتكيف مع الوضع : Flexibility ) وهو يريد ان يبقى مع عقيدته الأيمانية  وبين شخصية وكرامة شعبه الكلداني الذي لا يريد الأفراط بحقوقه الثقافية وامتيازات رؤسائه التي اكتسبوها عبر الزمن . فيقول الكاتب ص31 : بينما كان الشعب الكلداني في غليان فهذا يؤيد البطريرك ويصفق لتصرفاته ومواقفه الشجاعة ، كان آخرون يعلنون الويل والثبور ويهددون بعظائم الأمور ضد هذا الشيخ العنيد .
وفعلاً لم يتراجع هذا الشيخ العنيد عن قناعاته بضرورة ممارسة صلاحياته المكتسبة فعلى خلاف تعليمات البوللة رسم اسقفين جديدين الواحد لزاخو وهو كوركيس كوكا والآخر للملبار وهو مار يعقوب اوراها ورأت الدوائر الرومانية ان هذا التصرف مخالف للتعليمات وهكذا طلبت من البابا التدخل بسلطته العليا فيقول كلمته الفصل بخصوص ما يجري في بلاد الكلدان ، فأصدر " رسالة عامة : وهي اعظم وثيقة تصدر عن قداسته موجهة الى المطارين والأكليروس والرهبان ولفيف المؤمنين الكلدان وكانت الرسالة مفتوحة ومترجمة الى اللغة العربية ,وزعت نسخ منها الى الأكليروس الكلداني والسرياني وعلى عامة الناس ، وهكذا كانت فئة ( البوللة ) تدعو الى التعقل والأصغاء الى تعليمات سيدنا البابا ، لكن كثير من الكلدان يصرخون منادين بالتخلص من التأثير اللاتيني والتمسك بالعادات الشرقية وهؤلاء عرفوا بـ (اليباسي : لكونهم محافطين على تقاليدهم اللغوية والطقسية لا يقبلون التغيير ) وكانوا يستندون الى دعم الدولة في ولاية الموصل والباب العالي في اسطنبول .
وهكذا كما مر فقد وجه البطريرك في الاول من آذار عام 1877 كتاباً بخط يده يعلن فيه موافقته وخضوعه لأوامر الكرسي وطاعته الكاملة للاب الأقدس . وقد انتشرت انباء خضوع البطريرك وقد صورها البعض بتأثير الآباء المرسلين في العراق بأنهم استطاعوا ان (يكسروا رأس الكلدان العنيدين ابتداءاً من بطريكهم ) هكذا ورد ص 41 وهكذا تحرك الحزب اليباسي بسرعة وبقوة وبجسارة ، وانتشرت المسألة كالنار في الهشيم ، وكان قوة السلطة الحكومية العثمانية متعاطفة مع هذا الحزب .
ما يجدر ذكره في هذا الكتاب هو ما آلت اليه حياة البطريرك الكلداني مار يوسف اودو إذ كان قد تجاوز الثمانين من عمره وقد انهكته الأتعاب واحتمل بصبر إهانات لحقت بشخصه وبإرادته وكرامته وتحمل الكثير وأملى وصيته على الحاضرين قائلاً : اريد ان اموت بالأيمان الكاثوليكي متحداً مع الكرسي الرسولي .. وإن مقاومتي للكرسي الرسولي لم تكن بنية العصيان لا بل رغبة بخير طائفتي ..
توفي يوم 29 آذار عام 1878 وحمل جثمانه الى دير السيدة في القوش ودفن بإكرام واحترام كبيرين وضريحه يزار الى اليوم من قبل المؤمنين .
في دير السيدة جرى انتخاب بطريرك جديد وهو مار ايليا عبو اليونان وكان مطران الجزيرة ، وقد اقتبل البراءة الشاهانية من قبل الباب العالي ووصلت القوش في 30 كانون الأول عام 1878 ويقول الكاتب ص 62 انه صار اقتبال البراءة احتفال عظيم وضرب بندقيات ( الألقوشيون كدها في مثل هذه المناسبة ) .
من الأحداث الأخرى المدونة في هذا الكتاب : سنة الليرة المشؤومة ، إذ امحلت الأرض وبخلت بثمارها وذلك من شتاء 1879 ـ 1880 فارتفعت الأسعار وقد وصل سعر وزنة الحنطة الى ليرة ذهبية فعرفت تلك السنة بسنة الليرة ، فانتشرت المجاعة ويكتب غبطة البطريرك ايليا عبو اليونان في 21 ـ 01 ـ 1880 :
 الجوع في كل مكان والفقراء يتكاثرون ، الأيتام متروكون ، الدار البطريركية ملجأ يحتمي به الفقراء المعذبون من الجوع وهم يصرخون صراخاً يفتت الأكباد ويلين القلوب مهما قست ..
في تلك الظروف اسست شركة الرحمة غايتها جمع التبرعات لتوزيعها على مستحقيها من المعوزين وحسب سجلات خاصة وبعد ذلك اصبحت هذه الشركة تعرف باسم " الجمعية الخيرية الكلدانية " .
 على نطاق الصراع المحتدم بين اصحاب البوللة والبردي ، او الندايي واليباسي ظل مستمراً بين المد والجزر والشعب الكلداني منقسم على نفسه ، وبعض المطارين والكهنة والعلمانيين مع هذا الجانب وآخرين مع الطرف الآخر . وأبرز من وقف في طرف الحزب اليباسي المعارض للبطريرك كان المطران ملوس العائد من الملبار ، وقد شيّع هذا الحزب بأن براءة سلطانية سوف تصدر قريباً باسم ملّوس بطريركاً . علماً ان هذا الحزب كان مدعوماً من قبل والي الموصل خفياً ، ولكن قبل صدور البراءة السلطانية كان يجب اختيار اسم لهذه الجماعة بدلاً من لفظة المنشقين ، فكان الأقتراح إطلاق لفظة " كلدان قديم او كلدان شرقي " او حزب ملّوس ، وكانت هذه الفئة اي اليباسي تدعي انها تمثل معظم الشعب المسيحي الكلداني وكانوا نشطاء في عملهم ، لكن مع ذلك لم يفلحوا في الحصول على البراءة السلطانية ، وكل فريق يدعي الأكثرية وامام هذا الأدعاء شكلت لجنة فيها اثنين اعضاء من كل طرف يرأسها ( مكتوبجي الولاية = مدير القلم ) لأحصاء الكلدان المنتمين الى كل طرف ، وقبل عيد الميلاد سنة 1877 اصدرت اللجنة هذه النتائج وهي : مجموع جماعة المطيعين ( البوللة) في الموصل وتلكيف = 19 كاهن و 1537 شخص ، وجماعة المخالفين ( اليباسي ) = 9 كهنة 1132 شخص ، لكن وزير المذاهب تحيز للمخالفين ودافع عن قضيتهم وادعى بأنهم الكلدان الحقيقيون وإن الوالي السابق تحيز الى جانب البطريرك .
وفي خضم هذه الدوامة توصل البطريرك الكلداني الى ضرورة معالجة المسألة بشكل جذري بين المؤيدين والمخالفين له ، وإنهم جميعاً ابناء شعب كلداني واحد ولا بد من حل المسألة جذرياً ، وهكذا كتب في نهاية 1888 الى الكردينال رئيس المجمع يطلب منه ان يسأل قداسة البابا لاون 13 ان يتنازل عن مقررات البوللة ويعيد للكلدان حقوقهم لوضع نهاية لتلك الصراعات ، وفعلاً تجاوب قداسة البابا وتنازل وابطل على الدوام البوللة وارجاع الأمور في انتخاب البطريرك الكلداني وغيرها الى ما قبل صدور ( البوللة ) . وجاء ص87 من الكتاب : وهنا نصل الى النهاية السعيدة بالمصالحة بين الحزبين المتناحرين اللذين عرفا بالموصل باسم الندايي واليباسي وبين المتكلمين بالسورث باسم " بُللا وبردي " ، الجدير بالذكر ان نظرة البابا لاون 13 كانت منفتحة جداً نحو الكنائس الشرقية وقد اصدر رسالة عامة عن كرامة الكنائس الشرقية ( Orientalium dignitas Ecclesiarum) والتي صدرت في 30 ـ 11 ـ 1894 فبنود هذه الرسالة تعيد للشرقيين كرامتهم وتأمر باحترام طقوسهم تقاليدهم .. وكانت هذه القرارات مفتاح لحل المشاكل العالقة بين الفريقين الكلدانيين المتخاصمين وجاءت هذه القرارات تلبية لرغبات الشعب الكلداني بالتمسك باسمه وتراثه وطقوسه .
في مسك الختام يقول الكاتب ص 105 :
 لايجوز لنا دراسة التاريخ دراسة سطحية والأكتفاء بذكر الزلات اوصب اللعنات . إني ارى ازمة اليباسي هزت الكنيسة الكلدانية ، وأطلقت العفريت من القمقم فبحجة رفض البوللة دافع اليباسي عن هوية الكلدان وأصالتهم لأنهم منذ دخولهم في حضن الكنيسة الكاثوليكية اهملوا عادات شرقية وتقاليد محلية حميدة ...
اقول : ان تفسير الحالة هذه التي تعود لتلك الفترة الزمنية ( اواخر القرن التاسع عشر ) يمكن ادراجها بمفاهيم اليوم على انها حركة او انتفاضة وطنية او قومية كلدانية مردها المحافظة على الأسم وعلى التاريخ والتراث واللغة والطقوس ، ويقول الكاتب ان الآباء كانوا يتذكرون اليباسي وكأنهم يتكلمون عن عن ملاحم بطولية عاشها اباؤهم بينما لم يكن ثمة من يفتخر بانتماء آبائه الى البوللة .
في ص107 من الكتاب ابيات من الزجل الشعبي لجماعة اليباسي والتي جاء فيها :
الردة :
كلدان لا تمهرون يطلع عليكم قانون
البوللة يا ما اصعبا عميت عيون الكتبا
                     كلدان لا تمهرون
قس يعقوب الحق دوابك والزبيلين اربابك
وحفو الكرش استادك وعلى المطاغب تجلسون
                   كلدان لا تمهرون
لما وصلو ا تلكيف جواعي وما لهم كيف
طلعوا يأخذون الحيف لحنقنقات+ يدقون
                    كلدان لا تمهرون
من قراءتي للكتاب المذكور تبين ما يعانيه البطريرك الكلداني يوسف اودو من تناقض المواقف إذ من ناحية يريد العمل بما آمن به اي الطاعة للمسيح ومحبة الله ومحبة الكنيسة الكاثوليكية ، كما انه كان يريد ان يؤمن على حقوق شعبه ورعيته وحقوق كنيسته التاريخية ، ولا ريب ان خلق مثل هذا التوازن يتطلب الحنكة والذكاء ، واليوم البطريكية الكلدانية الموقرة تحاول ان توازن بين واجباتها الكنسية وبين موقفها من الحقوق المشروعة للشعب الكلداني  ولنا الثقة الكبيرة بأن تفلح البطريركية بهذا الجانب فالشعب الكلداني هو ملاذها الأول والأخير في الوطن العراقي وفي ارجاء المعمورة .
د. حبيب تومي اوسلو في 01 ـ 05 ـ 2013
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
+ الحنقنقة ، هو عظم الكتف ، يتشائمون منه ولا يدخلونه مطابخهم


 
[/b]

85
قلوبنا معكم غبطة البطريرك وشكراَ على التوضيح حول القومية وهذا رأينا
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi@yahoo.no
 في توضيح مقتضب صدر حول المسالة القومية والسياسية من قبل إعلام البطريركية الكاثوليكية للشعب الكلداني والذي ورد في إحدى فقراته :
" هناك تمييز بين العمل القومي والعمل الكنسي. وإن كان هناك من يدمج المجالين فهو المسؤول عنه. لكن لا يمكن لمؤسسة كنسية بحجم الكنيسة الكلدانية و مسؤولياتها ان تزج نفسها في العمل القومي والسياسي على حساب رسالتها. هذان المجالان هما من اختصاص العلمانيين." انتهى الأقتباس ، وحسب الرابط (1 ) .
وفي اعقاب ذلك ورد توضيح آخر حول المسالة القومية اكثر تفصيلاً من قبل غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو الكلي الوقار وحسب الرابط رقم ( 2) والذي ورد في بعض فقراته :
(..إن دور الكنيسة في مجال القومية هو الحفاظ على التاريخ والتراث واللغة والطقوس والوجود والتواصل والتطور ، لكن ليس على حساب رسالتها الأولى المركزية اي التبشير .
ونقتبس فقرة أخرى تقول :
التسميات موضوع شائك ومتشعب ويحتاج الى دراسات علمية وافية لنتركها للمتخصصين وسيحصل هذا لا محالة .. ويمضي التوضيح الى القول ان التحديات والمخاوف كبيرة في الوقت الراهن ، تهدد وجودنا وبقاءنا ، فالمطلوب منا ان نتحد ونوحد قوانا وإمكانياتا لأن في الوحدة قوة ، وتعطينا الحرية للانطلاق ... ) نكتفي بهذا الأقتباس ، لأن التوضيح منشور حسب الرابط أعلاه . والتعليق عليه في النقطة 11 من المقال .
أقول :
ان الأمل والتفاؤل يغمرنا وقد تبوأ المطران لويس ساكو مسؤولية ومكانة البطريرك على الشعب الكلداني في العراق والعالم تحت اسم غبطة البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو الكلي الطوبة بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ، واقترن هذا الأختيار بفرح كبير من قبل المسيحيين بشكل عام ومن قبل شعبنا الكلداني بشكل خاص ، وهو يحدوه الأمل في ان يكون لهذا التبدل الجوهري في رأس الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في العراق منعطف تاريخي بأن يعيد شعبنا الكلداني مكانته المجيدة في وطنه العراقي وفي اقليم كوردستان على حد سواء . وقد غمرنا شرفاً وفخراً ان يُستقبل البطريرك الكلداني بهذه الحفاوة البالغة من قبل الساسة والمسؤولين في الدولة العراقية وفي اقليم كوردستان وما رافق ذلك من زخم إعلامي مكثف ، كل ذلك كان فخراً لنا نحن الكلدان ، إذ يستقبل بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم بهذه الحفاوة والتقدير والأحترام .
تجدر الإشارة الى إن الإرهاب قد طال جميع المكونات العراقية دون تمييز ، لكن كان نصيب المسيحيين والمكونات الدينية غير الإسلامية  كان ثقيلاً ومرهقاً وكانت نتائجه على هذه المكونات اكثر ايلاماً من اخوانهم المسلمين وهكذا يكون العراق مرشح بعد عقد او عقدين من السنين ( إذا سارت الأمور على هذا المنوال ) ان يغدو خالياً من المكون المسيحي والمندائي والإيزيدي بعد ان فرغ كلياً من المكون اليهودي في اواسط القرن الماضي .
وإن كان الإرهاب والتهجير القسري قد طال اتباع هذه الديانات ، وإن الحكومة تبذل جهوداً في الحفاظ على ما تبقى منهم وعلى ممتلكاتهم ومعابدهم وتحميهم من العنف المجتمعي والإرهاب فتمنح لهم بعض الحقوق القومية والسياسية ، لكن شعبنا الكلداني محروم من تلك الأمتيازات ، لقد بدأ بول بريمر بتطبيق لعبة سياسية كانت لا تخلو من اعتبارات طائفية مقيتة قسمت العراق الواحد الى طوائف دينية ومذهبية وقومية ، وما ارتكبه من حماقة بحق شعبنا الكلداني ، إذ ابعده بشكل قسري عن التمثيل بمجلس الحكم المبني على تمثيل كل الطوائف ، وكان ذلك يتنافى مع ما كان وارداً في العقود الماضية من ضمان لحقوق شعبنا الكلداني حينما تبوأ مكانته السياسية والقومية في العهد الملكي وما تلاه من حكومات متعاقبة .
 اليوم الجميع يتكلم عن الغبن الذي اصابه ، لكن في الحقيقة فإن شعبنا الكلداني هو اشد المتضررين بعد سقوط النظام في نيسان 2003 وكان ذلك ناجماً منذ البداية بسبب تصرف الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر كما مر ذكره ، وثمة اسباب ذاتية متعلقة بضعف الشعور القومي الكلداني وبسبب الهوة المتسعة  بين الكنيسة الكلدانية وشعبها ، فالكنيسة تنأى بنفسها ، في اكثر الأوقات ، من تعضيد حقوق شعبها الكلداني في المسألة القومية والسياسية تحت فرضية ان الكنيسة مؤسسة دينية لا تتدخل في الشان السياسي والمسائل القومية على حساب رسالتها الدينية السماوية ، لكن من الأنصاف الاشارة الى بعض الأستثناءات لهذا الموقف العام وكمثل غير حصري ، حينما انعقد السينودس في عنكاوا في اواخر نيسان عام 2009 حيث قدم المطارنة الأجلاء مذكرة للقيادة الكوردية يطالبونها إدارج اسم القومية الكلدانية بشكل مستقل وواضح في مسودة الدستور الكوردستاني وذلك اسوة بما هو مدرج في دستور العراق الأتحادي ، وهذا موقف يعبر عن حالة الوقوف مع حقوق الشعب الكلداني لا يمكن إنكارها .
لقد عملت في اعالي البحار ، والقانون الدولي يقضي بأن يقوم اي ربان سفينة بإبداء المساعدة لأي باخرة مجاورة منكوبة ، إذ ينبغي على اي باخرة متواجدة في منطقة الحادث ان تقدم المساعدة الممكنة وهذا جزء من واجب الربان ، لكن قبل كل ذلك ينبغي على الربان المحافظة على سلامة سفينته وطاقمه ، اي ان الربان يحافظ على طاقمه وركاب سفينته في المقام الأول وبعد ذلك يستطيع ان يتوجه لأنقاذ  الباخرة المنكوبة ، وهنا اشبه غبطة البطريرك بأنه ربان السفينة ، والأكليروس هم طاقم السفينة  ، وابناء الشعب الكلداني هم ركاب السفينة ، والربان مسؤول عن مركبه لإصاله الى بر الأمان قبل اي مساعدة يبديها للاخرين هذا هو المنطق وناموس الحياة .
اقول :
لقد كانت إرادة المطارنة الكلدان الأجلاء المفعمة بالمحبة المسيحية ان يتبوأ غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو الكلي الطوبى هذه المكانة وأن يتسلم هذه المسؤولية الجسيمة ، وهو يحمل فيضاً كبيراً من تجارب الحياة المقرونة بدراسات اكاديمية معمقة وكل هذه المزايا والخصال تؤهله ليقود البطريركية وشعبنا الكلداني والمسيحيين في العراق بشكل عام نحو خلق اوضاع اكثر ملائمة وإنسانية في هذا المجتمع وهو يعتمد على تجاربه وذكائه الكبير في قراءة الأحداث واتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب وفي المكان المناسب . هنا اسجل بعض الملاحظات :
اولاً :
لقد كانت البداية في إطلاق شعار : الإصالة ، الوحدة ، التجديد ، ونحن الشعب الفقير نؤيد بشدة هذه الشعارات فنحن مع وحدة كنيسة المشرق بكل فروعها ، وليس ثمة اي سبب لنقف ضد الوحدة الكنسية ، إنه هدف مطلوب ،لكن كما يقال الشيطان يكمن في التفاصيل ، ورغم ذلك إن توفرت نوايا طيبة وثقة متبادلة على ارض الواقع  فلا يمكن ان يكون تحقيق هذه الوحدة من المستحيلات بل من الممكنات .
اما مسالة الإصالة المرافقة للتجديد او بالأحرى التجديد المقارن مع الأصالة ، فإن المعنى الذي افهمه من هذا الشعار : إننا نمضي قدماً نحو التجديد مع ما يلائم متطلبات العصر مع عدم طي صفحة الجذور ووضعها فوق الرفوف العالية ، بل نحافظ على وشيجة التواصل بين التراث والماضي من جهة والتجدد والعصرنة من جهة اخرى ، وهذه حالة نادرة ، لكن يمكن تطبيقها بكفاءة كما يحدث في اليابان مثلاً حيث تتجدد الحياة مع تكنولوجية العصر ، مع بقاء الأصول الثقافية التاريخية للأنسان الياباني ، في حين فشلت امم اخرى بتطبيق هذه المعادلة ، فانجرفت مع التيار او تقوقعت في ماضيها ولم تحرك ساكناً .
ثانياً :
يزمع سيدنا البطريرك التصدي لمشكلة كبيرة وهي ظاهرة الهجرة المستفحلة بين ابناء شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والاشوريين على حد سواء ، وهذه المشكلة كبيرة لها اسبابها وجذورها ودوافعها ، وهي متعلقة بالأوضاع السياسية والأقتصادية والأمنية للبلد ، ومن العسير التصدي لهذه المشكلة برمتها في خطوة واحدة ، فمن الضروري تجزئة المشكلة الى مراحل ، كأن يكون الهدف الأول ايقافها ، ومن ثم التوجه الى الخطوة الثانية وهي عودة المهاجرين ، على كل هذا طموح كبير يصب في مصلحة الوطن العراقي وفي مصلحة الوجود التاريخي لشعبنا المسيحي في هذه الديار منذ سحيق الأزمنة . ونحن نشد على يد غبطة البطريرك بهذا الهدف النبيل .
ثالثاً :
تمكن غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو الكلي الوقار من لم الشمل لرؤساء كافة الكنائس المسيحية في العراق والتوجه بقوة الى المسؤولين في قيادة الدولة العراقية ودعوتهم لتوحيد الخطاب العراقي ونبذ العنف وتوحيد الصفوف لبناء عراق ديمقراطي موحد ، وهكذا تمكن من ايصال رسالة المكون المسيحي برمته الى رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس البرلمان اثيل النجيفي مباشرة والى كل المسؤولين العراقيين ، بأن رسالة المسيحيين بالشأن السياسي هي توحيد الكلمة ، والمضئ بالوطن العراقي نحو التقدم والأزدهار .
 نحن الكلدان نبارك هذ الخطوة الجريئة من قبل غبطته ومن قبل بقية البطاركة والمطارين والآباء الجزيلي الأحترام .
رابعاً :
 امام هذه التوجهات والخطوات الطموحة بقينا نحن ابناء الشعب الكلداني ، ننتظر من غبطة البطريرك الذي يقود سفينتنا في عباب المحيط ويتكلم باسمنا نحن الكلدان في العراق والعالم ، انتظرنا ان يصغي الى الى صوتنا لسماع همومنا ومشاكلنا ، لأنه بصراحة نحن الكلدان نستشعر تغييباً لوجودنا وتهميشاً لحقوقنا القومية والسياسية في اقليم كردستان وفي العراق الأتحادي على حد سواء . إن وقوف البطريكية الكلدانية مع شعبها ليس اثماً بل هذا من صميم واجبها ، الشعب الكلداني يقف مع كنيسته وتحت مظلة مؤسسته البطريركية ، ومطلوب من هذه المؤسسة ان تقف مع طموحات شعبها بشجاعة وبقوة ودون خوف او خجل .
نحن لا نريد ولا نقبل ان نزج كنيستنا الموقرة في مستنقع السياسة ، لأنها اسمى من ذلك ، ولكن هذا لا يعني ان تتخلى الكنيسة عن القضايا الوطنية لوطنها العراقي وعن هموم شعبها الكلداني والمسيحي بشكل عام .
خامساً :
 لقد اطلعت على توضيح الجهة الإعلامية التابعة للبطريركية الكلدانية ، والذي كان مقتضباً بشدة حيث تناول موضوع المسائل السياسية والقومية لشعبه بجملة مقتضبة بأن هذا الجانب  من اختصاص العلمانيين ، وهنا ينبثق سؤال دون إبطاء :
اليس توجه الوفد الكنسي الكبير الى الساسة العراقيين يدعونهم لتوحيد الخطاب السياسي اليست هذه الدعوة قمة التدخل بالسياسة ؟ لكننا باركنا هذه الخطوة لأنها تصب في مصلحة الوطن العراقي ، ونحن نطلب من كنيستنا ان تقف الى جانب حقوق شعبها ليس اكثر ، الكنيسة الاشورية بشقيها تقف بشدة الى جانب شعبها الآشوري في طموحاته القومية والسياسية ، وكذلك الكنيسة الأرمنية والمرجعية الشيعية وهيئة علماء المسلمين ( السنية )  ، هؤلاء جميعاً يقفون مع طموحا شعوبهم ، ونحن الكلدان بدورنا نتأمل من كنيستنا ان تأخذ بيد شعبها الكلداني لكي لا تكون ثمة اي هوة تفصل بين الكنيسة وشعبها .
سادساً :
العجيب ان بعض الأخوة الكتاب من ابناء شعبنا الكلداني ، يتناكفون في دعوة مؤسسة كنيستنا الكلدانية الى التوحد مع الكنائس الأخرى ويدعونها الى عدم الأهتمام بشؤون شعبنا السياسية والقومية على اعتبار ان ذلك يعد تدخلاً في السياسية ، لكن الغريب في امر  هؤلاء الكتاب ، إنهم لا يخطون حرفاً واحداً يناشدون فيه الكنائس الأخرى بالمثل ، كأن يدعونها للتوحد مع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، وأن يدعون تلك الكنائس بعدم التدخل بالسياسية بل العجيب انهم يباركون كل الخطوات القومية والسياسية للكنائس الأخرى وكما يقال : عجيب امور غريب قضية .
لماذا تكيلون بمكيالين يا اخوان ؟ لماذا حرصكم على الوحدة وعدم التدخل بالسياسية يتناول الطرف الكلداني فحسب بينما يلفكم الصمت المطبق إزاء الكنائس الأخرى .
حقوق شعبنا الكلداني هي حقوق مشروعة وكبقية المكونات العراقية ، فينبغي ان يكون لشعبنا الكلداني ومؤسساته الدينية والسياسية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني ان يكون لهم حصة في الثروة العراقية ، وأن يكون لهم قناة فضائية تعبر عن ثقافتهم وتاريخهم وامجادهم . وأن يكون لنا تمثيل في البرلمانين الكوردستاني والعراقي . وأن يتبوأ ابناء شعبنا الكلداني مناصب مهمة في الدولة العراقية وفي اقليم كوردستان . اليس من حقنا التمتع بهذه الحقوق بكوننا مواطنين عراقيين من الدرجة الاولى في وطننا ؟ وتشملنا  نفس لوائح حقوق الأنسان التي تسري على كل البشر في المعمورة ؟

سابعاً :
اقترح لغبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الأحترام حضور المؤتمر الكلداني الذي يرعاه المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد والمزمع عقده في مشيكان ( ديترويت ) من 15 ـ 19 ايار القادم وفي حالة تعذر الحضور من قبل غبطته فيجدر إرسال ممثل عن البطريركية لحضور المؤتمر للاطلاع على مشاكل وهموم شعبه الكلداني .
ثامناً :
مؤسسة كنيستنا الكاثوليكية تتوجه بخطوات نحو تحقيق الشفافية في المسائل المالية ، راجع الرابط ادناه : (2) .
وقد شكلت لجنة من اعلى المستويات في الكنيسة لكي تضع الأمور المالية بطريقها الصحيح وينبغي في هذا المجال ان تتسم هذه الناحية المهمة والحساسة بآلية المؤسساتية المركزية وان يقوم بذلك اناس من ابنا شعبنا الكلداني يمتازون بالمهنية والنزاهة . إنها نقطة مهمة ينبغي معالجتها بحرفية ومهنية ، إنها خطوة رائعة ومباركة لوضع الأسس المتينة لبناء مؤسسة كنسية مركزية مالية ملؤها النزاهة والشفافية  .
تاسعاً :
اقترح على غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الأحترام ان يشكل وفداً (كنسياً ـ علمانياً ) يضم نخبة من الكلدان لزيارة لمسؤولين في الدولة العراقية الأتحادية وفي اقليم كوردستان ، إن تضامن الكنيسة مع شعبها والدفاع عن حقوقه امامهم يزيدها قوة ومتانه .
عاشراً :
 ان تحقيق الأهداف المشروعة لشعبنا الكلداني لا يتنافى مع عقد شراكة حقيقية اخوية مع اخواننا الآثوريين والسريان ، وإن توحيد كنائسنا ضرورة ملحة ونحن نقف بقوة مع هذه الوحدة ، خاصة وإن هنالك قواسم مشتركة مهمة بيننا منها الطقس الكنسي واللغة الواحدة . كما اننا نحن العلمانيون اهل لمثل هذه الشراكة بين منظماتنا واحزبنا السياسية ، على ان تكون هذه الشراكة مبنية على اسس من الأحترام المتبادل والندية والتكافؤ بين كل الأطراف ، فالشراكة والتعاون وحتى الوحدة لا تعني إلغاء الكلدان من الوجود ، يقول مهاتما غاندي :
لتهب الرياح في داري من كل الأتجاهات لكني لا اسمح لها ان تقعلني من جذوري ، هذه هي نظرتنا لتوحد شعبنا .

حادي عشر :
تعليقاً على ما ورد في الأيضاح الأخير حول القومية اقول :
إن توضيح الكنيسة حول مفهوم القومية يكتنفه الغموض والضبابية ، إذ لا يمكن الأخذ به من الناحية العملية ولا يمكن تطبيقه على ارض الواقع ، وهنا يتبادر الى الذهن هذا السؤال : ماذا لو طرح علينا سؤال : ما هي قوميتك ؟ او إذا حصل إحصاء وكان في استمارة الإحصاء حقل القومية ماذا نكتب ؟
الجواب معروف سلفاً :
الكلداني وأنا اولهم سوف اكتب كلداني ، والأخ يونادم كنا سوف يكتب آشوري ، والأخ وسام موميكا سوف يكتب سرياني ، إذن المسألة محلولة ومحسومة ، فلماذا نحاول تعقيد المسألة وهي محلولة امامنا ؟ كل منا يعرف اسمه ولا يوجد اي تعقيد وليست المسألة متشعبة وباعتقادي المتواضع لا تحتاج المسالة الى دراسات علمية ، الراعي الكردي في الجبل يعرف قوميته الكردية دون تقديم اي دراسات ، والفلاح العربي يعرف اسمه القومي بشكل عفوي ، وهذا ينطبق على الأرمني والكلداني والسرياني والآشوري والتركماني .. .
 سيادة غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الوقار : إن موضوع إشكالية التسمية وتعقيداتها هي من صنع أحزاب مسيحية قومية متطرفة قومياً تريد إلغاء الأسماء التاريخية لشعبنا ووضع بدلها التسمية التي تؤمن بها تلك الأحزاب وهي معروفة ، ونحن غبطة البطريرك لا يمكن ان نخضع للأفكار الإقصائية لتلك الأحزاب المتزمتة .
الثاني عشر :
 اتفق مع غبطة البطريرك في تفسيرة لمعنى القومية ، حيث تجاوز فيه للمعنى الكلاسيكي المعلب بتحديدات قسرية ، والقومية مشتقة من القوم الذي يرتبط بروابط ثقافية وله مصالح مشتركة ، وينبغي ان تتوفر النزعة القومية لكي يصار الى تحقيق الحقوق المشروعة لذلك القوم .
كما ان الثلاثة اشهر الماضية هي فترة وجيزة وقد خطت البطريركية الكاثوليكية الكلدانية في هذه الفترة خطوات رائعة وشجاعة ، ولا بد من فسح المجال لتحقيق المزيد وكنت قد كتبت بهذا المعنى مقالاً تحت عنوان :
لنكن كرماء مع غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو وهو يحمل هموم بحجم الوطن وحسب الرابط (3) .
 وفي الختام اقول : محبتنا عظيمة لغبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو ولمؤسسة كنيسة بابل على الكلدان في العراق والعالم ، ولكل خطواته الجريئة في المجال الوطني والكنسي والوحدوي مع الأخوة في الكنائس الأخرى ، وفي مجال الهجرة وشفافية المؤسسة الكنسية المالية ، ونحن المدافعين عن المعنى القومي الكلداني  نريد ان نضع يداً بيد ، الكنيسة الكاثوليكية وشعبها لنشكل قوة ضاغطة في اقليم كورستان والدولة العراقية الأتحادية هذا هو منطق الترابط بين اجزاء قمة الهرم الكنسي وقاعدته .ونعمل جميعاً بمحبة المسيح الذي استطاع بتواضعه ومحبته ان يغرس فسائل الخير والمحبة والسلام بين البشر في اصقاع هذا الكون الفسيح .

1   ـ http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,656247.msg5974641.html#msg5974641
2   ـ
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,656728.msg5977666.html
3 ـ http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,641283.msg5912813.html#msg5912813
د. حبيب تومي ـ القوش في 21 ـ 04 ـ 2013
ــــــــــــــــــ

86
المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد مهندس المؤتمر القومي الكلداني القادم
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi@yahoo.no
نتطلع جميعاً الى انعقاد المؤتمر الكلداني في مشيكان وهو بمباردة من المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد وهو مهندسه ، والذي عكف منذ البداية على تشكيل لجنة من جميع القوى الكلدانية ومن المستقلين الكلدان للتهيئة بصورة مستوفية لأنعقاد المؤتمر ، ونحن الكلدان نؤمن بأننا جزء من الشعب العراقي وجزء مهم من المكون المسيحي ، وليس لنا نحن الكلدان اي تحفظ  للتعامل والتعاون مع اي شريحة من ابناء شعبنا ، لكن الى جانب ذلك نؤمن ، اولاً ، بأنه من المهم بناء البيت الكلداني على اسس متينة راسخة ، ونحن بعد ذلك نمد يدنا بأخوة ومحبة للتعامل مع الجميع بمفهومية التعامل الندي الذي يعتمد على مبدأ احترام كل الأطراف دون تمييز .
نحن الكلدان إن كنا مواطنين من الدرجة الأولى في العراق وفي اقليم كوردستان وإن كنا شركاء في هذا الوطن ، وإن كان يتحتم علينا إداء واجبات الوطن ، فمقابل ذلك وبمبدأ العدالة والمساواة ينبغي ان يجري التعامل معنا على مبدأ الشراكة في الوطن ويترتب ان يكون لنا حقوق اي نكون شركاء في المكسب بكوننا شركاء في الخسارة . وكما هو معلوم في الوطن العراقي فإن الجميع يتشكى من الأهمال والتهميش ، وبعضهم قد احرز تقدماً في مجال الحصول على الحقوق القومية  والسياسية ، لكنه يتشكى ويريد المزيد من الحقوق .
 لكن في الحقيقة فإن شعبنا الكلداني هو الشعب الأصيل الوحيد الذي همشت حقوقه القومية والسياسية ، بشكل مجحف في وطنه منذ سقوط الحكم في نيسان عام 2003 م . وإذا كان لا بد من المقارنة فإن الواقع يقول :
 ان الكلدان كانوا افضل حالاً في العقود التي سبقت سقوط النظام في عام 2003 ، فالكلدان يمثلون القوم الوحيد الذي تراجع وضعه ، حتى بالمقارنة مع بقية المكونات الدينية فالسريان والآشوريين والأرمن والمندائيون والأيزيدية افضل حالاً من الكلدان من الناحية القومية والسياسية ، ولا يصار الى إهمال حقوقهم بل ثمة محاولات ظالمة متعمدة لإلغاء وإقصاء تاريخهم وثقافتهم وقوميتهم الكلدانية .
امام هذه الحقيقة ترتب على النخب الكلدانية من المهتمين بحقوق الأنسان وبحقوق شعبهم الكلداني في داخل العراق وخارجه الى التفكير ملياً بضرورة النهوض بحقوق هذا الشعب  . ولا ريب ان نسبة كبيرة من ابناء شعبنا الكلداني كان مصيرهم مغاردة الوطن الى بلاد المهجر وكانت نسبة عالية منهم قد اختار طريق الهجرة والأستقرار في مختلف الدول الأوروبية وأستراليا وأميركا، وتحتل الجالية الكلدانية في اميركا المركز الأول من ناحية العدد بين كل جالياتنا الكلدانية في العالم ، وتقدم ابناء شعبنا الكلداني في معارج العلم والوظائف والتجارة وتبوأوا مراكز مرموقة ، فقد اصبحت كلمة (Chaldean) من المصطلحات المعروفة والتي يحسب لها الساسة في هذه الدولة اهمية كبيرة ، وثمة شخصيات كلدانية لها علاقات جيدة مع شخصيات مهمة في دائرة صنع القرار في واشنطون .
اميركا بلاد المهاجرين والأندماج في المجتمع الأمريكي بالنسبة للمهاجر الجديد ليس مشكلة عويصة ، وهكذا دأب الكلدان في هذه البلاد ،لا سيما في مشيكان ، بالعمل والدراسة والمثابرة بغية الأندماج والأنسجام مع المجتمع الأمريكي ، ولكن الى جانب ذلك كانت عوامل الأرتباط  بالوطن تفرض وجودها وكان في مقدمة هذه الوشائج هو الأسم القومي الكلداني والأحتفاظ بلغة الاباء ( الكلدانية ) إن كان في البيت او عبر الطقوس الكنسية او في الأحتفالات والأجتماعات ، إضافة الى تشكيل نوادي وجمعيات اجتماعية وثقافية ورياضية تحمل الأسم الكلداني .
وهنا ينبغي ان نعترف الى ان الكلدان في اميركا وأوروبا لم يبادروا الى تشكيل احزاب سياسية ذات طابع قومي كلداني ، إنما كانوا ينقسمون في انتمائهم السياسي بين الحزب الشيوعي وحزب البعث ، وبعد انهيار جدار برلين وتفكك الأتحاد السوفياتي كان شعورهم بالفراغ السياسي ، وأنخرط قسم منهم في الحركة الديمقراطية الآشورية لا سيما الألاقشة منهم . غير ان سقوط النظام عام 2003 قد حفز بعضهم على تشكيل منظمات وأحزاب كلدانية ذات طابع قومي ، وكان تأسيس المنبر الديمقراطي الكلداني عام 2004 من قبل نخبة من ابناء شعبنا الكلداني منهم الدكتور نوري منصور وقيس ساكو وفوزي دلي وعادل بقال وشوقي قونجا وغيرهم ، وبعد فترة ولأسباب تنظيمية اضطر التنظيم المذكور الى تغيير اسمه الى المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد . والتنظيم المذكور الى جانب الحزب الديمقراطي الكلداني والحزب الوطني الكلداني شكلوا في عام 2012 الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية ، وفي النية توسيع هذه الهيئة مستقبلاً .
إن المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد قد بادر للاعلان عن عقد مؤتمر قومي كلداني في ديترويت بتاريخ 15 ـ 05 ـ 2013 ولمدة اربعة ايام ، الجدير بالذكر ان هذا المؤتمر يأتي في اعقاب مؤتمر قومي كلداني سابق عقد سنة 2010 في ساندييكو تحت اسم مؤتمر النهضة الكلدانية ، وقبل ذلك في عام 2009 عقد المجلس القومي الكلداني مؤتمراً كلدانياً ، وكان ذلك قبل ان يتخذ المجلس المذكور قراره بالألتحاق بالمجلس الشعبي وتبني تسميته القطارية بدلاً من التسمية القومية الكلدانية .
من كل ذلك يتبين نمو المشاعر القومية الكلدانية بشكل ملحوظ ، واتذكر في بداية كتاباتي عن المسالة القومية كنت مع عدد قليل جداً نكتب في الشأن القومي الكلداني ، لكن نلاحظ اليوم زخم كبير ، لا سيما من خارج الوطن ، لنهوض قومي كلداني ، ومن باب الصراحة ، فإن العمل القومي الكلداني متعثر داخل الوطن رغم وجود الحزب الديموقراطي الكلداني في الساحة ، وكذلك ينزل الى الساحة التجمع الوطني الكلداني ، لكن الكلدان بحاجة الى ترسيخ تواجدهم السياسي والقومي بشكل اعمق لكي يكون لهم موطئ قدم في وطنهم الى جانب الأحزاب الأخرى لا سيما احزاب شعبنا منها الآشورية والسريانية ، وإن كان ثمة تصميم وإرادة وصفاء القلوب ونبذ الأنانية بيننا نحن الكلدان نستطيع ان يكون لنا كلمة مسموعة بين الموجودين على الساحة العراقية ، فلدينا نحن الكلدان كثافة سكانية مسيحية نسبياً وما نحتاجه هو امكانيات متواضعة للعمل بين ابناء شعبنا لبناء بيتنا الكلداني وبعد ذلك التوجه للاخوة في الأحزاب الأخرى الآشورية والسريانية لخلق صيغة مشاركة اخوية شفافة مبنية على التكافؤ بين هذه الأحزاب .
قريباً سوف نتوجه الى اميركا لحضور المؤتمر الذي جرى تحضير مكثف لعقده ونأمل ان نتوصل الى اتخاذ قرارات عملية لتفعيل العمل داخل الوطن ، ولتميتن اواصر التعاون بين تنظيماتنا القومية الكلدانية .
الى اللقاء في ديترويت
د. حبيب تومي ـ القوش في 11 ـ 05 ـ 2013


87
دولة كوردستان قادمة لا محالة .. كيف ولماذا ؟
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
دولة العراق تأسست عام 1921 من الولايات الثلاث بغداد والبصرة والموصل التابعة للدولة العثمانية ، وكان هنالك جدل كبير حول عائدية ولاية الموصل التي تميزت بزخرفتها المجتمعية الأثنية والدينية والعرقية ، وكانت قبل ذلك معاهدة سيفر (1) التي أُبرمت في 10 آب عام 1920 والتي عالجت وضع الأقليات التي كانت ضمن الدولة العثمانية ومنهم الأكراد ، إذ أشارت تلك المعاهدة على استقلال كوردستان حسب البنود  62 و 63 و64 من الفقرة الثالثة والسماح لولاية الموصل بالانضمام إلى كردستان استنادا إلى البند 62 ونصه "إذا حدث، خلال سنة من تصديق هذه الاتفاقية أن تقدم الكرد القاطنون في المنطقة التي حددتها المادة (62) إلى عصبة الأمم قائلين أن غالبية سكان هذه المنطقة ينشدون الاستقلال عن تركيا، وفي حالة اعتراف عصبة الأمم أن هؤلاء السكان أكفاء للعيش في حياة مستقلة وتوصيتها بمنح هذا الاستقلال، فإن تركيا تتعهد بقبول هذه التوصية وتتخلى عن كل حق في هذه المنطقة.
وستكون الإجراءات التفصيلية لتخلي تركيا عن هذه الحقوق موضوعا لإتفاقية منفصلة تعقد بين كبار الحلفاء وبين تركيا".كما نصت المادة 62 على منح الحقوق القومية للكلدانيين والآشوريين بسبب وجود وفد كلداني مستقل يطالب بالحقوق القومية للكلدانيين الى جانب أكثر من وفد آشوري يطالب بحقوق الاشوريين ( وهمسة بآذان من يجعل المطالبة بحقوق الشعب الكلداني بأنه عمل انقسامي ، فهل كان آباؤنا سنة 1920 انقساميين ايضاً ، ولماذا حلال على الوفد الآشوري ان يسعى للحصول على حقوقه فيما هذا محرم على الكلداني ان يسعى لتحقيق حقوقه المشروعة ؟ إنها همسة خافتة ليس إلا ) .
من هنا كان تأسيس الدولة العراقية منذ البداية يحمل سمات التعددية ، بل ، ربما بذور التشظي والأنقسام ، لكن بالرغم من ذلك ، تولدت ونمت بمرور السنين ، مشاعر وطنية عراقية فياضة مخلصة للدولة العراقية الجديدة ، وقد عمل الملك فيصل الأول من اجل لملمة المكونات العراقية لبناء دولة عراقية ديمقراطية تعددية حديثة على نمط نظام الحكم البرلماني البريطاني .
بعد انتشار الفكر القومي الهتلري المتعصب في اواخر العشرينات وبداية الثلاثينات من القرن الماضي كان له صداه المقبول في العراق بجهة مقاومة الأستعمار البريطاني ، ومع رواج تلك الأفكار القومية الإقصائية في المجتمع بدأت مظاهر الظلم والأضطهاد والعنف بحق الأقليات القومية والدينية ، فقد شنت حملات ضد الأكراد في اواخر العشرينات واوائل الثلاثينات كما شنت حملة تصفية بحق المسيحيين من الأثوريين اللاجئين الى العراق وذلك عام 1933 وفي اوائل الأربعينات وقعت اعمال عنف دموية وتخريبية ضد المكون اليهودي والذي عرف بالفرهود .
 في سنة 1945 شنت حملة عسكرية ضد الأكراد لا سيما البارزانيين منهم حيث نزح الالاف منهم الى ايران ليستقروا ويساهموا في تأسيس جمهورية كوردستان في مهاباد .. وفي سنة 1948 كانت هجرة اليهود من العراق ، وفي مطاوي الستينات من القرن الماضي وما بعدها اشتدت هجرة المسيحيين من العراق الى دول الشتات وهي مستمرة الى اليوم ، واليوم ونحن نولج العشرية الثانية من القرن الـ21 تلوح في الأفق رياح تقسيم العراق ، فأقليم كوردستان يتمتع بسقف كبير من الأستقلالية ، ويمكن ان نطلق عليه انه دولة مستقلة غير معلنة ، وبمتابعة مجريات الأمور نلاحظ ضغط كبير على المكونات التي تختلف عن الأكثرية فالأكراد يمثلون القومية الثانية في العراق وهم شركاء في هذا الوطن مع ذلك كانوا يعاملون بمنزلة المواطن من الدرجة الثانية وكانت الوتيرة السائدة على مدى عقود القرن الماضي هي قمع اي انطلاقة تحررية كوردية .
 اما المكونات الأخرى كاليهود والصابئة المندائيين والمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين والأيزيدية فقد لاح لهم طريق الخلاص في الهجرة وترك الوطن لأخوانهم من المسلمين قبل عام 2003 لأخوانهم السنة وبعد سقوط النظام في 2003 لاخوانهم الشيعة ، هكذا في نهاية المطاف وكنتيجة للفكر الأقصائي الأنتقامي سيكون نصيب العراق التقسيم للسنة والشيعة الى جانب اقليم كوردستان .والسبب هو سياسة الأنتقام والثأر التي مر بها العراق ، فحينما كان الحكم بيد السنة كان الأقصاء بحق الشيعة والأكراد واليوم اصبحت السلطة بيد الشيعة يعملون على الأستئثار بالسلطة ويسعون الى إخضاع الأخرين بوتيرة مركزية مشددة بمنأى عن النفس الديمقراطي والشراكة الحقيقية في إدارة البلاد .
 لقد كانت تجربة فذة تلك التي اعلنها الرئيس مسعود البارزاني بعد سقوط النظام ودعى جميع الأفراد (الجتا ) ( الأكراد ) السابقين الذين دعموا الحكومات العراقية المتعاقبة ورفعوا السلاح بوجه الثورة الكوردية ، دعاهم جميعاً الى نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة مبنية على توحيد الكلمة وخدمة كوردستان ، ونجم عن  تلك السياسة المتسمة بالتسامح والحكمة ان تميز اقليم كوردستان بمساحة كبيرة من البناء والتعمير والتعايش بين كل مكوناته وكان يعمه الأمان والأسقرار . وفي مقابل ذلك عمت الفوضى المدن العراقية الأخرى فغابت نعمة الأمان والأستقرار وتلكأت الخدمات العامة والبنية التحتية وانتشر الفساد المالي والإداري وتعثرت العملية السياسية والى اليوم ، والملاحظ ان توتر العلاقة بين اقليم كوردستان والمركز هو نتيجة السياسة غير الحكيمة  للحكومة العراقية التي تعيش وسط ازمات مستمرة لا اول  لها ولا آخر ويستمر الوضع الأمني المتدهور .
قبل سقوط النظام كان قطبي المعارضة يتكون من الأكراد ومن الشيعة ، وبعد سقوط النظام كان ثمة توافق وتجانس بينهما على امل تحقيق دولة ديمقراطية تعددية ، ومن جانبهم الأكراد الذين كان لهم سقف كبير من الأستقلالية منذ عام 1991 فإنهم دخلوا في شراكة وطنية لتحقيق دولة عراقية اتحادية ( فيدرالية ) ديمقراطية تنصف جميع المكونات العراقية دون تفرقة او تمييز . لكن بصعود الأحزاب الدينية على مقاليد الحكم ، لم تستطع الطبقة الحاكمة ان تهضم معنى الديمقراطية والشراكة في الوطن فقد طرأ ضعف على مشروع الدولة المدنية العلمانية الديمقراطية مقابل نهوض تيار الإسلام السياسي نتيجة فوزه في الأنتخابات ، وهكذا نبت الفكر الأديولوجي مجدداً لكن هذه المرة تحت يافطة الدين فكان احياء الثقافة القديمة وإقصاء الآخر والأنتقام منه لجعله تابعاً ، فكان الأنتقام من السنة ، وتهميش الشعب الكلداني من العملية السياسية ، ثم مؤخراً كان الألتفاف على الأكراد لأخضاعهم وتوجيه تهمة الأنفصال ضدهم .
إن العلاقة بين العرب والأكراد ينبغي ان تكون علاقة شراكة في الوطن ، وتفسير الشراكة ان تكون هنالك الشفافية والمهنية في العلاقات ، وحينما نقول الدولة العراقية الأتحادية ، بمعنى ان هذه الدولة تتكون من اتحاد الشركاء المساهمون ، والمكونات العراقية الصغيرة والكبيرة يشكلون الجمعية العمومية للشركة الوطنية في الدولة العراقية ، وعلى الجميع احترام بنود وقوانين الوطن لكي نخرج من الغابة ونعيش في نعيم الدولة المستقرة . وبهذا الصدد يتطرق الرئيس مسعود البارزاني في كلمته التي القاها بالمؤتمر الدولي الأول حول جرائم الأبادة البشرية في اربيل يقول (2) :
 «الذي يحصل الآن ليست شراكة، وإذا كانت تبعية، فإننا لن نقبل التبعية والوصاية من أحد. لذا، نحن شعب كردستان نريد جوابا عن هذا السؤال، إذا كان الجواب بنعم، فإننا لن نقبل عهودا من غير عمل، بل نريد عملا لأننا تعبنا ومللنا سماع وعود دون عمل. وإلا؛ فكل يدرك الطريق الذي سيسلكه».
الجدير بالذكر ان المتابع للأعلام ولتطور الأحداث والعلاقة بين اربيل وبغداد يلاحظ الموقف الواضح للقيادة الكوردية الرامي الى تحسين العلاقات ووضع الحلول الناجعة لكل المشكلات بالحوار والنقاش للوصول الى نقطة الوسط الذهبية ، وإن توتر العلاقات واستفحال الأزمات تؤدي الى عرقلة تطور العراق وبنائه ، وفي نفس السياق من اجل تلطيف الأجواء وخلق ارضية ملائمة للحوار الوطني نقرأ تصريح الأستاذ نيجيرفان البارزاني بهذا الصدد يقول(3) :
 ان لدى الكرد رغبة جدية في التفاوض مع بغداد لحل المشاكل العالقة وانهاء الازمة “الحقيقية” التي تعاني منها البلاد بسبب عدم الالتزام بالشراكة والتوافق والفيدرالية، وفيما حذر من ان العقلية الفردية والتهميش ستعيد “الخراب الى العراقيين” .ويضيف :
بأنه إجحاف بحق الكرد في الميزانية العامة للبلاد والتي أقرّت مؤخراً”، مبيناً ان “ميزانية العراق هي تعبير عن تقسيم الثروة وفقا لمبادئ الشراكة”. ونبّه الى ان “ميزانية البيشمركة وتعويضات المادة 140 وحقوق الشركات النفطية، جميعها امور عالقة لم تنفذها بغداد ..
 وتمشياً مع نفس السياق يضيف الأستاذ فاضل الميراني ، وهو سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني الى فضائية السومرية (4) قوله :
- ليست هناك طرق مسدودة مازلنا نعيش كعراقيين سوية بأختلاف أنتماءاتنا القومية والدينية والسياسية، العراق هو السقف الشامل للجميع نختلف ونلتقي، والاختلاف لا يعني عدم الألتقاء من جهة ومن جهة آخرى أتمنى كحزبي وكفرد عراقي أيضاً أن نحتكم ونمتلك هذا الكم من تبني الديمقراطية وأستيعابها وممارستها ..
إن القيادة الكوردية مع نخبة من المثقفين والسياسيين يجدون الصواب في التعايش في الخيمة العراقية والعمل بآلية الشراكة الوطنية مع سيادة دولة القانون في الدولة العراقية الأتحادية ، ويأتي هذا التأكيد  رغم استراتيجيتهم الفكرية بهدف تأسيس دولة كوردية في نهاية المطاف ، فإنهم يرون ان الظروف الحالية غير ملائمة لإعلان مثل هذه الدولة وينبغي التريث فالمسالة لا تقبل الخطأ والفشل لجسامتها وخطورتها .
لكن مقابل ذلك نلاحظ ان طبقة الشباب الذين يشكلون نصف السكان في اقليم كوردستان الذي تقدر نفوسه بحوالي خمسة ملايين ونصف المليون ، نجد ان هؤلاء الشباب ليس لهم اي إلمام باللغة العربية وربما لأنتفاء الحاجة الى هذه اللغة بين هؤلاء الشباب، ويمكن القول ان هؤلاء هم اولاد كوردستان اكثر من قولنا انهم اولاد العراق ، وينجلي ذلك واضحاً في العواطف والمشاعر القومية وشدة الأنتماء الكوردستاني وهو طاغ على مشاعر اوساط  واسعة من الشباب ولو حدث استفتاء باستقلال كوردستان فإن معظم هؤلاء الشباب إن لم يكن جميعهم هم مع الأستقلال الفوري لكوردستان ، لأنه كما ورد في إحدى الصحف البريطانية إن هؤلاء الشباب ليسوا احرار فحسب بل اثرياء ايضاً .
وإذا اخذنا العامل الذي يشير الى علاقة الكورد بالدولة العراقية فإننا نلاحط نهج غريب لا يعمل على توطيد العلاقة بين المكونات العراقية ، فرجل الدولة الحقيقي لا يمكن ان يحمل قاموسه عقلية الثأر والغلبة ، ومهما كانت شهيته السياسية للاحتفاظ بالحكم، فيترتب عليه ان يضع مصلحة وطنه في استراتيجيته السياسية قبل كل شئ ، سواء كان تعامله مع الأكراد او مع السنة او مع الكلدان اومع اي مكون آخر .
ثمة مشاكل عالقة بين بغداد واربيل وهي مركزة في ثلاثة محاور :
ــ أهمها مسالة الأرض التي تطرق الدستور الى حلها حسب المادة 140 والتي تقضي بإجراء استفتاء شعبي عام  في مدينة كركوك وفي المناطق المتنازع عليها لكي يقرر السكان عائدية مناطقهم بين اقليم كوردستان والمركز لكن جرى تلكؤ في تطبيق المادة اعلاه لأسباب سياسية فأبقى المشكلة قائمة .
ــ بعد ذلك هنالك استثمار الثروة النفطية والخلافات حول قيام اقليم كوردستان بتوقيع عقود نفطية مع شركات عالمية ، وتصدير كميات كبيرة من نفط كوردستان الى الخارج عبر تركيا ، إن وضع الحلول الناجعة لهذه المعضلات ليس مستحيلاً ان توفرت النيات الصافية ، وإن تغلبت مصلحة الوطن العراقي ، لكن مع الأسف فإن حكومتنا الموقرة غارقة في ازمات سياسية مع مختلف المكونات ولا تلوح في الأفق علامات انتهاء تلك الأزمات .
ــ ومحور الأختلاف الثالث هو قوات البيشمركة ، إذ تنص الفقرة الخامسة من المادة 121 من الدستور العراقي الذي ينص على أن قوات البيشمركة الكردية هي قوات خاصة بحماية إقليم كردستان، وتسمى بقيادة قوات حرس الإقليم، وستكون جزءا من المنظومة الدفاعية في العراق ، اي ان هذه القوات هي جزء من القوات العراقية ، فاقليم كوردستان هو جزء من العراق وبالتالي فإن سلامة اراضيه هي جزء من سلامة الأراضي العراقية ، وبؤرة الخلاف تتركز في ان الحكومة العراقية لا تصرف ميزانية لقوات البيشمركة التي هي جزء من القوات العراقية فلو كانت قوات البيشمركة غائبة لا شك ان الجيش العراقي كان يقوم بالواجب التي تقوم به قوات البيشمركة ، ومن المنطقي ان تصرف الدولة على القوات التي تقوم بهذا الواجب إن كانت من الجيش العراقي او قوات البيشمركة .
أقول : إن المكونات الدينية من يهود ومسيحيين وصابئة قد تركوا مناطقهم في مدن الوسط والجنوب بسبب الأضطهاد والظلم الحكومي والمجتمعي ، وهكذا ترك هؤلاء وطنهم العراقي من غير رجعة ولا يوجد من يترك وطنه دون سبب وجيه ، وإن الأسباب التي كانت وراء هجرة هذه المكونات للوطن العراقي هي نفسها سوف تجبر الاكراد على الأستقلال في مناطقهم ، إنها ضغوطات وأسباب لقيام الأكراد بإعلان دولتهم الكوردية المستقلة ، وربما سيكون ذلك حافزاً للسنة ان يعلنون اقليمهم وربما دولتهم . والسبب يعود الى السياسة الخاطئة التي يسلكها الحكام واستخفافهم بالمكونات الصغيرة او المختلفة عنهم دينياً او قومياً وتكون النهاية اللجوء والسعي الى تقرير المصير . وأملنا ان يصار الى بحث كل المشاكل بروح اخوية ديمقراطية لكي لا يضطر الأكراد الى اتخاذ قرارهم الحاسم ، وأن يصار الى التعامل مع شعبنا الكلداني وبقية المكونات الدينية والأثنية بمنطق المواطنة العراقية ، وأن يبقى العراق الواحد ديمقراطياً بنسيجه المجتمعي الجميل .
د. حبيب تومي ـ القوش في 23 ـ 03 ـ 2013
ـــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الحرة ـ ويكيبيديا حسب الرابط : (1)http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9_%D8%B3%D9%8A%D9%81%D8%B1
(2) ـ جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 19 ـ 03 ـ 13
(3) ـ المستقلة نيوز حسب الرابط ادناه :
http://almustaqbalnews.net/index.php?option=com_k2&view=item&id
(4) ـ http://www.doxata.com/meqabelat/8980.html

88
ثـلاث قـراءات لوحـدة شـعبنا المسـيحي مـن الكلـدان والسـريان والآشـوريين  
بقلم :   د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi@yahoo.no
الدارج والظاهر للعيان ان اي مسؤول سياسي او رجل ديني او اي شخص مهتم بمصير شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والاشوريين والأرمن ، إنه يبدأ حديثه انطلاقاً من ضرورة الوحدة بين ابناء هذا الشعب المظلوم ولا يوجد من لا يؤمن بضرورة الوحدة ، لكن حينما نأتي الى التفاصيل نلاحظ ان لكل فريق قراءته ورؤيته لتلك الوحدة التي تترنح لحد اللحظة في إطار التمنيات ليس اكثر .
في الحقيقة ان المكون المسيحي يختلف شأنه عن الصابئة المندائيين او الإزيدية ، فهذه المكونات الدينية الوطنية يطالها الظلم والإضطهاد بسبب الهوية الدينية ايضاً، لكن الصابئة المندائيين على سبيل المثال يجمعهم الدين الواحد ولا يفرق صفوفهم  الأنتماء المذهبي او اللغوي وهذا ينطبق على الأزيدية الى حد ما ، اما مسألة المكون المسيحي ،  فمصطلح وحدة شعبنا ينم عن اختلاف في بعض صوره ، كتباين لغاته او لهجاته واختلاف في تسمياته وبعض الخصائص الثقافية ، ولهذا نلاحظ مفهوم وحدة شعبنا وكأنه مصطلح فضفاض يفتقر الى شفافية الوضوح وحدودية الأطر ، وغالباً ما يغلف  بضبابية الشعارت التي تستخدمها الأحزاب القومية المتزمتة لتمرير اجندتها الحزبية .
ويمكن للمراقب الدقيق ان يرصد عدة قراءات لمصطلح وحدة شعبنا القومية او السياسية او المذهبية ، وفي النقطة الأخيرة أي الوحدة المذهبية وهي نتيجة تشظي كنيستنا المشرقية بين المذهب النسطوري المتمثل في الكنيستين : المشرق الآشورية ، والكنيسة الشرقية القديمة الى جانب الكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني ، وإن إلتحام ووحدة هذه المذاهب متوقفة بشكل رئيسي على مواقف رجال الدين ، وإن كانت في هذه الكنائس في السابق تحت تأثيرات السلطات السياسية لكنها اليوم تتمتع بمساحة كبيرة من الحرية تؤهلها لاتخاذها قراراتها المستقلة .
إن هذه الكنائس يجمعها الطقس الواحد واللغة الآرامية الواحدة ، لكن استطيع ان اقول : بأن مسالة المناصب هي السبب الرئيسي في تشظي الكنيسة بعد ان ضعفت التأثيرات السياسية من قبل الدوائر السياسة في المنطقة وكذلك التأثيرات اللاهوتية على المؤمنين فالسبيل مفتوح امام رؤساء الكنائس وهم اهل لخلق وحدة حقيقية لكنائسهم ، ونحن العلمانيون نبارك لهم تلك الخطوات ، لكن بنظري ان هذه الوحدة بعيدة المنال على الأقل في المستقبل المنظور .
الوحدة القومية التي ترتبط بشكل كبير في الرؤية والمصالح السياسية تباينت القراءات ، وكل طرف ينظر اليها من زاويته الخاصة وفقاً لرؤيته :
اولاً :
قراءة للوحدة مبنية على اسس من التفاهم والحوار واحترام الخصوصيات والتسميات لكل ابناء شعبنا دون تهميش اي طرف ، وتجري اللقاءات والأجتماعات والمؤتمرات بين النخب السياسية والقومية لكل الأطراف ، مع مراعات الرموز والشعارات القومية لكل الأطراف ، كأن يكون العلم الكلداني مجاوراً للعلم الآشوري في الأجتماعات والمناسبات ، وبأن يصار الى احترام من يفتخر بقوميته السريانية كالذي يفتخر بقومية الآشورية والكلدانية والأرمنية فاسلوب تكميم الأفواه ليس بالحل السليم فحينما يفتخر وسام موميكا بقوميته السريانية ينبغي ان نحترم رؤيته وان لا  نلجا الى إسكاته فهذا ليس اسلوب ديمقراطي ، ويتنافى مع حرية الرأي ومبادئ حقوق الأنسان .
فكما يحق ليونادم كنا ان يفتخر بقوميته الآشورية وحبيب تومي يفتخر بقوميته الكلدانية فمن حق وسام موميكا ان يفتخر بقوميته السريانية .
هذه القراءة الأولى المبنية على المبادئ الديمقراطية والمنسجمة مع لوائح حقوق الأنسان وتكون الأساس المتين لعقد اتفاق بين كل الأطراف لتحقيق وحدة حقيقية راسخة تضمن حقوق الجميع دون وصاية طرف على طرف آخر .
ثانياً :
 القراءة الثانية للوحدة السياسية والقومية ( لقد اهملنا الوحدة الكنسية لأنها ضمن جدران كنائسنا كما مر في بدائة المقال ) بين ابناء شعبنا تكون على اساس إلغاء الآخر والأبقاء على الطرف القوي في المعادلة وهو ما يطلق عليه خلق مجتمع متجانس : لغة واحدة ، شعب واحد ، زعيم واحد ، حزب واحد ، لقد تبنى هذه النظرية كمال اتاتورك بعد تأسيس الدولة التركية على انقاض الأمبراطورية العثمانية المفككة في اعقاب الحرب العالمية الأولى ، فأراد اتاتورك تأسيس تركيا علمانية فيها قومية واحدة هي القومية التركية ولها لغة واحدة هي اللغة التركية ، وفرض حظر على اي نهوض قومي يخالف تلك النظرية ، ورغم ان القومية الكوردية تأتي بالمرتبة الثانية في تركياً فلم يسمح لأبنائها بالنهوض والتعبير عن ثقافتهم ولغتهم وقوميتهم الكوردية ، واعطي للاكراد مصطلح اسمه اتراك الجبال لا اكثر ، في هذا السياق عمل صدام حسين وحزب البعث على خلق امة عربية واحدة ذات رسالة واحدة من المحيط الى الخليج . وكل من يعيش في هذا الحيز الجغرافي فهو عربي القومية .
في مجال شعبنا المسيحي يروج السيد يونادم كنا وحزبه القومي الآشورية( الزوعا) لنفس الأديولوجية بدعوة خلق مجتمع مسيحي متجانس لا تفرقه القوميات والثقافات والأسماء ، وبغية تمرير هذه الأديولوجية يطرح هذا الحزب وغيره من الأحزاب الآشورية الفرضية الجغرافية القائلة بأن كل من يسكن الأقليم الأشوري القديم هو آشوري ، تماماً كالفرضية العروبية القاضية بجعل كل من يقطن الوطن العربي عربي . والغريب هو توافق الكنيسة الآشورية مع غلو الأحزاب القومية الآشورية بصهر جميع مسيحيي العراق تحت مظلة القومية الآشورية ، واعتبار الآخرين : الكلدان عبارة عن مذهب كنسي ، والسريان عبارة عن مصطلح ثقافي لغوي ليس إلا ، ويجري تمرير هذ الأديولوجية المتسمة بالمغالاة ، وتستفيد الأقلية الآشورية من قربها من مراكز صنع القرار منذ سقوط النظام عام 2003 ويملك هذا التيار امكانيات مالية وسلطوية وإعلامية كبيرة .
لكن هذا التيار تعرض الى مقاومة شديدة من القوميين الكلدان الذين يعتزون ويفتخرون بقوميتهم الكلدانية ، وتخفيفاً لردة الفعل هذه تعمدت الأحزاب الآشورية الى فبركة تسمية سياسية وهي كلداني سرياني آشوري وجرى ألصاقها بالكلدانيين والسريان وبقي الآشوريون على آشوريتهم .
ثالثاً :
القراءة الثالثة وهي المتمثلة في اللامبالاة وعدم الأهتمام بما يدور حوله الحديث ، والكثير من الكلدان يقولون نحن انتماؤنا كلداني لكنهم لا يهتمون بالعمل القومي ، وبعضهم ينطلق من مفاهيم دينية لا يكترث بالمفاهيم القومية ، حيث يركزون على الرابطة الدينية لكي تكون بديلاً للرابطة القومية ، وخير مثال لهذه القراءة ما كتبة الأستاذ لويس أقليمس في مقاله المعنون : " عندما يصير الشعور القومي بديلاً للهوية المسيحية " ومن المآخذ على الطرح ان اللجوء الى الرابطة الدينية المسيحية سيقابلها الرابطة الإسلامية ، اي سنعود الى القهقري الى وعاء المسلم والمسيحي ، لنقع في مطب اهل الذمة  الذي نحاول تجنبه ونسيانه الى غير رجعة .
واستكمالاً لهذه الفريق نصادف اشخاص يبحثون عن المنافع المادية او الوظيفية ولا يهتمون من يقدم لهم تلك المنافع فيعلنون ولائهم له .
رغم ضعف الأنتماء القومي لهذا الفريق إلا انهم يمثلون الأكثرية او كما يقال الأكثرية الصامتة ويكون لهم دور كبير في الأنتخابات إذ يكون لأصواتهم التأثير الكبير في نتائج الأنتخابات ويسعى كل فريق الى التقرب من هذه الطبقة لكسب ودها .
اقول :
ثمة سؤال يطرح : هل نريد رأب الصدع بين مكونات شعبنا ؟ من المؤكد ان الجواب هو بالأيجاب ، ويترتب علينا في هذه الحالة النظر في مراة الذات التي تمور بكل انواع الأجندة الفكرية الأقصائية ، فلا يجوز النظر الى الآخر منظور ( انا ومن بعدي الطوفان ) ، وأن يسود شعوراً بالتعالي والنرجسية فالأحزاب التي تؤمن بهذه الأفكار ليس لها مكان للمخالف عنها فكرياً او اديولوجياً ، نحن اكثر من واحد وحينما يراد ان نكون واحد علينا التفكير بشكل سليم وبفكر منفتح حواري بمنأى عن النرجسية القومية ، وحينئذِ تتوفر مساحة كبيرة من التفاهم وتزول ازمة الثقة التي تخيم على الأجواء بيننا ، فهل نفلح في يوم من الأيام من خلق اجواء حوارية آخوية ؟
 لكني اقول بكل اسف حسب تجربتي بأنه :
غالباً ما نكتب ونقترح ونخاطب من يعنيهم الأمر ونطرح افكار حول الوحدة لكن يبدو اننا نخاطب انفسنا لا اكثر ، ويبدو اننا ننفخ في قراب مثقوبة ، وعسى هذه المرة إن يكون هنالك من ينزل من برجه العاجي ويصغي الى ما نقوله .
د. حبيب تومي ـ القوش في 13 ـ 03 ـ 13

89
[b] أنـا وكتـاب الأمـم والقوميـة والسـيدة الأثيـوبيـة فـي الطـائـرة
 بقلم : د. حبيب تومي ـ عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
احتفظ بمودة واحترام لصديق عزيز دائم يرافقني في حلي وترحالي ونحن متفاهمان ومنسجمان ، وهو لا يكلفني اي مصاريف او متاعب ، وهذا الصديق هو الكتاب وهو خير جليس اوقات السفر ، إذ تتوفر لي فرصة للقراءة التي انا في شوق دائم اليها . وفي طريقي من اوسلو الى ستوكهولم بالقطار بدأت بقراءة كتاب مهم وهو (الأمم والقومية ) لمؤلفه ايرنست غيلنر ، وأكملت مشوار القراءة في الطائرة ، من ستوكهولم الى اسطنبول ، كانت بجانبي سيدة مكتنزة الجسم ذات سحنة سمراء مائلة الى الصفرة الغامقة وكما يقولون في البصرة ( وجه أملح ) ، ويجلس الى جانبها شاب ابيض في مقتبل العمر ، وكان بينهما حديث متواصل، وانا مندمج مع كتابي وأدون بعض الملاحظات وبعض الخواطر .
 في هذه الأثناء اقبلت المضيفة تدفع عربة توزع وجبة عشاء على الركاب ، ومع الأكل طلبتُ قنينة صغيرة من النبيذ الأحمر ، ولاحظت السيدة السمراء بجانبي طلبت قنينة من النبيذ الأبيض . بعد الأنتهاء من وجبة العشاء عثرت يدها بقدح الشراب الأبيض وانسكب بعضه على بنطالي ، واعربت  عن اسفها لما حدث . فقلت لها لا تهتمي المسألة بسيطة ، ولكنها علقت وقالت ان بنطلونك اصبح الآن اجمل ، ولكن من حسن الحظ ان الشراب كان ابيض ولذلك زال كل اثر بعد جفافه .
بعد ذلك بدأت السيدة السمراء تفتح معي حديثاً وتسألني عن هويتي ، وقالت قبل ان اجيبها بأنها تعرف شئ عن هويتي ، وهي انني مسيحي ، فقلت لها اجل لكن كيف عرفت ؟ قالت لأنك طلبت مع وجبة العشاء شئ من الكحول بمعنى انك لست مسلماً ، فقلت لها : بأني اعرف مسلمين يحتسون الخمور ولي اصدقاء مسيحيين لا يتناولون اي كحول مطلقاً فهذا ليس قياس .
وعن لغتي قلت لها ان لغة الكتاب الذي اقرأه هي العربية لكن لغة الأم لي هي اللغة الكلدانية وأن وطني هو العراق ، وقوميتي كلدانية ، وانا مقيم في النرويج .
 وبعد ذلك علمت انها اثيوبية  متجنسة في السويد منذ 25 سنة ونيف ، وحينما قلت لها انك مسيحية باعتبارها من اثيوبيا ، وهي دولة مسيحية منذ القدم ، أجابت :  
كلا انا لست مسيحية وليس لي دين ولا اؤمن بأي دين سماوي . اما اثيوبيا أجل انها دولة مسيحية لكنها تتحول الى الدين الإسلامي بسبب الفقر الذي يجتاحها ، وهنالك منظمات اسلامية تقدم الطعام للطبقات الفقيرة وتستغل حاجتهم الى الغذاء لتحويلهم الى الدين الإسلامي ، وهكذا ينتشر الدين الأسلامي بسرعة كبيرة بين هؤلاء الفقراء ، وحينما سألتها : هل يجوز استغلال حاجة الأنسان لتبديل دينه او مبدأه السياسي او المذهبي او القومي ، فقالت كلا لا يجوز استغلال حاجة الأنسان ، ولهذا انا لا اريد ان انتمي الى اي دين سماوي ، فأنا اعمل ما يمليه علي ضميري ، لا اكثر . وأنا راضية ومرتاحة في بعدي عن الدين .
وبعد ذلك تحول حديثنا عن استفسارها عن اسم القومية الكلدانية ومن هم اصحاب هذه القومية ؟ فقلت لها انهم مجموعة بشرية عراقية اصيلة وقد تشتت هذا القوم وغادر العراق ولم يبقى منهم سوى 50 بالمئة بعد سقوط النظام عام 2003 .
اما الكلدان تاريخياً فيكفي ان اقول انهم بناة حضارات عراقية وكانت اول دولة بعد الطوفان هي الدولة الكلدانية ، ومن آثارهم المشهورة الجنائن المعلقة التي تعتبر من عجائب الدنيا السبعة ، وهم ايضاً أصحاب تقسيم وقت الى سنة وأشهر وأسابيع وأيام وكل يوم الى 24 ساعة وكل ساعة الى 60 دقيقة والدقيقة 60 ثانية ، هذا التقويم المستعمل في انحاء المعمورة الى اليوم هو من اختراع الكلدانيون .
وبعد ذلك قالت السيدة لم تسألني عن الشاب الذي بصفي قلت لها ليس من حقي ان اسألك : قالت ، كلا يجب ان تعلم ان هذا الشاب هو احد طلابي وأشارت الى شابين آخرين وقالت هؤلاء جميعم من طلابي وأنا استاذة جامعة في ستوكهولم .
اعود الى موضوع الكتاب "الأمم والقومية " والذي يفيد بأن القومية كانت في سبات في عصر قبل الصناعي ، وقد عرفت القومية باعتبارها السعي لجعل الثقافة والدولة منسجمتين ، اي جعل من القومية أداة سياسية ، وهذا ما حصل للدول الأوروبية في عصر دولة القومية بعد تفكك الأمبراطوريات .
 وأنا اقرأ هذا الكتاب تذكرت بعض الطروحات في هذا الشأن من قبل بعض كتابنا خاصة الأخ ليون برخو الذي يضع اللغة كعلامة رئيسية من علامات القومية وحدث بيني  وبينه بعض الجدل حول ذلك ، وحول الأعتراض على تسمية لغتنا بالكلدانية ، لا ادري لماذا يستكثرون علينا هذه التسمية اللغوية في حين يحق لأي شعب ان يسمي لغته باسمه فنحن الكلدان لنا لغتنا الكلدانية والآثوريون لهم لغتهم الآثورية والسريان لهم لغتهم السريانية التي نسمعها من فضائية سوريو سات ، وبهذا الصدد اشير الى ما يقول ايرنست غيلنر في الأمم والقومية ص91 :
(إن اللغات السلوفانية والتيوتونية والرومانية هي في الحقيقة لا تختلف فيما بينها كثيراً في الأغلب ، اكثر من اختلاف اللهجات داخل لغات تعتبر تقليدياً لغات موحدة ، فاللغات السلافية ، مثلاً ، ربما كانت اقرب الواحدة منها الى الأخرى مما هي عليه الأشكال المختلفة من العاميات العربية التي يُزعم انها لغة واحدة .) انتهى الأقتباس .
ثمة زعم يقول ان القومية تتبع اللغة فالأكراد لأن لغتهم كوردية فسوف تكون قوميتهم كوردية والعربي سيتخذ اسم لغته العربية كعنوان لهويته القومية وهكذا بالنسبة الى اللغات الأخرى ، وأنا اختلف مع هذا الطرح وقد بينت ذلك في تعليق سابق حول هذا الموضوع ، فثمة من يتكلم الأنكليزية بل لغة الأم هي انكليزية لكن قوميته ليست انكليزية ، والذين يتحدثون الأنكليزية في استراليا وأميركا مثال على ذلك ، وكذلك من يتكلمون الأسبانية والبرتغالية  فشعوب امريكا الجنوبية ليسوا اسبان او برتغاليين رغم ان لغتهم الأصلية هى برتغالية او اسبانية .
إذا تتبعنا موضوع اللغة فسيكون الاف القوميات حسب حجم اللغات والتي يقدر عددها الثقات بـحوالي 8000 لغة ، ونحن نعلم ان عدد الدول في الوقت الحاضر هو 200 دولة فقط ، ويمكن ان نضيف الى هذا العدد جميع الحركات القومية التحررية التي تسعى للاستقلال وتأسيس دولة خاصة بها ، ومع كل الأحتمالات مهما كانت كبيرة لا يمكن ان يصل عدد الدول القومية الى جزء قليل مع العدد الكبير للغات البشرية .
وهنا نعود الى ايرنست غيلنر 92 الذي يحاول ان يزيد من القوميات الفعالة فيقول :
( دعونا نتظاهر على سبيل الإحسان ، ان لدينا اربع مرات قدر العدد (200 ) من القوميات الفعالة بشكل معقول على الارض ، وبكلمات اخرى لدينا الرقم ( 800) ، إن هذا العدد اكبر من تبرره الوقائع ولكن دعونا نسلم به .. لا يزال الرقم التقريبي يعطينا قومية فعالة واحدة فقط لقاء كل عشر قوميات كامنة وهذه النسبة المثيرة للدهشة ،فالمفترض انها مثبطة لعزيمة اي قومي توحيدي  Pan-nationalist. متحمس ان وجد مثل هذا الشخص .. ) .
بقي ان نقول ان الفكر القومي إن تميز بالتحرر والأعتدال والتسامح فهو قابل للتعايش وبعكسه سيتحول هذا الفكر الى سيطرة اديولوجية إقصائية بحق الآخرين ففي زمن الدولة العثمانية مثلاً كانت الدولة تكتفي بجباية الضرائب وتسامحت مع التنوع الديني والأثني والثقافي ، وعندما جاء خلفاؤهم الأتاتوركيين القوميين ، إذ فرضوا المبدأ القومي القائل بمنطقة واحدة وقومية واحدة ولغة واحدة ، إي انهم لم يكتفوا بالحصول على الضرائب بل عملوا على الأستيلاء على الروح الثقافية واللغوية والتعددية الأثنية لمواطنيهم .
هذا هو الفرق بين الفكر القومي الأقصائي والفكر القومي المتسامح المتعايش الذي يعترف بحرية الآخر .
والى سفرة اخرى ومقال آخر
د. حبيب تومي ـ عنكاوا في 02 ـ 03 ـ 13


90
مقام النبي ناحوم الألقوشي من يعمره ؟ كوردستان ام الحكومة المركزية ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
في الليالي القمراء وأنا اتماهل بخطواتي في القوش العتيقة بأزقتها ودروبها، بتاريخها وبحكاياتها وقصصها القديمة ، ببيوتها المتداعية المتهالكة في الحي القديم  توشك ان تختفي وتتوارى كشعاع الضوء ، وفي شريط الذكريات البعيدة تنتصب أمامنا اطلال من الماضي الذي عشنا فصوله الأخيرة ، كانت تلك الأزقة منذ فجر العالمين الى ليل الكادحين تمور بالحركة والنشاط لمعركة الركض حول لقمة العيش ، الفلاح يحث دوابه للاسراع نحو البيدر ، والحصادون يسرعون للسوق للفوز بيوم عمل والأسكافي والنجار والحداد والبزاز والبقال والراعي ينهض مبكراً ويهش بعصاه غنمه متجهاً صوب الجبل ، كل منهم يحدوه الأمل بيوم جديد ورزق وفير ، وهكذا يمضي اليوم الصيفي بساعاته الطوال وحرارته اللاهبة ، وجلهم حينما ينطفئ النهار ينكفئ في حلقات تسامر في ساحة الحي ثم يخلدون الى اسطح الدور وفناءاتها ليستقبلوا السماء بنجومها اللامتناهية حيث يحدقون في الفراغ الهائل ليغرقوا في نوم عميق لكي يستفيقوا مبكراً ، لشروع في رحلة جديدة من رحلات الحياة اليومية .
 

كاتب هذه السطور امام الباب الرئيسي  لمرقد النبي ناحوم الألقوشي
تبدأ رحلة الحياة في هذه المدينة الرابضة في سفح جبلها وتتوالى الأجيال ، واليوم نحن ندلف نحو العشرية الثانية من القرن 21 وتكون هذه المدينة توالت عليها الأقوام إن كان في العصور الحجرية ، وهذا ما توحي به ملامح هذه المدينة بكونها في سفح جبل تكثر فيها المراعي والحيونات البرية وينابيع الماء والكهوف الطبيعية وهذا ما يرشحها لتكون مستعمرة بشرية منذ اقدم العصور ،  ومن ثم توالت عليها العصور التاريخية والاقوام المختلفة منهم السوباريون والآشوريون ثم الكلدان ، وبتهاوي اركان الأمبراطورية البابلية الكلدانية الحديثة سقطت بابل وسقط حكم العراقيين لتقع بلاد ما بين النهرين تحت حكم الأجانب لفترة 26 قرناً ونيف  والى ثورة تموز 1958 م .
 في البداية كان العصر الفارسي الاخميني وبعده العهد السلوقي ثم العصر الفارسي الفرثي والفارسي الساساني ليأتي الأحتلال او الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي في عهد الخلفاء الراشدين ثم الدولة الأموية وبعدها الدولة العباسية وأخيراً العصر العثماني ، لتؤسس الدولة العراقية الملكية الحديثة عام 1921 ثم كانت ثورة تموز التي قضت على الملكية في العراق ليبدأ الحكم الجمهوري .
بالعودة الى عنوان المقال بعد هذه المقدمة التاريخية لنقول ان العبرانيين يعود تاريخهم الأول الى بلاد ما بين النهرين إذا تتبعنا هجرة ابونا ابراهيم الخليل في حوالي 2000 قبل الميلاد حيث كان احفاده من بني اسرائيل الذين تم اسرهم في العصر الآشوري ثم في عهد الدولة الكلدانية والتي كانت بحدود سبعة قرون قبل الميلاد .
أزعم ان قليلين يعلمون ان عاصمة اسرائيل اليوم ( تل ابيت ) سميت على اسم قرية عراقية تقع في ضواحي بابل التاريخية ، إذ عمد الكلدانيون الى إسكان اليهود في قرى زراعية  ذات أراضي خصبة وكانت طوبوغرافية الأرض وجغرافية الأنهر ومدن منطقة بابل في عهد السبي البابلي ،وبالذات بين دجلة وفرات ، تكتنفها انهار وقنوات وتفرعات مائية تتفرع من الفرات عبر السهول بين النهرين وتصب في دجلة وذلك بين مدينتي بغداد والكوت ، وفي هذه الأنحاء يكون مستوى الفرات اعلى من مستوى دجلة ولهذا تتفرع من الفرات لتصب بالجهة اليمنى لنهر دجلة ، أما من مدينة الكوت والى الجنوب نشهد حالة معاكسة لتفرع الأنهر من دجلة نحو نهر الفرات وهذه الحالة ايضاً ناجمة من طبيعة طبوغرافية الأرض في هذا المنطقة  .
 من جانب آخر لنهر الفرات نفسه فروع تتفرع وتلتقي بالمجرى الرئيسي له الذي  كان يمر حينذاك بمدينة بابل باتجاه شط الحلة الحالي ويقول الدكتور احمد سوسة في ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق 162 :
( ورد في التوراة ذكر نهر باسم نهر الخابور في منطقة بابل كان قد اسكن اليهود المسبيون على ضفتيه وبينهم النبي حزقيال .. وهو غير نهر خابور الذي يجري على مقربة من نصيبين في اعالي بلاد ما بين النهرين ويصب في نهر الفرات .. كما ورد في التوراة ذكر بلدة عند نهر خابور باسم ( تل ابيب ) سكنها النبي حزقيال مع اليهود المسبيين في بابل .. اما بلدة تل ابيب فاسم بابلي معناه تل سنابل القمح .. ومن الغريب ان اليهود اتخذوا اسم تل ابيب لمدينتهم الجديدة في اسرائيل على اعتبار انها مدينة يهودية في حين انها مدينة بابلية كانت موجودة بهذا الأسم قبل نقل الأسرى اليهود الى بابل .

تغطية مؤقتة للأطلال المتبقة من المقام
الشئ باشئ يذكر وما دمنا نتناول تلك الرقعة الجغرافية الجميلة في تلك العهود الموغلة في القدم ، ولنعرج قليلاً نحو سفر المزامير حيث التعابير الأدبية الراقية والكلمات المعبرة وفي المزمور 137 لكاتب غير معروف على لسان شخص يبكي مرارة السبي يقول :
على ضفاف انهار بابل جلسنا ،
وبكينا عندما تذكرنا اورشليم .
هناك علّقنا اعوادَنا على اشجار الصفصاف .
هناك طلب منا الذين سبونا ان نشدو بترنيمة ،
والذين عذبونا ان نطربهم قائلين :
<انشدوا لنا من ترانيم صهيون> .
كيف نشدو بترنيمة الرب في ارض غريبة ؟
إن نسيتك يا اروشليم ، فلتنسى يميني مهارتها .
 ليلتصق لساني بحنكي إن لم اذكرك
ولم افضلك على ذروة افراحي .( المزامير 137 : 1،2 ، 3 ، 4 ، 5 ) .  
البداية كانت في القوش وسرحنا مع مكون تاريخي عراقي وهم اليهود ونعود مرة اخرى الى النبي ناحوم الألقوشي والبناية التاريخة لمرقده الآيلة نحو السقوط في اية لحظة . ونعود نبوته بحدود ( 663 ـ 654 ق . م ) والذي تنبأ على دولة آشور ، وهي اقوى دولة في العالم في ذلك ، تنبأ لها بالدمار الشامل ، وفي الحقيقة ثمة وصف دقيق للمعارك والمواقف والبيوت والطرق ..

الفناء ( الحوش ) الخلفي لبناية مرقد النبي ناحوم الألقوشي
ويستشفى من ذلك ان الكاتب كان قريب من مركز الحدث وهو يصف الحوادث كشاهد عيان عن كثب ، ولنقتبس شئ من سفر ناحوم الألقوشي :
(يستدعي الملك ضباطه فيسرعون اليه متعثرين في خطاهم ، يهرولون الى سور المدينة وقد اقيمت المتاريس . قد انفتحت بوابات الأنهار وانهار القصر امام جحافل الأعداء . اصبحت سيدة القصر عارية مسوّقة الى الأسر .. نينوى كبركة ماء نضبت مياهها ، إذ فر اهلها ، وتعلو الصرخة ، قفوا ، قفوا ، ولا مجيب يلتفت < نا 2 : 5 ، 6 ، 7 ، 8 > ) .
( ويل للمدينة السافكة للدماء الممتلئة كذباً ، المكتضة بالغنائم المنهوبة .. هذه قرقعة السياط وقعقة العجلات وجلبة حوافر الخيول وصلصلة المركبات ، وفرسان واثبة ، وسيوف لامعة ورماح بارقة وكثرة قتلى وأكوام جثث لا نهاية لها بها يتعثرون < 3 : 1 ، 2 ، 3 > ) .
(.. وتتساقط جميع حصونك كتساقط بواكير اثمار أشجار التين الناضجة في افواه من يهزونها . انظري الى جنودك مرتعبين كالنساء في سوطك . صارت ابواب ارضك مفتوحة امام أعدائك ، وشرعت النيران تلتهم مزاليجك ..<3 : 12 ، 13 >) .
اجل ان هذا الوصف التفصيلي الدقيق يدل على ان الكاتب قريب وملم بطبيعة  وظروف ارض المعركة ، وما يمكن استخلاصه من هذه الأقتباسات  ان ناحوم

                نأوس من الرخام مغطى بقماش اخضر
الألقوشي كان في هذه المنطقة ، وهي في او قريب من موضع مثواه الأخير في القوش ، اي انه ولد وتنبأ ومات فيها ، وقد تناقلت الأجيال عبر التاريخ هذه الواقعة لتبني له مرقداً ، وأصبح هذا المرقد بمرور الزمن مزاراً يؤمه الزوار من كل المناطق وعن لايرد يقول يوسف غنيمة  بكتابه نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق 245 :
ان في القوش بموجب تقليد عام . قبر ناحوم الألقوشي كما يلقب في فاتحة نبوته . ويحترم هذا المكان المسلمون والمسيحيون ولاسيما اليهود الذين يحافظون على البناء ويأتون لزيارته زرافات في بعض مواسم السنة .. .
وعن كتابي القوش دراسة انثروبولوجية ..ص208 عن رحلة بنيامين ، فقد تم تجديد البناء عبر العصور وفي البناية الحالية كتابة بالعبرية تفيد بأن بناءه الحالي جدده سنة 5556 من التقويم العبري المصادف 1796 م ساسون صالح داود وعبد الله يوسف ووقف على بنائه يعقوب موشي كباي وداود برزاني من الموصل ، اما ساسون صالح هذا فهو الجد الأكبر لبيت داود ساسون المعروف في انكلترا والهند .

الباب الرئيسي من اليمين ومقابله الى اليسار دار السيد ساسون صيمح
وبالأشارة الى اخر ترميم لهذا المقام يمكن الأستعانة بكتاب المؤلف عزرا لنيادو (the  jews  of  mosul from samarian  exile  (  galuth)  to  operation  ezra and nehemia
by  ezra  laniado , 1981.) ويفيد المؤلف الذي كان معلماً ومديراً لمدرسة اليانس في الموصل حول موضوع تعمير المرقد :
ان   المقام   والمبنى  من  حوله  في   تخطيطه النهائي   شيد وبني  بواسطة  ساسون   رحميم  صيمح الذي  كرس  سنوات  طويلة لتخطيطه  من جديد   ولتوقيف الأموال  لتشييده  فكان البناء الجديد الماثل امامنا اليوم وقد تحول جزء كبير منه الى اطلال ، وكانت الأبنية الملحقة  مع المقام من الأبنية والغرف والخدمات تخصص لاستقبال الزائرين وخدمتهم  .
كان هذا بمثابة  المشروع  الكبير  لساسون   صيمح ، واستغرقت عملية التجديد والبناء حوالي 12 سنة  من 1932 الى 1944 ، وساسون رحميم صيمح هو الذي أوكل  رجلاً  اسمه   "موشه   المقيم" ليبقى  هناك  طيلة  السنة  ليقوم  باعمال  السدنة   ويسكن  في بيته  الكائن مقابل  المقام  .  
وما يجدر ملاحظته ايضاً ان ساسون رحميم صيمح هو نائب في البرلمان العراقي لثلاث دورات الى عام 1951 حيث هاجر الى اسرائيل ، إذ خصصت  في العهد الملكي كوتا للمكون المسيحي وأخرى للمكون اليهودي ، ويفيد حارث يوسف غنيمة ( السياسي والأديب يوسف غنيمة ص103 ) أن قانون انتخاب مجلس النواب لسنة 1924 حدد عدد نواب الأقليات كما أقره المجلس التأسيسي وظل هذا القانون ساري المفعول حتى الغي بقانون انتخاب النواب رقم 11 لسنة 1946 وحل محله فأصبح عدد نواب الأقليات كما يلي :
في قضاء مركز لواء بغداد ــ مسيحيان وثلاثة اسرائيليين .
في قضاء مركز لواء البصرة ــ مسيحي واحد وإسرائليان .
في قضاء مركز لواء الموصل ــ ثلاثة مسيحيين وأسرائيلي واحد
وبعد هجرة اليهود الى اسرائيل اصبح للاقلية المسيحية ثمانية نواب موزعين على اقضية ومراكز ألوية بغداد (3) والبصرة (1) والموصل (3) وكركوك (1) .  
اي ان مرقد النبي ناحوم كان معلم من معالم تاريخ العراق ، وهو يدل على ركن عميق من ذاكرة القوش وذاكرة العراق وذاكرة اليهود ويدل على التعايش المجتمعي ، واليوم نشاهد ان هذا البناء التاريخي في طريقه الى السقوط في اية لحظة ومطلوب من الجهات المعنية الألتفات لإعادة بنائه على يد خبراء ومحترفين لبناء وتجديد المعالم التاريخية ، وسبق لي ان كتبت مقالين حول الموضوع قبل سنوات وناشدت فيها الحكومة العراقية لإعادة بنائه واليوم اناشد اقليم كوردستان ايضاً حيث ان كوردستان قد قامت ببناء مشاريع خدمية رائعة لمدينة القوش الكلدانية فقد كان هنالك إكساء وتغطية مجرى مياه الأمطار في الوادي القادم من الجبل في محلة قاشا الى مصبه في الأراضي الزراعية ، إذ كان هذا الوادي مصدراً للرياح الكريهة والحشرات والأفاعي .
 كما تم تنفيذ تبليط الطريق الرابط بين القوش ودير السيدة بشكل جميل حيثاصبح متنزهاً مريحاً لأهالي القوش وضيوفهم عندما يأتي المساء وتنحدر الشمس نحو الغروب . وهنالك الطريق الذي يربط بين دير الربان هرمز ودير السيدة والطريق بين القوش وبيندوايا الذي يتصل بطريق دهوك في المستقبل ، إضافة الى تزويد القوش بالتيار الكهرائي على مدار الساعة ، وهذا المشروع انتقد في الآونة الأخيرة بسبب ارتفاع سعر الأستهلاك .
 إن هذه المشاريع الكبيرة وغيرها تحفزني على مطالبة اقليم كوردستان بالألتفات الى مرقد النبي ناحوم الألقوشي في القوش ليصار الى بنائه وتجديد وجوده .

الى الطابق الثاني من المبنى
في الختام نقول : ان اليهود كانوا منتشرين في قرى ومدن كوردستان وفي المدن العراقية وكان عددهم وفق بعض المصادر المتوفرة :
في الأزمنة الأولى للخلافة العربية يقدر عدد اليهود في بلاد الرافدين بـ 91 الف نسمة .
في عهد المغول والتتتر كان عدد اليهود الذين يدفعون الجزية 36 الف وكان لهم 16 كنيس .
في سنة 1947 اي قبل الهجرة الى اسرائيل بلغ عددهم في العراق 120 الف نسمة وفي سنة 1979 بقي منهم 900 شخص فقط .
سنة 2003 تقلص عددهم الى 20 شخص وفي سنة 2009 اصبح عددهم 8 أشخاص فقط  .
لقد كان العراق متشبعاً بالتقاليد الحضارية المبنية على مبادئ التسامح والتعايش والوئام بين مختلف المكونات ، ولكن يبدو ان تلك التقاليد قد اصبحت من ذكريات الماضي ، فالعراق اليوم اصبح مسرحاً مفتوحاً لشتى الصراعات ، فهنالك صراعات بين السني والشيعي والكوردي والعربي والكلداني والآشوري ، والعراقي مع نفسه . ونحن الكلدانيون وبقية  مسيحيي العراق والمندائيون والأزيدية نخشى ان يكون مصيرنا شبيهاً بمصير اليهود إذ ان بوصلة المحصلة النهائية تتجه نحو تفريغ العراق من مكوناته الأساسية من اتباع الديانات غير الإسلامية ، وإن كان لليهود دولة تحضنهم وتجمعهم وترعاهم ، فيجتمع في اسرائيل اليهود من اصل عراقي ، وآخرين من اصل روسي ، وغيرهم من اصل مصري وو...  فهذه تجمعات ثقافية تجد نفسها في تلك التجمعات .
لكن مصيرنا نحن الكلدان وبقية مسيحيي العراق ، فإن العائلة الواحدة تتوزع بين دول المهجر ، الأب والأم في اميركا ، والأبن الكبير في استراليا والبنت الكبيرة تزوجت في السويد والأبن الصغير في العائلة التحق معها في السويد وهلم جراً ، هكذا نقرأ عن وفاة فرد في عائلة القوشية مثلاً ، ان تقام له التعازي في القوش وفرنسا وأميركا واستراليا والسويد ووو والمريخ .
 لكن لا احد يريد ان تصل بنا الأمور الى تلك الحدود فمهما كانت الأمور فإن دفئ الوطن افضل من صقيع الهجرة ، وهذا رأيي الشخصي فحسب .


مرقد صارة اخت النبي ناحوم الألقوشي بموجب التقليد المتوارث

                       امام باب المرقد
ملاحظة : كتبت مقالاً قبل سنين على شكل حلقتين تحت عنوان : مرقد النبي ناحوم في القوش من ينقذه ؟ حسب الرابطين ادناه :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=155397
والحلقة الثانية حسب الرابط ادناه :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=156101
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
ــ الكتاب المقدس ، العهد القديم
ــ د. احمد سوسة " ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق " المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بغداد ط2 سنة 2001 .
ــ  يوسف رزق الله غنيمة " نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق " دار الوراق ، لندن ،ط2 1997 .
ــ حبيب تومي " القوش دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية " مطبعة الديوان ، بغداد سنة 2003 .
ـ فيليب فارج ويوسف كرباج " المسيحيون واليهود في التاريخ الإسلامي العربي والتركي " ترجمة : بشير السباعي ، سينا للنشر ، القاهرة ، ط1 سنة 1994 .
ــ عزرا لا نيادو the  jews  of  mosul from samarian  exile  (  galuth)  to  operation  ezra and nehemia
by  ezra  laniado , 1981.

ــ حارث يوسف غنيمة " السياسي والأديب يوسف غنيمة " دار الحرية للطباعة والنشر ، بغداد 1990 .
ــ جريدة الشرق الأوسط اللندنية في 03 / 09 / 2011 عن موقع ويكيليكس .

[/b][/b]

91
لنكن كرماء مع غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو وهو يحمل هموم بحجم الوطن
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
إنه قبس من الضياء يلوح في آخر النفق هذا ما يمكن ملاحظته في ضوء توجهات البطريرك الكلداني مار لويس روفائيل الأول ساكو ، ومع طروحات برنامجه الواضح للعمل " إصالة ووحدة وتجدد " وفي كل الطروحات يكون لنا الحق في ان يكون لنا رأي مطابق او مخالف ، ومن حقنا ان يكون لنا مساحة من حرية التعبير وحرية الرأي وكما يقول كارل ياسبرز :
إن الوجود الأنساني ، يتحدد بمقدار درجة الحرية الموجودة فيه ، اي بمقدار ان يكون الوجود الإنساني حراً ، بمقدار ما يكون اكثر قدرة على تحديد جوهريته .  فلا يمكن ان نفقد حريتنا ، ومن حقنا ايضاً ان نناقش كل الطروحات ونتفق ونختلف ، وغبطة البطريرك الكلداني مار لويس روفائيل ساكو يؤكد بأن :
 الاختلافات ايجابية وعامل إثراء وتحريك.
 ويقول ايضاً في رسالته المفتوحة والمنشورة على موقع عنكاوا حسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,641074.msg5911457.html#msg5911457
أريد أن أقول للجميع:
 لا تخافوا مني، فإني أؤكد لكم أن أبقى أسير على خطى المسيح، وأؤكد لكم أنه ليس لي حسابات مع أشخاص أقوم بتصفيتها، ولا صفقات، كما ليس لي طمع في حطام الدنيا. إني أب وأخ للجميع أقُرِّب ولا أقصي، أوحد ولا أقُسِّم وأعمل مع الكل وأحترم الكل ..
وهو يفتتح رسالته المفتوحة بالتوجه الى كل المكونات العراقية ، فبعد ابناء وبنات كنيسته الكلدانية ورؤساء الكنائس المسيحية الشقيقة في العراق ، يمد جسور التواصل والتفاهم مع كل المكونات الدينية العراقية : المسلمون والصابئة المندائيون والإزيدية وكل العراقيين ، ومن هنا اقول : انها هموم كبيرة بحجم الوطن .
 لا ريب ان غبطة البطريرك لم ينطلق في توجهه الوطني الواسع والعسير من ارض رخوة ، إنما انطلق من ارضية صلدة تمثلت في معطيات تاريخية وحضارية وثقافية ، اولاً ، وثانياً على الزخم الأعلامي الذي رافق عملية انتخاب البطريرك ، وعلى الحفاوة البالغة الشعبية والرسمية التي استقبل بها على تراب الوطن ، إذ كان على رأس مستقبيله في كوردستان بمدينة عنكاوا الأستاذ فاضل الميراني ممثلاً للرئيس مسعود البارزاني .
 وبعد ذلك الضرورة القصوى التي تتطلبها المرحلة في وجود شخصية كارزمية قوية تعمل على انتشال الكنيسة الكلدانية من مظاهر التبلبل والتفكك التي كانت تهددها منذ سقوط النظام عام 2003.
وفي الحقيقة ان دور الفرد له اهمية كبيرة في حياة الشعوب ويحدثنا ياسبرز عن دور الفرد في سير الأحداث والوقائع ويصل الى درجة للقول : ان الثورة الفرنسية لم يقررها الشعب الفرنسي ولا العوامل الخارجية والداخلية .. إنما الذي احدث تلك الثورة كانت البطولات الفردية لقادة الثورة الفرنسية تحديداً فالدراسة للتاريخ بأحداثه ، ليس اكثر من محاولة لتبيان ما هو فردي ـ بطولي ـ في هذه الأحداث .
 ومهما كان رأينا إن كان يتفق مع هذه الرؤية او مخالفاً لهاً فلا يمكن ان نغض الطرف عن دور الفرد الفاعل في مختلف الأحداث التاريخية .
نحن جميعاً نقدر ثقل وتعقيدات المشاكل التي تعتري سبيل البطريرك الجديد ، فالطريق ليس مفروشاً بالورود ، وهنالك تعقيدات وتشعبات سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية ، كلها عوامل مؤثرة في وجود المكون المسيحي على ارضه وفي الدول العربية ايضاً .
لا يمكن للبطريرك مار لويس روفائيل ساكو إلا ان يتسم بالواقعية والموضوعية ، في شان هجرة المسيحيين التي اولاها البطريرك شديد اهتمامه وفي تصريحه المنشور في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 10 فبراﯾر 2013 العدد 12493 يقول :
«سأعمل من أجل عودة المسيحيين الذين ھاجروا إلى دول الجوار من العراق من خلال الحوارات مع الحكومة ﻷنھم ثروة، فالتعددﯾة بالعراق ھي عامل قوة وتوحد ». وأضاف:
 أن «تحقيق اﻷمن وتأمﯿن فرص العمل والوظائف والمدارس والخدمات والثقة والخطاب المعزز بالثقة والسلام جميعھا عوامل سنعمل عليھا ﻹعادة المسيحيين المھاجرﯾن إلى منازلھم فالغربة صعبة جدا وﻻ تطاق».
اجل انها مهمة صعبة وتتطلب تعاون وتضافر كل الجهود وبشكل خاص الجانب الحكومي ، ولا شك ان الحكومة لها مشاكلها المعقدة المتشعبة ، وما يخص اسباب الهجرة فهي كثيرة وعميقة ، ومن اهمها فقدان الأمن والأسقرار لكل مكونات الشعب العراقي بشكل عام ، واتباع الأديان غير الإسلامية بشكل خاص ومنها المكون المسيحي ، الذي يرجح ان تعداده بعد 2003 قد تقلص بسبب عوامل التهجير والهجرة الى اقل من النصف .
ولا شك ان الهجرة المسيحية من الدول العربية لها نفس الأسباب لمثيلتها في العراق ، وإن ثورات الربيع العربي قد افرزت المزيد من عوامل الهجرة بسبب هيمنة الأسلام السياسي وفرض الكثير من جوانب الشريعة الأسلامية على المسيحيين .
وفي مسألة توحيد الصف المسيحي يطالب البطريرك مار لويس في كلمته "أن يكف كتابنا عن كتابة مقالات قومية أو كنسية تفتقر إلى العلمية والمنهجية. لنحافظ على هويتنا ونفتخر بها من دون الطعن بهوية الآخر أو نبذه سوف يساعدنا البحث العلمي الرصين على الاكتشاف"، وذلك في إشارة إلى قضية تسميات  شعبنا القومية التي تثير جدلاً بين في حال مناقشتها.
اجل من حقنا ان نفتخر بهويتنا لكن دون الطعن بهوية الآخر او نبذه .. وحينما نصل الى هذه المرحلة وهي عدم نبذ الآخر او الطعن به سوف نصل الى المرحلة المتسمة بالتفاهم والحوار الحضاري ، وهذه حالة مطلوبة من كل الأطراف واحسب ان هذه دعوة مباركة لوقف الحملات الأعلامية بيننا نحن الكتاب ومطلوب من فضائياتنا ان تكون اكثر حيادية في خطابها حين التحدث عن مكونات شعبنا .
وفي رسالة غبطته تتوضح ملامح منهجية العمل بشأن :
ـ تقوية وترسيخ البنيان المؤسساتي للكنيسة الكلدانية .
ــ  مد يد التعاون والأنفتاح على الكنائس الشقيقة .
ــ مد جسور الحوار الأسلامي المسيحي ، لأن الجغرافيا مفروضة ، وعلينا ان نكيف نفسنا مع الواقع وذلك بمد جسور التفاهم بغية أيجاد مناخ للتعايش في الوطن الواحد وبمنطق المواطنة التي تحفظ  لكل المكونات الكرامة الوطنية والإنسانية .
ــ وهو يتوجه الى القوى السياسية الفاعلة على الساحة العراقية وبمنطلق كون البطريرك  مواطن ورجل دين " روحاني" ويناشد كل الأطراف ان يبقوا كباراً ويتجاوزوا الخلافات من أجل الوطن ووحدته وسيادته ..
هذه طموحات كبيرة ولائحة متشابكة من هموم الكنيسة والوطن والمنطقة .. وهي تتطلب مثابرة الجهود والعمل والجهود المضنية هذا من جانب البطريرك ، واعتقد نحن من جانبنا ينبغي ان نتضامن مع هذا الأنسان لكي يقود السفينة الى بر الأمان ونقف الى جانبه ، فينبغي ان نكون كرماء في اتاحة الفرصة ، فغبطته ليس له حزب سياسي او سلطة زمنية تنفيذية يحقق ما يراه مناسباً عن طريق قوة السلطة والسلاح ، فغبطته رجل ديني سلاحه تربوي وإرشادي روحاني ونشر مبادئ السلام والمحبة بين المكونات .
علينا ان نمنح الفرصة لغبطته لكي يباشر العمل ويخطو الخطوة الأولى في طريق الألف ميل . نحن ابناء الشعب الكلداني متضررين اكثر من كل المكونات العراقية من الأوضاع بعد سقوط النظام في عام 2003 ونتأمل ان نأخذ دورنا في المواطنة الحقيقية في مسألة الحقوق والواجبات في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان لكي يكون لنا دورنا الفاعل في التطور الحضاري وفي بناء الوطن .
د. حبيب تومي / اوسلو في 11 / 02 / 13

92
يداً بيد مع البطريرك الجديد لأنتشال كنيسة الكلدان من التشتت والأنهيار
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
بنظري ان غبطة البطريرك مار لويس ساكو روفائيل الكلي الطوبى ، دارس ومدرك بشكل عميق وناضج لكل ما تعانيه الكنيسة الكلدانية من مشاكل ومصاعب ، ولا شك ان تشخيص مكامن الداء يعتبر السبيل الأمثل لوصف الدواء الشافي ، لكن من المؤكد ان حجم المشاكل المتراكمة لا يمكن النهوض بها بين ليلة وضحاها ، ولهذا خير ما يمكن القيام به في الوقت الحاضر هو الحؤول دون وقوع المزيد من الضعف والتدهور والبلبلة بجسم الكنيسة ، ولهذا يترتب على الكنيسة وشعبها الكلداني تكثيف الجهود المشتركة لإيقاف انحدار الكنيسة نحو الهاوية ومن ثم الشروع في تناول المعضلات لوضع الحلول الناجعة لكل منها ، وبعد ذلك تبدأ عجلة الكنيسة بالدوران والتحرك نحو الأمام لكي تعيد الكنيسة هيبتها ومنزلتها التاريخية ، ومن اجل ذلك يمكن متابعة النقاط ادناه :
اولاً :
 ما يتعلق منها بالشأن الداخلي لمؤسسة الكنيسة والضعف الذي خيم على هيكلها التنظيمي  بجهة ضعف المركزية بين ذروة الهرم وقاعدته والتي كانت عنوان قوتها في الصمود والديمومة لموجهة وتجاوز تلك المحن والإضطهادات الشرسة التي تواترت عبر قرون طويلة من تاريخها ومكنت الكنيسة وشعبها الكلداني من الأستمرارية والأحتفاظ بالدين والتراث واللغة الكلدانية والطقس الكلداني ، لكن بعد 2003 اعتراها الضعف والهوان بسبب الظروف المحيطة والتي لم تكن في صالح الكنيسة الكلدانية وشعبها الكلداني .
ثانياً :
كان مبادرة حكيمة من لدن حضرة بابا الفاتيكان بأن يصار الى عقد سنهودس كلداني في الفاتيكان بروما ، وان تجري الأنتخابات هناك ، إن هذه العملية قد ابعدت المجتمعين من اي ضغوط او تأثيرات جانبية، وهكذا منحت لهم مساحة كبيرة من الأستقلالية في القرار ، بعد رياضة روحية لصفاء القلوب والمحبة المسيحية ، فكان في تلك الأجواء المفعمة بالحرية والمحبة ان يجري انتخاب البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو ، وقد توطدت تلك النتائج بعد نيلها موافقة قداسة البابا على اختيار المطارنة الأجلاء .
ثالثاً
الأوضاع التي انبثقت بعد سقوط النظام في نيسان عام 2003 ولجوء الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر الى ازاحة المكون الكلداني المسيحي من المعادلة السياسية ، وإحلال المكون الآشوري المسيحي بدلاً عنه بجهة ان الأقلية الآشورية اكثر فعالية ، وينبغي الاعتراف  بالحقيقة التي تقول :
 ان الأحزاب القومية الآشورية تميزت ببراعة التنظيم وقدسية الشعارات مما اكسبها الغلبة رغم قلة عددهم بالقياس بالمكونات المسيحية الأخرى ، وبصراحة نحن لسنا غاضبين على منح الأخوة الآشوريين تلك المكانة بل الذي اغضبنا هو إزاحة المكون الكلداني من العملية السياسية وهذا نحسبه ظلم وإجحاف بحق الكلدان .
رابعاً :
كانت العمليات الإرهابية بعد عام 2004 والتي طالت الكنائس المسيحية دون تمييز ، لكن الشعب الكلداني تحمل العبئ الأكبر من تلك العمليات بفضل تفوقه العددي على بقية المكونات المسيحية مما خلف حالة من التطهير العرقي ضد المكون الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، فقد طالت عمليات تفجير الكنائس وعمليات القتل والخطف والأبتزار والتشريد حتى توسعت دائرة القتل والأغتيال الى رجال الدين ومنهم الأب الشهيد رغيد كني ومعه ثلاثة شمامسة اغتيلوا في وضح النهار في مدينة الموصل يوم 3 حزيران عام 2007 وفي ذروة عمليات الإرهاب امتدت لتشمل المطران الشهيد مار بولص فرج رحو بعد اطلاق النار على سيارته وقتل سائقه واثنان من مرافقيه ، وخطفه يوم 29 / 02 / 2008 واستشهد على يد خاطفيه المسلحين في مدينة الموصل يوم 13 / 03 / 2008 م .
هكذا شكلت تلك العمليات الأرهابية الدينية الإقصائية عامل حاسم في شبه تفريغ المدن العراقية الرئيسية مثل بغداد والبصرة والموصل من المكون المسيحي الكلداني وبقية مسيحيي العراق ومن المندائيين والأرمن .
خامساً :
إن إقصاء المكون المسيحي الكلداني من العملية السياسية قد الحق اضرارا كبيرة بالكنيسة الكلدانية ، حيث ضعفت مكانتها امام المسؤولين العراقيين إن كان في المركز او في اقليم كوردستان ، وأثر هذا على هيبتها ، إذ لم يعد لها اي كلام مسموع لدى المسؤولين ، وكانت مسألة تعيين مدير الوقف المسيحي والأديان الأخرى وتهميش دورها ، وتفضيل رأي حزب آشوري عليها يشكل ضربة قاصمة لمكانة الكنيسة وهيبتها في وطنها العراقي فكان ذلك علامة فارقة لفقدانها الكثير من نفوذها التقليدي في القرار السياسي العراقي .والذي كان مسموعاً ومؤثراً في عهد البطاركة السابقين الذين نقرأ لهم بل نتذكر عهودهم وهم :
 البطريرك عمانوئيل الثاني توما ( ت 1947 ) ، ومار يوسف السابع غنيمة ( ت 1958 ) ، ومار بولس الثاني شيخو ( ت 1989 ) ، ومار روفائيل الأول بيداويد ( ت 2003 ) .
 ونلاحظ ان التراجع بدأ عام 2003 وما بعده ، وكان البطريرك مار عمانوئيل دلي الثالث متفانياً ومتحملاً الظروف القاسية من القهر والعنف والإرهاب ، وبقي الى جانب شعبه في تلك السنين السوداء ، رغم كونه مكبلاً لا يستطيع ان يقدم اي خدمة لأبناء شعبه ، بسبب عدم امكانية الوصول الى مصادر صنع القرار لرفع وتقديم معاناة شعبه لهم .
لقد كانت مبادرة حكيمة من لدن غبطة البطريرك الكاردينال عمانويل دلي حينما استقال من منصبه فاسحاً الطريق لمن يكمل المسيرة ويقود الكنيسة نحو مرافئ السلام والأستقرار.
سادساً :
رافقت انتخاب البطريرك الجديد للشعب الكلداني دفقة إعلامية مشهودة من قبل الإعلام العراقي والأقليمي والعالمي ، وكان الترحيب والإشادة بشخصية ومكانة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو وما ينتظره من مهمات إن كان بشأن بناء البيت الكلداني على نطاق الكنيسة وعلى نطاق الشعب ، او ما كان يتعلق بالعلاقات مع المكونات الأخرى لا سيما المكون الإسلامي أو ما هو مرتبط بالعلاقة مع الكنائس الأخرى في العراق ، او ما يحمل من هموم المتعلقة بمصير مسيحيي الشرق الأوسط عموماً ، نعم هذه ملفات ستكون امام البطريرك الجديد ، وهذا الإعلام المكثف يعطي جرعة قوية لمنزلة وهيبة غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى لمقابلة المسؤولين الكبار في الحكومة المركزية او في حكومة اقليم كوردستان .
سابعاً :
نتابع آخر آخر تصريحات البطريرك لوكالة انباء (فيدس) الفاتيكانية الأربعاء، إذ يشير البطريرك ساكو أنه :
 "يجب علينا ككهنة أن نكون مثالا يحتذى به، لا أن نسعى الى سلامتنا"، وبشكل خاص "في لحظة حرجة كالتي يعيشها العراق"، مشيرا الى أن "السينودس القادم للكنيسة الكلدانية سيُعقد في بغداد ويضيف : لقد طلبت شخصيا من جميع الأساقفة الآخرين، بمن فيهم أولئك الموجودين في الشتات، ألا يغيبوا" فمن "شأن هذا أيضا أن يكون دعما للمسيحيين، وللحكومة ولجميع العراقيين"، فـ"رؤية أن الأساقفة الكلدان يمكنهم عقد السينودس، والذهاب لتحية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، سيكون إشارة لحضور الكنيسة ولعدم الإضطرار الى الرحيل" .
اجل ينبغي ترسيخ الوجود في الوطن ، وينبغي الأهتمام بالبيت الكلداني وبعد ان يغدو هذا البيت متين البنيان يمكن ان نمد أيدينا لمساعدة الجيران في المحلة والقرية والمدينة والوطن .
 نحن العلمانيين سنكون السند القوي لكنيستنا ، ونأمل ان تتبوأ الكنيسة مكانتها التاريخية ، وحينما يكون شعبها الكلداني قوي وممثل في الحكومة المركزية وفي حكومة اقليم كوردستان سيكون للكنيسة صوت مسموع لدى الدوائر المتنفذة .
ان الهجرة المسيحية التي يهتم بها البطريرك الجديد متعلقة بشكل كبير بالحقوق المهمشة لهذا الشعب ، فالوظائف محصورة للاحزاب المتنفذة ، والأوساط القريبة من مصادر القرار ، فبقي ابناء شعبنا الكلداني والمسيحيين وكل اتباع الديانات غير الإسلامية شبه مهملة في وطنها العراقي بل تفرض عليهم احكام شريعة اسلامية بشأن الملبس والمأكل والحريات الشخصية والأجتماعية ، ويصل بهم القرار الى جعلهم مواطنين من الدرجة الثانية وهذا ما يجعل هذه الأقليات تهاجر الى الأوطان التي تحترم كرامتها الإنسانية وتجعل منهم مواطنون درجة اولى وليس غيرها .
بنفس الوقت نطلب من البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو ان يعمل على فتح قنوات الحوار مع الكنائس المشرقية ، ولكي نكون واقعيين ومنصفين في طلبنا نطلب من الكنائس المشرقية الأخرى ان تخطو بدورها خطوات نحو الوسطية ، وحينما يخطو كل طرف خطوة نحو الآخر يكون قد وضعنا الحلول الصحيحة الناجحة لتضييق الهوة وردمها في آخر المطاف . وليس من الموضوعية ان نطلب من طرف واحد فقط ان يعمل من اجل الوحدة ونترك الآخرين متشبثين بمواقعم لا يتحركون قيد انملة . فيترتب علينا دعوة الجميع للوسطية والتقارب وليس الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية فقط ونترك الكنائس الأخرى تتشبث بمواقعها ومواقفها المتصلبة .
إن شعبنا الكلداني يضع يده بيد غبطة البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو الكلي الطوبى لأنتشال كنيستنا الكلدانية من واقعها المرير وقيادة مركبها نحو بر الأمان والسلام والأزدهار لتتبوأ منزلتها التاريخية في وطنها العراقي .
د. حبيب تومي / اوسلو في 07 / 02 / 13


93
مقتـرح للأخـوة فـي إدارة موقـع عنـكاوا بشـأن الـردود وتعليقـات القـراء
تحية ومحبة للجميع
لا شك ان عملية التعليقات والردود على المقالات والأخبار تتداولها الكثير من وكالات الأنباء العالمية والصحف والمواقع الألكترونية المشهورة  وهي مساحة رائعة لنشر الرأي والرأي الآخر المعاكس ، وهذه ظاهرة حضارية ، لا يمكن الأستغناء عنها بسبب انتشار فضاءات الحرية التي لم يعد بالأمكان حجبها بعد شيوع وانتشار وسائل النشر والأتصال ، وهكذا فسحت هذه النافذة لأبداء الرأي لكل الأطراف بمساحة متساوية من الحرية ، وحسناً فعل موقع عنكاوا حينما اعاد مسالة التعليقات والردود على النصوص المنشورة في المنبر الحر وغيره .
 لكن لكل تجربة سلبياتها وايجابياتها ، فهنالك دائماً المسيئين الذين يتحركون في المياه العكرة للاجهاض على التجربة ، فالسيارة صنعت لراحة الأنسان لكن ثمة من يسوق برعونة ويسبب الحوادث ، وغيره من يفخخ تلك السيارة ويفجرها وسط الأسواق ..
 وفي مجال التعليقات والردود على موقع عنكاوا ،  اقترح ان تذهب الردود قبل نشرها الى إدراة عنكاوا ، وبعد ساعة او ساعتين او اكثر تنشر التعليقات المناسبة وتهمل التعليقات الجارحة والمسيئة ، وحتى لو كانت هذه المناقشات حول التاريخ او اسماء شعبنا التاريخية ، على ان تطرح بأسلوب حضاري ، سوف لا يشكل خطراً على العملية باعتبارها مساحة لتبادل الآراء والأفكار ، وهذا ما تقوم بهذه بعض الصحف والمواقع التي نتعامل معها فحينما نرسل التعليق تبرز عبارة : شكراً وصل تعليقك للإدارة وهو قيد المراجعة .
لا شك ان المسالة تشكل في البداية صعوبة للادارة ، لكن بمرور الوقت سوف تصبح سهلة بعد معرفة الذين يسيئون ، وفرز اصحاب الردود الحضارية .
 شكراً لموقع عنكاوا وللاخوة الكتاب والقراء الذين يلتزمون بقواعد وأخلاقية الكتابة والنشر .
د. حبيب تومي / اوسلو في 03 / 02 / 13

94
السـيد انطـوان الصـنا انصـحك ان  تضـع ما تكتبـه في ميـزان المصـداقيـة قبـل نشـره
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
اهمية الكتابة تكمن في مضمونها ودقة إيصال الفكرة الى القارئ ، وليست العبرة في الكمية بل في النوعية ، وربما يكون ثمة اسلوب تعبيري إنشائي فارغ من المعنى بل يكون الهدف فيه جمالية اللغة او ربما إملاء الصفحة . وفي كل الأحوال حينما يكون ضرورة  للأستشهاد بالارقام يترتب على الكاتب ان يكون دقيقاً معتمداً على مصادر موثوقة  لأن تزييف الأرقام يظهر جلياً ولا يقبل الأجتهاد والتفسيرات كما هي الحالة في حشو التعابير القابلة للتأويل والمرواغة .
 في مقال سابق كتبت مقالاً هو عبارة عن الرد على تعليقك على مقالي في موقع عنكاوا .
واستخلص مما يسطره قلم السيد انطوان الصنا بأنه غاضب وحاقد على كل من يدافع عن  حقوق الشعب الكلداني  او عن القومية الكلدانية ، وانا اعرف انه سابقاً كان هو نفسه مهتماً ومدافعاً عن حقوق الشعب الكلداني ، واستشفيت ذلك من رسائلك الشخصية لي ، وأنا اقدس الصداقة ، ولهذا لا انشر الرسائل الخاصة بيني وبينك .
 وحسب تقديراتي وتقديرات القراء انك انتقلت بفترة زمنية وجيزة من ضفة العروبة الى الأمة الكلدانية ومن ثم الى ضفة ( الكلدان السريان الآشوريين ) وأخيراً كان استقرارك  على ضفة الأمة الآشورية ، وأنا شخصياً ليس لي اي تحفظ على ذلك فهذا شأنك وكل إنسان بالغ يستطيع ان يختار مذهبه وقوميته ودينيه وان يغيره متى شاء ، باستثناء فترة الطفولة فإنه يكسب هذه الأنتماءات من والديه وأسرته ومجتمعه ، وبعد ان يصبح راشداً يستطيع تغيير دينه وقوميته ومذهبه ، ما عدا الأخوة المسلمين ، فلا يحق لهم تغيير الدين لأن احكام الردة تنطبق على من يغير دينه ونحن نعرف ماذا  تعني هذه الأحكام  .
وقبل الرد على مقالك الأخير : أذكرك ببعض ما كتبته على موقع عنكاوا وغيره بمناسبة الدعوة الى انعقاد مؤتمر كلداني عالمي في العراق ، حيث حفظت في ارشيفي كل ما كتب عن المؤتمر :
مقالك كان بعنوان : موقف التنظيمات الآشورية .. من انعقاد المؤتمر القومي الكلداني العالمي الأول ،  يقول السيد انطوان الصنا في بداية المقال :
(( منذ ان اطلق الكاتب القومي الكلداني الكبير الاستاذ (حبيب تومي) صرخته المدوية القومية الرائدة ، في فضاء العمل القومي الكلداني ، مقترح دعوته قبل اسبوعين من الان ، لعقد المؤتمر القومي الكلداني العالمي الاول في النصف الثاني من سنة (2009) في مقاله الموسوم تحت عنوان (نحو عقد مؤتمر كلداني عالمي) ... الخ ))
ويستطرد السيد انطوان الصنا في نفس المقال يقول :
(( .. دأبت بعض التنظيمات القومية الاشورية المتشددة ، الى هضم وطمس واحتواء بل الغاء وجود القومية الكلدانية ، من قاموس القوميات ، بجرة قلم في محاولة لقلعها من جذورها ، واصولها التاريخية ، وكأنهم يملكون الحقيقة المطلقة لوحدهم !! واعتبروا القومية الكلدانية مذهب كنسي فقط !! وانهم جزء من الامة الاشورية الخالدة !! وكأن رحم امة الكلدان قد جدب وجف وتيبس !! وهذا تجسد مثلا في شعار الحركة الديمقراطية الاشورية ( ...الاقرار بالحقوق القومية الاشورية) اين موقع الكلدان من الاعراب في هذا الشعار ؟ اليس هذا اجحاف وظلم بحق امة عريقة ؟ لا تعليق !! ... .. ) انتهى الأقتباس وللمزيد راجع الرابط ادناه :
http://gilgamish.org/printarticle.php?id=15581
وفي مقال آخر للسيد الصنا حول المؤتمر ذاته كان عنوانه :
موقف الكنيسة الكلدانية .. من المؤتمر القومي الكلداني العالمي المقترح ،  وهو حسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=259103.0;wap2
لكن يبدو ان الكاتب انطوان الصنا قد دخل الى المقال وحذف منه فقرات كثيرة ، وهو محفوظ  لدي منقول من موقع عنكاوا مستعد ان اصوره كما هو في الأصل ، إذ سبق لي ان طبعت المقال من موقع عنكاوا بالذات ، ومن الفقرات المحذوفة من المقال هذه الفقرة :
( .. اما محاولات البعض المسكونين بالحقد والكراهية والضغينة ، لمسخ وإلغاء واحتواء القومية الكلدانية ، والذين يدعون بأنهم مالكي الحقيقة والتاريخ ، ولديهم نصوص تاريخية مقدسة ، حسمت الأمور مسبقاً وبدون مناقشة وتفاهم ، لقلب وتزييف حقائق التاريخ كما يحلو لهم ، هو تجاوز على حقوقنا وخصوصيتنا القومية ، ولا يتناسب مع روح العصر وحقوق المكونات الدينية الصغيرة التي اقرتها الأمم المتحدة .. والكلدان لا يقبلون بوصاية وأبوة وولاية أحد ، على قوميتهم من خارج بيتهم ... ) ..
وانا هنا اقول للسيد انطوان الصنا ، إن بقينا نحن ثابتين على الكلام الذي كنا نردده انا وأنت وغيرنا من الكلدان ، لماذا اصبحنا اليوم بنظرك انقساميين وانفصاليين ؟ فنحن بقينا على كلمتنا ولم نسعى لتغيير قوميتنا ، وما هي جريرتنا نحن ان كنت ( انت)  قد انتقلت الى الضفة الأخرى بمحض إرادتك ؟
 ولماذا تتهجم علينا بكل صغيرة وكبيرة بسبب ثباتنا على مواقفنا ومبادئنا ؟ ارجو ان لا تكون مثل سليمان نظيف الكوردي الذي استترك ونكر قوميته الكوردية ، ولإرضاء اسياده الأتراك عمل المستحيل لألقاء القبض على عدوهم  المرحوم عبد السلام البارزاني ، وعمل المستحيل ايضاً للحكم عليه بالأعدام وتنفيذ حكم الأعدام به من قبل السلطات التركية سنة 1914 ، فانت صديقنا ونحن لا نريد ان تصل الضغائن والأحقاد الى هذا المستوى ، وماذا تحصل من وراء ذلك ؟
كانت هذه مقدمة طويلة لكن كان لابد منها لمقالي الموسوم :
السيد انطوان الصنا انصحك ان  تضع ما تكتبه في ميزان المصداقية قبل نشره .
وهذه مناقشتي لمقالك المعنون :
رئيس ما يسمى الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان لن يرشح نفسه للمرة الثالثة لماذا ؟!!
اولاً : ـ
انها الدورة الثانية للانتخابات يا سيد انطوان الصنا وليست الثالثة ، إلا إذا انت ملم بشؤون الأتحاد اكثر من رئيس وأعضاء الأتحاد لتكون الدورة الثالثة بدلاً من الثانية ، فكان يجب ان تتأكد من المسألة وفي القوش لدينا مثل يقول : ( لا اخلت  بوشالا  خَميما  دلا  ياقذ  لشانوخ ) اي لا تأكل الطبيخ الحار لكي لا يحترق لسانك .
ثانياً : ـ
تقول في مقالك العتيد :
 ( وجاءت هذه الولادة المشوهه وغير الحميدة كرد فعل انفعالي ومتشنج وانتهازي .. )
كانت ولادة الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان بعد مناقشات مستفيضة من قبل المخلصين للقومية الكلدانية ، وإن الأتحاد كان ثابتاً على نهجه ولم ينتقل بين ليلة وضحاها  من  المولاة لهذه الجهة وانتقل بعد ذلك لمولاة جهات اخرى لمنافع مادية ، فأقوالك يجب ان تضعها في الميزان قبل نشرها ، لأن الأنتهازي هو كما ورد في منجد اللغة العربية المعاصرة في مادة ( نَهَزَ) .. انتهاز استغلال ، اغتنام ، إفادة ، انتهاز وقت ، انتهاز ظرف .
انتهازي من يتبع الأنتهازية ويتصرف بموجبها " كان حكمه قاسياً على الأنتهازيين " سياسي انتهازي ..
 انتهازية : خطة او سياسة تقوم على استغلال الظروف واغتنام الفرص للكسب والمنفعة ولو اقتضى ذلك التساهل في المبادئ . ) انتهى الأقتباس .
 فمن هو انتهازي يا سيد انطوان الصنا ؟ ونحيل هذا السؤال للقارئ الكريم عسى ان يسعفنا من يكون الأنتهازي الثابت على مبادئه ام المتقلب وراء منافعه ؟
 ثالثاً : ـ
في عبارة اخرى تتساءل وتقول :
..  السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يتم تأسس مثل هذا الاتحاد ؟ كحالة طبيعية وموضوعية لممارسه عمله المهني قبل هذا التاريخ ؟
الجواب ، لانه لم يكن هدفنا المساعدات الحكومية ولا نريد ان يكون اتحادنا حكومي رسمي فحينما نتلقى مساعدات من جهة معينة لا نستطيع المحافظة على خطابنا المستقل .
رابعاً : ـ
تقول : -( السيد حبيب تومي نشر خبر عدم ترشيحه لرئاسة الاتحاد المذكور في منتدى المنبر السياسي في موقع عنكاوا الموقر لاغراض خاصة ودعايئة وهو يعلم جيدا ان الردود والمداخلات والرأي الاخر ) . انتهى الأقتباس
انا انشر معظم مقالاتي في المنبر السياسي ونادراً ما انشر في المنبر الحر ، وإن كان لي تحفظ فهذه مسألة تخصني ، وها انت تكتب تعقيباً على مقالي المنشور في المنبر السياسي ونشر مقالك على الصفحة الرئيسة فأين الأشكالية في ذلك ؟ فأين هي الأغراض الخاصة والدعائية ؟
خامساً : ـ
 تقول : ( .. هذا من جهة ومن جهة اخرى ان قانونية نشر قراره او مقترحه في الاعلام بعدم رغبته للترشيح لرئاسة الاتحاد للمرة الثالثة يعد مخالفة للنظام الداخلي.. ) .
اقول نحن نعرف نظامنا الداخلي ونحن نعرف نظام الأتحاد ولسنا بحاجة الى تأويلات وتفسيرات المحامين .
سادساً : ـ
تقول في إحدى فقرات الأنشائية المليئة بتصفيف الكلمات والعبارات التهكمية والأستخفافية والمليئة بالحقد والكراهية وقتقول : في واحدة منها :
( .. - السؤال الذي يطرح نفسه كيف يجوز قانونا تأسيس مثل هذا الاتحاد ؟ بدون ان يكون له هيئة عامة (بالاستناد الى القانون العراقي او الاجنبي) لتتولى انتخاب هيئة ادارية او تنفيذية قيادية كل عدة سنوات لنقل سنتان ؟ ثم كيف يتم انتخاب واختيار هيئة تنفيذية قيادية له من دون قاعدة عامة جماهيرية المتمثلة بالهيئة العامة ؟ هذا يعني ان الاتحاد المذكور مثل الهرم الذي نرى رأسه من دون قاعدة يستند اليها !! ) .. انتهى الأقتباس
 الم اقل انك تصلي الكلمات بسرعة المدفع الرشاش دون وضعها في الميزان :
 لدينا في الأتحاد هيئة تأسيسية وهيئة عامة وهيئة تنفيذية منتخبة من الهيئة العامة ، وان وزراء الخارجية لدولة معينة اليوم يجتمعون عبر غرف البالتاك وغيرها ، ونحن هذه الوسيلة الحديثة نستخدمها فبماذا نؤثر عليك ، وعلى قوانينك وقواعدك التي تريد ان تطبق علينا ؟
 نحن نخبة كلدانية لا نبيع أنفسنا ولدينا قرارنا المستقل وهذا شرف لنا ونفتخر به .
سابعاً : ـ
في فقرة اخرى يقول السيد انطوان الصنا :
( ..  حيث فشلت التنظيمات القومية الكلدانية المتعصبة قوميا بشكل ذريع وغير مسبوق فلم تحصل الا على 4% من اصوات ابناء شعبنا .. ) .
اولاً اقول لك : ان من يفوز في الأنتخابات لا يتبجح ويتباهى بفوزه ، بل يتسم بالتواضع ويحترم خصمه  هذه  هي جمالية اللعبة الديمقراطية ، لأن الدنيا دوارة ، فلو دامت لغيرك ما وصلت اليك ، ولذلك يكون فوز الكبار عبارة عن تواضع واحترام جم للاخر ، وبعكس بما تكرره انت دائماً وتستصغر المقابل وكأن الذي فزت عليه هو ارهابي . من المعيب ان تستهجن وتستصغر الأخر وتشمت به ، لأنك فزت عليه في الأنتخابات . إنها عقلية عشائرية متأخرة بمنأى عن الفكر الديمقراطي المتنور .
 وثانياً : يا اخي العزيز اكرر قولي : ضع ما تكتبه في ميزان المصداقية قبل نشره لا سيما حينما تستشهد بالأرقام فلا يجوز ان تأتي بالأرقام من مخيلتك او من جيبك ، انت تستطيع ان تأتي بقدر كبير من كلمات الحقد والكراهية لأبناء شعبك الكلداني ، لكن حينما تأتي بالأرقام ينبغي ان تفكر بالصدق وليس بابن عمه ..
وقد فندت في مقال سابق وهو منشور في آخر هذا المقال عن عدم صدقية الأرقام التي أوردتها ، وانت تصر اليوم على الأستشهاد بأرقام يتمناها قلبك الحاقد على الشعب الكلداني ومنظماته وأحزابه ، فنسبة 4%  التي ارودتها مغلوطة لا تمت الى الحقيقة بصلة ، إن الأنتخابات الأخيرة للبرلمان العراقي سنة 2010 ، إذ كان مجموع المصوتين من ابناء شعبنا 73315: وهي كالآتي :
قائمة الزوعا ( الرافدين ) حصلت على = 28095
المجلس الشعبي                           = 21882
مجلس قومي كلداني                      = 6608
حزب الديمقراطي الكلداني ( اور)      = 5547
قوائم مستقلة وعشتار ما مجموعه       = 11183
اي ان مجموع اصوات المجلس الشعبي والزوعا كان = 49977 اي بنسبة حوالي 68 بالمئة ،
وبقية الكيانات التي لم تحصل على مقعد حصلت على ما مجموعه من الأصوات = 23338 اي حوالي 32 بالمئة . والنسبة للقوائم الكلدانية المجلس القومي الكلداني والحزب الديمقراطي الكلداني ( اور) مجموع اصواتهم = 12155 صوت اي بنسبة تزيد عن 16,5%
فاين نسبة 4%   ونسبة 16,5% الا ترى هنالك فرق كبير بين ما اوردته في مغالاة وعدم صدقية  في أرقام مقالك وما هو واقعي صحيح ، ألا تفكر بمصداقية الكتابة ؟ انصحك ان تتريث قليلاً وتتأكد مما تسطره من ارقام قبل إدراجها في مقالاتك .
ثامناً : ـ  
قرأت في مقالك هذه الفقرة وغالباً ما تردد مثلها  في مقالاتك تقول :
( .. واشكر الرب ان ما جاء في متن المقال من ملاحظات وايضاحات واستنتاجات ورؤية مستقبلية قد تحققت بالفعل لكن المؤسف في وقتها اعترت وانتابت حالة هستيرية شديدة اتسمت بالانفعال والغضب والعصبية والمغالطات المكشوفة والمغرضة والتناقضات الفاضحة والادعاءات الفارغة ومجانبة الواقع والحقائق واللف والدوران للتهرب .. ) .
 يا اخي ما هذه السفسطائية ؟ اكتب جملة مفيدة من نصف سطر بدل هذا الأسترسال الأنشائي الممل .
تاسعاً : ـ
تقول في إحدى فقرات مقالك الناري :
( .. عدم ترشيح نفسه لرئاسته هو الاعتراف بالفشل والشلل وهنا نؤكد ان عدم اعتراف الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان بالاتحاد المذكور كانت احد الاسباب التي حدت برئيسه لعدم تجديد رغبته لزعامة الاتحاد علما ان الحكومتين لم تقدم اي دعوة رسمية للاتحاد المذكور لحضور اي مهرجان ثقافي او ادبي او حضاري طيلة السنوات الثلاثة ونيف الماضية من عمر الاتحاد ماذا يسمى ذلك ؟ ... ) . انتهى الأقتباس
وهنا ايضاً كان يجب عليك ان تتأكد من صحة كتابتك قبل نشرها لأنك كالعادة كنت مخطئاً .
 لأن هنالك دعوة من وزارة الثقافة العراقية معنونة بهذه الصيغة :
( الى رئيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان الأستاذ حبيب تومي المحترم )  دعوة لحضور مؤتمر في بغداد حول المنظمات الثقافية غير الحكومية في العراق والخارج ، ووردت الدعوة على  هذه الصورة :
             دعوة وزارة الثقافة الى رئيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان
 تهديكم وزارة الثقافة تحياتها
ستقيم وزارتنا مؤتمر المنظمات الثقافية غير الحكومية من داخل الوطن وخارجه  للفترة من 18 ـ 22 / 10 / 2010 ويسعدنا دعوتكم وستتحمل الوزارة النفقات كافة ( تذكرة سفر والإقامة وتنقل داخلي ) .. وصورة الرسالة منشورة في المقال المنشور على صفحة موقع عنكاوا وحسب الرابط  :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=477268.0
أما بالنسبة لوزارة الثقافة الكوردية كانت ثمة دعوة لي لحضور مؤتمر تكريم الكاتب الكوردي الراحل ناجي عقراواي ، وكان المؤتمر في اربيل بحضور شخصيات وكتاب عراقيين وحضر المؤتمر وزير الثقافة السابق الأستاذ فلك الدين كاكائي والأستاذ كاوة محمود وزير الثقافة الحالي .
كما كانت لي دائماً دعوات من الأخ روند بولص لحضور نشاطات اتحاد الكتاب السريان ودعواته دائماً يعنونها : الأستاذ حبيب تومي رئيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، كما احب ان اشير هنا ، ودحضاً لمزاعمك التي ليس لها اساس من الموضوعية  ، بأنني التقيت في القوش بالأخ نزار الديراني حينما كان رئيس اتحاد كتاب السريان ومع الأخ يوسف زرا اعتقد سكرتير اتحاد الكتاب السريان ، لكي نجد في وقتها السبل الكفيلة لتوحيد الخطاب وتقريب وجها النظر . ارجو ان تضع ما تكتبه في ميزان الواقعية والمصداقية قبل التسرع في الكتابة ، وانا اعتبرك صديق قديم وانا كما قلت اقدس الصداقة ولا ابيعها بمال الدنيا .  
عاشراً :
يكتب السيد انطوان الصنا هذه الفقرة :
نسأل ما يسمى رئيس واعضاء الهيئة التنفذية للاتحاد المذكور ما هي المحصولات والثمرات والمنافع والفوائد والخدمات والاعمال التي قدمتموها لشعبنا وحقوقه المشروعة في الوطن ؟
اكرر إن إطلاق الألفاظ والكلمات برشاش سريع غير جائز في الكتابة ، نحن اتحاد كتاب وأدباء ، لا نقدم منافع وثمرات وفوائد وخدمات وأعمال ووو . نحن نكتب بقلمنا ونضئ الطريق امام شعبنا ، فليس تحت تصرفنا وظائف او اموال نمنحها لمن يحتاجها فلسنا حزب سياسي او جمعية خيرية .
 بهذه المناسبة  يا سيد انطوان الصنا ارجو منك ان تستعرض لي ما قدمته كل الأحزاب المنضوية تحت ما يسمى تجمع احزاب شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وانت دائماً تكيل الإطراء والمديح لهذا التجمع وسؤالي هو :
ماذا قدمت هذه الأحزاب مجتمعة عبر إمكانياتها الهائلة ؟
هل ساهمت بعرض قضية اراضي شعبنا على المسؤولين في كوردستان والحكومة الأتحادية ؟
 ماذا فعلوا من اجل وقف عملية التغيير الديموغرافي في مدننا وقرانا الكلدانية والسريانية ؟ هل حركوا ساكناً ؟
 ماذا فعلوا بشأن الأبراج الأربعة في عنكاوا ؟ الم يكن موقفهم مخجلاً ومعيباً ؟
 ماذا فعلوا بكل ما يجري لشعبنا في مدن العراق ؟
الا يجدر بهم وهم يتمتعون بخمس نواب ، الا يجدر بهؤلاء ان يقيموا الأحتجاجات كأن يخرجوا من اجتماع البرلمان احتجاجاً على مسألة معينة ؟
ـ هل حشدوا الجمااهير يوماً لقيام بمظاهرة ؟
ـ هل طلبوا من شعبنا القيام بعملية اعتصام حول مسألة ما ؟
ـ هل اشتركوا يوماً في حملة لجمع التواقيع لمسالة ما ؟
 ــ هل شعبنا يعيش في بحبوحة من العيش لم تنشأ لديه مسالة مهمة تقتضي تحرك هؤلاء النواب واقطاب هذه الأحزاب ؟
يا اخي انطوان  ( اقعد اعوج واحكي عدل ) ماذا فعل تجمع تنظيمات شعبنا سوى :
 تبادل الزيارات ، واستقبل بحفاوة وودع بنفس الحفاوة التي استقبل بها .
والسفر الى الخارج وإقامة الندوات لشرح منجزاتهم العظيمة في إقامة الحفلات والمهرجانات والدعايات السياسية لأحزابهم ، كم من الثروات تصرف لإقامة تلك الأحتفالات وتلك المهرجانات وتلك السفرات ؟
 إن قلمك يا سيد انطوان الصنا ساكت لا يحرك ساكناً سوى انك تحده على ابناء جلدتك من الشعب الكلداني ، وانت نفسك تعرف ان اياديهم مكبلة لا يسمح لهم بالسباحة في التيار الجارف ، ولا تعاتب تلك القوى التي تلعب بمصير شعبنا وتبيعنا الخطب والشعارات الرنانة لا اكثر يا اخي انك تعاقب وتعاتب الضحية وتترك الجلاد ، اي منطق هذا ؟

ثم ما هو دور الفضائيات ووسائل الأعلام المملوكة لشعبنا  والتي يهيمن على توجيهها ما تسميه تجمع احزاب شعبنا ( والذي يتبعه التسمية الكوكتيلية ) ، هل قدمت هذه الوسائل الإعلامية غير تمجيد مكون واحد على حساب استخفاف وصهر الأخرين ، هل يدعو ذلك الأعلام يوماً الى الألفة والمحبة والنقاش الأخوي بين مكونات شعبنا ؟
 يا اخي إنه إعلام مسيس يدعو الى الكراهية والضغينة والتعالي على الأخر وسلب حقه في الحرية والوجود .
في الختام اقول للاخ انطوان الصنا ، ليس في قلبي مكان للحقد على غيري ، لكني اقول الوحدة بين ابناء شعبنا لا تبنى بهكذا اساليب ، اسلوب زرع الضغائن والأحقاد والكراهية والعنصرية والأساليب الأقصائية ، وكيل تهم التآمر والتخوين ولصق المثالب والعنف والإرهاب اللفظي  ، كفاية من هذا الأسلوب إن كنتم حقاً تعملون وتسعون من اجل جمع شمل المكون المسيحي في العراق ، اسوبلكم هذا يفرق ويشتت ولا يجمع ولا يوحد .
ملاحظة : سوف لا ارد على ما تكتبه فيما يخص هذا الموضوع .
تحياتي
ح. تومي / اوسلو في 01 / 02 / 13  

95
لن ارشح نفسي لرئاسة الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان وعميق شكري وامتناني
 بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
بعد حوالي اربع سنوات من رئاسة الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان العزيز على قلبي ، قررت ان لا ارشح نفسي لرئاسة الأتحاد ، ولتحقيق هذا القرار كان علي ان لا ارشح نفسي للهيئة التنفيذية للاتحاد ايضاً ، لكي لا يصار الى ترشيحي ثانية ، إنه قرار عن قناعتي وكامل إرادتي وإيماناً مني بتطبيق مبدأ اليدمقراطية ، فلا يجوز احتكار المنصب الى اجل غير مسمى ، بحجة الديمقراطية ، ولهذا ارتأيت ان اسلم الأمانة الى غيري من الزملاء في الأتحاد ، انا مقتنع وسعيد بقرار الترجل بنفسي وعن قراري الخاص ، لقد سجلت اسمي من المؤسسين للاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، كما سجلت اسمي كأول رئيس لهذا الأتحاد وهذا يزيدني شرفاً وفخراً .
لقد مرت السنون الصعبة امام الأتحاد ، إذ كانت مرحلة التكوين والتأسيس ، فقد عكفت نخبة من مثقفي وكتاب شعبنا الكلداني على تأسيس اتحاد يجمعهم ويضمهم لتنسيق العمل بينهم ، فالبداية شهدت  مخاضاً  عسيراً . بعد سلسلة الأتصالات والمشاورات والمقترحات والمناقشات والأختلافات في وجهات النظر والتوافقات على الأسم وعلى الترجمة الى الأنكليزية والكلدانية ، وحول فقرات ومواد  النظام الداخلي وعن التعديلات والى شروط الأنتماء والى الأشتراكات...الخ  هكذا بعد سلسلة مارثونية من المناقشات المستفيضة نجم عن تلك الإرهاصات الولادة الطبيعية لكيان ثقافي اتفقنا ان يكون اسمه :
" الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان " وحمل من حيث المبدأ ثقافة تطبيق مبادئ الحداثة والحرية والديمقراطية ، والنأي عن الفكر الأديولوجي مهما كان نوعه .
لقد كان المؤسسون ، من مختلف دول العالم التي استقر بها ابناء شعبنا الكلداني ، يقودون مسيرة مركب الأتحاد .. وسط الأمواج العاتية ، لكنهم كانوا سعداء ومتعاونون لأن بوصلتهم واحدة تتجه دوماً نحو قطب القومية الكلدانية ، وهذه البؤرة كانت تجمع الأتجاهات السياسية والدينية والأجتماعية والثقافية لكل من يحترم ويفتخر بقوميته الكلدانية ، ويسعى الى استحصال حقوق هذا الشعب في وطنه العراقي .
 لقد حدثت اثناء مسيرة الأتحاد خلال هذه السنين الصعبة ، اختلافات في وجهات النظر ، ورؤى مختلفة لقضية واحدة لكن المودة والتآلف والأنسجام ووحدة الهدف كان سيد الموقف ،  في هذه السنين اثناء العمل وجدت كرئيس للاتحاد دعماً كاملاً ، ربما لا اكون مغالياً إن قلت من جميع اعضاء الأتحاد ، لكن سأكتفي بالقول بأن الدعم كان من معظم اعضاء الأتحاد إن كانوا في الهيئة التنفيذية او في الهيئة العامة ، ولا احبذ ان اشخص او اذكر اسم واحد او اكثر من الزملاء الأوفياء في الأتحاد ، لكي لا يشكل ذلك  غبن بحق الآخرين ، فانا على العموم مدين لهم شخصياً جميعاً في تمشية مركب الأتحاد وفق البوصلة التي اخترناها لأنفسنا متطوعين . وكما قلت نسترشد بالمنارة المضيئة التي تمثل حقوق ومصلحة شعبنا الكلداني . لقد كان عملنا جماعياً وبقلب واحد ، وهذا سر الديمومة والأستمرارية رغم الحملات الظالمة على هذا الأتحاد ووضع العصي بين عجلاته لإقاف مسيرته فكان الهجوم على الأتحاد ككيان او على رئيسه او على اعضائه بشكل فردي .
وفي هذا المقال المختصر لابد من الإشارة والإشادة بالهيئة التأسيسية التي كانت النواة الأولى لتشكيل هذا الأتحاد وتغرس الشتلة وتعتني بها وتسقيها الى ان اينعت وأثمرت ، فكانت بعد ذلك الطلبات للانضمام الى الأتحاد بعد وضوح اهدافه وتبيان استقلاليته ، ، فلم يرقص اعضاؤه على كل الإيقاعات ولم يغيروا كل يوم اقنعتهم من اجل المنصب او المادة ، وهكذا لم يقبل الأتحاد عبر مسيرته وصاية من اية جهة او حزب ، وكان تمويله من اشتراكات وتبرعات اعضاء الأتحاد انفسهم ، إن كانوا في الهيئة العامة او في الهيئة التنفيذية .
حوالي اربع سنوات مليئة بالأحداث والتقلبات السياسية ، من فترة تخمر فكرة تأسيس الأتحاد الى المراسلات والمشاورات الى مرحلة الولادة وبعد ذلك الأعتناء بالوليد الى ان شب واصبح يافعاً يستطيع الصمود امام المحن ، في هذه السنين كان زملائي الكتاب في الأتحاد يقفون خلف كل عمل ناجح للاتحاد ، وثمة بعض الأعمال كانت موجهة ومبرمجة على سبيل المثال الحملة التي كتبنا فيها بشكل جماعي وبوقت واحد عن مذبحة صوريا ، ووضعنا تلك المذبحة المروعة المنسية امام الإعلام وأمام المسؤولين بعد ان ظلت مدفونة في غياهب النسيان قرابة 40 سنة من وقوعها .
وبعض هذه الحملات كانت عفوية وكمثل غير حصري مجموعة المقالات حول انتخاب بطريرك جديد للكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني ، حيث اغنينا الموضوع كتابة وتحليلاً  إن كان عن طريق المقالات او الردود والتعليقات والمناقشات على المواقع الألكتورنية .
هذه وسيلتنا الوحيدة في النشر حيث لا تفتح امامنا قنوات الإعلام المخصص للمكون المسيحي ، إذ ان الإعلام المهم للمكون المسيحي كالفضائيات والصحف والإذاعات  تقع جميع هذه الوسائل تحت هيمنة  الأحزاب القومية الآشورية التي تصادر كل وسائل الإعلام لحساب دعايتها وأجندتها الحزبية القومية المتسمة بالمغالاة وإقصاء الآخر .
إن هذا النمط الإعلامي الأديولوجي المتعصب قد خلق مناخ طائفي ذو صبغة مذهبية ملؤه الضغينة والكراهية والحقد ، وكأننا اعداء وليس ابناء شعب مسيحي واحد ، ويصار الى تشجيع هذا الحقد والكراهية بين ابناء الشعب الواحد رغم ما يطال هذا الشعب من ظلم وجور وتشريد ، وهكذا اصبح هذا الشعب مقسم نتيجة ذلك النهج الأقصائي السيئ الصيت لتلك الأحزاب القومية ذات التوجهات الأديولوجية الإقصائية وهي معروفة .
إن موقف زملائي المشّرف في الأتحاد لم يكن شخصياً إنما كان موقف مبدأي ، وانا اعتبر نفسي مدين لهم بالكثير ، وإزاء هذا الموقف المبدأي بدأت حملة للنيل من الأتحاد من قبل الذين يحدقون بالسماء الواسعة ولا يجدون سوى صفحة محدودة السماء حينما ينظرون بمنظار الفكر الأديولوجي المتحجر ، فبدأت التعامل بسياسة الجزرة والعصا مع الأتحاد كمجموع او مع اعضائه فرادى إن كان بسياسة تكميم الأفواه او نشر حملات ظالمة تحت اسماء وهمية او بكيل سيل التهم والتخوين بحق رئيس الأتحاد او الأخوة الآخرين في الأتحاد . ولما لم تثمر هذه الوسيلة عكفوا على استخدام سياسة الجزرة ، والتي افلحت في استمالة بعض الأخوة ، لكن في كل الأحوال بقي الأتحاد مواكباً يشق طريقه ، نحو هدفه بتوجيه البوصلة نحو قطب القومية الكلدانية وحقوق الشعب الكلداني بشكل ثابت .
 اليوم وأنا اترجل وأقف جانباً ، اعرب عن تمنياتي ان يحافظ الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان على نفس النهج وبنفس الإرادة والعزيمة واستقلالية القرار وان لا يتسربل بجلباب المجلس الشعبي او غيره ، وأنا واثق بأن المغريات  لا يمكن ان تحيده عن نهجه الذي وضعناه نحن المؤسسون بحيث لم يكن اي وثيقة شرف مكتوبة بيننا إنما كان بيننا كلام شرف وهذا يعادل كل الوثائق المكتوبة .
وانا اترجل ايضاً امنيتي ان يصار الى انتخاب رئيس للاتحاد من داخل الوطن ليكون لنا وجود فعلي وواقعي داخل الوطن العراقي بلاد ما بين النهرين بلاد الكلدان البينهرينيين الأصلاء .    
 لقد وجدت الدعم من عائلتي حيث كان الأجتماع احياناً بعد منتصف الليل ويستمر لساعات متأخرة من الليل  ، وانا سالب لراحتهم وابني يريد في اليوم التالي النهوض مبكراً للالتحاق بعمله ، وأقدم لهم جزيل شكري ، ولا شك ان زملائي في الأتحاد كانوا يتحملوون ما شابه ذلك وفي الأقل التضحية بوقتهم . وأقدم شكري للجميع وسأبقى معهم وانا مرتاح لأن الأتحاد اصبحت جذوره راسخة وهويته معلومة ، وارى انني مترجل في الوقت المناسب ، حيث ان قافلة الأتحاد دؤوبة ومثابرة في الديمومة والسيرورة نحو هدف تحقيق حقوق الشعب الكلداني في وطنه العراقي وفي اقليم كوردستان .
د. حبيب تومي / اوسلو في 28 / 01 / 13

96
العنف المجتمعي ضد الإيزيدية والمكونات الدينية غير الإسلامية الأخرى الى متى ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no
الأيزيدية قوم عراقي اصيل  سكنوا هذه الديار منذ الأزمنة القديمة ويحفظون في ثقافتهم  وتراثهم الديني والأجتماعي ليس قليل من الملامح التاريخية والأسطورية والحضارية  لبلاد ما بين النهرين الأصيلة ، وبسبب سرية  وانغلاق الدين الإيزيدي وعدم انفتاحه على الآخرين ، ومثله مثل الدين اليهودي والمندائي ، وهذه مسالة تخص اصحاب هذه الأديان وما علينا سوى احترام عقديتهم ورؤيتهم . نتيجة هذا الأنغلاق كانت هنالك اجتهادات وتكهنات وتصورات نحو هذا القوم ، وكانت اكثر الآراء والكتابات تعتمد على التخمينات والمرويات ، التي يغلب عليها  نوع من التضخيم او تلبيس القضايا عليهم وهم منها أبرياء .
نحن في القوش لدينا علاقات اجتماعية واقتصادية وثقافية مع المكون الإيزيدي ونطلق عليهم في القوش لفظة( Dasnaye: دَسنايي ) ولدى بحثي وتقصي عن اصل هذه التسمية لاحظت ان لفظة دسنايي ليست بدون اساس ، فقد قرأت في رحلة نيبور الى العراق في القرن الثامن عشر*يقول :
 .. في قرية على ضفة نهر الزاب قرية اسمها قرية عبد العزيز وهي مسكونة من اناس يعرفون باليزيدية او الدواسن ، وهؤلاء اليزيدية لا يستطيعون إقامة شعائرهم الدينية علانية لأن الأتراك لا يسمحون بحرية الأديان لمن ليس من اهل الكتاب كالمسلمين والنصارى واليهود ، لذا فإنهم مضطرون على مزاولة شعائرهم الدينية سراً .
وفي نفس الصفحة حاشية بقلم المترجم يقول :
 ان الدواسن نسبة الى جبل داسن ، الذي يكتب عنه ياقوت الحموي في معجم البلدان ج2 ص432 طبعة بيروت : ان داسن جبل عظيم في شمالي الموصل من جانب دجلة الشرقي فيه خلق كثير من طوائف الأكراد يقال لهم الداسنية .
إن هذا يؤكد لقومية الإيزيدية الكوردية ، لكن كورديتهم لم تجذب الأنظار بقدر ما جذب الجانب الديني الذي تميز كما قلت بالأنغلاق والسرية ، مما شحذ قريحة اصحاب حب الأطلاع لمعرفة المزيد عن هذا القوم الذي يحتفظ بعاداته وشعائره الدينية لنفسه .
ونرجع الى ما دونه الرحالة نيبور ص92 فيقول :
 لدى الدواسن تماثيل بهيئة الأفاعي والكبوش وحيوانات اخرى ، واعتقادهم في هذا ان الأفعى تذكرهم بإغراء حواء آدم وإن الكبش يذكرهم بإطاعة ابراهيم لأوامر الله حين وافق ان يقرب ولده قرباناً لله .. وهم يقولون انه ليس من شأن البشر ان يتحزبوا او يتدخلوا في خصام وقع بين الله وأحد ملائكته المغضوب عليهم ، كمثل الفلاح الذي غضب عليه الباشا وأخذ الناس يشتمونه ويلعنونه ويسخرون منه .... الخ
لا شك ان هذه معتقدات رافدينية قديمة استفادت منها الأديان السماوية ولسنا بصدد ايراد وتوضيح هذه المسالة بل نبقى بموضوع العنف المجتمعي ( الإسلامي ) الموجه ضد الأزيدية والمسيحيين والمندائيين ، ونبقى في الساحة العراقية ، فالحكومات تعمل على منح حرية الأديان وحرية إداء الطقوس الدينية ، لكن المجتمع هو الذي يتزعم مناهج العنف ضد تلك المكونات الدينية غير الإسلامية ، لقد مر علينا كيف فجرت الكنائس ، وكيف اغتيل رجال الدين المسيحيين ، وكيف استخدم العنف ضد الصابئة المندائيين مما حدا بهم الى الهجرة من وطنهم العراقي الى بلدان المهجر حيث يجدون هناك احترام لمعتقداتهم الدينية وكرامتهم الإنسانية ، والإيزيدية لم يسلموا من ذلك العنف ، رغم انعزالهم نسبياً في مناطقهم بعيداً عن المدن .
إنها ثقافة مجتمعية لها ابعاد دينية تراكمية ، وسنلاحظ ان ثقافة الإساءة الى اصحاب الأديان الأخرى كانت سائدة وهي مستمرة الى اليوم بأنماط وأشكال مختلفة فمثلاً في رحلة نيبور كما مر وهي القرن 18 وتفيدنا في إلقاء نظرة الى التصرف المجتمعي  قبل اكثر من قرنين والتي لا يمكن ان تكون قد تغيرت في وقتنا الراهن إن لم يكون قد تطورت نحو الأسوأ ، فيقول نيبور في رحلته :
 إذا قدم اليزيدية الى الموصل فلا يتعرضهم ولاة الأمور ووجهاء البلدة حتى وإن عرفوا انهم يزيدية ، ولكن العامة يتحرشون بهم ويؤذونهم ، فإذا أراد اليزيدي بيع بضاعته فإن المشتري يحاول اخذ البضاعة من يد اليزيدي ليتفحصها .. ويتخذ من التعامل على السعر وسيلة لأن ينزل على ... كل ما يستطيع من اللعنات ، وكثيراً ما يكون الداسني مؤدباً وخلوقاً فيفضل ترك البضاعة والتخلي عنها وعن الثمن ايضاً ..
في اقليم كوردستان تعاطفت القيادة الكوردية مع المكون الإيزيدي ومنحت لهم حزمة كبيرة من الحقوق السياسية والدينية والثقافية والأقتصادية ، وهي لم تمنح مثل هذه الحقوق للمكون الكلداني مثلاً الذي وقف الى جانب الثورة الكوردية والى اليوم يعمل المكون الكلداني بإخلاص لبناء وتقدم وازدهار كوردستان لكن مع ذلك يجري التعامل معم من خلال الأحزاب الآشورية التي تدعي الوصاية والنيابة عن كل المسيحيين في عموم العراق واقليم كوردستان .
 اعود وأقول رغم هذا الدعم من القيادة الكوردية للإيزيدية ، إلا ان هذا المكون لم يكن بمنأى عن الهجوم في مدينة زاخو وبعض مدن كوردستان على محلات ومطاعم عائدة للمسيحيين والأيزيدية في العام المنصرم  ، وهكذا يعود العنف المجتمعي حينما يجد منفذ ينساب منه ، او حينما يجد ثغرة امنية .
وقد تجلت هذه الحالة في بغداد ومدن عراقية ، لا سيما في سنوات 2006 ـ 2008 حيث كانت الحكومة ضعيفة وكانت موجة عارمة لهجرة المكونات الدينية غير الأسلامية كالمسيحيين والصابئة المندائيين من المدن العراقية  الى اقليم كوردستان او الى دول الجوار كمحطة للانظلاق نحو امريكا وأوروبا واستراليا لكي تستقر هنالك وترتاح من سياسية التفرقة الدينية السائدة في العراق ، وبالإضافة الى العنف المجتمعي الذي يتجلى في مظاهر اجتماعية كثيرة .
نأتي الى الشأن الإيزيدي ومن قراءة التاريخ سوف تتواتر الهجومات ومظاهر القمع الديني لهذا المكون العراقي توازياً مع الفتاوي التي يفتي بها رجال الدين على مر العصور .
 في القرن السادس عشر شهدت إمارة شيخان الإيزيدية عصرها الذهبي في ظل حكم سليمان القانوني الذي امتدت ولايته من 1520 الى سنة وفاته 1566 ومنح هذا السلطان احد امراء الأزيدية منطقتي اربيل والموصل في آن واحد ، لكن هذا العصر الذهبي لم يدم طويلاً فقد بدأت الفتاوي بتكفير هذا القوم وخروجهم عن الإسلام ، وقد  اصدر شيخ الأسلام ابو السعود بن محمد العمادي ، وهو صاحب التفسير المشهور بإرشاد الفعل السليم ، فتوى بتحليل قتل الأيزيديين وبأمر من السلطان سليمان القانوني نفسه للمزيد راجع كتابي : القوش دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية ** ومنذ ذلك الوقت كانت الحملات العسكرية تتوالى على مناطقهم ، وبهذه المناسبة ينبغي الأعتراف بأن الأيزيدية قوم شجعان ولا يعترفون بمنطق من ضربك على خدك الأيسر اعطه خدك الأيمن ، إنهم يتفانون في الدفاع عن مناطقهم لكن في بعض الأحيان تكون القوى غير متكافئة في العدة والعدد ، وكان لهذه الحملات اسباب مختلفة ليس هنا مجال الأشارة اليها لكن يمكن مراجعة كتابي المذكور صفحة 222 للاطلاع على المزيد .
في هذا المقال نبقى في العنف المجتمعي ضد الإيزيدية والمكونات الدينية الأخرى فبعد تأسيس الحكم الملكي العراقي ، كانت هنالك قوانين وانظمة ودستور ينظم ويضمن حق المواطنة لجميع المكونات العراقية الدينية والعرقية دون تفرقة ، ونأت الحكومات العراقية بنفسها من  مستنقع اضطهاد الأقليات الدينية بل عملت على حماية هذه الأقليات على اعتبار ان هذه الأقليات تعتبر من الحلقات الضعيفة في المجتمع ، لكن الذي حدث هو بقاء وتراكم ثقافة الكراهية ضد الإيزيدية وغيرهم من اتباع الديانات غير الإسلامية وثمة نقاط سوداء كثيرة في ذلك المسلسل الإرهابي ، ونشير الى العمل الرهيب بتاريخ 14 آب 2007 حيث فجرت قريتان ايزيديتان تابعتان لقضاء بعاج  حيث بلغت الضحايا اكثر من 500 بين شهيد وجريح ، وثمة حوادث متواترة تتمحور حول زواج ايزيدية من مسلم ، واليوم في هذا السياق تتجيش المشاعر والعواطف حول خطف طفلة ايزيدية بريئة ( سيمان ) من قبل شاب مسلم .
إن هذه المسألة تحمل بعداً إنسانياً إضافة الى بعدها الأجتماعي والديني ، فهذه الطفلة ينبغي ان تحترم طفولتها وهذا مبدأ إنساني يحترمه كل البشر ، وربما الدين الدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي يسمح بزواج رجل مسلم من فتاة قاصر اي انها في عمر الطفولة .
كما ان هنالك مسالة اخرى وهي زواج المسلم او المسلمة من اتباع الأديان الأخرى ، الأجانب يقولون لنا : وماذا في ذلك ؟ يمكن ان تتم الزيجات بين اتباع الأديان ؟ اجل يمكن ان يتم الزواج بين مسلم ويزيدية او مسيحية او مندائية وبالعكس ، لكن التفرقة العنصرية والدينية تتجلى حينما يترتب على اصحاب تلك الديانات على تغير ديانتهم الى الديانة الإسلامية ، سواء كان رجل او امرأة ، فالمسيحي إن تزوج مسلمة عليه ان يترك دينه ويتحول الى الإسلام وكذلك المسيحية إن تزوجت بمسلم عليها ان تترك دينها وتصبح مسلمة ، وهنا تتجلى فكرة التفوق الديني ، فالمسألة هنا ليست اجتماعية بحتة ، إنما لها وجه تفرقة دينية ، اي يتغيب هنا مبدأ العدالة والمساواة .
إن وضع الأقليات الدينية غير الإسلامية في العراق لا يمكن وصفه انه على مايرام ، وإلا لماذا تهاجر هذه الأقليات من وطنها العزيز ؟ والسبب بالتأكيد يعود الى التفرقة في القوانين ، وهي قوانين غير منصفة وغير عادلة لأنها تقف الى جانب القوي ولا تنصف الضعيف ، إضافة الى العنف المجتمعي الذي يتجلى في صور كثيرة على ارض الواقع .
في حالة الطفلة الإيزيدية التي يترتب على اقليم كوردستان ان يحلها بسرعة ، لأنها كما قلنا مسألة إنسانية قبل ان تكون اجتماعية ، لكن في هذا الصدد نقول :
إن معالجة هذه المشكلة الأجتماعية ، ومسائل التطرف الديني والأرهاب والأكتفاء بالعلاج الأمني ، فنحن نرى : رغم اهمية الجانب الأمني في معالجة هذه الأمور . لكن ثمة اهم من ذلك هو إدراك طبيعة المشكلة والعمل على حلها جذرياً فنحن حينما نقضي على الإرهابي ، ولا نعمل على محاربة الفكر الذي يوجهه ، فسيكون عملنا كمثل من يعالج قشور المسالة ويترك الجوهر ، فالقضاء على إرهابي او على مجموعة ارهابيين امنياً هو عمل يسير امام قوة الحكومة ، لكن الحل الأمني لوحده لا يضع حلول جذرية للمسألة لا سيما إن كانت المدارس والتربية والثقافة تعمل على تفريخ جيوش من الإرهابين في المدارس الدينية التي تدعو الى الكراهية وتبخيس الآخر .
من واجب الدولة التي تطمح لإرساء قواعد مجتمع متسامح متعايش ، عليها ان تمنع الفكر الداعي للكراهية وذلك بتلقين الدروس التربوية الهادفة الى الإخاء والتعايش بين البشر ، وعليها ان تدرس مادة الأديان وليس مادة الدين الواحد . وفي مجتمعنا العراقي ينبغي إفهام المجتمع المسلم ان الشريعة الإسلامية لا تطبق بحق اصحاب الأديان الأخرى ، الشريعة الإسلامية تطبق على المسلمين ولا يجوز تطبيقها على الآخرين بالقوة ، بل حتى المسلمين العلمانيين لا يسعدهم تطبيق الشريعة الإسلامية ، التي مر على تشريعها حوالي 1400 سنة ، فنحن نعيش في عالم آخر يختلف كلياً عن تلك العصور التي اصبحت جزء من الماضي البعيد .
في العراق اديان واثنيات وأعراق مختلفة وكل مواطن عراقي يتعين ان يكون له الحرية في  معتقداته الدينية وهو ملتزم بها . وينبغي احترام كل المعتقدات والأديان ، ومن هنا يبدأ مبدأ التعايش المجتمعي السلمي ، والجانب الذي يتحمل المسؤولية الكبيرة هم الأخوة المسلمون ، لأنهم هم المعتدين دائماً على ابناء الأقليات الدينية وبسبب ظلمهم الأجتماعي يتشرد اتباع هذه الديانات من المسيحيين والمندائيين والإيزيدية ويغادرون وطنهم العراقي العزيز من غير رجعة .
من اجل تقوية لحمة المجتمع العراقي ينبغي معالجة الموضوع تربوياً وثقافياً وذلك بموازاة مع العمليات الأمنية .
د. حبيب تومي / اوسلو في 22 / 01 / 13
ـــــــــــــــــــــــ
*رحلة نيبور الى العراق في القرن 18 ترجمه عن الألمانية محمود حسين الأمين ، مراجعة وتعليق سالم الآلوسي ، وزارة الثقافة الإرشاد ، بغداد ، ج1 ص91 ـ 92
** انظر كتابي " القوش دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية " ص 220  وما بعدها



97
[b]نيجيرفان البارزاني : نحن لا نتسول من بغداد
 بقلم : د. حبيب تومي اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
في معرض رده على تصريحات للمقربين من  دولة رئيس الوزراء العراقي بنية الحكومة على تخفيض حصة اقليم كوردستان من الميزانية العراقية العامة وليس غريباً ان يكون لهذه التصريحات صدى وردود افعال عنيفة في اقليم كوردستان ، فرداً على تلك التصريحات قال رئيس الوزراء في اقليم كوردستان الأستاذ نيجيرفان البارزاني :
إن أي إجراء من ھذا القبيل سواجهه برد عنيف ، وعلى الحكومة العراقية ان تدرك جيداً بأن إقليم كردستان لن ﯾقف مكتوف اﻷﯾدي في حال حصل ذلك، مشﯿرا إلى أن كردستان شرﯾك أساسي في العراق، وأن حكومتھ لن تستجدي كتلة دولة القانون أو تنتظر رحمتھا لكي ترسل لھا حصتھا من الميزانية العامة للدولة.
قبل فترة كتبت مقالاً بشأن حصة الأقليم من الموازنة العراقية وكان المقال تحت عنوان : تقليص حصة كوردستان من موازنة الدولة العراقية ازمة خطيرة تلوح في الأفق .
 وها هي المشاكل تتدحرج ككرة الثلج التي تكبر باستمرارها على التدحرج . وهكذا اشرت في المقال المذكور : رغم مضئ حوالي عشر سنوات على إسقاط النظام ، لا يلوح في الأفق مظاهر عودة الحياة الطبيعية الهادئة والآمنة المبنية على اسس من الديمقراطية ، وما نجده على ارض الواقع ، هو تواتر الأزمات بشكل مستمر ، وكمحصلة لذلك  تتوقف عملية البناء والتصنيع والعمران ، وتوضع العصي في عجلة التقدم العراقية ، فبقي العراق خلال العقد المنصرم يراوح مكانه رغم إمكانياته المالية الهائلة وقدراته البشرية الفائقة ، وفي المقدمة نلاحظ تعثر العملية السياسية العراقية ، والعراق باستمرار يخرج من ازمة ليدلف نحو أزمة اخرى ، وقد نسي المسؤولون في هذه الدولة ان الشعب العراقي انتخبهم ليكون ديدنهم الإخلاص في العمل وخدمة العراق والسعي على تطوره وتقدمه ، وليس خلق الأزمات والتناكف على المناصب ، والسكوت على الفساد ، وجعل البلد وكأنه غابة سائبة ليس فيها امان .
في الأسابيع الأخيرة من العام المنصرم طرأت حالات من التوتر الشديد بين اقليم كوردستان والمركز كادت تتطور الى نزاع مسلح بين قوات البيشمركة وقوات الجيش العراقي ، وفي بداية العام الجديد انطلقت المظاهرات ومظاهر العصيان المدني في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ، وفي الحقيقة في مثل هذه الأوضاع يترتب على الحاكم ان يكون له القوة والفطنة على إدراك المتغير ورؤية الشياء كما هي وليس كما يتمناها .
في هذا الصدد فإن لكل مظهر من  مظاهر الحياة  سلسلة من الخيارات ومن والاحتمالات والبدائل ، إن كان في العمل الثقافي او الأجتماعي او السياسي ، وفي الأختيار السياسي تظهر مهارة الحاكم وذكائه  حينما ينجح في اختيار افضل السبل لوضع الحلول الناجعة لمختلف المعضلات المعقدة والمتشعبة في وطنه ، وهنا ينبغي التوقف قليلاً فلكل حاكم مجموعة من المستشارين ، فإن كان الحكم فردي دكتاتوري ، فإن مستشاريه سيكونون عبارة عن نخبة من المنافقين والأنتهازيين لا يتحملون تبعات الأعتراض والأستقلاية في القرار ، وهنا تكمن اهمية الحكم الديمقراطي الذي يكون مع الحاكم هيئة من المستشارين المستقلين الذين لهم رأي حر مستقل يصب في خانة مصلحة البلد وليس في مصلحة الحكم والحاكم .
وفي الوقت الراهن لا ارى ان الحكومة تنهج السبيل الصحيح لحلحلة المشاكل ، فمقابل المظاهرات ( بالعربي الفصيح في المحافظات السنية ) ، تطلق الحكومة المظاهرات في محافظات الوسط والجنوب ( المحافظات الشيعية ) ، ، كما لجأت الحكومة الى غلق منفذ طريبيل المؤدي الى الأردن وهذا يؤثر سلبياً على الجانب الأقتصادي للمنطقة ولأهل الأنبار بشكل خاص ، ولقد ثبت ان هذا الأسلوب فاشل في معالجة المشاكل مع المتظاهرين ، إنما يجب الأستماع اليهم والتفاهم مع ممثليهم ، وتلبية مطالبهم المشروعة ، والتحفظ على المطالب التي تضر بمصلحة البلد .
 وفي شأن اقليم كوردستان فيترتب على الحكومة العراقية ان تستوعب الوضع وكما قلت الوضع كما هو على ارض الواقع وليس كما تتنماه الحكومة ، فاقليم كوردستان له وضعه الخاص .
المعلوم ان الكورد شركاء في الوطن وليسوا اقلية ضعيفة مثل الكلدان إذ تلعب الحكومة بهم كما تريد وتسلب حقوقهم القومية وتجعلهم وكأنهم دخلاء في وطنهم العراقي ، دون ان يكون ثمة من يحاسبهم لأن الكلدان مقطوعين من شجرة ، فلا حقوق ولا هم يحزنون ، ولا يوجد من يدعمهم ، اما الأكراد فلهم كيانهم في اقليم كوردستان ، وعندهم 26 قنصلية اجنبية ، ولهم عَلَمهم وجيشهم وميزانيتهم ودستورهم وكيانهم ، وإنهم شبه دولة لا ينقصهم سوى التمثيل في الأمم المتحدة ، ويجب على الحكومة ان تعي هذا الواقع .
إن اسلوب العقوبات للتعامل مع معضلات الجماهير اثبتت الوقائع انها ليست مجدية ووربما تكون نتائجها عكسية ، ومع اقليم كوردستان يحاول معاقبتهم بتخفيض حصتهم من ميزانية العراق ومنعهم من انتاج بترولهم ، وهكذا تدهورت العلاقات ، فكان الأستنفار الأمني والعسكري بين الطرفين ، في وقت كانت العلاقت جيدة جداً حيث كانت كوردستان اكبر معين للمالكي حينما منحت اصوات نوابها في البرلمان العراقي لكي يحرز العدد الكافي من الأصوات لكي يصبح رئيس الوزراء .
إن الأكراد ليسوا الجانب الضعيف ، كما هم الكلدانيون ، لقد لجأ اقليم كوردستان الى تصدير اول شحنة من النفط وحسب جريدة الشرق الأوسط اللندنية في 09 0/ 13 ورد فيها :
عن مصادر دولة القانون بزعامة رئﯿس الوزراء العراقي نوري المالكي، أكدت مصادر نفطﯿة أمس أن حكومة اﻹقلﯿم بدأت بتصدﯾر النفط الخام مباشرة إلى تركﯿا متجاوزة الخطوط الناقلة العراقﯿة ما ﯾشكل أكبر تحد حتى اﻵن ﻻدعاء بغداد بأنھا تسﯿطر تماما على النفط العراقي.
وأضافت المصادر أن تصدﯾر الخام إلى جانب كمﯿات صغﯿرة من المكثفات ﯾظھر تزاﯾد شعور اﻹقلﯿم شبھ المستقل بخﯿبة اﻷمل تجاه بغداد مع سعيه نحو تعزﯾز استلاله اﻻقتصادي. وكمﯿة الخام المصدرة قليلة لكن المصادر قالت، حسب وكالة «روﯾترز»، إن التصدﯾر المباشر له أھمية  رمزﯾة كبيرة مع سعي كردستان لمزﯾد من اﻻستقلال المالي عن بغداد.
المثل الشعبي يقول : لكي تُطاع اطلب المستطاع ، ربما كان هذا في الجانب الأجتماعي وفي الجانب السياسي يقول ونستون تشرشل : الشيء الوحيد الذي أرفضه بشكل دائم ھو أن أرفض بشكل دائم. فالرفض ليس الدواء الناجح لكل داء ، إنما ان يكون الحاكم مستعداً لسماع الرأي الآخر كما هو وليس كما يقتنع به الحاكم ، فالحقيقة ليس لها شكل واحد وليست حكراً على الحاكم .
وكما قلت في المقال السابق ان رئيس الوزراء ليس ملك حزبه او قائمته ، إنه رئيس وزراء كل العراقيين وكما يسمع اعضاء حزبه ومستشاريه فعليه ان يسمع الأخرين بما فيهم المعارضين لأجندته ، وعليه سماعها ومناقشتها واستمزاجها للخروج بالقرار الصائب .
 وهذه إحدى دعائم الحكم الديمقراطي الذي لا يفرق بين المواطنين في اكثريتهم او اقليتهم ، في قويهم وضعيفهم فمثلاً لو كان العراق ديمقراطياً بشكل صحيح لمنح حقوق شعبنا الكلداني لأنه إحدى المكونات الأصيلة في هذا البلد ، لكن في بلد مثل العراق كان يترتب على شعبنا الكلداني ، لكي لا تسلب حقوقه ، ان يلجأ الى التظاهر والأعتصام كما يفعل السنة ، وكما انتفض الشعب الكوردي في ثورته المسلحة ضد الأنظمة السابقة ، وإن أراد شعبنا الكلداني الحصول على حقوقه عليه ان يطالب بقوة بحقوقه ، فالأقوياء لهم حقوق ومن ليس قوياً ليست له حقوق في الغابة العراقية .
إن ممثلي المسيحيين في البرلمان لا يمثلون الشعب الكلداني طالما يتناكفون ويعملون ليل نهار الى طمس اسم القومية الكلدانية من الدستور العراقي ، فأي ممثلين هم هلاء الذين ينكرون اسم وتاريخ الشعب الذي اوصلهم الى قبة البرلمان ، هؤلاء النواب وفي مقدمتهم السيد يونادم كنا سوف يدخلون  في موسوعة غينيس للارقام القياسية حيث هم الوحيدين في العالم الذين يتنكرون لتاريخ الشعب الذي انتخبهم فمبروك للاخ يونادم كنا والأخوة الأخرين في هذه القائمة هذه المكانة في موسوعة غينيس للارقام القياسية والغريبة .
د. حبيب تومي / اوسلو في 16 / 01 / 13
[/b]

98
الأخ انطوان دنخا الصنا المحترم
اولاً اعياد ميلاد سعيدة لشعبنا الكلداني ولكل مسيحيي العراق .
 سوف احاول مناقشة فقرات الأخ انطوان الصنا ، لكن قبل ذلك اشير للاخ انطوان دنخا الصنا بأنه كانت هنالك رسائل شخصية بيني وبينه نحمل هموم شعبنا الكلداني وكيف يمكن النهوض به ومن  جملة ما كتبه الأخ انطوان الصنا  في وقتها اتذكر مقال رائع حول عقد مؤتمر كلداني في الوطن ولدي نسخة مطبوعة منه ، وبعد ذلك بدأ الأخ انطوان الصنا يكتب باستمرار عن مصطلح " كلداني سرياني آشوري " وفي الآونة الآخيرة دأب يشير الى امتنا الآشورية ، شخصياً ليس لي اعتراض على الأخ انطوان الصنا وهو حر في ما يكتب وما يقول ، وكل إنسان بالغ له حرية اختيار انتمائه الديني او المذهبي او القومي  . لكن عتبي على الأخ انطوان الصنا ليس تغيير الإنتماء إنما على الأضطلاع  بمهمة لصق مصطلحات من قبيل الأنقساميين والمفرقين والأنفصاليين .. لكل من بقي على اعتزازه على انتمائه الكلداني ولم يغيره الى كلداني سرياني آشوري او الى آشوري ، فهذا هو عتبي على الأخ انطوان الصنا ، فنحن اصدقاء ولا يجوز إطلاق النعوت والمثالب بحقنا بسبب ثباتنا على انتمائنا الكلداني وعدم تغيير بوصلتنا .
نأتي الى ما يطرحه الأخ انطوان الصنا يقول في فقرة من تعليقه :
 ( .. ازاء ما تقدم فأن اغلب طروحات السيد حبيب في مقاله اعلاه يحمل في طياته الطلب من الكنيسة الكلدانية التدخل في القضايا السياسية رغم انها ليست بديلا عن التنظيمات السياسية الكلدانية لذلك ادعو رجال الكنيسة الكلدانية ..) انتهى الأقتباس .
فهل حقاً كانت اغلب طروحاتي في المقال دعوة الكنيسة للتدخل في السياسة ؟ لنراجع المقال والذي جاءت المقترحات على شكل فقرات وهي 11 فقرة وهي :
في الفقرة اولاً : تكلمت عن هجرة شعبنا في اكثر من 20 دولة في العالم .
في الفقرة ثانياً : قلت على الكنيسة بحث المشاكل الخاصة بالهيكلية الداخلية للكنيسة .
في الفقرة ثالثاً :  كتبت عن تهيئة الأمور بغية عقد سنهودس لحل كل المشاكل الداخلية في الكنيسة .
في الفقرة رابعاً : تكلمت عن المسالة المادية والتمويل للكنيسة .
في الفقرة خامساً : طلبت ان يقف البطريرك الى جانب حقوق شعبه الكلداني ، وان انحياز البطريرك لشعبه ليس أثماً .
في الفقرة سادساً : طلبت تمثيل العلمانيين في السنهودس .
في الفقرة سابعاً : قلت ينبغي إعادة الشخصية والهيبة للكنيسة الكلدانية .
 الفقرة ثامناً : قلت ان تقف الكنيسة مع شعبها الكلداني ، ليحصل على حقوقه كبقية المكونات العراقية .
في الفقرة تاسعاً : علقت على الأب باليوس ان يكون البطريرك رجل دين فحسب لأن الأوضاع تجبره على ان لا يكون رجل دين فقط .
 في الفقرة عاشراً : ان تكون هنالك شفافية في الجهاز الإداري والمالي للكنيسة .
الفقرة الأخيرة محصورة بمشكلة اجتماعية حوال زواج الكهنة ، حيث يترك بعضهم كنيستنا الى الكنيسة النسطورية التي تسمح لهم بالزواج .
  من هنا كما ترى اخي انطوان لم اطلب وليس مناسب ان اطلب من الكنيسة ان تقحم نفسها في احابيل السياسة ، لكن الوقوف مع شعبها ضد المظالم والأضطهاد وهضم الحقوق هو من صلب واجبها ، وتاريخ الكنيسة الكلدانية الطويل يبرز كثير من المواقف المشرفة للكنيسة حينما وقفت الى جانب شعبها وتحملت الى جانبه شتى صنوف الأضطهاد على مر التاريخ .
 فأين طلبت التدخل بالسياسة يا اخي ، هل وقوف البطريرك مع معاناة شعبه تعتبره تدخلاً في السياسية ؟ وما هو رأيك برسالة البطريرك ما دنخا الرابع بمناسبة عيد الميلاد حينما يقول :
في الكنيسة التي أسسها سيدنا المسيح كلنا نُعرف بالمسيحيين، نحتاج إلى الوحدة والسلام ليكون بيننا، خاصةً للمسيحيين الذين يعيشون في بلاد الشرق والذين يؤمنون بأنهم من الجنس الآشوري، بالرغم من أنهم معروفون بأسماء ثلاث كنائس: وهي الكنيسة الكلدانية، الكنيسة السريانية، وكنيسة المشرق الآشورية: كمسيحيين مؤمنين يجب أن نحب ونحترم ونعمل معاً كأعضاء قطيع مسيحي واحد، وكأمةٌ واحدة، لسنا ثلاث أُممٍ، لكن أمةٌ واحدة وشعبٌ واحد، بالدم، بالتاريخ، باللغة. وكلنا كأمةٌ آشوريةٌ مسؤولين لكي نُحافظ على سلامة أبناءُ أمتنا كشعبٌ واحد، لكي نكون معروفين ومقبولين في القوانين التشريعية لبلدان الشرق الأوسط كأمة واحدة.
 بلا شك في المجال السياسي لأمتنا نحنُ الرعاة والكهنة لن نتدخل ولن نعمل كمسؤولين، حيث لدينا أحزاب سياسية ومجالس شعبية ومؤسسات قومية هم من تقع على عاتقهم مسؤولية المحافظة والمطالبة بالحقوق المدنية لأمتنا الآشورية.

ألا تعتبر ذلك تدخلاً بالسياسة من اوسع ابوابه اولاً ، وثانياً مثل هذه الرسالة الأستفزازية للشعب الكلداني الذي يعتز ويفتخر بالقومية الكلدانية ، او بالذي يفتخر بقوميته السريانية ، اليست هذه افكار إقصائية ؟ الا ينبغي ان يحترم قداسته مشاعر الآخرين ، أم ان هؤلاء هم عبارة عن قطيع ليس لهم مشاعر ، ولا ينبغي ان يكون لهم حرية المعتقد وحرية الأنتماء وحرية التفكير ، لماذا لم تحرك ساكناً لترويج مثل هذه الأفكار الأقصائية بحق الآخرين الذين لهم فكر ورأي مختلف ؟
وفي هذه النقطة ايضاً ، ينبغي ان نميز بين كنيستنا الكلدانية المهمشة والتي طالها الإرهاب والتهميش ، وبين موقف الكنيسة في اوربا حيث تم فصل الدين عن الدولة ، ولا يوجد وجه مقاربة بين وضعية الكنيستين ، ولهذا لا يمكن تطبيق ما هو سائد في اوروبا على كنيستنا في العراق .
في فقرة اخرى عن التظيمات الكلدانية تقول فيها  :
(.. حيث ان اغلب هذه التنظيمات حديثة التأسيس وقليلة الخبرة وتعاني من انحسار وضعف في القاعدة الجماهيرية وضبابية في الاهداف وتعصب قومي وارباك في الخطوط التظيمية وخلل في المواقف والتحالفات .. ) .
هذه الفقرة فيها شئ قليل من الصحة ، ولكن تفتقر عموماً على الدقة  : تقول انها حديثة التأسيس هذا صحيح وهذا ليس عيباً في الحزب ان يتأسس اليوم او بعد عشر سنوات او قبل عشر سنوات ، اما قلة الخبرة فهذه مسالة نسبية ، ما هو معيارك للخبرة ؟ وكيف علمت انها قليلة الخبرة ؟
اما انحسارها وضعف القاعدة الجماهيرية ، فهذا منوط بإمكانيات الحزب المادية والإعلامية ، ونحن ابناء هذا البلد ونعرف كم هي مهمة مسالة التمويل لديمومة واستمرارية اي حزب او منظمة ، فهنالك الأشياء الروتينية للعمل ، كالمقر والأثاث ووسائل الأتصال والنقل والحراسة وغير ذلك من متطلبات العمل السياسي والجماهيري ، وهكذا يكون للحد الأدنى من الأمكانيات المادية تأثيرها لخلق ارضية للعمل بين الجماهير . ( وانت تعرف ان المجلس الشعبي الذي يستلم ثروة المكون المسيحي ، ويعطي بسخاء للتنظيمات الآشورية ، ويمسكها عن المنظمات الكلدانية ما لم يطيعوا ويخضعوا لأوامره لا سيما مسألة التسمية الثلاثية التي تعتبر من المقررات السياسية للاحزاب الآشورية المهيمنة على مصائر شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ) .
اما قولك ضبابية الأهداف ، فلا اعتقد ثمة اي ضبابية في الأهداف كل حزب كلداني او غيره ، له رؤيته ونظامه الداخلي واهدافه وبيانه السياسي ، فلا ضبابية في الأهداف ، ولا يوجد إرباك في الخطوط التنظيمية وخلل في المواقف والتحالفات ، انا اعتبر هذه الجمل إنشائية اكثر من كونها وقائع .
اما ان هذه الأحزاب لها تعصب قومي ، فأسمح لي ان اقول انك مخطي ، التعصب ليس من يعتز بقوميته وبانتمائه ، بل التعصب من يلغي الآخر ويحاول صهره في بودقه انتمائه القومي او الديني او المذهبي ، والفكر البعثي والفاشي والستاليني ، كل هذه افكار شوفينية إقصائية لغيرهم ، والفكر القومي الآشوري الإقصائي لا يختلف عن تلك الأفكار ، فالشعب الكلداني هو شعب وديع يقبل الآخر والأنسان الكلداني ينتمي الى مختلف الأحزاب العراقية دون تعصب ، والأحزاب والمنظمات الكلدانية ليس لها اي تحفظات للتعاون مع اية جهة ، لكن هنالك من يلغي قوميتهم فعليهم الدفاع عن انفسهم ، وانت يا اخي في هذا المجال تحاول معاقبة او على الأقل معاتبة الضحية وتترك الجلاد .
وفي فقرة اخرى تقول :
( .. لكن يبدو ان بعض رجال السياسة الكلدانيين وتنظيماتها اليوم يلعبون على الوتر الحساس الذي يجمع بين الكنيسة الكلدانية والسياسة وهو التسمية القومية الكلدانية لتأجيج لغة المشاعر والعاطفة الفطرية والشاعرية الرومانسية لدى ابناء شعبنا الكلداني ... ) .
في الحقيقة اخي انطوان لم اتوصل ما هو المقصود بهذه الفقرة ما علاقة تنظيماتنا الكلدانية بتأجيج لغة المشاعر والعاطفة الفطرية والشاعرية الرومانسية لدى ابناء شعبنا الكلداني ، ما علاقة احزابنا السياسية الكلدانية  بالشاعرية الرومانسية .. ؟

في فقرة اخرى تتساءل اخي انطوان :
( .. وهل تستطيع هذه التنظيمات التعبير عن مصالح وهموم وحقوق واهداف شعبنا الكلداني ؟ ثم ماذا قدمت هذه التنظيمات فعليا لشعبنا على الارض في الوطن غير الشعارات والخطابات ؟ ) .
في الحقيقة انت محق ربما ان هذه الأحزاب لم تستطيع ان تقدم شيئاً ملموساً في المسائل المهمة لشعبنا ، لأنها ببساطة ليست قريبة من مصادر صنع القرار إن كان في اقليم كوردستان او في الحكومة المركزية ، وسؤالي لك هو :
ماذا  قدمت الأحزاب الآشورية والأحزاب الموالية لها التي تدعي نفسها كلدانية سريانية آشورية ، وهي قريبة من مصادر صنع القرار ؟
علماً ان هذه الأحزاب تمتلك امكانيات مالية كبيرة ، ولها ماكنة إعلامية هائلة من فضائتين ومواقع وصحف ومجلات ودار نشر وغيرها ، والسؤال لك هو  :
 ماذا قدمت هذه الأحزاب لشعبنا؟
 هل استطاعت ان تضع حد او تقلل من الهجرة ؟
هل وحدت شعبنا ووضعت برنامجاً للتفاهم والحوار بدلاً من عقلية الأقصاء المتحجرة لدى هذه الأحزاب ؟
ماذا فعلت غير السفرات (السياحية لأعضاء قيادة هذا التجمع ) لأمريكا وأستراليا وأوروبا ،لشرح ما حققه ما يسمى تجمع احزاب شعبنا الكلدانية السريانية الآشورية من إنجازات على الورق وليس على الأرض ؟ هل فعلوا غير السفرات السياحية والكلام ( الفاضي ) الذي لا يشبع جائع .
 رجاءً اشرح لي ما قدمته الأحزاب فيما يسمى تجمع احزاب شعبنا ، وسأكون شاكراً لو ذكرت لي منجزات تلك الأحزاب على ارض الواقع .

هل حاولت عرض مسألة اراضي شعبنا مع دوائر صنع القرار في الأقليم او مع الحكومة المركزية ؟
ماذا فعلت هذه الأحزاب ( الوحدوية ) في مسألة التغيير الديموغرافي ، الم يكن لحركة الزوعا ولها موقع قيادي في التجمع المذكور ألم يكن لهذه الحركة موقف مخجل من مسألة التغيير الديموغرافي في القوش ( والسبب معروف للمطلعين على الأمور في هذه المنطقة ) ؟
ما هو موقف هذه الأحزاب ( الوحدوية ) من إقامة الأبراج الأربعة في عنكاوا ؟  لماذا كان موقفهم مخجل وتركوا الشباب العنكاوي دون مساندة ، اليسوا ممثلين لشعبنا كما تقول ؟
 لماذا تركوا شباب عنكاوا دون تأييد صريح وشجاع من عندهم ؟
ماذا يفعل ممثلي هؤلاء الأحزاب غير إقامة المهرجانات وحضور الأحتفالات وتقديم التهاني والزيارات المتبادلة  والمجاملات والظهور في فضائية عشتار وآشور ؟  والتصريح للجرائد والمجلات التي تطبع صورهم وتصريحاتهم المملة المكررة عن وحدة شعبنا ولا يتقنون غير  تكرار تلك التصريحات التي لا تقدم ولا تؤخر من مسيرة شعبنا .
أنا اقول :
نعم كانت اهم انجازاتهم وأعمالهم الباهرة هو تناكفهم ولهاثهم من اجل إلغاء اسم القومية الكلدانية من الدستور العراقي ، ووضع بدلها اسم مشوه لا يدل لا على شعب ولا على قومية ولا يدل على امة ، إنما اسم يعمل فقط على تشويه وطمس تاريخ شعب اسمه الشعب الكلداني ، هذا هو هدفهم وتقاتلهم ولهاثهم ليل نهار لتحقيقه .
كذلك انجاز آخر نشهد لهم ، وهو استقدامهم للمطربين والمطربات في الأعياد والمناسبات وإكرامهم ببذخ من الأموال المخصصة للمسيحيين ومنحهم قطع اراضي ، لأن هؤلاء المطربين يتغنون ويرفعون العلم الآشوري ، وهو قمة العطاء فماذا نستفيد من الإنسان الفقير المشرد ؟ ( طبعاً انا اعتز بكل مطربينا وفنانينا ، لكن اعتراضي هو على الآلية ، وعلى ترجيح حالة مهمة على أخرى اهم منها .
هنالك أشياء كثيرة اردت مناقشتها على هذا المنبر ، لكن لا اريد الإطالة اولاً وهي دون فائدة ثانياً .
الأخ انطوان الصنا
ثمة ملاحظة يجدر الأشارة اليها حيث قرأت لك تعليق على مقال الأخ ابرم شبيرا تقول فيه :
(بدليل فوز عضوين من التجمع وهما المجلس الشعبي وزوعا بعشرة مقاعد برلمانية في المركز والاقليم وحصل نوابهم على اكثر من 70000 سبعون الف صوت في المركز  و 50000 خمسون الف صوت في الاقليم.. ) .
في الحقيقة لا تتوفر لدي احصائيات النتائج في الأقليم لكن لدي احصائيات دقيقة عن انتخابات المركز وهي كالآتي :
اصوات الكوتا المسيحية داخل وخارج العراق 73315 صوت وحسب قولك ان المجلس الشعبي والزوعا حصلوا على اكثر من سبعين الف اي انهم فازوا بمئة بالمئة من الأصوات ، لكن الحقيقة والصحيح فإن الأصوات توزعت كالآتي :
قائمة الزوعا ( الرافدين ) حصلت على = 28095
المجلس الشعبي                           = 21882
مجلس قومي كلداني                      = 6608
حزب الديمقراطي الكلداني ( اور)      = 5547
قوائم مستقلة وعشتار ما مجموعه       = 11183
اي ان مجموع اصوات المجلس الشعبي والزوعا كان = 49977 صوت وليس اكثر من 70 الف صوت كما ذكرت في تعليقك اي بنسبة حوالي 68 بالمئة ، والفرق كبير كما ترى .
وبقية الكيانات التي لم تحصل على مقعد حصلت على ما مجموعه من الأصوات = 23383 اي حوالي 32 بالمئة ، وهكذا كما ترى الفرق اكثر من 20 الف صوت الفرق بين ما اوردته في مقالك وبين ما هو الواقع والصحيح .
لهذا اقول حينما نتكلم بلغة الأرقام ينبغي ان يكون كلامنا دقيق ، لأن لغة الأرقام لا تقبل غير الدقة وليس فيها مجال للاجتهاد العفوي .
وبنفس السياق اقول لك اخي العزيز انطوان الصنا ما يأتي :
((( غالباً ما تسوق للقارئ في مقالاتك  مَثَل الفوز في الأنتخابات ، وكأنك قد حققت فوزاً على الإرهاب والإرهابيين ، وليس الذين فزت عليهم من أبناء شعبك ، واقول ذلك لأنك دائماً تصف هذا الفوز بصيغة التشفي والأنتقام  ، وأرجو ان تعلم ان الفائزين دائماً يتسمون بالواقعية  والتواضع واحترام الند الذي فازوا عليه  ، ولا يتكبرون على الذين فازوا عليهم وهذه اخلاقية اللعبة الديمقراطية ، فلو دامت لغيرك لما وصلت اليك ، فلا يجوز التبجح والتكبر بشكل متواصل على ابناء شعبك الذين فازوا بـ 32% اي حوالي اكثر من 23 ألف صوت ويستحقون نائبين ، لكن آلية الأنتخابات حالت دون ذلك وهذه هي اللعبة الديمقراطية التي نؤمن بها ونحترم نتائجها ، فنحن اخي انطوان ابناء شعب وأحد  وكلنا مظلومين في هذا الوطن فلا يجوز التكبر والتشفي ، او التهكم والأستهزاء بحق شريحة كبيرة من ابناء شعبنا بسبب عدم نجاحهم في حجز مقعد لهم في هذه الأنتخابات )))،
في فقرة اخرى تقول :
( ان قداسة بابا الفاتيكان رأس الكنيسة الكاثوليكية لا يمارس السياسة اطلاقا وان اغلب كلماته واحاديثه تقتصر على الصلاة والسلام والمحبة والتسامح والمساواة والعدل والعيش المشترك والاحترام .. الخ).
 فاقول ان بابا الفاتيكان إضافة الى منصبه الديني فهو رئيس دولة الفاتيكان وهي عضو في هيئة الأمم المتحدة وله سفراء في الدول الأخرى فلا يمكن القول ان البابا لا يمارس السياسة ( إطلاقاً ) .
الشئ الذي اطلبه من الأخ انطوان الصنا إن يبتعد عن اسلوب التكبر والتشفي بأبناء شعبه من الكلدان الذين لم يفلحوا بالفوز في الأنتخابات ، وأن ينبذ اسلوب إلصاق التهم او النعوت والمثالب من قبيل انفصاليين وانقساميين .. وغيرها لأخوانه من ابناء الشعب الكلداني الذين يحترمون ويفتخرون بتاريخهم الكلداني ويعتزون بقوميتهم الكلدانية ولا يخضعون لقرارات الأحزاب الآشورية السياسية . فنحن لسنا تابعين لتك الأحزاب التي تصدر ما تريده من قرارات بشأن التسمية وغيرها .
نحن الكلدان نحترم الجميع ولكن نحتفظ بقرارنا المستقل ونفتخر بقوميتنا الكلدانية .
اما وحدة الكنائس التي طلبتها في المداخلة فحبذا لو تطلبها من الكنائس الأخرى ايضاً وليس فقط من كنيستنا الكاثوليكية للشعب الكلداني في العراق .
تقبل اخي انطوان الصنا اجمل تحياتي وكل عام وانت بخير
ـــــــــــــــ
 ادناه مداخلة الأخ انطوان دنخا الصنا وهي حسب الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,633940.0.html
اولا عيد ميلاد سعيد للجميع وكل عام وشعبنا الكلداني السرياني الاشوري المسيحي في الوطن والمهجر بألف خير بشكل خاص وكل مسيحي العالم بشكل عام .. الاخ حبيب تومي في مقاله اعلاه حسب رأي يحاول الطلب واقحام الكنيسة الكلدانية للتدخل في السياسة لحشد الدعم الجماهيري للتنظيمات السياسية الكلدانية حيث ان اغلب هذه التنظيمات حديثة التأسيس وقليلة الخبرة وتعاني من انحسار وضعف في القاعدة الجماهيرية وضبابية في الاهداف وتعصب قومي وارباك في الخطوط التظيمية وخلل في المواقف والتحالفات للاطلاع الرابط الثاني ادناه ..  

الاخ حبيب ومعه اغلب المتحاوريين يعرفون جيدا ان الكنيسة في الوطن بكل مذاهبها هي مؤسسة دينية لاعلاقة لها بالسياسة وعلى مستوى بعض تجارب العالم خلط بعض السياسيين ورجال الدين من الاديان المختلفة الدين بالسياسة والسياسة بالدين لتحقيق مصالح خاصة وضمان الوصول الى مطامعها وطموحاتها وغاياتها وقد استخدم هولاء السياسيين الدين وسيلة للوصول الى اغراضهم السياسية من سلطان وثروة ونفوذ وجماهير بأضفاء الصبغة الدينية على توجهاتهم وقراراتهم وتصرفاتهم السياسية للحصول على تأييد الجماهير بالشعارات والخطابات والمشاعر والعواطف الدينية ورسم هالة من الرهبة والتبجيل على الشخصيات القيادية والزعامات المشتركة السياسية الدينية ...

كما حصل في ايران والعراق وفي ضوء النتائج السلبية التي اسفرت عنها تجربة تدخل الكنيسة الكاثوليكية في السياسة في القرون الوسطى في اوربا حيث كانت الكنيسة تعتبر نفسها قوامة على شؤون الدين والدنيا وسلطاتها في آن واحد وكانت صلاحياتها تفوق سلطة الملوك والامراء وبسبب ذلك قررت الكنيسة الكاثوليكية الامتناع من الخوض في غمار ومعمعة السياسة ودهاليزها واسرارها منذ ذلك التاريخ ولغاية اليوم .. علما ان رأس الكنيسة الكاثوليكية قداسة بابا الفاتيكان اعتذر علنا عن اخطاء تلك الحقبة واصبحت الكنيسة تتسامى فوق الحزازات والحزبيات والانتماءات التي لاعلاقة لها بالدين ...

وتأسيسا عل ذلك كانت الكنيسة الكلدانية في العراق لاتدخل في القضايا السياسية والتزمت دائما جانب الحياد والاستقلالية بعيدا عن السياسة في كل تاريخها وفي اصعب الظروف التي مرت على شعبنا الكلداني لكن يبدو ان بعض رجال السياسة الكلدانيين وتنظيماتها اليوم يلعبون على الوتر الحساس الذي يجمع بين الكنيسة الكلدانية والسياسة وهو التسمية القومية الكلدانية لتأجيج لغة المشاعر والعاطفة الفطرية والشاعرية الرومانسية لدى ابناء شعبنا الكلداني ...

يا اخ حبيب وكل الاخوة المتحاوريين ان تدخل الكنيسة الكلدانية في السياسة ومهما تكن المبررات والذرائع فأن مخاطرها وانعكاساتها السلبية عن كيانها كبيرة وكثيرة لانه سوف تؤدي الى خلق جو من الصراع الخفي والعلني داخل اقطاب الكنيسة نفسها اولا وثانيا اصبحت مهمتها مثار شك وجدل وصعوبة حيث قد تتحول من قوة ايجابية للخير والسلام والمحبة والصلاة وخدمة المجتمع برمته الى جزء من الصراع السياسي وهي في غنى عنه للمحافظة عن مكانتها وهيبتها وألقها ان المزايدة على الدين والقومية يؤدي بالنتيجة الى التعصب والتشدد وحتى التطرف وقد تقود الاديان لتصبح ملاذا وملجأ للمتدينين والقوميين المتعصبين والمتطرفين لان الصراعات السياسية والقومية في حالة تدخل رجال الدين فيها تتحول الى صراعات دينية ومذهبية وقومية طالما اصطبغت السياسة بالدين وتلون الدين بالسياسة وان فصل الدين عن السياسة في الدين المسيحي واضح وصريح ولا يحتمل التأويل والمواربة ...

الاسئلة التي تطرح نفسها بخصوص ما تقدم هي لماذا تتدخل الكنيسة الكلدانية في الشوؤن السياسية ؟ وماذا ستجني من ذلك ؟ وماهي خطتها المستقبلية ؟ وماهو موقف الشارع الكلداني من ذلك ؟ وكيف لها ان توفق بين واجباتها الروحانية ومسوؤلياتها الدينية تجاه رعاياها وبين متاهات وافتراءات السياسة وفنونها ودسائسها ؟ وهل الكنيسة الكلدانية مقتنعة بكفاءة واهداف وشفافية ومقدرة وجماهيرية التنظيمات الكلدانية في الوطن والمهجر ؟ وهل تستطيع هذه التنظيمات التعبير عن مصالح وهموم وحقوق واهداف شعبنا الكلداني ؟ ثم ماذا قدمت هذه التنظيمات فعليا لشعبنا على الارض في الوطن غير الشعارات والخطابات ؟ ...

ان قداسة بابا الفاتيكان رأس الكنيسة الكاثوليكية لا يمارس السياسة اطلاقا وان اغلب كلماته واحاديثه تقتصر على الصلاة والسلام والمحبة والتسامح والمساواة والعدل والعيش المشترك والاحترام وحسب رأينا ان وظيفة وواجب ومسؤولية رجال الاكليروس وعلى رأسهم قداسة البابوات وغبطة البطاركة ونيافة المطارنة والاساقفة الاجلاء والاباء الافاضل تتمحور وتنحصر في رفع الصلوات وتفسير النصوص الدينية والتواصل مع المؤمنين في الامور الروحية اما الامور المتعلقة بالشوؤن والحقوق القومية والسياسية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية تعد من اختصاص السياسة والمؤسسات المدنية  ....

ان تدخل رجال الدين في السياسة والشوؤن العامة للمجتمع يفسد علمانية المجتمع وديمقراطيته وشفافيته لذلك فأن فصل الدين عن السياسة هو القرار الصائب والسليم الذي اتخذته اوروبا وحققت نجاحات كبيرة في ضمان الحريات والحقوق الاساسية لكافة شعوبها دون تمييز ورغم ان اوربا 90% منها تدين بالمسيحية لكن دساتيرها غير مثبت فيها ان دين الدولة مسيحي بهدف فصل الدين عن الدولة واليوم اوربا مشهود لها بالتقدم والرقي في اغلب مجالات الحياة المختلفة ...

ازاء ما تقدم فأن اغلب طروحات السيد حبيب في مقاله اعلاه يحمل في طياته الطلب من الكنيسة الكلدانية التدخل في القضايا السياسية رغم انها ليست بديلا عن التنظيمات السياسية الكلدانية لذلك ادعو رجال الكنيسة الكلدانية بكل مستوياتهم بعدم التدخل في السياسة في ظروف شعبنا المعقدة والصعبة الحالية لتكون لهم الريادة في تماسك وحدة وتقدم ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري وتحقيق اهدافهم واحلامهم وليتفرغ رجال الاكليروس للصلوات داخل كنائسهم ومؤسساتهم الدينية وبدون اغراض سياسية لان الدين يجني على السياسة والسياسة تفسد الدين تماشيا مع سياسة وتوجهات قداسة بابا الفاتيكان المرجع الاعلى للكنيسة الكلدانية و كذلك بما ينسجم مع تاريخ الكنيسة الكلدانية المحايد والشفاف على امتداد تاريخها ...

وهنا لا بد من القول فبدلا من تدخل الكنيسة الكلدانية في السياسة عليها المساهمة بفعالية وجدية في توحيد كنائسنا بكل المذاهب بكنيسة واحدة جامعة وتحت سقف واحد وهذه هي مهمة الكنيسة الاساسية وهي مهمة مباركة وليس السياسة واعتقد ان ذلك من الصعوبة تحقيقه حاليا لان بعض رجال كنائسنا المتشددين والمتطرفين من كل المذاهب يسعون للمحافظة على مكاسب الزعامات والكراسي والابراج العاجية والسلطات والنفوذ والمال والمصالح الضيقة وغيرها معذرة لا استطيع التعليق على مداخلات كافة الاخوة المتحاوريين في اعلاه وكلها محترمة حتى في حالة الاختلاف مع تقديري ...

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,630251.msg5857148.html#msg5857148


99
الأنكليز اسسوا لنا الدولة العراقية الحديثة ونحن ( العراقيون ) نمزقها
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الأنكليز قرأوا التاريخ العراقي وحفروا واكتشفوا اثاره وتبين لهم ان في هذه الأرض قامت حضارات راقية مزدهرة ، وأردوا إحياء شئ من ذلك التاريخ بتأسيس دولة عراقية ديمقراطية حضارية ، وبالطبع كان تكوين الدولة العراقية الموحدة التي تضمنت ولاية الموصل الغنية بالنفظ يخدم مصالحهم الأقتصادية وبنفس الوقت يخدم مصلحة الوطن العراقي ، وبعد ذلك تصدى للانكليز القوميون العرب بغية إرجاع امجاد الأمة العربية بتوحيدها من المحيط الى الخليج ، وهكذا كانت الأديولوجية العربية هي التي هيمنت على مخيلة الجماهير العربية ، بإعادة امجاد الأمة العربية الإسلامية التي اشتهرت بفتوحاتها ، وبقوافل غنائمها من الشعوب المقهورة .
المهم تحرر العراق من الهيمنة البريطانية والدول التي كنا نطلق عليها الدول الأستعمارية وخرجنا من حلف بغداد ، واصبحنا احرار ، وبعد ان تحرر وطننا لم نبادر الى الوحدة العربية التي رفعنا شعاراتها ، بل اكتفينا بالسعي الى القصر الجمهوري والهيمنة على كرسي الحكم املاً في السيطرة على السلطة التي اصبحت من نصيب الضباط المحنكين المغامرين المتآمرين الغادرين بحلفاء الأمس ، والروايات كثيرة في التاريخ العراقي منذ ثورة 14 تموز عام 1958 حينما اطاح عبد الكريم برؤسائه الذين ائتمنوه على حياتهم ، ثم جاء دوره لتدور عليه الدوائر ليغدر به حلفائه كما غدر برؤسائه . عموماً ان المسلمين قرأوا الفاتحة ونحن المسيحيون صلينا ابانا الذي على الديمقراطية الغربية وبدأنا نتغنى بالثوريات والشعارات الرنانة ، اجل كنا مخمورين بتلك الشعارات وصدقناها وعملنا من اجلها  .
 ، قد اتعبتنا الأوضاع المتواترة في العراق منذ اواسط الخمسينات من القرن الماضي  حيث توالت الحكومات ، وكلما جاء حاكم اردنا رحيلة لأنه ربما ياتي بعده من هو افضل منه ، وسرعان ما تتبدد توقعاتنا فيأتي حاكم نستحيف على رحيل الحاكم قبله ، وربما كان ثمة بعض الأستثناءات لهذه القاعدة ، لكن السبب كان يعزى الى ان هؤلاء الحكام وصلوا الى سدة الحكم عن طريق الأنقلابات العسكرية ، وليس عن طريق صناديق الأقتراع .
بعد سقوط النظام في نيسان 2003 كان يغمرنا التفاؤل بأن سفينة العراق هذه المرة سوف ترسو على بر الأمان لكي نستفيد من التجارب الماضية ولا نقع بنفس الأخطاء ، ولكي يصار الى تدشين عملية البناء والتطور والتقدم ، خاصة وان العراق يملك جملة اسباب مشجعة تؤهله لكي يشغل مكانة رفيعة من التقدم والرقي بين الأمم ، بفضل ما يمكله من الثروات الطبيعية والبشرية والثقافية والتاريخ الحضاري ..
ليس لنا اي تحفظ على من يحكم العراق ، مهما كان دينه او مذهبه او عشيرته او اسمه او قريته ، إنما الذي يهمنا بالذي يقود العراق هو ان يكون عراقياً مخلصاً وموالياً لوطنه العراقي ، قبل ولائه لمذهبه او عشيرته او حزبه او قبيلته .. شرطنا الوحيد على الذي انتخبناه ان يعمل على استتباب الأمن والسلام المجتمعي وأن يعمل على بناء البلد ويخدم شعبه بكل اخلاص، ودون تفرقة او تمييز .
 لقد افرزت صناديق الأقتراع ان القائمة العراقية حصلت على اعلى نسبة من الأصوات لكن في نهاية المطاف ، وبعد تحالفات تسنم المالكي من دولة القانون مقاليد السلطة ، ومع ذلك اردنا ان تستمر العملية الديمقراطية والبناء ، وبعد اشهر من المحادثات الماراثونية المضنية تشكلت حكومة التراضي بين كل الفرقاء ، ما عدا شعبنا الكلداني ، لأنه لا يرتبط بأي دولة مجاورة ، ولم يأت على الدبابة الأمريكية فقد ظلت حقوقة مهمشة في وطن الكلدان ( العراق ) ومع ذلك كنا ننتظر تجربة عراقية نموذجية ، لكن الذي حدث ، ان العملية السياسية تراوحت مكانها :
 ـ البلد بقي مسرحاً مفتوحاً للعمليات الإرهابية .
ـ الفساد بقي مستشرياً في اوصال الدولة ، رغم ان الجميع يرفع شعار محاربة الفساد .
ـ انعدام او ضعف الخدمات العامة المقدمة للمواطن ، من قبيل الكهرباء والماء الصافي والخدمات الصحية ، ورفع القمامة ، وتصريف المياه الثقيلة ومياه الأمطار ، وقد رأينا كيف طافت شوارع بغداد بمياه الأمطار بعد زخة شديدة من المطر وتحولت الشوارع الى ممرات مائية ، وكانت خدمات امانة العاصمة مصدر تندر للمواطنين رغم ما حصل من صعاب ومشاكل للناس .
ـ التلكؤ في العمل بالقضاء على البطالة بجدية ، وتم تعويض ذلك بخلق وظائف غير مجدية بهدف امتصاص نقمة الشعب ، وهذه تعتبر بطالة مقنعة إن لم يكن ثمة انتاج .
ـ المظاهرات الأخيرة في في بعض المحافظات العراقية والتي يصار الى إطلاق لفظة ( المحافظات السنية ) عليها ، وهذه مشكلة تضاف الى المشاكل العراقية المستعصية .
ـ وأخيراً نشير الى الملف المتأزم بين أقليم كوردستان والحكومة العراقية المركزية ، منها ما يخص إنتاج النفط وتصديره من الأقليم ومستحقات الشركات الأجنبية المنتجة له . وملفات تخصيصات البيشمركة وحصة اقليم كوردستان من الميزانية العراقية ، وأخيراً كانت التوتر حول المناطق المتنازع عليها .
نحن هنا ليس عملنا التهجم على الحكومة ، لكن لا يمكن السكوت ايضاً عن الأخطاء المرتكبة ، نعم تشكل صناديق الأقتراع الخطوة الأولى نحو الديمقراطية ، وتأملنا في الخطوة الثانية من الديمقراطية تحقيق العدالة والمساواة والكرامة الأنسانية ، ولم يتحقق شئ من ذلك وفي الحقيقة لا يلوح في الأفق ما يشير الى تحقيق تلك التمنيات ، وهي مشروعة وواقعية ، وقد مرت عشر سنوات دون ان ننتقل نحو الخطوة الثانية من الديمقراطية ، وهذه هي الكابينة الثانية  لرئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي دون ان نشهد اي تحسن في الأوضاع ، بل ما نراه هو الأنتقال من ازمة الى ازمة اخرى مرة مع اقليم كوردستان وأخرى مع غيرهم  .
إن العراق اليوم مهدد بالأنقسام ، فإن الضغط على الأكراد بشكل مستمر ، قد يدفعم الى الأستقلال اكثر فأكثر . ومع السنة نشاهد ان وتيرة التوتر تزداد يوماً بعد آخر ، والمظاهرات تتصاعد ، والهوة تتسع مع الحكومة التي لها طابع شيعي ، وحين التمعن في الموقف يظهر جلياً ليس قليلاً من التماهي في عنصر الجغرافيا بين المكونات الرئيسية ، الشيعة العرب والسنة العرب ، والكورد . وكل مكون من هؤلاء متحصن في موقعه الجغرافي وإن التقسيم الجغرافي سوف يتكرس بمرور الزمن ليسحب اليه العنصر السياسي ثم الأقتصادي وهلم جراً . وهكذا نجد ان الدولة العراقية الحديثة التي اسسها الأنكليز آيلة نحو الأنقسام والتفكك .
 باستطاعة دولة رئيس الوزراء وكتلته الواسعة انهاء هذه الأزمات بالطرق الأصولية بما يحقق مصالح الجميع بمسك العصا من وسطها دون خلق توترات مع هذا الجانب او ذاك ، كما ان المالكي يملك مقومات هذا الضبط حيث له علاقات جيدة مع الدول المهتمة جداً بالشأن العراقي مثل أميركا وايران ، وكذلك يملك بيده صلاحيات واسعة كموقع رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية والقائد العام للقوات المسلحة ، وغيرها من المسؤوليات المهمة .
 إن الدولة العراقية الحديثة التي تأسست على يد الأنكليز عام 1921 ، تصل اليوم الى مرحلة الشيخوخة ، إذ ان العقلية الثأرية الأنتقامية ، قد اوصلت العراق الى هذه المرحلة ، وعلاج المشكلة العويصة هو بأن ننظر الى المسألة بعيون عراقية اصيلة ، وبمفهوم ديمقراطي تعايشي ، فبلدنا فيه كل مقومات التقدم والأزدهار ، فلماذا نعمل على تدميره وتفكيكه ؟
 فهل تلتفت حكومتنا وتتحمل مسؤوليتها التاريخية ، وهي تمسك بيدها مفاتيح حل الأزمات ، أم انها سوف تستمر بعقلية هزيمة الآخر والتغلب عليه ؟  ولينقسم العراق وبمفهوم عليّ وعلى اعدائي .
وباعتقادي المتواضع ان من يعمل بأجندة اجنبية سوف يعمل على تفكيك العراق ، ومن يعمل باجندة وطنية عراقية سوف يضع مصلحة وطنه العراقي امام حدقي عينيه ويعمل المستحيل لصيانه وحدته وديمومته نحو التقدم والأزدهار .
د . حبيب تومي / اوسلو في 09 / 01 / 13

100
على حكومتنا ان تفهم ان زمن الحكومات المركزية الأستبدادية قد مضى
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
أرض ما بين النهرين كانت المهد الأول لولادة الدولة الشديدة المركزية وذلك منذ ان وحدث دويلات المدن في دولة واحدة والوسيلة الأكثر رواجاً للتوحيد كانت بشن الحروب ، ويحكم المنتصر من عاصمته وهي مركز صناعة القرار . وبعد ذلك وبفعل الحروب ايضاً عمدت الدولة القوية على ضم اراضي الدول الأخرى فتشكلت الأمبراطوريات التي تدار من قبل المركز وكانت انتفاضة المقموعين او امتناعهم عن دفع الجزية للمركز يصار الى إخمادها بالعنف والقوة العسكرية . وأراد حمورابي الذي كانت عاصمته بابل ان ينشر العدل في ارجاء امبراطوريته وهو ملك الجهات الأربع ، فشرع جملة قوانين شاملة عادلة لكي يحافظ على النظام في بلاده ، فكانت لشريعته الشاملة مقدمة وخاتمة ومما ورد فيها على لسان حمورابي يقول :
لقد دعاني ( هكذا في النص ـ الكاتب ) الآلهة العظام ، فأنا الراعي المحسن ذو الصولجان العادل . وانتشر ظلي الوارف على مدينتي ، حملت في حضني شعوب سومر وأكد ، وبفضل الحماية الإلهية التي شملتني ، ازدهرت ، ولم افتأ اسايسها في السلام . وحميتها بعقلي ، لكي امنع الأقوياء من ان يظلموا الضعفاء ولكي ارد الحق الى المهملين والأرامل .. لأصدر الأحكام الى بلادي ، وأحمل القرارات العادلة الى بلادي وأرد الحق الى المظلومين .. ( جان بوتيرو " بلاد الرافدين " بغداد 1990 ص219 ) .
إن حكم البلاد بعدالة ليس امراً سهلاً إن كان الحكم باسم الآلهة كما كان في غابر الأزمان او في تسييس الدين في الوقت الحاضر ، لكن بعد قيام الثورات الأنكليزية والأمريكية والفرنسية ، وبعد إرساء الأفكار الديمقراطية في الدول الأوروبية وبعد عزل الدين عن السياسة ، كل هذه الأسباب مهدت السبيل لإرساء قواعد وقوانين تؤسس على حق تقرير المصير ولوائح حقوق الأنسان وحقوق الأقليات.. وكان الحكم الفيدرالي واحداً من ثمار الحداثة والتعايش بين المكونات المختلفة ، وكالعادة بعدما كانت بلاد الرافدين في المقدمة اصبحت في مؤخرة شعوب الأرض ، وفي شأن تعايش المكونات العراقية كان القمع والحروب والحصار سمة العقود المنصرمة من تاريخ الدولة العراقية في العصر الحديث .
لقد كان الفكر الإقصائي متأصلاً في الحركة القومية العروبية ، وإن كل من يعيش في الوطن العربي، ( الذي اصبح بعد الغزو او الفتح العربي الإسلامي اصبح الوطن العربي ) من المحيط الى الخليج ، وكل من يعيش على تلك الأرض المفتوحة هو عربي ، ونحن جميعاً امة عربية واحدة ، وهكذا سيكون مجتمع متجانس واحد متكون من القومية العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة ، وفي الوطن العراقي طبق هذا القرار ، وكان السعي لإقرار مجتمع عربي متجانس ، لكن المكون الكوردي تحصن بجباله واحتضن بندقيته ، ولم يستسلم لنظرية التجانس هذه ، وخيم على ارض العراق حكم فردي دكتاتوري ، ورغم المعارضة الواسعة للنظام لم تكن ثمة قوة عراقية قادرة على إسقاط النظام ، الى ان توافقت مصلحة اميركا مع مصلحة الشعب العراقي بإسقاط النظام ، وهكذا ساهمت قوة اميركا الجبارة بإسقاطه .
على انقاض النظام السابق اسس حكم يفترض انه حكم ديمقراطي ، لأنه كان حصيلة اللعبة الأنتخابية التي يجري بموجبها تداول السلطة عبر نتائج صناديق الأقتراع .
المسالة الكوردية التي كانت النقطة الساخنة على الساحة السياسية العراقية وعلى مدار القرن الماضي ، فقد وضع لها حل استراتيجي بجعل العراق دولة فيدرالية ( اتحادية )  كما نصت المادة الأولى من الدستور العراقي . وتعريف الفيدرالية بموجب موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة هو :
(الفدرالية (أو الفيدرالية) شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستوريا بين حكومة مركزية (أو حكومة فيدرالية او اتحادية) ووحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات)، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهما على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة. أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذيه والقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصا عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية. ) .
 اقرب الأمثلة  على الحكم الفيدرالي : الأمارات العربية المتحدة وأمريكا وسويسرا والعراق .
لكن الملاحظ على الساحة العراقية انه ليس من السهل قبول وهضم معنى الديمقراطية والحكم الفيدرالي فثمة ثقافة متأصلة موروثة من الحكومات السابقة ولا نستطيع الفكاك منها مهما حاولنا وتغنينا بمبادئ الديمقراطية ، فالديمقراطية كانت للوصول الى كرسي الحكم فقط ، بعد ذلك شكراً ووداعاً للديمقراطية ، وبعد ذلك نتوقف لنعاود الفكر الشمولي الإقصائي . الحكومة العراقية تتشبث بيقينية الحكومة المركزية وهيبتها وسطوتها على الجهات الأربع ، ولا تريد ان تقرأ المستجدات والتطورات ، إنها تريد ان تحكم بعقلية العقود الماضية ، بينما المنطقة والعراق نفسه قد انتقل جذرياً من مرحلة الى أخرى رغم ما يعتري طريقه من عقبات ، وإن الماضي ذهب مع الماضي ونحن ابناء اليوم وينبغي ان نعيش بعقلية اليوم .
في السابق كانت هنالك وزارة اسمها وزارة شؤون الشمال تجنباً لذكر اسم كوردستان ، واليوم هنالك اقليم كوردستان يحمل في طياته الكثير من مظاهر الأستقلال ، ويعيش تجربة تنموية نموذجية ، اقليم كوردستان جزء من العراق لكنه استطاع تجنب العمليات الإرهابية التي خيمت بظلالها المأساوية على مدن العراق في الوسط والجنوب ولحد اليوم ، واستطاع الأقليم ان يطور نفسه وان يجذب المزيد من الأستثمارات الأجنبية وان يكون له سمعة دولية ، وأن يؤسس لمجتمع كوردستاني متعايش ومتسامح بمنأى عن النعرات القومية والدينية والمذهبية ، ويسلك طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية الليبرالية .
يبدو من نهج حكومتنا انها لا يروق لها تقدم واستقرار اقليم كوردستان ، وتريد ان تثير المشاكل ، وبرأيي ان الحكومة تكفيها مشاكلها المتفاقمة ، لعل ابرزها العمليات الأرهابية التي ترتكب بحق الأبرياء لحد اليوم ، وانعدام وضعف الخدمات العامة المقدمة للمواطن ، والقضاء على البطالة بخلق فرص عمل وليس بخلق بطالة مقنعة بمنح الرواتب من اجل اسكات الناس فحسب ، فإذا ما توطد الأمن الأستقرار في المدن العراقية كما هي الحال في اقليم كوردستان ، فإن المستثمرين سيفدون الى العراق وتتوفر الوظائف لمختلف قطاعات الشعب ، وسوف يقل الثقل الملقي على كاهل الحكومة .
اليوم تتصاعد حدة التوتر بين المركز واقليم كوردستان حول احقية الحكومة المركزية ان تستعمل سيادتها على كل اراضي داخل اقليم كوردستان والمناطق المتاخمة لحدود اقليم كوردستان مع الدولة العراقية ، التي اطلق عليها حسب الدستور بالمناطق المتنازع عليها ، والذي اصبحت بعد ارتفاع حدة التوتر ، حسب ما ذكره الأستاذ المالكي بأنها مناطق مختلطة كبقية المدن العراقية المختلطة ، ورد الأستاذ مسعود البارزاني على ذلك بأنها مناطق مستقطعة من كوردستان .
في الحقيقة وكما يظهر من الخطاب الرسمي الحكومي في اقليم كوردستان وقوات البيشمركة بأنهم يسعون الى التهدئة وإنهم لا يريدون الدخول في معارك مع قوات الجيش العراقي ، لأن مثل هذا التصعيد يضر وربما يجهض تجربة الأقليم في البناء والتنمية ، وهكذا نلاحظ الخطاب الكوردي الرسمي يسعى الى التهدئة دائماً وفي نفس الوقت يؤكد على عدم الرغبة في الأنفصال عن الدولة العراقية ، وبهذا الصدد يقول السيد فاضل الميراني وهو سكرتير ( حدك) لشبكة شفق نيوز يقول :
(أن "الكورد انتهجوا الخط الوطني وهو مفتاح قوة وتماسك العراق وأي مشروع للتقسيم أو التفكيك مرفوض منا"، مؤكدا "كنا قبل نيسان 2003 مستقلين والتحقنا بباقي العراق طواعية".
واوضح انه "في مرحلة اتفاقية عام 1926 مع تركيا ضمنا بقاء الموصل ضمن جسد هذه البلاد في حين أن القوميين الحاليين ساندوا تركيا في مطالبتها بضم ولاية الموصل" ) .
المراقب للشان السياسي في العراق يلاحظ إن المشاكل تحيط بالحكومة العراقية من كل جانب ، وإن المظاهرات الأخيرة في بعض المدن العراقية ( السنية ) تشير الى تصعيد في النعرة الطائفية تحت مختلف الحجج والشعارات مما يؤدي الى تفاقم الوضع في مختلف انحاء العراق ، وإن على الحكومة ان تتصرف بعقلانية وذكاء وان لا تسعى الى التصعيد إن كان مع اقليم كوردستان المستقر او بخلق مشاكل مع القوى السياسية الأخرى .
د. حبيب تومي / اوسلو في 01 / 01 / 2013

101
حزمة تحديات تنتظر البطريرك الجديد للشعب الكلداني
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
مقدمة
أزعم ان الأسم العربي مقرون بشدة مع الإسلام وكأنهما صنوان لا يفترقان رغم وجود اختلاف شاسع بين المصطلحين ، فالعرب ليسوا جميعاً مسلمين ولا المسلمين جميعهم عرب ، ومع ذلك يصار الى إدماجهم في معادلة واحدة في كثير من المناسبات رغم ان العروبة هي قبل مجئ الإسلام . وهذا ينطبق الى حد كبير الى الشعب الكلداني فثمة رؤية عامة تبين ارتباط اسم القومية الكلدانية مع المسيحية او الكنيسة المسيحية او مع المذهب الكنسي الكاثوليكي ، في حين ليس كل المسيحيين كلدان وليس كل الكلدان مسيحيين ، كما ان الأمة الكلدانية كانت قبل مجئ السيد المسيح وقبل المذاهب المسيحية بطبيعة الحال ، ومع ذلك يصار الى دمجهم في معادلة واحدة في مواقف كثيرة .  
فذلكة تاريخية موجزة
نبدأ حديثنا بالشان الكنسي بأواخر العهد العثماني ونحددها بالقرنين 18 و19 وبداية القرن 20 حيث سقوط الأمبراطورية العثمانية ، وقد اعتمدت هذه الأمبراطورية المترامية الأطراف في حل قضاياها الأثنية والدينية والقومية على نظام عرف بنظام الملل(الأب فينسنزو بودجي ، ص655 من كتاب المسيحية عبر تاريخها في المشرق)* وفي ظل هذا النظام وبتأثير ضغط الدول الأوروبية انتعشت الأقليات في تلك الدولة .
بالرغم من انتشار مختلف الكنائس في الدولة العثمانية إلا ان نظام الملل لم يشمل الجميع حتى اوائل القرن التاسع عشر ، إذ لم يكن هنالك ملل غير إسلامية معترف بها سوى ثلاث وهي الأرمنية واليونانية واليهودية ، لكن بضغط من القوى الأوروبية كما مر قبل قليل ، فقد حصل اعتراف الباب العالي رسمياً بالكيان الخاص للبطريركيات ، فكان بالنسبة للارمن الكاثوليك سنة 1830، والأرمن البروتستانت سنة 1850 وبالنسبة للكاثوليك الكلدان سنة 1861 والسريان الكاثوليك 1866 والروم الكاثوليك سنة 1848 م .. ( كاترين مايور ، المصدر السابق ص 754 ) وتضيف الكاتبة في الصفحة التالية تقول :
 إن الكلدانيين بأصولهم الدينية النسطورية بقوا طويلاً تتجاذبهم بطريركيتان : بطريركية ديار بكر وبطريركية بابل ، وهما تمثلان سلالتين من البطاركة ، ولم تتوحد السلطة الكنسية الكلدانية إلا في عام 1828 ، ويلاحظ في ذلك الوقت انه بدأ عدد الكاثوليك الكلدانيين يتفوق على عدد النساطرة .
بالتمعن في مسيرة البطريركية الكاثوليكية للشعب الكلداني سنلاحظ  ان آخر بطريرك في العهد العثماني كان مار عمانوئيل الثاني توما (1900 ـ 1947 ) الذي نال الفرمان السلطاني عام 1901 واشتهر بمواقفه الإنسانية اثناء الحرب ، كما كان له مواقف وطنية مشهودة اثناء تأسيس الدولة العراقية ، ومسألة عائدية ولاية الموصل ، إذ حث شعبه الكلداني والمسيحيين كافة على التصويت لصالح عائديتها ( ولاية الموصل ) للدولة العراقية الحديثة ، رغم وجود آغوات ووجهاء عرب من الموصل اقترعوا لصالح عائديتها لتركيا ، ونتيجة هذا الموقف الوطني للبطريرك قدرت الحكومة العراقية موقفه الوطني واعترفت بفضله وعينته عضواً في مجلس الأعيان ، فكان للكلدان عضو ثابت في هذا المجلس المتكون من 20 عضواً .
لقد سجل التاريخ لهذا البطريرك مواقف مشرفة منها يوم تدخل في إخراج القوش من محنتها عام 1933 حين تم تطويقها لاجتياحها من قبل القوات الحكومية والعشائر بغية تسليم اللاجئين الآثوريين ، وأجرى اتصالاته السريعة بمصادر صنع القرار في ذلك الوقت ، وحصل من الحكومة العراقية قراراً ينص على  إنهاء الحصار ( فايدوس ) ، وكبح جماح تلك الأزمة التي كانت تؤول نحو كارثة رهيبة .  هنا أقول لمن ينكر هذا الفعل البطولي من ألقوش الكلدانية ، لو كانت آثورية لما طلب اليهم إخراج الآثوريين ، فثمة فرمان بإبادة الآثوريين ، ولم يطبق الفرمان بحق تلسقف او القوش او باطنايا او باقوفا لسبب بسيط جداً وهو ان هذه بلدات كلدانية وليست آثورية .
ونبقى في سجل البطاركة حيث اصبح البطريرك مار يوسف السابع غنيمة من 1947 الى 1958 ، وكان عضواً في مجلس الأعيان من سنة 1951 الى يوم وفاته . ليعقبه البطريرك الألقوشي الكلداني مار بولس الثاني شيخو ( 1958 ـ 1989 ) المعروف بمواقفه الشجاعة في مقارعة رجال الحكم ، ثم كان روفائيل بيدوايد ( 1989 ـ 2003 ) واخيراً البطريرك الكلداني الشجاع عمانوئيل الثالث دلي الذي اعلن استقالته مؤخراً في الفاتيكان ، ومن المقرر أن يجتمع السينودس الكلداني يوم 28/1/2013 لانتخاب خلفاً له .
بعد ذلك نلاحظ
من متابعة مسيرة الشعب الكلداني تحت قيادة هؤلاء البطاركة نلاحظ ان الظروف المحيطة كان لها تأثيرها على المسيرة وهذا شئ طبيعي ، فالظروف السياسية والأقتصادية والأجتماعية في كل مرحلة تركت بصماتها على مسيرة الكنيسة وعلى رأس القيادة في ذروة الهرم التنظيمي ، لكن كمحصلة نهائية كان الشعب الكلداني كمكون مسيحي رئيسي في العراق قد اخذ مكانته التي يستحقها في العملية السياسية إن كان في العهد الملكي او في العهود اللاحقة الى عام 2003م .  حينما سقط النظام وجرى بناء نظام حكم اساسه الأنتماءات الطائفية في البلد ، وجرى ما لم يكن في الحسبان بالنسبة الى شعبنا الكلداني ، فمن ناحية طالته العمليات الإرهابية ، ثم كانت عملية تهميشه في العملية السياسية والقومية وسلب حقوقه في الثروة الوطنية ، إن كان على نطاق العراق او في مجال اقليم كوردستان ، وأصبح شعبنا وكنيستنا تابعين خاضعين لنفوذ احزاب قومية آشورية متنفذة قريبة من دوائر صنع القرار في العراق وفي اقليم كوردستان والى اليوم .
 وتجابه مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في العراق اليوم جملة تحديات  ، ولكي تعود شخصيتها والمكانة اللائقة المحترمة للكنيسة ولشعبها الكلداني الذي يمثل القومية الثالثة في خارطة القوميات العراقية ، فإن البطريرك الجديد يتحمل مسؤولية تاريخية كبيرة فأمامه جملة تحديات ينبغي ان يضطلع بها وحينما نكتب فإن غايتنا هي خدمة وتقوية الكنيسة وشعبها .
وفي هذا المقام لا أرمي الى الخوض في المجال اللاهوتي للكنيسة والسينودس وانتخاب البطريرك في 28 / 01 / 2013 ، فهذا من اختصاص المطارنة الأجلاء والآباء الروحانيين ولا نريد التدخل في هذه الأمور ، لكن نؤكد على دور الكنيسة في الجوانب الأخرى للحياة والتي لها اهمية مصيرية في وجود الكنيسة وشعبها الكلداني في وطنه العراقي ، وفي كل الأحوال لايمكن للكنيسة وللبطريرك المنتخب القادم ان ينأى بنفسه عن هموم شعبه ، فهذه الهموم لا تقتصر على البعد الديني فحسب بل ثمة ابعاد اخرى مهمة في حياة شعبنا كمسالة الهجرة والحقوق السياسية وحصة المكون الكلداني بالثروة الوطنية والمناصب الحكومية وحقوق التمثيل في البرلمانين العراقي والكوردستاني وذلك بطلب لوضع آلية لكوتا كلدانية والمكونات المسيحية الأخرى . ونشير الى عدد من الملفات التي نرى انها ستواجه البطريرك الكلداني المنتخب :
اولاً : ــ
 للوهلة الأولى تكون مشكلة الهجرة اكبر تحدي يواجه البطريرك الكلداني الجديد فهذا الشعب انتشر في اكثر من 20 دولة ، ومع هذا الأنتشار تشعبت مهام الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية الى دول المهجر التي يقطن فيها شعبنا الكلداني ، وتأسست من اجل ذلك ابرشيات متعددة . ومن هنا ينبغي وضع آلية جديدة لإدارة هذا التوسع وهنا اشير الى مقترح الأخ يوحنا بيداويد في مقاله الموسوم : مهمات تنتظر مجلس اساقفة الكلدان و بطريركهم الجديد يقول :
ينبغي ( تأسيس سكرتارية للكرسي البطريركي  بمستلزمات عصرية، من موظفين مهنيين ومسؤول مباشر يكون تابع للكرسي البطريركي ، عمل هذه المؤسسة يكون  توثيق كل السجلات والوثائق و والبيانات والتقارير والمراجعات والخطابات المتبادلة داخل الكنيسة او الكنائس الكلدانية في العالم  التي تسهل عمل الكنيسة الكلدانية وكذلك توثق كل ما يجري فيها امام القانون والمؤمنين.) انتهى الأقتباس
ثانياً : ــ
كتب الأخوة الكتاب عن مؤسسة الكنيسة وشخصوا السلبيات ، وتكميلاً للفقرة اولاً السابقة فقبل ان تلتفت الكنيسة الى ما حولها من المشاكل عليها البداية بالهيكلية الداخلية للكنيسة المعروفة ، تاريخياً ، بمركزيتها الفولاذية، وكانت هذه المركزية مصدر قوة للكنيسة لتصمد بوجه المصائب والنكبات التي تواترت على الكنيسة عبر تاريخها الطويل ، ويقول الأب منصور المخلصي في ( كتابه الكنيسة عبر التاريخ ص 223 ) :
(.. بفضل التنظيم القوي وقفت الكنيسة الكلدانيـــــــــــــــة صامدة في وجه كارثة الإبادة الجماعية التي أصابت الكنيستين الأرمنية والآثورية في بداية القرن العشرين في تركيا ، راح ضحيتها ذبح نصف اعضائهم ) انتهى الأقتباس .
واليوم فقدت الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في العراق ذلك النظام الفولاذي المتسم بالمركزية والطاعة ، واصبحت عبارة عن استقطابات مناطقية تحت تأثيرات جيوسياسية ، مما مهد لضعف العلاقة بين المركز والأبرشيات ، وبالتالي تسبب في ضعف المركزية المؤسساتية وسعي الأبرشيات لنيل قسط كبير من الحكم الذاتي إن صح التعبير .  
ثالثاً : ـ
 بعد الأنتهاء من عملية الأنتخاب ، ينبغي ان يسارع البطريرك المنتخب على تهيئة الأمور بغية عقد سنهودس لحل كل المشاكل الداخلية في الكنيسة ، وتحديد موقف الكنيسة من المكونات المسيحية الأخرى وبناء علاقات ندية معها دون الأنزلاق الى تخوم الخضوع ، فالكنيسة يجب ان يكون لها شخصيتها وكرامتها في الوطن العراقي ولا تقبل بالتبعية للاحزاب القومية الآشورية المقربين من دوائر صنع القرار او غيرها من الأحزاب ، ونحن نحترم هذه الأحزاب بحدود الأحترام المتبادل وليس الخضوع او التبعية لهم فيجب ان تتسم الحدود بيننا بمنظومة الاحترام المتبادل دول إقصاء الطرف الكلداني . وهنا يقول الأخ نزار ملاخا في مقاله الموسوم :
 ماذا نريد وكيف نريد الپاطِرْيَرْك القادم ، يقول :
(يهمني في قائد كنيستي أن يكون مؤمناً إيماناً قاطعاً بأنه كلداني الهوية والأصل، مسيحي الديانة، كاثوليكي المذهب، وهذه لا تتعارض مطلقاً مع بعضها البعض ولا مع الثوابت الدينية والوطنية الأخرى.) انتهى الأقتباس
رابعاً : ـ
إن التحدي الذي يجابه الكنيسة بشكل مستمر هو حاجتها المادية ، وينبغي ان يكون للكنيسة تمويل ذاتي من املاكها ومن المتبرعين من المؤمنين والمنظمات الإنسانية، وأن لا تقبل بمساعدات الأحزاب القومية التي تفرض اجندتها على الكنيسة ، فتفرض عليها الإملاءات مما يفقدها استقلالية قرارها ، وهذا ما حصل فعلاً في علاقة الكنيسة والمجلس الشعبي ، فالمساعدات التي كان يجب ان تكون للبطريركية مباشرة ، وصلت الى ابرشيات الكنيسة في قنوات اخرى ولعبت الولاءات دورها بينما كان يجب ان يكون التمويل على شكل مؤسساتي شفاف . ولا شك ان ملف التمويل هو من الملفات المهمة التي ينبغي على البطريرك الجديد القيام به دون إبطاء .
خامساً : ـ
الوقوف الى جانب الشعب الكلداني ومنظماته وأحزابه الكلدانية حين مطالبتهم بالحقوق في وطنهم العراقي ، وهذا ليس تدخلاً في السياسة ، فالبطريرك مار عمانوئيل الثاني توما حث شعبه الكلداني للتصويت لتأسيس الدولة العراقية والى ربط ولاية الموصل بالعراق ، كذلك تدخل في الوقت المناسب بمشكلة الآثوريين حين لجوئهم الى القوش وكان موقفه الفاعل قد انهى تلك المحنة بسلام . إن هذه المواقف وكل من يقف مع شعبه لا يعني انه يتدخل في السياسة , وأقول إن :
                                                                  ((( انحيازك لشعبك ليس اثماً ))).
سادساً :ـ
معضلة تمثيل العلمانيين في السنودس ، وهي مسألة مهمة لإشراك نخبة من العلمانيين من خارج حلقة الأكليروس في السنودس ، وقد ذهب زميلي الدكتور عامر ملوكا في تساؤله المشروع عبر مقاله الموسوم : هل للعلمانيين دور في انتخاب البطريرك القادم ؟ وورد في المقال :
(.. لابد ان يكون للبطرك الجديد رؤية معاصرة وبرنامج عمل كنسي يقترب من هموم الشعب المؤمن ومشاكله ويبتعد كثيرا عن القوالب الكلاسيكية الجامدة ولابد ان تكون هناك رؤى علمانية في حل الكثير من الاشكالات الكنسية ولن يتحقق ذلك اذا لم يعطي دور للعلمانيين في اختيار رؤوسائهم الكنسييين ) انتهى الأقتباس .
في مسالة اشتراك العلمانيين في السينودس اخبرني احد المطارنة الأجلاء إن اشتراك العلمانين في السينودس وحتى اشتراكهم في التصويت في عملية انتخاب البطريرك هو مذكور في القوانين الكنسية وحول هذا الموضوع ايضاً  اشير الى ما كتبه زميلي الدكتور عبد الله رابي في مقاله الموسوم :
الخطوة اللاحقة للكنيسة الكلدانية الكاثوليكية ، يقول :
( واخيرا ليس هدفي من وضع هذه المقترحات امام السادة الاساقفة الانتقاص من افكارهم وشخصيتهم بقدر اني اهدف الى تبادل الاراء ومنح دور للعلمانيين في ادارة المؤسسة الدينية ،فكلما احترمنا اراء بعضنا كلما نميل الى السلوك الحضاري المعاصر والذي يخدمنا في التكيف والانسجام مع متطلبات العصر الدائمة التغير.) انتتهى الأقتباس

سابعاً : ـ
من الملفات المهمة التي تنتظر البطريرك الجديد هو العمل على إعادة الشخصية والهيبة للكنيسة الكلدانية ، إذ ليس من المعقول ان يفلح رئيس حزب قومي مسيحي في إقصاء مرشح الكنيسة لرئاسة الوقف المسيحي والديانات الأخرى ، وبطريقة كسر العظم ، لكي يصار الى تبديله بمرشح ذلك الحزب ( الحركة الديمقراطية الاشورية ) ولهذا ينبغي ان يبادر البطريرك المنتخب الى زيارة المسؤولين العراقيين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس اقليم كوردستان ورئيس وزراء اقليم كوردستان ، وكل دوائر صنع القرار في بغداد وأربيل ، ونقله لهم رسالة مفادها ان الشعب الكلداني له شخصيته وكيانه وقوميته وينبغي التعامل معنا بهذا المنطق ولا نقبل بالذوبان في كؤوس الآخرين .
ثامناً : ـ
 إكمالاً لما ورد في الفقرة اولاً ينبغي ان تعمل مؤسسة الكنيسة على تعميق الأتصال والتعاون مع شعبها الكلداني والوقوف الى جانب نيله لحقوقه بكل شجاعة ، فالشعب الكلداني هو الوحيد الذي ليس له تمثيل في البرلمان العراقي او الكوردستاني ، والسبب هو الهوة الواسعة بين الشعب الكلداني وأحزابه ومنظماته من جهة وبين الكنيسة من جهة اخرى التي تنأى بنفسها من هموم شعبها ، وهذا يخالف مواقف الكنائس الأخرى التي تقف مع شعبها كالكنائس الأشورية والأرمنية والسريانية .
تاسعاً : ـ

اختلف مع الأب الموقر سرمد يوسف باليوس حيث يكتب مقالاً تحت عنوان :
لا يجب الاعتماد على وضع العراق السياسي في اختيار البطريرك الجديد، انه رجل دين وفقط ! وورد في فقرة من مقاله يقول :
(على البطريرك أن يتذكر أنه رجل دين أولا وأخرا وعليه أن يدخل أفقر بيت وان يحب التعساء المبتلين بمشاكل الدنيا من كل قلبه .. وشعبنا المسيحي لا يطالب البطريرك إلا بواجبه المسيحي  والإنساني فقط.) انتهى الأقتباس
كلام جميل بأن على البطريرك ان يدخل افقر بيت وأن يحب التعساء المبتلين بمشاكل الدنيا من كل قلبه .. لكن يا ترى ماذا إذا طلبت السلطات منه ان يعطي صوته للبقاء مع العراق او تركيا؟  كالحالة التي صوت بها البطريرك مار عمانوئيل الثاني توما للبقاء مع الدولة العراقية ، وهل يستطيع ان ينأى بنفسه المطران الذي هو في عنكاوا عن محيط اقليم كوردستان الذي يعيش فيه ؟ وهل يستطيع البطريرك في بغداد ان ينأى بنفسه عن مشاكل تفجير الكنائس وتشريد شعبه من بيوتهم ؟ وان يكتفي بالصلوات والمسائل الأنسانية فحسب ؟
أم يترتب عليه ان يتصل بالمسؤولين ويفضح الأرهاب الذي يطال هذا الشعب ؟ هل يسكت البطريرك عن تهميش حقوق شعبه الكلداني في وطنه العراقي ؟ انا لا استطيع تصور ما يذهب اليه الأب الموقر سرمد يوسف باليوس ، علينا ان نكون واقعيين ، ولو راجعنا التاريخ سنلاحظ ان الكنيسة كانت في قلب الحدث اثناء الحكم الساساني والروماني والبيزنطي والأموي والعباسي والمغولي وبصورة اكثر فعالية في العهد العثماني الذي كان يعطي للبطريرك الإدارة الدينية والزمنية لشعبه . عموماً انا لا اتفق مع الأب باليوس ان يكون البطريرك رجل دين فحسب ،وبالأحرى فان الأوضاع تجبره على ان لا يكون رجل دين فقط .
عاشراً : ـ
اجل ثمة ملفات شائكة تنتظر البطريرك المنتخب منها إصلاح الشأن الداخلي لمؤسسة الكنيسة ، بما يخص الشأن التنظيمي الإداري ، والشأن المالي ، لكي تسود المؤسساتية المتسمة بالشفافية في كل مفاصل الكنيسة ، كما هنالك العمل الشاق في إعادة شخصية الكنيسة ودورها المعروف تاريخياً في الوطن العراقي ، والعمل على توثيق العلاقة بين مؤسسة الكنيسة وشعبها الكلداني ومنظماته المدنية والحزبية ، وهذه ملفات ليست سهلة لكنها ليست مستحيلة إن كان ثمة تعاون وتفاهم بين الكنيسة وشعبها ، وكما قلت في الفقرة السابقة ينبغي الأقتداء بالكنائس الأخرى في العراق .
حادي عشر : ـ
لا ادري ما هي صلاحيتي في تقديم هذا المقترح ، وعلى العموم هو مقترح ليس إلا .
من متابعة مسيرة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانيــــــة نلاحظ إصرار الآباء الأوائل على الأحتفاظ بطقوسهم ولغتهم وخصوصياتهم الوطنية والقومية والأجتماعية ، ولحد اليوم تحاول الكنيسة الإبقاء على طقسها الكلداني وقوانينها الخاصة ، وقد اعترفت روما بهذه الخصوصية وكان ذلك نتيجة ما حققه البطريرك الكلداني مار يوسف اودو الذي رفع صوته ليرفض تطبيق القانون الغربي على الكنائس الشرقية التي تملك قانوناً خاصاً ( المصدر السابق ص222 ) .
اقول :
كان الكاهن بموجب النظام القديم يتزوح ويخلف بنين وبنات ويبني عائلة ، لكن اليوم نلاحظ الآباء الكهنة قد منعوا من الزواج ، ونحن نعيش في هذا العالم المتسم بالأنفتاح على كل جوانب الحياة ، وربما يكون السبب في تقلص اعداد الكهنة في كنيستنا هو عزوفهم عن الزواج بموجب قوانين الكنسية الكاثوليكية ، ويكون انتقالهم الى الكنيسة النسطورية الآثورية بسبب سماحها لهم في الزواج وتكوين أسرة ، لكن ينبغي ان نعلم ان كنيستنا الكلدانية الشرقية احتفظت بكثير من خصوصياتها ، وكان يجب ان تحتفظ كنيستنا بهذه الخصوصية ، فالكاهن المتزوج يكون اكثر اندماجاً في المجتمع ، إنه يعمل على تكوين عائلة محترمة ، ويبقى له ولعائلته مكانة محترمة في المجتمع ، اعتقد ان الموافقة على زواج القساوسة ينصب في صالح كنيستنا الكاثوليكية الكلدانيــــة . لقد التقيت بكهنة متزوجين وعوائلهم في العراق والأردن وأماكن اخرى من الكنائس الأخرى ، ووجدت فيها حالة مقبولة ومطلوبة اجتماعياً ليكون للقس منزلة اجتماعية محترمة إضافة الى مكانته الروحانية الدينية .
إنه مجرد اقتراح ليس إلا .
د. حبيب تومي / اوسلو في 24 / 12 / 12
ــــــــــــــــــ
*الملة تعني كلمة ( Millet ) في اللغة التركية ، أمة ، والصفة (Milli) تعني قومي اي خاص بأمة او شعب و (Milliyet) تعني قومية اما (Milliyetci) فتترجم الى الفرنسية بكلمة (Nationaliste) اي القومي ، اي المؤمن بالقومية . اشتقت الكلمة التركية (Millet) من الكلمة العربية ملة وجمعها ملل ، ومن الأرجح ألا تكون كلمة ملة من اصل عربي بل تعود بدورها الى الى كلمة (Mella) الآرامية .. للمزيد راجع مثال الأب فينسنزو بودجي ، ص655 من كتاب المسيحية عبر تاريخها في المشرق ( مجلس كنائس الشرق الأوسط ) .

102
تعقيب على ما طُرح حول الشهادت الممنوحة من قبل الجامعات المفتوحة
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
مقدمة لا بد منها
مبدئياً انا مع منظومة النقد والنقد الذاتي ولا اتحرج من ذلك ، وسوف اقدم شكري لمن يشير الى ما ارتكبه من الخطأ ، حينما يكون الأمر في دائرة النقد الموضوعي البعيد عن الشخصنة او بجهة تسييس المسائل غير السياسية ، وهنالك كثير من الكتابات تتناول اسم حبيب تومي ، وفي الحقيقة إن كنت متفقاً او معارضاً لتك الكتابات لا احبذ الرد عليها ، لأن عملي سيكون مقتصراً على الردود فحسب ، ولذلك اضع المسألة في قالب آخر ، وهو ان المقال الذي اسطره يمثل رأيي ، وما يكتبه الآخرون فإنه يمثل رأيهم إن كان مع اوضد مما اكتبه .
في الحقيقة ثمة بعض المتربصين بكل ما اكتبه ، وحتى كما قلت في مناسبة اخرى حتى لو ادرجت في مقالي صلاة ( بابان ديلي بشميا .. ) فالكتابات لا تتوقف ، لأن الموضوع فيه  شخصنة واضحة وبتقديري ثمة دوافع سياسية في المسالة ، وهذا امر محزن ان نقف بهذا الشكل ضد اي مظهر من مظاهر الحرية بما فيها حرية الرأي وحرية المعتقد الديني او السياسي او القومي المكفولة للجميع وذلك بإصدار احكام استباقية بالتخوين والتآمر .. قبل قراءة النص المكتوب .
قابلت في وقتها السيد سركيس آغاجان فكانت التهم جاهزة وحيكت مختلف القصص ، وحينما انتقدت الصيغة التي آل اليها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وتحوله الى حزب سياسي ، واسلوب احتكاره وتفرده بالثروة المخصصة للمكون المسيحي برمته ، وجعله من هذه الثروة ورقة ضغط لتحقيق مآرب سياسية ، ارتفعت التخوينات ضدي ، واتُهمنا بالركض وراء الكعكة ، وبدأنا نسمع تهم انفصاليين وانقساميين , وخونة ومتآمرين ، والأنكى من ذلك ان نسمع قذائف الأتهامات تنهال علينا من زملاء لنا ، بالأمس كانوا اشد المدافعين عن الكلدانية وعن المؤتمر القومي والشعب الكلداني والقومية الكلدانية  ... وهم اليوم اشد المناوئين لمن ينادي بالفكر القومي الكلداني الأصيل الى درجة التهجم حتى على الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية التي توحد الخطاب السياسي الكلداني ، انا شخصياً لا اؤمن بهذه الطفرات المفاجئة من خندق الى خندق بجاذبية الفائدة ، ولا اريد النعم التي تنهال علي جراء هذه الطفرات .
كتبت عن إشكالات اراضي شعبنا في اقليم كوردستان ، ولم ارد تسجيل اي بطولة في هذا الصدد سوى تقديم ما يمكنني تقديمه لأبناء شعبنا دون تفرقة إن كانوا اثوريين او سريان او كلدان وحسب إمكانياتي المتواضعة انا الأنسان البسيط ، ومع ذلك فسرت الأمور وكأني اريد ان اسرق الأنجازات العظيمة للاحزاب المنضوية في ما يسمى تجمع احزاب شعبنا الكلداني السرياني الآشوري .  وهكذا لا يسلم ما اكتبه من النقد والتجريح في حالات كثيرة .
خصوصاً إذا تناولت في نقدي حركة الزوعا ، وكأنني كفرت بالمقدسات ، فهذه الحركة مقدسة لا يجوز الإشارة اليها إلا في حالة التقديس .
بعد المقدمة الطويلة المملة اقول :
 لا اريد الشئ الذي لا استحقه ولا اريد امتلاك شئ لا يعود لي هذه هي تربيتي العائلية . في شريط الذكريات يحضرني موقف في عقد الستينات من القرن الماضي ، كنت احمل السلاح في جبال كردستان ، ومررت بالقرب من كرم للعنب ، واردت قطف عنقود متدلي يثير الشهية ، لكن تمالكت نفسي ودخلت الكرم وقصدت الحارس في عرزاله ، بعد السلام قلت له :
هل استطيع ان اقطع شئ من هذا العنب ؟ وقف الرجل مندهشاً ، وقال هل خرجت من الطريق ودخلت هذه المسافة لتقول لي تريد ان تقطع شئ من هذا العنب ؟
قلت له : اجل وإن لم توافق سوف لا امد يدي . وهنا قادني الرجل على دالية ( دليثا ) شجرة العنب . وقطف عنقوداً من اجود ما موجود في كرمه ، وقال انت تستاهل هذا العنقود ، لأنك الوحيد خلال حراستي طول هذا الموسم استأذن بقطع عنقود عنب ، بل إنهم يقطفون ما يشاؤون ويسيرون في طريقهم ، وكأني فزاعة طيور لا حارس الكرم .
اقول لا ادعي اني إنسان مثالي ، ولست معصوماً من الخطأ ، لكن بكل الأحوال لا اريد ان احصل على مكسب دون ثمن ، ولا اريد ان استحوذ على شئ لا يعود لي او لا استحقه ، ولا اريد الحصول عليه بالخداع او بالطرق الملتوية ، هذا هو مبدأي في الحياة ، وفي كل مجالات الحياة إن كانت مالية او علمية او ثقافية او سياسية .... وسوف ابقى على هذا المبدأ طالما بقي قلبي نابضاً .
من خلال متابعتي لردود الأفعال بعد حصولي على شهادة عالية ، استغربت من بعض المصطلحات المستخدمة بيننا ، من قبيل شهادات سوق مريدي ، التزوير ..  فهل يقبل اي فرد مثقف من نخبة ابناء شعبنا يحتاج الى مثل الأمور ليتاجر بها او لكي يحصل على مكاسب ؟ حسناً علق الأخ كوركيس اوراها منصور بقوله :  ان الأسماء (حبيب تومي، ليون برخو، سيزار ميخا وشمس الدين كوركيس) التي وردت في هذا المقال هي اسماء لكوكبة مثقفة من أبناء أمتنا، علينا العمل معها ودعمها لتكون هذه الكوكبة اداة ايجابية لبناء الوطن والأنسان وان يعمل أعضاؤها ليكونوا فريق عمل واحد متضامن لتحقيق اهداف مشتركة ..
أقول :
في مسألة الدراسة عن بعد لا ادري لماذا اثيرت التساؤلات حول ذلك في هذا الظرف بالذات ؟
 في مطاوي الستينات كانت هنالك مدارس بالمراسلة ، وفي الوقت الحاضر مع الثورة التكنولوجية لا سيما في مجال الأتصالات والأنترنيت والفيسبوك ..  أصبح العالم قرية صغيرة ، والجامعات المفتوحة والدراسة عن بعد اصبحت من سمة العصر وهي منتشرة في كل قارات الأرض . بما فيها الدول العربية ومن يريد التحقيق لا عليه سوى الرجوع الى الأخ كوكل ليعرف مدى انتشار هذه الجامعات ( انظر الروابط في اسفل المقال كأمثلة غير حصرية ) .
فإن كانت ظروفك لا تسمح لك بالجلوس على مقاعد الدراسة فإن ذلك لا يشكل سبباً في حرمانك من مواصلة الدراسة ، وكمثل على ذلك ارشد القارئ الكريم الى هذا الأعلان الذي يقول :
تحصل على الماجستير والدكتوراه بالتعليم عن بعد

University of Newcastle
West Coast University
Centeral State of New york University

جامعة نيوكاسيل & جامعة ويست كوست وجامعة سنترال ستيت اوف نيويورك


إذا كنت من الناس الطموحين والراغبين في تحسين مستواهم العلمي ولكنك لا تستطيع أن تجد الوقت الكافي للتفرغ بالكامل للدراسة.
نحـــــن لديــــنا الحـــــــــــــــــل
فعن طريق نظام الدراسة عن بعد الذي تعتمده جامعة نيوكاسيل & جامعة ويست كوست يمكنك الدراسة وأنت في منزلك وفي بلد أقامتك دون الحاجة لتكبد عناء السفر والغربة وتحمل نفقات الإقامة والإعاشة العالية في الدول الغربية ..
تبقى مسألة الأعتراف بالشهادة وتعادلها مسألة ثانية ، فإن كانت شهادات الجامعات المفتوحة غير معترف بها في العراق ، او في دول اخرى فإن الشهادات العراقية لا يعترف بها في الغرب وأميركا ايضاً ويحتاج صاحب الشهادة من الجامعات العراقية الى امتحان ودراسة مستفيضة وتصل  احياناً الى سنين تقارب الدراسة الأصلية في العراق ، وثمة اطباء عراقيين كان لهم عيادات مجازة رسمياً ويعملون في المستشفيات العراقية ، وحينما جاءوا الى دول الغرب لم يسمح لهم حتى بزرق ابرة ، وبعض اصحاب الشهادات بعد ان عجزوا عن تعديل شهاداتهم فضلوا العمل في صنع وبيع البيتزا ولدينا امثلة كثيرة على هذه الحالة .
إن العالم يتطور وحينما كنا نكتب بالقلم والورق اصبحنا اليوم نكتب على شاشة الكومبيوتر ، فلا قرطاس ولا مداد ، وهنا ليس واجبي الدفاع عن الدراسة المفتوحة في العالم ، لكن هذا واقع يفرض نفسه ، فالبداية لم تكن مع حبيب تومي ، وسوف لن تتوقف عنده ، ولكن شخصت قضية حبيب تومي ، وكأنها الوحيدة في المعمورة ، ولم يكن ثمة اي تطرق لهذه الدراسات قبل ان يحصل حبيب تومي على شهادته .
 ثمة ناحية اخرى ينبغي ملاحظتها للاخوة المتابعين للموضوع ، وهي ان نفرق بين الحصول على شهادة في العلوم التطبيقية العلمية كالطب والهندسة والرياضيات والكيمياء والفيزياء ..  وبين العلوم الأنسانية ، كالعلوم السياسية والتاريخ والأجتماع والأنثروبولوجيا والجغرافيا .. فالأخيرة لا تحتاج الى مقاعد الدراسة والمختبرات والتجارب العلمية كما هي الحالة في دراسة الطب والهندسة الألكترونية مثلاً .
تصوري ليكون للحياة معنى وأهمية
بتصوري وهذا ما يخصني شخصياً ، بأنني إن فقدت البصر ، او إذا لم يكن في حياتي هدف فأنني سوف احسب ان الحياة منتهية ، فالأولى تحرمني من القراءة وهذا شئ جوهري في حياتي . والشئ الثاني ان اسعى الى هدف باستمرار اي ان اكون في حركة دائمة وأعاني التعب  وفي صعود دائم . فأنا شخصياً مستقر حالياً اعيش مع عائلتي وبين اولادي وأحفادي في اوسلو ، ولا ينقصني شئ ، لكن اشعر وكأن الحياة بدون هدف تغدو وكأنها سفينة عديمة البوصلة وتائهة في اعالي البحار دون هدف الوصول الى مرفأ ، فلكي يكون للحياة معنى ، وهذا تصوري كما قلت ، ينبغي ان يكون للحياة هدف لكي لا تصبح منتظرة وجبة الغداء وبعدها نومة القيلولة وبتكرار يومي ممل ورتيب  .
حين العودة من الأتحاد السوفياتي بعد انتهاء الدراسة الجامعية ، راجعت جامعة بغداد من اجل إكمال دراسة العلوم السياسية ، وعلمت في وقتها انه يترتب علي ان اجتاز مرحلة دراسية ممهدة لأنني خريج الفرع العلمي ، وإن دراسة العلوم السياسية يتطلب ان يكون الخريج من الفرع الأدبي ، كما ان تعييني بوظيفة في مدينة البصرة ومن ثم عملي في اعالي البحار حال دون تحقيق الهدف .
وبعد تقلب الحياة والركض وراء اسباب المعيشة قد تغلب على الطموحات الأخرى ، الى ان انتقلت للعيش في اوسلو ، وهنا كان لي المزيد من الوقت ، حيث كونت لي مكتبة متواضعة ، وكان لي وقت وفير قياساُ بظروف العراق . وقد خصصت بعض وقتي لكتابة المقالات، واستطعت من تأليف بعض الكتب ، ثلاثة منها مطبوعة ، وبالنسبة للنشاط السياسي ، فإنني ادعم المنظمات والأحزاب الكلدانية ، وبتصوري يترتب على الأنسان ان يقف مع الضعيف دائماً ، والشعب الكلداني هو الوحيد بين المكونات العراقية الذي لم ينال حقوقه لحد اليوم . لقد وقفت مع الشعب الكوردي حينما كان مظلوماً واليوم لنفس السبب اقف مع الشعب الكلداني المظلوم . ومن اليوم الأول الذي بدأت بالكتابة فأنا اسير في نفس الخط ولم تؤثر علي مغريات  الجزرة ولم يخوفني قوة وتهديدات العصا  .

واعود الى موضوع الشهادة ، بعد ان كانت امامي فرصة للحصول على شهادة أعلى ، وعلمت من زملاء لي يدرسون في الجامعات المفتوحة راسلت ، واحدة وهي الجامعة الحرة في هولندا ، وفعلاً بدأت مشواري معهم ، وأرسلوا لي حقيبة دراسية تتكون من عشرة كتب تتناول مختلف جوانب العلوم السياسية ، ومع الحقيبة هوية الأنتماء الى الجامعة ، وفعلاً بعد حوالي ستة اشهر قطعت شوطاً كبيراً في قراءة الكتب وكتابة المواضيع وإرسالها الى الأستاذ المشرف ، لكن الذي حدث كان تلكؤ المشرف ومحاولاتي الكثيرة للاتصال به ظلت دون جدوى ، وتولد رد فعل بحيث عزفت عن مواصلة المشاور مع الأستاذ المشرف . بل عكفت على الأنقطاع عن الجامعة رغم تفهم الأستاذ رئيس الجامعة الموقر لموقفي ، لكن صممت على الأنقطاع ، وربما شكل ذلك الإصرار خطأ مني . المهم قطعت علاقتي مع الجامعة المذكورة وبعد فترة عرفت بوجود الجامعة العربية المفتوحة لشمال اميركا .
واصلت مع هذه الجامعة مع استاذ مشرف ، وبعد ذلك سافرت الىى اميركا ، ومنها الى كندا ، ودافعت عما كتبته حوالي اربع ساعات امام لجنة من الجامعة بغياب الأستذ المشرف ، وكان للجامعة قرارها ، فما هو وجه الخطأ الذي ارتكبته ؟ هل انا مسؤول عن شرعية الجامعات المفتوحة ؟ وأما عن تعديل الشهادة فكل دولة لها قوانينها ، وما قلته عن الشهادات العراقية في اوروبا وأمريكا لهو دليل على ذلك .
 انا لا اطمح الى تعديل شهادتي ، لقد كانت المسالة معنوية ذاتية وتتعلق بحياتي الذاتية في ان يكون لي هدف احققه دائماً ولست مهتماً ان تعترف الحكومة العراقية بتلك الشهادة ام لا ، فانا في سن التقاعد ، وليس لي طموحات مالية او وظيفية لاستلام منصب حكومي ونحوه .  
تحياتي لكل من كتب بهذا الصدد ، لكن كان يجب ان لا يكون في الأمر عامل الشخصنة ، وكان يجب ان يبحث هذا الموضوع منذ ان وجدت الجامعات المفتوحة وليس حينما تعامل حبيب تومي معها . وأقول مع ذلك فإن الأختلاف في وجهات النظر لا يفسد في الود قضية ، فانا لا يتسع صدري إلا لمعاني المحبة والأحترم للجميع ، وأبوابه موصدة بوجه الحقد والكراهية .
واعتذر عن القارئ الكريم حيث لم انشر الموضوع في المنبر الحر لكي لا يصار الى التعليقات عليه فقد أُشبع الموضوع نقاشاً . وانا لست في صدد كتابة المزيد عن الموضوع ، لكن هذا المقال كتبته احتراماً للطروحات التي كتبت مؤخراً بهذا الشان وعبرت فيه عن وجهة نظري .
 تحياتي للجميع .
د. حبيب تومي
روابط بعض الجامعات المفتوحة التي ورد ذكر بعضها في المقال
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%AA%D9%88%D8%AD%D8%A9
http://www.alhuraauniversity.org/
http://www.acocollege.com/aouna/
http://www.et-ar.net/vb/showthread.php?t=7885


103
تقليص حصة كوردستان من موازنة الدولة العراقية ازمة خطيرة تلوح في الأفق
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
رغم مضئ حوالي عشر سنوات على إسقاط النظام ، لا يلوح في الأفق مظاهر عودة الحياة الطبيعية الهادئة والآمنة المبنية على اسس من الديمقراطية ، وما نجده على ارض الواقع ، هو تواتر الأزمات بشكل مستمر ، وكمحصلة لذلك  تتوقف عملية البناء والتصنيع والعمران ، وتوضع العصي في عجلة التقدم العراقية ، فبقي العراق خلال العقد المنصرم يراوح مكانه رغم إمكانياته المالية الهائلة وقدراته البشرية الفائقة ، وفي المقدمة نلاحظ تعثر العملية السياسية العراقية ، والعراق باستمرار يخرج من ازمة ليقع في أزمة اخرى ، وقد نسي المسؤولون في هذه الدولة ان الشعب العراقي انتخبهم ليكون ديدنهم الإخلاص في العمل وخدمة العراق والسعي على تطوره وتقدمه ، وليس خلق الأزمات والتناكف على المناصب ، والسكوت على الفساد ، وجعل البلد وكأنه غابة سائبة ليس فيها امان .
اخطر تلك الأزمات هي التي تخلق مع اقليم كوردستان ، وليس معلوماً ما هو الهدف من ذلك، هل هو انتقام  شخصي ؟  لكون الرئيس مسعود البارزاني طالب بسحب الثقة من دولة رئيس الوزراء نوري المالكي ، وإن خلق العراقيل امام تطبيع العلاقات ووضع نهاية للمشاكل بين المركز والأقليم هي جزء من ذلك الثأر ؟ ام ان المسألة هي العودة الى السياسات القديمة في التعامل مع الأقليم بعقلية شوفينية .
بعد حوالي عشر سنوات على الوضع في اقليم كوردستان وفي المناطق المتنازع عليها ، خطر على بال الحكومة العراقية  ان عليها ان تبسط نفوذها على تلك المناطق ، وهكذا طفت على سطح المشهد السياسي العراقي ازمة تزامنت مع تشكيل قوات دجلة التي رابطت في محافظة ديالى كما اسند لها القائد العام للقوات المسلحة ادارة العمليات في محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى التي تضم المناطق المتنازع عليها ، وجراء هذا الأنتشار حصلت اصطدامات بين قوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة في قضاء طوزخورماتو ، فكان التوتر على اشده بين بغداد وأربيل ، وحصلت تحشدات الطرفين في المناطق المتنازع عليها .
بعد إدراك خطورة الموقف حيث ان الحرب الأهلية باتت وشيكة تطرق الأبواب ، بادرت  تدخلات ووساطات من شخصيات وقوى سياسية عراقية إضافة الى تدخل اميركا بثقلها لأنهاء الخلاف ، وبعد التفاؤل بالخروج من تلك الأزمة التي كادت تدخلنا في حرب أهلية طاحنة ، ھدأت اﻷوضاع نسبﯿا على مﯿدان المواجھة العسكرﯾة بﯿن قوات الجﯿش العراقي والبﯿشمركة الكوردية ، وبعد الخروج من ذلك النفق نجد انفسنا مرغمين في ولوج دهاليز نفق آخر وذلك حينما طالب قﯿادﯾون في ائتﻼف دولة القانون من خﻼل تصرﯾحات صدرت عنھم بخفض حصة كردستان من 17 في المائة إلى 13 – 12 في المائة، وانضم إلﯿھم نواب في كتلة العراقﯿة الحرة .
إن الحجج في هذا الطلب أنهم يريدون في حصة كردستان من مﯿزانﯿة الدولة، فھم ﯾرﯾدون التعامل مع كردستان كمحافظات ولﯿس كإقلﯿم معترف بھ ، وهذا يخالف مواد الدستور الذي نصّ في مادته الأولى على أن "جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق"
 
      
خارطة توضح توزيع المجموعات العرقية والمذهبية في العراق (الجزيرة) من مركز الجزيرة للدراسات حسب الرابط )   
http://studies.aljazeera.net/reports/2012/06/2012616121337228231.htm
وإذا القينا نظرة على نسبة 17% وهي حصة الأقليم من موازنة العراق ، فإن الواقع الحقيقي غير ذلك إذ يستقطع من هذه النسبة  17%  كنفقات سﯿادﯾة وتعوﯾضات الكوﯾت وغﯿرھا، فلن تبقى لكردستان في الحقيقة سوى 13% من الميزانية .
وﯾرى المتحدث الرسمي باسم كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي مؤﯾد طﯿب الذي أشار في تصرﯾح لـجريدة «الشرق اﻷوسط يوم 09 / 12 / 12 » إلى أن ھذه اﻷزمة الجدﯾدة مرشحة للتفجر بشكل أخطر من سابقاتھا، خصوصا أن موازﯾن القوى في ھذه المواجھة
لن تكون متكافئة؛ حﯿث ستكون كتلة التحالف الكردستاني ھي الطرف اﻷضعف بسبب محدودﯾة عدد مقاعدھا داخل مجلس النواب إذا ما أثﯿرت ھذه المسألة ھناك.
وأشار المتحدث إلى «أن ھناك محاوﻻت متواصلة لتأجﯿج الشارع العراقي وتألﯿبھ على إقلﯿم كردستان،والسعي ﻹفھام ھذا الشارع بأن اﻹقلﯿم ﯾأخذ أكثر مما ﯾستحق من أموال الدولة، وأن التقدم والنھضة العمرانﯿة التي ﯾشھدھا اﻹقلﯿم ھو على حساب العراقﯿﯿن اﻵخرﯾن، وھذا بحد ذاتھ تھرب من مسؤولﯿة الحكومة عن التزاماتھا بإعادة إعمار البلد؛ ﻷن الموارد المتاحة أمام تلك الحكومة ھي أكثر بكثﯿر مما تخصص ﻹقلﯿم كردستان، وبإمكان تلك الحكومة لو كانت لدﯾھا إرادة فعلﯿة لتحقﯿق النھضة التنموﯾة والعمرانﯿة في العراق أن تفعل مثلما فعل اﻹقلﯿم، فھي لدﯾھا نفس وزاراتنا ونفس إمكاناتنا .. ( انتهى الأقتباس ) .
إن العرب والأكراد والكلدان وسائر المكونات الأخرى شريكة في الوطن العراقي ، وينبغي على الجميع المساهمة في بناء وتقدم هذا البلد ، وإن الأكراد يقومون بعمل جيد في تعمير اقليم كوردستان ، وانا لست كردياً ولست عربياً بل قوميتي هي القومية الكلدانية وأقف على مسافة واحدة من العرب والأكراد ، ولكن الحقيقة يجب ان تقال :  
الأكراد يعملون على بناء وتطوير اقليم كوردستان بهمة ونشاط ، ومن الطبيعي ان هذا الأقليم هو جزء من العراق ، فلماذا الغضب من استقرار وامن الأقليم ؟ وحينما يكون اقليم كوردستان منطقة آمنة وهادئة ومستقرة يشعر الأنسان بأهمية الحياة وعظمتها ، ولهذا نتمنى ان يكون العراق برمته هادئاً ومستقراً وآمناً وديمقراطياً وان يمنح حقوق الشعب الكلداني المسلوبه في وطنه العراقي ، وإن يشعر الأنسان العراقي بأهميته في الحياة وعظمة هذا الأنسان الذي بنى وشيد الحضارات ، وسن الشرائع والقوانين الأولى في الكون ، وقسم الوقت وبين مواقع الكواكب والبروج السماوية هذا هو العراق بلاد الكلدان ، الذين ازدهر العراق اثناء حكمهم .
 نحث حكومتنا المنتخبة ان تعمل على تطوير ونهضة العراق وعلى ترسيخ الأسس الديمقراطية للحكم ، وان تعمل على تعايش وتسامح الأطياف المجتمعية الجميلة ، وان توثق الأخوة والتسامح بين هذه المكونات ، وتنأى بنفسها عن تسليح العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها .
 إن العراق هو وطن الجميع ، والحكومة هي حكومة الجميع ، ورئيس وزرائها هو رئيس كل العراقيين إن كانوا من العرب او الأكراد او الكلدان او التركمان او السريان او الآثوريين او الأرمن او من المندائيين او الأزيدية او او من المسلمين من السنة او الشيعة او من المسيحيين او من الشبك او الكاكائيين .. وعليه ان يعمل على تقوية لحمة هذه المكونات لا ان يبددها ويعمل على إضعافها ، على الحكومة ان تمنح الجميع حقوقهم المشروعة بما فيها حقوق الشعب الكلداني المظلوم في وطنه العراقي .
إن خلق الأزمات مع كوردستان ليس في صالح العراق ، وإن الثروات التي تبخل بها الحكومة العراقية على اقليم كوردستان ، وتريد تصعيد الموقف معها وربما تتطور الأمور الى حرب اهلية ، فإن عوائد النفط العراقية التي ليس للعراق واردات اخرى غيرها ، فسوف يبدد  تلك المبالغ الهائلة على الأسلحة والأعتدة والخدمات اللوجستية ، فلنوفر تلك المبالغ للبناء والتعمير بدل تبديدها في الحروب والمعارك ، ولدينا تجارب مريرة من نتائج تلك الحروب ، فلتمنح كوردستان حصتها الكاملة ولتنسحب قوات دجلة من تلك المناطق لكي نعمل جميعاً على بناء العراق العظيم بدلاً من تهديمه .
د. حبيب تومي / اوسلو في 11 / 12 / 12
 

104
إشكالية اراضي شعبنا في اقليم كوردستان تحظى باهتمام القيادة الكوردية بغية حلها
بقلم : د. حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
كنت قبل مدة قد سطرت مقالاً عن مشكلة اراضي شعبنا في اقليم كوردستان ، وقد شخصت في وقتها مشكلة  الأراضي في قرية كوري كافانا وتحت عنوان :
 الأستاذ نيجيرفان البارزاني إن كوري كافانا قرية الشهيد هرمز ملك جكو امانة في اعناقكم ، وحين قدومي الى العراق ، لا حظت وجود اهتمام خاص بما ورد في المقال ، وقد علمت ايضاً من بعض المصادر المطلعة ان لجنة رفيعة المستوى تشكلت بأمر من الرئيس مسعود البارزاني لدراسة الموضوع ووضع الحلول اللازمة لحل تلك الإشكالات على اسس من العدالة والأنصاف لكل الأطراف .
لا شك ان اقليم كوردستان لا يمكن ان يقبل بإجحاف او غمط حقوق  او إلحاق الضرر باي مواطن كوردستاني فالقانون ينبغي ان يكون الفاصل بين كل الأطراف وفي مسالة الأراضي التي تعود لأبناء شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين في الأقليم او في المناطق المتنازع عليها ، وحينما وجدت قبول واستعداد لحل إشكالية الأراضي في قرية كافانا الآشورية فرأيت من الضروري طرح شكاوي مقدمة من قبل ابناء شعبنا الكلداني ايضاً لوجود تجاوز على اراضيهم في القرى الكلدانية ، وأعتقد يمكن حل جميع هذه الإشكالات لإزالة جميع الشكوك والظنون بوجود المظلومية على شعبنا الكلداني بجهة التصرف او التجاوز على اراضيهم . وبمقدوري العمل على ايصال تلك المشاكل الى اللجنة المشكلة لحل إشكالية اراضي كوري كافانا ، ليصار الى حل كافة المشاكل المشابهة في بلدات وقرى شعبنا المسيحي في اقليم كوردستان او في المناطق المتنازع عليها .
 بهذه المناسبة ينبغي الإشارة الى النقاط التالية لكي تؤخذ بنظر الأعتبار حين يصار الى حل اي إشكالية تتصل بهذه المسألة الحساسة .
اولاً :
 إن القرية حينما تتوسع وتبلغ بيوتها عدداً محدوداً يؤهلها لكي يكون لها بلدية ، فيصار الى إطفاء أراضي من هذه القرية لبناء المشاريع الخدمية والسياحية كالمدارس والمستشفيات والملاعب الرياضية وشق الطرق وبناء الجسور ... الخ وأعتقد يحدد عدد البيوت في القرية التي يكون فيها بلدية بـ 500 بيت ، ولا شك ان تطور القرية من حالة من الأهمال الى وجود بلدية تعني بالخدمات هو حالة حضارية مطلوبة ، وربما يكون من المطلوب بجعل القرية الى بلدية حينما يتجاوز بيوتها مئة بيت لا اكثر ، فتقديم الخدمات حالة ضرورية ومن متطلبات التطورات العصرية والتقدم الحضاري ، وهذه رؤية شخصية في صيغة مقترح .
ثانياً :
 إن إطفاء جزء من اراضي القرية للخدمات العامة لا يجري اعتباطاً وعشوائياً بل يصار الى تعويض لمن يدعي بملكية هذه الأراضي ، ومن الطبيعي ان يكون التعويض على درجات ، وبحسب تصوري ثمة نسب لتعويض الأراضي إن كانت زراعية او صخرية او او شيد عليها ابنية ومنشآت ، هكذا يكون قرار التعويض او عدم التعويض مرتبط بالأنظمة والقوانين المتبعة والتي تسري على الجميع .
ثالثاً :
ينبغي الأخذ بنظر الأعتبار الأوضاع السياسية التي مرت بالبلد، فنجم عن مخلفات النظام السابق مثلاً ، الذي حاول بكل الطرق إحداث التغيير الديموغرافي منطلقاً من توجهات قومية ، وأخرى امنية تصب في حماية النظام من اي تحرك شعبي ، فمثلاً كان هنالك تهديم قرى كوردية على الشريط الحدودي مع ايران وترحيل اهاليها الى مجمعات سكنية مشيدة لهذا الغرض ، وقد نجم عن ذلك التخبط مختلف المشاكل الأجتماعية ، كما كان هنالك ايضاً حملات لنقل عوائل عربية الى كركوك ومناطق اخرى ، وجرى تفكيك ارتباط وحدات إدارية من هذه المحافظة او تلك وإلحاقها بمحافظة اخرى لأسباب غير معلنة لكنها معروفة وهي إحداث تغيير ديموغرافي في البنية السكانية ، وهكذا اختلط الحابل بالنابل كما يقال ، ويتحتم على الحكومات اللاحقة تحمل اعباء تلك المعضلات وتداعياتها الأجتماعية والثقافية وما نجم عنها من احتقانات مجتمعية كان العراق في غنى عنها لولا تلك السياسات القومية ذات التوجه الإقصائي .
هكذا في اقليم كوردستان تبذل جهود من اجل حل تلك الإشكالات ، لكن وجد ان افضل طريق هو سياسة الأعتراف بالأمر الواقع ، بعد مضئ عقود من الزمن على تلك التغييرات وترك موضوع العودة ليكون اختياري وليس قسري ، وفي الوقت ذاته ومع الأعتراف بذلك الواقع ، ينبغي عدم إهمال من لحق بهم الأضرار بغية الأعتراف  وقبول تلك الحالة من الأمر الواقع .
رابعاً :
من خلال اختلاطي بالكثير من الأصدقاء المثقفين في مدينة عنكاوا ، ثمة شريحة كبيرة تبدي تذمرها من الواقع المعاش بعد ان اصبح العنكاويون اقلية في مدينتهم عنكاوا ، وهذا موضوع طويل لا اريد الدخول فيه لأن أهل عنكاوا ادرى بشعابها اي مشاكلها ، لكن كقضية عامة التي تشمل ابناء شعبنا الكلداني ، لا ريب ان موقع المدنية والطفرة العمرانية التي حصلت قد بدل وجه المدينة في مسألة التركيبة السكانية .
كما ان هنالك عنصر مهم كان له تأثير كبير على ديموغرافية هذه المدينة وهو الهجرة التي سلكها اهل المدينة الى دول المهجر ، فكانت فرصة سانحة لإملاء الفراغ من قبل الشرائح الأجتماعية الأخرى إن كان من العرب او من الأكراد اي من المسلمين او من المسيحيين ، وكان ثمة اسباب اخرى وهي توزيع اراضي هذه المدينة دون ضوابط ودون مراعاة وجهها الكلداني المسيحي ، بل كانت النوايا مسح الوجه الكلداني لهذه المدينة مهما كان الثمن والى اليوم تلك الجهود مستمرة تحت غطاء المكون المسيحي الواحد والذي يصار الى جعل القومية الكلدانية كبش فداء لتلك الوحدة المزعومة ، وكأن الوحدة المسيحية لا تتم إلا بدفن القومية الكلدانية الأصيلة .
 والشئ بالشئ يذكر فما اشبه اليوم بالبارحة حيث تكرار الحالة  اليوم ما حدث بالأمس القريب مع مدينة تلكيف التي هجرها اهلها ، وأصبحت بمرور الزمن مدينة عربية إسلامية بعد ان كانت مدينة كلدانية مسيحية .
إن الشئ المطلوب اليوم من يدعي الأعتزاز بالوطن وأرض الآباء ان نعمل على الأحتفاظ بما هو موجود ، اي ما تبقى ، خشية ان يضيع هذا الواقع ايضاً اي يضيع الخيط والعصفور كما يقول المثل العراقي .
اقول :
في اقليم كوردستان قيادة متفهمة وتريد العيش الكريم للجميع وإنها تعمل على إغناء هذا التنوع وتنمية وتشجع سياسية التعايش بين المكونات الكوردستانية دون تمييز او تفرقة ، وفي المسألة الحساسة المطروحة اليوم وهي مسألة الأراضي فيمكن حلها بالطرق القانونية وتحت مظلة العدالة ودون ان يكون ثمة طرف متضرر ، ويمكن ايصال كل الطروحات والأعتراضات الى الجهات المختصة بالطرق الأصولية  للتداول في شأنها لكي يصار الى حلها على أسس من العدالة مع مراعاة ظروف التطور والتقدم في البلد .
ومن يريد مراسلتي لهذا الغرض فإن ايميلي مذكور في مقدمة المقال كالمعتاد .
د. حبيب تومي / القوش في 30 / 11 / 12


105
هذه الصورة لا تليق بموقع عنكاوا الجميل
الأخوة في إدارة موقع عنكاوا المحترمون
تحية واحترام
 اولاً :
هل ثمة تفسير لماذا تكون مقالات الأخوة الكتاب ( ابرم شبيرا ، جورج هسدو ، شوكت توسا ) وهم كتاب معروفين بدفاعهم عن خطاب الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) ، لهؤلاء الأفضيلة بشكل مستمر بوضع مقالاتهم في رأس المقالات المنشورة في الصفحة الأولى في حين المقالات الأخرى خاضعة لنظام (الكيو: الدور)  بينما هؤلاء لهم الأفضلية بشكل مستمر ودون استثناء .
ثانياً :
 موقع عنكاوا لا يفرق في نشر الأخبار لكن في مسألة المقالات ، كما مر في الفقرة السابقة هنالك تفضيل للبعض وهنالك حجب مقالات للكتاب الكلدان وكمثل غير حصري مقالات الكاتب الكلداني الشماس كوركيس مردو .  
ثالثاً :
 حبذا لو اعرف سبب واحد لحجب مقالي الأخير الموسوم : الشعب الكلداني يرحب بالقانون القاضي بمنع إكراه العراقي على تغيير قوميته
هل ثمة كلمة او عبارة تعتبر إساءة لجهة ما ، وهل فيه حرف واحد للنقاش حول التسمية ؟  ، إن المقال هو دفاع عن حقوق الشعب الكلداني ، فهل هنالك إساءة لطرف معين بهذا الدفاع ؟ لماذا يمنع علينا الدفاع عن حقوق شعبنا الكلداني وتاريخه وقوميته ، وبالمقابل ليس لكم اي خطوط حمراء لكتاب الزوعا ؟ بل هم المفضلين دائماً ، هل اصبح ذكر اسم الشعب الكلداني وتاريخه والدفاع عنه  من الممنوعات لا يجوز تداولها في مقالاتنا ، وهل اصبح خطاب المجلس الشعبي وخطاب الزوعا هي التي تمثل مصلحة شعبنا ، وهل اصبح الفكر الإقصائي من ضروريات المرحلة وفي مصلحة شعبنا المسيحي ؟
رابعاً :
 تسمحون على موقع عنكاوا بمقالات فيها عناوين تهكمية ومقززة ، ومنها مقال بعنوان تخرصات حبيب تومي ، هل الدفاع عن حقوق الشعب الكلداني هو تخرصات ، وإنكم تسكتون على هذه المقالات الأستفزازية ولا تحركون ساكناً مع انها منشورة في ثلاث اماكن من موقع عنكاوا ، وكما اعلم ان ذلك يخالف قواعد النشر ، لكن الإدارة مع الأسف لا تحرك ساكناً .
شخصياً ارى إن كان حجب مقالي الأخير إن كان من قبل مسؤول المنبر السياسي فقط فإنه مسؤول منحاز لطرف معين ضد طرف آخر ، وإن كان هذا قرار الحجب قد اتخذته هيئة التحرير مجتمعة فأقول مع احترامي لكم جميعاً بأن هذا انحياز واضح وضوح الشمس لطرف ضد طرف آخر ، وهذا لا يليق بموقع عنكاوا العتيد .
تحياتي
د. حبيب تومي

106
الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية تقرر عدم الأشتراك في انتخابات مجالس المحافظات
لا ريب ان تمثيل الشعب الكلداني في مجالس المحافظات يحمل اهمية كبيرة ، وإن الأشتراك في عملية الأنتخابات والمساهمة فيها هو الطريق السوي والديموقراطي لبلوغ عضوية تلك المجالس المهمة ، لكن بالنظر الى ما يتعرض له شعبنا الكلداني ومنظماته وأحزابه من تهميش وسلب حقوقه القومية والسياسية والمالية التي يستحقها من ثرواته الوطنية كمكون عراقي اصيل ، إذ غابت العدالة في توزيع الثروات ، وتحت تأثير هذا الواقع قررت الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية الأمتناع عن طرح قائمة كلدانية تخوض الأنتخابات بشكل مستقل في انتخابات مجالس المحافظات المزمع إجرائها  في نيسان عام2013م .
إن هذه المقاطعة تتعلق باسباب ذاتية ولا تشكل موقف سياسي محدد من تلك المجالس أي ان الأحزاب في الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية لا تقف سلبياً من عملية الأنتخابات بل تحث ابناء شعبنا الكلداني الى المساهمة والتصويت لأبناء شعبنا الكلداني المرشحين ضمن الكتل والأحزاب السياسية العراقية في مختلف المحافظات .
د. حبيب تومي / الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية
الحزب الديمقراطي الكلداني
المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد
الحزب الوطني الكلداني
[/b]

107
الشعب الكلداني يرحب بالقانون القاضي بمنع إكراه العراقي على تغيير قوميته
بقلم : د. حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
يكاد العصر الراهن بأفكاره الإنسانية المتنورة يضع اللمسات الأخيرة لدفن كل انواع الأفكار الشمولية الإقصائية إن كانت قومية او دينية او اثنية او مذهبية او سياسية ، والمكان المناسب لتلك الأفكار الشوفينية كان مزبلة التاريخ ، وبئس المصير ، لكونها سببت للإنسانية الكثير من الحروب والماسي والأهوال ، فأصبح ترويج تلك الأفكار الإقصائية يعني الخروج عن النمط المعتاد . فاليوم ثمة افكار جديدة لإعادة تعريف الأشياء ، فتلك الأفكار التي كانت توصف بأنها أفكار ثورية ملهمة لم تعد اليوم كذلك فهي أفكار عنصرية إقصائية يخجل اصحابها من ترويجها في الدول الديمقراطية .
 نحن المخضرمون عانينا من الفكر الديني المسيّس الذي يستخدم  المقدس لتحقيق اهداف غير مقدسة ، كما تحملنا كابوس الفكر القومي العروبي الذي حاول الإجهاز على كل التنوعات في الوطن العربي ليمحي كل اثر للثقافات واللغات والقوميات والأطياف غير العربية ، بغية بعث مفهوم الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة ، وهكذا كان تعريب كل ما ليس عربي في الرقعة الجغرافية الواسعة من المحيط الى الخليج ، فكانت كل الإمكانيات تسخر من اجل خلق مجتمع عربي متجانس لا شائبة تشوبه ، إن كل من يخالف ذلك التجانس هو عميل الأستعمار واسرائيل  لأنه يسعى الى تفرقة الأمة العربية الواحدة .
وفي ظل ذلك التيار القومي الثائرالمتسم بالعنف والإكراه لكل من يعارض او يخالف النظرية القومية حاولت الشرائح القومية غير العربية، والضعيفة منها بالذات ،والتي لا حول ولا قوة لها من مسايرة الظرف وتحملت الضيم والتسليم بالأمر الواقع ، والبعض الأخر قاوم بضراوة عملية التعريب والصهر وكان الأكراد من الأقوام التي لم تنحي للعاصفة ،فقاومت وناضلت ضد عملية الصهر القومي وكان نضالهم المسلح الذي تبلور تحت زعامة القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني .
إن ما هو معروف ان الفكر القومي العروبي يتسم بشئ من المغالاة فهو لا يصور ولا يقبل وجود افكار او مشاعر او حركات قومية غير عربية ، لكن الفكر القومي العربي كان يقبل الأختلاف الديني وكان ثمة قبول محدود للمسيحيين واليهود والمندائيين والإيزيدية في الإطار الديني ، ويتمتع هؤلاء بقدر مناسب من الحرية الأجتماعية والدينية ، إلا في بعض الظروف الأستثنائية ، فعلى سبيل المثال استمر ذلك القبول لليهود طالما بقي هؤلاء مؤطرين في البعد الديني والطائفة الدينية اليهودية ، ولكن هبوب رياح الفكر القومي على اوروبا كان له التأثير على الفكر القومي اليهودي لتبعث عندهم الروح القومية الذي تزعمته الحركة الصهيونية العالمية ، والتي نادت بوطن قومي يهودي على اساس قومي  وليس على اساس ديني ، وجرى جمع شتات وشظايا اللغة العبرية المنتشرة في دول الشتات ، وجرى بعثها من جديد في الدولة العبرية الحديثة ، اسرائيل ، فتقاطر اليهود الى اسرائيل من مختلف اقطار العالم تحت تأثير النزعة القومية اليهودية ، وقد جذب الشعار شرائح كثيرة من الشباب اليهودي الى تلك الأرض لتكوين الدولة الأسرائلية والتطوع للدفاع عنها .وهكذا كان الهجرة اليهودية الى اسرائيل من مختلف اقطار العالم بما فيها القادمين من الدول العربية والعراق بشكل خاص وذلك ابتداءاً من اواخر عام 1948 او اوائل عام 1949 م .
وكما مر آنفاً فإن الفكر القومي العربي يشجع بشكل واضح الوجود الديني منه المسيحي والأيزيدي والمندائي واليهودي وبالطبع الإسلامي ، وحتى حين منح الحقوق السياسية للمكونات العراقية فقد منحت كوتا على اساس ديني فكان هنالك كوتا مسيحية بدلاً من الكوتا القومية ، وقد هللت الأحزاب الآشورية  للكوتا الدينية المسيحية وخامرتهم نشوة جامحة حين تصور وجودهم قريبين من مراكز صنع القرار ، مخمورين بنشوة النصر ووضع زمام مصير المسيحيين بايديهم ، وأهم من كل ذلك حرمان الكلدانيين من حقوقهم القومية لتخلو الساحة لهم للهيمنة على مصائر المسيحيين قاطبة ، فالكوتا القومية كانت تعني ان حصة الأسد هي من نصيب الشعب الكلداني وقواه السياسية والقومية ، ومع الأسف إن ما ترشح من سير الأحداث والوقائع فإن الفكر الآشوري الذي تجسده الأحزاب الآشورية القومية لم تكن اقل مغالاةً وتعصباً من الفكر القومي العروبي الإقصائي .
قبل ايام وافق البرلمان العراقي على قانون يكاد يكون مخصصاً لمناصرة الشعب الكلداني المظلوم في العراق ، لقد كانت التفاتة مهمة من قبل مجلس النواب حينما اصدر قانون منع اكراه العراقي على تغيير قوميته ، وهذا القانون ينطبق على الشعب الكلداني فقط، فالجميع حقوقهم مضمونة باستثناء الشعب الكلداني المظلوم الذي تسلب حقوقه في وطنه العراقي .
 الشعب الكلداني يجب ان يكون سيد نفسه وإن لا يكون خاضعاً او تابعاً لكائن من كان تحت تبريرات مؤدلجة من خلق مجتمع مسيحي متجانس ( ذريعة وحدة شعبنا لسلب حقوق الكلدان والسريان ) ، إن وحدة المسيحيين لا تعني إلغاء القومية الكلدانية ، وتبديلها بتسمية قطارية مشوهة ، وذلك تحت تأثير احزاب آشورية قريبة من مصدر صناعة القرار ، هكذا جاء هذا القانون منصفاً للشعب الكلداني ، حيث تجري محاولات يائسة لإلغاء تاريخ ووجود الشعب الكلداني .
إنها مفارقة غريبة ان تجامل احزاب عربية وكوردية الأحزاب الآشورية ، وأن تصدق الكذبة الساذجة التي تقول ان الكلدانية هي مذهب مسيحي ، حقاً إنها مفارقة عجيبة ان تصدق تلك الأحزاب العريقة والمعروفة بنضالها ان تصدق مثل هذه الكذبة وان تقبل تلك النكتة المقرفة ، التي تبعث على التقيوء .
 لقد صدر يوم الأثنين 12 تشرين الثاني 2012

(( رئاسة الجمهورية
بناءاً على ما اقره مجلس النواب وصادق عليه رئيس الجمهورية واستناداً الى احكام البند (أولا) من المادة (61) والبند (ثالثا) من المادة (73) من الدستور
صدر القانون الاتي :

رقم ( ) لسنــة2012
قانون منع اكراه العراقي على تغيير قوميته

المادة ـ 1 ـ يمنع اكراه العراقي على تغيير قوميته الى قومية أخرى لأي سبب كان سواء كان الاكراه مادياً أو معنوياُ.
المادة ـ 2 ـ يعاقب بالسجن كل من خالف أحكام المادة (1) من هذا القانون.
المادة ـ 3 ـ يلغى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 850 في 27/11/1988.
المادة ـ 4 ـ ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

الأسباب الموجبــــة
ترسيخاً لمبدأ المواطنة والمساواة وكون القرار يتعارض مع الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور.
شــرع هذا القانــون )) .
ان الأسباب الموجبة الواردة في هذا القانون واضحة وضوح الشمس فإن إجبار او إكراه فرد او قوم على تغيير قوميته يعتبر مخالفاً للوائح حقوق الإنسان ويتنافى مع مبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين .
مع هذا القانون الواضح هل ستتعظ الأحزاب الآشورية ، في مقدمتها حركة الزوعا والمجلس الشعبي والحزب الوطني الآشوري وغيرها من الأحزاب القومية ؟ هل ستتخلى هذه الأحزاب عن مغالتها القومية الإقصائية بحق الشعب الكلداني وقوميته الكلدانية الأصيلة ؟ أم ستظل على نهجها الأقصائي مخالفة القوانين العراقية .
وماذا عن الأحزاب الكلدانية المنزوية تحت لواء ما يسمى بتجمع احزاب شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين ، هل ستبقى هذه الأحزاب تلهث وراء سراب إلغاء القومية الكلدانية من الدستور العراقي بعد ان عملوا على إلغائها من مسودة دستور اقليم كوردستان ؟
اليوم رغم الظلم والإجحاف بحق الشعب الكلداني بسلب حقوقه القومية والهيمنة على حصته من الثروة الوطنية بحجة وحدة شعبنا ، ونحن شعب واحد .. الخ فلهم كل الثروة ولاشئ للشعب الكلداني ومنظماته واحزابه سوى لمن ينكر قوميته الكلدانية ودائماً نقرأ عن تبريرات لهذه المواقف الغريبة فالفكر الإقصائي دائماً يجد له حجج ومبررات .
حزب البعث العربي الأشتراكي كانت له أطروحة الأمة العربية الواحدة ذات رسالة خالدة من المحيط الى الخليج ، وكمال اتاتورك جعل كل من يعيش ضمن الجغرافية التركية بأنه من القومية التركية فالأكراد مثلاً هم اتراك الجبال لا اكثر وكانت الذريعة ايضاً هي خلق مجتمع متجانس ، واليوم الأحزاب الآشورية ومن يسير في ركبها تبعث لنا نفس النظرية الأقصائية بحجة   إننا شعب واحد ونحن شعب مضطهد فكلنا قومية واحدة وسوف تهبط النعم علينا حينما نعترف بالوجود الآشوري قومية لنا جميعاً ، وننفي او نقزم المكونات الأخرى الأصيلة كالشعب الكلداني العريق إذ توصف القومية الكلدانية العراقية بأنها عبارة عن مذهب كنسي لا اكثر .
أقول :
ثمة دائرة واسعة ، وتتسع بمرور الأيام ، من الكلدان الغيارى ، بينهم كتاب ومفكرين وأساتذة ورجال دين وأكاديميين وشعراء وأدباء وفنانين وأطباء ومهندسين وفلاحين وطلاب وعمال .. وثمة منظمات مجتمع مدني ومنظمات خيرية وإنسانية وأحزاب كلدانية قومية وسياسية ، وهنالك الطبقة الصامتة من الشعب الكلداني كل هؤلاء يعتزون ويفتخرون بقوميتهم الكلدانية . ألا ينبغي مراعاة مشاعر هؤلاء جميعاً ؟
اليس الإنسان حراً في معتقده وفي انتمائه الديني والسياسي والمذهبي والقومي ؟
فلماذا محاولات إلغاء التاريخ ؟
وماذا بعد سن هذا القانون الواضح الذي يحمي المواطن من الفكر الإقصائي ؟
وماذا عن الأحزاب الكلدانية التي خضعت لذلك الفكر الإقصائي هل سيسلكون اسلوب النعامة وكأن الأمر لا يخصهم ؟
نتمنى ان يكون هذا القانون العراقي الأصيل فاتحة خير بنننا بحيث يجري التفاهم والأحترام المتبادل وقبول الآخر ( الكلداني)  الذي يفتخر بقوميته الكلدانية .
 تحية للبرلمان العراقي وهو يقرر هذا القانون الذي يحترم إنسانية الأنسان العراقي ، ويحترم شعبنا الكلداني ومشاعره القومية الكلدانية .
د . حبيب تومي / في 28 / 11 / 12


108
التصعيد ضد اقليم كوردستان عودة الى سياسة القمع التعيسة  
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
بلاد ما بين النهرين ( ميسوبوتاميا : Mesopotamia ) وما اطلق عليه في العصر الحديث "العراق " وأنا اطلق عليه الوطن العراقي ، فإن هذه الرقعة من الأرض والتي بنيت فوقها حضارات متطورة قبل آلاف السنين ، قد اصبحت  بعد سقوط الدولة الكلدانية عام 539 قبل الميلاد على يد قورش الفارسي ، ارض تابعة لمختلف الغزاة المحتلين على مر العصور ، فلم تشهد هذه الأرض الأمان والأستقرار فتوالى عليها المحتلون :
 الأخمينيون 539 ـ 331 ق. م .
السلوقيون 331 ـ 135 ق. م .
الفرثيون 135 ق. م ـ 226 م .
وبعد ذلك جاء الساسانيون ثم العرب المسلمون الذين اصبحوا اهل البلد والعراقيين الأصليين اصبحوا في وطنهم العراقي مواطنين من الدرجة الثانية والى اليوم ، ومن هؤلاء السكان الأصليين الذين احتفظوا بدياناتهم القديمة وهم اليهود والمسيحيون منهم الكلدان والسريان والآثوريين والأيزيدية والصابئة المندائيين والكاكائيين والشبك .
هكذا شكل العراق العربي المسلم مثال غير ناجح للتعامل مع المكونات العراقية  من اتباع الديانات غير الإسلامية والقومية غير العربية كالأكراد والكلدان والسريان والأرمن والآثوريين ، ودأب العراق لمدة عقود من الحكم الملكي وبعد ذلك ما اطلق عليه في العصر الجمهوري حيث اصبح العراق ساحة للقتال والمناوشات العسكرية بين فصائل من الثورة الكوردية الذين عرفوا بقوات البيشمركة ، لقد كانت حدة المعارك بين مد وجز لتؤول الأوضاع في نيسان عام 2003 الى سقوط النظام الدكتاتوري ، واعتقدنا اننا طوينا صفحة الصراعات والسياسات الطائشة في العراق ، وإننا سوف نعيش في بحبوحة من العيش في واحة الديمقراطية والليبرالية والعلمانية وسوف نتنافس مع اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة على المراكز الأولى في الصناعة والتقدم العمراني والبشري ، لكن اسقط في ايدينا فتناكفنا للتنافس على المقاعد الأولى في الفساد والجهل وسوء الخدمات وانعدام الأمن والأستقرار .
وكانت المسألة الكوردية التي جثمت بمآسيها وأهوالها على العراق طيلة تعاقب الحكومات المختلفة لا سيما التي كانت تجسد الفكر القومي العروبي الإقصائي ، واعتقدنا إن صفحة (  يا أهلاً بالمعارك ) قد طويت الى غير رجعة لا سيما بعد ان اقر الدستور العراقي فيدرالية الدولة العراقية ، وإن الأكراد شركاء في الوطن وإن اقليم كوردستان يتمتع بالشئ الكثير من الأستقلال الذاتي .
 وينبغي هنا ان نعترف ان الأقليم لم يسئ استعمال الصلاحيات الممنوحة له بموجب الدستور فقد استطاعت القيادة الكوردية من تحقيق الكثير من الخطوات المهمة التي عجز المركز عن تحقيقها رغم توفر فيض من الأموال والقدرات البشرية لتحقيق شئ من التقدم في مناطق العراق الأخرى .
إن اقليم كوردستان الذي يرأسه الرئيس مسعود البارزاني ، قد حقق الأمان والأستقرار لجميع المكونات الكوردستانية ، واحتضن جميع المكونات التي هاجرت او هُجرت من بيوتها في مدن العراق الكبرى مثل بغداد والبصرة والموصل ، إضافة الى تحقيق خطوات مهمة بالنسبة لتوفير الخدمات منها توفير الطاقة الكهربائية لجميع مدن وأرياف كوردستان وكثير من المناطق المتنازع عليها إضافة الى تحقيق طفرة مهمة في عملية التعمير والبناء ، من بناء الطرق والجسور والمستشفيات والمدارس .. وفي ظل هذه المعطيات لم يعد ثمة مبرر لخلق المشاكل مع الأقليم بشكل مستمر ودون سبب .
 إن من يريد الخير للعراق ينبغي ان يعمل على توثيق لحمة المكونات العراقية لا ان يثير المشاكل ، فيخرج من ازمة ليدخل في ازمة أخرى ، وهكذا اصبح على الحكومة العراقية ان تعمل على حل مشاكلها وهي مشاكل محصورة في الهيمنة على المناصب ، وتنسى الحكومة ان هنالك شعباً ينتظر منها ان توفر له الطاقة الكهربائية والخدمات  والأمن والأستقرار ، وان يكون العراق دولة القانون بالفعل وليس بالأسم فحسب ، يبدو ان الحكومة العراقية لا تستطيع ان تقدم شيئاً لأن الفساد ينخر اجهزتها وتقف عاجزة امام ابسط المشاكل وبعد ثبوت فشلها تحاول فقط ان تبقى في الحكم واصبح الهدف الوحيد هو التشبث بالسلطة ، ولا مجال لحل مشاكل الشعب الذي انتخبها .
المراقب للوضع السياسي في العراق في الآونة الأخيرة يلمس النبرة المشددة في تصعيد  الموقف ، فنقرأ في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 20 ـ 11 ـ 12 عن تصريحات للسيد سامي العسكري وهو قيادي بارز في ائتلاف دولة القانون يورد ما سماه أكذوبة التحالف الشيعي الكردي وفي نفس السياق يصرح عضو البرلمان العراقي عن دولة القانون عزة الشابندر، وھو أحد رجال المھمات الصعبة بالنسبة للمالكي، إن «استمرار الحدﯾث عن تحالف شﯿعي - كردي لم ﯾعد ﯾنسجم ﻻ مع الدستور وﻻ مع طبﯿعة المرحلة، حﯿث إنھ ﯾنبغي عدم الخلط بﯿن مرحلة المعارضة التي كانت تبرر التحالفات ومنھا التحالف بﯿن الشﯿعة واﻷكراد وبﯿن السلطة»..  مشﯿرا إلى أن «لكل منھما قوانﯿنھا، فللمعارضة قوانﯿنھا وشروطھا الموضوعﯿة، وللحكم أﯾضا قوانﯿنھ وشروطھ الموضوعﯿة». وأكد الشابندر أنھ «في ضوء ذلك لم يعد معقوﻻ الحدﯾث عن مثل ھذا التحالف ﻷنھ ﯾمثل استفزازا واضحا للسنة». ويذهب القيادي في دولة القانون الى ان كردستان دولة جارة ولﯾست إقلﯾما..
وحين انتقالنا من دائرة التصريحات الى دائرة الحركات العسكرية على الأرض سوف تصادفنا تطورات ميدانية عسكرية خطيرة في منطقة طوزخورماتو والى تحشدات عسكرية ليس الى وجودها ضرورة في الظروف الطبيعية وبهذا الصدد يقول الفريق جبار ياور وهو المتحدث الرسمي باسم قﯿادة قوات البﯿشمركة بأنھ بقرار من القﯿادة العامة للقوات المسلحة التي ﯾرأسھا نوري المالكي تم وضع جمﯿع القوات المسلحة (الجﯿش والشرطة واﻷمن المحلي) بحالة إنذار(ج) وھو أعلى درجات اﻹنذار العسكري في العراق، وتم وقف اﻹجازات الدورﯾة، وتم توجﯿھ الدعوة إلى المجازﯾن بالعودة إلى مقراتھم فورا، كما أنھ أصدر أمرا إلى جمﯿع القطعات العسكرﯾة بالرد الفوري وبشدة على قوات البﯿشمركة في حال تجرأت على اﻻقتراب من الجﯿش العراقي، وھذا بحد ذاتھ دلﯿل على أن السﯿد المالكي تنقل إلﯿھ أخبار غﯿر صحﯿحة وغﯿر دقﯿقة؛ ﻷنھ على الرغم من كونھ قائدا عاما للقوات المسلحة فإنھ ﻻ ﯾعرف بأن قوات البﯿشمركة والجﯿش العراقي ﯾعمﻼن معا ضمن دورﯾات مشتركة في المناطق المتنازعة على مدار 24 ساعة، وأن قوات الجﯿش والبﯿشمركة ﯾنفذان عملﯿات مشتركة ضد اﻹرھابﯿﯿن، وأنھما ﯾدﯾران السﯿطرات اﻷمنﯿة المشتركة منذ عام 2003، فكﯿف ﯾبلغ قوات الجﯿش بعدم السماح لاقتراب افراد البيشمركة منهم ؟
 إن المتابع للاخبار يلمس بأن التصعيد يجري من الجانب الحكومي وإن الجانب الكوردي يسعى الى التهدئة ، وفي الأونة الأخيرة وخوفاً من تدهور الأوضاع اكثر فقد دخل الى الخط الجانب الأمريكي لتهدئة الأجواء فالأصدام المسلح بين الجيش والبيشمركة سيكون السبب في عودة العراق الى نقطة الصفر ، ولا ادري من يعمل على تأجيج الوضع بهذا الشكل ومن له مصلحة في ذلك ؟
لا شك ان الحكومة العراقية تملك بيدها زمام المبادرة إن كان في التهدئة او تأجيج الأوضاع وتصعيد الموقف العسكري ، ولا ريب ان الحكومة بحاجة الى خلق اجواء من الأمن والأستقرار بعد ان ارهقت اجواء العنف الأنسان العراقي ، ولم تكن الحكومة بحاجة الى هذا التصعيد وأتساءل متى سيقتدي ساسة العراق بغيرهم من البلدان الأوروبية الذين استطاعوا حل هذه المشاكل على اسس ديمقراطية متينة .
لماذا لا يقتدي العراق بدولة سويسرا الفيدرالية المؤلفة من 26 ولاية وكل ولاية تدير نفسها بشكل مستقل ولا ترجع الى المركز إلا في حالة عجزها من حل مشكلة ما .
إن اقليم كوردستان وهو جزء من العراق كان له تجربة فريدة استطاع ان ينجز الكثير من اجل المنطقة ومن اجل عموم العراق ،في حين ان تجربة العراق لا زالت تتعثر وتراوح مكانها ، والأحرى ان يتركز اهتمام الحكومة على حل مشاكل الشعب الذي انتخبها إن كان في توطيد الأمان والأستقرار او توفير الخدمات لأبناء الشعب او في خلق فرص للعمل الحقيقي ، وليس دفع الرواتب لأسكات المواطن وخلق بطالة مقنعة ، يجب على الحكومة قطع دابر سرطان الفساد الذي ينخر جسد الدولة العراقية ، على الحكومة ان تنظف القوات المسلحة والقوات الأمنية من الأختراقات لتكون هذه القوات مهنية غير حزبية وغير طائفية .
 فهل انتهت كل هذه المشاكل وبقي فقط دخول قوات الجيش العراقي الى المناطق المتنازع عليها ؟
أجزم ان الدولة العراقية ليست بحاجة الى هذا التصعيد وإلى قرع طبول الحرب ضد الشعب الكردي.
بل نحن بأمس الحاجة الى تطبيق الديمقراطية ونبذ الطائفية وتسليط سيف العدالة والقانون على الجميع كل هذه الخطوات هي نقاط جوهرية يجب ان تعول الحكومة عليها لكي تخلق عراق ديمقراطي يتسع للجميع وليتمتع الجميع بحقوقهم الوطنية والقومية والدينية والإنسانية ، ولكي يصبح العراق بكل أرجائه واحة جميلة للجميع ويتمتع الجميع بحقوقه كاملة بما فيهم الشعب الكلداني المسلوبة حقوقه في وطنه العراقي .
د. حبيب تومي ـ في 21 ـ 11 ـ 12
 

109
القوش الصراع من اجل البقاء وموقف الزوعا المخجل من هذا الصراع
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
قبل يومين كنت في تلكيف وتمشيت في بعض ازقتها وأحيائها وفي سوقها وليس من السهولة ان تعثر على تلكيفي ( كلداني مسيحي ) في هذه المدينة التاريخية التي مر فيها قبل اكثر من قرن ونصف من السنين السائح الفارسي الملقب بالمنشئ البغدادي وهو مترجم في القنصلية البريطانية في ولاية بغداد يومذاك ويكتب عن تلكيف حين مروره بها ويقول : انه يقطنها  2000 عائلة جميعهم من النصارى الكلدان ، اليوم اصبحت بحق مدينة عربية إسلامية تنتشر في كل احيائها المساجد الإسلامية ، ولحد عام حيث 1957 حيث كنت اداوم في الصف الأول في متوسطة تلكيف لعدم وجود مدرسة متوسطة في القوش وقتئذٍ ، إذ لم يكن فيها اي ساكن عربي مسلم ولم يكن فيها اي اثر لأي جامع في المدينة .
ولسنا هنا بصدد تحديد المسؤولية لهذا التغيير الديموغرافي المجحف ، لكن على العموم يتحمل المسؤولية اهل المدينة نفسها ، والطرف الآخر الذي يتحمل المسؤولية هو الأخ المسلم الذي لم تكفيه ارض العراق برمتها فاضطر الى السكن في هذه المدينة ، والطرف الثالث في هذه المعادلة هو الحكومة العروبية العنصرية التي لا تستطيع ان ترى مدينة تحتفظ بثقافتها ودينها وهويتها المخالفة للثقافة والدين والهوية العربية الإسلامية .
اليوم تتجه الأنظار لإحداث تغيير ديموغرافي في البقية الباقية من البلدات الكلدانية المسيحية ، إذ ان المدن العراقية الرئيسية ( بغداد والبصرة والموصل ) قد اوشكت على التخلص من الكلدان وبقية مسيحيي العراق ، وذلك بغية خلق مجتمع متجانس فيه دين واحد فقط وهو الدين الإسلامي فكان بالأمس إفراغ المدن من اليهود واليوم يجري إفرغها من المسيحيين والصابئة المندائيين ، ويكرر التاريخ نفسه كما حدث في جزيرة العرب قبل حوالي 1400 سنة إذ اصبحت هذه الجزيرة محصورة للديانة الإسلامية فحسب ، ماسحة الوجه الديقراطي الليبرالي الذي كان سائداً في المجتمع العربي القبلإسلامي والذي يطلق عليه المؤرخون العرب اليوم بأنه عصر الجاهلية في حين كان بحق عصر الديمقراطية والتعدد والتعايش والتسامح . وكانت مكة قبل الإسلام محجاً لجميع الأديان والأمم في حين بعد الإسلام اصبحت مكة محجاً للمسلمين فحسب .
نعود الى مربط الفرس بما يتعلق ما تتعرض له مدننا وقرانا السريانية والكلدانية من محاولات التغيير في البنية السكانية وموقف الحركة الديقمراطية الآشورية المخجل في هذه المسألة ، وهذا لمسته اثناء زيارتي الأخيرة الى القوش ، وأنا شخصياً لا اريد الكتابة عما يخص هذه الحركة ( الحركة الديمقراطية الآشورية ) حيث ان اعضائها وكادرها يملكون حساسية مفرطة ضد اي نقد مهما كان هدفه ، لقناعتهم انهم وحدهم يملكون الحقيقة المطلقة وإن اي ناقد هو على باطل ، لكن المسالة التي تخص الإجحاف بحق القوش لا تسعفني إرادتي بإلتزام جانب السكوت ، فبادرت الى الكتابة .
كما هو معلوم ان الحركة الديمقراطية الآشورية حزب سياسي عراقي تأسس في العقود الأخيرة من القرن الماضي في دول المهجر وانتقل نشاط هذه الحركة او هذا الحزب الى كوردستان ، مستفيداً من الوضع السياسي المستقر  بعد عام 1991 والذي كانت فيه ابعاد ديمقراطية واضحة بوجود برلمان وحكومة منتخبين وفق السياق الديمقراطي ووجود قوانين وأنظمة ديمقراطية في منطقة محمية بقرارات دولية .
بعد سقوط النظام في عام 2003 طرحت الحركة الديمقراطية الآشورية نفسها كحزب يمثل كل المسيحيين ، وأوهمت الناس بأنها كانت تحمل السلاح ضد النظام السابق ،في الوقت الذي لم نسمع فيه ان هذه الحركة قد أطلقت رصاصة واحدة واشتركت في معركة واحدة ما ضد النظام السابق ، ونحن بانتظار من يسعفنا او يعلمنا عن معركة واحدة وتاريخ تلك المعركة لكي يكون للحركة الديمقراطية الآشورية مصداقية حينما تدعي ذلك ، لكن حسب معلوماتي الى اليوم ان الحركة لم تشترك في اية معركة فعلية ضد النظام السابق .
 لكن مع الأسف الحركة دأبت على إثارة قضايا ورفع شعارات ذات طابع وبريق شعبي من قبيل وحدة شعبنا المسيحي لكي تكسب دعم الشعب المسيحي من الكلدان والسريان ، وتبين بمرور الزمن ان الحركة كانت تريد من شعار الوحدة أشورة كل المكونات من كلدانية وسريانية وجعلها آشورية بحجة اننا اصحاب الدين الواحد ولغة واحدة ، لقد تبين انه مكر سياسي ليس إلا ، وتريد ان تكون هي الحزب القائد الأوحد ، ولا اريد ان أتدخل في الشأن الداخلي لهذه الحركة التي يتبين مما يترشح من الأخبار الداخلية التنظيمية لهذه الحركة بأنها تعاني من التحكم المركزي المتشدد ذات الطابع الديكتاتوري .
ومع كل ذلك ليس لنا مصلحة في معاداة هذه الحركة ، فهي كباقي الأحزاب السياسية العراقية تعمل في الساحة ،  لكن المآخذ على الحركة انها لم تتعامل بأخوة وعدالة مع حقوق الشعب الكلداني ووقفت بالضد من حقوق الشعب الكلداني في كل المحافل ، ولعل الصراع المستميت من اجل الهيمنة على المناصب وكمثال غير حصري منصب رئيس الوقف المسيحي والديانات الأخرى غير الأسلامية ووقوفها بالضد من إرادة المؤسسة البطريركية الكاثوليكية للشعب الكلداني خير مثال على محاولة هذه الحركة للهيمنة على مصائر المسيحيين كافة وجعلهم توابع خاضعة لهيمنة الحركة ، وبصراحة تتبنى وتروج الحركة لفكر إقصائي بحق الكلدان والسريان وتلغي هويتهم القومية ، وهذه افكار إقصائية لا تحترم عقلية الناس ، وإن زمنها قد مضى وكان مكانها مزبلة التاريخ ، لكن يأتي اليوم من يعرضها من جديد وكأنه صاحب مخترع حديث يفيد الإنسانية .
نعود الى مسألة محاولات التغيير الديموغرافي في القوش ، لقد كانت البداية في توزيع الأراضي في القوش في العهد السابق بشكل عشوائي دون مراعاة الخصائص الثقافية والدينية لهذه البلدة ، وكانت هنالك محاولة أخرى في إسكان قبائل عربية في قرية بيندوايا ، لكن بسقوط النظام استطاع اهل القوش الطيبين من تلافي تلك المخلفات بطريقة وأخرى ، واليوم تتكرر المحاولات بشكل وآخر ، ولكن الألاقشة الأصلاء يقفون متكاتفين وبصف واحد ضد تلك المحاولات المشبوهة ، ولكن الغريب ان الحركة الديمقراطية الآشورية هي الوحيدة التي تغرد خارج السرب كما مر ذكره آنفاً والآلاقشة مستاؤون من هذا الموقف الغريب العجيب من الحركة التي تدعي تمثيل المسيحيين في المحافل السياسية والبرلمان .
مقدماً أقول لكتاب وإعلام الحركة بأننا لا نريد المزايدة على مواقف الحركة إذ فيها جوانب ايجابية ، لكن نحن تهمنا مسألة التغيير الديموغرافي في مدننا الكلدانية بشكل عام وفي القوش الحبيبة بشكل خاص ، وموقف الحركة كان التخاذل في هذه المسألة وهي واضحة كحقيقة 2+2 = 4 فليس في المسألة اي اجتهاد او مزايدة  انه نقد بناء ويجب على الحركة ان تتقبله برحابة صدر وتعترف بخطأها وتقدم لأهل القوش اعتذارها وتقدم لنا شكرها .
 لقد كان موقف الحركة الديمقراطية الآشورية المخجل والمتخاذل من مظاهرة القوش السلمية ضد التغيير الديموغرافي هو موقف سياسي بحت يفضح ادعاءات وشعارات الحركة في الدفاع عن حقوق المسيحيين ، لا سيما في مسألة حساسة وهي مسألة التغييرالديموغرافي التي يُعمل بها على قدم وساق ، لكن الحركة آثرت مصالحها الذاتية الحزبية الضيقة على مصلحة الشعب المسيحي من كلدان وسريان وأرمن ، وحسب رأيي المتواضع ان الحركة كانت بالضد من المظاهرة كونها في القوش ، لأنها ببساطة الحركة تريد الهيمنة على القوش الكلدانية ، وتسعى الى أشورة قوميتها الكلدانية وبنيتها السكانية الأساسية . لقد ثبت ان الحركة تريد ان تحقق مصالحها ومن بعدها ليكن الطوفان ، وهذا ما اثبتته الحوادث على مدى السنين الماضية . لقد منحنا اصواتنا نحن الكلدان لممثلي الزوعا ( قائمة الرافدين ) فتبين ان رئيس قائمة الرافدين الأستاذ يونادم كنا يلغي تاريخ الشعب الكلداني الذي اوصله الى مبنى البرلمان ، ويلغي قوميته وهويته ، فهل هنالك برلماني آخر في العراق او في الكرة الأرضية يتنكر الى تاريخ وهوية الشعب الذي انتخبه ؟ إنه امر مخجل حقاً .
اثناء وجودي في القوش قبل أيام علمت ان السيد يونادم كنا قدم الى القوش وعقد اجتماع مع اعضاء حزبه ، ولم نسمع عن لقاءات اخرى ، ولو علمت في وقتها لطلبت منه باعتباره قريب من مركز صناعة القرار فهو عضو البرلمان العراقي وقيادي كبير يمثل المسيحيين في الإعلام وفي المحافل الدولية ، وأنا أحد ابناء الشعب الكلداني البسيط ، لسألت سيادته سؤال :
 لماذا تنكر تاريخ الشعب الكلداني وتنكر هويته القومية في حين انت تمثله في المحافل السياسية والإعلامية والمؤتمرات وهو الذي منحك صوته وأوصلك الى قبة البرلمان ؟
 والسؤال الآخر الذي اطرحه له : لماذا تجنب حزبكم الأشتراك في مظاهرة القوش السلمية المناهضة للتغير الديموغرافي في المنطقة بل ان حزبكم كان له موقف غامض من مسألة التغيير السكاني في بغديدة وبرطلة ؟ وبما اني مواطن بسيط من القاعدة الجماهيرية ، وإن سيادته في القيادة المسؤولة عن مصائر العراق والمكون المسيحي بقومياته ، فإنني أسئلتي تبقى قائمة له ولحزبه .
اقول :
إن القوش رغم المصائب والأهوال التي ألمت بها عبر العصور فقد ظلت قائمة محتفظة بهويتها ، وإن تزوير التاريخ بإصدار نسخة مزورة من كتاب القوش عبر التاريخ لمؤلفه الكلداني الأصيل المطران يوسف بابانا بغية تغيير التاريخ ، والسكوت المخجل على عمليات تغير البنية السكانية لألقوش وغيرها .. كل هذه الأفعال محكوم عليها بالفشل ، واثناء تواجدي في القوش بشكل متواصل لم اجدها يوماً مثل اليوم حيث الأتفاق المجتمعي وبين كل الأطراف الدينية والحزبية والرسمية والشعبية ، باستثناء الحركة الديمقراطية الآشورية التي غردت في هذه المسالة خارج السرب ، حيث يتفق الجميع على شرف صيانة وحدة القوش الكلدانية وعدم المساس بتركيبتها الأثنوغرافية والدينية ، وإن من يحب القوش يجب عليه احترام هويتها الكلدانية وإرادة شعبها وعدم المساس بخصوصيتها الثقافية والهوياتية .
د. حبيب تومي في 29 ـ 10 ـ 12

110
لقائي مع الأستاذ فاضل الميراني واضواء على حقوق الشعب الكلداني في إقليم كوردستان                        
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
الأستاذ فاضل الميراني شخصية سياسية عراقية وكوردستانية معروفة ويتبوأ مركز قيادة في الهرم السياسي والتنظيمي في اقليم كوردستان وفي الحزب الديموقراطي الكوردستاني  ، الحزب الذي يمتلك سجل نضالي عريق وصفحات زاخرة بمعاني الكفاح والنضال لنيل حقوق الشعب الكوردي منذ تأسيسه على يد القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني الذي يحمل في الوعي الوجداني الجماعي للشعب الكوردي مكانة متميزة ، وكان التأسيس  في اواسط  الأربعينات من القرن الماضي وإلى اليوم حيث اختار الأقليم في مسيرته النهج الديمقراطي العلماني الليبرالي ، ليشهد تطورات سياسية وعمرانية وثقافية واجتماعية واقتصادية وفي شتى نواحي الحياة ، ويذهب المتفائلون إلى ان الأقليم مرشح لأن يتبوأ مكانة متميزة ومتقدمة شبيهة بالتي تشهدها دبي اليوم .
 

ولا ريب ان إن توفر الأرضية الملائمة والأوضاع المستقرة الهادئة وتشريع قوانين تشجع على تدفق الشركات والمستثمرون والحضور الدبلوماسي لمختلف الدول ، بجهة ان الأمن والإستقرار والتعايش هي العوامل المساعدة في جذب تلك المؤسسات التي تعمل على نمو وتطور الأقليم ليواكب المسيرة الحضارية للشعوب والأمم المتقدمة . والشئ بالشئ يذكر لعل قيام بريطانيا بغلق قنصليتها في البصرة وتعزيز حضورها الدبلوماسي  في بغداد وفي اقليم كوردستان يعزز هذه الفرضية .
 لقد اشرت سابقاً ان تفريغ المدن الرئيسية ( بغداد ، البصرة ، الموصل ) بشكل كبير من المكون المسيحي بعد سقوط النظام في عام 2003 يشبه الى حد بعيد ما تعرض له هذا المكون في هجمة تيمورلنك الوحشية  عام 1400 م حيث وجد شعبنا الكلداني طريقه الى جبال كوردستان العاصية ، واليوم يكرر التاريخ نفسه ، فيجد شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق طريقهم الى اقليم كوردستان الآمن المستقر ، وفي هذا الصدد اشار الأستاذ كاك فاضل الميراني بشكل واضح  بقوله :
ان قدوم هذا المكون الى اقليم كوردستان ليس من باب الضيافة او اللجوء الأنساني او السياسي ، إنما هو حضور في الوطن ، إن الكلداني او السرياني او الآشوري او الأرمني او المندائي حين حضوره لكوردستان هو حضور في الوطن وليس ضيفاً او لاجئاً او نازحاً ، إن منزلته هي المواطنة من الدرجة الأولى وعليه تترتب الواجبات والحقوق بمقياس واحد وبمنظومة المساواة مع اي مواطن كوردستاني  بغض النظر عن دينه او اثنيته او عرقه او معتقده .
وهذا ما شجعني لكي اعرض عل الأستاذ فاضل الميراني حقوق الشعب الكلداني في عموم العراق بشكل عام وفي اقليم كوردستان بشكل خاص . فالمعروف ان الشعب الكلداني يشكل شريحة عراقية اصيلة ، ومن حق هذا الشعب ان يتمتع بكافة حقوقه الوطنية والسياسية والقومية ، بمنأى عن اية وصاية من قوى او احزاب سياسية متنفذة ، لأن اية تبريرات وحجج في منظومة الأقصاء تصب في مجرى الفكر العنصري ، وفي الراهن في بلدان اوروبا وفي غيرها من الدول المتقدمة لم يعد بالإمكان الدفاع عن تلك الأفكار المتحجرة بل ان اصحابها يخجلون من ترويجها .
 وإن كان غلاة الفكر القومي الأقصائي في تلك الدول يخجلون اليوم من الترويج او التلويح بتلك الأفكار المبنية على المغالاة وإقصاء الآخر ، إذ ان تلك الأفكار اصبح مصيرها في مزبلة التاريخ ، لما سببته تلك الأفكار من مأساة وأهوال وحروب للبشرية ، ولعل حروب دولة البعث مع الجيران ومع الشعب الكوردي في الداخل لهو دليل على إفلاس وبطلان تلك الأفكار .
لكن الغريب اليوم نلاحظ أحزاب مسيحية تعكف على إطلاق فكر قومي إقصائي تحت ذريعة خلق شريحة مسيحية متجانسة قومياً في العراق ، وهذه الأفكار العنصرية الإقصائية تتباهى بها الأحزاب الآشورية وكأنها من مخترعات العصر ، فهي تنكر في اعلامها وجود شعب اصيل كالشعب الكلداني ، وانا اعتبر ذلك مكر وخداع سياسي لا غير ، الغاية منه تحقيق المكاسب السياسية على حساب هذا الشعب ( الشعب الكلداني ) الذي اختار الطريق السلمي لتحقيق اهدافه المشروعة وحسب فلسفة غاندي ، والشعب الكلداني ينتظر بصبر من اصحاب القرار التوجه لإنصافه ومنح حقوقه الكاملة في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان وبمنأى عن أي وصاية او تأثير للاحزاب المسيحية المتسمة بالمغالاة القومية الإقصائية بحق المكون الكلداني الأصيل .
إن الموقف المنفتح والداعم لحقوق الشعب الكلداني من قبل كاك فاضل الميراني يأتي من خلال نظرته الواقعية والموضوعية من حقوق الأنسان بشكل عام وحقوق الأقليات بشكل خاص ، ومن النهج التعايشي الذي يراد له ان يسود في إقليم كوردستان ، فاليوم تشكل الأقليات جزءاً من المشهد الأجتماعي على الستوى الكوني ، مستفيدة  من إمكانية رؤية مطالبها بعد عقود وقرون من الطمس والصهر القسري ، وفي معظم الأمم يشكل مستقبل هذه الأقليات بالنسبة للدولة  موضع رعاية واهتمام ، وفي تجربة اقليم كوردستان لا يمكن إهمال هذه المسألة المهمة ، ولا يقبل الشعب الكوردي ان يكون ظالماً لمكون عراقي اصيل اذ كان هو نفسه مظلوماً وتحمل عمليات الصهر والإقصاء على مدى عقود طويلة .
من اقوال البابا الراحل يوحنا بولس الثاني بشأن الأقليات ( جوزيف ياكوب : ما بعد الأقليات ص95 ) :
لكل أمة الحق في ممارسة حياتها وفقاً لتقاليدها الخاصة من خلال حظر اي انتهاك للحقوق الإنسانية الأساسية وخاصة اضطهاد الأقليات . إن ضمان مشاركة الأقليات في الحياة السياسية (هو دليل على مجتمع ناجح اخلاقياً ، وهو يكرم البلدان التي يكون فيها المواطنون جميعاً أحراراً في المشاركة في الحياة الوطنية في جو من العدالة والسلام ) .
لقد وضعت امام الأستاذ فاضل الميراني واقع الشعب الكلداني وما ينبغي ان يكون عليه في وطنه العراقي وفي اقليم كوردستان الجميل وقد لخصت المطالب في بعض النقاط منها :
 ـ العمل على تثبيت اسم القومية الكلدانية بشكل مستقل في مسودة الدستور الكوردستاني ، وكما هو مدون في دستور العراق الأتحادي . إذ ليس من المعقول ان يخالف دستور كوردستان الدستور العراقي في هذه المسألة المهمة ، خاصة ونحن نتأمل من القيادة الكوردية ان تكون أكثر تجاوباً ودعماً لحقوق الشعب الكلداني من القوى السياسية العراقية الأخرى ، وذلك بالنظر للعلاقات التاريخية النضالية التي ترتبط بين الشعبين الكوردي والكلداني .
ـ تقديم الدعم والمساعدة للاحزاب والمنظمات الكلدانية بشكل مستقل وبمنأى عن وصاية الأحزاب الآشورية ذات التوجهات الشوفينية الإقصائية . نحن نتساءل دائماً لماذا ينبغي ان يرتبط مصيرنا بيد احزاب شوفينية عنصرية لا تستسيغ سماع لفظة الشعب الكلداني او القومية الكلدانية ، فكيف يكون هؤلاء مسؤولين على مصائرنا .
ـ العمل على منح المكون الكلداني مساحة إعلامية في وسائل الإعلام ،فينبغي ان يكون لنا فضائية موازية او مساوية لفضائية عشتار ذات التوجهات الآشورية البحتة ، وإن كانت هذه الفضائية لجميع المسيحيين لماذا تعمل على التعتيم الإعلامي على العشب الكلداني والقومية الكلدانية والكتاب الكلدان والعلم الكلداني ؟ كان يجب ان يكون للكلدان والسريان مساحة إلامية لتعبر عن هويتها في هذه الفضائية لو كانت تسلك طريق العادلة والمساواة بين المكونات المسيحية من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن .
ـ حبذا لو كان لنا ممثل كلداني في القيادة الكوردية ، يعكس لهم هموم الشعب الكلداني بشكل صحيح ، وينقل رأي وموقف الأقليم بكل نزاهة للشعب الكلداني وكنيسته واحزابه ومنظماته . وانا شخصياً دائماً اتساءل وكثيرين معي لماذا يجب ان يكون الأخوة الأشوريين اوصياء علينا نحن الكلدان امام الأقليم ؟
 ـ إن تقديم الدعم المادي والمعنوي والإعلامي لنا نحن الكلدان سيتيح لنا الحصول على مقاعد في برلمان اقليم كوردستان وبرلمان العراق ، وهذا يصب في صالح الأخوة بين الشعبين الكوردي والكلداني .
د. حبيب تومي في 22 / 10 / 12

111
لغز الإساءة الى الإسلام للإنتقام من ابن الوطن
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no
من القصص التي تعلمناها في القراءة المدرسية ان ملك الغابة سن قانوناً يحرم على الحيوان افتراس اخيه الحيوان وإن الجميع يجب ان يعيشوا في الغابة بحبوحة من السلام والتعايش المجتمعي ، وأن يصار للاستفادة من القوانين البشرية لترسيخ حقوق الحيوان في الحرية وحق الحياة ، وبعد شرعنة تلك القوانين في الغابة  غامر خروف وديع ان يشرب الماء مع الذئب على اعتبار ان الغابة اصبحت تحكمها دولة القانون وبدأ التعايش بين المكونات الحيوانية ، وهنا اراد الذئب ، تحت طغيان غريزته  ، ان يفترس الخروف الوديع ولا بد ان تكون هنالك حجة مقنعة لمخالفة القوانين والأنظمة الديمقراطية في التعايش ، فقال الذئب للخروف : لماذا يا اخي عكرت الماء الذي اشربه ؟ فأجابه الخروف ببراءة :
يا صديقي العزيز الذئب الوديع انت تشرب من المنبع وأنا اشرب من الساقية  ، فلا يمكن لي تعكير الماء الذي تشربه  ، لكن الذئب عكف على تبرير رغبته في افتراس الخروف  فقال :
 يا اخي الخروف الآن تذكرت ، والدك بالأمس هو الذي عكّر الماء الذي شربته ، فينبغي ان افترس ابنه، فهجم الذئب على الخروف وافترسه ، هكذا التبريرات دائماً لها حضور ولا تحتاج الى شطارة ودهاء .
 نحن المسيحيون في هذه الديار ( الديار الإسلامية ) حيث اصبحت كذلك بعد الفتح العربي الإسلامي ، اصبحنا رهائن عند شركائنا في الوطن من المسلمين ،  لقد دأب العرب المسلمون منذ القرن الأول الهجري على فتح وتعريب وأسلمة وطننا العراقي بعد القرن السابع الميلادي . وذلك التاريخ ايضاَ شكل نقطة البداية لتحويل العراق من بلد مسيحي في القرن السابع الميلادي (القرن الاول الهجري) ، حيث كانت تنتشر الأديرة والكنائس والمدارس في عموم بلاد ما بين النهرين ( العراق القديم ) والذي كانت تقدر نفوسه بحوالي تسعة ملايين نسمة ( العدد مقدر بحسب ملايين الدنانير التي كانت تستحصل من دافعي الجزية ) من اهل الكتاب من المسيحيين واليهود . وكان المسيحيون يشكلون اكثر من 90% والبقية 10 بالمئة هم من اليهود والزرادشتية والمانويين وعابدي الأوثان كالاشوريين والكلدان والآراميين وغيرهم من الذين احتفظوا بدياناتهم القديمة .
هكذا تقلص عدد المسيحيين بمرور الزمن في العراق وفي مصر وسورية وشمال افريقيا وتركيا وغيرها . وسوف نبقى في هذا المقال نتحدث عن المسيحية في بلاد ما بين النهرين ( العراق في الوقت الحاضر ) ، فإن كان تمتع المسيحيون في زمن الدولة العباسية بمساحة لا بأس بها من الحرية الدينية في كثير من الأحيان ، فإن هجوم تيمورلنك واستباحته بجحافله المتوحشة القرى والحواضر العراقية عام 1400 م ، فقد كانت نقطة البداية لتفريغ المدن الكبيرة من المسيحيين ، فاليهود كما يقول يوسف غنيمة في كتابه " نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق " بأنهم مالوا مع الريح لحين مرور العاصفة اما المسيحيون فقد اسـتأثروا الترحال ليستقر بهم المقام في جبال كوردستان العاصية ،وهكذا اصبحت عليه الحال لحين هدوء العاصفة لتجد تلك المدن العراقية عودة مسيحية من جديد لكن بعد عقود وقرون من الزمن .
في عهد الأمبراطورية العثمانية كان يسري نظام الملل على المكونات الدينية غير الإسلامية كاليهود واليونانيون والأرمن والكلدان والنساطرة  ،وفي كل هذه القرون كان الميزان في صالح الدين الإسلامي على حساب المكون المسيحي ، وحين بلوغنا عام 2003 كانت حصيلة الوجود المسيحي في العراق تبلغ حوالي 3%  ، وقد غمرنا التفاؤل بسقوط الدكتاتورية وإرساء النظام الديمقراطي ، الذي يكفل المساواة والعدالة الأجتماعية ، ولكن تفاؤلنا كان في غير محله  ، إذ سادت الأوطان حالة من الفوضى والخوف والذعر ، وبحق كانت موجة كارثية على المكونات غير الإسلامية التي اصابها ليس قليلاً من الارهاب والقتل والتشريد ، وكانت اشبه ما تكون بهجمة تيمور لنك في نتائجها ، من حيث تفريغ المدن العراقية من اتباع الديانات غير الأسلامية .
الغريب في هذه الهجمات بعد 2003 انها تميزت بالعنف الدموي والتفجيرات والخطف والأبتزاز وكل ما يعمل على قلع تلك المكونات ( غير الإسلامية : المسيحيون والمندائيون ) من جذورها العراقية ، وتدخلت الحكومة لكن تدخلها كان بعد فوات ، إذ كانت اعداد مهمة من هذه المكونات قد وجدت طريقها في الهجرة واستقرارها في الدول التي تحترم حقوقها وكرامتها الإنسانية كالدول الأروبية واميركا واستراليا .
وكان ثمن الإصرار على البقاء في الوطن يعني تحمل المعاناة  وتبعات وردود فعل على اي جملة او حديث او رسم او تصريح يدرجه المسلمون ، او ما يطلق عليه الإسلام السياسي ، في خانة الإهانة او الإساءة للاسلام او نبيهم . وهكذا كان تصريح البابا بندكتس الساس عشر الذي صنف على انه يشكل إساءة للاسلام فعلى المسيحيين في العراق والشرق الأوسط الأستعداد لدفع القرابين والضحايا ثمناً لتلك الكلمات التي اعتبرت إساءة للأسلام .
وحينما اسلمت أمرأة ( او اجبرت على الإسلام ) في مصر ثم تراجعت ، وفي المصطلح الإسلامي ينطبق عليها حكم المرتد او المرتدة عن الأسلام  وهو حكم الإعدام ، ولكن المرأة تمت حمياتها من قبل اهلها او من قبل قريتها ، وكما هو معلوم فإن المصلين في كنيسة سيدة النجاة في بغداد الذين لا ناقة لهم ولا جمل بتلك الحادثة ، مع ذلك كان عليهم دفع الضريبة ففجرت الكنيسة بمصليها ، وكانت النتيجة عشرات الضحايا من الناس الأبرياء بين شهداء ومجروحين .
 الحوادث كثيرة بجعل ابناء هذا الوطن رهائن وأوراق مساومة في الوطن الذي يطلق عليه اسم الوطن العراقي ، من المسيحيين والمندائيين والإيزيديين واليهود ، والأخيرين وجدوا لهم ارضاً ينعمون فيها بسلام وبقينا نحن كرهائن بيد ابناء وطننا من المسلمين ، والشئ بالشئ يذكر ، فالإيزيدية ايضاً كان لهم نصيبهم من تلك الحملة الدموية .ودائماً كان السبب انهم اخطأوا بحق المسلمين بطريقة ما ، والويل والثبور لمن يغلط هو او ابن عمه او احد ابناء عشيرته او دينه في ارجاء الكرة الأرضية بحق الإسلام فنحن ابناء هذا الوطن من المسيحيين نتحمل وزر ذلك الغلط او تلك الإساءة . الوقائع اليومية كثيرة في الإنتقام او التخويف والإرهاب بشتى الوسائل والطرق للمكون المسيحي في العراق او في مصر او لبنان او سورية وغيرها من الدول الإسلامية .
والفيلم الأخير الذي ادرج في خانة الإساءة للاسلام حقق اصحابه او منتجيه الأهداف التي ارادوها ، إذ كان الرد الفعل الغريزي المنتظر ، وكان مقتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز في ليبيا وثلاثة من مرافقيه، وليس مهماً ان يكون هذا السفير قد ساهم في إنقاذ ليبيا وشعبها من الحكم الدكتاتوري ، فالمهم الأنتقام ، ولا يمكن لهذا القوم ان يعرفوا معنى الحرية التي قال عنها الرئيس الأمريكي اوباما في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها 67 يقول :
دستورنا يحمي حق حرية التعبير عن الرأي ، ويضيف : ان غالبيتنا مسيحيون في الولايات المتحدة ولكننا لا نمنع تعابير ضد مقدساتنا ... انا كرئيس للبلاد وقائد للقوات المسلحة اقبل بأن اناساً سيسيمونني اسماء سيئة وسادافع عن حقهم بذلك .
إن الأقليات تحت الحكم الإسلامي لا يمكن ان ينطبق عليها حكم المواطنة العادلة ، فالحكم الصحيح والعادل يعطي الحق للمواطن الإيزيدي والمندائي واليهودي والكاكائي والشبكي والمسيحي إن كان من الكلدان او السريان او الأرمن او الآشوريين ، وكل إنسان من اتباع الديانات الأخرى غير الإسلامية ، يكون لأبناء هذه المكونات حق أن تحكم بلدها ، فلماذا لا يجوز لي او لغيري من ابناء هذه المكونات ان نتبوأ منصب رئيس جمهورية او رئيس وزارء في العراق مثلاً ؟ إن كان احدهم يملك من المؤهلات ما يناسب هذا المنصب ؟
 إن حقوق المواطنة في العراق بالنسبة للاقليات كانت دائماً تختصر بمجئ حاكم يحمل في قلبه الرحمة والشفقة ، فيرحم بحالهم ويخفف عن كاهلهم الضرائب وينقذهم من تطبيق احكام اهل الذمة التي لا تلائم وروح العصر ، هذه كانت ذروة امنيتهم على مدى قرون تحت الحكم الإسلامي .
 في العصور الحديثة حيث تسود لوائح حقوق الأنسان التي تساوي بين البشر ، وحقوق الأقليات ، حينما يطالنا القتل والتشريد فيقال لنا ، إن هؤلاء الذين يقومون بتلك الأعمال لا يمثلون الإسلام ، والإسلام دين مسامح ولا يفرق بين الشعوب ، لكن كيف نفسر عمليات القتل ولأنتقام من اناس يصلون في كنيسة سيدة النجاة في بغداد ؟ ولا نريد ان نتطرق بالتفصيل الى مسلسل العنف الدموي ضد اناس ابرياء جريرتهم انهم يحملون هوية دينية مخالفة للاسلام ؟
هنالك من يتحفنا ليقول ان هؤلاء من المتعصبين ، وهنا ينبري سؤال مهم وهو : يا ترى إن كان هؤلاء متعصبين ، فمن هم المسلمون الحقيقيون ؟
في الحقيقة اشار اليّ احدهم ، فيقول ، بالرغم من وجود سنة وشيعة فهنالك تقسيم آخر للعالم بين مؤمن مسلم وبين كافر غير مسلم، وبين دار الإسلام ودار الحرب . وأحد اصدقائي كان يقول ان الأسلام هو الحل ، وهنا يطفو على السطح سؤال مفاده : اي إسلام هو الحل ؟ فالذي نعرفه نحن اتباع الديانات الأخرى ان ثمة سنة وشيعة ، ولكل منهما رؤية مختلفة ، كما يبرز امامنا ثلاثة انواع من الإسلام ، النموذج الأول قرأت عنه لأبن عربي الذي فيه مساحة كبيرة من التسامح ويدعو الى التعايش مع الآخر ( غير المسلم ) وعن منطقه في الحب يقول ابن عربي :
لقد صار قلبي قابلا كل صورة                    فمرعى لغزلان و دير لرهبان
و بيـت لأوثان و كعبة طائف                   وألواح توارة ومصحف قرآن
ويبدو ان تركيا اليوم اختارت هذا الطريق بالرغم من تاريخها الملوث بإبادة المسيحيين من الأرمن والكلدانيين والآثوريين . والشكل الآخر وهو هو حكم الأخوان المسلمين الذي أفرزه الربيع العربي ، وهو يسترشد بمنظرّهم حسن البنا ، والنوع الثالث هو الأسلام السلفي الذي يريد ان يعود الى جذور الدين والحياة المجتمعية الى فترة التكوين الإسلامي في القرن الأول الهجري ويمثل هذا التيار ابن تيمية .
 في الحقيقة نحن المسيحيون لا ندري مع من نتعامل ، من هو الصحيح بين هذه الفرق الأسلامية إن صح التعبير  ؟ هل هم جماعة طالبان والقاعدة ؟ ام جماعة بوكو حرام في نيجيريا الذين اشتهروا بمحرقتهم ؟ التي اسدل الستار عن فصولها ، وكأنها حدثاً عابراً لا يستحق حتى الإشارة اليه .
 

محرقة المسيحيين في نيجيريا

ام  اسلام اية الله الخميني ، ام هو الأسلام التركي الذي فيه بصمات علمانية ، ام هم اصدقاء نعرفهم يرتادون الحانات والملاهي ويتعاملون معنا بروح المواطنة الحقة ، دون ان يحاولوا الأعتداء على غيرهم من بني البشر ؟ ام هم شريحة الكتاب والمثقفين والأدباء من المسلمين الذين يسطرون بأقلامهم الحرة كلمات الأخوة والرجولة والدعم لأبناء وطنهم من المسيحيين والمندائيين والإيزيدية ويقفون الى الى جانبهم بكل صراحة وشجاعة . ام هم الذين يخطبون في مكبرات الصوت  من الجوامع ، ويقولون اللهم دمرهم تدميرا وحطمهم تحطيما ، وارسل لهم داء ليس له دواء .. او ان نسمع خطبة تقول : بأن لا يشتروا املاك المسيحين لأنها حلأل لأخوانهم وأبناء وطنهم من المسلمين ؟
في اوروبا ثمة انطباع عن الإسلام مفاده انه دين عربي غير متسامح او متعايش مع الأديان والثقافات الأخرى ولا يقبل بالتطور والأنفتاح على الآخر ، وهذه الرؤى ناجمة عن واقع الدول العربية والإسلامية بشكل عام حيث يسودها التخلف الفكري والأقتصادي والأجتماعي وتحكمها طبقة سياسية مؤدلجة دينياً وسياسياً .
 من اجل دحض تلك الرؤى ألا يجدر بالمسلمين ان يبرهنوا عكس تلك النظرية وذلك على الأقل بالتعايش السلمي مع ابناء جلدتهم من ابناء وطنهم ؟
ثمة خطأ شائع في العراق وربما في الدول العربية الأخرى ، وكأن تاريخ العراق يبدأ من الفتح الإسلامي ، وقبل ذلك كان العراق والأمة العربية جمعاء كانت في جهل وظلام مطبق ، وهذا ادعاء مخالف للحقيقة والواقع ، فالبقايا من الشعوب الأصيلة كالكلدان والسريان والآشوريين والمندائيين والأيزيدية والأكراد يمثلون تاريخ وحضارات العراق القديمة ، ومن المفيد والإنصاف بأن يدمج تاريخ هؤلاء الأقوام  بمشروع لتعليم التلميذ العراقي تاريخ وحضارة وثقافة هذه المكونات الى جانب التاريخ العربي الإسلامي .
 كما ينبغي تدريس التلاميذ ان التاريخ العربي قبل الإسلامي كان واحة من الإزدهار والديمقراطية والحرية ، فعصر العرب قبل الأسلام لم يكن عصر الجاهلية ، حيث كانت حرية الأديان متاحة للجميع في الجزيرة العربية ، وكانت مكة حاضرة تمثل كل الأديان يؤمها ويحج اليها اتباع كل الأديان السماوية والطبيعية الى ان جاء الإسلام وأبقى مكة محجاً للاسلام فحسب .
بغية خلق ثقافة منفتحة عند الأجيال الجديدة ، ينبغي ان يعلم هؤلاء ان المكونات غير الإسلامية في البلاد العربية والإسلامية هي مكونات اصيلة وهي جزء من الوطن وليس هؤلاء دخلاء ولا عملاء للامريكان وغيرهم إنهم ابناء الوطن المخلصين ، هذا هو الطريق القويم في تربية وتثقيف الجيل الجديد . وهذا هو اول الطريق لجعل الإنسان المسلم متسامحاً ومتعايشاً مع الأنسان الأخر غير المسلم . إن نشر وتعليم تاريخ هذه المكونات هو البديل لخلق ثقافة التسامح وهو البديل الصحيح لخرافة حوار الأديان والحضارات ، إن عقد مئات المؤتمرات من اجل نشر مبادئ السلم والتعايش سوف لا تقدم ولا تؤخر في تخفيف الوطأة عن كاهل اتباع الديانات الأخرى في البلاد الإسلامية .
إن المكونات العراقية الأصيلة هي جزء من الأنثروبولوجيا والتاريخ العراقي الأصيل ، ليس من المعقول جعلها رهائن بيد الأكثرية الإسلامية ، يصار الى الأنتقام منها عند صدور اي عمل يصنف انه إساءة للاسلام .
نحن نعيش بين ملايين المسلمين ولنا علاقات اجتماعية ودية ، وتربطنا علاقات صداقة وتجارة مع الكثير من المسلمين ، ولم نلمس عند اصدقائنا وجيراننا ومعارفنا من هؤلاء المسلمين سوى الأحترام والتقدير . إذن اين يكمن الخلل ؟
ولماذا يستمر الواقع المأساوي هذه الأيام حين العيش مع المسلمين ؟ وما هو الفرق بين الإسلام السياسي والإسلام الأجتماعي ؟ اين هو الإسلام الذي يرغب بالعيش مع الآخر غير المسلم ؟
ونبقى نتساءل :
هل سيبقى الذئب يفترس الخروف ابد الدهر ؟
 اليس ثمة طريقاً نسلكه بحيث لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم ؟ اين ذلك الطريق لماذا لا نسلكه ؟
او بالأحرى لماذا لا يسلكه المسلمون ؟
 إن العالم اليوم يتقدم في السلم الحضاري ، وحينما كان الغرب سيد الشعوب ومخترع صناعتها ومدبر تجارتها ومحرك حروبها طفقت اليوم امم وشعوب اخرى ترتقي سلم التنمية والأستقرار والتطور التكنولوجي ، فها هي دولة اليابان تنفض عنها غبار الحرب لتنافس العالم الغربي المتقدم بصناعتها واقتصادها رغم الكوارث الطبيعية المدمرة التي لحقت بها ، وها هي الصين تنهض وتتناكف مع اقوى الدول المتطورة لتقف في المقدمة ، وها هي دول اخرى تشق طريقها نحو التقدم كالهند وكوريا الجنوبية .. الخ ، ومقابل ذلك بقيت الدول العربية والإسلامية بشكل عام تراوح في مؤخرة الدول في سلم التطور الحضاري .
 كل العالم ينظر الى الأمام ، لكن العرب ينظرون الى الخلف والأمجاد التاريخية التي طواها غبار الزمن ، ويريدون تطبيق الماضي الذي كان قبل 1400 سنة ، إن الربيع العربي يثبت هذه الحقيقة ، فحينما توفرت لديهم الحرية وآلية الديمقراطية وقع اختيارهم للرجوع الى الجذور الإسلامية ، ليثبتوا للعالم ان الإسلام هو الحل .
إن الحكم الطائفي الديني في العراق ، رغم مرور تسع سنوات على حكمه للعراق اثبت انه عاجز عن تحقيق طموحات الشعب في إرساء قواعد دولة القانون ، وفي تحقيق الإستقرار الأمني للمجتمع كما فشل في إيقاف الفساد المالي والإداري المستشري في كل مفاصل الدولة .
إن ما يهمنا في وطننا العراقي ان يكون لنا حقوق المواطنة ، وأن يعترف بحقوق شعبنا الكلداني اسوة بالمكونات الأخرى ، وإن لا يتخذ منا كرهائن بيد الميليشيات والإسلام السياسي ، حين وجود تصريحات او رسوم مسيئة للاسلام في منطقة من مناطق العالم . ونبقى نكرر السؤال :
اليس ثمة طريقاً آمناً لا يموت فيه الذئب ولا يفنى الغنم ؟
الدكتور حبيب تومي في 15 ـ 10 ـ 12



[/b]


112
توضيح من الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية
نشر في بعض المواقع عن تشكيل هيئة باسم ( الهيئة العالمية للدفاع عن حقوق الكلدان )
إن هذه الهيئة هي  منظمة مجتمع مدني لا علاقة لها بالهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية ، وعليه اقتضى التنويه .
د . حبيب تومي الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية
الحزب الديمقراطي الكلداني
المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد
 الحزب الوطني الكلداني

113
[centerالأستاذ نيجيرفان البارزاني الموقر : كوري كافانا قرية الشهيد هرمز ملك جكّو امانة في اعناقكم
بقلم : الدكتور حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
قرأنا في موقع عنكاوا خبراً يفيد بأن مدير ناحية زاويته ومديرة بلدية كورى كافانا، اجتمعوا بالعوائل المسيحية، الاثنين الماضي، حيث ابلغهم رئيس بلدية دهوك بأن حكومة اقليم كوردستان، قررت استملاك 88 بالمائة من اراضيهم الزراعية التي يملكون سندات تسجيل عقاري بها (طابو)، بإطفائها ونقل عائدية مُلكيتها الى بلدية دهوك، وإبقاء نسبة 12% فقط لأهالي القرية.
وحسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,612720.msg5764009.html#msg5764009
لا ر يب ان هذا الخبر وتوظيفه بغية الإساءة الى اقليم كوردستان والى تجربته في البناء والتعمير وفي إرساء المبادئ الديمقرطية والليبرالية وفي ما يتميز من ترسيخ مبادئ الحرية والتعايش بين المكونات الكوردستانية قاطبة ، واحترام هذه المكونات والمحافظة على تركيبتها الديموغرافية .
 وفي الخبر الذي يفيد بأن حكومة اقليم كوردستان قررت استملاك نسبة كبيرة من اراضيهم الزراعية وإطفائها ونقل ملكيتها الى بلدية دهوك ، وهذا يعني ان المسألة محصورة في القيادة الكوردية الموقرة وفي المقدمة حكومة الأقليم التي تتشرفون برئاستها .
الأستاذ الفاضل نيجيرفان البازاني : إن قرية كوري كافانا هي قرية المرحوم الشهيد البطل هرمز ملك جكو وقرية الشهيد الشجاع مامي طليا خليفة هرمز ملك جكو في صفوف الثورة الكوردية ، لم يسعدني الحظ ان ازور هذه القرية بالسيارة في الوقت الحاضر ، لكن زرتها عبر تضاريس الجبال في الليالي الحالكة الظلام ، وقد زرتها مرة بمرافقة المرحوم هرمز ملك جكو ، ومرة أخرى زرتها مع الشهيد مام طليا ، حيث كان بالقرب من القرية معسكر للقوات الحكومية ، وكنا حذرين جداً اثناء زيارتنا لهم ، ليس خوفاً من المعسكر ، لكن خشية على اهل القرية البطلة حينما يصل الى علم تلك القوات في المعسكر القريب ان افراد من قوات البيشمركة قد دخلوا القرية ، حيث سينتقمون منهم كما هو معلوم . فحافظنا على الهدوء والسرية قدر المستطاع .
 وعند هذه العائلة الشجاعة في تلك القرية اخذنا قسطاً من الراحة وتناولنا عشاء دسم وكانت عائلة كريمة وشجاعة بكل المقاييس .
 ان القيادة الكوردية قد اكرمت المقاتل الشجاع هرمز ملك جكو ، وكان مامي طليا لا يقل شجاعة عن المرحوم هرمز ، وأنا شخصياً وبعض زملائي قد عملنا مع المرحوم هرمز ملك جكو ، رغم اننا كنا نعمل تحت قيادة المرحوم القائد توما توماس ، وكانت منطقتنا تحت قيادة المرحوم حسو ميرخان .
في ليلة شتائية باردة وبالضبط  ليلة 1 ـ 2 / 12 / 1963 وصلنا خبر استشهاد المقاتل هرمز ملك جكو ، حيث كان قد نصب كمين قرب جسر آلوكا لقافلة عسكرية قادمة من الموصل متجهة الى معسكر قريب من جسر آلوكا والذي كان يعسكر فيه قوات سورية تابعة لقوة اليرموك ، وبعد المباغتة كانت معركة سريعة استسلمت القافلة كاملة ، لكن في هذه الأثناء وصلت مدرعات للقوات السورية المرابطة هنالك وبدأت عملية رمي مكثف على المقاتلين الذين لا يملكون السلاح المقاوم لتك المدرعات ، وفقدنا في تلك المعركة 7 شهداء بضمنهم هرمز ملك جكو .
 
صورة منشورة في كتاب الأستاذ مسعود البارزاني " البارزاني والحركة التحررية الكردية " الجزء الثالث مع مجموعة الصور المنشورة بين ص160 ـ 161 ، ويعود تاريخها  الى شهر تشرين الأول من عام 1963 في منطقة النهلة ، والذين اعرفهم في هذه الصورة من الجالسين الثاني من اليسار هو صديقي صبحي من عنكاوا ، والواقفين الثاني من اليسار هو هرمز ملك جكو ( استشهد في 2 / 12 / 1963 )  والواقف الى يساره كاتب هذه السطور حبيب تومي
وفي نفس الوقت شكلنا مفرزة كبيرة بقيادة توما توماس واتجهنا الى موضع المعركة وحملت انا والصديق صباح ابوليلى جثمان الشهيد هرمز ملك جكو على الدواب، وحملنا الشهداء الباقين على ظهور الدواب التي اخذناها معنا لهذا الغرض ، عائدين الى قريتي سينان وشيخ خدر على سفح جبل دهوك المشرف على الدشت الواسع الممتد الى سفوح جبل القوش .
إن هذه القرية المسالمة الجميلة تدعوكم للتدخل لوقف الأمر بإطفاء تلك الأراضي التي تعود لهذه القرية البطلة ، وينبغي حل المسألة اولاً وأخير مع اهالي القرية انفسهم ، فهم مدركين لمصلحتهم اكثر من الأحزاب السياسية التي تريد ان توظف هذه المسألة لمكاسب سياسية .
 انا متأكد ان القيادة الكوردية الموقرة لا تريد ان تلحق الأذى او الظلم بأي فرد في المجتمع الكوردستاني إن كان كوردياً او عربياً او تركمانياً او آشورياً او كلدانياً او سريانياً او ارمنياً او صابئياً او كاكائياً او ايزيدياً ، او شبكياً .
نناشد سيادتكم للتدخل وإنهاء المسالة بما يناسب ومصلحة اهالي هذه القرية البطلة .
 ونتوخى العدالة والأنصاف في هذه القضية التي تخص قرية مسيحية خدمت كوردستان بإخلاص .
د . حبيب تومي / اوسلو في 27 / 09 / 12
[/b]

114
البارزاني مصطفى وثورة ايلول التحررية لحظة حاسمة من الزمن العراقي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
  habeebtomi@yahoo.no
مع سيرورة التاريخ نقرأ عن لحظات ساخنة وحاسمة تترك بصماتها على مسيرة الشعوب ومجريات الأمور بما  يوازي او يعادل عقود من الزمن الأعتيادي المألوف ، وفي تلك اللحظات من عمر الزمن يبرز قادة لهم شخصية كارزمية ويلعبون دوراً سياسياً وعسكرياً حاسماً في تلك المسيرة ، وإن القائد الكوردي ملا مصطفى البارزاني خرج من رحم تلك الأحداث الدراماتيكية . وفي المسألة الكوردية كان فيها محطات تاريخية كان لها الدور الحاسم في بلوغ الأكراد الى ما توصلوا اليه اليوم ، منها نتائج معركة صحراء جالديران عام 1514 م . حيث كان تقسيم الأكراد ومدنهم بين الدولة الفارسية والأمبراطورية العثمانية ، ومحطة اخرى حاسمة ايضاً كانت اتفاقية سايكس بيكو في عام 1916 والمحطة الثالثة كانت وقت تأسيس الدولة العراقية وضم لواء الموصل اليها .
وكما هو معلوم فإن المجتمعات في كوكبنا اليوم عبارة عن اقليات كبيرة وصغيرة لا تعد ولا تحصى من قومية وأثنية وثقافية ومذهبية ولغوية وقبلية وأقليمية .. ومع تعدد هذه الأقليات تتعدد وتتشعب المشاكل وتتضاعف الحركات الأقلوية المطالبة بالهوية وحقوقها ، وهذه المسألة ليست محصورة في قارة او اقليم ما ، إنما هي مسالة تخص العالم برمته ، فنحن دائماً نسمع عن ثورات وانتفاضات وحروب ، وتشكيل دول او تفكك امبراطوريات فتستيقظ شعوب وتنتظم بطريقة جديدة فتغير مجرى التاريخ لتكتب تاريخاً جديداً ، وإن المسألة الكردية تدخل في ذلك السياق العالمي والى اليوم .
بعد تفكك الأمبراطورية العثمانية الناجم عن هزيمة دول المحور ، شعر الأكراد وقتذاك ان قدراً من الظلم قد طالهم بسبب عدم اتاحة الفرصة لهم لتشكيل دولة كوردية في مناطقهم  اسوة ببقية المكونات الأخرى التي كانت تابعة للامبراطورية العثمانية . واستكمالاً لتلك المنطلقات  بادر المرحوم ملا مصطفى البارزاني بثورته في ايلول 1961 م . وتمكن بإمكانات متواضعة ان يحرز لنفسه ولشعبه مكاناً مهماًعلى الساحة السياسية العراقية وعلى مدى عقود ، وأفلح في وضع قضية شعبه امام انظار المحافل الدولية .
المشكلة في ثورة ايلول وما تلاها من انتفاضات وثورات كانت دائماً تصطدم بمصالح الدول الأقليمية مصحوبة بعمليات قمع عسكرية واسعة وحصار اقتصادي محكم . كل ذلك جعل من الثورة الكوردية عموماً ان تبقى محصورة في حدودها الضيقة لعقود طويلة مع إضفاء عدم شرعية لمسيرتها ، والسبب كما هو معلوم هو عدم تبنيها او قبولها من قبل القوى الكبرى النافذة في العالم . ونحن نرى اليوم كيف ان ثورات التي سميت اليوم بالربيع العربي قد كتب لها النجاح بسرعة نسبية ، لإن القوى الكبرى قد اعترفت بشرعيتها وقدمت لها الدعم المادي والعسكري والدبلوماسي ، لنجد تلك الثورات تتبوأ مقاليد الحكم في تلك البلدان منها تونس وليبيا ومصر واليوم تتوجه الأنظار نحو سورية .
بالنسبة الى الأكراد فالأمر مختلف تماماً فثمة تقطيع كامل لتقسيم الشعب الكوردي بين العراق وتركيا وأيران وسورية ، بالنسبة لأيران يشغل الأكراد المناطق الغربية من هذه الدولة ، وهي الحدود المتاخمة لأقليم كوردستان في العراق ، وبدورها ايران تتشكل من اثنيات وأعراق مختلفة تشكل الأقليات في هذه الدولة حسب الأدعاءات الرسمية 49% ولهذا تعمل الحكومة على إخماد وقمع اي تطلعات عرقية بين هذه الأقليات التي تكون نسبة عالية نسيجها الأثنوغرافي .
اما في سورية فإنهم في مدن الحسكة وقامشلي والقرى الى الشمال الشرقي من سورية المتآخمة للحدود مع اقليم كوردستان ايضاً ، لكن الأكراد في تركيا يشكلون  مجموعة عرقية متميزة تتركز أساسا في المقاطعات الجنوبية الشرقية من البلاد، وتشكل أكبر عرق من غير العرق التركي والتي تقدر بحوالي  20 ـ 25 مليون ومع ذلك فإن الأكراد ليس لهم وجود كوردي رسمي من الناحية القانونية انهم اتراك الجبال ليس إلا . وهي التسمية الوحيدة التي تعترف بها الدولة التركية منذ تأسيسها .
 المهم من هذا الأسترسال هو تبيان توزيع الأكراد في منطقة الشرق الأوسط بين دول متآخمة هي العراق وتركيا وأيران وسورية ، والذي تبين في نهاية المطاف ان العراق كان اكثر تجاوباً مع المسألة الكردية وباعتقادي ان السبب يعود الى لجوء الأكراد منذ تأسيس الدولة العراقية الى المناداة بحقوقهم إن كان بشكل مستقل او ضمن الدولة العراقية ، وعلى العموم فإن مصالح الدول الأقليمية في المنطقة تتضارب مع تكوين دولة كردية تضم الأكراد الموزعين على الدول الأربعة .
كان القائد الكردي ملا مصطفى البارزاني يدرك هذه الحقيقة ، وكان يحاول جاهداً لإيصال قضية شعبه خارج حدود المنطقة لكسب الرأي العام ، فيحاول فتح الطريق امام الأعلاميين القادمين من الغرب ، لكن معوقات التضاريس الجبلية والحدود المضطربة كانت كثيرة امامهم بغية منعهم من الوصول الى المناطق الساخنة في المنطقة . من جانب آخر حاول البارزاني من خلق اي نوع من انواع الروابط مع الدول الأجنبية ، كما انه قبل بالأمر الواقع بأن تشكل القضية الكوردية ورقة يستخدمها اي طرف من اجل مصالحه الوقتية وهكذا يستفيد الطرف الكردي من تلك الفسحة ، وإن علاقة الثورة الكوردية مع شاه ايران كانت مبنية على تلك السياسة في قبول اي يد ممتدة والأستفادة منها بقدر الإمكان .
لم يتخصص المرحوم ملا مصطفى البارزاني في دراسات العلوم السياسية ، لكنه ابن واقعه والحياة علمته السياسة فتعامل مع الأتحاد السوفياتي السابق بجهة انتصار الأخير للحركات التحررية في العالم ، لكن الأتحاد السوفياتي ايضاً كان له مصالحه ولا يمكنه التفريط بها من اجل الأكراد وهكذا رأينا كيف دأب الأتحاد السوفياتي على تسليح العراق في عهد صدام ، وصدام يشن حملته العسكرية ضد الأكراد . ومن هذا المنطلق ايضاً كان انفتاح امريكا على الحركة الكوردية بجهة تقوية الأكراد للتقليل من ضغط العراق العسكري على اسرائيل وبعد سنوات يصرح كيسنجر بأن منفعة قرار نيكسون بخصوص دعم الكورد اتضح بعد مضئ سنة واحدة فقط . إذ ان فرقة عسكرية واحدة فقط كانت متاحة للمشاركة في حرب الشرق الأوسط في عام 1973 ـ ومن جانبه يضيف الكاتب : ان العلاقة السببية بين انشطة الكورد في عام 1973 وتصريح كيسنجر هي علاقة ضعيفة في احسن الأحوال <1 > .
كما كانت هنالك علاقة مع اسرائيل وفي الحقيقة هنالك علاقات تاريخية بين الأكراد وبين اليهود الذي سكنوا كردستان منذ اقدم العصور ومع يهود العراق الذين هاجروا الى اسرائيل في اعوام 1948 ـ 1951 بمساعدة كوردستان العراق . وهكذا يكتب الأستاذ مسعود البارزاني عن هذه العلاقة فيقول :  
 (إن مسالة إقامة العلاقة مع اسرائيل كان قراراً جماعياً لقيادة الثورة ، وأولى صلات باسرائيل جرت في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني في حزيران 1963 بلقاء سري بين السيدين جلال الطالباني وشمعون بيرس في باريس بتوسط الأمير كامران بدرخان ، وعلى اثر ذلك اللقاء سافر الى اسرائيل وفد برئاسة ابراهيم احمد وعضوية مصطفى دبابة وسيد عزيز شمزيني عن طريق ايران ، التي فتحت الطريق لمرور مساعدات محدودة من اسرائيل الى الثورة عبر اراضيها  )< 2> .
لقد تصرف ملا مصطفى البارزاني  بمنطق الغريق الذي يتشبث بأية خشبة يستطيع الإمساك بها لكي تنقذه وشعبه من مغبة الغرق والأندثار . لا شك ان اتصالاته بالأطراف الدولية لم تجر وفق السياق الدبلوماسي المتبع في العلاقات بين الدول إنما كانت عن طريق اجهزة مخابرات تلك الدول ، ولهذا كانت التهم جاهزة لإلصاقها به من قبيل الملا الأحمر لعلاقته بالأتحاد السوفياتي والعميل البريطاني ومن ثم الأسرائيلي والأمريكي وأخيراً العميل الإيراني .. الخ ، وفي الحقيقة ان الرجل كان يرفع بيده الواحدة شعار قضية ومصلحة شعبه واليد الأخرى يمدها لكل من يقف الى جانب تلك القضية ، وهكذا في كل تلك العلاقات التي حققها كان للبارزاني اهدافه ويرمي الى تحقيق مصلحة شعبه ، والآخر ايضاً له اجندته في تحقيق مصالحه من وراء ذلك التعاون ، وعلى تلك الأسس انطلق البارزاني  في ثورة ايلول عام 1961 م . وبقي مخلصاً لقضية شعبه الى ان وافاه الأجل عام 1979 م . وكان للشتلة التي غرسها ملا مصطفى البارزاني قد اينعت واعطت ثمارها للاجيال اللاحقة فكان اقليم كوردستان ، الذي يشق طريقه في مضمار الحضارة في الوطن العراقي وفي الركب الحضاري الأنساني عموماً .
الدكتور حبيب تومي / اوسلو في 22 / 09 / 12  
ـــــــــــــــــــــــــ
1 ـ لامبرت ، بيتر جي . " الولايات المتحدة والكورد دراسة حالات عن تعهدات الولايات المتحدة " ترجمة ونشر : مركز الدراسات الكوردية وحفظ الوثائق / جامعة دهوك  ،عام 2008 ص74 .
2 ـ مسعود البارزاني " البارزاني والحركة التحررية الكردية " ج3 ص380

115
في ديترويت مدينة الكلدان ملاحظات ولقاءات ليس الى نسيانها سبيل  
بقلم : د. حبيب تومي /  سماء المحيط الأطلسي
أول شرقي وطأت قدمه العالم الجديد ( اميركا) كان كلداني وحسب رسالة قديمة من الأستاذ جبرائيل يوسف ابونا مؤرخة في 27 /03 / 2004 يقول فيها :
ان عائلة ابونا انجبت الرحالة الخوري الياس حنا الملقب بالموصلي الكلداني الذي يعتبر اول رحالة من آسيا وأفريقيا يصل الى امريكا وقد استغرقت رحلته 15 سنة من 1668 لغاية 1883 وقد دونها في مذكراته المطبوعة في مجلة الشرق اللبنانية في المجلد الثامن عام 1905 م ـ وسوف نتطرق الى الموضوع في مقال خاص ـ  لكن الكاتب رشيد خيون يقول ان الرحلة كانت في عام 1623 حسب مقاله في الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 12 / 12 / 2007 ، مهما كان التاريخ فإن هذا الأنسان الكلداني وهو يغامر في هذه الرحلة الخطيرة لا شك انه لم يخطر بباله انه سيأتي يوم ويستطيع الأنسان من قطع المحيط في  8ـ 10 ساعات فكان يعتبر من الخيال العلمي في ذلك الوقت .
 وأكثر من ذلك ان اجلس في مقعدي في الطائرة وأحتسي قدح الشاي ، وأفتح الأنترنيت عبر جهاز لابتوب ، وأباشر في كتابة مقال وأنا أعبر الأطلسي لقتل الوقت عبر الساعات التسع التي حسبتها طويلة تبعث على السأم والملل ، وانا في هذا الوضع افكر ، كم صرف الأنسان  من وقته ومن طاقته الإبداعية لكي يصل الى هذا المستوى من الرقي والتقدم . لا شك ان قرنين من الزمن المنصرم يعادل طيلة الزمن الأنساني المقدر بـ 2 مليون سنة ، فتمكن في نهايتها من التنقل في عربة تجرها الحيوانات او سفينة شراعية تدفعها الرياح الى طائرة تفوق سرعتها سرعة الصوت .
ولا شك ان النصف القرن المنصرم يعادل الاف السنين بل يعادل كل المسيرة الأنسانية منذ انبثاق الحضارات الأولى في العصور الحجرية القديمة . مروراً بعلوم الكلدانيين واليونانيين وصولاً الى القرون الوسطى وانبثاق الثورة الصناعية وصولاً الى الثورة التكنولوجية الحالية التي نعرف بدايتها لكننا لا ندرك نهايتها او مديات حدودها .
في النصف الأول من القرن العشرين كان التلاكفة الرواد الأوائل من الكلدانيين العراقيين ، وحينما وصلوا الى هذه الديار ، صرحوا عن هويتهم الوطنية العراقية وعن قوميتهم الكلدانية والى اليوم فإن لفظة { CHALDEAN } هي المعروفة بين الأوساط الأمريكية الرسمية والشعبية . واليوم تنتشر منظمات وجمعيات  ونوادي اجتماعية وأحزاب قومية وسياسية تحت الأسم الكلداني .
 احياءاً للمشاعر القومية عقد سنة 2010 مؤتمراً قومياً في مدينة ساندييكو مقر أبرشية مار بطرس ، عرف باسم مؤتمر النهضة الكلذانية وكان تحت رعاية المطران الكاثوليكي الكلداني مار سرهد جمو ، ونتمنى ان تبادر ابرشيات أخرى في المستقبل لعقد مثل هذه المؤتمرات التي تعزز من مكانة هويتنا القومية الأصيلة .
في مدينة ديترويت جالية كبيرة تربو على 150 الف كلداني ، بينهم الكثير ممن وصل في اواسط القرن الماضي وقد تقدم هؤلاء في معارج العلم والمعرفة والسياسة إضافة الى تفوفهم في عالم التجارة والمال ، ومع هذه الأعوام الطويلة فقد بقيت خيوط المحبة عالقة في الوطن العراقي ، كما انهم يحتفظون بكثير من الراوابط القومية ، كاللغة الكلدانية والعادات من تقاليد الزواح والأغاني والموسيقى والأزياء والرقصات والدبكات والمأكولات ومواسم الأعياد والتعازي والطقوس الكنسية .. لكن ثمة سؤال يطفو على سطح الأحداث ، اين يقف هؤلاء من العملية القومية السياسية لشعبهم الكلداني في الوطن ؟
 في الحقيقة ثمة فسحة يبدو انها تتسع بين الآباء الأولين والأحفاد اللاحقين ، الأحفاد اليوم لم يعد يعرفون سوى أرومة (CHALDEAN ) اما العمل من اجل تلك الأرومة من الناحية القومية والسياسية فهي في تقهقر واضح .
المهم في تلك الزيارة تحققت لقاءات كثيرة منها ما كان تحت اضواء الأعلام وأخرى خارج تلك الأضواء ، في ديترويت ذات الجالية الكلدانية الأكبر في العالم عقدنا لقاءات ومقابلات منها مقابلة تلفزيونية مع محطة ( Mtv. )  وكان ذلك بالأشتراك مع الدكتور نوري منصور وبإدارة الأعلامي المعروف وليد جعدان ، وكان لي لقاء آخر مع اذاعة العراق الحر ،  ولقاء مع إذاعة صوت الكلدان في ديترويت ، وأدار اللقاء الأعلامي البارز شوقي قونجا ، والشئ بالشئ يذكر فلم يتسنى لي عقد لقاء مع إذاعة صوت الغد مع الصديق ساهر المالح فيبدو انه كان مشغولاً مع الوفد القادم من العراق المعروف بالتجمع الكلداني السرياني الآشوري  ، وباعتقادي كان يجب عليه ان يقف من جميع الأطراف على مسافة واحدة  ، ومع ذلك يبقى احترامي للاخ ساهر المالح فله رأيه ينبغي علينا ان نحترمه رغم عدم قناعتنا به .
ـ حضرت المحاضرة اللاهوتية للاب صميم يوسف باليوس ، وكانت حول انتقال مريم العذراء بالروح والجسد .وكان فيها حضور جيد من مختلف الأعمار .
ـ  ثم كان هنالك لقاءين مهمين مع الشباب الألقوشي وكان لموقع القوش كوم حضور في تلك الحفلات ، وفي النشاطات الرياضية والأجتماعية حضرت السفرة العائلية لجمعية مار ميخا الخيرية وكذلك المبارات الرياضية بين فريقي الربان هرمز وفريق مار ميخا واعضاء الفريقين من شباب القوش القاطنين في ديترويت .
 ـ كان لي محاضرة في قاعة كنيسة ام الله وكانت بإدارة المنبر الديمقراطي الكلداني ، وكانت تحت عنوان الكلدان بين الواقع والطموح , وهنا يمكن تسجيل موقف يدل على الأصرار على تعميق الخلافات بيننا حتى في هذه المناسبات التي ينبغي ان يكون فيها التفاهم والتعاون على الحد الأدنى ، حيث ان التجمع المعروف باسم تجمع تنظيمات شعبنا قد اصروا على إقامة ندوتهم في نفس المدينة وفي نفس اليوم وفي نفس موعد القاء محاضرتي ومع ذلك لم يفلحوا في التأثير على الحضور الذي اكتضت به القاعة .
 وهنالك ملاحظة اخرى وهي عدم حضور اي رجل دين كاثوليكي كلداني في المحاضرة علماً ان المحاضرة كانت في قاعة الكنيسة وتخص الشعب الكلداني ، فكان الأجدر بالكنيسة ان يكون لها حضور إن كان في هذه المحاضرة او في غيرها التي تخص الشعب الكلداني وهمومه .
ــ كان ثمة لقاء مع الأخوة من المنبر الديمقراطي الكلداني في نادي شانندوا وكان اللقاء بعيد مداخلة سكرتيره الدكتور نوري منصور مع نائب رئيس الجمهورية الأمريكي جو بايدن أثناء لقائه بأبناء الجالية الكلدانية ضمن حملته الأنتخابية لجمع التبرعات لإعادة انتخاب الرئيس اوباما ، حيث شرح له وضع المسيحيين في العراق ..
ــ  ولقاء مع الأخوة والأخوات من اتحاد الديمقراطي العراقي في ديترويت حيث كانت مناقشات لمختلف الأمور الخاصة بشعبنا الكلداني وبالوطن العراقي عموماً .
ــ لقاء مع الأب عمانوئيل الرئيس بجهود الصديق العزيز باسم كادو ، وقد اهداني الأب عمانوئيل مشكوراً مجموعة كتب من تأليفه وأخرى من ترجمته .
ــ  لقاء شخصي مع نخبة من الأخوة الاعضاء في منظمة كاسكا ، ولقاء آخر مع بعض الأصدقاء بدعوة  من المرشح نك نجار عن منطقة سترنك هايتس في ديترويت .
ـ وكان حضوري لأفتتاح مدرسة روزفلد التي يديرها الأستاذ اسعد كلشو .
الملاحظة التي اسجلها بهذا الخصوص ، هي غياب الحماس بين ابناء شعبنا الكلداني ، في الحالة الأولى بانتخاب الأخ نك نجار والثانية عدم مبادرة اولياء امور الطلبة الكلدان من تسجيل ابنائهم في مدرستي الأستاذ اسعد كلشو , وفي الحقيقة انا اعتقد ان السبب يعود الى ضعف المشاعر القومية لدى جاليتنا وضعف تلك الرابطة التي تدعم وتشجع شخصية كلدانية على التقدم في مختلف مجالات الحياة ، ولكن حسب ما علمت ان هنالك ظاهرة الحسد التي تؤدي الى دفن تلك المشاعر النبيلة في التضامن والتعاون على مختلف الأصعدة .
ـ كانت لي زيارات طيبة  لبعض الشخصيات الألقوشية وهم الأستاذ حبيب يوسف عبيّا والسيد حنا شيشا والسيد حنا زلفا ومكالمات هاتفية مع الأستاذ عبد الرحيم اسحق . لقد كانت هنالك لقاءات طيبة مع الأقارب والأصدقاء وتواصلت ينابيع الذكريات المتدفقة عبر سنين العمر وتقلبات الحياة .
لدي بعض الملاحظات ، منها وضع اللغة الكلدانية ، رغم انها متداولة بين اوساط من ابناء شعبنا الكلداني ، لكن في الندوات والمحاضرات غالباً ما تكون باللغة العربية ، وهنالك اللغة الأنكليزية التي يتحدث بها معظم ، إن لم يكن جميع الأطفال الكلدان فيما بينهم ، لا بل اكثر من ذلك كان هنالك لقاءات عائلية وكانت اللغة المتداولة في معظم الأوقات هي اللغة الأنكليزية حتى بين الأفراد الكبار في السن .
اما تدريس اللغة الكلدانية من خلال بعض الأجوبة على اسئلتي عن حال تدريس اللغة الكلدانية فتبين انها محصورة في الكنائس وبنطاق ضيق لا يرتقي الى الطموح المفضي الى إبقاء هذه اللغة الجميلة حية مع مرور الزمن .
 لا بد ان يكون هنالك خيط بل خيوط من التواصل للانتماء القومي فالآباء الأوائل الذين وفدوا الى هذه الديار وافصحوا بجلاء عن وطنهم وعن لغتهم وقوميتهم ، وعلى الأجيال اللاحقة ان تكون وفية لتلك الشتلات التي غرسها اباؤهم وأجدادهم ، فالهوية الشخصية هي التي تميز الأنسان عن غيره من البشر وتدل على شخصيته هو وحده ، والهوية القومية هل التي تربط الأنسان مع ابناء قومه . تحية لهذه الجالية الكريمة والتي تعمل على رفع اسم العراق عالياً واسم تاريخهم الكلداني بين الأمم والشعوب في هذه البلاد .
د. حبيب تومي / سماء المحيط الأطلسي في 12 ـ 13 / 09 / 12

116
حكومتنا العزيزة إغلاقكم للنوادي الإجتماعية اثلج صدورنا !
بقلم : د. حبيب تومي / ديترويت
habeebtomi@yahoo.no
اقول للقارئ الكريم ان عنوان هذا المقال ليس من بنات افكاري حيث اعتمدت على خبر قديم من العهد الملكي ، حينما لجأت الحكومة العراقية في ذلك العهد الى تسعير بعض المواد الغذائية من الفواكه والخضراوات ، وقد اغتنم هذه الفرصة الكتاب المعارضين للسلطة انذاك ومنهم الصحافي نوري ثابت الذي اتسمت كتاباته بالسخرية والنقد اللاذع ، وقد وظف عبارات هزلية في نقده ، وقد اصدر جريدته الساخرة سنة 1931 تحت اسم حبزبوز ، وحين نشر خبر التسعيرة ارسل برقية للحكومة يقول فيها : تسعيركم الشلغم اثلج صدورنا .
والإشارة كانت لوجود مصاعب ومشاكل جسيمة امام الشعب ، والمسالة التي لجأت اليها الحكومة كانت تافهة ولا تشكل حتى خيطاً رفيعاً من تلك المعضلات .
وتبدو المقاربة هنا غريبة لأول وهلة ، فماذا يربط تلك المسألة بعملية الهجوم الميمون على المنتديات الأجتماعية والثقافية ؟ والجواب واضح في لجوء حكومتنا المنتخبة جملة مشاكل عويصة ، وتوجهها الى الأنتقام من النوادي الأجتماعية . فمشاكلها متنوعة ليس اقلها ما يتعلق  بتوفير الخدمات العامة بما فيه توفير الماء والكهرباء ، الذي صرفت عليه مليارات الدولارات ، والنتيجة كانت ضياع تلك المليارات من الخزينة العراقية ولكن دون توفير الكهرباء ، فكيف تبخرت تلك المليارات ولم يتوفر الكهرباء ؟ فالعلم عند ربي وعند الراسخون في بواطن الأمور .
اما ترسيخ الأمن والأستقرار ولحد اليوم كما يلوح في الأفق فإنه بعيد المنال ، رغم صرف المليارات على مختلف صنوف القوات العسكرية والأمنية وجهاز الشرطة والمخابرات ، فكم يا ترى نحتاج من القوات ومن الأسلحة والأعتدة والأموال لتحقيق الأمن والأمان والاستقرار بشكل جدي وحقيقي بمنأى عن ادعاءات الأعلام الحكومي الذي يجعل من العراق جنة دلمون التي كان يعيش فيها الجميع بأمان واستقرار .
 لقد مرت تسع سنوات على سقوط النظام فهل ينبغي ان نصبر 9 سنوات اخرى لكي نعيش في بغداد والمدن الأخرى بأمان واستقرار ؟ وسوف لا نتطرق الى موضوع الفساد المالي والإداري المستشري في مفاصل الدولة العراقية .
 ولا نريد التطرق الى البطالة والبطالة المقنعة ، ولا الى المحسوبية القبلية والحزبية والطائفية ، ولا الى غياب دولة القانون والمؤسسات ، ولا الى اكوام القمامة المنتشرة في الأحياء السكنية ، ولا الى العوازل الأسمنتية التي تبدو وكأنها جدار برلين مصغر يفصل بين الأحياء والمؤسسات .
ولا الى تصنيف مدينة بغداد التاريخية في المرتبة الأخيرة بين عواصم ومدن العالم من ناحية الأمان والنظافة ومعايير اخرى ، ولانتطرق الى تصنيف العراق مع اسوأ الدول من ناحية الفساد وانعدام الأمن والأمان للمواطن والزائر الغريب .
 ولا نشير الى ملف العلاقات المتوترة مع اقليم كوردستان ، ولا نتطرق الى السباق المارثوني والخلافات المستشرية لتقسيم المناصب ، وهكذا امام الحكومة العراقية سلسلة من الملفات المعقدة ، لكن اين تقف الحكومة العراقية من تلك الملفات ؟ إن ما يتراءى امام المراقب للاوضاع في العراق ، لا يلوح امامه في المستقبل المنظور اي بصيص من الأمل والتفاؤل ، خاصة وإن الحكومة لا تعير لتلك الأمور اي اهتمام  وبدلاً من ذلك تتوجه الحكومة الى قضايا جانبية .
وتركت الحكومة كل تلك الملفات معلقة في عنق الزجاجة ، لتنطلق في غزوة على النوادي والجمعيات الثقافية والأجتماعية في بغداد يوم الثلاثاء السابق من قبل الأجهزة الأمنية ، وقيام هذه القوات بالإعتداءات بالضرب على المواطنين من رواد هذه النوادي وتحطيم الآثاث وتوجيه الإهانات وغيرها من الوسائل المنافية للأسلوب الحضاري في التعامل مع المواطنين ، كل ذلك يدل على مدى استخفاف المسؤولين الحكوميين بحرية المواطن الشخصية وشخصيته الأجتماعية ، فكما هو معلوم إن معظم هذه النوادي والمحلات تعود ملكيتها للمواطنين من اتباع الديانات غير الإسلامية ، ومن المعروف ايضاً ان معظم وربما جميع رواد هذه المحلات هم من الأخوة من المسلمين .
 وإن كانت قد حصلت مشكلة معينة في محل من هذه المحلات كان يمكن معالجتها بشكل محصور في ذلك المحل وليس باللجوء الى عقوبة جماعية عشوائية . إن اسلوبها هذا يدخل فيه عنصر التفرقة العنصرية والدينية والضغط على المكونات غير الإسلامية ، خاصة وإن الشخص المسؤول عن تلك العملية في نادي المشرق العائلي للمكون المسيحي ، قد صرح بشهادة الموجودين بأن على المسيحيين ترك هذه البلاد والهجرة الى السويد واستراليا .. كما ان الحقد التراكمي المترشح من الخطاب الديني السياسي قد افرز السلوك المنافي لأبسط قواعد التقدير والأحترام في اللجوء الى تحطيم صورة رمز ديني عراقي اصيل وهو الكاردينال البطريرك عمانوئيل الثالث دلي الكلي الطوبة وهو بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم .
الصحيح ان المكون الكلداني صغير نسبياً مقارنة بالمكونات الكبيرة ، لكن الصحيح ايضاً ان لهذا المكون مكانته في العراق وتأثيره في الداخل والخارج اكبر من حجمه ، إنه كبير في تاريخه وفي إخلاصه وتفانيه للوطن ، ومن يستهدف هذا الشعب فإنه يستهدف العراق ولا يريد الخير له .
إن المسألة ليست محصورة في هذا الحدث ، ولايمكن فصلها عمّا تعرض له اتباع الديانات الأخرى غير الإسلامية ، كالأيزيدية والمندائيين والمسيحيين من الكلدان والسريان والآثوريين والأرمن ، إنه مسلسل متواصل لتصفية هذه المكونات وإجبارها على ترك اوطانها ، هذه هي محصلة السنين التي اعقبت سقوط النظام عام 2003 فإن الأسلام السياسي يعمل لأسلمة البلاد ، وليس هنالك ما يشير الى تشجيع التعددية في النسيج المجتمع العراقي ، فهنالك خطاب مبطن ملؤه التهديد والوعيد لكل المكونات غير الإسلامية ، وإن كانت بعض التصريحات المتناثرة في الساحة الأعلامية العراقية لبعض المسؤولين العراقيين بضرورة المحافظة على النسيج المتنوع للمكونات العراقية غير الإسلامية ، فإن تلك التصريحات لا تشفي الغليل وليس لها تأثير فعلي على ارض الواقع .
في مجال آخر لا يمكن ان نتفق مع النائب يونادم كنا ان العملية لم تكن متعمدة في استهداف مكون معين بل كانت الحملة عامة ، لكن من السياق العام للخطاب الحكومي والشعبي فهنالك التضييق على الحريات الشخصية للمكونات غير الإسلامية في المجتمع العراقي ، وثمة توجه عام لأسلمة المجتمع ؟ فبماذا نفسر تفجير محل مشروب مجاز في تلكيف يعود لمواطن ايزيدي ؟ ومن يعمل بهذه التجارة غير الأيزيدية والمسيحيين ، هذا بشكل رسمي على الأقل فهنالك الكثير من المسلمين  يستفيدون من هذه التجارة بشكل وآخر  .
وقد كتب الأستاذ هيثم ملوكا مقاله الموسوم :
" السيد يونادم كنا اذا كنت حقا قائدا ورمزا لشعبك عليك بكلمة الحق ..حتى وان كلفتك حياتك ؟؟ " حسب الرابط ادناه :http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,609478.0.html

وأنا بدوري اسأل سؤال شخصي للنائب يونادم كنا :
   
 ماذا لو كان بديل الصورة المهشمة للبطريرك الكاثوليكي الكلداني عمانوئيل الثالث دلي وكان بدلها بتلك الوضعية صورة لبطريرك كنيسة المشرق الآشورية  مار دنخا الرابع مثلاً هل كنت صرحت ايضاً بأن العملية غير مقصودة ؟ ولا تستهدف المكون المسيحي ؟  

اعود الى محور المقال وأقول ان ان السبب يعود في هذه العملية وفي التوجه العنفي المجتمعي الأسلامي ضد المكونات الأخرى غير الإسلامية بشكل عام بأنه يعود الى الخطاب الديني السياسي الذي يخيم على عموم الساحة العراقية ، وإن المكون الإسلامي الذي يشكل النسبة الكاسحة من المجتمع العراقي يتشبع بذلك الخطاب الذي يعكس الآخر وكأنه عبارة عن مجموعة من الكفار والزنادقة ليس لهم شغل شاغل سوى ارتكاب المعصيات والموبقات ، وهذا هو الخطاب الذي يشحن للجماهير الواسعة نحو الكراهية والحقد نحو الآخر غير المسلم حتى لو كان ابن الوطن العراقي الأصيل ، وإن وجوده كان قبل وجود الإسلام في هذا الوطن  . إن من يريد ان يرسي قواعد دولة القانون ويكرس قواعد الدولة المدنية الديمقراطية الليبرالية الحقة ، وينمي فضائل التسامح والتعايش ، عليه ان يقف على مسافة واحدة من كل الأديان فليس هنالك دين الله الحق والى جانبه دين الله الباطل ، كل فرد حر في دينه ومعتقده .
ما هي الفائدة من تصريح مسؤول كبير في الدولة بأنه يحترم المسيحيين وهم مواطنين اوفياء والى جانب ذلك تتعالى الأصوات عبر مكبرات الصوت في الجوامع تدعو للكراهية والحقد ؟
في الوطن العراقي يشكل المسلمون كما قلت الأغلبية الساحقة ، وإنا مؤمن ان نسبة كبيرة من هؤلاء لا يقبلون بالظلم على الآخر لا سيما إن كان ابن الوطن ولدينا مجموعات كبيرة من الأصدقاء الأوفياء من المسلمين ، لكن المسألة تكمن في سكوت هؤلاء عن الظلم ، يقول نابليون :
 ان العالم يعاني الظلم ليس بسبب الأشرار بل بسبب سكوت الأخيار ، والسؤال هو لماذا هذا السكوت المطبق للاخيار من المسلمين ما يرتبكه ابناء جلدتهم بحق الآخرين ؟
نطلب من المسؤولين العراقيين ومن دولة رئيس الوزراء نوري المالكي ، ان تكون هذه الهجمة الأخيرة وأن يترجموا اقوالهم الى افعال فيما يخص التعامل مع المكونات الأخرى من  غير المسلمين . وإن يحثوا خطباء الجوامع على التمسك بخطاب يدعو الى التعايش والتسامح مع الآخر بمنأى عنالمغالاة والتكبر ، ولننظر في الأفق البعيد وسنجد ان كل الدول العربية الإسلامية تتراوح في مكانها وإن العالم يركض نحو الأمام . ونحن يهمنا وطننا العراقي ، الذي بقي مع الأسف لحد اليوم عاجزاً عن تحقيق الحد الأدنى من طموحاته . فليكن عنصر الأخلاص للوطن ديدننا وهو الطريق الوحيد لبلوغ مرفأ الأمان والتعايش والمستقبل المزدهر للوطن العراقي .
ديترويت في 11 / 09 / 12

117
الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية تدين الأعتداءات على النوادي الأجتماعية والتضييق على الحريات الشخصية
نحن في الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية ندين عمليات المداهمة والأعتداء على العديد من النوادي الأجتماعية والثقافية وذلك يوم الثلاثاء الماضي الموافق 04 / 09 / 12 بذريعة حصول بعض المخالفات او الخروقات من قبل هذه النوادي ، إلا ان طريقة العلاج كانت بمنأى عن الأسلوب المؤسساتي الحضاري وذلك باللجوء الى  إطلاق يد الأجهزة الأمنية في معالجة الأمر .
إن اي مراقب محايد يستشفي ان العملية كان تستهدف التضييق على المكونات غير الإسلامية من النسيج المجتمعي العراقي ، بما فيهم المكون المسيحي الذي طاله القتل والإرهاب والتشريد والتهديد .. واليوم هنالك مناطق في بغداد مثل الكاظمية يحظر فيها على المرأة ان تتبضع دون حجاب .
إن هذا التضييق على الحريات الشخصية للمكونات غير الإسلامية لا يتماشى مع الدعوات لبناء الدولة المدنية المؤسساتية الديموقراطية التي تقف على مسافة واحدة من اتباع كل الأديان والمعتقدات والأثنيات والأعراق .
 لقد كانت هنالك الفاظ عنصرية صدرت عن مسؤول عسكري كبير ، موجهة لمجموعة من المسيحيين في نادي المشرق الأجتماعي على سبيل المثال : لماذا لا تهاجرون الى استراليا والسويد ؟ وكان هنالك تحطيم لصورة البطريرك عمانوئيل دلي وإهانتها ، وهو بطريرك بابل للشعب الكلداني  في العراق والعالم ، كما كانت هنالك عمليات الأعتداء بالضرب على الرواد حسب ما افاد شهود عيان . إن هذا يتنافى مع ابسط حقوق المواطن في حريته وكرامته في وطنه العراقي .
نحن في الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية في الوقت الذي نستنكر هذه الممارسات ، نطالب الجهات المختصة ودولة رئيس الوزراء بالتحقيق في هذه الإعتداءات ومعاقبة المسيئين ، وتعويض المتضررين ، ونطالب الدولة العراقية بمنح مساحة من الحرية الثقافية والإجتماعية لكل مكونات الشعب العراقي وفي المقدمة المكون المسيحي من الكلدان والسريان والأشوررين والأرمن .
د. حبيب تومي / الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية

118
توضيح للسيد ليون برخو.. تحية
اخي ليون برخو ، اولاً انا لست في وضع لتقييم الجامعات المفتوحة ، ومدى صلاحيتها في منح هذه الشهادة او تلك فهذا ليس من شأني ولا يدخل في اهتمامي .
لقد سعيت وسهرت وتعبت في الكتابة ومن ثم في التنقيحات والتصليحات ، وكنت اصبو للوصول الى هدفي ، لأن الحياة بدون هدف لا معنى لها ، ولم يدر في خلدي ان استخدم هذه الشهادة لاستلام وظيفة او منصب فلم افكر بذلك مطلقاً .
 عدم ذكر اسم المشرف يعود لأن المسالة تتعلق بموقف سياسي لا اكثر ، وليس هنالك اي تحفظات اخرى على المسالة .
انا لم افكر يوماً ان آخذ شيئاً لا استحقه .
لك آرائك ولا اريد ان ادخل في نقاش معك رغم ان فيها الكثير من الشخصنة ، فالجامعة موجودة قبل حبيب تومي وستكون قائمة بعد حبيب تومي . فلماذا التركيز الشخصي ؟
سوف لا ارد على اي موضوع تكتبه بهذا الخصوص فهو رأيك .
تحياتي
حبيب تومي

119
دعوة اخوية الى ما يسمى تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا..بشأن عقد مؤتمر قومي حقيقي
بقلم : د. حبيب تومي / ديترويت / امريكا
habeebtomi@yahoo.no
هذا المقال يعبر عن وجهة نظري الشخصية .
من نافلة القول ان سؤالاً ينبعث من ثنايا العنوان مفاده : كيف تريد ان تفتح قناة للحوار والتفاهم مع جهة وتطلق عليها لفظة { ما يسمى } ، اجل انه سؤال وجيه وأجيب عليه : ان الأخوة الكتاب في هذا التجمع يطلقون علينا في افضل الأحوال مثالب من قبيل انفصاليين وانقساميين وفي مناسبات اخرى تلصق بنا تهم التخوين والتآمر  مما يحمل الخطاب الأديولوجي الشمولي الذي ينتعش في الأحزاب المغالية في دعواتها القومية المتزمتة .
في معظم المناسبات يطرح زملاء اوأصدقاء ومنهم الأخ الشماس يوسف حودي كمثل غير حصري الذي يقول : لماذا لا تحاولون مد جسور التواصل مع القوى السياسية الآشورية ؟ مثلاً مع المجلس الشعبي او الحركة الديمقراطية الآشورية او الحزب الوطني الآشوري .. في الحقيقة ، نمد يدنا للمصافحة للحوار والمصارحة بمنطق الأخوة والند للند والشراكة الشفافة وكل طرف يكون محتفظاً باستقلاليته وكرامته دون تسيّد منطق القوي والضعيف او الغالب والمغلوب . هذا هو الطريق السوي للتفاهم .
واليوم امامنا فرصة ذهبية وهي انعقاد مؤتمر اطلق عليه اسم {{{ المؤتمر القومي }}} . وهي مناسبة لتصفية النوايا والقلوب ، آخذين بنظر الأعتبار قبل كل شئ مصلحة شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، والذي يتطلع بمهنية الى تحقيق وحدة حقيقية وليس وحدة شكلية مبنية على اساس من الرمال فحواها إلغاء الواوات فحسب ، وكأنها معجزة او عصا سحرية افلحت في مسح كل الخلافات والتناقضات لأن الواوات أزيلت ، ولا شك ان هذا الأفتراض مع احترامي لكل من يقبل به سنطلق عليه بأنه تفكير ساذج ، فليس معقولاً ان الحذف الشكلي للواو يصير الى حذف الأختلافات والخلافات والتناقضات السياسية والأجتماعية واللغوية والكنسية التي عمرها عقود بل قرون من السنين ، إنه فكر طفولي لا يستند على الحكمة والمنطق .
عليه ارى :
إن المؤتمر القومي المزمع عقده في بحر الأشهر القادمة يمكن ان يشكل محطة تاريخية في تاريخ المكون المسيحي في العراق الذي يتكون من الكلدان والسريان والآشوريين وذلك بوضع اسس متينة للانفتاح والتعاون الندي الأخوي المبني على الأحترام المتبادل ، والبعيد كل البعد عن فرض اجندات اديولوجية ، واعتبار تلك الأجندات بأنها يقينيات لا يجوز مخالفتها ومن يتجرأ على مخالفتها فهو خائن وزنديق وكافر وانفصالي وتقسيمي الى اخره من المصطلحات التي تزخر بها مكتبات الأحزاب الشمولية .
وثمة طريقان لعقد مؤتمر قومي
الأول :
كما هو معروف التجمع الذي يطلق عليه تجمع كلداني سرياني آشوري يملك امكانيات مالية فائقة، وله مواقع نافذة لدى اصحاب القرار في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان . وهذا التجمع يستطيع ان يحجز له قاعة كبيرة ذات مقاعد وثيرة ويتصدرها علم آشوري كبير ويقيم مهرجان خطابي ، ويحجز فنادق درجة اولى للمدعوين ويصرف بطاقات سفر ووو ..ويقدم دعوة لشخصيات سياسية مرموقة ، ويرسل بطاقات اخرى يدعو فيها عدداً من {المداحين والمصفقين } لكل ما يقال في المؤتمر ، ثم يصار الى إصدار  بيان ختامي وتوصيات تمت كتابتها في مستهل انعقاد اي قبيل انعقاد المؤتمر اصلاً .
كما يجري تحشيد وسائل الإعلام وفي مقدمتها  فضائيتي عشتار وآشور وبعض الفضائيات الأخرى وكل شئ يتم دون معارضة وبموافقة الجميع وبدرجة { موافج } . إن هذا السيناريو معلوم ولا يحتاج الى دراسات مستفيضة او تحليل للتنبؤ بالنتائج التي يخرج بها هكذا مؤتمرالذي اطلق عليه مؤتمر قومي ، ومقدماً يمكن التأكيد على ان المؤتمر سيكون مؤتمراً شكلياً وديكورياً للقوى المتنفذة كالمجلس الشعبي .. والحركة الديمقراطية الاشورية والأخوة الأخرين الذي لا يرغبون بتحريك الماء الراكد .
هذا هو السيناريو المتوقع والذي لا نريد ان يستمر بتلك الصورة القاتمة الكئيبة .
الأحتمال الثاني وهو الذي نقترحه
اما السيناريو الآخر هو ان يصار للإعداد للمؤتمر بتشكيل هيئة تحضيرية من نخبة من المثقفين المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين الى جانب اعضاء من التجمع المعروف باسم الكلداني السرياني الآشوري ، وأعضاء من الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية التي تضم كل من الحزب الديمقراطي الكلداني والمنبر الديمقراطي الكلداني الموحد والحزب الوطني الكلداني .
إن المؤتمر القومي ينبغي ان يكون فيه مساحة مناسبة لكل الآراء دون اللجوء الى الأنتقائية وفرض الأحكام الأستباقية الأفتراضية بكون فلان انفصالي وفلان وحدوي .  إن مثل هذا المؤتمر يمكن ان يشكل انعطافة في علاقاتنا ومحطة تاريخية مهمة في تاريخ الشعب المسيحي المتكون من الكلدان والسريان والآشوريين فتمد جسور الثقة المتبادلة وفي بناء علاقات اخوية ونقطة بداية لإزالة الأحقاد وترسبات الماضي والتي نجمت عن الفكر الأقصائي للاحزاب الآشورية تحديداً ، إن هذا السيناريو الذي اقترحه لمؤتمر قومي حقيقي يتسم بالمهنية والشفافية والتفاهم والتعاون الندي المتكافئ .
هذه هي نظريتنا في التعاون والتفاهم والشراكة الأخوية .
ان يصار الى فتح باب التحدث والتعبير عن الراي بكل حرية لكل الأطراف ، يمنح وقت كافي  لمن يعتبرون انفسهم اشوريين  ، وتمنح نفس المساحة من الحرية للتحدث لمن يفتخر بقوميته الكلدانية ، وحسب هذه المعادلة تمنح الفرصة لمن يعتبر نفسه سرياني ، او يقول انا كلداني سرياني آشوري او كلدوآشوري او سورايا .. الخ  هنا سوف تمنح مساحة من الحرية للجميع بمناى عن اي افتراضات اواجندات يقينية استباقية لجعلها حقائق مطلقة لا يجوز مخالفتها .
 المؤتمر القومي لكي يعني مؤتمر قومي حقيقي صحيح ، ينبغي ان ينعقد تحت خيمة يدخلها الهواء الطلق النقي تتوفر حرية التكلم والتتعبير عن الرأي دون فرض اجندات وكأنها حقائق ومقدسات لا يمكن مناقشتها او مسها  . فليس من المعقول ان نقسم شعبنا الى فسطاطين الأول انقسامي وانفصالي لانه يحترم هويته وقوميته الكلدانية ، والآخر وحدوي وأمثوي لأنه يحترم هويته وقوميته الآشورية ، يجب ان يكون لنا معيار واحد للجميع ، اجزم بعدم وجود في اثننوغرافية الشعوب على كوكب الأرض شعب يحمل ثلاثة اسماء مدمجة بشكل تعسفي ، كل ذلك يجري تمريره رضوخاً لتوجيهات سياسية تستغلها قوى سياسية لمنفعتها الحزبية . إنها إساءة لمكوناتنا واسماؤنا التاريخية الجميلة من الكلدانية والآشورية والسريانية .
المجتمع البشري يولج في العشرية الثانية من القرن 21 ونحن في زمن انتصار الأفكار الليبرالية الحديثة على الأفكار العنصرية الأقصائية البالية ، وفي محيطنا مهما جمّلت افكار إلغاء القومية الكلدانية تحت مبررات الوحدة ، فإنها تبقى افكار عنصرية إقصائية لا تختلف عن افكار اقصائية اخرى كالستالينية والصدامية والأتاتوركية التي كانت جميعها تلغي الآخر تحت ذريعة خلق مجتمع متجانس موحد ، وعندنا يجري تمرير هذه الأفكار الأقصائية تحت يافطة  خلق وحدة مسيحية قومية متجانسة ، فالفكر واحد والهدف واحد .
إن متعصبي الأمس يخجلون من افكارهم ، لكن نرى متعصبوا ابناء شعبنا المسيحي يروجون لفكر اقصائي دون خجل وكأنهم ياتون بأفكار جديدة لم تشرق عليها الشمس بينما هي افكار عنصرية بالية عفا عليها الزمن .

أقول :
إن عقد مؤتمر قومي حقيقي يكون بالأحترام والأعتراف المتبادل بين مكونات شعبنا ويتم ذلك من خلال :
اولاً :  توجيه دعوة لحضور المؤتمر المذكور للاحزاب القومية الكلدانية التي تحترم اسمها وقوميتها الكلدانية ، وهي الحزب الديمقراطي الكلداني والمنبر الديمقراطي الكلداني الموحد والحزب الوطني الكلداني ، والمجلس الكلداني العالمي في سان دييكو ، وتجمع الوطني الكلداني .
ثانياً : توجيه دعوة للاحزاب الآشورية والتي تحترم قوميتها الأشورية ولا تقبل بالتسمية القطارية .
ثالثاً: تفسح مساحة متساوية من الحرية لكل  طرف من الأطراف بالتعبير عن وجهة  نظره ، وتتاح هذه الفرصة في وسائل الأعلام لا سيما فضائتي آشور وعشتار .
رابعاً : يصار الى وقف الحملات الأعلامية بيننا لخلق اجواء اخوية في اروقة المؤتمر .
خامساً : يرفع العلم الكلداني الى جانب العلم الآشوري في قاعة المؤتمر القومي .
سادساً : يتحمل المجلس الشعبي والحركة الديمقراطية الآشورية نفقات المؤتمر ، لأن التنظيمين يتكلمان باسم المسيحيين ، ويستلمان كل المخصصات الممنوحة للمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين من قبل الحكومة المركزية وحكومة اقليم كوردستان ، فالخزينة في حوزتهم ويترتب عليهم الصرف على المؤتمر المنعقد تحت الأسم القومي .
وفي الختام اقول انها دعوة مخلصة لكي نعمل جميعاً على إذابة جبال الجليد الناجمة عن التراكمات التاريخية إن كان بشأن العمل السياسي او القومي او المذهبي ، ولا شك ان توصلنا الى نتائج ايجابية بيننا نحن السياسيين ، سوف يشكل ذلك حافزاً لرجال الدين في كنائسنا لكي يوحدوا خطابهم ويخرجوا بنتيجة في صالح الوحدة الكنسية فمهما كانت الخلافات فنحن كنيسة مشرقية واحدة يطالنا الأضطهاد بشكل متساوي بغض النظر عن المذهب الكنسي .
إنها دعوة اخوية مخلصة فهل من مجيب ؟
د. حبيب تومي / ديترويت في 03 / 09 / 12



120
الشكر والأمتنان لمن سطر جملة او خط  حرفاً او كلمة للتحية والمحبة
بقلم ، الدكتور حبيب تومي / ديترويت
habeebtomi@yahoo.no
لقد تعلمنا في المدرسة بان من يحييك بتحية فحيّه باحسن منها وفي هذا المجال فإنني انتهز الفرصة للاعراب عن شكري وامتناني لكل من ارسل تحية او قدم تهنئة او سطر مقالاً ، ويشرفني ان يكون هذاالكم الهائل من التحايا والتهاني عبر مختلف وسائل الإتصال ان اجعل منها شهادة مجتمعية رائعة بمحبة الناس وهي عندي اكرم وأسمى شهادة يحصل عليها الأنسان .
وفي هذا الصدد اقول لبعض الأخوة المنتقدين وأخص الأخ شذايا والأخ برخو والذي ادهشني الحماس والشدة في درجة الأنتقاد وكأنني اتيت بخطيئة لا تغتفر . وأقول ، إنني لم ادعي انني تخرجت من السوربون او جامعة اكسفورد ، لقد انهيت الأبتدائية في القوش ، وفي المتوسطة في تلكيف لم استطيع اكمال السنة الدراسية بسبب الظروف المادية وفي متوسطة القوش الأهلية في اواسط الخمسينات من القرن الماضي ، كان لنا معضلة كبيرة في ايجاد اجور الدراسة السنوية ( نعم السنوية ) والبالغة عشرون ديناراً . فتخرجت من متوسطة القوش وبعدها تخرجت من كلية (الحياة ) البالغة حوالي ست سنوات في جبال كوردستان ، وبعد تلك الدراسة الصعبة ، انهيت الدراسة الأعدادية الفرع العلمي في بغداد من الثانوية الجعفرية المسائية لأحصل بعدها على الشهادة الجامعية من الأتحاد السوفياتي السابق ، عن طريق بعثة حكومية ، وليس على حساب المنظمات .
وحين الحصول عى الشهادة الأخيرة لم يكن الأمر يسيراً وسهلاً لقد بحثت في بواطن الكتب والمصادر  وأجريت الأتصالات بالشخصيات التي لها معلومات عن الموضوع ومن ثم البحث في المواقع ، وبعد الإرشادات والمداخلات والتوجيهات من قبل الأستاذ المشرف ، وفي المدة الأخيرة قبل سفري الى امريكا تفرغت لفترة وقطعت اتصلاتي الأجتماعية وسهرت الليالي ، حيث كنت منكب على الدراسة والبحث من الساعة السابعة صباحاً حتى الواحدة ليلاً تتخللها فترات استراحة قصيرة لراحة العيون ، إن هذه  الفترة حقاً كانت صعبة ومنهكة ، ولكن كما قلت إن ارادتي تمنحني القوة والعزيمة للمواصلة وبلوغ الهدف .
 كنت قد اتصلت بالأخ الدكتور عبدالله رابي وعرضت هدفي في مواصلة الدراسة عبر الجامعات الحرة وكان الرجل كريماً في إبداء التعليمات وإسداء النصائح في المنهج العلمي المتبع في تقديم الأطروحة ، وعموماً كان له موقف مشجع ، فلماذا يصار اليوم الى توجيه اللوم الى هذا الأنسان الطيب ؟ ماذا لو كان بديل الدكتور عبدالله مرقس رابي اسم الدكتور محمد محسن حمادي مثلاً ؟هل كان يوجه له مثل هذا اللوم ؟ عجبي ان يصار الى تسييس المسالة الى هذا الدرك ، اين يكمن الخطأ الذي ارتكبته في هذا العمل وفي هذا السعي وفي هذا التعب ؟
لكن هذا السيل من التهاني قد انساني تعبي ، ورغم انني كنت قد كتبت كلمة شكر سابقة ، لكني اكرر كلمات الشكر والأمتنان والمحبة الى الجميع وأحسب انني مدين لهم بالشكر والعرفان ، وسوف أحاول ادراج كل الأسماء الطيبة ، ولكن مقدماً اعتذر جداً لمن يفوتني ذكر اسمه في هذه القائمة المزركشة بالأسماء الجميلة ، وكنت في الكلمة السابقة قد اشرت الى شباب القوش عموماً فاليوم اشير الى اسماء العشائر الألقوشية الكريمة الذين كان لأبنائهم الشباب حضور في القاعة . وأكرر الفقرة التي قلت فيها :
بهذا الإنجاز حققت ذاتي وكينونتي للانطلاق نحو الآفاق الرحبة ، ولكي اكون مثالاً  لشباب اليوم لتنمو عندهم فضيلة الإرادة والتصميم ، وبصريح العبارة فإن الإنجاز اصبح في المرتبة الثانية حينما غمرني هذا الكم الكبير من المحبة والتهاني ، فمحبة الناس هي كنز لا يفنى وجل ما اطمح اليه في الحياة ، فكانت ثمة زيارات ومكالمات هاتفية مهنئة ورسائل على مواقع عنكاوا وألقوش نت ونادي بابل الكلداني في النرويج و وبريدي الألكتروني وعلى الفيسبوك ، وموقع الحوار المتمدن وخورنة القوش وموقع القوش كوم ، وقرأت كلمات رائعة تفبض بالمحبة والصداقة المقدسة ، ومنها كمثل غير حصري ما كتبه الصديق مايكل سيبي وما اشار اليه الصديق زهير زورا كولا من القوش عبارة تقول : منحناك الدكتوراه قبل ان تمنحها لكم الجامعة ، والصديق جبرائيل عيسى بدي يقول : الى الدكتور حبيب تومي الذي حمل البندقية والقلم ، وأبعد من ذلك إذ تبدأ رسالة الصديق صباح بجوري  بعبارة : الاخ والصديق العزيز الدكتور ,, غصبا عاليرضى والمايرضى ,, حبيب تومي المحترم .
 وإنني اورد الأسماء والمنظمات وحسب ورودها دون وضع اي ضوابط لتفضيل اسم على آخر ، فالكل اصدقاء اوفياء ، واكرر اعتذاري لمن فاتني ذكر اسماءهم والسبب غير مقصود .
وقد  وردت تهنئة من الأستاذ فاضل الميراني سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وكذلك كان التكريم للمرة الثانية من احبائي شباب القوش في مدينة ديترويت بمناسبة نيل الشهادة في قاعة قصر الرين ، حيث اكتضت القاعة بالأصدقاء من شباب القوش العزيزة وفي هذه المرة ايضاً سوف اذكر عوائل ( اوجاغي) الشباب الحاضرين ، ومنهم شباب من بيت ( اوجاغ )  نونا وبيت كريش وروفو وشبلا وكردي وحيدو وصفار ودمان ومقدسي وختّي ، وقوجة وقس يونان وشدا وتومكا وبلو ( بجي بلو) وبلو ( قيا بلو ) وبجوري ، وخوبير وحكيم ونكارا ، وتولا وحنونا وصنا وعبديكو وهمو (تيزي ) وبوداغ وقلو وعوصجي وقانيجو وشهارة ومدالو ويلدكو وككّا وملاخا وجركو وكولا وشاجا وخوشو ووكيلا وساكو وحنو وخوركا وفعونا وجولاغ ورومايا وغيرهم .
وهذه اسماء السيدات والسادة الذين سجلوا التهاني على المواقع او ارسلوا ايميلات خاصة او اتصلوا عن طريق الهاتف او عن طريق الفيسبوك . وأدرج اسماء  السادة والسيدات والمنظمات بحسب ورودها وبشكل عشوائي دون اعتبارات معينة فالكل لهم مكانة في القلب .
/الأخ ابلحد افرام سكرتير الحزب الديمقراطي الكلداني ، أتوك ـ دهوك / الأخ سام يونو سكرتير رئيس الحزب الوطني الكلداني ـ ديترويت  / الأخ فوزي دلي عن المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد / الدكتور نوري بركة رئيس المجلس الكلداني العالمي / الصديق الأستاذ عامر فتوحي / الصديق الأستاذ الدكتور عبد الله مرقس رابي / الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، السكرتير نزار ملاخا / الصديق عادل زوري ـ ومن موقع القوش نت / جلال تومي رئيس جمعية مار ميخا الخيرية / الدكتور ابرم حنا وأخوانه / الصديق خليل برواري ـ العراق /الأخت  سولاف شاجا ـ ديترويت / الأخ نجيب جلو ـ ديترويت / الصديق عابد كولا ، ديترويت / الصديق الشماس سمير زوري ـ  استراليا / الاخ موفق السناطي ـ سان دييكو / الصديق يوسف تومكا ابو مناضل ـ سان دييكو/ الدكتور رمزي اسمرو ـ القوش / الدكتور بادر عمانوئيل قيا بلو ـ القوش / الدكتور يوسف شبلا / الاخ نشأت دمان والعائلة ـ سان دييكو / الأخوة في الهيئة الإدارية لجمعية الثقافة الكلدانية فرع القوش / والأخوة في هيئة تحرير مجلة اور ـ القوش / الأستاذ غانم كني ـ كندا / الأخ ثائر قاشا ، القوش / الشماس الأنجيلي قيس سيبي ـ سان هوزيه / الأخ جونسون الفريد / الأخ وميض بطرس آدم ـ  كندا / الصديق حازم كتو ـ  السويد / الأستاذ نامق ناظم جرجيس ـ بغداد
/ الشاعر غانم حنا النجار ـ القوش / الأخ رعد حميد قلو ـ كندا / اللجنة الأعلامية لجمعية مار ميخا ـ  سان دييكو / العزيز نائل عزاوي ـ بغداد / الأخ عصام شابا الكلداني ـ  تلسقف / الأخ عبد الباري مجيد هدايا / الأخ زيد ميشو ـ كندا  /الصديق نوئيل عوديش وعائلته ـ القوش / الصديق كامل وزي وعائلته ـ هولندا / الأخ مازن منصور / ابن العم عامر تومي ـ القوش /ابن العم ميلاد تومي ، ديترويت / ابن العم ميعاد تومي والعائلة ـ  ديرويت / ابن العم نشوان تومي ـ  بغداد / ابن العم قيس تومي وأميرة والعائلة ، نيوزيلندا / ابن العم امجد تومي والعائة ، ديترويت / ابنة العم جميلة تومي وأولادها سالم وسمير وعوائلهم ـ سان هوزيه / الأخ والصديق حكمت الياس كريش والأخوة عوني كريش ولطيف كريش وطارق كريش ـ ديترويت / الأخ نوري اياس كريش /  الأخ مازن شبلا ، رئيس جمعية اسد بابل الكلدانية الخيرية في سان دييكو  / الصديق هندرين أشرف نعمان ـ النرويج / الأخ ناحوم شاؤول ـ حيفا / الأخ صباح دمان ، سان دييكو / موقع خورنة القوش / الصديق باسل حناني والعائلة / الأخ الشماس الدكتور كوركيس مردو / العزيز سنور يوحانا والعائلة ـ ديترويت
/ الصديق فرنسيس ميخائيل صنا ومسعود ميخائيل صنا وفاضل ميخائيل صنا ومؤيد ميخائيل صنا وممتاز ميخائيل صنا / الصديق حنا اودو ـ هولندا / الصديق باسل شامايا ـ القوش / الأخوة في الهيئة الأدارية لنادي القوش العائلي / الأخ حكمت حلبي ، سويسرا/ الأخ حكمت ككا / الأخ غالي غزالة ، سدني / الصديق مؤيد هيلو ـ سان دييكو / الأخ ايليا خيرو بلو وأولاده يونس وفؤاد وجلال وفاضل وريمون  / الأخ عبد الأحد قلو ـ كندا / الأخ طالب كريم بلو ، ديترويت / الأخ يوسف يوحانا والعائلة / الصديق احمد رجب / والأخ زيد ميشو ، كندا / الأخت كافي دنو قس يونان ـ ماليزيا  / الأخوة في اتحاد المهندسين الكلدان / الأخ عيسى قلو ـ  سدني / الأعزاء : فرج اسمرو وانجيلا تومي وتيا بولينا اسمرو وبول الكسندر اسمرو وأسرة نادي بابل الكلداني في النرويج / الأخ عبد اسمرو والعائلة ـ  اوسلو / الأستاذ صادق الصافي ـ النرويج / الصديق ماجد يوسف ـ العراق /
 الأخ مايكل سيبي عن نفسه وعن منتدى المستقلين الكلدان ، والملتقى الثقافي في سدني / الدكتور سمير الخوراني ، عنكاوا/ الأخ ساهر المالح ، ديترويت / الأخ كلدانايا الى الأزل / الأخ رائد اينشكايا ، امريكا / الأخ يوحنا بيداويد استراليا/ الأخ فريد متي ، مشيغان / الأخ عماد شامايا ، كندا / مناهل 52 /الأخ جورج فرج القس يونان والأخ  اياد جورج القس يونان ـ القوش / الأخ سام البرواري / ابن العم نبيل تومي ، ستوكهولم / ابن العم عمانوئيل تومي / بنت العم بشرى تومي ، بغداد / الأخ حكمت يوسف خزمي ، السويد / الأخت ساندي ربان / الأخ جبرائيل عيسى بدي ـ سان دييكو/ العزيزان هنار وهارفي بلوـ عنكاو / الأخ غانم بلو وأخلاص تومي والعائلة ، عنكاوا / ابنة العم يازي تومي وزوجها عدنان ، عنكاوا /
ابن العم ماهر تومي ـ القوش / الأخ غاندي ربان / الأخ وديع حنا القس يونان ، سويسرا / الأخ باسم بطرس متي / الصديق جنان جبار ، عنكاوا / الأخ كميل ماموكا / الأخ جيفارا جميل / الأخ بطرس آدم ، كندا / الأخت جوليت فرنسيس ، السويد / الأخ ناصر عجمايا ، استراليا/ الصديق زهير زورا كولأّ ، القوش / الصديق حميد بوداغ والعائلة ـ  ستوكهولم / الصديق جرجيس بوتاني / الأخ خالد توما ، كاليفورنيا / الأخ غازي حنا / الأخ ميخا هرمز صليوا والعائلة / الأخ سيزار ميخا هرمز والعائلة ـ ستوكهولم / الأخ انور صليوة سبّي ، عنكاوا/ الأخ ياقو مسّو ، تلسقف / الأخ معن باسم عجاج ، الموصل / الأخ الشاعر حبيب شابو / الصديق حكمت يونان والهيئة الإدارية لنادي الكلدان في يونشوبنك السويد/ الأخ موفق هرمز يوحنا ، كندا / الأخ اوميد اوديبي ـ النرويج  / الأخ شاوول 1950 / ابن العم ادور تومي والعائلة  ـ سان دييكو / الأخ رعد دكالي ، هولندا / الأخ سعد توما عليبك ، استراليا/ الأخ صباح الصفار ، استراليا / الأخ ثائر حيدو / الأخ حنا صليوا جرجيس ، النمسا / الأعزاء هبة شهارة ورائد تومي ، اوسلو / العزيز رياض تومي ومارلين ، اوسلو / العزيزان بتول تومي ونورس تومي ، اوسلو / / الأخ الدكتور منير عيسى ، هنغاريا / العزيز هدير بلو ونرمين ـ تركيا / الأخت بتول حيدو حيدو / الأخ يوئيل يوخنا الكلداني / الأخ لؤي نونا ، تركيا / ابنة العم سهام تومي ، ستوكهولم / الجار العزيز وعد كعكلا ، القوش / الأخ نزار بطرس والعائلة ، اوسلو / الأخ عدنان ابو راني / الأخ هدير صباح كوندا / ابن العم اياد تومي / الأخ موريس توما / الباحث داود مراد الختاري / الأخ سام كمو، استراليا / حفيدي العزيزين رامي وروماريو تومي ، سوريا / وأخيراً وليس آخراً الأخ العزيز علي ايليا الكلداني مؤسس ورئيس التجمعات الكلدانية في اور المقدسة .
الدكتور حبيب تومي / ديترويت في 29/ 08  / 12



 

121

التصميم والإرادة ونيل الشهادة العلمية والشكر للمهنئين ومحاولة تسييس المسألة
بقلم : الدكتور حبيب تومي / ديترويت
habeebtomi@yahoo.no
يبقى للحياة معنى طالما امامها هدف تسعى لتحقيقه ، والإنسان من بين الكائنات الحية الأخرى تقدم في سلم التطور والتقدم بسبب إرادته القوية وطموحه الذي لا حدود له ، وقابليته على الخلق والأبداع ، فالمجموعات الحيوانية لا يمكن ان تبلغ ما بلغه الإنسان ، لأن ارقى الحيوانات يهجع الى الكسل والقيلولة والراحة بعد ان يشبع من الأكل ، او بعد ان يفرغ من غريزته الجنسية ، فالحيوان لا يفترس حيواناً آخراً ما لم تدغدغه غريزة الجوع ، لكن الأنسان هو الكائن الفريد الذي يلجأ الى الأنتقام والقتل لأسباب متعددة  ، منها الهيمنة او بدواعي الشرف او بسبب الدين او المبدأ السياسي او القومي وغيرها من الأسباب الكثيرة التي تحفزه على خوض القتال وفي النتيجة يخرج  قاتلاً او مقتولاً . والأنسان هو الكائن الوحيد الذي يتفرغ لأمور ابداعية اخرى كالفن والموسيقى والحب والبغضاء والصداقة وحب الظهور والصلاة والأيمان بالدين وبالآلهة وبالأحزاب والمبادئ والقوميات والأثنيات ..
وهذا الأنفراد في مختلف نواحي الحياة جعلت هذا الكائن الفريد{ الأنسان } يتبوأ مرتبة متقدمة في سلم التطور تسبق اكثر الحيوانات الراقية بآلاف من السنين لكي يتسيد على الأرض والفضاء . وكثير من معطيات تفوقه تكمن في إرادته وتصميمه .
ويقيني ان لكل مرحلة عمرية اهتماماتها وأهدافها ، ولكن الإرادة تبقى ذلك الحافز الكامن في اللاوعي  للوثوب نحو الهدف بقوة لا تُقهر ، لقد تأثرت كثيراً بكتاب هكذا تكلم زرادشت لنيتشة وفي وقتها كتبت خاطرة قلت فيها :
إنها إرادتــــي
في نفسـي شـئ لا يقهر
ولا تنال منه السـهام مقتلا
انها ارادتي التي لا تقهر
انها معي كظلي
تطوي مراحل السنين والزمن
صامتة لا تتغير ...
إنها قدمي السـائرة الى الأمام ابداً
كل عضو في جسمي معرض الى العطب
وحدها إرادتي تصـمد لا تبددها
المحن
ارادتي هي تفوقي على ذاتي
وفي فراغ الوحدة وصقيعها
نصمد معاً
فالإرادة ينبوعي المتفجر
تصب ابداً
في نهر الزمن
انها الراهب المتدفق شهوة
يتطلع الى ملذات كل
العاشقين
انها كالنمر يتحفز للوثوب
وراء فريسته بعزيمة
لا تلين
لو لم تكن ارادتي الحرة
لأصبحت قطعة عائمة
تتقاذفها العوادي وتقلبات
الزمن
 .............
انها ارادتي

في مرحلة عمرية كان هدفي نيل الشهادة للدراسة الجامعية وبعدها كان هدف الزواج وتكوين اسرة ، وفي مرحلة عمرية لاحقة انكببت في العمل والمثابرة لجمع المال من اجل تأمين حياة معيشية مستقرة للعائلة ، وتخلل سنين من العمر رغبة جامحة في التعلق باليسار السياسي ، وبأفكار الشجاعة والبطولة وبخوض المعارك في الجبال ، ومن ثم الدراسة في العراق وفي الخارج والعمل في اعالي البحار ..هكذا كانت حياتي متنوعة وديناميكية ، وفي {كل } تلك المراحل كان الكتاب الصديق الثابت انشد معه مواكبة الزمن وزياردة معارفي .
 وبعد طول الأسفار في معارج الحياة واستقراري بمنأى عن مشاغل  واهتمامات الحياة المعيشية ، عدت الى اسرتي الى بيتي الصغير الى بلدتي القوش الى انتمائي القومي الكلداني ، الى انتمائي الديني المسيحي الكاثوليكي ، الى وطني العراقي .
عودة الى الماضي والى عالم السياسة واستقر رأيي على الولوج في عالم العلوم السياسية ، وسجلت في وقتها في جامعة عربية مفتوحة في اوروبا ، وقطعت شوطاً لا بأس به غير ان بعض الإشكالات الإدارية حالت دون تواصلي مع هذه الجامعة ، فكان اتصالي بالجامعة العرية المفتوحة لشمال امريكا وكندا وهذا رابطها الألكتروني :
www.acocollege.com
وفي الصفحة الرئيسية قرأت هذه الفقرة التي تقول : أقرأ هنا قبل التسجيل ، وتقول الفقرة :  
هل يمكن الحصول على شهادة موثقة ومصدقة؟
نعم، يحصل كل طالب بعدا لتخرج على شهادة موثقة باسمه وشهادته، ومصدقة من الدائرة القانونية وحاكم الولاية ومصدقة ايضا من وزارة الخارجية الامريكية بتوقيع وزيرة الخارجية شخصياً، ونمنح شهادة بالدرجات التي حصل عليها طوال سنوات دراسته معنا.والجامعة غير مسؤولة عن تصديق السفارات العربية على الشهادات ، لانه لكل دولة تعليماتها الخاصة بتصديق الشهادات . وتقول الجامعة ايضا :لا نضمن اعتماد الشهادة الممنوحة للمعادلة مع الجامعات الاخرى فكل جامعة تعليماتها الخاصة ولكل دولة شروطها في المعادلة ،وان الشهادة الممنوحة من قبلنا تمنحك فرصة العمل في الدوائر التي تقبل الشهادات الممنوحة عن طريق الانترنيت "التعليم المفتوح " .وهكذا كل شيىء كان واضحا لي.
من هنا فأنا لم افكر في تصديق الشهادة في السفارات او في وزارة التعليم العالي ، اما ان اجعل الشهادة كوثيقة لتسنم مركز وزاري او غيره في اقليم كوردستان  فهذا الزعم ايضاً بعيد عن الواقع وعن طموحاتي الشخصية فلم افكر يوماً بهذا الأمر .
ويتعين علينا ان لا نخلط العلاقات الأجتماعية والثقافية مع الأختلافات السياسية ، وليس من المعقول ان نعمل على تسييس كل الحوادث والعلاقات ، وأخص هنا الأخ غسان شذايا . لقد اطلعت عبر الأخ كوكل ان الأستاذ خالص ايشوع قد حصل شهادة عالية باختصاص إدارة اعمال من الجامعة الحرة في هولندا ولم يكن هنالك اي ضجة او تسييس للمسالة ، فالدراسة المفتوحة منتشرة في قارات الأرض ، وهنالك اعداد كبيرة تزاول هذه الدراسة ، ولكن حبيب تومي لوحده من تعرض الى سلسلة من التأويلات والأنتقادات اللاذعة والسبب كما قلت انه حبيب تومي ، والمسألة لا تثيرني ، لكن لا اريد ان تكون ثمة إساءة لأية مؤسسة بسببي .  وثمة أمر آخر وهو عنوان الأطروحة :
البارازانيون ودورهم السياسي في المسالة الكوردية .
اقول :
إن الدارس من حقه ان يكون له حرية اختيار الموضوع الذي لم يسبق طرحه ، وأنا شخصياً لم استلم اي ايحاء من اية جهة لا كوردية ولا غير كوردية ، وليس لي ارتباط بأي حزب او جهة كوردية انني إنسان مستقل برأيي ولا اخضع لأي توجيهات ، وكان اختيار الموضوع بمحض إرادتي .
 لقد ارتبط البارزانيون اكثر من غيرهم من القبائل الكوردية مع الأقليات بضمنهم المسيحيون واليهود ، وهم اكثر القبائل الكوردية قرباً وعلاقة مع هذه المكونات فأين يكمن الخلل ان اعود الى هذا التاريخ وأن القي اضواء على هذه القبيلة التي كان لها دور كبير في الحركة الكوردية في بداية القرن العشرين ، وكذلك تبعات ونتائج هذه الحركة على عموم العراق وعلى شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، بما فيهم المكون الآثوري والمكون الأرمني . فالأختيار كان في عداد الطبيعي والمألوف ، وليس ثمة اي غايات اخرى في المسالة ، وببساطة انا لست محتاجاً الى مال او الى منصب في كوردستان ، وهذا مختصر مفيد .
اقول :
بهذا الإنجاز حققت ذاتي وكينونتي للانطلاق نحو الآفاق الرحبة ، ولكي اكون مثالاً لشباب اليوم لتنمو عندهم فضيلة الإرادة والتصميم ، وبصريح العبارة فإن الإنجاز اصبح في المرتبة الثانية حينما غمرني هذا الكم الكبير من المحبة والتهاني ، فمحبة الناس هي كنز لا يفنى وجل ما اطمح اليه في الحياة فكانت ثمة زيارات ومكالمات هاتفية مهنئة ورسائل على مواقع عنكاوا وألقوش ونادي بابل الكلداني في النرويج ، وبريدي الألكتروني وعلى الفيسبوك ، وموقع الحوار المتمدن ، وقرأت كلمات رائعة تنبض بالمحبة والصداقة المقدسة ، وجميل ان اقرأ للصديق زهير زورا كولا من القوش عبارة تقول : منحناك الدكتوراه قبل ان تمنحها لكم الجامعة .
 وإنني اورد الأسماء والمنظمات وحسب ورودها دون وضع اي ضوابط لتفضيل اسم على آخر ، فالكل اصدقاء اوفياء ، واقدم اعتذاري مقدماً لمن فاتني ذكر اسماءهم والسبب غير مقصود .
وقد  وردت تهنئة من الأستاذ فاضل الميراني سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وكذلك كان التكريم للمرة الثانية من احبائي شباب القوش في مدينة ديترويت بمناسبة نيل الشهادة في قاعة قصر الرين ، حيث اكتضت القاعة بالأصدقاء من شباب القوش العزيزة وفي هذه المرة ايضاً سوف امتنع عن ذكر الأسماء مع اعتزازي بكل الحضور ، وكما سبق ذكره سوف اكتفي بذكر اسماء السيدات والسادة الذين سجلوا التهاني على المواقع او ارسلوا ايميلات خاصة او اتصلوا عن طريق الهاتف او عن طريق الفيسبوك . شكري الجزيل ومحبتي لكل من تفضل وسطر كلمة التهنئة ، إن محبة الناس هي اسمى ثروة . وأدرج اسماء  السادة والسيدات والمنظمات بحسب ورودها وبشكل عشوائي دون اعتبارات معينة فالكل لهم مكانة في القلب .
الأخ ابلحد افرام سكرتير الحزب الديمقراطي الكلداني ، الأخ سام يونو سكرتير رئيس الحزب الوطني الكلداني / الأخ فوزي دلي عن المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد / الدكتور نوري بركة رئيس المجلس الكلداني العالمي / الأستاذ الدكتور عبد الله مرقس رابي / الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، السكرتير نزار ملاخا / عادل زوري ،ومن موقع القوش نت / جلال تومي / خليل برواري / سولاف شاجا ، ديترويت / نجيب جلو ، ديترويت / عابد كولا ، ديترويت / الشماس سمير زوري ، استراليا / الهيئة الإدارية لجمعية الثقافة الكلدانية فرع القوش / هيئة تحرير مجلة اور ، القوش / غانم كني ، كندا / عبد الباري مجيد هدايا / نوئيل عوديش ، القوش / كامل وزي ، هولندا / مازن منصور / عامر تومي ، القوش / مازن شبلا ، رئيس جمعية اسد بابل الكلدانية الخيرية / هندرين أشرف نعمان / صباح دمان ، سان دييكو / موقع خورنة القوش / باسل حناني / الشماس الدكتور كوركيس مردو / سنور يوحانا / فرنسيس ميخائيل صنا ومسعود ميخائيل صنا وفاضل ميخائيل صنا ومؤيد ميخائيل صنا وممتاز ميخائيل صنا / حنا اودو ، هولندا / باسل شامايا ، القوش / الهيئة الأدارية لنادي القوش العائلي / حكمت حلبي ، سويسرا/ حكمت ككا / غالي غزالة ، سدني / مؤيد هيلو / ايليا خيرو بلو وأولاده ، سان دييكو / يزيد ميشو ، كندا / وسف يوحانا وعائلته ، ديترويت  / احمد رجب / كافي دنو قس يونان / اتحاد المهندسين الكلدان / عيسى قلو ، سدني / فرج اسمرو وانجيلا تومي وتيا بولينا اسمرو وبول الكسندر اسمرو وأسرة نادي بابل الكلداني في النرويج / عبد اسمرو ، اوسلو / صادق الصافي ، النرويج / ماجد يوسف ، العراق / مايكل سيبي عن نفسه وعن منتدى المستقلين الكلدان ، والملتقى الثقافي في سدني / الدكتور سمير الخوراني ، عنكاوا/ ساهر المالح ، ديترويت / كلدانايا الى الأزل / رائد اينشكايا ، امريكا / يوحنا بيداويد استراليا/ فريد متي ، مشيغان / عماد شامايا ، كندا / مناهل 52 / سام البرواري / نبيل تومي ، ستوكهولم / عمانوئيل تومي / وديع حنا القس يونان ، سويسرا / باسم بطرس متي / جنان جبار ، عنكاوا / كميل ماموكا / جيفارا جميل / بطرس آدم ، كندا / جوليت فرنسيس ، السويد / ناصر عجمايا ، استراليا/ زهير زورا كولأّ ، القوش / حميد بوداغ ، ستوكهولم / جرجيس بوتاني / خالد توما ، كاليفورنيا / غازي حنا / ميخا هرمز صليوا والعائلة / سيزار ميخا هرمز والعائلة ، ستوكهولم / انور صليوة سبّي ، عنكاوا/ ياقو مسّو ، تلسقف / المهندس معن باسم عجاج ، الموصل / الشاعر حبيب شابو / حكمت يونان والهيئة الإدارية لنادي الكلدان في يونشوبنك السويد/ موفق هرمز يوحنا ، كندا / اوميد اوديبي / شاوول 1950 / ادور تومي ، سان دييكو / رعد دكالي ، هولندا / سعد توما عليبك ، استراليا/ صباح الصفار ، استراليا / ثائر حيدو / حنا صليوا جرجيس ، النمسا / هبة شهارة ورائد تومي ، اوسلو / رياض تومي ومارلين ، اوسلو / بتول تومي ونورس تومي ، اوسلو / ناحوم شاؤول ، حيفا/ الدكتور منير عيسى ، هنغاريا / هدير بلو / بتول حيدو حيدو / يوئيل يوخنا الكلداني / لؤي نونا ، تركيا / سهام تومي ، ستوكهولم / وعد كعكلا ، القوش / نزار بطرس والعائلة ، اوسلو / عدنان ابو راني / هدير صباح كوندا / اياد تومي / موريس توما / الباحث داود مراد الختاري / سام كمو، استراليا / حفيدي العزيزين رامي وروماريو تومي ، سوريا / وأخيراً وليس آخراً الأخ العزيز علي ايليا الكلداني مؤسس ورئيس التجمعات الكلدانية في اور المقدسة .
الدكتور حبيب تومي / ديترويت في 23/ 08  / 12

122
رحلتي الى مدينة سان دييكو ونتائج مهمة لصالح شعبنا الكلداني ولقاءات مع الأحبة  
بقلم : د . حبيب تومي / ديترويت / اميركا
habeebtomi@yahoo.no
للمرة الثانية اقطع الآف الأميال عبر الأطلسي الذي كان يطلق عليه في قديم الزمان " بحر الظلمات " لأصل الى مدينة سان دييكو الواقعة جنوب غربي اميركا ، وهي مدينة معروفة بمناخها الجميل على مدار فصول السنة ، والمترامية على مساحة كبيرة بين الجبال والوديان ، والمطلة على البحر الممتد في الأفاق البعيدة المتناغمة مع شمس الأصيل في المحيط الهادي اكبر المسطحات المائية على كوكبنا الجميل { الأرض } .
في هذه السفرة توفرت فرصة عزيزة لحضور احتفال مهيب اقيم بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس ابرشية مار بطرس الرسول الكاثوليكية للشعب الكلداني في مدينة سان دييكو ـ كاليفورنيا ، وللأيام 19 ـ 23 تموز 2012 وقدمت مختلف الفعاليات الدينية والثقافية والفنية والأجتماعية ، وكانت تلك الأيام فرصة سعيدة للقاء مع المطارنة الأجلاء : المطران سرهد جمو والمطران ابراهيم ابراهيم والمطران مار باوي سورو من خلال  مأدبة عشاء في قاعة كنيسة مار ميخا الكلدانية يوم السبت المصادف 21 / 07 إذ جرى تكريم عدداً من الشخصيات والمنظمات التي ساهمت في مسيرة الأبرشية منذ تأسيسها وكذلك الشخصيات الذين كان لهم دور جيد في العمل القومي الكلداني .
وهنا اريد ان اشير الى ناحية مهمة في هذه الأبرشية التي يقف على راسها المطران الجليل مار سرهد جمو ، الذي استطاع بكل شجاعة ان يكسر طوق الخوف ، من التهمة الجاهزة التي تلصق بكل من يدافع عن حقوق شعبه الكلداني بأنه انقسامي وانفصالي .. فحطم حاجز الخوف بعقد مؤتمر النهضة الكلدانية في مركز ابرشيته في سان دييكو قبل عام ونيف . لقد كان البطريرك مار دنخا الرابع هو المبادر الأول للوقوف مع شعبه قومياً ، لكن ثمة فرق بين الموقفين ، وهو ان البطريرك مار دنخا الرابع اتسم موقفه بمساحة من التزمت في إلغاء قوميتنا الكلدانية فيما بادر المطران سرهد جمو الى الأعتراف بكل مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين وتحت فكر مبني على الأحترام المبادل دون اقصاء اي طرف من الأطراف .
لقد تضمن برنامج الأحتفال يوم مخصص لبحث المسائل القومية التي تخص شعبنا الكلداني ، وقد تحدث الأستاذ الدكتور عبدالله رابي عبر محاضرة قيمة عن برنامج العمل الكلداني ، وكان الدكتور نوري بركة رئيس المعهد الكلداني الأمريكي قد تحدث قبل ذلك ورحب بالحضور وللرجل دور فاعل في مبادرة للعمل القومي . كما كان ثمة فسحة زمنية للتحدث بالشأن القومي لكل من الأخوان ابلحد افرام  الأمين العام حزب الديمقراطي الكلداني والدكتور نوري منصور سكرتير المنبر الديمقراطي الموحد والأخ سام يونو سكرتير الحزب الوطني الكلداني والأخ بهنام جبو رئيس اتحاد الاندية الكلدانية في السويد ، وكاتب هذه السطور المتواضعة .
 اجل ان ابرشية مار بطرس الكاثوليكية للشعب الكلداني ، حينما يصار الى جواز الاحتفال بتاسيس هذه الأبرشية الكنسية ، يتعين ان تمتلك حقوق اخرى ثابتة في ان تفتخر وتعتز بالهوية  القومية للشعب الكلداني ، وأؤكد ان ابرشية مار بطرس الكاثوليكية لشعبنا الكلداني هي الوحيدة بين ابرشياتنا في العراق والعالم التي تحمل هذا السمة بامتياز وبشجاعة ، وانا اقول هنا ان هذه الأبرشية لم تنحني او تخشى ، لما استطيع ان اسميه الأرهاب الفكري الذي يطبق بحق شعبنا الكلداني ، حيث من المحظور على اي كلداني التعبير عن هويته القومية بحرية ، وفي احسن الأحوال تلصق به المثالب وتوجه له التهم إن تجرأ احد ابنائه بالأعلان او بالدفاع عن هويته القومية الكلدانية ، وفي احوال اخرى يجري محاربته في رزقه او يصار الى محاربة كلامية او يحاط بتعتيم إعلامي . وهذا ليس سراً اكشفه بل هو واقع مؤسف نعيشه ولدي امثلة كثيرة ووقائع لا تخفي على ذي نظر .
لكن تبقى النتائج المهمة التي ترتبت على هذه الزيارة هي التي تمخضت عن اجتماع قادة ومسؤولي احزاب شعبنا الكلداني الذين تقاطروا الى هذه المدينة من العراق واوروبا ومن امريكا وكندا ، فحضر كل من الأخوة : الدكتور نوري بركة والأخ أبلحد افرام والأخ الدكتور نوري منصور والأخ سام يونو والأخ الدكتور عبد الله رابي والأخ شوقي قونجا والأخ صباح دمان والأخ بهنام جبو وكاتب هذه السطور ، وكان الأجتماع في مقر المعهد الأمريكي الكلداني ، وبعد التداول والمناقشات المستفيضة اعترف الجميع بالواقع المرير الذي يمر به شعبنا الكلداني ، فما هو معروف وبديهي ان الشعب الكلداني سلبت حقوقه القومية والسياسية بشكل ظالم وغير انساني ، إن كان بما طاله من عمليات ارهابية وتهجير ومحاربة ، او كان بما تعرض له من سلب حقوقه القومية بحجة كونه مكون مسيحي ، والحملة الظالمة اللاإنسانية التي يتعرض لها لطمس تاريخه وقوميته الكلدانية في وطنه العراقي وهذا يعتبر انتهاك لحقوق الأنسان .
لكن اهم من كل ذلك ، كان الأعتراف الصريح بأن جزءَ مهماً  من هذه المسؤولية يقع على عاتقنا نحن الكلدان ، فبالرغم مما اصابنا من غبن وإهمال وتهميش ، غير ان ذلك لم يشكل حافزاً لتوحيد خطابنا بشكل جوهري وحقيقي ، فكانت منظومة النقد الذاتي مقبولة بشكل ملفت ، واتفق الجميع على توحيد الخطاب قبل كل شئ ، وكان الأتفاق على تشكيل هيئة عليا للتنظيمات الكلدانية السياسية ، وإن يكون تشكيل تلك الهيئة باكورة عمل جماعي لخطوات مستقبيلة أخرى .
من الجوانب الأخرى لتلك الزيارة كانت اللقاءات مع عدد كبير من الأصدقاء والأحبة وهنا يحضرني اللقاء مع الأب نوئيل كيوركيس الراهب ، ومع الأب ميخائيل بزي والذي اهداني مشكوراً نسخة من كتابه الموسوم : بلدة تلكيف ماضيها وحاضرها ، ط2 والذي يفتتح الكتاب بكلمات جميلة يقول فيها :
تلكيبه دوشة بكمّي
يا أثرا دبابي ويمّي
شمّاخ بطاننّه إمّي
أوبراخ بكولنّي بدمّي
وهو يترجمها :
تلكيف عسل في فمي
يا بلد أبي وأمّي
اسمك سأحمله معي
وترابك سأمزجه بدمي
وكان لي لقاء اخوي جميل  مع الأب سعيد بلو الذي اهداني مشكوراً : كتابه الموسوم : قطرات وهو عبارة عن خطب ومقالات وقصائد ، والكتاب الثاني وهو تحت عنوان : وهج الرماد والذي ورد في مقدمته :
وهناك الربوة / سقطت فوق الهشيم / في الثنايا دمعة / من شذى القلب الأليم / كلما مرّ الهدى / في ربى الدير القديم / تسكب الذاكرة / عبر امواج النسيم / من حناياها ندى / من مآقيها نعيم .
وليس لي مفر من اللحظات الجميلة مع الأحبة والأصدقاء والتي تداهمني ولا تسمح بأن يكون لنسيانها سبيل ، فقد امضينا اوقاتاً جميلة مع نخبة من الأصدقاء القدماء في مدينة ساندييكو وكانوا من قرانا ومدننا الكلدانية ، إن كان من السناطي او شيوز او من تلسقف او تلكيف او من القوش او من مدن وقصبات اخرى ، وإن كنت قد عزفت عن ذكر الأسماء في المقال السابق فاليوم اشير الى بعض الأحبة وارجو المعذرة مقدماً إن فاتني احد الأسماء ، فكان اللقاء مع الأخوة صباح دمان بشكل دائم وعائلته الكريمة ، والصديق يوسف تومكا ابو مناضل ونصرت دمان ، ونجيب حنو وبدري قانيجو ونبيل دمان وايوب دمان وأكرم اسطيفانا وموفق السناطي وأصدقاء آخرين حيث كنا نلتقي في نادي ملسن ، ولا انسى ضيافة ابن العمل ادور تومي وعائلته الكريمة ، والأخ رافد سورو وعائلت الكريمة ، وضيافة الأخ طارق جيقا وأخوانه النجباء رافد وخالد وزهير والأخ اكرم جيقا ، وأشير الى ضيافة الأخ حكمت من تلسقف . لكن تبقى زيارة الخال ايليا خيرو بلو في الذاكرة مع اخوانه واولاده النجباء وأذكر منهم الصديق العزيز يونس بلو والأخ فؤاد بلو وكل الخؤولة من آل بلو الكرام .
اكرر اعتذاري لمن فاتني او لم يحضرني اسمه فيبقى اعتزازي واحترامي للجميع في هذه المدينة الطيبة بمناخها وجبالها التي تشبه جبال القوش وجاليتها الطيبة من الأخوة الألاقشة ومن تلكيف وتلسقف وباطنايا ومدن اخرى نعتز بها جميعاً دون تفرقة او تعصب ، إنها مدن جميلة من الوطن العراقي العزيز .
الدكتور حبيب تومي / ديترويت في 16 / 08 / 12

123
يوم من عمري مع شباب القوش في ديترويت بأميركا
 بقلم : حبيب تومي / ديترويت / اميركا
habeebtomi@yahoo.no
لقد ترددت في اختيار العنوان لهذا المقال ، إنها ليلة من العمر ليس الى نسيانها سبيل ، فثمة دعوة من شباب القوش في ديترويت ، وأردت ان اكتب المقال تحت عنوان " أسعد لحظات حياتي او اسعد يوم في حياتي " وعناوين اخرى ، ولكن أخيراً استقر قلمي على عنوان يوم من عمري ، لأن العمر ايام في سيرورة دائمة ، ومثله مثل القطار الذي يقف في مختلف المحطات وكل محطة لها خصوصيتها واسمها ، والقطار الذي يسير تحت الأرض يقطع الأنفاق المظلمة ليصل الى محطات جميلة ومضيئة ، وهكذا كان يوم الأثنين الموافق 06 / 08 / 12 ا يوم جميل ومتميز ومضئ في حياتي . وكم تكون عزيزي القارئ  سعيداً حين بلوغك ذروة شجرة عملاقة لتفوز بثمرة طيبة يانعة ، هكذا هي محبة الناس ، فكم هي جميلة محبة هؤلاء الشباب ، كم هي جميلة الأبتسامة على وجوه الأخوة والأصدقاء ، كم هي جميلة الصداقة المقدسة ؟ اجل تبلورت كل هذه المعاني الرائعة في تلك الأمسية الجميلة التي اعتبرتها ليلة من العمر ليس الى نسيانها سبيل كما قلت في كتابة هذه المقدمة .
 لقد كانت دعوة محبة من شباب القوش في هذه المدينة لحبيب تومي ، وقد اكتضت قاعة نادي قصر الراين بالحضور وكان جلهم من الشباب ، إضافة الى نخبة طيبة من المثقفين والمهتمين بالشؤون القومية والسياسية من ابناء شعبنا واعتذر جداً لهؤلاء السادة الكرام عن ذكر اي اسم مع اعتزازي الكبير لكل الحضور . ولكن لا بد من الأشارة الى ان الأخ عماد ربان صدح صوته الجميل بمجموعة من الأغاني ومنها مقام جميل باللغة العربية يقول فيه :
رأيت مليحة كالغصن مالت      يجرد لحظها سيفاً مهنداً
تثير ملوك الحسن عشقاً        بثوب اسود والطرف اسود
فقلت لها اراهبة فقالت          اتنكر حالتي والزي يشهد ؟
ثم تحول الى لغتنا الكلدانية ليقول بالسورث :
 {هاي ماني ماني ، كياتوا بليلي كسابرالي ، كباخيا وكبا كردنا ، مزابنن بيثي وعقاري }.
 وتوالت الأغاني  الشعبية لتتشابك الأيادي في حلقات { خكّي } الدبكات في { كلشايني والسّسكاني والشيخاني وهري كلي } وفي وسط حلقات الدبكة كان الشباب بمرح يرقصون { مَرخوشي } على الطريقة الألقوشية وهي الرقصات { مرخوشي } المتسمة بالرشاقة والحماسة في آن واحد .
لقد كانت عدسة الأخ عصام شعيوكا لموقع القوش كوم حاضرة ، وصورت تلك الأمسية الجميلة تحت عنوان : لقطات من الحفل الترحيبي للأستاذ حبيب تومي في ديترويت .
ويمكن الرجوع اليها حسب الراباط ادناه :
http://www.youtube.com/watch?v=6PQYlGJh5cg&feature=player_embedded&list=PL2A41914B0D1243DE
حينما تحدثت في بداية الحفل وفي نهايته كانت مناسبة لأشير الى ضرورة تعضيد القوش وكل مدننا وقرانا ، ويتجسد هذا التعضيد في إقامة المشاريع الإستثمارية في بلداتنا ، إذ يأتي في بواكير مسببات الهجرة معيشة الإنسان التي تعتمد على  العامل الأقتصادي ، فالبطالة هي من الآفات التي كانت لها دوماً دوراً كبيراً في دفع المزيد من الشباب لا بل من العوائل الى الهجرة وكانت وقتذاك الهجرة الى مدن العراق لكن واليوم فإن ابواب الهجرة الى الخارج ومسبباتها تبدو طاغية ، وهي تعصف بإنهاء وجود شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق من وطنهم العراقي ، فالعامل الأساسي هو الأقتصاد .
وفي معرض حديثي للاصدقاء والضيوف القادمين من العراق ومن بلدان اخرى ، لمّحت بأن ابناء القوش او ابناء بلداتنا في الوطن على العموم قد تحسن وضعهم الأقتصادي والمعاشي ، ولكن يمكن تجسيد الحد الأدنى من الدعم بقيام بسفرات سياحية الى مدننا وقرانا الكلدانية ، وان القوش لها اهمية سياحية بأماكنها التاريخية وأديرتها ومناطقها السياحية الجميلة كقرية بيندوايا وكليّ ديرا علايا وينبوع كبّا دمايا .
ان الزيارة لألقوش هي مساهمة في اقتصادها فالزائر من بلاد المهجر في كل المناسبات ، سيصرف مبلغاً من النقود وبوجود نسبة كبيرة من السياح مثلاً في الربيع الذي يقع فيه شيرا دربان هرمز فسيشكل ذلك ينبوع نقي  للازدهار الأقتصادي بمنأى عن فكرة المساعدات ومنظومة عمل المعروف والخير .. الخ إن وهذا يجسد الحد الأدنى كما قلت من الوفاء لبلدتنا الكلدانية الجميلة القوش .
برأيي المتواضع ان تلك الأمسية الجميلة مع الضيوف الأجلاء من المثقفين ومن الأحزاب والمهتمين بالشأن القومي والسياسي  ومن رجال الأعمال ومن الوجوه الطيبة لشباب القوش الذين ينتمون لمختلف عشائر القوش { أوجاغي دألقوش } ، وتكريم حبيب تومي بتلك الصورة الجميلة إن كان بالرقص او بترديد اغاني او بحلقات الدبكات الألقوشية او بالتقاط الصور او بالأحاديث الودية .. كل ذلك اعتبره عودة الى الهوية ، فلماذا تكريم حبيب تومي ؟ ولماذا ترديد تلك الأغاني ، وممارسة تلك الرقصات كل ذلك جزء من فولكلور القوش ؟ فكما هو معلوم من دروس الأنثروبولوجيا فإن الفولكور بتنوعاته يعتبر جزء من هوية الأنسان .
 بعض الأخوان ابدوا خشيتهم من ذوبان وانصهار هويتنا الكلدانية في عالم العولمة الذي ينشأون فيه لا سيما الجيل الثاني من الأطفال الذي ينمو في هذه المجتمعات ، اجل انها معضلة كبيرة امام الهويات الصغيرة التي تبقى وكأنها جزر مرجانية ناتئة في بحر مترامي الأطراف ، وأنا اقول هنا ان جيلنا يتحمل كثير من المسؤولية ، فعلينا ان نؤدي واجبنا بشأن الوفاء لهويتنا الكلدانية وذلك بالأصرار ومواصلة التحدث بلغتنا وتدريسها قدر الإمكان للاجيال اللاحقة بالإضافة الى التمسك والأعتزار بتقاليدنا الأخرى منها ازياؤنا ومأكولاتنا وعاداتنا في الزواج والوفاة واحتفلاتنا في الأعياد وطقسنا الكنسي الكاثوليكي الكلداني الذي افلح في الحفاظ على هويتنا اللغوية والقومية عبر الآف السنين رغم كل الحملات التي تعرض له شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق .
انا شخصياً اعتبر تلك الأغاني وتلك الدبكات وتلك النكت وتلك الأحاديث وتلك الدعوة لحبيب تومي ، اعتبر كل ذلك جزءاً من الوفاء للهوية ، جزءاً من العودة  للجذور . في تيار الذكريات من القوش يحمل اكثرنا إن لم يكن جميعنا كيف ان طير السنونو { طيرا دصلوني} يطير بعيداً ليعود في الربيع القادم الى بيته والى عشه الجميل الذي تركه وهو صغيراً وقتما تعلم الطيران ، هكذا هي الحياة والإنسان من بين كل الكائنات استطاع ان يلتف حول هوية معينة وأن يتعاون وان يتآزر مع المشتركين معه في تلك الهوية ، هنالك تعاريف كثير للهوية ، ومنها الهوية السياسية والدينية والأجتماعية ، وأنا اقول ان الهوية هي :
{{{{{ ظل الأنسان }}}}}
وهي معه في حله وترحاله ، بعض الأخوة يقولون لي بأنه ليس ثمة حماس او نزعة قومية كلدانية شديدة ، وأنا اقول ان الأنسان ليس مطلوباً منه ان يعلق لافته على صدره يعلن فيها عن هويته ، ولكن هو يعلن عنها بصورة غير مباشرة ، فنحن لا نرسم علامة الصليب في الشوارع أو نعلن عن انتمائنا المسيحي في كل لحظة ، ولكن حينما نتوجه الى الكنيسة أيام الأحاد ، وحينما نحتقل بعيدي الميلاد ورأس السنة وعيد القيامة ، كل هذه الفعاليات هي جزء من التعبير عن مسيحيتنا ، وهذا ينطبق على التعبير عن هويتنا القومية حينما يطلق على حيّنا في اميركا بمدينة سان دييكو او ديترويت لفظة {CHALDEAN} ، او حينما نتوجه الى كنيسة كاثوليكية وفيها طقس كلداني على وجه الخصوص ، او حينما نمارس مآثرنا وأوابدنا ونغني اغانينا ودبكاتنا وتراثنا او نتحدث عن تاريخنا كل ذلك يصب في محصلة الإعراب والأعتراف بالهوية الكلدانية او بغيرها من الهويات ، وكما قلت قبل قليل ان الهوية هي ظل الأنسان ، فإنما يحاول ان يعبر عن هويته وعن تاريخه وتقاليده على المجتمع الذي انخرط فيه لسبب ما ، وهذا الشخص ليس مهماً ان يكون ضمن حزب قومي او خارجه فمسألة الهوية ، مسألة متأصلة في دواخل الجنس البشري ، وربما تتاح لنا مناسبة معينة لنتحدث عن هذا الأمر بكل مهنية وشفافية دون تعصب وبعيداً عن اية مغالاة عنصرية .
 الف تحية لمن لبى الدعوة من الأصدقاء والزملاء الأجلاء ومن شباب القوش الطيبين ومن منظمي تلك الأمسية الجميلة .
حبيب تومي / ديترويت /اميركا في 09 / 08 / 12

124
 بيان الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية حول تصنيف القومية التركمانية كقومية ثالثة
الهيئة العليا للتظيمات السياسية الكلدانية تعرب عن استيائها  لاستمرار تهميش حقوق الكلدان  في البرلمان العراقي .
كانت حصيلة التصويت الذي جرى في البرلمان العراقي يوم السبت  الموافق 28 / 07 / 12  إصدار قرار برلماني يقضي بجعل التركمان القومية الثالثة في العراق ، وان يتمتع أبناء هذا المكون بكافة الحقوق الدستورية والقانونية وتشريع ما يترتب على ذلك من قوانين لتمكينهم من ممارسة حقوقهم الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية والمشاركة في الحكومة الاتحادية .. مع  تشكيل هيئة عليا لشؤون التركمان ومنحها تخصيصات مالية من الميزانية الأتحادية لتلبية أحتياجات المواطنين التركمان .. الخ
 نحن في الهيئة العليا للتظيمات السياسة الكلدانية ليس لنا اي تحفظ لإقرار الحقوق القومية الكاملة لأي مكون عراقي  وليس لنا اي تحفظ على تصنيف القومية التركمانية كقومية اولى او ثانية في العراق ، لكن يحق لنا نحن الكلدان ان نطرح جملة اسئلة على اعضاء البرلمان والأستاذ اسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي ، وأن نسال اين الحقوق القومية والسياسية للشعب الكلداني ؟
 ما هو تصنيف مكانة القومية الكلدانية ، المدونة في الدستور العراقي  في حساباتكم ؟ انكم اعضاء البرلمان العراقي وان الشعب الكلداني هو مكون اصيل في العراق ويشكل القومية الثالثة في الخارطة القومية العراقية فلماذا لا تحركون ساكناً لإقرار حقوق هذا المكون الأصيل .
 نحن في الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية ، في الوقت الذي نقف فيه الى جانب اقرار حقوق كل المكونات العراقية الأثنية والدينية والقومية والثقافية واللغوية ..  فإننا نطالب السادة اعضاء البرلمان العراقي والأستاذ اسامة النجيفي رئيس البرلمان بالأعتراف الكامل الصريح  بالحقوق القومية والسياسية للشعب الكلداني  وذلك بإقرار كوتا كلدانية بشكل مستقل في البرلمان العراقي والعمل على تمثيل كلداني في  المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وفي مجالس المحافظات والأقضية والنواحي .
إننا نطالب الحكومة العراقية  والبرلمان العراقي بالأعتراف الكامل بحقوق الكلدان في الوطن العراقي .

حبيب تومي / المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للتنظميات السياسية الكلدانيــة

125
عزيزي سيزار الاتحاد العالمي ..  قطار يسير وفي كل محطة هنالك من يصعد ومن ينزل
بقلم : حبيب تومي / ساندييكو
habeebtomi@yahoo.no
اخي سيزار هرمز ..
قرات مقالك على موقع عنكاوا تحت عنوان : (آن الاوان للقول - وداعأ للإتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ) . وفي الحقيقة قرأت المصداقية في معظم ما كتبته عن عملية التأسيس والصعوبات التي نشأت امامنا في تلك المرحلة ، والدراسة المستفيضة التي سبقت اعلان التأسيس في 13 / 07 / 2009  وإنك نسيت او اهملت عملية التشويه والأرهاب الفكري الذي تعرض له الأتحاد ، ومن سيل التهم والمثالب التي لصقت  بالأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان من ضرب الأنقسامية والخيانة والتآمر وعدم وجود شرعية والى اخره من البدع والأختراعات التي تخترعها المخيلة العنصرية الأقصائية لبعض الأحزاب المسيحية القومية المتزمتة ، وهي معروفة لا داعي لذكر اسمها .
اجل هنالك اتحادات ومنظمات ادبية وفكرية تخص المكون المسيحي منها التي ذكرتها ومنها رابطة الكتاب الآشوريين واتحاد الأدباء السريان ، وأضيف انا هنا اخي سيزار اتحاد الكتاب والأعلاميين الكلدان الذي تأسس مؤخراً .
 اقول :
إن الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان تأسس ( وانت احد مؤسسيه وهذا شرف لك ) على امل ان يكون مدافعاً اميناً عن الشعب الكلداني وحقوقه المهضومة في وطنه العراقي وفي اقليم كوردستان وفي العالم ، وذلك ايماناً منا بمناصرة حقوق الأنسان الثقافية والدينية والأجتماعية والعرقية والسياسية والقومية  ، وانت تعلم عن الحملة الظالمة التي تعرض لها الأتحاد وأنت كنت ايضاً من المغضوبين عليهم بسبب موقفك الشجاع وإصرارك على الدفاع عن حقوق الشعب الكلداني ، وكنت في مقدمة الذين اتفقنا في الأتحاد ان نشن حملة اعلامية في مسألة مذبحة صوريا الكلدانية والتي وضعت تلك القضية امام المسؤولين بعد ان كانت مدفونة في غياهب النسيان لمدة 40 سنة , وغيرها من الحملات الأعلامية التي نقوم بها لمناصرة الشعب الكلداني وقضيته العادلة .
عزيزي سيزار هرمز
نحن لم نؤسس اتحادنا من اجل نيل الشرعية او من اجل عقد مؤتمر ، ورغم اننا نريد وبحاجة الى الشرعية والمؤتمر ، إن كان ذلك لا يتعارض ولا يؤثر على استقلاليتنا وكلمتنا الحرة .
 لكن هل يقبل الأخوة المتربعون بالقرب من مصادر القرار ان نمتلك مثل تلك الشرعية بتلك السهولة ؟  ثم ما همية الشرعية يا اخي العزيز ؟ إن الأحزاب العراقية من الحزب الشيوعي الى حزب الدعوة الى الوطني الكوردستاني والى كل الأحزاب العراقية تعمل بدون شرعية وليس لها اجازة ومع ذلك تحكم العراق فعن اي شرعية تطالبنا يا اخي العزيز سيزار  ؟
لقد كتبت اخي سيزار :
(إن رابطة الكتاب الاشوريين تعمل في العراق ولها وجودها وأتحاد الادباء السريان كذلك وله شرعية) . انتهى الأقتباس
اجل هنالك رابطة للكتاب الآشوريين يملكون الشرعية والمقر والأموال والأمكانيات لأنهم  ببساطة يعملون بمباركة الأحزاب الآشورية المهيمنة على زمامم الأمور للمكون المسيحي برمته وبيدهم يمسكون تلابيب مصائر السلطة والنفوذ  والأموال . انهم  يتكلمون باسم كل المسيحيين لكنهم يعلمون لقوميتهم الآشورية فحسب ويبخسون ويستهجنون اي فكر او مشاعر قومية كلدانية  او تاريخ  او هوية كلدانية .
 لكن قل لي اخي سيزار ما هي انتاجاتهم الأدبية والكتابية ؟
 وهذا ينطبق الى حد الى ما على اتحاد الأدباء السريان الذي تهيمن عليه الحركة الديمقراطية الآشورية ، ولهذا الأتحاد إجازة من الحكومة العراقية وتمنح المساعدات للمنتمين لهذا الأتحاد ، ومع ذلك فإن انتاج كتابه لا يتناسب وشرعيته التي تتكلم عنها . اما الأتحاد الجديد وهو اتحاد الكتاب والأعلاميين الكلدان ، الذي اسسه احد زملائنا وباعنا بحفنة من الدراهم ، فقد انفتحت امامه ابواب الجنة وتلقفته فضائية عشتار بالأحضان منذ اليوم الأول حينما اعترف بالتسمية الثلاثية التي تستهدف طمس القومية الكلدانية بشكل عنصري اقصائي فاضح ومتناقض مع حقوق الأنسان في الحرية والمعتقد والأنتماء . وانا اسألك ما هي النتاجات الكتابية لهذا الأتحاد سوى المزيد من الأجتماعات واللقاءات بغية استلام المزيد من المساعدات المادية .
عزيزي سيزار :
 أن الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان تأسس من اجل الدفاع عن الحقوق القومية والثقافية والسياسية للشعب الكلداني ، وليس من اجل استلام اجازة وفتح ( دكان ) نستلم بموجبه مبالغ الأيجارات ، بإمكانياتنا الذاتية  سوف نفتح لنا مقراً في العراق وعلى حساباتنا الخاصة دون ان نستلم فلساً واحداً من اية جهة .
اخي سيزار :
إن رصيدنا ورأسمالنا هو كرامتنا  واستقلاليتنا وخطابنا الحر المستقل ، ولا نبحث عن المقرات وعن الشرعية وعن الدراهم .
 إن الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان جسم ثقافي قومي ، يعترف بالجميع وبحريتهم وبانتماءاتهم ، ونحن نطلب من الآخرين ( الجميع ) الأعتراف بالكلدان كمكون قومي عراقي اصيل لا نقبل بوصاية من اي حزب او منظمة ليكون بديلاً او وصياً على شعبنا الكلداني الحر المستقل في وطنه العراقي .
نحن لا نقبل بوصاية الأستاذ يونادم كنا ليكون ممثلاً لشعبنا الكلداني الذي يعمل ويقصي اي وجود لتاريخ وهوية شعبنا الكلداني ، هذا هو هدف الأتحاد ، وكما تعلم ان الأتحاد ليس ملكاً لحبيب تومي او نزار ملاخا او سعد عليبك او ناصر عجمايا او صباح دمان او قرداغ كندلان او .. ان الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان هو ملك لشعبنا الكلداني والمدافع الأمين عن حقوقه القومية والوطنية ، وهو قطار في سيرورة دائمة في طريق واضح ، وأنت كما تعلم هنالك من زملائنا ممن طلبوا اعفائهم من عضوية الأتحاد لظروفهم الخاصة  ، وقد اعفيناهم بكل محبة واحترام وهم اصدقاء اوفياء لاتحادنا .
 وهنالك زملاء ينتمون الى الأتحاد باستمرار ونرحب بهم ونجعلهم اخوة لنا ، ولنا اصدقاء اوفياء للاتحاء ويكتب قلمهم الحر مدافعاً عن القضية الكلدانية وهؤلاء ليسوا اعضاء في الأتحاد لكن هنالك احترام متبادل بيننا وبينهم ، وهنالك من الأعضاء ممن أراد ان يستفيد مادياً باسم الكلدان فشكل له اتحاداً اتخذ اسم الكلدان واتخذ موقف له لضرب الأتحاد ، ونحن بقينا على قضيتنا ، فالذي اريده منك ان تبقى وفياً لمبادئ الأتحاد وليس مهماً ان تكون داخله او خارجه ولي الأمل الوطيد وثقتي عالية بك ان تبقى ذلك الـ ( سيزار ميخا هرمز ) الذي اعرفه وهذا كل ما اطلبه منك .
وقبل ختم مقالي اكتب للاخ سيزار وللقراء الكرام بعض التوضيحات للتساؤلات التي يطرحها الأخ سيزار في مقال الأنسحاب الذي اراد ان يكون عبر عاصفة اعلامية بنشره في المواقع وكان يمكن ان يتم عبر البريد الداخلي كما فعل بعض الزملاء من قبله ، ومع ذلك نحترم رؤيته الأخ سيزار الذي يقول :
( لماذا الآن أعلن إنسحابي عن الاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان  ؟؟؟
تراكمات الماضي وعدم حلها ومن ثم جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير وهي إنبثاق الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية الأخير (رابط 1 ) من ضمن هذه الهيئة هو إتحادنا العالمي ؟؟
كيف لا؟ فنحن نحرّم على غيرنا ونحلل لنا !! والطامة الكبرى هو ان الناطق الرسمي لهذه الهيئة المصونة هو الأستاذ حبيب تومي الذي يشغل منصب رئيس الاتحاد العالمي يعني إن ما يصدر من الناطق الرسمي لهذه الهيئة السياسية يأتي على لسان الأخ حبيب ..
لنعتمد على النظام الدخلي للإتحاد
المـادة الثـالـثة / هـوية الإتـحـاد
مـؤسسة ثـقـافـية مـَدنـية فنية أجتماعية كـلـدانية مستقلة
كيف تم إقحام الإتحاد ضمن هيئة سياسية ؟؟ كيف أصبح رئيس الإتحاد ناطقاً رسمياً لهيئة سياسية ؟؟؟) انتهى الأقتابس
اخي سيزار انك قد استعجلت الأمور واتخذت القرار الخاطئ ( وهذا رأيي ) قبل ان تجري اي استفسار فالأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ليس عضواً او جزءاً من الهيئة السياسية الكلدانية التي اعلن عن تشكيلها ، إن الهيئة المشكلة تجمع الأحزاب او الكيانات السياسية فحسب ، وهي : الحزب الديمقراطي الكلداني والمنبر الديمقراطي الكلداني الموحد والحزب الوطني الكلداني العراقي والمجلس الكلداني العالمي والذي اعتبرناه كيان قومي فحسب ، وبعد حل الأشكال مع التجمع الوطني الكلداني لتكون الأمور كلها واضحة جلية حين انعقاد المؤتمر الكلداني الثاني الذي يرعاه الأخوة في المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد .
اما كوني المتحدث الرسمي باسم الهيئة الجديدة فقد جاء نتيجة استعدادي للعمل ضمن الحزب الوطني الكلداني العراقي ، وهذا العمل اخي سيزار كان نتيجة بحثه من قبل الهيئة التنفيذية في الاتحاد بضرورة مساهمة اعضاء الأتحاد في احزاب شعبنا الكلداني من اجل تفعيل دور تلك الأحزاب وتقريب وجهات نظرها في العمل السياسي فليس هنالك اي تناقض او الكيل بمكيالين.
اخي سيزار :
 نحن نتعامل في الهواء الطلق وبشفافية فليس لنا ما نخبأه او نبحثه وراء الكواليس .
 انت تعلم جيداً ان اي عضو في الأتحاد يملك مطلق الحرية في التعبير عن افكاره وله الحق في الأنتماء السياسي على ان لا  يتعارض ذلك مع المبدأ الذي دعينا اليه وهو احترام التاريخ الكلداني والهوية الكلدانية العراقية الأصيلة ، وبعد ذلك هو حر في الأنتماء او الكتابة . ونحن لم نخالف ما اتفقنا علينا لقد كان بيننا عقد واتفاق على تلك المبادئ النبيلة وكان بيينا كلام شرف ونحن باقون عند كلمة شرف ، وانت تعلم بذلك فلم ننحني من اجل المناصب او من اجل الدراهم .
وفي الختام اقول :
 ان الأتحاد مثله مثل عربة القطار التي تشق طريقها عبر سكة  واضحة المعالم والمحطات وكل راكب يختار المحطة التي ينزل اليها وأخرون يصعدون تلك العربة في محطات لاحقة ، ومغادرتك سوف لا تغير او تؤثر على المسيرة ونحن نبقى على اعتزازنا واحترامنا لك ، وكل الذي نطلبه ، اوانا اطلبه شخصياً ، ان تبقى مع الحق ومع الشعب الكلداني ومع حقوقه الأنسانية في الحرية والكرامة والانتماء ، وإن ابواب الأتحاد ستكون مشرعة امامك وامام كل كاتب كلداني مخلص لتاريخه العراقي الكلداني  وهويته الكلدانية الأصيلة .
 تقبل اجمل تحياتي
 حبيب تومي / ساندييكو في 30 / 07 / 12



126



انبثاق الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانيــة

تلبية للدعوة المقدمة من قبل الدكتور نوري بركة رئيس المجلس الكلداني العالمي، فقد عقد بتاريخ 23/07/2012 اجتماع في المعهد الكلداني الأمريكي في سان دييكو، وحضر الأجتماع كل من السادة:ـ

1 ـ أبلحد أفرام: الأمين العام للحزب الديمقراطي الكلداني
2 ـ الدكتور نوري منصور: سكرتير المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد
3 ـ سام يونو: سكرتير الحزب الوطني الكلداني العراقي
4 ـ الدكتور نوري بركة: رئيس المجلس الكلداني العالمي
5 ـ حبيب تومي: رئيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان
6 ـ الأستاذ الدكتور عبدالله رابي: عضو الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان
7 ـ شوقي قونجا: عضو المكتب التنفيذي للمنبر الديمقراطي الكلداني الموحد
8 ـ صباح دمّان عضو الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان
9 ـ بهنام جبو حنا: مسؤول فرع اوروبا للحزب الديمقراطي الكلداني

في اجواء من التفاهم والصراحة بين المجتمعين جرت مناقشات مستفيضة حول مصلحة شعبنا الكلداني وما يتعرض له من تهميش لحقوقه السياسية والقومية، فقد اتفق جميع الحاضرين على توحيد المواقف والعمل ضمن هيئة عليا تعرف: بـ (الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية)، هدفها التنسيق والعمل المشترك من اجل بناء موقف سياسي كلداني موحد على كافة الأصعدة.

ولقد بدأ عمل اللجنة منذ اللحظة لتنسيق المواقف وتوحيد الجهود من اجل إنجاح المؤتمر الكلداني المزمع عقده في ديترويت.

 والنقطة الجوهرية في الأجتماع المذكور، هو شعور الجميع بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم في المرحلة الراهنة، وهكذا سادت اجواء من التفاهم على مختلف القضايا المطروحة، وتعهد الجميع على بذل الجهود المشتركة من خلال الهيئة السياسية المنبثقة، والعمل بيد واحدة لخدمة القضية الكلدانية في الوطن الأم والدول التي يتواجد فيها الكلدان.

حبيب تومي: الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية.
 

127
ما الذي تكسبه القوش والبلدات الكلدانية الأخرى من ثروتها النفطية ?
بقلم : حبيب تومي /ساندييكو / كاليفورنيا
habeebtomi@yahoo.no
في سنة 1922 كتب احد الرحالة وهو السيد محمد ابن السيد احمد الحسيني المعروف بالمنشئ البغدادي   حين مروره  بقرانا وبلداتنا الكلدانيــــــــــــة ومنها القوش حيث يكتب لدى قدومه اليها من دير الربان هرمز يقول ص85  :
من دير الربان هرمز الى القوش فرسخ واحد ، والقوش نفوسها نحو الفي بيت كلهم من الكلدان . وجبلهم هذا في حكم باشوات العمادية ، وإن القوش نصف منها يعتبر من الموصل والنصف الآخر تابع الى العمادية .
وعن تلسقف يقول انها تبتعد من القوش 4 فراسخ ويسكنها نحو الف بيت ( البيت : عائلة ـ كاتب المقال ) كلهم كلدان . وتلكيف التي تبعد عن تلسقف فرسخان يسكنها الفي بيت كلهم كلدان . وعن كرملش يكتب : انها تتكون من اربعين بيتاً كلهم نصارى كلدان ويضيف ص78 وفي تلك الأنحاء قرى كثيرة كلها نصارى كلدانيون وسريانيون ، وجميعها تزرع الحنطة وتتعاطى النسيج .
اليوم هذه البلدات الكلدانيــــــــــــــة مستهدفة من قبل حملتين واحدة لتغيير تركيبتها السكانية  في محاولات التغيير الديمغرافي والجدير بالملاحظة ان غلاة الفكر القومي العروبي هذه الأيام يتحفطون عن فكرة فرض العروبة او التعريب ، لكن مع ذلك تجري محاولات محمومة في منطقتنا لأحداث خلل ديموغرافي في مدننا وبلداتنا السريانيـــــــــة والكلدانيــــــــــة .
المشكلة الثانية كامنة في محاولات احداث  التغيير في هويتها القومية الكلدانيـــــــــة  ، فثمة اخوان لنا يحملون فكر قومي مبني على الغلو العنصري في إقصاء الآخر ، في الحقيقة ان مثل هذه الأفكار يصعب الدفاع عنها في الوقت الحاضر ، باعتبار ان هذا الغلو يكبل الحريات ويناقض منظومة حقوق الأنسان ومبدأ التعايش والتسامح بين مختلف مكونات النسيج المجتمعي  العراقي .
المكون العربي الذي عمل بالأمس ويعمل اليوم لإحداث خلل ديموغرافي في كينونة البلدات الكلدانية والسريانية ، فقد نجحت تلك المساعي في تغيير مدينة تلكيف ، واليوم ثمة محاولات اخرى للتوجه الى البلدات الأخرى مثل تلسقف وباطنايا والقوش والطريقة هي بتوزيع اراضي للموظفين في الدولة العراقية دون النظر الى اتخاد مسقط رأسهم بنظر الأعتبار ، إن هذا التوجه ينم عن نوايا ليست ودية اتجاه المكون الكلداني الأصيل وعدم احترام خصوصيته القومية والثقافية والدينية ، وهذا المنحى ينطبق بشكل وآخر على المدن السريانية مثل برطلة وبغديدة .
 الأستاذ اثيل النجيفي محافظ نينوى يعلن بشكل مستمر انه ضد التغيير الديموغرافي في المنطقة لكن المحصلة النهائية تسير مع تيار التغيير بالرغم من سماعنا لتصريحات من مسؤولين كبار تعلن عن موقفها في عدم قبولها لعملية التغيير الديموغرافي .
إخواننا الأشوريين بدلاً من تصفية نياتهم وتعاملهم الودي من الكلدان الذين منحوهم ثقتهم ، لجأوا الى طريق ملتوي متعصب يتلخص في إلغاء القومية الكلدانيـــــــــــــة  من الخارطة القومية والسياسية العراقية وذلك بتوظيف معطيات دينية ،فيعملون دون كلل على تبخيس وإلغاء الهوية القومية للشعب الكلداني ، إذ يحاولون ارجاع سطوتهم التاريخية لتكوين اقليم آشوري ، وبما ان ديموغرافيتهم ضعيفة جداً في سهل نينوى ، فإنهم يحاولون الألتفاف على التاريخ والمشاعر القومية لدى الكلدان وجعلهم مجموعة دينية كنسية تابعة لقوميتهم الآشورية وبذلك يحققون لأحزابهم الشوفينية الأكثرية القومية الآشورية لتحقيق تلك الأحلام التاريخية التي مضى زمنها بعد السقوط قبل عشرات القرون من الزمن الماضي .
اليوم كان نصيب مدننا وبلداتنا الكلدانيـــــــــــــــة انها واقعة ضمن المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية واقليم كوردستان ويجري التعتيم على مكون عراقي اصيل وهو الشعب الكلداني وحقوقه ، فالحكومة المركزية العراقية قد تعمدت تهميش حقوق هذا الشعب وتمثيله السياسي بحجة عدم وجود ممثليه في البرلمان العراقي ، فهل ان الشعب الذي ليس له نواب تسقط حقوقه السياسية والقومية ؟ وإننا بهذا الصدد ان تعلن الحكومة العراقية عن كوتا قومية للشعب الكلداني .
اما اقليم كوردستان فينبغي ان نعترف بالواقع وهو قيامه بإنجاز عدة مشاريع خدمية في القوش ، لكن كل ذلك لا يضاهي هضم الحقوق القومية والسياسية للشعب الكلداني في هذا الأقليم ، إذ كان في مقدمة هذا التهميش هو التعمد في إلغاء اسم القومية الكلدانية من مسودة الدستور في اقليم كوردستان وذلك بشكل مجحف ومناقض مع دستور العراق الأتحادي  .
إن حكومة اقليم كوردستان وبرلمانها خاليان من اي تمثيل كلداني حقيقي ، إن اقليم كوردستان مع الأسف يعمل على تشجيع ودعم الأحزاب الآشورية التي تفرض وصاية على شعبنا الكلداني ، إن اقليم كوردستان الذي يسعى لتطبيق تجربة ديمقراطية رائدة ، فإنه يناقض نفسه حينما يعمل على هضم حقوق الشعب الكلداني ويجعل منه شعب مغلوب الإرادة تابع للاحزاب الآشورية ذات التوجهات الإقصائية المتزمتة بحق الشعب الكلداني .
اما الطرف الثالث في هذه المعادلة الذي يحاول إهمال الدور الكلداني في المنطقة فهي الأحزاب الآشورية التي تسعى لتشكيل اقليم اشور في مدننا وقرانا الكلدانية ، وإنهم يجعلون منا تابعين وخاضعين لأحزابهم الأقصائية ونرغم ان نقبل وأن نكون قانعين وراضين عمّا يتكرمون به .
نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 15 . 7 .12 خبراً جاء فيه :
ان الدكتور بايزيد حسن، عضو لجنة النفط والطاقة بمجلس النواب العراقي، في اتصال لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس مجلس النواب، أسامة النجيفي، «وقع أمرا نيابيا يقضي بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في مزاعم قيام محافظ نينوى بإجراء مفاوضات مع حكومة الإقليم للتنقيب عن النفط في المناطق المتنازع عليها الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة نينوى، وتحديدا في منطقتي (القـــوش وبعشيقة)، وهذا ما تعتبره الحكومة العراقية مخالفة دستورية.. الخ
ما يهمنا في هذا الخبر هو النزاع الحاصل بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كوردستان حول هذه المنطقة التي تشير الدلائل الجيولوجية بأنها غنية بالثروة النفطية ، لحد الآن ان المسالة طبيعية ونحن الكلدان جزءاً من هذا الوطن ، لكن الذي يدعو الى الحيرة والتساؤل ، لماذا هذا النزاع على مورد النفط في المنطقة في حين يجري تهميش متعمد لحقوق الشعب الكلداني الذي يقطن هذه الأرض ، لماذا تريدون خيراته وتهملون حقوقه ؟
 نحن بانتظار ان تتبادر الحكومة العراقية ان تحترم حقوق الشعب الكلداني وتدعم تنظيماته وتعلن عن دعم هذا الشعب بمنحه كوتا قومية كلدانية في البرلمان العراقي .
وفي اقليم كوردستان  يبقى المطلب الأول مقدماً للقيادة الكوردية المتمثلة بالأستاذ مسعود البارزاني رئيس الأقليم ، والأستاذ نيجرفان  البارزاني رئيس الوزراء ، ورئيس البرلمان في اقليم كوردستان الأستاذ ارسلان بايز .
إن الشعب الكوردي بعد ان كان مظلوماً لا يليق  به ان يكون ظالماً ، ويجب ان لا يقبل على نفسه ان يكون تحت تأثير احزاب قومية إقصائية متزمتة .
نحن الكلدان في مدننا وبلداتنا نطالب بحقوقنا كاملة وبشكل مستقل بمنأى عن اية وصاية . فنحن شعب اصيل في الوطن العراقي ، واليوم يجري الحديث عن استغلال الثروة في منطقتنا ، لكن يجري التعتيم على حقوقنا القومية والسياسية ، ونتمنى ان تفتح صفحة جديدة لمنح هذه الحقوق في الوطن العراقي عموماً وفي اقليم كوردستان خصوصاً .
حبيب تومي / سان دييكو / كاليفورنيا في 19 / 07 / 12

128
وأين نشيد الشعب الكلداني ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
نشيد الشعب .. قرأت عنه بموقع القوش نت بقلم الأخ عماد رمو ، وجاء في التقديم ان النشيد من ثمرة تعاون الأخ لطيف بولا مع الأخ جلال كليّا ، وسبق للاخ لطيف بولا ان انشد نشيد الأمة ذكر فيها الكلدان والسريان والآشوريين ، وهذه المرة أراد ان يكون اسم الشعب وهو الشعب الآشوري كما افتهمنا من المقال الطويل المنشور ، وفيه حزن على سقوط نينوى قبل 2600 سنة وجاء في المقال حول الجانب التاريخي للمقال يقول :
(اما في نشيد الشعب ،والذي هو بين ايديكم الان   فانه يخص شعب اشور . هذا الشعب الذي كان يوما من ارقى الشعوب والتي كانت نينوى عاصمة  امبراطورية اشور العظيمة .  هذه الامبراطورية التي امتدت على ارض ساحقة شملت  العراق وسوريا والجزيرة العربية  والخليج وبلاد  فارس وارمينيا  واسيا الصغرى  ومصر . عنوان النشيد ايحاء مباشر الى شعب الحضارات الاصيلة والذي نعتز ونتباها بكل فخر  بإنتمائنا اليه  . عنوان النشيد  واضح ومتميز وقوي.).. الخ .
هنا يراد فيه خلط الأوراق والهدف يحمل طابع حزبي لأجل التأثير على هوية القوش الكلدانية من اجل اهداف سياسية تريدها الأحزاب الآشورية وفي المقدمة حركة الزوعا ذات التوجهات الأقصائية العنصرية .
 لا ادري ماذا ذكر الأخوان بتاريخ حدث قبل 26 قرناً  من الزمان ولماذا هذا الحزن الكبير لسقوط دولة اشور التي اتسمت بالهمجية والوحشية ؟ وحينما نقول ذلك لا نأتي شئ من توجهاتنا الحزبية او عندياتنا ، إنما نعتمد على المؤرخين الأفذاذ وعلماء التاريخ ، الذين يفيدون بأن الأشوريين كانوا يتقنون صناعة واحدة وهي صناعة الحرب ، وإنهم كانوا مقاتلين فقط وإنهم كانوا يمثلون اقلية ضئيلة في عواصمهم في اوج عظمتهم .
إن مثل هذه المقالات العنصرية تذكرني في كتابات احد غلاة الفكر الآشوري الذي يدعو تهجير الكلدان الى الجنوب ، ونسي وهو قابع في بيروت ان اجداده النساطرة قدموا من جبال حكاري الى القوش الكلدانية وحموهم من القتل والتشريد . كما ان احد هؤلاء الفاشيين الصغار افاد بأن الكلدان هم اولاد غير شرعيين للجنود الآشوريين .
وننقل شئ مما ورد في الكتب عن هذا القوم الذي ابتلت به الأنسانية في ذلك العصر .
كما لا يسعدنا ان ننتمي لتك الأمة التي تاريخها زاخر بسمل عيون البشر وسلخ جلودهم وقطع السنتهم ، فهذا التاريخ ليكن مبروك لمن يقبل به وهذه مقتطفات من هذا التاريخ :
 المؤرخ العالمي وول ديورانت يكتب في قصة الحضارة من المجلد الأول ( يتكون الكتاب من 42 مجلد ) وهو امهات المصادر في التاريخ : يقول ص282 م1 :
ويفخر آشور بانيبال بأنه : حرق بالنار 3000 أسير ولم يبقي واحداً منهم ليتخذه رهينة ، ويقول في نقش آخر إن الذين أذنبوا بحق آشور فقد انتزعت السنتهم .. ومن بقي منهم على قيد الحياة قدمتهم  قرابين جنازية وأطعمت بأشلائهم المقطعة الكلاب والخنازير والذئاب ، وبهذه الأعمال أدخلت السرور على قلوب الآلهة العظام ) .
اما الملك سنحاريب الذي تتغنون به فحينما غضب على بابل لنزعتها الى الحرية فحاصرها واستولى عليها ، وأشعل فيها النار فدمرها تدميراً ، ولم يكد يبقى على احد من اهلها رجلاً او امرأة صغيراً او كبيراً ، بل قتلهم على آخرهم تقريباً ، حتى سدت جثثهم مسالك المدينة .. الخ ) نفس المصدر ص268

اما ارنولد تويني العالم المؤرخ فيكتب في كتابه دراسة التاريخ الجزء الثاني ص 104 عن آشور يقول :
(((((((((  كانت الكارثة التي اودت بالقوة الحربية الآشورية عام 614 ـ 610 قبل الميلاد ، إحدى الكوارث العارمة المعروفة في التاريخ فإنها لم تتضمن فحسب دمار أداة الحرب الآشورية ، ولكنها تضمنت كذلك محو الدولة الآشورية من الوجود واستئصال الشعب الآشوري))))))))) .
 وفي نفس السياق نقرأ ان الملك سنحاريب قتله ابناؤه وهو يتلو الصلوات ، وخلفه احد ابنائه وهو عسر هدن وهو ملك عادل لكن بعد موته خلفه آشور بانيبال (ويسميه اليونان سردنا بالوس ) وآشور بانبيال كان مولعاً بالثقافة فلجأ الى  سرقة مكتبة بابل ونقلها الى نينوى ، لكن لنقرأ ما يكتب عن آشور بانيبال .
 وهنا نبقى مع وول ديورانت في نفس المصدر ص 270 حيث يقول :
 جئ  برأس ملك عيلام القتيل الى آشور بانيبال وهو في وليمة مع زوجته في حديقة القصر فأمر بان يرفع الرأس على عمود بين الضيوف .. وظل الراس معلقاً على باب نينوى الى ان تعفن ، اما دنانو القائد العيلامي فقد سلخ جلده وهو حياً ، ثم ذبح كما يذبح الحمل وضرب عنق أخيه وقطع جسمه إرباً ووزع هدايا على اهل البلاد تذكاراً لهذا النصر المجيد .
 ويمضي الكاتب الى القول :

 (((((( ولم يخطر ببال آشور بانيبال قط انه ورجاله وحوش كاسرة او اشد قسوة من الوحوش ...))))) .
 

 انكم  يا اخوان مخمورون بالإنتماء الى تاريخ رهيب بحق البشرية ولا يختلف بشئ عن تاريخ الفاشية والنازية في العصر الحديث ، فلماذا تريد لنا ان نكون آشوريين نقطع الألسنة ونحرق البشر وهم أحياء ونسلخ جلودهم ، فنحن لا يشرفنا ان ننتمي لمثل هذا التاريخ الرهيب .
وأعود الى النشيد الشعب الذي يليق بقرية شرفية الآشورية ولا يليق بألقوش الكلدانية الأصيلة .
 وأهمس بكل هدوء بأذن من يريد ان يغير هوية القوش الكلدانية . لو كانت القوش أشورية كما يزعم غلاة الفكر الآشوري ، فلماذا طلب من  أهل القوش الكلدانية سنة 1933 ان يخرجوا الأثوريين اللاجئين من بلدتهم ، والسبب كان صدور فرمان مجحف يقضي بإبادة الأثوريين .  فلو كانت ألقوش اثورية كما تدعون  فلماذا لم تضرب بالسيف الذي كان يشمل كل الآثوريين .
إن الأنجراف وراء ادعاءات الأحزاب الآشورية ، وإلغاء التاريخ الكلداني المجيد الذي قدم انصع الصفحات في الحضارة الأنسانية من فنون وعلوم في الفلك والطب والرياضيات والهندسة فلماذا هذا التنكر والجحود لهذا التاريخ الناصع ، والأقتداء بتاريخ كل صفحاته سوداء في الوحشية والعنف .
نحن نريد نشيد كلداني يمجد الشعب الكلداني النبيل في وطنه العراقي .
تحية للاخوان عماد رمو ولطيف بولا وجلال كليّا .
 حبيب تومي / اوسلو في 23 / 06 / 12

129
الموقر حنين قدو ينبغي التعامل معنا بمفهوم المواطنة وليس بمنطق الذمية
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الأستاذ حنين قدو أمين عام تجمع الشبك الديمقراطي ونائب سابق في البرلماني  العراقي . ونكن لشخصه التقدير والأحترام .وكان المنتظر من عقلاء هذا القوم ( الشبك ) ان يتصرفوا بتقدير واحترام اوسع ، وأنا شخصياً كنت انتظر من الأستاذ حنين قدو ان يكون المبادر الأول للحلول الحكيمة التي تعتمد على العقل والأحترام المتبادل وحسن الجوار بين اقلية الشبك وما يحيط بها في المنطقة من المكونات الدينية والقومية بما فيها المكون المسيحي وبشكل خاص الشعب السرياني في برطلة وبغديدة الذي يجاورهم ويشترك معهم في التعايش والأختلاط وتبادل المصالح والجغراقية والبيئة الواحدة . ولزيادة الفائدة نقتبس بعض المعلومات عن الأخوة الشبك الذين يمثلون جزء من التنوع الفسيفسائي الجميل للمجتمع العراقي .
وعن التنوع السائد في المنطقة يكتب رشيد خيون في كتابه الأديان والمذاهب في العراق ص433 يقول :
في منطقتا الموصل وبعدها كركوك تمتاز بكثرة تعدد اعراق وديانات ومذاهب سكانها ، فهي تحتضن .. العرب والأكراد والآثوريون والكلـــــــــــدان والسريان ومختلف الديانات من مسلمين ومسيحيين وأيزيديين ويهود ، إضافة الى المذاهب والطرق الصوفية والزوايا والتكايا المختلفة .. ونبقى مع رشيد خيون لنقرأ عن تعداد نفوس الشبك ص442 يقول :
عدد نفوس الشبك تتفاوت التقديرات والإحصاءات حول عدد نفوس الشبك، منها التقديرات الإنكليزية القديمة، التي عدتهم بعشرة آلاف نسمة، وفي الإحصاء العراقي (1947) عدوا جميعاً مع الايزيديين بثلاثة وثلاثين الف نسمة، وفي إحصاء (1977) بلغت نفوسهم 57-58 إلف نسمة ،  ومن اللافت للنظر ان الدليل العراقي لعام (1936) وإحصاءات أخرى لم تذكر الشبك بالاسم، على اعتبار أنهم كرد مسلمون فليس هناك تفاصيل خاصة بالعشائر، عربية كانت أو كردية ، لكن جميعهم في إحصاء (1947) مع الايزيديين يؤكد الرأي الرسمي المعتمد على البحوث والدراسات المذكورة سلفاً على انهم من ديانة أخرى غير الديانة الأسلامية ، وكذلك ذكرهم منفصلين عن الأكراد في إحصاء(1977) إشارة إلى أنهم عرب، حسب الادعاء الرسمي .

وعن ديانة ومذهب الشبك  يقول خيون 442 ان منهم السنة والمذهب السائد بينهم هو المذهب الشافعي ، ومنهم الشيعة وهم على المذهب الأثني عشري الإمامي وهؤلاء يقطنون القرى التالية : خزنة تبة ، طيراوة ، دراويش ، بدنة صغير ، بدنة كبير ، نوران ، بايبوخت ، علي رهشة ، زهرة خاتون ، مفتية ، جمة جور ، منارة وغيرها ، وهذا كان قبل الحرب العراقية الأيرانية وحرب الخليج فربما أزيلت تلك القرى من الوجود .  وعن وجود الشبك في المنطقة نستعين بالأخ كوكل حيث يفتح لنا موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة يقول :

يعتقد بأن الشبك قدموا إلى منطقة سهل نينوى من إيران في أواخر القرن السابع عشر. وفي العهد الملكي تم الاعتراف بهم كإحدى طوائف العراق. ولكن سرعان ما ساءت أحوالهم عندما قام النظام السابق في العراق بتهجير معظم الشبك من قراهم لأنهم قاوموا سياسة التعريب التي انتهجها النظام ضد الكرد والاقليات خارج ما كان يسمى بمنطقة الحكم الذاتي.
 بعد الغزو الأمريكي للعراق أصبحت معظم القرى الشبكية تحت سيطرة البيشمركة الكردية، كما تم قتل وتهجير عدد كبير من الشبك في مدينة الموصل من قبل بعض المجموعات المتطرفة.
ومن هذه المقدمة الطويلة نستنتج ان الشبك سكنوا هذه المناطق في القرن السابع عشر الميلادي ، وكان يقطن هذه الديار قبلهم بعشرات القرون المكونات الأخرى بما فيهم المسيحيين بمكوناتهم القومية من الكلدان والسريان والآشوريين .
ويستشفى من هذه المعلومات ايضاً ان الأضطهاد والتنكيل وسياسة التعريب اي محاولات تغيير البنية السكانية قد شملتهم الى جانب الأقليات الأخرى في المنطقة .
بعد سقوط النظام في نيسان عام 2003 تغيرت الموازين في المنطقة ، إذ توارت الهوية الوطنية لتستيقظ الهويات الفرعية الطائفية وتزيح تلك الهوية الوطنية الشاملة الجميلة وتحصرها في الكهوف المظلمة . وبموجب الأصطفافات الجديدة ارتفع نجم المكون الشيعي وتوارى نجم الأقلية السنية الحاكمة بنظام مركزي استبدادي .
 وكان المنتظر بعد سقوط النظام ان يسود النظام الديمقراطي ويغطي الأرض العراقية وتبدأ مرحلة جديدة من مراحل بناء الوطن العراقي ، لكن الذي حدث ان لغة الأنتقام والثأر تفاقمت ، واصبح العراق الفريسة الضحية وكل طرف ينهش في اوصال تلك الضحية .
كانت الأقليات اكثر المتضررين من تهميش الهوية العراقية الوطنية وأصبح منطق الأكثرية يوغل في عملية التهميش والأهمال بحق الأقليات الدينية على وجه الخصوص ، وما تهميش حقوق الشعب الكلداني في الدولة العراقية وفي اقليم كوردستان إلا فصلاً من فصول ذلك التهميش .
فيما يخص مقالنا فإن مكون الشبك الشيعي لأسباب مذهبية قد نال الحظوة والقوة بسبب وجود حكومة مركزية تحمل الطابع الشيعي واستقوى هذا المكون بعد ان كان مظلوماً ليصبح ظالماً وبدلاً من الجيرة التي تمتد اكثر من ثلاثة قرون بدأ هذا القوم بالقيام باعتداءات على من يعتقد انهم اضعف منه ، وبدأت شرائح من المكون الشبك بتكرار تلك الأعتداءات على جيرانهم من المسيحيين السريان في عدة مناسبات .
حدث اعتداء سافر قبل فترة على اهالي برطلة وفي وقتها كتبت مقالاً  تحت عنوان :
( الأعتداء على أهالي برطلة سوف لا يكون الأخير في مسلسل الأعتداءات ) وحسب الرابط ادناه :
http://www.kaldaya.net/2011/Articles/09_September2011/50_Sept30_HabeebTomi.html

وفعلاً تكررت الأعتداءات بعد ذلك التاريخ ، وليس هذا فحسب بل هنالك محاولات غير انسانية وغير ودية ولا تمت بصلة الى الجيرة ، وهو المحاولات الحثيثة لأحداث تغيير ديموغرافي والأعتداء على خصوصية هذه المدينة الآمنة ( برطلة ) وإن كان محمد نبي الإسلام قد اوصى بسابع جار فإن هؤلاء يعتدون على اول جار .
لقد قرأنا عن ان الوقف الشيعي  يسعى لبناء مسجد واكاديمية شيعية وسط برطله المسيحية ضمن مسلسل التغيير الديموغرافي في سهل نينوى . وحسب الرابط ادناه :

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=582083.0

لا ريب ان مساعي الوقف الشيعي نابعة من مطلب الشبك الشيعة في المنطقة ، وإن كان الوقف الشيعي حريص بهذه الدرجة لماذا لا يسعى لبناء مسجد وأكاديمية شيعية في قرية كبيرة للشيعة الشبك ؟ فلماذا يختارون قرية مسيحية لها خصوصيتها الدينية والثقافية ؟
وسؤال للاستاذ حنين قدو ولكل العقلاء من الأخوة الشبك .
ماذا لو سعى الوقف المسيحي لبناء كنيسة ومدرسة كنسية في مدينة شيعية ؟ اليس ذلك مناقضاً للواقع ومنافياً للمنطق ؟ اليس ذلك انتهاكاً لخصوصية تلك المدينة الشيعية ؟
لا شك ان المعادلة تنطبق على مجرد التفكير ببناء مسجد في مدينة مسيحية .
 بصراحة ان الأخوة الشبك يتصرفون من منطق القوي والضعيف مع سكان مدينة برطلة المسالمة وإنه يجري الاستقواء بالحكومة المركزية الشيعية ، وإن جيرة الأخوة الشبك تقول :
نحن اخوان وجيران ما هو لكم هو لنا ولكم ، وما هو لنا فهو لنا وحدنا . وهذه معادلة تساوي مقولة ( تريد ارنب أخذ ارنب تريد غزال أخذ ارنب ) ولك مطلق الحرية في الأختيار .
إن الحكومة العراقية ينبغي ان تكون حكومة الجميع وليس حكومة الطائفة الواحدة ، وينبغي ان تكون الجهة المسؤولة عن الحفاظ على الأقليات العراقية من التهجير والقتل وأخيراً وليس آخراً بالحفاظ على خصوصيتها وثقافتها ، وان تسد كل الثغرات التي تؤدي الى هذا التغيير .
إن ما يبعث على الحيرة والدهشة هل ان زيارة الأستاذ عمار الحكيم للمنطقة كانت من اجل إحداث هذا التغيير ولتشجيع الأعتداءات على المكون المسيحي ؟
إن شخصية الأستاذ عمار الحكيم شخصية عراقية معروفة يعمل لمصلحة العراق ، وإن الحفاظ على النسيج المجتمعي العراقي ينبغي ان تكون اولى مهامه فكيف يقبل بهذه الأعتداءات والتجاوزات الصارخة بحق مكون عراقي اصيل .
 نتمنى ان تطوى صفحة الأعتداءات وان تفتح صفحة الأحترام المتبادل ولا سيما احترام الخصوصية الثقافية والدينية لكل الأطراف ، وفي المقدمة إلغاء فكرة بناء مسجد وأكاديمية شيعية في مدينة مسيحية ( برطلة ) وإن بنائها يمكن ان يكون في مدينة شيعية من العراق الذي يتسع للجميع .
 وأخيراً اخاطب عبر هذا المقال الأستاذ الموقر عمار الحكيم الذي سبق له ان زار المنطقة وأقول :
الأستاذ الفاضل عمار الحكيم زار المنطقة ومن الصدف الغريبة ان يسود بعد زيارته مبدأ التعايش والتسامح لكن الأمور كانت على عكس ذلك ، فتكررت الأعتداءات على مدينة برطلة المسيحية السريانية المسالمة واشتدت المحاولات لتغير بنيتها الديموغرافية
وأقول للاستاذ الموقر عمار الحكيم ولأي مسلم يهمه التعامل الأنساني مع المكون المسيحي في العراق من الكلدانيين  وغيرهم :
أن المسيحيين في العراق قلقون بشأن مستقبلهم ، لأن البيئة المجتمعية ( الأسلامية ـ سنية وشيعية ) المحيطة بهم تعمل على تأجيج هذا القلق وذلك بالتعامل معهم بمنطق الأقلية المحمية وهي مكانة وضيعة ومهانة ( الذميون ) كم هي مكروهة هذه الكلمة ؟
 نحن نسعى للأرتقاء بالمساواة الحقيقية امام القانون ، ويخيم بين كل المكونات الصغيرة والكبيرة مفهوم المواطنة العراقية الحقة وأن يطوى الى الأبد مفهوم (الذميون ) .
حبيب تومي / اوسلو في 21 / 06 / 12

 

130
إقرار كوتا برلمانية للشعب الكلداني يشكل خطوة مهمة  لتحقيق العدالة والمساواة
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الغريب ان صدام حسين في موقف عابر من محاكمته كان يجادل القاضي الذي يحاكمه ويقول له بالحرف الواحد :
انا عراقي اصيل أنا كلداني ، ومهما كان رأينا ضد حكم ومواقف صدام حسين ، لكن هذا لا يمنع ان نعتبر شهادته دلالة على عراقة وإصالة الشعب الكلداني المسالم  في وطنه العراقي ، وإن اية محاولة لمسح تاريخ وقومية هذا الشعب من الخارطة الوطنية والقومية العراقية سوف يعتبر جريمة تصنف  مع جرائم التطهير العرقي التي تتباين طرق تطبيقها .
الكلدانيون شريحة اصيلة من مكونات النسيج المجتمعي العراقي ، ويمتاز هذا الشعب ( الشعب الكلداني) بنبله ووداعته وابتعاده عن التعصب ، وهو اكثر المكونات العراقية تمسكاً بتربة الوطن العراقي ، وهو يقطن هذه الديار منذ أزمنة غابرة ، فساهم في بناء حضارات إنسانية رائعة على تراب الوطن البيثنهريني ( بلاد الرافدين ، او ميسوبوتاميا )  ، فتفنن في العلوم الإنسانية والرياضية والطب والفلك والزراعة والهندسة المعمارية ، وساهم وأتحف التراث الأنساني في الفلسفة والأفكار العملية والدينية ، فقد استنبط اجدادنا الكلدانيون القدماء  النظام الستيني في الرياضيات وقسموا الوقت الى اجزاء منها السنة التي قسمت الى اشهر والشهر الى ايام واليوم الى 24 ساعة والساعة الى 60 دقيقة والدقيقة الى 60 ثانية ،. ويقول الصديق الدكتور يوسف حنا شبلا <1> انه على ايام نابوخذنصر ( 604 ـ 561 ق . م ) تقدم علم الفلك تقدماً كبيراً ، ويعود الفضل الى الكلدانييــــــــــــــــــــــــن في حساب طول السنة الشمسية بدقة عالية حيث حددت بـ 365 يوم و 6 ساعة و 15 دقيقة و 41 ثانية اي بزيادة طفيفة تساوي عشرات الثواني على مدار السنة . وإن هذه الدقة اذهلت فلكيي القرن العشرين ، الذين حددوا طول السنة الشمسية ، بمساعدة الأجهزة التكنولوجية الحديثة بـأنها تبلغ ( 365.2425) يومًا .
 إن التقسيم الذي وضعه الكلدان القدماء هو المعمول به في كل انحاء المعمورة حتى الساعة  ، كما ان اطلال الجنائن المعلقة لا زالت شاخصة تتحدى عوائد الزمن وأن اسرار رفع المياه الى الطبقات العليا للجنائن المعلقة لا زالت سراً مطموراً لم يجر التوصل الى فك رموزها واسرارها ، وكلنا نتذكر في المسابقة التي وضعت في عهد صدام للمسابقة بين المهندسين العراقيين  للتوصل الى الطريقة التي استنبطها المهندس الكلداني قديماً لأيصال الماء الى اعالي الجنائن المعلقة في عهد نبوخذ نصر الكلداني .
لقد استفاد اليونانيون وهم رواد الحضارة الغربية ، استفادوا من علوم الكلدانيين وبهذا المجال يكتب ادي شير <2>  في كتابه (كلدو وآثور ) وليس ( كلدوآثور ) كما يكتبها مزوروا التاريخ المسيّسين اليوم ، فقد كتب في صفحة ( هـ) من المقدمة يقول :
(.. وأما بيروس وأصل اسمه برحوشا فهو كلداني بابلي وطناً وكان كاهن بيل وتعلم اللغة اليونانية ودرّس العلوم الكلدانيــــــــــــــــــة في اثينة سنة 341 ق . م . وأحبه الأثينيون حتى انهم نصبوا له تمثالاً لسانه من ذهب ، وكتب تاريخ ملوك بابل وجميع ما كتبه عنهم اخذه عن الألواح التي كانت محفوظة في بابل .. ) .  هؤلاء هم الكلدانيون العظماء بعلومهم وفنونهم ومدارسهم وفلسفتهم ... وهنالك من يريد مسح هذا التاريخ العراقي العظيم بجرة قلم لأهداف سياسية مقيتة .
دعونا نتجاوز دورة زمنية مقدارها عشرات القرون لنصل الى نيسان عام 2003 حيث سقوط النظام ومع هذا السقوط غمرنا الأمل والتفاؤل بأننا سوف نتمتع في وطننا العراقي بحقوق المواطنة منها السياسية والقومية والأنسانية على وجه العموم . لكن الذي حدث كان جلياً للجميع ولا نريد تكرار ما اصبح بديهياً اي ما طال الكلدان وبقية مسيحيي العراق بل وبقية اتباع الديانات غير الأسلامية كالإيزيدية والمندائيين وما لحق بهم من العنف من الأسلام الأصولي . والحق يجب ان يقال ان اقليم كوردستان كان قد شكل في هذه الفترة الحرجة ملاذاً آمناً لهذه المكونات الدينية التي شردها واقتلعها من جذورها الأرهاب .
من الناحية السياسية رغم كل التحفظات على الآلية الطائفية التي سوقت بموجبها العملية السياسية ، لكن النتيجة تمخضت عن قبول المكونات الكبيرة لهذا السياق الطائفي حيث قبلت واستمرأت اللعبة وأقبلت على الطعم ، واشتركوا في اللعبة الديمقراطية المتركزة على اسس طائفية واضحة ، وارتضى كل منهم بالمقسوم في البداية ثم بدأت عملية المطالبة بالمزيد ، حتى القوى المسيحية التي كانت ولا زالت تدعي الأنتماء القومي فإنها قد استمرأت الحصة الدينية وابتلعتها برمتها ، لأنها تضمن لهم الهيمنة على حصة الآخرين بحجة ان ما يجمعنا هو الدين الواحد ، لقد شعر الأخوة الأرمن بهذه الحيلة فطالبوا مؤخراً بتمثيلهم بشكل مستقل ومباشر بعيداً عن هيمنة الأحزاب الآشورية التي تتبجح بالدفاع عن حقوق المسيحيين عامة .
اما نحن الشعب الكلداني فقصتنا غريبة عجيبة في العراق بلاد الكلدان ، فإن طالبنا بتدوين اسمنا القومي في الدستور العراقي انتفض من نصبوا انفسهم اوصياء علينا وأتحفونا وقالوا :
ان الكلدان مجرد تسمية مذهبية كنسية ولا ترتقي الى مستوى القومية ، ولم نسمع او نقرأ عن مذهب مسيحي كلداني ، لكن الأحزاب الآشورية تريد ان تمرر هذه الخرافة شئنا ام ابينا ، واكثر منهم تشدداً هم الكلدان المنتمين او الموالين للاحزاب الآشورية .
وإن قلنا نريد حصة الكلدان من المناصب والثروة ، قيل لنا  :
 انكم تركضون وراء الكعكة،  وإن قلنا نريد كوتا كلدانية تضمن حقوق الشعب الكلداني في الأنتخابات قيل لنا :
انكم انقساميين ومقسمي شعبنا المسيحي ،
وإن كتبنا للقيادة والساسة الأكراد بأننا نطالبهم بتطبيق مواد الدستور العراقي في ذكر اسم القومية الكلدانية في مسودة الدستور الكوردساتي وطالبنا بحقوقنا السياسية قيل لنا :
انكم تتوسلون وتطلبون الصدقة من الأكراد ، في حين نحن نكتب بأسلوب المطالبة وهذا حق مشروع ولا نطلب في كتاباتنا طلب الرحمة او الأحسان او استدرار العواطف ، كما يزعم منتقدونا .
وإن قلنا ان الشعب الكلداني هو كبقية شعوب الأرض له حقوقه الأنسانية في الحرية وفي الأنتماء السياسي والقومي . قيل لنا :
ان حقوقكم مضمونة بفضل الله وبفضل وجود الأحزاب الآشورية المتنفذة والتي يقف في مقدمتها عضو البرلمان العراقي المنتخب السيد يونادم كنا ، الذي لا يؤتمن جانبه إذ ان هذا النائب المسيحي لا يترك شاردة او واردة الا ويتهجم على القومية الكلدانية وعلى التاريخ الكلداني وعلى التراث الكلداني واللغة الكلدانية ..  حقاً من له هكذا مدافعين وهكذا اصدقاء فهل يحتاج بعد ذاك الى اعداء ؟
وأذا قلنا شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ، قيل لنا :
 انكم تضعون الواو بين مكونات شعبنا لتفريقهم ، وإذا جادلناهم بأن الواو تجمع الأقانيم في واحد كقولنا باسم الأب والأبن والروح القدس ، كما ان الواو تجمع بين عشرين وخمسة في قولنا خمسة وعشرين قيل لنا : ان الحزب هو حريص على وحدتنا وعلينا ان حذف الواو ، لأن الحزب الآشوري قرر في اجتماعه السياسي حذف الواو ومزج اسماءنا على شكل عربات القطار وعلينا التسليم بهذه التسمية وعلينا ان ننفذ ولا نناقش .
 وإن من يقرأ خطاب هؤلاء السادة يستنتج :
 انهم من الرهبان الزاهدين والمجردين  من اي منافع او مطامع شخصية او حزبية وان المساعدات التي تصلهم يبادرون حالاً لتوزيعها على الفقراء ، وإنهم لا يلهفون منها شيئاَ ولا يركبون السيارات الفارهة ذات الدفع الرباعي ، ولا يبنون القصور  ، وإنهم لا يتزاحمون على المناصب . حقاً انه واقع مضحك وشر البلية ما يضحك .
نحن نزرع افكارنا بين ابناء شعبنا الكلداني وإن نشر الوعي القومي الكلداني كفيل بأن يحرك شعبنا لنيل حقوقه ، ولا تضيع الحقوق حينما يكون وراءها طًلاّب ، وإن العدالة يجب ان تأخذ مجراها في الوطن العراق وفي اقليم كوردستان عاجلاً او آجلاً ، وإن الفباء العدالة والمساواة هذه تنطلق من إقرار حقوق جميع المكونات الدينية والقومية والعرقية والمذهبية دون ان يكون هنالك وصاية حزب او شخص على مقادير الشعب الكلداني او غيره من المكونات .
إن تطبيق العدالة والمساواة هي منح الحقوق للجميع بشكل عادل ومتساوي بضمنها شعبنا الكلداني إقرار حقوقه القومية والسياسية بشكل كامل ومستقل ، مع ضمان كوتا مقطوعة للتمثيل في البرلمان العراقي وفي برلمان اقليم كوردستان  للشعب الكلداني وأخرى للاشوريين والسريان والأرمن وبقية المكونات ، إن الإقرار بمنح الحقوق السياسية والقومية سوف تشعر هذه المكونات بما فيها شعبنا الكلداني بالأستقلالية والكرامة وهو في وطنه العراقي ، وعندها سوف نعترف بأن الدولة العراقية وحكومة اقليم كوردستان تتفهمان معنى المواطنة ومعنى حقوق المواطن وبذلك تكون حقوق شعبنا الكلداني وحقوق كل المكونات الصغيرة مضمونة دون ان تكون هنالك وصاية من طرف من الأطراف على الآخرين .
نتأمل من القيادة الكوردية والقيادة العراقية ان تتسما بالشجاعة وتقرر حقوق هذا الشعب الذي طاله القهر والظلم بعد نيسان 2003 م ، فهل نشاهد تطبيق العدالة والحرية والمساوة لكل المكونات العراقية ؟ إن شعبنا الكلداني ينبغي ان يتحرك وأن يطالب بحقوقه فالحقوق تؤخذ ولا تمنح ، هذا هو مبدأ الحياة ، ومن يريد حقوقه عليه ان يطالب الجهات المعنية بهذه الحقوق .
 حبيب تومي / اوسلو
ــــــــــــــــــــــــــــــ
<1> ـ  يوسف حنا شبلا : "قراءة جديدة لأسماء رافدينية قديمة "  في ص505 من بحوث مؤتمر السرياني الخامس  عام 2008 ، سليمانية .                      
<2> ـ ادي شير " تاريخ كلدو وآثور " مقدمة الكتاب ، طبعة بيروت سنة 1912 م .

131
الأستاذ عبدالغني يحيى ومؤتمر الأقليات والتهميش المتعمد للكلدان في كوردستان
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
المواضيع التي يطرحها الأستاذ عبد الغني علي يحيى تشغل حيزاً مهماً من همومنا ولهذا انا شخصياً تجذبني مواضيعه ، وقرأت مقاله الموسوم : ضرورة عقد مؤتمر للأقليات في كردستان العراق حسب الرابط:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topi c,577091.0.html
الذي تطرق فيه الى معضلة الأقليات في كوردستان ، ولكون هذا المدعو ( أنا )  قد خلقت ( وراثياً )  لأكون فرداً مسيحياً كلدانياً اي من الشريحة الأجتماعية المصنفة من الأقليات الدينية والقومية العراقية ، ونتيجة هذا الأنتماء الديني كان علي ان اتجشم عناء حزمة من الهموم الناجمة عن التعامل غير الندي ، واحياناً غير إنساني ، في الوطن العراقي بسبب الأنتماء الأثني او الديني الذي يختلف عن الأكثرية الإسلامية في الوطن العراقي الذي وجد طريقه الى العراق وبلدان اخرى غير عربية وغير اسلامية بعد الفتح العربي الإسلامي قبل حوالي 1400 سنة ، وفي مجال  الأنتماء الكلداني القومي ، كان علي وعلى من افتخروا وتشرفوا معي بانتمائهم الى القومية الكلدانية ان نتحمل بعد 2003 حملة اقصائية عنصرية قاسية من قبل اخوة لنا ، متذرعين بالأنتماء الديني الواحد ، ومتسلحين بسلاح تقربهم من دائرة صنع القرار  .
 وخلال تلك القرون كان مصيرنا العيش تحت سقف الدولة الثيوقراطية الدينية بشكل وآخر ، وإن كانت الدولة ( الثيوقراطية ) تخفف من تعسفها بين حين وآخر ، فإن العنف الأجتماعي كان له حضور شبه دائم ، ونجم عن تلك المعاملة بموجب احكام اهل الذمة ، فكانت تلك القرون الطويلة كافية لانحسار الوجود السكاني للأقليات الدينية (مسيحية ، يهودية ، مندائية ، ايزيدية ، كاكائية ) وذلك بتحولها الى الى ديانة الحاكم المسلم في العصور القديمة ، ومن ثم كانت  الهجرة خير متنفس في العصور الحديثة ، حيث البقاء على الدين واكتساب الحرية على حساب التضحية بالوطن الأم بمغادرته والأستقرار في وطن بديل  .
اجل ، تراكمت همومي من الشعور بالأضطهاد في وطني العراقي وحينما انتقلت الى دول المهجر ( النرويج ) ورأيت كيف ان الأنسان يُعامل كأنسان دون اي اعتبارات دينية او قومية او سياسية او مذهبية او سلالية  هكذا ازداد شعوري بأننا كنا نعيش في غابة يبدو ان المسلم هو سيد هذه الغابة وإن الآخرين ينبغي عليهم الطاعة والولاء وهم صاغرون .
لكي لا تتيه بوصلة المقال اعود الى العنوان ، واعترف ان اقليم كوردستان ( الديمقراطي العلماني ) قياساً بالدول العربية والشرق اوسطية ، هو افضل منها وهو يقف بينها وبين الدول الديمقراطية كالنرويج والسويد وفرنسا وأستراليا واميركا وغيرها من الدول المتقدمة في مسالة الديمقراطية وحقوق الأنسان .
وقد تطرق الكاتب الجليل في مقاله الى مسائل مهمة والى جميع الأقليات بما فيها مسالة تهميش الأيزيدية في الكابينة السابعة ، وأشار الى ان القيادة قد ادركت خطأها ولهذا سوف يصار الى إحداث وزارة باسم وزارة شؤون الأيزيديين وهذا عمل جيد يشار له بالبنان ، لكن الأستاذ الجليل عبد الغني لم يشر بحرف واحد او حتى الى  إيراد اسم الكلدان طيلة مقاله الذي خص به حقوق الأقليات في كوردستان ( القومية والدينية والمذهبية .. ) فكان يجدر بالأستاذ الجليل عبد الغني حينما يدافع عن حقوق الأقليات ان يكون منصفاً فحينما يدافع عن الأيزيدية والتركمان .. وعن وحقوقهم كان عليه ان يدافع عن الكلدان الذين هضمت حقوقهم بشكل واضح .
في مقال الأستاذ الغني وردت هذه الفقرة  (.. فعلى سبيل المثال نجد تمثيلاً ملموسا وواسعاً للأيزيديين والمسيحيين والتركمان في حكومة كردستان وتمتعاً واسعاً في الحقوق .) انتهى الأقتباس .
اقرأ في هذا النص شيئاً من خلط الأوراق لا سيما مخاطبة المكون من الكلدان والسريان والآثوريين والأرمن وحصرهم في بودقة الدين ( المسيحيين ) ، لماذا نخاطب التركمان والأكراد والعرب بأسمائهم القومية دون مخاطبتهم بالأسلام او المسلمين ، فلماذا  نتهرب من المخاطبة القومية للمسيحيين بأن نتوقف عند الدين ( المسيحيين ) فقط .
 اين تكمن الصعوبة إذا قلنا الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ؟ لماذا ينبغي ان ننصهر في البودقة الدينية ؟ اليست هذه تفرقة ما بعدها تفرقة ؟ لماذا يتيسر الأمر حين مخاطبة الأسلام بالأكراد والعرب والتركمان في حين تتعسر المسألة  حينما يتعلق الأمر بالمسيحيين وقومياتهم المختلفة منهم من الارمن والعرب والأكراد والكلدان والسريان والآشوريين والأقباط وغيرهم ، لماذا يصار الى اختزالهم في الأسم الديني فحسب ؟
إذا بقينا في اقليم كوردستان فسنلاحظ حالة ينبغي الإشارة اليها بأمانة وصدقية ، وهي انه في العقود السابقة كان يشار الى المكون المسيحي بالكفار ( كافر .. كاور ..) وبعدها طفقنا على سماع  لفظة ( فَلا : Falah ) وهي اخف من الأولى حيث تشير الى المهنة وهي الفلاح ، ومصدرها عربي ، حيث كان الكلدان حينما يتوجهون الى المدينة ( الموصل بشكل رئيسي )  بمنتوجاتهم الزراعية ويتكلمون لغتهم الكلدانية فيشار الي لغتهم بلفظة ( الفلّيحي ) ، اي لغة الفلاحين ، وهكذا لصقت بهم هذه اللفظة كلغة فلاحية والأكراد اخذوها من العرب كاسم لتمييز هذا القوم .
اليوم اصبحت لفظة المسيحيين هي المتداولة بين اكثر طبقات الشعب الكوردي ويبدو ان ثمة توجيه حول ذلك لأن  القيادة الكوردية تطمح ان يسودها تعايش مجتمعي لكل اطياف المجتمع الكوردستاني المختلف عرقياً ودينياً ومذهبياً .
لقد آشار الأستاذ الكاتب الى تخوف الأقليات من بروز الأسلام السياسي ، وتشير الدلائل على الأرض ان كردستان ليست بمنأى عن ذلك التأثير فالمظاهرات المنفلتة خارج القانون في زاخو وفي اربيل مؤخراً ليست بمنأى عن تلك الموجة التي تجتاح الدول العربية والتي اطلق عليها الربيع العربي ، وفي الحقيقة كان ربيعاً اسلامياً ليس إلا ، وخريفاً للاقليات الدينية في تلك الأمصار .
 لكي نكون منصفين لا يوجد اضطهاد للاقليات الدينية ولا يوجد احكام جائرة بسبب الدين من قبل الحكومات والدساتير ،  إن كان من قبل الحكومة العراقية او من قبل  حكومة اقليم كوردستان ولكن العكس هو الصحيح ان الحكوميتن تعملان ما بوسعهما للحفاظ على المكونات الدينية غير الأسلامية وتحافظ على دور العبادة لهذه المكونات ، لكن يبقى العنف المجتمعي الذي يزاوله المكون الأسلامي ضد المكونات الأخرى من غير المسلمين ، والسبب يعود الى ادبيات الدين الأسلامي التي تشعر المسلم وكأنه افضل من كل البشر ( خير امة اخرجت للناس .. ) إن هذا الشعور بالتفوق وما يعرف بأحكام اهل الذمة في العرف الأسلامي قد اوحى للمسلمين انهم النخبة المنتخبة عند الله وعلى الآخرين طاعتهم ودفع الجزية لهم .. الخ ولا اريد ان  الخوض في الشؤون الدينية التي غالباً ما تفضي الى التمسك بالرأي ، لأن الأنطلاق يكون دائماً من المقدس وليست هنالك مساحة للنقاش وإفحام المقابل .
ونبقى في المقال ونقرأ عبارة يوردها الكاتب في ختام مقاله يقول :
(ختاماً، ان اظهار وجه مشرق وحضاري لأي نظام أو حكومة في بلدان العالم الثالث بما فيها الحكومة الكردستانية والنظام القائم في كردستان، وفي بلد متعدد القوميات والطوائف لا يمكن تحقيق الديمقراطية والتقدم الحضاري إلاعبرالاعتراف بالحقوق المشروعة لها، للأقليات، وسيكون لعقد مؤتمر لأقليات كردستان مردود ايجابي على اكثرمن صعيد، على ان تكون توصياته ملزمة، وان يكون دورياً في أن معاً)
وبدوري في ختام مقالي اقول للاستاذ عبد الغني علي يحي :
ان مسودة الدستور الكوردستاني كانت متطابقة ، بشان الأسم القومي مع مواد الدستور الفيدرالي العراقي حيث كانت هنالك اشارة واضحة للقومية الكلدانية ، لكن بقدرة قادر وتحت تأثير حزب آشوري متنفذ في اقليم كوردستان قد ازيل اسم القومية الكلدانية ليصار الى كتابة تسمية قطارية لا تدل على اي شعب يحترم نفسه وتاريخه ، إن هذا الألغاء يتناقض مع مواد الدستور العراقي ويتناقض مع مفهومية ان اقليم كوردستان يحترم حقوق المكونات الدينية والقومية والعرقية والسياسية المكونة للمجتمع الكوردستاني الجميل .
 نحن ندعوا الكتاب الأجلاء لا سيما الأكراد منهم ان ينصفوا ويدعموا حقوق كل الأقليات وليس بعضها ، إن حقوق الشعب الكلداني القومية والسياسية مهمشة في اقليم كوردستان بشكل واضح وإن اردات القيادة الكوردية ان تنصف الشعب الكلداني عليها الأعتراف بهذا الشعب بشكل مباشر ومستقل دون الرجوع الى اي مرجعية اخرى فنحن الكلدان نمثل نفسنا ولا نقبل بتمثيلنا من قبل مكون ديني او اثني آخر نحن الكلدان لنا تاريخنا الكلداني ولغتنا الكلدانية وقوميتنا الكلدانية ولا نقبل بأسم آخر
 حبيب تومي / اوسلو في 04 / 06 / 12

132
القوش الكلدانيـــــــــة أحسن مدينة في العراق ، كيف ؟ ولماذا ؟
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 الأم الحنون تحتضن طفلها ولها الأستعداد للذود عنه ايام المحن والملمات ، وهكذا بقي جبل القوش يحتضن القوش بحنان إذ كان ملجأً اميناً لأبنائها ايام المحن والكوارث فأصبحا جبل القوش والقوش صنوان خالدان تربطهما عوائد الزمن وتقلبات الحياة في سيرورة دائمة ، وفي هذه الأيام ونحن في فصل الربيع تمتد امام الناظر في سهول القوش المترامية المروج الخضراء متمايلة ومتناغمة مع النسيم العليل وبين البيوت تعانق الأشجار عنان السماء باسطة اغصانها الوارفة نحو السماء لتتراقص عليها العصافير مغردة لحن الوفاء والمحبة لهذه المدينة الجميلة .
 في هذه السنة كان هناك لقاء بين نيسان والقوش والمنطقة  حيث تتوالى المناسبات فقد استقبلنا سري صال للاخوة الأيزيدية ، وقبله استقبل الشعب الكوردي عيد نوروز ، وفي مطلعه ايضاً استقبل شعبنا الكلداني وبقية المسيحيين عيد اكيتو لسنة 7313 ، وبعد ذلك كانت هنالك مناسبة ( شيرا دربان ورمس ) والذي كان  يوم  الأحد المصادف  22 / 04 / 12 ومن شدة الأزدحام فقد خصص اليوم الأول لزوار الدير من المناطق المتاخمة لألقوش ، واليوم الثاني كان للألاقشة ، ان هذه الأحتفالات الربيعية تذكرنا في اواسط القرن الماضي حيث كان يتقاطر الى القوش اليهود من من كوردستان ومن انحاء العراق حيث كانوا يحتفلون ومن ثم يصلون في مرقد النبي ناحوم الألقوشي ، وكان هذا العيد يسمى في الموصل عيد  الزيارةً  وفي أللغة ألعبرية ًيدعى (حاك هشابوعوتً )، وألذي سيصادف هذا العام في 27 /6 / ٢٠١٢ م , وكان قبل عام قد صادف في 8/ 6 / 2011 م .
 إن القوش الكلدانية تحتفظ بأرث تاريخي وحضاري يعكس الوجه الناصع لحضارة بلاد ما بين النهرين ، ويجسد وجه التسامح والتعايش بين المكونات العراقية منذ اقدم العصور حيث كان اليهود يشكلون مكوناً اصيلاً الى جانب المكونات العراقية الأخرى .
إن هذه الأجواء الربيعية الجميلة تشير الى نعمة الأمن والأستقرار في القوش والتي ربما لا تجد لها مثيلاً في كثير من المدن العراقية ويذكرنا هذا بأسطورة الجنة التي كانت في مخيال  ابناء بلاد ما بين النهرين ، حينما وصف احدهم  جنة دلمون ان التعايش هنالك كان مثالي فالغزال يسرح مطمئناً لأن الأسد لا يفترسة والشاة ترعى الى جانب الذئب ، وصاحب المال ينام ملئ جفونه إذ ليس هنالك لصوص يسرقون امواله والشباب لا تراودهم الكآبة لأن شابهم خالد سوف لا تظهر عليهم علامات الشيخوخة ....
لقد بدأت العنوان بألقوش الكلدانيــــــــــــــــــة ، وفي الحقيقة ليست هنالك ضرورة للإشارة الى الهوية القومية لألقوش لولا الهجمة الشرسة التي تستهدف طمس الهوية الكلدانية العريقة ومحاولات النيل من الهوية التاريخية لمدننا وبلداتنا الكلدانية                                                                                                                                                                                                                   ، لقد ورد في رحلة المنشئ البغدادي وهو محمد ابن السيد الأحمد الحسيني وكتب عن رحلته عام 1822 وقد نقلها من الفارسية العربية عباس العزاوي ويكتب 85 عن القوش حينما وصلها قادماً من دير الربان هرمز يقول  :
القوش قرية مسيحية نفوسها نحو 2000 بيت جميعهم من الكلدان ، وفي الصفحات التالية  يتحدث عن تلسقف وباطنايا وتلكيف ، ووصف هذه المدن بأنها مدن مسيحية كلدانية وإن القاطنين في هذه البلاد هم من النصارى الكلدان .
 ان المنشئ البغدادي هو فارسي الأصل ولم يكن عضواً في حزب كلداني ، وإنني في هذا المقال اركز على الهوية الكلدانية والسبب هو محاولات النيل من هذه الهوية التاريخية .
إن الفكر الأقصائي في المحصلة هو منهج لا اخلاقي قبل كل شئ ، وهو يتعارض مع لوائح حقوق الأنسان في حرية الفكر والمعتقد والأنتماء ، إن محاولات إلغاء شعب مهما كان الأسلوب والدوافع هو بشكل عام عمل مستهجن يتنافى مع كل القيم الأنسانية والتاريخ لا يرحم اصحاب هذا الفكر ومنهم هتلر وموسليني وصدام والقذافي وغيرهم . لكن من المفارقات ان ينجم من الفكر الأقصائي نتائج عكسية حيث يزداد الضحية من الأعتزاز بهويته وقوميته ولعل الشعب الكوردي هو خير مثال لنا في هذا الصدد إذ ان الحملات العسكرية وأساليب القهر والأضطهاد قد حفزت هذا الشعب الى التمسك بلغته وتراثه وهويته القومية ، وهكذا يتعرض اليوم شعبنا الكلداني الى تلك الحملة الأقصائية وتخصص لها مبالغ طائلة لألغاء تراث وتاريخ وهوية الشعب الكلداني ، ومقابل ذلك ارى امام رسوخ الفكر القومي لشريحة كانت صغيرة وهي تنمو وتتوسع يوماً بعد يوم .
 نعود الى القوش الكلدانية ونلاحظ الجانب السياسي الذي يتموضع فيه  ليس قليل من التعايش وقبول الآخر والأيمان بالفكر الديمقراطي وفي التعددية السياسية الحزبية المقبولة  في القوش ، حيث تنتشر الأحزاب والمنظمات التي لها مختلف الأهداف السياسية وهي تعمل جميعاً بتعايش وتسامح دون ان يعكر صفوها الأختلاف في وجهات النظر ، إن الشعب الكلداني معروف بتسامحه ونأيه عن التعصب القومي والديني ولهذا يرتبط مع الجميع بالروابط الوطنية المبنية على الأسس الديمقراطية في احترام وجهات النظر المختلفة وفي قبول الآخر ، بمنأى عن اي نوازع تعصبية اي ان القومية الكلدانية قومية إنسانية تحترم كل المكونات وتبقى على انتمائها دون تعصب .
إن هذا الأنفتاح على الآخر لا يمنعها ان تصد المحاولات الطارئة الهادفة لتغيير ديموغرافيتها السكانية او قوميتها الكلدانية ، يقول مهاتما غاندي : افتح نوافذ بيتي لدخول الهواء الطلق لكن لا اسمح لتلك الرياح ان تعصف في بيتي وتقلع جذوره ، هكذا القوش تحاول الأحتفاظ بهويتها الدينية والقومية والأجتماعية ، ومن اجل ذلك تخسر الكثير من الناحية الأقتصادية على الأقل فلا نجد في القوش مشاريع استثمارية وسياحية ، ولا يسمح في بيع الأراضي السكنية والزراعية لغير اهل القوش .
 إن العلاقة مع الأخوة الجيران من العرب والأكراد والآشوريين والشبك والأيزيدية وغيرهم هي جيدة وطيبة ، ولكن ( انت في بيتك وأنا في بيتي ونحن اخوان ) هذا سياج بيتي ملاصق لسياج بيتك ، وليس لأحدنا عبوره او تجاوزه .
  اليوم القوش تتمتع بالخدمات العامة ومنها الماء العذب والتيار الكهربائي على مدار الساعة ، وفي الجانب العمراني تشهد القوش حركة عمرانية واسعة ، فإن كان البيت الصغير في اواسط القرن الماضي  في القوش تسكنه عائلة ممتدة من الأب والأبناء وزوجات الأبناء وأطفالهم ، فاليوم ان كل من هؤلاء الأولاد ينشد الأستقلالية في المعيشة والسكن ، كما ان مستوى الحياة قد تطور وتقدم فبينما كان البيت الألقوشي القديم يراعى في بنائه وجود آخور ( بيكاري) لأيواء الحمار او زوج من البغال فإن البيوت الحديثة يراعى فيها وجود مكان لأيواء السيارة او السيارات الحديثة التي تملكها العائلة .
 في مطاوي الخمسينات من القرن الماضي كان في القوش سيارات اجرة على عدد اصابع اليد الواحدة او ربما اكثر قليلاً ، لكن اليوم مئات السيارات الحديثة تجوب شوارع القوش الجديدة . إن سرد كل مجالات التطور تحتاج الى فصل كامل ، وقد تطرقت الى ذلك في مخطوطة كتابي القادم عن القوش الحبيبة .
قد يكون من المفيد في هذا المقال التطرق الى الطريق الحديث نحو دير السيدة ودير الربان هرمز الذي قام بتبليطه مشكوراً اقليم كوردستان رغم ان القوش تقع في ما يصطلح عليه المناطق المتنازع عليها ، وأنا لا اتفق مع فكرة التنازع على القوش ، لأن القوش ومدننا الكلدانية ينبغي ان تنسب لأصحابها فلماذا يكون التنازع عليها بين العرب والأكراد الا يستحق شعبنا الكلداني ان يملك ارضه وان يكون سيداً عليها ؟
ما تحتاجه القوش هو توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل ولا اعتقد فيها ازمة سكن ، ويلاحظ في الآونة الأخيرة انحسار الهجرة ، فمن ناحية هنالك زيارات متكررة من ابنائها من دول المهجر الى القوش وفي بعض الحالات نلاحظ عودة بعض المهاجرين للاستقرار في القوش ، وانا شخصياً قد تجشمت عناء بناء بيت في القوش ليكون لي ولأولادي محطة استقرار في القوش التي تمثل لنا الوطن العراقي برمته .
 إن محاولتي التغيير الديموغرافي في التركيبة السكانية لألقوش ولبلداتنا الكلدانية والسريانية والآشورية ومحاولات الفكر الأقصائي في تغيير هوية القوش وغيرها من المدن والبلدات الكلدانية هي محاولات لا اخلاقية ويائسة وتتناقض مع مبادئ الحرية ولوائح حقوق الأنسان في العبادة والعقيدة والأنتماء القومي او الديني او المذهبي او السياسي .
نتطلع ان تكون القوش نجمة متألقة في سماء الوطن العراقي وفي سماء كوردستان التي تقدم خدمات جليلة لهذه المدينة ، ونتطلع اليوم الذي تقوم كوردستان بإقرار حقوق الشعب الكلداني كاملة .
حبيب تومي / القوش في 21 / 05 / 12
 

133
شباب عنكاوا والأبراج الأربعة والتراجع  المخجل لما يسمى بتجمع احزاب شعبنا ..

بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 
ليس لي معلومات وافية  عن الموقع الجغرافي للأبراج الأربعة  ومدى تأثيرها على البنية الديموغرافية لمدينة عنكاوا الكلدانية ، لكن نعمل مع المثل الذي يقول :
 اهل المدينة ادرى بشعابها . لهذا كان علينا ان نضم صوتنا الى صوت اهالي عنكاوا في الوقوف ضد تنفيذ المشروع . في البداية وقف مع طموحات الشباب منظمات المجتمع المدني والكنيسة الكلدانية  المتمثلة في هذه المدينة بأبرشية اربيل والتي  يرعاها المطران الجليل الشاب بشار وردة ، لكن اكثر الذين اثاروا عاصفة اعلامية كان ما يسمى بتجمع احزاب ومنظمات شعبنا الذين كانوا يطلقون على لسان المتحدث بأسمهم تصريحات نارية .
لقد اخبرني احد الأصدقاء في القوش بأن احدهم صرح لأحدى وسائل الأعلام في وقتها قائلاً : في حالة المباشرة في تنفيذ المشروع فإنه سوف يصطحب عائلته الى الموقع ويمنع أي مباشرة في العمل ، وذلك الرجل منكفئ حالياً على نفسه يحاول ان يأخذ العصا من وسطها كما يقول الزميل زيد ميشو .
الذين استمروا على موقفهم المعارض لأي تغيير ديموغرافي إن كان في مسألة الأبراج الأربعة او غيرها هو استمرار نخبة مثقفة من اهالي عنكاوا الكرام وجمعية الثقافة الكلدانية والمطران الكاثوليكي الكلداني الذي يخشى تغيير هويه مدينته الكلدانية ، وانكفأت منظمات واحزاب في التجمع المذكور ، والذي يهمنا في هذا المقال هو موقف تجمع احزاب شعبنا الذين يدعون تمثيل شعبنا في الأعلام  ،فهذا التجمع كان له موقف حماسي بل استعراضي متشدد ثم ما لبث ان خفت صوته وارتبك رنينه فقد صرح الناطق باسم التجمع بعد ان انتهت مرحلة  الشعارات البراقة  والتصريحات النارية ، إذ   أدلى بتصريح مرتبك  وأشار اليه الزميل زيد ميشو في مقاله الموسوم :
يداً بيد من اجل عنكاوا تناول تلك التصريحات المرتبكة وليس المربكة فيقول :
ان السيد ضياء بطرس الناطق بلسان تجمع احزاب ( شعبنا) يقول : بالنسبة لنا كأحزاب منضوية تحت خيمة التجمع سنقوم بدراسة الموضوع خلال اليومين القادمين ونعلن موقفنا من هذه التظاهرة المزمع إقامتها في عنكاوا ضد المشروع .
 ويعلق الكاتب الجليل زيد ميشو على التصريح بقوله :
((ومازالت اليومين لم تنتهي كون زمانهم غير زماننا !.
ووعد بإجراء لقاءات حول الموضوع ويريد أن يتخذ طريق الحوار وختم حديثه بمسك العصا من النصف كالعادة إذ تابع " بالنسبة لمشروع الابراج الاربعة فربما هناك حلا مناسبا لا يؤدي الى التغيير الديموغرافي علينا البحث عن ذلك فاننا لسنا ضد الشركة التي تقوم بتنفيذ المشروع لكن هواجسنا تصب بان لا يكون هذا المشروع يؤدي الى التغييرالديموغرافي ..
ويعلق الزميل زيد ميشو قائلاً :
ومن له القدرة على التفسير فليفسر)) .
السياسي المحنك الذي يكلف بالتحدث باسم تلك المجموعة الطويلة من التنظمات السياسية التي تدعي تمثيل شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين وتمتد مساحتها الجغرافية الى سوريا والعراق وايران والعالم ، يجب ان تكون تلك التصريحات مدروسة وموزونة لا ان تتبدل بين ليلة وضحاها وفق درجات الحرارة.
  لقد تبين في الأستبيان الذي يجريه موقع عنكاوا كوم حول الموضوع إذ يطرح سؤال
 : لماذا برأيك تراجعت احزاب شعبنا ومعظم مسؤولي منظمات المجتمع المدني في عنكاوا عن دعمها للمظاهرة؟
وكان اكثر من ثمانين بالمئة من المشتركين بالأستفتاء بأن السبب يعود الى ضغوطات من السلطة وخوفاً على مصالحهم الشخصية والحزبية .
من خارج إطار هذا التجمع وأقصد الحزب الديموقراطي الكلداني الذي انسحب من التجمع المذكور فقد كان له موقف واضح وصريح بهذا الشأن ، فقد صرح السكرتير العام لهذا الحزب الأستاذ ابلحد افرام لموقع عنكاوا بقوله :
نعم، توسعت عنكاوا وتغيرت وهذا امر طبيعي ونتيجة التوسع الأفقي الهائل الذي حدث ويحدث في اربيل جعل من المنطقة حيا من أحياء اربيل رغم أن معظم سكانها كانوا يحبذون المحافظة على خصوصياتها التي فقدت". وبشأن المظاهرة يقول :
لقد علمنا بأن سكان عنكاوا ينوون تنظيم مظاهرة تقودها منظمات المجتمع المدني ونحن في الحزب الديمقراطي الكلداني إتخذنا الإستعدادات اللازمة للمشاركة في المظاهرة ولكننا تفاجأنا بعدم حصول الموافقة على تنظيمها وهذا يتناقض مع مبادىء الديمقراطية إن لم يكن هناك مبرر آخر لا نعرفه". ويختم حديثه بقوله :
"عليه نحن نقولها علنا بأننا نؤيد مطالب أهالي عنكاوة وهذا واجبنا وفي الوقت نفسه نتمنى على حكومتنا الموقرة ونطلب من سيادة رئيس الوزراء الجزيل الإحترام حل هذا الإشكال لكي لا يستغل من قبل من يصيد في الماء العكر أو يصبح موضع طعن وإنتقاد".

ولكي ابقى في دائرة المصداقية التي لا احيد عنها في ما اكتبه فإن الزوعا قد نأت بنفسها من هذا الموقف المخزي لتجمع احزاب شعبنا ، إذ صرح السيد عماد يوحنا وهو نائب في البرلمان العراقي عن قائمة الرافدين التابعة للحركة الديموقراطية الآشورية فيقول : نحن مع ابناء شعبنا في عنكاوا ومع مطالبهم في ايقاف التيار التغيير الديموغرافي مؤكداً انه إذا استمر الوضع فإننا سنضطر للذهاب الى المحكمة الأتحادية وإقامة دعوة قضائية ..
 إن المواقف السليمة يجب ان نكتبها بأمانة كما هو حالنا حينما نشخص وننتقد الأخطاء . ونبقى مع تجمع احزاب شعبنا إذ اعتقدنا نحن البسطاء ان هؤلاء سيكونون في مقدمة المظاهرة مع الكنيسة الكلدانية ومع الشعب الكلداني وبقية مسيحيي العراق ليقوموا بمظاهرة ضد عمليات تغيير البنية السكانية في مدننا وبلداتنا ، لكن اسقط في ايدينا ، فهؤلاء حينما لمسوا ان الأقوال النارية سوف تتحول الى افعال سرعان ما نأوا بأنفسهم عن المسالة ( وسبحانة مغير الأحوال ( إذ سرعان ما بدأوا يفكرون بحلول التفاهم والتراضي لكي تتحول هذه الأبراج من ابراج متوحشة الى حملان وديعة وليس لها اي تأثير على  التركيبة السكانية
إن مسألة إحداث تغيير في التركيبة السكانية ظاهرة غير مقبولة إن كان في عنكاوا او غيرها ، وفي شأن هذه المشكلة يتبادر الى الذهن لماذا اختارت شركة آشور بان هذه المدينة المسيحية الكلدانية بالذات ؟
إن كانت هذه الشركة ذات طابع استثماري فحسب فلماذا لم تختار  بقعة أخرى في ارض العراق الواسعة ، لماذا حشرت نفسها في هذه المدينة الكلدانيـــــــــــــــــة؟
 ولماذا الأصرار على تنفيذ المشروع بالرغم من مشاعر الرفض لهذا المشروع؟ الا يدفع هذا الأصرار المستميت لتنفيذ المشروع بأنه يحمل غايات غير ربحية ؟ وهي التأثير على التركيب الديموغرافي والقومي لهذه المدينة ، فالكلدان اليوم مستهدفين من ناحيتين ، الأولى التغيير الديموغرافي كما هو معلوم وما حدث في تلكيف هو مثال واقع على الأرض والمحاولة الأخرى هي مسالة التغيير القومي لهوية مدننا الكلدانية ، والقوش يعتبر مثالاً على هذه الحالة .
 في التاريخ المعاصر حاول صدام حسين إحداث تغيير في البناء الديموغرافي في كوردستان حينما حاول إسكان العوائل الكوردية في الجنوب وأخرى عربية في المناطق الكوردية ولعل محاولات تغيير البنية الديموغرافية لمدينة كركوك وما نجم عنها من مشاكل هي قائمة لحد الساعة . وقرانا الكلدانية والسريانية وبعض القرى الأشورية هي ما تبقى من مكونات عراقية اصيلة كانت هي صاحبة القرار في عهود غابرة من الزمن العراقي ، واليوم بقيت هذه المكونات كنتوءات مجتمعية شبيهة بالجزر المرجانية الناتئة في بحر مترامي ، ومع ذلك هنالك محاولات دائبة تحاول القضاء على ما تبقى من الأطلال البشرية إن صح التعبير ، بالأمس كانت تلكيف كلدانية مسيحية اليوم لم تعد كذلك ومحاولات تغيير البنية الديموغرافية في برطلة وبغديدا وغيرها من مدننا ظلت قائمة .
 وننتقل الى عنكاوا التي شعر سكانها الأصليين ( المسيحيين من الكلدان ) أن مركبهم يجنح نحو الغرق رويداً رويداً ، إن لم يعملوا على ايقاف هذا الجنوح ، وكما هو معلوم فإن الشباب دائماً يمثلون الطليعة والقلب النابض الذي يضخ الدم في جسم المجتمع . هكذا دأب هؤلاء الشباب الى السير قدماً نحو ايقاف هذا السيل الجارف ، ووقف مع هؤلاء الكنيسة الكلدانية المتمثلة في هذه المدينة بأبرشية عنكاوا التي يقف على إدارتها المطران الجليل الشاب بشار وردة المعروف بحرصه الشديد للوقوف الى جانب شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، وكان  لهم خطاب واحد يقف ضد بناء الأبراج الأربعة بتصميم وحزم .وتجمع تنظيمات شعبنا لم يشأ ان يكون في ذيل الحدث فركب موجة الأحتجاج ثم ما لبث ان تنحى جانباً مقترحاً الحلول التوافقية التي ترضى كل الأطراف . إنه موقف يفضح هذا التجمع بأنه يسعى لدفن الهوية الكلدانية اولاً وأخيراً  ولا يهمه التغيير الديموغرافي بقدر ما يهم المصالح الحزبية للمنتمين لهذا التجمع .
حبيب تومي / القوش في 15 / 5 / 12

134
هل كان على الكلدان التطوع في  قوات الجتا  لكي تمنحهم كوردستان حقوقهم ؟
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 الغريب العجيب ان تكون كوردستان سخية وكريمة مع كل المكونات العراقية ، وأن تمنح الحقوق والمكاسب لكل من قدم خدمة مهما كانت ضئيلة لكوردستان اثناء كفاحهم المسلح ، بل ان القيادة الكوردية قد منحت الحقوق والمكاسب حتى الى اللذين وقفوا ضد الثورة الكوردية واستلموا الأموال والأسلحة من الحكومة لمحاربة الثورة واليوم هؤلاء لهم حقوقهم الكاملة ومكاسبهم الواضحة ، ولا نريد ان ننتقد هذه الحالة فنسيان الماضي ووضع اسس جديدة للحاضر والمستقبل هو عين الحكمة للنهوض بكوردستان ، إذ ان عمليات الثأر والأنتقام ليست سبيلاً صائباً  الى السلم وخلق الوئام والتعايش المجتمعي . لكن سؤالنا هو :
ماذا عن الذين كانوا اوفياء مع كوردستان وفي مقدمتهم ابناء شعبنا الكلداني ، ولم تغريهم الأموال وبقوا مع الشعب الكوردي طيلة فترة كفاحه ولم ينخرطوا في تلك القوات ?
 سوف نتكلم بصراحة ووضوح الأرقام فمعادلة 2 + 2 = 4 هي حقيقة ثابتة ولا تقبل  التأويل ، وبموجب هذه المعادلة الواضحة اقول :
 بأن الأكراد قد انخرطوا في قوات الفرسان التي كانت تطلقه الحكومة عليهم وبعضهم اطلق عليهم لفظة الجحافل الخفيفة وأخرين قالوا عنهم انهم من المرتزقة وهو لفظ معروف لمن يحارب لقاء مال دون اي حوافز مبدأية ، والمرحوم البارزاني اطلق لفظة الجاش ، لكن اكثر لفظة رواجاً كانت لفظة ( الجتا ) وهي قوات لا يربطها الأنضباط العسكري وتقدم خدمات وقتية في صالح القوات الحكومية الرسمية وسنبقى في هذا التعبير الذي وضعته عنواناً لمقالي فأقول :
 اعداد كبيرة من الأكراد انخرطوا في قوات الجتا .
 والى جانبهم كان اعداد كبيرة من العرب في هذه القوات وأطلق عليهم فرسان صلاح الدين . وهم ايضاً جتا .
كان ايضاً اعداد كبيرة من الأيزيدية منخرطين في قوات الجتا  .
كان ايضاً قوات آشورية منخرطة في صفوف الجتا  .
الوحيدن الذين لم يسلكوا هذا السلوك ولم يتخذوا هذا الموقف ولم تغريهم الإغراءات الحكومة هم الكلدانيين .
 ونتيجة موقفهم المبدأي الواضح تعرضوا لنقمة الحكومة فكانت الحكومة تستغل هذه الناحية لملاحقة هذا القوم وإذلالهم وملاحقتهم وتشريدهم ، ولم يكن بمقدورنا ان ندافع  عن انفسنا لأن موقفنا كان واضح امام الحكومة ، ولهذا كنا في موقف ضعيف ، هذه   هي الحقيقة التي ليس الى نكرانها سبيل .
 لكن اكرر كلمة ولكن : ما جرى تعتبر من المفارقات الغريبة ، وهي ان القيادة الكوردية الموقرة قد منحت كل الذين كان لهم رجل في الثورة الكوردية والأخرى مع القوات الحكومية وبينهم العرب والأكراد والتركمان والأيزيدية والآثوريين قد منحت هؤلاء كامل حقوقهم وكانت سخية معهم  ، واستثنت من هذه المعادلة الشعب الكلداني حيث لم تمنح له أي حقوق ولم يستلم أي مكاسب . وهذا يخالف مع تصريحات الرئيس مسعود البارزاني الذي قال بأن كوردستان ستكون وفية مع من وقف معها وقت الضيق ، فأين وفاء الكلدانيين الذين وقفوا هذا الموقف المشرف ؟ لايوجد ممثل كلداني في حكومة الأقليم لا مساعدات للكلدانيين إلا ما من خلال وصاية الأحزاب الآشورية التي تهيمن على مقاليد مصير المسيحيين في كوردستان وفي عموم العراق .
 الغريب والعجيب ان أقرأ هذا السيل من المقالات للاخوة الكتاب بأن يدافعوا عن الأخوة الأيزيدية ، وهذا امر رائع ومقبول وأنا شخصياً كتبت عن تهميش الأيزيدية  والكلدان ، لكن لا يوجد كاتب واحد  أشار مرة الى حقوق الشعب الكلداني ، فهل ان كتابنا الأجلاء كل منهم (يحوش النار لخبزتا فقط ؟ ) اليس هذا كيل بمكيالين يا كتابنا لأجلاء ؟ واقصد الكتاب الذين يكتبون بالشأن العراقي والكوردي . الا يشكل الكلدان شريحة مهمة اصيلة من الشعب العراقي ؟ هل  ان الكلدان غرباء في هذه الديار  وقدموا اليها من كوكب المريخ ؟
 اخواني الكتاب الأجلاء: 
إن الحرية  كالهواء فإن دخل الهواء الى البيت لا يخص غرفة معينة انه يدخل جميع الغرف ، فإن كنتم تدافعون عن الأيزيدية عليكم ان تدافعوا عن الكلدان ايضاً لأن حقوقهم مهضومة بالكامل والمسالة ليست متعلقة في تعيين وزير كلداني فحسب ، إنما هي مسالة  الحقوق القومية والسياسية على العموم .
 في اقليم كوردستان لا يوجد مقرات كلدانية ، لأن القيادة الكوردية  لا تتعامل مع الكلدان بشكل مباشر ، لا يوجد وزارة كوردية فيها كلداني ، لا يوجد ممثل كلداني لدى القيادة الكوردية ، لا يوجد اي دعم كوردي للكلدان حتى ليعقدوا مؤتمراً كلدانياً ، لجأت القيادة الكوردية الى تغيير مسودة الدستور الكوردستاني لتزيل منه اسم القومية الكلدانية  ، وكان ذلك استجابة لمطلب الأحزاب الآشورية المتزمتة ، بل ان ذلك التغيير على مسودة الدستور الكوردستاني يتعارض مع مواد الدستور العراقي .
ومن هنا يمكن ان نسأل القيادة الكوردية هل ان ماضينا غير ملائم لمنح الحقوق لأننا لم ننخرط في قوات الجتأ ؟
  يا ترى هل يلزم لكسب الحقوق ان ان يكون لنا ماضي فيه مواقف معادية للثورة الكوردية ؟ لدينا اسماء شهداء كلدان ولدينا اسماء مقاتلين شجعان  حاربوا الى جانب الشعب الكوردي في خندق واحد ، ولدينا اسماء مساهمين بشتى الوسائل لدعم الثورة الكوردية  .
القيادة الكوردية لكي تكون منصفة وعادلة بحق الشعب الكلداني عليها ان تجازيهم خيراً وأن تمنحهم حقوقهم القومية والسياسية كاملة وأن تعيد اسمهم القومي الى مسودة الدستور الكوردستاني لكي يطابق مع ما هو مدون في الدستور العراقي .
 إن اردات القيادة الكوردية الموقرة ان تمنح حقوق هذا الشعب الكريم عليها ان تمنحهم كوتا كلدانيــــــــــــــة وان تنهي وصاية الأحزاب الآشورية عليهم ، هذه هي العدالة والمساواة وهذه هي الديمقراطية والليبرالية التي تسعى كوردستان ان تطبقها على الجميع بدون استثناء وفي المقدمة الشعب الكلداني المناضل .
 ومن المفارقات المؤسفة حقاً ان نسمع في خطاب الرئيس المناضل مسعود البارزاني في المؤتمر الذي انعقد مؤخراً في اربيل للتضامن مع الشعب الكوردستاني ، وان يتطرق في خطابه الذي قال فيه : 
"أننا لن نخاف من طائرات F16 لأننا لم نخش من طائرات الميغ سابقا، لكننا نخشى أن تعود تلك الثقافة ولغة الطائرات والدبابات وإسالة الدم العراقي، لذا نحن نعمل بكل ما نملك لتعزيز الأخوة العربية والكردية والتركمانية والآشورية"،
فأين ذكر شعبنا الكلداني ، الا يستحق هذا الشعب حتى إدراج اسمه ؟ إن هذا الموقف يدفع الى الحيرة والتساؤل ، لماذا كل هذا التهميش بحق الشعب الكلداني الأصيل ؟
 حبيب تومي / القوش في  10 / 5 / 12

135
متى تتدخل الحكومة العراقية لإنهاء معاناتنا مع مصرف الوركاء ؟
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
ان يقع المرء ضحية النصب والأحتيال ويخسر امواله ربما هو نفسه يتحمل شئ من المسؤولية لأنه كان ضحية سهلة للوقوع في شرك المحتالين  والمثل الإنكليزي يقول : القانون لا يحمي المغفلين ، او ربما يفقد امواله لوقوعه بيد عصابة إجرامية تعمل على ابتزازه والأستحواذ على ثروته ، لكن من اللامعقول ان يخسر المرء امواله وهو يودعها في مصرف مجاز من قبل الجهات المعنية ويحمل ترخيص ليعمل حسب القوانين التي تضمن حقوق المواطن قبل اي اعتبارات اخرى في الربح والخسارة .
 كيف نفسر وقوف حكومة دولة رئيس الوزراء نوري المالكي مكتوفة الأيدي وتقف موقف المتفرج من معاناة المواطن العراقي ، حيث ان هذا المواطن قد اودع امواله لدى هذا المصرف ( مصرف الوركاء للاستثمار والتمويل ) وفجأة يكتشف انه لم يعد حراً في التصرف بأمواله وربما تكون تلك المبالغ قد تبخرت ، وانا شخصياً واحداً من الضحايا المتعاملين مع هذا المصرف  إذ بعت بيتي في بغداد وأملي ان اشتري او ابني لي بيتاً بديلاً ، لكن الأموال تبخرت والعقارات ارتفعت اسعارها ، ورغم هذه الخسارة فإن المصرف يمتنع عن سحب المبلغ الذي ودعته ، إن هذا المصرف كان السبب في خسارة آلاف الدولارات لي ولأمثالي في السفر الى الوطن بغية الحصول على الأموال التي ودعناها فيه ، ناهيك عن الخسارة في قيمة الدينار العراقي .
من خلال معاناتي مع هذا المصرف انطبع لدي بأن إدارة هذا المصرف والقائمين عليه يتسمون بالسادية في تعذيب الناس ويحلو لهم اللعب بأعصابهم ، ويبدو ان الحكومة او الجهات المعنية يحلو لهم ايضاً تعذيب الناس والتفرج على معاناتهم المادية والنفسية ايضاً ، وإلا كيف نفسر سكوت الحكومة على هذه المظلمة بحق المواطن العراقي ؟ الم تكن هنالك ضوابط تجبر المصرف المجاز لضمان حقوق المواطن المالية في هذا المصرف ؟
 لقد اطلعنا على كتاب البنك المركزي العراقي القاضي بوضع الوصاية على المصرف المذكور وذلك منذ 10 / 3 / 2012 ، ووفق هذا القرار استبشرنا خيراً بأن ما كسبناه بعرق جبيننا سيعود الينا . لكن الغريب والعجيب انه بعد قرار وصاية البنك المركزي عليه ساءت الأمور وإن كنا قبل الوصاية نستلم بعض الأموال المتواضعة،  فإن الأبواب اليوم توصد بوجهنا وكأننا متسولين على ابوابهم ، إذ بعد  وصاية البنك المركزي لم نعد نحصل على اي مبلغ مهما كان متواضعاً ، بحجة ان البنك المركزي سيتولى امور المصرف ، فنحن نتساءل هل حقاً ان البنك المركزي قد اجبر المصرف المذكور التوقف عن الدفع ؟ وإن كان الأمر صحيحاً فهل يعقل هذا من البنك المركزي الذي ينبغي ان يكون بصف حقوق المواطن .
لكن من جانب آخر ثمة أحتمال آخر وهو وجود مبالغ محدودة تدفع لذوي القوة والنفوذ ، ومن يفتقر الى القوة والنفوذ ، فله الله سبحانة وتعالى لكن يبدو حتى الله اليوم يقف مع القوي ولا يناصر الضعيف ، وإلا كيف نفسر وقوع هذا الظلم وحكومة كوردستان هي التي اجازت عمل هذا المصرف في الأقليم وأنا شخصياً ناشدت رئيس الوزراء الدكتور برهم صالح ليتدخل ويضع حداً لهذا الظلم لكن مع الأسف مناشدتنا لم يكن لها اي صدى ، وهكذا  فإن حكومة المالكي تتفرج والبنك المركزي يتفرج ، وحكومة كوردستان تتفرج ، ويبدو إن الله نفسه يتفرج على هذه المظلمة ولا يحرك ساكناً .
على خلفية دعوة قضائية رفعتها هيئة الأعلام والأتصالات قررت مديرية تنفيذ الكرادة الشرقية حجز الأموال الخاصة بمصرف الوركاء لقاء ديون هذه المؤسسة الحكومية البالغة حوالي 13 مليون دولار امريكي وإن كانت هيئة الأعلام والأتصالات تملك مثل هذا النفوذ ، فمن اين نأتي نحن المواطنين المساكين مثل هذا النفوذ ؟
 حينما وضعنا ما نملكه في هذا المصرف لم نضع بحساباتنا اننا سوف نلجأ الى المحاكم والى مراكز الشرطة ، نحن المودعون لسنا مستثمرين او مقاولين او مساهمين ، نحن وضعنا ودائعنا لنسحبها وقت الحاجة .
 اضع هذه المشكلة امام الحكومة في اقليم كوردستان وأمام البنك المركزي العراقي وامام دولة رئيس الوزراء نوري المالكي ، ولا ادري إن كان امامنا ان نلجأ الى الأمم المتحدة ام الى مجلس الأمن والى لجنة حقوق الأنسان ...
نحن لا نطلب بحقوق ثقافية او قومية او دينية نحن وضعنا اموالنا في مصرف الوركاء المجاز من قبل الحكومة ونريد من الحكومة التدخل لأعادة ودائعنا لا اكثر .
 حبيب تومي / القوش في 3 / 5 / 12

 

136
تمنياتي ان تنبثق هيئة باسم تجمّع التنظيمات الكلدانيــــــة
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
ينبغي التسليم والأعتراف بالأمر الواقع ، بأن الشعب الكلداني بعد سقوط النظام في نيسان       2003 قد طاله ليس قليل من الظلم والعنف الدموي والتهجير في ظل تفشي وانتشار العمليات الأرهابية ، والغريب ان تلك الحالة تزامنت مع عملية إقصائية سياسية للمكون الكلداني فاصبح هو المكون العراقي الوحيد الذي تأخر عن اللحاق بركب العملية السياسية في العراق ، ولكي نكون منصفين في احكامنا ينبغي الإقرار بأن جزء كبير من المسؤولية نتحملها نحن الكلدان اي ان للعوامل الذاتية دور كبير في هذا التلكؤ ، كما ان تدهور الوعي القومي الكلداني وضعفه يشكل سبباً في قائمة الأسباب ليجري استبعاد هذا الشعب عن المساهمة في العملية السياسية في الدولة العراقية الحديثة إن كان في العراق  الأتحادي او في اقليم كوردستان .
لقد جرى بنجاح تمرير خرافة على العقل الجمعي الكلداني مفادها : اننا شعب مسيحي واحد وإن هذا الشعب معرض لشتى صنوف العنف والتهجير وعليه ينبغي الأكتفاء بتمجيد الوحدة القومية التي تروج لها الأحزاب الآشورية وهي بأن الكلدان هم مجرد طائفة كنسية ليس إلا ، وإن القومية الآشورية تشمل كل المسيحيين في العراق . ومن المؤسف ان تنطلي هذه المقولة على بعض  الأصدقاء وهم يزعمون ان وحدة شعبنا لا  يكتب لها الحياة سوى بالسكوت عن المطالبة بالحقوق القومية للشعب الكلداني . لقد انطلت هذه الأسطورة على الكثيرين ، بعضهم بسبب بساطتهم وطيبة قلوبهم وآخرين بسبب استفادتهم مادياً او معنوياً من تمرير تلك النظرية  .
ونأتي الى الظروف الموضوعية الذاتية لنميز بوضوح وجود الكنيسة الى جانب وجود الأحزاب الكلدانيــــــــــــــة القومية ، والملاحظ  انعدام  التنسيق  بين الطرفين لما فيه مصلحة الشعب الكلداني ، بجهة ان مؤسسة الكنيسة لا تتدخل في السياسة ، وهكذا نلاحظ على العموم ان كل طرف من الطرفين يسير في طريقه دون ان يلتقي مع الطرف الثاني ، لكن للتاريخ نقول :
ان حالات استثنائية لهذا الوضع  برزت على الساحة فالكنيسة في سانتياكو كانت قد تبنت عقد مؤتمر النهضة الكلدانيــــــــــــــة الذي اشتركت فيه احزاب ومنظمات كلدانية ونخبة من الشخصيات القومية الكلدانية .   وشكل ذلك عملاً ريادياً شجاعاً رائعاً .
إضافة الى ذلك كان موقف البطريركية الشجاع في بغداد من حقوق شعبنا قبل اشهر من الآن إذ اعتبر ذلك الموقف نقلة نوعية بالأتجاه الصحيح نحو تحقيق حقوق الشعب الكلداني السياسية وحقه في الحرية والكرامة الأنسانية . إن هذه المواقف بمجملها  هي مواقف سليمة وجيدة لكنها لا ترتقي الى المستوى المطلوب كالذي تقفه الكنيسة الأثورية من حقوق شعبها .
المطلوب من الكهنة والمطارنة الاجلاء في كنيستنا الكاثوليكية التي تضم شعبنا الكلداني ، ان يقفوا مع حقوق شعبهم الكلداني بصراحة وشجاعة ، وحينما يكون تفاهم وتعاون بين مؤسسة الكنيسة ومنظمات وأحزاب شعبنا الكلداني سوف يشكل الكلدان قوة مهمة على الساحة السياسية العراقية ، وهذا يصب ايضاً في مصلحة كنيستنا الموقرة ، ولهذا اقول :
هنالك  طريق واحد امام شعبنا الكلداني لنيل حقوقه وذلك بأن يتم التعاون والتفاهم بين الكنيسة من جهة  والنخبة القومية الكلدانية المتمثلة بالأحزاب الكلدانية ومنظمات المجتمع المدني الكلدانية والمهتمين بالشأن القومي الكلداني من المثقفين والمستقلين .  
نمضي قدماً في مسألة التنسيق والتعاون فلا بد من وجود لغة مشتركة بين احزابنا الكلدانية ومنظمات المجتمع المدني الكلدانية والنخبة المهتمة بالشأن القومي الكلداني ، لقد اثبتت التجربة انه دون التنسيق والتعاون بين هذه القوى سوف يبقى الأخفاق والفشل حليف هذه القوى .
لظروف مادية بعض الأحزاب الكلدانية تخلت عن قرارها المستقل وخضعت للمجلس الشعبي الكلداني السرياني ، ولهذا حينما اقول الأحزاب الكلدانية اقصد تلك الأحزاب التي تتحرك في الساحة مالكة لرأيها المستقل ، وأقصد الحزب الديمقراطي الكلداني واللمنبر الديمقراطي الكلداني الموحد
التجمع الوطني الكلداني
اتحاد الادباء الكلداني العالمي
اتحاد الاندية الكلدانية الاوربية
والمجلس الكلداني العالمي
والقائمة سوف تتسع مستقبلاً .
هكذا ينبغي على هذه المنظمات والأحزاب ان تضع الأسس السليمة لتوحيد خطابها ، هنالك المؤتمر الذي سوف ينعقد في ديترويت برعاية المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد وهو فرصة ذهبية للحضور والنقاش لوضع اسس سليمة للتعاون في الفترة المقبلة .
 لدي اقتراح بهذا الصدد ان تشكل هيئة منبثقة من احزابنا الكلدانية تحت اسم تجمع الأحزاب الكلدانية ، وسيكون هذا التجمع موازي للتجمع المعروف باسم تجمع احزاب شعبنا الذي هو في جوهره تجمع الأحزاب الآشورية او الأحزاب العاملة بأمرتها . إن تجمع الأحزاب الكلدانية سيعمل  حسب المنهجية المقترحة حسب النقاط ادناه .
اولاً : التنسيق بين بين الأحزاب والمنظمات الكلدانية والشخصيات السياسية والمهتمة بالشان القومي الكلداني من المستقلين .
ثانياً :  يقوم هذا التجمع ) الكلداني(  بفتح قناة اتصال مع الأحزاب المسيحية القومية الآشورية والسريانية ومع التنظيم المعروف باسم تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية .
ثالثاً :  فتح قنوات اتصال مع الأحزاب السياسية العراقية العاملة في الساحة السياسية العراقية إن كانت عربية او كوردية او ذات صبغة دينية او قومية او طبقية ، والتعاون معها على اساس المصالح المشتركة وعلى اساس الأعتراف بحقوق الشعب الكلداني باعتباره مكون عراقي اصيل لا يمكن تجاهله في العملية السياسية العراقية .
رابعاً : تقوم هيئة التجمع الكلدانية بالأتصال بمؤسسة الكنيسة والأكليروس الكنيسي بشكل عام لكي تكون هنالك قناة اتصال دائمة بين الطريق لوضع اسس متينة  للتعاون والتفاهم بشكل مستمر لما يخدم شعبنا الكلداني وتقوية مؤسسة الكنيسة .
لا اريد ان اطير في اجواء التفاؤل الفارغ او التشاؤم المظلم بل اريد  الأنطلاق من واقع معاش ، وهو ان الكلدانيين ليس امامهم سوى توحيد الصفوف لبناء البيت الكلداني ، وبعد اتمام البناء المتين يمكن مخاطبة الآخر بندية وتكافؤ بمنأى عن مظاهر الخضوع والتبعية .
 حبيب تومي / القوش في 26 / 05 / 12
  

137
تحية للزوعا في الذكرى 33 لتأسيسها مقرونة بأسئلة مطلوب الإجابة عليها
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
لتأسيس منظمة او حزب  لا بد من توفر عدة عوامل لكي تجد تلك المنظمة او ذلك الحزب الأرضية الأجتماعية والسياسية  والموضوعية اللازمة لكي يتمتع ذلك الحزب بالمناخ الملائم لنموه وتطوره وتوسعه لتحقيق برامجه المطروحة ، هكذا بدأ حزب الزوعا ، والذي بدأ كحركة عسكرية ، ثم طغت على هذا التنظيم السمة الحزبية ، ومع ان الحركة الديمقراطية الآشورية تحولت الى حزب سياسي بحت إلا ان هذا الحزب يفضل البقاء تحت تسمية الحركة .
 كانت عوامل مساعدة لأنبثاق هذا الحزب وتطوره وتوسعه في ساحة المكون المسيحي المتكون من الكلدانيين والسريان والآشوريين  ، وهذه العوامل يمكن تلخيصها بالنقاط الآتية :
اولاً : ـ كانت فترة تأسيس هذه الحركة متزامنة مع الفترة التي نضجت ظروف تفكك المعسكر الأشتراكي بعد ان اوشكت الحرب الباردة الى بلوغ نهايتها وتمخضت على هدم جدار برلين ومن ثم انهيار الكتلة الأشتراكية فكان تفكك الأتحاد السوفياتي الى جمهوريات مستقلة .
 إن انهيار المعسكر الأشتراكي بزعامة الأتحاد السوفياتي السابق قد ترك آثاره السلبية على الأحزاب الشيوعية العربية ومنها الحزب الشيوعي العراقي ، وفي هذا الحزب كانت هنالك اعداد مهمة من ابناء شعبنا المسيحي ، ونتيجة الفراغ السياسي الذي تركه الحزب الشيوعي العراقي وجد هؤلاء ضالتهم في الحزب المكون حديثاً وهو الحركة الديمقراطية الآشورية ، ولهذا نجد في صفوف الكوادر القديمة للحركة عناصر كثيرة لها خلفية شيوعية لا سيما من كوادرها من الألاقشة .
ثانياً : ـ كان من حسن حظ التنظيم الجديد ( الزوعا) انه لم يكن هنالك تنظيم قومي كلداني ، مما يسّر له العمل بين الكلدانيين انفسهم بتوجهات دينية وتحت شعارات جذابة منها ضرورة تلاحم وحدة شعبنا وهذا الطرح الوحدوي ذات الطابع المخملي الناعم كان مبطناً بفكر قومي إقصائي سوف ينفضح بمرور الزمن .
ثالثاً : ـ الثقل الكلداني وإمكانياتهم المادية ( لا سيما في اميركا) وضعت تحت تصرف الحركة بدعوى انه تنظيم علماني مسيحي لا يفرق بين مكونات هذا الشعب .
 رابعاً : التدخل الدولي في حماية الأكراد والمكونات الكوردستانية الأخرى في اقليم كوردستان وخلق ملاذ آمن كانت ايضاً في مصلحة هذا التنظيم الذي وجد الدعم ايضاً من الجانب الكوردي ، والحزب الشيوعي العراقي في المنطقة الذي كانت له تنظيمات وقواعد عسكرية في كوردستان .
هذه الأسباب وغيرها كانت في صالح انبثاق هذا التنظيم وتطوره .
 في التوجهات النظرية للحركة كتب السيد هرمز طيرو سلسلة مقالات تحت عنوان علمانية الحركة الديمقراطية الآشورية . ولسنا هنا في شأن مناقشة فحوى المقالات لكن نكتفي بالتعليق على العنوان فحسب ، والعنوان يدلنا الى ما دفتي الكتاب او متن المقال .
إن تطبيق العلمانية كنهج سياسي لا يفضي حتماً الى نظام ديمقراطي عادل فالعلمانية قد تصل الى تخوم  الحكم دكتاتوري والأمثلة كثيرة في هذا المجال ، فالحزب الألماني النازي كان حزباً علمانياً وكذلك حزب البعث العربي الأشتراكي ، ذات التوجهات العروبية ، كان يتميز بفكر إقصائي بحق المكونات القومية غير العربية في الوطن العربي . كما ان علمانية كمال اتاتورك لم تشكل عائقاً دون محاولات صهر الأقليات القومية الأخرى في بودقة القومية التركية وتحت ذريعة خلق مجتمع (متجانس) في الدولة التركية التي نشأت على انقاض الأمبراطورية العثمانية الواسعة التي كان تتسم بالكوزموبوليتيكية ، اي متعددة الأعراق والقوميات .
في هذا المقال نحيي الحركة الديمقراطية الآشورية بالذكرى 33 لتأسيسها ، لكن هل ان هذه الحركة تميزت بخطابها الديمقراطي والعلماني كما يدل اسمها وكما وصفها الكاتب هرمز طيرو الذي يبدو انه من كوادر ومن منظري الحركة .
 السؤال للحركة هل ان علمانية الزوعا هي كعلمانية حزب البعث العربي الأشتراكي والحزب الأتاتوركي ؟ وإن كان الجواب هو النفي ، فلماذا تسعى الحركة الى إقصاء الهوية الكلدانيــــــة من الخارطة القومية العراقية ؟ ويظهر ذلك جلياً من خطابها السياسي العام ومن تصريحات سكرتيها العام السيد يونادم كنا الذي افتى بأن اي آشوري ينضم الى الكنيسة الكاثوليكية يصبح كلدانياً ، وفي الحقيقة إن هذه النظرية تبدو محيرة ، إذ كيف يصبح آشوري القومية كلداني القومية  بعد ان ينضم الى الكنيسة الكاثوليكية ، اعتقد ان هذه النظرية سوف تحير علماء الأجتماع والسياسة على حد سواء .
تطرح الحركة الديمقراطية الآشورية باستمرار مسالة وحدة المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين وتقول بأن كل المسيحيين في العراق هم قومية واحدة ؟ والسؤال هو :
 هل ان الحركة تسعى الى هذه الوحدة على طريقة كمال اتاتورك ، اي بإلغاء جميع القوميات وصهرها في بودقة القومية التركية ؟ اي ان ننصهر جميعاً في القومية الآشورية وكفى المؤمنون شر القتال ؟
  هل تسعى الحركة الى هكذا وحدة اقصائية ؟
 ام ان الحركة تعمل من أجل شراكة ندية بين جميع الأطراف اي بين الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن على اسس من التفاهم والتكافؤ بين جميع الأطراف ؟
 حبذا لو نقرأ جواباً لهذا التساؤل وغيره ، إن كان الجواب من قبل الأخ هرمز طيرو أو من الأخوة الكتاب الكلدان المنخرطين في صفوف الحركة او من الموالين لها والذين غالباً ما يكيلون لنا تهم من قبل انفصاليين ومقسمي شعبنا المسيحي المظلوم ، فهل الخطاب الوحدوي لهؤلاء الأخوة هو من اجل الشراكة ام هو عمل تذويب الآخرين كما فهل مصطفى كمال اتاتورك ؟ ولا نقول كخطاب حزب البعث لكي لا ( يزعل ) الأخوة منافحي الحركة الديمقراطية الآشورية من الكلدان .
 لقد اتسم خطاب الحركة منذ تأسيسها بمفهومية إقصاء الآخر ( الكلداني) وتخوينه فهل سوف يستمر هذا الخطاب بعد ان بلغت الزوعا المرحلة العمرية التي امدها الزمني ثلاثة وثلاثين سنة بالتمام والكمال ؟  
يقول المرحوم توما توماس في أحدى رسائله :
إن من هم كلدان لا يمكن تبديلهم بجرة قلم الى اشوريين كما يحلو للاخوة الآشوريين ذلك ، إنها تعقيد للعمل القومي والوحدة وإنها آمال البعض بإحداث إنقلاب في التاريخ ..
 فهل يحترم الأخوة الألاقشة من منافحي الزوعا كلام المناضل المرحوم توما توماس ؟
 في المقال السابق اقتبست من المؤرخ صاعد الأندلسي في كتابه طبقات الأمم ، لكن اليوم نستشهد بمؤرخ عربي آخر وهو ( ابي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي في كتابه التنبيه والأشراف ، دار صادر بيروت ص 78 ـ 79 ، وهو قبل قبل صاعد الأندلسي ( توفي 462 هجرية ) والمسعودي ( ت 346هجرية ) ، يكتب المسعودي :
: ان الأمة الثانية هم الكلدانيون .. وكانت دار مملكتهم العظمى مدينة كلواذي من ارض العراق .. وكانوا شعوباً وقبائل منهم النونويون والآثـــــــوريون والأرمان والأردوان والجرامقة ونبط العراق وأهل السواد .. وكانت بلاد الكلدانييـــــــــــن العراق وديار ربيعة وديار مضر والشام وبلاد العرب . وهنا ايضاً لا نريد التطرق الى عشرت المرات التي يذكر الكتاب المقدس الكلدانيين كقوم اصيل في بلاد ما بين النهرين .
من هنا نحن الكلدانيين حينما نتشبث وننادي بقوميتنا الكلدانيــــــــة ليست غايتنا تشتيت شعبنا المسيحي المغلوب على امره ، إننا بكل إخلاص ومحبة نحترم تاريخنا وقوميتنا ومقابل ذلك نتعرض الى خطاب إقصائي تخويني من قبل الحركة وكوادرها ، والسؤال هنا الى متى تبقى الحركة سجينة الأفكار الإقصائية التي لا تلائم وروح العصر ؟
لقد تخلصنا من الحكم  الشمولي الدكتاتوري وتوقعنا ان ذلك كان من أجل حرية الإنسان وكرامته ولم تقم من أجل الاستبداد العسكري أو الديني أو طغيان الأغلبية أو من اجل إلغاء قومية عراقية اصيلة وهي القومية الكلدانية ، في الحقيقة انه قلق ينتابنا باستمرار .
 إننا نستقبل الذكرى 33 لميلاد الحركة الآشورية والمشهد واضح امام مراقب محايد بأن الحركة الديمقراطية الآشورية تتميز بخطابها الإقصائي التخويني لكل من يفتخر بتاريخه وهويته الكلدانية وتحاربة بشكل عنيف ، ولا تقبل بأي نقد مهما كان شكله .
 لحد اليوم اثبتت الحركة الديمقراطية الآشورية ، مع الأسف ، بأنها عبارة عن حزب قومي شمولي لا تقبل اي اختلاف في الرأي وإن المخالف لها يوضع في خانة الأعداء ، ونحن الكلدان لنا تجربة مع هذا الحزب وأنا شخصياً لدي تجربة شخصية مريرة مع هذه الحركة الديمقراطية الآشورية بسبب أفكاري المعارضة لأي توجهات متزمتة  . والسؤال المهم سيبقى قائماً :
 هل ان الحركة ستبقى بعد هذا العمر الطويل حزباً سياسياً شمولياً إقصائياً بحق الشعب الكلداني وتستمر على إقصائه من الساحة القومية العراقية؟
ام انها سوف تصحح مسيرتها وتبدل نهجها وتطبق ما ورد في اسمها من مصطلح (الديمقراطية ) الذي يعني التعددية واحترام الرأي الآخر المخالف ، وتوجه كوادرها ومؤيديها الى سلوك التعامل الأخوي مع الآخر وقبوله كما هو وليس كما تريده الحركة ، هذا هو تفسير معنى ( الديمقراطية ) ، فإن كان اسمها الحركة الحركة الديمقراطية الآشورية ، فأولى معاني الديمقراطية هي احترام معتقدات الآخرين واحترام انتماءاتهم دون فرض وصاية عليهم ، هكذا درسنا الديمقراطية وهذا هو مفهومنا لها . ولا ادري إن كان للحركة مفهوم آخر للديمقراطية .
 اتمنى مخلصاً ان تكون الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) حزب ديمقراطي بشكل واقعي وليس على الورق فحسب .
 باعتقادي المتواضع ان الخطاب التخويني الأقصائي للحركة هو المسبب الرئيسي في انقسام شعبنا والى خلق تلك الأحتقانات بين ابناء الشعب المسيحي الواحد في العراق  المتكون من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن .
حبيب تومي / القوش في 20/04 / 12

138
الوزارة الكوردية الجديدة تهميش واضح للأيزيدية والشعب الكلداني
 بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habibtomi@yahoo.no
كُلف مؤخراً الأستاذ نيجرفان البارزاني بتشكيل وزارة الكابينة السابعة لأقليم كوردستان ، وكان الأمل يغمرنا نحن الكلدان ان يكون تشكيل هذه الوزارة فاتحة خير لمكونات الشعب الكوردستاني دون تفرقة او تمييز ، لا سيما ما يتعلق بالشعب الكلداني الذي همشت حقوقه القومية والسياسية بشكل واضح وعلى مدة عقدين من الزمن وتجلت معالم هذا التهميش بعد سقوط النظام في نيسان 2003 م . حيث ان الشعب الكلداني الذي يشكل القومية الثالثة في الوطن العراقي هو المكون الوحيد الذي طاله الظلم والإهمال وتهميش حقوقه في عمومالوطن    العراقي وفي اقليم كوردستان على حد سواء ، ومن المؤسف ان يكون للقيادة الكوردية هذا الموقف السلبي من حقوق الشعب الكلداني في اقليم كوردستان الذي ينبغي ان يكون خيمة لكل المكونات ويجري التعامل معها على اسس ومبادئ من العدالة والمساواة .
في الكابينة السابعة قد شاهدنا ايضاً غياب وزير من المكون الأيزيدي  رغم تمثيل هذا المكون الأصيل في الكابينات السابقة ، ولقد قرأت مقالات احتجاج من الأخوة كتاب الأيزيدية ومنهم مقال للكاتبة سندس سالم النجار وهو بعنوان :
 نرفض بشدة ان نعامل كأننا (خوارج) ياسيادة الرئيس .
ورغم ان الأحتجاج كان من الكتّاب الأيزيدية بشكل رئيسي ، لكن من الملاحظة الأيجابية في هذا السياق كان مقال بقلم كاتب مسلم يؤشر الى هذه الحالة السلبية بحق الأقليات  وهو  الأستاذ الجليل عبد الغني علي يحي والمقال تحت عنوان :
 خلو الحكومة الكردستانية من الايزيديين لماذا؟
 وكان يجدر بالأستاذ عبد الغني علي يحي ان يذكر المكون الكلداني المهمش في اقليم كوردستان بشكل واضح وغير منصف ، ولا يليق بأقليم كوردستان الذي نصفه بأنه واحة للتعايش بين الأطياف العراقية على اختلاف تنوعاتها الأثنية والدينية والقومية ..
وفي سياق تهميش الكلدان كان الزميل الدكتور عبد الله مرقس رابي قد القى محاضرة في ندوة مشيكن بتاريخ 09 / 03 / 12 برعاية المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد ، وكانت محاضرته تحت عنوان : من يقف وراء تهميش الكلدان
وماهي الخيارات السياسية لشعبنا؟
 تناول فيها مختلف اوجه هذا الأهمال والتهميش لابناء ثالث قومية عراقية وهي القومية الكلدانية .
   
نحن حينما ننشد الخير والأستقرار لأقليم كوردستان ونتمنى تقدمه وتطوره في معارج  العلم والبناء ، وتحقيق الديمقراطية والمجتمع المدني المبني على اسس التعددية في إطار التعايش والتسامح . إن هذه الآمال والتمنيات لا تقف حائلاً دون المطالبة بحقوق مكون عراقي اصيل يعيش على هذه التربة منذ سحيق الأزمنة وهو الشعب الكلداني .
ارجو ان اكون مخطئاً وهو ان تهميش المكون الكلداني والأيزيدي في هذه الظروف التي تمر بها المنطقة وهي التعاطف مع تيار الأسلام السياسي الذي يجتاح المنطقة ، وإنه تماشياً مع ذلك التيار يجري تهميش الأيزيدية والكلدان ، وهو مكون مسيحي ، أي ان التهميش كان لأسباب دينية ، وكما قلت ارجو ان اكون مخطئاً بتصوري هذا .
 إن عقود القرن الماضي قد حفلت بالنضال المشترك بين الشعبين الكوردي والكلداني والمكونات العراقية الأخرى وشكلت درس تاريخي تمخض عن انبثاق شجرة باسقة اهم ثمارها نيل الشعب الكوردي حقوقه ، وقد روت جذور تلك الشجرة دماء وتضحيات شهداء الشعبين الكوردي والكلداني وبقية شهداء الأمة العراقية فلا يمكن التعامل مع هذه الشعب بلا مبالاة وتحريمه من حقوقه القومية والسياسية .
إن تعيين وزير كلداني كان يشكل مبادرة طيبة في الطريق الصحيح ، بجهة تحقيق الحقوق القومية والسياسية للشعب الكلداني في اقليم كوردستان ، وهذه الحقوق يمكن تلخيصها في بعض النقاط وهي :ـ
اولاً : ـ إعادة الإشارة الى القومية الكلدانية في مسودة الدستور الكوردستاني بشكل واضح ومستقل وكما كان قبل تسليط ضغوط وتأثيرات الأحزاب الآشورية التي قررت وضع تسمية هجينة لا منطقية، لا تدل على اي مكون قومي او اثني ، وهي ( كلداني سرياني آشوري ) هذا الخلط في اسم قوم هو عمل متعمد لتهميش الأسم القومي الكلداني ، إننا نطالب بكتابته كما هو مذكور في الدستور العراقي الذي صوتت عليه الملايين من الشعب العراقي ، فليس معقولاً ان يقوم الدستور العراقي باحترام القومية الكلدانيــــــــة ويلجأ الدستور الكوردستاني الى التنكر لهذه القومية تحت تأثير الاحزاب الآشورية .
ثانياً : ـ التعامل مع الشعب الكلداني ونخبه من منطلقات قومية وليس منطلقات دينية ، وأن تمنح مستحقات الشعب الكلداني من الثروات بشكل عادل كالتي تمنح للاشوريين، فالأحزاب الكلدانيــــــــــــــــــة ومنظمات المجتمع المدني الكلدانية محرومة من حصصها ومستحقاتها ، فيما تمنح هذه المعونات للاحزاب والمنظمات الآشورية ببذخ ودون حساب ، وتمنع عن الكلدان ، اللهم إلا المنظمات والأحزاب الكلدانية التي تعلن ولائها وتبعيتها للاحزاب الآشورية المهيمنة على مصائر المكون المسيحي في هذه المرحلة .
 إن المساعدات ينبغي ان تمنح للمنظمات والأحزاب الكلدانيـــــــــــــة التي تتمتع باستقلاليتها وترفض الخضوع لتلك الأحزاب ، هكذا تكون الشفافية وتحقيق العدالة والمساواة ، وهذا يتطابق مع لوائح حقوق الأنسان في الحرية والكرامة الأنسانية .
ثالثاً : ـ إن الوزارة كانت من استحقاق الكلدانيين إذا اردنا نحترم مكانتهم في الأقليم وان نعيد جزء من وفائهم لكوردستان طيلة سنين النضال والمعارك والحصار والقمع ، لحد اليوم لم يجري التعامل مع الكلدانيين بشكل مباشر ومستقل  بمنأى عن مظلة الأحزاب الآشورية ، فلم يمنح اي منصب رفيع لكلداني ولا يوجد شخصية كلدانيـــــــــة ممثلة في الحكومة الكوردية او في القيادة الكوردية او في الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، إن تمثيل شخصية كلدانيـــــة هو الطريق الصحيح لكي تقف القيادة الكوردية على هموم الشعب الكلداني وتتعامل مع مشاكله ومع حقوقه بشكل مباشر . إنه إجحاف بحق الشعب الكلداني حينما يعامل وكأنه تحت وصاية احزاب مكون قومي آخر .
 إن بعض الكتاب الكلدان الراكبين لموجة الأحزاب الآشورية ، يرون في عدم الفوز في الأنتخابات للقوائم الكلدانية وكأنه يشكل سبباً ان نسكت عن المطالبة بحقوق شعبنا الكلداني ، ويجب علينا ان نغيب عن الساحة السياسية ، وإنهم وحدهم والأحزاب المتنفذة وحدها يملكون حق التكلم والأنفراد في الساحة السياسية لشعبنا بل يستكثرون علينا التكلم باسم شعبنا والدفاع عن حقوقه المهضومة  .
وأنا اقول لهؤلاء الكتاب القريبين من مصادر صنع القرار :
 الزمن دوار  ولو دامت لغيركم لما وصلت اليكم ، وهكذا ان الشعب الكلداني ينبغي ان يتبوأ مكانته الشريفة اللائقة بمنزلته كشعب اصيل ولا يمكن ان تبقى حقوقه مهضومة ، وإن الكتاب المخلصون لشعبهم عليهم ان يبقوا مع الشعب وقت الضيق ، لا ان يتركوه من اجل المنافع المادية والمعنوية ، فمن المؤسف ان يكون احدهم بالأمس يتغنى بالقومية الكلدانية واليوم يكيل النعوت والمثالب بمن يفتخرون بانتمائهم الكلداني .
 نحن نناشد القيادة الكوردية ان تتخذا قراراً شجاعاً وان تسعى الى تمثيل الأخوة الأيزيدية والشعب الكلداني في الوزارة الجديدة ، وان تفتح صفحة جديدة مع الشعب الكلداني وأن تقف معه كما وقف هذا الشعب مع الشعب الكوردي اعوام نضاله التحرري القومي .
حبيب تومي / عنكاوا في 15 / 04 / 12

139
التهميش والحملة الإعلامية الظالمة ضد الكلـدان الى متى ؟  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
قبل الف سنة ، بالتمام والكمال ، من اليوم كان المؤرخ قاضي صاعد الأندلسي قد ذكر الأمة الكلدانيــــــــــــة وإنها  من  المكونات الأصيلة في بلاد ما بين النهرين منذ سحيق الأزمنة والذي اشتهر بالثقافة والعلوم لا سيما في علم الفلك ، وفي كتابه التعريف بطبقات الأمم <1> يكتب قاضي صاعد الأندلسي (1029 ـ 1070 م ) ص162 بشأن الأمم التي عنيت بالعلوم فيصنف الهنود بالمرتبة الأولى والأمة الفارسية في المرتبة الثانية والأمة الكلدانيـــــــة بالمرتبة الثالثة ويكتب :
أنها أمة قديمة الرئاسة نبيهة الملوك .. وكان من الكلدانييــن علماء جلة وحكماء وفضلاء يتوسعون في فنون المعارف من المهن التعليمية والعلوم الرياضية والإلهية .. وكانت لهم عناية بأرصاد الكواكب وتحقق بأسرار الفلك .. واما عن ترتيب الأمم القديمة فإن صاعد الأندلسي الذي توفي قبل حوالي (الف سنة) إذ يقول ص 142 بأن الأمة الثانية وهم الكلدانيـــــــون ويقول كانوا شعوباً منهم الكربانيون والآثوريون والجرامقة وهم اهل الموصل والنبط وهم اهل سواد العراق وكانت بلادهم في وسط المعمورة ايضاً وهي العراق والجزيرة التي ما بين دجلة والفرات .. الخ ولا اريد الإسهاب في هذه المقدمة في الأقتباس من هذا الكتاب التاريخي الذي يعتمد عليه الكثير من الباحثين في امور الشعوب القديمة ومنهم الشعب الكلداني العريق ذات التاريخ المجيد وباني الحضارة في  بلاد ما بين النهرين .
بعد هذه المقدمة التي تبين عراقة الشعب الكلداني والتي ذكرها المؤرخ صاعد الأندلسي قبل اكثر من الف سنة اي قبل ان اتحاد كنيسة المشرق النسطورية مع روما عام 1445 بحوالي خمسة قرون كان هنالك ذكر للامة الكلدانيـــــــــة الأصيلة ، ولا املك هنا ترف المساحة في هذا المقال القصير لكي استرسل في اقتباس الحقائق التاريخية من المصادر الأخرى .
 وقد يسأل القارئ الكريم ما علاقة هذه المقدمة بالحملة الإعلامية الظالمة على الشعب الكلداني ، والجواب على هذا السؤال سيأتي في سياق هذا المقال .
إن حقيقة الوجود التاريخي للشعب الكلداني ليس الى نكرانه سبيل بحقائق تاريخية ينبلج نورها هادئاً مطمئناً ، وكانت عوامل تهميش الكلدان هي نفسها تلك التي تهمش وتلغي المكونات الأخرى كالأكراد والآثوريين والسريان والأرمن والتركمان .. بحسب غلاة الفكر القومي العربي ان كل من يقطن العراق العربي ينبغي ان تكون قوميته عربية على غرار ما قام به كمال اتاتورك بأتركة قاطني الدولة التركية بعد سقوط الدولة العثمانية .
 المهم بعد سقوط النظام في نيسان عام 2003 اصبح الهدف الذي عمل من اجله الجميع هو إحقاق حقوق كل المكونات العراقية الكبيرة والصغيرة دون تفرقة او تمييز .
 إن الروح الوطنية والأنسانية وكرامة الأنسان وحقوقه في حرية المعتقد والأنتماء تقضي بأن لا تشكل حقوق الشعب الكلداني استثناءاً لتلك القاعدة ، أي ان ينال الشعب الكلداني حقوقه القومية والدينية والأنسانية اسوة بالمكونات الأخرى من السريان والأرمن والعرب والأكراد والمندائيين والشبك والأيزيدية وكل المكونات العراقية الأخرى .
 لكن الشعب الكلداني قد تم إقصاءه بشكل متعمد يدعو الى الغرابة والدهشة والسبب يعود الى إبقاء مصيره منوطاً بما تقرره الأحزاب الآشورية المتنفذة القريبة من دائرة صنع القرار منذ امتطائها الدبابة الأمريكية لأسقاط النظام  . ونحن الكلدان نبارك للاخرين تمتعهم بحقوقهم بما فيهم الأشوريين ، لكن الذي لا نقبله ونستنكره بشدة هو التعامل اللاإنساني مع شعبنا الكلداني ، باعتباره شعب مسيحي وهو يحصل على حقوقه تحت وصاية الأحزاب الآشورية ( المسيحية) وهذه الأحزاب مع الأسف لا زالت تعتمد على الغلو العنصري والذي انتهى مفعوله ، حيث اثبت هذا الغلو بأنه يكبل الحريات ويناقض مبدأ التسامح ويطمس الثقافة ويشوه التفاعل الإنساني السليم ، وتجربة الحزب الهتلري والبعث وغيرها ماثلة امامنا  .
إن هذا الربط المجحف لمصير الشعب الكلداني مع الأحزاب الآشورية بدعوة وجود خلفية دينية مسيحية مشتركة قد الحق اشد الأضرار بهذا الشعب الأصيل ، فحرم من حقوقه القومية وحجبت عنه الثروات التي يستحقها كباقي المكونات العراقية ، وأصبح تابعاً لتك الأحزاب التي غالبها يحمل شعارات قومية متعصبة إقصائية بحق التطلعات القومية للانسان الكلداني .
من هنا لم يقتصر الأمر على إلغاء حقوق الشعب الكلداني والعمل على طمس تاريخه ودفن قوميته الكلدانيــــــــة بل تشن حملة إعلامية منظمة ضد هذا الشعب ويُعمل على تمزيق كنيسته ( ولدي دلائل على ذلك ) وفوق ذلك هنالك حملة إعلامية منظمة ضد تاريخ هذا الشعب والتي يمكن تلخيصها بهذه النقاط :
اولاً : ـ  التعتيم الإعلامي على كل المقالات التي تبرز التاريخ الكلداني وتظهر الوجه المشرق لهذا التاريخ فيجري إهمال تلك المقالات ، وهذا يشمل مؤلفاتهم من الكتب حيث تقوم دور النشر التي تخص المسيحيين عموماً بنشر كل ما يخص المكون الآشوري مع حجب او عرقلة اي مؤلف يمجد الشعب الكلداني .
ثانياً :ـ إسكات الأصوات التي تنادي بالقومية الكلدانية ، والعمل على تكميم افواههم والعمل على كسر اقلامهم وطمس مقالاتهم والتعتيم عليها وحجبها عن النشر بكل الطرق والوسائل ، ناهيك عن إرسال رسائل فيها العنف اللفظي والشتائم وبشكل موجه ومنتظم ضد كل كاتب كلداني يجاهر ويفتخر بقوميته الكلدانية ، وتصل هذه الحالة حينما التقي بأحد اصدقائي الكلدان يقر امامي بقوميته الكلدانيـــــــــة لكن يضيف بأنه لا يريد ( وجع رأس ومشاكل ) مع هؤلاء المتعصبين فتراه ينأى بنفسه عن الصراحة والمجاهرة بقوميته الكلدانيـــــــــة ، اليس ذلك إرهاب فكري ؟ ام هنالك تعبير آخر لهذه الحالة ؟
ثالثاً :ـ المواقع التابعة للاحزاب الآشورية لا تقبل بأي مقال يذكر ويحترم القومية الكلدانيــــة ، ومقابل ذلك فإن المواقع الكلدانية لا تمانع من نشر المقالات التي تمجد القومية الآشورية وليس لهم اي تحفظ على ذلك . والغريب خلق هذه الكراهية والحقد ضد الكلدان ، ومثال على ذلك كان موقع القوش نت لمشرفه الأستاذ عادل زوري الذي كان يديره بحيادية عالية وهو الموقع الكلداني الأصيل الذي يفتخر بانتمائه الكلداني وكان يرفرف في واجهته العلم الكلداني ، لكن مع الأسف بعد تغلغل الفكر الإقصائي على إدارة هذا الموقع اختفت الأعلام الكلدانية فجأة ، وكأن هذه الأعلام ليست رمزاً اصيلاً لتاريخ بلاد الرافدين ، إن اي موقع  يسيطر عليه الفكر الشمولي المتعصب  يصار الى محاربة الفكر القومي الكلداني وكأنه فكر تكفيري ، ولنا امل كبير بالكلداني الشهم الأخ عادل زوري بإعادة موقع القوش نت الى سابق تألقه بأعلامه الكلدانية الجميلة .
رابعاً : ـ فضائتي عشتار التابعة للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، وفضائية آشور التابعة للحركة الديمقراطية الآشورية ، والمواقع التابعة لهذين الكيانين ( لا نقول حزبين لكي لا تصلنا كلمات عتاب ) فإن إعلامهما لا يقبل بحرف واحد يمجد الفكر القومي الكلداني ، ولهذا يجري التعتيم على هذا الفكر وعلى التطلعات القوميــــــــة الكلدانية بكل السبل ، رغم الزعم بأننا شعب واحد .
الجانب الأكثر ايلاماً في هذه الهجمة على الكلدان وقوميتهم هو ( المبررات) وهي تسويق وحدة شعبنا ، فلا حقوق شعب ولا مبادئ حقوق الأنسان ولا ديمقراطية ولا احترام مشاعر الآخر ( الكلدانيين ) قبل تحقيق الوحدة ، وهذه الوحدة حسب منظورهم تكمل بعد الخضوع للاحزاب الآشورية وترديد ما تمليه هذه الأحزاب من مصطلحات وشعارات  ومن تشويه لحقائق التاريخ ، او ان الوحدة لا يمكن تطبيقها إلا على اشلاء القومية الكلدانية .
يقول المرحوم المناضل توما توماس في رسالته الى السيد نبيل دمان<2> :
((((((( إن من هم كلدان لا يمكن تبديلهم بجرة قلم الى اشوريين كما يحلو للاخوة الآشوريين ذلك ، إنها تعقيد للعمل القومي والوحدة وإنها آمال البعض بإحداث إنقلاب في التاريخ ... ))))))) .
 اما المرحوم الدكتور الأب يوسف حبي فيقول <3> :
((((((( ويبقى واجبنا الدائم في البحث عن الأصالة والجذور لتعميقها وإعطاء كل ذي حق حقه ، وللكلدانيين إصالة وإبداع سجلهما التاريخ بكل حق ، ويضيف ص 3 أما النقطة الأولى فتتعلق بأصل الكلدانيين ، اقولها وأعتز بانتمائي الكلداني .. ))))))) .
نحن نفتخر بانتمائنا الكلداني ولكن دون تعصب ولا نقبل بإلغاء القومية الكلدانية تحت مبرر تحقيق الوحدة بين ابناء شعبنا المسيحي إنها شعارات فارغة وتوجهات حزبية ضيقة وأطماع سياسية ليس إلا .
إن محاربة الكلدان وتهميش حقوقهم في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان يعني ان بوصلة العراق تؤشر الى اتجاه غير سليم ، فكيف يجوز تهميش مثل هذا الشعب العريق على ارضه ؟ الكلدان في الوطن العراقي يشكلون فسيفساء جميل تجتمع فيهم الهويات العراقية ، إنهم على صلات طيبة مع جميع المكونات ، لقد اشتركوا في الأحزاب الحكومية منذ العهد الملكي وانخرطوا في الأحزاب السياسية المعارضة وفي الأحزاب السرية الممنوعة وانخرطوا مع فصائل الثورة الكوردية لتحقيق حقوق الشعب الكوردي ، وعملوا بمختلف المهن والصناعات  وفي التجارة والزراعة والسياحة وفي مجالات الفن والموسقى ، إنهم ملح المجتمع العراقي ، وبعد كل ذلك ليس معقولاً ان تهمش حقوق هذا الشعب وتدفن هويته في غياهب النسيان .
إن الشعب الكلداني مع بقية مسيحيي العراق اصبحوا اليوم على شكل جيوب بشرية تصارع من اجل البقاء والأحتفاظ بهويتها خوفاً من الأضمحلال وهم بين مطرقة الأخوة في الدين الذين يرومون دفن القومية الكلدانية باسم الوحدة المسيحية ، وسندان الأكثريات التي تهيمن على الأمور بفعل ميكانزم الديمقراطية وبعد ذلك كان تهميش هذا القوم على خلفية نتائج الأنتخابات .
لا اخفي تفاؤلي وثقتي بشعبي الكلداني وبأصدقاء هذا الشعب من النخب السياسية في الأحزاب العربية والكوردية وحتى اوساط معتدلة من الأحزاب الآشورية ، ان يستعيد هذا الشعب العريق الأصيل مكانته المحترمة اللائقة في وطنه العراقي وفي اقليم كوردستان .
أخيراً اقول :
 إن احترام التنوع الأثني والديني واللغوي والفكري والسياسي والقومي .. امر مطلوب في اي مجتمع يدعي الديمقراطية والتحضر ، وليس هنالك اي مبررات لتهميش حقوق اي لون من تلك الألوان بحجة المشتركات الدينية او القومية . الأحترام يجب ان يشمل الجميع دون تفرقة او تمييز .
حبيب تومي / اوسلو 07 / 04 / 12
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
1ـ العلامة القاضي ابو القاسم صاعد بن احمد بن صاعد الأندلسي " التعريف بطبقات الأمم" مؤسسة انتشارات هجرت ، طهران 1376 هجرية .
2 ـ رسالة من المرحوم توما توماس الى السيد نبيل دمان مؤرخة في 22 / 04 / 1995 م
3 ـ مقدمة بقلم المرحوم الأب يوسف حبي لكتاب حكمة الكلدانيين القسم الثاني لؤلفه الدكتور حسن فاضل جواد ، بيت الحكمة ، بغداد 2001 م .

140
اسئلة مطروحة على الرئيس مسعود البارزاني قبل اعلان الدولة الكوردستانية  
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeetomi@yahoo.no
الرئيس مسعود البارزاني سياسي عراقي مخضرم ومحنك وغالباً ما يرفق مع اسمه لفظة المناضل اي الرئيس المناضل لكونه قد اشترك في الثورة الكوردية منذ نعومة اظفاره واستمر مع تقلبات وتطورات الثورة الكوردية ومع العملية السياسية العراقية بشكل عام . ولهذا يتوقع الشعب الكوردي في كل مناسبة ان يلجأ الرئيس مسعود البارزاني الى إعلان الدولة الكوردية او الكوردستانية حيث يتوقعون منه مبادرة حاسمة ، وهذا ما اسمعه وأنا في القوش ، ولكني كنت استبعد مثل هذا الأعلان بسبب ضعف التحام مثل هذا الخطوة مع اللحظة السياسية الراهنة .
ينبغي التسليم بحقيقة مفادها ان الشعب الكوردي من حقه ان يقرر مصيره بنفسه ، ولا جدال حول ذلك ، ولكن ينبغي دائماً ترجيح الحكمة والعقل على الرغبة والعاطفة ، في الحقيقة انا شخصياً مندهش من هذا الفيض من المشاعر القومية للشعب الكوردي وهذه الرغبة الجامحة لتحقيق الذات القومية والتي تتمحور حول اعلان الدولة الكوردستانية ، وبتقديراتي ، أن القيادة الكوردية تعمل على كبح جماح هذا الأندفاع لكي لا تكرر تجربة فاشلة كالتي حصلت  للاكراد عام 1946 حين اعلان جمهورية مهاباد والتي وئدت بعد اشهر من ولادتها وتم اعدام قادتها وكان السبب يعود الى تعارض قيامها مع  مصالح الكبار .  
والتساؤلات التي اطرحها في هذا المقال المتواضع ليس للرئيس البارزاني فحسب بل للشعب الكوردي وللحزبين الحاكمين ولأحزاب المعارضة على السواء .
ــ والسؤال الذي يطفو على السطح اولاً : هل ان البيت الكوردي جاهز لاستقبال مثل هذا الحدث ، واقصد  بالبيت الكوردي الاحزاب الحاكمة واحزاب المعارضة ، هل ان هذه الاحزاب مستعدة للتضحية بمصالحها الحزبية من اجل المصلحة العليا ؟ ام ان الصراع سوف يشتد اواره بغية تحقيق المصالح الذاتية ؟ الا يجدر بكل الاطراف تمتين ركائز البيت الكوردستاني  قبل الإقدام بأية خطوة حاسمة في هذا المجال ؟
ــ وعامل آخر لا يقل اهمية ، وهو موضوع الأقتصاد الذي يشكل الركيزة الأساسية لقيام اي دولة ، فليس من المعقول ان تقوم دولة ويكون اعتمادها على المساعدات الخارجية فتغدو تابعة تفتقر الى الإستقلالية في القرار . اليوم يستلم اقليم كوردستان 17% من ورادات النفط  ، ومما لا شك فيه فإن هذه النسبة من الأموال سوف تتوقف ، إذا ما أُعلن عن انفصال الأقليم ، فهل للدولة الكوردستانية الوليدة امكانية تعويض تلك الموارد من وراداتها الأقتصادية المتاحة في الظرف الراهن ؟
لقد كانت مدن وقرى اقليم كوردستان سابقاً تعتبر سلة العراق في المنتجات الزراعية من فاكهة وخضراوات وحبوب وتبوغ ، واليوم حسب تقديراتي فإن الأقليم يعتبر مستورد لتلك المنتجات أي ان الزراعة لم تعد عاملاً اقتصادياً مهماً يعول عليه . من ناحية اخرى فإن انتاج النفط في مناطق الأقليم لا زال في ادواره البدائية وثمة مراحل وخطوات طويلة امام الأقليم لينتج كميات كافية من النفط يعوض عما يحصل عليه  من النسبة المئوية من واردات النفط .
ــ إن كانت الدولة القومية قد ولدت من رحم الدولة الأمبراطورية وكانت سبباً في تحلل وتفكك تلك الأمبراطوريات ، فإن الدولة القومية اليوم هي ايضاً  معرضة لهذا التفكك ، فالدولة (العربية ) تتفكك باستمرار الى اجزاء ( دول ) وكانت آخرها ولادة دولة جنوب السودان من رحم دولة السودان العربية ، والعراق مرشح للتفكك وربما لبنان وليبيا وغيرها ، ومن هنا يتولد السؤال ، ماذا عن الدولة الكوردية القومية التي يزمع الأكراد إعلانها ؟
 هل هي دولة قومية تضم كل الأكراد في العراق وسورية وتركيا وأيران ؟ ام انها دولة تضم اكراد العراق فحسب ؟
ــ سؤال آخر : ماذا عن المناطق المتنازع عليها ؟ المراقب لا يحتاج الى نباهة وفطنة لكي يستشفي بأن الحكومة العراقية ليس في نياتها تطبيق المادة 140 وليس ثمة دلائل على تطبيق تلك المادة في المستقبل القريب ، فماذا يكون مصير تلك المنطقة ؟ وهنا يكون التكهن وارداً بنشوب صراع ، ربما مسلح ، بين الحكومة العراقية والدولة الكوردية المفترض قيامها .
ــ وسؤال آخر يطرح نفسه لماذا فشلت تجربة الأكراد في جمهورية مهاباد ؟ اليست المصالح الدولية هي التي افشلت تلك التجربة ؟ وماذا عن قيام الدولة الكوردية اليوم ؟ الا يمكن ان تكون مصالح الدول المجاورة هي التي ستعمل على اجهاض قيام اي كيان كوردي مستقل على حدودها وبشكل خاص تركيا التي اتسمت سياستها بشكل متواصل على وأد اي مشاعر كوردية طامحة في تحقيق اي طموحات ذاتية قومية فكيف يكون موقفها من قيام كيان كوردي مستقل على حدودها ؟
ــ ماذا عن عن حماية الدولة الكوردية المفترضة ، هل سيكون بمقدور الشعب الكوردي الذود عن ذلك الكيان وسط عدائية الجيران ؟ ماذا عن موقف الدول التي تتبوأ مكانة مؤثرة في المنطقة كأمريكا مثلاً هل ستضحي بمصالحها مع تركيا وعراق وأيران وتؤيد الأكراد في طموحاتهم ؟ الولايات المتحدة هي دولة مصالح وهكذا بقية الدول التي تتعامل مع الآخرين على ضوء المصالح ، متجاوزين بذلك مصطلحات المبادئ والأخلاق ، فهل يبقى هؤلاء مع الطموحات المشروعة للشعب الكوردي ؟ إنها اسئلة كثيرة ينبغي دراستها قبل الإقدام على اية خطوة .
ــ برأيي المتواضع إن نظام العولمة الجديد رغم بعض السلبيات فإنه يحتوي على كمّ هائل من الأتصالات والمعلومات وإن هذا النظام يعتمد على مصالح الشعوب وعلى قيم إنسانية وثقافية واجتماعية وسياسية ومبادئ الديمقراطية والتعددية وحقوق الأنسان وعلى ضوء هذه المبادئ فإن الشعب الكوردي من حقه ان يتمتع باستقلاله الذاتي وأن يكون له دولة كوردية ، فهذا الشعب انقسم بين دول واصبح يشكل اقليات قومية في تلك الدول ، لكن في الظرف الراهن تتنامى مشاعر هذا الشعب باتجاه تقرير المصير . ولهذا يمكن للرأي العام ان يتعاطف مع الشعب الكوردي في طموحاته .
ومن هنا ينبغي ان تتطور الأمور بشكل ديمقراطي وواقعي ، فأمامنا تجربة دولة جنوب السودان التي تشبه ظروفها من وجوه كثيرة بأقليم كوردستان ، ومن اوجه التشابه مثلاً تداخل وتشابك المصالح بين المكون القومي المختلف  كالأكراد في العراق او المكون الديني المختلف كجنوب السودان ، ولهذا يمكن التريث وتحديد فترة زمنية ( لمدة سنة مثلاً ) للإعداد لإجراء استفتاء عام للشعب الكوردي تحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى ، وحينما تكون نسبة كبيرة في هذا الأستفتاء  مؤيدة للاستقلال ، حينذاك سيكون تشكيل كيان كوردي خطوة مقبولة في الأوساط الدولية والعربية والأقليمية وكذلك في الأوساط الشعبية باعتبار ان هذا الأنفصال يعتبر نابعاً من إرادة الشعب .
ــ ثمة عوامل أخرى لها تأثيرها على المسالة وهي تطبيق مبادئ الديمقراطية والأستقرار في عموم الدولة العراقية ، فالأوضاع غير المستقرة بعد مرور ما يقارب عقد من الزمن دون تحقيق اي تقدم او خطوات ملموسة  في العراق إن كان على نطاق الخدمات العامة او البنية التحتية او تحقيق الإستقرار للمواطن العراقي من الناحية الأمنية او الأجتماعية او الأقتصادية ، وإن كان لابد من المقارنة ، فإن نسبة الـ 17% المخصصة للأقليم قد حققت قدراً كبيراً من التقدم في اقليم كوردستان المستقر ، بينما نسبة 83% من واردات النفط لم تحقق اي تقدم ملحوظ في عموم العراق المضطرب امنياً لحد اللحظة .
 ولهذا اقول إن تعثر العملية السياسية في الدولة العراقية واستشراء الفساد الإداري والمالي ، قد بعثر تلك الثروات الهائلة التي تعود للشعب العراقي المنكوب دون تحقيق اي تطورات او تقدم في عملية البناء والأستقرار في العراق الأتحادي ، إن هذا الوضع قد حدا بأقليم كوردستان بالنأي عن نفسه عن تلك الحالة ناهيك عن لجوء محافظات أخرى الى محاولات لأنتزاع شكل من اشكال الأستقلال الذاتي او على شكل اقليم .
 ــ من المؤكد ان العراق لو كان يسير بخطى حثيثة نحو التقدم والأزدهار الأقتصادي والمالي مع استقرار الوضع الأمني ونجاح العملية السياسية وتحقيق المبادئ الديمقراطية الخلاقة ، ما كان اي طرف يفكر بالأنفصال او بالتمتع بأقليم مستقل إدارياً واقتصادياً وسياسياً ، لكن تعثر العملية السياسية والفساد المستشري في مفاصل الدولة قد دفع تلك الأطراف الى سلوك ذلك الطريق .
ــ إن انفضال اقليم كوردستان إذا تم حسب إرادة الشعب الكوردستاني ينبغي ان يتم وفق اسس الديمقراطية ، بحيث يجري ذلك بالأساليب السلمية المبنية على اتفاق كل الأطراف وكما حدث في جنوب السودان الذي تحول الى سودانين بشكل سلمي ديمقراطي دون إراقة دماء ، في حين ان القتال الذي دام لعشرات السنين لم يؤدي الى نتيجة .
 إن القيادة الكوردية  إن أرادت ان تلبي طموحات الشعب الكوردستاني ينبغي ان يتم ذلك بحكمة وبخطوات مدروسة بعيداً عن المنطلقات الثورية والعاطفية .
حبيب تومي / عنكاوا في 28 / 03 / 12

141
المطران فرج رحو أمير وقمر  شهداء العراق والأمة الكلدانيــة
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
الشعب الكلداني من الشعوب العريقة الذي قطنت في بلاد ما بين النهرين والكتب التاريخية تؤرخ ماضيهم الى حادث الطوفان الذي غمر تلك الأصقاع في عصور سحيقة من الزمن الماضي ، ويتجلى تاريخ هذا الشعب فيما خلفه من مظاهر حضارية في العلوم والفلسفة والإعمار فقد كانوا السباقين في اختراع الكتابة ، وتدوين القوانين والشرائع التي تنظم حياة البشر، وشيدوا الجنائن المعلقة ، واخترعوا العجلة ، وقسموا لنا الوقت الى السنين والأشهر والأسابيع والأيام والساعات والدقائق والثواني . ومن اور الكلدانيين خرج ابو الأنبياء ابراهيم الخليل ( بابان اوراهام) .
 وحينما اشرقت شمس المسيحية على هذه الديار كانوا من الأوائل الذين تقبلوا تلك الديانة في بلاد ما بين النهرين ، ونبغ منهم الفلاسفة والعلماء والمفكرين ، وعمل القائد اليوناني اسكندر المقدوني على نقل علومهم وعلمائهم الى اليونان للاستفادة منهم . وكان الفرس يعبدون آلهتهم ويستفيدون من علومهم .
بعد انبثاق المسيحية وانتشارها في ارجاء المعمورة ، كان الكلدانيون هم السباقون في نشر تلك الديانة السمحاء في ارجاء العالم القديم ، وفي بناء الكنائس والمدارس والأديرة ، وواصلت كنيستهم الأنتشار  نحو الشرق لتصل الى الهند وبلاد الصين ، ومن الجانب الآخر توغلت في اعماق الجزيرة العربية .
فيما يلي من العصور كانت الرغبة في إنهاء انفصال الكنيسة الشرقية عن الكنيسة الكاثوليكية الجامعة ، وهكذا اثمرت تلك الجهود في اتحاد كنيسة هذا الشعب مع الكنيسة الرومانية وكان ذلك قبل خمسة قرون ونيّف . فكانت جهود الشعب الكلداني من هذا الأتحاد ترمي الى الأحتفاظ بالهوية القومية الكلدانيـــــــــة وعدم الذوبان في بودقة الكنيسة الكاثوليكية التي تجمع مختلف الشعوب والقوميات والأمم . وتحت يدي اليوم كتاب للمرحوم الاب الدكتور بطرس حداد بعنوان " الندايي واليباسي"
ويذكر فيه كيف ان الشعب الكلدانــــي كافح مع البطريرك  الكلداني يوسف السادس اودو لأبقاء التراث واللغة الكلدانيـــــــــة والهوية الكلدانيـــــــــــة بوجه محاولات صهر وإذابة هذا الشعب في بودقة اللغة اللاتينية والطقوس الغربية ، وفي تلك الأزمة التي حدثت في ( 1869 ـ 1889 ) في عهد البابا بيوس التاسع يقول الأب الدكتور بطرس حداد ص31 بشأن رسالة البطريرك اودو الى متصرف لواء الموصل : ( .. اما من خصوص ما تفضلت سعادتكم بأننا عازمون على إحداث شئ مخل بمذهب ملتنا فهذا قط ما فعلناه ولا نفعله ابداً لأننا محافظون كل المحافظة على حفظ وصحة مذهبنا ومعتقدنا الكاثوليكي .. وهذا التمسك المذهبي مباح لجميع الملل النصرانية المستظلين تحت افياء الدولة العلية .. ، ويمضي الكاتب الى القول : وبينما كان الشــــعب الكلدانـي في غليان فهذا يؤيد البطريرك ويصفق لتصرفاته الشجاعة كان آخرون يعلنون الويل والثبور ... ضد هذا الشيخ العنيد .. ) ويمضي الكاتب ص 33 الى القول : لبّى البابا بيوس التاسع طلب المجمع بأن يتدخل بسلطته العليا ليقول كلمته بخصوص ما يجري في بلاد الكلــــــــــدان .
إن وضع الشعب الكلداني اليوم لم يختلف كثيراً عن يوم أمس ، وإن كان الماضي غارقاً في فيض المرارات والأزمات فإن اليوم ونحن نقرأ ونسمع الكثير عن حقوق الأنسان وحقوق الأقليات في المعتقد والكرامة الأنسانية ، فإن الشعب الكلداني لا زال محروماً من حقوقه في بلاد الكلــــــــــــدان ، وإضافة الى ذلك امتد الى هذا الشعب ( الشعب الكلدانــــــــي ) وبقية مسيحيي العراق حيث طالهم جميعاً موجات من الأرهاب والقتل والتشريد ونحن في هذا الشهر تمر علينا الذكرى الرابعة لأستشهاد نجم ساطع في سماء امتنا الكلدانيـــــــــــــــــة وهو المثلث الرحمات المطران بولص فرج رحو امير وقمر شهداء امتنا الكلدانيـــــــــــــــــــة .
 
 إن الشعب الكلداني يحيي كل شهداء العراق الأبرار الذين ضحوا بحياتهم من اجل إعلاء شأن الوطن العراقي ، لقد استشهد قبل المطران فرج رحو الأب رغيد كني شهيد الشباب المسيحي ومعه كوكبة الشمامسة الشهداء .
 اما المطران فرج رحو فقد اختطف وعذب وبعد ذلك قتل . لقد كان الشهيد يحمل غصن الزيتون بيد والصليب في اليد الأخرى ويسير في غابة يقطنها الكثير من الوحوش التي لا تستطيع رؤية النور الذي يشع من جبين هذا الأنسان الممتلئ بالأيمان والمحبة لكل الناس ، نعم كل الناس ، حتى اعدائه ، لقد اختطف من قبل جماعة من المسلحين بتاريخ 29 شباط/فبراير 2008 وذلك في منطقة النور السكنية شرق مدينة الموصل، حيث جرت واقعة الخطف بعد أن أنهى المطران (65 عاماً) طقوس صلاة "درب الصليب" (التي تقام خلال صوم عيد القيامة) وكان في طريق مغادرته للكنيسة فتعرض له مجهولون وأطلقوا النار على سيارته مما تسبب في مقتل سائقه واثنين من مرافقيه واختطافه ، ويوم 13 آذار/مارس 2008 عثر على جثته الطاهرة  قرب مدينة الموصل .
في مقابلة أجرتها  وكالة آسيا نيوز مع المطران فرج رحو وذلك في شهر تشرين الثاني/أكتوبر عام 2007 بأن وضع المسيحيين في العراق يزداد صعوبة خصوصاً في منطقة الموصل، وأشار المطران إلى أن مسيحيي المنطقة هم عرضة لتهديدات مستمرة من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة، كما ان المعاناة الحالية التي يعيشها العراقيين تشملهم جميعاً على اختلاف أطيافهم إلا أنها أكثر قساوة على المسيحيين الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين خيارات محددة، فإما: الهجرة، او اعتناق الإسلام، او دفع الجزية أو الموت. وأضاف بأن ثلث المسيحيين غادروا الموصل بسبب الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدين ذريعة لجمع المال.
لقد كانت هنالك ردود افعال كثيرة على جريمة خطفه وقتله وذلك داخل العراق وفي مناطق العالم .
فقد هذا اثار هذا العمل  استهجان واستنكار الكثير من الشخصيات الدينية والسياسية في العراق والخارج مثل:
البابا بينيدكتوس السادس عشر، ندد بعملية خطف المطران واصفاً إياها بالجريمة البشعة داعيا لإطلاق سراحه على الفور.
ومن طرفه ناشد بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية الكاردينال عمانوئيل دلي الخاطفين لإطلاق سراح المطران رحو متمنياً أن يعم السلام المحبة في عموم أرجاء العراق
وصرح البطريرك مار أدى الثاني رئيس الكنيسة الشرقية القديمة في بيان أصدره عشية اختطاف المطران رحو، صرح باستنكاره لعملية الخطف متمنياً أن يتم إطلاق سراحه حالاً .
ومن الكنيسة السريانية الأرثوذكسية أعرب المطران غريغوريوس يوحنا إبراهيم راعي أبرشية حلب عن أسفه وحزنه العميق لخطف المطران بولص رحو مناشداً خاطفيه إطلاق سراحه ليعود إلى كنيسته وإلى شعبه العراقي
وفي بيان صحفي له أدان المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس عملية الخطف معتبراً إياها "حادثة إجرامية ومأساوية" وأضاف "أن آلامنا وجراحنا في فلسطين لم ولن تنسنا جراح وآلام الشعب العراقي الشقيق " متمنياً عودة السلام والأمن لربوع البلدين .
واستنكر مجلس كنائس الشرق الأوسط عملية اختطاف المطران رحو على لسان أمينه العام جرجس إبراهيم صالح مشيراً إلى أن مثل هذه الأعمال تسيء لقيم العيش المشترك.
وفي رسالة بعثها إلى بطريرك الكنيسة الكلدانية أعرب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن أسفه الشديد لخطف المطران بولس رحو، وأعلم البطريرك بأنه أعطى توجيهاته لوزير الداخلية جواد البولاني ومسؤولي الأجهزة الأمنية في محافظة نينوى لبذل جهدهم في إطلاق سراح المطران .
كذلك طالبت هيئة علماء المسلمين الخاطفين بإطلاق سراح المطران، مشيرة إلى أن هذه العملية تخدم مشروع الاحتلال الأمريكي في زعزة الوحدة الوطنية وتفتيت وحدة المجتمع العراقي، وتابعت الهيئة في بيان لها بأن المسيحيين العراقيين هم جزء من الشعب العراقي ولهم من الحقوق مالغيرهم من أبناء هذه البلد .
ودعا المرجع الشيعي قاسم الطائي الخاطفين إلى الحفاظ على حياة المطران وإطلاق سراحه .وقامت أيضاً مؤسسة شهيد المحراب الشيعية (التي أسسها السيد باقر الحكيم) بإصدار بيان تستنكر فيه عملية خطف المطران بولس فرج رحو واصفة خاطفيه بأعداء الشعب والوطن مطلبةً إياهم بإطلاق سراحه على الفور .
وأعربت المتحدثة باسم السفارة الأمريكية في بغداد ميرمبي نانتانغو عن استنكار بلادها لعملية الخطف.
وكذلك أدان العملية ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي مستورا .
ومن جهته استنكر الاتحاد الأوروبي بشدة في بيان صدر عنه خطف رحو ودعا الحكومة العراقية لبذل جهدها من أجل إطلاق سراحه  .
ودعا أيضاً الأمير الحسن بن طلال الذي يتبوء رئاسة مجلس أمناء المعهد الملكي للدراسات الدينية، دعا الخاطفين لإطلاق سراح المطران مشيراً لأن عمليات الخطف والقتل لاتمت بصلة للإسلام بل إنها تسيء إليه
واستنكر تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عملية اختطاف المطران بولص معتبراً ذلك عملاً مسيئاً لقيم المحبة والتسامح .
وأدان مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني خطف المطران رحو محذراً من زج المسيحيين العراقيين في آتون الصراع القائم في العراق داعياً لإطلاق سراحه .
واستهجن المرجع الشيعي اللبناني محمد حسين فضل الله اختطاف المطران الكلداني مطالباً بإطلاقه وأضاف قائلاً: "ندعو الجميع للعمل على طمأنة المسيحيين في العراق، ليبقى هذا البلد ملتقى دينيا وإنسانيا لكل الاتجاهات والتيارات الدينية أو السياسية، وموقعا حضاريا لانفتاح الإسلام على جميع المواطنين بالرحمة والمحبة والحرية، وخصوصا أن العراق لم يشهد في كل تاريخه الوطني مثل هذه العمليات غير الإنسانية في الخطف والقتل والتشريد لكل أصناف المواطنين" .
وبعد العثور على جثمان رحو صرح العميد خالد عبد الستار الناطق باسم شرطة محافظة نينوى بأن محادثات قد جرت بين الخاطفين وأشخاص مقربين من المطران المختطف طلبوا خلالها فدية قدرها مليون دولار، وأكد أندراوس أبونا مساعد البطريرك الكلداني بأنه جرت بالفعل مفاوضات بين الجماعة الخاطفة ومسؤولين رسميين من الكنيسة لإطلاق سراح المطران ولكنه نفى علمه بموضوع الفدية .
وأعلنت مطرانية الكلدان في الموصل لوكالة الأنباء الإيطالية (آكي) بأن جثمان المطران سوف يدفن في مقبرة بلدة كرمليس في ضواحي الموصل، وأكد مصدراً لها بأنه بات من المؤكد أن بولص رحو قد توفي إثر أزمة قلبية، خاصة أنه كان يعاني من هذا المرض وتمكن سابق وبصعوبة من تجاوز جلطتين قلبيتين، إلا أن الحالة النفسية الصعبة والضغط الشديد الذي تعرض له في أيامه الأخيرة ساهما بإصابته بجلطة جديدة كانت قاتلة هذه المرة. وصرح مصدر أمني من شرطة نينوى بأنه كان قد تم العثور على جثة المطران في منطقة حي الانتصار بالموصل [32].
وفي يوم الجمعة 14 آذار/مارس تم تشييع المطران بولص رحو في كرمليس بحضور الكادرينال عمانوئيل دلي وممثلين عن باقي الطوائف الدينية وشخصيات سياسية واجتماعية مختلفة، واحتشد في المكان عدد كبير من العراقيين المسيحيين من مختلف المناطق للمشاركة في الجنازة، ورافق حرس مسلحين موكب المشيعين الذين كانوا يحملون الشموع والأزهار. وخلال مراسيم التشييع بدا التأثر الشديد على عمانوئيل دلي الذي بكى الميت ودعا أبناء رعيته لعدم الأخذ بالثأر للمطران فهم "مجبرين على السير في طريق السلام" بحسب تعبيره، تحدث بعدها البطريرك عن مناقب المطران بولص، وبعد طقس الصلاة الذي استمر مدة ساعتين دفن الجثمان في كنيسة مار أدى.
أقول :
في الوقت الذي نحيي ونقف وقاراً وإجلالاً لشهداء الأمة الكلدانيــــــــــــــــة وفي مقدمتهم شيخ الشهداء الأمة الكلدانيــــــــــــــة  بولص فرج رحو فنحن الكلدان نوقر ونحترم ونقف إجلالاً لشهداء شعبنا المسيحي على اختلاف مذاهبهم وكنائسهم ولا نفرق بين شهيد كلداني او شهيد آشوري او شهيد سرياني او ارمني ، انهم جميعاً ضحايا الظلم  والعمل الإرهابي ، كما نحيي ونقف اجلالاً لكل شهداء العراق من مختلف الأديان والقوميات العراقية التي طالها الظلم والأرهاب والحروب الداخلية والخارجية وغياب الأمن والأستقرار لعقود طويلة مرت على هذا الشعب المنكوب .
حبيب تومي / القوش في 14 / 03 / 12

المصادر
ــ الأب د. بطرس حداد " الندايي واليباسي " ازمة هزت الكنيسة الكلدانية ، نينوى 2009
ــ موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة .

142
القائد ملا مصطفى البارزاني هو من وضع الحجر الأساسي لكوردستان اليوم
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 عجلة الحياة في سيرورة وديمومة دون انقطاع ، ونحن استلمنا التراكمات الأجتماعية والثقافية من آبائنا وأجدادنا ، ونحن بدورنا نسلم الأمانة لأولادنا وأحفادنا وهذا هو ناموس الحياة ، هكذا كانت وهكذا سوف تستمر الى الأبد . نحن نغرس الشتلة ونسقيها ونهتم بها ويأتي اولادنا واحفادنا يقطفون الثمرة ، وهكذا نحن قطفنا ثمار شتلات غرسها آباؤنا وأجدادنا ، وبدورنا ومن باب الوفاء لمن غرسوا تلك الشتلة نخلد ذكراهم ونحن نقطف الثمار الطيبة .
 
وإن كنا نحن نزرع لأولادنا وأحفادنأ فهنالك من غرس الأشجار وضحى بوقته وبحياته وراحته من اجل إسعاد شعبه ، فهو لم يفكر في حياته الشخصية وأولاده ، إنما فكر بشعبه  وغرس شجرة تمتد جذورها في اعماق تربة الوطن وأغصانها ترفرف وتعانق سمائه ، اجل كان هنالك قائد كوردي من هذا الطراز اسمه ملا مصطفى البارزاني الذي كرّس حياته  وانصب اهتمامه طيلة حياته لأعلاء شأن عائلته الكبيرة في عموم كوردستان . لقد مسك القائد الكوردي ملا مصطفى البارزاني دفة سفينة شعبه وهي تمخر عباب البحار الهائجة والرياح العاتية وهو قد ثبّت بوصلة مركبه وبشكل مستمر ودون انحراف صوب مصلحة شعبه ، غير مكترث لما يحصل له من مصاعب ومخاطر في الدروب والشعاب الوعرة  .
 إن من يقرأ حياة المرحوم البارزاني مصطفى ستغمره الدهشة لحياة هذا الأنسان المفعمة بالأحداث والمخاطر بين السجون والمنافي والمؤامرات والمعارك والجوع والحرمان وكراهية الأعداء وخذلان الأصدقاء ووو ... ومع كل ذلك استطاع ان يثبت على مبادئه البسيطة الواضحة وهي مصلحة وحقوق شعبه ، وهو يتحرك في ذلك الإطار ولم يستخدم يوماً العلوم الفلسفية او النظريات السياسية او المصطلحات المعقدة ، ومع تلك العفوية والسليقة الطبيعية استطاع ايصال صوته ونقل معاناة شعبه ووضعها تحت الأضواء لتصبح موضع اهتمام دوائر صنع القرار في العالم ، وهو مع هذه الديمومة والثبات تمكن من إحراز مكانة شخصية ذو ابعاد كارزمية بين ابناء شعبه وفي الأوساط العالمية ليكون له تلك المكانة التي يتمتع بها نيلسون مانديلا ونهرو وسوكارنو ونكروما وعبد الكريم قاسم وغيرهم ، وهكذا بات اسم ملا مصطفى البارزاني مقروناً وتوأماً ملازماً لأسم كوردستان ولقضية الشعب الكوردي في التحرر وتقرير المصير .
في خضم حياة ملا مصطفى البارزاني النضالية كان ثمة عوامل تتحكم في سير الأحداث ومصائر الشعوب ، حيث كانت الحرب الباردة بين القطبين يومذاك وهما المعسكر الغربي تحت زعامة الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الأشتراكي تحت زعامة الأتحاد السوفياتي السابق ، وكان مصير ملا مصطفى البارزاني وقضية شعبه تترنح في زحمة المصالح المتناقضة للقطبين ، كل قطب يريد ان يستخدم الورقة الكوردية وفق ما تمليه عليه مصالحه ، وكان البارزاني بإمكانياته المتواضعه يحاول ان يبقي على قضية شعبه تحت دائرة الأضواء قدر الأمكان وان يحافظ على شعرة معاوية مع كل الأطراف .
لكن كيف استطاع هذا الأنسان البسيط ان يقود مركب شعبه وسط تلك الأمواج المتلاطمة والسباحة بين الحيتان الكبيرة ، لقد توجه نحو الأتحاد السوفياتي الذي كان يأخذ موقف مناصرة الشعوب المضطهدة ، ونستطيع ان نجعل تلك الأتصلات بأنها امتداداً لصلات قديمة بين عبد السلام البارزاني وروسيا القيصرية قبل الحرب العالمية الأولى  ، ووجد ملا مصطفى البارزاني في الأتحاد السوفياتي الملاذ الآمن بعد انهيار جمهورية مهاباد ، وبعد صدور حكم الإعدام بحقه من قبل السلطات العراقية يومذاك ، وهكذا وجد ابواب الوطن العراقي موصدة بوجهه ، ومقابل ذلك وجد الأبواب المفتوحة امامه وأمام رجاله في الأتحاد السوفياتي السابق ، وعلى هذا الأساس صدر بحقه بأنه عميل الأتحاد السوفياتي ولقب بالملا الأحمر من قبل وسائل الأعلام الغربية .
 الحكمة ونزعة البقاء لدى الأنسان الغريق تجعل منه يحاول الإمساك والتشبث بقشة لعلها تنقذه من الغرق ، وهكذا توجه ملا مصطفى البارزاني نحو الغرب عارضاً قضية شعبه ، وكيف يستطيع نيل الدعم من تلك القوى النافذة على المسرح الدولي ، ومن خلال طرقه لأبواب الغرب وبالذات من بريطانياً ، كان الأعلام الأخر جاهزاً لإلصاق تهمة العمالة لبريطانيا ، وبعد ان دأب في محاولاته لكسب الدعم وتوجه الى اميركا آملاً في كسب تأييدها ودعمها ، ومن حدسه بان الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة على التأثير الفعال والحاسم في المسالة الكوردية فكان الأتهام جاهزاً لألصاقه باعتباره عميل امريكي ، وأخيراً وليس آخراً  كانت التهمة الجاهزة من قبل الحكومة العراقية للبازراني بالعمالة لأيران حينما كانت ايران في زمن الشاه تقدم الدعم العسكري واللوجستي للثورة الكوردية ، وقبل ذلك كان اتهام البارزاني بالعمالة لأسرائيل .
وهكذا كانت هنالك سلسلة من الأتهامات كعميل سوفيتي وعميل بريطاني وأمريكي وإيراني وأسرائيلي .. وهلم جراً ، لقد استلمت قبل ايام على بريدي الألكتروني ، مقالاً بهذا المعنى ، ولا ادري لماذا ينبغي ان نصف تلك العلاقات بالعمالة ولا نريد وضعها بقالب آخر ، وفي الحقيقة كل يفسر تلك العلاقات بما تمليه عليه مصالحه لا اكثر .
نأتي الى جانب من تلك العلاقات إذ من المفيد ان نقرأ التاريخ القريب في مدن وقرى كوردستان وسوف نجد تمازجاً وتعايشاً دينياً للاديان في المنطقة : الأسلام والأيزيدية والمسيحيون واليهود ، ولو اخذنا قرية بارزان كمثال غير حصري ، سنجد بأنها كانت قرية للتعايش بين الأسلام والمسيحيين واليهود وإن جذور ذلك التعايش كانت تمتد لعشرات القرون من السنين وليس غريباً ان تبقى علاقات اجتماعية وثقافية بعد هجرة اليهود من العراق في اواسط القرن الماضي ، وإن كان ملا مصطفى البارزاني قد اتصل باسرائيل من اجل منفعة شعبه ، فلا يمكن إلا ان نضع تلك الأتصالات في سياقها الدولي ، وهذه العلاقات والأتصالات لم تكن مختلفة عن التي اجرها المرحوم البارزاني مع فرنسا وأمريكا وبريطانيا واجداده مع روسيا القيصرية ومن ثم الأتحاد السوفياتي وايران وغيرها من الدول . لماذا نحاول وضع تلك العلاقات بقالب العمالة وليس قالب التوجهات الدبلوماسية .
بريطانيا هي التي قررت مصير تأسيس الدولة العراقية واختارت له ملكاً مؤيداً لها ، وعملت وحاربت بريطانيا الى جانب العرب ضد الحكم العثماني ، لتأسيس الدولة العربية في القرن العشرين ، فلماذا نخص الأكراد وزعمائهم حين اتصلاتهم الدولية بكونها عمالة للاجنبي ؟
إن المرحوم ملا مصطفى البارزاني قام بواجبه كأي زعيم يحاول تحرير شعبه ، وطرق كل الأبواب وقاتل وانتصر وخسر ... ولم يدخر جهداً ولم يعدم وسيلة دون ان يستخدمها لتحرير شعبه ووضعه في مصاف الشعوب المتحررة لكي يقرر مصيره بنفسه .
إن النظرة المحايدة ومن باب الأنصاف ينبغي الإقرار بأن المرحوم البارزاني مصطفى هو الزعيم التاريخي للشعب الكوردي ، ومطلوب من كوردستان وشعبها ان يخلد هذا الأنسان الذي  اوصل شعبه الى ما هو عليه اليوم من مكانة سياسية ودبلوماسية مرموقة في المنطقة والعالم .
اقول :
إن القائد الكوردي المرحوم ملا مصطفى البارزاني قد وضع الحجر الأساسي لأقامة (دولة) كوردية معاصرة ، وأقول لجيل الشباب وهم يستخدمون اليوم شبكة الأنترنيت ويتصلون ويبادلون الرسائل عبر الموبايلات ويركبون السيارات الجميلة الفارهة ، ويلبسون الملابس الجميلة الفاخرة , ويعيشون في البيوت الجميلة ويحصلون على جواز سفر فيسافروا من اجل التجارة او الدراسة او السياحة ، ينبغي ان يعلم هؤلاء الشباب ان هذا الواقع وهذه السعادة والرفاهية والأبهة يقف وراءها رعيل مضحي من جيل آبائه ، يدعون بيشمركة ، لهم بنادق قديمة ويحاربون بحماية جبال شماء ولهم قائد كوردي محنك اسمه ملا مصطفى البارزاني ، هؤلاء قاتلوا وضحوا بنكرن ذات كبير وتمكنوا خلال سنين طويلة من النضال ان يضعوا اللبنة الأولى في تأسيس كيان ( دولة ) كوردستان .
 والأنصاف والوفاء يقتضيان تخليد الشهداء والمضحين وفي المقدمة ينبغي تخليد قائد تلك المسيرة الطويلة وهو البارزاني مصطفى .
 حبيب تومي / القوش في 09 / 03 / 12



 

143
هل يستحق النائب يونادم كنا ان يحمل شرف تمثيل الشعب الكلداني في البرلمان العراقي ؟
 بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
بدءً اقول بأنني اكن التقدير والأحترام للسيد يونادم كنا شخصياً ، ولكن هذا لا يمنع من توجيه النقد اليه ولغيره من الشخصيات السياسية من ابناء شعبنا حينما يصدر منهم موقف منافي للمألوف او نلمس في تلك المواقف نوع من الإساءة او الأستخفاف بمعتقدات وتاريخ شعبنا الكلداني ، وهنا لسنا بحاجة الى استخدام التعابير الفلسفية والمعايير السياسية والأجتماعية لكي نثبت بأن النائب الذي انتخبه شعب ما او حزب ما ينبغي عليه الدفاع عن الذين وضعوا ثقتهم به ومنحوه صوتهم الثمين ، وهذه بديهية لا تحتاج الى براهين وأدلة ، وعلى النائب ان يطبق البرنامج الذي طرحه على الناخب ، وتبقى مسالة الدفاع عن مآثر وتاريخ والأسم القومي للناخب فهذه مسائل لا تدرج في برنامج الأنتخابات باعتبارها حقائق مسلم بهذا لا تحتاج ان تدرج في البرنامج الأنتخابي .
أقول :
الشعب الكلداني شعب وديع مسالم ويتعايش مع كل المكونات العراقية الدينية والعرقية والمذهبية ، وليس له اي تحفظ في التعامل مع الآخر كما ليس له اي فكر متزمت فيمن يمثله في البرلمان ويكفي أن يكون اي عراقي مخلص لهويته الوطنية العراقية وللناخب الذي انتخبه ، وعموماً من المبادئ الأنسانية والأخلاقية ان الذي يمثلهم في البرلمان سوف يطبق ما طرح في برنامجه الأنتخابي ، ومن ناحية اخرى سوف لا يقوم النائب بالإساءة الى مشاعرهم ومعتقداتهم او ينكر قوميتهم الكلدانية ، فهذه حالة طبيعية مألوفة وهي مطلوبة وملزمة لكي  يسلكها اي نائب .
يحضرني موقف انتخابي اواسط الخمسينات من القرن الماضي حيث حضر عبد الله آغا الشرفاني من مريبة الى بيت يوسف بولا اسمرو ويطلب منه اصوات الناخب الألقوشي باعتبار ان يوسف بولا اسمرو كان رئيس القوش سابقاً وهو من الوجهاء المعتبرين لدى الحكومة ولدى اهالي القوش في تلك الفترة ، ووعد المرشح المذكور انه سوف يدافع عن القوش وعن اهلها بكل شرف وأمانة ، واتذكر ان الوفد قد طال مكوثه في بيت يوسف بولا لأيام بسبب تواصل سقوط الأمطار الغزيرة .
المهم من إدراج الحادث انه لا يهم ان يمثل الشعب الكلداني عربي او كوردي او آشوري او تركماني لكن يفضل ان يكون كلداني . وبكل الأحوال ينبغي على النائب  ان يحترم الثقة التي اولاها ايّاه الناخب وأن يكون اميناً ولا يخون تلك الأمانة مهما كانت مبادئه او دينه او قوميته ، هذا هو المألوف وهذا هو الجاري وهذا هو الطريق المستقيم لهذه الحالة ولا يوجد اي اجتهاد او تنظير في المسالة ، هذه مبادئ انسانية واعراف اجتماعية لا تحتاج الى سن قوانين وشرائع فالمبادئ الأنسانية الأساسية تكاد تكون محسومة كالوصايا العشرة لا تحتاج الى الأثبات والبراهين .
فنحن نتشرف ان يمثلنا السيد يونادم كنا من الحركة الديمقراطية ألاشورية او نائب آخر من المجلس الشعبي او من اي حزب آخر ، بل لنا الشرف ان يمثلنا اي عراقي مسلم  سني او شيعي او يزيدي او مندائي او شبكي او كاكائي او عربي او كوردي او ارمني شرط ان يؤدي واجبه بمهنية وأن يتميز بصدق وأمانه وان يخدم ويحترم الشعب الكلداني الذي منحه ثقته .
حينما يقوم شخص بمنح وكالة لشخص ما امام كاتب عدل ، فلا ريب انه يمنح تلك الثقة للوكيل الذي يثق به وهو متأكد بأنه سوف لا يغدر به ذلك الوكيل إن كان من اقاربه او محامي او صديق ، وقد تكون هذا الوكالة وكالة عامة مطلقة او تكون محدودة في مسالة ما وبكل الحالات فإن القاسم المشترك هو ثقة الموكل بالوكيل بأنه سوف لا يخونه ويغدر به ويستغل ثقته .
عموماً إنها عملية  لا إنسانية وغير أخلاقية ان تغدر بالشعب الذي انتخبك وأوصلك الى كرسي البرلمان وان تأخذ راتب جيد وتستلم سيارة مصفحة ويعين لك حراس وتاخذ لهم اسلحة ورواتب من الدولة لأن هنالك شريحة من الشعب قد منحته ثقتها ، وبعد كل ذلك هل يحق لكائن من كان ان يخون تلك الثقة ويطعن اصحابها بالخاصرة اي يغدر بهم  ؟
 إن هذه العملية  تنطبق بشكل كبير على اي نائب إن كان من القائمة العراقية او من دولة القانون او من القائمة الكوردستانية او من قائمة الرافدين او قائمة المجلس الشعبي ، وهي بالذات تنطبق على نواب الكوتا المسيحية  وتنطبق على النائب  يونادم كنا وعلى النواب الأربعة الأخرين الذين يمثلون الكوتا المسيحية إن كانوا من الزوعا او من المجلس الشعبي  بما فيهم النائب يونادم كنا ، الذي كانت له اصوات مهمة من الكلدان الذي منحو قائمة الرافدين اصواتهم .
 النائب يونادم كنا سطع نجمه بعد نيسان 2003 حين قدومه على الدبابة الأمريكية بعد إسقاط النظام ، ومن هذه الخلفية استطاع ان يزيح المكون الكلداني من الساحة السياسية ، حيث كان يحكم العراق بول بريمر السفير الأمريكي ، ومن تلك اللحظة بدأ الأخ يونادم كنا بدق اسفين التفرقة بين ابناء الشعب الواحد ، وقسم هذا الشعب الى سادة واتباع ، وأخذ يروج لأعلاء شأن القومية الآشورية ، وإقصاء القومية الكلدانية الأصيلة من الخارطة القومية العراقية ، وأخذ يجاهر بذلك في المحافل وبين وسائل الأعلام بشكل ساذج ومقزز ، وحتى امام المحافل الكلدانية بدأ ينكر التاريخ الكلداني برمته ، كل ذلك ونحن نتحمل ونصبر وأنطلاقاً من اخلاقيتنا العالية وحرصنا على وحدة شعبنا الذي يطاله القتل والتشريد والأرهاب .
 لقد مضى السيد يونام كنا بخطابه الإقصائي دون خجل ودون مراعاة قواعد التقدير والأحترام لمشاعر قوم يفتخرون ويتشرفون بقوميتهم الكلدانيــــــــــــــــــــــــــــــة ، وسخر إعلامه الحزبي لنعت هذا القوم الوديع بشتى النعوت من انقساميين ومفرقي الصفوف وخونة ومتآمرين ، لأنهم ببساطة لا يعلنون مظاهر الطاعة له ولحزبه ولخطابه الأقصائي .
اقول :
على النائب يونادم كنا وبقية نواب في الكوتا المسيحية من الزوعا ومن المجلس الشعبي ، -(((( يجب نعم يجب )))) عليهم احترام إرادة الشعب الكلداني الذي منحهم ثقته ، وبإرادة هذا الشعب جرى تدوين التسمية الكلدانية في الدستور العراقي ومسودة الدستور الكوردستاني ، وإن محاولة المساس بهذه التسمية والعمل على تغييرها تعتبر خيانة بحق الشعب الكلداني ، فمن يريد ان يركب موجة الغدر بحق الشعب الكلداني يستطيع ان يعمل ويساند السيد يونادم كنا بما هو يسعى اليه طيلة فترة عمله السياسي بعد عام 2003 م .
مطلوب من نواب الكوتا المسيحية ان لا ينزلقوا الى مطب الفكر الإستعلائي الشوفيني الأقصائي الذي سلكه هتلر ونيرون وبابودك وموسيليني وبينوشيه ومبوتو وصدام وبن علي والقذافي حيث ادى هذا الفكر بأصحابه الى التهلكة .
 ينبغي عليهم مراعاة حقوق الأنسان في الحرية والمعتقد والأنتماء ، وحتى لو كانوا نواب لا يحق لهم التنكر وتغيير الأسم القومي للشعب الذي انتخبهم ، فإعضاء البرلمان الكوردي ليسوا مخولين  بإلغاء التسمية الكوردية من الدستور ، وكذلك نواب المكون التركماني ، او النواب العرب ، فلا يحق لهم جميعاً إلغاء الأسم القومية لشعوبهم ، فأنتم حينما انتخبناكم لم يكن هدفنا إلغاء القومية الكلدانيــــــــــــــة من الدستور ايها السادة الكرام ، إنكم نوابنا الكرام تمثلون الذين منحوكم اصواتهم والذين لم يمنحوكم اصواتهم إي انكم تمثلون الجميع ، ولهذا حينما انتخبناكم ، كنا نتأمل ان تدافعوا عن حقوقنا الأنسانية والقومية وليس إلغاء قوميتنا من الدستور ، فيجب عليكم مراعاة المبادئ الأساسية لحقوق الأنسان وفي مقدمته حريته وكرامته الأنسانية .
 في الختام اقول : إن النائب يونادم كنا لا يمكن ان يحمل شرف تمثيل الشعب الكلداني إلا بعد ما يثبت بأنه يحترم مشاعر الشعب الكلداني ويحترم تاريخه وقوميته الكلدانيـــــــــــــــــــــة ، فإلغاء التاريخ القومي الكلداني باسم الوحدة المسيحية هو تنظير سياسي حزبي محض ومفضوحة اهدافه لا تنطوي  على المستنيرين من الشعب الكلداني الأصيل .
حبيب تومي / عنكاوا في 05 / 03 / 12

144
الأستاذ نيجيرفان البارزاني ستتسم وزارتكم بالمساواة والعدل حينما يكون فيها وزير كلداني
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
 habeebtomi@yahoo.no
بمنتهى الصراحة اقول ، نحن الكلدان نشعر بغبن كبير في اقليم كوردستان ، وكأن القيادة الكوردية قد ادارت ظهرها للشعب الكلداني الذي كان دائماً يقف الى جانب نضال الشعب الكوردي ، وثمة اوساطاً كثيرة من الشعب الكلداني قد طالها الظلم والأضطهاد والسجون والتشريد نتيجة مواقفهم الشجاعة المؤيدة لنضال الشعب الكوردي خلال سنين وعقود نضاله والذي تبلور بالثورة الكوردية التحررية التي قادها القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني . وسوف لا اتكلم هنا عن الشهداء الكلدان الذين ضحوا بحياتهم واختلطت دمائهم مع دماء ابناء الشعب الكوردي ومع بقية المكونات العراقية التي وقفت الى جانب هذا الشعب ، ولا شك ان المرحوم ملا مصطفى البارزاني كان منصف لهذا الشعب والقرائن كثيرة لسنا في هذا المقال القصير بصدد إدراجها .
إن كان الأستاذ مسعود البارزاني قد صرح بأن القيادة الكوردية قد قررت بالوفاء لكل من وقف الى جانب الثورة الكوردية وساهم بصورة من الصور في نضاله ، فإن شعبنا الكلداني لم ينل شيئاً من من ذلك الوعد فمن ناحية الغيت تسمية القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني تحت ضغط الأحزاب الآشورية التي تسخر التسمية القطارية لأجل مكاسب سياسية ليس إلا . وهكذا تم إلغاء الأسم الكلداني مع ما يحمل ذلك من تناقضات مع الدستور العراقي في هذه المسألة ، فالقيادة الكوردية إن كانت تريد الوفاء للشعب الكلداني فعليها ان تعيد التسمية الكلدانية بشكل واضح ومستقل في مسودة الدستور الكوردستاني وذلك يتوافق مع ما ورد في الدستور العراقي الفيدرالي .
المسألة الثانية هي منح حصة الكلدانيين من الثروة التي يستحقونها بشكل مستقل عن الأحزاب الآشورية التي تستغل تلك الثروات لمصالها الحزبية وتعمل على تركيع المنظمات والأحزاب الكلدانية لكي تمنحها شئ يسير من استحقاقاتها المالية ، وسوف لا اتكلم عن استغلال فضائية عشتار ووسائل الأعلام الأخرى لطرف واحد وإقفالها بوجه الشعب الكلداني ومثقفيه للتعبير عن آرائهم السياسية والقومية بحرية ، والسبب بكل بساطة يرومون تكميم الأفواه وإسكات كل من يفتخر بقوميته الكلدانيــــــــــــــــــــــــة . هذا هو الواقع المؤسف وهذه هي معاناة شعبنا الكلداني امام هذه العملية من التهميش .
نحن لسنا ضد منح الحقوق الكاملة لكل الأطراف ، ولكن لا نقبل ان تكون مصائرنا متعلقة بأي طرف مهما ادعى من اننا دين واحد ولغة واحدة ، لا نقبل بوصاية الأحزاب الآشورية على مصائرنا ، نحن الكلدان لنا تاريخنا ولغتنا الكلدانيــــــــــــــــــــــــة وثقافتنا وقوميتنا الكلدانيـــــــــــــــــــة وينبغي التعامل معنا على هذه الأسس .
اليوم ياتي موضوع تشكيل الكابينة السابعة والتي كلف الأستاذ نيجيرفان البارزاني بتأليفها ، ونحن نشهد له بالكفاءة وروح الشباب وعنصر الأخلاص ، لكن تبقى مسألة التعامل مع المكونات الكوردستانية ومنها حقوقها في التمثيل في هذه الوزارة . إن التمثيل في الوزارة يعني جزء من الوفاء لذلك المكون وقد رأينا كيف كان المرحوم ملا مصطفى البارزاني يفرض الشروط على الحكومات العراقية المتعاقبة التي كان يفاوضها ، وكيف كان يفرض من اوليات حقوق الشعب الكوردي بأن يكون لهم تمثيل في الحكومة من وزراء ومناصب سيادية كنائب لرئيس الجمهورية .
لقد كانت الحكومات التي تريد الألتفاف على المطالب تعمل على تعيين وزراء أكراد لكن هؤلاء الوزراء كانوا معروفين بمواقفهم المعادية لنضال الشعب الكوردي وثورته التحررية ، أما إن كانت الحكومة صادقة في نياتها كانت تعين وزاء مؤيدين ومخلصين للثورة الكوردية ولقيادتها التي كانت متمثلة في ملا مصطفى البارزاني وحزب البارت ، ونحن هنا لا نريد تعيين وزير جنسيته كلدانيـــــــــــة فحسب لكنه يعمل تحت هيمنة الأحزاب الآشورية فيتنكر لقوميته الكلدانيـــــــــــــــة ولحقوق الشعب الكلداني ، مكتفياً بمنصبه وراتبه الشهري ومصلحته الذاتية .
مثل هذا الشخص لا يمكن ان يكون ممثلاً للشعب الكلداني ، ونحن نعرف عن الآلاف المؤلفة من الأكراد كان يقفون الى جانب الحكومات ويحاربون الثورة الكوردية ، وكانت المصلحة الشخصية تطغي عليهم فهل يمكن مثل هؤلاء الأكراد ان يمثلوا الشعب الكوردي في المحافل السياسية ؟
إن من يفتخر بقوميته الكلدانيــــــــــــــــــة ويسعى الى تثبيتها في مسودة الدستور الكوردستاني ويتعامل بشفافية مع المنظمات والأحزاب الكلدانيـــــــة ، هذا هو الذي يمثل الشعب الكلداني وليس المهم ما هو اسمه والى اي حزب ينتمي او كان مستقلاً ، المهم ان يكون له كفاءة مشهودة وان يكون حائزاً الشهادة المطلوبة التي تؤهله للوظيفة وان يكون نزيها ومعروف اجتماعياً ، وكما قلت ان يكون له مشاعر يفتخر بتاريخه وقوميته الكلدانيـــــة ولا يبيع نفسه وقراره من اجل حفنة من الدراهم .
نحن بانتظار قرار جرئ ومنصف للشعب الكلداني من الأستاذ نيجيرفان البارزاني .
حبيب تومي / اوسلو في 28 /02 / 12

145
نيجيرفان بارزاني يطلب المشورة من شعبه ـ مقترحات وأفكار
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
العنوان اعلاه ليس من بنات افكاري إنما اقتبسته من خبر في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 21 / 02 / 12 حيث كان تحت عنوان : نيجرفان بارزاني يطلب المشورة من شعبه وقد ورد فيه : ان المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة يقول : السلطة والشعب يكمل احدهما الآخر ، ويستطرد الخبر قوله :
( تعهد نيجيرفان بارزاني المرشح لرئاسة حكومة إقليم كردستان أن «يكرس تشكيلته القادمة لخدمة الشعب»، مشيرا إلى أن «الشعب الكردستاني دافع عن الحرية والكرامة وقدم تضحيات جسيمة في هذا الطريق، والفضل فيما تحقق من مكاسب ديمقراطية في الإقليم يعود إليه، وبذلك فإنه والسلطة يكملان بعضهما البعض، وينهلان من معين واحد، ويتطلعان إلى مستقبل أفضل».) انتهى الأٍقتباس
 كلام جميل من الأستاذ نيجرفان البارزاني وهذا يعتبر تمهيد لانطلاقة صحيحة من ارضية ملؤها الثقة بالشعب والأعتماد عليه بالسير نحو مستقبل افضل . إن البداية  الجيدة المفعمة بعنصر الأخلاص ونكران الذات من الركائز الأساسية لتحقيق الأهداف والطموحات الكبيرة ، وهنا ينبغي التأكيد بأن عنصر الأخلاص والنوايا الحسنة غير كافية حينما يكون الطريق فائضاً في الملفات الشائكة ، وفي هذا الحالة تكون الحاجة الى الخبرة والذكاء والحكمة .
من نافلة القول بأن حزمة كبيرة من الملفات الشائكة التي تعتري سبيل هذه الوزارة فيها السياسية والأقتصادية ومنها العلاقة مع المركز ، وعقود النفط التي تبرمها حكومة كوردستان مع الشركات الأجنبية وموقف الحكومة المركزية الرافض ، ومسألة السيد طارق الهاشمي التي اضافت تعقيدات جديدة على مسالة علاقة المركز مع قيادة الأقليم ، ومسالة المعارضة الكوردية والتعامل الصائب معها ، ومسالة العنف الأجتماعي الذي ظهر في الآونة الأخيرة على الساحة الكوردستانية التي كان يضرب بها المثل في الأستقرار والتعايش ، فقد عكست احداث زاخو في الشهر الماضي بعض الأحتقانات الأجتماعية . وطرأت على المسرح مسألة التغيير الديموغرافي لمدينة عنكاوا لتخطيط لبناء الأبراج الأربعة , وثمة مسائل الفساد المالي والأداري وهنالك مسألة حقوق الشعب الكلداني المهمشة في اقليم كوردستان وكثير من الملفات المتراكمة .
 لقد جاء في الصحيفة المذكورة اعلاه ما نصه :
 ( وجه بارزاني رسالة الى الشعب الكوردي عبر صفحته في شبكة التواصل الأجتماعي       ( فيسبوك) داعياً اياه الى المشورة وتقديم النصح والمقترحات البناءة .. ) انتهى الأقتابس
انطلاقاً من مساهمتي في ثورة الشعب الكوردي في مطاوي الستينات من القرن الماضي وما احمله من شرف الصداقة لهذا الشعب المناضل وتمنياتي المخلصة ان يجعل من اقليم ( دولة )  كوردستان كيان نموذجي افضل من تركيا ومن ماليزيا وإمارت ومن اي دولة اسلامية أخرى لتكون واحة جميلة يسود التعايش بين مكونات النسيج المجتمعي الكوردستاني المتكون من الأكراد والعرب والكلدان والأرمن والسريان والآثوريين والتركمان ومن المسيحي والأيزيدي والمسلم الشيعي والسني ، والمندائي والكاكائي والعلي اللايي والأتايستي . هذا النسيج القوس قزحي الجميل بألوانه الزاهية ينبغي ان تزرع في منعطفاته نواة اخلاقية مفادها الأحترام المتبادل . تحترم كل هذه الأنتماءات والمعتتقدات كهويات وعقائد لها حريتها كرامتها الإنسانية  . 
بتواضع اقدم بعض المقترحات والأفكار للاستاذ نيجرفان البارزاني وطاقم حكومته المقبلة  .
أولاً ــ
إن المهم لأي زعيم او قائد او حاكم ان يكسب ثقة شعبه وأن يخلق من نفسه شخصية كارزمية جاذبة للاوساط الشعبية .  وثمة طرق كثيرة متاحة للحاكم ومنها الحكم الأستبدادي الدكتاتوري ، وهنا سوف يطيعه الشعب ويظهر الأحترام للحاكم ، لكن مثل هذه الطاعة تكون مزيفة لأنها مبنية على عنصر الخوف ، ولهذا ينبغي ان يسلك الحاكم طرق اخرى لكسب ثقة الناس دون ان يكون هاجس الخوف مسبباً لهذا الأحترام .
ثانياً ــ
 إن وجود قوى الأمن ضرورية لأستقرار الحكم ، لكن استخدام قوى الأمن بقوة وإفراط او الأعتماء عليها كلياً ستؤدي الى نتائج معكوسة ، حيث يؤدي ذلك الى تولد احقاد مكبوتة تفور وتنطلق حينما تتوفر فرصة كفوهة البركان ، وإن ما يحدث في سوريا وما حدث في ليبيا ومصر واليمن وتونس دليل على انفجار هذا الكبت حينما توفرت فجوة للانطلق .
ثالثاً ــ
 التواضع والأختلاط مع طبقات المجتمع ولا سيما الطبقات الفقيرة بشكل شخصي يؤدي الى نمو مشاعر الأحترام لهذا الحاكم الذي يتعشى مع عائلة فقيرة او يسمع لمشاكلها  .
رابعاً ــ
 التعامل الديمقراطي هو ان يجري التعامل مع كل حسب ما تقتضي الحالة ، ولا يجوز التعامل بشدة مفرطة مع من صدرت منه إساءة بشكل ما بحق عضو في القيادة ، مثلاً ، مهما كان مركزه فهذه الإساءة لا يجوز ان تشكل سبباً لتحطيم هذا الأنسان . إن نلسون مانديلا اصبح الشخصية العالمية المرموقة بفضل تسامحه مع سجانيه ومضطهديه ومهاتما غاندي من الثوار الذين كسبوا عطف العالم بفضل نضاله السلمي وابتعاده عن العنف .
خامساً ــ
 الأقتداء بالقائد الراحل ملا مصطفى البارزاني في نبوغه وحكمته بالتعامل مع الأخر بما يناسب كل جهة وكل شخصية وكل حزب ، حيث كان الرجل متواضعاً وأنا شخصياً مع بعض اصدقائي ونحن شباب في مقتبل العمر ، ونحن بيشمركة بسطاء استطعنا مقابلته في رانيا وسمع الى مشاكلنا ووضع الحلول لها . كما كان يتعامل مع مختلف القوى : الحكومات العراقية المتعاقبة ، بريطانيا ، اميركا ، الأتحاد السوفياتي ، اسرائيل ، ايران ، فرنسا ، المنظمات الدولية .. كل ذلك استمده من الأمكانيات المتواضعة معتمداً على شعبه وعلى ثقته بنفسه  وبذلك الشعب المخلص ، ينبغي دراسة تجربة هذه الشخصية والأستفادة منها ، لقد تبين لي من خلال دراستي لهذا الأنسان انه يحمل تجربة سياسية فذة يمكن الأستفادة منها في العمل السياسي .
سادساً ــ
سماع الآخر ومناقشته وحينما اقول الآخر اقصد المعارضة ، فالأتصال بالمعارضة في كوردستان والتفاعل معها هو ضمان لعدم لجوء تلك المعارضة الى الأساليب الخارجة عن مظلة القانون . إن معالجة المشاكل الصغيرة بشكل يومي سيقضي على الأسباب التي تؤدي الى الأحتقان ، والإحتقان يولد الحقد الذي يغرس نوازع الأنتقام في النفس البشرية ، فمهما قامت الحكومة بعد ذلك بالأصلاحات فإن مردودها سيكون سلبياً تستغله المعارضة كسلاح ضد الحكومة نفسها . فمخاطبة الأخر بشكل مباشر والأستماع اليه بانفتاح وصراحة وشفافية يعزز التفاهم والثقة بين  مختلف الأطراف ومنها الحكومة والمعارضة ، وإن اقليم كوردستان بأمس الحاجة الى مثل هذا التفاهم والتحاور المستمر . ومن جانبها المعارضة ينبغي ان يكون واجبها تعبئة الرأي إن كان من داخل البرلمان او عبر الصحافة والأعلام ويكون ذلك بمنأى عن محاولة زعزعة الأمن والأستقرار السائدين  .
سابعاً ــ
قراءة ومطالعة الصحافة وما يكتب في الأعلام ، لا سيما ما يكتب بجانب تشخيص الأخطاء وكشف جوانب الفساد وغيرها من السلبيات التي قد تحدث اثناء فترة الحكم ، إن وجود مكتب مختص لمتابعة ذلك ستمكن الحكومة من وضع يدها على مناطق الخطأ ، لوضع الحلول الناجعة لكل حالة .
 ثامناً ــ
 مكافحة سرطان الفساد اين ما يكون ، وذلك بتسليط سيف القانون على الجميع دون محاباة او مجاملات او مراعاة المحسوبية ، وإلا فإن الفساد حينما يستشري من الصعوبة مكافحته . إن مكافحة الفساد عملية طويلة وشاقة وينبغي ان تتضافر الجهود مجتمعة من المعارضة الى الحكومة الى المواطن . إنها مهمة الجميع ، لكنها مهمة تقع على عاتق الحكومة بالدرجة الأولى .
تاسعاً ــ
 التعايش المجتمعي الديني والقومي والمذهبي ، لا يتم هذا التعايش بفرضه امنياً فحسب بل ينبغي ان يكون جوهرياً وجذرياً وذلك بالأبتداء بالطفل من الحضانة الى الأبتدائية الى الثانوية الى الكلية ، وذلك بوضع مناهج تدعو الى التسامح والتعايش مع الأخر ، وذلك بتدريس الأديان وليس الدين ، إن حذف الفقرات والمواد التي تدعو الى الضغينة والحقد وكراهية الآخر ينبغي ان لا يكون لها مكان في البرامج المدرسية في اقليم كوردستان . إن التربية الفكرية تبدأ من الطفولة لتمضي قدماً في المراحل الأخرى من الحياة .
عاشراً ــ
 ثمة مسألة شعبنا الكلداني ، نحن نشعر بوجود غبن وتهميش يلحق بهذا الشعب من خلال التعامل معه وكأنه تابع للاحزاب الآشورية لا سيما المجلس الشعبي الذي لم يكن عادلاً في توزيع الثروة والسلطة والأعلام ، فقد منح المجلس الشعبي كل شئ للاحزاب الآشورية وعمل على تفريغ اي معنى قومي لأي منظمة او حزب كلداني يساعده ، وأصبحت تلك الأحزاب تابعة ذليلة للمجلس الشعبي الذي يتصدق عليها ببعض المال .
حادي عشر ــ
إشارة الى الفقرة السابقة فقد حذفت التسمية القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، ووضعت مكانها تسمية مركبة مشوهة هي كلداني سرياني آشوري ، ولا يوجد في الكرة الأرضية في أثنوغرافية  الشعوب اسم شعب بهذا الشكل المضحك ، إن الدستور الكوردساني قد خالف الدستور العراقي بهذه المسالة حيث ان اسم القومية الكلدانية مذكور بشكل مستقل في الدستور العراقي .
ثاني عشر ــ
إن من سعى الى تثبيت اسم القومية الكلدانية في الدستور العراقي ومسودة الدستور الكوردستاني وبشكل مستقل كانت جهود الرئيس المناضل مسعود البارزاني ، لكن نلاحظ حجب هذا الأسم رضوخاً للاحزاب الآشورية المتنفذة في عموم العراق وفي اقليم كوردستان والتي تستغلها لتحقيق منافع اقتصادية وسياسية مكشوفة . ونطلب من سيادتكم إعادة اسم القومية الكلدانية الى مسودة الدستور الكوردستاني انسجاماً مع دستور العراق الفيدرالي ، وإنصافاً للشعب الكلداني الذي يعتبر من المكونات المهمة في العراق الفيدرالي وفي كوردستان  .
ثالث عشر ــ
من مصلحة الشعب الكوردي ان يوضع حد لمشكلة السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية والتي القت بظلالها على علاقات الأقليم مع المركز .
 رابع عشر ــ
 كانت مسألة تشييد اربعة ابراج سكنية في مدينة عنكاوا من المسائل التي خلقت تذمراً واحتقاناً لدى اهل عنكاوا خصوصاً في صفوف الشباب وذلك خشية من ان هذا الأبراج ستؤدي الى تغيير ديموغرافي في المدينة التي تعاني من هذه المشكلة اصلاً . ان حكومة الأستاذ نيجرفان البارزاني ينبغي ان تقف بصف طموحات الشعب الكلداني في هذه المدينة وتحترم إرادة شبابها ، وان تعمل على إلغاء هذا المشروع المنافي لرغبة الأهالي في مدينة عنكاوا الجميلة المسالمة .
خامس عشر ــ
  إن الشعب سوف يشد ازرك وأنت تتمتع بقوة وإرادة الشباب ، ولا شك ان الطريق ليس معبداً امامك وامام طاقمك في الوزارة ، فثمة مشاكل عويصة معقدة وأنت وطاقمك سيكون امامكم عملاً شاقاً وصعباً وإن اعتمادكم على شعبكم بشكل عقلاني ومدروس ستسهل الأمور امامكم ، وإن تجربة القائد ملا مصطفى البارزاني الذي كانت كنوزه التي لا تنضب بجهة  اعتماده على شعبه المضحي .
سادس عشر ــ
 نحن نريد كل الخير والتقدم لكوردستان ليكون لها موقع الصدارة في المنطقة وفي العالم وأن تأخذ دورها في بناء حضارة راقية في هذا الجزء من العالم المضطرب ، إن احترام كوردستان في المنطقة وفي المحافل الدولية عموماً ، سوف يكون اشمل وأعمق كلما تقدمت كوردستان في معارج العلم والمعرفة والبناء والعمران وازدهر فيها التعايش المجتمعي ، ومنحت حقوق المكونات الكوردستانية بما فيها حق الشعب الكلداني  .
 الأستاذ نيجرفان البارزاني باعتقادي المتواضع انكم الشخص المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب لتحمل المسؤولية رغوم صعوبتها ، فامام همة الشباب تقهر الصعاب .
تمنياتي لكم بالتوفيق
حبيب تومي / اوسلو في 24 / 02 / 12
[/b]

146
الرد الهزيل لمكتب النائب يونادم كنّا على مقال الأستاذ ابلحد افرام  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
السيد يونادم كنا رئيس الحركة الديمقراطية الآشورية والسيد ابلحد افرام رئيس الحزب الديمقراطي الكلداني يعتبران من الساسة الذين رافقا العملية السياسية في العراق بشكل واضح منذ سقوط النظام عام 2003 وقد وضعا هموم شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين على عاتقهما . وقد استطاع السيد يونادم كنا بفضل قدومه على متن الدبابة الأمريكية ان يكون له القول الفاصل بمصير المكون المسيحي ، حيث استطاع بفضل علاقاته تلك ان يزيح المكون الكلداني من التمثيل في مجلس الحكم وحسب ما كان ذلك مألوفاً وطبيعياً منذ تكوين الدولة العراقية الحديثة حيث كان المكون الكلداني يمثل الأغلبية المسيحية بين المكونات المسيحية الأخرى وكان له تمثيل ثابت في البرلمان وفي مجلس الأعيان وفي الحكومة .
منذ نيسان 2003 بدأت دائرة الضوء تسلط على السيد يونادم كنا ويطرح نفسه في الأعلام بأنه يمثل المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين وحتى الأرمن . وفي الحقيقة لم يكن لنا اي تحفظ من يرأس شعبنا او يرأس العراق إن كان سني او شيعي او عربي او كوردي او صابئي او يزيدي او شبكي ، على ان يكون الرئيس عادلاً ومخلصاً وأن يكون رئيساً لكل العراقيين دون تفرقة ، اي لا يعمل لحزبه فحسب ، وبالنسبة لشعبنا ليس لنا اي تحفظ ان يكون ممثلنا في المحافل وأمام الأعلام ان يكون السيد ابلحد افرام او يونادم كنا او شخصية اخرى لكن الشرط الوحيد ان يكون عادلاً ومخلصاً ولا يعمل لحزبه او طائفته او عائلته ، فسوف نقف احتراما لهذا المسؤول إن كان السيد يونادم كنا اوغيره .
تأسيساً لمبدأ العدالة ونبذ التفرقة المقيتة توسمنا في ان يكون السيد كنّا رجلاً عادلاً ومنصفاً ، وكما هو معلوم يمكن الحكم على الرجل السياسي بما يصدر عنه من اقوال وما يؤدي من افعال على حد سواء . ومع الأسف لقد اثبتت الأحداث والوقائع بأن السيد يونادم كنا لم يكن عادلاً ولا مخلصاً للمكونات التي مثلها ومنحوه ثقتهم ، فالسيد يونادم كنا يرفع شأن قوميته الآشورية ويلغي القومية الكلدانية والتاريخ الكلداني والتراث الكلداني والأنسان الكلداني ، وقد عبر عن ذلك بشكل مقرف وساذج بمناسبات كثيرة ، كما ان تنكيله بإرادة البطريركية الكاثولكية الكلدانية واستهجانه بقراراتها كان واضحاً من إصراره وتأليب المكونات غير الإسلامية في البرلمان لألغاء تعيين الشخصية التي اتفقت عليها البطريركية لرئاسة الوقف المسيحي والأديان الأخرى .
انه يوظف بشكل ثابت امكانية وجوده من قبل دوائر صنع القرار لتوظيف وتعيين المسيحيين بشكل خاص من الكلدان والسريان ممن يعلنون ولائهم لحركته فقط وحرمان من له رأي مخالف له ، وعملية الأبتزاز هذه تصنف بشكل عام مع اللاخلاقية السياسية ، لا سيما حين  التعامل الندي بين ابناء الشعب الواحد المغلوب على امره . بل حتى وصل الأمر بالتعيينات المهمة ان تكون خاضعة لمستوى القرابة . ولهذه الأسباب وغيرها لا يمكن اعتبار السيد يونادم كنا ممثلاً للشعب الكلداني ولا يتشرف الشعب الكلداني ان يمثله إنسان ينكر قوميته وتاريخه ، وإن كان السيد يونادم كنا يعتبر نفسه ممثلاً عن الشعب الكلداني ، فإنه ببساطة يطعن هذا الشعب في الخاصرة ، وهذه حالة غدر غير مسبوقة في تاريخ الشعوب فيقوم برلماني بتمثيل شعب ويستهجن هوية ومقدسات ذلك الشعب .
لا اريد الأسهاب في هذا الموضوع وأرجع الى موضوع الرد الهزيل لمكتب النائب يونام كنا على كلمة سطرها الأستاذ ابلحد افرام بعنوان : على ضوء الحوار التلفزيوني بين د. نوري منصور والسيد يونادم كنا
وهو منشور على موقع كلدايا نت حسب الرابط ادناه والمقال بمجمله منشور في الفقرة ثانياً من هذا المقال .
http://kaldaya.net/2012/Articles/02/21_Feb09_AblahadAfram.html
والرد من قبل مكتب النائب يونادم كنا منشور على موقع عنكاوا كوم حسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,559648.msg5490025.html#msg5490025
والرد منشور في الفقرة اولاً من هذا المقال :
لقد قرأنا مقال الأستاذ ابلحد افرام وقرأنا سرد احداث ووقائع ثم كان الرد عليه من قبل مكتب النائب يونادم كنا ، المقتضب ، وقد وردت فيه هذه العبارة الغريبة العجيبة : (ونترفع عن الرد على التهم الباطلة والقذف والتشهير الذي حواه المقال. ونكتفي بالقول لابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري بان اعداء وحدة شعبنا وقضيتنا العادلة يسعون دائماً التصيد في الماء العكر واشغال الشرفاء من ابناء الامة بمهاترات جانبية سيما تلك التي يطغي عليها الطابع السوقي محشوة بالكلام البذيء والتعابير غير اللائقة التي تكشف عن شخصية وخلفية كتابها ..) انتهى الأقتباس
بتفكيك عبارات الرد نقرأ : نترفع عن الرد .. ، فإن كان الأمر الترفع عن الرد فلماذا كان الرد اساساً وإرساله للنشر ؟ هذا تناقض وقع به المكتب .
وجاء ايضاً في نفس الفقرة : عبارة تقول ( .. بأن اعداء وحدة شعبنا .. وإشغال الشرفاء من ابناء الأمة بمهاترات جانبة ..)
هنا يحدد مكتب النائب يونادم كنا بوجود أعداء وحدة الأمة ويحاولون إشغال (الشرفاء ) بمهاترات جانبية ، فالحركة وما يتبعها هم حراس الوحدة وهم شرفاء وغيرهم هم اعداء الأمة .
إنهم القادة العظام الشرفاء إنهم مخلصون وهم فطاحل السياسية ، لولاهم لغرقت هذه الأمة في بحر الظلمات ، انهم يحمون هذه الأمة من الممزقين والتقسيمين والخونة والمتآمرين ... الخ
 ما هذه النرجسية ؟ ما هذا التعالي ؟ ما هذه المشاعر المملوءة بالعظمة الفارغة ؟
المرء امامه التساؤل في مدى هذا التكبر وهذا الأحتكار للحقيقة ، إنهم شرفاء وغيرهم ليسوا شرفاء ، إنهم يدافعون عن الأمة والآخرين المخالفين في الرأي هم اعداء مخربين .. حقاً إنه اسلوب هزيل مفضوح من الأحزاب القومية الشوفينية التي لا تنظر ولا ترى ابعد من ارنبة انفها .
وورد في البيان المذكور هذه العبارة ( .. سيما تلك التي يطغي عليها الطابع السوقي محشوة بالكلام البذيء والتعابير غير اللائقة التي تكشف عن شخصية وخلفية كاتبها ..) .
 هنا اشك ان يكون كاتب التوضيح في مكتب النائب يونادم كنا قد قرأ مقال الأستاذ ابلحد افرام ، وإن كان قد قرأه فأين قرأ هذا الرجل الطابع السوقي او الكلام البذئ كما يزعم ؟ ما هي العبارات البذيئة ؟  يبدو انها في مخيلة كاتب التوضيح ليس إلا .
 
لماذا تحولون كل عملية نقدية وكشف حقائق بأنها الفاظ بذيئة ؟ وتحاولون التنصل من منظومة النقد بتوجيه سيل من التهم .
إن مكتب النائب الأستاذ يونادم كنا كان يتعين عليه اولاً قراءة المقال بهدوء ومناقشته بواقعية دون انفعال او تشنج ، فالأستاذ يونادم كنا ليس من صنف الآلهة إنما هو بشر مثلنا يمكن مناقشته وانتقاده ولهذا اقول : كان يمكن تفنيد مكونات المقال بإيراد فكرة مقابل فكرة وعبارة مقابل عبارة ، فالرد ينبغي ان يكون مدروساً وهادئاً وعلمياً لكي يأتي بثماره ، فالحجة يجري مقارعتها بالحجة والفكرة بالفكرة وإن إفحام الناقد يكون بالفكر وليس برمي الأحجار عليه ونعته بنعوت غير لائقة ، او بكيل التهم ضده او منعه من حرية التعبير ، كل هذه اساليب بائسة وهزيلة تبعث على الأستهجان في المجتمعات المتحضرة .
كان يجب ان يكون رد المكتب  بمستوى وزن مكتب النائب بونادم كنا ، في الحقيقة انا مستغرب اليس في المكتب اعلامي يجيد اسلوب التعليق والرد على ما يكتب في الأعلام ؟
 كان يجب ان يترفع عن الرد كما يدعي ومن  ثم يناقض نفسه فسرعان ما يدفع الى النشر رد هو ساذج ومتشنج يدل على انفعال كاتبه . وهكذا غلبت العاطفة والعصبية على هذا المكتب فنشر افكار مستهجنة غير مقبولة في المجتمع ملؤها كيل التهم والمثالب مع مدح رخيص للذات .
كم هو جميل ان يعرف المرء قدر نفسه ، ويتحلى بالتواضع ، وكم هو جميل ان يسود بيننا قبول الرأي والرأي الآخر ان كان معنا او ضدنا ، وكم هو جميل ان يسود بيننا الأحترام المتبادل ، وأجمل من كل ذلك ان لا يكون ثمة احكام مسبقة بأننا المناضلون الموحدون والذين يختلفون معنا في الرأي هم مقسمي الأمة ومتآمرون ووو .. اوقفوا من هذا اللحن المرتبك النشاز ، إنه ببساطة يبعث على الغثيان والتقيؤ لسذاجته وسخفه .
هذا خطاب قد مضى عصره وعلينا باستخدام خطاب واقعي يحترم الجميع الذين يفوزون بالأنتخابات والذين يخسرون فيها ، فالحياة قد علمتنا بأنه لو دامت لغيرك ما وصلت اليك ، فكفاية غرور ومدح الذات ونرجسية فارغة ، ندعوكم الى قليل من التواضع والنزول من ابراجكم العاجية ، فنحن شعب صغير مظلوم ، فمتى تعون وتفهمون هذه الحقيقة ؟
حبيب تومي / اوسلو في 18 / 02 / 12
ـــــــــــــــــــــ
اولاً : ايضاح مكتب النائب يونادم كنا .
مكتب يونادم كنا يهاجم مقال لأبلحد أفرام ويصف ماجاء فيه بـ " تلفيقات" تصدر عن " دعاة الزعامة المفلسين جماهيريا"
عنكاوا كوم - خاص

تلقت " عنكاوا كوم " من مكتب يونادم كنا إيضاحا حول مقال نشره رئيس حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني أبلحد أفرام في " كلدايا نت " في التاسع من شباط الجاري، قال الأيضاح، بأنه يحوي تلفيقات وتهم باطلة لكنا.
وللأطلاع على نص الأيضاح، تنشره " عنكاوا كوم " أدناه، كما وردها من المصدر:

ايضاح من مكتب النائب يونادم كنا

نشر السيد ابلحد افرام رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني في كلدايا نت بتأريخ 9/2/2012 مقالاً سماه (على ضوء الحوار التلفزيوني بين د.نوري منصور والسيد يونادم كنا)، ولما حواه من تلفيقات نسبها الكاتب للسيد كنا نود ان نوضح بان المقابلة المشار اليها اعلاه لازالت موجودة على اليوتيوب ومن الممكن مشاهدتها، وتكفي لفضح التلفيقات والاكاذيب والصاق التهم والحقائق المحرفة التي نسبت للنائب كنا بخصوص اللقاءات او الحوار مع قداسة البابا، وكذلك كذب الادعاءات الاخرى اذ لم يجر اي اتصال هاتفي بين النائب كنا وبين المشهداني رئيس البرلمان الاسبق بتاتاً.

ونترفع عن الرد على التهم الباطلة والقذف والتشهير الذي حواه المقال. ونكتفي بالقول لابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري بان اعداء وحدة شعبنا وقضيتنا العادلة يسعون دائماً التصيد في الماء العكر واشغال الشرفاء من ابناء الامة بمهاترات جانبية سيما تلك التي يطغي عليها الطابع السوقي محشوة بالكلام البذيء والتعابير غير اللائقة التي تكشف عن شخصية وخلفية كتابها. ولا تمت واسلوب الصحافة او حرية الاعلام بعلاقة عدا انها مساعي بائسة يائسة لاسقاط المقابل باي ثمن كان، وقد تكون في صالح المهاجم عليه عندما تأتي من دعاة الزعامة المفلسين جماهيرياً فقدوا مصداقيتهم حتى بين اهلهم وفي عقر دارهم.


بغداد
12/2/2012 مكتب النائب يونادم كنا
ــــــــــــ
ثانياً : مقال الأستاذ ابلحد افرام
على ضوء الحوار التلفزيوني بين د. نوري منصور والسيد يونادم كنا  
بقلم: أبلحد أفرام
لم اكن لأعقب على الحوار لولا قيام السيد يونادم كنا بالتجاوز السافر على أعلى مرجعية دينية مسيحية في العراق وتدخله في شؤونها والخروج عن مهامه وتسببه في مشكلة لا تخدم مصالح المسيحيين بشكل عام وتسبب فعله هذا في المزيد من التوسع في الفجوة التي بين مكونات شعبنا بدلا من محاولة ردمها وتضييقها، والدليل على ما أقوله أنني لم أقم بالرد عليه لما إرتكبه من أخطاء جسيمة وخطيرة بحقي وحتى لم أواجهه بها ولم أعاتبه عليها وتركتها للوقت المناسب والتي قد يتصور السيد يونادم بأنني على غفلة منها. كنت أتمنى لو كان لي علم مسبقا بالحوار قبل موعده لأرفد الدكتور نوري ببعض المعلومات الدقيقة التي وكما يبدو لم يكن له علم بها والخاصة بأفعال وتصرفات السيد يونادم وألاعيبه تجاه السيد رعد عمانوئيل الشماع منذ إختياره من بين ثلاثة مرشحين لرؤساء الطوائف المسيحية رئيسا لديوان الوقف المسيحي والأديان الأخرى.
جاء في حديث السيد يونادم بأنه سبق وأن تم تغيير مدراء الوقف المسيحي عدة مرات وحبذا لو كان السيد يونادم قد ذكر أسماء بعضهم ولم يذكر من قام بتبديلهـم، هل رؤساء الطوائف أم هـو (وهذه ليست من صلاحياته ولا علاقة له بهم)؟ وهنا يريد إيجاد مبرر لتصرفاته، عليه أقول مع شديد الأسف أن كلام السيد يونادم كعادته لم يكن دقيقا.
إدعى السيد يونادم كنا بأن السيد رعد عمانوئيل لم يكن قد عين ولم يباشربعمله كرئيس لديوان الوقف المسيحي والأديان الأخرى ليحسب ما جرى تبديلا أو تغييرا له ولست أدري على من يريد السيد كنا تمريرهذه الإفتراءات؟. ولتفنيد هذا الإدعاء أقـول أن السيد رعـد الشماع تم تعيينه رسميا رئيسا لديوان الوقف بموجب كتاب الأمانـة العامة لمجلس الوزراء / الدائـرة القانونية المرقـم ق/2 /5 /51 /42 / 1203 في 9 / 5 /2011 وكان السيد فريد وليم كليانا نائب رئيس ديوان الوقف والموالي للسيد يونادم قد حاول عرقلة تسليم إدارة الوقف الى السيد رعد عمانوئيل غير أن صيغة كتاب الأمانة العامة للمجلس كانت تؤكد ضرورة التسليم فإنصاع السيد فريد الى الأوامر مرغما، فكيف لم يتم تعيين السيد رعـد الشماع رسميا بهذا الموقع وباشر بعمله ولماذا هذه التصريحات والكلام الباطل؟ عليه كانت جميع الإجراءات والتصرفات التي قام بها يونادم غير قانونية وبعيدة عن الأصول وتحديا للمرجعية لتحقيق مصالحه التي كانت على وشك التلاشي. والعتب يقع على عاتق الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي إرتكبت خطأ كبيرا من خلال تجاوزها على المرجعية الدينية ونفـذت مطاليب السيد كنا دون أن تعرف نواياه. يقول السيد يونادم بأن غبطة البطريرك قال له بأنه ممثل المسيحيين في مجلس النواب العراقي ولنقل أن كلام السيد يونادم صحيح فما الغريب في الأمر؟ إن غبطة البطريرك قالها لي عدة مرات ويقولها لكل نائب مسيحي يزوره فيوصيه بخدمة المسيحيين والدفاع عنهم وينعته ممثلا للمسيحيين، وهذا لا يعني بأن غبطته حصر التمثيل بأحد دون غيره لأنه يرى بأن جميع النواب المسيحيين يمثلون الشعب المسيحي عامة. وغبطة البطريرك ومعاونوه يعرفون حقيقة السيد يونادم ومكنونات شخصيته على حقيقتها.
إدعى السيد يونادم بحصوله على براءة من قداسة البابا بتمثيل المسيحيين، وهنا نقول لو كان الأمر كذلك لكان الزميل قد أعلنها في جميع وسائل الإعلام الداخلية والخارجية ومواقع الأنترنيت ولجاء بنسخة منها الى مجلس النواب ولزمر وطبل للقرار البابوي طويلا كعادته، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نقول للسيد يونادم إن أمر كهذا لا تصدر به براءة من قداسة البابا لأن البراءة الباباوية تصدر لحالات معينة وقداسته يعلم بوجود مسيحيين آخرين في المجلس غير السيد كنا، ومن ثم إن قداسته لا يحشر نفسه في مثل هذه الأمور التافهة ولا علاقة له بها لأنه شأن داخلي عراقي وخاص بمسيحيي العراق إضافة الى أننا لم نسمع بلقاء منفرد ليونادم كنا مع قداسة البابا ليستفسر منه عن أوضاع المسيحيين في العراق وعدد ممثليهم في البرلمان العراقي ومن ثم ليشخصه لتمثيلهم في مجلس النواب علما بأن قداسة البابا له مصادره الخاصة التي ترفده بمثل هذه المعلومة التي لا تستحق الذكر. وفق معلوماتنا أن السيد يونادم إلتقى بقداسة البابا فقط مع جمع من العراقيين الرسميين وأنا شخصيا كنت أحدهم وبحضور غبطة البطريرك وسيادة المطران شليمون وردوني وكان سفرنا الى روما لحضور حفل تنصيب غبطة البطريرك كردينالا، وإقتصر اللقاء مع قداسة البابا على تعريف كل منا بنفسه لا أكثر وفي هذه الزيارة لم يكن للسيد يونادم أي دور رسمي ولا مسؤولية ضمن الوفود العراقية الرسمية وكان في السويد قبل مجيئه الى روما، وطلب من هيئة رئاسة البرلمان العراقي تخويله لتمثيل البرلمان في هذه المناسبة هاتفيا وفي لحظة إتصاله كنت جالسا مع السيد المشهداني في مكتبه وأتصور يتذكر السيد كنا رد الدكتور محمود المشهداني رئيس مجلس النواب عليه وكيف رفض طلبه وأخبره بأن هيئة رئاسة مجلس النواب شكلت وفدا برئاسة النائب أبلحد أفرام وسيحضر تلك المراسيم وكذا فعل نائبا الرئيس لدى إتصاله بهما. لذا كان السيد يونادم قد طلب بإلحاح من مسؤولي مكتب السيد رئيس الوزراء وليس رئيس البرلمان ليدرجوا إسمه ضمن الوفد الوزاري معتقدا بأنه لو طلب مني إضافة إسمه الى الوفـد البرلماني لرفضت طلبه علما بأنني كنت على أتم الإستعداد لدرجه ضمن الوفد البرلماني بإعتباري رئيسا للوفد. وفي الموعد الذي حدد لنا لمقابلة قداسة البابا بعد إنتهاء مراسيم التنصيب حضرنا المكان ولم تتجاوز مدة لقاء كل منا مع قداسة البابا أكثر من نصف دقيقة، وفي هذا اللقاء قدمت السيدة وجدان ميخائيل نفسها لقداسة البابا كرئيس الوفد الحكومي كما قدمت أنا الآخر نفسي كرئيس للوفد البرلماني وعندما سمع قداسته مني ذلك فرح وبحضور غبطة البطريرك الكردينال مار دلي الذي كان واقفا الى جانب قداسته. ولم يخول قداسته أحدا منا لتمثيل المسيحيين في مجلس النواب لأن ذلك لم يكن من مهامه ولا الوقت كان مناسبا لأمر كهذا.
وتعقيبا على نقطة أخرى وردت في حديث السيد يونادم وهي محاولته التشكيك في صحة البيان البطريركي من خلال قوله أن البطريرك لم يقرأ البيان بنفسه وهنا أيضا نقول للسيد يونادم ان غبطة البطريرك حر في إختيار من ينوب عنه في قراءة البيان. وهذا دليل على تخبط وإرتباك السيد يونادم في حديثه وقيامه بخلط الأوراق كيفما إتفق للخروج من المأزق الذي إفتعله في الوقف لتحقيق مآربه، ومن ثم لتبرير فعله هذا الذي كنا في غنى عنه في هذا الظرف الحساس الذي يمر به شعبنا . لقد إدعى السيد يونادم بأن العديد من الخورنات لم تكن تريد السيد رعد الشماع وهنا أيضا نقول للسيد كنا بأن هذا أمر طبيعي جدا إذ لا يوجد شخص مسؤول يحبه عامة الناس وحتى أنت نفسك يا زميلي تعرف حق المعرفة بوجود المئات من الإخوة الآثوريين لا يحبونك ومنهم قيادات الحركة الديمقراطية الآشورية ومؤسسيها القدماء لا بل حتى داخل صفوف حزبك حاليا، ولا يوجد شخص يستطيع أن يفرض محبة الناس له. وأغرب ما جاء في حديث السيد يونادم هو إدعائه بأن أتباع النظام السابق هم من يروجون ضده الدعايات للإساءة الى سمعته! هنا ينطبـق عليه المقـولة القانونية (بأن المجرم يحوم حول الجريمة أو حول جريمته) حيث يريد السيد يونادم إبعاد الشبهات عن نفسه إذ هناك المئات من أبناء شعبنا وحتى هيئة المساءلة والعدالة والعشرات من العراقيين يعرفون دور السيد يونادم في الأجهزة الأمنية والقمعية للنظام السابق وهناك العديد من المستمسكات الرسمية المتداولة تشير الى ذلك وأن شموله بالإجتثاث لم يكن محضة صدفة. ولدينا مستمسكات وكتب رسمية صادرة من أجهزة النظام السابق تثبت ذلك.
يقول السيد كنـا بأن عشرين شخصا من المسيحيين أشغلوا منصب الوزير مـن عام 2003 وبأن (16) منهم كانوا كلدانا، وطبعا يقصد لدى الحكومة المركزية، ولكننا نضيف اليهم وزراء الإقليم أيضا لكي نخفف من وطأة الإفتراء عليه وكنا نتمنى لو كلف السيد يونادم نفسه بذكر أسمائهم ولكنه لم يفعل مما جعلنا مجبرين على ذكر أسمائهم، ففي حكومة المركز إستوزر السيدات والسادة (بهنام البازي وهو كاثوليكي من المدعين بالآشورية، السيدة باسكال وردا وكانت كلدانية ولكن وفق مفهوم الآثوريين للكلدان، وقيادية نشطة في الحركة وكانت جريئة وصريحة تميز بين الخطأ والصواب وما زالت فحاربها السيد يونادم كما حارب زوجها، الآنسة باسمة العنكاوية عينت وزيرا للعلوم والتكنولوجيا في بغداد عام 2005 وهي من منتسبات الحركة الديمقراطية الآشورية وفي عام 2006 تم تعيين السيدة وجدان سالم ميخائيل وزيرا لحقوق الإنسان على قائمة العراقية برئاسة الدكتور علاوي وليس من خلال الحركة الآشورية، والآن تم تعيين السيد سركون وزيرا للبيئة وهو إبن شقيقة السيد يونادم وعضوا في المكتب السياسي للحركة، وتسبب تعيينه تذمرا لدى العديد من أعضاء الحركة وغيرهم لأنه عين على أساس المحسوبية والمنسوبية من قبل خاله (يونادم) أما الوزراء في الإقليم رغم عدم شمول بعضهم لكون إستوزارهم قبل سنة 2003 لأن السيد يونادم حدد التاريخ بعد عام 2003 فكان السيد يونادم أول وزير مسيحي منذ عام 1992 ثم تنازل عن الوزارة للسيد يونان هوزايا القيادي في الحركة بعد أن أصبح يونادم سكرتيرا للحركة الآشورية، وكان الأخ سركيس أغا جان وزيرا للمالية ونائبا لرئيس الوزراء وهو على ملاك الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومن ثم تم تعيين السيد نمرود بيتو وزيرا للسياحة كما كان السيد جورج منصور قد إستلم وزارة منظمات المجتمع المدني بترشيح من القيادة الكردية وهناك الآن السيد أنور وزيرا للنقل وهو من مقربي السيد سركيس آغا جان. فأين هم ال(20) وزيرا وأي منهم كان كلدانيا صميميا؟ وهل أنت على تلك الدرجة من المرونة والإنفتاح على مستوى شعبنا لتقوم بتعيين كلدانيا ولو موظفا بسيطا لا يكون ضمن حركتك ومن مؤيديك؟ وعذرا من عدد من المذكورين أعلاه فنحن ككلدان لا نعتبر من نكر كلدانيته وتخندق مع أنداد الكلدان لتحقيق مصالح أو منافع خاصة به كلدانيا. لذا أقول للسيد يونادم كفاك من هذه الإدعاءات الباطلة.
كان السيد يونادم على أتم الراحة من ناحية ديوان الوقف في عهد رئيسه السابق، غير أنه قلق من تعيين السيد رعد عمانوئيل وراوده الخوف على نفوذه السابق وعلى مصالحه في الوقف، فبدأ حملته ضد السيد رعـد الشماع منذ تعيينه ووجه اليه شتى التهـم الباطلة لإبعاده عن رئاسة الوقف وفي زيارة لي للأستاذ أسامة النجيفي في مكتبه الرسمي تطرقت الى الموضوع في مجمل حديثي مع سيادته وعلمت منه بأن هيئة النزاهة الوطنية كانت قد فندت إدعاءات السيد يونادم بعدم نزاهة السيد رعد الشماع وأيدت براءته ونزاهته بموجب الكتاب الذي وجهته الى رئاسة مجلس النواب العراقي. كان غبطة البطريرك قد إلتقى السيد رئيس مجلس النواب لهذا الغرض حينذاك، وكان السيد يونادم قد أقنع أحد النواب الأيزديين وكذلك النائب المندائي لتأييده وزاروا لجنة الأوقاف في مجلس النواب وأقنعوا رئاستها بتوجيه كتاب الى الأمانة العامة لرئاسة الوزراء لرفض تعيين السيد رعد الشماع رئيسا لديوان الوقف المسيحي ودون علم رئيس مجلس النواب كما علمت من سيادته. خمدت تحركات السيد يونادم لفترة من الزمن وكان خلالها يتحرك سرا لتنفيذ ما كان يدور في مخيلته، وبعد فترة عاد ليثير الموضوع من جديد بعد أن هيأ الأرضية لتحقيق هدفه حتى آلت الأمور الى ماهي عليه الآن. ومن المعلوم بأن تعيين رئيس الوقف شأن كنسي وليس حزبي أو سياسي ويتم ذلك من قبل رؤساء الطوائف المسيحية. عليه نؤكد بأن تدخل السيد يونادم بأمر الوقف غير قانوني ولا يخدم مصلحة المسيحيين ويسبب المزيد من الشرذمة والإنشقاق في صفوف شعبنا إضافة الى أننا نعتبر تصرفات السيد يونادم تجاوزا على البطريركية ومجلس الطوائف المسيحية وهذا لا يمكن السكوت عليه، وأعود لأقول بأن الجهة التي تتحمل مسؤولية هذا الإجراء غير الصحيح والخطأ الكبير بحق المرجعية العليا للمسيحيين هي الأمانة العامة لمجلس الوزراء وشخص رئيس الوزراء ونؤيد بشدة قرار المرجعية بالإنسحاب من الوقف الى أن تعاد المياه الى مجاريها وتتراجع الأمانة العامة والحكومة العراقية عن قرارها الإرتجالي الخاطئ في الرضوخ لمطاليب السيد يونادم وأهوائه.
 

147
الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان نهج مستقل لا يقبل الخضوع
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
ملاحظة : هذا المقال يمثل وجهة نظري الشخصية وليس بيان او توضيح من الأتحاد .
الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان كان حصيلة اتفاق نخبة من الكتاب والأدباء الكلدان جمعهم هدف واحد وهو تشكيل جسم ثقافي يدافع عن حقوق الشعب الكلداني في المواطنة والكرامة الأنسانية ، ويهتم بتاريخ الشعب الكلداني وبتقاليده وتراثه ومآثره واسمه القومي وهويته الكلدانية ، ولم يتلق المؤسسون اي تعضيد من اي جهة سياسية او حكومية . وتم الأتفاق على تلك المبادئ وبمنأى عن اي مكاسب مادية او معنوية ، فكما هو معلوم ، ان لم يكن جميع اتحادات شعبنا تتلقى المساعدات فإن معظمها لها من يعاضدها مادياً وبعضها يستلم منح لأعضائه ، فنحن اعضاء الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان لا نتلقى اي مساعدات اولاً وثانياً مطلوب منا ان ندفع اشتراكات سنوية ، وفي حالات الضرورة نلجأ الى طلب تبرعات من الأعضاء انفسهم وهذا ما حصل فعلاً ، فإن ميزانية الأتحاد اليوم هي عبارة عن مبالغ التبرعات التي وصلت من الأعضاء الأتحاد انفسهم .
من هنا يتضح مدى استقلالية خطاب الأتحاد ولا يقبل بالركوع لأي حزب متنفذ يرضى لنفسه استخدام مثل هذا الأسلوب الأبتزازي . لقد بقي الأتحاد محتفظاً بآلية خطابه المستقل ، وهو في مجرى سيرته يحترم كل الأحزاب والمنظمات ويحترم الراي الآخر المخالف لرؤيته ، ولكن مقابل ذلك ينتظر من الآخر ان يحترم رأيه ، وهذا مناخ سليم للتعامل الديمقراطي الذي نؤمن به في الأتحاد .
يأتينا سيل من النقد من بعض الأخوة الكتاب على نهجنا وهذا النقد بدلاً من يكون بناء وخاضعاً للمناقشة والحوار ، فإنه في احيان كثيرة ، بل في اكثر الأحيان يتحول النقد الى طريقة لأعطاء الأوامر وفي حالة عدم الطاعة لتلك الأوامر يجري كيل التهم من انقسامي ومشتت ومخرب ومتآمر ومفرقي صفوف شعبنا الى آخره من القاموس الزاخر بمثل هذه التهم السقيمة ، وكل شئ لحد الآن مكشوف وواضح ولكن فوق ذلك فإن البريد الشخصي الألكتروني يصلنا كلام بذئ وشتائم مقززة ينفر منها حتى ابناء الشوارع والبلطجية والشقاوات ، ولا اقبل ايراد تلك  الألفاظ المنحطة كأصحابها على مرأى ومسمع القارئ الكريم . كل ذلك نتحمله لأنه لا نريد ان ننحدر الى الدرك الذي وصل اليه هؤلاء الذين يدعون انهم يحملون مبادئ .
وسنبقى مع الذين يجيدون صناعة التهم ونترك من يكيلون الشتائم والمسبات فهم احرار فهذه صحيفتهم ليملؤها بما يشاؤون . ونبقى مع الذين يكيلون التهم لأتحادنا باسم الوحدة القومية فأقول لهؤلاء :
إن التسليم الأعمى بأي شعار دون مناقشة وتحليل لا ينم عن فكر مبدع خلاق ، فما نؤمن به بأن الوحدة بين ابنا شعبنا المتكون من السريان والكلدان والآثوريين يجب ان تبنى على الواقع وعلى احترام الركائز الثلاثة المكونة له ، اجل نحن ثلاثة اسماء لثلاث هويات ، ولو كنا هوية واحدة لكان لنا اسم واحد كالعرب والأكراد وباقي خلق الله الذين لهم اسم واحد ونحن واحد من تلك المخلوقات ، فينبغي ان نسلم ونعترف بهذا الواقع ، وإن شئنا ان نتعاون او نتحد او نصبح وحدة واحدة حتى تحت اسم واحد ينبغي ان يتم ذلك بأسس ديمقراطية مبنية على منظومة الأحترام لكرامة الأنسان وحريته واحترام مشاعره ، وبكلام آخر بمنأى عن اسلوب سياسية القطيع والراعي . ينبغي احترام المكونات الثلاثة الكلدان والسريان والآشوريين بمستوى واحد وبتكافؤ ينصف الجميع .
إن شعار الوحدة قد جُعل منه شعاراً مقدساً ، فنحن نعرف المقدسات هي الكتب السماوية ، وحتى هذه بدأت تطالهم منظومة النقد والمناقشة بل حتى الرفض لبعض ما ورد فيها ، فحينما نناقش مسألة الوحدة من حقنا ان نسأل :
 اليس من حقنا ان نعرف هوية الحزب الذي يطلق ذلك الشعار ؟
هل هذه الوحدة غاية ام وسيلة لغايات سامية اخرى ؟
ما هي آلية تحقيق الوحدة هل هي آلية الخضوع والركوع كالتي نفذها حكم صدام بحق الكويت ، ام هنالك آلية الأحترام المتبادل وقبول الآخر ؟ وهنالك اسئلة كثيرة قبل الأستعجال بكيل التهم .
 بصراحة نحن نشاهد على ارض الواقع ان الأحزاب الآشورية تستخدم وحدة شعبنا المسيحي بغية الهيمنة على الكوتا المخصصة للمسيحيين ومن ثم السيطرة على الثروة المخصصة لهم وإنفاقها بشكل غير عادل وتخدم مصالح هذه الأحزاب تحديداً . كما ان الوحدة تستخدم كحصان طروادة للتقرب من دائرة صنع القرار ومسك الملف المسيحي برمته بيدهم ، هذا ما رأينا من استخدامات شعارات الوحدة الى اليوم ، فالمعلوم ان تحقيق الوحدة لا يمكن ان يتم بإلغاء وإقصاء المكون الكلداني الأصيل ، كما ليس من الأنصاف توصيف كل كلداني يعتز بقوميته الكلدانية بأنه انقسامي وانفصالي ومتآمر ومشرذم .. هذا الأسلوب لا يقبله المنطق ومبادئ الأخوة والصداقة المقدسة . هذا منافي لابسط قواعد حقوق الأنسان وكرامته  ولمنظومة الأخلاق بمختلف مفاصلها ، فكيف تتعاملون معنا بهذا المنطق المنافي لكل قواعد الأحترام المتبادل وقبول الآخر ؟
تحت هذه الظروف الظالمة استطاع الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان من الديمومة والأحتفاظ بقراره المستقل ، وبصراحة كانت البداية جميلة من الذين كانوا يعملون معنا والى اليوم وكان الصديق العزيز نوزاد حكيم واحداً من هؤلاء الذين تجشموا عناء هذه الحرب النفسية المتسمة بالعنف الفكري ، وكان يعمل بجدية وهو حريص على الأحتفاظ بالأسم القومي الكلداني بمنأى عن التسمية القطارية المفروضة علينا ، وانا شخصياً اشهد على هذا الموقف ، وفي  الأنتخابات التي جرت داخل الأتحاد حصل الأخ نوزاد على الأصوات التي تؤهله ان يكون عضواً احتياطياً في اللجنة التنفيذية للاتحاد .
في الأونة الأخيرة شعرنا بأن الأخ نوزاد اراد ان يجر الأتحاد الى ما لايؤمن به ، وطلب بعض الأمور وفي حالة عدم تحقيقها فإنه سيقوم بما يراه مناسباً ، وفي هذه الأسلوب الغريب المتسم بالتهديد والبعيد عن الأسلوب الديمقراطي الأخوي المتداول في الأتحاد ، اجتمعت الهيئة التنفيذية وقررت أعفاء السيد نوزاد حكيم من عضوية الأتحاد ، ولم نعلن عن ذلك في وقته لكن وصله التبليغ شخصياً .
إن الأخ نوزاد حكيم هو حر في ان يؤسس ما يريد من الأحزاب والمنظمات ، وقد عمل مؤخراً على تأسيس اتحاد باسم اتحاد الكتاب والأعلاميين الكلدان . ويبدو ان الطبخة قد جرت في مطابخ المجلس الشعبي بتوسط المجلس القومي الكلداني ، وهذا واضح من إقدام فضائية عشتار بتصوير الحدث ، ففضائية عشتار لا تريد ان تشرق الشمس على اي جهد كلداني اصيل ، فكيف بها قد اسرعت على تصوير الحدث ؟
 وحسب ما جاء في مقال المهندس الكلداني فادي  دندو  الموسوم : إتحاد الكـُـتاب والإعلاميين الكـلدان.. هل هـو كـلداني؟ وحسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,559479.0.html
 لقد رأينا كيف نأت عشتار بنفسها يوم انعقد مؤتمر المجلس القومي الكلداني في ربيع عام 2009 في عنكاوا والذي كان على مبعدة عشرات الأمتار من قناة عشتار ، والسبب ان المجلس القومي الكلداني كان يملك قراره واستقلاليته ، وبعد ان اصبح المجلس القومي تحت مظلته ، باتت اخبار المجلس القومي تتصدر نشرات هذه الفضائية المنحازة بشكل عجيب لكل ما هو ضد الطموحات القومية الكلدانية الأصيلة ، ومن جهة اخرى ان نظام الداخلي لهذا الأتحاد الناشئ يشير الى خدمة ابناء شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) ، وإن كان هذا التنظيم لا يؤمن بهذه التسمية فإن الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء لا يقبل بهذه التسمية فلماذا كان تأسيس اتحاد ثقافي يحمل نفس الأهداف ؟
أنا عبرت عن رأيي الشخصي في هذه المقالة وفي الحقيقة كانت قرأءتي لعملية التأسيس وكأنها موجهة ضدي شخصياً قبل ان تكون موجهة ضد الأتحاد فقد استلمت مكالمات ورسائل بل حتى ان بعض الأصدقاء يقولون لماذا قام نوزاد حكيم بهذا العمل ضدك ؟
 نحن مع قيام اي منظمات مجتمع كلدانية او سريانية او آشورية ، لكن ليس من الأصول ان تقوم منظمة لغايات محاربة منظمات اخرى قائمة . نحن نحترم الأخوة الذين حضروا الى جمعية الثقافة الكلدانية في القوش لتأسيس اتحاد كتاب وإعلاميين كلدان ، لكن اقول ان ابواب الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان كانت مفتوحة لهم ولغيرهم ممن يحترمون الهوية الكلدانية فلماذا تأسيس اتحاد مشابه وبنفس الأهداف ، لكن يبدو ان لهم اجندة مختلفة عن اجندة اتحادنا وهذا شأنهم ونحترمه .
 سيبقى الأصدقاء في اتحاد الكتاب والأعلاميين الكلدان المشكل حديثاً اخوة لنا ، لكن نتمنى  ان يكون لهم قرار مستقل وهذا مشكوك فيه في ظل المعطيات المتوفرة لحد الآن  ، ونتمنى ان تتوفر براهين أخرى تثبت انتماؤهم القومي الكلداني الأصيل ، وسيكون الزمن كفيل بإظهار الحقيقة .  
حبيب تومي / اوسلو في 13 / 02 / 12

148
ما سر تقاتل النائب يونادم كنا للإمساك بمصائر الوقف المسيحي ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
قبل البدء بالكتابة اشير الى ان اسماء الشخصيات الواردة في هذه الكلمة اكن لهم جميعاً فائق الأحترام ولا مجال للشخصنة في هذا المقال .  
الحركة الديمقراطية الآشورية لتي يتزعمها اليوم السيد يونادم كنا ، هي عبارة عن تنظيم قومي آشوري نمت وترعرعت في حماية اقليم كوردستان في اوخر القرن المنصرم حيث كانت بمنأى عن هيمنة الحكومة العراقية منذ انتفاضة عام 1991 م . ولوحظ علي خطابها  منذ نشأتها اديولجية قومية معادية لأي مفهوم قومي كلداني يسعى الى تحقيق الذات القومية .
بعد سقوط النظام في نيسان 2003 كان ثمة تعاطف من لدن المكون المسيحي من الكلدان والسريان والآثوريين والأرمن لهذا الحزب باعتباره يمثل مكون مسيحي . وإضافة الى ذلك كان هنالك  فراغ سياسي ناجم من تفكك الأتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين ، وكانت طفرة تراجعية بالنسبة للاحزاب الشيوعية في المنطقة وبضمنها الحزب الشيوعي العراقي ، وكان ثمة مجموعة من ابناء شعبنا الكلداني اعضاء في هذا الحزب وبعد تراجعه الكبير شعر هؤلاء بفراغ سياسي ومنهم جماعة من الألاقشة فوجد بعضهم في الحركة مكاناً مناسباً لهم ، لكن بعضهم لم يقبل الأفكار الأقصائية لهذه الحركة فلم يستجب لدعوتها ولم ينخرط في صفوفها ومنهم المرحوم توما توماس .
سوف ابقى في إطار عنوان المقال : فالحركة الديمقراطية الآشورية كانت اللاعب الرئيسي الوحيد في المعادلة السياسية لشعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ولم يكن ثمة اي تحفظ لدعم هذه الحركة لولاً ارتمائه في احضان اديولوجية قومية إقصائية بحق الكلدان  . ونتيجة لهذا النهج اللامنطقي طرأ على المسرح السياسي حالة بروز قوى سياسية مؤثرة على ساحتنا منها الأحزاب الكلدانية ، كما ظهر ايضاً وبقوة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والذي اختار الطريق السياسي لنشاطه ، فكان خوضه للانتخابات بإمكانيات مادية كبيرة ، وهي الأموال المخصصة للمسيحيين عموماً ، لكن المجلس يتصرف بها باعتبارها امواله الخاصة فيمنحها لمن يشاء ويمنعها عمن يشاء . ومجال هذا المقال لا يتسع للاسهاب بهذا الموضوع .
السيد يونادم كنا السياسي المعروف بمناوراته السياسية ، وهو يعرف جيداً ان الأكثر مالاً هو هو الأوفر حظاً في الحصول على اصوات الناخبين ، وفي الأنتخابات الأخيرة حصلت حركته على ما مجموعه حوالي 28 الف صوت من مجموع الاصوات  البالغة بحدود 70 الف صوت اي حوالي 40%  وهذه حالة لم تكن في مصلحة الحركة التي كانت اللاعب الرئيسي الوحيد على ساحتنا السياسية ، فكان نصيبه مقعدين من مجموع خمسة مقاعد للكوتا المسيحية وهذه حقيقة اثبتها الواقع على الأرض ، لكن بموجب قانون الأنتخابات ، فإن الحركة قد حصلت على المقعد الثالث الذي كان من نصيب القوائم الكلدانية . وإن كوادر الحركة يعرفون الحقيقة الموضوعية بأن الصورة النهائية لنتائج الأنتخابات لم تكن الصورة الحقيقية للواقع على الأرض .
 المهم من ذلك ان الحركة لم تعد اللاعب الوحيد على ساحتنا ، وعرف السيد يونادم كنا ان حصول المجلس الشعبي على مقعدين ، وهو حديث التأسيس ، هي بسبب امواله التي صرفها على دعايته وعلى وجود قناة عشتار الفضائية التي كانت مخصصة للمسيحيين عموماً لكن المجلس الشعبي احتكرها لدعايته حصراً .
وهكذا ترتب على يونادم كنا ان يجد مصادر للتمويل ، لقد كانت ثمة اموال تصل هذه الحركة عن طريق استغلال منظمة خيرية اسمها ((( الجمعية الخيرية الآشورية ))) ، وهي جمعية تابعة للزوعا ، وهنالك تكهنات بأن اموال هذه الجمعية التي تجمع الأموال من اوروبا وامريكا واستراليا تستعمل كموارد للحركة ولا تستخدم كموارد للمتعففين من المسيحيين ، وربما هنالك مساعدات محددة جداً لبعض الآشوريين لكن هذه المساعادت لا يمكن ان تصل الى العوائل الكلدانيــــــــــــة المتعففة ، اللهم الا الذين يخضعون لأديولوجية الحركة . من هنا كان اتجاه النائب يونادم كنا صوب الوقف المسيحي ، الذي له مشاريع عمرانية واسعة وثمة مقاولين من المقربين والأقارب فتكون الأستفادة المادية من الوقف المسيحي لتغطية مصاريف الدعاية في الأنتخابات القادمة .
سوف نعود قليلاً الى زمن مجلس الحكم حيث صدر القرار رقم  79  لسنة 2003 بتعيين الأستاذ عبد الله النوفلي رئيسا للديوان ، ولكي يؤسس السيد يونادم كنا موطئ قدم في الديوان المسيحي افلح في الحصول على قرار آخر يحدد بأن يكون نائب رئيس الديوان من كنيسة المشرق الآشورية وهو الى اليوم السيد فريد كليانا وهو المحسوب على ملاك الحركة الديمقراطية الاشورية ، والجدير بالذكر ان الطائفة المسيحية التي ضمن لها السيد يونادم كنا المرتبة الثانية فإنها تأتي بعد السريان ، وليس قبلها وكان يجب ان يكون نائب الرئيس سرياني ، المهم ، إنه قد حدد هوية النائب وجعلها محصورة بطائفته ، اي ان نائب رئيس الديوان اصبح مضموناً له ولا خلاف عليه ، وتبقى هوية رئيس الديوان دون تحديد وقد يكون ايزيدي او مندائي او كلداني ، وفي الحالة الأخيرة سيعمل ان يكون الكلداني موالياً لحركته ، وإن تعذر ذلك سيقوم بمناوراته ، ويبذل قصارى جهوده لإلغاء تعيينه وتعيين آخر موال له وهذا الذي حدث مع السيد رعد عمانوئيل والسيد رعد كجه جي .
اين يكمن السر في تقاتل السيد يونادم كنا بالأمساك بمصائر الوقف المسيحي ؟
 ماذا يهم السيد يونادم كنا إن كان رئيس الوقف المسيحي والديانات الأخرى الأستاذ رعد عمانوئيل الشماع او الأستاذ رعد جليل الكجه جي ، علماً انهما كلدانيان اي ان قوميتهما كلدانية ؟
 المسالة لم تعد سراً ، احترامنا للاستاذ رعد الكجه جي ـ وبيننا صلة قرابة ، ربما لا يعرفها الأستاذ رعد كجه جي ـ فإن المسالة ستنحصر بأن ليونادم كنا الفضل في تعيينه بهذا المنصب ، وبالتالي سيكون في خدمته للوفاء بأفضاله عليه . وهذا ليس سراً فالأستاذ كجه جي معروف بولائه للحركة الآشورية ، والحركة لا تستميت في تعيين شخص ما لم تضمن ولائه وتأييده ، وسوف يتضاعف الولاء بعد تذكيره بمساعي السيد يونادم وتقاتله من اجل  تعيينه بهذا المنصب .
كانت الميزانية السابقة للديوان المسيحي والأديان الأخرى بحوالي 22 مليار دينار عراقي وميزانية اليوم تصل الى 30 مليار دينار عراقي اي ما يعادل حوالي 25 مليون دولار . وهي مخصصة لأقامة المشاريع التي تخص ديوان الوقف المسيحي والأديان الأخرى والجدير بالذكر ان احد المشاريع المهمة هو مشروع بناء البطريكية الكاثوليكية للشعب الكلداني بمنطقة الزيونة في بغداد ويكلف وحده مليارات الدنانير العراقية وقد وُضع حجره الأساسي يوم كان الأستاذ عبد الله النوفلي رئيساً للديوان وكان الأستاذ يحترم استقلالية قراره بمنأى عن تأثيرات يونادم كنا او غيره ، وهذا مشروع واحد من جملة مشاريع هذه المؤسسة والتي يرى فيها المستفيدون من نهازي الفرص بأن هذه الدائرة هي الدجاجة التي تبيض ذهباً .
كان هذا التدخل الفاضح من قبل السيد يونادم كنا بكل صغيرة وكبيرة من مصائر شعبنا ان طفح الكيل وتفاقم التهميش والظلم ، اضطر غبطة البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي الى إصدار البيان التاريخي لتوضيح الغبن والتهميش الذي يطال شعبنا الكلداني في وطنه العراقي ، إن كان على نطاق العنف والأرهاب والتشريد الذي يطال شعبنا او ما تضمن مجال التهميش القومي والسياسي الذي يقوده السيد يونادم كنا وحركته في العراق او ما يقوم به المجلس الشعبي على ساحة اقليم كوردستان .
 ثمة مساعي واضحة لتمزيق الكنيسة الكاثولكية للشعب الكلداني ، ومحاولات حثيثة لدفن وطمس معالم وتاريخ الشعب الكلداني في هذا البلد . إن محاولات ظالمة مفضوحة يجري تمريرها لدفن القومية الكلدانية من الخارطة القومية العراقية ، وهذه جهود تتعارض مع ابسط قواعد ولوائح حقوق الأنسان . التي تضمن الحقوق لأي مكون اثني او قومي او ديني او عرقي ولأي إنسان بشكل فردي بعيداً عن وصاية يونادم كنا او غيره .
 الحرية هي كالهواء لا يمكن منحها لأنسان ومنعها عن آخر ، وفي مثالنا لا يمكن منحها للاشوري ومنعها عن الكلداني ، فالهواء إما ان يكون نقياً على الجميع او فاسداً على الجميع فالحرية لا تقبل بالأنتقائية حسب مزاج الشخص او الحزب .
 إن الأستاذ الدكتور دريد حكمت زوما وهو مستشار محافظ نينوى لشؤون الأقليات وهو محسوب على الحركة الديمقراطية الأشورية وهو كلداني من تلكيف كان قد عبر عن رأيه بصراحه عن تأييده لبيان البطريركية الكلدانية ، لكن يبدو ان ضغوطات الحركة قد اجبرته على تصريح آخر يقول بأن الرأي السابق كان يمثل رأي المحافظة وليس رأيه الخاص .
نحن نحترم السيد يونادم كنا وأي سياسي آخر من ابناء شعبنا ، ولكن لا نقبل بعدم احترام حقوق شعبنا الكلداني .
 اقول :
إن فوز السيد يونادم كنا بالأنتخابات والسادة النواب المسيحيين الآخرين الذين فازوا بمقاعد الكوتا المسيحية ، إن فوزهم هذا وحصولهم على اصوات الناخب الكلداني وجلوسهم على مقاعد الكوتا وتحت قبة البرلمان ، (((((( لا تخولهم مطلقاً تحريم الشعب الكلداني من حقوقه القومية والسياسية ، إن في رقابهم وضمائهم امانة ويجب ان لا يخونوا تلك الأمانة التي منحها لهم الشعب الكلداني))))))  .  
السيد كنا وكل نواب شعبنا ينبغي ان يضعوا ضمائرهم ووجدانهم وأن يحكموا بالعدل والمساواة بين ابناء الشعب الواحد .
 يجب ان تكون الثروات المخصصة للمسيحيين ، يجب ان توزع بعدالة وشفافية وبأخلاقية دون ان يكون عنصر الولاء للاحزاب الآشورية كعنصر اساسي لهذا التوزيع وهذا ما ينطبق على الوظائف والمناصب ، فنحن اقلية صغيرة ويطالنا الظلم والقهر والتشريد ، وينبغي ان تسود بيننا روح المحبة والتآخي ، وليس روح الأنتقام والغالب والمغلوب وسياسة كسر العظم ولوي الأعناق ، لحد اليوم لم تثبت عدالتكم وشفافيتكم . وما زال امامكم المزيد من الوقت لتثبتوا ذلك ، إن ما يثبت ذلك هو الأفعال وليس الأقوال .
 سينعقد مؤتمر قومي عام ، وسيظهر مدى مصداقية الأحزاب المتنفذة على ساحتنا ، وفي المقال القادم سيكون هذا الموضوع عنواناً له .
 حبيب تومي / اوسلو في 08 / 02 / 12

149
الأخ الشماس الفريد شموئيل سركيس المحترم وانت ايضاً يجب ان تخاطب غيرك بأخلاقية عالية
كتبت مقالاً تحت عنوان :
مناقشـة هادئـة جداً للرسـالة الرعويـة لقداسـة البطريـرك مـار دنخـا الرابـع
بمناسبة الأعياد كانت ثمة رسائل رعوية للشعب المسيحي  من البطاركة الأجلاء فقرأنا  
رسالة الكردينال البطريرك عمانوئيل الثالث دلي الرعوية وكذلك رسالة الميلاد لغبطة بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان والرسالة الرعوية لقداسة البطريرك مار ادي الثاني ، والرسالة الرعوية للمطران لويس ساكو ، وقد قرأنا في هذه الرسائل المعاني السامية للمحبة والتعايش والسلام كما قرأنا الرسالة الرعوية لقداسة مار دنخا الرابع وكان فيها ايضاً الكثير من الكلمات المفعمة بروح المحبة والتعايش والسلام
لكن ايضاً قرأنا فيها :
اليوم نَحنُ المسيحيين الذين نعيش في بُلدان المشرق نُعرفُ بأسماء ثلاث كنائس: وهي الكنيسة الكلدانية، الكنيسة السريانية، وكنيسة المشرق الآشورية. كمسيحيين مؤمنين يجب أن نحب ونحترم ونعمل معاً كأعضاء قطيع مسيحي واحد، وكأمةٌ واحدة، لسنا ثلاث أُممٍ، لكن أمةٌ واحدة وشعبٌ واحد، بالدم، بالتاريخ، باللغة. وكلنا كأمةٌ آشوريةٌ مسؤولين لكي نُحافظ على سلامة أبناءُ أمتنا كشعبٌ واحد... كأمة واحدة: يجب أن تفتخروا وتتشرفوا لأنكم آشوريين، يجب عليكم المحافظة على لغتكم الآشورية الأم، ثقافتكم، تاريخكم، ومحبتكم تجاه بعضكم البعض تكون طاهرة وحقيقية ..
هنا لجأ قداسة البطريرك الى إلغاء القومية الكلدانيــــــة العراقية الأصيلة التي نفتخر بها كما هو يفتخر بقوميته الآشورية ، ونحن نعتبر ذلك خطأ كبير بحقنا وبحق حقوقنا الإنسانية بأن نفتخر باسمنا وانتمائنا وهويتنا ، وإن قداسة البطريرك هو بشر مثلنا ليس معصوم من الخطأ فقد يصيب وقد يخطي ونحن نعتقد بأنه اخطأ بحقنا .
في الفيزياء لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الأتجاه وقد يتفق هذا بما كتبه إخواني الكتاب الكلدان الذين يفتخرون ويعتزون بقوميتهم الكلدانية , كما ان المثل يقول : حينما تطرق الباب يأتيك الجواب . فسؤالي لك اخي الشماس الفريد :
لماذا لم نرد ولم نعلق على اي رسالة رعوية من البطاركة الآخرين ؟
 هذا السؤال موجه لك وينبغي عليك ان تجيب عنه قبل ان تدرج الألفاظ غير اللائقة في عنوان رسالتك .

واقول  : ايها الشماس الكريم  نحن بشر مثلكم ، لنا اعصاب ولنا مشاعر يترتب عليكم ان تحترموها ، نحن نحترمكم وانتم تعاملوننا وكأننا  خدم في بيوتكم ، ومن المؤسف ان يكون لكم في قيادتكم السياسية والدينية مثل هذا التوجه الذي لا يتناسب مع روح العصر في احترام الآخر واحترام رأيه ، إنكم ببساطة يا اخي تخالفون لوائح حقوق الأنسان في حريته وفي عقيدته وانتمائه ، إنكم يا اخي تهينون كرامته باسم الوحدة ، عن اي وحدة تتحدثون وانتم تتعاملون وكأننا خدم تابعين لكم .  
 ببساطة اخي العزيز الشماس الفريد شموئيل سركيس ابن كنيسة المشرق الآشورية للموت ، نحن نعتز ونفتخر بقوميتنا الكلدانيــــــــــــة وكما انتم تفتخرون بقوميتكم الآشورية ، ونحن نحترم انتمائكم ، وعليكم ان تحترموا مشاعرنا وانتمائنا ، وهذه حالة صحية ينبغي ان تسود بيننا لأننا شعب مسيحي واحد ، ويطالنا مستوى واحد من الظلم والطغيان وعلينا ان نتوحد في شراكة اخوية بمحبة المسيح وليس بأفكار الأحزاب الآديولوجية القومية المتزمتة التي عفا عليها الزمن .
 السبيل الوحيد للمحبة والأتحاد او التعاون او الشركة بيننا هو  الأحترام المتبادل في حرية الرأي .وقبول الآخر كما ((هو )) وليس كما تريدونه ، هذا هو الطريق السليم لأخوّتنا .
 نحن نحترم ونوقر كل البطاركة الأجلاء وبضمنهم قداسة البطريرك مار دنخا الرابع .
 وأنا هنا اخي الشماس الموقر الفريد شموئيل سركيس ، لا اريد ان افتح معك او مع غيرك صفحة جدل لا طائل من ورائه ، فأنا لا احبذ هذه الحالة ، من باب ان حرية الرأي مكفولة للجميع ، وكل منا يحتفظ في رأيه ، لكن عموماً إن طرقت الباب يأتيك الجواب وهذا حق مشروع للدفاع عن النفس .
 تقبل اجمل تحياتي
 اخوك في محبة المسيح : حبيب تومي

  

150
رحيل الصديق حميد عيسى يلدكو وتدفق ينبوع الذكريات ورسالة الأستاذ جودت هوشيار
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
في فترة قصيرة فقدت ساحتنا الثقافية في القوش كوكبة جميلة بدءً برحيل منصور بجوري ومن ثم الكاتب نوئيل قيا بلو لنفاجأ برحيل الألقوشي الأصيل نوئيل ساكو ، خجيجا ، ( ابو موفق ) الذي بقي على حبه لبلدته العزيزة القوش ووفاؤه لهويته الكلدانية وانتماؤه للوطن العراقي ، واليوم نودع صديقاً عزيزاً تعززت صداقتنا في دور الشباب وسنين الدراسة وهو المرحوم حميد عيسى يلدكو ، والذي كان يشعر بسعادة حينما يذيل قصائده وكتاباته باسم حميد ابو عيسى  . في فترة ليست قصيرة من سنين مرحلة الشباب في حقل الدراسة الثانوية جمعنا صف واحد ورحلة واحدة ، وخارج الصف والمدرسة كان يجمعنا طموحات الشباب واندفاعهم إن كان في التصميم والإرادة القوية الحرة او مجالات الحب والربيع وترف الحياة ومباهجها في تلك المرحلة العمرية الرائعة . ويجمعنا ايضاً الهدف السياسي الواحد في حب الوطن العراقي والفكر السياسي اليساري الذي كان طاغياً وقتذاك .
الحديث عن الصديق الراحل حميد عيسى ذو شجون وذكريات ، لكن قبل ذلك نعرف القارئ الكريم لمن لا يعرف من هو حميد عيسى يلدكو ان نقول له إنه من القوش مواليد 1943 انهى دراسته الثانوية في القوش وسافر الى الأتحاد السوفياتي السابق في عام 1961 في بعثة دراسية واستقر في جمهورية بيلروسيا ( روسيا البيضاء) بمدينة مينسك وتخرج عام 1967  بدرجة ماجستير في الهندسة الميكانيكية ، وبعد عودته الى العراق بعد تخرجه خدم الأحتياط ( ملازم ثاني) في الجيش العراقي ، وبعد تسريحه من الخدمة  تعين بعنوان مهندس في الشركة العامة للصناعات الميكانيكية ثم نقلت خدماته إلى المعهد المتخصص للصناعات الهندسية في بغداد وفي عام 1993 احيل على التقاعد بطلب منه وفي اوائل عام 1999 غادر العراق ليستقر اخيراً في اميركا ، ويعمل فيها بعد استقراره مدرساً للغة العربية في إحدى جامعات ولاية جيورجيا الأمريكية .
اثناء عمله في العراق الف كتب هندسية باختصاصه إضافة عشرات البحوث والدراسات والمقالات الهندسية نشرت في مجلتي الصناعة والصناعات الهندسية إضافة الى كتابته لدليل الأستعمال والإدامة للساحبات ( الجرارات ) العراقية عنتر 60 وعنتر 70 وعنتر 80 إذ كان اختصاصه ميكانيك المكائن الزراعية .
جمعتني مع المرحوم في اوقات الرحلة الواحدة في ثانوية القوش في الصف الرابع والخامس العلمي ، وكان المرحوم منصور اودا مدير المدرسة ومدرس الرياضيات بامتياز ، وكان جلال غريب ،الكردي، مدرس اللغة العربية ، والأستاذ حكمت ججاوي مدرس الكيمياء ، وحكمت زيباري إضافة الى افضل المدرسين القادمين من الموصل هرباً من موجة الأغتيالات التي كانت عاصفة في تلك الفترة من الزمن الردئ .
كنا مجموعة طلبة فيهم من تفوق وحصل على اعلى الدرجات وفاز بالدراسات خارج العراق ومنهم الراحل حميد عيسى ومنهم من قنع بمعدله المعتدل ليدخل إحدى الكليات او المعاهد العراقية او توجه للاعمال التجارية بعيداً عن هموم الدراسة .  تمضي السنون تجر السنين وتمر كلمح البصر وها هي  المدة التي تفصلنا عن تلك الأيام  تناهز النصف قرن ونيف بالتمام والكمال  وعسى ان يسعفني ينبوع الذكريات الجميلة الى سرد بعض الأسـماء التي قضينا معهم ردحاً من الزمن الجميل ليس الى نسيانه سبيل .
كانت الوجبة التي سأدرجها من اسماء الطلبة في ذلك الحين هم اول صف إعدادي في القوش ، وكان ثمة للفرع العلمي فقط ، فالتربية استطاعت ان تفتح صف واحد فقط إما أدبي او علمي ، وحسب اختيار الأكثرية من الطلبة الخريجين من المتوسطة في القوش ، فكانت الأكثرية الساحقة مع الفرع العلمي ، باستثناء بضعة طلاب ومنهم من انضم مع الأكثرية ومنهم من التحق في ثانويات اخرى فيها الفرع الأدبي ، ومنهم المرحوم نائف دنو . اما الطلبة الذين كنا في الصف الرابع العلمي هم :
كاتب هذه السطور حبيب تومي ، حميد بحو بوداغ ، كامل متي وزي ، ابرم حنا ، ياقو اوراها شبلا ، سعيد يوسف اسطيفانا ، نجيب يوسف اسطيفانا ، هرمز متي حيدو ، يوسف حنا شبلا ، يوسف عبو جولاغ ، كوريال يوسف بلو ، صبري بطرس شوشاني ، يوسف صادق خوبر ، بطرس عيسى قودا ، حنا موسى طعان ، سالم جبرائيل رزوقي ، سالم متي بتي ، ريجينة بولا يونان ، بنت حنا كجو ،(اخت المرحوم وديع كجو) . آسيا ؟ (لم تكن القوشية) ، رمزي يوسف قلو ، عبد حسقيال كله ، عابد شيشا كله ، وجدي موسى هيلو، بهجت فرج قس يونان ، عادل الياس حنو ، سمير حنا عازو . كريم ججو شمعون ، سليمان حنا شهارة ، عصمت بطرس اسطيفانا ، قيصر بيبو ، ايليا يونس كوزا ، اندراوس حنا . واعتذر لمن فاتني ذكر اسماءهم . ومن هؤلاء من اودع هذه الحياة وهم :
الفقيد المرحوم حميد عيسى يلدكو ، المرحوم جميل حبيب حنّيكا ، المرحوم سالم ايرميا ، المرحوم عابد ارواها زوري ، المرحوم بطرس سخريا ، المرحوم يونس موسى حنطيي ، المرحوم شليمون اسطيفو جمّا ، المرحوم بطرس موسى حكيم .
انطباعاتي عن شخصية المرحوم الصديق حميد عيسى انه محبوب بين اقرانه ويحب مباهج الحياة ويتفاعل مع جوانبها من الأحزان والأفراح والسياسة والعمل والدراسة والتفاؤل والمرح والصداقة ..
لقد جمع حميد عيسى في شخصيته مزايا كثيرة . سريع البديهية حاضر النكتة الخفيفة ، حلو المعشر . في قلمه الغزيز تمكن من تفعيل الفكر الهندسي العلمي مع الفكر الأدبي الإنساني وتفوق في المجالين ، حينما كان يرسل قصائدة الى موقع نادي بابل الكلداني في النرويج ألاحظ ترتيب الأبيات بتنسيق هندسي جميل ، واهم ما كان يطلبه منا هو ان تنشر قصيدته وهي مرتبة على نفس النمط التي يسطرها ، وكان يسعدنا ان نلبي طلبه في الأحتفاظ بجمالية الكتابة الى جانب عمق وجمالية المعنى .
في أحدى الدورات لنادي بابل الكلداني وقبل سفري من العراق بحوالي اقل من سنة إذ اصبحت سكرتيراً في الهيئة الأدارية ورئيس اللجنة الثقافية ، وكنا نصدر نشرة والتي اتخدت مؤخراً اسم صدى بابل ، وكنا نستلم نصوص من بعض الكتاب لغرض تدقيقها والموافقة على نشرها  ووردنا نص من المرحوم حميد عيسى ، وحينما بدأنا في قراءته ظهر لنا جلياً اننا امام نص متكامل لكاتب قدير هو حميد ابو عيسى .
بعد ان نشرت المقال في المواقع وردتني هذه الرسالة المعبرة من الأخ الفاضل جودت هوشيار ، وهو عبر عن عدم اعتراضه لنشرها ، وبدوري اقوم بإضافتها الى المقال في موقع عنكاوا ، تقول الرسالة
:
((( الأستاذ حبيب تومى المحترم


تحية طيبة اما بعد :
فقد قرأت مقالكم حول رحيل الصديق العزيز حميد عيسى أوراها ، حيث درسنا معا فى الأتحاد السوفييتى ، أنا فى موسكو و هو فى بيلاروسيا ، و قد ألتقينا مرة أخرى فى المنشأة العامة للصناعات الهندسية - كما كانت تسمى عند تعييننا هناك - و عملنا معا لسنوات طويلة أى من 1969 الى أواسط الثمانينات ، نقلت انا بعدها بناءا على طلبى الى مشروع جديد هو المجمع الصناعى فى التاجى ، منشأة نصر لاحقا . خلال عملنا كنت رئيسا للجنة الثقافية فى نقابة المهندسين  و كان المرحوم عضوا فيها و أصدرنا معا مجلة ( المهندس ) التى تحولت فى ما بعد الى مجلة الصناعة بالتنسيق مع الصحفى اللامع ليث الحمدانى .
لقد تأثرت غاية التأثر برحيل الصديق العزيز ، كما أننى أفتقد صديق آخر مشتركا هو المهندس فاروق صفو، أطال الله فى عمره  . لقد فرقنا الزمان و المصير . و أقول لكم ان أمثال حميد عيسى و فاروق صفو و غيرهم من المهندسين خريجى الأتحاد السوفييت ( السابق ) مبدعون نادرون وهم البناة الحقيقيون للصناعة الثقيلة فى العراق . و أشعر ببالغ الأسى ليس فقط لرحيل أخ و صديق عزيز ، بل لأن كل ما بنيناه من أجل قوة و عزة العراق قد ذهب هدرا ، حيث المصانع التى بنيناها مشلولة الآن و قد تحولت الى خردة على أيدى الجهلاء . هذه رسالة لكم لأضافتها الى المعلونات المتوافرة لديكم حول المهندس الفذ حميد عيسى ، و تستطيعون نشرها ان رغبتم .
مع خالص الود و فائق التقدير

جودت هوشيار
ملاحظة : أننى مثل الصديق الراحل  - و كما قال (تشيخوف ) عن نفسه  الطب زوجتى و الأدب عشيقتى  - أستطيع ان أقول ان ( الهندسة ) زوجتى و (الأدب و الفكر ) عشيقتى ، شكري وتقديري للاستاذ جودت هوشيار لهذه الألتفاتة الكريمة ـ حبيب تومي ))) .

إن كتابات حميد عيسى متنوعة تتناول جوانب الحياة بعمق وجداني وتصور واسع تسعفها كتابة رشيقة بلغة مطواعة لكاتب مقتدر ، إن رحيل الأديب او الكاتب يُبقى ذخيرة يتناولها المتخصصون والكتاب وتبقى ضمن ثروة التراث ، ولهذا إن غابت ابدان هؤلاء المبدعون فإن اثارهم تبقى عالقة في النفوس . كان المرحوم حميد ابو عيسى غزير الأنتاج ويجمع بين العمق في المعنى ووعي واقتدار في كتاباته المختلفة ، وفي رحيله نقتبس شيئاً من اواخر ما كتبه وما افرزته قريحته ومشاعره الجياشة .
حميد ابو عيسى يكتب : سأقيمُ الحبَّ داراً للحياةِ
إعـتـقـوني
إرحـموني
واتركوني
...
كي يزيلَ الحـظ ُّ عـنّي
شـؤمَ عـمـرٍ نالَ مـنّـي
بلْ حَـضَـنّي واحتواني
خـانـقـاً كــلَّ الأمـانــي
في الأواتي مِنْ زماني
إنـَّـنـي حـــيُّ وفـانـــي
رغـمَ حـبّـي لـلأغـانـي
مِـنْ أصـولِ العـنـفـوانِ
إنـَّـني آلـيـتُ أنْ أغـزو مكاني
بالـزهـورِ وعـطورِ الأقحوانِ
وأقـيـمُ الحـبَّ داراً بـالــمـجانِ
للجـمـوعِ الخاسـرينَ بالـرهانِ
وسـأبني قـلعـةً مِـنْ حـبِّ قاني
تجـلـبُ الحظَّ السعـيدَ والتهاني
أوگستا في 8 أيار 2011

وفي مكان آخر نقرأ له قصيدة مترجمة من اللغة الروسية وهي في الفتره التي داهمه المرض وبدأ الصراع ، والقصيدة التي يمتزج فيها الحزن مع الأمل والإرادة وهي للشاعر الروسي الكبير كونستنتين سيمينوف ، وقد يتساءل المرء ، لماذا يترجم هذه القصيدة بالذات ؟
 هل ان هذه القصيدة تعبر عن هواجسه ؟ وهو يروم ان يبقى على تفاؤله وعلى قوة إرادته امام جبروت المرض ، فظل يصارع المرض العضال لفترة ليس قصيرة ، فإنه يقول انتظريني :
دعي الإبنَ والأمَّ يصدِّقا
بأنـَّـني غير موجودْ
وليتعبَ الأصدقاءُ انتظارا
ويجلسوا حول النار
كي يشربوا الخمرَ المرَّ على ذكرى روحي
إنتظري ولا تتعجَّلي المشاركةْ
إنتظريني وسوف أعودُ
بالرغمِ عن أنفِ الموتْ
  
إنتظريني وسوف أعودُ
ولكن إنتظري كثيراً
إنتظري عندما تُغرِقُ الحزنَ
أمطارٌ صفراءْ
إنتظري عندما تعصفُ الثلوجُ
إنتظري في القيظِ
إنتظري عندما لا ينتظرُ الآخرونْ
إنتظري عندما تنقطعُ رسائلي
مِنَ الأماكنِ البعيدةْ
إنتظري عندما يسأمُ كلُّ مَنْ إنتظر
إنتظريني وسوف أعودُ
ولا تتمنّي خيراً لكلِّ مَنْ حفظ غيباً
بأنَّ وقتُ النسيانِ قد حانْ
دعي الإبنَ والأمَّ يصدِّقا
بأنـَّـني غير موجودْ
وليتعبَ الأصدقاءُ انتظارا
ويجلسوا حول النار
كي يشربوا الخمرَ المرَّ على ذكرى روحي
إنتظري ولا تتعجَّلي المشاركةْ
إنتظريني وسوف أعودُ
بالرغمِ عن أنفِ الموتْ
19 أيار 2011 * قصيدة الشاعر الروسي الكبير كونستنتين سيمينوف
ترجمتُها عن الروسية .
المغفرة والرحمة لروح الصديق العزيز حميد عيسى يلدكو ، ونتضرع الى الرب يسوع ان يسكنه فسيح ملكوته السماوي وأن يلهم عائلته وذويه الصبر والسلوان .
حبيب تومي / اوسلو في 03 / 02 /

151
الأستاذ نيجرفان البارزاني ثقل الملفات وهموم شعبنا الكلداني
بقلم : حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
احدهم يعاتبني برسالته ويقول ما معناه: غالباً ما تناشد القيادة الكوردية لمنح حقوق الشعب الكلداني في اقليم كوردستان ، لكنك لا تحصد شيئاً في حين الأحزاب الآشورية دون ان يقدموا اي طلب او يكتبوا اي مناشدة فإن حقوقهم مضمومة ، فلماذا تضيع وقتك هباءً وتتعب نفسك في الكتابة والمناشدة وكأنك تحرث في البحر او في الصخر . فأجبته بأني اقوم بواجبي فأنا احمل القلم وأسطّر ما ارى فيه الحق ، وما يميله علي ضميري ، وعلى المسؤول الحريص ان يقرأ ما يُكتب في المواقع والصحف والمجلات لان هذه الأدوات تعتبر المرآة التي تعكس هموم الشعب وإن الحاكم مطلوب منه النظر الى تلك المرآة ليعرف هموم مكونات شعبه لا سيما المكونات الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة ولا تملك الفضائيات ولا ممثلين في الحكومة او في البرلمان ومنهم شعبنا الكلداني الذي يشكل الأكثرية المسيحية الصامتة .
لقد شعر بجسامة المسؤولية وعمقها غبظة البطريرك عمانوئيل الثالث دلي ، الذي ايقن ان شعبه الكلداني يتعرض الى هجمة من الأرهاب لتصفية وجوده في وطنه العراقي ، ويتعرض الى هجمة اخرى ممن يفترض انهم مسيحيون ومن ضمن كوتا مسيحية ويفترض انهم يدافعون عن المكونات المسيحية وعن حقوقهم في البرلمان ، وهم يتقاضون رواتب عالية من الدولة العراقية وأقليم كوردستان باعتبارهم ممثلين للمكون المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين . في حين هؤلاء يعملون لتمزيق الكنيسة المسيحية وإلغاء الهوية الكلدانية الأصيلة من الدستور العراقي والكوردستاني ، فمن له هكذا مدافعين عن حقوقه سوف لا يحتاج الى اعداء لكي يمسحوا كل تاريخه وحاضره ومستقبله  ـ وهكذا انبرى غبطة البطريرك  مار عمانوئيل الثالث دلي ليدافع عن شعبه ضد هذا الإقصاء كما دافع بالأمس ضد القتل والموت والأرهاب بحق شعبه وبحق المسيحيين قاطبة دون تفرقة او تمييز .
عودة لعنوان المقال إذ بتكليف الأستاذ نيجرفان البارزاني لتشكيل حكومة جديدة هي السابعة منذ الأنتفاضة عام 1991 عكف اقليم كوردستان على تطبيق قدراً كبيراً من الأستقلال الذاتي حيث اجريت الأنتخابات عام 1992 وبعدها تشكلت اول حكومة مستقلة عن نفوذ بغداد ، واليوم يشهد الأقليم قيام الكابينة السابعة في سلسلة الحكومات المشكلة بعد الأستقلال الذاتي وهذه هي المرة الثالثة التي يكلف فيها الأستاذ نيجرفان البارزاني بترأس الحكومة .
هذه المرة يجري تشكيل الوزارة الجديدة في ظروف يمر بها العراق في ازمة سياسية خانقة والمنطقة تمر بتعقيدات الربيع العربي وسوريا تقف على فوهة بركان هائج . اما ساحة اقليم كوردستان فتنتظر افقاً سياسياً واقعياً وعقلانياً يتعامل مع تحديات الساحة العراقية والمحيط الأقليمي والساحة الداخلية لأقليم كوردستان .
في هذه الساحة ينبلج النور هادئاً مستقراً لنلاحظ ظاهرة الألتحام باللحظة السياسية المتفاعلة على الأرض لتنسج علاقات متينة متجددة وتجاوز العلاقات التي شابتها الهشاشة وانعدام الثقة ومحطات توتر ، فهل يمكن ان نشهد مرحلة تعززها ثقة عالية من الأوساط الشعبية التي ترفع صوتها لوضع حد للفساد الأداري والمالي ، والذي يعتبر بحق من اقوى التحديات التي تواجه هذه الحكومة وربما الحكومات القادمة ، فالفساد آفة مستشرية لا يمكن الخلاص منها لكن يمكن التقليل منها نسبياً ، فما هو معروف حتى الدول المتقدمة التي تشكل الشفافية اعلى مبادئها ، فيجري العثور على نقاط ضبابية في تلك الشفافية . وفي الحقيقة إن مكافحة الفساد هي مهمة جماعية يساهم بها المواطن والحكومة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني والصحافة .
من الذكريات العالقة في ذهني في احدى السنين على الحدود السورية اللبنانية ( كمارك لبنان ) كانت يافطة معلقة تقول القانون يحاسب الراشي والمرتشي ، اجل الصحيح ، الفاسد ليس من يأخذ الرشوة فحسب ، بل الذي يعطي الرشوة ايضاً ، لأنه ببساطة يحاول تجاوز القانون بحفنة من الدراهم ، فالفساد لا ينحصر في الموظف الحكومي بل في المواطن ايضاً ، لكن في كل الأحوال ينبغي ان تكون ثمة حكومة تأخذ على عاتقها مكافحة الفساد ، وليس ترويجه ، ففي العهد السابق صادف ان ركب معي شرطي مرور الذي كان راتبه الشهري لا يصل الى خمس دولارات ، فيقول ان الحكومة تقول لي بصريح العبارة ( دبّر حالك من المواطن ) فكان يرضى بالرشوة من السائق مقابل تغاضيه عنه حين مخالفته لقواعد المرور .
إن التحديات ليست محصورة في الفساد وطرق مكافحته إنما هناك التنمية البشرية ومكافحة البطالة وتضييق الهوة بين الطبقات الأجتماعية ، وهنالك مسألة مهمة وهي نشر ثقافة التعايش بين المكونات الكوردستانية ، إن تشريع القوانين بحرية الأديان والحريات العامة تحت حماية الحكومة ليست كافية ما لم تكون هنالك منظومة لنشر ثقافة التسامح والتعايش ، ويبدأ ذلك من المراحل الدراسية الأولى في حياة الطفل ، فالكتب المدرسية في مراحل دراسة الطالب تساهم بشكل كبير في تكوين ثقافته ورؤيته المستقبيلة للمكونات الدينية المختلفة .
 إن الأستاذ نيجرفان البارزاني عرف برؤيته الفكرية المنفتحة على الآخر وتركيزه على قبول الآخر المختلف دينياً ومذهبياً وعرقياً ، فإنه من مناصري العلمانية الليبرالية ، وهذا ما اوقف تفشي الفكر الإسلامي الأصولي ، فالأحزاب الإسلامية في كورستان تتمتع بخصوصية ملحوظة في قبول الأخر وفي التعايش معه . ونتمنى ان تتعزز هذه الحالة التي تضفي على اقليم كوردستان مشهد واحة مزدهرة وغنية بنسيجها الفسيفسائي الجميل المتعايش المتسامح ، ونتمنى ان تكون الأحداث المؤسفة في زاخو وغيرها من المدن في اقليم كوردستان في الشهر الماضي ان تكون الأخيرة وأن يستخلص منها العبر والدروس .
ونعود الى حقوق شعبنا الكلداني في اقليم كوردستان حيث اشرت اليها في مقال سابق وهي :
1 ـ إعادة اسم القومية الكلدانية الى مسودة دستور اقليم كوردستان وبما ينص عليه الدستور العراقي ، وسبق للرئيس مسعود البارزاني ان أفاد بان دستور اقليم كوردستان لا يجوز ان يخالف دستور العراق الفيدرالي في هذه المسالة .
2 ـ منح حقوق الشعب الكلداني بما يستحقه من الثروة والوظائف المخصصة للمكون المسيحي بشكل مستقل وبمنأى عن وصاية الأحزاب الآشورية .
 في الختام نقول ان ثقل الملفات ليس قليلاً إن كان على نطاق الساحة العراقية والملفات المتعلقة بين الأقليم والمركز او مسألة التعامل مع المعارضة فيما إذا كانت هذه المعارضة ستكون جزءاً من الحكومة او تقف الى الجانب المعارض ، وهنالك الحفاظ على لحمة التعايش المجتمعي لكي لا تفلت الأمور كما حدث في احداث زاخو ومناطق أخرى ، او مسالة منح الحقوق للمكونات الكوردستانية بما فيها شعبنا الكلداني .
 ثمة نظرة متفائلة نحو المستقبل في ظل عودة الأستاذ نيجرفان البارزاني الى قمة الهرم الحكومي حيث يسعى مقدماً الى تجسير العلاقات مع المعارضة للعمل في إطار حكومي موحد وهو المعروف بحركته وديناميكية ملحوظة وهو مطلع على كل صغيرة وكبيرة من معضلات اقليم كوردستان الداخلية والعلاقات مع الحكومة المركزية والدول المتآخمة للاقليم ، إنه في الحقيقة الرجل المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب .
 حبيب تومي / اوسلو في 31 / 01 / 12
[/b]

152
الأخوة في إدارة موقع عنكاوا لماذا نقلتم مقالي الموجه للاستاذ نيجرفان البارزاني الى منبر التسميات ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
عودنا موقع عنكاوا ان يقف على مسافة واحدة من كل الطروحات ومن كل الأفكار والتوجهات ، وهذه الحيادية والمهنية اكسبته تقدير واحترام ابناء شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين إضافة الى اوساط واسعة من مثقفي وكتاب العراق .
إن تعزيز هذه المكانة تتطلب ان الا تكون إدارة موقع عنكاوا طرفاً في المجادلات الدائرة بين اوساط شعبنا ، ولا شك هنالك تناقض واختلاف وتباين في الآراء ، فمن جانب ثمة المدافعين والحريصين على قوميتهم الكلدانية من ابناء شعبنا ، وبين الفكر الأديولوجي القومي الآشوري الذي يعمل على إلغاء التاريخ الكلداني والأسم الكلداني من منطلقات قومية متزمتة .
نحن الكلدان لا نستجدي احترام الاخرين فهذا حق لنا وسنعمل على فرضه ، في المجتمع البشري يجب الا يشعر اي انسان انه عرضة للاهانة والانتقاص والسخرية ، وكمال يقول امين معلوف :
 ان من حق الانسان ان يضطلع بكل انتماءاته مرفوع الرأس دون خوف او حقد . نحن نتعرض الى حملة شرسة في وضح النهار من قبل احزاب عنصرية ، فعلى موقع عنكاوا وعلى كل من يدعي بدفاعه عن حقوق الأنسان ان يقف مع شعبنا الكلداني في دفاعه عن هويته وعن تاريخه وعن كرامته الأنسانية .
الأخوة في إدارة موقع عنكاوا :
 ينبغي الا تكون إدارة الموقع طرفاً في الجدال الدائر ، وكما هو معلوم هو بين الضارب والمضروب او بين الجلاد والضحية ونحن الكلدان نحترم الجميع ، لكن لا نقبل بإلغاء هويتنا . ودفاعنا عن النفس حق مشروع وإنساني وينبغي على موقع عنكاوا ان يقف مع الحق  .
 في مقالي الأخير الموسوم : الأستاذ الموقر نيجرفان البارزاني حقوق الشعب الكلداني امانة في اعناقكم وضمائركم ، هو مقال سياسي بحت ، وانا خلال سنين كتاباتي الطويلة في موقع عنكاوا اعرف اين اضع مقالي ، وإنني اكتب على العموم في الشأن السياسي لشعبنا ، ولهذا اكتب بشكل مستمر في المنبر السياسي.
 لكن الغريب ان يقرر الأخوة في الموقع نقل هذا المقال الى منبر التسميات وتاريخ شعبنا ، فما علاقة هذا الموضوع السياسي بتسميات شعبنا ؟ واكثر من ذلك فإن الأخوة في الأدارة عزفوا عن نشره في الصفحة الرئيسية في الوقت الذي قرأنا في الصفحة الرئيسية مقالات تسئ بشكل واضح للبطريرك الكلداني وللمطارنة الكلدان الأجلاء .
 هل حجب مقالي لاني قلت ان المجلس الشعبي حزب سياسي ؟ ان لم يكن حزب سياسي فهل هو منظمة خيرية ام نادي اجتماعي ام تنظيم طلابي ؟ إن المجلس الشعبي يدخل الأنتخابات وينافس الأحزاب السياسية وحينما اقول حزب المجلس الشعبي ، هو شرف لهذا الحزب وليس انتقاصاً من قيمته .
قلت في مقالي الطائفة الآثورية وإن السيد يونادم كنا رئيس اكبر حزب مسيحي يجاهر ويقول الطائفة الكلدانية ، علماً ان الدستور العراقي يقول القومية الكلدانية ، وهو يخالف الدستور العراقي اولاً ويستفز مشاعر الكلدانيين دون وازع من ضمير . فلماذا تنشر كلمات يونادم كنا الأستفزازية على الصفحة الرئيسية للموقع ؟
 إن المجلس الشعبي وحزب الزوعا يستطيعان عن يدافعان عن نفسيهما ، وإن موقع عنكاوا لا يليق به ان يكون طرفاً ، فكما يحترم وجهة نظر الطرف الآخر فكذلك ينبغي ان يحترم وجهة نظرنا وأن يمنحنا نفس المساحة من حرية النشر كالتي منحها للطرف الآخر .
اخواني الأفاضل في إدارة موقع عنكاوا العزيز ، لم اخالف يوماً اصول وقواعد النشر المنصوص عليها في تعليمات موقع عنكوا ، ولا اقبل على نفسي إلا ان اخاطب الآخر الذي اختلف معه في منتهى التقدير والأحترام وإن استخدام الأسلوب الحضاري مع الآخر هو مبدأي في الحياة ، بقي الأختلاف في الرأي فمن حق الأنسان ان يكون له رأيه وفكره المستقل فعملاً بحرية الرأي ومبدأ احترام الرأي والرأي الآخر وانطلاقاً من ان موقع عنكاوا العزيز ليس طرفاً في هذا الجدل ، أكرر طلبي بإرجاع مقالي الموسوم : (الأستاذ الموقر نيجرفان البارزاني حقوق الشعب الكلداني امانة في اعناقكم وضمائركم ) الى المنبر السياسي وهو مكانه الطبيعي وكذلك اطلب نشره في الصفحة الرئيسية اسوة ببقية المقالات التي تكتب بشأن شعبنا المسيحي المتكون من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن .
 اتمنى للموقع دوام التوفيق والتقدم لما يخدم تراثنا وثقافتنا وتاريخنا وفي خدمة حرية الرأي والكلمة الحـــــــــــرة .
حبيب تومي / اوسلو في 29 / 01 / 12

153
الأستاذ الموقر نيجرفان البارزاني حقوق الشعب الكلداني امانة في اعناقكم وضمائركم    
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
كوردستان الواحة الجميلة تزدهر فيها المكونات المجتمعية منها الدينية والسياسية والقومية والأثنية والمذهبية ، القانون يسري على الجميع على الحاكم والمحكوم  ، ولهذا يسود الأمن والأستقرار والتعايش المدني في ربوعها وتترسخ البنية التحتية وتزدهر الحياة الأقتصادية ، وفي اقليم كوردستان تزدهر العملية السياسية ، وتتفاعل فيها الأحزاب المشاركة في السلطة او احزاب المعارضة لها ، والتي كان فوزها نتيجة انتخابات ديمقراطية توفرت ابواب الفوز امام الجميع ، فتولدت احزاب سياسية للمعارضة وهي حالة صحية وضرورية لسير العملية السياسية ، بعكس الأنتخابات التي جرت على نطاق العراق الفيدرالي ، الذي ظلت بنيته السياسية الى اليوم مبنية على اسس من الإفراز الطائفي للمكونات العراقية، وتألفت بنية التشكيلة الحكومية على اسس من المحاصصات الطائفية ، وغاب عنها عنصر المعارضة السياسية المألوفة في البلدان الأخرى .
في اقليم كوردستان ايضاً يجري تداول السلطة بشكل سلمي وسلس ، وهنا لا يمكن الزعم ان كوردستان هي سويسرا او السويد او النرويج ، بل هل جزء من العالم الثالث الشرقي الذي يعاني من تراكمات اجتماعية وثقافية في مسالة الفساد المالي والإداري ، وهيمنة الفكر القبلي عبر التاريخ ومسألة المحسوبية والمنسوبية ، كل هذه امراض تعاني منها كوردستان وينبغي ان تكون جزء من برامجها القضاء على تلك التراكمات ، كما ان المسؤولية تقع على كاهل الحكومة والمعارضة والصحافة الحرة .
اليوم يستعد رجل السياسة الشاب نيجرفان البارزاني ( 1966 ) للنزول الى ساحة العمل والمسؤولية في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العراق ويجري مشاوراته مع حزبه والأحزاب المتالحفة واحزاب المعارضة وإن طموحه الشبابي هو النجاح وتحقيق الرخاء الأقتصادي والتعايش المجتمعي المستقر . إن هذه الطموحات الكبيرة تتطلب تسليط سيف القانون على الجميع دون تفرقة ، وهذا ما يحافظ على كيان المؤسسات التي ينبغي عليها ان تبنى الدولة المدنية الديمقراطية العلمانية الليبرالية .
نقترب من عنوان المقال الذي يقول ان الأستاذ نيجرفان البارزاني معني بتحقيق حقوق الشعب الكلداني تبقى امانة في اعناقكم وفي ضمائركم ، اجل هذا الشعب هو المكون القومي الوحيد الذي بقيت حقوقه مهضومة في اقليم كوردستان ، الشعب الكلداني يجري التعامل معه بمنطلقات دينية ، ويدمج في معادلة المسيحيين ومن منطلق المسيحيين ايضاً يجري وضع كل الثروة والسلطات بيد الأحزاب الآشورية ( وهنا اقصد حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ) وهذا الحزب يفترض ان يكون منصفاً وعادلاً  في توزيع الثروة والسلطة والأعلام بين المكونات ، لكن مع الأسف هذه الحزب لم يتسم بالعدالة مطلقاً ، لقد جربت مع شعبنا الكلداني سياسة الجزرة والعصا ، فمن يخضع ويصبح عبداً لهم فله الجزرة ، وإن احتفظ بكرامته الأنسانية ولم ينبطح ولم يخضع لهم فتكون حصته العصا ، هكذا عومل شعبنا الكلداني في اقليم كوردستان وفي انحاء الوطن العراقي .
الشعب الكوردي له كرامته ولا يقبل بخضوعه وناضل من اجل حقوقه ، وكل شعب له الحق في الحرية والكرامة الإنسانية ، ومنها شعبنا الكلداني الذي يعامل وكأنه عبارة عن قطيع من العبيد ينبغي ان يتبع لأحزاب الآشورية . إن شعبنا الكلداني لا يقبل بهذه العبودية ، فكما للاكراد كرامة وكذلك للاثوريين وللأرمن .. ولغيرهم من المكونات فكذلك شعبنا الكلداني له كرامته الأنسانية وحقه في الحرية .
 الأستاذ الموقر نيجرفان البارزاني :
 إن كنتم تحترمون المكونات الكوردستانية في الأقليم بشكل عادل ومنصف فينبغي ان تمنح حقوق الشعب الكلداني بحصتهم من الثروة والسلطة بشكل مستقل عن هيمنة ودكتاتورية احزاب الآشورية ، كما ان حقهم ينبغي ان يضمنه الدستور الكوردستاني ، إذ جرى بشكل تعسفي  ومجحف مسح اسم القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ووضع بدلها تسمية ( كلداني سرياني آشوري ) التسمية التي تثير الضحك والسخرية ، فأي شعب يقبل على نفسه هذه المسخرة التي اخترعتها لنا أحزاب الطائفة الآثورية الراديكالية ؟
 نحن لا نقبل بالوصاية من الأحزاب الآشورية ، لدينا اسمنا التاريخي الكلداني ولغتنا الكلدانية الأصيلة وكنيستنا الكاثوليكية الكلدانية وطقوسنا الكلدانية ، وثقافتنا القومية الكلدانية ، فلماذا نصبح تحت وصاية الأحزاب الآشورية؟ نعم نحن جميعاً مسيحيون ، لكن عند المسيحيين قوميات مختلفة منهم الأرمن والكلدان والآشوريين والسريان والأقباط وغيرهم ، وكما هنالك من المسلمين العرب والأكراد والتركمان والفرس وغيرهم ، فلماذا نكون تحت وصاية الأحزاب الآثورية التي لم تكن ابداً عادلة ومنصفة منذ سنة 2003 حيث سلمت بيدهم السلطة والثروة ومصائر شعبنا من قبل الحاكم الأمريكي بول بريمر . لقد عملت الأحزاب الأثورية المهيمنة طيلة فترة إمساكهم بزمام الأمور على تحطيم ثقافتنا ولغتنا وقوميتنا في كل المحافل ، وعاملونا معاملة سيئة اقرب ما تكون الى معاملة الأسياد لعبيدهم ولحد اليوم .
 لهذا نطلب من سيادتكم إنصاف الشعب الكلداني المناضل الذي وقف الى جانب الشعب الكوردي وهو في عقود نضاله ضد الحكومات الأستبدادية ، وناضل  الى جانبه بالمال والسلاح والمقاتلين الشجعان وكلل نضاله المشترك مع الشعب الكوردي بكوكبة واسعة من الشهداء الأبرار . فأين موقفكم من حقوق هذا الشعب المناضل ؟
 اضع هذه المطالب امام سيادتكم ولتحقيق المساواة والعدالة ينبغي تحقيقها وهي :
اولاً :
 إدراج اسم القومية الكلدانية في الدستور الكوردستاني وكما كان قبل تبديله بالتسمية المشوهة الغريبة العجيبة . وايضاً بما يتناسب وينسجم مع دستور الدولة العراقية ، وإن الرئيس مسعود البارزاني بنفسه قال لا يجوز ان يتناقض دستور الأقليم مع دستور العراق في هذه المسالة . فلكي تنصفوا الشعب الكلداني النبيل ينبغي إدراج اسمه التاريخي الكلداني في الدستور الكوردستاني بشكل واضح ومستقل .
ثانياً :
 اشراك الشعب الكلداني في السلطة بمنأى عن هيمنة ووصاية الأحزاب الأشورية الدكتاتورية .
ثالثاً :
 توزيع الثروة المخصصة للمسيحيين بشكل عادل ومنصف وكذلك بعيداً عن هيمنة الأحزاب الآثورية ، التي تتصرف بهذه المبالغ بشكل غير شفاف وتستخدم لشراء الضمائر فيجري إهانة الكلدان قبل ان يمنحوا شيئاً منها ولدي دلائل ووقائع تثبت ذلك .
رابعاً :
 فضائية عشتار ينبغي ان يكون للكلدان حصة فيها فمن حقهم ان يكون لهم برامجهم التي تثقف الكلدان بتراثهم وتاريخهم واسمهم القومي الكلداني واهدافهم السياسية ، إن هذه الفضائية هي فضائية محتكرة للدعاية لاحزاب الطائفة الآشورية والتي اخذت لها في الآونة الأخيرة اسم تجمع احزاب شعبنا ، فأي احزاب هذه ؟ إن هذا التجمع بصريح العبارة اداة طيعة بيد حزبي الزوعا والمجلس الشعبي ومن يخالف رؤيتهما فله الويل والثبور .
خامساً :
 تخصيص كوتا للكلدان ، فالكوتا المسيحية تسيطر عليها احزاب الطائفة الآشورية المتمثلة في حزبي الزوعا والمجلس الشعبي ، فهؤلاء يهيمنون على الثروة والسلطات والإعلام وهكذا استطاعوا الهيمنة على كل المقاعد المخصصة للمسيحيين بفضل الأموال والأعلام الذي ينبغي ان يكون للمكونات الثلاثة بشكل متساوٍ ، فالمساوة والعدالة تقضي بأن ان تكون هنالك كوتا قومية يضمن حق الكلدان كما يضمن حق الآشوريين وغيرهم .
اضع هذه الأمور امام سيادتكم لكي تضمنوا المساواة والحقوق للجميع بشكل عادل وشفاف في اقليم كوردستان .
حبيب تومي / اوسلو في 25 / 01 / 12

154
 
التـنظيمات الكلدانية تدين وتستـنكر تصريحات النائب يونادم كنا !!

مكتب السيد رئيس الجمهورية فخامة الرئيس جلال الطالباني المحترم
مكتب السيد رئيس الوزراء دولة الرئيس نوري المالكي المحترم
الأستاذ أسامة النجـيفي رئيس البرلمان العراقي المحترم
 لا يمكن نكـران الحـقائق الدامغة من قِـبل أي كان ، مؤسسة مدنية أم أحـزاباً سياسية ، شخصيات عـلمانية أو دينية ، بأن شعـبنا واحد بمكوناته من الكـلدان والآشوريّـين والسريان ، تربطه عـوامل الدم واللغة والعادات والتقاليد الإجـتماعـية والموقع الجغـرافي في بلاد الرافدين ( العـراق الحالي ) ، من أعـلى قـمة في شمال زاخو وإلى أبعد نقطة في جـنوب الفاو. ونحـن نؤمن بذلك إيماناً قاطعاً ، دون مزايدة على سيادته ووحدته الوطنية ، مع تقييم وأحترام مكوناته التأريخية ، مستـندين إلى الدستور الدائم المُقـر من قِـبل الشعـب العـراقي في إستـفـتاء عام 2005 وفق المادة 125 ، فأي تصريح مناقض لفـقـراته ، يعـتبر جـناية بحق هذا الشعـب و تشويهاً للتاريخ  و مخالفة صريحة للدستور.
نحن ممثلو شعـبنا الكـلداني بأحـزابه ومنظماته ومؤسساته الإجـتماعـية والثقافـية والأدبية و شخـصياته المستـقـلة ، ندين ونستـنكـر بقوة تصريح السيد يونادم كـنا عـلى قـناة البغـدادية \ سحور سياسي ( بتاريخ 11
أب 2011 وكما هو مثبت عـلى الرابط التالي: 
http://www.youtube.com/watch?v=pg2iHQIa1c0
 
 ما نصّه (كل آشوري يعـتـنق المذهـب الكاثوليكي يصبح كلدانياً أوتوماتيكـياً ) ، والذي يعـني أنَّ الكلدان طائفة دينية منبثقة من الآشورية ، والكل يعلم بأن الكلدان مكون قومي عـراقي أصيل قائم بذاته ، وهو من الـمكونات الأساسية لشعبنا العراقي المتمثل بالعرب والكرد والتركمان والكلدان والآثوريين والأرمن، كما هو مثبت في الدستور العراقي.
  وفي الوقت الذي نطالب السيد يونادم كنا  تقدبم  اعتذارا رسميا الى الشعب الكلداني ، نطالب السلطات الثلاثة الموقرة ، رئاسة الجمهورية ، والحكومة الأتحادية ، والسلطة التشريعية (البرلمان) ، إنصاف الكلدان بإتخاذ الإجراءات اللازمة ، بحق عضو البرلمان العراقي السيد يونادم كنا ، بإعتباره رئيسا لقائمة الرافدين ، الحاصلة على ثلاثة مقاعد في البرلمان العراقي.
إنَّ القومية الكلدانية عراقية أصيلة جذورها في عمق التاريخ ، تلازم الوطنية الأصيلة ، و الشعب الكلداني ناضل و يناضل إلى جانب الحق وعدالة قـضية الشعب العراقي المتطلع إلى بناء وطن ديمقراطي حر ومستقل و له دورُه المؤثر والفاعل والنضالي في حركة التحرر الوطـني .

                                                  تجمع التنظيمات الكلدانية وهي :

1 ـ الحزب الديمقراطي الكلداني
2 ـ المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد
3 ـ المجلس الكلداني العالمي
4 ـ تجمع الوطني الكلداني
5 ـ الاتحاد العالمي للكتاب والادباء الكلدان
6 ـ منتدى المستقلين الكلدان
7 ـ اتحاد المهندسين الكلدان
8 ـ المعهد الكلداني الامريكي- سان دييكو/ كاليفورنيا

155
المضحك والمبكي ألا يُخاطب غبطة البطريرك مار عمانوئيل دلي باحترام وأخلاقية عالية
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

KHAHE AMMA KALTHAYA (خاهي عمّا كلذايا : ܚܵܗܐ ܥܡܐ ܟܠܕܝܐ)
ملاحظة : ارتأى بعض الأصدقاء من القراء الكرام ان احوّر عنوان المقال الى ما هو عليه الآن ، اقول لهم : شكراً على المتابعة والإهتمام .

لا شك ان الثقافة تعتبر اقدر العناصر التي تجمع الشمل وتزيل التوترات بين المكونات الدينية او السياسية ، وما يجدر بالمثقف ان ان يكون قدوة حسنة يقتدي بها الآخرون ، ويكون المنارة التي يهتدي بها بقية ابناء المجتمع على اختلاف مشاربهم بما فيهم السياسي ، كما ان المثقف يتحمل مسؤولية كبيرة في نشر الوعي في المجتمع وتأثيره يبلغ مديات كبيرة وليس أدل على ذلك ما لعبه المثقف في عقود العهد الملكي في المظاهرات والأنتفاضات ، وبعد ذلك كان المثقف يحمل راية النضال الطبقي ، وعلى نطاق العالم العربي شحن المثقف الجماهير بشعارات قومية ثورية فكان تحمس الجماهير للفكر القومي  العروبي وشاهدنا الحروب التي تمخضت عنها تلك الأفكار فالمثقف له دوره في توجيه وتوعيه الجماهير وفق رؤيته إن كانت اديولوجية شمولية او ليبرالية ديموقراطية .
ومهما كان من خطل او صواب تلك الأفكار فإن المسألة تبقى في دور المثقف والمفكر الذي يرفع المشاعل لأنارة الطريق ولنشر الوعي الذي يؤمن به هذا المثقف او المفكر . ولهذا اقول ان على المثقف تقع مسؤولية اخلاقية كبيرة وعليه ان يتحلى بعناصر حرية الرأي وحرية المعتقد وينبغي عليه ان يلعب دور المرشد الذي ينير الدرب للرجل السياسي وعليه ان يكون دائماً مع المبادئ الأخلاقية السامية قبل كل الشعارات الحزبية الأديولوجية .
إن المثقف حقه ان يمارس السياسة ويجوب دهاليزها وان يطرق بابها ، لكن عليه ان لا ينسى دوره الأساسي الأخلاقي حينما كان يعمل في حقل الأدب والفكر والتأليف .. لقد كان الزعيم التشيكي فاتسلاف هافل سياسياً من هذا الطراز حيث كان كاتباً مسرحياً ومعارضاً للنظام وقاد ما سمي بالثورة المخملية التي اطاحت بالنظام الشيوعي عام 1989 في ذلك البلد , وحتى عندما وصل الى مركز رئيس الجمهورية لم يتورط في احابيل السياسة بل بقي على مبادئه الأخلاقية التي نادى بها قبل ولوجه في عالم السياسة ، وهو من القلائل الذين تمكنوا من تفعيل السياسة مع الثقافة والأخلاق .
قرأت مقالاً لأحد الأخوة على موقع عنكاوا بعنوان غريب وهو :  "  المضحك والمبكي في بيان عمانوئيل دلي ( البطريرك ) وأنا اقول : ابدي استغرابي في ان يجد هذا المقال طريقه للنشر في موقع عنكاوا وهو بهذه الصيغة الغريبة ، وكما هو معروف  فإن المقال يعرف من عنوانه ، قبل ايام قام موقع عنكاوا بحذف احد المقالات كان ينتقد موقف البطريرك مار دنخا الرابع وهو مقال الأخ كوركيس مردو ولم يكن فيه اي دلائل تشير الى غياب عنصر الأحترام ، لكن مقال اليوم ينعدم فيه عنصر الأحترام من عنوانه ومع ذلك وجد طريقه الى النشر وهو بهذه الصورة ، واجتذب المقال عدد كبير من القراء والسبب بنظري يعود من استغراب القارئ الكريم في مقدار انعدام الأحترام لشخصية محترمة دينية يتبعها ويجلها مئات الآلاف من الشعب الكلداني الذين يحترمون تاريخهم وكنيستهم وقوميتهم  الكلدانيــــــــــة ، وهذا العنوان هو استفزاز رخيص لمشاعر هؤلاء الذين يجلون ويحترمون هذا الرجل الوقور ، من الناحية الأنسانية فإن عمره يستوجب الأحترام وكذلك مركزه الديني والكنسي المرموق  .
بالأمس القريب كان للبطريرك النسطوري مار دنخا الرابع رسالة رعوية بمناسبة العام الجديد واحتوت تلك الرساله على افكار إقصائية عنصرية ، وحينما انتقدنا تلك الأفكار خاطبناه بكل ادب واحترام بما يناسب مكانته الدينية والشخصية ، لكن تناولنا الفكر القومي المتعصب لديه . وحتى حينما نكتب عن السيد يونادم كنا نحترم شخصه ومكانته ونحاسبه وننتقده على فكره العنصري الأقصائي .
بعض كتاب شعبنا الكلداني الذين كانوا بالأمس يعتزون بقومتهم الكلدانية واليوم بعد ان ركبوا موجة الأحزاب الآشورية ، من اجل منصب معين او حفنة من الدريهمات ، بعض هؤلاء يتقمصون اسماء اشخاص من الدورة في بغداد وهم جالسون في ديترويت ، إنهم يفحموننا اليوم بمقولتهم الشهيرة من ان يونادم كنا والآخرين فازوا في الأنتخابات الديمقراطية وبالتالي لا يجوز الأعتراض عليهم .
فأقول لهؤلاء :
 الديمقراطية لا تعني صناديق الأقتراع فقط ايها السادة ، بل الديمقراطية منظومة ممارسات ومناهج ينبغي العمل بها ، فحينما يفوز يونادم كنا او غيره في الأنتخابات ليس من حقه إلغاء او الإستهانة بالشعب الكلداني الذي انتخبه ومنحه ثقته وعليه ان يكون مخلصاً لهوية ذلك الشعب وقوميته الكلدانيـــــــــــــــة لا ان يكون ناكراً لجميل الذين منحوه اصواتهم وثقتهم .
 إن دخوله قبة البرلمان لا تخوله بث افكار عنصرية فاشية ، لقد فاز هتلر وحزبه بانتخابات ديمقراطية حرة نزيهة ، لكنه ادخل شعبه ، بسبب افكاره ، الفاشية الأقصائية في اتون حروب مدمرة ، واليوم يمنع في اوروبا ترويج الأفكار الهتلرية العنصرية الأقصائية على الملاْ ، فكيف تقبلون بترويج فكر قومي اقصائي من يونادم كنا وحزبه في الوقت الذي نستنكر فيه الأفكار الهتلرية الإقصائية ؟ اين تطبيق لوائح حقوق الأنسان ؟  اين حرية المعتقد ؟ اين حرية الأنسان في الأنتماء والتصريح بهويته ومعتقده دون خوف ؟
بالأمس القريب منعنا صدام حسين وحزبه من المجاهرة بقوميتنا الكلدانية ومنع غيرنا من المكونات العراقية القومية الأخرى وبما فيهم الأكراد ، الى ان رضخ عام 1970 الى الأعتراف بالقومية الكردية بعد معارك قتالية طاحنة مع الأكراد ، رأى ان نتيجتها الى الخسارة ، فكان إقراره بالقومية الكوردية .
 السؤال المطروح إن كان صدام حسين والبعث منعوا عنا حرية كتابة اسم القومية الكلدانيـــــــــــــــــــــــة في استمارة  الأحصاء السكاني واجبرونا على كتابة بدلها القومية العربية فما هو فرقهم عن يونادم كنا وحزبه الذي يمنع هويتنا القومية الكلدانية ويسعى الى اجبارنا على كتابة القومية الآشورية بدلاً عن قوميتنا الكلدانية الأصيلة ؟ المنطق يقول هنالك تطابق كامل بين الطرفين .
الديمقراطية يا سادة يا كرام اهم ما تعنيه هو إلغاء الأستبداد والشمولية واقصاء الآخر ، وتعني احترام حرية الفكر والمعتقد ، الديمقراطية هي فلسفة متقدمة من التطور البشري ، هي منظومة متكاملة من مجموعة من العناصر وإن صناديق الأقتراع تشكل عنصراً واحداً من تلك العناصر ليس إلا .
ان يونادم كنا وبقية نواب شعبنا لا يجوز ان يخونوا الشعب الذي انتخبهم وفي مقدمة من اوصلهم الى مجلس النواب هو شعبنا الكلداني ، ويعتبر خائناً كل من يلجأ من هؤلاء النواب الى إلغاء القومية الكلدانيـــــــــــــــــــة من الدستور العراقي ، إنها خيانة للشعب الكلداني الذي انتخبهم ومنحهم ثقته ، وأتساءل هل يحق للنواب الأكراد إلغاء اسم القومية الكوردية من الدستور العراقي ؟ اليس هؤلاء نواب انتخبهم الشعب الكوردي ؟ لا ادري كيف يتكئ هؤلاء السادة الى مثل هذه الأفكار السقيمة ؟
كان بيان بطريركية بابل الكلدانية يحمل في ثناياه التذمر والشكوى من الظلم والتهميش الذي يتعرض له شعبنا الكلدانــــي في كل النواحي وبعد المغالاة وبعد ان طفح الكيل كما يقال ، فالضغط  يولد الأنفجار وهذا القانون الفيزياوي ينطبق على الجانب الأجتماعي ايضاً .
ان الذين انتخبناهم وفي مقدمتهم السيد يونادم كنا قد نكروا الجميل وبدأوا بمحاربة الشعب الذي انتخبهم وهنا اقول لهؤلاء اصحاب المنطق الأستعلائي الإقصائي :
إنظروا ماذا حل بنيرون وقارون وهتلر وموسوليني وبينوشيه ومبوتو وصدام وبن علي والقذافي ، وكيف كان مصير هؤلاء الى التهلكة فاستفيدوا من حوادث التاريخ القريب على الأقل .
نأتي الى الجانب الثاني من المعادلة حيث كانت رسالة البطريرك مار دنخا الرابع الذي حمل في رسالته ليس قليل من عنصر الأستهانة وإقصاء لتاريخ شعب اصيل ، اي اننا امام معادلة الجلاد والضحية ، فالأحزاب الآشورية تمثل جانب الجلاد ، وشعبنا الكلداني وكنيسته يشكلان عناصر الضحية . هذا هو الواقع .
 نحن نحترم الآشوريين وأحزابهم وكنيستهم وبطريركهم ، لكن الأحزاب الآشورية تعامل الشعب الكلداني الوديع المسالم باستخفاف وتهكم وإقصاء ، وفي التاريخ حين نزوحهم الى العراق في اعقاب الحرب العالمية الأولى كان الشعب الكلداني  هو المكون الوحيد الذي وقف الى جانبهم ، ومع الأسف يكافئون الشعب الكلداني اليوم ، بعد ان اصبح لهم شئ من المال والسلطة ، دأبوا على محاربته والتشكيك في تاريخه  ومحاربة اسمه وقوميته الكلدانيـــــــــــــــــــــــــــــــــة .
 هنالك  بعض الأخوة من الكتاب ، ومن منطلقات مخلصة ، يسعون الى إنهاء الخلافات ورأب الصدع ، فلهؤلاء كل التحية والمحبة ، لكن عليهم التوجه الى الجلاد وليس الى الضحية وأقول لهؤلاء وأكرر ما نقلته في مقال سابق من قول سعد زغلول : ( إن في الناس ناساً إذا رأوا ضارباً يضرب ومضروباً يبكي ، قالوا للمضروب لا تبكِ قبل ان يقولوا للضارب لا تضرب ) .
 كم يسعدني ان اقرأ خطاباً آشورياً منفتحاً يحترم الشعب الكلداني وطموحاته ويفتح قلبه الى العمل المشترك المبني على الندية والتكافؤ والتعاون الأخوي ، فهل نقرأ مثل هذا الخطاب يوماً ما ؟ يا ريت .
 حبيب تومي / اوسلو في 20 / 01 / 12

156
الشعب الكلداني يقف بقوة مع بطريركية بابل الكلدانية بعد ان طفح الكيل وطاله الظلم
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
(خاهي عما كلذايا)
من نافلة القول بأن الإرهاب والظلم والعنف لحق بجميع المكونات العراقية دون تمييز او تفرقة ، ومن بين هذه المكونات شعبنا الكلداني الذي طاله شتى صنوف الإرهاب وعمليات القتل والتهجير وحرق الكنائس والأغتيال وعمليات الخطف والأبتزاز ، ومع ان هذه العمليات طالت جميع المكونات العراقية ، إلا ان الشعب الكلداني تحمل صنفاً آخراً من الإرهاب ، وهو الأرهاب الفكري والأقصاء القومي ، فجميع مكونات الشعب العراقي لها الحق في الإفصاح عن هويتها القومية والدينية والمذهبية باستثناء شعبنا الكلداني لا يحق له ان يطلق على لغته "اللغة الكلدانية " ولا يسمح له بأن يجاهر بقوميته الكلدانية ، فسرعان ما توجه له تهمة الخيانة والتآمر وتمزيق وحدة شعبنا وهلم جراً .
إنه منطق اديولوجي تعسفي إقصائي حينما لا يسمح للمرء ان يجاهر بحرية في انتمائه وهويته لتلصق به تهمة الخيانة والتآمر وبث الأنقسام . هذا هو المنطق المفلج الذي تروجه الأحزاب الآشورية ذات التوجهات القومية العنصرية الإقصائية لكل من يخالفها في الرأي ، وهذا التوجه يخالف كل لوائح حقوق الأنسان في حرية المعتقد والرأي والأنتماء . ونحن نسأل هنا ، الم يكن صدام يوصم بالدكتاوتورية لأنه يمنع غير العرب من المجاهرة  بهويتهم القومية . فلماذا تلجأ بعض الأحزاب الآشورية الى نفس الأديولوجية وتريد تطبيق نفس المفهوم والأسلوب الأقصائي ؟
 لقد فعلت هذه الأحزاب كل ما في وسعها في دفن الهوية الكلدانية ، والعمل على تقويض اي تمثيل كلداني حقيقي في الدولة العراقية او في حكومة اقليم كوردستان .  ، فحولوا اسم لغتهم الى اللغة السريانية بدلاً من الكلدانية ، ومسحوا اسم القومية الكلدانية ليضعوا بدلاً منها مزيج يعرف بالكلداني السرياني الآشوري الذي هو عديم الطعم واللون والرائحة . وامتدت المسالة الى حرمان شعبنا الكلداني من حصته ونصيبه من الثروة والسلطة المخصصة للمسيحيين ، حيث ان هذه الثروة لا يحق للكلدان التمتع بها ، واشترط لمن يريد ان يستفيد منها ان ينبطح ويطيع بخضوع لكل ما تأمره هذه الأحزاب وبعكسه سيكون حرمانه من حصته من الثروة المخصصة للمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن . إنه سلوك منافي لأبسط القواعد الأخلاقية في التعامل وفي مبدأ احترام الرأي والرأي الآخر ، ومنافي لمنظومة التعاون الأخلاقي بين الشركاء الأنداد .
بالنسبة للمناصب فقد اصبحت في اقليم كوردستان حكراً على حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، وما يتناثر من موائده من فتات يلتقطه بعض ابناء شعبنا من الكلدان ، وهذه الحالة تنطبق بشكل اكثر وضوحاً في الحكومة المركزية التي جعلت من يونادم كنا الزعيم الوحيد والأوحد لكل المسيحيين وهو الذي يجود من مكرماته في منح هذا المنصب او ذاك لمن يشاء وكيفما يشاء .
إن الصورة الصارخة كانت واضحة باستماتة السيد يونادم كنا في جعل منصب رئيس ديوان الوقف المسيحي بحتمية مروره من تحت ابطه ، لكن رغم إرادته ورغبته في حينه فقد عيّن السيد رعد عمانوئيل بناء على توصية من بطريركية بابل الكلدانية وموافقة الطوائف الأخرى ، لكن يبدو ان يونادم كنا لا يقبل ان يعين هذا الكلداني ( الكافر الزنديق ) بهذا المنصب فعمل بكل قوته لاجهاض هذا التعيين ، وسؤالي البسيط ، ماذا لو كان بدل الأستاذ رعد عمانويل احد العرب او الأكراد او الأيزيدية او من الشبك او من الأرمن اومن اليهود او من الصابئة المندائيين او من أكلة لحوم البشر هل كان يونادم كنا يعترض كل هذا الأعتراض ؟
لا والله ما كان يعترض ،  لكن لأنه الأستاذ رعد عمانوئيل كلداني ويعتز بقوميته الكلدانية ، ولم ينبطح ، ولم يتملق ، ولم يذعن كما يفعل الأخرون ، ولهذا قاتل السيد يونادم كنا من اجل اجهاض تعيين الأستاذ رعد عمانوئيل ، وهنا اعرب عن دهشتي واستغرابي لهذه الكراهية وهذا الحقد العنصري لكل ما اسمه كلداني ، لا يوجد اي مبرر لهذه الحالة المتنافية مع حقوق الأنسان وكرامته .
إن غبطة البطريرك عمانوئيل الثالث دلي هو رجل المحبة والسلام ، ويحب العراق ولا يفرق بين ابناء العراق من المسلمين والمسيحيين والايزيدية والشبك ... كما انه لا يفرق بين المكونات المذهبية المسيحية من الكاثوليك والسريان والنساطرة ، لكن حينما تصل الأمور الى هذا المستوى من الظلم وكسر العظم  ولوي الرقبة فيصبح من المتعذر عليه السكوت بعد ان طفح الكيل ، فكان البيان الشجاع لغبطة الكاردينال عمانوئيل دلي بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ، يقول بيان بطريركية بابل الكلدانية وهو يخاطب دولة رئيس الوزراء نوري المالكي :
بعد ما بلغ السيل الزبى وبعدما فاض الكيل نتوجه اليكم يامن تعملون لتكونوا ابا لكل العراقيين جميعا على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم واطيافهم ..
 اجل إنه الظلم بعينه ان تصل الأمور الى هذا المستوى ، إن البطريركية الكلدانية تطالب الحكومة العراقية بالتعامل مع الشعب الكلداني وممثيله دون وصاية وساطة من الآخرين حيث ورد في البيان : ـ
((( اننا في الكنيسة الكلدانية أحرار في أتخاذ قراراتناونود ان تكون علاقتنا مع الدولة العراقية التي نحترمها ونجلها مباشرة بدون الحاجة الى وسيط , ولانسمح ولانقبل ان ,يتدخل كائنا" من كان, ومهما علت مرتبته او شأنه في قضاياها الداخلية او علاقاتها مع الدولة العراقية وان طلباتنا هي في حدود القانون ولانحاول ان نأخذحقا" ليس لنا ولكننا نرفض ليﱡ الذراع الذي يحاول البعض ممارسته معنا ,وفي هذا الاطار اننا لانوجه انذار ولكننا نوجه النصح في هذا الامر وعليه فاننا سنضطر اسفين, مجبرين,مكرهين الى قطع كافة انواع العلاقة والتعامل والانسحابمن ديوان اوقاف المسيحيين والديانات الاخرى ومن كل ما يتعلق باوضاع الكلدان المسيحيين معالحكومة العراقية حفظا لكرامتنا وكرامة ابناء شعبناأ ))) .
 كما تطرق البيان الى نقطة مهمة جداً حيث يجري فرض وصاية غير شرعية على شعبنا الكلداني من قبل السيد يونادم كنا الذي لم يتسم يوماً بالعدل والمساواة بين ابناء شعبنا ، فكان انحيازه الكامل في كل ممارساته لحزبه الآشوري ولمصلحته الشخصية .  وقد ورد في البيان حول ذلك فيقول :ـ
(((ان بعض السياسيين المسيحيين ونخص منهم بالذكرسعادة النائب يونادم كنا سكرتير الحركة الديمقراطية الاشورية .. الذي يقدم نفسه للشعب العراقي والعالم على انه ممثل المسيحيين وهذا لايجوز فهو يمثل نفسه وحزبه فقط لاغير ولقد دأب في احاديثه على تهميش الكلدان والاقلال من شانهم وتبخيس تاريخهم والاصرار على حصرهم في اطار مذهبي كنسي فقط , وهذه افكار عنصرية مقيته لايجوز ترويجها في العراق الجديد.ان نظرية الغاء الاخر قد ولى زمنها واصبحت من الماضي غير المشرف ,واذا كان له حق الاختيار للهوية والمعتقد والقومية فمن حق الاخرين ان يكون لهم نفس الفضاء من الحرية في الاختيار لا ان يفرض عليهم رغبات وخيارات لايرتضونها لهم ومن حق الكلدان ان يفتخروا ويجاهروا بقوميتهم الكلدانية وخاصة انهم يمثلون ما نسبته (70-75)%من مجمل مسيحيي العراق ))) .
أقول بهذه المناسبة لغبطة البطريرك الكاردينال عمانوئيل الثالث دلي الكلي الطوبة :
 إن شعبك الكلداني يقف معك بكل قوة في هذه الوقفة الشجاعة ، كما ان تلاحم مؤسسة الكنيسة مع شعبها يفتح الأفاق امام الكنيسة وأمام الشعب الكلداني لينال حقوقه كاملة  اسوة بالمكونات العراقية الأخرى والمكونات المسيحية من السريان والأرمن والآثوريين . وثق ان شعبك لا يقبل بوصاية الآخرين عليه ، لكن علينا ونحن في الزمن الردئ علينا ان نوحد خطابنا الواحد بين مؤسسة كنيستنا الكلدانية التاريخية العريقة بما فيها من غبطة البطريرك وحضرات المطارنة الأجلاء والكهنة الكرماء مع الشعب الكلداني من المستقلين ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب القومية الكلدانية الأصيلة ، ينبغي ان نشكل لحمة صلدة واحدة لنأخذ حقوقنا ونكون اسياد انفسنا ، ويكون لنا حصتنا من السلطة ومن الثروة والإعلام وبمنأى عن وصاية الأحزاب الآشورية المتزمتة .
إننا اليوم مع الراعي الأمين غبطة البطريرك الكلداني مار عمانوئيل دلي الكلي الطوبة ، وهو يصرخ مناشداً الضمائر الحية للوقوف الى جانب شعبه الكلداني الذي تستباح حقوقه امام انظار المسؤولين في العراق الفيدرالي وفي اقليم كوردستان .
 حبيب تومي / اوسلو في 15 / 01 / 12

157
وكانت الرحلة الأبدية لأبن القوش نوئيل قيا بلّو
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
اجل ان نوئيل قيا بلو بعد تقاعده رحل بعيداً عن القوش التي احبها وولد فيها وتربى ودرس وتزوج وتوظف وكتب عنها وعن كل تفاصيلها الحياتية والثقافية والتاريخية دون كلل . المربي الفاضل نوئيل قيا بلو امضى زهاء 30 سنة من عمره في مهنة التعليم وتخرج على يديه اجيال فيهم المعلم والمهندس والطبيب والفنان والأديب .. لقد كان المعلم نوئيل محور نشاطات المدرسة منها  الفنية والثقافية والمسرحية والفولكلورية .. وهو لم يقتنع في المكوث في تخوم التعليم بل توجه الى الكتابة والتأليف .
حينما نحدق في شطئان الذكريات القديمة نستشرف على جداول وغدران تنساب بين ثنايا الزمن فتجدل القصص والحكايات الدافئة عن الماضي الهادئ اللذيذ ، وفي محطة قصية من تلك الزوايا في الزمن المحدد بعام 1959 ، كانت المرحومة الوالدة قد امرتني بأن اذهب الى بيت قيا بلو لاشترك في فرحهم حيث ان ابنه الكبير نويل سوف يتزوج بعد ايام ، وحينما قلت لها ان الوقت لا زال مبكراً حيث بقي حوالي اسبوع على حفلة الزفاف ، قالت لي انهم ( بي خالوخ ) وعليك ان تكون حاضراً قبل الحفلة وبعدها ، وفعلاً اشتركت في التحضير للحفلة وكانت رقص الدبكة على ( منحلياثا) في فناء (حوش) بيتهم في محلة قاشا بجوار بيت خالي خيرو بلّو .
 كان المرحوم نوئيل قيا واحداً من عشاق القوش ، ونحن حينما نغادر القوش يكون شأننا مثل البحار الذي يشتاق لركوب البحر وحينما يبتعد المركب عن الساحل وتبدأ العملية الأزلية في رحلة الأمواج حيث المركب يتناغم معها صعوداً وهبوطاً ، ويبقى شأنها كريشة في مهب الريح يطلق البحار حكمته ليقول : آه إن الذين في الساحل لا يعرفون قيمته ، إلا حينما يركبون امواج البحر ويخوضون الصراع مع الرياح والأمواج التي تريد تمزيق الأشرعة وابتلاع المركب نحو ظلام الأعماق .
هكذا هي القوش التي غادرناها في ترحالنا في دول المهجر فالحنين والشوق الى القوش تبقى جذوته مشتعلة اينما تيمم وجهك في اصقاع الأرض . فنقول إن الذين في القوش لا يعرفون قيمتها إلا حينما يغادرونها ، إنها ببساطة تمثل الوطن ، ونحن ابنائها وأحدهم الراحل نوئيل قيا بلّو ، فإن القوش تسكن في دواخلنا ووجداننا اينما نرحل وحيثما نستقر ، إن غادرناها وابتعدنا عنها ، فإنها لا تغادرنا تبقى على وفائها ، لاتبرح مخيالنا ووجداننا فهي قد استقرت في ثنايا قلوبنا ما دامت هذه القلوب فيها نبض من الحياة .
 كما قلت ان القوش إن غادرتها فهي لا تغادرك لقد بقيت القوش في كيان نوئيل قيا بلو ووجدنا في كتاباته كان يدور في فضائها الجميل ينهل من ذكرياتها دون ان تبخل عليه ، إنها معطاء ، إنها تكتب عن نفسها وما عليك سوى ان تحضر ورقاً وقلماً وتخط ما تجود به ، إنها تمنحك تاريخها الجليل ، جبلها الهادئ الصامد ابد الدهر ، مروجها الخضراء ، بيادرها ، ديورها ، كنائسها ، ناسها الطيبين رجالها الأشداء ، بناتها الجميلات الرشيقات ، افراحها اتراحها ، بطولاتها ، طيبتها ..
لقد كتب المرحوم نوئيل قيا بلّو عن نفوسها ومحلاتها ومسرحها وتاريخها وعاداتها وتقاليدها وما تحتويه مكتبتي المتواضعة من كتابات المرحوم نوئيل قيا بلو فيها مقالاً عن شيرا دربان هرمز في مجلة قالا سريايا التي كانت تصدرها الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية من (الآثوريين والكلدان والسريان ) وذلك عام 1978 ، وكان قد كتب في نفس المجلة سنة 1977 مقالاً بالأشتراك مع غانم حنا نجار وبنيامين حداد عنوانه " الأحتفال بعيد الصليب في القوش " وكان قد صدر له عام 1988 كتاب تحت عنوان مار ميخا النوهدري ومدرسته ويقع بـ 95 صفحة من القطع المتوسط وراجعه الأستاذ بنيامين حداد .
 وكان قد صدر له عام 2003 كتاب تحت عنوان حوادث مهمة في تاريخ القوش الحديث ، وكان قد راجعه وقدم له الأستاذ سالم عيسى تولا . ويكتب في هذا الكتاب عن اعتزازه اللامحدود بأبناء القوش فيكتب عن شجاعتهم ص 137 :
هكذا تكون الشجاعة وهكذا تكون التضحية وهكذا يكون الحب لألقوش شبابها يفتدونها بأرواحهم ويخاطرون بحياتهم .. ولا يبالون بالموت في سبيل صونها وحفظها وسلامتها .
 بلدة تنجب مثل هؤلاء الشباب يعتمر قلوبهم كهذا الحب تستحق ان تبقى وتحيا مدى الدهور ، وفعلاً كان هذا سر بقاء القوش منذ أزمنة غابرة ..الخ
 الجدير بالذكر ان هذا الكتاب كان قد طاله بعض الأنتقادات اللاذعة من بعض الأبناء الذين وردت اسماء آبائهم وأجدادهم بهذا الكتاب بصورة غير مرضية ، ومقالنا هذا لا يتسع لتقديم قراءة نقدية للكتاب المذكور او إلقاء الضوء على محتوياته .
بنظري ان اهم بحث تصدى له المرحوم نوئيل قيا بلّو كان الذي سطره بالأشتراك مع المرحوم ايليا عيسى سكماني ، إذ كتبا دراسة شيقة ومهمة حول تاريخ التعليم في القوش ونشرت الدراسة في مجلة قالا سريايا (الصوت السرياني ) والتي كما مر قبل قليل كانت تابعة للجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية من الآثوريين والكلدان والسريان ، والدراسة هي في العددان التاسع عشر والعشرون في آب 1978 / كانون الثاني 1979 م  .
يقع البحث في صفحات 34 ـ 85 من المجلة ، ويتناول الموضوع منذ تأسيس المدرسة الأولى في القوش في القرن الرابع الميلادي على يد مار ميخا النوهدري ، وجاء في الدراسة ص35 ان الأطفال كانوا يداومون في هذه المدرسة ويتلقون العلوم الدينية بصورة رئيسية ويتعلمون اللغة الكلدانيــة والطقوس الدينية ، ويمضي الكاتبان الى ان فترة طويلة بقيت دون تدوين الى القرن الخامس عشر الميلادي حيث تأسست مدرسة باسم مدرسة القوش وكان مؤسسها القس اسرائيل الألقوشي (1541 ـ 1611 ) وكانت هذه المدرسة اكثر شمولية في مناهجها  كما يقول الكاتبان المرحومان نوئيل قيا بلو وايليا عيسى سكماني فيكتبان :
 إن هذه المدرسة انجبت عدداً من الكتبة والخطاطين الذين حافظوا على إصالة اللغة الكلدانيــــة ووضعوا فيها كتابات وإن لم تكن تمتاز بالبلاغة الكافية إلا انها ساهمت في حفظ التراث الكلداني من الضياع والأندثار .. ونمضي مع البحث حيث يتطرق الى خريجي هذه المدرسة ومؤلفاتهم ولم تتوقف مسيرة هذه المدرسة ، فيضيف الكاتبان ص37 ان مسيرة التعليم في القوش استمرت تؤدي رسالتها على خير وجه واغنت المجتمع الكلداني بإنجابها لمفكرين ومؤلفين وأدباء افاضل منهم :
القس دميانوس الراهب الألقوشي المتوفي سنة 1858 والقس ياقو يوحانا الالقوشي المتوفي في النصف الاول من القرن التاسع عشر والمطران توما اودو المتوفي عام 1918 والقس اوراها شكوانا المتوفي عام 1930والقس هرمز يوسف عبيا المتوفي عام 1965 والقس فرنسيس حداد المتوفي عام 1942والمطران يوسف بابانا المتوفي عام 1973 والخوري يوسف كادو المتوفي عام 1971 والمعلم يوسف ميخا رئيس المتوفي عام 1968 وغيرهم من المؤلفين والخطلطين والكتاب . وانتقلت الدراسة الى فترة التعليم في القوش في الفترة 1850 ـ 1900 وجاء في دراستهم ان المدرسة اتسمت عبر مسيرتها بأن تكون اللغة الكلدانيــة محور الدراسة إضافة الى تعليم اللغات العربية والفرنسية والتركية والتاريخ ومبادئ الحساب .. الخ ثم تأتي الدراسة الوافية الى المراحل الأخيرة من تأسيس المدارس والثانويات لكلا الجنسين .
 كان المرحوم نوئيل قيا بلو يسعى وراء المعلومة ويبذل جهوده لكي يكون بحثه وافياً وسيبقى ما خطه قلمه جزء من تراث القوش الثقافي .
لقد فقدت ساحتنا الثقافية كاتباً وأديباً ومتمكناً من اللغة الكلدانية وصديقاً حميماً لألقوش وتراثها وتاريخها وفولكلورها .
 رحم الله نوئيل قيا بلو وتعازينا القلبية لعائلته الكريمة ولكل اوجاغ بلّو الكرام .
حبيب تومي / اوسلو في 12 / 01 / 12

158
ورحل الصديق منصور بجوري الى الأخدار السماوية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
منصور بجوري الشخصية الألقوشية الكلدانية العراقية المحبوبة ، رحل من هذا العالم الى الأخدار السماوية بعد ان ترك بيننا ذكريات جميلة لأنسان احب الجميع وأحبه الجميع .
 يصعب الحديث عن الموت وتصاب الكلمات والجمل بالحيرة لا سيما إذا تعلق الأمر بصديق عزيز ، وعموماً فإن الموت هو الزائر الطارئ الذي لا  يطرق الأبواب ولا يطلب السماح بالدخول ، بل يدخل واثقاً من عمله ، إنها الحقيقة المطلقة ، ربما الوحيدة ، التي تقول ان لكل بداية نهاية ، وهذه الحقيقة لا ندعي بل نجزم بمعرفتها فنؤكد الى ما يؤول اليه مصير الأنسان بعد سنين حياته المحصورة بين الولادة والموت .
 حينما يولد الطفل لا ندري عنه ماذا سيكون مصيره ، وهل يكون غنياً ام فقيراً ، عالماً ام امياً ذكياً ام غبياً ، رئيس جمهورية ام فراش في إحدى الدوائر ، رجل دين ام رجل سياسة ، مجرماً شريراً ام قديساً ام مصلحاً اجتماعياً ، أجل إن هذا الطفل امامنا كالمعدن الخام لا نعرف كنهه ، لكن كما قلت ، ان الشئ الوحيد الذي نعرفه حق المعرفة ان هذا الطفل سيكون الموت مصيره بعد لحظة من الزمن ، إذا اخذنا بمقاييس الزمن السرمدي .
الأنسان الذي رحل عنا بهدوء هو منصور بجوري ( ابو لهيب ) الإنسان الذي يجمع في شخصيته خصال كثيرة ، ولكن قبل الحديث عنه ، نذكر القارئ الكريم بآل بجوري وهي عائلة القوشية عريقة ، في 1959 كان هنالك وفد من شباب ووجهاء القوش متوجهاً الى قرية بيدا للتوسط وبذل المساعي الحميدة لأنهاء العداوة بين بيت حجي ملو المزوري وعائلة الشيخ محمد في بيرفكان ، وفجأة في الطريق توفي اثر ازمة قلبية هرمز بجوري وهو احد اعضاء الوفد المهمين ، وكان حدثاً كبيراً القوش إذ عاد الوفد ونظم موكب مهيب لدفن المرحوم هرمز بجوري حضره اعداد كبيرة من الأكراد وهم منكسين بنادقهم احتراماً للراحل وهو يقوم بعمل إنساني .
وفي مطاوي الستينات كان المرحومين اكرم بجوري واسكندر بجوري ضمن صفوفنا مع توما توماس في قاعدة بسقين . وكان المرحوم ميخا بجوري من المدرسين الناجحين ، وبعد ذلك رحل حنا بجوري ، واليوم نودع منصور بجوري . وها هو الصديق صباح بجوري يكتب في رثاء عمه منصور بجوري ويقول :
 آه يا نفسي لقد رحل الاخوة والاقارب والاصدقاء الواحد تلو الاخر وتركوني وحيدا كورقة اصفرت على عود اجرد في فصل الخريف تتساقط الاوراق التي كانت تحميها من  هبوب الرياح  وزخات المطر.
اجل ايها الصديق العزيز صباح ، هكذا يكون ناموس الحياة اوراق تتساقط وأغصان تتهاوي لتتبرعم اغصان جديدة وتخضر اوراق وارفة ، انه ناموس الحياة يرحل جيل ليعقبه جيل آخر هكذا كانت الحياة ووفق هذا الناموس ستكون ديمومتها وسيرورتها الى ابد الآبدين .
 وأعود الى الراحل منصور بجوري لأذكر بأنه كان مستمع ممتاز ويقبل الرأي الآخر برحابة صدر ، إنه مناضل عراقي متأثر بالفكر اليساري يحب  العراق ويحب القوش ونتيجه افكاره ومواقفه طاله الأعتقال والفصل من الوظيفة والتشريد ، كان رجلاً تملؤ الأحلام قلبه في تحقيق آمال شعبه ، وهو شماس في الكنيسة ، مثقف من الدرجة الأولى ، ضليع في اللغة العربية ، مربي فاضل ومعلم ناجح في عمله حيث عمل في خدمة التعليم ما يربو على 30 سنة فتخرج على يده اجيال بلغوا مراحل عالية من العلم والوظائف .
من زامل منصور بجوري وجد فيه الأبتسامة الدائمة والروح الطيبة وسرعة البديهة وحضور النكتة البريئة في كل المناسبات  ، وله قابلية مصاحبة الكبير والصغير ، متواضع يسعده خدمة الآخرين مما عزز من مكانته الأجتماعية في المجتمع ، إنه شخص اجتماعي بكل معنى الكلمة ، وكان حضوره حينما نزور عائلة من العوائل لحل معضلة المّت فيها فيكون لمنصور بجوري مكانته وله هيبته وكلمته .
تعرفت عليه في نادي بابل الكلداني في بغداد ، وشعرت بأول لقائي وكأن معرفتي به تمتد الى سنين  ، وكان منصور بجوري عضواً نشيطاً في النادي فيعمل في اللجان التي يكلف بها ومن جملتها اللجنة الثقافية واللجنة الأجتماعية . وكان يساهم بنشرة نادي بابل الكلداني  ، صدى بابل ، وغالباً ما يكتب بأسم مستعار وذلك من باب التواضع لا اكثر .
 بعد نيسان 2003 حيث انفتحت ابواب الهجرة وتعاظمت اسبابها ، وكنا من الذين ركبوا هذه الموجة ، فالتقيت به في عمان بالأردن ، وعرف بأن ابني سوف يتزوج في النرويج ، فسلم لي في اليوم التالي ورقة مكتوبة بخط يده فيها الصلاة المطلوبة لبركة العريس والعروسة ، خابرته في كندا ، فكان منصور بجوري الإنسان الطيب المرح نفسه لم يتغير فلم يترك المخابرة تفوت دون قفشاته وتعابيره المحببة .
مهما كتبنا عن منصور بجوري سوف لا نوافيه حقه ، وهكذا سيبقى هذا الأنسان حاضراً في أفق ذاكرتنا كصديق طيب محبوب .
تعازينا القلبية لعائلته الكريمة ولكل عائلة (اوجاغ ) بجوري الطيبين .
حبيب تومي / اوسلو في 02 / 01 /12

159
الى إدارة موقع عنكاوا كيف تقبلون بنشر هذه الأراجيف ؟
 لا استطيع  ان افسر جعل موقع عنكاوا منبراً للحاقد الذي  ينتحل اسم متي حنا البازي ليكون حراً بنشر اراجيفه  وسخف اخباره ولينشر بكل حرية وبوقت واحد  على المنبر السياسي والمنبر الحر وأخبار شعبنا ، وتبقى هذه الترهات منشورة على منابر  موقع عنكاوا وتقرأ من قبل مئات القراء دون ان ينالها حذف الرقيب : إنه يقول :
ماذا سيقول رئيس واعضاء الاتحاد العالمي للكتاب الكلدان عن فضيحة علاقتهم بقتلة ومهجري  شعبنا من الموصل !!
هل لنا علاقة بقتلة ومهجري شعبنا ؟ ما هذا الهراء ؟
هل ان موقع عنكاوا مقتنع بعلاقة اتحادنا ( الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ) بقتلة ابناء شعبنا في الموصل ؟ وإلا كيف تقبل إدارة الموقع بمثل هذه الأراجيف وهذه الطعون السخيفة بحقنا ؟ وتقبل ان تبقى منشورة بأكثر من منبر من منابرها ؟
حبيب تومي
 رئيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان

160
مناقشـة هادئـة جداً للرسـالة الرعويـة لقداسـة البطريـرك مـار دنخـا الرابـع
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
والله اكتب هذا المقال رغماً عن إرادتي ، إذ لم اكن ارغب في طرق هذا الباب، ولكن حينما يضربك احدهم ينبغي ان تبدي شكواك من الألم وهذا اضعف الأيمان كما يقال . ومن يريد ان يعاتبني على المقال فأرشده على قول سعد زغلول الذي قرأته قبل ايام في احد المقالات لا اتذكر كاتبها يقول :
إن في الناس ناساً إذا رأوا ضارباً يضرب ومضروباً يبكي ، قالوا للمضروب لا تبك قبل ان يقولوا للضارب لا تضرب .
قرأنا رسالة الكردينال البطريرك عمانوئيل الثالث دلي الرعوية وكذلك رسالة الميلاد لغبطة بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان والرسالة الرعوية لقداسة البطريرك مار ادي الثاني ، والرسالة الرعوية للمطران لويس ساكو ، وقد قرأنا في هذه الرسائل المعاني السامية للمحبة والتعايش والسلام كما قرأنا الرسالة الرعوية لقداسة مار دنخا الرابع وكان فيها ايضاً الكثير من الكلمات المفعمة بروح المحبة والتعايش والسلام .
 لكن لا يخف على ذي نظر مدى احتواء الرسالة الأخيرة على الجانب السياسي ، وليس لنا اي نقد او تحفظ إن كان الدخول في الإطار السياسي من اجل مناصرة الشعب المسيحي في وطنه ، لكن تحفظنا واستغرابنا هو التخوم التي وصلت اليها الرسالة في محاذات والتناغم مع الفكر الأقصائي الموازي لفكر السيد يونادم كنا رئيس الحركة الديمقراطية الآشورية ، الحركة التي تتميز بفكرها القومي الإقصائي المتعصب ،حيث يقحم الذاكرة تصريحه المثير للجدل  لقناة البغدادية في برنامج سحور سياسي ، في قوله : ان كل آشوري ينخرط في الكنيسة الكاثوليكية يصبح كلداني . لا نكرر ردنا السابق على هذا الطرح المضحك السطحي ، والتي تتطابقت مع افكار صدام حسين الإقصائية الذي عمل وسعى الى صهر الجميع في بودقة الفكر العروبي .
وسنبقى في ما ورد في رسالة البطريرك مار دنخا الرابع حيث تخالف بشكل جلي ابسط مبادئ حقوق الإنسان في حريته في معتقده وانتمائه وفي فرض الوصاية عليه ، وليس من حق اي انسان مهما بلغ مركزه ان يلغي حق الآخر في الحرية والكرامة فيقول في رسالته : بشكل واضح ما يخالف حقوق الأنسان وكرامته ، وحينما نقرأ عبارة تقول :
اليوم نَحنُ المسيحيين الذين نعيش في بُلدان المشرق نُعرفُ بأسماء ثلاث كنائس: وهي الكنيسة الكلدانية، الكنيسة السريانية، وكنيسة المشرق الآشورية. كمسيحيين مؤمنين يجب أن نحب ونحترم ونعمل معاً كأعضاء قطيع مسيحي واحد، وكأمةٌ واحدة، لسنا ثلاث أُممٍ، لكن أمةٌ واحدة وشعبٌ واحد، بالدم، بالتاريخ، باللغة. وكلنا كأمةٌ آشوريةٌ مسؤولين لكي نُحافظ على سلامة أبناءُ أمتنا كشعبٌ واحد... كأمة واحدة: يجب أن تفتخروا وتتشرفوا لأنكم آشوريين، يجب عليكم المحافظة على لغتكم الآشورية الأم، ثقافتكم، تاريخكم، ومحبتكم تجاه بعضكم البعض تكون طاهرة وحقيقية (انتهى الإقتباس)
إنه تورط واضح في فكر ايديولجي شمولي في إلغاء الآخرين وصهرهم في بودقة الفكر القومي العنصري ، نحن نحترم انتماءكم مهما كان ، وكان ينبغي ان تبدي نفس القدر من الأحترام خصوصاً لشعبنا الكلداني وقوميته الكلدانية ، القومية العراقية الأصيلة . ونحن في هذا المقال ننناقش  الجانب السياسي لرسالتكم الرعوية في العام الميلادي الجديد .
يقول حنا بطاطو في كتابه العراق الطبقات الأجتماعية والحركات الثورية في العهد العثماني حتى قيام الجمهورية ج1 ص31 يقول : في مطلع القرن الحالي لم يكن العراقيون شعباً واحداً او جماعة سياسية واحدة . وهذا لا يعني الإشارة فقط  الى وجود الأقليات الدينية والعرقية والدينية في العراق ، كالأكراد والتركمان والفرس والآشوريين والأرمن والكلدانيين واليهود والأيزيديين والصابئة وآخرين فالعرب انفسهم الذين يؤلفون الأكثرية ، يشكلون الى حد بعيد ، من جملة المجتمعات المتمايزة والمختلفة في ما بينها والمنغلقة على الذات بالرغم من تمتعهم بالسمات المشتركة .
كما ان معاهدة سيفر سنة 1920 قد اعترفت بحقوق الشعب الكلداني القومية في وطنه العراقي ، إضافة الى ان الدستور العراقي يشير بشكل واضح الى القومية الكلدانية ، وسوف يكتب اسم القومية الكلدانية في دستور اقليم كوردستان ، إذ لا يقبل الشعب الكوردي والقيادة الكوردية ان تكون ظالمة لحق شعب عريق في هذه الديار ، ولا يمكن ان يقبل الشعب الكوردي بأن يكون ظالماً وأن يتبنى افكار إقصائية عنصرية بحق الشعب الكلداني  .
إضافة الى ذلك قداسة البطريرك مار دنخا الرابع ، اقول : بأن اسم الكلدانيين مكتوب في الكتاب المقدس 90 مرة اجل 90 مرة بالتمام والكمال ، اعتباراً من سفر التكوين الى اعمال الرسل بصيغة : اور الكلدانيين ، جيش الكلدانيين ، على يد الكلدانيين ،  أرض الكلدانيين ، مملكة الكلدانيين ، ملك الكلدانيين ، أدب الكلدانيين ، علوم الكلدانيين ، نسل الكلدانيين ... الخ ومن المؤكد انكم درستم الكتاب المقدس بشكل معمق .
ولا ادري كم مرة يجب ان يذكر الكتاب المقدس اسم الشعب الكلداني لكي تصدقون وتقتنعون .
 ولكن لا اريد ان هنا تأكيد وجود الشعب الكلداني وقوميته الكلدانية ، لكن فقط اريد ان اناقشكم من باب حقوق الأنسان التي تعني اهم جوانبه حرية الأنسان في معتقده وهويته ودينه ومذهبه وقوميته ولغته .. دون فرض الوصاية عليه ، وإذا حجبت عنه هذه الحرية مهما كانت الأسباب لا سيما السياسية كالتي فرضها كمال اتاتورك لخلق مجتمع متجانس في تركيا ، او التي كان يفرضها صدام حسين على الأقليات القومية ومنها شعبنا الكلداني او من السيد يونادم كنا الذي يلغي مفهوم القومية الكلدانية ، ولا نعاتبه على ذلك لأنه ربما لم يقرأ الكتاب المقدس او لم يعجبه درس التاريخ في المدرسة ولهذا اطلق فلسفته  المشهورة بأن كل آشوري يتصل بروما هو كلداني ، فيبدو ان نبوخذنصر ونبوبلاصر قد اتصلا بروما ولهذا اصبحا ملكان كلدانيان !!
قداسة البطريرك مار دنخا الرابع الموقر ، لقد عرّف ارسطو السياسة بأنها علم الرئاسة، ولا شك ان ذلك يحتاج الى كثير من التحايل والدهاء وأساليب في استمالة الآخرين ، إذ في كثير من مفاصلها تخالف الأخلاق ، فإن هذا العمل يحتاج إلى قدر هائل من التحايل والألتفاف على القانون في بعض الحالات والكذب ... الخ اي ان العمل السياسي هو كالدخول الى الغابة حيث صراع الوحوش فيضطر المرء في كثير من الأحيان ان يخالف انسانيته ومبادئه التي يؤمن بها .
 بالنسبة لرجل الدين حينما يطرق ابواب السياسية ليس محرماً عليه ذلك ، لكن ينبغي ان يكون في إطار مفهوم المساعي الحميدة وإطار حمامة السلام مثلما يتصرف بابا الفاتيكان في روما حيث يدافع بشكل مستمر عن حق الضعفاء في الحرية ويدافع عن حرية الأنسان التي تعني في المقام الأول حرية المعتقد والأنتماء ويبارك التنوع إن كان متفقاً معه او مخالفاً له  .
 وفي الختام كان ينبغي ان تكون الرسالة الرعوية غير محددة  بحدود الكنيسة الكلدانية والسريانية والآشورية بل كان ينبغي ان تمتد الى الكنيسة الأرمنية والكنيسة الشرقية القديمة التي مقرها بغداد .
ونحن نودع اليوم الأخير الذي انسلخ من عمرنا وتوارى في تضاعيف الزمن الأبدي .
 اقول : في استقبال العام الجديد كل عام وانتم وشعبنا العراقي وشعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والأرمن والاشوريين بخير .
حبيب تومي / اوسلو في 31 / 12 / 11

161
الطبقة السياسية في العراق تتحاور عبر المفخخات والعبوات الناسفة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
تشكلت الدولة العراقية الحديثة في سنة 1921 من قبل بريطانيا وعلى خلفية تفكك الأمبراطورية العثمانية ، وتتويج الملك فيصل الأول ملكاً على العراق ، يمكن الزعم ان هذا الملك ، الذي لم يكن عراقياً لكنه عمل من اجل وحدة العراق ومن اجل إرساء دعائم دولة عراقية حديثة ، وبعد 38 سنة سقط النظام الملكي بيد مجموعة من الضباط المغامرين لمعظمهم افكار قومية عروبية ، عازفين على وتيرة الوطن العربي الواحد دون الألتفات الى مصلحة الوطن العراقي اولاً ومن ثم الوطن العربي ، وكانت الأفكار الناصرية العروبية لاهبة لمشاعر الملايين في العالم العربي ، وبعد ذلك كانت سلسلة من الأنقلابات ، الى ان استقر البعث في الحكم ، لكن فترة البعث كانت ايضاً زاخرة بالحروب والصراعات  الداخلية ، فكان العنف في معظم المراحل عناوناً رئيسياً للمشهد العراقي بدل الأستقرار والبناء .
بعد 2003  لم يختلف المشهد ، بل اخذ منحاً خطيراً حينما رتبت الأمور بجهة الأستقطابات المذهبية وان المناصب والسلطة يجري توزيعها وفق المحاصصة الطائفية .
لم تنتهي يوماً العمليات الإرهابية بشتى اشكالها الدموية لكن يمكن الزعم ان وتيرتها قد خفت مقارنة مع السنين 2005 و 2006 ، وفي كل الأحوال بقيت مظاهر تقسيم مدينة بغداد مثلاً  فلا زالت الحواجز الكونكريتية تتاخم المعالم البارزة في بغداد منذ 2003 م .
الأنتخابات وصناديق الأقتراع لم تكن حاسمة في إنهاء النزاعات على السلطة ، ففوز العراقية بالأكثرية لم يؤهلها لتحكم لتكن على رأس الحكومة ، بل كانت الأجتهادات والتحالفات على هامش النتائج هي التي قررت من يكون على رأس السلطة ، ومن هنا احتدم الصراع وزادت وتيرته ، لكن تدخل الجهات التي يهمها الأستقرار في العراق ، ومبادرة البارزاني ، كانت الكفيلة بإخراج العراق بعد تعلقه في عنق الزجاجة ، وانشرحنا لحلحة الأزمة السياسية وشكلت الوزارة بعد توافقات مارثونية صعبة .
لكن التوافقات الهشة كانت في كثير من مفاصلها مبنية على نظرية ( السكوت) على فضائح او فساد الآخر ، فالمصلحة الوطنية كانت آخر المراهنات بل يمكن الزعم انها مفقودة . إن اي خلاف او تلكؤ في العملية السياسية تكون مصاحبة لسلسة من التفجيرات الدموية إن كانت بأحزمة او عبوات ناسفة او لاصقة او بالسيارات المفخخة .
 ليس بعيداً إن اخذنا اقليم كوردستان مثلاً ، فإن الخلافات مع الأحزاب الحاكمة تحل في داخل البرلمان او باجتماعات واتصالات جانبية او بمقاطعة اجتماعات البرلمان او الوزارة ، ولم نسمع ان اي طرف يستخدم العنف الدموي لحل معضلاته السياسية .
إن لغة العنف هي المفهومة بالعراق ، ومع الأسف ان المواطنين الأبرياء هم الضحايا ، اما الساسة فلهم سياراتهم الواقية ضد الرصاص ولهم حراسهم ، فيكون الضحية المواطن المسكين .
إن لغة العراق في تفضيل العنف هي السائدة ، وإن تقسيم العراقيين الى مجموعات كل منها يريد فقط ان ( يحود النار لكرصتة ) ومن بعدي فلا نزل قطرٌ . هكذه كانت ثقافة العراق في العصر الحديث فها هو المرحوم الملك فيصل الأول يكتب في مذكراته السرية (حنا بطاطو ، العراق ج1 ص44 ) :
(( أقول وقلبي ملآن أسى أنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد ، بل توجد كتلات بشرية خيالية خالية من اي فكرة وطنية متشبعة بأباطيل دينية ، لا تجمع بينهم جامعة ، سماعون للسوء ، ميالون للفوضى ، مستعدون دائماً للانقضاض على اي حكومة كانت ، نحن نريد والحالة هذه ان نشكل من هذه الكتل شعباً نهذبه وندربه ونعلمه ، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف ، يجب ان يعلم ايضاً عظم الجهود التي يجب صرفها لأتمام هذا التكوين  وهذا التشكيل )) .
اجل لم يتبدل شئ جذرياً فالوطن مقسم بين ولاءات دينية ومذهبية طائفية ، وهي مرشحة للاستخدام بيد اي فريق لا يعجبه الوضع ولم تصله قطعة من الكعكة التي يريديها . وفي المرحلة العصيبة الراهنة نلاحظ تخبط العملية السياسية وكأن الساسة المتربعين على قمة هرم السلطة يسترخصون دماء الناس ويحلو لهم مشاهد برك الدماء والأشلاء المتطايرة ، حقاً انه توحش ودموية لا مثيل لها دون ان نلاحظ اي عقاب صارم لمرتكبي هذه الجرائم .
العراق اليوم تحوم في اجوائه السياسية مشاكل كبيرة ، انسحاب القوات الأمريكية والشكوك في قدرة وجاهزية القوات الأمنية العراقية ، الخلافات الحادة بين كتلتي العراقية ودولة القانون ، كتبت صحيفة تلغراف البريطانية تناولت الأحداث المتسارعة في العراق، منذ انسحاب القوات الأمريكية ، تحت عنوان: "تفجيرات العراق.. نوري المالكي يعلب بالنار عبر إضرام العنف المذهبي." وبدورنا نتساءل من يتحمل مسؤولية دماء الأبرياء .
 هل من اجل المناصب يمكن ان نحطم الوطن ؟
 إن كل المسؤولين ينطقون على الدوام بكلام فلسفي منسق وجميل في مواعظ ونصائح للوطنية والإخلاص للوطن وللشعب ، لكن كل ذلك ممكن بشرط ان لا يمس الكرسي الذي يجلس عليه فهنا الخطوط الحمراء حيث يذوب الوطن والشعب في بودقة المصلحة الشخصية او المذهبية هذا هو الواقع ، وفي العراق على مستوى المسؤولين توظيف كبير لمسألة الطائفية المذهبية هذا هو الواقع ، وما يقال عن مصلحة الوطن العراقي فإنه كلام الليل يمسحه واقع اللهاث وراء المصالح الخاصة .
 الأخلاص للوطن مفقود بين الساسة الذين يقفون على رأس السلطة .
 ولو كان هناك إخلاص ووفاء للوطن لما كان العراق لحد اليوم بعد تسع سنوات غارقاً في الظلام وغارقاً في الفاساد الإداري والمالي .
 ولما كانت السدود الكونكريتية حاجزة بين ابناء الشعب الواحد في المدينة الواحدة وفي المحلة الواحدة .
 ولما كانت بغداد تقبع في المركز 220 في اخر المدن التعيسة في العالم .
 العراق بلد ممزق بكل معنى الكلمة ويتحمل وزر ذلك الحكومة العراقية والبرلمان العراقي والرئاسة العراقية . إنهم جميعاً شركاء في تمزيق الوطن وليس في إرساء دعائم بنائه .
 حبيب تومي / اوسلو في 24 / 12 / 11

162
نشر وترويج الأفكار الإقصائية العنصرية والإساءة لسمعة الآخرين ألا يعاقب عليها القانون ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
كنت قد اجريت مقابلات عديدة عبر البريد الألكتروني مع رئيس دير السيدة الأب دنحا ومع الفنانة جوليانا جندو ومع اكانيوز  ومع موقع كرملش وغيرهم لذلك فإن اجراء المقابلة مع الأستاذ فاضل ميراني عبر البريد الألكتروني لا يدخل فيها وجه الغرابة ، ولكن لانها من قبل حبيب تومي فيجب ان تكون غير مألوفة .
 المهم في هذه المداخلة لدي سؤال :
هل يجوز نشر وترويج الأفكار الإقصائية العنصرية ضد اي مكون عراقي ديني او قومي او عرقي على موقع عنكاوا او غيره ؟ فماذا نقول عن المقالات التي يكتبها منتحل اسم اوراها دنخا سياويش ، حينما يستهين ويتهكم بشكل عنصري مقيت على كل فكر قومي كلداني أصيل ؟ اليس هو من حقه ان يفكر كما يريد ؟ فلماذا يمنع على غيره حق التفكير الحر ؟ اليست هذه افكار عنصرية لا يسمح بها القانون ؟
((( وهنا يستدرك المرء ويقول :
وبنفس السياق هل يحق لعضو برلمان او رئيس كتلة إن كان  اسامة النجيفي او اياد علاوي او عمار الحكيم او طارق الهاشمي او ميسون الدملوجي او محمود عثمان او نوري المالكي او جابر حبيب جابر او غيرهم هل يجوز لهؤلاء إلغاء وجود مكون من المكونات العراقية الدينية او الأثنية او القومية ؟
 وإن كان هذا ضد القانون وفكر عنصري فلماذا يسمح للسيد يونادم كنا ان يعرب بمناسبة وبدون مناسبة ان يعبر عن فكره الأقصائي العنصري ضد المكون الكلداني الأصيل ؟  وإلى متى يجري التصفيق له ويصار الى تمرير مثل هذه الأفكار العنصرية الإقصائية بين ابناء الشعب الواحد ؟ ، الى متى تبقى هذه الأفكار العنصرية رائجة بيننا دون ان نفكر باحترام الفكر الآخر ، وهو الفكر القومي الكلداني القائم على احترام الجميع ؟))) .
 ونعود الى المداخلة التي نحن بصددها وهي تحت عنوان : ضوء على مقابلة حبيب تومي " الألكترونية " مع الأستاذ فاضل ميراني يقول : ( ... بلقاء صحفي "الكتروني" مع سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني إن لم يكن مدبراً ومدفوعاً له ).
 عن اي ثمن يتحدث هذا المقنع ؟ ألا ينبغي محاسبته قانونياً لانه يسئ الى سمعة الناس ؟ ومن ثم لترويجه الأفكار العنصرية ؟
 في اوروبا من حق الأنسان ان يكون له افكار عنصرية فاشية لكن القانون يعاقب من يروج وينشر مثل تلك الأفكار في وسائل الإعلام .
سؤال اضعه امام موقع عنكاوا الذي يستغله اوراها دنخا سياويش لنشر افكاره الإقصائية العنصرية بحق المكون الكلداني العراقي الأصيل ، وبنفس الوقت يعمل على الإساءة  للسمعة الشخصية للاخرين الذين يختلفون معه فكرياً .
حبيب تومي / اوسلو في 21 / 12 / 11

163
مقابلة مع الأستاذ فاضل الميراني سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني

اجرى المقابلة : حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no

 
 

الأستاذ فاضل الميراني قيادي بارز في اقليم كوردستان وهو سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، وفي مقابلة عبر البريد الألكتروني اجاب سيادته على مجمل اسئلتي التي تدور حول الأوضاع التي استجدت بعد استهداف المسيحيين والأزيدية ومصالحم في اقليم كوردستان يوم الجمعة المصادف 02 / 12 / 11 وأمور وقضايا اخرى ..
 

 يقول الأستاذ فاضل الميراني :
الرئيس مسعود البارزاني كان وسيكون صمام الأمان للأقيم بجميع مكوناته القومية والدينية والطائفية ..
لا أتفق معكم بأن القيادة الكردية ادارت ظهرها لشعبكم الكلداني , مهما كانت هناك من تفسيرات ..
إن الحوادث الأخيرة استهدفت الأقليم بشكل عام ، قيادته وحكومته وشعبه والتجربة الديمقراطية والعمرانية ...
إن حزبنا الديمقراطي الكوردستاني كان وسيظل المدافع عن الديمقراطية والحريات العامة والفردية في العراق وكردستان..
أن الأحزاب الأسلامية في كردستان العراق تتعامل بشكل تعايشي وإحترام وقبول الآخر ..
ان كلمة المسيحيين هي المتداولة بحسن نية للتعبير عن المكونات أو المكون القومي الذي يعتنق هذا الدين السماوي المُسامح ..
 المزيد في متن الأجوبة المستفيضة عبر المقابلة
السؤال الأول
كيف يمكن ان نوفق بين مفهوميّ جعل أبواب أقليم كردستان مشرعة امام الكلدانيين وبقية مسيحي العراق المهجرين من بعض المدن العراقية وبين الأعتداءات التي يتعرضون لها في الأقليم في الأيام القليلة المنصرمة ؟
لايمكن الأجزام بأن الحوادث المؤسفة الأخيرة في زاخو وبعض مدن محافظة دهوك كان المستهدف الأول والأخير هم الأخوة المسيحيون والأيزيديون لأن هؤلاء هم أخوتنا في الوطن منذ عشرات العقود وأدوا واجباتهم الوطنية كما لهم الحقوق أسوة بنا ,تفسر الحوادث من حيث المنطق أنها إستهدفت الأقليم بشكل عام رئاسة وحكومة وشعبّا وإستهدفت الحزب الديمقراطي الكردستاني بسبب التطور العمراني والتحسن الأقتصادي والتعايش الأخوي بين أبنائه في ظل الأمن والأستقرار وتلك المساحة من الديمقراطية والتعددية القومية والدينية والسياسية وكذلك الدور الذي يلعبه الأقليم ورئيسه في ترتيب البيت العراقي وتهدئة الأوضاع على حدوده وهذا ما لايريده الآخرين لنا .
من جهة اخرى بأستثناء التوجهات الإرهابية والفوضوية فأن الأحزاب الأسلامية في كردستان تساهم في العملية الديمقراطية وتمارس السياسة بموجبها وتقر بوجود الآخرين وتؤكد على مبدأ التعايش حسبما هو واضح في برنامجها السياسي وهذا لاينفي تورط أفراد من مجمل التنظيمات السياسية في مثل هذه الحالات من الفوضى سواء بدراية ام دون دراية أو تنفيذا لتعليمات من جهات خارجية هي في الأصل لاتؤيد ولا تستوعب هذا الأقليم وما يُجرى فيه بشكل يميزه عن الكثير من الأنظمة والدول بما فيها المناطق الأخرى من عراقنا الجديد .
الحدث الجديد للأقليم غير مقبول ولا سابقة له طول تاريخنا تضررنا جميعا من جرائه , ماديا , ومعنويا ولكن هذا لايعني عدم التوقف عنده بأهتمام وبمسؤلية والتحري عن جزئيات الحدث من هو ورائها ؟ ومن هو المنفذ ؟ وإستئصاله من جذوره وفق القوانين المرعية , من اجل إزالة آثار الحوادث وتصفية الأجواء والعودة الى الحياة الحرة والتعايش كما كنا , وهذه مسؤلية الجميع ولابد أن تكون كردستان هكذا كما كانت في ماضينا المشترك .


السؤال الثاني:-
الأستاذ فاضل ميراني سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني : هل هنالك توجهات محددة لأعضاء الحزب وأصدقائه بنشر ثقافة التعايش بين المكونات الكوردستانية إن كانت إثنية أو عرقية او دينية ؟
  أن حزبنا الديمقراطي الكردستاني منذ تأسيسه والى الآن وسوف يكون المدافع عن الديمقراطية والحريات العامة والفردية في العراق وكردستان وهذا أثبته ماضي الحزب النضالي وثورته في ايلول وأيار وإنتفاضته 1991, حيث مساهمة جميع مكونات الأقليم القومية والدينية والأجتماعية في الحزب مهماته النضالية هناك ألالاف من الأخوات والأخوة المسيحيين والأيزيدين والآشوريين والكلدان والتركمان وحتى الأخوة العرب في صفوف هذا الحزب وصل قسم منهم الى قيادة الحزب كما هو الحال الآن أو يمثلون الحزب في البرلمان العراقي والكردستاني , أو تسلموا حقائب وزارية على حساب حصة الحزب , أليس هذا نابع عن تلك الثقافة والسياسة التي وفرت أرضية التعايش وشعور الكل بضمان حقوقهم في هذا الحزب ومنهاجه وإلاّ لماذا هذا الإنظمام السياسي؟
ثم لاتنسى ان الثقة المطلقة بالقائد الخالد البارزاني مصطفى هي التي شجعت هذه المكونات أن تلتف حول الراية التي رفعها هذا المناضل الذي كان يراعي الجميع ويسهر من اجلهم الى آخر لحظات حياته .
وفي حزبنا ليس هناك فارق بين الأنسان بسبب إنتمائه القومي والديني والطائفي أو حتى الإجتماعي .في المؤتمر الأخير للحزب إنتخب أعضاء المؤتمر من الكورد المسلمين اعضاء في قيادته ومكتبه السياسي من الآشورين والأيزيدين , هكذا كنا كبارتي مدرسة البارزاني وهكذا سنكون بدون تردد.
السؤال الثالث :
الرئيس مسعود البارزاني كان وسيكون صمام أمان لكثير من القضايا الساخنة على الساحة العراقية و اليوم يقول البارزاني : انا منذ اكثر من 20 سنة لم احمل السلاح لكن بعد أحداث زاخو وسميل ودهوك انا سأكون أول من يحمل السلاح , مادامت المسألة وصلت فوق خط الكفر : هل يعني أن هذه الأحداث مقدمة لأحداث أكبر إن جرى السكون عنها ؟
الرئيس مسعود البارزاني كان وسيكون صمام الأمان للأقيم بجميع مكوناته القومية والدينية والطائفية لأسباب أربعة على حد تفسيري , أولها أنه نجل البارزاني الخالد وهذا الرمز الوطني الذي إلتقى تحت خيمته هذه المكونات بحرية وأمان , وثانيهما أنه رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي قاد الحركة التحررية لعقود من الزمن من أجل حقوق وكرامة هذه المكونات وهو ماضي في طريقه ,  ثالثا أنه رئيس منتخب من قبل الشعب بشكل مباشر وديمقراطي تحتم عليه أن يكون هكذا بحكم المسؤلية التي أولته إياها الجماهير و آخرها انه مسعود البارزاني نفسه له نظرته الخاصة وشعوره تجاه الحياة بنواحيها ومن فيها .
أن مقولته الشهيرة : بأنه" لاأقتتال الأخوة بعد اليوم "مسؤلية تاريخية وكذلك عبأ ثقيل في ظل هذه الظروف والبيئة التي نعيش فيها بأختلاف إنتمائاتنا القومية والدينية والسياسية والأجتماعية وفي ظل تجربة جديدة في العراق جديد وفي منطقة تشهد تطورات جديدة .
بدون شك سيعمل المستحيل أن يعُم القانون والعدالة في الأقليم ونشر المساوات , وتعميم سياسة قبولنا ببعضنا الآخر رغم الأختلاف ,نلتقي بالرغم من الخلافات لنتواصل من اجل الحياة الحرة الكريمة يتحقق فيها الأمن والسلامة الأهلية وإذا ما أصّر البعض على زعزعة هذا النمط من النظام والحياة فسوف يكون هناك من يقف ضدها وأتصوّر هذا ما يقصده الرئيس البارزاني .
السؤال الرابع :
ألا ترون ان رياح الربيع العربي , التي قطف ثمارها الأسلام السياسي و يمكن أن تهب على كوردستان , وإن الأحداث الأخيرة هي أول الغييث ؟
الرياح العربية هبت بعد شتاء قارص , وهذا لا يعني ربيع مستديم فالتغيرات المناخية لها عواملها وأسبابها, أن أوجه الشبه بين العراق بما فيه الأقليم والبلدان العربية التي هب عليها هذا الريح المسمى بالريح العربي قليلة ,شعبنا في كردستان إنتفض بوجه نظامه الشمولي المستبد في ربيع 1991 وكذلك هبت رياح الربيع العراقي في نيسان 2003 هذا من جهة , ومن جهة أخرى نتائج الأنتخابات التي جرت فلكل بلد خصوصياته , وليس دواعي للتحسس من فوز الأحزاب الأسلامية في هذه المرحلة لأنها ردة فعل لمخالفات الأنظمة السابقة التي إفتقرت الى العدالة , وسعة الفكر والصدر وتأمين حريات الأحزاب والحريات الفردية للمجتمع في إطار الدساتير أو حتى القوانين التي سنتها , وليس من الصحيح أن نحكم على هذه التطورات بأستباقية .
أما في كردستان فالوضع يختلف بشكل آخر ونحن لسنا دولة كما الآخرون وأن المكونات السياسية في كردستان بأختلاف تسمياتها بما فيها التيار الأسلامي تعمل من أجل الحفاظ على مكاسبنا القومية وتطويرها إدراكا منها بالمسؤلية والشعور القومي العام ,وإذا كنا جميعا ديمقراطيين فعلا فسوف لن تُحارب الديمقراطية ديمقراطية أخرى أو الوقوف بالضد منها ولابدّ أن يحتكم الجميع عبر هذه الديمقراطية الى الشعب لا اية فكرة او وسيلة غيره وهذا ما نتفق عليه في كردستان .

السؤال الخامس :
الواحة الجميلة للتنوع الأثني والقومي والديني في أقليم كردستان مصدرها التوجه العلماني الديمقراطي للقيادة الكردية التي تقف على مسافة واحدة من كل المكونات التي تشكل النسيج المجتمعي , ألا يمكن ان يشكل نهوض الأسلامي السياسي تهدد لتلك الحالة من التعايش والتسامح ؟
الأسلام الحقيقي كدين هو الصمام الحقيقي للتسامح والتعايش لأن في القرآن الكريم ( لآ إكراه في الدين ) وأن الأديان الأخرى وأتباعها عاشت وبقيت تعيش في عهد الأسلام , أن ظهور جماعات تكفيرية وإقترافها أعمال عدائية ضد غير المسلمين أو حتى المسلمين أنفسهم فهي ظاهرة جديدة تهم الجميع ويهتم بها الجميع .
أن الأحزاب الأسلامية في كردستان العراق تتعامل بشكل تعايشي وإحترام قبول الآخر ولها علاقات جيدة مع جميع المكونات غير المسلمة في الأقليم وهذا أمر غيرغريب في كردستان لأنه الدين لله والوطن للجميع, ومن هنا يتوجب على جميع القوى الديمقراطية ان تتوحد من اجل تطويق الأفكار التي تعكرّ صفوة التعايش والأخوة وحقوق الأنسان في كردستان , وتعمل مشتركة من اجل إستتباب الأمن الأهلي في الأقليم وسيادة القانون لصيانة الأنسان وروحه وممتلكاته وكذلك إحترام معتقداته الدينية وإنتمائاته القومية , وأن كردستان ومكوناتها كان ولايزال اهل لذلك .
السؤال السادس :
غالبا ما يطرق سمعنا بمخاطبة شعبنا من الكلدان والسريان وآشورين بلفظة المسيحيين , فلماذا لا يجري التخاطب بالأطار القومي كان يجري مخاطبتهم بتسميات الكلدان والسريان والأرمن والآشورين ؟
إن هذا الموضوع يضعنا في أحراج ولو ان كلمة المسيحيين هي المتداولة بحسن نية للتعبير عن المكونات أو المكون القومي الذي يعتنق هذا الدين السماوي المُسامح,دين سيدنا المسيح عليه السلام إلاّ ان هذا لايعني إنكار وجود هذه المكونات القومية او حتى أن الذي تحاورني اليوم من تسلسة هذه المكونات من سيكون الرقم الأول , الكلدان , الأشور أم السريان , ثم هناك الأرمن ايضا .
هناك جدل غير محسوم بين الكلدان والآشور للتوصل الى تسمية شاملة ومعبرة نلتزم جميعا بتداولها , وقد عقدت  مؤتمرات أو إجتماعات مشتركة لهذا الغرض ولكن للأسف  لم نتوصل الى نتيجة تّرضى الجميع وإلاّ فلرّبما نحن احوج لمثل هذه التسمية والتعامل بها , حتى في تخصيص المقاعد البرلمانية والحقائب الوزارية والوظائف العامة ,نتطلع الى ذلك اليوم وأجزم صادقا ليس هناك من يتقصّد في هذا الأمر في حزبنا على أقل تقدير , وسوف نكون اول المساعدين في هذا المسعى الخيّر وهذه مسؤلية الجميع وفي مقدمتها المؤرخون والمثقفون ورجالات الدين والسياسة المسيحيون( بعدم المؤاخذة )
السؤال السابع :
ما هو مستقبل الأقليات الدينية ( المسيحيون بشكل رئيسي) في أقليم كردستان ودولة العراق الأتحادية والبلاد العربية في ظل النهضة الأسلامية التي نجمت عما فضل ان يُطلق عليه تسمية الربيع العربي ؟
العراق الجديد لايزال بحاجة الى فكر وثقافة جديدة ينسجم مع المستجدات على الصعيد الداخلي والأقليمي والدولي وهو يسعى من اجل ذلك ولو بشكل بطيئ بأستثناء تاسيس الدستور الجديد للبلاد , وللأسف الشديد تعرض الأخوة المسيحيون وأماكن عبادتهم وممتلكاتهم الى اشكال مختلفة من الأعتداءات الظالمة مما اسفرت عن هجرة الآلاف منهم الى كردستان والدول المجاورة وبلدان أخرى من العالم , اما في ألأقليم فالأمر مختلف , أولا المسيحيون هم شركاء في هذا الوطن عليهم ما على الاخرين ولهم ما للآخرين ايضا ومنذ الماضي البعيد ليومنا هذا ومن غير المنطق ان لا يستمر هذا النمط من العيش المشترك المبني على التسامحية والقبول بالآخر , وأن العلاقات التي ربطت وتربط المسيحيين بنا نحن الآخرون متميزة إيجابيا وقديما ومتطورة , ولاتستطيع النيّات القذرة النيل منها باذن الله وبهمة المخلصين من ابناء كردستان .
السؤال الأخير لابد منه :
نشعر نحن الكلدان في اقليم كردستان بأن القيادة الكوردية قد أدارت ظهرها لشعبنا الكلداني , فدأبت تتعامل معه وكانه تحت وصاية أحزاب قومية أخرى , وكما ظهر في إلغاء التسمية القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني والتي تعتبر مخالفة لمبادئ حقوق الأنسان و كما هو مخالف لما ورد في مواد الدستور العراقي الفيدرالي فما هو تفسيركم لذلك ؟

لا أتفق معكم بأن القيادة الكردية ادارت ظهرها لشعبكم الكلداني , مهما كانت هناك من تفسيرات , أشرت في حديث سابق أن المشكلة القائمة والتي تعّقد الأمور احيانا بين أصل الكلدان والآشور يعاني الكرد وقيادتها منه كما أنتم تعانون , على حد علمي كانت ( الآشور ,الكلدان , السريان ) دارجة في مسودة الدستور وإعترض القسم على ذلك . ولايزال الدستور قابل للمناقشة لا بينكم فحسب بل بين الأحزاب الكردستانية الأخرى
في مسودة الدستور نحن في الحزب الديمقراطي الكردستاني قدّمنا مقترح بمنح المناطق التي تسكنها الأكثرية ( المسيحية ) بمكوناتها الأدارة الذاتية , أهذا إجحاف أو أهمال أم أهتمام وإبراز لوجود هذه المكونات والقبول بها وبحقوقها القومية .
 اقدم شكري للأستاذ فاضل الميراني لتفضله بالأجابة بصراحة على اسئلتي ومن المؤكد انها اخذت من قته الثمين مساحة كبيرة .
 حبيب تومي / اوسلو في 18 / 12 / 11
 

164
الإخوة في حركة التغيير ولماذا إقحام الأيزيدية والمسيحيين في خلافاتكم ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الأختلاف في الرأي وفي الموقف او الإنتماء ـ خارج إطار المفهوم الديمقراطي ـ هو مبرر للانتقام وكيل التهم ونشر الفوضى والدعوة الى العنف ، وخلاف ذلك فإن الإختلاف في المواقف والرأي والأنتماءات  في معايير الديمقراطية يشكل حالة صحية لتحقيق التعددية والتنوع في مجتمع يسوده التعايش والتسامح في إطار دولة القانون ، ورأينا في اقليم كوردستان باننا لسنا في غابة او دولة اللاقانون بل نشعر ونكتب بأننا في دولة القانون .
حسب انطباعي عن اقليم كوردستان بعد زياراتي المتكررة ومن قنوات الأعلام المقروءة والمرئية والمسموعة بأن هناك أيقاع  مرتفع من الصراحة في الأحاديث والجدالات السياسية ، وهذه حالة صحية بأن يكون بمقدور كل شخص او جهة سياسية التعبير عن رأيه بما يشاء ويفكر بصوت عال ، كما يقال ، بشرط ان لا يؤذي الاطراف الاخرى مادياً او معنوياً ، اي بمعنى آخر يحق لكل طرف ان يكون له رأي مخالف مع الآخر وحتى لو كان الآخر له مسؤولية كبيرة في الدولة ، وهذه مسؤولية كبيرة مشتركة تقع على عاتق الحكومة والمعارضة ، لأنه دون المكاشفة والصراحة تؤول الأمور بمرور الزمن الى الركود والفساد ، كما يحدث للماء الراكد الآسن حيث تنمو الطحالب والأعشاب الضارة  .
أحداث زاخو الأخيرة قد اربكتنا وكنا نعتقد اننا نعرف كل شئ عن اقليم كوردستان وإنه ماض ٍ في تحقيق الديمقراطية والتعايش بين مكونات هذا الأقليم ، وإن هيبة القانون مصانة فلا احد فوق القانون ، وإن اي مطلب لأية فئة ينبغي ان يمر عبر قنوات القانون وليس خارجها . لكن الذي حدث في زاخو وامتد الى مناطق اخرى في الأقليم كان خارج إطار القانون ويمكن وصفه بأنه حالة من الفوضى والفلتان الأمني ليس إلا . ولهذا أقول اربكتنا الحوادث الأخيرة هل نحن في دولة القانون ام نحن امام حكم اللاقانون ، فتغيب الحكومة ليقوم الخارجون عن القانون بملئ الفراغ الذي تركته الحكومة .
بكل المناسبات نكيل الثناء للقوات الكوردية المختلفة التي تفرض الأستقرار والأمن على المناطق المتنازع عليها ونسير ليلاً ونهاراً في مسالك وطرق آمنة بفضل تلك القوات إن كانت من الشرطة او الأسايش او غيرها ، لكن الأحداث الأخيرة قد اوقعتنا في حيرة من امرنا . فهل كنا مخطئين في تصوراتنا وتقديراتنا ؟ وهل ان الوضع في اية لحظة مرشح للتدهور ؟
من حق المعارضة إن كانت حركة التغيير او الأسلاميين من حقهم ان يتلهفوا الى سدة الحكم وهذا حق مشروع ومكفول للجميع ، على ان يكون ذلك عبر صناديق الأقتراع وليس خلافها ، وهذا حق مكفول للمعارضة ولابد من الإقرار إن مساحة الحرية المتوفرة في اقليم كوردستان ، والتي من خلالها  استطاعت حركة التغيير ـ ككيان فتي ناشئ ـ ان تحرز هذا الكم المهم من المقاعد في برلمان الأقليم وهذا ينطبق على الأحزاب الإسلامية التي اخذت حصتها من تلك المقاعد بوجود حرية الأنتخابات التي كانت مكفولة للجميع ، وهذه حالة صحية من اللعبة السياسية في اقليم كوردستان .
بعد اطلاعي على تصريح النائب لطيف مصطفى من حركة التغيير عن الأحداث المنشورة في صوت العراق وعنكاوا :
 ( بأنه يتوقع تكرار أحداث زاخو بصورة أشد، وذلك لعدم قيام أحزاب السلطة بالاستجابة لمشاكل إقليم كردستان.
مضيفاً :
 إن الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي، الاتحاد الوطني) غير مقتنعة بمطالب تظاهرات شباط الماضي التي حصلت في السليمانية وكذلك إحداث زاخو، او تتجاهلها) .
هذا الكلام مفهوم من الأستاذ لطيف مصطفى ، لكن السؤال الذي يطفو على السطح هو :
 مادام الحزبان الحاكمان ، الحزب الديمقراطي الكوردستاني والأتحاد الوطني غير مقتنعين بمطالب تظاهرات شباط الماضي ولم يستجيبا لمطلب المتظاهرين :
ما دخل الأيزيدية والمسيحيين في الموضوع ؟
 لماذا تحرق محلاتهم وتقطع مصادر ارزاقهم ؟ اليست هذه طريقة للانتقام من الطرف الضعيف ؟ وهي حالة عدم استطاعتهم مواجهة الطرف القوي فيحاولون النيل من الأضعف منهم ، وإلا ما علاقة هذه المكونات بعدم الأستجابة لمطاليب المعارضة ؟ إنها معادلة عسيرة على الفهم ، لماذا ينبغي ان تكون الحلقات الضعيفة في المجتمع هي التي تدفع ضريبة الخلافات والأختلافات ؟
ثم لماذا يكون الرئيس مسعود البارزاني في الساحة لوحده مستعد لحمل السلاح للدفاع عن تلك المكونات ، لماذا لا يكون معه الأخرين بما فيهم المعارضة من حركة التغيير والأحزاب ذات التوجه الأسلامي ؟
 في الحقيقة انا شخصياً ـ وربما هذا تقصير مني ـ لا ادري الى اين تتجه بوصلة حركة التغيير ، إذ دائماً اشير الى ان حالة المعارضة السياسية التي تقودها حركة التغيير في اقليم كوردستان وهي حالة ضرورية وصحية لمسيرة اقليم كوردستان في بناء الديمقراطية ، وإن هذه المعارضة هي بمنأى عن الدوافع الدينية والطائفية كما هي الحالة في الحكومة العراقية المركزية . ولا ادري ايضاً عن توجهات الأحزاب الإسلامية ، التي تشكل مع التغيير كتلة المعارضة .
هل توافق هذه الكتلة على حقوق الأقليات في اقليم كوردستان ؟
وأين تقف المعارضة من حقوق شعبنا الكلداني الذي نشعر بأنه المكون الوحيد الذي همشت حقوقه القومية والسياسية ؟
 لست كاشفاً لسرٍ او معلومة جديدة ، حينما اؤكد ان شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق من الأرمن والسريان والأشوريين ومن الأخوة الأيزيدية والصابئة المندائيين والكاكائيين والشبك وكل المكونات الدينية والمذهبية تطمح لأن تعيش بسلام ووئام مع المكونات الأخرى من النسيج المجتمعي العراقي إن كان في اقليم كوردستان او في عموم الوطن العراقي .
 حبيب تومي / اوسلو في 14 / 12 / 11

165
بعد استهداف االمسيحيين والإيزيدية في كوردستان سيأتي دور استهداف البارزانيين
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
سيتهمني البعض بأنني اريد في العنوان إطلاق مزحة سمجة او قول خرافة مستحيلة الحدوث .
 لكن سنرى كيف ان الأحداث ستؤول الى ما كتبته في العنوان ان استمرت الظروف منحدرة بهذا الدرك والسير في المنوال الذي بدأت به . لماذا هذا التكهن او التخيل المتشائم ؟ فمرد ذلك ان المنطقة واقعة على تخوم عاصفة الربيع العربي الذي الذي تمخض وسيتمخض عن ولادة حكومات إسلامية لا محالة ودون جدال ، فالواقع الماثل امامنا يؤشر الى فوز الأحزاب الدينية المسيسة بدءاً من  المغرب وتونس مروراً بمصر والعراق وهي في طريقها للفوز في اليمن وليبيا وأخيراً في سوريا . قد يتساءل القارئ الكريم ما علاقة ذلك بأقليم كوردستان ؟ فأقول :
إن إقليم كوردستان يمثل حالة فريدة بين نظم الدولة واللادولة او شبه دولة او ان نسميه اقليم تابع للدولة العراقية له مساحة كبيرة من الحكم الذاتي او حالة موازية وشبه مساوية لحالة تقرير المصير ، كل هذه التوصيفات تنطبق بشكل وآخر على اقليم كوردستان ، الذي يبحث له مكان تحت الشمس ، وامامه خيارات احلاها مر . يمكن توصيف نظام الحكم في اقليم كوردستان بأنه ممزوج بين رئاسي وبرلماني على نمط النظام الفرنسي المتأرجح بين النظام الأمريكي الرئاسي والبريطاني البرلماني ، فالحكومة منبثقة من البرلمان والرئيس منتخب من قبل الشعب مباشرة .
من هذه المنطلقات فإن الرئيس مسعود البارزاني يتحمل العبئ الكبير في مسك دفة السفينة في الأقليم لقيادتها نحو بر الأمان ، خاصة في الظروف العاصفة التي تمر بها المنطقة ، هنالك من يصف الرئيس البارزاني بأنه السياسي المخضرم والذي عركته التجارب فهو قد افلح في حل معضلات معقدة على نطاق الوطن العراقي ، وكانت مبادرته لحل الأزمة السياسية المستعصية التي بقيت معلقة بعنق الزجاجة لما يقارب السنة الواحدة ، وكانت مبادرته التي اخرجت العملية السياسية من عنق الزجاجة .
 ثمة مشاكل مارثونية مع الحكومة المركزية تتعلق بمختلف الملفات لا سيما تلك المتعلقة بالعقود النفطية التي توقعها الحكومة الكوردية مع مختلف الشركات العالمية وأمور أخرى لا مجال للتطرق اليها في هذا المقال ، في ذلك الطريق الشائك تكون منظومة التفاوض الهادئ هي السائدة وغالباً ما يكون مهندسها الرئيس مسعود البارزاني .
وثمة ملف آخر ربما يكون اكثر تعقيداً وهو المتعلق بالعلاقات مع الجيران تركيا وإيران حيث يلجأ البلَدان بين حين وآخر الى قصف مناطق داخل اراضي كوردستان العراق وهي اراضي عراقية ، وهو يعمل على إنهاء تلك الحالة بالطرق الدبلوماسية ، وفي هذه الحالة يوصف بأنه يقف بالضد من الطموحات القومية للشعب الكوردي لتحقيق اهدافه القومية في كل من ايران وتركيا ، وهو طريق يتسم بالحساسية المفرطة ، فإن فتح باب الأقليم لمقاتلي حزب العمال فإن التجربة الكوردية في البناء والتعمير والديمقراطية وبناء المجتمع المدني سوف تتعرض للانهيار ، وإن قفل الأبواب ولجأ الى القنوات الدبلوماسية صدرت بحقه شتى انواع التهم والتخوين وما الى ذلك .
ملف المعارضة ليس سهلا ً ، فرغم ان الأنتخابات قد افرزت برلمان يتسم بديناميكية العمل السياسي البحت والبعيد عن مراكز المحاصصة الطائفية ، إلا ان المعارضة ارادت ان تختار لغة الشارع بدلاً من لغة الحوار في البرلمان المنتخب عن طريق صناديق الأقتراع . وكان تحرك مسعود البارزاني في الوقت المناسب وفي المكان المناسب وذلك بحضوره كطرف يمثل المظلة التي ترسل ظلالها للجميع دون تفرقة اي كغطاء للحكومة والمعارضة .
 لا مرية من الأعتراف بوجود سلبيات في الأقليم إن كان على نطاق الفساد الأداري والمالي أو في مسائل المنسوبية والمحسوبية العشائرية والتي تكاد تكون مرض مزمن في مجتمعات دول العالم الثالث ، كما ينبغي الأشارة الى بعض الخروقات في القوانين وفي جوانب من انحسار في مساحة حرية الصحافة ، أجل ثمة نواقص وسلبيات ، لكن حينما نوجه النقد علينا ان يكون هذا النقد بمعنى التذوق المركب للاشياء فلا يمكن ان نعني به القدح والهجاء او نهدف الى تخريب التجربة برمتها ، بل علينا ان نقول عن الحالة ما لها وما عليها بمهنية النقد البناء .
نأتي الى المهم في هذا المقال فمن السذاجة الطفولية ان نصف تلك الأحداث التخريبية التي اندلعت يوم الجمعة المصادف 02 / 12 بأنه تصرف لا مسؤول من  ( بضعة عيال مراهقين ) كلا انه عمل منظم ومقصود ، وكان خلط الأوراق بشكل اكثر حينما تعرضت مقرات الحزب الإسلامي الى التخريب والحرائق . إن إرسال رسائل تهديدية بالقتل الى اصحاب محلات المشروب التي دمرت ، إن هم اعادوا فتح محلاتهم ، ستكون تلك سابقة خطيرة ، فهذا يعني الأمعان في روح تحدي للقوانين التي اجازت لهم للعمل في تلك المحلات .
أقول : ـ
إن اقليم كوردستان ( دولة ) علمانية ديمقراطية  فيها مساحة كبيرة من حرية المعتقد والدين اكثر بكثير من من المناطق الأخرى من العراق ، وربما اكثر من اكثرية الدول العربية مع بعض الإستثناءات الطفيفة ، وإن هذا النهج يقف على رأسه الرئيس مسعود البارزاني ، وكان قبله رئيس الوزراء نيجرفان البارزاني ، وفي الأنتهاكات الأخيرة للنسيج المجتمعي في اقليم كوردستان كان الرئيس مسعود البارزاني هو الوحيد الذي تصدى له بكل صراحة وكل شجاعة ، وقال أنها خطوط حمراء وهو مستعد ان يحمل السلاح ، أجل لم نقرأ تصريحاً او بياناً بهذه الصراحة والموضوعية ترتقي الى اهمية الحدث وخطورته . إن حدس الرئيس مسعود البارزاني كان في محله لما تحمله تلك الأنتهاكات للقوانين من  خطورة كبيرة على امن الأقليم وعلى مسيرته في الأستقرار التعايش والبناء .
 وحينما ذكرت في عنوان المقال ان الأستهداف في المرحلة القادمة سيكون ضد البارزانيين ، ليس خيالاً فنحن نعرف ان القيادة البارزانية تقف بحزم وقوة بالضد من اي تطرف ديني او قومي ، ويجعلون من الأعتدال نهجاً ثابتاً لأقليم كوردستان ، مما جعل من هذا الأقليم مرتكز لجلب الأستثمارات الأجنبية ، ولأجل وأد التجربة سيكون التصدي لقيادة البارزاني وللبارزانيين بشكل عام ، هذا هو تصوري وأكتبه بكل صراحة .
امام القيادة الكوردية طريق صعب لوضع الأمور في نصابها بشكل سلس ودائم ومستمر بعيداً عن عمليات الترقيع ، فيجب وضع برامج طموحة لبناء الأنسان الكوردستاني ، وهي عملية شاقة وهي اصعب بكثير من  بناء الجسور والمستشفيات والعمارات ، فبناء الأنسان تبدأ بعملية تربية وتعليم الطفل منذ نعومة اظفاره ، فينبغي وضع كتب وبرامج للدراسة الأبتدائية والثانوية تنمي روح التعايش والتسامح بين الأقوام ، ومسح وإزالة تلك المناهج التي تدعو الى الكراهية والضغينة والحقد بين الشعوب ، هنا في هذه البلاد يدرسون للاطفال درس اسمه الأديان ، وليس الدين ، فالطفل يجب ان يتعلم بأن هنالك اديان ومعتقدات مختلفة ولهؤلاء جميعاً حرية العبادة والمعتقد وممارسة الطقوس .
في كتب التاريخ القريب تخبرنا  ان الشيخ عبد السلام البارزاني ( 1876 ـ 1914 ) كان لا يفرق في احكامه بين مسلم ومسيحي ، وكان الى درجة انه لقب بشيخ النصارى لما كان حكمه متسماً بالعدالة بين الجميع ، واليوم ارى امامي الرئيس مسعود البارزاني وهو يقوم بنفس الدور المبني على المساواة والعدل ، ولهذا سوف نرى انه سيكون في مواجهة عاصفة مع قوى الظلام ، التي لا تريد لهذه الأرض الجميلة ان تنعم بالأستقلال والتقدم والمضئ في الركب الحضاري للعالم المتحضر . إن الحرية تعني حرية الجميع بما فيهم الأسلاميون والعلمانيون اي دون حجب الحرية من اي طرف مع التأكيد على كرامة الأنسان .
حبيب تومي / اوسلو في 09 / 12 / 11

166
الأعتداءات على المسيحيين في اقليم كوردستان ومخاطر تردّي الأوضاع الى فوضى عارمة

بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
لا يعقل ان تتدهور الأمور الى هذا الدرك في اقليم كوردستان ، الذي كان مثالاً للواحة الجميلة للتعايش بين المكونات  الدينية والأثنية والعرقية ، وحينما طال الأرهاب ابناء شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق في مدن العراق كان اقليم كوردستان هو الملاذ الآمن لأبناء شعبنا حتى ان الأقليم كان يعوضهم عن التوجه الى بلاد المهجر لما ينطوي عليه من الأستقرار والأمان ومن ديناميكية  تطبيق القانون ، ومن ثم توفر مجالات العمل المختلفة كل ذلك كان يجعل من الأقليم ارضاً جاذبة لشرائح كبيرة من مجتمعنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، والاقليم بدوره يستفيد من الذين يملكون رؤوس الأموال  فيصار الى استثمارها وتوظيفها في مشاريع البناء الصناعي او العمراني او التجاري او السياحي ، ومن هؤلاء القادمين من يحمل خبرة او شهادة ، فيهم الطبيب والمهندس والمعلم والمهني والخبير ... هكذا كان التعايش المبني على مصلحة الجميع دون تفرقة او تمايز بين مسيحي او مسلم او ايزيدي او مندائي .
ومن هذا السياق يكون الأعتداء المبيت قد اطفأت قناديل التعايش في المجتمع ما لم تتخذ السلطات في الأقليم التدابير اللازمة لأيقاف مسلسل الأعتداء على الناس الآمنين وإنهاء مظاهر العنف ، وتحقيق سيادة القانون بمحاسبة من ارتكبوا هذه الأعمال التخريبية وإلا فإن شرارة العنف سوف تتوسع وربما يكون من المستحيل إخمادها وتغرق المنطقة بالفوضى وفلتان الأمن وانعدام الإستقرار وربما يكون هذا الرأي نابعاً من مخاوفي وهواجسي ولا تنطبق عليه الحقائق على ارض الواقع وأتمنى ذلك .
الشرارة الصغيرة هي  التي تخلق الحرائق الكبيرة ، وكثيراً ما تنمو صغائر الأحداث ككرة الثلج إذ تنمو كلما تدحرجت هكذا تحدث عظائم الأمور ومآسي الحروب خاصة حينما يغيب العقل والحكمة .
بالأمس خرج عشرات المتظاهرين في مدينة زاخو بعد صلاة الجمعة ، وجرى شحن المصلين بالعواطف الدينية وضرورة صيانته والعمل على تثبيته وذلك بالنيل من حالات سائدة في المدينة ، منها وجود مراكز المساج المنتشرة في المدينة ، ومحلات بيع الخمور ، وكان عدد المتظاهرين يقدر بالعشرات ثم تطور الى المئات وبعدها ارتفع عددهم الى الآلاف ، من هنا ينبغي الأدراك والحسبان بأن العنف المجتمعي قد يؤدي الى نتائج غير متوقعة وغير محسوبة وقد تصار الأوضاع الى الفوضى العارمة ، كما حدث للأوضاع في العراق بعد 2004 ولحد 2008 وهي مستمرة بشكل ما الى اليوم .
 في احداث زاخو التي انطلقت بعد صلاة الجمعة ، اي ان العملية لم تكن تلقائية عشوائية إنما كانت نتيجة لشحذ الهمم وشحن العواطف وإثارة الغرائز اي انها جاءت بمثابة استجابة لدعوات خطيب الجمعة ، فقد بدأ العنف يطال مراكز المساج والتدليك التي يقال انها منتشرة في المدينة ، وبعد ذلك امتدت الى محلات بيع الخمور التي يمتكلها المسيحيون والأزيدية بشكل رئيسي ، ثم امتد العنف الى الفنادق ومنها فنادق من الدرجة الأولى وكانت هنالك محاولة للاعتداء على المطرانية الكلدانية في زاخو ، وبعد ذلك امتدت الشرارة الى خارج المدينة لتمتد الى مدينة قضاء سميل وقرية شيوز ، ويوم امس امتدت الفوضى مدينة السليمانية والى ناحية ديرلوك في العمادية .
يبدو ان المسألة دخلت في إطار التخريب المنظم وهناك من يقف وراءها ، ويظهر ذلك من القيام بإضرام النار في نادي نوهدرا الأجتماعي الثقافي وإضارام النار في محتوياته في الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، وفي صباح اليوم ( السبت ) عاودت الجموع بارتكاب اعمال العنف ذات الطابع الطائفي حينما عمد مجموعة تقدر بمئة شاب وبتحريض من معلميهم وأساتذتهم  بالهجوم على الكنيسة ورشقها بالحجارة مع بعض بيوت للمسيحيين في مجمع المنصورية القريب من دهوك والذي يسكن فيه قرابة 180 عائلة مسيحية .
من جانبه الرئيس مسعود البارزاني يقول :
«مع الأسف قام عدد من الشبان وبتشجيع من بعض أساتذة الدين بأعمال تخريبية أثارت الفوضى في مدينة زاخو وتهجموا على مناطق سياحية وخاصة تلك التابعة للإخوة المسيحيين والايزيديين.. وبعد هذه الفوضى قام ومع الأسف عدد من المواطنين وكرد فعل للحادث بالتعدي على مقار تابعة للاتحاد الإسلامي وهذا أيضا عمل غير شرعي». وأوضح بارزاني أن «قوات الداخلية بذلت ما بوسعها للسيطرة على الفوضى لكنها لم تتمكن من ذلك، لذا وفي الوقت الذي أدين فيه كل هذه الأعمال غير الإنسانية واللاقانونية.. أطالب أهالي كردستان بأن يجعلوا من التعايش السلمي القومي والديني والمذهبي هدفا رئيسيا لهم... ».
من هذا الحديث تكون المصالح الأزيدية والمسيحية هي المستهدفة في المنطقة أي تحمل طابع طائفي .
وقبل التطرق الى دور الحكومة الكوردية وقوات حفظ النظام وتطبيقه ، نشير بعقلانية وهدوء الى الحجة المثارة في انتشار مراكز المساج ومحلات بيع الخمور في المدينة ، السؤال هنا يطرح نفسه ، ألا يوجد طرق اصولية من إدارية وسياسية واجتماعية يمكن الوصول الى الهدف المنشود دون خلق الفوضى وإثارة العنف واستخدام اسلوب التخويف والترهيب بين السكان لا سيما بين المسيحيين من الكلدان والسريان وألاشوريين وبين الأخوة الأزيدية وغيرهم من المكونات اللاإسلامية .
لقد كانت ثمة حالة مشابهة في مدينة عنكاوا ، حيث كانت البارات والملاهي منتشرة في المناطق السكنية بشكل غير عشوائي ، فبادر الشباب الى الأحتجاج وبالتعاون مع العقلاء في هذه المدينة ومع مفاتحة الجهات الحكومية المسؤولية بالطرق الرسمية القانونية ، فقد كان القرار الأخير بغلق اعداد كبيرة من تلك المحلات ، ولم يصار الى حرق او خلق فوضى بأي شكل من الأشكال ، فماذا لو توجه العقلاء في مدينة زاخو الى اللجوء الى الطرق الأصولية المرعية طالبين غلق تلك المراكز في المدينة والتي يقولون انها تنشر الفساد بين الشباب .
إن هذه المحلات قد حصلت على رخصة العمل من الجهات المعنية وهي تدفع الضرائب والرسوم المستوجبه لاستمرارهم في العمل وتجديد إجازاتهم ، فلماذا لا يجري التعامل مع هؤلاء الناس بالطرق الأصولية والقانونية ، لماذا يجري التعامل مع هذه الحالة بأسلوب الحرق والتخريب والتهديد وتكبيد الخسائر ومحاربة الأرزاق ؟
إن القضاء على تلك الممارسات غير القويمة بكل القياسات ، إن كان في اقليم كوردستان او في عموم العراق ، لا ينحصر في حشد قوات الأمن والشرطة لوضع الحد لممارسات تخريبية وتهديدية لارهاب الناس الآمنين ، بل يكم بشكل اساسي على ترويج وإشاعة خطاب تسامحي تعايشي ، أي ينبغي العمل على بناء الأنسان الكوردي على ثقافة التعايش والتسامح، وينبغي نبذ الخطاب التحريضي الذي يروجه رجال الدين في عموم العراق واقليم كوردستان ، الدين المتسامح لا يقبل بالتحريض على التخريب وإرهاب الناس ، عليهم نشر المحبة والتعايش بين الأطياف العراقية الدينية والأثنية والعرقية والقومية والمذهبية ، وهذه مهمات تغرس في النفوس حب الخير واحترام الآخر وينبغي على رجل الدين المسلم ان يلتزم بغرس تلك المبادئ الأنسانية ليسود نور التسامح الديني بشكل واقعي مسلموس وليس عن طريق التمنيات وترديد الأقوال دون افعال ملموسة .
حبيب تومي / اوسلو في 05 / 120/ 11

167
سؤال لدولة رئيس الوزراء نوري المالكي لماذا بغداد المدينة الأسوأ في العالم ؟
  بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
لا شماتة ببغداد العظيمة مدينة دار السلام ، ولكن أسفاً عميقاً لما وصلت اليه حال بغداد الف ليلة وليلة وبغداد الكرخ والرصافة، وبغداد نهر دجلة وشارع الرشيد وشارع المتنبي ، وبغداد شارع ابو نؤاس وكرادة مريم والأعظمية والكاظمية وعقد النصارى وعكد الأكراد وبغداد الشورجة وخان مرجان وجسر الشهداء وحافظ القاضي والباب الشرقي وحديقة الأمة والبتاوين وكراج الأمانة وبغداد الجديدة وو.. اجل اليوم بغداد يلحقها العار حينما قبعت في المركز 220 اي في المركز الأخير بين مدن العالم أي بعد مدن وعواصم افقر الدول كالعواصم الأفريقية هاراراي عاصمة زيمبابوي ، ومابوتو عاصمة موزنبيق واغدوغو عاصمة بوركينا فاسو وانتاناناريف عاصمة مدغشقر ومقديشو عاصمة الصومال اجل كل هذه العواصم وأخرى  كانت قبل بغداد ، فبغداد نصيبها الأخير دون منازع .
كنت متلهفاً لكي اشاهد على شاشة التلفاز مثول امين بغداد السيد صابر العيساوي امام البرلمان العراقي لاستجوابه ، وذلك بناء على طلب تقدم به النائب عن ائتلاف دولة القانون شيروان الوائلي. أجل كنت متلهفاً لتخصيص وقت للمشاهدة لأنني عزفت عن مشاهدة التلفزيون لما فيه من كلام معسول جميل للمسؤولين في الدولة العراقية فيه الكثير من المنجزات على مستوى الأقوال ، لكن سرعان ما يتبخر ذلك الكلام امام شمس الحقيقة الساطعة فلا انجازات ولا مشاريع ، أقوال في اقوال ولا أثر لأي افعال ، وكما يقول المثل أسمع جعجعة ولا ارى طحناً ، وقد وصلني من احدهم رسالة يقول فيها ان العراق بلد المليون منافق ، وانا اقول عراق الأقوال بلا افعال وعراق التناكف على المناصب ..
اجل عزفت عن مشاهدة الأستجواب حينما قرأت الخبر على موقع CNN بالعربية،  بأن فينا عاصمة النمسا افضل مدن العالم وبالمقابل فإن بغداد كانت الأسوأ من بين مدن العالم قاطبة ، حيث احتلت ( برهاوة ) المكان الأخير بين 220 مدينة في العالم ، بل قبعت في ذيل القائمة حتى بعد بانغوي بجمهورية افريقيا الوسطى التي احتلت المركز 219 ونجامينا عاصمة تشاد التي احتلت المركز 218 ، وبغداد عاصمة الرشيد وقلب العروبة النابض ومدينة السلام جاءت في المركز 220  والسياقات والمعايير المتبعة تعتمد على تصنيف المدن بموجب معايير مختلفة تصل إلى 39 معياراً يتناول جودة المستويات المعيشية منها الأمن والمناخ، وحركة المرور، والمدارس،  والأنشطة الترفيهية والاستقرار الداخلي، بجانب عوامل اقتصادية .
 وفي نفس الوقت من قراءة هذه الأخبار قلت ماذا سيقول اعضاء البرلمان ؟ وبماذا سوف يستجوبون امين بغداد ، وما جدوى كل ذلك امام هذا الواقع المأساوي ؟ هل سوف يحاسبون لمأذا كانت بغداد في المركز الأخير حتى بعد افقر المدن في العالم ؟ إنهم ببساطة عاجزون كلياً وأثبتوا عدم قدرتهم على حل المشاكل المرتبطة بالتخلف لقد اثبتت اكثر من ثمان سنوات من الحكم بأنهم عاجزون يجيدون فن تصفيت الكلام ولا يعرفون الف باء التقدم والفعل .
فهل سيحاسبون الحكومة لماذا الأمن الشخصي مفقود في بغداد لتحتل المركز الأخير بين دول العالم ؟
 إنه كلام فارغ للمسؤولين ليس لنا وقت لنضيعه لسماع ما رددوه طيلة السنين الثمانية المنصرمة ، اقوال في اقوال في اقوال . وعلى الأرض القذارة تملاْ الشوارع والأمن مفقود والسيارات المفخخة والقنابل اللاصقة لا زال سوقها رائجة تحصد مساكين البشر ، والعملية السياسية لا زالت مشلولة بسبب الأطماع الشخصية حيث ان الجميع مستعد ان يبيع العراق مقابل منصب او حفنة من الدراهم يكسبها بطريق غير مشروع ، ولا مسائلة لمن يجمع الملايين بسرعة البرق . فالسؤال :
 من اين لك هذا ؟
 قد اختفى من قاموس الدولة العراقية . والكهرباء انفقت المليارات ولم تفلح في إنارة مدينة ، وأكوام القمامة ، ومياه الصرف الصحي لا زالت منتعشة وبنمو مستمر والفواصل الأسمنتية لا زالت قائمة بعد ثمان سنوات من نصبها ، والبطالة والبطالة المقنعة . وأخيراً كانت السيارة المفخخة تنفجر في المنطقة الخضراء بالقرب من مبنى البرلمان ، إن هذه العوامل قاطبة قد اهلت بغداد لتفوز بجدارة وتكتسح جميع مدن العالم لتتبوأ المركز الأخير بين مدن العالم .
لا ادري ما جدوى الأستجواب لمسؤول ما إن كان هذا حال العراق ، ولا ادري كيف يطمح السيد هوشيار الزيباري بعقد مؤتمر قمة عربية في بغداد ؟ وعلى ماذا يعتمد في تصوراته لكي يغامر ويعقد مؤتمر القمة في بغداد ؟ ماذا سيقول لضيوفه ؟ هل سيقول اهلاً وسهلاً  بكم في اسوأ مدينة في العالم ؟
 الأستاذ دولة رئيس الوزراء نوري المالكي :
من اجل المقارنة سوف لا نذهب بعيداً بل سنبقى في ارض العراق وتحديداً في اقليم كوردستان .
قيل لكوردي اين أذنك ؟
 فأشار بيده اليمنى على اذنه اليسرى . هذه نكتة ( بايخة ) لكنها مشهورة يرددها الأخوة العرب في إشارة الى تأخر الأنسان الكوردي ، فالذي يشير بيده اليمنى على اذنه اليسرى اليوم قد طور اقليم كوردستان بحصته من واردات النفط البالغة 17%  فحقق الأمن والأستقرار ، وشق الطرق وبنى الجسور وشيد العمران والمستشفيات ووفر الكهرباء لمدن كوردستان اربيل والسليمانية ودهوك والأقضية والنواحي والقرى التابعة لها وحتى في المناطق المتنازع عليها .
 في نفس اليوم الذي قرأت خبر تصنيف بغداد في المرتبة الأخيرة من بين 220 مدينة في العالم ، نقرأ الخبر الآتي من اقليم كوردستان :
حملة وطنية لزرع خمسة ملايين شجرة في كردستان .
أعلن رئيس حكومة إقليم كردستان برهم صالح صباح أمس انطلاق الحملة الوطنية لزرع خمسة ملايين شجرة في أنحاء كردستان بغرسه الشتلة الأولى في بارك قضاء مخمور .
وهنا يصرح الدكتور برهم صالح فيقول :
 لقد حققنا في كردستان طفرات نوعية من ناحية الإعمار والتنمية وتمكنا من إنجاز مكاسب اقتصادية كثيرة، ففي الناحية العمرانية، ارتفعت الآلاف من العمارات الجميلة، وأصبحنا نملك الآلاف من المعامل والمصانع الإنتاجية، وحققنا تقدما اقتصاديا كبيرا يحظى بإعجاب العالم، ولكننا نؤكد أن ما حققناه من تقدم اقتصادي لا يكتمل من دون خلق بيئة صحية ونظيفة .
وهنا يضيف قوله :
«في العام الماضي أعلنا عن حملة وطنية لزرع مليوني شتلة في أنحاء كردستان، ولكن النتائج فاقت التوقعات، حيث تم زرع ملونين وثلاثمائة ألف شتلة، حققنا من خلال تلك الحملة نسبة نجاح وصلت إلى 80%، وهذا العام ارتفع الرقم إلى خمسة ملايين، ونسعى إلى أن يرتفع إلى عشرة ملايين في غضون العامين المقبلين .
 الآن نأتي الى المفيد من المقال وهو لماذا بغداد المدينة الأسوأ في العالم من نواحي كثيرة ؟
لقداستطاع الأقليم بحصته البالغة 17 بالمئة من الواردات النفطية ان يبني بلداً ، فيما اخفقت الحكومة العراقية المركزية وبرلمانها بواردات مقدارها 83%  ، ومع هذه المبالغ الطائلة لم تستطع لحد اليوم ان توفر اهم متطلبات الحياة وهي توفير القوة الكهربائية ، والسبب واضح وبسيط وهو استشراء الفساد الأداري والمالي وانتفاء عنصر الأخلاص بين المسؤولين . وكما قلت اجل انهم جميعاً فلاسفة في السفسطة والأقوال لكنهم مع الأسف فارغين في الأفعال . هذا هو الواقع .
 فكم سنة ننتظر يا دولة رئيس الوزراء  لكي تنهض عاصمتنا من بين ركام التأخر ؟ وإنا من جانبي اجيب  فأقول : عندما يسري (عنصر الأخلاص ونكران الذات ) بين المسؤولين ( وزراء ونوابهم ومدراء عامين وقادة الجيش والشرطة ) حينها فقط سوف تزدهر بغداد وينهض العراق كدولة عصرية ويأخد دوره الحضاري التاريخي كما كان في عصر حمورابي ونبوخذنصر حينما كان العراق مهد الحضارة وكان منبع القوانين والعدالة والعلوم والمعرفة .
حبيب تومي / اوسلو في 01 / 12 / 11

168
تصريحات السيد يونادم كنا الأستفزازية ضد الكلدان هل توحّد صفوف شعبنا المسيحي؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
نحن الكلدان مع الأثوريين والسريان والأرمن شعب مسيحي واحد ، ومع مكونات الشعب العراقي الآخرين الأثنية والعرقية والدينية نشكل الشعب العراقي الذي ينتمي الى الأمة العراقية . إن العراق الذي عرف باسم بلاد الرافدين او بلاد ما بين النهرين دجلة والفرات شكل ، منذ القدم ، نقطة انجذاب للاقوام ، لما فيه من مياه وافرة ومن خيرات كثيرة ، إن هذه العوامل وعوامل اخرى قد جعل من هذه البلاد مكاناً لاستقرار وتعايش اثنيات واعراق كثيرة ، وكما هي عليه اليوم الولايات المتحدة الأمريكية ، لكن الفرق ان شعوب الولايات المتحدة تتعايش تحت نظام ديمقراطي ودستور يضمن حقوق تلك الشعوب ، ونحن في العراق نعيش في غابة فيها الحقوق مضمونة للاقوياء فحسب .
 نحن الكلدان نفتخر دائماً بانتمائنا العراقي ، لكن مقابل ذلك فإنه الشعب الوحيد الذي سلبت حقوقه في وطنه العراقي ، وغالباً ما نقرأ عن التاريخ الكلداني وبكلمات واضحة تقول :
ان اول دولة قامت في العالم بعد الطوفان وتبلبل الألسنة كانت كلدانيــــــــــة وقال المؤرخ بيروس الكلداني انها قامت بستة وثمانين ملكاً .. كلدو وآثور ص21 . اما قاضي صاعد الاندلسي فيكتب في القرن الرابع الهجري في التعريف بطبقات الأمم ص142 بأن الأمة الثانية بعد الفرس هم الكلدانيـــــــون وهم السريانيون والبابليون وكانوا شعوباً منهم الكربانيون والآثوريـــــــــــــــون والأرمنيون والجرامقة وهم اهل الموصل والنبط وهم اهل سواد العراق بلادهم وسط المعمور ايضاً وهي العراق والجزيرة التي ما بين دجلة والفرات .... وعن علوم الكلدانييـــــن ورد في نفس المصدر ص164 بأن الكلدانييـــــن هم امة قديمة الرئاسة نبيهة الملوك وكان منهم النماردة والجبابرة .. ومن الكلدانييـــــن علماء جلة وحكماء وفضلاء يتوسعون في فنون المعارف من المهن التعليمية والعلوم الرياضية والإلهية وكانت لهم عناية بأرصاد النجوم ... وهم نهجوا لأهل الغرب من معمور الأرض الطريق الى تدبير الهياكل لاستجلاب قوى الكواكب وإظهار طبائعها .... الخ
اجل بعد هذه المقدمة الطويلة يخرج رابي يونادم كنا من صمته ليقول كل آشوري يدخل الكنيسة الكاثوليكية يصبح كلدانياً ..!!!!!!!! عجيب امور غريب قضيــــــــــــــــة .
بصراحة إن  قراءتي الشخصية للسيد يونادم كنا تتلخص : بأنه لاعب محنك وبراغماتي بامتياز حيث اجتاز عدة اختبارات بنجاح واستطاع ان يلعب على عدة اوراق وهذا ليس إعجاب او إطراء بل ترجمة وتوصيف  لوقائع ملموسة كثيرة .
اولاً : ـ استطاع ان يقنع او يجبر الحاكم الأمريكي بول بريمر بأنه اللاعب الأقوى وتمكن من إزاحة ممثل الكلدان ، الذين يشكلون الأكثرية في المكون المسيحي العراقي ، من مجلس الحكم ، وفرض تعيينه ممثلاً للمكون المسيحي الذي كانت حصته مقعد واحد في مجلس الحكم حسب اعتراف بول بريمر في كتابه سنة في العراق .
ثانياً : ـ استطاع السيد يونادم كنا ان يعرّف ويقدم نفسه بشكل دائم كممثل للمسيحيين في العراق ، وقد ظهر ذلك في مقابلاته الكثيرة مع وكالات الأنباء والصحف والمؤتمرات . علماً ان الرجل كان يعمل لرفع الأسم القومي الآشوري فقط وتقوية حزب الزوعا .
ثالثاً : ـ استطاع الخروج من تهمة التي وجهت له بالعمل مع البعث او مع مخابرات صدام وخرج منها كما تخرج الشعرة من العجين دون اي تداعيات او تأثيرات على مركزه .
رابعاً : ـ استطاع تسوية اموره في اقليم كوردستان للخروج من التهمة في الفقرة السابقة .
خامساً : ـ تمكن بحنكته السياسية من ان يتبوأ المركز الأول والثاني والثالث في الحركة الديمقراطية الآشورية ، إذ لا ملامح لأي منافس حقيقي لمركزه الأول في قيادة الحركة ( الزوعا) ، إن هذه المكانة حرص عليها ان تسود تحت قبة البرلمان ايضاً فقد استطاع ان يختار طاقمه البرلماني من الحركة بأن يكون هو الأول ولا قريب من مركزه من منافسيه الحقيقيين الذين يمتلكون مواقع اجتماعية ومواهب سياسية منافسة له .
سادساً :ـ استطاع رابي يونادم من لعب الأوراق مع السنة والشيعة ومع الأكراد ومع جيران العراق ، انا شخصياً استطيع وصفه بأنه رجل يجيد العيش في كل المناخات السياسية وإن يركب كل الموجات ، إنه  يتقن فن السباحة مع كل التيارات او ضدها مع تفوقه في الحفاظ على شعرة معاوية دون ان تنقطع مع كل الأطراف .
سابعاً : ـ إن موضوع المحافظة المسيحية كان مرفوضاً من قبل الحركة لكن رابي يونادم استطاع ان يركب هذه الموجة وان يأخذ موقع القيادة فيما يطلق عليه تجمع احزاب شعبنا ، واستطاع ان يكون حزبه القطب المسيّر لهذا التجمع .
ثامناً : ـ هو دائم السفر والزيارات في الداخل والخارج وإطلاق التصريحات ، ولا ريب ان كثرة التصريحات توقعه في التباسات وزلات لسانية ، والغريب انه لا يلوي على النتائج الناجمة عن ذلك .
تاسعاً : ـ وهو في رحلاته وزيارته ونقاشاته ومقابلاته الدائمة مع وكالات الأنباء والصحف وغيرها ، فإنه يحرص فيها على شئ واحد فقط وهو الإقلال من شأن الكلدان وتبخيس تاريخهم ، والإصرار على حصرهم في إطار المذهب الكنسي الكلداني لا اكثر . لقد تجلى ذلك يوم دعوته في نادي في امريكا وكان معظم الحضور ، إن لم يكن جميعهم من الكلدان ، وامامهم تنكر للتاريخ الكلداني برمته .
وفي مناسبة اخرى قابل البطريرك عمانوئيل دلي واصفاً اياه برئيس الطائفة الكلدانية ، وفي وقتها كتبت مقالاً طلبت منه الأعتذار للشعب الكلداني لكن مع الأسف كان تطوع من قبل محامين كلدان للدفاع عنه . ثم كانت مقابلته مع قناة البغدادية حينما اطلق مقولته الشهيرة  في برنامج سحور سياسي الى اعتبار اي اشوري يتصل بروما سيصبح كلداني ..
اليوم قرأت في إحدى المقالات هذا الجملة الذهبية :
(عندما يصبح في ثقافتنا احترام الآخر نكون قد بلغنا جانب الحضارة ) . فهل السيد يونادم كنا يراعي هذا الجانب في احترام مشاعر الآخر وهو الأنسان الكلداني ؟
انا شخصياً تحيطني الدهشة والعجب من حركة الزوعا وغيرها من الأحزاب الآشورية ، إنهم غالباً ما كانوا يصدرون بحق الكلدان بأنهم يفتقرون الى مشاعر قومية كلدانية بدليل انهم لم يشكلوا احزاب سياسية قومية ، وإنهم كتبوا في استمارة الأحصاء انهم عرب ، ورغم ان هذه التهمة ساذجة وسطحية ، فإننا لجأنا الى تشكيل احزاب سياسية قومية كلدانية وشكلنا منظمات مجتمع مدني كلدانية ، وبدلاً من التعاون مع هذه الأحزاب والمنظمات شنت حملات على هذه المنظمات والأحزاب ناعتين اياهم بالأنفصالية والتقسيمية والخيانية ... الخ .
 والله هذا امر عجيب ، إن عزفنا عن تشكيل احزاب ومنظمات كلدانية ، فنحن عديمي المشاعر القومية ونحبذ الانتماء العربي . أما إن أسسنا الأحزاب ودعينا للقومية الكلدانية ونشرنا الوعي القومي الكلداني بين ابناء شعبنا قيل لنا (انفصاليون ) ، وأكرر قولي وأقول عجيب امور غريب قضية مع هؤلاء البشر ، لقد كان جحا المسكين محقا بحيرته من حكم الناس .

إن نظرية إلغاء الآخر قد ولّى زمنها وأصبحت من الماضي غير المشرف ، وإن ترويج هذه النظرية بين ابناء شعبنا المسيحي تمتاز بالعجز على الفهم ، وهي تشكل نشاز فكري في ان نفكر بإلغاء الآخر وفرض الوصاية عليه في زمن نقف على مشارف الولوج  في العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين .
 اقول :
إن كان لرابي كنا حق الأختيار الهوياتي والمعتقدي والديني والقومي ، فمن حق الكلدان ايضاً ان يكون لهم نفس المقدار من فضاء الحرية في الأختيار الهوياتي والمعتقدي والديني والقومي والسياسي .. ومن حقهم ان يجاهروا بأن قوميتهم كلدانية لا غير .
إن مشعل نور الحرية ليس مخصصاً لإضاءة البيت الآشوري للسيد يونادم كنا فحسب ، بل هو من حق كل المكونات العراقية ان تستفيد من نور الحرية بما فيها شعبنا الكلداني ، ام ان نور الحرية لا يشمل البيت الكلداني ؟
 ثمة جانب مهم ينبغي مراعاته وهو اهم ما في هذه المقالة
وأقول لرئيس وأعضاء البرلمان العراقي  :
((( إن السيد يونادم كنا عضو في البرلمان العراقي ، ويترأس حزب سياسي عراقي  ، ولا اقول عن مسؤولياته الأخرى ، بل كعضو برلمان الا ينبغي ان يحترم معتقدات العراقيين برمتهم دون تفرقة ؟
 الا يحترم معتقدات وهويات العرب والأكراد والصابئة المندائيين والأزيدية والتركمان والسنة والشيعة والأرمن والكاكائية والشبك والسريان ؟
فلماذا يعطي لنفسه الحق في ان يستخف بالشعب الكلداني ؟ وأن يستهجن بكل ما يفتخرون ويعتزون به ؟ خادشاً مشاعرهم في كثير من المناسبات ، اليست هذه افكار عنصرية مقيتة لا يجوز ترويجها في العراق ؟
فلماذا يسمح للسيد يونادم كنا في ترويج  افكاره الإقصائية لمكون عراقي اصيل  دون ان تطاله اي محاسبة  قانونية او اخلاقية ؟ بأي شريعة يعطي لنفسه الحق في مسح تاريخ شعب وإقصاء هويته الكلدانية ؟ ولماذ يسكت البرلمان العراقي عن هذه الإساءة بحق مكون عراقي اصيل ؟ )))

حبيب تومي / اوسلو في 26 / 11 / 11
 

169
ماذا لو ظهر ان القوش تعوم على بحيرة من الذهب الأسود؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
القوش لم تزل تنسج من تفاصيل حياتها اليومية حكايات سمر دافئة في الليالي القمراء المزدانة بشبكة الكواكب الفضية المتلألأ ، وتحكي حكايتها ليوم لم يأت بعد ، وحين الحديث عن القوش تتداعى الأفكار والذكريات وتنساب مع ايقاع سنين العمر في لحن يتناغم مع خرير الماء المنسكب بهدوء في وديانها القادمة من اعماق وهاد جبلها الخالد .
القوش تملك أرث حضاري إنساني يتجسد ذلك في معالمها الآثارية القديمة وثقافتها ومدرستها ومواقفها المتميزة ، من بعيد يتراءى للقادم الى القوش جبلها الشامخ الذي يحتضنها بحنان ويجعلها مواجهة لنور الشمس ، وعلى مقربة من القوش يعاود الجبل احتضانه لدير الربان هرمز التاريخي ، ومنه نستشرف على دير السيدة حافظة الزروع ، وفي المدينة تتشابك ازقتها القديمة مع عبق التاريخ ليمتزج مع النسيم العليل عطر الزمن الماضي . فتقودك الأزقة الضيقة ومنعطفاتها الى الكنيسة العامرة والى مدرسة مار ميخا النوهدري العتيقة والى ( قوناغ ) المقر التاريخي للبطريركية الكلدانية وأخيراً نعرج الى اطلال بناية مرقد النبي ناحوم الألقوشي . وإذا تواصلنا مع تقلبات صفحات الزمن فسنجد ان المكان هو نفس المكان والأنسان هو نفس الأنسان  والذي تغير هو الوسائل والأدوات والعقول ، فنحن اليوم نملك ثروة كبيرة من الأفكار والنظريات وتراكم هائل من التجارب والمعارف التطبيقية والنظرية .
كان القوام الأساسي لاقتصاد القوش يحوم حول زراعة الأرض وبعض المهن اليدوية التي تمكنها من الأكتفاء الذاتي في المأكل والملبس والمسكن ، إلا ان التطور والنمو في مختلف مرافق الحياة اصبحت تلك الأرض وتلك المهن عاجزة لا تستطيع احتواء الزيادة السكانية ومتطلبات حياتها ، فكانت الهجرة كنتيجة حتمية لأسباب المعيشة ، ولكنها كانت هجرة في حدود المعقول تفرضها القدرة الأنتاجية المحدودة للبلدة  ، إلا ان ظاهرة الهجرة ، بعد عام 2003 نحت منحاً خطيراً حينما عكفت عوائل بكاملها تشد الرحال وتتوجه نحو الهجرة الى دول المهاجر فتصبو الى  الاستقرار النهائي لتلك العوائل في دول الشتات .وهكذا نشاهد عوائل كبيرة ( اوجاغي : عشائر) قد غادرت بشكل نهائي ، وربما تخلف وآثر البقاء في القوش بعض الأجداد او الأباء من كبار السن . والذين بقائهم وسفرهم ، ديموغرافياً ، لا يعني شيئاً .
يأتي في مقدمة دواعي الهجرة ، من بين اسباب اخرى ، عوامل المعيشة الصعبة التي تتمثل في صعوبة أيجاد عمل او إشغال وظيفة حكومية ، التي يبدو انها محصورة لانصار وموالي الأحزاب السياسية وأحزاب شعبنا المتنفذة لا تشذ عن هذه القاعدة المستهجنة في التعامل مع ابناء الشعب الواحد .
ونعود الى الخبر السعيد الذي يفيد بأن حكومة اقليم كوردستان قد عقدت اتفاقاً مع الشركة الأمريكية العملاقة ( إكسون موبيل ) وستقوم هذه الشركة بأعمال التنقيب في مناطق من السلمانية وأخرى في منطقة اربيل والثالثة في منطقة محافظة دهوك وتشمل الأخيرة منطقة القوش والشيخان وبحزاني وبرده رش .
في اواخر الستينات او بداية السبعينات من القرن الماضي اجريت بعض المسوح الجيولوجية في  منطقة الكنود ( جبل قند ) حوالي 4 كيلومترات جنوب القوش ، وثمة بئر محفور وقد سدت فوهته ، وقيل في حينها ان الكميات غير مشجعة وليست تجارية ، وكانت شركة النفط الوطنية العراقية هي التي قامت بتلك التنقيبات ، ولم يكن اختيار المنطقة ( جبل قند )  اعتباطياً ، إنما كان معتمداً على تنقيبات سابقة في اواخر الثلاثيات او بداية الأربعينات من القرن الماضي اجرتها شركة (IPC)  شركة النفط العراقية التي كان مقرها في كركوك . مما ريب فيه ان إمكانيات المسح الجيولوجي قد تطورت اليوم بخطوات كبيرة نحو الأمام مع التطور الحاصل على الأجهزة التكنولوجية الحديثة طيلة المدة التي تزيد على ثلاثة عقود مقرونة بخبرة الشركات العملاقة بهذا الجانب .
لقد كتبت جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 15/11 / 11 ان الدكتور آشتي هورامي وزير الموارد الطبيعية في اقليم كوردستان قد صرح بأن :

 حكومة الإقليم أجرت مفاوضات مباشرة مع شركة (إكسون موبيل)، وأن لجنة النفط والغاز بالإقليم عقدت اجتماعا برئاسة برهم صالح ووقعت عقدا مع وفد الشركة المذكورة في الثامن عشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأن ذلك العقد سيصب بالتأكيد في مصلحة جميع العراقيين لأنه سيجر استثمارات كبيرة إلى العراق».
واضاف الوزير الكوردي قوله :
«أن حكومته لا تمانع قيام مكتب شركة (إكسون موبيل) الأميركية في بغداد بالإشراف على أعمالها في إقليم كردستان، أو فتح مكتب جديد لها في أربيل لذلك». وكشف هورامي عن «أن شركة (إكسون موبيل) ستقوم بأعمال التنقيب في حقول نفط عربت بمحافظة السليمانية، وحقلي القوش وبردرش في حدود محافظة دهوك، إلى جانب حقل آخر هو بيرمام بمحافظة أربيل الذي تم تأشيره كحقل احتياطي لنفط إقليم كردستان العراق، وبذلك ستتوزع نشاطات الشركة المذكورة على محافظات الإقليم كافة»
 إن الشركات المنتجة هي التي تعمل على تطوير البلد ، ومن المؤكد ان هذه المناطق التي تمتد بين القوش وتلسقف وحطارا مروراً بالخط المؤدي الى بردة رش وبحزاني ..  هذه المناطق سيعمها الخير والرخاء .
فهل يأتي اليوم الذي نندم فيه على مغادرة بلداتنا وقرانا الكلدانية  وفي مقدمتها القوش ؟
لكن تبقى معضلة الهجرة قائمة ، فالأنسان لا يعيش بالخبز وحده ، اي ان الرخاء الأقتصادي ليس نهاية المطاف فحرية الأنسان وأمنه واستقراره واستكمال لوائح قوانين تضمن حقوقه الأنسانية والوطنية هي العوامل التي تشد الأنسان الى ارضه ووطنه ، فهل نشهد يوماً وقد منح الشعب الكلداني وبقية مسيحيي العراق حقوق المواطنة في وطنهم العراقي ؟
لا شك ان المناطق المشار اليها في محافظة دهوك هي مناطق تدخل ضمن مفهوم المناطق المتنازع عليها ، وثمة حساسية من قبل اطراف حكومية بالنسبة للعقود التي تبرمها حكومة الأقليم مع الشركات الأجنبية بشأن الفحوصات الجيولوجية في هذه المناطق ، وخير ما نتأمله ان تكون تلك الثروات فاتحة خير لاهل العراق عموماً واهل المنطقة خصوصاً .
حبيب تومي / اوسلو في 21/11/11
 

170
الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان خطوات ثابتة وقرار مستقل  
 بقلم : حبيب تومي / رئيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان  
habeebtomi@yahoo.no
يقول الشاعر التركي ناظم حكمت : إذا انا لم احترق وأنت لا تحترق فمن يضئ لنا الطريق ؟
ها قد مضى سنتان من عمر الأتحاد والذي نشأ على ارضية خضراء جميلة حيث عكفنا قبل ما يناهز السنتين على إجراء اتصالات ومشاروات بغية تأسيس تنظيم كلداني ثقافي ، يجمع تحت دوحته الكتاب والأدباء والشعراء الكلدان ، وكان محور المشاورات والأتصالات ان يسود مبدأ التطوع وروح التضحية بين من يروم العمل في هذا الأتحاد . لم نفاتح حزب او منظمة او جهة حكومية لكي تمول مشروعنا الثقافي البحت ، وكانت القناعة منذ البداية ان قبول المساعدة يعني فقدان استقلالية القرار ، ونحن الكتاب والأدباء الكلدان في الأتحاد لا نقبل ان نؤجر او نبيع أقلامنا ، وآثرنا ان تبقى استقلالية  قرارنا وغنى النفس رأسمالنا ونحن قانعين بهذه المكانة .
 لقد اتفقنا على اسم الأتحاد بأنه الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان وباللغة الأنكليزية
"THE INTERNATIONAL UNION OF CHALDEAN WRITERS (IUCW)"  
وباللغة الكلدانية " ܚܘܝܕܐ ܬܒܝܠܝܐ ܕܟܬܘܒܐ ܘܣܦܪܐ ܟܠܕܝܐ"
والأتحاد جسم ثقافي مستقل لا يرتبط بأي حزب او كيان ولا يتلقى اية مساعدات كما قلت، ونعتمد في تمشية امور الأتحاد على تبرعات واشتراكات اعضائه من الكتاب والأدباء الكلدان ، ونحن نتصرف بموجب قدراتنا المالية فقد عملنا على إنشاء موقع الكتروني خاص بالأتحاد ونحن بصدد تحديد إدراته ، وبودنا ان يكون لنا مقر في العراق ، والمسالة تتعلق بقدراتنا المالية فإن استطعنا توفيرها فسيكون لنا مقرنا ، وإن لم تتوفر تلك الأمكانيات فنحن مستغنين عنه ، رغم اهميته ، فنحن مستمرون في نشاطاتنا .ولهذا يبقى الأتحاد معتدا بنفسه وحريص على استقلاليته .
 البدايات كانت بين حلقة ضيقة من الأخوة الكتاب الكلدان ، ثم توسعت لتشكل الهيئة التأسيسية من 25 عضو وبعد التأسيس والى اليوم فقد ارتفع عدد الأعضاء الى ما يقارب ضعف هذا العدد .
لقد كانت بوصلة الأتحاد العالمي للكتاب والأبداء الكلدان متجهة نحو توعية الشعب الكلداني بمنزلته القومية ، وتعريف الآخرين من الأقوام الأخرى بالمكون الكلداني الأصيل ، وإنه جزء لا يتجزأ من الوطن العراقي العزيز ، وإنه ( الشعب الكلداني الوديع المسالم ) يعتبر ملح المجتمع العراقي . وقد جاء في دليل الجمهورية العراقية لسنة 1960م .
 ان الكلدان يتوزعون على المدن العراقية وإن تعدادهم في العراق والعالم يربو على 640000 نسمة ..  وللكلدان في العراق مدارس وجمعيات وأوقاف وكنائس وديارات منتشرة في المدن العراقية .. ومنهم اليوم العلماء والأدباء والأطباء والصحفيون والمحامون ومنهم من يتولى مناصب كبيرة في الجمهورية ..
اجل إن هذا الشعب النبيل بعد ان لمسنا نحن النخبة المثقفة ان حقوقه مسلوبة في وطنه العراقي تطوعنا للدفاع عن تلك الحقوق ، وبنفس الوقت كان العمل على نشر الوعي والشعور القومي بين هذا المكون ، ولهذا كان اول مهمة في البيان التأسيسي يقول :
1 ـ نشر الوعي  القومي والثقافة الكلدانية بين أبناء شعبهم وتسخير أقلامهم للشروع بحملة واسعة في كافة المحافل العربية والدولية لتعريف شعوب الأرض بحضارة وتاريخ وأمجاد الكلدانيين في وطنهم الأم ، وإنهم السكان الأصليين في هذه البلاد .
اجل إن مهمتنا ليست يسيرة لبث الوعي والشعور القومي الكلداني ، وثمة حالة مشابهة اقوم باجتزاء بعض الفقرات بتصرف من كتاب المرحوم جرجيس فتح الله والكتاب تحت عنوان " يقظة الكرد تاريخ سياسي 1900ـ 1925" ص64ـ 65 يقول :
اتخذ نشاط القوميين الكرد وفعالياتهم خلال كردستان اتجاهاً جدياً بانتشار الأفكار القومية التي تبثها سراً الجرائد والمطبوعات ... ويمضي الكاتب الى القول عن محمد صديق الدملوجي فيضيف :
ان اولئلك الذين تصلهم المطبوعات السرية يعمدون الى تسليمها للسلطة تأكيداً لولائهم او خوفاً من الوشاية بهم .. وربما كان مبعث ذلك الأفتقار الى الشعور القومي فمما لا شك فيه ان بعض هؤلاء قد يرون ان النشاط في الحقل القومي نوعاً من التحريض والأثارة الخيانية ضد السلطة الشرعية اي الخليفة السلطان والدولة الأسلامية .
ونحن لا يمكن ان ننكر وجود شعور قومي كلداني ضعيف قياساً مع المواقف القومية للمكونات القومية العراقية الأخرى . ونحن ننطلق من هذا الواقع ونتطلع الى النجاح في مهمتنا منطلقين من عنصر الإخلاص ، فليس لنا منافع مادية او وظيفية .
في باكورة عملنا كاتحاد ، قررنا ان نسلط الأضواء على مذبحة صوريا الكلدانية التي وقعت حوادثها الدموية في 16 ايلول 1969 م . وأن نحاول إزالة غبار النسيان عن تلك المذبحة التي مر عليها زهاء أربعة عقود ونيف ، وفعلاً استطاع اتحادنا بنشاطاته الثقافية ان يحفز اقلام اخرى وان نلفت انظار جهات اعلامية ورسمية وفي مقدمتها وزارة الشهداء والمؤنفلين . لكن يبدو ان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري القريب من دائرة صنع القرار في كوردستان والمالك لماكنة اعلامية كبيرة  ، اراد تجيير المسالة لرصيده لكي يفوت الفرصة على الأتحاد العالمي لكتاب وادباء الكلدان .
لكن هدفنا كان يتمحور ان يبقى اسم قرية صوريا الكلدانية كنجمة مضيئة في سماء التضحية في كوردستان ، وأن يكرم شهداء المذبحة بما يليق مكانتهم الكريمة . وهذا ما تحقق ونحن مرتاحون لهذه النتيجة .
خطابنا ليس موجهاً ضد فئة او حزب او منظمة  ، وليس لنا اي مصلحة في مهاجمة اي شريحة دينية او قومية او عرقية ، كما ان اتحادنا مكون ثقافي وبوصلة توجهاته متجهة نحو نشر الوعي القومي والمشاعر القومية والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الكلداني ، وبعد ذلك فإن لكل عضو فيه رأيه وانتماؤه السياسي ، وليس من حقه ان يفرض رؤيته السياسية على الأتحاد ، وفي المقابل ليس للاتحاد اي شأن في الخلفية السياسية لأعضاء الأتحاد .
في علاقاتنا مع الآخرين نحن نحترم توجهاتهم وآرائهم ومقابل ذلك نتوقع من الأخر ان يحترم توجهاتنا وآراءنا وكما يقول عالم النفس الألماني فريتز برلز :
إنني اعمل ما يخصني وأنت تعمل ما يخصك ، ولست في هذه الدنيا لكي اعيش على هواك ، ولا انت تعيش على هواي .. انت ما انت عليه ، وأنا ما انا عليه ، فإذا تلاقينا او توافقنا بالصدفة فهذا شئ جميل ، وأما إذا لم يحدث ذلك فما حيلتي ؟
 مع الأسف بقصد النيل من الأتحاد ثمة مقالات تكتب لا سيما من قبل الكتاب الكلدان الذين ركبوا موجة الموالاة لخطاب الأحزاب الآشورية المتزمتة ، ليظهروا انهم ملكيين اكثر من الملك . وكان احد المبتدئين او احد المكلفين او ممن تقمصوا اسم متي حنا البازي ليكتب مقالاً يريد النيل من الأتحاد ، واللعبة ظهرت حينما تبين ان ثمة لوبي مسخر لترويج مثل هذه المقالات والهدف منها هو النيل من الكلدان ورموزهم وتنظيماتهم ، وقد افلح هذا اللوبي بإرسال اللنك الى مئات القراء يحثهم على قراءة موضوع مهم جداً على موقع عنكاوا ، حيث حصل هذا المبتدئ على اكثر من 750 قارئ وعندما اتصلت بالمرسل وأخبرته بحذف اسمي من قائمته وان عمله يشبه عمل غوبلز وزير اعلام هتلر ، اجابني بأنه يجب ان نعمل لازالة هذا الورم ، وهو يقصد الأتحاد العالمي للكتاب وألأدباء الكلدان . علماً ان هذا الشخص يقوم بهكذا اعمال متستراً بثوب الوحدة .    
وهنا يتبادر الى الذهن سؤال مشروع : لمذا تكون المنظمات الخاضعة لك ولخطابك منظمات وكيانات مشروعة ، بينما اتحانا المستقل في قراره يكون من الأورام السرطانية ينبغي إزالتها . يا عزيزي فاروق كيوركيس لك حريتك وللاخرين نفس المساحة من الحرية ، وكما يقول مونتسكيو : تنتهي حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين ، وأنا اقول إن الفكر الأديولوجي والأندفاع الحماسي قد تقزم امام الفكر العقلاني الواقعي .
أُريد من هذه الضجة المفتعلة حصر الأتحاد في زاوية ضيقة مع البعث ودَمويته التي طالت كل العراقيين ، وعائلتنا من بيت تومي لوحدها كانت ضريبتها الملاحقة والتشريد والسجن وأربعة شهداء شباب  ، فلماذا كل هذه المغالطات ؟
لقد حكم حزب البعث العراق لمدة 35 سنة ورغم دخول العراق في حروب خارجية وداخلية ومع كل المآسي والنواقص التي كانت سائدة فلا بد ان نشير الى جوانب ايجابية في العمران وفي بسط الأمن وغيرها . لقد جاء في موقع ويكيبيديا أن :
عدد المنتسبين للحزب قبل الغزو الأمريكي عام 2003 كان حوالي 11 مليون شخص مقسمين على خمسة مستويات منهم :
•   عضو مرشح
•   نصير متقدم.
•   نصير .
•   مؤيد.
فاين الخلل ان يكون بين اعضاء الأتحاد عضو يقول انا شيوعي او ديموقراطي كوردستاني او حزب كلداني او بعثي . نحن نعرف كوادر حزبية بعثية كثيرة واليوم لهم مواقع قيادية في الأحزاب الآشورية . فلماذا الحقد ينصب على اتحادنا فحسب ؟ فلماذا يلف صمت القبور اقلامكم  ويجف حبرها حينما يتعلق الأمر بتلك الأحزاب المتنفذة فلا تحركون ساكناً ؟
 نحن في الأتحاد العالمي للكتاب والادباء الكلدان لدينا تصور واضح وهو مناصرة حقوق شعبنا الكلداني ، ولا نضمر العداء او الضغينة او الكراهية لاية جهة سياسية او دينية ومن هؤلاء اخواننا الآشوريين الذي نشكل معهم والأخوة السريان شعب مسيحي واحد ولكل منا هويته واسمه وخصوصيته وينبغي ان نستوعب حقيقة ملزمة لكل الأطراف بأن يعم الأحترام المتبادل إنطلاقاً من ابسط قواعد ولوائح حقوق الأنسان في حرية المعتقد والدين والهوية والأنتماء .
حبيب تومي / اوسلو في 12 / 11 / / 11

171
امر مؤسف ان يصار الى تسييس موقع عنكاوا بدلاً من مهنيته الجميلة
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
اجل اعبر بكل صراحة عن دهشتي لموقف موقع عنكاوا في الآونة الأخيرة ، والدهشة حالة ناشئة عن وقوع حدث او امر غير متوقع ، وهي ايضاً  تشير الى الحيرة والأستغراب ، نعم هذا ما استغربه من موقع عنكاوا الذي دأبت على الكتابة فيه منذ بداياتي الكتابية للمقالات السياسية والقومية في المواقع الألكترونية .
فما لمسته من موقع عنكاوا طيلة هذه السنين انه يقف على مسافة واحدة من الطروحات الفكرية من قبل الكلدان او الآشوريين او السريان ، وفي هذه الفترة قد يكون لعضو او اكثر في إدارة الموقع رأياً شخصياً يميل او يؤيد هذا الفريق او ذلك الجانب لكن في كل الأحوال لا يؤثر ذلك الرأي الشخصي على مجمل اتجاه الموقع الحيادي .
وأنا هنا اخاطب موقع عنكاوا ولا اخاطب المواقع الآشورية الحزبية المتزمتة التي لا تملك ولو فسحة ضئيلة للرأي الاخر المعاكس لرؤيتها ، فهذه المواقع الأديولوجية العنصرية امورها محسومة وليس لنا نقاش معها .
لكن بالنسبة لموقع عنكاوا كوم يختلف الأمر فهو للجميع ولا يليق به إظهار محاباة او تفضيل طرف على طرف آخر ، ومن هذا الباب عليه ان يحترم كل الآراء بمنأى عن مظهر الأنتقائية .
ومن خلال تواجدي في اكثر الأوقات في موقع عنكاوا فأسجل هذه الملاحظات عسى ان يتسع صدر إدراة الموقع لقبول شئ من النقد البناء .
1 ـ الموقع نشر مقال بعنوان : الانفصاليون الكلدان ومؤتمر نهضتهم     وهو بقلم الكاتب سامي بلو  
                                                                               ونشر المقال على الصفحة الأولى لموقع عنكاوا ورغم صيغته الأستفزازية واحتوائه كثير من المغالطات بحق الكلدان إلا ان المقال وجد طريقه الى النشر في الصفحة الرئيسية .
وفي نفس السياق وعلى نفس الوتيرة كان مقال مقال آخر تحت عنوان : مستشار محافظ نينوى معن باسم عجاج يمجد حزب البعث المنحل ورموزه جهارا نهارا لماذا ولمصلحة من ، للكاتب انطوان الصنا وورد فيه الكثير من التهكم على الشعب الكلداني ومنظماته وأحزابه حيث ورد فيه :
(( لربما يتسائل احد ابناء شعبنا ليقول من هي هذه التنظيمات الكارتونية الكلدانية والدكاكين الحزبية الكلدانية في المهجر ؟ الجواب كل تنظيم سياسي او قومي او ادبي او اعلامي كلداني ولا نستثني المؤتمرات النهضوية الكلدانية الاخيرة التي لا معنى لها تحت جلبات المطران سرهد جمو قائد الامة الكلدانية الهمام !! والتي لا ترتقي الى مفهوم المؤتمرات اصلا وهي عبارة عن اجتماعات ولقاءات حماسية وعاطفية دينية وللموضوع صلة في مقال خاص .. ويقتصر عمل التنظيمات الكارتونية على اصدار البيانات وتوجيه الانتقادات لهذا وذلك من اجل الشهرة وهذه التنظيمات ليس لها صفة قانونية وديمقراطية في الوطن والمهجر وليس لها قواعد حزبية او جماهيرية في ارض الوطن ولم تقدم اي اعمال او انجازات لشعبنا في الوطن ... )) .  نشر المقال في اعلى واجهة موقع عنكاوا .
ونشر الموقع ايضاً مقال آخر للكاتب كامل زومايا تحت عنوان : نحتاج الى توضيح ، استاذي الفاضل ابلحد افرام والاخوة في نهضة الكلدان والاتحاد العالمي للكلدان، ومقال آخر  
للكاتب جورج هسدو حول مؤتمر النهضة الكلدانية عنوانه : مؤتمرات النهضة الكلدانية.. خطوة في الإتجاه المحيّر ،
وللحقيقة ان الكاتب ( هسدو ) كان بمنأى عن وتيرة الأستفزاز والتهكم كالمقالات السابقة التي يحمل كتابها حقداً دفيناً لكل ما اسمه كلداني .
2 ـ كان هجوما لا طبيعياً بسبب عقد مؤتمر قومي كلداني للنوادي الكلدانية في السويد ، باسم مؤتمر النهضة الكلدانية ، وحرفها احدهم ليقول انه مؤتمر كنسي ، المهم ان الكتاب الذين يفتخرون بتاريخهم وباسمهم الكلداني ومن باب حرية الرأي والرأي المضاد فقد كتبوا مقالات توضيحية ورداً على تلك الكتابات الأستفزازية ، وبشكل هادئ وأسلوب حضاري مؤدب ، لكن موقع عنكاوا حجب مقالاتنا الموضوعية عن صفحته الرئيسية ، منها على سبيل المثال لا الحصر :
 مقال بعنوان أنهم يحتاجون الى توضيح  من الكلدان !!  للكاتب الكلداني بطرس آدم .
 ومقال الأخ مايكل سيبي بعنوان : مؤتمرات النهضة الكلدانية حَـيَّـرَتْ جـورج هَـسَـدو
(الله لا يحـيِّـر عـبده) .
 ومقال آخر بقلم الأخ سيزار ميخا هرمز وهو تحت عنوان :
إسقاطات سياسية رخيصة لكل من يرفض أقامة محافظة مسيحية - معن عجاج والاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان نموذجاً
 بعد ذلك كتبت مقالاً في المنبر السياسي كرد على مقال كامل زومايا وتحت عنوان : الأخ كامل زومايا ماذا ابقيتم للكلدان ؟ واليوم تمنعون عنهم حتى حق المعارضة .
 لقد حجبتم كل تلك المقالات الرصينة وبالمقابل نشرتم المقالات الأستفزازية التي تدعو الى الحقد والكراهية بين ابناء الشعب الواحد .
 وبنفس السياق فإنكم تحجبون مقالات الشماس كوركيس مردو حتى حينما يكتب : الربيع العربي هل سيتحول الى شتاء إسلامي ؟ ان الحيادية تبدو غائبة هنا اخواني في إدارة موقع عنكاوا .
 3ـ الأنتقائية لاحظتها حينما لا تنشر مقالاتنا ( وهنا اقصد مقالات كتاب الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ) ، وتنشرون للكتاب التابعين للمجلس الشعبي والزوعا وهم معروفين . ومثلاً الكاتب جورج هسدو لا يوضع مقاله إلا في اعلى صفحتكم الأولى وبشكل مستمر ، كما انكم في هذه الفترة القصيرة وضعتم ثلاثة من مواضيعه في الحوار الهادئ ، فنحن نتساءل في الأتحاد هل ان الكتاب جورج هسدو وأبرم شبيرا وكامل زومايا وانطوان الصنا ويوسف شكوانا وسامي بلو يكتبون الدرر ونحن الكتاب الكلدان نكتب الترهات ؟
 بصراحة انها انتقائية لا مبرر لها من إدراة موقع عنكاوا . فلا يليق بمهنية وحيادية موقع عنكاوا ان يكون طرفاً بين الفرقاء ، الوسطية الذهبية هي التي تليق بموقع عنكاوا ، كما ان اعتزازي الشخصي بهذا الموقع هو الذي دفعني الى هذه الصراحة .وانتم احرار في موقعكم طبعاً ويمكن ان توصدوا ابواب الموقع بوجوهنا .
 وفي الختام أكرر ما بدأته في عنوان المقال وأقول :
أمر مؤسف ان يصار الى تسييس موقع عنكاوا كوم وفقدانه لمهنية الجميلة . وكم اتمنى ان اكون مخطئاَ في تقديراتي .
 حبيب تومي / اوسلو في 05/11/11

172
أخي كامل زومايا ماذا ابقيتم للكلدان ؟ واليوم تمنع عنهم حتى حق المعارضة  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
اعبر عن استغرابي ودهشتي من مقال الأخ كامل زومايا ليستوضح عن موقفنا نحن الكلدان من مسألة الطروحات التي تدعو الى إقامة محافظة مسيحية ، ويبدو انه يريد اتهامنا باننا نعرقل تحقيق طموحات الشعب ، وكأن امر المحافظة قاب قوسين او ادنى من التنفيذ ونحن نعرقل قرار تنفيذها ، اي ان مصير المحافظة قد قرر وإن الحكومة العراقية بجهة وضع اللمسات الأخيرة لإصدار قانون او مرسوم بتشكيل تلك المحافظة ، ونحن الكلدان نملك كل الصلاحيات لأيقاف ذلك الإجراء .
يا اخي زومايا ماذا ابقيتم للشعب الكلداني ليكون له مثل تلك الصلاحيات ؟
 ماذا ابقيتم للأحزاب الكلدانية ؟
 ماذا ابقيتم لمنظمات المجتمع المدني الكلدانية ؟
 ماذا ابقيتم للنخبة المثقفة الكلدانية ؟
ماذا فعلتم بالكنيسة الكلدانيــــــة غير التمزيق والتفتيت ، ولدي دلائل على ذلك . اليوم تأتي لتقول لنا لماذا كتبنا مقالة او قلنا كلاماً او عقدنا مؤتمراً . يا اخي العزيز كامل زومايا لقد سيطر المجلس الشعبي الذي تنتمي اليه على الأموال المخصصة للمسيحيين ويمنحها لمن يشاء وكيفما يشاء ، وهو كريم وسخي ومبذر مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني الآشورية ، وبخيل وشحيح مع الجهات الكلدانية فقد نشّف كل قنوات المساعدة عن الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ، باستثناء التي تدين بالولاء للمجلس الشعبي وتكتب تحريرياً وليس شفهياً انها بريئة من الهوية الكلدانية عندئذٍ تنهمر المساعدات ، وسوف لا أبخل عليك بمثال ساطع وهو تجربة المجلس القومي الكلداني الذي كان مقره بالسرداب حينما كان يفتخر بالقومية الكلدانية ، ثم ما لبث ان اصبح مقره كبيراً وعلى الشارع العام حينما ابصم بالعشرة على تغيير فكره القوم الكلداني الى تسمية قررتها الأحزاب الآشورية لكي يلتزم بها هذا التنظيم او اي شخص او منظمة او حزب كلداني ، فنحن يا اخي كامل زومايا نعيش في غابة تؤدي طرقها الى ما يفيد سياسة الجزرة والعصا .
يا اخي زومايا تطلب التوضيح من الأخ ابلحد افرام ومن الأخوة في نهضة الكلدان ومن الأتحاد العالمي للكلدان ويبدو انك تقصد الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، اي على كل من يعتز بانتمائه القومي الكلداني ان يجلس على كرسي الأعتراف ليبين لكم سبب معارضته لمشروع المحافظة .
يسأل الأخ كامل زومايا :  (هل يعتبر عدم اتفاقكم مع مؤسسسات واحزاب شعبنا المنضوين تحت تجمع التنظيمات الكلدانية السريانية الاشورية مبرراً للهروب الى الامام والتحالف مع اعداء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري وشعبنا العراقي ).
اولاً كان يجب ان تخاطب الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ايضاً فهي تقف بالضد من مشروع المحافظة ، اما الجهات الكلدانية التي اشرت اليها في سؤالك ، فهي لها رأيها وقرارها المستقل ولا تخضع لأيه جهة لتوجيهها . اما هيكلية تجمع تنظيمات شعبنا الذي اشرت اليه وانسحب منه مؤخراً الحزب الديمقراطي الكلداني الذي كان يتسم بقراره المستقل ، فيبدو ان التجمع الذي اشرت اليه  ( تجمع احزاب ومنطمات شعبنا ) ليس فيه مكان للاخر الذي يختلف معه ، اي انغلاق على الذات ، فالديمقراطية والشفافية بين ابناء شعبنا واحزابه تزدهر في قبول الآخر المختلف وليس في تكميم  أفواهه او تحطيمه لكي لا تقوم له قائمة .
فهذا التجمع لم يعد له اي مصداقية بعدما اصبح مسيراً من قبل المجلس الشعبي والحركة الديمقراطية الآشورية ، فالقوى الكلدانية وحركة السريان في التجمع هي خاضعة للمجلس الشعبي كونه ممولها ، وجمعية الثقافة الكلدانية ليست حزب سياسي وهناك تنظيمات في التجمع ليست عراقية وليست معنية بهموم شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق . فهل عدم الأنضواء تحت جناح هذا التجمع يعتبر الهروب الى الأمام والتحالف مع اعداء شعبنا ؟ ما هذا المنطق اخي كامل زومايا ؟
أسألك انت والأخوة الكتاب الكلدان الذين ركبوا موجة مناهضة كل ما اسمه كلداني ، وتتناكفون على كيل التهم الباطلة بحق الكتاب الكلدان الذين يتمسكون باسم القومي الكلداني الشريف ، بأنهم انقساميين وانفصاليين ، فهل تصل شجاعتكم يوماً الى استيضاح ومساءلة المؤتمر الآشوري العالمي الذي لم يقبل بالتسمية القطارية ووافق على التسمية الآشورية فقط ، وهي مدونة في محضر تجمع احزاب شعبنا ، لكن كتابنا ينطبق عليهم المثل الالقوشي بأن (ابي لا يقدر إلا على امي المسكينة )، ويبدو ان نزاهتم وشجاعتهم هي علينا فقط ، اما مع الآخر فإنكم حملان وديعين مطيعين . وهل لك تفسير آخر للمسألة أخي زومايا ؟
 نحن الكلدان والقوى التي وضعتها على كرسي الأعتراف من شعبنا الكلداني ، نحن ندرس الأمور بشكل مستقل وبعقلانية ، وينبغي الأحاطة بكل جوانب المسألة ، ولكنكم يا اخي تستعجلون الأمور وتريدون ان نصفق لكم دون اعتراض ، لقد سألكم أخواني في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان وغيرهم من الكتاب الكلدان الذين يفتخرون باسمهم التاريخي النبيل ، ولا اقول الذين باعوه بحفنة من الدراهم ، لقد سالوأ اسئلة وحالياً منشورة على موقع عنكاوا وغيره كمقال ألأخ صباح دمان ، والأخ سيزار هرمز  والصديق عامر جميل وغيرهم فهل بإمكانكم الرد على استفساراتهم ؟
لقد صرفتم الأموال بدون حساب وشكلتم الوفود للسفر الى اميركا وغيرها للتبشير وتمرير الفكرة ، لكن يا ترى هل تملكون انتم والوفود التي ارسلت هل لكم تصور على شكل هذه المحافظة ؟
 اين حدودها ؟ هل هي مبنية على اسس سياسية كأن يكون لها استقلالها الذاتي ويكون لها علمها وميزانيتها وشرطتها ككيان شبيه بأقليم كوردستان ؟ ام ستكون مجرد ترتيب إدراي حينذاك سيكون امر إدارتها بيد الأخوة من الشبك والأزيدية باعتبارهم الأكثرية ؟ فلماذا نحن نتحمس للموضوع وفي الأخير نخرج من المولد بلا حمص ؟ ونحن الشعب الكلداني ماذا سنجني من هذه المحافظة ؟ إن التجارب السابقة في كوتا المسيحية لا تبشر بخير لكي نبدي تحمسنا واستعدادنا للتعاون ، إنكم يا اخي تستخدمون الكلدان كعبيد او ادوات تحققون فيها اهدافكم ومصالحكم ليس إلا .
 إنكم بصراحة اخي كامل زومايا في المجلس الشعبي وفي حركة الزوعا تستحوذون على الثروات المالية المخصصة للمسيحيين ، والزوعا تسيطر على المناصب المخصصة للمسيحيين ، واصبح شعار ( وحدة شعبنا المسيحي ) ورقة التوت التي تغطون فيها كل اعمالكم الأقصائية والغريبة عن التعامل الأخوي ، باسم (وحدة شعبنا) مزقتم مؤسسة الكنيسة الكلدانية وهيمنتم على الكوتا المسيحية ، وستقول لي بأنكم قد فزتم في الأنتخابات ، لكني اقول لكم انكم استخدمتم الأموال وقنوات الأعلام الخاصة بجميع المسيحيين استخدمتوها لحزبكم فقط .
 يقول الكاتب عبد الرحمن الراشد :
 إن الأكثر مالاً الأكثر حظاً في الأنتخابات ، هكذا كنتم الأكثر مالاً والأكثر إعلاماً ، علماً ان المال والأعلام كانت يجب ان يكون من نصيب جميع قوائم شعبنا بشكل متساوي وشفاف وعادل ، هكذا افهم الأمور اخي كامل زومايا ، وهكذا افهم اننا ابناء الشعب الواحد دون ان يكون هناك فرض افكار وأديولوجية بالقوة كما تفعلون انتم في المجلس الشعبي وفي الحركة الديمقراطية الآشورية .
نحن مع الحصول على الحقوق لكل المكونات العراقية بما فيها شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، نحن نتطلع الى فرصة نكون اسياد انفسنا ، لكن بعيداً عن المزايدات والحلول الأرتجالية التي تسعون الى فبركتها .
 استغرب منك اخي زومايا ان تحشرنا في زاوية واحدة مع البعث ، فإن نظريتك هذه ارجو ان تحتفظ بها لنفسك ولا اناقشك فيها لانها ببساطة لا تستحق المناقشة وهي جزء من خطابكم التخويني لكل ما اسمه كلداني  ، اما بالنسبة للاخ معن باسم عجاج عضو الأتحاد العالمي للكتب والأدباء الكلدان فهو بنفسه  يرد على اتهاماتك وعلى اتهامات غيرك بمقاله الموسوم :
من معن عجاج العراقي ال انطوان صنا الامريكي الجنسيه ..هذا هو بضعا من ردي على مقالتك وهو حسب الرابط  
http://karemlash4u.com/vb/showthread.php?t=133146
أقول :

(( لكي ننقذ سفينتا من الغرق والتيه في ارجاء المعمورة فإن العبئ الكبير يقع على عاتقكم ، فكم هو جميل ان  ترفضون انتم ( المجلس الشعبي ) والزوعا الخطاب الأقصائي للهوية الكلدانية وتجلسون معهم كأخوة وأنداد وليس كاسياد وأتباع ، حينئذٍ يمكن بحث كل القضايا الخاصة بشعبنا بأجواء من الشفافية وبمنطقية قبول الآخر والأحترام المتبادل ، وهذا هو الطريق الوحيد الكفيل بجعل سفينة علاقاتنا مستمرة في الأبحار بالطريق الآمن وفي تلك الحالة فقط  سيكون ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين كتلة صلدة واحدة إن كان على نطاق الفعل السياسي او القومي فليس بيننا من ينكر قوميته وهويته من اجل عيون الآخر .
 نحن الكلدان عزيزي كامل زومايا نعتز ونفتخر بقوميتنا الكلدانية بمنأى عن سياقات التعصب والفكر القومي المتزمت  نحن نحترم الجميع ونطلب من الجميع بالمقابل احترامنا ، وإن وحدة شعبنا لا تعني مطلقاً ان تأسيسها  ينبغي ان يتم على اشلاء القومية الكلدانية ، فهذا فكر إقصائي مرفوض اخلاقيا وسياسياً ومنطقياً ، لا يمكن ان نقبل به احترما لتاريخنا ، ليس من المنطق ان تجبرون الكلدان على اعتناق فكر لا يؤمنون به ، عليكم احترام حقوق الشعب الكلداني النبيل ، وهذا افضل ما تقومون به .))
 
حبيب تومي / اوسلو في 04 / 11 / 11

173
تمخض الربيع العربي فولد حكماً اسلامياً
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الليل العربي كان طويلاً والنوم عميقاً وحينما استيقظ الشباب العربي من نومهم على ايقاع الفيسبوك والتوير والأنترنيت لاحظوا ان العالم قد تغير وتقدم نحو الأمام ، وهم لا زالوا كأهل الكهف يعيشون في عالم آخر قديم وهي قصة وردت في القرآن في صورة آل الكهف من ألاية 8 ـ 25 ، وكما وردت قبل ذلك في الأدب السرياني عن الفتيان الثمانية في افسس حينما هربوا من الأضطهاد قبل ان تتنصر الدولة الرومانية ، وافاق هؤلاء بعد قرون حيث سادت المسيحية بلادهم ولا يعلمون بما حدث واعتقدوا انهم ناموا ليلتهم فحسب , وهي قصة لا مجال للتطرق اليها في هذا المقام ، خميرة الكلام ان الزمن قد سار وتطور وهم نيام ، وأفاقوا وإذا كل شئ قد تغير .
ثورة الشعوب العربية او كما عرف بالربيع العربي الذي تفشى في الدول العربية بدءاً من تونس مروراً بمصر ومن ثم الى ليبيا بيت بيت زنكة زنكة ، وقبلها في اليمن وأخيراً الى سوريا . والسؤال المطروح من الذي قطف ثمار تلك الثورة او الثورات التي قامت بعد عقود طويلة من الحكم الأستبدادي الديكتاتوري . لقد تراءى للمراقب بأن الثورات العربية ستجني ثمارها ويمضي العالم العربي لاحقاً بالركب الحضاري فيجري تطبيق مبادئ الديمقراطية وتبدأ عمليات البناء وتنتشر مبادئ التسامح والتعايش بين المكونات بجميع اطيافها الدينية والمذهبية والأثنية ، وهذا ما كنا نتأمله في العراق أيضاً بعد سقوط النظام في نيسان 2003 حيث اعتقدنا اننا سنعيش في امان واستقرار وفي بحبوحة من العيش الرغيد وفي ظل دولة مؤسسات يسود فيها القانون والنظام والتعايش بين المكونات العراقية .
 لكن الواقع كان بعيداً عن ذلك فقد اسقط بيدنا حيث هيمنت الأحزاب الدينية على مقدرات العراق ، وادخل العراق في نفق الطائفية المظلم ، واليوم وقد مضى ثمان سنوات ونيف ولا زال المواطن العراقي يفتقر الى ابسط خدمات الحياة في القرن الواحد والعشرين وهي الكهرباء ، وهو المثال الوحيد الذي ادرجته ، لأنه اصبح التطرق الى انعدام الخدمات وتفشي الفساد الأداري والمالي وانعدام الأمن وغيرها من الأخبار او الأمثلة اليومية واصبح تكرارها يبعث على السأم والملل.
أجل إن الربيع العربي سينتج محصولأً لم يحصده سوى الأسلام السياسي إن كان معتدلاً او اصولياً ، فالهدف واحد ، لكن الآلية مختلفة . في ليبيا كان مصطفى عبد الجليل ، الأسلامي المعتدل ، رئيس المجلس الأنتقالي يشدد على عزمه على مراجعة القوانين الليبية لتوافق مع الشريعة الأسلامية  ويقول في خطابه يوم التحرير: «إن ليبيا دولة إسلامية، وأي قانون يعارض المبادئ الإسلامية للشريعة هو معطل قانونا»، معطيا مثلا قانون تعدد الزوجات  .
  لقد كان القذافي مسلماً  متزمتاً ولا يختلف بشئ عن طالبان وقد كتبت في وقتها مقالاً عنوانه الزعيم الليبي معمر القذافي يسئ للكتب المسيحية المقدسة ، وهو يصفها بأنها مزورة ، فأي قوانين علمانية يمكن للقذافي ان يوافق عليها . ونتمنى للشعب الليبي ان لا تذهب ضحاياه هدراً ، وان لا يخرجوا من مطب ليقعوا في مطب آخر .
إن تونس وهو البلد العربي الذي اتسم بمقدار كبير من الحرية وبعض التوجهات العلمانية التي شرعت في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة مقتدياً بكمال اتاتورك ، اليوم اسفرت الانتخابات التونسية عن فوز كبير لحركة النهضة التونسية ذات التوجه الإسلامي ، ومن خلال تصريحات قادتها انهم يؤمنون بتداول السلطة وفق ما يختاره الشعب في العملية الديمقراطية .
وفي مصر ثمة مخاوف من وصول جماعة الأخوان المسلمين وغيرهم من الأحزاب الأصولية الإسلامية الى السلطة . ولا نريد استباق الأحداث في اليمن او في سورية .
ثمة من يعتقد بأن الظروف ستفرض على الأسلاميين تغيير سلوكهم وافكارهم لكي تتلائم مع الظروف الموضوعية المستجدة في المنطقة والعالم ، فهل يمكن ذلك ؟ هل يمكن يان يؤمنوا بالديمقراطية ؟ في الحقيقة ان الإسلاميين كانوا شركاء الأنظمة المخلوعة ، وكانت الحكومات رغم سمتها العلمانية تعمل على ترضية التيار الإسلامي .
 ان الشعوب العربية لم تصل الى مستوى من الوعي كي تنتخب القوى العلمانية الديمقراطية ، إن تجربة العراق ماثلة امامنا فحينما تخلص الشعب من الحكم الدكتاتوري لجأ الى انتخاب الأحزاب الدينية ، إن هذه الظاهرة ناجمة من العقل الجمعي المتأثر بالحماس الديني ولم يستطع التحرر من ذلك التأثير إلا بانتشار العقل الفردي المستقل ، وكما حدث في اوربا حيث انتهى دور الدين في العملية السياسية وبات محصوراً في اروقة الكنيسة ، وهذا بفضل وعي الشعب ومستواه الثقافي ودون فرض اي قيود . انه مستوى من الوعي والثقافة الذي نفتقر اليه .
إن الخطاب الديني الإسلامي المهيمن على عقلية ومزاج الأنسان العربي المسلم لا يمكن تبديله بجرة قلم ، او بثورة طارئة ، او شعارت ثورية مهما بلغ الأمر ، فالعقل الغريزي الديني متغلغل في العقل الباطني للأنسان وهو اعمق المؤثرات ، وهو القادر على تحريك تلك الجموع ، وعلى سبيل المثال فإن الثوار اللذين اهانوا القذافي وفتكوا به اثناء اندفاعهم الثوروي ، هم أنفسهم الذين كانوا بالأمس يهتفون ويؤلهون القذافي ، نحن نصنع الصنم والدكتاتور ، ونحن نسحلهم في الشوارع .
 ميدان التحرير في القاهرة يشهد المسيران المليونية لسبب وآخر ولكن هذه الساحة لم تجد تجمعاً مليوناً او حتى مئوياً حينما سحقت دبابات الحكومة عشرات الأقباط وهم السكان الأصلاء في هذه الدولة ، إن الهوية الدينية الأسلامية في مصر قد أزاحت الهوية الوطنية المصرية ، وجعلت منها هوية ثانوية وبموجب عقليتها ومزاجها الديني فإن عمليات التنكيل وقتل العشرات المواطنين الأصلاء من المسيحيين الأقباط على يد الجيش المصري ، لا يشكل سبباً وجيهاً لأي تجمع او احتجاج ما دام هؤلاء ليسوا مسلمين ، ولو كانت المسالة تتعلق بمنع فتاة من ارتداء حجاب فكانت المسالة تستوجب التجمع والأحتاج المليوني في ميدان التحرير في القاهرة .
 من حق الأقليات الدينية ان تتوجس وتخشى نتائج الثورات القائمة إن كانت في مصر او سورية او غيرها ، إذ كل الدلائل تشير ان ثمارها سيجنيها الأسلام السياسي ، وهي التي ستأتي الى سدة الحكم بشكل مباشر ، ورغم انها كانت شريكة الحكومات السابقة، لكن لم يكن لها اليد الطليقة لتحقيق اجندتها ، لقد رأينا في العراق عمليات القتل والتنكيل ونحر الرقاب تحت صيحات الله اكبر . إن هذه القوى من السابق لأوانه ان نصدق خطابها الجديد بأنها تؤمن بالديمقراطية وبتداول السلطة وباحترام حقوق المرأة والتعامل مع اتباع الديانات الأخرى بتعايش إنساني وبمستوى المواطنة المبنية على العدالة والمساوة الوطنية وليس وفق عقلية احكام اهل الذمة .
لقد كان صدام ديكتاتورياً وظالماً ، ولكن ظلمه كان موجهاً ضد من يعارض حكمه ، إن كان مسيحياً او مسلماً شيعياً او سنياً عربياً او كردياً ، ولم يكن موجهاً ضد إنسان كونه مسيحي او ايزيدي او مندائي او مسلم .
لقد عشنا في وطننا قرون طويلة بين المد والجزر من الظلم والتهميش ، فهل نشهد مرحلة اخرى يستمر فيها الظلم والأستبداد في ظل قوانين تعسفية ، ام يجري مراعاة تطور الزمن والتقدم الأنساني في كل الميادين فيصار على تشريع قوانين انسانية تحترم حقوق المواطنه وفق عقد اجتماعي يكون للمواطن حقوق وعليه واجبات دون تمييز بين الأطياف المجتمعية الدينية او الأثنية او القومية او المذهبية او السياسية .
 حبيب تومي / اوسلو في 29 / 10 / 11

174
المطران سرهد جمو فكر قومي كلداني واضح وبمنأى عن تخوم السياسة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
المطران الجليل مار سرهد يوسف جمو غني عن التعريف ، إذ له مواقفه الجريئة ومساهماته المتشعبة إن كان تلك المتعلقة بتوحيد الكنيسة الشرقية او بتطوير الطقوس الدينية ، فقد طور الطقس الكلداني وأعاد بناء تركيبته وطريقة تقديمه ثم كان بروزه في تطوير التراتيل الدينية ، وفي هذا المقال القصير لا نستطيع ان نحيط بكل اهتمامات وشهادات ومسؤوليات ومساهمات مار سرهد جمو فهي طويلة ومتشعبة ، ويكفي ان نقول انه تم تنصيبه مطراناً لابرشية القديس بطرس الرسول في سان دياكو ـ كاليفورنيا في تموز عام 2002 ، وكانت هذه الأبرشية الكلدانية الثانية في الولايات المتحدة وكان تعداد نفوسها يومذاك ثلاثون الفاً واليوم يبلغ تعدادها سبعون الفاً من الكاثوليك الكلدان ، إضافة الى اعداد مهمة من الكاثوليك الأثوريين .
المطران مار سرهد جمو يجمع في شخصيته خليط من المسؤولية ، إنه يقوم بالمسؤوليات الدينية والطقسية واللاهوتية على اكمل وجه وفي الوقت ذاته يتجشم عناء تحمل مسؤولية شعبه في همومه الوطنية والقومية والإنسانية ، دون ان يترك ذلك خللاً في واجباته الرئيسية في مؤسسته الكنسية .
التقيت بالمطران الجليل مار سرهد جمو في ثلاث مناسبات الأولى كانت في العراق  في نيسان من عام 2009 حيث كان حضوره الى العراق والمطران الجليل ابراهيم ابراهيم لحضور اجتماع السنهودس المنعقد في تلك الفترة في عنكاوا ، وضمن الوفد الكلداني المرافق لهما ، وكان لي شرف الأشتراك مع الوفد لمقابلة الرئيس مسعود البارزاني ، والأستاذ فاضل الميراني ، وكان محور الزيارتين يدور حول حقوق الشعب الكلداني في اقليم كوردستان والوطن العراقي عموماً ، وقد كان التركيز حول إدراج اسم القومية الكلدانية في مسودة الدستور الكوردستاني  والتعامل مع شعبنا الكلداني بشكل مستقل وبمنأى عن اية وصاية من احزاب قومية آشورية متزمتة او غيرهم ، ونحن نتذكر قرار السنهودس التاريخي للمطارنة الأجلاء في المطالبة بإدراج اسم القومية الكلدانية في مسودة الدستور الكوردستاني .
ثم كان لقائي الثاني في سان دييكو اثناء اعمال المؤتمر الكلداني الأول الذي توسم بعنوان مؤتمر النهضة الكلدانية ، فكان حضور المطران سرهد جمو مشهوداً له ، من خلال حرصة اللامحدود لتوحيد الكلمة وإعلاء اسم الكلدان وإبقاء شعلته مضيئة في المحافل الدولية وفي الوطن العراقي .
اللقاء الثالث كان في السويد على هامش انعقاد مؤتمر الأندية الكلدانية في السويد والذي توسم ايضاً عنوانا باسم مؤتمر النهضة الكلدانية فهو بحق تكلمة للمؤتمر الأول الذي انعقد في ساندييكو ، إنها طموحات كلدانية مشروعة ، فالتركيز كان نحو تحقيق الحقوق الأنسانية للشعب الكلداني ،  كان هذا المؤتمر يتسم بالتهيئة المسبقة والتنظيم ، وانا هنا لا اتمالك إلا ان اثني على جهود القائمين على المؤتمر ،  حيث ان الجميع كان يعمل على نمط الفريق الواحد والتناكف على انجاز المسؤوليات الملقاة على عاتقهم وتقديم خدماتهم لانجاح المؤتمر ، فكان بحق مؤتمر تميز بحسن التنظيم خلال ايام الأنعقاد ونفس الحالة من الترتيب والتنظيم الفيناها في مدينة يونشوبنك حيث كان اجتماعنا في نادي الكلدان .
 ما استشفيته من الناحية الفكرية من محاضرات المطران مار سرهد جمو خلال المؤتمر ومن خلال احاديثنا الجانبية بأنه يركز على الجانب الإنساني لحقوق شعبنا الكلداني ومن هذا الباب يفتح منفذاً ليكون هذا الشعب سيد نفسه ، يجب ان لا نفكر بالتسول ، اسهل طريقة هي التسول ، ونستطيع ان نحصل على بعض الفتات من التسول لكن مقابل ذلك نخسر الكرامة ، الشعب الكلداني شعب عريق ، ولا ينقصنا شئ ، لدينا لغتنا واسمنا وتاريخنا مشهود له فلماذا نبقى اتباع للاخرين ؟
يقول المطران مار سرهد جمو ما مفاده : نحن لسنا ابناء الخادمة بل نحن ابناء الأميرة ، وعلينا ان يكون لنا شخصيتنا ، وهو يتساءل لماذا علينا ان نبحث ونسعى الى ايجاد اسم وهوية ؟ في الوقت الذي نملك كل ذلك ، نحن نملك جوهرة فلماذا نعمل على ضياعها ؟
ان المطلوب من كل الجهات المتنفذة في العملية السياسية في الوطن العراقي ان يعامل شعبنا الكلداني بما يضمن حقوقه الطبيعية ، وإن يُعامل ابناء هذا الشعب بمنطق المواطنة من الدرجة الأولى في وطنهم ويجري التفاعل معهم وفق العقد الأجتماعي الذي يحدد ما لهم وما عليهم ومن دون وصاية من اي حزب او فئة تحت ذرائع دينية او غيرها .
وفي محور آخر يضيف المطران جمو : ان السلطتين الدينية والدينيوية اي الزمنية لشعبنا الكلداني يمثلان جناحي الطير فإن فقد احدهما سوف لا يستطيع الطير من الطيران ومن الأنسياب والأنطلاق نحو الأعالي ، وانا اضيف هنا ان الجناحين ينبغي ان يتحركا بوقت واحد وبحركة متناغمة فالحركة ينبغي ان يسودها الأنسجام والتنسيق ، وإلا سيكون الخلل نصيب تلك الحركة ، إن السمفونية الكلدانية ستكون رائعة ومثيرة ومثمرة حينما تكون الجهود متناسقة .
كانت احاديث المطران سرهد جمو منتقاة فيها العبارات المتسمة بالأحترام والوقار للاخر وهو يعبر عن احترامه الكبير للمكونات الأخرى من السريان والآشوريين ، لكن بنفس الوقت على الآخر ان يحترم ويوقر إرادتنا وطموحاتنا في الحرية ، نريد ان نكون معهم شركاء أنداد وليس خدم او عبيد ، نحن نطمح الى العدالة والمساواة ولا نقبل بالتبعية والذيلية ، نقبل بكسرة خبر بكرامة وشرف ولا نقبل بالرفاهية التي تأتي نتيجة الخضوع والركوع .
 إلمطران سرهد جمو يحمل في قلبه هموم شعبه ، وهو يسافر ويقطع البراري والمحيطات لكي يقف الى جانب شعبه ، لا يشعر بالراحة حينما تهضم حقوق شعبه ، وهو مع التساؤل المشروع ، لماذا يبقى الشعب الكلداني الأصيل محروم من  حقوقه في وطنه العراقي ؟
 لماذا تفرض على هذا الشعب النبيل الوصاية ؟
 لماذا يمنع حقه في التعبير عن اسمه وقوميته ومآثره وتاريخه ؟
لماذا يسمح للجميع بفضاء كبير من الحرية ثم يجري حجب هذه الحرية عن هذا الشعب الأصيل ؟ تساؤلات مشروعة تدور حول مصير شعب هضمت حقوقه في وطنه .
 إن موقف المطران الجليل سرهد جمو ينبغي ان يكون قدوة ومثال رائع لكل الأساقفة الكلدان وبشكل خاص لغبطة البطريرك الكاردينال مار عمانوئيل دلي ، إلا ينبغي على هؤلاء جميعاً ان يقفوا مع شعبهم في محنته وان يحضروا مؤتمراته وان يساندوا نشاطاته وطموحاته في وطنه ؟
 لقد وقف الأساقفة الأجلاء مع شعبهم الكلداني وبقية مسيحيي العراق فيما تعرضوا له من عمليات إرهابية وعمليات تهجير وقتل وتفجير كنائس الى آخره ، لكن الأساقفة الأجلاء لا يقفون بشجاعة مع طموحات شعبهم الكلداني في حقوق المواطنة ، فحينما يكون للاخرين حقوق دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية وقومية في هذا الوطن فإن شعبنا الكلداني ينبغي ان ينال نفس القدر من الحقوق السياسية والقومية والدينية ، وكان ينبغي ان يقف الأساقفة الأجلاء مع شعبهم وحقوقه بشجاعة ، إن نيل الشعب الكلداني لحقوقه في وطنه هو نصر ومكسب لهم في نفس الوقت .  
 بماذا نفسر الموقف المتفرج لمؤسسة الكنيسة الكلدانية من تهميش حقوق شعبها الكلداني ؟
 اليست مؤسسة الكنيسة راعية لهذا الشعب ؟
فلماذا تبقى بعيدة عن طموحاته السياسية والقومية ؟
اعود الى المؤتمر الذي دار الحديث بجلساته باللغة الكلدانية ، وقد اعترض احد الأخوان في مقاله على إطلاق التسمية الكلدانية على اللغة ، وهو يعاتب بعض الكتاب الكلدان حينما اطلقوا على ابونا ابراهيم التسمية الكلدانية ، فإن كان الكتاب المقدس يشير بأن ابونا ابراهيم خرج من اور الكلدانيين ، فماذا ستكون لغة القوم الكلداني في مدينة اور اليس من المنطق ان تكون لغة القوم الكلداني كلدانية ؟ كما اليس من المنطق ان يكون ابونا ابراهيم ( بابان اوراها ) ، كما نقول في القوش ، اليس من المنطق ان يكون كلدانياً فهل نقول عنه انه عربي او كوردي او ارمني او باكستاني ؟ فلماذا الغضب من الأسم الكلداني ؟
ما قاله المطران سرهد جمو ان السريانية كانت في اورهاي ( اورفا ) ونصيبين ، وفي بلاد الرافدين كانت الآرامية الرافدينية او الكلدانية ، وهناك اشارات واضحة في كتاب ( الحُضرا) على الكلدان . وإن اللغة الكلدانية او الآرامية الرافدينية هي التي نتكلم بها ونفهمها جيداً وهي التي نتحدث بها في القوش وباطنايا وتللسقف وباقوفا وتلكيف وعنكاوا ومنكيش وكرملش وفيشخابور وغيرها من مدننا وقرانا الكلدانية والتي نتلكم بها ونفهمها جيداً دون معاناة ، فأين الخلل ان يكون الشعب الكلداني واسم لغته اللغة الكلدانية . كل المصادر الكنسية الكلدانية تشير الى اللغة الكلدانية والى الطقس الكلداني والى التاريخ الكلداني ، فلماذا هذه الحساسية المفرطة ؟
اقول لا يجوز ان يكون ممنوعاً علينا نحن الكلدانييين ان نعبر عن رأينا وان عبرنا بصراحة سرعان ما ينطلق سيل من الأتهامات انقسامي متآمر تقسيمي خائن .. الى آخره ، ليس هذا فحسب بل تروج ضدنا حملة شعواء وحرب نفسية بغية إثباط العزيمة ، وبشكل علني واضح تمارس تفرقة مذهبية وقومية إقصائية بحق شعبنا الكلداني ، بحيث لا تمنح لابنائه اية معونة اقتصادية او مركز وظيفي مالم يعلن الولاء لتلك الأحزاب التي تدعي الدفاع عن حقوق المسيحيين . إنه اسلوب مشين سلكه حزب البعث سابقاً بحق المواطن العراقي الذي يبحث عن وظيفة او لقمة العيش في وطنه .
اقول مخلصاً وأتساءل دائماً :
((( ماذا لو ان الأحزاب القومية الآشورية التي مسكت بيدها زمام امور المسيحيين في العراق بعد نيسان 2003 لو ان هذه الأحزاب تعاملت مع كل المكونات المسيحية ، وعلى وجه الخصوص شعبنا الكلداني ، بشفافية واحترام وتكافؤ وبمنأى عن منطق الأقصاء والصهر القومي .
 لا ازعم بل اجزم بأن وضعنا كان مختلفاً حيث كنا نشكل كتلة وطنية دينية قومية واحدة متراصة بحق وحقيقة ، وليس كما هو الحال اليوم حيث يجري لصق الأسماء التاريخية بشكل مشوه وهزيل وتعسفي لانتاج وحدة مزعومة مبنية على كسر العظم ولوي الأعناق . )))

 إن شعبنا الكلداني سيكافح من اجل تاريخه واسمه ولغته بشكل سلمي ولا يهمه إن كان البعض من مثقفيه او سياسيّه قد وضعوا مصالحهم الذاتية في المقام الأول . إن اوقات الضيق والشدة هي المحك الذي يميز الأصدقاء الأوفياء .
اعود الى المطران الجليل سرهد جمو الذي تكلم بعمق الفكر بعيداً عن المنزلقات السياسية ، انه خاطب الآخر بكل مودة واحترام رغم اختلافه معه ، وبقي متمسكاً بفكره حول محور حقوق شعب اصيل يتأثل الى ( بني اوراهم) ، لقد عرض سحر الحجة وهو يملك ثقة عالية بنفسه وبما يطرحه ، لم يكن مقلداً بل رائداً في دعوته ، لقد فتح نافذته الينا لينساب منها الضوء المنير ، واتمنى ان تقوم مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية  بواجبها الداعم لشعبها الكلداني في طموحاته الوطنية والقومية .
 حبيب تومي / اوسلو في 25 / 10 / 2011
 

175
العمل القومي الكلداني من اين نبدأ ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
في البداية أقدم شكري وتقديري للاخوة الأفاضل في اتحاد الأندية الكلدانية في السويد لدعوتهم الكريمة بحضور المؤتمر الكلداني والمشاركة بأعماله ، وفي الوقت ذاته  اعبر عن تقديري وتثميني لهذه المبادرة الشجاعة الطيبة بعقد مؤتمر الأندية الكلدانية في السويد تحت شعار مؤتمر النهضة الكلدانية الذي كان شعاراً للمؤتمر الكلداني الأول الذي انعقد في ساندييكو بأمريكا في الثلاثين من آذار الماضي ، وهو يعتبر إكمالاً وتناغماً مع تلك المسيرة وتمشياً مع الخطوة الأولى التي شكلت نقطة الأنطلاق والبداية ، وأهم ما ينهض به هذا المؤتمر إبقاء شعلة الكلدان مضيئة .
قرأت في بطاقة الدعوة بأن المؤتمر ينعقد تحت شعار حقوق الأنسان للشعب الكلداني ، والتكامل بين الشعب الكلداني وبلدان الأنتشار .
اجل انها التفاتة ذكية ومطلوبة فحقوق الأنسان اصبحت من المسلمات ومن البديهيات التي لا تقبل التأويل . في عصرنا الراهن ، ورغم التماهي الكبير بالنسبية في مختلف جوانب الحياة ، لاسيما بعد ان خيم الفكر الأديولوجي على مصائر الشعوب في اقطار شتى وجعله من تلك الأديولوجيا بأنها تمثل الحقيقة المطلقة وكل ما يخالف تلك الأجندات يوضع  في خانة التآمر والخيانة . لكن مع ذلك بقيت بعض الحقائق في حكم المفروغ منها ولا تحتاج الى تأويل كقولنا 2 + 2 = 4 وهكذا في لوائح حقوق الأنسان التي تتمحور حول حقه  في الحياة والحرية والمساواة امام القانون ، وقد اتسعت هذه المفاهيم في الأزمنة الحديثة لتشمل الحقوق الأقتصادية والأجتماعية ، ولكننا نبقى في مفهوم حقه في الحرية فالأنسان يولد حراً ، لكن يا ترى هل يبقى الأنسان متمتعاً بذلك الحيز من فضاء الحرية ؟
في مجال بحثنا عن المكون الكلداني الذي يتميز بهويته الكلدانية وشخصيته وتاريخه ومآثره  وتراثه ولغته الكلدانية نلاحظ هذا المكون بعد السقوط في نيسان 2003 قد تعرض لشتى صنوف الأرهاب من قتل وتفجير كنائس وخطف وابتزاز وتهجير ، بحيث ان المكون الكلداني وبقية مسيحيي العراق قد هبط تعدادهم الى دون النصف بعد السقوط ، وإن اعداد مهمة من شعبنا الكلداني قد صفي بهم الدهر  بالأستقرار في امريكا واستراليا وكندا ودول اوروبية ، وباتت تشكل جاليات مهمة في هذه الدول .
ولكن قبل الحديث عن دور هذه الجاليات في دول المهجر نبقى مع شعبنا الكلداني وما حل به بعد نيسان 2003 ، فإضافة الى تلك العمليات الأرهابية التي طالت شعبنا الكلداني ، فقد كانت هنالك عملية تهميش وأقصاء من العملية السياسية في الساحة العراقية واقليم كوردستان ، فقد لجأ الحاكم الأمريكي بول بريمر الى طريقة خبيثة لإبعاد تمثيل شعبنا الكلداني في مجلس الحكم الذي اعتمد به مبدأ تمثيل المكونات العراقية ، فقد وجدت جميع المكونات طريقها الى هذا المجلس باستثناء شعبنا الكلداني ، وهكذا استمر حرمان شعبنا الكلداني من اخذ دوره ولحد اليوم ، وكانت هذه عملية خبيثة ويبدو ان لجهات دولية دور كبير في ذلك .
من اجل تكملة المضئ في عملية التهميش والأقصاء تجري اليوم محاولات إلغاء القومية الكلدانية من الدستور العراقي كما سبق ان اقصيت من مسودة الدستور الكوردستاني .
إن هذا السلوك منافي لأبسط قواعد حقوق الأنسان ، إذ يفرض على هذا الشعب وصاية ، وكأن شعبنا الكلداني غير جدير بتمثيل نفسه فتفرض عليه وصاية من قبل الأحزاب الآشورية ذات التوجهات القومية الأقصائية المتشددة .
إن اي شعب يرمي الى الحصول على حقوقه عليه ان يكون صاحب الشأن وأن يسعى الى ذلك بشتى الطرق من المطالبة الى الكتابة الى الأحتجاج الى الأضراب الى القيام بمظاهرات .هذا هو الطريق السليم للشعوب لكي تنال حقوقها فالحقوق تؤخذ ولا تعطى .
في هذا البحث المتواضع اشير الى بعض المحاور التي اراها ضرورية للمضئ قدماً في المرحلة الراهنة في مسيرة شعبنا الكلداني .
اولاً :
بغية تكثيف جهودنا لابد من إيجاد آلية للتعاون بين القوى من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الكلدانية المؤمنة بقوميتها الكلدانية إضافة الى مؤسسة الكنيسة التي كان لها دور فاعل عبر التاريخ في الحفاظ على اسمنا القومي وهويتنا ولغتنا الكلدانية . ان التنسيق بين هذه القوى في هذه المرحلة يعتبر من الضرورات الملحة ، إذ سيكون ذلك ضمانة لتوحيد جهودنا ، وسيفرز ويعزل القوى التي تتاجر بالقضية الكلدانية من اجل مصالحها الخاصة .
كم يسعدني ان ينهض الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان بهذه المهمة بعد ان نحدد معالم هذا التقارب او التعاون او التنسيق في هذا المؤتمر .
ثانياً :
 لقد لمست بالتجربة مدى غيابنا عن الساحة السياسية في عموم العراق وفي اقليم كوردستان ، فمثلاً لا يوجد علم كلداني يرفرف في اربيل عاصمة كوردستان ، كما ليس لنا اي مقر يمثل مجلس الكلدان العالمي الذي انبثق من مؤتمر النهضة الكلدانية ، ولا يوجد اي مقر يمثل الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، نحن نزور المؤسسات والشخصيات والأحزاب من غير ان نقبل بتبادل الزيارات المعمول بها في الأصول المرعية في القواعد الدبلوماسية والبروتوكولية . إن لقاءنا في مقر لنا في الوطن ضرورة ملحة في هذه الظروف التي تصرف الملايين من اجل إبقائنا في الظل ، ولكي يبقى علمنا الشامخ غائباً . بصراحة اخواني الأفاضل إنه تقصير من جانبنا وينبغي ان لا نلقي اللوم على غيرنا .  
ثالثاً :
اشارة الى الفقرة اولاً ، إذ بعد تنسيق الجهود وتشكيل هيئة من القوى الكلدانية وهي : 1 -المجلس الكلداني العالمي 2 - الحزب الديمقراطي الكلداني 3 - التجمع القومي الكلداني 4 – المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد 5 – الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان مع شخصيات كلدانية مستقلة او منظمات اخرى مقترحة ، وتكون مهمة الهيئة المنبثقة الأتصال بالأحزاب والجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الدينية والسياسية ، ويكون هذا وفد كلداني حقيقي لقطع الطريق امام الذين ، كما قلت ، يتاجرون بالهوية الكلدانية ويتكلمون باسم الشعب الكلداني وينصبون من انفسهم ممثلين له وأوصياء عنه دون وجه حق ، إنهم يتاجرون باسمه فحسب ، وإلا كيف نفسر محاولاتهم الحثيثة على إلغاء الأسم القومي الكلداني من الدستور العراقي ، فهل حزب سياسي قومي يحاول مسح اسمه القومي من دستور الدولة ؟
رابعاً :
 التمويل ، هذا هو المحور الذي اعود معه الى نقطة الصفر دائماً ، إنها كمعضلة تعليق الجرس في عنق القطة ، أجل التمويل يقف حائلاً دون تنفيذ مشاريع جميلة ومفيدة ، كيف نقتح مقراً ونحن لا نملك إيجار المبنى ؟ كيف نستقبل ضيفاً دون ان يكون لنا اثاثاً لائقاً ؟ كيف نحتفل بمناسبة ونحن لا نملك اجور لتخطيط لافتة ؟ كيف وكيف وكيف ؟؟؟
لو لم يكن ثمة تمويل لما استطعنا عقد مؤتمر النهضة الكلدانية في ساندييكو . اجل ينبغي ان نفكر جدياً في هذه المسألة ، وان نبحثها بصراحة ، وإن حاولنا اجتيازها دون وضع الحلول ، ستكون اغمضنا عيوننا عن مسالة حيوية . وسنبقى ندور في نفس الحلقة دون ان ننجز ما يشبع طموحاتنا المشروعة . إن التمويل المادي من الأركان المهمة لأبقاء عجلة الحياة في سيرورة دائمة ، وهذا ينطبق بشكل كبير على العمل السياسي ، لاسيما بعد 2003 حيث دأبت الأحزاب السياسية تغري اعضائها ومؤيديها بمختلف المغريات من مناصب والإعانات المالية بل ثمة رواتب تدفع لأعضاء الأحزاب المتنفذة .
 وهذا ينطبق الى حد كبير على احزاب شعبنا لا سيما الأحزاب الآشورية القريبة من مصادر صنع القرار ، والتي لها تتصرف بأموال المسيحيين بأسلوب الولاء الحزبي ، ولا اريد الأسهاب في هذا الموضوع ، فقط اؤكد على اهمية التمويل بشكل عام  حتى لو كان بدرجات الحد الأدنى .
خامساً :
لابد من الصراحة والأقرار بأن شعبنا الكلداني بحاجة كبيرة الى نشر الوعي القومي الكلداني ، وهذا يتأتى من نشر المقالات والكتب والدراسات التي تسلط الأضواء الساطعة على الأنسان الكلداني وعلى تاريخه وحضارته وأوابده وفنونه وتقاليده ولغته الكلدانية تكلماً وقراءة وكتابة . إننا ايها الأخوان نغرس الفسائل المثمرة في واحة الأنسان الكلداني وعلينا إرواء وسقي هذه الشتلات لكي لا يصيبها الذبول والأضمحلال .
علينا ان نؤسس على حقيقة مفادها اننا رواد في العمل القومي الكلداني ، وكنت في بداية كتاباتي بالشأن القومي الكلداني ، اتطلع لقراءة اي كتابات جديدة في ذلك المجال ، وكانت تغمرني السعادة حينما اقرأ مقالاً  في الشأن القومي الكلداني ، واليوم دأبت الأقلام الكلدانية الحرة تملأ المواقع بما تسطره ، إننا مع هذا النشاط نحتاج الى نشاط سياسي مواز لما تسطره اقلامنا في المجال الثقافي .
 استطيع ان اقول ان مؤتمر اليوم ياتي في سياق تلك الجهود لنشر الوعي وتعزيز ورفع اسم الكلدان والعلم الكلداني عالياً .
أخواني الأفاضل اخواتي الفاضلات
دائماً أقول لزملائي في العمل القومي الكلداني : إن مهمتنا إنسانية نبيلة ، والطريق ليس مفروشاً بالورود ، لكن نحتاح ليس الى كثير من الصبر والعمل الدؤوب ، ولكن اهم من كل ذلك الأيمان بالأمة الكلدانية ، لان مشروعنا حقيقي وإنساني وليس طوباوي ، علينا ان نستفيد من كل القنوات وان نستخدمها لأحياء هويتنا الكلدانية ، القنوات هي العمل الثقافي والسياسي والأجتماعي والفني ، ولكن علينا التركيز على اهمية مؤسسة الكنيسة التي تملك بيدها مفاتيح كثيرة يمكنها ان تساهم في عملنا القومي .
 أتساءل مع نفسي وأقول : يا ترى ماذا لو كان معظم ، وليس جميع ،  الأساقفة والكهنة وغبطة البطريرك وهو رأس الكنيسة الكاثوليكية في العراق ، ماذا لو كان هؤلاء مدافعين عن الهوية الكلدانية بنفس القدر الذي يمنحة سيادة المطران سرهد جمو ؟ إنه عمل إنساني ووطني وقومي ان تخدم شعبك كنسياً وأن تقف مع همومه ومع حقوقه المختلفة في وطنه .
إنه مجهود كبير ينبغي ان يضطلع بها نخبة شعبنا الكلداني من المثقفين والأكاديميين ورجال الأكليروس الأفاضل فالتثقيف والتنوير بالهوية الكلدانية اليوم هي واجب كل مخلص وكل من يفتخر بانتمائه الكلداني الأصيل .
 لكي لا اخذ من وقتكم الثمين اتطرق بعجالة على موضوع وجودنا في دول المهجر ، فمن الضروري الأنخراط في هذه المجتمعات وإن نحتفظ دائماً بذلك الخيط الذي يرمز الى وطننا وهويتنا القومية ، إن الأحتفاظ بلغتنا الكلدانية تكلماً وكتابة يعتبر جانباً مهماً من ارتباطنا ووفائنا لهويتنا الكلدانية الأصيلة ، كما ان النشاطات الفنية والرياضية وتأسيس اندية وجمعيات بالأسم الكلداني كل ذلك يعزز من الأعتزاز بهويتنا القومية .
هنا اريد ان اؤكد على ناحية مهمة جاذبة وهي الأزياء الكلدانية التي تعكس أزياؤنا في تلكيف وألقوش وتللسقف وعنكاوا وكرملش وباطنايا وغيرها من مدننا وقرانا الكلدانية الجميلة ، إن شرائنا لهذه الأزياء بشكل شخصي او من قبل هذه الجمعيات والنوادي وأرتدائها في المناسبات في بلاد المهجر سيكون طريقة مؤثرة للتعريف بهويتنا القومية الكلدانية .
 وهكذا اخواتي وأخواني ان مهمتنا نبيلة وتحتاج الى جهود مكثقفة وصبر وتعاون لخلق المناخ النفسي الملائم لعلمنا وإعلاء شأن هويتنا ولكي يكون صوتنا مسموعاً في المحافل السياسية والأجتماعية والدينية ، فيجب قبل كل شئ نشر الوعي القومي الكلداني بمختلف صوره بين ابناء شعبنا لكي نتمكن من اجتياز المراحل الصعبة ونقطع خطوات وأشواط في خلق رابطة قومية رائعة بين هذا الشعب إن كان في الوطن العراقي او بلاد المهجر .
 اتمنى لهذا المؤتمر التوفيق والنجاح في اهدافه الأنسانية النبيلة .
حبيب تومي / اوسلو في 19 / 10 / 11
  

176
الأعتداء على اهالي برطلة سوف لا يكون الأخير في مسلسل الأعتداءات
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
العراق الاسم الحديث لبلاد الرافدين او (Mesopotamia) وهي التسمية اليونانية التي تعني بلاد ما بين النهرين ، كما اشتهر سابقاً قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة بعد قيامها على اثر انحلال الأمبراطورية العثمانية ( الرجل المريض ) وكنتيجة مباشرة للحرب العالمية الأولى  ، وقبل ذلك كانت بلاد ما بين النهرين قبلة لهجرة الأقوام والأعراق من مختلف اصقاع الأرض في العالم القديم لما كان فيه من مياه وفيرة وخيرات كثيرة وما يتمتع به من تقدم عمراني وحضاري في تلك العصور المظلمة . ونتيجة  لتلك الهجرات المتعاقبة والحروب والأتصالات التجارية عبر الزمن تنوعت اللغات والثقافات والأقوام والأديان في هذه البقعة من الأرض التي اشتهرت بنهريها الخالدين دجلة وفرات .
من الحقب الطويلة التي مرت على العراق كان الحكم الأسلامي اعتباراً من الخلفاء الراشدين الى الحكم الأموي مروراً بالحكم العباسي والمغولي .. والعثماني وصولاً الى الحكم الملكي وأخيرا الحكم الجمهوري بتطلعاته القومية العروبية والدينية الإسلامية ، وقد دامت ولا زلت مستمرة تلك الحقبة التي يمكن ان نطلق عليها بالحكم الإسلامي منذ  1400 سنة .
ولكي نفهم طبيعة العلاقة بين المسلمين وغيرهم من المكونات الدينية في هذه القرون الطويلة يمكن ان نعود الى فترة الولادة والتكوين للديانة الأسلامية ، حيث قرأنا ان الجزيرة العربية قبل الأسلام كانت واحة اجتماعية تعددية تعيش فيها مختلف الأديان والمعتقدات منها المسيحية واليهودية وعبدة الأوثان والاصنام .. اي كانت الحرية الدينية مكفولة للجميع وكانت الكعبة تمثل ملتقى هذه الأديان دون تمييز او إقصاء ، لكن بعد مجئ الديانة الأسلامية اصبحت تلك الجزيرة تستوعب الديانة الواحدة وهي الديانة الأسلامية لا غيرها ، فكان على اتباع تلك المكونات اللاإسلامية منهم من آمن بالدين الجديد او تركوا البلاد او تعرض رجالهم من البالغين الشباب للإبادة الجماعية كما حدث لقبائل اليهود في تلك الديار .
من هنا سوف تلقي تلك السياسة بظلالها على ما سيأتي من القرون ، حيث جرى التعامل مع السكان الأصليين في البلاد المفتوحة شمال افريقيا ومصر وسورية والعراق ، معاملتهم وفق احكام اهل الذمة إن هم ظلوا متمسكين بعقيدتهم الدينية ، ليكونوا بذمة وحماية المسلمين ، وهذه النظرية الأستعلائية جعلت من افراد قوات الجيش العربي الفاتح يتمتعون بمنزلة أعلى مرتبة من بقية مواطني البلد ، لا سيما الذين سمح لهم بالبقاء على معتقداتهم الدينية ، وهكذا مع تلك العقيدة في التفوق اصبح المسلم يستصغر غير المسلم ابن بلده ، وكمثال غير حصري فإن المسلم يستطيع ان يتزوج مسيحية او يهودية ويترتب عليها ان تتنازل عن عقيدتها الدينية ، بينما لا يحق لليهودي او المسيحي ان يتزوج من مسلمة إلا في حالة تغيير دينه الى الديانة الأسلامية .
إن هذه المعادلة غير العادلة وغيرها من الحالات غير المتكافئة في التعامل الأنساني والتي هي مدونة بأحكام اهل الذمة قد جعلت المكونات غير الأسلامية تشهد هبوطاً يكاد يكون دائمياً في اعدادها على مر العقود والأجيال وذلك تهرباً من تلك الأحكام ، وفي مقابل ذلك تزداد اعداد المسلمين طردياً مع نقصان تلك المكونات اللامسلمة .
 بعد هذه المقدمة المزعجة نقف على الأعتداءات التي تتواتر بشكل دائم على ابناء شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين ويصل الدور الى الصابئة المندائيين والأيزيدية ، و تتراوح تلك الأعتدات بين الأعمال الأرهابية من قتل وتشريد ونسف كنائس واختطاف وقطع ارزاق ، وهذه الأعمال من اختصاص الأخوة السلفيين ، فيما اعمال الأعتداء اليومي والعنف الأجتماعي كالتفرقة في التعامل في دوائر الدولة وإسماع الكلمات الأستفزازية والجارحة والدعوة الى ثقافة الكراهية والحقد ضد الآخر وتكريسها في عقول الأجيال المسلمة المتلاحقة لقرون طويلة والتي تفيد بأن العرب المسلمين هم خير امة اخرجت للناس ..
في هذا السياق نقرأ في موقع عنكاوا مثلاً :
مسلحون يعتدون على اهالي برطله والاجهزة الامنية ترفض التدخل
مرة أخرى تتكرر عمليات الاعتداء ضد أبناء شعبنا في برطلة من قبل بعض الخارجين عن القانون. اذ قامت قبل عدة أيام بعض العناصر القادمة من خارج برطلة وهم في حالة من السكر الشديد بالاعتداء بالسلاح على مجموعة من شباب برطلة المسالمين.
ولم يكتف المعتدين بذلك بل قاموا بالاتصال بجماعات اخرى من خارج برطلة، لمساندتهم والغريب في الأمر أن هذه الجماعات جاءت بسياراتهم الخاصة إلى البلدة وسلكت الطريق الرئيسي مع أسلحتهم التي حملوها بشكل ظاهر وأمام أنظار الأجهزة الأمنية بمختلف أنواعها لكنها لم تحرك ساكنا.
ووقع شجار كبير استمر لمدة ساعة على الأقل في داخل اكبر وأكثر الأسواق ازدحاما في برطلة وقد طلب الاهالي النجدة من الأجهزة الأمنية لكن لم يلب احد منهم الطلب رغم ان ذلك يدخل في صميم عملهم.
حسناً هل هو الحادث الوحيد الذي نقرأ عنه ، ام انه مسلسل متواتر ومنسجم مع السياسة العامة ، قبله كان اختطاف ثلاثة اشخصا مسيحيين في كركوك وابتزاز عوائلهم بمبالغ طائلة ، ونقرأ عن عن انفجار سيارة مفخخة وهي في طريقها الى برطلة ، وقبل ذلك ايضاً كان هنالك اعتداء على شباب في عنكاوا ، وغالباً ما نسمع عن رويات التعامل الردئ والأستخفاف في التعامل في دوائر الدولة ونقرأ ونسمع عن الضغوط المسلطة على الموظفين المسيحيين لترك وظائفهم في الموصل وغيرها ، ونقرأ عن مضايقة المسيحيات واجبارهن على ارتداء الملابس وفق الذوق الأسلامي . ومن حقنا ان نتساءل ما دمنا نعيش في كنف المسلمين :
هل يتعاملون معنا ومع اتباع الأديان الأخرى غير المسلمة بالحسنى والتعايش والتفاهم ، أم بعقلية إقصاء الآخر والحرب معه الى اجل لا نهاية له ؟
إن هذه المضايقات وفرض الثقافة الأسلامية على المسيحيين وغيرهم قد حدا بهذه المكونات ان تعيش بجنتها رغم انها ضيقة وفقيرة وهي البلدات والقرى المسيحية لتمارس طقوسها وحياتها الدينية والأجتماعية بمنأى عن التعصب والتشدد الأسلامي ، لكن مع ذلك تجري محاولات كبيرة لتغيير البنية الديموغرافية لهذه المناطق بغية القضاء على تلك البقية الباقية من هذه المكونات المسكينة التي اوقعها حظها العاثر بين اخوانهم  المسلمين .
 إن السيد اثيل النجيفي محافظ نينوى وأهل مدينة الموصل بشكل عام لا يقبلون بإنشاء محافظة مسيحية بحجة ان ذلك يعتبر طريقا لتقسيم المجتمع دينياً وعرقياً وطائفياً، لكن من الطرف الثاني تقوم السلطة في الموصل والتي يقف على رأسها الأستاذ اثيل النجيفي نفسه يقوم بمحاولات للأخلال في البنية الديموغرافية التاريخية لتلك البلدات المعدودة الباقية للمسيحيين فنقرأ عن احالة مئات المنشات السكنية لتشييدها في هذه البلدات لا سيما في برطلة وبغديدا وهي محاولات مشبوهة لتبديد اوصال هذا المكون ، فكيف تنسجم تلك التصريحات بالحرص على بنية المجتمع الواحد مع المحاولات لتمزيق الوضع الديموغرافي وتحطيمه كما حدث في تلكيف ؟
 لقد استبشرنا خيراً بعد هزيمة الحكم الدكتاتوري ونحن ابناء المكونات الصغيرة تفاءلنا بقدوم حكم ديمقراطي علماني ليبرالي يقف على مسافة واحدة من كل المكونات العراقية الصغيرة والكبيرة دون محاباة او تفرقة ، لكن توقعاتنا كانت غير سليمة ، إذ بعد ان خرجنا من حكم عروبي كان قد ادخلنا في معمعة الحروب الداخلية والخارجية ، وقعنا في مصيدة حكم ثيوقراطي يعمل على إنشاء نموذج لدولة يتحكم فيها الأسلام السياسي .
إن هذه الحالة ليست خاصة ببلدة برطلة او مدينة الموصل او عموم العراق ، إنما الحالة تتخطى الحدود لتعبر الى منطقة الشرق الأوسط عموماً حيث يشترك الوطن العربي بهذه الخاصية ، فالمكون المسيحي في هذه الدول بات مهدداً في وجوده ، فبعد الخريف العربي لا يمكن التنبؤ بما يخفيه هذا الربيع من شتاء قاسي وقارص ، وفي كل الأحوال فإن المسيحية في هذه الأقطار تترنح بين الأصولية الأسلامية والدولة الثيوقراطية التي تتجمل بالديمراطية ومجتمع اسلامي متثقف بخطابات يومية تبعث على الكراهية فيقرع اسماعنا حينما يدعو الله الى تدمير غير المسلم فيقول : رمّل نساءهم ويتّم اطفالهم وجمّد الدماء في عروقهم واجعلهم وأموالهم ونساءهم وذراريهم غنيمة للمسلمين .
اجل حينما تسمع هذا الخطاب من المنابر العالية سوف تشعر بأنك تعيش في غابة وفي كل زاوية تتربص بك الأخطار وكما يقول المطران لويس ساكو في مقاله الموسوم : المسيحيون في الشرق الأوسط ، بين إسلام الدولة والأصولية فيقول :
(في الواقع ،  كان مسيحيو الشرق الأوسط  قد أوجدوا طريقة للحياة modus vivendi ، أكثر أو أقل إيجابية ، في ظل إسلام دولة.  وعاشوا منذ 14 قرنا في سلام لا بأس به  وكيفوا وضعهم مع  الأغلبية المسلمة دون الاعتماد على أحد. عالمين من  دون  تبسيط  أومبالغة  ان الاسلام دين ودولة،  ولا  يمكن فصلهما حتى في البلدان  التي  تسمى نفسها علمانية. في الاسلام  لا يوجد في الواقع فصل بين القوتين ، كما هو الحال في الغرب.) انتهى الأقتباس .
إن الشعب الكلداني وبقية مسيحيي العراق يغمرها الطموح ان يسود الحكم الديمقراطي العلماني في العراق وأن تحرك قواتها حينما يجري اعتداء على الناس الآمنين إن كانوا مسلمين سنة او شيعة او مسيحيين ، من الكلدان او السريان او الأرمن او الآشوريين ، او من الأزيدية او غيرهم من الأقوام ، وإلا ما هي وظيفة الحكومة إن لم تبادر الى نجدة المظلومين ؟ كما يجب على هذه الحكومة ان تقف على مسافة واحدة من الجميع وان تحترم خصوصية هذه المكون وغيره من اتباع الديانات غير المسلمة ، وليتسنى لنا نحن الكلدان وغيرنا ان نساهم جميعاً في بناء العراق وتحت مظلة الامة العراقية والهوية العراقية الأصيلة مع احترام كل المكونات الدينية والقومية والأثنية والطائفية دون محاباة ودون تفضيل مكون على آخر مهما صغر او كبر حجمه .
 حبيب تومي / اوسلو في 29 / 09 / 11

177
معظم اوساط شعبنا الكلداني ليسوا مع إقامة محافظة مسيحية ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 مبدئياً انا شخصياً مع إقامة كيان يكون لشعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق صيغة محددة من الأستقلالية وإدراة الذات بمنأى عن الإملاءات وخارج نطاق مفهمومية اهل الذمة التي جعلت من هذا الشعب وهو في وطنه بأنه مواطن من الدرجة العاشرة ، كما ان الكيان المقترح سيتيح لهذا الشعب ان يهتم بتطوير الخدمات العامة والبنية التحتية وإيجاد فرص عمل الى آخره من المنافع فيما إذا كان له نصيب محدد من ميزانية العراق .
في نفس الوقت رأيي يتلخص في الخروج عن الإطار الديني في مخاطبة الآخر ومسالة الحصول على مطالبنا بمفهومية علاقة المسيحيين بالمسلمين ، فالكوتا المسيحية في البرلمان العراقي والقبول بها من قبل الأحزاب الآشورية المهيمنة على مصائر المسيحيين في العراق ، قد قبلوا بالإطار الديني وبمنطق اهل الذمة . واصبحنا نتحرك في ذلك الإطار .
  أجل انه وضع مشين ان يكون الذمي بحماية جاره المسلم ، إنه يحميهم كما يحمي امواله وبهائمه ، إنه مسؤول عنهم ، وفي الحقيقة هذه مسالة تجر وراءها المزيد من الأسئلة ، الأسلام يحمون اهل الذمة ، فأين هو العدو المتربص والذي يريد الأعتداء عليهم ؟ وهل هناك من يؤذي ويقتل المسيحيين ويسلب اموالهم غير المسلمين ؟ من قتل وفجر الكنائس وهجّر اهل البلاد المسيحيين غير المسلمين الذين هم معنيين بحمايتهم ؟ نحن نطلب الحماية الأسلامية من الأسلام انفسهم وليس من غيرهم ، في التاريخ صفحات مؤلمة غير إنسانية تلك التي عومل بها المسيحيين في بلاد الأسلام إن كانوا من العرب او من الأكراد او من الفرس او من الأتراك بين قوسين ( الإسلام ) ، هذا هو واقع الحال منذ قرون الى اليوم بل حتى المغول التتر بدأ اضطهادهم للمسيحيين بعد ان اعتنقوا الأسلام وليس قبل ذلك هذه وقائع تاريخية لا مجال لنكرانها .
 لكن نحن نعيش في العشرية الثانية من القرن الـ21 وهنالك مساحة كبيرة لمفاهيم حقوق الأنسان وحتى المسلمين اليوم اخذوا ينظرون الى الأمام وهم يتطلعون الى حكومات ودول علمانية التي قطعت اشواطاً كبيرة في التقدم العمراني والحضاري ، إذ بقيت الدول الأسلامية والدول العربية بشكل خاص ، رغم ثرواتها الهائلة ، بقيت هذه الدول في مؤخرة سلم التطور وينخر كياناتها الفقر والتخلف والفساد الأداري والمالي ، وستبقى هذه الدول هكذا ما لم تخرج من شرنقة الإسلام السياسي المهيمن على كل مفاصل الحياة .
في المنطقة نشهد تقدماً باهراً في تركيا وحديثاً في اقليم كوردستان والسبب يعود الى النهج العلماني لتركيا ولأقليم كوردستان .
اعود الى المحافظة المسيحية التي يدخلنا اسمها الديني في متاهات العلاقات الدينية التي كانت نتائجها كارثية على هذا المكون العراقي الأصيل ، ولقد ثبت من تحمس تجمع احزابنا السياسية بأنهم يريدون ، إمارة حتى لو كانت على حجارة ، فقد هيمنوا على الكوتا المسيحية ولا يهمهم تمثيل شعبنا بمكوناته من الكلدان والسريان والآشوريين بشكل منصف وصحيح ، فالمناصب واقتناص شريحة من الكعكة هي كل ما يصبون اليه ، إن هذه الموجة ، مع الأسف ، يركبها بشكل غريب ومثير بعض احزابنا الكلدانية التي خضعت للمجلس الشعبي واصبحت تأتمر بأوامره واصبحت ملكية اكثر من الملك ما دام وراء ذلك منافع شخصية مادية ومناصب وزيارات للخارج وأبهة . اجل ان الأحزاب الكلدانية المنضوية الى تجمع منظمات وأحزاب شعبنا فقدت شخصيتها المستقلة واستجابت لابتزار اخلاقي رخيص ، بل اخذت تستغل اسم الشعب الكلداني لتحقيق منافع شخصية بحتة .
إن الحزب الديمقراطي الكلداني كان حريصاً على عدم الأنزلاق وراء الخديعة وهكذا انسحب من التجمع في الوقت المناسب ، ولم ينثني للمغريات .
وفي نفس السياق كان البيان الذي اصدره المنبر الديمقراطي الموحد حول مشروع استحداث محافظة وتغيير تسميتنا القومية وجاء في البيان :
(فأنهم حرفوا وصرفوا مسارهم الى الخديعة التي أسقطتهم بها أحدى زلات لسان الرئيس جلال الطالباني عندما صرح بأن (لا مانع لديه بأنشاء محافظة للمسيحيين في سهل نينوى) فتبنوها وركبوا موجتها واصبحت شغلهم الشاغل والذي لا يعلو عليه أي شغل اخر).  ويستطرد  بيان المنبر الى القول :
( أن محاولة تمرير هذا المشروع الخطير والمصيري لشعبنا بكل مكوناته وتسمياته الخالدة، يتم في ظل غياب الأرادة الحقيقية لهذا الشعب وخاصة شعبنا الكلداني المعروف بتاريخه الممتزج بكامل النسيج الوطني والأجتماعي العراقي وأفتراشه لكل تربة العراق، لذا فاننا نعتقد بان شعبنا الكلداني  يرفض رفضاً قاطعاً كل محاولات تقميطه وشرنقته في حدود جغرافية محددة ومأزومة). انتهى الأقتباس
من جانبها فإن مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني قد نأت بنفسها عن مصطلح المحافظة المسيحية وهي تؤكد على الهوية العراقية والوطن العراقي ، ولا تريد حصر الشعب الكلداني وبقية مسيحيي العرق في رقعة محدودة ، ثمة كتاب ومفكرين يقفون بالضد من آلية طرح المشروع ، وإن اخواني في الأتحاد العالمي للكتاب الكلدان ، يقفون بشكل عام بالضد من مفهوم المحافظة المسيحية ، إذ ان تجربة الحاكم الأمريكي بول بريمر بإقصاء شعبنا الكلداني من العملية السياسية ـ بحجة ان الشعب الكلداني ليس له حزب سياسي ـ والى اليوم يجري نفس الأقصاء لشعبنا الكلداني من العملية السياسية ، فاليوم لم يتغير الحال إذ نصادف امامنا محاولات غير شريفة جارية على قدم وساق لألغاء القومية الكلدانية من الدستور العراقي ، فكيف نصدق اناس وضعوا هدفهم الأسمى دفن الهوية الكلدانية في وطنها العراقي ؟  هل هؤلاء قادة يستحقوق ثقتنا لنضع مصائرنا مرهونة بقراراتهم المجحفة ؟
ان تجمع منظماتنا واحزابنا ليس نزيهاً بتوجهاته ولا يمكن ان يكون مثل هذا التجمع ممثلاً لشعب ، فالتجمع كيف يكون ممثلاً للكلدان مثلاً وهو يعمل على إلغاء هويتهم الكلدانية من الدستور العراقي والدستور الكوردستاني فهل هكذا تجمع يعتبر نزيه وشفاف ويدافع عن الكلدان ؟
تنبثق اسئلة على سطح الوقائع منها :
هل يحق للأحزاب الكوردية او حتى البرلمان الكوردي ان يغير التسمية الكوردية الى تسمية أخرى؟
هل يحق للأحزاب العربية والنواب العرب هل يحق لهم تغيير اسم القومية العربية وإلغائها من الدستور العراقي ؟
فلماذا يعمل هؤلاء المزورين على إلغاء اسم القومية الكلدانية وفرض تسمية مفبركة من قبل الأحزاب الآشورية ؟ كيف يقبلون بهذا العمل المقرف البعيد عن اي تفسير لعلاقات ينبغي ان تكون اخوية ، فهل هؤلاء يعلمون في صالح وحدة شعبنا ؟ انهم ببساطة يزرعون الكراهية والحقد والضغينة بين ابنا الشعب الواحد حينما يلجأون الى هذا الأسلوب الملتوي في التعامل .
إن المحافظة المسيحية او اي عمل يفيد شعبنا ينبغي ان يتم بشكل نزيه وشريف دون إقصاء اي مكون من شعبنا ، ودون استخدام سياسية لوي الأعناق وكسر العظام .
المحافظة المسيحية ستغضب الجيران ونحن الكلدان سنخلق لنا اعداء علماً بأنه سوف لا يكون لنا اي شأن او صوت مسموع في هذه المحافظة ، سنبقى خاضعين لأصحاب القرار وسوف لا نكون اسياد انفسنا ، فإن كانت هذه المحافظة تحت رعاية اقليم كوردستان فإن حقوق الكلدان مهضومة مقدماً وإن كانت بيد العرب فالعلاقة مع اهل الذمة تبقى مستمرة ، وإن كانت بقيادة الآشوريين فسنكون نحن الكلدان عبارة عن مكون مذهبي كنسي تابع للقومية الأشورية ، وسوف يستمر الأنتهازيون في مسلسل التملق والمداهنة للاحزاب الآشورية لنيل شئ من فتات موائدهم . فلا اعتقد نحن الكلدان ان يكون لنا حصة في هذه  المحافظة فليس ثمة حاجة للتحمس لأنشائها ربما تكون مصيدة للايقاع بشعبنا الكلداني لألغاء هويته الكلدانية وجعله تابعاً ـ على الأقل ـ على مدى عقود قادمة .
 إذا اريد للفكرة ان تنجح وتصبح شعبية بحق وحقيقي ينبغي اعتماد لغة هادئة عقلانية تراعي مصالح الجميع ، مع مراعاة الواقع الحالي في المنطقة لكي تدرس وتضع الحد لكل الهواجس التي تثار من قبل الأطراف بما فيها هواجس شعبنا الكلداني الذي يعتبر مسالة المحافظة او الحكم الذاتي هي مصيدة لدفن هويته ولتقويض تاريخه ومحو تراثه ولغته الكلدانية ومآثره التاريخية . اجل ان اسلوب التفاهم خير من اسلوب شراء الضمائر واستعمال اسلوب الجزرة والعصا السيئ الصيت .
 حبيب تومي / اوسلو في 23 / 09 / 11

178
ثورة ايلول التحررية ودور الشعب الكلداني والشهداء الأبرار في صوريا الكلدانية  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
يحتفل الشعب الكوردي هذه الأيام بمرور نصف قرن على  ثورته التحررية التي انطلقت في  11 ايلول عام 1961 بقيادة المرحوم ملا مصفى البارزاني ، إذ اندلعت شرارتها حينما امطرت الطائرات العراقية بعض مناطق كوردستان بوابل من القنابل مستهدفة تجمعات الثوار في بعض المواقع  مثل دربند بازيان ووادي دولي خلكان وغيرها واعتبر ذلك اليوم يوم انطلاق ثورة ايلول . والشرارة الأولى التي اندلعت في ذلك اليوم سرعان ما انتشرت جغرافياً وغطت مناطق مهمة من كوردستان ، وفي الجانب البشري كانت مع تقادم الزمن تكسب الدعم والتأييد من طبقات الشعب المختلفة وبشكل خاص فئة الشباب ، وفي جانب التكوينات المجتمعية من المذاهب والأعراق كان شعبنا الكلداني في مقدمة المؤيدين والداعمين لتلك الثورة التي اصبح جزءاً منها بحكم التداخل الأجتماعي في كوردستان العراق .
 كنت من الذين ساهموا بهذه الثورة ايام الشباب في مطاوي الستينات من القرن الماضي ، وكانت ثمة شريحة كبيرة من ابناء شعبنا الكلداني مساهمة بتلك الثورة بصورة وأخرى ، بداية من اشتراكنا  في معارك طاحنة الى جانب قوات البيشمركة ـ وبعضهم كان يطلق عليها في تلك الأيام اسم ( لشكر ) ـ الى المساهمة في تقديم المساعدات المالية والعينية الى تقديم العتاد والسلاح ، وكان ثمن تلك المساهمة هو كوكبة عريضة من الشهداء الأبرار ، إضافة الى تعرض عوائلنا الى السجون والمعتقلات والى التهجير والأعتداء .
لقد اشتركنا في معارك كثيرة جنباً الى جنب مع قوات هرمز ملك جكو وأحياناً عملنا تحت امرته ولم نفكر يوماً بالتفرقة القومية او المذهبية ، وبعد استشهاده بدأنا نخوض معارك لوحدنا بشكل مستقل او مع الفصائل الكوردية في المنطقة ، وكمثال غير حصري استيلائنا على مركز شرطة تللسقف الذي يبعد حوالي 15 كيلومتر عن جبل القوش وكانت لنا خسارة كبيرة باستشهاد الرجل الشجاع امين عبي وهو من قرية بيرموس البطلة . الأسماء كثيرة لا مجال لذكرها في هذا المقال القصير والمعارك كثيرة إن كان في جبل القوش او في جبل عقرة او في اية مناطق اخرى حيث كانت قيادة البارزاني وقيادة حسو ميرخان تقررها .
إضافة الى هؤلاء المقاتلين كانت ثمة نخبة كلدانية تعمل في جوانب مهمة مختلفة في هياكل الثورة ، فثمة صديقي الكلداني الألقوشي الأخ ( ك . م ، لا اعطي لنفسي الحق في ذكر اسمه ) كان يعمل في وضع وترتيب مطبعة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في تلك الفترة الحرجة ، وكان هنالك كادر آخر القوشي من بيت طعان التحق من الجيش في صفوف الثوار وكان يشرف على جهاز اللاسلكي في مقر ملا مصطفى البارزاني في رانيا عام 1964 ، وكان الطبيب حنا زلفا معروفاً وله مكانة طيبة في ثورة ايلول لدوره في استشفاء عدد كبير من المرضى والجرحى في المعارك ، لقد كان توما توماس قائداً عسكرياً مرموقاً خطط لكثير من المعارك الناجحة . المحامي جرجيس فتح الله كان معروفاً بمواقفه تجاه الثورة الكوردية وله كلمة مسموعة لدى المرحوم البارزاني . لقد اغتيل قيصر منصور في بغداد وهو مترجم في صفوف الثورة الكوردية وكان له مكانة محترمة في قيادة الثورة الكوردية ، والمرحوم يونان هرمز من قرية صوريا الكلدانية الذي الف كتاباً تحت عنوان ايامي في ثورة كوردستان(*) ، وقد ادرج اسماء شهداء قرية صوريا الذين وقعوا صرعى نتيجة تصرف اهوج من شخص عنصري حاقد يعمل ضمن قوات حكومية مؤدلجة بنظرية قومية شوفينية ودينية عنصرية .
 أجل شكلت كوكبة الشهداء الأبرار في قرية صوريا الكلدانية تاجاً مهيباً لنضال شعبنا الكلداني وفي هذه القرية امتزجت دماء الشعبين الكوردي والكلداني على تلك الأرض الطيبة ، لقد نقلت رفاتهم بوقار ومهابة الى مثواهم الأخير وكانت توابيتهم ملفعة بالعلم الكوردستاني ، وباعتقادي ان هذه المناسبة كانت فرصة سانحة لأظهار حالة التعايش في كوردستان إذ كان يجب ان يكون العلم الكلداني الى جانب العلم الكوردي ملفوفاً على رفات الشهداء الأكرمين .
يوم تأسيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان وضعنا امامنا بأن تكون باكورة اعماله هو تسليط الأضواء على تلك المأساة الأنسانية التي لحقت بشعبنا الكلداني في تلك القرية الآمنة الهادئة ، وذلك بعد ان طوى الزمن ذكراها وعلاها غبار النسيان ، وهذا كانت الأقلام الكلدانية الحرة التي تفتخر بتاريخ الشعب الكلداني ومآثره وتاريخه انبرت تلك الأقلام لتسلط الأضواء على تلك اللحظة المأساوية ، وهكذا افلح اتحادنا في جذب الأنظار الي تلك المجزرة الوحشية التي وقعت احداثها قبل حوالي اربعة عقود ، لكن الغريب بعد ذلك انبرت حيتان الأعلام كعادتها ولكي لا يفوتها الحدث لتجير المسالة لحسابها ، ونحن نتساءل اين كنتم طيلة هذه العقود الأربعة ؟ لمذا لم تذكروا يوماً تلك الكوكبة من الشهداء ولم تذكروا اسم صوريا طيلة تلك السنين ؟
المزايدات بدأت ويتبرع بعضهم لوضع العلم الآشوري على رفات شهداء شعبنا الكلداني ، وأقول لهؤلاء الأخوة شكراً لكم فنحن لنا تاريخنا واسمنا وقوميتنا وعلمنا ، لاننا الأبناء الأصلاء للوطن العراقي ، واقول شكراً لعروضكم  لكن لسنا بحاجة اليها . فقط نطلب منكم وانتم بالقرب من دائرة صنع القرار ان تكونوا اكثر عدلاً وان تحترمون الآخرين وتطلعاتهم القومية والمذهبية والأنسانية .
 ليس من العدالة والوجدان الأنساني ان يصار الى تسييس وأدلجة قضية الشهداء الأبرار في صوريا وتجييرها لحساب احزاب بغية تحقيق مكاسب حزبية ضيقة .
 في الحقيقة دائماً ينبري سؤال وهو لكم اخواني في الأحزاب الآشورية وهو : متى تتعلمون ثقافة أحترام الرأي الآخر واحترام وجهة نظره مهما كانت مختلفة مع رؤيتكم ، ومتى تنبذون افكار الوصاية والتكبر على اخوانكم من الكلدان والسريان ؟
ما يعرف عن كوردستان انها وفية لمن ضحى بحياته او ماله او انخرط في صفوف البيشمركة ، وفي وقتها فقد كافأ المرحوم ملا مصطفى البارزاني الشعب الكلداني بشكل خاص والمسيحيين في كوردستان بشكل عام حينما عين الكاهن الكلداني بولص بيداري عضواً بأعلى هيئة قيادية في كوردستان في وقتها وهو مجلس قيادة الثورة .
إن كوردستان اليوم مع الأسف لا تسير بخطى المرحوم ملا مصطفى البارزاني في مكافئة الشعب الكلداني إذ ان حق هذا الشعب قد سلب ومسحت اسم قوميته الكلدانية من مسودة اقليم كوردستان ، واليوم ليس للشعب الكلداني في اقليم كوردستان اي حقوق قومية او سياسية مستقلة بل تفرض عليهم وصاية ليصبحوا اتباع لأحزاب قومية آشورية لا تتسم بالعدالة والمساواة . وهدفهم الوحيد يرتكز على إلغاء الهوية الكلدانية الأصيلة من الخارطة القومية العراقية . إن اقليم كوردستان لا يجوز ان يكون ظالماً بعد ان كافح الظلم وكان الشعب الكلداني الى جانبه في كفاحه ونضاله .
إنها معادلة لا يمكن تصديقها ، فنحن إذ نولج في العشرية الثانية من القرن الـ21 شعوب العالم تنهض وترفض الوصاية والتبعية وترى في الحرية والديمقراطية املها وهكذا شعبنا الكلداني الأصيل يرفض تلك الأملاءات وهو يتناغم مع تطلعات الشعوب اليوم في الحصول على حريتها وحقوقها في العالم وفي المنطقة .
نتطلع الى كوردستان ان تكون ارض للتعايش والتسامح وان تقف القيادة الكوردية ( رئاسة وحكومة وبرلمان ) على مسافة واحدة بين جميع مكونات الشعب في اقليم كوردستان .
حبيب تومي / اوسلو في 19 / 09 / 11
ـــــــــــــــــــــ
(*) الأسماء والمعلومات  لتلك المجزرة  البشرية مستمدة من كتاب هرمز يونان الموسوم ايامي في ثورة كردستان ، وكتابي الموسوم  :ملا مصطفى البازاني قاتد من هذا العصر  وهو معد للطبع : حيث ورد :
 صرعت راحيل زوجة منصور يوسف وهي تحمي رضيعها بجسدها ، وصرع القس حنا يعقوب قاشا راعي كنيسة أفزورك (وقدم الى هذه القرية ضيفاً ليقيم القداس فحسب وبعد ذلك يعود الى كنيسته ، لكن الحدث الدامي كان ينتظره ـ الكاتب )، والشماس اوراها وابنه جوزيف وبنته وارينة وصرع المختار خمو وزوجته كترينا وابنته ليلى ، ويضيف الكاتب قوله : صرع عمي موسى وهو كادر الحزبي في القرية وكذلك اخي الأصغر الصبي نجيب ، وكذلك اخي الشاب كوريال الذي وصل لتوه من زاخو لمتابعة معاملته لدخول الجامعة في بغداد ، كما صرعت ( يونو ) مع طفليها الصغيرين وصرعت شوني زوجة شابو وابنها امجد مع ابنتها جميلة ، وكذلك صرع الطفلان ياقو بن ايليا وناجي بن كوركيس والشاب يلدا وابنته الصغيرة باسمة وصرع كليانا مرقس الرجل الشغول الدؤوب .
ودائما نبقى مع الكاتب يونان هرمز وهو ابن القرية فيضيف : صرعت زوجة اوسماني فيرو مع ابنتيها صبيحة وفيروز ودفنت هذه الأخيرة في القبر الجماعي لشهداء صوريا .. وصرعت ايضاً قمري وابنتها نادرة وشيرو زوجة علي ايسف خجا وابنتها ، وكذلك اثنتان من بنات محو باتيلي ، وسقط ضعف هذا العدد من الجرحى ، لقد سربت الحكومة خبراً مفاده ان القس حنا قاشا توفي نتيجه نوبة قلبية مدعية ان الخبر نشرته بطريركية بابل للكلدان . ويقول شاهد عيان وهو اخو الكاتب بطرس الذي اصيب بإطلاقات في جسمه يقول بطرس :
كنا على اهبة الأستعداد للهرب لكننا وثقنا في كلام القس من انه سيشرح للضابط ان اهالي القرية فلاحون بسطاء لا يعرفون شيئاً عن الألغام ، وهم اناس مسالمون لا شأن لهم بما يجري .. ويقول بطرس كنا نعتقد ان الضابط سيسألنا عما إذا كنا نعلم من وضع اللغم .. كان يتقدم الجميع القس حنا والعم خمو فباتوا اولى الضحايا وقتلت ليلى لأنها حاولت ايقاف الضابط من الرمي وقتل معها اخي كوريال .. وبعد ان سقط الجميع بين قتيل وجريح احرق الجنود سياج البستان لكي لا ينج احد من المصابين فأخذوا يقتلون من يصادفوه وبقروا بطون بعض النساء وقتلوا الأطفال الرضع في المهد بالحراب . وعن مادلين اخته التي تبلغ من العمر يومئذٍ عشر سنوات والتي افادت بنفس المعلومات وأضافت : تهاوى الجميع على الأرض بين قتيل وجريح وقد حاول بعضنا التخلص لكن الجنود منعونا من الهرب وتعالت الصراخات وتعالى الأنين من كل جهة ، تكدس بعضنا فوق بعض مثل حزم الحصاد كباراً وصغاراً . شعرت بإصابتي بعد لحظات وعلمت ان امي قد صرعت وهي تحمل اخي الصغير نجيب الذي اخترقته الرصاصات .. وتمضي الصبية التي تبلغ من العمر عشر سنوات : ورأيت راحيل زوجة منصور يوسف تخترقها عدة رصاصات وهي تحاول ان تحمي طفلها الرضيع فقتلت ونجا الطفل بأعجوبة وسط صراخه وعويله ( ما زال حياً يعيش في كندا ) وشعرت بعطش غريب وبانهيار قواي .. تسللت من بين الجرحى والدماء تلطخ ثيابي وتنزف مني بغزارة حاولت الزحف الى الساقية القريبة وألقيت نفسي فيها لأطفئ عطشي ومكثت فيها حيناً حتى جاءني اخي الأكبر فحملني على ظهره بمساعدة اخي الجريح ايضاً الى اقرب قرية . وبينما نحن ماضون وجدنا بعض الأطفال ومعظمهم دون العاشرة وقد تيتموا وتشردوا ينوحون ويبكون .. ( لمزيد من التفاصيل راجع يونان هرمز : ايامي في ثورة كردستان ص 75 ـ 91 وكذلك كتاب الأستاذ مسعود البارزاني الجزء الثالث ص 215 ـ 216) .

179
المحافظة المسيحية المفترضة تحترق في أتون المصالح  المتناقضة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الكلدان وبقية مسيحيي  العراق ليس لهم ثقل ديموغرافي كبير في عراق اليوم ، قياساً بالمكونات الكبيرة ، خاصة  بعد ان تقلصت اعدادهم  بشكل مخيف بعد سقوط النظام في 2003  ومعظم التقديرات كانت تحوم حول مليون وربع قبل السقوط ، واليوم فالتقديرات المتفائلة تشير الى الرقم 600 الف ، إن هذا الهبوط الخطير في اعداد هذا المكون الأصيل ، قد حمل الكثير من الجهات الدولية ومنظمات حقوق الأنسان الى تسليط الأضواء وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل ان تقلع جذورهم من وطنهم العراقي  .
تراوحت البيانات والمقترحات في كيفية الحفاظ على هذا المكون من خطر التلاشي والأندثار من الوطن العراقي ، فما طال هذا المكون من المصائب والأهوال كان نتيجة الأنفلات الأمني وتفشي الفوضى بغياب الحكومة والقانون اولاً ، وبعد ذلك كان العنف الناجم من التمييز الديني العنصري بحق المكونات غير الأسلامية وفي مقدمتهم المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين .
 إن الوضع المزري اللاإنساني الذي تعرض له المسيحيون قد ايقظ الضمائر الحية في كل مكان إن كان في العراق او في خارجه بضرورة حماية هذا المكون الأصيل مما يتعرض له ، وكانت فكرة إقامة منطقة آمنة ، ثم طفت على السطح فكرة منح حكم ذاتي وتبنى هذه الفكرة المجلس الشعبي ، وهو حزب آشوري متزمت يقف بالضد من اي طموحات قومية كلدانية في اقليم كوردستان ، وانبثق في اقليم كوردستان وتمكن بفترة قصيرة ان يأخذ له موقعاً في الساحة السياسية الكوردستانية والعراقية بشكل عام ، منطلقاً من الدعم المادي والمعنوي الذي يتلقاه من الحزب الديمقراطي الكوردستاني .
 اما الحركة الديمقراطية الآشورية ، وهو حزب آشوري متزمت آخر يقف بالضد من اي طموحات قومية كلدانية على الساحة العراقية ايضاً ، وقد سطع نجم هذا الحزب بدعم من الحاكم الأمريكي بول بريمر بعد 2003 . إن موقف هذا الحزب يتلخص في تأييد شكل من اشكال الإدارة الذاتية في محافظة تحمل ملامح إدارية فحسب ، فيصرح يونادم وهو رئيس كتلة الرافدين للشرق الأوسط يوم 22 اغسطس :
 أن «مسألة استحداث محافظة جديدة إنما هي مسالة تقسيمات إدارية بحتة تمليها حاجات إدارية واقتصادية ولا تقف وراءها دوافع أخرى عرقية أو طائفية». وفي تصريح لفضائية البغداية فإن السيد كنا يتطرق الى نفس الموضوع وامور اخرى واملي ان يكون عنواناً لمقال أخر في قادم الأيام .
اما الأستاذ اسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي فله رأيي آخر إذ يرى في تدشين محافظة مسيحية على انه تأسيس وارتكاز لعوامل التفرقة المذهبية والدينية فيقول :
«هناك دعوات غير دستورية وغير مقبولة تصدر عن بعض الجهات السياسية وترمي إلى إنشاء محافظة للمسيحيين في منطقة سهل نينوى». وأشار إلى أن «وجود محافظة خاصة للمسيحيين سيضر بمستقبل وأمن المسيحيين واستقرارهم، ويؤثر سلبا على اندماجهم في المجتمع الموصلي الذي عاشوا في كنفه منذ قرون»، معتبرا أنه «من غير المعقول أن نقبل مثل هكذا دعوات، لأنها مرتكزة على أسس مذهبية ودينية». وأوضح النجيفي أن «أبناء نينوى من المسيحيين إنما هم مواطنون من الدرجة الأولى ولابد أن يبقوا في أرضهم التي كانوا ولا زالوا يعيشون فيها بسلام جنبا إلى جنب مع إخوانهم من المسلمين وبقية المكونات والأطياف الأخرى».
اما المكون الكبير بالنسبة للمسيحيين وهم الكلدان فنلاحظ ان مؤسسة الكنيسة الكلدانية تجعل من هذه الطروحات بمثابة حصر المسيحيين داخل اسوار المحافظة المفترضة ، علماً ان الوطن العراقي هو وطننا بجهاته الأربع ، ويؤيد هذا الطرح زملاء لي من الكتاب في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، وعلى سبيل المثال مقال الأخ بطرس آدم : الكلدان ومشاريع التقسيم ، ومقال الأخ نزار ملاخا عنوانه : محافظة للمسيحيين مرة ثانية .
 مقابل ذلك ثمة طروحات من قبل جهات آشورية ليست عراقية كالمؤتمر الآشوري العالمي ، الذي يدعم إنشاء اقليم آشوري في آشور التاريخية بين الزابين ، وكذلك نقرأ للكاتب سليمان يوسف وهو كاتب اشوري من سوريا فيكتب مقالاً تحت عنوان : ثمة فرصة تاريخية لقيام "دولة آشورية مسيحية" في العراق ، والأخ الكاتب ايضاً من المنظرين القوميين المتزمتين فيعتبر القومية الكلدانية مذهب كنسي مسيحي .  
 لقد قرأت مقالاً للاخ الويس إقليمس تحت عنوان : حالنا وآمالنا ، ومقال آخر للاخ صائب خليل بعنوان : المحافظة المسيحية - تلك المزحة السامة ، ويصب المقالان في محصلة الأبتعاد عن مفهوم إقامة محافظة مسيحية .
والى جانب ذلك فهناك تجمع احزابنا السياسية ، الذي فقد ملامح التمثيل والتنوع للتعددية الفكرية لشعبنا خاصة بعد انسحاب الحزب الديمقراطي الكلداني من صفوفه ، فالأحزاب التي تتخذ لها اسماً كلدانياً في هذا التجمع تفتقر الى الأستقلالية في اتخاذ القرار بعد ان اصبحت تابعة للمجلس الشعبي على خلفية شروطه في منح التمويل لها .
 ولهذا فإن التجمع اصبح يمثل اللون الواحد وهو اللون الآشوري فحسب . فما يعرضه هذا التجمع الذي تنوعت اتصالاته بمختلف الكتل ، لم تتسم طروحاته بأجندة واضحة ولم تكن منسقة لتضارب التوجهات المطلوبة من هذه المحافظة لتضارب المصالح الحزبية فحسب .
ويستدل بشكل عام ( ان الكلدان والسريان ) وأقصد ، الأكثرية الصامتة غير المتأثرة بالخطاب الحزبي ، فإنها غير مقتنعة لسبب وآخر عن أنشاء محافظة مسيحية . وكما سبق فإن المكون العربي في المنطقة لا يسعده رؤية محافظة اثنية غير أسلامية وغير عربية على حدوده .
شخصياً لدي رؤية ربما تتراوح بين الاراء المطروحة منها المتسمة بالرفض الكامل والأخرى المتسمة بالقبول المتحمس . رأيي يتلخص في ان هذا المكون الذي اشتهر بهويته الدينية وهي المسيحية ، من حقه ان يعيش في الوطن العراقي كمواطن من الدرجة الأولى بجهة الحقوق والواجبات ، وأن تكون منزلته في الوطن العراقي كمنزلة المسلم الشيعي والمسلم السني والمسلم الكوردي والمسلم التركماني .
 إن كان ذلك غير ممكن تحقيقه بسبب الأوضاع الأستثنائية السائدة ، وايضاً بسبب تفشي الثقافة الأجتماعية المشبعة بالتفرقة الدينية العنصرية ، ما دامت هذه الثقافة سائدة ولحد اليوم ، فأتساءل لماذا لا يكون لهذا المكون كيان خاص يدير نفسه بنفسه ؟ لماذا نضع ذلك في إطار تجزئة الوطن العراقي ، او في إطار الأصطفاف الطائفي ،؟
اليس العراق اليوم مقسماً طائفياً وقومياً ، فأين تكمن الخطورة في منح مكون اصيل امتيازات إدارة الذات بعيداً عن الإملاءات من هذا الطرف او ذاك الحزب ؟
بالعودة الى تنظيم التجمع  السياسي لاحزابنا ، والتي انسحب منه الحزب الديمقراطي الكلداني مؤخراً ، فيتضح من التحركات والتصريحات التي تنسب الى التجمع ، بأنه  متحمس جداً لموضوع المحافظة ، لكن برأيي يبقى هذا الحماس مفتقراً على وضع النقاط على الحروف ، في مسائل جوهرية تخص هذا الطرح ، السيد يونادم كنا مثلاً يطرحها على انها مجرد ضرورة ادارية بحتة وفق تصريحه لجريدة الشرق الأوسط والمقابلة مع البغدادية ، لكن نقرأ له تصريحا آخراً مشوشاً مرتبكاً في قوله :
أن "المطالبة بإنشاء محافظة في سهل نينوى للمكون القومي (الكلداني السرياني الآشوري)، لا يعني إنشاء كانتون على أساس طائفي أو عرقي، بل أن المحافظة المقترحة ستكون لكل المكونات في المنطقة من أيزيديين وشبك وعرب وكرد، فنحن لا نريد الإنفصال عن باقي المكونات، كما أن إنشاء كانتون على أساس قومي أو ديني هو مخالف للدستور العراقي". انتهى الأقتباس من مقال الأخ صائب خليل في موقع عنكاوا .
 حينما يعين السيد يوناد كنا اسم ( المكون القومي ) فإنه يشير الى ما يرديده في خطاب قومي ، وهذا ألا يخالف طروحات الوجه الأداري للمحافظة المفترضة ؟ فإلى اي اتجاه تشير بوصلة هذا الحزب ؟
 اما الخطاب الآشوري الأكثر صراحة وجرأة ، هو الذي يدعو الى إنشاء اقليم آشور في سهل نينوى . اما الأخوة في تجمع احزاب شعبنا فإنهم  يتحركون بسرعة وفعالية لكن دون وضوح الطريق والخطة ومثلهم كمثل الحطاب الذي ذهب للاحتطاب ورجع دون حطب ، وبالكردية : ( جونا داري وهاتنا خواري ) . إنهم فارغين من وضوح في الطريق فيما يخص منطقة الحكم الذاتي الذي تنازلوا منه الى محافظة مسيحية ، وهل هي على اساس قومي ام ديني ام لغوي ام ماذا ؟ فالسيد يونادم كنا هو العضو الرئيسي في هذا التجمع يقول : إن انشاء كانتون على اساس قومي او ديني هو مخالف للدستور العراقي .
خلال تحليل التصريحات بهذا الخصوص نجد الجانب الكوردي يقبل الفكرة ولا شك ان الأكراد يعتبرون قوة مؤثرة في المنطقة ، والجانب الثاني الذي يعنيه الموضوع هو محافظة الموصل ومن ابدى رأيه بهذا الشان الأستاذ اسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي ، وإن هذا الطرف يبدي تحفظه على موضوع المحافظة منطلقاً من تراكمات فكر قومي تاريخي يعني باحتواء الأقليات في المنطقة ، ولا ارى مبرراً لأي شكل من اشكال المخاوف بشأن إفراز إداري ، وحتى لو اتخذ إطار إثني .
 اقول :  
بمنأى عن اي تأثيرات حزبية واحترام كل الآراء التي طرحت التي كانت مع ، ولهم اسبابهم ، او كانوا بالضد ولهم اسبابهم ومبرراتهم ايضاً . فأقول : ان دراسة حالة هذا المكون الأصيل والنظر اليها بمنظار وطني بعيداً عن المصالح الحزبية والتجاذبات السياسية والدينية والقومية ، فإن هذا المكون المسيحي من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن ومعهم في المنطقة الإيزيدية والشبك ، ومن جانب وطني وإنساني فينبغي وضع الحلول لأيجاد منطقة لديها حصة من الميزانية العراقية بشكل مستقل وتخطط لبناء مشاريع تكافح البطالة في هذه المنطقة لاحتواء سبب رئيسي للهجرة .
 لكن قبل هذا وذاك ينبغي ان يؤخذ رأيي الناس المعنيين ، فلا رأي حبيب تومي ولا رأي تجمع الأحزاب السياسية ، ولا رأي الجهات الحكومية او الكوردية في المنطقة ، إنما ينبغي ان يجري استفتاء للتصويت للمشروع ولكن بعد وضوح المسالة بتفاصيل صريحة ، لكي يصار الى استقراء رأي المواطن المعني بذلك ، إن استفتاء موقع عنكاوا كوم يمثل شريحة قراء موقع عنكاوا فحسب ولا يمكن أخذه كمقياس عام لأصدار الحكم في الموضوع .
 كما ان تحديد هذه المحافظة لا يمكن ان يعني نقل جميع المسيحيين اليها ، فسوف لا يطرد المسيحي من البصرة للالتحاق بتلك المحافظة فهذا المسيحي هو عراقي قبل ان يكون مسيحياً ، فإن حصر هؤلاء في غيتو ليس صحيحاً فمنطقة الحكم الذاتي في كوردستان لم يجمع فيها جميع الأكراد من مدن العراق .
 إنه رأيي الشخصي وأنا إنسان مستقل لا انتمي الى اي حزب او جهة سياسية واعرضه بصراحة إن اتفق مع طروحات هذه الأحزاب او اختلف معها ، فانا اعّبر عن رأيي الخاص ليس إلا .
 حبيب تومي / اوسلو في 05 / 09 / 11

180
نحن الكلدان ماذا جنينا من الكوتا المسيحية لنؤيد إقامة محافظة مسيحية ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
والله لا اريد الخوض ولا احبذ الكتابة في المواضيع التي تشير الى تهميش حقوق شعبنا الكلداني وهو يشكل الأكثرية من المكون المسيحي ومكوناً وجزءاً اصيلاً من النسيج المجتمعي العراقي عموماً . ولكن حينما يتجسد الظلم والقهر والتهميش لهذا الشعب امامي ، لا املك قرار نفسي وأضطر للكتابة . اجل خرج الكلدانيون من الكوتا التي خصصت للمسيحيين من المولد بلا حمص ، وكتبنا وحللنا وألقينا اللوم على انفسنا اولاً وعلى من يعمل ضدنا بالسر والعلن ويصرف الملايين ويشغل ماكنة إعلامية رهيبة ضدنا ثانياً .
لقد نادينا وطلبنا بكوتا قومية  للكلدان والسريان والآشوريين ، لكن اخوة لنا أفهمونا اننا اخوان في الدين ولا فرق بيننا ، وكانت النتيجة  ابتلاعهم لكل المقاعد تحت ذريعة اننا شعب مسيحي واحد . وكما فعل بالأمس صدام حسين حين ابتلع الكويت بحجة انهم شعب عربي واحد .
إن الكوتا المسيحية لم تعكس المساواة والعدالة بين المكونات المسيحية التي تشملها تلك الكوتا ، فقد هيمن على مفاصلها الأحزاب الأديولوجية الآشورية ، لقد تولدت لدينا تجربة مرة من سيطرة هذه الأحزاب فالحركة الديمقراطية الآشورية كان دعمها المباشر من قبل الحاكم الأمريكي بول بريمر ، وحزب المجلس الشعبي كان دعمه من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني .
 حسناً مع ذلك ايدنا الحزب الآشوري باعتبارنا مكون مسيحي واحد لكن هذا الحزب ، مع الأسف ، لم يتسم بالعدالة والمساواة بين مكونات هذا الشعب ، وتصرف معنا نحن الكلدانيون باستعلاء وكأننا عبيد لهم ، فقد استغلوا مواقعهم لالغاء تاريخنا وتراثنا وقوميتنا وبعثرة كنيستنا ، وقد افلحوا في مسح اسم قوميتنا الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، واليوم يلهثون وراء إلغائها من الدستور العراقي ، اتساءل إن كان لنا هكذا اخوان وأصدقاء فسوف لا نحتاج اعداء .
 اجل إنها تجربة مُرّة كالعلقم مع الأحزاب الآشورية المتشددة ، وإن بعض الأخوان الموالين لهذه الأحزاب من الكلدان  يريدون منا ان نكف عن الكتابة وأن نصفق لهذه الأحزاب ونسكت عما تقترفه من تفرقة فجة بين ابنا شعب واحد . إن هؤلاء يختزلون مطالب وحقوق الشعب الكلداني ببضعة مناصب تتكرم بها هذه الأحزاب .
 اقول لهؤلاء نحن لا  نطلب صدقة او إحسان ، إننا نطالب بحقوق شعب اصيل . فلماذا تستكثرون علينا هذه المطالب ؟ أقصد بذلك الأخوة الكلدان الموالون للاحزاب الآشورية ، وفي الحقيقة نحن لا نعاني من الأخوة الآشوريين بل نعاني من الكلدانيين الذين تنكروا لقوميتهم الكلدانية ، ويبخلون علينا حتى الأعتزاز بتلك القومية بل يلصقون بنا تهم الخيانة والتآمر والتقسيم .. الى آخره .
تجربة الكوتا المسيحية كانت تجربة مرّة ومحزنة ، فهل يؤيد الكلدانيون إقامة محافظة مسيحية ، وماذا يكون نصيبهم من القرار السياسي والأقتصادي والقومي في تلك المحافظة ؟
  ألا يكون مصيرنا مرهوناً بأوامر تلك الأحزاب المهيمنة على الساحة ؟ ألا يكون نصيبنا الخروج من المولد بلا حمص كما كانت تجربة الكوتا المسيحية ؟
 اعتقد سوف نخرج من عبودية حكام اهل الذمة وندخل في عبودية اخرى . إجل انها عبودية اخرى فماذا يفيد الأنسان بعد ان يفقد حريته وهويته ، ويصبح تحت وصاية آخرين يقررون اسمه وهويته وانتماؤه .
 في قرارة نفسي اؤيد اي حكم ذاتي لشعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، لكن ما فائدة هذا الحكم ان نصبح تحت رحمة احزاب قومية متشددة ؟ وهي تصبح وصية على مصائرنا ، الم يلجأ حزب المجلس الشعبي الى إلغاء القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ؟
 أنا شخصياً منحت ثقتي بهذا الحزب ( المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ) ليكون مظلة حقيقية لهموم شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين ، وكان بودي ان اساهم بإمكانياتي المتواضعة في تطوره وتقدمه لكن اسقط بيدي حينما لمست ان مقدمة اولاياته تنحصر في هزيمة القومية الكلدانية من الساحة الكوردستانية والعراقية .
 اما الأخوة في الحركة الديمقراطية الأشورية فقد اختزلوا تمثيل شعبنا المسيحي بتعيين احد اقرباء سكرتير الحركة بالمنصب المخصص للمسيحيين عموماً ( مع تقديرنا لشخصية السيد الوزير ) . فليس لنا تحفظ عليه بقدر تحفظنا على مسلك الحركة الذي يفرق بين ابناء الشعب الواحد ، إن تعامل الأحزاب الآشورية مع ابناء شعبنا الكلداني هو بمثابة تعاملهم مع اناس اقل منزلة منهم ، وهذا لا نقبله ، فنحن شعب اصيل لسنا افضل من الآخرين ولسنا اقل منزلة من الآخرين .
ثمة رؤى مختلفة الى موضوع إقامة محافظة مسيحية ، ان إطلاق مثل هذه العبارة ( محافظة مسيحية ) غير مستحبة وليست مقبولة ، لكن احزابنا بعد ان ابتلعت طعم الكوتا المسيحية اصبحت مجبرة على قبول مفهوم المحافظة المسيحية . وإن قبلنا مفهوم محافظة مسيحية ووضعناه عنواناً فسيعترض عليها الأزيدية والشبك وغيرهم من المكونات فهؤلاء ليسوا مسيحيين فلماذا يقبلون بتلك التسمية ؟
إذا اردنا ان نقنع الآخرين بذلك علينا ان نقنع شعبنا بذلك اولاً ، وان نتعامل مع بعضنا بمنطق الديمقراطية وقبول الآخر ، وليس بمنطق الغالب والمغلوب وأن نكف من كيل الأتهامات لكل من ينادي بحقوق شعبه ، إن قوميتنا الكلدانية مذكورة في الدستور العراقي برغبة الشعب الكلداني ، وكانت مذكورة بالدستور الكوردستاني برغبة الشعب الكلداني ايضاً وحينما لجأت تلك الأحزاب وتلجأ اليوم الى إلغائها فإن هذه الخطوة تعتبر استفزازاً واحتقاراً للشعب الكلداني واسمه وتاريخه ، إنه عمل لا يمت الى الودية والأخوية بأي شكل من الأشكال ، نحن نؤيد اي تعاون او عمل مشترك على ان لا يكون بمنطق السيد والتابع ، الكلدان شعب حر وينبغي ان تحترم إرادته لا ان تفرض عليه وصاية ، نحن في زمن الحرية وزمن حقوق الأنسان وحقوق الاقليات ولا مكان لمن يريد قهر إرادة الشعوب .
نحن مع اي استقلال ذاتي بأية صورة تضمن كرامتنا وتجعلنا نعيش حياتنا كبشر متساوون في الحقوق والواجبات مع الأخرين ، نحن جزء من النسيج المجتمعي العراقي نقدس هوية الوطن العراقي ، ونحترم الجميع ونطلب من الجميع احترامنا بنفس القدر .
 حبيب تومي / اوسلو في 30 / 08 / 11  

181
عتاب أخوي لإدارة موقع عنكاوا كوم
شخصياً لا اجادل بعض مواقع شعبنا المسيحي والتي تعود ملكيتها لأحزاب قومية شمولية فهذه لا تقبل سوى الرأي الواحد ، وهي تملك الحقيقة واليقينيات ، ولا تقبل بالرأي الآخر ، وتلصق به تهم التخريب والتخوين وهلم جراً . وموقع زهريرا التابع لحزب الزوعا وموقع عشتار التابع لحزب المجلس الشعبي مثال للمواقع التابعة لاحزاب قومية متشددة ، فهذه لا نناقشها وأمرها منتهي ، وهي في حكم الميئوس منها  .
اما موقع عنكاوا كوم فهو قد سلك صراط الحيادية والموضوعية في مجمل مسيرته التي واكباناه قبل سنين لحد اليوم .
 لكن في الآونة الآخيرة لا اخف استغرابي من موقع عنكاوا ، للحساسية من اي مقال يدافع عن حقوق الشعب الكلداني المهضومة في اقليم كوردستان وعموم العراق ، وإن مقالاتي اصنفها في هذا المضمار لكن موقع عنكاو يصنفها على انها الكلام عن التسمية ، وهذا غير صحيح ، لاني اكتب عن حقوق الشعب الكلداني فحسب ، واحترم كل مكونات شعبنا وتسمياتهم إن كانت سريانية او آشورية ، ولا أؤمن ولا أقبل بالتسمية السياسية القطارية التي تشوه تاريخنا ، ولا يوجد آشوري واحد يقبل بها ، ولا يقبلها ايضاً اي  كلداني حر مؤمن بقوميته الكلدانية الأصيلة ، هذا رأيي وينبعي ان يُحترم وكما تحترمون الآراء الآخرى .
في توضيح سابق اشرت الى مقالاتي التي حجبت عن الصفحة الرئيسية دون وجه حق ، ولا داعي للاشارة اليها اليوم ، لكن فقط اشير اليوم الى مقالي الموسوم :
 عزيزي نبيل دمان لا يجوز الكتابة مع ميلان الريح ، وكان مقالي هذا رداً على مقاله : قصة اول مغترب الى امريكا . حيث الغى الأخ نبيل دمان هويته الكلدانية .
 إن بوصلة الكاتب الحر تتوجه نحو رصد وتشحيص الأخطاء والتعصب والسرقات والفساد وو.. وعليه ان يضع هذه المثالب تحت موس النقد . وانا شخصياً مؤمن بهذا الطريق وأكتب بهذا الأتجاه .
أقول :
 إن الأخ نبيل دمان يستطيع ان يدافع عن نفسه ؟ فلماذا يحجب موقع عنكاوا مقالي ولا تمنح لمقالي  نفس الفرصة التي منحت لمقال نبيل دمان ليطلع عليه القراء ؟
  الحيادية تقضي ان تمنح لي نفس المساحة من الحرية التي تمنح للاخرين ، بالأمس سمحتم للسيد يوسف شكوانا بالرد على مقالي ، فلماذا لا تسمحون لي اليوم بالرد على مقال نبيل دمان او غيره ؟ وبصراحة لم اكتب رد على يوسف شكوانا خوفاً من عدم نشره ؟
 تحياتي لإدراة موقع عنكاوة وتمنياتي ان يستمر قراره ونهجه المستقل والحيادي وان يقف على مسافة واحدة من الجميع .
ومقابل ذلك تسطيعون ان توصدوا أبواب موقع عنكاوا في وجوهنا كلياً وكما تفعل مواقع الأحزاب الشمولية الأديولوجية التي اشرت اليها في بداية مقالي هذا .
 تحياتي
 حبيب تومي / اوسلو 27 / 08 / 11

182
عزيزي نبيل دمان لا يجوز الكتابة مع ميلان الريح
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
اعترف ان الأخ نبيل دمان كاتب طموح ومثابر ، وهو في حركة دؤوبة يسعى الى جمع المعلومات من مصادرها عن الشخصية او المسالة التي يروم الكتابة عنها ، وهو يعشق القوش وتراثها وينتمي الى الوطن العراقي ويعظم هذا الوطن وتاريخه وحضارته وإنسانه . وانا واحداً من قراء ومتابعي ما يسطره قلم نبيل دمان من تحقيقات وكتابات عن شخصيات القوشية او عن تراث القوش ، وأنا معجب بنشاطه وهمته .
من المؤكد ان الكتابة عمل متعب ولا يجلب لصاحبه سوى وجع الرأس والفقر ، اللهم إلا إذا كان من المداحين لموكب الحاكم ولخطواته ولمنجزاته ، فيغدو مقرباً من دائرة صنع القرار فيصله شئ من نعم الحاكم او رئيس الحزب او من يحمل بيده مفاتيح الأبواب امام ذلك الكاتب ، اما من يضع مثالب الحاكم تحت موس النقد ، فإن نصيبه هو الغضب والأهمال والأقصاء وهلم جراً وكما يحصل لي ولزملائي في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان . وأنا وزملائي في الأتحاد ماضون في هذا الطريق الذي اخترناه .
قبل ايام نشر موقع عنكاوا للاخ نبيل دمان مقالاً تحت عنوان :
قصة اول مغترب للقارة الأمريكية ، ويستهل مقاله بعبارة :
 ( في عام 1895 وصل شاب بيث نهريني عن طريق البحر الى مقاطعة ساسك في كندا. انه صادق ميخا دمان المولود بتاريخ 28- 12- 1876 في القوش ...  ) .
الى هنا كل شئ طبيعي ومألوف ، لكن نفس الكاتب وفي نفس المقال جملة جملة وعبارة عبارة ، اي هو نفس المقال ، كان قد كتبه قبل سنين في جريدة او مجلة (الكلمة ) تحت عنوان :
اقدم مغترب كلداني الى القارة الأمريكية ، ويستهل مقاله بعبارة : ( كان ذلك عام 1895 . عندما وصل شاب كلداني عن طريق البحر الى مقاطعة ساسك في كندا . إنه صادق ميخا دمان المولود بتاريخ 28 / 12 / 1876 في القوش ...) .
العنوان تبدل من شاب كلداني الى بيث نهريني ، والعنوان تبدل من اقدم مغترب كلداني الى القارة الأمريكية فتحول بقدرة قادر الى مغترب معدوم الهوية واختفاء الأسم الكلداني ، اي ان الأخ نبيل دمان حذف الهوية القومية الكلدانية في العنوان عن المغترب ، المقال المكتوب في جريدة (الكلمة ) هو بقلم نبيل دمان نفسه ، والمقال منشور في مواقع  الأنترنيت هو نفس المقال وبقلم نبيل دمان كذلك . وأنشر الصور ادناه لأثبات كلامي

الأخ نبيل دمان لم يكتف بهذا التحريف في العنوان بل لجأ الى تحريف وتناقض آخر في نفس المقال ، حيث ورد في متن المقال في مقاله الأخير على موقع عنكاوا وربما مواقع اخرى ، فهو يقول :
 ( .. كما يحدث في ايامنا هذه، حيث يتواصل سيل الهجرة كل يوم محدثا شرخا ديموغرافيا في ارض وادي الرافدين. وعند حصول مجازر الارمن والاشوريين عام 1914، استطاع الافلات من الموت والوصول الى بيروت..) .
 الآن نقرأ ماذا كتب الأخ نبيل دمان قبل سنين في جريدة الكلمة يقول :
( .. كما يحدث في ايامنا هذه، حيث يتواصل سيل الهجرة كل يوم محدثا شرخا ديموغرافيا في ارض وادي الرافدين. وعند حصول مجازر الارمن والكلدانيين عام 1914، استطاع الافلات من الموت والوصول الى بيروت.. ) .
ولأثبات كلامي انشر الصورة ادناه لبقية مقال الأخ نبيل دمان :

 
إنه يبدل لفظة الكلدانيين بالآشوريين ، فهل يجوز مثل هذا التبديل بكل بساطة ؟ هل يجوز ان نبدل لفظة العرب بالأكراد وقتما نشاء ؟ هل الشعب الكلداني عام 1914 تبدل وأصبح الشعب الآشوري ، إنه حقاً أمر يدفع على الحيرة .
((( لدي تفسير واحد لهذه الحالة وهو  الميلان مع الريح ، وكان بودي ان لا يكون نبيل دمان الذي اعرف معدنه الأصيل ، بهذه السهولة في الخضوع  والميلان  مع الريح .))) .
 إن الأخ نبيل دمان كان صادقاً حينما كتب عن مغترب كلداني من القوش ، وكان صادقاً حينما ذكر مجازر الكلدان والأرمن ، لأن في عام 1914 كان الآشوريون يسمون انفسهم بالنساطرة ولم تتبلور تسمية الآثوريين او الآشوريين إلا بعد الحرب العالمية الأولى ، وإثباتاً لكلامي يرجى مراجعة الخرائط المنشورة في كتاب ( المسيحيون في حكاري وكردستان الشمالية ) لمؤلفه ميشيل شفاليه ، ترجمة نافع توسا مراجعة وتقديم الأب د . يوسف توما مرقس ، انظر خارطة رقم 2 صفحة 49 وهي خارطة اعالي دجلة تبين المكونات في هذه المنطقة وهم : الأزيدية ، الكلدان ، اليعاقبة ، الأرمن ، والنساطرة ، ويقصد بهم آشوريي اليوم . اما الخارطة رقم 3 ص 161 ، فقد جاء في الخارطة الدينية لسهل الموصل في القرن التاسع عشر عن المكونات كالآتي
1 ـ تركمان وجماعات من اصول شيعية ، (اعتقد يقصد بهم الشبك ـ الكاتب ) .
2 ـ كلدان 3 ـ أكراد 4 ـ يزيدية ، 5 ـ عرب من سكان المدن 6 ـ سريان مشارقة وحضور لجماعات مختلفة ويهود ، ولا يوجد في هذه الخارطة اي ذكر للاشوريين او للنساطرة .
وخارطة رقم 4 تشير الى منطقة زاخو وجنوب وادي الخابور في في القرن 19 ومؤشر فيها مكونات في هذه المنطقة فتذكر سريان مشارقة ويزيدية وكلدان وأكراد .
اجل في المصادر قبل الحرب لم يكن مصطلح الآشورية او الآثورية متداولاً لأي مجموعة في المنطقة والمطلعين والمعتدلين من الأخوة الآشوريين يعترفون بذلك . لكن الأحزاب القومية الآشورية المتشددة لا تقبل بما جاء في هذه المصادر .
الأخ نبيل دمان كان يجب ان لا يجامل الأحزاب الآشورية ، فهو لا يحتاج الى منصب او مال ، حيث ان الأقلية الآشورية اليوم تهيمن على مصائر المسيحيين في العراق وتعرض اجندتها بغية مسح القومية الكلدانية من الخارطة القومية العراقية ، وكان على نبيل دمان ان لا يساهم في هذا العمل الذي يخالف لوائح حقوق الأنسان وحقوق الأقليات في حرية التفكير والأنتماء بمنأى عن اية وصاية .
 تحيااتي للاخ لنبيل دمان وأرجو ان يبقى الأختلاف في الرأي مسالة طبيعية وأن لا يفسد في الود قضية .
 على مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين مراعات المشاعر بيننا وترويج مبادئ الأحترام المتبادل ، وعدم الأنجرار وراء الاحزاب الشمولية التي لا يهمها سوى مصالحهم الشخصية والحزبية في احسن الأحوال .
اما قصة اول مغترب كلداني الى اميركا  فهذه قصة اخرى سنتناولها في قادم الأيام .
 حبيب تومي / اوسلو في 25 / 08 / 11
 

183
الفساد في اقليم كوردستان وآليات المعالجة ، كتاب قرأته وأقدمه للقارئ  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
محمد صالح آميدي مؤلف ومعد كتاب الفساد في اقليم كوردستان وآليات المعالجة اهداني مشكوراً نسخة منه ، وقرأت في متن الكتاب افكاراً جريئة وتشخيص دقيق مفعمة بنقد بناء ، ولقد افتتح كتابه بقول نابليون بونابرت : اعطني قليلاً من الشرفاء احطم جيشاً من اللصوص والمفسدين .
في الفصل الأول يتطرق الى بطولات الشعب الكوردي ومعاناته وتحمله عمليات البطش والملاحقات والسجون والأرهاب .. ويشير المؤلف الى من تعاون مع السلطات الحكومية مرغماً ، نظراً لالتحاق ابنائه او أشقائه بالبيشمركة فيضطر الى مسايرة السلطات للنجاة من انتقامها ، لكن الى جانب ذلك يشير المؤلف الى وجود من كان يحمل بندقية الثورة واسمه بيشمركة ، إلا انه كان جاسوساً ومرتبطاً بالأجهزة الأمنية لنظام صدام وتتلقى عائلته راتباً شهرياً من دوائر الأمن او الأستخبارات .
يرى مؤلف الكتاب انه من الضروري تقييم ما تم انجازه في الأقليم ، وفي عين الوقت ينبغي تقييم التجربة بشكل محايد ومستقل وفرز الأيجابي من السلبي بدون رتوش او إضافات او انتقادات هدامة ولاذعة . وفي البداية يشير المؤلف على الأنجازات منها على المستوى القومي ، وعلى مستوى تحقيق الأستقرار ، ورفع المستوى المعاشي لابناء الأقليم وغيرها من الأنجازات .
ان الكاتب الجليل يورد في بحثه الضمانات القانونية للاقليات والمذاهب الدينية ، وهو يورد الفقرة التالية ص30 يقول :
إن حكومة الأقليم منذ تأسيسها في اليوم الأول بدأت بتأمين حقوق الجماعات والأقليات والأثنيات في الأقليم ، فتم ممارسة المراسيم الدينية لجميع المسيحيين وبحرية كاملة .. كما ان سلطات الأقليم قد وضعت كودا للتمثيل البرلماني لنواب المسيحيين والتركمان والأرمن .. هذه الضمانات لأبناء الأقليات القومية في كوردستان تعتبر ممارسة انسانية يستوجب دعمها وأسنادها . ودليل واضح على المسيرة الديمقراطية للاقليم .

شخصياً اخالف الكاتب الجليل في ما ذهب اليه ، فإن اقليم كوردستان لم يضمن الحقوق القومية للشعب الكلداني ، فالمادة التي كانت تضمن حقوق الشعب الكلداني في مسودة الدستور الكوردستاني بشكل صريح وكانت متطابقة مع ما هو وارد في المادة 125 من الدستور العراقي الفيدرالي حيث كانت القومية الكلدانية مذكورة بشكل مستقل وصريح ، فقد جرى تغيير تلك المادة ، فحالياً  ورد في المادة25 ( بأن الدستور يضمن الحقوق القومية والثقافية والإدراية للتركمان ، العرب ، الكلدان السريان الآشوريين ، الأرمن بما فيها الحكم الذاتي .. ) إنه إجحاف واضح بحق مكون اصيل وهو الشعب الكلداني وتناقض صريح مع الدستور العراقي الذي يذكر القومية الكلدانية كمكون عراقي اصيل ، اجل ان القومية الكلدانية تحتل المركز الثالث في الخارطة القومية العراقية ، وإن الأقليم قد همش واهمل وجود هذه القومية في مسودة دستوره وهذا لا ينسجم مع نهج الأقليم في منح الحقوق القومية لكل المكونات الكوردستانية بمفهومي العدالة والمساواة . ونأمل من رئاسة الأقليم وبرلمانه وشعبه ان يصار الى تصليح هذا الخطأ وإزالة هذا الإجحاف بحق الشعب الكلداني صديق الشعب الكوردي الذي وقف الى جانبه ايام محنته .
ينتقل المؤلف الى ظاهرة الفساد وانتشارها في اكثرية المجتمعات كونها متلازمة مع النظم الأدارية وسلوك الفرد الذي ينحرف ويتخذ المنحى الذي يخدم مصلحته وينتفع من مركزه ويفضلها على المصلحة العامة ، وفي الموسوعة الدولية للعلوم الأجتماعية بأن الفساد هو سوء استخدام النفوذ لتحقيق ارباح خاصة ، اما تعريف الفساد فيرى المؤلف انه مرتبط بالمجال الذي نحن بصدده ، فثمة الفساد الأدراي حين تعلق الأمر بالعمل الأداري او الفساد المالي عند ارتباطه بالأختلاس والرشاوي المالية ، والفساد السياسي عند ارتباطه بطبقة رجال السياسة والأدارت العليا ، والفساد الأخلاقي حين ارتباطه بمنظومة القيم الأخلاقية في المجتمع .. الخ
ويتطرق الكاتب الى البيئة او الظروف الملائمة لتفشي الفساد ويشخص الأسباب ومنها البنى الحكومية المتناحرة ، وتركيز السلطة بيد مجموعة سواء كانت منتخبة او غير منتخبة ، وغياب الديمقراطية او عجزها ، وضعف القوانين الإدارية ، وغياب الشفافية في السياسة المالية وغيرها من العوامل .
وفي تصنيف انواع الفساد يبقى الكاتب في الفساد السياسي ويركز على مسالة الأحزاب الكوردية وبشكل خاص الحزبين الكورديين الرئيسسين ( اواك وحدك) فيقول الكاتب ص120 ان الحزبين يمارسان التجارة والمقاولات والدخول في المناقصات وشراء المرافق العامة والمعامل الحكومية وبأسعار زهيدة وذلك بواسطة مجموعة شركات مؤسسة في بغداد وأربيل والسليمانية ..
ويقول الكاتب في ص122 ان الحزب هو حزب سياسي يناضل من اجل الوصول الى الحكم بالطرق المرسومة في قانون الأحزاب ، فلا يجوز للحزب ان يمارس التجارة ويكون له شركات ويدخل في المضاربات المالية والعقارية وبهذا الصدد يؤكد المؤلف على القول :
علينا ان ندرك ان القانون وأحكامه هو افضل وأرقى وأعلى وأسمى من الحزب ونظامه الداخلي ، لأن القانون يستند على إرادة الشعب كله اما الحزب فيستند على إرادة أعضائه او مسؤوليه فقط .. فإذا واجهنا تناقضاً بين اوامر الأثنين علينا ان ننفذ احكام القانون ونترك اوامر الحزب جانباً .. وإذا فعلنا العكس فإننا ارتكبنا فعلاً يعد جزءاً لا يتجزأ من الفساد السياسي .
في معرض انتقادات الكاتب لبعض المظاهر السلبية في اقليم كوردستان منها استثمار المال العام في الحملات الأنتخابية وظاهرة الأحتكار الأقتصادي وتزوير الانتخابات  والتدخل الحزبي في شؤون الجامعات والمؤسسات العلمية وظاهرة وجود المقرات والمنظمات الحزبية في المناطق السكنية .. كما ويشخص المؤلف مسألة مراقبة وأنصات المكالمات الهاتفية وشبكات الأنترنيت .
إن المادة 61 من مشروع دستور اقليم كوردستان يكفل حرية الأتصالات والمراسلات البريدية دون رقابة ، لكن المؤلف يستدرك هنا ، في حالة وجود خطر الأرهاب وإن الأجهزة الأمنية في الأقليم تتحسس بأن هنالك نشاطاً ارهابياً محموماً تهدف تنفيذ اعمال أرهابية او إدخال مواد محرمة الى الأقليم مثل تجارة المخدرات او القيام بجريمة وعينة .. وتشك الأجهزة الأمنية بتحركات بعض الأشخاص .. فإن على السلطات الأمنية استحصال موافقة قاضي التحقيق المختص بالقضايا الأمنية بفرض الرقابة والأنصات على هواتف المشبوهين .. وبعد التوصل الى المعلومات الأمنية المطلوبة فعلى قاضي التحقيق ان يرفع عملية الأنصات فوراً ..
ينتقل المؤلف الى الفساد الإداري وهو يكتب بهذا الصدد ان اولى واجبات الحكم ايجاد ادارة صحيحة على اساس ان نجاح هذه الإدارة يعني نجاح الحكم وفساد الإدارة يعني فشل الحكم . ومن مظاهر الفساد الأدراي المحسوبية والمنسوبية والوساطة غير المشروعة وظاهرة القبول الخاص في الجامعات والمعاهد والبعثات ، والتسيب الأدراي والوظيفي وهنالك ظاهرة التعويم الوظيفي التي يقول عنها المؤلف بأنه لا نعثر على مثيل لها في جميع انظمة العالم .
فإذا تم عزل قائمقام او مدير عام او مستشار عن وظيفته ، لاسباب مختلفة فيتم تعويمه في ديوان وزارته او ديوان المحافظة .. حيث يكون رقماً من ارقام الموظفين ولا يقوم بأي واجب ، بل يقبض راتبه الشهري ونثريته ومخصصاته .. وهنا يدعو الكاتب الى تشخص حالة العزل من الوظيفة واتخاذ الأجراء اللازم بكل حالة كأن ينقل الى وظيفة مناسبة او عزله او تجميده او احالته على التقاعد وحسب ما يناسب كل حالة من الحالات المطروحة .
 يتطرق المؤلف الى الفساد المالي والمراد به السلوك غير القانوني المتسبب في هدر المال العام وتحقيق منافع شخصية من وراء ذلك ، ويتمثل في مجمل الأنحرافات المالية ومخالفة احكام القواعد المالية التي تنظم سير العمل الأدراي والمالي في الدولة ومؤسساتها . ولا يفوت المؤلف ان يشير الى الموازنة المالية في اقليم كوردستان ويشير الى ثغرات الفساد المالي في ميزانية الأقليم . وفي معرض درج انواع الفساد يشير الكاتب الى الفساد القضائي ، ويورد اهمية السلطة القضائية في الدول المتحضرة كونها عماد السلطات الثلاث للدول التي اتخدت بمبدأ فصل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية . وفي السياق نفسه يتوصل المؤلف الى الفساد في المؤسسات التعليمية ، فمقياس تطور اي بلد يتم بمدى تطور وتحضر البلد عن طريق معاينة نظام التعليم المطبق فيه من حيث نوعية المناهج ونسبة المشاركين فيه ، ويرى المؤلف ان رسوم التسجيل غير الشرعية والغش الأكاديمي إضافة الى الدروس الخصوصية كل هذه من مظاهر الفساد وتهدد القطاع التعليمي سواء في عموم العراق او في اقليم كوردستان .
المؤلف يرى ان تفشي الفساد في الأدارة الحديثة يلحق اضرار فادحة وجسيمة بعملية التنمية الأقتصادية ، بل ان الدراسات الميدانية اثبتت ان الفساد يترك انطباعاً سيئاً على الحالة العامة للمجتمع بالأخص على المستوى الطبقي للشرائح الأجتماعية حيث يخلق هوة كبيرة بين الطبقات الأجتماعية اقتصادياً ، إضافة الى ذلك ان للفساد تأثيراته على الأوضاع السياسية داخل البلد وخارجه ايضاً ، فالعالم قد اصبح قرية كونية وإن الأعلام العالمي يراقب عن كثب وتملاء شاشات التلفاز الفضائي بصورها وحيثياتها الدقيقة ناهيك عن المنظمات الدولية التي تراقب ما يجري في العرق وفي اقليم كوردستان كون المنطقة تحت انظار المراقبين الدولين ..
المؤلف يدعو الى ترسيخ مفاهيم الأدراة الحديثة في اقليم كوردستان باعتبار الأدارة هي علم وفن ومؤهلات قيادية ومهنة لا يستطيع ان يمارسها إلا ذوو الأختصاص والخبرة ، وهذه الإدارة هي الطريق الأقوم والأنسب لعملية الأصلاح التي يروم الأقليم النهوض بها . ويرى ان الإدراة الحديثة تعتمد على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، والى وضع معايير للخبرة والكفاءة الوظيفية ، والى المتابعة المستمرة لما يقوم به الموظف من واجبات ومهام ، ثم يدعو المؤلف الى الولاء الوظيفي بدلاً من الولاء الحزبي ، ومن ثم تحديد رواتب الموظفين بما يؤديه من واجب .
لا ريب ان الكاتب قد بذل جهوداً كبيرة في كتابته ، والكتاب جدير بالقراءة لا بل جدير بالدراسة لمن هو معني بشؤون وتقدم اقليم كوردستان ، وأسجل عنه بعض الملاحظات :
1 ـ ان طباعة الكتاب في اربيل يعتبر قفزة نوعية في منظومة حرية الرأي .
2 ـ الكتاب يشير بصراحة وشفافية الى الجوانب الأيجابية لكن بتركيز اكثر يشخص الجوانب السلبية في الأقليم دون ان يترك جانب من الجوانب منها  المتعلقة بالسياسة او الأقتصاد او المجتمع او الأدارة وبشكل عام في كل جوانب الحياة .
3 ـ الكتاب ذو مسحة اكاديمية رصينة مع توسع السرد والتوضيح والأمثلة .
4 ـ الكتاب معزز بجملة هوامش وإيضاحات لمصطلحات او شخصيات او حوادث مما يزيد من اهمية الكتاب وأخذ الفائدة المرجوة منه .
5 ـ برأيي المتواضع ان الكاتب قد وضع مؤسسات الأقليم على محك النقد البناء ، وليس غير ذلك فالنقد حالة ضرورية مطلوبة لأي تغيير يهدف دفع عجلة التقدم والتطور نحو الأمام .
حبيب تومي / اوسلو في 20 / 08 / 11



  

184
ِ لماذا انسحاب الحزب الديمقراطي الكلداني من تجمع احزاب شعبنا ؟
 بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
الشعب الكلداني من المكونات العراقية الأصيلة ، وهو بمثابة ملح المجتمع العراقي وله قابلية التعايش مع جميع المكونات العراقية ، ويتميز هذا الشعب بوداعته وحبه للعمل ، وتبقى اهم خصائله تمسكه واعتزازه بالهوية العراقية الأصيلة ، ولكن الغريب العجيب ان هذا المكون هو الوحيد الذي بقيت حقوقه القومية والسياسية مهضومة من دون كل المكونات العراقية الصغيرة والكبيرة ، وفرضت عليه وصاية حيث بات اسير ما تقرره الأحزاب الآشورية المتنفذة ، إن كان في العراق الأتحادي او في اقليم كوردستان .
 وهكذا اصبح الشعب الكلداني المكون الوحيد مسلوب الإرادة ووضع تحت رحمة ووصاية قوى  غريبة في محاولات ، وبعقد طائفية تراكمية ، لإلغاء تاريخه القومي الكلداني وإلغاء قوميته الكلدانية من الدستور العراقي ومسودة دستور اقليم كوردستان . إن هذا الأسلوب المنافي للوائح حقوق الأنسان وحقوق الأقليات التي تشكل جزءاً مهماً من حقوق الأنسان ، قد استخدم مع شعبنا الكلداني منذ نيسان عام 2003 حينما سطع نجم الأحزاب الآشورية القومية المتشددة وأفل نجم تمثيل الشعب الكلداني في المحافل السياسية ومنذ ان عكف الحاكم الأمريكي بول بريمر ــ والذي ثبت جهله المطبق بأحوال وتاريخ العراق ــ على تشكيله لمجلس الحكم المبني على قواعد الأنتماء الطائفي للعراق .
أساليب شتى استخدمت في سبيل صهر شعبنا الكلدني ومحو تاريخه ومنها اسلوب الترغيب ، إن كان بمنح اعانات مالية والتي تهيمن عليها هذه الأحزاب ( اقصد الأحزاب الآشورية المتشددة ) فهي لا تمنح هذه الأعانات للجهات السياسية الكلدانية ما لم تركع لها تلك التنظيمات وتصبح تابعاً يسير في فلكها ، منزوعة من اي صلاحية لاتخاذ قرار سياسي او قومي مستقل .
 وكانت اخر تجربة امامنا هي ركوع وخضوع المجلس القومي الكلداني للمجلس الشعبي حيث لم تمنح له مستحقاته الا بعد ان وقع الوثيقة السياسية التي قررها المجلس الشعبي ، بحيث ان هذا الحزب ( المجلس القومي الكلداني ) يعمل على ترويج التسمية السياسية الثلاثية القطارية والعمل على تدوينها حتى في استمارة الأحصاء ، اي ان حزب المجلس القومي الكلداني حصل على المساعدات بعد ان كبّل  يديه بالأغلال فسقطت مصداقيته بين اصدقائه ومؤيديه .
 وكما وضحت في مقال سابق ، وبشكل موازِ لذلك ، فإن الحركة الديمقراطية الآشورية تهيمن على الوظائف الممنوحة للمكون المسيحي ونصبت نفسها وصية عليهم ، وهي تمنح تلك الوظائف لأبناء الكلدان تحت شروط الولاء لهذه الحركة ، لكن قبل ذلك على الكلداني ان ينبذ قوميته الكلدانية اولاً والأخوة المرتبطين بهذه الحركة يعرفون هذه الأمور بشكل واضح ، لا يحتاج الى إدراج امثلة .
تشكل تنظيم باسم تجمع احزاب ومنظمات شعبنا على اثر الهجوم على كنيسة سيدة النجاة ، ومن جانبنا فقد باركنا الخطوة باعتبارها ارضية طيبة لأجراء اللقاءات لجميع الأحزاب العاملة في الساحة العراقية لتجتمع وتتشاور تحت سقف واحد ، وتوخينا من هذا التجمع ان يضع جانباً الأحقاد التاريخية وان يضطلع بدور ايجابي في جمع الكلمة على اسس من التفاهم والتعاون والأحترام المتبادل ، وعلى مبادئ الديمقراطية التي تمثل قيم اخلاقية قبل كل شئ ، ورغم تحفظنا على تشكيلة التجمع من احتوائه منظمات غير حزبية ، وقبوله لمنظمات اخرى غير عراقية ، واحزاب سياسية غير مهتمة بالشأن القومي ، كما كما كان بين التنظيمات التي تحمل الأسم الكلداني لكنها تسير بأوامر من المجلس الشعبي ، فإن مثل هذا التنظيم يكون بمجمله مسيّر من قبل المجلس الشعبي ومن قبل الحركة الديمقراطية الآشورية . رغم كل تلك الثغرات رأينا ان التجمع يشكل خطوة في الطريق الصحيح .
لقد اتضح ، وكما كان متوقعاً بإن تجمع احزابنا السياسية ، لم يتسم بالمصداقية المطلوبة ، فقد دأب هذا التجمع ومنذ اللحظة الأولى على تحشيد الجهود من اجل الغاء القومية الكلدانية من الدستور العراقي ، وقد اثبت هذا التجمع عدم مصداقيته حينما عكف السيد يونادم كنا على إلغاء قرار مجلس الوزراء بتعيين السيد رعد عمانوئيل ( الكلداني ) بمنصب رئيس الوقف المسيحي والديانات الأخرى ، هكذا فشل هذا التجمع في اول امتحان له . فأين تكمن مصداقية التجمع حينما يقاتل احد اعضائه الرئيسيين ( الزوعا ) من اجل إلغاء التعيين لسبب ان الأستاذ رعد عمانوئيل كلداني وغير موالي لهذه الحركة ؟
 وما الفرق بين ان يكون الأستاذ رعد عمانوئيل بهذا المنصب او شخص آخر من المكون الآشوري او السرياني ؟
وهل يحدث خلل في النظام الكوني إن جرى تعيين احدهم بمنصب ما دون رغبة الحركة ؟ هل يحدث خلل في دوران الأرض حول الشمس مثلاً ، إنه امر عجيب حقاً !
فهل يستوجب هذا الأمر كل تلك الضجة والمعركة الحامية التي قادها السيد يونادم كنا ؟
 فأين كان تجمع احزاب شعبنا من هذا الموقف الغريب ؟
 ولماذا لفّ صمت القبور جميع اعضاء تجمع احزاب شعبنا حيال هذا التصرف المستهجن ؟
 في لقاء مع الأستاذ ابلحد افرام في دهوك قبل ايام اخبرني ان الأتفاق مع اعضاء التجمع كان يتركز حول التعاون الأخوي ، وتم الأتفاق على وجوب تأجيل بحث نقاط الخلافات المستعصية كموضوع التسمية وتحديد يوم الشهيد ورأس السنة الكلدانية والآشورية والعلم ، إذ لا يمكن حلها في المرحلة الراهنة ، لكن الذي حدث ان التجمع الذي يسيطر عليه المجلس الشعبي وحركة الزوعا قد ضربا ذلك الأتفاق عرض الحائط ، وركزا على نقاط الخلاف وبشكل استفزازي لمشاعر الشعب الكلداني ، وكأنه يطلب الصدقة من هؤلاء القادة .
بالأمس اطلعت على البيان الصادر من المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكلداني يقرر الأنسحاب من التجمع ، وهذا الأنسحاب قرره جميع اعضاء المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكلداني ، لقد قرأت بيان الحزب  والذي ورد فيه :
( ..بأن التجمع قام بصياغة مذكرة موجهة مذكرة موجهة الى رئاسة مجلس النواب العراقي مطالبة تغيير صيغة التسمية القومية الواردة في المادة ( 125 ) من دستور العراق الأتحادي وتبديلها بالتسمية المركبة المسماة بالتسمية الشعبية ، كما فرضت في مسودة دستور اقليم كوردستان عنوة رغم عدم موافقة الكلدان عليها ، إضافة الى فرض يوم الشهيد الآشوري على الكلدان والسريان كما فرضت خصوصياتها في احتفالات اكيتو بخلاف ما كان مقرراً ، وهذا ما دعا ممثلي حزبنا الى الأنسحاب من الأحتفالات ) ، انتهى الأقتباس من البيان
اقول :
يطرح الأخوة في الأحزاب الآشورية موضوع الوحدة القومية ، ويكون الطرح بشكل اديولوجي  شمولي ، إذ يفسر طرحهم للوحدة القومية ، بأن نلغي التاريخ ونضع علامة اكس ( x) على كل شئ اسمه كلداني ، ونضع حداً للتاريخ الكلداني وللتراث الكلداني وللقومية الكلدانية وللغة الكلدانية وللتسمية الكلدانية ، وبعكسه فنحن مقسمي الأمة ، هكذا يجري التعامل معنا ، احد الأخوان كتب مقالاً طويلاً عنوانه يقول :
 لماذا قلب الحقائق يا سيد حبيب تومي
وليس هذا المقال ليس مخصصاً للرد على الأخ الذي كتب المقال ، ولا اريد ان ادخل في نقاش جانبي ونحن الأثنان ألاقشة وكلدان ، ولكن بعض الأشارات فقط انوه للكاتب الجليل الذي سطر المقال ، وأقول :
 ألا يجدر بمن يقدم نشرة الأخبار على قناة عشتار حينما يلبس الزي الألقوشي ان يتكلم باللهجة الألقوشية ؟ ومن يلبس الملابس البغديدية ان يتكلم باللهجة البغديدية فلماذا تترك لهجاتنا الجميلة ويصرون على لهجة لا يفهمها سوى 5% من ابناء شعبنا في افضل الأحوال ، اليس هذا تعصب طائفي ؟ ام لك تفسير آخر للحالة .
 اجمالاً اقول لك اخي الكاتب الجليل الألقوشي الكلداني : لقد سئمنا من معاملة اهل الذمة لمدة 1400 سنة واليوم تريد لنا ان ننعم بقوانين جديدة لأحكام أهل الذمة من نوع اخر ، هنالك تفرقة فضيعة يا اخي وأنا مستعد ان اجلس معك ومع غيرك لأثبت التمييز العنصري ضد الكلدان والذي ترتكب تحت طائلة اننا شعب مسيحي واحد .
اعود الى عنوان المقال وأكرر ما سطرته في ختام المقال السابق وأقول :

اتمنى ان تسود المحبة والوئام بين اطياف شعبنا بمنأى عن الفكر الأقصائي لأي طيف من اطياف شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين  .
حبيب تومي / عنكاوا في 14 / 08 / 11

   

185
وسطية القوش الجيوسياسية واليوم التاريخ يعيد نفسه
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 الكلام او الكتابة تجسيد حي لما في دواخل الشخص من إصالة وعمق وأبعاد ، ولأسباب لم توصل الى كنهها  تغمرني نسمة سعادة حينما اكتب عن القوش ، رغم ان القوش لم تعد القوش التي اعرفها او التي قضيت فترة الطفولة والشباب في ازقتها ومنعطفاتها الضيقة ، او في بيادرها وشعاب جبلها الأشم .
 في القوش انسى تاريخ ميلادي او بالأحرى احاول ان اجعل من تاريخ الميلاد شيئاً ثانوياً لا يعكر صفو اللحظة التي اعيشها ، في الحقيقة في القوش فقط ، ولا ادري اين يكمن السبب ؟ تتيح لي الفرصة الذهبية لكي ابحث وأقابل عن ذلك الأنسان المدعو ( أنا ) وأقرأ في تلافيف وجهه آثار السنين والتي تشير الى تلك المسافة الزمنية او المكانية وأبعادها تربو الى ما بين الأرض والقمر .
 اجل انه واقع يمتد بين الأمس واليوم حروفه مكتوبة بوهج من النار ، ويشكل سداً منيعاً لا يمكن تجاوزه ، وفجأة يتوهج نار الكلمات امامي لتقول ، محلك يا رجل ! فأجمد بمكاني ، كمن يفاجئه وحش مفترس في غابة شائكة .
 اجل .. ان الإرادة قوية عند ذلك المدعو (انا ) ، لكن قوانين الطبيعة دائبة التربص لمن يتجاوز تلك القوانين .
وإن كان ينبغي التسليم لقوانين الطبيعة ونواميسها ، فلا بد من العودة  الى السياسية ومتاهاتها ومشاغلها ، اليس عنوان المقال عن الجغرافية السياسية لألقوش ؟ سوف نخالف محمد عبدة حينما طلق السياسة ثلاثاً وقال كلمته المشهورة : اعوذ بالله من السياسة ، ومن لفظ السياسة ، ومن معنى السياسة ، ومن كل حرف يلفظ من كلمة السياسة ، ومن خيال يخطر ببالي عن السياسة .. ومن كل ارض تذكر بها السياسة ، ومن كل شخص يتكلم او يتعلم او يجن او يعقل في السياسة ، ومن ساس ويسوس وسائس ومسوس ..
كلا نحن سنتكلم بالسياسية والفلاسفة الأغريق قالوا ان الأنسان حيوان سياسي . فلا بد من سلوك هذا الطريق لضمان حقوقنا في الغابة التي نسير فيها .
في غمرة تضارب المصالح كانت القوش تجذبها شتى التيارات ولم تكن يوماً بمنأى عن تلك الصراعات في المنطقة ، في زمن كانت مقراً لبطاركة الشعب الكلداني ، يوم امتدت الفتوحات الكنسية الى اقاصي الشرق نحو الهند والصين ، وحينما كانت هنالك ضجة في صف الكنيسة بجهة العودة الى احضان الكنيسة الكاثوليكية الجامعة ، كانت البطريرك يوحنان سولاقا قد اختير من بين رهبان دير ربان هرمز في القوش .
 وفي العهد العثماني وفي عصر حكم الجليليين بالذات في ولاية الموصل ، كانت القوش محل صراع بين إمارة بهدينان المتمركزة في عمادية وبين ولاية الموصل ، وكان النتيجة ان اصبح دير الربان هرمز وممتلكاته ، تابعاً لأمير العمادية ، ومدينة القوش تابعة للموصل .
أجل ان القوش كانت تطالها الحملات والغزوات بسبب التعصب الديني الأسلامي ، وكانت مسرحاً لكثير من تلك المظالم ، منها حملات نادر شاه الفارسي الذي عمل فيها القتل والتنكيل ، واستراح قرب تل صغير شرق القوش ، ودعي ذلك المكان بـ ( طلشا) اي تل شاه .
اما الأمير الراوندوزي ، الملقب بالأمير الأعور ، والذي كانت حملته عام 1832 ، فقد كتب عن تلك الحملة الهمجية السوداء الكثير من كتابنا .
في ستينات القرن الماضي حينما اندلعت الثورة الكوردية ، كان لألقوش حصة كبيرة من المظالم والأنتهاكات بسبب موقفها المؤيد للثورة وبسبب انخراط عدد كبير من ابنائها في هذه الثورة ، كما ان القوش هي المدينة الوحيدة المتآخمة لأقليم كوردستان والتي لم يتطوع ابناؤها في قوات ( الجتا) ، بينما بينما الأكراد انفسهم كانوا ينقسمون بين متطوع في صفوف قوات البيشمركة وبين منخرط في صفوف قوات الجتا الحكومية ، وهذه الحالة لم تجد لها اذناً صاغية في القوش .
إن هذا الموقف جلب سخط الحكومات المتعاقبة على القوش . في عهد صدام حينما فرض حصار اقتصادي الى منطقة كوردستان نصبت نقطة سيطرة وتفتيش بالقرب من القوش ، مهمتها لم تكن فرض ضوابط الحصار الأقتصادي فحسب ، فالحصار كان شكلياً ، فعن طريق الرشوة كانت تعبر حتى القنابل ، لكن بالدرجة الأولى كانت تلك السيطرة منصوبة بغية إذلال واحتقار اهل هذه المدينة المسالمة ، وتروى قصص عجيبة وغريبة من تصرف ازلام تلك السيطرة ، إضافة الى تصرفاهم اللااخلاقية ازاء نساء وبنات المنطقة ، وقد حدثني احد الزملاء وهو استاذ اكاديمي ، كان قد راجع دائرة الجوازات في الموصل ، ويقول ان نظرة الكثير الموظفين الى المسيحيين لا زالت تتسم بعنجهية ، وإن بعضهم يسلك سلوك غير مؤدب مع النسوة المراجعات .
القوش كما اراها اليوم تتقدم عمرانياً وخدمياً ، وفي الحقيقة فأن أزمة الكهرباء الأزلية ليست في القوش فحسب ، لكن في القوش تأثيرها سلبي جداً ، حيث اناقش بعض الأشخاص عن سبب تصميمهم على الهجرة ، فيكون الجواب ان انقطاع التيار الكهربائي في مقدمة الأسباب ، وفي الحقيقة لا اخفي معاناتي خلال اشهر الصيف التي قضيتها في القوش هذا العام ، إنها كمعركة طارق بن زياد التي اشتهرت بأن العدو امامك والبحر ورائك ، هكذا نحن في القوش ( وأقول في القوش ) لآن المقال هو حول القوش ، إذ ان المدن الأخرى ليست افضل حالاً باستثناء مدن اقليم كوردستان حيث ينعمون بكهرباء كاف .
حينما لم يكن في القوش كهرباء ، لا احد يشكو الحالة ، ولكن بعد ان اصبح الكهرباء متطلب رئيسي في الحياة ، اصبح فقدان هذه النعمة كارثة حقيقية ، إن الكهرباء في العراق حالة عجيبة ، إذ تخصص الأموال الطائلة لتوفير الكهرباء ، لكن تلك الأموال تختفي قبل ان تصل الى الشركات التي تقوم بتأسيس المولدات .
إن كان عدم توفر الكهرباء بسبب الفساد المستشري ، فإن حكامنا القادمين عن طريق الديمقراطية هم حكام فاسدين ، وإن كان هؤلاء لا يسرقون تلك الأموال لكنهم لا يستطيعون توفير الكهرباء رغم توفر القوة البشرية والأموال ، فإن حكامنا سنضعهم في هذه الحالة في خانة الحكام الفاشلين ، فإما هو فاسدين وإما فاشلين .
هموم العراق هي كثيرة فأعود الى القوش ، حيث تقوم الأدارة الحكومية بتبليط بعض الشوارع في منطقة (خيبرتا )، وهنالك جهود من البلدية في تنظيف البلدة يمكن وصفها بأنها جيدة .
هذا من جانب الحكومة المركزية ، اما اقليم كوردستان فقد وضع محافظ دهوك السيد رمضان تمر الحجر الأساس لطريق القوش بيندوايا ، كما ان اقليم كوردستان يقوم حالياً بتنفيذ مشروع مهم في القوش وهو إنشاء قناة متطورة لمياه الأمطار وغيرها في القناة الرئيسية في القوش والتي كان سبباً لركود المياه الآسنة وانتشار الحشرات والأوبئة ، إضافة الى ذلك فإن اقليم كوردستان يقوم بتوسيع وتبليط الطريق بين دير السيدة ودير الربان هرمز ، ولا بد للاشارة ايضاً الى الطريق الذي يجري تنفيذه بين القوش ودير السيدة .
 لكن اهم من كل ذلك ثمة خطة لربط القوش مع محطة توليد الكهرباء في باعذري ، والمشروع في طريقه الى الأنتهاء وثمة خطة لتغذية القوش من هذا المشروع المهم ، يفيد بعض المطلعين ان القوش ستتمتع بحوالي 18 ساعة كهرباء يومياً .
في لقائي مع احد المسؤولين الأكراد وحين الحديث عن القوش والمناطق المتنازع عليها قلت له ان كسب ود اهالي القوش لا يتم عن طريق التثقيف او الدعاية الحزبية ، إنما يمكن كسب ودهم بتقديم الخدمات وبناء البنية التحتية .
ثمة طريقان امام القوش ، يمكن ان تناصب العداوة للطرفين ، للعرب والأكراد ، على مدى استيعابي للعمل السياسي كانت القوش دائماً تشغل مكان المعارضة لأي حكومة مركزية ، وهكذا بقيت القوش قرية مهملة بل مغضوب عليها .
 اليوم تختلف المعادلة يمكن ان يكون الواقع الجيوبوليتكي عام خير لألقوش وهذا متوقف على اهالي القوش ونخبها وعقلائها ، فيمكن ان يكون لهم سياسة متوازنة مع الجميع وتستفيد من الطرفين ، لا شك اقليم كوردستان ، يتطور بسرعة قياساً الى بقية اجزاء العراق ، وهكذا يكون نصيب القوش قسطاً من هذا الخير ، ولا شك ان ما تقدمه كوردستان لالقوش حالياً من الخدمات والبنية التحتية يمكن اعتبارها جزء من الوفاء لألقوش ، إذ ان القوش وقفت مع كوردستان في اصعب ايامها ، وكما يقال ان الصديق يعرف اثناء الضيق فألقوش كانت اوفى الأصدقاء ، وها هي كوردستتان تعيد الوفاء لأصدقائها .
يجري الحديث مع اصدقاء من عنكاوا عن انفتاح عنكاوا وانغلاق القوش وتقدم عنكاوا ، وعدم تقدم القوش من الناحية الأقتصادية والخدمية ، فتكون خلاصة الكلام تأييد الأخوة في عنكاوا لآنغلاق القوش .
كلمة اخيرة اقول لأبناء القوش المنتشرين في انحاء المعمورة ، إذ اقول لهم اينما كانوا في اوروبا او امريكا او آستراليا ان يقوموا بزيارات الى مدينتهم الكلدانية الوفية القوش وأن لا ينسوا هويتهم وقوميتهم الكلدانية ، إن زيارة القوش يشكل صفحة وفاء لمدينتنا العزيزة القوش .
حبيب تومي / القوش في 07 / 08 / 11

186
مبررات غير مقنعة لإسكات الصوت الكلداني  
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
في العرف العشائري يقول : انصر اخاك ظالماً او مظلوماً ، وربما كان هذا القانون ضرورة حتمية في مرحلة من مراحل الحياة البشرية ، ولاشك ان لتلك الضرورة احكام ، والعادات والعرف العشائري ، لا زالا سائدان في مجتمعات كثيرة لا سيما في دول العالم الثالث ، ولكن بعد الثورة الفرنسية وتمركز المجتمعات المدينية في اعقاب الثورة الصناعية ، كان نشوء النعرة او النزعة القومية ، فتأسست الدولة الأمة التي تخطت واجتازت مرحلة العلاقات والوشائج الأسرية والقبلية والمناطقية الى فضاء الهوية الوطنية ، فالدولة هي الأطار السياسي الذي يجمع تكوينات القبائل والمدن والمناطق والمذاهب والأديان والقوميات والأحزاب .
بعد تفكك الأمبراطورية العثمانية وخروج بريطانيا من الحرب كدولة منتصرة تناغمت مصالحها مع تأسيس دولة عراقية مبنية على اسس ديمقراطية ليبرالية ، ومتخطية بذلك التركيبة القبلية السائدة ، ووضعت حداً لتقسيم العراق الى ثلاث ولايات ، وعكفت الدولة الحديثة على تخطى العلاقات العشائرية التي تقول انصر اخاك ظالماً او مظلوماً الى دولنة الفكر المجتمعي ، لتكون هوية الوطن العراقي  فوق كل الأنتماءات الأسرية والعشائرية والمناطقية .
لقد قطع العراق شوطاً مهماً في هذا المضمار ، وتأسست الدولة العراقية وكتب القانون الأساسي للدولة وتشكل مجلسان لتمثيل الشعب ، البرلمان ومجلس الأعيان ، وكانت المنافسة بشكل ملفت تشير الى المنافسة السياسية بين القوى السياسية المنافسة .
 بعد سقوط النظام الملكي هيمن على الساحة العراقية الفكر القومي العروبي ، وسوف لا نتطرق الى ما خلفه هذا الفكر من كوراث الحروب الداخلية والخارجية على العراق ، ولكني سوف اقف في مرحلة ما بعد السقوط في نيسان 2003 حيث استبشرنا خيراً نحن العراقيون وبضمنهم شعبنا الكلداني ، فذهبنا الى ان العراق اصبح له تجربة كبيرة ، وإن عجلة التقدم في العراق ستسير قدماً نحو الأمام وإننا بانتظار إقامة يابان جديدة في الشرق الأوسط ، كما ان الديمقراطية ستضاهي ديمقراطية النرويج او السويسرا او السويد في التعامل الأنساني مع مختلف المكونات في الوطن العراقي .
 لكي نكون منصفين فإن جانب كبير من الحرية توفر لنا بعد السقوط فعكفنا على التعبير عن آرائنا وانتماءاتنا الدينية والمذهبية والقومية والسياسية دون خشية من العواقب ، لكن عجلة التقدم تعثرت إذ رميت العصي في عجلاتها بسبب العلميات الأرهابية والفساد المستشري .
شعبنا الكلداني كبقية مكونات الشعب العراقي لم يكن اقل تحمساً للعمل والمساهمة في بناء العراق الجديد آملاً ان يحصل على حقوقه المسلوبة في العقود الماضية كبقية المكونات الصغيرة التي الصقت بها لفظة الأقليات .
الغريب العجيب ان هذا الشعب ، الشعب الكلداني ، لم تقم له قائمة فالعمليات الأجرامية بتفجير كنائسه ، وعلميات الأغتيال والأختطاف والأبتزاز والتهجير .. وغبطة البطريرك عمانوئيل دلي الثالث يقول إننا جزء من النسيج المجتمعي العراقي ، ونحن نتحمل حصتنا من هذا الأرهاب ، حسناً كل هذا نعتبره طبيعياً ما دمنا في المركب العراقي الذي يمخر عباب هذا البحر الهائج .
ولكن .. ولكن
 ماذا نقول الحقوق السياسية والقومية لشعبنا الكلداني ؟
الأنصاف والغيرة والشرف والضمير تستدعي الوقوف الى جانب الشعب المظلوم ، وقفنا الى جانب الشعب الكوردي والى جانب الشعب الفلسطيني ، والى جانب الأقليات المظلومة في العراق في العهود السابقة ، واليوم ، الغيرة والضمير والشرف والمروءة تقتضي ان نقف الى جانب الشعب الكلداني المظلوم ، والكتّاب الكلدان ينبغي ان يقفوا مع شعبهم الكلداني لكي يأخذ حقوقه كاملة في دولة العراق الفيدرالية وفي حكومة اقليم كوردستان . سيّما وإن اليوم تتوفر  فسحة من الحرية للتعبير وهي مضمونة للجميع ، ولكل المكونات دون استثناء .
للاسف يبدو ان المطالبة بهذه الحقوق اصبح معصية وخطيئة مميتة ينبغي التخلص منها ، فلا يحق لنا حتى الكتابة عن مطالب شعبنا ، وهكذا من يمسكون بأيديهم زمام القنوات الأعلامية ، المواقع او الفضائيات اصبح ينظر الى الكلداني الذي يكتب عن حقوق الشعب الكلداني وكأنه نكرة لا يستحق فسح المجال له ، فهو يحمل افكاراً هدامة لا يجوز لهذه الأفكار ان ترى النور .
الفكر الأقصائي يملك اليوم قنوات فضائية عشتار وآشور ، والقناتان احترفتا الكذب حين الأدعاء بالحياد بين ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، إن القناتين تعملان على دفن القومية الكلدانية والتراث الكلداني والتاريخ الكلداني واللغة الكلدانية ، إن القناتين ، الآشورية ناطقة بلسان الزوعا ، وعشتار ناطقة بلسان المجلس الشعبي ، فلا عدالة ولا تمثيل نزيه للشعب ولا هم يحزنون . لقد ثبت تحيز عشتار وعدم حياديتها ، حينما قابلت السيد فهمي يوسف قبل ايام ، كلقاء مع المجلس الشعبي ، ولكن الفضائية لم تكلف نفسها بنقل الخبر رغم  تصويره ، إن هذا يشير الى عدم مصداقية هذه القناة ، وهذا كمثل غير حصري ، فالأمثلة كثيرة  .
نحن الكتاب الكلدان في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان لا نملك وسيلة للتعبير عن افكارنا ، فالمواقع التي تعود للحزبين ( الزوعا والمجلس الشعبي ) مقفولة بوجهنا وبوجه كل فكر كلداني حر ، ولا يقبلون بأي مقال لكاتب يفتخر بقوميته الكلدانية وبتاريخه الكلداني المجيد ، إنهما يمثلان افكار حزبية ضيقة متعصبة لا يقبلون بأي فكر يخالفهم .
بقيت امامنا مواقع شعبنا الكلداني التي تتسم بالواقعية وبالحيادية ولا تفرق بين الآشوري والكلداني والسرياني والأرمني من مكونات شعبنا ، ويأتي في مقدمة هذه المواقع ، موقع عنكاوا كوم ، الذي قلت في مقال سابق ان الموقع ليس بحاجة الى كلمات مديح او إطراء ، فهو موقع يعكس هموم شعبنا بامتياز .
في الحقيقة لا اريد اقحام اسم عنكاوا في مقالاتي النقدية ،  لكن وجدت نفسي مجبراً على إدراج بعض الأمثلة التي رأيت فيها شئ من الغبن وعلى سبيل المثال المقال الذي اتسم بعنصرية فاضحة للكاتب السوري سليمان يوسف في مقاله :
ثمة فرصة تاريخية لقيام "دولة آشورية مسيحية" في العراق
وكان ردي عليه بمقال تحت عنوان :
الى الكاتب الآشوري سليمان يوسف .. على من تقرأ مزاميرك يا أخي ؟
 ونشر مقال الكاتب في الصفحة الرئيسية لموقع عنكاوا ، فيما لم يفسح مجال لمقالي الذي كان بمثابة الرد عليه . لأن مقالي إدرج أنه حول التسمية ومقاله ليس حول التسمية ، ولا اريد إعادة ما ذكرته في رسالتي التي ناقشت فيها موقع عنكاوا بعنوان :
الأخوة الأفاضل في موقع عنكاوا / تحية وتقدير ، والذي اصبح سجين الصفحة الداخلية بنفس المبررات السابقة ، بأنه مدرج فيه عن التسمية .
لا اخفي وجود امتعاض من قبل الكتاب في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان في الآونة الأخيرة من موقع عنكاوا ، فنحن نكتب عن حقوق شعبنا الكلداني ، لكن غالباً ما تدرج تلك المقالات على انها حول التسمية ، نحن لا نجادل احداً وكل انسان حر في انتمائه ، ويجب ان يحترم رأينا في انتمائنا واسمنا الكلداني ، ويجب ان تمنح لنا مساحة مساوية كالتي تمنح لجورج هسدو وابرم شبيرا وغيرهم من الكتاب الآشوريين وغير الآشوريين ، وكل كاتب يكتب بما يمليه عليه واجبه القومي والوطني .
 لقد كتب الزميل الشماس كوركيس مردو مقالاً في المنبر السياسي تحت عنوان :
 متى ستُنصف الكلدان حكومةُ كردستان؟
 والمقال طبيعي ومألوف ، ومع ذلك حجب  المقال من الصفحة الرئيسية دون سبب وجيه .
نحن نعتقد بأن ضغوط نفسية تسلط على شعبنا وكتابنا ونحن لا نستطيع ان نبقى بدون دفاع عن النفس ، لا نستطيع ان نسكت عن الملايين التي تصرف من اجل دفن القومية الكلدانية .
 لانستطيع ان نسكت عن الأسلوب الذي يمارسه الحزب المنفذ الذي لا يقبل بتوظيف أي شخص من شعبنا الكلداني ما لم يرفع راية التأييد بل الأنصياع لذلك الحزب .
 لا نقبل ان نسكت عن حزب يصرف الملايين من اجل تفريغ المنظمات والأحزاب الكلدانية من محتواها القومي وجعلها آلة طيعة بيد ذلك الحزب ، ومن ثم يغدق عليها الأموال بعد ركوعها .  وهل هذا اسلوب شريف لكي نسكت عنه ؟
 نحن لا نجادل احداً حول التسمية نحن نبحث عن حقوق شعبنا المسلوبة ، نحن ندافع عن وجودنا ، فأين الخطأ في ذلك ؟
نحن الكتاب الكلدان في الأتحاد العالمي للكتاب الكلدان نفتخر بقوميتنا الكلدانية ، وندافع عن حقوق شعبنا الكلداني ، ولنا كلمة حرة لا نقبل بالخضوع والخنوع ، ومهما استعملت سياسة الجزرة والعصا ، لكن فقط اقول :
 إن مثل هذه الأساليب المنافية لأخلاقية العمل ولشرف التعامل ينبغي ان لا تسود بيننا . خاصة وهؤلاء يدعون بأننا شعب واحد ويتكلمون باسمنا في المحافل . ان هؤلاء يريدون منا كلمة نعم فحسب ، ولا يريدون ان يسمعوا منا غير كلمة ( Yes) .
نحن الشعب المسيحي يتكون من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ، وإن اي كلام حول شعبنا سوف نورد هذه الكلمات في مقالاتنا ، نحن نكتب عن هموم شعبنا ، نقول حقوق شعبنا الكلداني مهمشة في الأقليم ولدى الحكومة المركزية ما علاقة كل ذلك بالتسمية ، إذن كيف نعبر عن افكارنا ، كيف ندافع عن حقوقنا ؟
فقط من  باب المفارقات الطريفة أقتبس ما كتبه  الدكتور علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية من تاريخ العراق ، يقول :
أن مراسلاً فرنسياً وجد مقالاته كثيراً ما تمزق من قبل الرقابة ، فذهب الى رفعت بك مدير الرقابه يسأله عن الحدود التي يستطيع ان يكتب دون ان تمزق مقالاته ، فأجابه الرقيب قائلاً :
تستطيع ان تكتب عن اي شئ .
ووسط دهشة واستغراب المراسل الفرنسي أضاف الرقيب قائلاً :
تستطيع ان تكتب عن اي شئ ماعدا الحكام والحكومات الأجنبية والفوضوية والأشتراكية والثورة والأضطرابات والفوضى والحرية وحقوق الشعب والسياسة الخارجية والسياسة الداخلية والدين والكنائس والمساجد والأنبياء والإلحاد والتفكير الحر والسلطات والأنوثة والحريم والوطن والأمة والقومية والعالمية والجمهورية والنواب والدستور والمؤامرات والقنابل ومدحت باشا وكمال بك والسلطان مراد ومكدونية وأرمينية والأصلاحات والجراد وشهر اغسطس وبعض المواضيع الأخرى المتصلة الى حد ما بهذه المواضيع .
وهنا انتفض المراسل الفرنسي متسائلاً : سبحان الله فماذا بقي ؟
فأجابه رفعت بك مدير الرقابة قائلاً :
ماذا بقي ؟ كل شئ : المطر الطقس الحسن على ان لا تذكر المطر في شهر أغسطس ، او ضوء القمر . وتستطيع ان تتكلم عن الكلاب في الشوارع على ان لا تطلب إبادتها وتستطيع ان تكتب عن السلطات ما دمت لا تشير الى الفساد . بالأختصار لك الحرية التامة الكاملة في التكلم بما يروق لك .
اتمنى ان تسود المحبة والوئام بين اطياف شعبنا بمنأى عن الفكر الأقصائي لأي طيف من اطياف شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين .
 حبيب تومي / القوش في 30 / 07 / 11

187
الأخوة الأفاضل في إدارة موقع عنكاوا / تحية وتقدير
الموضوع / رد على توضيح موقع عنكاوا
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
ملاحظة : عملاً بحرية الرأي أطلب من السادة الموقرين في إدارة موقع عنكاوا نشر ردي هذا بنفس مكان توضيحهم وعلى الصفحة الرئيسية لموقع عنكاوا والذي كان تحت عنوان :
توضيح من عنكاوا حول اتهام باطل من الكاتب حبيب تومي
اقول :
 من نافلة القول والأطناب بأننا جميعاً نحمل آيات التقدير والأحترام لموقع عنكاوا ، وأصبح هذا الموقع خبزنا اليومي لا نستطيع دون تناوله ، وقد يكون هذا الخبز يوماً ما مصنوع من الحنطة وآخر من الشعير وأحياناً من  خبز ( الخوخا) وهو خليط الحنطة والشعير ، وفي كل الأحوال هو خبز لا نستطيع الأستغناء عنه فغدا حاجة يومية ضرورية . لكن في نفس الوقت اعرب استغرابي لما نشر على موقع عنكاوا من عنوان كبير يقول :
توضيح من عنكاوا كوم حول اتهام باطل من الكاتب حبيب تومي
كان الأخ سيزار هرمز قد اوضح بصورة جلية بأن المقال لا يتطرق بأي شكل من الأشكال على موقع عنكاوا وبعلاقته مع المجلس الشعبي وقد اقتطف مقطع من المقال ، والذي من اجله صدر التوضيح من موقع عنكاوا .
 وبدوري اقول :
إن موقع عنكاوا يختلف عن مواقع شعبنا المؤدلجة والتي تحتكر الحقيقة وتشرعن التسميات الحزبية لشعبنا ، ولا تقبل بأي رأي يخالفها ، فإدارة تلك المواقع  تملك الحقيقة المطلقة وهي المدافعة عن الأمة وإن الآخرين عبارة عن مفرقي صفوف ومقسمي الأمة ، ينبغي كتم انفاسهم ومنع مقالاتهم ، هذا هو حال مواقع شعبنا العائدة لبعض الأحزاب القومية المؤدلجة كما قلت .
نأتي الى موقع عنكاوا والذي يقف على إدارته نخبة جليلة من المثقفين . فقد نشر على الصفحة الرئيسية  للموقع ايضاح ورد فيه :
( .. ان موقعنا يرفض الاتهام الباطل الذي يشوه الحقيقة، ولاسيما من كاتب على علم تام بقواعد النشر والعمل المتبعة في الموقع، ويأمل منه  ان يبادر الى تصحيح هذا الخطأ وتقديم توضيح لقراء عنكاوا كوم ولابناء شعبنا، وعدم تكرار نشر ما يشوه مصداقية واستقلالية الموقع أومحاولة اقحامه في الاشكالات والصراعات التي تخص الكاتب. ) .
مرة اخرى ابدي تساؤلي من العنوان وما ورد في حيثيات الخبر .
المقال الذي كتبته تحت عنوان : الأخوة في المجلس الشعبي .. ما هكذا تورد الأبل !
 المقال هو نقد موجه للمجلس الشعبي ، وحينما وردت فقرة في المقال ويبدو انها وراء إصدار التوضيح من موقع عنكاوا ، والفقرة تقول :
(ويبدو ان الخبر رفع بطلب من اشخاص مسؤولين في المجلس الشعبي لا يحبذون الأجتماع مع حبيب تومي ، وليس منطقياً ان يكون طلب رفعه من السادة اللذين حضروا الأجتماع .. )
في هذه الفقرة لقد عدلت كلمة (الأمر ) بلفظة ( طلب ) كما عدلت تاريخ النشر من 21 / 08 الى 21 / 07 ، فقد نبّهني على خطأ التاريخ احد اخواني الكتاب ، وإن استخدمت لفظة الأمر كنت اقصد اعضاء المجلس الشعبي الذين لم يجتمعوا معي ، ولهذا لا يمكن ان اقصد بهذه اللفظة بان موقع عنكاوا يأتمر بأوامر من جهة معينة .
ولكن :
 مع الأسف إن موقع عنكاوا بتوضيحه لم يشرح او يشخص لنا موقع الخطأ ، وأين موضع تشويه مصداقية واستقلالية موقع عنكاوا ؟ وأين محاولات اقحام الموقع في (صراعاتي وإشكالاتي) ؟ لم يوضح الموقع العبارات او الجمل التي تشير الى ذلك في مقالي ، بل حتى انه لم يسجل الرابط  للقارئ الكريم لكي يعود اليه ويحكم بنفسه إن كان ثمة أي شئ غير مألوف او اعتيادي بحق الموقع .
إن السنين الطويلة من عمر كتابتي في هذا الموقع لا يمكن ان اكون من الذين اوجه تهم باطلة او غير باطلة للموقع ، فالسادة المشرفين والأداريين في هذا الموقع اكن لهم التقدير والأحترام سواء اتفق او اختلف معهم فكرياً ، فالكلمة المستخدمة كانت إنشائية مجازية فحسب ولا تحمل في طياتها أي وجه من اوجه الأتهام . ثم ما هي المناسبة لكي أوجه مثل هذا الأتهام ؟ فأرجو عدم تأويل الكلمة بغير الغاية التي استخدمت ، وهي مسالة تتعلق بمن عمل على حذف الخبر من اعضاء المجلس الشعبي ، وليس غيرهم ، هذه هي المسالة برمتها .
نحن واثقون من مهنية وحيادية موقع عنكاوا ، لكن سلوك الحيادية يتخلله بعض المصاعب والمتاعب ، وأجد في هذه المناسبة فرصة سانحة لأقدم بعض ملاحظاتي بشكل صريح .
 فأقول :
نحن الكتاب الكلدان في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، نعتبر الحقوق القومية والسياسية لشعبنا الكلداني  ، قضيتنا المركزية ، وحينما تصنف مقالاتنا بأنها من الكتابة عن التسمية ، تبقى اسيرة الصفحات الداخلية دون ان يطلع عليها القراء ، ولا شك ان ذلك يدفع الى الأسف ، والأحباط يلف كتابنا في الأتحاد .
نبقي الضوء مسلطاً على الكتّاب الذين يكتبون بالشأن القومي في موقع عنكاوا ، سنلاحظ الكتاب الكلدان ، وانا واحداً منهم ، لا يأخذون مكان الصدارة في الصفحة الرئيسية ، والى جانب ذلك نلاحظ كتاب آخرين مثل سيزار هوزايا وابرم شبيرا و(جورج هسدو )، يكون نصيبهم في اعلى الصفحة الرئيسية وبشكل مستمر تقريباً ، في حين انا مثلاً ، لمدة سنتين او ربما اكثر لم يجد مقال لي مكان الصدارة ، وهذا يبعث على التساؤل وكبرهان على ذلك أورد هذه المقالات التي لم ترى النور على الصفحة الرئيسية لموقع عنكاوا .
اولاً :
نشرت قبل ايام في المنبر السياسي موضوعاً تحت عنوان (الأخوة في المجلس الشعبي .. ما هكذا تورد الأبل !) وحسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,522679.0.html
ولم يرى النور هذا المقال على الصفحة الرئيسية اسوة ببقية المقالات لحد الآن .وليس ثمة سبب معقول لحجبه ، إنه يمثل رأيي الصريح ومن حق الكاتب توجيه النقد لأية جهة سياسية . وبقي المقال سجين الصفحة الداخلية لحد اللحظة ، ودون وجود اي مبرر لحجبه .
ثانياً :
كتبت مقالاً نشرته على موقع عنكاوا في المنبر السياسي ، وهو تحت عنوان :
عودة طيبة الى صبنا الكلدانية وعلى نار ليست هادئة مع الأخ موفق حداد
 وحسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,520188.0.html
هذا المقال ايضاً لم يتنفس الهواء الطلق على الصفحة الرئيسية ، وربما صنف انه من مقالات التي تتحدث عن التسمية ، علماً ان العنوان واضح وهو رد على السيد موفق حداد الذي نشر مقالاً على موقع عنكاوا ونشر على الصفحة الرئيسية فاعتبر مقاله سياسي ومقالي صنف على انه عن التسمية ومقال الأخ موفق حداد عنوانه :
الأستاذ حبيب تومي .. مع الأحترام ، وحسب الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,515743.msg5244431.html#msg5244431
 وهكذا نشر مقال الأخ موفق حداد ولم ينشر مقالي الذي هو بمثابة الرد عليه ، إذ يبدو ان الأخ في المنبر السياسي صنفه من مقالات التسمية ، ولكني بصراحة لا انفي استغرابي لكن ارتأيت ان يكون السكوت افضل احتجاج ، وهكذا سكتت .
ثالثاً :
كتبت مقالاً تحت عنوان :
حقوق الشعب الكلداني ليست ورقة للمساومة او سلعة للمتاجرة
 وهو منشور على موقع عنكاوا في المنبر السياسي ، ولم يتنفس ايضاً الهواء الطلق على الصفحة الرئيسية اسوة بالمقالات السياسية الأخرى ، ولم يكن ثمة أي مبرر او سبب وجيه لحجبه ، وهو منشور حسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,511885.0.html
رابعاً :
كتبت على موقع عنكاوا وعلى المنبر السياسي ايضاً مقالاً تحت عنوان :
الى الكاتب الآشوري سليمان يوسف .. على من تقرأ مزاميرك يا أخي ؟
وحسب الرابط  :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,460628.0.html
وكان بمثابة الرد على مقال الكاتب الآشوري سليمان يوسف الذي نصب من نفسه وصياً علينا نحن الكلدان  ومقاله بعنوان
ثمة فرصة تاريخية لقيام "دولة آشورية مسيحية" في العراق ، وحسب الرابط ادناه
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,460375.msg4941884.html#msg4941884
كما هو معلوم إن الكاتب الآشوري سليان يوسف  يكتب على موقع عنكاوا بشكل مستمر وتنشر مقالاته على الصفحة الرئيسية . وفي هذا المقال اوغل هذا الكاتب بتمرير نظرية عنصرية مقيتة حينما جعل من شعبنا الكلداني تابعاً ذليلاً للقومية الآشورية ،
(كان يجب ان يحذف هذا المقال العنصري من موقع عنكاوا )،
لكن الذي حدث ان المقال بقي امام القراء ، وحجب مقالي عن القراء في الصفحة الرئيسية ، فنحن نعتبر ذلك على الأقل في المنبر السياسي بأنه انحياز لهذا الرجل ولفكره العنصري المتزمت .
الكاتب سليمان يوسف قادم من سوريا ويفرض نفسه وصياً علينا نحن الكلدانيين ، ومن المفارقات في هذا السياق ايضاً انه قدم  الينا احد الأخوة الآشوريين  من ايران قبل اشهر ، وقابل الدكتور برهم صالح وجعل من نفسه ايضاً وصياً على الكلدان والسريان في العراق ، ليطلب من الدكتور إلغاء اسم القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، وليطلب من الحكومة العراقية إلغاء القومية الكلدانية من الدستور العراقي ايضاً .
وكتبت في وقتها رسالة مفتوحة  الى إدارة موقع عنكاوا بعنوان :
الأخوة الأفاضل في إدارة موقع عنكاوا المحترمون حيث شرحت لهم بأن تقف عنكاوا على مسافة واحدة من الجميع والرسالة هي حسب الرابط التالي
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,460882.0.html
خامساً : لم ينشر على الصفحة الرئيسية مقالي المعنون :
اضواء على  تصريحات المطران ساكو لمطكستا المنشورة على موقع عنكاوا كوم
 وحسب الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,449118.0.html
 اقول :
صحيح إن موقع عنكاوا هو ملك اصحابه ومشرفيه ، وبإمكانهم إغلاقه غداً ، لكن ما دام هذا هذا الموقع عاملاً على الساحة الأعلامية فإنه يعتبر ملك شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، ويتعين عليه ان يقف على مسافة من الكتاب لمن يحملون آراء مختلفة ومتباينة ، فالفرصة التي تمنح لجورج هسدو او ابرم شبيرا ينبغي ان تمنح نفس الفرصة لكتاب آخرين من الكلدان ،وأقصد الكتاب الكلدان الذين يفتخرون بقوميتهم الكلدانية وليس الذين يتهربون من الأسم الكلداني الأصيل . فكل منا يؤمن بفكره وينبغي احترامه ، فليس هنالك من يكتب الدّرر وآخر يكتب القشور ، نحن لنا افكار متباينة ينبغي احترامها جميعاً دون محاباة او تفضيل طرف على حساب طرف آخر .
 تحياتي لموقع عنكاوا وإدارته وثقتي عالية بأن يبقى الموقع ذلك النجم الساطع فينشر نوره على الجميع نعم على الجميع وبالتساوي .
 تحياتي
 حبيب تومي / القوش في 26 / 07 / 11

188
الأخوة في المجلس الشعبي .. ما هكذا تورد الأبل !
 بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
مثل شعبي يقول : ( اقعد اعوج وأحكي عدل ) وفي هذا الزمان اصبح الكلام العدل من الممنوعات ، بل من المحرمات ، وحينما نتكلم عن حقوق الشعب الكلداني ، يفرض علينا الحصار ، وتجري محاولات تكميم الأفواه وتوضع مقالاتنا  في الحجر الصحي انا وزملائي من الكتاب في الأتحاد العالمي  للكتاب والأدباء الكلدان ، فإما ترسل مقالاتنا الى سلة المهملات او تحفظ بمبعدة عن اعين القراء ، وقرأت مقالاً لأحد الكتاب الكبار يقول : إن مفهوم الحقيقة عند الأغريق انها ( الحقيقة ) جاءت الى الناس عريانة فاستداروا لا يحبون ان يروا هذا العيب ، فعادت اليهم الحقيقة ثانية وقد تغطت ، فأقبلوا عليها ، بمعنى ان الناس لا يحبون الحقيقة العريانة اي لا يحبون الصراحة ، وهذا ينطبق على احزابنا ووسائل إعلامنا وعلى معضلة الشعب الكلداني في وطنه العراقي .
اقول :
إن الدفاع عن حقوق الشعب الكلداني ، ليس كفراً او معصية نرتكبها ، نحن نريد الحرية والانسان بدون حرية يتحول الى اداة ، فالمجتمع الحر هو مجتمع لا يخاف فيه الأنسان ان يختلف مع الآخرين .
ما دام الكوردي من حقه ان يدافع عن حقوق الشعب الكوردي ، والعربي مسموح له ان يدافع عن حقوق الشعب العربي والآشوري من حقه ان يدافع عن حقوق الشعب الآشوري والشياطين من حقهم ان يدافعوا عن حقوقهم في جهنم ، وحتى اللصوص والحرامية يفسح لهم المجال للدفاع عن انفسهم . باستثناء المثقفين الكلدان لا يحق لهم الدفاع عن حقوق شعبهم ، لأن ذلك يدخل في باب التكلم عن التسميات وينبغي إهمال تلك المقالات ، هذه هي الحقيقة فالفضائيات الآشورية تفرض حصاراً ظالماً على كل ما اسمه كلداني ، ويشترك في هذا الحصار الظالم مواقع الكترونية بما فيها مواقع كلدانية معروفة .
بعد هذه المقدمة المؤلمة ، ارغب في مكاشفة صريحة مع المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، وكان زميلي الأستاذ سعد عليبك قد اطلق عليه اسم المجلس الشعبي الآشوري الآشوري الآشوري ، لكن التسمية الصحيحة التي اقترحها هي المجلس الشعبي الآشوري ، وسيكون لي فائق التقدير والأحترام لهذا المجلس ان اتخذ مثل هذا الأسم الذي ينطبق عليه كلياً ، وسأكن له الأحترام كالذي اكنه  للحركة الديمقراطية الآشورية وللحزب الوطني الآشوري .
يوم التقيت بالأستاذ سركيس آغا جان عام 2009 وبحضور المرحوم حكمت حكيم ، قال ان التسمية الثلاثية رتبناها حسب الأكثرية اولاً الكلدان ثم السريان وأخيراً الاشوريين ، وليس ثمة اي فروقات بين هذه المكونات في التعامل ، إنها تسميات تاريخية لشعبنا المسيحي ، كلام سليم للأستاذ اغاجان يوم كان المجلس الشعبي منفتحاً يحمل في طياته شيئاً من العدالة والمساواة بين الأطراف  ، لا سيما في مسألة توزيع الثروة ، رغم غياب منظومة المؤسساتية في توزيع تلك الثروات .
اجزم بأن المجلس الشعبي قد شيد على سواعد واكتاف الكلدانيين ، وكان مصدر اصواته في الأنتخابات محصورة بين السريان والكلدان ، فالآشوري صوته مضمون للزوعا ، ومع هذا الموقف المنفتح للشعب الكلداني ، فإن السلطة (الحقيقية ) للمجلس محصورة بيد ، ربما ، شخصين من الأخوة الآشوريين ، وربما اكون مخطئاً ، لكن تجلى ذلك من الأشكالات الناجمة عن لقائي مع المجلس الشعبي ، وطريقة نشر الخبر ومن ثم حذفه ، او في مسألة الحظر المفروض على كتاب اتحادنا الكلداني .
 الآتي من الأيام كانت حبلى بأشياء جديدة تتخطى مفهومية الأخوة والمساواة ، لقد عقد المجلس الشعبي زواج المتعة مع الزوعا ، حيث قلب ظهر المجن للشعب الكلداني ، وقلت زواج المتعة ، لأن الأتفاق بين الطرفين هو من اجل محاربة القومية الكلدانية فحسب ، وتجمع الأحزاب السياسية التي تعود لشعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين  هو تجمع فاشل حيث اثبت فشله الذريع في اول تجربة حقيقية ، حينما استنهض الأخ يونادم كنا ابشع النوازع المذهبية فألب المكونات الأقلية في البرلمان لمنع الأستاذ رعد عمانوئيل ( الكلداني ) من اشغال وظيفة رئيس الوقف المسيحي ، وكان اعضاء المجلس الشعبي في البرلمان من الموقعين على المذكرة التي رتبها السيد يونادم كنا للانتقام من الكلداني الألقوشي رعد عمانوئيل .
 سؤالي : اليس هذا فشلاً ذريعاً لتجمع احزابنا السياسية ؟ فما هو الفرق بين رعد عمانوئيل الألقوشي الكلداني وبين شخص آخر من الهويات الأخرى لشعبنا ؟ فيبدو لي ان هذا التجمع هو معرض للمجاملات  والزيارات والهدف الحقيقي هو إلغاء التسمية الكلدانية من الدستور العراقي والكوردستاني .
نأتي الى المفيد في هذا المقال الذي اريد فيه توجيه نقد بناء للمجلس الشعبي ، في الأسبوع الفائت حضرت حفل افتتاح معرض الكتاب لجمعية الثقافة الكلدانية في القوش ، وفي لحظة الأفتتاح دعاني الأستاذ شمس الدين كوركيس للوقوف الى جانبه حيث كان مكلفاً بقص شريط الأفتتاح ، لكن في آخر لحظة حضر المطران ميخائيل مقدسي ، فدعي لقص شريط افتتاح المعرض .
بعد الأنتهاء من المراسيم ، ابلغني الأخ غزوان قس يونان رئيس جمعية الثقافة الكلدانية في القوش وهو عضو في المجلس الشعبي ايضاً ، وهو شاب القوشي كلداني متحمس للعمل . ابلغني بأني مدعو الى اللقاء مع المجلس الشعبي في دهوك ، وهو مستعد لنقلي الى مقر المجلس بعد الأتفاق على الموعد .
باختصار شديد ، اتصلت مع زملائي في اللجنة التنفيذية للاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان لاستشارتهم  حول اللقاء ، كما اتصلت بأعضاء مكتب اللجنة التنفيذية للمجلس العالمي الكلداني المنبثق من مؤتمر النهضة الكلدانية ، وكان رأي الأكثرية يستقر على مد يد المصافحة للجميع على ان يكون مبني على الأحترام المتبادل وليس الخضوع لأية جهة .
في هذه الزيارة كنت اتوقع ان اجتمع مع السيد شمس الدين كيوركيس حيث كان لقائي معه في القوش ، لكن حينما وصلت الى دهوك قيل لي انه سافر الى اربيل مبكراً او شئ من هذا القبيل ، ولكن حدسي ذهب الى تفسير الغياب بأنه (تهرب ) من اللقاء ليس إلا .
المهم في الأمر ان اللقاء تم مع الأستاذ فهمي يوسف وهو عضو رئاسة المجلس الشعبي ، وهو مثقف كلداني ديمقراطي ليبرالي يمتاز بفكره المنفتح على الآخر ولا يدخل الفكر القومي المتزمت في قاموسه . وحضر الأجتماع عدد من اعضاء المجلس الشعبي إضافة الشخصية الألقوشية الصديق صباح توماس ( ابو ليلى ) .
لاحظت ان فضائية عشتار قد صورت اللقاء ، كما اخذنا بعض الصور التذكارية ، وقام المجلس الشعبي من جانبه بنشر الخبر في موقع عنكاوا ، ولا ادري إن كان الخبر قد نشر على موقع عشتار الألكتروني ، وحدسي كان يتموضع بأن نشر اللقاء سوف لا يتم ، فلدي تجربة مع المجلس الشعبي ، حيث سبق ان كتبت كلمة رثاء للمرحوم جميل روفائيل ، وامتنع موقع عشتار عن نشرها ، فكانت النزعة المذهبية المقيتة قد تغلبت عليهم حتى في مثل هذه الحالة الأنسانية .
لقد نشر الخبر في موقع عنكاوا بالرغم من إني لم اكن راضياً عن ذلك النص الذي خرج بصيغة بعيدة عن الحقيقة والواقع . لكن مع ذلك رفع الخبر من موقع عنكاوا ربما بعد ساعة من نشره ويبدو ان الخبر رفع بطلب من اشخاص مسؤولين في المجلس الشعبي لا يحبذون الأجتماع مع حبيب تومي ، وليس منطقياً ان يكون طلب رفعه من السادة اللذين حضروا الأجتماع ، وبرأيي ان هذا يدل على هشاشة تنظيم المجلس الشعبي وافتقاره الى توجه فكري مركزي موحد .
هكذا فإن المجلس الشعبي يفقد مصداقيته وحياديته حينما عقد زواج المتعة مع الزوعا ، وعقد معها حلف غير مقدس يستهدف محاربة القومية الكلدانية العراقية الأصيلة ، فهم يتعاملون مع القوى الكلدانية السياسية التي تخضع لهم بمنطق السيد والعبد ، وإن تجربة المجلس القومي الكلداني خير مثال ، حيث بعد ان اصبح هذا المجلس تابعاً مطيعاً ويبصم ( بالعشرة ) لكل ما يقرره المجلس الشعبي ، بعد ذلك (فقط ) فتحت نافذة المساعدات للمجلس القومي الكلداني .
الحقيقة المعروفة ان المساعدات مقررة للمسيحيين دون اشتراط التنازل عن مبادئهم القومية  لكن المجلس الشعبي لا يمنحها إلا لمن يركع له من الكلدانيين ، لأن تلك المساعدات تمنح للمنظمات الآشورية ببذخ دون قيد او شرط ، لكن ابالنسبة للكلدانيين يختلف الأمر وتجربة المجلس القومي الكلداني والمنبر الديمقراطي الكلداني قبله خير مثال على صدق كلامنا .
إن المجلس الشعبي الذي اقترح له اسم المجلس الشعب الآشوري والحركة الديمقراطية الآشورية والحزب الوطني الآشوري وغيرهم ، فإن هذه الأحزاب باتت وحدها تملك الحقيقة المطلقة ويملكون الرؤى والحلول الناجزة ، هم وحدهم الحراس الأمناء للمبادئ وللوحدة القومية . إنهم ينهون ويأمرون وعلينا الطاعة فثمة سياسية الجزرة والعصا سائدة ، فالعصا لمن عصى عليهم .
يتعين على الأحزاب الآشورية ان ينظروا الى الشعب الكلداني وطموحاته القومية بمنظار ديمقراطي منفتح دون اللجوء الى فرض اجندتهم المتزمتة على الشعب الكلداني ، فهذا الشعب الأصيل ليس من الأنصاف تهميشه ولا يمكن تحويل القومية الكلدانية الى اللاقومية مهما كانت الذرائع وتنوعت الأسباب، وهذا التعامل مهما حقق من نجاحات في ظل الأمكانيات المتوفرة لهذه الأحزاب حالياً سوف يبقى هذا الأسلوب طريقة لا إنسانية ولا ديمقراطية في التعامل .
 إن المجلس الشعبي إن اراد ان يعيد مصداقيته ، ينبغي ان يقف على مسافة واحدة من الجميع ، وأن يحترم التوجهات القومية للكلدانيين وغيرهم .
حبيب تومي / عنكاوا في 21 / 07 / 11

189
ملا مصطفى البارزاني وجون كرنك و .. والوطن العربي الواحد
 بقلم : حبيب تومي / القوش
Habeebtomi@yahoo.no
اجزم  أن الشعب اليهودي هو اول من مارس الظاهرة القومية ، فالمجتمعات القديمة ومجتمعات دول العالم الثالث في العصر الحديث ، ما برح العرف العشائري يشكل فيها ركيزة اساسية للعلاقات المجتمعية ، لكننا نجد منذ عصور موغلة في القدم بأن الأسباط اليهودية ، لأول مرة ، اتخذت لنفسها لقب شعب ، وبعد ذلك اصبحوا شعب الله المختار بموجب كتاب التوراة . إي ان النزعة القومية خلقت عند هذا القوم منذ اقدم العصور واستمرت معه في القرون اللاحقة حيث اصبح الغيتو اليهودي معروفاً في اوروبا وجلب عليهم التعاسة والأضطهاد والنقمة ومع ذلك استمروا على ذلك التقوقع ، إن صح التعبير .
إن القومية حالة إنسانية فريدة تبقى حاملة غايات نبيلة ، إن بقيت في حدود الدفاع عن حقوق ( القوم ) ، لكن الفكر القومي ينقلب الى حيوان مفترس  إن هو انتقل الى دائرة التزمت والتكبر ووصل تخوم إقصاء الآخرين . وبدأنا المقال باليهود فنصل بهم الى العصر الحاضر حيث تتوسط  اليوم دولة اسرائيل الوطن العربي الذي يمتد من المحيط الأطلسي الى الخليج العربي .
في القرن السابع الميلادي كانت انطلاقة نبي الأسلام محمد بن عبدالله الى عالم الفتوحات العسكرية ونشر الدين الأسلامي بين شعوب الأقطار المفتوحة عسكرياً ، وزاد على الفتوحات التقليدية في ذلك الزمان حيث يأتي في المقام الأول جمع الجزية والضرائب من الشعوب الخاضعة  ، لكن الفتح الأسلامي استهدف فرض الجزية اولاً ، وإلغاء ثقافة الشعوب المغلوبة بفرض الدين الأسلامي واللغة العربية عليها ثانياً ، وهكذا مع مرور الأزمان، وتحت ظل تطبيق احكام اهل الذمة ذات الصبغة الدينية العنصرية ، على الشعوب المقهورة ، كان الدين الأسلامي قد انتشر ، وانسحبت اللغات المحلية كاللغة الآرامية وحلت اللغة العربية بدلها ، فألغيت الهويات الوطنية وحلت محلها هوية الأمة الأسلامية ، والتي تعكزت ايضاً على نظرية التفوق ، فكانت الأمة العربية الأسلامية ( خير امة اخرجت للناس ..) .
كانت القومية العربية المنتصرة هي الهوية التي فرضت على الأقوام التي اصبحت ( جغرافياً ) ضمن الوطن العربي ، ومن هذه (الدول ) سورية التاريخية ومصر الفرعونية ، وبلاد الرافدين الكلدانيــة وشمال افريقيا الأمازيغية والبربرية ، لقد فرضت اللغة العربية والهوية العربية على الأقوام المقهورة ، كالأكراد والأمازيغ والأقباط والكلدان والسريان والآشوريين والأرمن والبربر والشركس والطوارق والمندائيين ، ووجدت هذه المكونات نفسها تعيش في بحر العالم العربي وباتوا مطوقين من سدنة القومية العربي من العروبيين .
إن التوسع العربي الإسلامي  في القرن السابع الميلادي جاء على خلفية ضعف الأمبراطوريتين الساسانية والرومانية ، وأستطاع الأسلام فرض الدين الجديد لكنه اصطدم في أماكن كثيرة بمقاومة وإصرار تلك الثقافات واللغات السائدة فقد قاومت هذه الهجمة اللغات الكوردية والفارسية والتركية والكلدانية والأمازيغية والأرمنية والأسبانية والعبرية وغيرها .
إن الوطن العربي نفسه وجد في القومية العربية منفذاً للخلاص من الحكم العثماني الإسلامي ، ليتخذ من شعار القومية رمزاً لهذا التحرر وبناء الدولة العربية . لكن التيار العروبي المتزمت ، أراد صهر القوميات الواقعة ضمن جغرافية الوطن العربي الذي جاء بعد الفتح الأسلامي لتك الأقطار ، فالأمة العربية تمتد من المحيط الأطلسي الى الخليج ، الذي كان يطلق عليه قبل عقود الخليج الفارسي ، لكنه اليوم  اصبح الخليج العربي .
في الوطن العربي مكونات دينية ومذهبية عرقية لها نزعة قومية ، وهذه الشعوب ترى مصيرها في الحكم الذاتي او حق الأنفصال او حق تقرير المصير وتكوين الدولة القومية لذلك الكيان ، لكن تلك الإرادة تصطدم دائماً بالسد المنيع للفكر العروبي الذي يرى في دعوات الحكم الذاتي بأنها محاولات تآمرية لتمزيق الأمة العربية .
الوطن العربي الذي يمتد افتراضاً من المغرب الى العراق لم يفلح يوماً في تأسيس دولة قومية عربية واحدة تمتد على تلك المساحة ، والبديل كان تأسيس دول عربية اقليمية عديدة ، بل كان هنالك من صنع لهم تلك الدول ، لكن تأسيس دول غير عربية في هذه المنطقة كان يعتبر من المحرمات ويعتبر تمزقاً للوطن العربي الواحد بموجب الفكر العروبي .
 إن اول من كسر تلك القاعدة كان دايفيد بن غوريون وباعتباره رئيس وزراء للحكومة الأسرائيلية الموقتة ، فقد أعلن عام 1948 عن تأسيس دولة إسرائيل  ، وهناك من يرى ان  بن غوريون ينتمي  الى النوع النادر من الزعماء الذين يقومون بصياغة الأحداث ولا يعيشون في عالم زاخر بالأحداث وفقا لما حدّده الفيلسوف والمؤرّخ سيدْني هُوك. فالتحديد الأول يتحدّث عن أفراد يدفعون سير التأريخ بالاتجاه الذي يرسمونه، في حين يتحدّث التحديد الثاني عن أفراد لا يعتبرون إلا الأشخاص المناسبين في الوقت المناسب.
أدت زعامة بن غوريون الكاريزماتية والفعّالة خلال السنوات الخمس الأولى من قيام الدولة إلى موجات ضخمة من القادمين الجدد التي ضاعفت عدد سكان الدولة. وكان بن غوريون على رأس المساعي لاستيعاب القادمين الجدد  ، إن تواتر الحروب والعنف الدموي بين العرب واسرائيل الذي اعقب قيام هذه الدولة، لم تفض تلك الحروب إلى إزالة دولة اسرائيل من الوجود كما ارادها العرب ، فأسرائيل دولة قائمة وعلى العرب الأعترف بوجودها كطريق لسلام دائم في المنطقة ، وفي الوقت ذاته ينبغي اقرار حقوق الشعب الفلسطيني كاملة .
في اقصى الشرق من الوطن العربي المفترض كانت حركة انتفاضات وثورات الشعب الكوردي التي اتسمت بغير قليل من العنف وإراقة الدماء والسبب يعود الى انتهاج سياسة الصهر القسري الذي استخدمته الحكومات ذات التوجه العروبي بشكل رئيسي .واستخدام وسائل الإبادة الجماعية ضد الشعب الكوردي ، كما ان الشعب الكوردي الذي يربو تعداده على  25 مليون نسمة ، هو الشعب الوحيد المحروم من إقامة دولة .
 كان هنالك من الزعماء الكورد من نادى بتأسيس دولة كوردية ومنهم الزعيم الكوردي محمود الحفيد ، ثم جاء القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني الذي تزعم ثورة ايلول الكوردية في اوائل الستينات من القرن الماضي ، ويعتبر اقليم كوردستان اليوم ثمرة من ثمرات تلك الثورة ، كما ان ملا مصطفى البارزاني يعتبر اليوم رمزاً للنضال القومي للشعب الكوردي والذي يهدف في نهاية المطاف الى إقامة دولته المستقلة للانضمام الى الأسرة الدولية والمتمثلة في الجمعية العامة للأمم المتحدة  .
ونبقى في سياق التركيبة الأثنية للوطن العربي والمرشحة لولادات اخرى وها نحن في التاسع من تموز  من هذا العام نشهد احتفالات ورقصات وأهازيج لمناسبة اعلان ولادة دولة السودان الجنوبي ، إنهم يحتفلون تحت علم وهوية قومية جديدة ، والأمم المتحدة تستقبل شعباً آخر كان يفتقر الى الدولة ، واليوم يمتلك هذا الشعب دولة اسمها دولة السودان الجنوبي ، ، لقد كان تأسيس دولة في جنوب السودان يعتبر ضرب من الخيال قبل عقود من السنين ، حينما كانت تشتد وتيرة الصراع الدموي ، لكن سنوات النضال الطويلة تكللت بتأسيس هذه الدولة الفتية .
لا ريب ان كارزمية القائد جون كرنك قد الهمت هذا الشعب لمواصلة النضال فقد كان قائداً ميدانياً وسياسياً ووضع استراتيجية طموحة لشعبه ولحركته الشعبية لتحرير السودان ، ان ما يقارب من ثلاثة عقود من السنين الثقيلة المليئة بالدماء والمأساة الأنسانية كانت قمينة بأن يفكر العقلاء من الجانبين ، بأن الحرب ليست طريقاً اميناً لتحقيق السلام، ورجحت كفة  العودة الى العقل والى طريق المفاوضات ، وجرى الأتفاق على اجراء عملية استفتاء الشعب لمعرفة إرادته ، وكانت نتائج الأستفتاء تشير الى ان الأغلبية الساحقة من الشعب تريد الأستقلال ، وإقامة دولة مستقلة لهم وكان التاسع من تموز الجاري هو اليوم الذي شاهدنا فيه علم دولة جديدة يرفرف فوق مبنى هيئة الأمم المتحدة اسمها دولة السودان الجنوبي .
إن حجم الأقليات في الوطن العربي غير معروف بدقة فالحكومات العربية غالباً ما تحاول طمس الحقائق بل تخفي وجود جماعات اثنية ، لتتهرب من المسائلة اثناء المطالبة بالأقرار بحقوق تلك الجماعات ، كما انها غالباً ما تقر بأن هذه الأقليات من صنع الأستعمار وإن المطالبة بحقوقها  هو بتحريض من الأجنبي اوالأستعمار ، إن التهم من هذا النمط قد وجهت للثورة الكوردية وللمرحوم ملا مصطفى البارزاني الذي اتهم بالعمالة مرة لبريطانيا وامريكا وأخرى للاتحاد السوفياتي السابق .  
إن الوطن العربي ليس واحة خضراء متجانسة لغوياً ودينياً واثنياً ومذهبياً ، وينبغي أجراء الأحصاءات السكانية والأسئلة الأخرى التي ترافق الأحصاء من قبيل اسئلة عن الدين والقومية واللغة ، وبذلك يمكن تحديد احجام العديد من الجماعات الأثنية .
في الوطن العربي مكونات اسلامية لكنها غير عربية ومنهم الأكراد والأمازيغ والتركمان وغيرهم ، وهنالك مكونات ضمن جغرافية الوطن العربي وهي ليست عربية وليست اسلامية ، ومنهم الكلدانيين والأرمن والآشوريين والسريان وغيرهم ،
 متى يتاح للمكونات غير العربية وغير الأسلامية في جغرافية الوطن العربي ان تتمتع بحقوقها المشروعة ، إن الشعب الكلداني في العراق والأقباط في مصر والأمازيغ في الشمال الأفريقي ، هل تنتظر هذه الشعوب قادة امثال البارزاني وجون كرنك ؟ ام تسلك سلوك آخر في المطالبة لحقوقها ؟ ومن البديهيات ان الحقوق لا تعطى إنما تؤخذ . وشعبنا الكلداني بالذات ستبقى حقوقه مهضومة ما لم يتحرك لنيل حقوقه في وطنه العراقي .
حبيب تومي / القوش في 17 / 07 / 11

190


عودة طيبة الى صبنا الكلدانية وعلى نار ليست هادئة مع الأخ موفق حداد
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 افهم من اخلاقية الكتابة ان اكتب بما يمليه عليّ ضميري وما تقف عنده قناعتي ، اما ردود الافعال فغالباً ما تكون متفاوتة ، منها آراء تتفق مع طروحاتي وأخرى مخالفة لما اطرحه فتكتب ردود تتسم بالواقعية وتلتزم بأخلاقية الحوار ، ولا نريد ان نتطرق الى تلك الآراء التي تكتفي بقراءة عنوان المقال واسم حبيب تومي فحسب  ، فتتخذ لها موقفاً ورأياً مناهضاً حتى لو كان المقال عبارة عن كلمة رئاء لصديق متوفي ، ناهيك عن الذين يرسلون كلمات نابية وتعابير سوقية .
الأخ ماجد يوسف من منظمة صبنا الكلدانية للحزب الديمقراطي الكلداني دأب على قراءة ومتابعة ما اكتبه وهو من الذين اكن لهم التقدير والأحترام من الذين يمنحوني شئ من وقتهم ليقرأوا مقالاتي ومراسلتي لطرح ارائهم  إن كانت مؤيدة لوجهة نظري او ناقدة لها ، وهذه عملية انا سعيد بها . قبل حوالي شهر  وبعد زيارتي لاينشكي كتبت مقالاً بأن صبنا الكلدانية في القلب ، وقد ازعج هذا العنوان احد الأخوان إذ يقول كان ينبغي ان اكتب صبنا الآشورية ، وأقول له : يا اخي العزيز إن حوالي 15 قرية من مجموع 18 قرية في وادي صبنا هي كلدانية فلماذا لا اقول صبنا الكلدانية ؟
 وحينما اقرأ في كتاب كوركيس عواد ويعقوب سركيس ( اصول أسماء مدن وقرى عراقية ص29) عن باطنايا بأن سكانها من النصارى الكلدان ، وحينما اقرأ عن القوش ص16 بأن سكانها زهاء 7000 نسمة جميعهم من النصارى الكلدان ، وعن تلسقف ص54 بان سكانها من النصارى الكلدان ، وهذا ما يذكره المنشئ البغدادي في رحلته في القرن التاسع عشر حيث يصف هذه البلدات بالكلدانية ، فلماذا ينبغي علي لوي عنق الحقيقة وأقول عنها انها آشورية ؟ إن الحقيقة الآنية هي وسم المدينة بمن يسكنها فمدينة الموصل عربية ومدينة السليمانية كوردية وباعذري ايزيدية وشرفية اثورية ، وفي عهد صدام اراد تبديل هوية بعض المدن وجعلها عربية وذلك بتوزيع اراضي تلك المدن الى العرب ومنحهم مبالغ مالية للعيش في تلك المدن ، ولا داعي لأيراد الأمثال فهي كثيرة .
وهكذا لا ضير ان أسمي الأشياء باسمائها وأقول سرسنك وداشقتان وعين بقري وشرفية آشورية والقوش وتلكيف وباطنايا وتللسقف وباقوفا كلدانية ودهوك كوردية وشرقاط التي كانت العاصمة المقدسة للدولة الآشورية هي اليوم عربية .. وهلم جراً وذلك بموجب ساكني هذه المدن وليس بموجب تاريخها ، فإذا خرجنا من الدائرة الأديولوجية للاحزاب القومية الشمولية سوف يكون بمقدورنا ان  نسمي الأشياء بأسمائها دون هاجس او خوف . وبهذا المقال اعبر عن تقديري للعزيز ماجد يوسف الأبن البار لصبنا الكلدانية .
الأخ موفق حداد كتب مقالاً تحت عنوان :  الأستاذ حبيب تومي ...مع الاحترام ، يعلق فيه على بعض فقرات مقالي حول موقف رابي كنا ، المتسم بضيق الأفق المذهبي ، والحزبية الضيقة في مسالة تعيين السيد رعد عمانوئيل رئيس الوقف المسيحي ، ويبدو ان قراءة الأخ موفق حداد للعبارة التي قلت فيها بأن السيد يونادم كنا : قد شمر عن ساعديه وحشد الأساقفة ونواب في البرلمان من الأيزيدية والأرمن والمندائيين ، فاعتبر الأخ  حداد ذلك إهانة . لا ادري لماذا كان تأويل الأخ موفق بأن التحشيد يشكل إهانة ، فحينما نقول حشد الحزب الفلاني الجماهير للقيام بمظاهرة هل يعني ذلك ان هذه الجماهير مسلوبة الإرادة ؟ إن تفسير الأخ موفق حداد غير وارد وهو بعيد عن الواقعية .
في مكان آخر لا يقبل الأخ موفق حداد بنعت المجلس الشعبي بأن اطلق عليه تسمية الحزب وهو يقول : ان الأحزاب لها تنظيمات وإصدارات وأدبيات وأنصار وأعضاء وأمور أخرى يعرفها أستاذنا تومي حق المعرفة ..
وأقول للأخ موفق : اوليس للمجلس تنظيمات وإصدارات وأدبيات وأعضاء ؟ ألم يكن للمجلس قائمة انتخابية اشترك في الأنتخابات بحماس منقطع النظير ، ونافس الأحزاب في الحصول على مقاعد في برلمان كوردستان وبرلمان العراق الأتحادي ، فهل المجلس في هذه الحالة هو نقابة مهنية ام نادي اجتماعي ام جمعية خيرية او ثقافية ، ام هو حزب سياسي على مستوى عالي التنظيم وطفق ينافس الأحزاب الأخرى على المقاعد ؟
 وبعد ذلك اين يكمن الضرر في ان يوسم المجلس الشعبي بتسمية (الحزب) ؟
 اليست الحركة الديمقراطية الآشورية ( حركة ) لكنها تشغل مكانة الحزب ؟ علماً ان الزوعا لا تتحرج من نعتها بالحزب .
عزيزي موفق حداد
إن الساحة السياسية لشعبنا يتحكم بها حزبان رئيسيان هما المجلس الشعبي والحركة الديمقراطية الآشورية ، وللحزبين توجهات قومية آشورية متزمتة ، لكنهما يتنافسان بشراسة من اجل كسب اصوات شعبنا لا سيما اصوات الشعب الكلداني ، وبشكل المجلس الشعبي الذي يعتمد بشكل رئيسي على اصوات الكلدان والسريان ، لأن اصوات الأثوريين مضمونة بشكل رئيسي للزوعا .
هذا الصراع بين الحزبين يتلاشى ويصبح مخملي الملمس بل يتحول الى صداقة حميمة ، حينما تبرز المسالة القومية الكلدانية ، فيتحد الحزبان بشكل عجيب بغية مسح القومية الكلدانية من الخارطة القومية العراقية ، فالزوعا تبرز سلاحها السحري في مسالة توزيع الوظائف والمناصب المخصصة للمسيحيين ، فهي قريبة  من دائرة صنع القرار منذ ان قدم لها الحاكم الأمريكي بول بريمر هذه الصلاحيات بطبق من ذهب بعد 2003 ، وقد رأينا كيف شمر رابي يونادم كنا عن ساعديه في مسالة ابعاد رعد عمانوئيل الكلداني ، وكانه مقبل على خوض حرب مقدسة ، الجدير بالذكر ان السيد يونادم كنا قد فرض قانونياً ان يكون (نائب) رئيس الوقف المسيحي ( آثوري ) وبشكل دائم .
اما المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري فهو يمثل الجانب الآخر من المعادلة وقد وضحت ذلك في مقالاتي السابقة ، وكيف انه يقفل باب التمويل بوجه أي حزب كلداني لا يأتمر بأوامره بشأن أقصاء القومية الكلدانية من الوجود ، وهكذا ترى الأخ موفق حداد بأنه ينطبق علينا ، نحن الكلدانيون ، المثل القائل : بين حانا ومانا ضاعت لحانا ، فبقينا بين مطرقة الزوعا وسندان المجلس الشعبي . او بالأحرى اصبح شأننا نحن الكلدان كمن اسمه بالحصاد ومنجله مكسور .
 اما ما اورده الأخ الحداد بشأن العلاقة بين المجلس الشعبي والقائمة الكوردستانية ، فأنا لم اتطرق ياخي على وضع المسيحيين في كوردستان ، لأن المسألة معروفة ولا يحتاج الموقف المشرف  لقيادة كوردستان من هذا المكون الى شرح او توضيح ، لكن الذي اوردته في مقالي هو ان تقف القائمة الكوردستانية مع قائمة المجلس الشعبي في مسالة توظيف السيد رعد عمانوئيل فحسب ، ولم اتطرق الى امور اخرى ، وأنت قد تشعبت وخرجت من سياق الموضوع الذي كان مركزاً على مسالة تعيين الأستاذ رعد عمانوئيل ليس إلا .
 وأخيراً بصراحة اعبر عن قناعتي بأن المجلس الشعبي والحركة الديمقراطية الآشورية يريدون محبتنا وتعاوننا وهم بشكل دائم يحاولون إقناعنا بأن الخير لنا ، لكن علينا ان نبقى عبيداً لهم وليس شراكة رجال وأنداد متكافئين ، إنني ارى في معاملة الحزبين لنا نحن الكلدانيون صورة من صور احكام اهل الذمة مع الأسف ، هذه قراءتي للمشهد الذي يلف بشعبنا الكلداني في هذا الزمن الردئ .
 قرأت على موقع كرملش فور يو ، تعليقاً على نفس مقالي من قبل الأخ الذي يوقع باسم برواري . وفي الرد كثير من المغالطات ومن علامات الأستفهام ، وكنت اود الرد عليه لكن ضيق الوقت دائماً يداهمني ، فأضع النقطة وأختم المقال ، وتبقى هنالك اشياء ينبغي ان تقال وأن تسجل وتكتب لوضع الحقائق امام القارئ . ويبقى الطموح قائماً كبيراً ، لكن الى أي مدى استطيع التواصل هذا ما يقرره الزمن الثمين الذي يمر بسرعة هائلة .
حبيب تومي / القوش في 11 / 07 / 11

191
مطلوب من الدكتور برهم صالح التدخل لتحصيل اموال المواطنين من مصرف الوركاء في اقليم كوردستان
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 القانون لا يحمي المغفلين ، يقال ، إنه مثل انكليزي ويجري تداوله بين الناس ويضرب المثل لمن ينأى بنفسه عن الأجراءات القانونية ويكتفي بالثقة المتبادلة لعقد صفقاته التجارية، فيكون ضحية لعملية احتيال ، لكن يا ترى هل كنا نحن المتعاملين مع مصرف الوركاء من هؤلاء المغفلين ؟
جوابي ، قطعاً لا .
فقد تعاملنا مع مصرف مجاز من قبل حكومتي العراق الفيدرالي وحكومة اقليم كوردستان ، ومن المؤكد انه مرخص للعمل من قبل المصرف المركزي العراقي . فالمسالة تنحصر في حظنا العاثر الذي صادفنا بالتعامل مع هذا المصرف .
لنترك وقتياً مصرف الوركاء ، ونتجول  في مدن وقرى اقليم كوردستان ، وسوف نجد بأن هنالك نسبة كبيرة من السكان ( الكوردستانيين ) من المتضررين في العقود السابقة من الحكومات المتعاقبة ، وحكومة الأقليم بصدد منح حقوق لهؤلاء المتضررين او المشاركين في ثورة الشعب الكوردي ، وهي تمنح قطع اراضي او حقوق تقاعدية ، او مبالغ اخرى ليس لي معلومات عنها ، وهكذا فإن الثورة الكوردية كانت وفية لمن دعمها ووقف الى جانب الشعب الكوردي في محنته .
 نحن الذين نملك تلك الحقوق ، لا نسأل عنها ، إنما نسال عن الأموال التي نملكها وهي ثمن املاكنا في بغداد والتي يجري حجبها عنا ، وهي مفقودة لحد الآن ما لم تتدخل الجهات الحكومية المعنية في اقليم كوردستان وفي عموم الدولة العراقية الأتحادية .
لا استطيع ان افهم كيف تسكت حكومة اقليم كوردستان عن سلوك مصرف الوركاء للاستثمار ، حيث يفتح هذا المصرف ابوابه في اقليم كوردستان ، ليكون بمثابة مصيدة للايقاع بالمواطنين للتعامل مع هذا المصرف الذي يعمل بشكل رسمي ، ويضع فوق بنايته العلم العراقي والعلم الكوردستاني ، فهل يجوز لأي شخص او مجموعة اشخاص ان تتخذ لها اسماً تجارياً او استثمارياً ، وتتخذ من هذا الأسم وسيلة للايقاع بالمواطنين فتأخذ اموالهم وبعد ذلك تمتنع هذه المؤسسة ، المفترضة ، بإرجاع الأموال المودعة لديها من قبل هذا المواطن المسكين .
هكذا نحن شريحة واسعة من المواطنين من عرب وأكراد وكلدان وآشوريين وسريان وتركمان وغيرهم كنا ضحية سهلة لمصرف اتخذ له عنوان المصرف الأستثماري ، وأنا شخصياً حينما بعت بيتي في بغداد وودعت ثمنه في هذا المصرف كنت متأكداً من ان المبلغ يمكن استعادته متى احتاجه ، لكن اسقط في يدي ، حيث كنت ضحية سهلة كما هي الشريحة من المواطنين ، حيث ان { تحويشة العمر } كما يقال ذهبت ادراج الرياح ، في الوقت الذي لم ازاول اي عمل تجاري او مشروع استثماري ، ليكون معرض للخسارة والربح .
لا ريب ان جميع المؤسسات العاملة في كوردستان تحصل على إجازة ممارسة العمل وفق ضوابط معينة تلزم تلك المؤسسات ، وفي كل الأحوال لا تقبل تلك القوانين ان تشكل تلك المؤسسات بؤر سهلة  للايقاع بالمواطنين وسلب اموالهم وتحت مظلة القانون .
 إن مصرف الوركاء يبدو انه من المصارف الخاصة وفي الوقت الذي تسعى الدول المتقدمة الى خصخصة الشركات والمشاريع والمصارف ، نلاحظ تلكؤ هذه المصارف في العراق وبهذا الصدد يقول محافظ البنك المركزي الدكتور سنان الشبيبي ( عن جريدة طريق الشعب يوم 22 / 06 / 11 ) وبشأن هذه المصارف نقرأ :
ان البنك المركزي يراقب بدقة إداء المصارف الخاصة خوفاً من حصول اي خلل في ادائها يهدد مركزها المالي ... ويستطرد الشبيبي ان البنك المركزي شخص خللاً في احد المصارف الأهلية ( دون ان يسميه ) وعندما وجد ان الخلل تعاظم وضع البنك المركزي يده على المصرف وأخضعه لأدارته المباشرة حفاظاً على حقوق المودعين ، وإن مصرفاً آخر عانى من مشاكل اقل فإننا نتعاون معه لتسيير اموره باتجاه وضعه على الطريق الصحيح ...
 ونحن نقول لمحافظ البنك المركزي :
 الى متى اللعب بأعصابنا ؟ لماذا لا تتدخلون لضمان حقوقنا ؟ انا شخصياً اعصابي تتوتر حين دخولي مبنى هذا البنك الذي وضعت ثقتي به ، وتتأثر صحتي بهذا السلوك الغريب وهذا السكوت المطبق من قبل كافة المسؤولين في الدولة العراقية وفي حكومة اقليم كوردستان ، انا اعتبرها افكار سادية حينما يسكت محافظ البنك المركزي عن هذا الخلل ، فهل يطيب لكم وتستلذون بحرق اعصابنا وتدهور صحتنا ؟ إنه امر عجيب حقاً .
إن الجهات المعنية وفي مقدمتها البنك المركزي مسؤول عن تمشية امور هذا المصرف الأستثماري ، والذي كان يتمتع بسمعة طيبة قبل هذه الكبوة ، فيجب مساعدة هذا المصرف لكي يتمكن الوقوف على رجليه ، وينبغي وضع خطة مدروسة لدفع مبالغ المواطنين المودعين ، كأن يدفع اسبوعياً مبلغ معين للمودع ، ويبقى السؤال : هل نشهد تطوراً ايجابياً لهذه المعضلة التي تؤرقنا وتحطم اعصابنا ؟
إن تقديراتي ان الدكتور برهم صالح انسان ليبرالي ديمقراطي لا يقبل بأي ظلم يصيب المواطن ولهذا اناشده الى التدخل بهذا الأمر وسبق لي ان كتبت رسالة مفتوحة للدكتور برهم صالح حول نفس الموضوع ، دون ان المس اي اجراء من قبل حكومة اقليم كوردستان ، ولا شك انه في مكتب الدكتور برهم صالح ثمة من يتابع ما يكتب في الأعلام والصحف المرئية والمسموعة والمكتوبة ، وأرجو ان اكون مخطئاً بظنوني ان رسالتي تلك كان مصيرها سلة المهملات . ولهذا اقول وأكرر بأنه :
 مطلوب من الدكتور برهم صالح التدخل لتحصيل اموال المواطنين من مصرف الوركاء في اقليم كوردستان .
 حبيب تومي / القوش في 05 / 07 / 11







192
رابي يونادم لا يقبل بتعيين الأستاذ رعد عمانوئيل رئيساً للوقف المسيحي .. لماذا ؟
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 أشرت الى اسماء من يعنيهم الأمر في عنوان هذا المقال ، وإنني اقف على مسافة واحدة من الطرفين فقد التقيت سابقاً بالأستاذ يونادم كنا في اوسلو ، وهو امين عام الحركة الديمقراطية الآشورية وله دور كبير في تقدم هذه الحركة في الساحة السياسية العراقية . اما الأستاذ رعد عمانوئيل الشماع فلم يحصل لي الشرف بلقائه ، ولكن اعرف انه يحمل شهادة جامعية وهو من القوش ويفتخر بقوميته الكلدانية ، وعمل اربع سنوات مديراً عاماً في رئاسة ديوان إلوقف المسيحي والديانات الأخرى وانا اعتبره شخصية تكنوقراطية ، وحين اطلاعي على مقال الزميل الكاتب سيزار ميخا هرمز وهو كاتب كلداني عضو في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، فقد علمت من  مقاله الموسوم : ( لتخرج رئاسة ديوان الوقف المسيحي والديانات الأخرى) من معادلة ( زوعا - مجلس شعبي  (بأن الأستاذ رعد عمانوئيل كان مرشحاً في قائمة المجلس الشعبي في الأنتخابات الأخيرة للكوتا المسيحية ، والتي حصد نتائجها كما هو معروف المجلس الشعبي وحركة الزوعا .
وفي هذا المجال يكتب الأخ زيد ميشو مقالاً حول نفس الموضوع عنوانه : الوقف المسيحي والأديان الأخرى ... ويونادم كنا ، واقتبس منه هذه الفقرة :
(يونادم كنا يشن حرباً على بطريرك الكلدان والكنيسة الكلدانية فيؤلب المطارنة الأرثوذوكس ومطارنة الآثوريين فيجمعهم ويعدهم بمعسول الكلام بأنه سيغمرهم بكل الطيبات إذا ما رفعوا كتاباً إلى دولة رئيس الوزراء يقولون فيه بأن غبطة الكاردينال بطريرك الكنيسة الكثوليكية الكلدانية ليس رأساً لرؤساء الكنائس في العراق ... ) .
من اجل الوقوف على اسباب الأجحاف الذي يطال شعبنا الكلداني بما فيها كنيسته الكاثوليكية في العراق ، ينبغي العودة الى الحالة التي تبلورت بعد  تعيين السفير الأمركي بول بريمر حاكم مدني  للعراق ، الذي كان له دوره القذر في تهميش دور الكلدان في العملية السياسية العراقية ، وإبدالهم بالمكون الآشوري ، وبالذات حزب الزوعا ، الذي استفرد بالساحة السياسية لشعبنا وحجز هذا الحزب مكاناً له قريباً من دائرة صنع القرار في العراق .
 دأبت الحركة الديمقراطية الآشورية على تعيين بعض ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين في مناصب رفيعة بما فيها مناصب وزارية وسفراء ومدراء عامين .. الخ ، لكن هذا الأستفراد بالساحة طرأ عليه تبدل حاسم حينما تشكل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري في اقليم كوردستان وبتعضيد من الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، حيث ان هذا الحزب خرج الى الساحة السياسية وهو يتسلح بفضائية تعمل لتمرير اجندته مع إمكانيات مادية كبيرة ، واصبح له شأن كبير لا سيما في اقليم كوردستان بل وصل تأثيره الى اميركا وأوروبا وأسترالياً وبات نداَ منافساً للزوعا .
الحزبان { الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري } ، يتصارعان من اجل المصالح الحزبية لكنهما متشابهان ومتفقان في الأجندة والأستراتيجية العامة ويعملان تحت مظلة المسيحية ومتأثران بشكل كبير بالنزعة المذهبية بجهة الميل الى الكنيسة النسطورية التي اتخذت في العقود الأخيرة اسم كنيسة المشرق الآشورية ، والمسالة لحد الآن تندرج في المسار الأعتيادي والمألوف ، ولا غبار ولا اعتراض على ذلك ، لكن الأعتراض يبدأ حينما يتفق الحزبان على محاربة القومية الكلدانية وتقزيمها الى مذهب كنسي .
إن المشهد بات واضحاً وهو هيمنة الحركة على الوظائف ومسائل التعيين والمكاسب الوظيفية بشكل عام وهي الوظائف المخصصة للمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين والتي تأخذ عادة القالب الديني { الكوتا المسيحية } ، اما المجلس الشعبي فقد هيمن على الموارد المالية المخصصة للمكون المسيحي من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن في اقليم كوردستان ، وأخذ يغدق بسخاء بدون حساب لمن يشاء ، ويمنعها عمن يشاء .
لكن من حق القارئ ان يسأل ويقول : اين وجه الأتفاق بين الحزبين ؟ وأجيب بأن ذلك متجسد في ان ابواب التوظيف والحصول على المناصب الرفيعة تمنحها الحركة الديمقراطية الآشورية لأي آشوري او كلداني ، لكن ينبغي على الأخير { الكلداني } ان يبخس ويستهجن القومية الكلدانية ، لكي يحظى بنعمة الحركة الآشورية { الزوعا} والآمثلة كثيرة امامنا ولا حاجة لأدراجها .
اما الصورة الأخرى للاتفاق بين الحزبين فيتلعق بالمجلس الشعبي إذ يندرج في منح { الفلوس } لأي تنظيم آشوري او كلداني او سرياني ، لكن ينبغي على الأخيرين لا سيما التنظيم الكلداني ، ان يتنكر للقومية الكلدانية ، ويرضى بما يمليه عليه المجلس الشعبي في مسالة التسمية القطارية والغريبة العجيبة ، التي هي من اختراع الأحزاب الآشورية  خصيصاً للكلدان ، وهي تشكل الشرط الأساسي لولوج حضيرة المجلس ولتشمله النعم النازلة من السماء ، من هنا نقترب من رباط الفرس الذي كتبنا هذا المقال من اجله .
المجلس الشعبي تعدى حدوده ،وتجاوز على حقوق الحركة الديمقراطية الآشورية ، في مسالة التعيينات الوظيفية ، ولهذا شمر الأستاذ يونادم كنا عن ساعديه ، وحشد المكونات الأخرى على مستوى الأساقفة  وعلى مستوى السادة النواب للأيزيدية والأرمن والمندائيين ، واستطاع جمع 11 توقيع ، ثم انسحب اثنان ، وهو بصدد كيل الصاع صاعين للمجلس الشعبي الذي تعدى حدوده ، وهو يسعى الى إبطال مفعول امر التعيين الذي صدر من مجلس الوزراء بتعيين الاستاذ رعد عمانوئيل الشماع .
إن تناكب الأستاذ يونادم كنا واستماته في سبيل وضع حد لتعيين الاستاذ رعد عمانوئيل يعود الى امرين .
الأول  كون الأستاذ رعد عمانوئيل من القومية الكلدانية ، ويفتخر بانتمائه الكلداني ويحترم كنيسته الكاثوليكية ومؤسستها .
 الثاني ان كان الأستاذ رعد عمانوئيل مرشحاً عن قائمة المجلس الشعبي ، فهو محسوب على ملاك المجلس الشعبي وكما قلنا ان مهمات المجلس مالية فحسب فاية وظيفة رفيعة المستوى ينبغي ان تمر بفلتر الحركة الديمقراطية الآشورية وليس خارجه .
والتساؤل هنا يفرض نفسه : اين تجمع احزابنا من الكلدان والسريان والآشوريين ؟ ألا ينبغي على هؤلاء السادة ان يسألوا السيد يونادم كنا سؤال :
ما هو الفرق بين الأستاذ رعد عمانوئيل وآخر يكون من صفوف الحركة او من اقارب الأستاذ يونادم ؟ اليسوا جميعاً من شعب واحد كما تزعمون ؟ ام ان هنالك طبقة الأسياد وطبقة العبيد التي يمثل دورها اليوم الشعب الكلداني المغلوب على أمره .
 ثم اين دور الكنيسة الكلدانية ؟ ألا ينبغي على هذه الكنيسة ان تدافع عن احد ابناء شعبها الكلداني ؟
ام انها ترى في الدفاع عن حقوق الشعب الكلداني وابنائه بأنه تدخل في السياسة ؟
بقي ان اسأل : ما هو موقف الكتلة الكوردستانية في البرلمان ، فكما هو معروف فإن نواب المجلس الشعبي في البرلمان هم من المؤيدين على طول الخط للقائمة الكوردستانية ، فهل ستقف هذه القائمة مع المجلس الشعبي في هذه القضية بغية إفشال مسعى الحركة الديمقراطية الآشورية في فرض سيطرتها على كل صغيرة وكبيرة من مقدرات شعبنا الكلداني ، ام ستخضع لمشيئة الزوعا تلافياً لأية ازعاجات سياسية ؟
إن حيثيات الخبر تفيد بأن النائب علي العلاق رئيس لجنة الاوقاف والشؤون الدينية في مجلس النواب يقول في تصريح له  ان "اللجنة ليس لديها موقف خاص من السيد رعد ولم يطرح عليها رسميا ملفات معينة تجاهه" وان ما حصل هو "تقديم عدد من نواب المجلس ممثلي المكونات الدينية المختلفة، طلبا رسميا الى الى رئيس الوزراء برفض تعيين السيد رعد لهذا المنصب"، مؤكدا ان الطلب وقعه 11 نائبا مسيحيا وصابئيا وايزيديا (سحب اثنان منهم توقيعهم بعد يومين (
وطبيعي ان إثارة هؤلاء النواب كانت بدعوة من السيد يونادم كنا للاسباب التي ذكرناها ، وانا اقول إن مثل هذه الحساسية المفرطة اتجاه كل ما اسمه كلداني سوف لا يخدم قضيتنا ولا ينهي معاناة شعبنا ، فعلينا بتصفية القلوب والنوايا والعمل باتجاه التعاون والوحدة الحقيقية بين مكونات شعبنا وليس بسياسة كسر العظام ولوي الأعناق كالتي يسلكها الحزب الآشوري المهيمن على مقدرات شعبنا الكلداني في هذا الزمن الردئ .  
حبيب تومي / القوش في 01 / 07 / 11
  

193
إقامة سنغافورة كلدانية في سهل نينوى احلام وردية وجدل بيزنطي
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 يشكل الكلدان الأغلبية بالنسبة لمسيحيي العراق والذين من بينهم السريان والآشوريين والأرمن ، وهذه النسبة يمكن ايجادها او بشكل مقارب لها ، في سهل نينوى الذي يراد به المساحة التي تغطي القرى والمدن التي تمتد من تلكيف جنوباً الى القوش شمالاً ، اما بالنسبة لأقحام اسم سنغافورة في عنوان المقال فيأتي على خلفية كون سنغافورة هو اسم بلد آسيوي صغير في المساحة وفقير في الواردات ، إلا ان قيادته السياسية المحنكة والمخلصة لشعبها تمكن هذا البلد من الأقلاع من مستنقع الفقر والتخلف والجهل ، ليجد له موطئ قدم والأستقرار في مصاف الدول المتقدمة فغدا من النمور الأقتصادية في شرق آسيا وبات مضرب الأمثال ومثلاً يحتذى به لكل شعب يريد ان يواكب عجلة التقدم والرقي .
 هكذا اتخيل انا شخصياً ، إذا، أتيحت لنا الفرصة نحن الكلدانيون وبقية مسيحيي العراق مع المكونات الأخرى { الأيزيدية ، الشبك } من الجيران في منطقة سهل نينوى ، ففي هذه المنطقة الأفتراضية { المتخيلة } المحدودة في سهل نينوى ، ان يعترف الجيران الكبار من العرب والأكراد بوجود هكذا منطقة ، وان يصل مقدار أدارتها الذاتية الى مستوى مقارب لأقليم كوردستان من وجود إدارة شبه مستقلة وميزانية وبرلمان وعلم .. مع توفر مستوى جيد من الأمن والأستقرار ، فحسب تقديري ستكون تلك المنطقة بمرور السنون بمستوى تقدم سنغافورة او قريباً منها في مجال الأقتصاد والعمران والتعليم ، فمن المعروف ان الوضع المستقر يعتبر قطب جاذب لرؤوس الأموال والأستثمارات ، وان الكلدان وغيرهم من المسيحيين المهاجرين الى اميركا او اوروبا منذ عدة عقود يملكون اليوم مقدار كبير من الخبرة والثروات وهم مستعدون لاستثمار اموالهم على ارض آبائهم وأجداداهم في سهل نينوى وغيرها من الأماكن في الوطن العراقي .
 لقد علمت من احد اصدقائي الألاقشة وهو من المغتربين في اميركا وهو من القلائل من ميسوري الحال الذين تبسمت لهم الحياة ويملكون باعاً طويلاً في  دنيا المقاولات والأستثمارات ، بأنه اراد إقامة مشروع استثماري في بلدته العزيزة القوش ، لكن الأوضاع المتردية بعد سقوط النظام والتي نجم عنها نزيف الهجرة واسباب اخرى قد حالت دون تنفيذ المشروع .
إن وجود منطقة حكم ذاتي لهذا الشعب المظلوم سيشعر بالحرية وبالكرامة ويضع حداً للزمن الطويل من العبودية التي تمثلت في معاملة شعبنا بأحكام اهل الذمة والتي تحمل في طياتها النظرة الدونية لأهل الكتاب من المسيحيين واليهود .
نبقى في الأمنيات الوردية في تأسيس سنغافورة كلدانية في سهل نينوى ، ونقول ان إقامة مثل ذلك الكيان سوف يكون له مردود ايجابي على معادلة نزيف الهجرة الذي ينخر بجسد وجودنا في وطننا ، فتنقلب الآية للشروع في الهجرة المعاكسة من دول المهجر الى الوطن ، وبرهاني على ذلك هو ما نجده اليوم امامنا في مثال الشعب الكوردي ، حيث اجد امامي ، وعلى سبيل المثال في النرويج نصادف اكراداً يبيعون محلاتهم وممتلكاتهم في هذا البلد ويعودون الى كوردستان ، والسبب انهم يفضلون العيش في وطنهم بعد ان زالت اسباب الهجرة التي اجبرتهم على ترك بلدهم ، واصبحوا اليوم اسياداً في بلدهم ، هكذا نحن الشعب الكلداني وبقية مسيحيي العراق إن كنا اسياداً في ارضنا وندير انفسنا بأنفسنا ، ونحتل مكانة المواطنة من الدرجة الأولى ، وليس العاشرة ، في وطننا او على الأقل في منطقة محدودة ، فحتماً ستكون هنالك هجرة معاكسة من المهجر الى الوطن ، وكما يحدث للاكراد اليوم .
لكن .. ومرة اخرى ولكن ..
هل المسالة هي بهذه الصورة المخملية الوردية ؟ اجل بكل صراحة أعبر عن سروري لقيام كيان سياسي لشعبنا وان يتمتع هذا الكيان باستقلال ذاتي او بدرجة متقدمة من الحكم الذاتي او الأدارة الذاتية او حتى إذا قيست  بمساحة جغرافية يتعايش عليها مع مكونات اخرى في المنطقة كالأيزيدية والشبك وغيرهم ، فنحن مع إقامة كيان يكون له استقلالية محددة ويستلم ميزانيته من الدولة العراقية ويكون له علمه ورموزه ، فهذا الكيان سيمثل بحق تاريخ بلاد مابين النهرين بإصالته وبرجوعه الى تاريخه المجيد في عهد الأمبارطوريات السومرية والبابلية والآشورية والكلدانية التي بعدها افلت الدولة العراقية الأصيلة ليبدأ بعدها الحكم السلوقي والأخميني والساساني والعربي الأسلامي والمغولي والفارسي والعثماني والملكي الى عهد عبد الكريم قاسم عام 1958 الذي يعتبر بحق انه حكم عراقي اصيل ، إذ كان يقدس الهوية العراقية والانتماء العراقي .
بيما الحكام العروبيون من بعده كانوا يجعلون من العراق ضيعة عربية ، وإن المواطن العربي في الدولة العراقية كان يعتبر المواطن من الدرجة الأولى بينما المواطن العراقي في بلده العراق هو مواطن من الدرجة الثانية ، هذه هي عقدة العراق ، منذ افول نجم الدولة الكلدانية العراقية الأصيلة في عام 539 قبل الميلاد الى اليوم .
اجل بعد عام 2003 استيقظنا على واقع مرير ، حيث عصف الدهر بتلك المكونات وألفينا انفسنا ونحن في واقع مؤلم ، فهذا المكون من الكلدان وبقية مسيحيي العراق عكفنا على مغادرة الوطن مرغمين بعد ان اشتدت عوائد الدهر ولم يعد امامنا سوى الهجرة الى ما وراء البحار لنجد لنا موطناً يحترم ادميتنا وكرامتنا ونحمل في جيوبنا هوية إنسان يتمتع بحقوق مواطنة من الدرجة الأولى وليس خلافها .
في سهل نينوى وبقية المناطق المتنازع عليها ، ومنهم من يقول هذه كوردستان وآخرين يقولون هذه عربستان وآخرين يقولون هذه آشورستان .. ونحن نقول نحن الكلدان نعيش على ارضنا في الواقع وهذه مدننا الكلدانية القوش وتلكيف وتللسقف وباطنايا وياقوفا ، ونحن سكان هذه المنطقة يجري سلب حقوقنا في رابعة النهار دون ان يسمع احد صراخنا . ونحن مع ذلك نعمل مع الجميع ونمد يدنا للجميع .
الأحزاب السياسية لشعبنا ترمي بشعاراتها في الحكم الذاتي او في الأدارة الذاتية ، وكتابنا من كلدان وسريان وآشوريين ، يحللون ويناقشون مسالة الحكم الذاتي او المحافظة المسيحية كما اطلق عليها ـ تمشياً مع ما اطلقه الأستاذ مام جلال حول محافظة مسيحية { لأخواننا المسيحيين } ـ اجل غرقنا في زورق الأحلام الوردية ، وركبنا موجة المناقشات الماراثونية والجدال البيزنطي حول انوثة او ذكورة الملائكة ، ولم نرغب في الأستيقاظ من الحلم ، فلا زلنا نتشبث بسراب لا يغني عن العطش ، بل أنا شخصياً استمرأت الحلم وبدات اشبه تلك المنطقة بسنغافورة كلدانية  ذات اقتصاد متين ، لكن يا ترى أين ذلك الحلم من الواقع المرير ؟
من الذي يمنحنا الحكم الذاتي ؟
من الذي يعترف لنا بالأدارة الذاتية الحقيقية وليس الصورية ؟
 بل من يقبل ان يمنحنا الدرجة الأولى للمواطنة العراقية ؟
 وجوابي على ذلك ان كل ذلك ممكن ، إن كنا يد واحدة وقلب واحد ، فما يعرف بأن الحقوق تؤخذ ولا تعطى ، فإن اردنا الحقوق علينا بالوحدة في صفوفنا ، والوحدة ليست على طريقة الأحزاب الآشورية المهيمنة وهي طريقة ابتلاع الشعب الكلداني ومحو تاريخه من الوجود ، أنما وحدة شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين هي بالأحترام المتبادل واحترام الخصوصيات والأسماء والهويات المختلفة لشعبنا ، اي تسود الندية والتكافؤ بيننا ، وهذا مشكوك في حدوثة من قبل الأحزاب الآشورية مع الأسف لانها ببساطة أحزاب قومية متزمتة ، تعرف الهيمة والأحتواء ولا تدرك معنى التعاون والشراكة الأخوية ، ولهذا سنبقى مفرقين على ارض الواقع  .
وأخيراً اقول : ان سهل نينوى الذي تقطنه اكثرية كلدانية يمكن ان يكون واحة خضراء ومنطقة تعايش لكل المكونات في هذه المنطقة من عرب وأكراد وأيزيدية وشبك وأشوريين وسريان وتركمان وأرمن ، وأخيراً الكلدانيين ، اجل يمكن ان تكون منطقة تعايش وتسامح إن جرى مراعاة حقوق الجميع بشكل متكافي ومنصف وفي مقدمتهم حقوق شعبنا الكلداني .
حبيب تومي / القوش في 26 / 06 / 11

194
اين يقف الأستاذ نيجرفان البارزاني من العملية السياسية في كوردستان ؟
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
قطار العمر كان قد ادرك محطة الشباب حينما توجهت مع بعض زملائي من القوش الى بارزان ومنها الى مدينة رانيا ، سيراً على الأقدام ، في صيف عام 1964 ، آملين ان تساعدنا الثورة الكردية المتمثلة بقائدها المرحوم ملا مصطفى البارزاني في مواصلة الدراسة حيث ان المعارك كانت متوقفة والمفاوضات جارية ، وحينها قال لنا ملا مصطفى البارزاني :
بودي ان ارسلكم الى الخارج للدراسة كما اريد ان ارسل ولديّ ادريس ( مواليد 1944 ) ومسعود  ( مواليد 1946 ) لكن تكهناتنا هي ان السلام الهش سوف لن يستمر ، وهكذا كانت بوصلة الأحداث متجهة صوب استئناف العمليات العسكرية في المنطقة ، ومعها توقفت عجلة البناء والتقدم والتعليم لتكون فوهة البندقية سيدة الموقف مع انكفاء القلم ومجالات الدراسة .
 سوف نشهد رحيل ادريس البارزاني عام 1987 الى الحياة الأبدية ، وسنلقى نجله نيجرفان البارزاني ( مواليد 1966 ) وهو يولج عالم السياسية من اوسع ابوابها ، وفي عام 1999 سوف ينهض الأستاذ نيجرفان البارزاني بعلمية رأب الصدع وترميم البيت الكوردي الذي شهد تمزقاً ومعارك داخلية شرسة في اواسط التسعينات ، وبطموح الشباب وعفويتهم يسعى الى حلحلة معضلات كبيرة . وقضايا شائكة ويفلح في وضع اسس رصينة لإذابة جبال الثلوج من الشكوك وانعدام الثقة ، ومن اجل صهر القطبين المتنازعين في بودقة الوحدة القومية للشعب الواحد الذي فرقته السياسة والمصالح .
الأستاذ نيجرفان البارزاني يمكن تأصيل خبرته الحياتية والسياسية الى زمن (الدولة) الكوردية  وليس الى زمن الثورة الكوردية ، اي انه ابن الدولة وليس ابن الثورة ،  ورغم انخراطه المبكر في العمل الحزبي في صفوف الحزب الديمقراطي الكوردستاني الا انه شبّ وأقليم كوردستان يتمتع بمنطقة آمنة ذات حكم ذاتي تحميه القوات الدولية بموجب قرارات هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وذلك اعتباراً من اوائل عام 1991 م .
كثيرة هي الملفات الشائكة التي تصدى لها السيد نيجرفان البارزاني ، كمشاريع الأعمار والعلاقة مع الحكومة المركزية ، ولكن دمج الأدارتين في السليمانية وأربيل كان يأتي في مقدمة تلك المهام ومن اجل ذلك كان ينبغي العمل الدؤوب لرأب الصدع الناشئ عن الأقتتال الداخلي والعمل على إعادة الثقة بين الطرفين بغية خلق ارضية صالحة لزرع المشتركات في الطريق نحو صهر الأدارتين في بودقة اقليم كوردستان الواحد غير المقسم .
ولا شك ان الأمر يتطلب جهوداً كبيرة ومرونة ونفساً طويلاً  من العمل السياسي والثقافي والتضامن المجتمعي من اجل اعادة الثقة بين الأوصال المتحاربة ، لحد الساعة ثمة تساؤلات تطرح بصيغة وجود حكومتان في اقليم كوردستان واحدة في السليمانية والثانية في اربيل ودهوك ، وعن هذا التساؤل يجيب الأستاذ نيجرفان البارزاني لجريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 12 من حزيران الجاري وبصراحته المعهودة فيقول :
(الأوضاع ليست بالشكل الذي تحدثتم عنه، ولو تسألني عما إذا كانت كل آثار وعقبات الإدارتين قد أزيلت فسوف أقول لكم إن هذا أيضا غير صحيح، ما زالت هناك خطوات يجب اتخاذها لتوحيد كل شيء، حتى لو كانت تتعلق بمسائل صغيرة جدا، ولي أن أذكر لكم مثلين: الأول حول قوات البيشمركة التي نعمل على توحيدها تماما، ولم ننجز هذا العمل بعدُ، والثاني يتعلق بقانون الآسايش (الأمن الداخلي) الذي وقع عليه رئيس الإقليم مؤخرا، والعملية بدأت في توحيد هذه القوات، هدفنا هو أنه يجب أن تكون هناك خطوات مهمة وثابتة من أجل أن يكون هناك توحيد قوي ودائم ننهي هذا الموضوع ونوحد الإدارات كلها، وقد اتخذنا خطوات عملية، والعملية هذه قد بدأت وسوف نستمر حتى ننهي هذا الموضوع) .
في شأن التحول الديمقراطي اثبت السيد نيجرفان البارزاني بأنه شخصية سياسية يلتزم بقواعد اللعبة وحينما انتهت مدة تكليفه برئاسة الحكومة جرى تسليم المهمات بشكل ديمقراطي سلس ، وفي وقتها هنأ خلفه الدكتور برهم صالح بقوة وحميمية، ويقول: «نحن على يقين من أننا سلمنا المسؤولية لأيدٍ أمينة».
إن نقل السلطة بهذه الطريقة السلمية هو من المقومات المطلوبة في العملية الديمقراطية في اقليم كوردستان ، وإن التداول السلمي للسلطة يعتبر سابقة في التاريخ العراقي السياسي عموماً .
وفي نفس السياق فإن العملية الديمقراطية في اقليم كوردستان تكتسب مصداقية اكثر حينما تبدو واضحة المعالم منظومة المعارضة السياسية الفعالة اعتباراً من اشتراكها في الأنتخابات وإحرازها على عدد مهم من المقاعد في البرلمان ، وقيامها بتشخيص مكامن الخلل في سيرورة العملية السياسية للحكومة الكوردية في الأقليم ، وبهذا الصدد يقول نيجرفان البارزاني : ان المعارضة الكردية مرحب بها في أن تكون بالحكومة أو أن تبقى خارجها .
لكن برأيي ان المعارضة ينبغي ان تكون خارج الحكومة وهذا الموقع يكسبها ديناميكية  وفعالية اكثر ، وأمامنا حالة الحكومة العراقية في بغداد والتي اثبتت الأحداث الى اليوم بأنها عاجزة عن تحقيق أي مكاسب جذرية للشعب ، باعتبارها اسيرة احكام التوافق والتراضي بين الفرقاء ، وكل فريق يسعى لتحقيق المكاسب الشخصية والحزبية ، بالمساومة مع الفريق الأخر ، ولا يوجد بينهم من يفكر بمصلحة الشعب او يشخص معالم الفساد والرشاوي والسرقات والتزوير ، فهنالك صفقات بين الأطراف وهي جميعها على حساب الشعب العراقي المسكين ، فلو كان هنالك معارضة شريفة تفكر بمصلحة الشعب قبل مصلحتها لكانت العملية الديمقراطية في العراق على اكمل وجه . لكن العملية السياسية العراقية مشلولة لأنها مبنية على ترضية الفرقاء ، وعلى المقولة الشعبية ( شيلني وأشيلك ) .
إن المعارضة الكوردية قد قادت المظاهرات ونبشت ملفات الفساد ، وجلست مع الحكومة حول طاولة المفاوضات ، واتفق الطرفان على محاربة الفساد يعتبر من الأمراض المزمنة في دول العالم الثالث ، والرئيس مسعود البارزاني قد اولى اهمية كبيرة لهذا الأمر ، وكان قد وضع امام القيادة في الأقليم ضرورة استئصال الفساد ، وهو يرى ان الطريق الأمثل في مكافحة الفساد هو تطبيق القانون ، ويقول جازماً :
 لا احد فوق القانون ، ولا يوجد من المتجاوزين من يكون محصناً ضد اجراءات التحقيق .
ونعود الى عنوان المقال حيث حيث نجد الأستاذ نيجرفان البارزاني ، في الراهن ، يتحمل مسؤوليات قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني كنائب لرئيس الحزب الرئيس مسعود البارزاني ، اي انه يعمل بقوة الشباب في صفوف الحزب وهو يقدر ويحترم الحرس القديم او ( المحاربين القدماء ) ويستفيد من خبراتهم وتجاربهم ، وهو يرى في الحزب الديمقراطي الكوردستاني ان يكون معيناً وسنداً للحكومة في القيام بمهامها .
برأيي الشخصي المتواضع فإن الفترة التي كان الأستاذ نيجرفان البارزاني يرأس الوزارة ، كان الجانب العلماني في النسيج المجتمعي الكوردستاني اكثر وضوحاً واليوم كما يظهر في الأفق ، فإن تيار الأسلام السياسي يشق طريقه في المجتمع الكوردستاني ، ولا شك ان هذه الظاهرة قادمة مع رياح التغيير التي تقع في منطقة الشرق الأوسط وفي الدول العربية بالذات ( مصر سورية تونس ليبيا يمن ) حيث يستثمر التيار الإسلامي لقطف ثمار ثورات الشباب في هذه الدول ، ونحن نتمنى لأقليم كوردستان ان تستمر تجربته الديمقراطية على اسس من العلمانية والليبرالية التي تحترم كل المكونات الدينية والمذهبية والأثنية .
بقي ان اشير الى ان مرحلة الأستاذ نيجرفان البارزاني كانت قد شهدت تهميش تعسفي للقومية الكلدانية في مسودة دستور اقليم كوردستان حيث جرى شطب التسمية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردساتي لكي يصار الى تثبيت تسمية سياسية مشوهة وهي من صنع الأحزاب الآشورية في المنطقة . ونتمنى ان تعاد التسمية الكلدانية الى ما كانت عليه قبل ذلك الأجراء المجحف بحق الشعب الكلداني وكما هو في دستور العراق الفيدرالي . ويدفعني الى التفاؤل تصريح الأستاذ نيجرفان البارزاني الى جريدة الشرق الأوسط اللندنية في قوله :
( ..وهناك فرص كثيرة متوافرة للجميع بأن يعيشوا برفاه وخير، الشيعة والسنة من العرب والأكراد والتركمان، ومن المسيحيين من الكلدان والآشوريين والسريان والإيزيديين والصابئة .. ) . فالمسالة واضحة وإن التلاعب في هذه الأسماء من قبل بعض احزاب شعبنا المسيحي يعتبر استخفافاً للتاريخ واستهتاراً بالمشاعر القومية للشعب الكلداني .
ونقطة اخيرة اضعها اما الأستاذ نيجرفان البارزاني والدكتور الأستاذ برهم صالح ، حيث قام المصرف المعروف باسم مصرف الوركاء ، بفتح فروع له في اقليم كوردستان ، وبعد ذلك عكف هذا المصرف على الأيقاع بالمواطنين في هذا الأقليم ، حيث استلم الودائع  من الأموال من المواطنين ، وأنا واحد منهم ، وبعد ان اردنا استرجاع تلك لمبالغ تبين ان المصرف لا يريد إعادتها ، هنالك تفسير واحد للعملية وهي الاحتيال على المواطن واستغلال الشرعية التي اولتها له حكومة الأقليم بفتح فروع له في مدن الأقليم ، إني ادعو حكومة الأقليم وقيادته الى التدخل وضمان حقوق واموال المواطن الكوردستاني ، وأدعو الى صرفها من قبل حكومة الأقليم وبعد ذلك تقوم الحكومة بتحصيلها من هذا المصرف الذي استغل رخصة عمله في الأقليم . إننا نتطلع الى اقليم كوردستان ليغدو واحة خضراء تزدهر بأطياف نسيجها المجتمعي المتعايش بين مكوناته الدينية والعرقية والمذهبية والسياسية .
حبيب تومي / القوش في 21 / 06 / 11

195
حقوق الشعب الكلداني ليست ورقة للمساومة او سلعة للمتاجرة
 بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habbtomi@yahoo.no
كتب الزميل سعد عليبك قبل ايام مقالاً تحت عنوان التنظيمات السياسية الكلدانية الى اين ؟ وشخص بعض المعوقات واقترح بعض الحلول ، وقبله كتب الزملاء وديع زورا والدكتور عبد الله رابي وسيزار هرمز ونزار ملاخا والشماس كوركيس مردو وقرداغ كندلان وناصر عجمايا وبطرس آدم ، وعامر فتوحي ، ومنصور توما ياقو ويوحنا بيداويد ومؤيد هيلو ولؤي فرنسيس ونوزاد حكيم وفاروق يوسف وصباح دمان وغيرهم كثيرين من اعضاء الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان .
وهنالك شريحة مهمة ايضاً من الكتاب من خارج الأتحاد يتحفون المواقع بآرائهم السديدة في معالجة وضع الشعب الكلداني  وكمثال غير حصري الزملاء نافع الياس توسا والأستاذ الدكتور دنحا طوبيا كوركيس ، ومايكل سيبي والدكتور سمير خوراني وزيد ميشو وباسم دخوكا وماجد هوزايا وعصام شابا الكلداني ومرقس اسكندر والقائمة تطول ايضاً .
 اجل ان هؤلاء الزملاء وغيرهم من الكتاب الذين يفتخرون بقوميتهم الكلدانيـــة ، إن كانوا من الأتحاد او من خارجه ، ومقدماً اعتذر لمن لم تحضرني اسماءهم ، فجميعهم يتناولون قضية الشعب الكلداني ويشخصون مكامن الخلل ، وطرق معالجتها بأسلوب نقدي بناء . والكل يتفق حول محور مفاده ان الشعب الكلداني قد هضمت حقوقه القومية والسياسية بعد سقوط النظام في نيسان 2003 ، وهو الشعب الوحيد الذي انتهكت حقوقه بهذه الدرجة من التعسف والظلم .
العجيب الغريب ان يجري التعامل مع مكون عراقي اصيل بهذا القدر من الأجحاف والأهمال والتهميش ، إن هذه الحالة التي تتناقض مع ابسط لوائح حقوق الأنسان ، وحقوق الأقليات ، إضافة الى حقوق الشعوب الأصيلة ، ويعامل هذا الشعب وكأنه هو الذي صلب المسيح وعليه ينبغي اليوم معاقبته ، بل حتى اليهود الذين صلبوا المسيح فقد أقرت براءة الشعب اليهودي في الوقت الراهن من دمه ، باعتبار ان هذا الجيل لا يتحمل جريرة ما ارتكبه اجدادهم . لكن شعبنا الكلداني يبقى المكون الوحيد الذي طاله العنف الدموي والعمل الأرهابي والتشريد القسري ، وفي الشأن السياسي والقومي يجري تهميشه قومياً وسياسياً ، تحت طائلة اننا شعب مسيحي واحد وما دمنا شعب مسيحي واحد نحن الكلدان والسريان والآشوريين فليكن الموت للكلدانية ولتكن الحياة للاشورية .
بهذه العقلية المتزمتة يحاول سدنة الوحدة بتقزيم معناها الحقيقي الى ما تريده الأحزاب السياسية في دمج الأسماء التاريخية بصيغة تعسفية ، واختراع خلطة عجيبة لا تمت الى واقع وحقيقة اثنوغرافية الشعوب بأية صلة  . يحدث التعامل مع شعبنا وفق هذه المعادلة العرجاء التي يجري تمريرها على القيادة الكوردية وعلى الحكومة العراقية ، وكأننا خلقنا لنكون تحت وصاية الأحزاب الآشورية المتزمتة قومياً ومذهبياً .
إن قوميتنا الكلدانية يجري ذبحها على مذبح (وحدة شعبنا ) التي باتت موجة يركبها كل من يريد تمرير اجندته الحزبية ، وأصبحت هذه الوحدة المزعومة عبارة عن موعظة يومية جوفاء خالية من المعنى ، إنها حجة لمن لا حجة له وكلاماً إنشائياً لمن لا كلام له ، اصبح ترديدها مقرف وممل بدون معنى .
 نحن نفهم الوحدة بين فرقاء بأنها شراكة شريفة لا سيما بين الفرقاء الذين يدعون انهم شعب واحد ، كيف نفسر ما تقوم به فضائتي آشور وعشتار من جهود مضنية مع صرف ملايين الدولارات بهدف دفن القومية الكلدانية وإعلاء شأن القومية الآشورية ؟
 في حين ان هاتين الفضائيتين تعملان باسم المكون المسيحي الذي يتكون من كلدان وسريان وآشور .
كيف نفسر سلوك المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري في تشديد الخناق وفرض حصار اقتصادي وأعلامي على كل حزب كلداني يعتز بقوميته الكلدانية ولا يفك هذا الحصار إلا بعد رفع الحزب الكلداني العلم الأبيض ، علامة الأستسلام والخضوع ، حينها بعد الركوع لاجندة المجلس الشعبي تنهال النعم من السماء فتزدهر المقرات الواسعة المزودة بالآثاث الوثير الفاخر .
إن المسألة هنا مرتبطة بشكل كبير بلوائح حقوق الأنسان ، ولا تمت بصلة لخطورة الوضع على مصير شعبنا فالتعامل الأنساني مع شعبنا الكلداني ومنح حقوقه القومية في الوطن العراقي وفي اقليم كوردسان لا يشكل اي خطورة على وحدة شعبنا وعلى صيرورة الفضاء والكون  وستبقى الأرض كروية تدور في فلكها حول الشمس فليس هنالك كارثة على وحدة شعبنا المزعومة ، فالوحدة هي مطية لألغاء حقوق الشعب الكلداني التاريخية بحرمانه من حقه القومي في الكوتا المخصصة للمكونات العراقية الأثنية والدينية .
 يقول امين معلوف في : هويتي .. من أكون ؟
إن الحقيقة المؤكدة ان ما يحدد انتماء الفرد الى جماعة معينة هو في الأساس تأثير الآخرين عليه ، اي تأثير القريبين من اهله ومواطنيه وأبناء دينه فيسعون لامتلاكه وتأثير من هم في واجهته لأنهم يحاولون إلغاءه .
المبدأ المقبول من الجميع هو الأحترام المتبادل ، وهذا المبدأ يفند كل الأفكار الأديولوجية التي تدعي التفوق والغلو في في الأدعاء بامتلاك اليقينيات ، إن الفيلسوف الصيني كونفوشيوس يتطرق الى حقوق الأنسان من زاوية أخرى ، فعنده المجتمع يتكون من مجموعات مميزة ، أي لكل منها خصوصياتها ، وهو يفضل ان يقول بأن مبدأ الحقوق يبدأ من الألتزامات المتبادلة . ولو طبق هذا المبدأ لكان كل فريق من شعبنا قد تحرك في حدوده دون التجاوز على اسيجة الآخرين .
حينما ازعم ان الشعب الكلداني دأب بعضهم على جعل حقوقه ورقة للمساومة وآخرين يحاولون جعلها بضاعة مطروحة للتجارة ، وإنهم المعنيين باستلام الثمن.
لقد شرع الأخ يونادم كنا بالمتاجرة بالقضية الكلدانية وجعل من نفسه وصياً عليها حينما طرح نفسه كممثلاً للمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين في مجلس الحكم ، وبعد هذا الطرح تبين ان الأخ كنا عمل لحزبه وقوميته الآشورية فحسب ، وأبقى حزبه في إطار الخصومات التاريخية المذهبية مع الشعب الكلداني ، مع الأسف ، فبقي اسيراً لتلك العقلية وبهذا قرر حزبه ايجاد تسمية سياسية للكلدان بدلاً من اسمهم التاريخي الكلداني ، وهو احتفظ لحزبه وفضائيته وجمعيته الخيرية بالأسم الآشورفحسب دون ان يمسه او يبدله بما يقترحه للآخرين .
 وبذلك انتزع جميع المكاسب المخصصة للمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين في الدولة العراقية ، وحينما طرحت الكوتا بإطارها الديني وجرى تهميش لأسمائنا التاريخية كان اول المصفقين لكوتا مسيحية ، التي تقع في كثير من مفاهيمها بمنطق اهل الذمة الذي عانينا بسببها وذقنا الويلات  عبر 1400 سنة .
هذا ما كان من شأن حزب الزوعا ، اما منطق المجلس الشعبي لم يكن غريباً عن هذا المنحى ، فقد دأب المجلس الشعبي الذي اتخذ بعد ذلك صيغة الحزب السياسي المنافس للاحزاب الأخرى ، حيث شرع ايضاً بالمتاجرة بورقة الكلدان كما سلك زميله حزب الحركة الديمقراطية الآشورية ، وهو ايضاً سيطر على الكوتا الكلدانية بعد تحويلها الى كوتا دينية مسيحية ، وهيمن على فضائية عشتار التي يتعين ان تكون لكل المسيحيين فأضحت فضائية آشورية بحتة وباتت تنطلق ايضاً بعقلية مذهبية تاريخية ضيقة ، من اجل دفن كل ما اسمه كلداني وتخليد كل ما اسمه آشوري ، هذه هي الحقيقة الواضحة كوضوح الشمس .
 ولكن ماذا عن احزابنا ومنظماتنا الكلدانية التي دأبت ايضاً على المتاجرة بالأسم الكلداني ؟
إن هذا الشق من المتاجرة بالقضية الكلدانية وجعلهاً سلم للآرتقاء وكسب المنافع الشخصية ، كانت من قبل كثير من القائمين على الأحزاب السياسية والنوادي والجمعيات الكلدانية التي باعت القضية الكلدانية بحفنة من الدراهم ، ولكن الذي يؤلم ان هذه الجمعيات او الأحزاب في العراق وفي اميركا تتخذ من الأسم الكلداني عنواناً لها وتتاجر بهذا الأسم لمنافع شخصية .
إن سجل تلك الجمعيات والأحزاب الكلدانية لا يقرأ فيه اي مكسب للشعب الكلداني إن كان اقتصادياً او سياسياً او قومياً بل العكس هؤلاء يحاربون كل من يعتز بقوميته الكلدانية ويجعلون منه خائناً وممزقاً للامة .
 ثمة معادلة غير سليمة بالنسبة (لمعظم ) احزابنا وجمعياتنا الكلدانية ، فما نعرفة ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني يعتز ويدافع عن القومية الكوردية ، وحزب البعث العربي الأشتراكي يستميت من اجل القومية العربية ، والحزب الوطني الآشوري يفتخر بقوميته الآشورية ، ولكن المثير للدهشة ان بعض احزابنا الكلدانية تنأى بنفسها عن القومية الكلدانية ، طيب يا اخوان لماذا لا تتركون الأسم الكلداني لمن يعتز بهذا الأسم ويدافع عنه ؟ ولهذا اقول إنكم تتاجرون بالأسم الكلداني ليس إلا !
 ومع ذلك أقول :
لو توحدت تلك الجمعيات والأحزاب والنوادي الكلدانية لو توحد خطابها وكان لها قرار شجاع بعدم الرضوخ للمجلس الشعبي او للحركة الآشورية ووضعت يدها بيد الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ومع المجلس القومي العالمي الذي انبثق من مؤتمر النهضة الكلدانية ، وعمل الجميع بيد واحدة وقلب واحد ، لأضطر هؤلاء ( المجلس الشعبي ، والحزب الوطني الآشوري والحركة الديمقراطية الآشورية ) على احترام الشعب الكلداني والأعتراف بحقوقه ، لكن تلك الأحزاب وتلك المنظمات ( الكلدانية ) عكفت على التناكف للتملق ومداهنة المجلس الشعبي والحركة بغية الحصول على منافع اغلبها شخصية ، فأصاب الضعف القضية الكلدانية برمتها سياسياً وقومياً وثقافياً وإعلامياً ، وسببه تلك الأحزاب والمنظمات ( الكلدانية ) التي تاجرت بهذا الأسم التاريخي الجميل واكتفت بتلك المنافع الشخصية . إن المنطق والضمير يحتم على هذه المنظمات تغير اسمها الكلداني الى اي اسم آخر ، وتكف عن المتاجرة بهذا الأسم التاريخي الكريم .
 حبيب تومي / عنكاوا في 15 / 06 / 11
 

196
الرئيس مسعود البارزاني والمعارضة الكوردية
 بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
اللعبة السياسية حينما تنأى بنفسها عن مظاهر الطائفية والدينية والمذهبية ، تغدو مركونة في الأطار السياسي المألوف ، وتعكف على المنافسة الحزبية المشروعة وتحت خيمة العملية الديمقراطية وليس خارجها ، وبرأيي المتواضع حينما اريد تفسير الأطار السياسي للمعادلة فيراد بها مصالح الأطراف من الموارد والسلطات ، وما دمنا في الشأن الكوردي كما يشير عنوان المقال فلا زال عالقاً في الأذهان الأقتتال الكوردي ـ الكوردي في اواسط التسعينات من القرن الماضي ، ولا شك ان الأطراف قد اتعظت من دروس الأقتتال الداخلي الذي لم ينجم عنه سوى تعميق هوة الخلافات بين الأطراف التي يفترض انها تنتمي الى شعب واحد . فمصالح الأطراف المتنازعة وقتذاك قد عصفت بكل الشعارات القومية المرفوعة .
في المشهد السياسي لأقليم كوردستان ، يبدو للمراقب ، ان المعارضة في موقعها الطبيعي من العملية السياسية ، فلا يغلب على مفهوم السلطة والمعارضة طابع المصالح القبلية كما هي الحالة في اليمن مثلاً أو في ليبيا ايضاً ، كما لا يسيطر عليها مشهد الطائفية كما هي الحال في ارجاء العراق ، فالشئ الغريب والعجيب الذي يحصل في العراق الفيدرالي ، ان الحكومة المنتخبة تتصرف وكأنها محصنة ضد المحاسبة والمسائلة تحت فرضية ان الأنتخابات الديمقراطية افرزت الحكومة والبرلمان .
إن هذه الصفة السيئة قد الصقت بالديمقراطية تعسفاً ، وهي غريبة عن روح الديمقراطية إنها ببساطة محاولة لجعلها مطية لارتكاب الجرائم وسرقة الأموال العامة وتفشي الفساد الإداري والمالي ، هذا ما يحصل في الحكومة العراقية المنتخبة ويجري انتهاك القانون واستشراء الفساد والسرقة في مفاصل الدولة ، وكل ذلك بفرضية ان الحكومة ناجمة عن العملية الديمقراطية . ويبدو وفق هذا المنطق ان الذي ننتخبه يحق له ان يسرق ويحتال ويقتل ويخرق القانون ويهّرب الأموال ؟ وقد سبق لي ان كتبت مقالاً تحت عنوان : اجل ان الشعب يمكن ان ينتخب اللصوص والفاشست .
إنها ديمقراطية عرجاء ان يسرق النائب في البرلمان او وزير ويخرج من الموقف كما تخرج الشعرة من العجين ، أجل انها ديمقراطية مشوهة حين تقبل بالسكوت عن سرقة اموال الشعب من قبل الذين انتخبهم في غفلة من الزمن ، ان الحكومة العراقية تبدو وكأنها تعمل بسياسة القطب الواحد حين انعدام اي مظهر من مظاهر المعارضة تحت قبة البرلمان او في التشكيلة الحكومية ، إنها مساومات وصفقات تعقد بين المتنفذين بعقلية توزيع المغانم بين هذه الأحزاب والشخصيات الحزبية ودون اية مراعاة لمصالح الشعب الذي انتخبهم .
بالمفهوم الديمقراطي فإن المعارضة تبقى العين الساهرة لتشخيص الأخطاء وتحديد مواقع الخلل في الأداء الحكومي من النواحي الأقتصادية والأجتماعية والسياسية .. وتسعى للانقلاب على الحكومة والى استلام السلطة منها  وذلك عن طريق كسب الرأي العام الى جانبها ، واستمالة الناخب ليمنحها صوته عبر صناديق الأقتراع ، وهي منافسة حزبية وسياسية مشروعة حينما تكون مدعومة بالعملية الديمقراطية .
 إن رياح التغيير التي عصفت بالمنطقة العربية قد وجدت صداها في اقليم كوردستان ، وركبت المعارضة الكوردية موجة التظاهر والأحتجاج ، وطرحت شعارات الأصلاح ومكافحة الفساد وطرحت ايضاً حل البرلمان والحكومة والرئاسة .
 لقد طرح الأستاذ مسعود البارزاني مبادرته في جمع الحكومة والمعارضة تحت سقف واحد ، إنه يتصرف كرئيس لأقليم كوردستان ، وهذا يعني أنه يشكل خيمة ليس للسلطة الحاكمة فحسب إنما للمعارضة ايضاً ، ويكون قد شغل حيز من الحيادية بين الحكومة والمعارضة ، فهناك مشتركات قائمة ، فالأمان والأستقرار هما من صالح كل اطراف المعادلة وبيئة وأرضية مناسبة لترسيخ البنية التحتية ولتقدم عملية البناء والتعمير والتطور ، كما ان الأصلاح ومكافحة الفساد والقضاء على المحسوبية هي في صالح كل الأطراف دون تمييز ، إضافة الى ان حرية الرأي وحرية الصحافة هي في صالح المعارضة والحكومة على حد سواء وهي تشكل آلية  لتشخيص النواقص ومواقع الخلل في الدولة والحكومة . يقول تولستوي حول حرية الصحافة  :
الجرائد نفير السلام وصوت الأمة وسيف الحق القاطع وشكيمة ومجبرة المظلوم ... ويقول فولتير : الصحافة آلة يستحيل كسرها وسنعمل على هدم العالم القديم حتى يتسنى لنا ان ننشئ عالماً جديداً . وأنا اضيف ان الصحافة الحرة ضرورة لتجديد الحياة السياسية وجعلها محصنة ضد الركود والفساد .
إن خارطة القوى السياسية في الأقليم تشير الى الحزبين الرئيسيين في السلطة : الديمقراطي الكوردستاني واتحاد الوطني ، والمعارضة بزعامة حركة التغيير وأحزاب إسلامية ، إن هذه الأطراف وأحزاب كوردية صغيرة اخرى جميعاً يعنيها امر الأستقرار والإصلاح والتغيير في كوردستان ، لكن ان يجري ذلك بالطرق الأصولية ومن خلال اللعبة الديمقراطية والتي هي متاحة للجميع .
اللافت للنظر هو مبادرة البارزاني الى جمع كافة الأطراف للتفاهم والتداول لأيصال الأقليم الى شاطئ السلامة ، وأن تشكل الرئاسة نوع من صمام الأمان لهذا التفاهم . إن هذا الموقف يذكرني بموقف معاكس له ، ومن هم في مرحلة قريبة من عمري يتذكرو كيف ان المرحوم عبد الكريم قاسم لجأ الى موقف مخالف وجلب الويلات الى العراق لحد هذه الساعة .
حينما اشتد الصراع بين القوى السياسية النافذة في اواخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن الماضي لا سيما الصراع  بين الشيوعيين والبعثيين ، حينها لم يحاول عبد الكريم قاسم ، وهو يشغل مكانة المسؤول الأول في الدولة العراقية ، لم يحاول يوماً لم شمل تلك القوى وغيرهم وجمعهم تحت سقف واحد لفتح حوار وتفاهم بين القوى السياسية في ذلك الوقت وتحت رعايته ، بل لجأ الى تفرقتهم وتاليب بعضهم ضد بعض ، وكان ان تدهورت الأوضاع وتضعضعت الجبهة الداخلية وأفلح اول انقلاب عسكري في الأطاحة بحكمه ، ومن ذلك اليوم غرق العراق في دوامة من الأنقلابات واللاإستقرار السياسي والأجتماعي والأقتصادي.
هكذا يمكن تقييم مبادرة البارزاني في جمع القوى السياسية في الأقليم تحت سقف واحد واعتبارها مبادرة ذكية لمنع الأوضاع من التدهور نحو الفوضى والأنفلات .
لقد جاء في مجلة المؤرخ الصادرة في العراق عام 1932 من قبل الكاتبان الكلدانيان رزوق عيسى وعبد الكريم حنا في المجلد الاول ج1 ص318 عن حسنات المعارضة وسيئاتها :
( .. من حسناتها انها تجعل من حالها في عقيدتها السياسية حذراً متيقظاً وتبعده عن الشطط والزلل والغلو في مبادئه ... ومن سيئات المعارضة ان اصحابها احياناً يتظاهرون بأنهم لا يبصرون نور الشمس في رابعة النهار ويسدون آذانهم لكي لا تسمع حسنات من خالفهم في الرأي والمعتقد ولا يكتفون بذلك بل كثيراً ما يقلبون الحقائق اوهاماً ويبذلون جهد طاقتهم في جعل الأبيض أسود ... وفي القول المأثور فإن الحق حق سواء اقبلنا ام رفضناه فقبولنا إياه لا يجعله صدقاً كما ان رفضنا أياه لا يصّيره كذباً ) .
لقد رفعت المعارضة الكوردية مطالبها عبر ورقة الأصلاحات التي تقترحها ويتضمن مشروعها للاصلاح نقاط تخص كل وزارة ومؤسسة على حدة ، مع التاكيد على اصلاح الأجهزة الأمنية والشرطة ومسالة ميزانية الأحزاب والرقابة المالية ، وعن ضرورة تشكيل هيئة رئاسية للقضاء الأعلى ، وعرض حصة الأقليم من ميزانية الدولة العراقية على البرلمان ووسائل الأعلام .. الخ ، في الحقيقة إن هذه المطالب وغيرها هي مسائل ينبغي مراعاتها من قبل الحكومة والمعارضة ، إن الشفافية في صرف الأموال العامة ، ومهنية القوات في مختلف الأجهزة الأمنية وغيرها من هذه المظاهر تعتبر من العوامل المهمة لتطور الأقليم ولوضع الحد لعدم تفشي الفساد الحكومي والأداري .
لا نجافي الحقيقة عند القول : ان المجتمع الكوردستاني مجتمع عشائري لا زال يحتفظ بالكثير من تلك الخصائل ، وفي هذه الطباع الكثير من السلبيات منها مبدأ نهج الواسطات والمحسوبية ، وهذه الحالة متجذرة في مجتمعات العالم الثالث ، ولا شك ان اقليم كوردستان ليس بعيداً عن تلك الموروثات ، ويقتضي ذلك بذل جهود استثنائية كبيرة ومتواصلة  لنقل المجتمع الكوردستاني من عقلية الثورة ، الى عقلية الدولة وضوابطها ودقتها .
إن الأستاذ مسعود البارزاني جينما يقف على مسافة واحدة من جميع المكونات السياسية باعتباره رئيس للجميع دون تفرقة او تمييز ، سيشكل ذلك ارضية ملائمة لعبور كل الأزمات والأنتقال الى شاطئ السلامة والأمان ، وعلى هذا الشاطئ يزدهر التقدم والأنتعاش السياسي والأقتصادي وتستمر العجلة في سيرورتها التطورية .
إن الأختلاف في الرأي على المستوى السياسي والأجتماعي والعلمي والأدبي ضرورة في كل المراحل وهذا الأختلاف هو العنصر الهام في التقدم الحضاري للمجتمع الأنساني .
 بهذه المناسبة اريد ان اشير بصرحة الى ان شعبنا الكلداني هو المكون القومي الوحيد الذي هضمت حقوقه في اقليم كوردستان ، ولا ادري متى تتعامل القيادة الكوردية مع شعبنا الكلداني بشكل متكافئ وما يليق بمكانة هذا الشعب الأصيل .
 حبيب تومي / القوش في 10 / 06 / 11

197
أمريكا في عهد اوباما تسكت على الإهانة في بغداد
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
امريكا دولة عظمى في المحافل الدولية واصبحت بعد انهيار جدار برلين وتفكك الأتحاد السوفياتي ، تشغل المكانة التي تؤهلها لتغدو قطباً وحيداً في العالم ، ولا شك ان هذه المكانة تتطلب من امريكا الشئ الكثير من الثروات والقوة العسكرية والجهد السياسي لكي تبقى محتفظة بتلك المكانة ، كما انها بقيت تشكل الهدف الرئيسي الأول التي تستهدفه القاعدة في عملياتها الأنتقامية ولعل احداث الأول من سبتمبر 2001 الدموية شكلت ذروة لذلك الأستهداف ، وبعد ذلك تزعمت امريكا الحملة المناهضة للارهاب ، وشنت حربيها في  افغانستان والعراق تناغماً مع تلك الأستراتيجية .
ما يهمنا في هذا المقال هو التداعيات الدراماتيكية التي حصلت على ارض العراق ، حيث بدأت امريكا مع صدام لعبة القط والفار منذ اوائل التسعينات من القرن الماضي ، ونشير هنا الى محاولات صدام في رسم هالة حول نفسه يبدو فيها وكأنه المتحدي الأول لأمريكا التي حاول عكسها الى العالم عبر إعلامه . منها قيام مسؤولين كبار في الدولة بكتابة عبارة : تسقط امريكا على الحيطان او  بث اغاني  تدعو الى إسقاط امريكا وفي نفس السياق كان تثبيت صورة لبوش في ارضية مدخل فندق الرشيد لتكون تحت اقدام الزوار الأجانب وغيرهم ، ولكن جورج بوش لم يسكت على تلك الإهانة فكان استهداف ذلك المدخل وإزالة الصورة بالصواريخ الأمريكية مما الحق اضرار بالفندق وأسفر عن وقوع ضحايا ابرياء .
وإذا بقينا في سلسلة الأحداث الدرامية بين العراق وامريكا سوف نقترب من احداث نيسان 2003 حيث سقوط صدام .
ولكي لا نقع في مطب لوي اعناق الحقيقة نقول ان حكم صدام رغم سعة دائرة المعارضة له من إسلاميين سنة وشيعة الى الشيوعيين الى الأحزاب الكوردية الى فئة كبيرة من الشعب العراقي يلفها الغبن والامتعاض ، إن كل هذه المعارضة لم يكن بوسعها إسقاط نظام صدام ، لقد حكم صدام حكماً دكتاتورياً ذات مركزية شديدة ، لا تقوي اية قوة عراقية تحريك شعرة واحدة من النظام ، وحتى دول الجوار لم تكن هنالك دولة مؤهلة لأسقاط الحكم بما فيها ايران ، التي كانت تسعى لأسقاط النظام في السر وفي العلن .
أقول : لم يكن هنالك قوة تستطيع إزاحة حكم صدام سوى امريكا ، وهي الدولة الوحيدة في العالم تمكنت من تأليب وتحشيد القوات الدولية تحت زعامتها  وان تكتسح الأراضي العراقية بسهولة ويسر . ارتاحت ايران للغزو لأن فيه اسقاط صدام عدوهم اللدود ، وفيه ايضاً فتح الطريق لهم لكي يلعبوا دورهم في الساحة العراقية ، وقبل مدة كتبت مقالاً كان عنوانه : امريكا طبخت وإيران أكلت ،  كما ان إسقاط النظام من قبل امريكا قد قوبل بالأرتياح من قبل اغلب الشرائح الأجتماعية والمذهبية بالعراق باستثناء اقلية سنية كانت مستفيدة من النظام .
قرأت وسمعت بأن في الدين الأسلامي مصطلح يعرف بـ ( التقية ) ، والمعنى الذي فهمته عن المصطلح هو السكوت على الظلم والطغيان وإظهار الولاء ومداهنة الحاكم الى حين توفر الفرصة المناسبة للأنقضاض عليه ، وربما هذه الحالة تفسر لنا ما نسمعه عن الخلايا النائمة التي تقوم بالعمليات الأنتحارية حينما تكون الظروف مناسبة فهي تعمل في إطار القانون والموالاة للنظام وتقوم بعمليتها الأنتحارية بشكل مفاجئ من قبل اشخاص لم يبدر منهم سابقاً اي علامات التذمر او الشكوى من الأوضاع .
 ولكي لا نبتعد عن الموضوع نقول : إن الأحزاب الأسلامية الحاكمة اليوم في العراق ، والتي كانت ايران ملاذها الأمين ، فإن إنقاذها من النظام لم يحدث على يد ايران إنما كان إنقاذها على يد امريكا وبالمصطلح الأيراني " الشيطان الأكبر " ،.
نعود الى الماضي لعقود من الزمن سنلاحظ في تأسيس الدولة العراقية الحديثة على انقاض الدولة العثمانية ، يتم على يد بريطانيا العظمى المنتصرة في الحرب الكونية الأولى ، وكان لها الدور الرئيسي في تشكيلة الدولة العراقية وتوزيع السلطات ، حيث كان قرارها يتلخص في تسليم السلطة الى الأقلية السنية ، وكان هذا بدوره مبنياً على نوع من المحاباة ومراعاة المحسوبية بمختلف انواعتها والغاية كانت ان يعمل هؤلاء على ترسيخ اركان الدولة الجديدة ومراعاة الوجود البريطاني وخلق استقرار اجتماعي وسياسي .
بعد نيسان 2003 اصبحت اميركا صاحبة القرار في توزيع السلطات ، بالنسبة الى المسلمين قربت المكون الشيعي من دائرة صنع القرار وأبعدت السنة ، وكذلك فعلت مع الشعب الكلداني حيث ابعدت الأكثرية الكلدانية بالنسبة للمكون المسيحي ابعدته عن دائرة صنع القرار ومنحت السلطة  للأقلية الآشورية والى اليوم ما زالت تداعيات ذلك القرار المجحف يعاني منه شعبنا الكلداني .
المكون الشيعي المسلم كان في طليعة المستفيدين من الغزو الأمريكي ومنحت السلطة للاحزاب الأسلامية الشيعية بطبق من ذهب والى اليوم ، لكن الملاحظ والغريب ان تتسابق هذه الأحزاب على المطالبة بطرد ( المحتل ) الأمريكي ، وقد رأينا في الفترة الأخيرة كيف يستعرض جيش المهدي قواته وكيف يطالب بطرد القوات الأمريكية ويكثف من عملياته العسكرية ضد هذه القوات وضد المصالح الأمريكية . الجدير بالذكر ان التيار الصدري له قاعدة شعبية كبيرة ويتمتع بكتلة برلمانية مهمة ، وفي يوم الجمعة الموافق 26 / 05 / 11 كان موعدا لأكبر استعراض لجيش المهدي في بغداد حيث ورد في جريدة الشرق الأوسط اللندنية خبراً جاء فيه :
{ ردد المتظاهرون، وهم يرتدون ملابس رُسم عليها العلم العراقي، شعارات مثل «نعم، نعم، يا زهراء» و«نعم، نعم، للإسلام» و«نعم، نعم، للعراق» و«لبيك، لبيك، يا مهدي»، وارتدى المشاركون، الذين كانوا يدوسون على أعلام الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وهم يمرون أمام ثلاث منصات متلاصقة جلس فيها ضيوف، غالبيتهم من رجال الدين والعشائر، قمصانا موحدة، عليها علم العراق، وسراويل سوداء، ووضعوا على رؤوسهم قبعات كتب عليها «أنا عراقي } . كما ورد في الخبر ان  مكبرات الصوت كانت تصدح بالأناشيد المخصصة للإعلان عن رفض الاحتلال والشيطان ..
ولنتكلم بالعربي الفصيح بأن جيش المهدي لم يكن بمقدوره ارتداء تلك الملابس وترديد تلك الشعارات بوجود نظام صدام ، لكن امريكا أزاحت حكم صدام فخلت الساحة للاحزاب الأسلامية لترى النور وتتمتع بالحرية التي وفرتها لهم القوات الأمريكية ، وكان على الأحزاب الأسلامية ان توجه الشكر لأمريكا وليس اللجوء الى وضع علمها تحت الأقدام ، هذا ما يقبل به المنطق السليم وبمنأى عن الفكر الميكافيللي الذي يبرر الوسيلة ، وأيضاً بمنأى عن مصطلح التقية .
إن هذا الحراك يتزامن مع الحديث عن تمديد لوجود القوات الأمريكية في العراق الى ما بعد ديسمبر ( كانون الأول ) من العام الحالي ، باعتقادي لا يوجد مواطن عراقي يريد ان يكون في بلده جندياً اجنبياً ، لكن ينبغي الإقرار بانتهاء نظرية الأستعمار والأحتلال ، فخروج القوات الأمريكية تقررها الحكومة العراقية والبرلمان العراقي المنتخب وهو يقدر مصلحة العراق ومدى حاجته لبقاء هذه القوات او مغادرتها ، ولا تدخل المسالة في مقياس الوطنية والفكر الثوري ، فهي مسألة مهنية بحتة ، لا تحتاج الى رفع الشعارات وشحذ الهمم . بل تحتاج الى اتخاذ قرار عقلاني يصب اولاً وأخيراً في مصلحة العراق ليس إلا .
   
 
نساء من أتباع مقتدى الصدر يشاركن في استعراض «جيش المهدي» في مدينة الصدر ببغداد أمس (أ.ب)



إن الولايات المتحدة لديها مئات القواعد العسكرية في اكثر من 130 بلد وهذه الدول لا تشعر بفقدان الأستقلال ، فالقوات حينما تكون وفق معاهدات ثنائية تكون بمثابة قوات صديقة وليست محتلة ، لكن الساسة العراقيين يتسابقون اليوم على طرح شعار انهاء الأتفاقية بزعم إنهاء وجود القوات الأجنبية ، والمدهش ان امريكا في عهد اوباما مستعدة لبلع الأهانات في سبيل بقاء هذه القوات لفترة محدودة ، ولا ادري ما هي الفائدة التي تجنيها الولايات المتحدة إذا بقيت قواتها لفترة اخرى من الزمن ، اعتقد ان مبادرة بقاء هذه القوات ينبغي ان تتم من الجانب العراقي ، إنه الجانب المحتاج لهذه القوات ، وقد رأينا كيف طلبت المعارضة الليبية من القوات الدولية للتدخل في الشأن الليبي حينما تمادى القذافي في سفك دماء الشعب الليبي .
 ليس واضحاً الى اي مدى يتقبل اوباما الإهانة وتداس اعلام بلاده تحت الاقدام في سبيل ان تبقى قوة امريكية في العراق ، برأيي المتواضع ، وربما انا مخطئ ، فأقول انها سياسة غبية حقاً .
 حبيب تومي / عنكاوا في 04 / 06 / 11

198

منتهى الصراحة مع تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yaoo.no
 اعترف بصداقتي مع لعبة الكلمات وأنا مخلص لها ، لكن المشكلة أنني لا استسهل إزجاء كلمات الإطراء والمديح ومجاراة الحزب او الحاكم او السير خلف الشعارت دون اعتراض او تبصر او توقف ، فغالباً ما اركب موجة الأنتقادات والتي بدورها تجلب لي السخط واللوم وتبعد عني الأصدقاء . وتخامرني الشكوك ان يقوم المعنيين بهذا الموضوع بقراءته لكونهم يعشقون كلمات المديح وإيقاعات التصفيق فحسب ، إنهم ببساطة يقولون لنا ما يجب ان نسمعه ، بل ما يجب ان نفعله  ،وينحصر دورنا في كيل المديح والمداهنة بمنأى عن اي منظومة انتقاد او نقاش جدي .
احزابنا السياسية التي اضطرت الى التجمع والأجتماع  تحت سقف واحد في اعقاب الحادث الإجرامي الذي طال كنيسة سيدة النجاة في الكرادة ، وبهدف توحيد الصفوف التي اصبح الحديث عنها مملاً وفارغاً من المعنى الحقيقي فغدا حديثاً لمن لا حديث له ، وأصبح العكازة التي يتعكز عليها الحزب الآشوري لتمرير اجندته الإقصائية الشمولية بحق شعبنا الكلداني . أجل إن هذه الأحزاب لجأت الى التجمع تحت ضغط الشارع كما يقال ، فلم يكن لها قبل ذلك نية في التوحد سوى ما يجري تمريره كشعارات لا اكثر .
إن خارطة هذا التجمع تبدو غريبة ، إذ ان بعض هذه الأحزاب تفتقر للهوية العراقية ، فكيف يحق لهذه الأحزاب ان تكون وصية علينا وتتحدث باسمنا ؟
الأحزاب التي اجتمعت هي بزعامة الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، وكلا الحزبين يسترشدان بأديولوجية قومية إقصائية للاخر بما فيها شعبنا الكلداني ، والحركة نزلت عليها النعم بعد الأحتلال الأمريكي وبمباركة الأخ بول بريمر ، ومن بعد ذلك هي تستقوي بالأحزاب الدينية في الوسط والجنوب وبالأحزاب القومية في الموصل ، اما المجلس الشعبي فقوته مستندة على الأحزاب الكوردية .
 بالجهود المشتركة للحزبين ( الحركة والمجلس ) استطاعا استنهاض النوازع المذهبية القديمة بغية الإجهاض على الأسم الكلداني والتاريخ الكلداني والقومية الكلدانية ، وكل ذلك باسم الوحدة ، الحزبان تناكفا على المقاعد المخصصة للكوتا المسيحية ، ولم يحركا ساكناً حينما سميت الكوتا (مسيحية ) ، لأنهما يدركان ان الكوتا القومية تعني إزاحتم عن مراكز السلطة .
بتسليط الضوء على القوى في تجمع احزاب شعبنا السياسية من الكلدان والسريان والآشوريين نلاحظ وجود احزاب تفتقر الى الهوية العراقية كما اسلفت ، وجمعية الثقافة الكلدانية ليست كيان سياسي ، اما معظم الأحزاب او الكيانات الكلدانية في التجمع فتبدو مسلوبة القرار والإرادة فهي رهن إشارة المجلس الشعبي الذي يمسك بيده النثرية او قرار منحها ، وبقي القرار النهائي بيد الحركة والمجلس ، ولهذا لا يمكن ان يؤدي التجمع الى اتخاذ قرارات عادلة ومستقلة في ظل هيمنة الحزبين على مجمل الساحة السياسية لشعبنا .
رغم معرفتي ان بعض المشاكل فوق طاقة هذه الأحزاب ، لكن حتى المشاكل التي يمكن ان تدخل بها او تؤثر عليها تبدو الإشارة اليها باهتة او معدومة . فلدينا رزمة اسئلة لهذا التجمع الذي يلهث من اجل تغيير اسمنا التاريخي ، ونقول :
ماذا فعلت احزابنا برمتها في ايقاف او تقليل مسألة الهجرة ؟
ماذا فعلت هذه الأحزاب في مسألة التغيير الديموغرافي الواقع في تلكيف والمنتظر وقوعه في برطلي مثلاً  وربما في القوش ، اجل في (القوش ) ايضاً انا لست مخطئاً في العنوان .
ما هي الأجراءات المتخذة من قبل هذه الأحزاب بشأن توفير الوظائف والأعمال للشباب من ابناء شعبنا ؟
 الى متى يكون التوظيف بدواعي الولاءات الحزبية لا سيما الولاء للحركة الديمقراطية الآشورية ؟
الى متى تبقى فضائيتي آشور وعشتار أداة تمجيد ودعاية للمكون الآشوري دون المكونات الأخرى ؟
هل توقفت عمليات الخطف والتصفية الجسدية بحق ابناء شعبنا ؟
ماذا فعلت هذه الأحزاب عموماً في درء الأخطار المحيقة بشعبنا من كلدان وسريان وآشوريين ؟
إن المكون المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين يحرمون من وظائف رفيعة في الدولة العراقية بدعوى عدم انتمائهم للاحزاب المتنفذة ، فهل رفعت احزابنا اصواتها لأيقاف هذا السلوك الغريب عن روح المواطنة العراقية ؟
ماذا عن ممتلكات ابناء شعبنا في بغداد وغيرها من المدن ؟ ماذا فعلت احزابنا لما طال شعبنا من ظلم وإجحاف حين الأستيلاء على املاكهم من قبل جيرانهم المسلمين ؟
 اقول بكل صراحة إن احزابنا قد قد حققت نصراً مبيناً في مسألة التغلب على الشعب الكلداني ومحو اسمه وإخضاع احزابه وبعثرة كنيسته ، لا سيما حينما وزعت النقود بشكل عشوائي بمنأى عن التنظيم المؤسساتي لمؤسسة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية . لقد وجدت هذه الأحزاب ( الآشورية ) فرصة سانحة في حادث كنيسة النجاة الدموي لتمرير أجندتها الأقصائية بتمرير تسمية مركبة المتسمة بانعدام اللون والطعم  والمعنى . وهذا هو الأنجاز الباهر الوحيد لهذه الأحزاب .
 الحركة الديمقراطية الآشورية وفضائيتها الآشورية وجمعيتها الخيرية الآشورية ونظامها الداخلي الداعي لتعزيز القومية الآشورية ، هذا الحزب ( حزب الزوعا) قرر في احد اجتماعاته الحزبية ان يكون لنا نحن الكلدانيون اسم ( كلدو آشور ) ومن يخالف ذلك فهو انقسامي ومتآمر وخائن ..
طيب يا اخوان لماذا لا تطبقون قراراتكم على انفسكم اولاً ؟  إن كان اسم كلدوآشور بهذه الصلاحية وهذه القدسية لديكم فلماذا لا تتخذوه اسماً لكم ولفضائتكم ولجميعتكم ؟ لماذا تستخفون بعقولنا الى هذه الدرجة ؟
 بصراحة يجدر بكم يا اخوان انهاء هذه النكتة الفجة التي تبعث على التقيؤ .
يتعين عليكم الإصغاء الى كل الأصوات بما فيها اصواتنا نحن الكلدانيون ، انتم بحاجة الى إدراك عميق لمفهومية قبول الآخر كما هو وليس كما تريدون .
 اسأل سؤال اخلاقي :
(((( ماذا لو كانت الثروة والسلطة والإعلام بيدنا نحن الكلدانيون بعد سقوط النظام في نيسان 2003 م . ؟ هل كنا نسلك هذا السلوك الأقصائي بحق إخواننا الآشوريين ؟))) .
بثقة في النفس اجيب عن هذا التساؤل : وأجزم بكل تأكيد ، بأن سلوكنا كان مختلفاً تماماً ، كنا نسلك سلوكاً اخوياً اتجاههم ، ولا يمكن ان نسلك سلوك المغالاة والأقصاء مع اخواننا مهما كانت الأسباب والمغريات المادية ، ولهذا يمكن ان اوجه  سؤال أخلاقي آخر : هل يمكن القضاء على القومية الكلدانية بذريعة المحافظة على الوحدة القومية ؟
إن احزابنا ينبغي ان يكون لها رؤية نزيهة لمسالة التعامل مع مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، ومجالات العمل المشترك وخدمة الشعب مساحة كبيرة ، ومفاهيم الحرية والديمقراطية والكرامة واحترام ثقافة الآخر كل هذه مقومات التعاون والعمل المشترك ، لا يمكن تقزيم الوحدة بإلصاق ثلاث تسميات تاريخية ( بالسيكوتين ) ومن ثم الإدعاء بأننا شعب واحد ، إنها سذاجة طفولية لا أكثر ، ويمكن خداع كل الناس لبعض الوقت ، او خداع بعض الناس كل الوقت ، لكن لا يمكن خداع كل الناس كل الوقت .
 في الختام نبارك اي تقارب او تعاون اخوي بين احزابنا على ان يكون مبني على قواعد حرية الرأي وحقوق الأنسان والحرية والعدالة والكرامة واحترام الآخر وقبوله  كما هو ، هذه الأسس المتينة للتعاون والوحدة وليس إلصاق التسميات بغراء مزور وفاسد تتمزق اوصاله في اليوم التالي .
إن الأجتماع الأخير لهذا التجمع والمنعقد يوم 16 ايار الحالي في جمعية الثقافة الكلدانية والذي انتهى الى التوقيع على محتوى النظام الداخلي للتجمع حيث وردت التسمية السياسية القطارية لوضع نهاية للمفهوم القومي الكلداني .
 المثير ان الأجتماع المذكور شهد توقيع كافة الأحزاب الكلدانية على مواد النظام الداخلي بالكامل ودون ابداء اي تمنع او عتراض او حتى دون تحفظ على بعض مواده  بما فيها التسمية السياسية القطارية ، وهذا جل ما حققه هذا التجمع من انتصارات خلال فترة تكوينه .
بنظري ان مسؤولي هذه الأحزاب لا يقرأون ولا يسمعون ولا يبالون بما يكتبه الآخر واليوم املي ان يصرفوا بعضاً من وقتهم الثمين في قراءة ما يكتبه مواطن بسيط من ابناء شعبهم ، فهل يفعلون ؟
 حبيب تومي / القوش في 28 / 05 / 11  

199
صبنا الكلدانية صراع من اجل ديمومة الهوية القومية
 بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
اثناء تواجدي في الوطن العراقي الذي اجسده وأجده في بلدة اسمها القوش وهي محطة لكي انطلق منها الى اماكن اخرى من الوطن ، ومنها انطلقنا قبل حوالي اسبوعين الى اينشكي لقد كانت سفرة ممتعة ليس الى نسيانها سبيل ، الطريق يمتد امامنا وينساب بين الجبال والوديان وترتفع نحو السماء أشجار الصنور والسرو والتوت والجوز واللوز ، وتزدهر بوردها الجميلة اشجار الرمان الباسقة .. وقد ذكرني الطريق من القوش الى دهوك عبر باعذرني ومن ثم زاويثة وسولاف وسوارارا توكة وايشاوا وسرسنك وأخيراً اينشكي ، الجميلة بخضارها وكهفها الطبيعي التراثي الجميل وشلالها وينبوع مائها الطيب .
 كانت ثمة جاذبية كبيرة تشدني الى زيارة المنطقة فالحنين يحفزني ويغريني للانطلاق ، فكنت اشد الرحال كل صيف ، وكانت بمجملها اياماً جميلة حينما كنت أتوجه الى المنطقة سنوياً من مدينة البصرة ، إن هذه الجبال والوديان في تلك السفرات السياحية كانت بدورها تذكرني بأيام الشباب حيث كنا نسلك تلك الطرق والمسالك الضيقة ليلاً ونهاراً سيراً على الاقدام ونحن نحمل اسلحتنا وعتادنا مع المنظار ( المقراب ، الدوربين ) وزمزمية ( مطارة ) الماء وكسرة خبز وبضعة قطع من التمر (قزبي ) ، ونقف على اهبة الأستعداد لأي موقف طارئ .
 أجل هذه هي الحياة يوماً قدمت الى هذه المنطقة حاملاً السلاح وآخراً جئت اليها مع عائلتي بسيارتي الجميلة وأنا اسرح بين هذه الجبال بسرعة دون ان افكر بأن هنالك معركة متوقعة في اية لحظة ، بل نبحث عن مطعم نتناول فيه اكلة الكباب الشهية ، واليوم أنا متوجه الى هذه المنطقة برفقة زملاء من منظمة الحزب الديمقراطي الكلداني في القوش وبدعوة من المنظمات الكلدانية في صبنا ، أجل هذه هي الحياة في فترة الشباب كنت احمل بندقية وأنا انتقل بين الشعاب الوعرة والقمم العالية ، وبعدها قدمت للمنطقة وأنا برفقة عائلتي في سفرة سياحية ، واليوم نخوض غمار السياسة بغية تثبيت حقوق شعبنا الكلداني على ارضه ووطنه العراقي .
في سهل وادي صبنا حوالي 18 قرية معظمها يعيش فيها شعبنا الكلداني ، والوادي عبارة عن امتداد منخفض اخضر جميل في تربة خصبة صالحة للزراعة مع وفرة الماء ، ويمتد من عمادية شرقاً الى تخوم مانكيش غرباً ، ويستقبل هذا المنخفض المياه العذبة الناجمة عن ذوبان الثلوج من على جبلي كارا الى الجنوب وجبل متينا الى الشمال الذي تستمر سلسلته الى تخوم ايران في الشرق . ويورد الدكتور ساندرس في كتابه (المسيحيون الآشوريون ــ  الكلدان في تركيا الشرقية وأيران والعراق ، وهو من ترجمة الأستاذ نافع توسا وتحقيق الأب الدكتور يوسف توما ص 77 ) انه في هذا المنخفض يجري نهر صبنا من سلسلة جبال برواري ، وفيه فرعان الأول المتجه شرقاً نحو العمادية وينتهي بنهر الزاب ، والثاني يتجه غرباً ليصب بنهر الخابور ، ويذكر المؤلف القرى الواقعة في هذا الوادي ومنها مدينة العمادية المبنية على قلعة حصينة وتميزت بأنها قد سلمت من القصف والتخريب بعكس كثير من القرى في المنطقة ، ويذكر ايضاً قرية اينشكي التي فيها كنيسة قديمة يعود تاريخها الى عام 1885 على اسم مارت شموني وكنيسة اخرى اقدم منها على اسم مار كيوركيس وهنالك ايضاً عددا من الأديرة والكنائس منها الكنيسة التي على اسم مار يوسف نسبة الى كاتب كنسي شهير وهو الراهب يوسف بوسنايا المتوفي عام 979 م .
  في وادي صبنا ثمة حوالي 18 قرية منها سرسنك وتنا وزاويتا وبامرني التي تعني ( بيت مودياني ) واينشكي وغيرها . وفي هذه القرى وبين منعطفات الجبال وعلى الطرق كانت الكنائس والأديرة عامرة وزاخرة بروادها ، وقد كان للعمليات العسكرية التي اندلعت في مطاوي الستينات من القرن الماضي الأثر الكبير في الهجرة من هذه القرى بعد دكها بالطائرات والمدافع وعمليات العنف الأجتماعي المتزامنة مع الحرب في المنطقة .
أجل ان كثير من الأديرة والكنائس درست مع الأرض او تحولت الى اطلال بقيت الشاهد الوحيد ليخبرنا ويقول : ها هنا ترقد حضارة شعب اصيل طواه الزمن ولم يبق منه سوى بقايا من بقاياه ، واليوم هذا الشعب مهدد بالأنقراض والأستئصال من جذوره ، وهذا الشعب هو الشعب الكلداني مع بقية مسيحيي العراق .
إن الشعب الكلداني تداهمه المخاطر من كل جانب وتستهدف وجوده على ارض الوطن العراقي ، ويشترك في هذا المخطط كثير من الأطراف لكن اكثرها ايلاماً هي تلك القادمة من الأخ والصديق الذي يزعم ليل نهار اننا شعب واحد . ويقول طرفة بن العبد :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة                على المرء من وقع الحسام المهند
اجل نحن الكلدان اصابنا الشئ الكثير بعد الأحتلال الأمريكي في نيسان 2003 ونحن الشعب الوحيد الذي طاله هذا الكم الهائل من عمليات القتل والتهجير والأرهاب إضافة الى عمليات التهميش السياسي والقومي في الدولة العراقية الأتحادية واقليم كوردستان على حد سواء .
إن هذا الوضع المجحف لم يثني من عزيمتنا عن العمل وعلى التصميم ، وإن كل صاحب ضمير لا بد ان يحطم حاجز الصمت ولا يقبل بأي ظلم يطال اي مكون عراقي ، والمكونات الأصيلة كشعبنا الكلداني ، تضمن حقوقها قوانين ومعاهدات دولية والتي تدعو الدول الى احترام ثقافة هذه الشعوب وتعترف بهويتها وتمنحها كامل المساعدة اللازمة للنهوض والبقاء وتسمح لها بالمشاركة الفاعلة في تحقيق تنمية مستدامة .
في صبنا الكلدانية شريحة كبيرة من ابناء شعبنا الكلداني تهتم بالشأن القومي الكلداني وتفتخر برفع الأسم الكلداني  والقومية الكلدانية ، وهؤلاء جل طموحهم ينحصر في فتح مركز ثقافي كلداني في المنطقة ، أملاً ان يشكل هذا المركز مساحة جميلة لجمع الشباب لممارسة هواياتهم الرياضية والفنية والأدبية والثقافية والألتفاف حول الهوية الكلدانية ، إذ ليس من الأخلاص ان يكون هذا الجيل سبباً في ضياع الهوية الكلدانية ، إن هذه الهوية قد تجاوزت كل المحن في مختلف العصور لكن يبدو ان محاولات اليوم التي تهدف طمس هذه الهوية ، تشكل اشرس الحملات التي تستهدف شعبنا الكلداني ولا يوجد من يصغي الى صوتنا ، ولكن بهمة الشباب والمخلصون ستفشل هذه المحاولات كغيرها ، فالشعوب لا يمكن ان تقهر هذا ما اثبته التاريخ .
 إننا بحاجة الى تعضيد تلك الإرادة والمقترحات التي اطلقها الأخوان في صبنا الكلدانية بضرورة إنشاء مركز ثقافي كلداني في تلك الأرض الكلدانيـــة وهذه دعوة لكل المخلصين لمن يناصرون  الشعوب الأصيلة في الحفاظ على ثقافتها .
حبيب تومي / عنكاوا في 23/ 05 / 11
 
                     كاتب هذه السطور في اينشكي / صبنا الكلدانية

200
بعد استئصال الشعب اليهودي من الوطن العراقي يبكون على ارشيفه
بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no

                  


يعتبر المكون اليهودي من الشعوب الأصيلة في بلاد ما بين النهرين وفي حالة تأصيل هذا الوجود الى السبي اليهودي في الدولة الآشورية ومن ثم الدولة الكلدانية ، فإن المسافة الزمنية ستمتد الى عشرات القرون ، وقد ساهم اليهود في بناء الحضارت العراقية القديمة ، وكان لهم حضور في مختلف العصور التاريخية من سحيق الأزمة ، حتى بعد ان خيروا بعد العهد الكلداني في العودة الى الى فلسطين فكان هناك شريحة كبيرة من هذا الشعب فضلت البقاء في الوطن الجديد بلاد ما بين النهرين ، وكانت مساهماتهم في شتى مجالات الحياة من الزراعة والصناعة والعلوم والتجارة وعرف عنهم اول من وضع اسس بناء البنوك في بلاد ما بين النهرين بل في تاريخ البشرية .
في اعقاب سقوط الدولة الكلدانيــة الحديثة عام 539 ق. م . حصلت انعطافة تاريخية في تاريخ بلاد ما بين النهرين حيث ان افول نجم هذه الدولة كان إيذاناً لبداية غزوات وحروب لأجل احتلال هذه البقعة الغنية بثرواتها المائية والبشرية ، إنها ارض الرافدين الخالدين دجلة  وفرات ارض الحضارات المشرقة في وقت كانت الأنسانية في شتى الأمصار غارقة في لجة الظلام الدامس ، كانت هذه الأرض المعطاء ساحة استباحها الميديون ومن ثم الفرثيون والسلوقيون ، وجاء الساسانيون ليبدأ الأضطهاد على الأقوام القاطنة في تلك الربوع بسبب اعتناقها للديانة المسيحية،، وأخيراً العرب المسلمون الذين استمر نهج الأضطهاد على الأقوام الأصيلة بفرض احكام اهل الذمة التي تنتقص من كرامة الأنسان إذا نظر اليها تحت أضواء لوائح حقوق الأنسان والأقليات في العصر الراهن .
في الحكم العربي الإسلامي استمرت جهود إلغاء هوية السكان الأصليين من اسلمة عباد الله وتعريبهم بمسح لغتهم من الوجود والأبقاء على اللغة العربية لأنها مقدسة وبها نزل القرآن وهكذا بقية اللغات ينبغي ان تتوارى امام اللغة العربية ، وهذا ما كان فعلاً في بلاد الرافدين ومصر وسورية . فقد اختفت اللغات الأصلية ( الآرامية بلهجاتها ، القبطية ، العبرية ) ، وبالنسبة الى الديانة توارت مع الزمن الكنائس والأديرة والمعابد لتنتصب المآذن فوق الجوامع والمساجد الأسلامية .
في مختلف الحقب التاريخية بعد الأسلام كان هناك مساحة من الحرية الدينية المحدودة ، التي لا ترتقي ابداً الى مستوى الحرية الدينية في اوروبا المعاصرة ، لكن تلك المساحة الخضراء من الحرية غالباً ما كان يطالها الجفاف لتخيم عوامل الأضطهاد وذلك حينما يلجأ الحاكم الى تطبيق الشريعة الأسلامية بحق من اوقعهم حظهم العاثر في دائرة اتباع الديانات الأخرى غير الأسلامية ، كاليهود والأيزيدية والصابئة المندائيون والمسيحيون الذين على ارضهم نشأ الدين الأسلامي وتوسع .
إن السكان الأصليين في بلاد الرافدين رغم تلك الموجات العارمة من الأضطهادات ومن محاولات مسح الهوية الدينية والعمل على صهر الهوية القومية واللغوية فإن اصحاب تلك الهويات صمدوا في وجه تلك المحاولات وتحملوا الكثير من اجل الأحتفاظ بأوابدهم وتاريخهم وبثقافتهم الدينية واللغوية ، وفي مقالنا هذا كان لليهود حضور دائم على مسرح الحياة في دنيا المال والأقتصاد والسياسة .
إن الدولة العراقية الحديثة حين تأسيسها كانت واحة يقطنها طيف واسع من التركيبات الأجتماعية والطائفية والدينية واللغوية والأثنية ناهيك عن التقسيم المديني والريفي وعشائر البدو الرحل .. إن من بين هذه التنوعات كان اليهود يمثلون في بغداد نفسها حوالي 20% من السكان (تشارلز تريب : صفحات من تاريخ العراق ص43 ) ، حين تشكيل الحكومة العراقية عام 1920 برئاسة النقيب ، كان معظم اعضائها من السنة ، إضافة الى بعض الشيعة والمسيحيين فضلاً عن عدد هام من اليهود ( السابق ص85 ) وكان اول وزير للمالية يهودي .
لكن هذا المنحى لم يجري دون مطبات فنمو الأفكار القومية النازية الهتلرية وهبوب رياحها على المنطقة العربية وبضمنها العراق كان لها تأثير على الوجود اليهودي التاريخي في الوطن العراقي ، فتحت طائلة الفكر القومي العربي تنامى العمل المعادي ضد الحركة الصهيونية ، وكانت هذه نقطة تحول في علاقة اليهود مع المكونات العراقية الأخرى لاسيما غلاة الفكر القومي العروبي الذي طفق ينمو مع نمو الحركة القومية الهتلرية في حقبة الثلاثينات من القرن الماضي التي شكلت الحرب العالمية الثانية ابرز مقوماتها البنيوية في مسالة تفوق هذا العنصر على غيره من العناصر البشرية .
في التاريخ العراقي المعاصر كان سقوط حكومة رشيد عالي الكيلاني المعادية للحكم البريطاني والمؤيدة لألمانيا الهتلرية ، بتأثير شعارت قومية ، كان سقوط هذه الحكومة وفرار قادتها قد خلق فراغاً امنياً ، والذي اتاح بدوره لقطاعات من الشعب ومن قوات الأمن بصب جام غضبها على المكون اليهودي في بغداد فحصدت تلك الأحداث التي عرفت بالفرهود ، اي النهب والسلب ، أرواح حوالي 200 يهودي عراقي وصاحبها سلب ونهب وتدمير لمتاجر يهودية ( السابق ص157 ) .
إن المضايقات ضد المكون اليهودي تطورت مع نمو الفكر العروبي وكانت التهمة الموجهة لهذا القوم هو مساعدة الدولة العبرية الناشئة فقيدت حركتهم ومنعت عنهم الوظائف الحكومية وصدرت احكام إعدام على شخصيات بارزة منهم ، وهكذا حينما كان تعدادهم عام 1947 يبلغ 117,000 يهودي تقلص هذا العدد مع مرور الأيام والسنين ليجري استئصال هذا المكون من الأرض العراقية ، والتي شكلت موطنهم الأصلي منذ عصور سحيقة في القدم .
إنه حقاً من من المفارقات اليوم ان نقرأ في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 02 / 05 / 11 ان السياحة والآثار العراقية تخشى على هذا الأرشيف ( الأرشيف اليهودي ) حيث جاء في الخبر
ينتاب الحكومة العراقية القلق من أن تقوم الإدارة الأميركية بتسليم أرشيف يهود العراق، الذي تم العثور عليه في بغداد إبان الاحتلال الأميركي عام 2003 نقل إلى أميركا لغرض صيانته، إلى إسرائيل.
ولا يخفي عبد الزهرة الطالقاني المتحدث الرسمي باسم وزارة السياحة والآثار قلقه على مصير الأرشيف اليهودي العراقي على الرغم من قوله إن «وزارتنا تتابع باهتمام مصير هذا الأرشيف؛ إذ كان وزير الدولة لشؤون السياحة السابق، قحطان الجبوري قد قام بزيارة إلى واشنطن وبحث مع المسؤولين هناك موضوع إعادة الأرشيف وكانت الإجابة أن هذا الأرشيف بحاجة إلى الصيانة كونه كان قد تعرض للتلف نتيجة تسلل المياه إليه».
وعلقت إحدى القارئات على الخبر :
بما أنني يهودية عراقية هُجرت من العراق عام 1973 أوافق وأميل الى رأيه بالسؤال عن سبب الاهتمام بالارشيف اليهودي اليوم في حين لم يهتم أحد باليهود العراقيين أنفسهم .
 اجل بالأمس كانت هجرة وتهجير المكون اليهودي وتوسعت دائرة التهجير في السنين الأخيرة لتمتد الى المندائيين والكلدانيين وبقية مسيحي العراق ، فهل سنواصل البكاء عن الأرشيف ام يجري معالجة شأن القوميات العراقية الصغيرة بمنطق المواطنة والوطنية العراقية وحقوق الأنسان التي يشكل حقوق الأقليات القسم الهام من تلك الحقوق ، فشعبنا الكلداني في وطنه العراقي لا زال يعامل وكأنه شعب هبط على هذا البلد من المريخ حيث يجري سلب حقوقه القومية في واضحة النهار ، فمتى يجري احترام تلك الأطياف العراقية الأصيلة وشعبنا الكلداني بالذات ؟
حبيب تومي / عنكاوا في 17 / 05 / 11
[/b]

201
شيرا درابان هرمز الجميل في القوش ليس مناسبة للاعتداء على البيئة
 بقلم : حبيب تومي / القوش
Habeebtomi@yahoo.no
الربان هرمز إنسان زاهد كرس حياته للعبادة وترك مباهج الحياة وانعزل عن الدنيا  وتركها لمن يعشقها ، واختار هو لنفسه حياة التقشف والأعتكاف من اجل العبادة والصوم والصلاة ، ولم يدر في خلده انه بعد ثلاثة عشر قرناً ونيف سوف تغدو تلك الصومعة المتواضعة مزارا وقبلة لالاف الزوار من من القوش ومدن العراق ومن انحاء العالم ، اجل اصبح دير الربان هرمز صرحاً مشهوراً  يفوح منه عبق التاريخ وأريج الزمن الماضي وبات مَعلماً سياحياً يدر ثروات إن كان ثمة عناية به واستغلاله برؤية اقتصادية مدروسة .
 
             اليوم هو الأثنين الموافق 09 / 05 / 11 ( يوم كتابة المقال ) وينساب نسيم الصباح منعشاً الروح ومداعباً الأزاهير الجميلة وملامساً جموع سنابل الحنطة لتشارك العصافير المرحة في رقصة الصباح الخالدة ، وفي خضم تلك الأجواء تتقاطر الجموع وتختار لها موضعاً لتدق فيه اوتاد تلك المظلات والخيم الجميلة المتنوعة الألوان والأشكال .
هذا الدير العتيق يبقى شاهداً على قرون مضت وعلى احداث تاريخية ، كان فيها ليس قليل من المظالم والنكبات حلت بقاطني هذا الدير وبأهل القوش عموماً ، ولم تقتصر اهمية الدير على الشأن الديني فحسب ، إنما كان له شأن اقتصادي وسياسي ايضاً ، واليوم يعتبر شيرا ( مهرجان ) د رابان هرمز واحداً من أشهر المهرجانات الدينية الشعبية التي يشارك فيها اعداد  كبيرة من ابناء شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، ومن باب المقارنة فثمة فرق شاسع بين الأمس واليوم في احتفالات هذا المهرجان الشعبي .
 بالأمس ( وحينما اقول بالأمس اقصد قبل حوالي نصف قرن من السنين ) كانت الحمير واسطة النقل الرئيسية ، والسيارات معدودة لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة او اليدين في احسن الأحوال . واليوم مئات بل آلاف السيارات تنقل المحتفلين الى الدير ويستمر الشيرا لمدة يومين بدلاً من اليوم الواحد كما كان سابقاً ، بالأمس كانت الحمير للنقل بينما اليوم يقتصر دورها لركوب الأطفال والتنزه والترفيه عنهم .
بالأمس يتقاطر المحتفلون من القوش عن الطريق المحاذي لقدمة جبل القوش ويتسلقون الشعاب والصخور لبلوغ الأشجار الوارفة والكهوف العميقة في صدر وهدة ( كليّا ) ربان هرمز في حين يكتفي الناس اليوم بنصب خيمهم ومظلاتهم في مدخل الدير جنوباً الى مقربة من دير السيدة ، ويختلط الحابل بالنابل في الأصوات المنبعثة من اجهزة الراديو والمسجلات المدعمة بمكبرات الصوت .
بالأمس كانت البندقية وسيلة مهمة للاحتفال وكل يتباهى ببندقيته الغالية الثمن ، لكن ت
يبقى إصابة الهدف هي التي تحكم على البندقية وصاحبها ، ويبقى المشترك بين الأمس واليوم هو المشروبات الروحية ، وإن كان بالأمس العرق المحلي فحسب فإن اليوم ثمة مشروبات اجنبية متعددة ومتنوعة لكن لجميعها مفعول واحد .
كانت لي رغبة شديدة بالوصول الى الدير العالي بدلاً من الجلوس تحت ظلال الخيمة المنصوبة وأحتساء الخمر ، وهكذا انطلقت وحيداً الى الدير ، ومن الطبيعي ان اختار الطريق الوعر ، غير المطروق ، لكي اختبر قدرتي ، وهكذا كانت الجموع متجهة نحو الدير في الطريق المعبد ، في البداية خامرتني الشكوك من إنني لا استطيع تسلق الشعاب الوعرة التي كنت اسلكها قبل حوالي نصف قرن ، لكن ليس بيدي حيلة فإنني اعشق هذه الممرات وتميل روحي نحو سلوك المصاعب ، فإيماني ان الحياة الروتينية تبقى مملة لا معنى لها دون مغامرات ومصاعب ، وهكذا انا الوحيد تسلقت نحو الصهريج ( سارجتا) وأحزنني واقعها المؤلم حيث سدت فوهتها ويبدو انها احيلت الى التقاعد ولم يعد لها تلك الأهمية ايام زمان ، ولم تعد محطة لتجمع مياه المطر فيها جوفها ، إنها اوحت لي بأن اذكر بيت شعر لميخائيل نعيمة يقول :
 يا نهر هل نضبت مياهك فانقطعت عن الخرير
                                                   ام خاب عزمك فانثنيت عن المسير
بدأت بتسلق المنحدر الصخري آملاً ان اعثر على الممر الذي يطلق عليه الألاقشة ( أورخا د جوبا : Urkha d Chopa) ولا ادري مصدر التسمية ، وأمعنت في التسلق دون ان اعثر على الممر الذي كنت اسلكه في سنين الشباب في الليالي الحالكة الظلام دون صعوبة او عناء ، وأخذت اتساءل هل اختفى الممر بفعل الشجيرات والحشائش ، وأنا في غمرة تساؤلي انسابت امامي برشاقة افعى رقطاء ومضت الى حال سبيلها ، ولكن يبدو انها كانت تحذرني من الوقوع فريسة لأفعى سامة قاتلة معروفة في الجبل تعرف بـ ( كورمار ) والأسم كوردي ويعني الأفعى العمياء وتتميز بقصرها وسعة جسمها مقارنة مع الأفاعي الأعتيادية ، وهي تكمن على حافة الممر لتقفز بخفة عجيبة على رجل الأنسان وتغرز فيه انيابها السامة وعلاج سمومها شبه مستحيل . فعلاً بدأت اتحسس طريقي إذ ان النهار كان مشمساً يميل نحو الحرارة وهذا موسم خروج الأفاعي من اماكن سباتها .
كنت بالقرب من القمة ، ولابد إني مخطئ في الطريق فنظرت نحو الأسفل فوقع نظري على الممر الضيق ( ارخا د جوبا ) وعكفت على الأنحدار نحوه ، لاستمر فيه الى موضع يطلق الألاقشة عليه ( قوراثا د تتر ) اي قبور التتر ، ولا ادري لماذا اطلق مثل هذا المصطلح على المقبرة ، علماً ثبت في الموضع حجر املس كتب عليه بالعربي والكلداني ، مقبرة بيت ابونا .
إن هذا الطريق غير مطروق كما اسلفت ، وكانت سيول الأمطار الأخيرة قد خربت اجزاء من هذا الممر بحيث ترتب علي التشبت بأغصان الأشجار لعبور بعض المناطق ومنها ما ترتب علي الأمساك بالصخور في كلتا اليدين لأن الأنزلاق يعني السقوط نحو الهاوية .
حين وصلت بالقرب من الدير مجاور ( كوبّا د باروت : Guppa d Barut ) سمعت شرطياً من السطح وهو قرب كنيسة الدير يصحيح على صاحبه الشرطي في نقطة اسفل الدير ، ويقول له : أرى شخصاً يأتي من الطريق الممنوع ، فخرج الشرطي الخفر ووقف امامي وقال لي ان هذا الطريق الذي سلكته لا يسمح به المرور للوصول الى الدير ، فقلت له : إن هذا الطريق انا اسلكه قبل ان ولادتك فكيف تريد ان تمنعني ؟
 وهنا رحب هذا الشاب وقال مبتمساً ان الدير وكل كلي ( وهدة ) دير الربان هرمز وكل طرقه مفتوحة امامك .
نزلت من الدير ومناسبة شيرا الربان هرمز جمعتني مع الصديق صباح توماس ( ابو ليلى ) وتذكرنا الأيام القديمة في هذه الجبال ، وبدأ يردد المقولة القديمة ( ليسقوتون لكاري دّبّا ، دلا شقلي لوخون صباح وحبّا ) ، وأخذنا بعض الصور التذكارية في تلك المواضع التي كنا نأوي اليها قبل حوالي نصف قرن من السنين .
عزيزي القارئ ان الكتابة عن الدير وعن الأيام الخوالي تبقى بمثابة المنهل الصافي الذي لا ينضب ، ولهذا اعود الى عنوان المقال وأقول :
خلال يومي شيرا دربان هرمز كان ثمة اجراءات امنية مشددة منها التابعة لمركز شرطة القوش وأخرى تابعة لقوات الأسايش ، وقد عملت هذه القوات على حفظ الأمان والأستقرار في هذه المناسبة الجميلة . ولكن .. ولكن ..
كان هنالك حالة تبعث على الأسف ، وهي التسابق على رمي الأوساخ والمخلفات من القناني الزجاجية الفارغة والزجاج المكسور والأكياس البلاستيكية والعلب الفارغة وهلم جراً من مخلفات المحتفلين ورميت على تلك الأرض الخضراء الجميلة بلا مبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية وعدم تقدير الطبيعة والبيئة المحيطة بنا ، وأمام هذا الزخم توارت هذا اليوم زهور شقائق النعمان والزنابق والبيبوني وجميع الزهور الجميلة ، لقد رأيت سيارة كبيرة تسير وتسحق سنابل الحنطة الجميلة ، اختفى رونق المكان وجماله تحت هجمة تلك المخلفات ، واكتست تلك الأماكن الجميلة بما لا يعد ولا يحصى من تلك الفضلات ، وهنا لا يمكن حجب السؤال الذي يقول : من المسؤول عن الأعتداء على البيئة التي ينبغي علينا جميعاً ان نحترمها ؟
هل المسؤول هو بلدية القوش ؟ ام إدارة دير السيدة ؟ ، كان يمكن ان تقوم هذه الجهات بتوزيع اكياس جمع القمامة على كل عائلة ، لتجمع المخلفات بها ومن ثم كان يمكن جمع هذه الأكياس .
عموماً اقدم قتراحي من خلال هذا المقال المتواضع ان نقوم بحملة لتنظيف المكان من تلك المخلفات المؤذية والمقززة للعين ، وساكون انا اول المساهمين في جمع تلك المخلفات ووضعها في اكياس القمامة وأنا مستعد ان اساهم مع اية جهة تقوم بهذا العمل الذي يخدم مدينتا الجميلة القوش وديرها العتيق دير الربان هرمز التاريخي .


 حبيب تومي / القوش في 13 / 05 / 11

    الكاتب في مغارة نقرت بإزميل راهب متعبد في الزمن الغابر

202
ضياع حقوق الشعب الكلداني بين الحكومة العراقية وأحزاب شعبنا المتنفذة
 بقلم : حبيب تومي /  القوش
habeebtomi@yahoo.no
في مقال آخر سأتطرق الى ضياع حقوق الشعب الكلداني في اقليم كوردستان .
بعد عقود وقرون من الصهر القسري الذي فرض على شعبنا الكلداني ، كان يغمره الأمل بعد سقوط النظام عام 2003 ان يستعيد مكانته التاريخية ، وأن يستقر في وطنه وفق مبادئ حقوق الأنسان وحقوق الأقليات المتسمة بعناوين المساواة والكرامة والإخاء ، إن هذه المبادئ قد أقرت في كثير من لوائح المعاهدات بشأن إنصاف الأقليات الأصيلة باعتبارها الشرائح الأجتماعية التي يطالها الأهمال والتهميش ، ناهيك عما يصيبها من عمليات القمع والأضطهاد من قبل الحكومات أضافة سلوكيات العنف الأجتماعي وفوق تلك المظالم تأتي العمليات الإرهابية التي تحصد هذه المكونات وتهجرها من وطنها الأم ولعل شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق إضافة الى المكونات الأخرى من اتباع الديانات غير الأسلامية تأتي  في مقدمة تلك المكونات التي نتحدث عنها في هذا المقال  .
 يعتبر الشعب الكلداني من الشعوب الأصيلة في وطنه العراقي لكن الغريب ، ولحد اليوم يعامل شعبنا بمفاهيم الصهر القومي من خلال المحاولات والعمل على إلغاء القومية الكلدانية ، وكأننا نعيش في ظل نظام شمولي ديكتاتوري يمنع المجاهرة بالأنتماء الديني او القومي ، وكأن هذا هذا النظام لم يأت نتيجة انتخابات ديمقراطية ، حيث يجدر مراعاة جميع المكونات ومنحها حقوقها الأجتماعية والسياسية والدينية والقومية والمذهبية ، وإلا ماذا يعني الحكم الديمقراطي ، إن كان ظالماً لمكون عراقي اصيل كالشعب الكلداني . هل ينبغي علينا نحن الكلدان التملق ومداهنة الحاكم لكي تمنح حقوقنا المشروعة في وطننا العراقي ؟
لماذا لا تعامل الحكومة العراقية الشعب الكلداني كمكون عراقي قومي اصيل ؟ لماذا تضعنا تحت وصاية الحزب الآشوري وكأننا عبيد وخدم لغيرنا ؟
 اليست القومية الكلدانية ثالث قومية عراقية ؟
 الم يكن للشعب الكلداني دوراً مشهوداً في تأسيس الدولة العراقية الحديثة ؟
 فلماذا تقبل الحكومة العراقية ان تضع هذا المكون الأصيل تحت الوصاية ؟
 حقاً إنه سلوك مجحف من قبل هذه الحكومة وهو منافي لأبسط قواعد الديمقراطية ، ولأبسط قواعد حقوق الأنسان وحقوق الأقليات .
إن الحقيقة البديهية التي غبار عليها هي ان الشعب الكلداني هو من الشعوب الأصيلة في وطنه العراقي ، وإذا خرجنا  عن حدود العراق سوف  نقرأ عن لوائح وقوانين دولية  حول حقوق الشعوب الأصيلة وهي مضمونة في هذه الدول التي تحترم حقوق الأنسان وتطبق هذه القوانين وتبين وتبرز ما تدين به البشرية للشعوب الأصيلة وإذا تتبعنا المادة 22 حول هذه الشعوب نقرأ :
( إن للشعوب والجماعات الأصيلة وغيرها من الجماعات من السكان الأصليين دوراً حيوياً لتلعبه في إدارة البيئة والتمنية نتيجة معرفتها للبيئة وممارستها التقليدية ، وعلى الدول الأعتراف بهويتها وثقافتها ومصالحها ومنحها كامل المساعدة اللازمة والسماح لها بالمشاركة الفاعلة وفي تحقيق تنمية مستدامة ) .
إين موقع هذه المادة من حقوق شعبنا الكلداني ؟ كيف نوفق بين هذه المساحة من الحرية التي تضمنها المواثيق والمعاهدات الدولية ولوائح حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، وبين ما يتعرض له شعبنا الكلداني الأصيل من ظلم وسلب حقوق وكم الأفواه ؟ ومن محاولات التشويه التاريخي الذي يتعرض له هذا الشعب الأصيل في وطنه العراقي ؟
 بالأمس كان صدام حسين يمنعنا عن المجاهرة باسمنا الحقيقي ويجبرنا على تدوين التسمية العربية في السجلات ، وهذا لم يكن غريباً على الحكم الدكتاتوري الشمولي الذي اراد للجميع الأنصهار في بودقة العروبة ، ولم يكن هنالك اي شك ان هذا التوجه كان في سياق الفكر القومي الفاشستي الذي يؤمن بتفوق ونقاء القوميات ودونية قوميات أخرى .
ولكن سؤالي اليوم كيف نستطيع ان نبعد هذا الفكر من الفكر القومي المتعصب لبعض احزابنا القومية ؟  ان لذي يتعمد بإلغاء القومية الكلدانية الأصيلة وتذويبها هي الأحزاب القومية الآشورية ، مع الأسف ان الحزب الآشوري يحاول اليوم ان يلعب نفس الدور في مسألة إلغاء التسميات القومية التاريخية  لشعبنا .
في الحقيقة تأخذني الحيرة والدهشة  امام سلوك الحزب الآشوري ، وأقصد بالحزب الآشوري بشكل رئيسي الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، وفي قراءة حيادية نزيهة في احداث التاريخ المعاصر سيجد المرء امامه عام 1918 قبائل آثورية نازحة من مناطقها في اورميا وجبال حكاري حيث سلبت املاكهم وأراضيهم واستقر بهم المطاف بعد رحلات شاقة ومهلكة أستقروا في معسكرات للاجئين في بعقوبة ، وسيجد القارئ ان محاربة هذه القبائل جرى في وضح النهار من قبل العرب والأكراد والتركمان في حوادث مذكورة بوضوح في مصادر كثيرة ، لكن كل منصف يعترف بأن المكون الوحيد الذي وقف بقوة وشجاعة مع هذا الشعب في محنته الأجتماعية والسياسية والأنسانية كان الشعب الكلداني .
 لقد قدم لهم الشعب الكلداني لهم كل ما يمكن تقديمه ، لكن مع كل ذلك نجد الحزب الآشوري وهو في موقع قوة بعد 2003 ينكر تلك المواقف الأنسانية الشجاعة ويقابلها بنكران تاريخ الشعب الكلداني وإلغاء قوميته الكلدانية ، حقاً انها معادلة تبعث على الحيرة وعلى إدراج وطرح كثير من علامات الأستفهام .
 لكن الأنصاف يقتضي الأعتراف بأن هذه الحالة ليست عمومية عند الشعب الآثوري فقد افرحني وأزال شيئاً من حيرتي سيادة المطران الجليل مار باوي سورو حينما قام وبارك بصراحة وشجاعة مؤتمر النهضة الكلدانية ، الذي عقد في كاليفورنيا مؤخراً ، لقد كانت بركاته وتهانيه بمنطق شخصية منتمية الى القومية الآشورية ويحمل المذهب الكاثوليكي ، ونفس السلوك الطيب انطبق على الأستاذ لنكولن مالك الشخصية الآثورية المعروفة .
خلال سفرتي الأخيرة الى الوطن ، تصلتني معلومات عجيبة غريبة وهي مؤسفة حقاً ، فقد علمت انه في احتفالات اكيتو لم يحتفل بها ابناء شعب واحد ، إنما كانت بين مصارعين على الحلبة  وكل شخص يريد هزيمة خصمه اللدود ، ومن ثم  ابراز حزبه السياسي وليس إظهار  ان المحتفلين  باعتبارهم يمثلون شعب بينهريني واحد ، لقد كان كل طرف يريد التغلب على خصمه .
 فضائية عشتار التي تدعي الحيادية تبرز العلم الآشوري فحسب ، وحينما اخذت مغنية على المسرح العلم الكلداني بيدها سارعوا الى إزالته وتسليمها علم أشوري ، وكأن العلم الكلداني يعود لحزب نازي وليس لشعب حليف او صديق ، اما الزوعا فكانت تسعى ان يكون الأحتفال عبارة عن احتفال زوعاوي فحسب فلا اعياد اكيتو ولا هم يحزنون ، والمغنين كلهم مؤدلجين بالأفكار الثورية التي تقتضي إبراز ( الأنا ) الحزبية والقضاء على الخصم القادم من الفضاء الخارجي ويريد تمزيق الأمة . أجل هذا ما استشفيته من كثير من المشتركين بالأحتفال من خارج مكون الحزب الآشوري .
إذا تركنا موضوع الأحتفالات وتطرقنا الى جانب آخر سنجد إن الحركة الديمقراطية الآشورية تسعى ان تكون جميع الوظائف في الحكومة العراقية من ابناء شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ان تمر تحت ابطها ، وحتى اصغر الوظائف ، ( هذا ينطبق على المجلس الشعبي الذي يلعب نفس الدور في اقليم كوردستان وسنأتي علي ذكره  في مقال آخر ) يا ترى هل الحركة تأخذ جانب الحياد  في توجهها هذا ؟ أنا شخصياً لدي كامل الأحترام لسيادة وزير البيئة الذي رشحته الحركة لهذا المنصب ، ولكن آلية التعيين جاوزت حتى دائرة الحزب لتصل الى دائرة تعيين الأقارب فحسب ، ( اكرر تقديري وأحترامي لشخصية السيد وزير البيئة ) فليس لي اي تحفظ على شخصيته . ولكن انا اعترض على آلية التعيين فحسب وليست الأسماء مهمة عندي .
لقد علمت من بعض المصادر ان السيد يونادم كنا يحاول عرقلة تثبيت المدير الجديد للوقف المسيحي وهو احد ابناء الشعب الكلداني ويبدو ان تعيينه حصل بمنأى عن  قنوات الحركة الديمقراطية الآشورية . أليس هذا السلوك مناقضاً لما ترفعه هذه الأحزاب من شعارات وتزعم فيها  بأننا شعب واحد ؟
إن الشعب الكلداني يجري تذويبه وصهره والأجهاض على شخصيته وقوميته من خلال حزبين متنفذين هما الحركة الديمقراطية الآشورية في عموم العراق ، ومن قبل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري في اقليم كوردستان ،  ولدي شواهد كثيرة على هذا السلوك من قبل الحزبين اللذين يدعيان اننا شعب واحد ، فهل نحن شعب واحد بالأحترام المتبادل والأخوة والتعاون والتفاهم ؟ ام اننا شعب واحد وفق عمليات التذويب والصهر وفرض الحصار الأقتصادي ولوي الأعناق وكسر العظام ؟
 على الأحزاب الآشورية ان تقرأ التاريخ المعاصر جيداً وسيجدون الشعب الوحيد الذي وقف الى جانبهم في محنتهم هو الشعب الكلداني فقط والى اليوم . فلماذا هذا السلوك المنافي لكل معاني الأخوة والشعب الواحد ؟
حبيب تومي / القوش في 07 / 05 / 11


203
القوش يا زهرة المدائن ومربض الأسود
بلقم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoono
عشق ابدي تربطني وشائجه مع حبيبة اسمها القوش وهي تربض كلبوة امام جبلها العتيق على مسافة زمنية عمقها  امتداد ابد الدهر ..  وهي تنتشلني مرغماً من اعماق اللاوعي لتضعني في احضان الواقع والحقيقة ، ولكن يبقى هذا الواقع عاجزاً امام بوصلة الوجدان المتجهة دوماً نحو سبر اغوار  الذكريات الكائنة في ثنايا المواقف ووراء الأكمة وتداعيات الحوادث المريرة والمفرحة ، وأوقات الضيق والفقر والشدائد والملمات  وما اكثرها وأوقات الرغد والفرح والمسرات وما اقلها ، لكن في المحصلة كانت ، وفق مقياس الذكريات ، اوقاتاً تغمرها السعادة والمحبة والبساطة .
حين الكتابة عن القوش ، الكلمات تستبق ريشة قلمي لتسهم في تعبير عن النسخة الجميلة المحملة بعبق التاريخ ونقاء الأصالة لهذه البلدة التاريخية الجميلة ، إنها في هذا الفصل ( الربيع ) منتعشة متمايلة متراقصة ، المشهد يسحرني ، والسعادة تغمر كياني إذ ان مخيلتي تنسج من هذه السنابل المتمايلة بتناسق ورشاقة وكانها تعزف سمفونية الأزمان الغابرة وتحيي هذا الأنسان المغترب والذي جاء ليعانقها ، فكانت ترقص له طرباً على انغام النسائم القادمة من الأفق البعيد  لتلامس اوتار قلبي ، هكذا كنت في لحظة ما غارقاً في تأملاتي انا الأنسان الفاني الى جانب  هذا الجبل الخالد والشاهد على رقصة السنابل الأزلية ، اجل نحن نشكل فرقة سمفونية وشائجها الحب والعشق الأبدي بين انسان اطلق عليه في القوش اسم (حبّا ) ومع مدينة تاريخية اسمها القوش ومع حقول خضراء مترامية تؤدي الرقصات الخالدة .  
 إنني في القوش ويحل فصل الربيع حيث يكسو البساط الأخصر المساحات وتتزاحم الورود الجميلة شقائق النعمان ( بيبون دنيسان ) وبيبوند آذر والنرجس ( مرقوزي ) كل هذه الزهور الجميلة وغيرها تتزاحم في هذا الفصل وكأنها في سباق لأختيار ملكة الجمال ، وهي ناسية او متناسية ان جمالها يكمن في جمعها في باقة واحدة لتتصدر ركن البيت الجميل او لتشكل حديقة جميلة تتخللها شتى الأوراد والألوان والروائح الذكية .
 إن أهل القوش الكلدانية يشبهون الورود والزهور التي تكتسي ارضهم فهم على تنواعاتهم السياسية والأجتماعية فإنهم يجتمعون بل ينصهرون في بودقة عشق وحب القوش ليشكل مجتمعاً من شباب ونساء وأطفال وشيوخ وعلى اختلاف ميولهم ومشاربهم لتكوين سبيكة صلدة لا تفتتها عوارض الزمن وتقلبات الحياة والرياح الصفراء .
إنسان القوش لم يتغير ، إنه كسنابل الحنطة التي بقيت على مر الأجيال والدهور تمنح الحياة وتعطي  ثماراً وغذاءاً وثراءً . وهذه السنبلة المعطاء تجسرني نحو افاق الذكريات في ادب البينهريني حيث سطرت المخيلة العراقية القديمة أناشيد الخصب والحياة والموت ، ومع انبعاث عبق التاريخ نقع على احداث ارتشاف رحيق الحب حتى الثمالة ، وممارسة الحياة بكل ثانية ودقيقة فالزهرة تعيش يوماً واحداً لكنها تعيش اليوم كله ، والخلود في سجلهم هو للالهة فحسب وعلى بني البشر ارتشاف رحيق الحياة قبل اختفائه في الأثير ، فنقرأ في ملحمة جلجامش اللوح العاشر ( جوزيف ياكوب : ما بعد الأقليات ص64 ) :
وحدها الآلهة تعيش ابداً تحت الشمس ،
 اما الأنسان ، فأيامه معدودة .
مهما فعل فليس ذلك إلا هباءً ،
اين تذهب يا كلكامش ؟
الحياة التي تبحث عنها
 لن تنالها
حينما خلقت الآلهة العظام ، البشر
جعلوا قدرهم الموت
واحتفظوا لنفسهم بالحياة الخالدة
 ولكن انت يا كلكامش
 ليكن بطنك شبعاناً ابداً
كن فرحاً ليل ، نهار
أرقص وامرح
 اجعل من كل يوم من حياتك
عيداً للفرح والمسرات
لتكن ثيابك نظيفة وفاخرة
 اغسل رأسك واستحم
لاطف بيدك الطفل الذي يمكث فيك
 افرح الزوجة التي بين ذراعيك
هذه هي الحقوق الوحيدة التي يحظى بها البشر .
وفي دعوة لممارسة الحياة حتى الثمالة نقرأ في قصة العشق بين نرجال وهو من العالم العلوي  وهو عشيق ايريشكيجال وهي سيدة العالم السفلي وتملك بيدها عصا الموت فيهابون سطوتها ، وبعد ان يحاول نرجال عشيقها الأختفاء ، تبحث عنه وتقتفي آثاره وتنشد :
أعيدو ذاك الذي كان يغمرني لذة وقبل ان اشبع منه تركني ، اعيدوه ليصبح قربي ويبقى ليلاً ونهاراً معي ..( من مقال محي الدين لاذقاني جريدة الشرق الأوسط 19 / 1 / 2001 ) .
كنت اعمل في اعالي البحار المترامية واحاول ان أقارن هذا الأمتداد اللامنتهي مع صديقي الجبل ، حيث كان له سحره الكبير ويفلح في تبدد الشعور بالوحدة ، وإن تسلقت بعض صخوره وسرحت في شعابه ، كانت السهول تمتد امامي وفي الليل حيث السماء المرصعة بالنجوم ، وفي الأفق الأمامي تمتد الأنوار المنبعثة من المدن باتجاه الموصل حيث تمتد تللسقف وباقوفا وباطنايا وتلكيف ، وهذا ما اوحى لي لأختار هذا العنوان لمقالي وهو زهرة المدائن وهو لقب تحبذه فيروز لكي  تكنى به القدس ( اورشليم ) .
على الصخور الصلدة وعلى قمم جبلها رسمت بريشة قلمي صورة الفتاة الجميلة والأصدقاء الأوفياء والطفولة السعيدة والآمال الخضراء .. بعد عقود من الزمن الفاني ، ذهب كل صديق الى حال سبيله ، لا بل ان هذه المدينة وقفت عاجزة عن تلبية طموحاتنا ، وأستطيع ان اقول انها رمتنا كما ترمي فتاة فتات الخبز للأسماك في اعماق البحر ، فكان مصير كل منا في بلد ما او مدينة ما او اقاصي منسية في مكان ما .
 اليوم لم يعد امامي سوى ان اضع بعض تحيات هنا وهناك فالمرأة الألقوشية التي لا زالت تقف امام لهيب التنور وقد احمر وجهها من شدة الحرارة وهي تخرج الرغيف المحمص ، وأقول لها ان امك كانت تتسلق الجبل في الصباحات الباكرة وتجلب الحطب لتشعله في الموقد الطيني ، الأثفية ، وبلغتنا الكلدانيــــة ( بايا : Paya ) لتدفي الغرفة وتطبخ البرغل والحبية .
 وأقول الشاب اليافع المفتول العضلات ان ابيه كان يستيقض مبكراً ليصحب دوابه ويبدأ بحراثة الأرض ليزرعها وفي صباحات الصيف الباكرة يحمل منجله ليبدأ مشوار الحصاد .. وأحيي الشاب الجميل الذي يركب سيارته الفارهة في شوارع القوش حيث كان ابوه او جده يقود حماره المحمل بالحنطة   قاصداً صوب رحى البيندوايا ليحصل على الدقيق ، وأرى امامي فتاة اخرى وفي يدها ( صوندة ) تغسل الشارع بالماء ويفيض امامي الماء في الأزقة فيهدر هذا الماء وهو المادة الثمينة ، والذي كان يشكل دائماً مشكلة ازلية في هذه القوش إن كان للزراعة او للشرب او الأستعمال اليومي ، فأتذكر في اوائل الخمسينات من القرن الماضي امهاتنا اللائي يسهرن ساعات طويلة فوق فوهة البئر لتفلح في جمع الماء الناضح المتجمع في قعرها . هذه هي الحياة كل يوم بل كل لحظة لها مميزاتها وهمومها وأفراحها واتراحها .
اليوم خرجنا من دائرة الخوف ومن عقدة مداهنة الدكتاتور ، وبدأنا نعبر عن هويتنا بحرية ، ولم تعد تلك النقطة اللعينة ( السيطرة )التي كانت مثبتة  قبل الدخول الى القوش لم يعد افرادها يهينون كرامتنا ولم يعد فيها من يمنع المواطن من جلب مادة غذائية لأطفاله حيث كانت في حينها تعتبر من الجرائم  ، ولم يجرأ اليوم من يقف في هذه السيطرة  النظر والتحدق في المرأة الجالسة في السيارة ، لقد كانت السيطرة في زمن البعث سيطره مخصصة لأهانة الأنسان الألقوشي وإذلاله ، اليوم نشعر بالكرامة والحرية ، من حقنا اليوم ان نجاهر باتجاهاتنا السياسية ونمارس طقوسنا الدينية ، ونعلن عن قوميتنا الكلدانية بكل فخر واعتزاز دون خوف او وجل .
كم انا سعيد اليوم ان يقف على مصير القوش اناساً طيبون ، شباباً اقوياء مفتولي العضلات ، اناساً مثقفين متسلحين بالعلوم والفلسفة والمعارف ، إن من يقرأ تاريخ القوش سيجد امامه تاريخ زاخر بالعلوم والفنون ، ملئ بالتضحيات والبطولات ، حافل بمواقف التعاون والتآخي والتكافل ايام المحن والضيق والفقر ، إنها القوش التي يعشقها ابنائها اينما حلوا في حلهم وترحالهم ، وسوف لا اقول " القوش يمد مثواثا " بل اقول القوش يازهرة المدائن ومربض الأسود .
إن موجة الهجرة الذي ينتابها اليوم  سوف تتبدد يوماً ما ، وتعيد القوش عافيتها ويعود تألقها التاريخي ، وتبقى محتفظة بمآثرها ومنزلتها الرفيعة في الوطن العراقي وفي اقليم كوردستان . إنها القوش القلعة الكلدانيـــــــــــة الخالدة .
 حبيب تومي / القوش في 02 / 05 / 11


 

204
رسالة مفتوحة الى الدكتور برهم صالح بشأن مصرف الوركاء في كوردستان
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
لا نخالف الحقيقة والصواب حينما نجزم بان أقليم كوردستان ينعم بمساحة كبيرة من الأمن والأستقرار قياساً مع بقية انحاء العراق ، ولا ريب ان الأجواء المستقرة شكلت السبب الرئيسي لأيجاد مناخ صالح لجذب الشركات والمستثمرين لتوظيف اموالهم في تلك المناطق المستقرة ، فليس هنالك من مستثمر مجنون يرمي امواله في وسط هائج تهيمن عليه عوامل الفوضى والأرهاب والعنف ، وهكذا كان الفرق بين اقليم كوردستان وبقية مناطق العراق ، فأقليم كوردستان يشهد زخم كبير لتدفق رؤوس الأموال والشركات الأستثمارية .
تحت تأثير هذا الواقع كان امام القيادة الكوردية ضرورة وضع ضوابط ومعايير وقوانين تضبط بموجبها تلك الشركات والمؤسسات لكي تقوم بواجبها على الوجه الأكمل ، ولهذا شرعت انظمة وقوانين لتشكل وتحدد منظومة الحقوق والواجبات التي يحددها القانون لتلك الشركات والمؤسسات القادمة للعمل والأستثمار في الأقليم .
سيادة رئيس وزراء اقليم كوردستان  الدكتور برهم صالح المحترم
 إن المؤسسات والشركات العاملة في اقليم كوردستان ينبغي ان تنهض بواجباتها بشكل صحيح لا سيما تلك التي تتعامل مع مصلحة المواطن العراقي والكوردستاني بشكل مباشر . ومن الطبيعي ان تكون المصارف الأهلية هي ضمن تلك المؤسسات ، وأضيف بأن فروع مصرف الوركاء في دهوك وأربيل وزاخو والسليمانية تعتبر من المؤسسات التي تتعامل مع المواطن الكوردستاني بشكل مباشر ، والجدير بالذكر ان الشريحة المتعاملة مع هذا المصرف تقدر بالآلاف ، ولهذا انا اعرض مشكلة جماعية وليست مشكلتي الشخصية فحسب .
 إن وجود هذا المصرف على ارض كوردستان وتعليقه بشكل بارز يافطة كبيرة تعلن عن اسمه ( مصرف الوركاء للاستثمار ) وبوجود اربعة فروع له في اقليم كوردستان يستنتج انه مصرف مجاز من قبل الحكومة الكوردية وإن هذا المصرف هو مصدر ثقة ، وسوف لا يكون المواطن الكوردستاني ضحية احتيال ، إنما تكون حقوقه مضمونة وفق القوانين . فالحكومة الكوردية تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية امام المواطن الذي يجد امامه يافطة هذا المصرف مثبتة بشكل بارز  في شوارع المدن الرئيسية في الأقليم .
 بنفس القدر من المسؤولية او اكثر تتحملها الحكومة الأتحادية العراقية والبنك المركزي العراقي ، فالمحافظة وضمان حقوق المواطن العراقي هي مسؤولية الحكومة العراقية بشكل رئيسي . والحكومة معنية بمعالجة الوضع المتدهور للمواطن العراقي بكل الجوانب فكيف إذا تعرض الى عملية سلب امواله من قبل مصرف مرخص من قبل الحكومة العراقية ؟ الا تكفيه معاناته اليومية لكي تسلب امواله وحقوقه ايضاً وهو في وطنه ؟
 في مقال آخر قبل أشهر حول نفس المشكلة ( الوركاء) كان هنالك تعلقيات واستفسارات كثيرة حول الموضوع من قبل متعاملين مع هذا المصرف واستلمت غير قليل من الرسائل على بريدي الألكتروني من اناس وضعوا ثقتهم بهذا المصرف ، ثم ضاعت امالهم وأموالهم ، وهم يستفسرون مني لعلني افيدهم بمعلومة تبعث فيهم الأمل فالذي يغرق في لجة البحر يحاول التشبث بقشة صغيرة علها توصله الى برّ الأمان .
 أجل ما هو ذنبي ان ابيع بيتي في بغداد وأودع معظم ثمنه في مصرف الوركاء آملاً في ان استقر في القوش وأبني لي بيتاً ، ثم يفاجئني البنك بأنه لا يستطيع او لا يريد ان يعيد المبالغ التي ودعتها لديه ، إنا لم اكن طامعاً في الأرباح ولحد الآن إنني مستعد ان اتنازل عن الأرباح لكن اطالب بإرجاع المبالغ المودعة لكي تستمر حياتي بشكل طبيعي بمنأى عن تفاصيل الشكاوي والمنازعات القانونية وغيرها من المشاكل التي انا في غنى عنها ، وهذه الحالة تمثل اغلب المودعين في هذا المصرف ، انا ومعي هؤلاء المواطنون لسنا تجار او مستثمرين او مقاولين إنما نحن مواطنين بسطاء تحمينا اللوائح القانونية للدولة ، ونطمح في العيش الكريم بحياة مستقرة بواردات متواضعة .
إن هذه الرسالة المفتوحة قد كتبتها لسيادة رئيس الوزراء في اقليم كوردسان الدكتور برهم صالح ، ورغم معرفتي بزخم اعماله وجسامة مسؤولياته في الأقليم لا سيما ما يخص مهام البناء والتعمير ومكافحة الفساد وأيجاد فرص عمل وتقديم خدمات وضمان الأمن اوالأستقرار والتعايش المجتمعي الى آخره من المهام ، فلا شك ان هذه المشكلة ايضاً تتعلق بحياة شريحة معنية من المواطنين  بشكل مباشر ايضاً ، فالمواطن العراقي تكفيه مشاكله فهو يكافح اجل لقمة العيش ومن اجل الأستقرار  فكيف إذا سلبت امواله من قبل مؤسسة مجازة تعمل بترخيص من الحكومة المركزية وحكومة اقليم كوردساتان ؟
 حينما اودعت في هذا المصرف ( تحويشة العمر ) كما يقال ، قرأت اسم مصرف الوركاء للاستثمار ، وفي داخل غرفة المدير كانت ولا زالت معلقة صورة رئيس الجمهورية ورئيس اقليم كوردستان وصورة رئيس وزراء الأقليم ، واستشفيت بأنني اتعامل مع جهة رسمية او اهلية تعمل ضمن القوانين العراقية وإنني لا اتعامل مع عصابة او مؤسسة محتالة ترغب في سلب اموال العراقيين ، ولقد علمنا ان المصرف يعود لعائلة آل بنية ، وهؤلاء معروفين بقدراتهم المالية وبمكانتهم الأجتماعية وتعاملهم النزيه ولا يمكن ان يكون هدف هذه العائلة سلب حقوق المواطن العراقي .
إن الحكومة العراقية معنية ايضاً بهذه المعضلة فهذه ليست مشكلتي الشخصية بل انها تتعلق بحياة الآلاف ومستقبل عوائلهم  من المتعاملين مع هذا المصرف بفروعه الكثيرة ونسمع مختلف الروايات ، منها ان المصرف سوف تشتريه شركة لبنانية وأخرى تقول تشتريه شركة بريطانية ، والأدهى بالطبع ما نسمه من الشائعات الكثيرة بهذا الخصوص منها ان الحكومة العراقية وهي تحمل طابع شيعي تعمل على عرقلة  اعمال مصرف الوركاء لأن صاحبه ينتمي الى عائلة سنية الى أخره من الشائعات .
تحضرني الذاكرة في حالة مماثلة كيف قام المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان  رئيس دولة الأمارت وكيف بادر الى تعويض المتعاملين مع بنك إماراتي  حينما تعرض الى ازمة مالية . فهل نجد من يسعف المواطن العراقي في العراق الأتحادي ام في اقليم كوردستان ؟
إننا في اقليم كوردستان نضع هذه المشكلة امام سيادة رئيس الوزراء الدكتور برهم صالح والقيادة الكوردية بشكل عام وفي مقدمتها الأستاذ مسعود البارزاني لأنهاء هذه المشكلة وإنهاء مشكلة المواطن الكوردستاني مع هذه المؤسسة التي لها فروع في اقليم كوردستان .
حبيب تومي / القوش في 27 / 04 / 11

205
وكانت رحلتي الى أمريكا
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
كانت فرصة من العمر ان ازور امريكا وأن يكون الهدف حضور مؤتمر كلداني  عام  ( مؤتمر النهضة الكلدانية ) وأن يتقاطر الى هذه البلاد مندوبين من شتى ارجاء العالم لحضور هذا المؤتمر  فكانت مناسبة سعيدة ليس الى نسيانها سبيل  .
قافلة الأعوام تسير ، ومعها يتقدم موكب العمر وتمضي السنون مسرعة وكأنها في سباق مع الريح متلهفة لبلوغ النهاية ، هكذا تعاقبت الاجيال ومرت الأعوام والقرون عبر الأجيال وهكذا سوف تبقى ما دامت المعادلة الازلية باقية بأن لكل بداية نهاية وهي الحقيقة المطلقة المعترف بها في كل الأزمان في الماضي والحاضر والمستقبل .
اتاح لي عملي في البحر ، لما فيه من مغامرة وخطورة ، مشاهدة مدن وموانئ كثيرة في مختلف الدول في اوروبا وآسيا وأفريقيا ، لكن الذي لم اصل اليه اثناء عملي هو عدم بلوغ موانئ ومدن امريكا واستراليا ، وهكذا وضعت امامي ان ازور هذه الدول إن سمحت لحظات الزمن الباقية من العمر .
يداهمني شعور دائمي بأن جينات من العصر الحجري تسير في عروقي ، فالأنسان القديم كان دائم الحركة من مكان الى آخر يجمع قوته اليومي ، وكان يتطلع لاكتشاف مكان جديد في اليوم التالي لقطف ثمار جديدة وصيد جديد . وحتى في الراهن نجد الأنسان دائب الترحال ولكنه اليوم يبحث عن مكان آمن يمنحه شئ من الحقوق والحرية مبتعداً عن مناطق التسلط والظلم الأجتماعي والسياسي والديني الذي طاله من قبل بني جنسه بل من بني وطنه ومن جيرانه الأقربين .
اعتبر نفسي من هواة السفر والتنقل وفي فترة الشباب حيث كانت جبال كوردستان ميدان تنقلاتنا اليومية ، وقد مرت وكأنها ثانية من الزمن ، وفي وقتها لم يكن في قاموس حياتنا مفردة اسمها التعب ، فننتقل بين الوهاب والشعاب والقمم وكأننا في نزهة قصيرة . ثم كانت الحياة الدراسية الجامعية خارج العراق وبعدها كان العمل في البحر لما فيه من مغامرات ومخاطر ، اجل إنني  من هواة السفر ومشاهدة اناس وأماكن ومدن جديدة لا بل إني من هواة تجديد الحياة ، وتبهرني المخترعات الحديثة لا سيما في مجال الأتصالات رغم إني اقف عاجزاً عن مواكبة هذا السيل الجارف من المخترعات اليومية .
كان الأنسان القديم يعتمد على قوته الجمسانية العضلية في التنقل وربما على الحيوانات التي دجنها في مسيرته الحضارية ، لكن بني البشر اليوم يعولون على فكرهم بدل قوتهم الجسمانية . في معرض سفرتي من اوسلو الى سان دييغو في كاليفورنيا قطعت الطائرة ذهاباً وأياباً حوالي عشرين ألف كيلومتر ، وهنا تداهمني الذاكرة كيف كان الأوائل يقطعون تلك المسافت عبر البحار وسط تلك الصعوبات التي تعتري سبيلهم ، لقد عرف ابناء شعبنا الكلداني من ابناء تلكيف عن حبهم للمغامرة ، ولهذا كانوا الأوائل من ابناء شعبنا ممن افلحوا في الوصول الى تلك الأصقاع النائية .
 وهذا ليس غريباً إذا ما قرأنا عن اول رحلة من الشرق الى العالم الجديد قام بها عراقي موصلي من اصل كلداني وهو الياس ابن القسيس حنا الموصلي الكلداني ، والذي انطلق في رحلته من بغداد سنة 1668 قاصداً اولاً زيارة الأماكن المقدسة وبعض الدول الأوروبية ومن ثم الى اميركا ، وقد طلب من ملكة اسبانيا تصريح يجيز له العبور الى اميركا او كما كان يعرف بلاد هند الغرب ( الذهب والعاصفة ، ص 20 تحرير وتقديم نوري الجراح بيروت 2001 ) . إن هذه الرحلة المثيرة لهذا الكلداني من الشرق  كانت بعد حوالي 180 سنة بعد كروستوف كولومبوس مكتشف امريكا . إنه فخر لنا نحن الكلدانيون ان يكون اول إنسان شرقي الى العالم الجديد ان يكون كلدانياً . أجل إنه العالم الجديد لانه اكتشف عام 1492 وسيكون البون شاسعاً إذا ما قيس بالعالم القديم الذي تمتد حضارته الى آلاف السنين قبل الميلاد والذي كان يشكل قلبه النابض بلاد الرافدين صاحب الحضارات المتألقة في تلك العصور القديمة ، لقد ان انطلق الياس الموصلي الكلداني من العالم القديم الى العالم الجديد .
اليوم ونحن نلوج ابواب العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين نسافر بواسطة الطائرة السريعة ،  وكانت امامي وأمام كل راكب في طريقنا من اوسلو الى نيويورك ، شاشة يمكن التحكم بها للدخول الى عالم الأنترنيت ، والى مزاولة مختلف اللعب المسلية لكي لا يصاب المسافر على متن الطائرة بالملل . إضافة الى ذلك فيمكن لهذه الشاشة ان تعطينا البيانات الخاصة بالطائرة ، فهي تبين لك في  كل لحظة اين هو موقع الطائرة وما هي سرعتها ، ودرجات الحرارة خارج الطائرة ، وكم كيلومتر قطعت وكم بقي من المسافة للوصول الى المطار وغيرها من المعلومات التي تأتيك جميعاً من الأقمار الصناعية السابحة بالفضاء الراصدة لكل تحركات الطائرة .
لكن قبل الصعود الى الطائرة كانت هنالك إجراءات تفتيش الحقائب ، وفد اكتفت فتاة شابة بأن تلقي علي بعض الأسئلة التي تتعلق بحقائبي ، وبعد ذلك لم تحاول فتحها والأطلاع عليها معتمدة على إجاباتي ، ولكن رأيت امامي كيف تسير إجراءات التفتيش الدقيقة إن كان لحقائب او اجسام لركاب آخرين ، في الحقيقة ان مثل هذه إجراءات مهمة وضرورية في زمن يوجد فيه من يحاول تفجير تلك الطائرة وقتل ركابها بغية الفوز بالجنة التي تسمح له بمضاجعة أربعين حورية وربما اكثر فأنا إنسان جاهل لا اعرف اعدادها .
اثناء الرحلة الطويلة هذه ، بين اوسلو ونيويورك والتي استغرقت ما يربو على تسع ساعات ، استرعى انتباهي الحركة الدؤوبة للمضيفات العاملات كخلية نحل او كنملات لا يعرفن الراحة والسكون رغم مظاهر تقدم العمر الذي كان جلياً واضحاً على وجوههن ، ولم تفلح مساحيق التجميل والملابس الأنيقة في تغطية آثار الزمن . إن ما يفسده الزمن لا يمكن ان يصلحه العطار ، هكذا لم الاحظ واحدة من المضيفات يمكن ان تجدذب النظر في مقاييس جمال المرأة ، لقد كان الجمال غائباً وبذلك فقدت المرأة امضى سلاحها في كل الميادين .
 ورغم ان الرجل حينما يتقدم به العمر ، وأنا مثال هذا الرجل ، حيث تختزل شروطه ومعايره للجمال ، فتزداد عنده مساحة الجميلات ، فتصبح بمعاييره ، كل فتاة شابة جميلة ، وفي دور الشباب كنا ( نتبطر) في اختيار الجميلة ، ونفرض المقاييس الصارمة للجمال ، من لون البشرة وطول القامة  وشكل ألأنف ولون العيون الى آخره ، وفي الحقيقة ان اي شاب محق في وضع تلك الشروط ، لما يمتاز به من قوة وطموح وإرادة الشباب التي لا تقهر . لكن مع تقدم العمر تتراخى صرامته في فرض الشروط ويعكف على تقليل من شروطه فيتساهل ويغض النظر عن نواقص كان بالأمس يفرضها فلم يعد اليوم يعير اهمية إن كانت المسالة متعلقة ببروز اسنانها او كبر نخيرها او ضمور نهديها او قصر قامتها .  
في هذه الرحلة ارتقيت اسوار الذكريات لاستشرف من نافذة الزمن على لحظات عمر الشباب حيث كنت اقطع الشعاب والوهاد والوديان وأتحمل المخاطر من اجل ان اقف امام الحبيبة وأن افوز بنظرة من عينيها الجميلتين ، اما ان اقترنت تلك النظرة بابتسامة فإنني اسعد إنسان في العالم وإن الكون برمته هو ملكي كيف لا وإن الحبيبة قد منحتني ابتسامة من ثغرها الجميل مع نظرة من عيونها الناعسة في صباحات القوش  . هل كنت مجنوناً ام عاقلاً ؟ لكي اقطع تلك المسافات من اجل ابتسامة او نظرة من مآقي  الحبيبة  ؟ ينبغي الأجابة على هذا السؤال من منطق الزمن ، وللحكم على النتيجة ينبغي العودة الى تلك المرحلة ، وعلينا الحكم على الأمور دئماً بمنطق الزمان والمكان ، وإلا سيكون الحكم قاسياً وظالماً .
 لقد تحلقت كثيراً في دنيا الخيال والذكريات وأعود الى متن الطائرة التي حطت في مطار نيويورك ، حيث الحركة الدؤوبة في كل الأتجاهات ، الدرجات الكهربائية تنوء تحت ثقل البشر ، لا احد مهتم بك ، وفي الحقيقة لا وقت له للنظر اليك ، لكن هناك من يهتم بك ويسمعك ويجيبك على سؤالك ففي كل منعطف من المعطفات الكثيرة وأمام السلالم الكهربائية المتشعبة هناك من يقف بقربها ويزيل عنك حيرتك في ذلك العالم المعقد ويرشدك الى وجهتك الصحيحة ، وفي هذا المطار كانت وجهتي الى فندق من اختيار الخطوط الجوية ، وقد خيرت إن كنت اخذ معي الحقيبة الكبيرة ام اتركها عندهم وأستلمها في سان دييكو وكان هذا اختياري ، وتركتها عندهم وبعد تسليمها استدركت ان فيها ادوات الحلاقة ، حيث لا يجوز ان احملها في الحقيبة اليدوية ، وهكذا استلمت من الموظفة حقيبة صغيرة فيها ادوات الحلاقة مع فرشة ومعجون الأسنان ومشط صغير .
ركبنا سيارة باص صغير وقديم الى الفندق ، وظهر لي بعد ذلك ان الباصات العامة قليلة الأستعمال في هذه البلاد ، فالسيارات الخاصة تحتل الجزء الرئيسي من وسائل النقل بعكس الدول الأوربية التي تعتمد الى درجة كبيرة على النقل العام من باصات وقطارات تحت الأرض وغيرها من الوسائل العامة لنقل الركاب .
في الفندق في الطابق الأول كان هنالك مطعم وحين دخلت اليه فوجئت بصخب الأصوات منها المنبعثة من عدة شاشات للتلفزة وكل منها تنقل مبارات رياضية مختلفة عن الأخرى ، وهنالك صوت ينبعث من السماعات الموزعة على اركان المطعم وبعدها تصلني اصوات المتحدثين الى جواري ولم افهم شيئاً من هذه الضوضاء ، المهم في اليوم التالي توجهت نحو سان دييكو وهناك التقيت بأصدقاء كثيرين لا سيما في النادي حيث علمت حينها لماذا لم اجد اصدقاء لي في القوش لقد وجدتهم في امريكا وبعضهم قد مضى على فراقنا ربما اربعين سنة او اكثر . ولا اريد ان اذكر الأسماء وربما انسى احدهم .
 في هذه المدينة ( سان دييكو ) جالية كلدانيـــــــــــة كبيرة من مدننا وقرانا من القوش وتللسقف وباطنايا وتلكيف طبعاً وغيرها من المدن ، لقد رأيت ان القدماء من جاليتنا الكلدانية قد احرزوا مكانة مرموقة في دنيا المال والشهادات العالية والوظائف والمكانة الأجتماعية ، والكلدان المهاجرون مؤخراً لا زالوا يشقون طريقهم بصعوبة ، فالأعمال قليلة قياساً بما مضى من السنين والعقود .
 سان دييكو مدينة جبلية وهنالك بيوت وفلل جميلة لأبناء جاليتنا في ذرى هذه الجبال ، وحينما يتطوع احد اصدقائي او من اقاربي لأيصالي الى مكان ما ، غالباً ما يصف المسافة بانها قريبة ( شمرة عصا ) ولكن يتبين ان هذا القرب مسافته حوالي اربعين كيلومتر او اكثر ، والشوارع واسعة إلا انها تفتقر الى الإضاءة في الليل ، وحينما اقول تفتقر الى الإضاءة لا اقارنها بالشوارع العراقية إنما اقارنها بشوارع اوسلو والمدن المحيطة بها حيث تكون الأضاءة فيها كاملة .
 لا اكون مخالفاً للصواب إن زعمت بأن أمريكا بلاد واسعة والحرية فيها واسعة بقدر مساحتها ، وكل الأبواب مفتوحة امام الأنسان ، من بينها ابواب الكنائس وابواب الملاهي وابواب الجوامع وأبواب الكازينوات للعب القمار ، إن هذه الكازينوهات عالم قائم بذاته وروادها كثيرين واقدر انهم اكثر من رواد الكنائس والجوامع ودور الثقافة .
في هذه البلاد امام المرء فرص ليشق طريقه نحو العلم والمعرفة او التجارة او الصناعة او في تناول الحشيشة والأتجار بها ، كل الطرق مفتوحة امام الأنسان وعليه ان يختار .
هكذا هي الحياة في هذه البلاد وهي السباحة في تيار جارف لكن هنالك الكثيرين ممن يفلح  ويبدع في هذه السباحة ويفوز بجائزة التفوق في الحياة التي تكون دائماً من نصيب المتفوقين والمبدعين وذوي الإرادة الفولاذية .
 حبيب تومي / القوش في 21 / 04 / 2011

206
إلا كوردستان.. !! لماذا ؟
بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no

                  


العالم العربي اكتنفه سبات شتوي طويل استمر لعقود وقرون الى ان اضرم المواطن التونسي البوعزيزي النار بنفسه  فوصلت تلك الشرارة الى اوصال الشعوب العربية لتستفيق وتجد نفسها مكبلة بقيود الأنظمة الديكتاتورية ، وكانت البداية في تونس لتنساب بسهولة نسبية نحو مصر وتتلكأ في ليبيا واليمن والبحرين وسورية ... ما يشترك به هذه البلدان مجتمعة هو تعشعش انظمة في قمة الهرم السياسي لعقود مستخدمين ديمقراطية مشكوك في نزاهتها ، مما دفع تلك الشعوب الى الحراك والنهوض بغية وضع نهاية لتلك الأنظمة التي دأبت على وضع الخطط لنظام وراثي لكي تبقى تلك البلاد ملك صرف لتلك الأسر الحاكمة .
إن تعاطفنا ومباركتنا لتلك الثورات لا يعني السكوت عن الممارسات الخاطئة وما قد تؤول اليه تلك الثورات من نتائج سلبية ، فما هو معروف ان المد الأسلامي في تونس بعد الثورة قد شهد انتعاشاً ويمكن ان يلاحظة كل ذي نظر ، وفي مصر فإن الأخوان المسلمون والسلفيون استطاعوا من تمرير التعديلات الأرتجالية على الدستور ، رغم إرادة الشباب اصحاب الثورة الحقيقيين ورغم إرادة المكون المسيحي في هذا البلد ، كما ان الضغوطات الأجتماعية بعد ثورة الشباب في مصر طفقت تفرض القيود الدينية الأسلامية في نواحي الفنون والموسيقى والملابس ونحوها وباتت واضحة ومقلقة للمجتمع المصري المتحرر والمنفتح اجتماعياً ، وبعد ذلك كان ضمور الواردات الناجمة عن السياحة .
 في اليمن لا يمكن التكهن بالنتائج لو رحل النظام دون وضع اسس مدروسة لهذا الرحيل ، فالبلاد مقسمة اصلاً ، فكيف يكون الحال حينما تتباين بوصلة الأهداف بعد رحيل علي عبدالله صالح ؟
لا نريد الأسهاب مع الأقطار العربية الأخرى التي تغلي مراجل ثوراتها .
اجل نتعاطف مع ثورات الشعوب ، لكن دائماً ينبغي العودة الى العقل والبراغماتية للحكم على الأحداث بمنأى عن الغرائز والعواطف ، فما هو معروف ان الدولة هي حاضنة الأستقرار والتعايش المدني والتنمية ، وإن الأنقضاض على هيكل الدولة وتقويض مؤسساتها ، لخلق حالة اللادولة التي ستؤول في نهاية حتمية نحو مستنقع الفوضى وحينها سيكون من المستحيل تحقيق النمو الأقتصادي والقضاء على البطالة وتحقيق البنية التحتية وترسيخ الأستقرار السياسي والتعايش المجتمعي .
 من نافلة القول انه لا توجد دولة نقية ( طاهرة) خالية من الذنوب والشوائب ، انها  المدينة الفاضلة كالتي ارادها افلاطون فهذه الدولة افتراضية وهي مكنونة في الخيال فحسب ، وحتى الدول الديمقراطية الأوروبية التي يضرب بها المثل في تحقيق مستوى رفيع من معايير العدالة والمساواة نجد فيها ليس قليل من الشرائح الأجتماعية المتذمرة والناقمة على الأوضاع ، فكيف تكون عليه الأحوال في العالم المتخلف الذي يطلق عليه ، مجاملة ، العالم الثالث وفي الدول العربية بشكل خاص ، التي يتربع فيها الحاكم على سرير الحكم لعقود طويلة ويسعى لتوريث الحكم لأبنه من بعده .
بعد هذه المقدمة الطويلة المملة ننتقل الى الوضع في اقليم كوردستان ، الذي تسعى فيه بعض القوى نسخ وتقليد ما يحدث في العالم العربي ، فما هو معروف ان الأقليم انتقل بغير قليل من النجاح ، مع الصعوبات التي اعترت سبيله ، من دائرة وعقلية الثورة الى دائرة البناء والأستقرار في ظل الدولة ، لقد تميز المشهد العام في اقليم كوردستان باحتوائه على مساحة من الحرية والأعتدال فنشطت الحركة الثقافية وانبثقت صحافة حرة تستطيع تشخيص النواقص ، وانبثق من رحم هذا الواقع معارضة سياسية غير مقموعة ولها حرية العمل وفازت في الانتخابات بحوالي ربع المقاعد في برلمان اقليم كوردستان وكان لها شأن كبير في الحياة السياسية على مستوى الأقليم ، وجرى التداول السلمي للسلطة بموجب ما افرزته صناديق الأقتراع .
 لقد وضعت قواعد اللعبة الديمقراطية في ألأقليم عام 1991 وهي تترسخ وتتطور بشكل ايجابي مع مرور الزمن وكانت نتائجها على الأرض متجسدة في مظاهر الأمن والأستقرار المقترنة بفضيلة التعايش المدني بين المكونات الكوردستانية الأثنية والدينية والمذهبية .
في معادلة تقييمنا لتجربة اقليم كوردستان ، علينا الأعتماد على مبدأ النسبية ليتسم حكمنا بالحيادية والموضوعية ، فالمقارنة بالدول الأوروبية العريقة في تطبيق مبادي حقوق الأنسان والديمقراطية سوف نجد ان اقليم كوردستان لا يضاهي سويسرا او انكلترا .. لكن يمكن القول ان نهج الأقليم الديمقراطي يسير في الطريق الصحيح ، اما قياساً مع دول المنطقة وعموم العراق ، سنجد ان الأقليم قد قطع اشواطاً مهمة في عملية النمو الأقتصادي والتعايش المجتمعي ، ومن المؤكد ان هذه المسيرة اعترت سبيلها عثرات ومطبات ، وكانت هنالك ممارسات خاطئة وفساد إداري ومالي لا احد ينفي وجوده في جسد الدولة ، وإن كان حجم هذا الفساد اقل مما هو متفشي في مفاصل هيكل الدولة العراقية المركزية ، سيكون التبرير غير مقبول فأقليم كوردستان ينبغي ان يكون مثالياً لكي يجري الأقتداء بتجربة الشعب الكوردي إن كان في عملية البناء او في عملية التعايش المدني التي تشكل واحدة من النتائج الأيجابية للممارسة القويمة في لعبة الديمقراطية الوليدة في الأقليم وعلى هذا الأساس يتعين ان يكون الأقليم نموذجاً حياً في قلة الفساد او انعدامه .
علينا ان نعترف بأن القيادة الكوردية التي افرزتها اللعبة الديمقراطية لا تملك العصا السحرية لحلحلة كل المعضلات الأقتصادية والأجتماعية في ليلة وضحاها ، لكن الظاهر للراصد المحايد ان عجلة الأصلاح ومحاولات معالجة الأمور بمنطق الحكمة والتشاور والعقلانية تجري على قدم وساق ، ومع ذلك يتجلى امامنا مشهد فيه استمرارية المظاهرات او محاولة جعلها مستمرة ، ومن ثم تجددها تحت شعارات وعناوين جديدة ، مع امتداد سقف المطالب في كل يوم مع زخم اهداف وأجندات متفاوتة ، لا نجافي الحقيقة حينما نزعم بأن هنالك من يتسربل  بعباءة ثورة الشباب لتحقيق اهدافهم ومثالنا في مصر خير دليل على ذلك .
مهما كان تعاطفنا مع الثورة ومع الحشود المنتفضة لا يمكن ان نقر بأن يغدو الشارع مصدر الشرعية لانه ببساطة يمثل الحشود الصاخبة فحسب ، فلا يمكن إلغاء الدولة المدنية الدستورية إرضاءً لهم . فإسقاط الحكومة ممكن إذا كان عبر القنوات الشرعية التي تنضوي تحت سقف البرلمان الكوردستاني المنتخب بشكل ديمقراطي حر ونزيه ، والدليل الساطع كان ما طرح قبل ايام في جلسة البرلمان الكوردستاني من مقترح سحب الثقة من حكومة الدكتور برهم صالح حيث جرى التصويت بحضوره على مقترح طرح لأول مرة في تاريخ البرلمان الكوردستاني بسحب الثقة من حكومته ، وبعد التصويت نالت حكومته ثقة البرلمان مجددا بأغلبية 67 صوتا مقابل 28 صوتا يمثل كتلة التغيير وثلاثة آخرين من أعضاء الكتل المعارضة، علما بأن البرلمان الكوردستاني يتشكل من 111 عضوا حضر جلسة الثقة 98 عضوا.
إن المطالبة بحل البرلمان المنتخب ديمقراطياً او طلب استقالة الرئيس مسعود البارزاني الذي انتخبه الشعب الكوردي في انتخابات حرة نزيهة ، كل ذلك يدفع الى الأعتقاد ان المتظاهرين ليس هدفهم اصلاح النظام بل هنالك اجندات للإجهاز على النظام والعملية الديمقراطية برمتها . بنظري ان الرئيس مسعود البارزاني يمثل صمام الأمان لديمومة العملية الديمقراطية ، ولترسيخ مبادئ الوحدة القومية في كوردستان ، وذلك نظراً لكارزميته الشخصية ومكانته الأجتماعية والسياسية وتاريخه النضالي .
حينما اقول (إلا كوردستان .. ) فأنا كشخص كلداني ، وتشرفني صداقة الشعب الكوردي ومهتم بالكتابة عنه ، فقد كان هذا الشعب في طور الثورات والأنتفاضات لعقود طويلة وكانت مظاهر الأعمار والديمقراطية والتعايش المدني وغيرها من مقومات بناء الدولة ، كانت غائبة في حسابات تلك الظروف الأستثنائية ، التي كانت اولاً تتطلب بناء منظومة المقاومة بأشكالها ومن ثم تأجيل مفاهيم مؤسسات الدولة . لكن اليوم تغيرت الأمور واصبح بناء الدولة في المقام الأول ، فمعايير المواطنة والأخلاص تكمن في منظومات البناء والتعمير والأصلاح .
في اقليم كوردستان نموذج فريد لدولة كوردية مؤسساتية كانت الوليدة الشرعية لممارسة اللعبة الديمقراطية ، وإن محاولة اجهاض تلك التجربة تحت زخم الشعارات والمطالب عمل ليس في صالح الشعب الكردي . ينبغي الإقرار ان الأصلاح ليس ترفاً بل حالة ضرورية مطلوبة تصب في مصلحة القيادة والحكومة والمعارضة على حد سواء ، إن الأصلاح وتحسين الأوضاع والقضاء على الفساد هي خطوات مهمة تصب في مصلحة الشعب الكوردي عموماً .
 لا ريب ان الشعب الكوردي وجميع المكونات الكوردستانية حريصة بديمومة الأمن والأستقرار في اقليم كوردستان والقيادة الكوردية تشعر وتقدر جسامة المسؤولية ، وبعد ان استطاعت هذه القيادة من تحقيق هذا القدر من المنجزات على الأرض بكل تأكيد تستطيع التركيز على مبدأ الشفافية ، والقضاء على الفساد والمفسدين ، ويكون ذلك بنشر الوعي بين المواطنين ، إضافة الى الأستعانة بقوى الأمن وبالتعاون مع قطاعات الشعب بهذا الخصوص . إن نشر ثقافة التعاون وترسيخ الثقة بين القيادة وشعبها هو السبيل القويم لقطع  الطريق امام القوى المتربصة ، إن هذا التفاهم قائم ولهذا اقول إن الثورة قد تعصف بكثير من الأقطار ، إلا كوردستان . فقد حدثت الثورة وانتهت وحانت لحظة البناء في مختلف مناحي الحياة .
حبيب تومي \ عنكاوا في 15 \ 04 \ 11



207
المطران مار باوي سورو جسّد الوحدة الحقيقية لشعبنا  بحضوره المؤتمر الكلداني
بقلم : حبيب تومي / سان دييكو
habeebtomi@yahoo.no
بالرغم مما اثير حول انعقاد المؤتمر الكلداني من تساؤلات ومن تحفظات من ان يشكل المؤتمر خطوة لتعميق الهوة بين مكونات شعبنا لا سيما بين الكلدان والآشوريين ، فإن تلك المزاعم والتكهنات لم يكن لها وجود على ارض الواقع . فهدف المؤتمر الرئيسي كان من اجل تثبيت الهوية الكلدانية والوقوف بوجه المحاولات التي تستهدف إلغاء القومية الكلدانية من الخارطة القومية العراقية ، بجهة ان حرية المعتقد والأنتماء  حق طبيعي لأي مكون اثني او ديني ومنهم شعبنا الكلداني الذي يملك حق المحافظة على هويته القومية وكيانه في وجه محاولات التذويب والأقصاء ، فوجود اي مكون تكفله  لوائح حقوق الأنسان وحقوق الأقليات التي تشكل ركناً هاماً من تلك اللوائح .
كان ثمة زخماً كبيراً جداً من البحوث والدراسات والكلمات والأشعار وكلها تنتظر فسحة زمنية لعرضها على المؤتمرين ، وفي خضم هذا الزخم كان من المهم فسح المجال لأخواننا الأشوريون الذين حضرروا المؤتمر بقلوب متفتحة طيبة طافحة بالمحبة ، وهكذا كان لهم منذ اليوم الأول مكان في الصدارة ليعبروا عن آرائهم بكل حرية . وجاءت كلماتهم مليئة بمعاني التعاون والتآزر وعلى الأسس المبنية على الأحترام المتبادل وهي بمجملها كانت تشيد بالمؤتمر وتدعو الى التماسك بوحدة الصف بين مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين .
إن تلك الكلمات كانت تبعث الأمل في النفس بأن هنالك شريحة مهمة من الأخوة الأثوريين يختلفون في تفكيرهم عن الأحزاب القومية الآشورية المتزمتة التي تطرح التنظيرات والأديولوجيات الشمولية التي بعثرت شعبنا بدلاً من ان تجمعه . بنظري ان الطبيعي بل من الضروري ان يكون للاخوة الأثوريين حضور في مثل هذه المناسبات المهمة التي تعمق التفاهم وتبادل وجهات النظر بين ابناء شعبنا من منطق الأحترام المتبادل , لكن مع الأسف يبدو ان المسالة تبدو غير مألوفة اي تعتبر من الأستثنائيات ان يحضر  الأخوة الأثوريون لمؤتمر كلداني ، ولهذا كان تقديري واحترامي للمطران الجليل مار باوي سورو وكذلك الشخصية الآثورية المعروفة الأستاذ لنكولن مالك وهو ناشط قومي وسياسي آشوري معروف .  
في جلسة الأفتتاح كانت كلمة سيادة المطران مار سرهد جمو ، التي اشار فيها الى تاريخ الكلدان التليد في ارض الاباء والاجداد في ارض بابل واور الكلدانيين ، وكيف تحمل هذا الشعب العظيم قساوة الغزاة من الفرس والعرب والاتراك والمغول والمحن التي مر بها خلال ال 2000 سنة الاخيرة ، وحتى انبثاق الحكم الملكي الوطني عام 1921 . كان الكلدان ممثلين في البرلمان ومجلس الاعيان العراقيين وكان الكلدان بوطنيتهم وثقافتهم واخلاصهم احد العوامل التي ساهمت في نهضة العراق الحديث ، ولكن بعد سقوط النظام الملكي بدأت المضايقات تمس خاصرة الكلدان وبقية المسيحيين.
وبعد ذلك كانت كلمة السيد مايكل كولاين وكيل وزارة الخارجية الامريكية مسؤول الملف العراقي فيها. تحدث باسهاب عن عمل وزارته في العراق والسياسة المتبعة في مساعدة كافة اطياف الشعب العراقي .
ثم القيت كلمة السيد لنكولن مالك ، والقتها نيابة عنه السيدة جاكي بنجامين ، هنأ فيها انعقاد المؤتمر الكلداني العام. ثم تبعه السيد السفير بيتر بودي ممثل السفير الامريكي في العراق . وبعد ذلك اتيحت الفرصة لطرح الأسئلة على السيدين مايكل كولاين وبيتر بودي فيما يخص الأوضاع في العراق .
 ولكن ما لفت انتباهي كانت كلمة سيادة المطران مار باوي سورو حيث استهل كلمته بقوله :
اقف بينكم كمسيحي وآثوري وأقدم لكم التهاني من اخوانكم الآثوريين ، وأقول ان النهضة الكلدانية هي نهضتنا ايضاً ، اجل نحن كلدان وآثوريون ولكننا كشعب واحد وعائلة واحدة ، وليس من حقنا إلغاء اي مكون ، نحن جميعاً لنا الحرية ، والحرية هي هبة ومنحة إلهية ، ولا ينبغي تقييد حرية الأنسان .
 واضاف سيادته في سياق كلمته قوله :
حينما اقدم نقد على من يتعصب ويلغي الكلدان ، فأنا اطلب من الكلدان  بأن لا يعيدوا نفس الخطأ او يلجأوا الى التعامل بالمثل ، إن التعصب سم مرير وهو خطأ يرتكبه الأنسان ولا يمكن ان يستمر لأن الله خلق الأنسان ليكون حراً .
 واضاف المطران الجليل قوله :
نشكر احتضان الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية  لنا حينما قدمنا انفسنا كآثوريين كاثوليك ، وقد عاملونا كأهل الدار فقسموا الرغيف الواحد بيننا وبينهم .
 واستطرد سيادته :
 انقل لكم محبة واحترام اخوتكم الآثوريين الذين حملوني مشاعرهم وحبهم وتقديرهم لكم انتم اخوتهم الكلدان ، واؤكد ان مؤتمركم / النهضة الكلدانية / هو بحق نهضة لنا جميعا نحن الآثوريون ايضا ، وانا اتأسف من بعض اخواني وابنائي الاثوريين بمحاولتهم الغاء الكلدان والكلدانية . عليه ان الشعور القومي للجميع هو عطية من الرب لاننا كلنا اولاده ، واطلب منكم انتم الكلدان ان لا تردوا بالمثل على اخطائهم وخطابهم الاقصائي ، واحب ان اشارك بالفرح معكم اولا في الايمان الكاثوليكي وثانيا بالعودة الى احضان الكنيسة الكلدانية الام.
وفي إشارة ذكية وموفقة للمطران الجليل اورد المثل الخاص بإشفاء الرجل الذي يده يابسة في يوم السبت رغم ان الفريسيين اعتبروا ذلك انتهاكاً لقدسية يوم السبت وكان تفسير المطران مار باوي ان يوم السبت هو من اجل الأنسان وليس العكس ، وهكذا القومية هي من اجل الانسان وليس العكس ، فينبغي ان تكون القومية لتعزيز وحدتنا وليس من اجل تمزيقنا ، وهذا ما فهمته من حديث المطران المطران الجليل الذي تعرفت عليه لأول مرة . لقد قوبلت كلمة نيافته بالتصفيق الحاد عدة مرات وبمشاعر فياضة من قبل المؤتمرين لمدلولاتها الكبيرة ومعانيها السامية .  
اما الدكتور لنكولن مالك وهو ناشط قومي آثوري فقد تضمنت كلمته عبارات وأفكار نيّرة حيث أفاد قوله :
 اتكلم كشخص سياسي وفيما يخص الشأن القومي فأقول نحن نحمل ثلاث هويات هي آشورية وكلدانية وسريانية ولهذه الهويات خصوصياتها ، وكل منها تعتمد على التاريخ ولهذا لا يجوز التنكر لهذه الهويات التاريخية او تهميشها ، وإن من يقدم على نكران هذا الواقع سيخيب أمله مهما كان الدعم الذي يحظى به .  
إن اي حل يجب ان يبدأ من الواقع وذلك بالأعتراف بالهويات الثلاث ، وإن ما يجمع هذه الهويات هو اكثر مما يفصلها عن بعضها ، فلغتنا الآرامية واحدة مع اختلاف اللهجات ، كما نشترك في الوطن الواحد ، ولنا تاريخ مسيحي واحد ، ولكن اهم من كل ذلك هو اننا نحتاج بعضنا البعض لبقائنا ، وإن هذا التوحد ينبغي ان يستمر ويتعزز دون المساس بخصوصياتنا ، ويمضي الدكتور لنكولن مالك الى القول :
 علينا ان نعترف بعضنا البعض وأن يسود الأحترام المتبادل بيننا ، ولا نريد لأي مكون ان ينصهر ، فالوحدة التي ننشدها هي التي تجمعنا وتحترم وتحافظ على خصوصياتنا وهي بالتالي توحد هويتنا البنهرينية .
أقول :
نحن المسيحيون من الكلدان والسريان والآشوريين الذين نفتخر بهويتنا البنهرينية ، ينبغي ان تكون مثل هذه المناسبات عوامل للجمع بيننا ، إن الخطاب الذي يجري تمريره اليوم بغية توحيد خطابنا ، هو مع الأسف أسلوب كسر العظم ، او باستخدام الجزرة والعصا وهذا منافي لقواعد الأحترام المتبادل ، وغريب عن روح التعاون والمحبة التي ينبغي ان تسود بين ابناء الشعب الواحد . نحن الكلدانيون نفتح قلوبنا لكل جهود خيرة تجمع شملنا على اسس من التعاون الندي المتكافي المبني على قواعد المساواة والأحترام المتبادل ، ونحن نعتقد ان هذا الطريق هو الأمثل للتفاهم بيننا .
إن حضور سيادة المطران سرهد جمو الى جانب نيافة المطران مار باوي سورو والدكتور لنكولن مالك في المؤتمر الكلداني الذي عقد في سان دييكو وإلقائهم تلك الكلمات المفعمة بالتفاهم والأحترام المتبادل تشكل ارضية خصبة لزرع ورود وجني ثمار المحبة التي تعمل على انعاش وازدهار الواحة الخضراء المزدهرة التي تجمع مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين في وطننا العراقي الجميل .
ملاحظة : كنت قد سطرت هذا المقال قبيل مغادرتي مدينة سان دييكو ولهذا ارتأيت ان تبقى باسم المدينة التي كتبتها .
حبيب تومي / سان دييكو في 04 / 04 / 11    

208
بصراحة مع الأنتقادات المبكرة للمؤتمر الكلداني
بقلم حبيب تومي / ساندييكو
habeebtomi@yahoo.no
شخصياً ، أرحب بكل الآراء المطروحة حول المؤتمر الكلداني الأول ( نهضة الكلدان ) المزمع عقده بعد ايام في مدينة سان دييكو في كاليفورنيا ، وأشخص تلك الآراء المشتركة في منظومة النقد لهذا المؤتمر ، واعتبرها حالة صحية انطلاقاً من ايماننا بالديمقراطية واحترام حرية الرأي والرأي المضاد ، بجهة الأستفادة من كافة الآراء بغض النظر ان كنا نتفق معها ان نخالفها ، فنحن لسنا منظمة شمولية اديولوجية التي تجمع الأصوات التي تهضم كلمة ( نعم ) فحسب ، بل نرحب ونستفيد من الأراء التي تقول ( لا ) ايضاً ، وهكذا قرأت آراء مختلفة ومتباينة في شأن المؤتمر ، ولا ازعم بل اجزم بأنني قرأت آراء سديدة لأساتذة اجلاء من الذين تطابقت آراؤهم مع طروحات المؤتمر ويقدمون مقترحاتهم البناءة ، وأيضاً من الذين ينتقدون المؤتمر برمته او لبعض جوانبه ، وكل هذه الآراء ينبغي الوقوف عندها وأخذها بنظر الأعتبار ، لكي يخرج المؤتمر بقرارات مهمة .
لا ريب ان المؤتمر لا يحمل عصا سحرية لحلحلة كل المعضلات التي تواجه شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، لكن سيشكل الخطوة الأولى لمحاولة مراجعة الذات ، ووضع خارطة الطريق للعمل المستقبلي ، إن كان على نظاق العمل السياسي او القومي ، وعلينا ان ننطلق من الواقع الموضوعي برؤية براغماتية ، ودون محاولة حرق المراحل والطفر على الأحداث بشكل غير واقعي ، فنحن الكلدان جزء من النسيج المجتمعي العراقي ، ونحترم كل الأطياف في هذا النسيج ، ونطلب بكل تواضع من الآخرين احترام مشاعرنا وتوجهاتنا القومية ، بمنأى عن كل وصاية من اي طرف من الأطراف ، وهذا حق طبيعي تدعمه لوائح حقوق الأنسان والتي تشكل حقوق الأقليات فيها جزءاً مهماً من تلك اللوائح . وحسب علمي ان من حق الأنسان ان يجاهر بعقيدته او انتمائه السياسي او القومي او المذهبي دون حرج او ية او إكراه من اي طرف من الأطراف ، ومهما كانت الذرائع والتبريرات التي يستخدمها ذلك الطرف .
يقول الدكتور سمير خوارني في مقاله الموسوم ( الكلدان المتطرفون يمزقون وحدة شعبنا ) المنشور على موقع عنكاوا :
(( إنها لمفارقة مضحكة ان يفخر الاخرون بقوميتهم ويكون شيئا يحمدون عليه، في حين لو صرّح الكلداني بكلدانيته يكون بذلك قد اقترف إثماً كبيراً ومزّق وحدة شعبنا.)) . إجل ايها الأخون نحن الكلدان والسريان والأشوريين بحاجة الى التسلح بثقافة احترام الرأي الآخر .
قرأت مقالاً للاستاذ الحقوقي افرام فضيل البهرو وهو  تحت عنوان :
مؤتمر النهضة الكلدانية ، لن يغير من واقع الكلدان شيئا ... ونتائجه معروفة . القارئ الكريم سوف  يستنتج ماهية المقال من عنوانه ، لكن مما قرأت فيه ، وكأننا نحن الكلدان غابين او غافلين لهموم شعبنا ، لأننا خارج العراق ، وحينما سافرنا وغادرنا الوطن انصبت اهتماماتنا على الحفلات والسفرات .. الخ ، وأقول للاستاذ الفاضل البهرو : الأمر ليس بهذه الصورة التعسفية . إذ ان كتاباتنا وفعاليتنا وجهودنا في إيصال معاناة وهموم وما يطال شعبنا ووضع تلك الحالة تحت اضواء الأعلام العالمي وعكسه بشتى الطرق للهيئات الدولية ومنظمات حقوق الأنسان ، كل ذلك يثبت اننا لسنا مهتمين بالسفرات والحفلات فحسب . واعتقد  ان فرضيات الأستاذ البهرو سوف لا تكون في محلها الصحيح . كما ان الأستاذ يحاول وضع العاملين في الحقل القومي الكلداني وكأنهم ضد وحدة شعبنا او ضد تقارب احزابنا فالمسألة ليست بهذه الصورة نحن الذين نفتخر بقوميتنا الكلدانية ، في الوقت ذاته نرحب ونعمل من اجل التعاون على اسس من الأحترام المتبادل وبمنأى عن محاولات الأقصاء لاي طرف من الأطراف .
في هذا المقال لا استطيع الرد بالتفصيل على كل المقترحات والأفكار والأنتقادات ولا بد من الأعتراف بعدم صواب بعضها وبواقعية وصواب  بعضها الآخر واعتبر مقال الأستاذ بهرو ارضية طيبة للحوار بالأضافة الى مقالات أخرى وأدرج بعضها في سياق هذا المقال .
 سبق لي ان قرأت مقالاً للاستاذ كوركيس منصور الهوزي وهو تحت عنوان : مؤتمر النهضة الكلدانية في ساندييكو ... هل يمثل كل الكلدان ؟؟
 وفيه كثير من الأقكار الواقعية والحلول الموضوعية الصائبة ، ولكن إن كان لابد من تشخيص بعض الفقرات التي لم اتفق مع الكاتب الجليل لا سيما قوله : ( لا يمكن لنا القول ان المؤتمر المذكور يمثل الكلدان، وانما يمثل فقط اعضاء الأتحاد المسمى بالأتحاد العالمي للكتاب الكلدان والذي كما قلت لا يتجاوز عددهم العشرين شخصا .. ) .
 فالمسالة ليست بهذه الصورة استاذ كوركيس الهوزي فاتحاد الكتاب والأدباء الكلدان يشكل واحداً من المنظمات المساهمة في تنظيم المؤتمر والذي دعا اليه التجمع الكلداني في سان دييكو والمتألف من الجمعية الكلدانية الأمريكية ، وثانياً جمعية سيدات الأمل الكلدانية وثالثاً جمعية ماركوركيس الكلدانية ورابعاً جمعية مار ميخا الكلدانية وخامساً جمعية مار اوراها الكلدانية وسادساً جمعية الطلبة الكلدان وسابعاً جمعية فرسان كولومبس الكلدانية وثامناً جمعية الشباب الكلداني وتاسعاً جمعية اسد بابل الكلدانية وعاشراً الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان فرع سان دييكو . كما ان ملاحظة الكاتب الجليل حول الأتحاد بقوله : وانما يمثل فقط اعضاء الأتحاد المسمى بالأتحاد العالمي للكتاب الكلدان والذي كما قلت لا يتجاوز عددهم العشرين شخصا . .. فهي ملاحظة تفتقر الى الدقة .
أما الأخ جميل فرنسيس زورا ، فاعترف بإخلاصه لكنه بصراحة لم يفسح مجال للرد عليه ولكني اكتفي بأيراد الفقرة التي التي يقول فيها : أتمنى لهذا المؤتمر النجاح ، وتحقيق المراد منه ، وليكن خطوة إلى تكثيف الجهود وعقد النيات  إلى مؤتمر عام نعقده في بلدنا العراق العزيز .. ونحن مع الأخ فرنسيس . ومؤتمرنا هو لخطوة اولية للبناء والوحدة القومية المبنية على اسس من التفاهم والتعاون والندية والأحترام المتبادل بمنأى عن محاولات تذويب الاخرين تحت محراب الوحدة القومية .
وفي نفس السياق حول المؤتمر الكلداني قرأت مقالاً على موقع عنكاوا للاستاذ  عبد الأحد سليمان بولص وهو تحت عنوان مؤتمر النهضة الكلدانية في سان دييكو وما عليه ، وورد في المقال :
(... ايجاد عمل لكل مغترب معوز من أبناء الكلدان المنتشرين في أرجاء المعمورة أو في المناطق التي هجروا اليها قسرا في داخل الوطن وبهذا نكون قد أسدينا لهم خدمة تكون فائدتها أكبر وأهم من اللهاث وراء الأمور السياسية بعيدة المنال أو المناصب التي يحلم بها البعض ضمن الكعكة العراقية والتي أن وجدت فيجب أن تترك للمكتوين بنار الداخل ..) .
الأخ عبد الأحد سليمان اتفق معك في نقاط اوردتها في مقالك ، اما بصدد اللهاث وراء الأمور السياسية بعيدة المنال .. الخ ، فالعمل السياسي ضروري لمواكبة الوضع الراهن ، اما الشؤون البعيدة عن السياسة فيمكن التداول معها عن طريق الجمعيات الخيرية والأنسانية ، ونحن بصدد الأنتخابات والعملية السياسية في العراق وفي التهميش السياسي والقومي للكلدان ، وليس بيننا من يركض وراء منصب ، إنما الغاية هي الحقوق الوطنية السياسية اسوة ببقية المكونات ، فنحن جزء من هذا الكل ومن هذا الوطن ولنا شخصيتنا وكرامتنا وتاريخنا وقوميتنا الكلدانية ولا نقبل بالوصاية علينا تحت ذريعة الحفاظ على الوحدة القومية إنها حجة لمن لا حجة له فحسب ، تحية لك اخي العزيز عبد الأحد سليمان .
الأستاذ ليون برخو يتساءل على موقع عنكاوا : هل الكلدان حقا في حاجة إلى مؤتمر نهضة؟
كان بودي ان ارد على كثير من الفقرات الواردة بمقال الأستاذ ليون برخو ، لكن مساحة المقال تتسع لبعض الفقرات فحسب ومنها قول الأستاذ ان :
( .. الخطاب أكثره هجومي يرى أنه ضحية عدو قد خلقه لنفسه وهو غير موجود. هذا الخطاب يوجه الإتهامات صوب اليمين وصوب اليسار ..) .
 نحن لا نتهجم على اي طرف لا ذات الشمال ولا ذات اليمين إنما نحن فقط نحترم ونفتخر بما ورثناه من آبائنا وأجدادنا من تاريخ وتسمية وطقوس ولغة ومآثر ، وهذا حق تقره لوائح حقوق الأنسان ، ونحن نتحرك في نطاق هذه الحقوق ليس إلا ، فلا نقبل بالوصاية علينا ولا نقبل بالذوان في كؤوس الآخرين ، فهل تستكثر علينا ذلك يا استاذ ؟
 والنقطة الأخرى يقول الأستاذ برخو ( .. بل الحصول على الكعكة من خلا تنصيب كلداني، او ربما واحد من المؤتمرين، في منصب نائب  لرئس او نائب رئس وزراء أو وزير في العراق.. ) .
كلا استاذ ليون برخو سوف لا نطلب منصب نائب لرئيس وزراء او وزير .. الخ سنطلب حقوق الشعب الكلداني في وطنه العراقي فهل ترى في هذه المطاليب حرجاً ؟ اليس من حقنا ان نطالب بحقوق شعبنا ؟ ان كانت في التمثيل في الحكومة او الأقرار بحقوقنا القومية ام أنك ترى في ذلك الركض واللهاث وراء الكعكة ؟
وثمة مقال آخر لكاتب جليل آخر يحاول حصر الموضوع في شخصنة غير واقعية ، فالمؤتمر جهد جماعي ومساهمة من عدة جمعيات وشخصيات كلدانية ، وإن كان للكنيسة في سان ديكو موقف داعم لهذا المؤتمر فهذا موقف مشرف للكنيسة ونشكرها لوقوفها مع حقوق شعبها المهضومة في وطنه العراقي ، كما ان موقف سيادة المطران الجليل مار سرهد جمو ينسجم كلياً مع موقف المطارنة في اجتماع السنودس المنعقد في نيسان عام 2009 في عنكاوا ، حينما ناشدوا القيادة الكوردية بإدراج اسم القومية الكلدانية في مسودة الدستور الكوردستاني ، وكما كان قبل مسحه من هذه المسودة بطرق ملتوية معروفة لا مجال للتطرق اليها في هذا المقام ، ونحن دائماً نطلب إدراج اسم قوميتنا الكلدانية في مسودة الدستور الكوردستاني كما هو مدرج في الدستور العراقي الأتحادي ، ولا ادري لماذا تستكثرون علينا هذه  المطالب التي هي من حقوقنا الأساسية في وطننا العراقي ؟
الأخ العزيز كامل عيسى كوندا يكتب مقالاً عنوانه : مؤتمر النهضة الكلدانية ، أسئلة لا بد منها ، اجل ان الأسئلة المطروحة جديرة بالأجابة والمؤتمر سيطرح الأمور ، وفق إمكاناته المتاحة وهنالك هيئة تحضيرية تؤدي واجبها بشكل مرضي ، وثمة نقاط مطروحة بمختلف المحاور إن كانت بالشأن الذاتي او في العملية بشأن العملية السياسية او العلاقات مع تنظيماتنا واحزابنا المسيحية ، اما بشأن المنصب فأقول ايها الصديق العزيز رغم اننا لم نلتق يوماً ، فإنني يا اخي لو اردت المنصب كانت هنالك طرق سهلة للحصول على المنصب لكن لم يخطر ببالي يوماً هذا الأمر ، إننا نؤدي واجبنا بانطلاق من عنصر الأخلاص ، فليس المهم ماذا يكون الموقع الذي نعمل فيه .
 ثمة مقالات كثيرة طرحت في الأيام القليلة الفائتة لكتابنا وهي تطرح شأن المؤتمر ومنهم الأستاذ سعد توما والشماس كوركيس مردو والأستاذ بطرس آدم والأستاذ ناصر عجمايا والأخ قرداغ كندلان والأخ مايكل سيبي والأخ وميض شمعون آدم والأخ ماجد هوزايا بمقاله يرسل  تحية الى الكلدان المجتمعين في سان دييكو .والأخ سيزار ميخا هرمز يقول : لتطمئن النفوس من المؤتمر الكلداني العام " النهضة الكلدانية " وغير هذه المقالات .
إن مؤتمر الكلدان يعتبر نقلة مهمة في مسيرة الكلدان في وطنهم العراقي ، وليس من الأنصاف حصره في زاوية التخدنق ضد الوحدة القومية ، إن المؤتمر يضع امامه معاناة وهموم شعبنا وما يتعرض له من العمليات الأرهابية والتهجير القسري ، وهو مع تقارب احزابنا السياسية ومع تطلعات شعبنا في الأستقرار والعيش الآمن في وطنه ، ومع مساعدة شعبنا في في اماكن تواجده إن كان في دول المهجر او في طريقه اليها . إن شعبنا الكلداني مع كل الجهود الهادفة نحو وحدنا المبنية على اسس من التعامل الندي المتكافي المبني على احترام الجميع بمنأى عن دعوات الأقصاء مهما كانت الذرائع .
نحن نؤمن بأننا شعب مسيحي واحد متكون من الكلدان والسريان والآشورين ونشكل جزء اصيل من النسيج المجتمعي العراقي الجميل .
 حبيب تومي / سان دييكو في 23 / 03 / 11


209
نحن الكلدان لم نصلب المسيح يا إخوان !!  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
جميع مكونات الشعب العراقي من العرب والأكراد والسنة والشيعة والتركمان والأيزيدية والشبك والآشوريين والسريان والأرمن والصابئة المندائيين ، قد حققوا حزمة من المكاسب السياسية والقومية بعد سقوط النظام في نيسان 2003 م ،  وإن اهملنا وقتياً موضوع الأرهاب والعنف وبقينا في مسألة الحقوق السياسية والقومية ، سيكون شعبنا الكلداني هو الشعب الوحيد الذي طاله العنف والأرهاب والتهجير القسري اولاً ، ومن ثم ثانياً فقد بقي هو الشعب الوحيد الذي سرقت حقوقه القومية والسياسية وحتى الأنسانية في وطنه العراقي .
 الحكومة العراقية المنتخبة والتي ادعت ان تشكيلتها تراعي تمثيل جميع المكونات العراقية ، كان الشعب الكلداني هو الوحيد الذي ابعد عن التمثيل ، ويبدو ان رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي ورئيس الجمهورية الأستاذ جلال الطالباني ، ورئيس البرلمان الأستاذ أسامة النجيفي ، يبدو انهم  كانوا قد اخفقوا في درس التاريخ في المدرسة الى درجة لا يعلمون بوجود الشعب الكلداني وبابل وعلوم الكلدانيين ونبوخذنصر والجنائن المعلقة ، وقوانين حمورابي ، لو كان هؤلاء السادة مطلعين على هذا التاريخ العظيم لأنصفوا شعبنا الكلداني ، ولهذا اقول ان هؤلاء السادة لم يتعبوا انفسهم في قراءة التاريخ العراقي ولهذا لم يفكروا بوجود شعب كلداني وهو يمثل ثالث قومية عراقية  .
 اما اقليم اكوردستان فهو طرف آخر في اهمال حقوق شعبنا ، وبعد ان كان اسم الشعب الكلداني وأسم قوميته مدرجة في مسودة الدستور الكوردستاني ، رضخ البرلمان الكوردستاني للحزب الآشوري ، ومسح القومية الكلدانية من مسودة الدستور مخالفاً بذلك ما هو مدون في دستور العراق الفيدرالي ، ومؤمناً بنظرية الوصاية على الشعوب بعد ان مضى زمنها ، والشعب الكوردي نفسه لم يقبل وصاية الآخرين  .
وتمضي معادلة الظلم ومحاربة الشعب الكلداني في وطنه لتأخذ بعداً آخراً بين ابناء شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والاشوريين ، حيث ان جميع الأحزاب والتنظيمات تنظم لها مؤتمرات واجتماعات لترسم لها خارطة الطريق ، وحين انعقاد هذه المؤتمرات تبادر الجهات المختلفة من ابناء شعبنا الى مباركة تلك المؤتمرات ، وعلى سبيل المثال المؤتمرات الآشورية التي يبلغ عددها العشرات والتي يجري مباركتها من قبل جميع الجهات وتعكف الفضائيات الاشورية في إرسال مراسليها  ، كفضائيتي  عشتار وآشور لنقل وقائع تلك المؤتمرات ، وكذلك مؤتمرات الزوعا والمجلس الشعبي ، تحت زعم ان هذه المؤتمرات تصب جمعيها في مصلحة شعبنا ووحدته ، باستثناء التنظيمات الكلدانية ، فإن بادرنا الى تشكيل  اتحاد للكتاب والأدباء الكلدان فنحن في عداد المفرقين والمقسمين ، بينما عكس ذلك فاتحاد ادباء الآشوريين او السريان فهم مباركين وموحدين ، وإن اردنا ان نعقد مؤتمر كلداني واحد فهذا المؤتمر هو تقسيم لأمتنا ، وتمزيق لوحدتنا ، فكيف تكيلون بعشرين مكيال يا جماعة الخير ؟ إن كان للاشوريين او السريان او كل من خلقه الله له حق عقد المؤتمر ، فنحن ايضاً خلقنا الله ويحق لنا عقد مؤتمر . في القوش نقول ( خوريوخ يالد راحي كنوتا ) .
في نفس السياق  فإن كان ثمة لوائح حقوق للانسان تضمن له الحرية ، فنحن من هؤلاء البشر الذين تنطبق عليهم تلك اللوائح . فنحن ايضاً ننتمي الى النوع البشري الذي تنتمون اليه ، فنحن لم نصلب المسيح يا اخوان ، والله لم نصلبه ، نحن مسيحيون مثلكم ولنا احاسيسنا ومشاعرنا مثل بقية البشر .
إنكم تحاربوننا وكأننا اعداءً لكم وأعداء للانسانية ، إي جريمة نرتكب حينما نقول قوميتنا كلدانية ، اي جريمة نرتكب حينما نعقد مؤتمراً ، كفاية انكم قد مسحتم اسمنا من دستور اقليم كوردستان ، وكفاية انكم تحاربون كل كلمة تفتخر باسمهم القومي الكلداني ، وكفاية كنتم السبب في إبعادنا عن تشكيل الحكومة العراقية . وبعد كل ذلك تقولون نحن شعب واحد ، ما هكذا تورد الأبل يا اخوان ، الظلم لا يدوم وإنكم ترون امامكم كيف يثور المظلومين بوجه الظالمين القساة .
وفي الختام ادعوكم لقراءة سيرة السيد المسيح وسوف تقرأون ان الكلدان لم يصلبوا المسيح .
أرجو ان تعيدو قراءة علاقاتنا وتفتحون صفحة جديدة من التفاهم ومن الأحترام المتبادل دون احتكار اليقينيات والحقائق . عليكم احترام وجهة نظرنا لكي نحترم وجهة نظركم ، فالعنف اللفظي والقمع الفكري الذي تزاولونه يتناقض مع مبادئ العدالة وحرية الأنسان .
 الأحترام والتقدير للجميع
 حبيب تومي / اوسلو في 15 / 03 / 11

210
اجل يمكن ان يخطئ الشعب فينتخب الحرامية والفاسدين وحتى الفاشست
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الديمقراطية ليست غاية بقدر ما هي وسيلة لبلوغ غاية تمثيل الشعب وتحقيق إرادته ، وصناديق الأقتراع هي المؤشر لاشتراك المواطن وإدلائه بصوته للافراد او للأحزاب التي يفترض انها جديرة بأن تحقق له الحرية والكرامة والتقدم والعيش الكريم ، من هذا المنطلق اقبل الناخب العراقي على صناديق الأقتراع وأدلى بصوته . وهنا يطفر سؤال :
الا يعلم الناخب العراقي ان هذه الأحزاب اغلبها يحمل طابع ديني وطائفي ؟ فلماذا يقبل بهذا الأختيار الذي نجم عنه إبعاد كل القوى الديمقراطية العلمانية من قبة البرلمان ؟ ومن ثم ابعادهم عن مركز اتخاذ القرار . لقد وافق الناخب على التقسيم الطائفي وانطلت عليه الدعاية الأعلامية التي استغلت عواطف الناس وشحنت النعرات الدينية والمذهبية والقومية ومن ثم بدأت في تقسيم الكعكة بينها على اسس طائفية ، ضاربة مصالح الشعب الأساسية عرض الحائط .
انصبت هموم القوائم والكتل الفائزة نحو تخصيص رواتب ومخصصات خيالية لأعضاء البرلمان والوزراء والرئاسات الثلاث ونوابهم ووكلائهم ، فوسعت قاعدة الوزارة الى رقم قياسي في تاريخ العراق الى 42 حقيبة وزارية والى مزيد من الوكلاء والنواب للوزراء والرئاسة ، اما الشعب الذي منحهم ثقته فخرج من المولد بلا حمص .
(( وهذا حال الشعب الكلداني الذي خرج من العملية السياسية العراقية وفي اقليم كوردستان خرج من المولد بلا حمص ايضاً دون الأخذ  بنظر الأعتبار الحقيقة التي تقول أن الشعب الكلداني يمثل شريحة مهمة من سكان العراق الأصلاء )) .
لقد جرى استعباط  الناس والضحك على الذقون في ان الديمقراطية تحقق لهم الأهداف وما عليهم سوى التوجه نحو صناديق الأقتراع والإدلاء بأصواتهم ، لكن اسقط في ايدي الناخب العراقي  وأصيب بخيبة امل حينما تبين ان الأشتراك في اللعبة الديمقراطية ليست كافية ما لم يحسن الأختيار .
لكن إدراكه هذا كان بعد فوات الأوان وبعد وقع الفأس بالرأس كما يقال ، ولهذا بقي الشعب في وادٍ والبرلمان والحكومة في واد آخر وكل يغني على ليلاه ، فالشعب يتظاهر في الشوارع من اجل لقمة العيش وتوفير الكهرباء والماء والعلاج والتعليم ، وتوفير الأمن ومعالجة البطالة ، بينما الحكومة المنتخبة منهمكة في عملية إرضاء الشركاء في الوليمة ، فهي تراوغ وتقوم ببعض الأصلاحات الترقيعية لكي تمتص زخم المظاهرات والأحتجاجات ليس إلا .
 بالعودة الى الوراء سوف نصادف انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة تأتي بأدولف هتلر الى سدة الحكم وذلك عام 1933 ، وما قام به هتلر معروف للعالم وللشعب الألماني بالذات ، حيث دمرت المانيا على يديه ، وهو الذي انتخبه الشعب بملئ إرادته وحسب انتخابات ديمقراطية نزيهة ، فالعيب هنا لا يكمن في اللعبة الديمقراطية ، إنما يكمن في الناخب نفسه ، الذي انساق وراء الشعارات الأديولوجية الثورية التي تخاطب عوطف الشعب وتعمل على تجييشهم .
وفي تجربة حية اخرى كان نصيب حسني مبارك في انتخابات الرئاسة عام 2005 من اصل حوالي ثلاثين مليون مصري يحق لهم التصويت بلغت 88,57%  من اصوات الناخبين علماً ان الانتخابات تميزت بالنزاهة حسب المراقبين ، واليوم نفس الشعب يتمرد عليه وبعد 18 يوم يفلح نفس الشعب الذي انتخبه في تنحيته .
 إن هذا حصل ويحصل في العراق ، ولكن رب سائل يسأل فما العمل إذا كان الناخب هو الذي يختار هؤلاء القادة ثم يكتشف انهم من الحرامية والفاسدين ؟
(( برأيي المتواضع ان تشكل في العراق منظمات مجتمع مدني ذات توجهات مستقلة متكونة من مثقفين وتكنوقراط ومستقلين مهمتهم تنحصر في ارشاد الناخب العراقي في عملية الانتخابات . إن المثقف العراقي تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في هذا المجال )) .
إن العراق منذ 2003 قد ضرب الأرقام القياسية في فقدان وانعدام الأمن والأستقرار لا سيما في بغداد العاصمة ، كما انه يحتل المكانة الأولى في تفشي الفساد الأداري والمالي وتبذير الأموال العامة دون حسيب او رقيب ، ولم تلجأ الحكومة العراقية برئاسة الأستاذ المالكي بتوجيه السؤال الأزلي للشفافية والنزاهة الى اي مسؤول ، وهو :
                                                        ((((( من اين لك هذا ؟ ))))))                                    
نسمع عن قصص وروايات عن شراء فلل وشقق وفنادق في سورية والأردن ولبنان وإن العقارات في هذه الدول قد طفرت اسعارها الى اضعاف ، بسبب ما يدفعه العراقيون ذوي السلطة والنفوذ في العراق ، ونقرأ عن اختفاء الملايين من الدولارات من اموال الدولة ، إن اخبار الفساد المالي قد اصبحت من الأخبار الروتينية المملة ولم يعد التطرق اليها من الأسرار ، بينما المواطن العراقي الذي منحهم ثقته ، يعاني من الفقر والبطالة ، وتراكم القمامة في المناطق وانعدام ابسط انواع الخدمات . ولكي اكون اميناً مع نفسي ومع القارئ الكريم  فإن الحكومة تقدم خدمات جليلة ممتازة وتبذل اقصى جهودها في توفير الأمن والخدمات اللازمة على الطرق التي يسلكها ملايين الزوار للعتبات المقدسة في النجف وكربلاء ، وما عدا ذلك فالحكومة منهمكة في توزيع المناصب لترضية الأحزاب والقوائم الفائزة وتستحدث لهم المناصب من اجل شراء سكوتهم وضمان عدم معارضتهم ، وكل فريق يرضى بالمقسوم ، والشعب عليه ان يعمل للاخرة حيث تنتظره الجنة ، وعليه ان يصوم ويتقشف في هذه الدنيا الزائلة .
إن العراق لم يتطور في السنين الماضية ومن عام 2003 والى اليوم ، ورغم تدفق المليارات من واردات النفط لم تحقق اي مشاريع صناعية او زراعية تعمل على تطوير البلد على اسس سليمة .
إن البطالة متفشية واخطرها البطالة المقنعة حيث تستحدث الدولة وظائف تكون بمثابة رشوة لاسكات العاطلين او قيامها بتوزيع قطع اراضي لهذه الفئة او تلك ، او توزيع مبالغ لتعويض البطاقة التموينية الى آخره من الأجراءات الترقيعية الوقتية التي لا تعمل على تطوير البلد وتقدمه ونموه .
إن قائمة الفساد في العراق متنوعة وطويلة ، إن كان في توزيع الوظائف وحصرها في الوزراء او المسؤولين أو في استلام الرشاوي بغية الحصول على الوظيفة ، او الصعوبات والعراقيل التي تواجه المواطن حين اكمال معاملة وما تعترضه من روتين وبيروقراطية سقيمة ، وهذه المعاملة تمر بسهولة عجيبة حينما يدفع رشوة للمسؤول ناهيك عن المشكلة الأزلية في عدم توفر القوة الكهربائية للمواطن رغم المبالغ الطائلة التي تبخرت باسم توفير الكهرباء للمواطن المسكين .
 كم من المبالغ والثروات سرقت باسم تقديم الخدمات لهذا المواطن المسكين ، ان انتشار الفساد وانعدام الخدمات قد امتد الى الأقضية والنواحي ، وهذا ما يفسر اندلاع المظاهرات في شتى مناطق العراق للاحتجاج ، لأن المبالغ المخصصة للمدارس والتعمير والخدمات تتبخر قبل تنفيذ المشاريع الخدمية  للمواطن العراقي المسكين .
هل يراجع الناخب العراقي نفسه في الأنتخابات القادمة ؟ ام يبقى يراوح مكانه ، ومن جانب آخر هل تراجع الحكومة نفسها ؟ وتحسب ان الفوز في الأنتخابات لا يعني نسيان الناخب الذي اوصلهم الى الكرسي ، كما ان الفوز لا يعني تحقيق الرواتب العالية لهم او التصرف بالأموال العامة كما يشاءون .
 إن حسني مبارك قد فاز كما اوردت في هذا المقال بنسبة عالية من الأصوات في انتخابات رئاسية مباشرة لكن الشعب انقلب عليه وخلعه في غضون 18 يوم ، هذه قاعدة عامة بأن الحاكم يمكن ان يخدع كل الناس بعض الوقت ، وان يخدع بعض الناس كل الوقت ولكنه لا يستطيع ان يخدع كل الشعب طول الوقت .
إن الشعب ليس معنياً برمته في اسقاط الحكم ، إنما نسبة قليلة تستطيع القيام بذلك فحسني مبارك لم يسقطه 80 مليون مصري إنما اسقطعه فقط مليون مصري الذين تظاهروا في المدن واعتصموا في ميدان التحرير . فالحكومة العراقية المنتخبة عليها ان تأخذ مطالب المتظاهرين بنظر الأعتبار بشكل جدي وإلا  :
 إذا الشعب يوماً اراد الحياة               فلابد ان يستجيب القدر
حبيب تومي / اوسلو في 02 / 03 / 11  

211
النقطة الأولى التي سأعرضها على مؤتمر النهضة الكلدانية هي ..
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
صحوة الشعوب العربية خلقت عاصفة لا تقلع الأشجار والخيام والأعمدة فحسب بل عصفت بعروش كانت تعتقد بخلودها وبرسوخ قواعدها كالجبال التي لا تهزها الرياح ، لكن ظهر ان هذه العروش سقطت وانهارت من البداية وكأنها نمور من ورق وسيكون مكانها مزبلة التاريخ لا اكثر ، واليوم الأخ العقيد معمر القذافي يقاوم وسط العاصفة التي هبت عليه من كل الجوانب  ، ويبدو ان الرياح كنست خيمته فهرب منها الى القلاع الحصينة  محاطاً بمؤيديه ومقربيه الذين يتناقص عددهم طردياً مع مرور الأيام والساعات ، واليوم وبعد مرور 42 عاماً تنهار تماثيله وكتابه الأخضر وامبراطوريته الوهمية  ليجد نفسه وحيداً مع افراد عائلته في مواجهة الجماهير الغاضبة عليه وعلى ثورته وعلى نظريته (التعبانة) وليجد الواقع امامه ويشفي من داء العظمة وتتبخر اوهامه على انه ليس ملك الملوك .
 هكذا على الشعوب ان تتحرك وتتكلم لكي توصل صوتها الى اصحاب القرار ، وإلا ستبقى حقوقهم مهضومة ومسلوبة من قبل الطغاة ، وبهذه المناسبة على شعبنا الكلداني ان يقرأ الأحداث بشكل صحيح ويتحرك لكي  يضمن حقوقه في الوطن العراقي بعد ان سلبت بطرق ملتوية بعد نيسان 2003 وحتى اللحظة .
في مجال حقوق الأنسان ثمة ثلاثة مبادئ اساسية تعتمد عليها التفرعات والتفاصيل الأخرى لهذه الحقوق ، وهي حق الحياة والحرية والملكية ، وما نريد اريد التطرق اليه هو حق الأنسان في الحرية ، والحرية كلمة واسعة يراد بها شتى نواحي الحياة ، منها حرية المعتقد في مجال الدين والمذهب والأنتماء السياسي وغيره ، وثمة حرية الفكر التي يحق للانسان ان يفكر كما يشاء بمنأى عن الضغوط الجسدية او النفسية بما يطلق عليه الأرهاب الفكري .
 نحن الكلدانيون يطالنا نوع من الأرهاب الفكري ، فإضافة الى سلب حقوق شعبنا الكلداني في التمثيل السياسي والقومي في الدولة العراقية وفي اقليم كوردستان ، فهنالك تعتيم وحجب فكري لكل ما نكتبه من مقالات وآراء ، إن هذا النوع من الأضطهاد الفكري يصلنا من القنوات الأعلامية لشعبنا المسيحي ، فالفضائيات التي تدعي انها مسيحية كفضائتي آشور وعشتار تمارسان تمييز عنصري بحق كتابنا الكلدانيين الذين ينطقون بالكفر بقولهم ( القومية الكلدانية ) ، وأيمانهم هذا يجلب عليهم  تهم التآمر والتخوين وإطلاق نعوت الأنقساميين ومخربي الأمة وغير ذلك من المثالب والهدف هو ارغامهم على العدول عن افكارهم التي يؤمنون بها ، وهذا اسلوب لا يطابق وحقوق الأنسان في حريته في التعبير عن آرائه ، إذ ان لوائح حقوق الأنسان لا تقر بالمساس بحريته وإجباره بتبديل أيمانه وآرائه وما يعتقد به عن طريق القوة او الضغوط النفسية اي بالأرهاب الفكري .
 إن هذا ينطبق على مواقعنا الألكترونية التي يفترض انها تعود لشعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين ، وحتى المنظمات والأحزاب التي تضع هذه المكونات في اسمها كالمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، والحركة الديمقراطية الآشورية التي تتاجر بلفظة كلدوآشوري .. فإن هذين التنظيمين ، يعملان بتنسيق منظم لدفن كل ما اسمه كلداني او قومية كلدانية فلا تترك مواقعها الألكترونية ووسائلها الاعلامية حيزاً مهما كان صغيراً لأي مقال يكتبه كاتب يحترم او يفتخر بقوميته الكلدانية ، علماً ان التنظيمين ( المجلس الشعبي والزوعا اللذان يتقاسمان مقاعد الكوتا المسيحية يفترض بهما ان يقفا على مسافة واحدة من كل المكونات المسيحية دون تفرقة او تفضيل احد المكونات على الآخرين .
بل حتى المواقع التي كنا نعول عليها خارج نطاق هذين الحزبين في السياسة العامة فإنها  باتت ، مع الأسف ، تمارس نوع من الاقصاء الفكري والكلمة الحرة لأي كاتب كلداني حريص على احترام قوميته الكلدانية .
هذا هو الواقع بصريح العبارة فأصبحت الوصاية على شعبنا الكلداني مسألة مشروعة وعليه يتم إقصاء اي فكر كلداني يتجرأ ويكتب كلمة تفتخر بالتاريخ الكلداني او بالأسم الكلداني عموماً تترجم على انها تعني التقسيم والشرذمة ولهذا يساهم الأعلام الذي يعود لشعبنا المسيحي بإخماد انفاس الكتاب الكلدانيين دون رحمة ، ولكي لا تقوم لهم قائمة، هذا هو الواقع، وأسجله كعملية ممارسة حق الأنتقاد .
إن التدجين العقائدي الذي يحاول الأخوة بفرضه علينا بجعل الأبيض اسوداً والأسود ابيضاً  ، والأعتزاز بالأنتماء القومي بأنه تقسيم وتخريب الأمة .. فتجري ممارسة سيكولوجية بحقنا لكي نؤمن بما لا نؤمن به ونقول ما لا نريد قوله ، إنه ببساطة ترويض وتدجين لفكرنا واحتوائه ليس إلا . وهذا ما يطفئ جذوة التقدم وتعمل على إحباط القدرة الأبداعية للانسان ، إنها حالة لا انسانية فرضت على شعبنا الكلداني في وطنه العراقي من ناحية ما تطاله من العمليات الأرهابية ومن ثم محاولات طمس اسمه وحضارته لكي لا تقوم له قائمة ولا يكون له وجود على خارطة القوميات العراقية .
الى رباط الفرس كما يقال لأصل الى النقطة التي اريدها وهي :
( إتاحة الحرية للكلدانيين للتعبير عن انتماءهم القومي الكلداني )
وهذا العبارة ليست من بنات افكاري إنما اقتبسها من مقال للزميل سيروان شابي بهنان فيقول ان الشعب الكلداني يشكل قومية عراقية صغيرة في العراق لذا يجب مراعاة الخصوصية الأثنية لهذا الشعب بمنح حقوقه كاملة وفسح المجال له للمجاهرة بقوميته الكلدانية دون ضغوط وإرهاب نفسي وفكري .
 حينما اقطع الآف الأميال عبر البحار ساطلب من مؤتمر النهضة الكلدانية المنعقد في سانتياكو في اواخر آذار القادم بأن يحث الجهات المعنية في العراق الفيدرالي وفي اقليم كوردستان ، والأتصال  بالأحزاب الأشورية المتنفذة ومع وسائل الأعلام والى مواقع شعبنا جميعها دون استثناء بأن يكون لنا الحرية الكاملة بالتصريح والمجاهرة لنقول للعالم : نحن كلدانيين ونفتخر بقوميتنا . فهذا ليس كفراً إنه انتماء الأنسان وهذا الأنتماء هو جزء اساسي من حرية الفرد في المجتمع وتضمنها لوائح حقوق الأنسان ، ونحن جزء من المجتمع العراقي الذي يتكون من قوميات وأديان مختلفة ولجميعهم حرية التصريح باسمائهم  باستثناء الكلدانيين الذين تلصق بهم تهمة التآمر والخيانة وتمزيق الأمة إن هم صرحوا باسمهم القومي ، فأين لوائح حقوق الأنسان من هذا القانون الجائر .
كما ينبغي على الشعب الكلداني ان ينهض ويأخذ حقوقه ، لأن الحقوق تؤخذ ولا تعطي ، وعليه ان يقتدي بالشعوب العربية التي تصحو من سباتها .
 حبيب تومي / اوسلو في 26 / 02 / 2011

212
الشعب الكوردي لن يسمح بإفشال تجربته الرائدة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الأكراد من الأقليات القومية الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط التي لم يسجل لها تكوين دولة قومية بعد إسدال الستار على الحرب العالمية الأولى وتفكك المبراطورية العثمانية ، فقد تمخضت نتائج الحرب على ولادة اكثر من دولة عربية واليوم على الخارطة اكثر من عشرين دولة عربية الى جانب دولة قومية للاتراك وأخرى للفرس ( ايران ) ، لكن الأكراد رغم ارتباطاتهم الأجتماعية ولغتهم المشتركة وقوميتهم الواضحة فلم يكن لهم حظوظ في تشكيل دولتهم ، والسبب يعود كما هو معلوم الى الوضع الجيوسياسي المحيط بهم حيث ان مصالح تلك الدول المحيطة تركيا وأيران والعراق كانت تلتقي عند نقطة التصدي لظهور اي كيان كوردي مستقل على حدودها .
في هذه الظروف تولدت للاكراد في اواسط العقد الرابع من القرن الماضي تجربة مريرة في تكوين كيان كوردي عرف بجمهورية مهاباد تخليداً للمدينة التي نشأت فيها ، لكن الشعب الكوردي يفتخر ان يلقبها بجمهورية كوردستان ، وقد انتهت تلك الجمهورية عن عمر قصير وأسدل الستار عنها بعد إعدام قادتها وعلى رأسهم قاضي محمد  في ميدان (جوار جرا ) الذي كانت منصته شاهداً على ولادة تلك الجمهورية ، وتمكن القائد الكوردي ملا مصطفى البارزاني ومجموعة من رجاله ، المناصرين لقيام تلك الجمهورية ، ببلوغ حدود الأتحاد السوفياتي السابق واللجوء اليه استمر لعقد ونيف من السنين ، وبقية القصة معروفة .
 لقد اشتهر هذا الشعب بالثورات والأنتفاضات على مدى عقود من القرن الماضي ، وتميز  من المناضلين الأكراد بغير قليل من الكارزمية اسم القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني ، وفي خضم الأحداث الدرامية على ارض العراق كان تحديد المنطقة الأمنة للاكراد في عام 1992 حيث وجد هذا الشعب وكل الشعوب الكوردستانية <1> وجدت نفسها في هذه المنطقة بمنأى عن سطوة الحكومة وظلمها وقهرها لتك المكونات . وبعد سقوط النظام في نيسان 2003 تغيرت الأمور في اقليم كوردستان بشكل جذري ، وعكفت القيادة الكوردية في هذا الأقليم الى تحقيق المزيد من خطوات الأستقلال الذاتي ، وخيم على المنطقة ( اقليم كوردستان ) حالة من الأستقرار والأمن والتعايش والتسامح بعكس مدن العراق الأخرى التي كانت العمليات الأرهابية والعنف الدموي تعصف بها وتحيلها الى مستنقع من التحارب والتهجير القسري والأنتقام ...
اعتبر نفسي صديقاً للشعب الكوردي ومتابعاً لمسيرة تحرره ، وهدفي في هذا المقال وغيره هو مصلحة الشعب الكوردي العليا بعيداً عن التأثيرات الحزبية لأي طرف من الأطراف في المعادلة السياسية في هذا الأقليم . إن تجربة الأستقلال الذاتي تعتبر رائدة بالنسبة لهذا الشعب الذي كان يطاله سلب الحقوق والعمليات العسكرية من الحكومات العراقية المتعاقبة والحصار الأقتصادي واخيراً استخدام الغازات السامة ومن ثم عمليات الأنفال التي استهدفت الأبادة الجماعية لهذا الشعب .
 إنها تجربة مريرة لا اعتقد ان الشعب الكوردي يفرط بها تحت اية ضغوط .
 اليوم تمر هذه التجربة بامتحان عسير على الشعب الكوردي وقيادته واحزابه ان تعرف كيف تخرج من المرحلة دون إجهاض التجربة الكردية التي اصبحت مثالاً يحتذى به في العراق وفي المنطقة . وإن المسؤولية تقع على عاتق الجميع دون استثناء بداية من القيادة الكوردية الى الحكومة مروراً بالبرلمان وفي الأحزاب السياسية التي مع الحكومة والتي موقفها معارض للحكومة او في البرلمان ، إنها مسؤولية الجميع امام الشعب الكوردي الذي قدم التضحيات ومنح لهم ثقته .
إن التجربة الكردية قد اقترنت بعملية ديمقراطية افرزت حكومة وبرلمان منتخب وبرئاسة للأقليم منتخبة من قبل الشعب مباشرة ، كما ويجري تداول السلطة بشكل سلمي . إضافة الى ذلك تميزت التجربة الديمقراطية في انبثاق احزاب سياسية عديدة لها شتى الطروحات والبرامج ومنها من اتخذ موقفاً معارضاً مثل حركة التغيير التي انبثقت عام 2006 واليوم لها اليوم 25 عضو في برلمان كوردستان وبهذا الصدد يقول الدكتور فؤاد حسين رئيس ديوان الرئاسة في اقليم كوردستان وحسب جريدة الشرق الأوسط اللندنية انه «فيما يتعلق بكردستان هناك أيضا تعددية حزبية. صحيح أن هناك حزبين قويين، ولكن عندما نجتمع بالأحزاب نجد هناك 45 حزبا وهي تتمتع بالحريات السياسية والإعلامية تستطيع أن تتحدث وتنتقد..>> .
كان هذا الجانب يحمل اهمية كبيرة خصوصاً إذا قورنت مع التجربة السياسية في العراق الفيدرالي التي تتعثر بشكل مستمر بسبب نموذج المحاصصة الطائفية التي كبلت العراق وفرغت العملية الديمقراطية من محتواها الجوهري لتكون وجه شرعي في عمليات السلب والنهب والفساد الأداري والمالي التي  تعصف  بعملية نهوض العراق وتقدمه الى اليوم .
إن المظاهرت التي انطلقت في السليمانية هي عملية شرعية تكفلها القوانين والأنظمة ولا غبار على قيامها ان بقيت في مسارها السلمي الحضاري في المطالبة والأحتجاج ، ويكفي ان نذكر الزعيم التاريخي مهاتما غاندي ، المجرد من كل ادوات العنف ، وفي اسلوبه السلمي كيف استطاع من تحقيق اهداف شعبه في التحرر من الأستعمار البريطاني دون إطلاق طلقة واحدة ، وبالأمس كيف رأينا الثوار الشباب المصريين وهم ينظفون ميدان التحرير بعد انقضاء اعتصامهم في ذلك الميدان فأصبحوا قدوة حسنة في السلوك الحضاري .
إن محاولة بعض المحتجين في السليمانية الى اقتحام ورمي الحجارة على مقر الفرع الرابع للحزب الديمقراطي الكوردستاني في المحافظة خارج ميدان السراي ، كان تصرفاً خاطئاً ، وهذا الخطأ قوبل قوبل بخطأ آخر حينما شرع حراس المقر بإطلاق النار مما تسبب في مقتل الطفل البرئ ريزوان صالح ، وبادر الدكتور برهم صالح لزيارة اسرة الفقيد وتقديم التعازي لهم .
إن سير الأمور على هذا المنوال ستؤول الى خسارة كل الأطراف لكن الخاسر الأكبر هو الشعب الكوردي وستشكل انتكاسة لتجربته التي يتباهى بها امام العالم بأنه شعب حي ليس في حمل البندقية فحسب بل انه قادر على تحقيق الديمقراطية والمساهمة في البناء المعماري والحضاري .
لا زالت احداث الأقتتال الكوردي ـ الكوردي في اواسط التسعينات من القرن المنصرم ماثلة امامنا ، وكيف كان جيران كوردستان يشمتون ويستمرؤون الفرجة على القتال الدائر بين الحزبين الكبيرين على الساحة الكوردية ، بل ويصبون الزيت لضمان استمراره .
شخصياً سمعت من اصدقاء كورد بأن الأكراد هم مثل طير القبج الذي يرى نفسه محبوساً في القفص ومع ذلك يتشاجر ( يتناقر) مع قرينه المحبوس معه في القفص . ولكن هل يبقى الشعب بتلك الحالة من التشرذم والأنقسام بعد التقدم والوعي الذي بلغه الشعب الكوردي ؟ وهل يقف الشعب مكتوف الأيدي وهو يرى ضياع وأفول تجربته التاريخية والتي ناضل من اجلها على مدى عقود ، والتي كان ثمنها غالياً دفعه الشعب الكردي برمته في مدنه السليمانية وأربيل ودهوك ومدنه الأخرى وقصباته وبلداته وقراه على امتداد كوردستان ، هل يقبل ان تذهب تلك التضحيات الجسيمة ادراج الرياح ؟
  شخصياً اقوم بزيارات الى العراق بين آونة وأخرى ، والى القوش بشكل خاص ومنها الى اربيل ودهوك وألاحظ امامي مظاهر الرفاه والتقدم في مناحي الحياة ومنها تحسين الظروف المعيشية لغالبية الشعب الكوردي ، وإذا ابتعدنا عن منطق الأرقام واكتفينا بما هو واضح على الأرض حيث تبدو للزائر الى المدينتين اربيل ودهوك ، ويقولون ان السليمانية اكثر تطوراً ، فعلى سبيل المثال ان مناطق علامات المرور ليست مكتظة بالمتسولين وبائعي ( الحب والعلج ) وهؤلاء من المتسولين ايضاً ، كما اننا لا نشاهد صفوف الآطفال وهم يتزاحمون على عرض خدماتهم لصبغ احذية المارة  ، إن استخدام الأطفال يعتبر مرضاً متفشياً في كثير من الدول العربية ومنها بغداد ويدل على تردي الأوضاع الأقتصادية لطبقة كبيرة من المجتمع .
 كما اننا نصادف كثرة الرواد للمطاعم الراقية ، وتقع انظارنا على اعداد كبيرة من السيارات الفارهة الحديثة ، كل هذه مؤشرات على اتساع ونمو طبقة متوسطة سيكون بمقدورها بناء قواعد رصينة للتطور الصناعي والعمراني والزراعي ..
بنظري ان الخطوة الأكثر اهمية في تقدم كوردستان هو تعزيز الثقة بمستقبل الأقليم انطلاقاً من حاضر متين قوامه الهدوء والسكينة وتقديم المطالب بطرق اصولية بما فيها الأحجاج والتظاهر ، على الا يكون ذلك سبباً لخرق القوانين وتخريب المؤسسات فنحن نريد جني العنب وليس الأنتقام من الناطور .
وبهذه المناسبة اعبر عن (( استغرابي في مسألة هضم الحقوق القومية للشعب الكلداني بإلغاء اسم قوميتهم الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، بالأضافة الى تهميشهم في العملية السياسية في الأقليم وقبول بوصاية ألاخرين عليهم ، أنا استغرب من هذا الموقف ، فالكلدانيون ناضلوا الى جانب الشعب الكوردي في ايام نضاله المسلح وقدموا الشهداء والتضحيات ، واليوم مع الأسف بدلاً من مكافأتهم على موقفهم الشريف هذا في أقليم كوردستان ، اصبح مصيرهم التهميش وهضم حقوقهم القومية والسياسية )) .
إن جانب الروية والهدوء مطلوب في هذه الأحوال ، إذ لا يمكن في اي مكان من الأرض إجراء التعديلات الدستورية والقضاء على الفساد والرشاوي وتحسين اوضاع السجون وتعديل القوانين والنظر في المظالم واجراء الاصلاحات السياسية وغيرها من النقاط المهمة ، لا يمكن تحقيق كل ذلك في ليلة وضحاها ، وأي جهة سياسية لا تملك عصا سحرية لتحقيق كل ذلك بضربة من تلك العصا ، فالمسالة تحتاج الى منظومة عوامل منها توفر الثقة المتبادلة بين الفرقاء ، وتضافر الجهود المشتركة بين الأطراف المشتركة في العملية السياسية لجعل الاقليم مساحة نابضة بالحياة ، إن ذلك سيقطع الطريق امام المتربصين النهّازين للفرص لتأليب الناس على بعضها لتخلو لهم الساحة في نهاية المطاف .  
إن أرادت قيادة الأقليم ان تبقي عجلة التطور في حركة مستمرة  مع مستجدات العصر عليها تشكيل منظومة  من الخبراء الوطنيين التكنوقراط من المثقفين والأكاديميين وذوي الخبرة ليشكل هؤلاء منظار لرؤية الأشياء البعيدة للتكهن بمجريات الأمور ، وتكون هذه الهيئة بمنأى عن تأثير الأحزاب السياسية ، فالأحزاب دائماً ترى الأمور من جانب رؤيتها الخاصة للامور ، ولكن تلك الهيئة تقدر الأمور من المنظور الوطني الواسع العابر لآفاق الكتل والأحزاب .
حبيب تومي / اوسلو في  22 / 02 / 11
ــــــــــــــــ
<1> الأكراد هم المكون الكردي اي من القومية الكرودية في اقليم كوردستان ، ومن الطبيعي ان كوردستان فيها من المكونات الأخرى غير الكردية ومنهم العرب والتركمان والكلدانيين وبقية المسيحيين . وهكذا اطلق لفظ الكوردستانيين على تلك المكونات الأثنية غير الكوردية .

213
الأستاذ النجيفي ومستقبل الموصل والبيشمركة ومحافظة القوش او ..
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no
استهل مقالي هذا بتفسير مصطلح محافظة القوش او .. للقارئ الكريم والذي اوردته في عنوان المقال ، وقبل ان يجري تأويله لغير المسار الذي ارمي اليه ، وقد استخدمت محافظة القوش بدلاً من مصطلح المحافظة (المسيحية) الذي يجري تداوله بشكل تعسفي بعيد عن ارض الواقع ، وعما يصبو اليه معنى المحافظة لهذا المكون ( المسيحي ) المستضعف الذي تعرض لغير قليل من الظلم والعنف الدموي والتهجير ، فأيد كل من له ضمير بأن يمنح هذا المكون ( المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين ) ، في مناطق تواجده شكل من اشكال الحكم الذاتي والذي جرى تداوله في وسائل الأعلام وترجم الى محافظة مسيحية .
 إن هذا المصطلح انتشر إعلامياً كصدى لما يردده السادة المسؤولون وفي مقدمتهم السيد رئيس الجمهورية الأستاذ جلال الطالباني  ، وفي الحقيقة نحن ، ذاتياً ، نتحمل ليس قليل من المسؤولية في ترويج لفظة ( المسيحيين ) ، حينما همشنا تسمياتنا القومية الجميلة كلدان وسريان وآشوريين وكما ورثناها من آبائنا وأجدادنا ومن تراثنا عبر التاريخ ، وقد جرى تشويه مجحف لهذه التسميات التاريخية الجميلة وبقرارات سياسية من الأحزاب القومية الآشورية التي باتت متنفذة في الساحة السياسية العراقية بعد نيسان 2003 م .
 إذ تم دمج تلك الأسماء الجميلة  بشكل تعسفي مشوه لا يمت الى الواقع الأثنوغرافي لشعوب العالم قاطبة بأية صلة ، وهكذا جرى تداول اسم المسيحيين او ( إخواننا المسيحيين ) بدل الأسم القومي تحت الضغط  السياسي للأحزاب الآشورية الشقيقة التي تمسك اليوم بزمام الثروة والأعلام والنفوذ ، ومن المؤسف ان يتخذ هؤلاء الأشقاء هذا الموقف الغريب فيبدو ان ما يؤرقهم هو اسم القومية الكلدانية تحت طائلة اسباب مذهبية بحتة قد مضى زمنها حيث إننا نعيش في العشرية الأولى من الألفية الثالثة وحيث تسود مبادئ حقوق الأنسان وحريته في المعتقد والأنتماء بمنأى عن وصاية الآخرين .
وهكذا اقترحت اطلاق مصطلح محافظة القوش وليكن محافظة تللسقف او باطنايا او تلكيف او بغديدا او كرملش .. او اي اسم آخر من اسماء بلداتنا التاريخية بدلاً من اسم المحافظة المسيحية ، لأن الأسم يدل على الدين فسيكون هنالك محافظة ايزيدية ومحافظة شبكية وأخرى إسلامية ، وهذه حالة غير مستحبة وغير مقبولة من اي شريحة من شرائح المجتمع في منطقة سهل نينوى .
الأن نأتي الى الشق الآخر من المقال وهو العلاقات المتأزمة بين العرب والأكراد وبشكل ادق بين قائمة نينوى المتآخية الكردية وبين قائمة الحدباء العربية التي يرأسها الأستاذ اثيل النجيفي ، ومن أخبار الصحف نقع على معادلة مستعصية على الحل وهي كالآتي : ان عرب الموصل يقولون :
لا تفاهم مع الأكراد من دون خروج قوات البيشمركة . وقوات البيشمركة تقول لا خروج من دون تحسين الوضع الأمني ، حيث أكد قادة في قائمة الحدباء العربية التي يترأسها محافظ نينوى أثيل النجيفي أنه من دون خروج البيشمركة وقوات الأمن الكردية من حدود محافظة الموصل لا عودة لممثلي الأكراد الى مجلس إدارة المحافظة». وأشار عبد الرحيم الشمري المشرف على ملف محادثات الحدباء مع قائمة نينوى الكردية المتآخية إلى « أن هذا الشرط لا تراجع عنه تحت أي ظرف كان .
وردا على تصريحات قادة الحدباء أكد القيادي هريم كمال أغا مسؤول المكتب التنظيمي لحزب الإتحاد الوطني في الموصل لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع الأمني في المحافظة «يسير من سيئ الى أسوأ، وأن وجود قوات البيشمركة داخل حدود الموصل وخصوصا في المناطق الكردية هو لضمان الوضع الأمني في تلك المناطق التي تشهد تحسنا ملموسا من الناحية الأمنية بسبب سيطرة قوات البيشمركة على الوضع الأمني هناك، لذلك فإن أي خروج لقوات البيشمركة من تلك المناطق سيعرضها الى مخاطر جسيمة ..  
إنها معادلة عسيرة على التحقيق لا سيما في ضوء انعدام الثقة بين الطرفين ، ولكن إذا انطلقنا من مساحة الحياد فإننا نتساءل :
الى ماذا كان سيؤول الوضع في المنطقة لولا قوات البيشمركة التي تسيطر على الطرق في هذه المنطقة ، إن كانت قوات الحكومة المحلية في الموصل وقوات الجيش العراقي المتواجد فيها ليس بمقدورهما تحقيق الأمن والأستقرار داخل مدينة الموصل نفسها ؟ فكيف سيكون بمقدور هذه القوات تأمين الطرق الخارجية ؟
 من الواقع الحاصل على الأرض تنجلي صورة مفادها ان البيشمركة الذين لهم الباع الطويل في تأمين الأمن والأستقرار في ربوع اقليم كوردستان وهذه المناطق هم الذين يؤمنون السير الأمين على هذه الطرق وتجعل المدن والقرى المحيطة بالموصل في مأمن من العمليات الأنتقامية .  
ونأتي الى النقطة التي يرفض فيها الأستاذ اثيل النجيفي محافظ الموصل فكرة إقامة محافظة مسيحية  بمنطقة سهل نينوى، مشيرا إلى أن التصريحات الداعية لذلك ستضر بالمجتمع المسيحي وتعزله عن باقي العراقيين.
لا ادري لماذا ينظر الى المسالة بمنظار الأنتماء الديني وليس الوطني ؟
ولماذا يجري تموضع المشروع في الأطار الطائفي دون غيره ؟
الفرضية أن يعمل على عزل المسيحيين بين اسوار المحافظة ، فتغدو منطقتهم هدف مكشوف يسهل استهدافه ، وآخرين يقولون سيحصرون انفسهم في غيتو وينعزلون عن المكونات العراقية الأخرى ، وهذه كلها افتراضات غير واقعية ، فالمسألة تتعلق بمكون عراقي تعرض للتطهير العرقي بسبب هويته الدينية ، ويجري اليوم منحه في جزء من وطنه ملاذ آمن متمتع بشئ من الأستقلالية والأدارة الذاتية ، اليست هناك على ارض الواقع محافظات للاكراد وأخرى للشيعة وثالثة للسنة ، مع وجود خليط من المكونات الأخرى في تلك المحافظات ؟ فلماذا لا تكون ثمة محافظة للكلدانيين وبقية المسيحيين على بقعة من ارض العراق ؟ وليكن هذا الجزء سهل نينوى ، و الاسم الأفتراضي يكون للمحافظة مطروح اسم محافظة القوش او اي مدينة أخرى كما سبقت الإشارة الى ذلك . ألا يعترف الجميع بأننا اصحاب الأرض الأصليين ؟
فلماذا لا يكون لنا موطئ قدم في هذه الأرض ؟
ينبغي دراسة المسالة إن كانت هذه المحافظة على اساس ديموغرافي او على اساس جغرافي وهو المرجح . فأين تكمن الأشكالية إن كان ثمة نيات صافية وصادقة للتعامل الندي المتكافئ ، وتوفر الثقة المتبادلة بين الأطراف المتنفذة في المنطقة؟
محافظ الموصل ينبغي ان لا يكون طرفاً في وضع العراقيل امام المشروع ، إذ ان المشروع لا يشكل اي تهديد لمحافظة الموصل ، وينبغي ان يعترف السيد المحافظ بما هو حاصل على الأرض وعلى ما طرأ على الساحة السياسية العراقية برمتها من مستجدات ، وينبغي الإقرار بواقع مفاده ان زمن الدولة العراقية الشديدة المركزية  قد ولّى زمانه ولا عودة الى المركز القوي المستبد الذي يحل ويربط كل صغيرة وكبيرة ، فقد تركزت اقدام اللامركزية ولا عودة للمركزية في الدولة العراقية الى ما كانت عليه قبل عام 2003 م .
مع اللامركزية الحاصلة يتعين على السيد المحافظ ان يقر بأن مستقبل الموصل مرتبط مع جيرانها الأزليين ، إن مستقبلها مع الأكراد ومع المكونات الدينية والقومية الأخرى ، اي مع الواقع الجيوسياسي في المنطقة . ومن هذا الواقع عليه ان يرتب الأمور مع هؤلاء الجيران على اسس مبنية على التعاون والثقة المتبادلة ، إن محافظة ( القوش) سوف لا تشكل خنجراً في خاصرة اهل الموصل او الأكراد ، إنها ارض التعايش والوئام والتنمية في المنطقة ، إضافة الى كونها معادلة إنسانية وطنية عراقية لأنصاف هذا المكون العراقي الأصيل .
حبيب تومي / اوسلو في 18 / 02 / 11

214
فخامة رئيس الجمهورية .. وهل الكلدانيين يمثلون طبقة العبيد في العراق الحديث ؟  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
كان المجتمع العراقي ( البينهريني ) القديم يتألف من طبقات ثلاث غير متساوية في الحقوق والواجبات ، فالطبقة العليا وهي (الميلو او امار ايلو ) اي الانسان او ابن الانسان ، ويكون افراد هذه الطبقة من ابوين من طبقة الاحرار ، والطبقة الثانية هي طبقة العبيد (اردو) وفي لغتنا الكلدانية (أودي) اي العبيد ، وليس لهؤلاء حقوق إنسانية تذكر ، والطبقة الثالثة هي الطبقة المتوسطة بين العبيد والأحرار ويدعون ( مشكينو) اي المساكين . والتفاصيل عن هذه الطبقات ليس مجال حديثي هنا  ، إلا ان الذي اريد ان اشير اليه ان الشرائع القديمة وبضمنها شريعة حورابي قد اقرت نظام العبودية وهنالك مواد في قوانين حمورابي تعاقب العبد بقساوة إذا خالف امر سيده .
الغريب حتى ارسطو قد اقر نظام الرق واعتبره امراً طبيعياً ، واستمر ذلك لقرون الى العصر الراهن حيث أوسس لتشريع لوائح وقوانين تضمن حقوق الأنسان التي تحفظ آدميته وكرامته ، وإن البشر جميعهم سواسية امام القانون بقطع النظر عن لون البشرة او العرق او الدين او ...
ومن هذا المنطلق ينبغي ان نتمتع نحن الكلدانيون بحقوق انسانية بما فيها الحقوق القومية والسياسية في وطننا العراقي .
 إن الحكومة العراقية تكذب حين تدعي بتمثيلها لكل الأطياف العراقية ، إنها تمثل من لهم السطوة والقوة ، اما المستضعفين من السكان الأصليين ومنهم شعبنا الكلداني الذي يمثل هنود حمر العراق ، فليس لهم مكان في حكومة المالكي ، والسبب واضح لأنهم لا يملكون سطوة الميليشيات لتهديد الحكومة ولا يلجأون الى الأنتقام ولا يوجد دولة من الدول تمسك ظهرهم ، ولو كان لهم مثل تلك الأمكانيات لكان لهم احسن تمثيل في الحكومة العراقية التي تعمل على إرضاء الاقوياء وذوي النفوذ ، ليس لأنهم معارضين فحسب لكن لان الكثير منهم لا يؤمن بالمعارضة الكلامية إنما يؤمن بمعارضة التعبير بلغة التفجيرات ومسدسات مزودة بكاتمة الصوت والأحزمة الناسفة ...
هذا هو القانون الذي يسري في غابة العراق فالمكان للاقوياء فقط ، والغريب والعجيب ان جميع الأطراف الذين يتسابقون على الكعكة ، فإن كل جماعة منها تنزع الى الأدعاء بأن حصتها ضئيلة ، وإنها ضحية ظلم فادح . ويبقى الكلدانيون الذين همشت حقوقهم في وطنهم يتفرجون على المشهد المثير للسخرية في بلد اسمه الوطن العراقي .  
ويمضي نفس اسلوب التوافق والترضية المملة بشأن أختيار رئيس الجمهورية لنوابه ، ويتعين على رئيس الجمهورية ان يعلم انه رئيس لكل العراقيين بما فيهم المستضعفين اي الكلدانيين ، وليس للأقوياء وذوي القوة والنفوذ فحسب ، ولكن مع الأسف فإن الرئيس مام جلال لم يكن عادلاً ولم يراعي مبدأ المساواة بين مكونات الشعب فعكف على سلوك نفس الطريق الذي سلكه من قبله رئيس الوزراء بتهميش تمثيل الشعب الكلداني الأصيل ، وكان حري بمام جلال بالذات ان يهتم بحقوق الشعب الكلداني ، لأن شعبه الكردي قد عانى من الظلم والأستبداد والتهميش  فليس معقولاً ان ينتقل الأستاذ مام جلال الذي عانى من الظلم يوم امس ان ينتقل اليوم الى ظالم .
 اولاً :
 لم يعترض على عدم تمثيل الكلدانيين في الحكومة . ثانياً حاول تعيين نوابه من الأقوياء ايضاً وترضيتهم ، اما تمثيل السكان الأصليين فلم يجري التطرق اليه بتاتاً .
في الأخبار نقرأ :
الطالباني طالب مجلس النواب بأن يقوم بتعديل قانونه ليسمح بتسمية نائب رابع ليكون ممثلا عن شريحة التركمان. ونقرا ايضاً ،ان الطالباني يصر على تعيين نائب تركماني ، ان مبدأ تعيين ثلاثة نواب له كان قد اقره البرلمان وهم  السادة عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي ثم الخزاعي المنتسب لقائمة دولة القانون . نحن لسنا ضد ان يكون نائب للرئيس من المكون التركماني وعسى ان يكون الطاقم الحكومي برمته من هذا المكون العراقي ، علماً ان للتركمان حالياً ثلاثة وزراء ، لكننا ضد ان يكون همّ الرئيس ترضية الأقوياء فقط ونسيان المكونات الضعيفة في العراق ، فالكلدانيون كما مر قبل قليل ليس لهم واسطة في الدول المجاورة كالمكونات الأخرى ، كما لا يملكون النفوذ وليس لهم اسلحة وميليشيات ولا يلجأون الى التفجيرات ، وهذا هو السبب في إهمال امرهم .
فخامة الرئيس إن هذه البلاد بلادنا وإن لكل شخص فيها حقاً والديمقراطية لا تعني ضمان حقوق الأكثريات فحسب إنما تعني ضمان حقوق كل الأقليات دون تفرقة وتمييز . إن كانت الغاية من النواب الأربعة هو تمثيل الأطياف فكان الشعب الكلداني في مقدمة من يستحق هذا التمثيل وكان يجب ان تكون المبادرة من رئيس الجمهورية مام جلال بالذات ليشكل مظلة لكل العراقيين على حد سواء . وكان يمكن ان يشكل نوابه مجلس اعيان مصغر كما كان في العهد الملكي الذي كان من بين اعضائه بشكل دائم عيّن يهودي وعيّن كلداني ، فيكون نواب الرئيس اليوم من المكون الكردي وهو الرئيس ويكون العربي والكلداني والتركماني ، باعتبار الكلدان مهمشين في الحكومة العراقية التي نجد فيها تمثيل العربي والكردي والتركماني والآثوري .
إن مجلس الشيوخ الأمريكي فيه نائبان من كل ولاية بغض النظر عن مساحتها وحجمها السكاني فولاية رود ايلند التي تعد مليون نسمة تنتخب نائبين مثل كاليفورنيا التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة .
اجل كان في العراق القديم طبقة العبيد لا يملكون اي حقوق سياسية او اجتماعية واليوم تحاول دولتنا العتيدة ، وباسم الديمقراطية تهميش الشعب الكلداني الذي يجري النهران الخالدان دجلة وفرات في عروقه ، هذه هي مكافئة هذا الشعب الأصيل وتهميشه باسم الديمقراطية ، والذي نعرفه عن الف باء الديمراطية هو ممارسة الثقافة الديمقراطية سلوكاً وتفكيراً وتطبيقاً حياً بتمثيل الجميع إن كانوا اكثرية او اقلية ، اقوياء ام مستضعفين ، هذه هي الديمقراطية . وليس ترضية ذوي النفوذ والسطوة خوفاً من انتقامهم ، فحكم الأكثرية المفترض انه لا يخطئ ولا يظلم اي مكون .
والسؤال لمام جلال والمالكي هل تبقى نظرتهما الى الكلدان وكأنهم من طبقة العبيد لا يستحقون اي حقوق قومية او سياسية ؟
نتيجة الديمقراطية العرجاء التي تطبق في العراق  شكلت وزارة قوامها 42 حقيبة وزارية من بينها 8 وزارات كانت لترضية الكتل ، ومع كل هذا العدد هنالك 3 نواب لرئيس الوزراء وثلاث نواب لرئيس الجمهورية الذين من المؤمل ان يصبح عددهم اربعة نواب .
ولكي نتأكد بأن الحكومة تغرد خارج السرب ، فإن هموم الشعب وأمله في توفير الأمان والخدمات والكهرباء ، هذه الهموم ليست من اهتمامات الدولة والحكومة العراقية المنتخبة ، فلحد اليوم لم يعين وزراء الدفاع والداخلية والأمن الوطني ، إضافة الى وزارة وزارة الكهرباء . أجل إن الترضية في توزيع الكراسي والمكاسب هي اهم من امن الشعب وتوفير الخدمات والكهرباء لهذا الشعب المسكين المنكوب بحكامه .
إنشاءالله سياتي الوقت الذي ينتفض فيه الشعب ويتظاهر دون خوف ليقلب الأوزان وليضع العراق في الطريق الديمقراطي الصحيح بعيداً عن منطق الطائفية والمحسوبية التي جعلت من العراق دولة متأخرة وفي المراتب الأولى في استشراء الفساد باوصاله .  
حبيب تومي / اوسلو في 12 / 02 / 11

215
بابا الفاتيكان يعتزم زيارة اور الكلدانيين فلماذا لا ندعوه لزيارة القوش و..  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
اقترن اسم اور الأثرية في التاريخ باسم اور الكلدانيين<*>، وحسب الرواية الواردة في سفر التكوين ان تارح كان له ثلاثة اولاد هم ابرام ( ابراهيم ) وناحور وهاران ، ومات هاران قبل تارح ابيه في ارض مولده في اور الكلدانيين ... وأخذ تارح ابنه ابرام وحفيده لوطا بن هاران ، وساراي كنته زوجة ابنه ابرام ، وارتحل بهم من اور الكلدانيين ليذهبوا الى ارض كنعان ( تكوين 11: 28 ، 31) ، وحينما وسم الكاتب الكلداني نزار ملاخا في إحدى مقالاته ابونا ابراهيم بالكلداني وجه اليه ليس قليل من النقد اللاذع ، لكن من الغريب وقبل نزار ملاخا بعقود كان المرحوم المطران يوسف بابانا قد نسب ابونا ابراهيم الى الكلدانيين ولم يكن هنالك اي اعتراض عليه حيث كتب في كتابه القوش عبر التاريخ ص 57 يقول : (( اختار الله له ابراهيم الخليل من ذرية الكلدانيين ليدعو الى عبادته في الأرض بين القبائل والممالك .. )) .
 ((( قبل الأنتهاء من مقدمة هذا المقال ، فقد علمت بأن هنالك جهود لطبع كتاب القوش عبر التاريخ طبعة ثانية ، وما نطلبه من ذوي المرحوم المطران بابانا المحترمون ، توخي الدقة ونقل الكتاب حرفياً ، لأن تمرير اي افكار جديدة ، تحت تأثيرات سياسية ، سيعتبر تزوير للكتاب ، وخيانة الأمانة  ، ولنا ثقة كبيرة بالنخبة من ورثة آل بابانا الكرام أنهم لا يقبلون بتاتاً بأي تحريف للنص الأصلي للكتاب ))) .
هذه مقدمة لا اريد الأستمرار بها ، وسوف ابقى في رغبة الحبر الأعظم بابا الفاتيكان بندكتوس السادس عشر بالقيام بزيارة مدينة اور التاريخية في محافظة ذي قار في العراق حسب ما ورد في الخبر الذي نقلته صحيفة الصباح واقتبسه موقع عنكاوا حيث ورد فيه :
اعرب بابا الفاتيكان بندكتوس السادس عشر عن رغبته بزيارة مدينة اور الاثرية في محافظة ذي قار، فيما فاتحت وزارة السياحة مجلس الوزراء لتأمين التحضيرات الخاصة بانجاح هذه الزيارة.
وقال وزير السياحة والاثار الدكتور لواء سميسم في تصريح خص به "الصباح" ان رئيس هيئة الكرسي الرسولي في الفاتيكان والذي يعدّ المسؤول عن السياحة الدينية هناك نقل للسفير العراقي في الفاتيكان حبيب الصدر رغبة البابا بندكتوس السادس عشر بزيارة مدينة اور الاثرية في الناصرية التي تحوي دار النبي ابراهيم "عليه السلام".
واضاف ان السفير الصدر نقل هذه الرغبة الى وزارة السياحة التي فاتحت رئاسة الوزراء لتأمين متطلبات انجاح الزيارة، منوها بان الوزارة اعدت ترتيبات اولية لتهيئة زيارة رئيس هيئة الكرسي الرسولي في الفاتيكان الى العراق في النصف الثاني من العام الحالي للاعداد لزيارة البابا التي من المؤمل ان تتم مطلع عام 2012.

الجدير بالملاحظة ان البابا الراحل يوحنا بولس الثاني كان يأمل بزيارة الأمكان التاريخية المقدسة في الشرق الأوسط ومنها مدينة اور التاريخية باعتبارها مسقط رأس ابراهيم الخليل الشخصية التي تحترمها الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والأسلامية ، ولم تتم الزيارة في وقتها بسبب ظروف الحصار والحظر الجوي المفروض على العراق منذ عام 1991 ، وقد تنصلت الحكومة العراقية في وقتها من توفير الحماية لزيارة الحبر الأعظم ، كما ان الولايات المتحدة لم ترغب في تحقيق تلك الزيارة لكي لا يصار الى تجييّرها لصالح نظام صدام .
 وهكذا عدل عن زيارة العراق وخرجت اور الكلدانيين من برنامج زيارة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني واكتفى بزيارة الأماكن المقدسة في اسرائيل والأردن والأراضي الفلسطينية ، وزار  بيت لحم والقدس والناصرة وفي الأردن حين حطت طائرته في المطار كان تقبيله لتراب الأرض ، وزار من الأماكن المقدسة في هذا البلد جبل نيبو وموقع المعمودية ( المغطس ) ، وفي وسط العاصمة عمان اقام قداساً كبيراً .
اليوم يعرب رئيس الكنيسة الكاثوليكية في العالم عن رغبته في زيارة اور التاريخية التي ورد انها مكان ولادة ابونا ابراهيم الخليل وهو من ذرية الكلدانيين ( بابانا : المصدر السابق نفس الصفحة ) .
 لا ريب ان الزيارة ستحقق للعراق قدراً كبيراً من السمعة الدولية الطيبة ، حيث ستثبت للعالم انها بصدد تحقيق الأمان والأستقرار في البلد ، وتبرهن ان العنف والفوضى والكراهية هي اشياء شاذة في الوطن العراقي ، فالمألوف والطبيعي ان يكون سلام وأمان وتعايش ومحبة ، ثم ان هذه الزيارة ستفتح ابواب العراق نحو السياحة العالمية ، ولقد لا حظت ذلك حين زيارة بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني للأردن سنة 2000 وكنت في وقتها في عمان وكانت تنتشر في الشوارع والطرق الخارجية يافطات الترحيب بزيارة البابا المرفوعة من قبل مختلف قطاعات الشعب الأردني بما فيها العشائر العربية في هذا البلد ، وبعد الزيارة هذه شهد الأردن انتعاش كبير في السياحة حينما تدفقت مجموعات كبيرة من السياح الى هذا البلد وكان هدفها زيارة تلك الأماكن التي زارها الحبر الأعظم .
إن زيارة البابا لعراقنا سيكون لها أهمية كبيرة ليس بجهة السياحة فحسب ، إنما ستؤول بدرجة ما الى تضميد الجروح التي ظلت عميقة مؤلمة بسبب ما طال المسيحيين من مظاهر العنف والقتل والتهجير بسبب هويتهم الدينية ، إنها مناسبة لتصفية القلوب ونشر الوئام والوسطية والأعتدال بين ابناء الشعب الواحد من المسيحيين والمسلمين ، وامامنا امثلة حية لأمكانية توفر مثل هذا التعايش والتسامح كالذي نشاهده في اقليم كوردستان وفي المملكة الأردنية الهاشمية وسوريا .
فالزيارة ستساهم حتماً في فتح وتوسيع ابواب الحوار والتفاهم الأسلامي المسيحي وتعمل على إرساء ابعاد ايجابية على العراق وتجسير  جسور انسانية واجتماعية بين المسيحيين والمسلمين لا سيما مع مسيحيي الشرق الأوسط الذين قطنوا هذه الديار من عصور موغلة ، إذ ليس من المعقول ونحن نودع العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين وهذا الشعب الأصيل يتعرض الى هذا القدر الكبير من العنف والظلم والقهر ، إنها معادلة بعيدة ومناقضة للمفاهيم الأنسانية والوطنية .
نعود الى موضوع زيارة الحبر الأعظم لمدينة اور الكلدانيين ، وما تحمله هذه الزيارة من معاني التسامح والتفاهم والحوار بين اتباع الديانتين الأسلامية والمسيحية ، ولدي هنا اقتراحين الأول :
ان يوجه الكاردينال البطريرك عمانوئيل دلي دعوة الى بابا الفاتيكان لزيارة الأماكن التاريخية الأخرى اثناء قيامه بزيارة جنوب العراق ، وفي مقدمة هذه الأماكن تأتي دعوته لزيارة القوش لما تحمل هذه المدينة من مواقع أثرية مسيحية وفي مقدمتها دير الربان هرمز العتيد  ،ودير السيدة حافظة الزروع ودير مار ميخا النوهدري الذي اصبح مدرسة على مدى أجيال ، إضافة الى مرقد النبي ناحوم الألقوشي ، وسوف لا نذهب بعيداً لنصل الى دير مار متي ، وسيكون بالأمكان زيارة الشيخ عادي للاخوة الأزيدية في لالش ، ولا نقول كنيسة الطاهرة في الموصل بسبب الأوضاع الأمنية المتردية ، واستحالة ذلك في الوقت الحاضر ، ثم الأنتقال لمناطق اخرى كعنكاوا ومنكيش وتللسقف وتلكيف وباطنايا وكرملش وبغديدا وبرطلي وباقوفا وغيرها من المدن والقرى المسيحية في المنطقة وفي اقليم كوردستان .
الأقتراح الثاني ان يوجه الأستاذ مسعود البارزاني دعوة للحبر الأعظم لزيارة الأقليم ، حيث ان التركيز الديموغرافي المسيحي من كلدان وسريان وآشوريين قد تركز في مدن وقرى الأقليم بعد تهجيرهم من بغداد والبصرة والموصل ، إن هذه الزيارة ستساهم في توطيد العلاقات الأجتماعية والثقافية وتعزز مفاهيم التعايش والتسامح في هذا الأقليم .
إن زيارة البابا لألقوش ولمناطق مسيحية أخرى حتماً ستسلط الأضواء على هذا المكون المستضعف في ارضه ووطنه ، الجدير بالذكر ان اتباع الكنيسة الكاثوليكية يشكلون الشطر الأكبر من مسيحيي العراق وهم ينتمون الى القومية الكلدانية وهي ثالث قومية عراقية ، ويجري تهميشها سياسياً وقومياً من قبل حكومة اقليم كوردستان وبشكل مجحف وتفرقة مقيته من قبل الحكومة العراقية .
ونتمنى ان تساهم هذه الزيارة في نيل الشعب الكلداني الذي هو بمثابة (هنود حمر) العراق، ان ينال حقوقه القومية والسياسية .
 حبيب تومي / اوسلو في 09 / 02 / 11
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
<*> = ورد في قاموس المطران اوجين منّا "قاموس كلداني ـ عربي " في مادة كلدانيون هذا التعريف = ((( الكلدانيون : هم العلماء وارباب الدولة من اهل بابل وأطرافها . او جيل من الشعوب القديمة كانوا اشهر اهل زمانهم في سطوة الملك والعلوم وخاصة علم الفلك . ولغتهم كانت الفصحى بين اللغات الآرامية وبلادهم الأصلية بابل وآثور والجزيرة اي ما بين نهري الدجلة والفرات وهم جدود السريان المشارقة الذين يسمون اليوم بكل صواب كلداناً ))) .  

216
وسطية البارزاني هل تفلح في درء السيناريوهات الدراماتيكية عن اقليم كوردستان؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 

لست مبالغاً في قولي بأن اعتدال ووسطية الأستاذ مسعود البارزاني قد اتاحت له بأن يتبوأ مكانة  محترمة ومقبولة من كافة الأطراف على الساحة السياسية للعراق الفيدرالي وفي اقليم كوردستان والمنطقة ايضاً ، في مواقف كثيرة عسيرة شديدة التعقيد اثبت الرئيس مسعود البارزاني أنه رجل المهمات الصعبة ويشكل صمام امان في ايقاف تدهور الاوضاع نحو الأسوأ ، فيصار الى إنهاء الأزمة ، وقد توج جهوده  بطرحه المبادرة الأخيرة التي وضعت حداً لأزمة سياسية ماراثونية دامت تسعة أشهر ونيف تخللتها تجاذبات سياسية بين مختلف القوائم والتحالفات الفائزة في انتخابات أذار من العام المنصرم ، ويعزى الى تلك المبادرة إخراج الوضع السياسي العراقي المتأزم من عنق الزجاجة التي علق فيها طيلة تلك المدة .
من ناحية تحقيق الأمن ينبغي التسليم بوجود خيط رفيع بين المحافظة على الأمن والأستقرار وبين إطلاق الحريات على نموذج الديمقراطيات الغربية ، وإذا كان هنالك من الخيار بيد مسعود البازارني والحكومة الكوردية فإن حفظ الأمن والأستقرار يأتي في المرتبة الأولى قبل الحرية .
 مرة من المرات في طريقي من القوش الى عينكاوا ، صادف في نقطة التفتيش قرب اربيل ارتال سيارات متراصة تنتظر دورها لإجراءات التفتيش ، وقد اشار السائق الذي يقلني الى قوافل السيارات التي تتعرض الى تفتيش دقيق ، وأبدى السائق امتعاضه بسبب التأخير ، وكان يتوقع مني ان ابدي له نفس الأستياء من الحالة ، واستغرب حينما عبرت عن الرضى عن تلك الحالة من الأنتظار او من التفتيش الدقيق ، وقلت ان مرور هذه السيارات دون تفتيش دقيق سيكون ثمنه تسرب السيارات المفخخة وحاملي الأحزمة الناسفة الذين يفجرونها وسط تجمعات السكان الآمنين ، ومن هنا فإن الأمن والأستقرار لهما ثمن ، والمواطن هو الذي يتحمل جزء من هذا الثمن من وقته ومن راحته ومن حريته ايضاً ، فأيهما افضل ان يضحي بتلك الضريبة ام تعرضه لانفجار سيارة او حزام ناسف وهو جالس في مطعم او مأتم او يصلي في كنيسة او مسجد ؟
إن الأمن والأستقرار يتطلبان هيبة الدولة وقوتها ، وإن حدث خلل او اختراق او فراغ سياسي سيكون ثمنه غالياً يدفعه المواطن من عامة الشعب والأحزاب السياسية والمعارضة على حد سواء ، ولكن مع ذلك نلاحظ ان حركة التغيير المعارضة قد طرحت مطلباً يقضي بإسقاط رئاسة اقليم كوردستان وحكومته وحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة .
لا شك ان حركة التغيير حركة سياسية لها وزنها في اقليم كوردستان ، وإن كان تاريخ تشكيلها التنظيمي لا يمتد الى سنين وعقود طويلة فإن كوادرها يتمتعون بخبرة سياسية تمتد لسنين وعقود ، وهذا يكفي لتقدير الأوضاع بشكل عقلاني منصف ، ومن المؤكد انها تدرك وتقدر ما يفرزه الفراغ السياسي من ظروف مواتية لانبعاث التطرف واالغلو ، وانتعاش النزعات الهدامة الهادفة الى تهميش دور الدولة في تطبيق النظام والقانون وإغراق البلاد في مستنقع الفوضى العارمة يصبح من الصعوبة بمكان كبح جماحه وأيقاف نتائجه الكارثية . والتجربة العراقية المريرة بعد سقوط النظام في 2003 ماثلة امامنا من هول المآسي التي حلت بهذا الشعب المنكوب وهي مستمرة حتى اللحظة .  
إن حركة التغيير نفت نيتها بترجمة بيانها الى تظاهرات ميدانية. وطالبت باستقالة حكومة إقليم كردستان الحالية وحل البرلمان ... ويثب سؤال الذي يقول : هل يعني هذا ان الأنتخابات السابقة كانت مزورة ؟ وكيف فازت الحركة بهذا القدر من المقاعد إن كانت الأنتخابات مزورة الى هذا الحد ؟ ولماذا لم تطالب الحركة بإلغائها في اوقات اخرى ؟
إن بيان الحكومة اكد ان «المطالب التي جاء بها البيان غير شرعية، ليس فقط لدى الحكومة، بل عند افراد الشعب ايضاً، اذ ان خلط الاوضاع والتظاهرات في بعض دول المنطقة ومقارنتها بالعملية السياسية في الاقليم غير واقعي وبعيد عن أحاسيس ووجدان شعب كردستان، حيث إن تجربة الحكم الكردية ومؤسسات الحكم جاءت عن طريق انتخابات ديموقراطية صحيحة .
.إن بيان الحكومة لم ينف وجود نواقص في تجربة الحكم الكردية، لكنه أكد أن «الحكومة بدأت جملة إصلاحات وأصدرت قرارات مهمة في طريق الإصلاح .
سوف نبقى في وسطية البارزاني ومدى نجاحها في قيادة سفينة الشعب الكوردي ،  إن مسعود البارزاني له تاريخ مشهود في السلم والحرب ولم يكن يوماً دكتاتوري القرار ، لقد اشرك الجميع في قيادة السفينة الكوردستانية وبالتشاور مع الجميع في حل الأزمات . والشئ بالشئ يذكر فإن كانت الحكومة العراقية قد واجهت المشاكل الناجمة عن اجتثاث البعث وقدمت تنازلات تلو التنازلات ، فإن القيادة الكوردية كانت ذكية بالعفو عن الذين وقفوا الى جانب الحكومات السابقة ضد الثورة الكوردية وأدمجتهم في العملية السياسية والأجتماعية لكي لا يتخندقوا في مربع العداء للعملية البنائية السلمية في اقليم كوردستان . وهنالك نقاط اخرى منها موقف البارزاني الواضح من مسألة فتح ابواب اقليم كوردستان امام المسيحيين من كلدان وغيرهم من المسيحيين ومن المندائيين الذي هجروا من مدن العراق ، فكان التعامل معهم كمواطنين من الدرجة الأولى .
(( إن هذا الموقف من الرئيس البارزاني يشجعني للأعراب عن استغرابي في مسألة هضم الحقوق القومية للشعب الكلداني بإلغاء اسم قوميتهم الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، بالأضافة الى تهميشهم في العملية السياسية في الأقليم وقبول بوصاية ألاخرين عليهم ، أنا استغرب من هذا الموقف ، فالكلدانيون ناضلوا الى جانب الشعب الكوردي في ايام نضاله المسلح وقدموا الشهداء والتضحيات ، واليوم مع الأسف بدلاً من مكافأتهم على موقفهم الشريف هذا في أقليم كوردستان ، اصبح مصيرهم التهميش وهضم حقوقهم القومية والسياسية )) .
 في المجمل العام ثمة شواهد كثيرة تظهر بجلاء ليس مساحة قليلة من التقدم والأستقرار والرخاء في اقليم كوردستان ، الى جانب ملاحظة توفر فسحة معتدلة من حرية الأحزاب وحرية الصحافة والتعبير ، ومن باب الحرية هذا نستشرف على آراء تقول بوجود الفساد والمحسوبية وغيرها ، إنا برأيي ان هذا النقد ينبغي ان يناقش للوقوع على الحقيقة ، وهو منفذ لمكافحة الفساد بكل انواعه إن كان مالي او اداري .
إن اللجوء الى الشارع يصار حينما توصد ابواب الحوار والتفاهم بين المعارضة والحكومة ، وحينما تكمم الأفواه وتكبل الصحافة وتمنع حرية الرأي ويستشري الفساد في كل مفاصل الحياة ، ولا يكون هناك اي منفذ لأبداء الرأي ، حينذاك تسلك كل الطرق بما فيها النزول الى الشارع لتجييش الجماهير وشحن عواطفها لقلب الأوضاع رأساً على عقب وكما حدث في تونس قبل اسابع وما يحدث في مصر اليوم .
 إن المفكر الألماني ماكس فيبر يرى شرعية السلطة تعتمد على ثلاثة مصادر وهي التاريخية او الكارزمية او النظامية ، والتاريخية هي في النظام الملكي ، والنظامية هي طريق الأنتخابات والكارزمية هي شرعية التاريخ النضالي وكما كانت منزلة عبد الناصر في مصر وفي العالم العربي ايام المد الثوري للفكر القومي العروبي .
 في هذا السياق سيكون تاريخ الأستاذ مسعود البازراني ليس وليد الأنتخابات التي فاز بها بثقة شعبه فحسب ، إنما يكتسب كارزميته بين افراد شعبه من تاريخه النضالي وسط الثورة الكوردية في بداية العقد السابع من القرن الماضي ، وفي تشكيلة السلطات في الأقليم نجد امامنا حكومة منبثقة من برلمان منتخب وفق لعبة التنافس السياسي بين مختلف القوى والأحزاب الكوردستانية ، ونجد امامنا معارضة سياسية سليمة بعيدة عن المنحى الطائفي الذي يسود العراق الأتحادي .
لا يمكن الزعم ان التقدم العمراني في الأقليم وصل الى نظيره في دبي ، وإن تجربته الديمقراطية قد لحقت بسويسرا ، كلا ان ألأقليم هو جزء من العالم الثالث ويعاني من نفس الأمراض وخرج من اتون الحروب والقمع لعقود طويلة ، ولا يمكن ان تلغي الروح العشائرية والمحسوبية التي كانت راسخة خلال عقود وقرون ، إن تلك الوشائج هي بيئة صالحة لتسرب الفساد الأداري والمالي وفي تزوير الأنتخابات وفي التغطية في التقصير بإداء الواجب والى آخره من مظاهر الفساد .
 إن القضاء على الفساد بأنواعه يتطلب تضافر جهود الحكومة والشعب ، فالحكومة تمنع الرشوة في حين المواطن يغري الموظف بدفع الرشوة لتمرير معاملته بالألتفاف على القانون والتهرب من الطرق الأصولية في المعاملات  . كل هذه امراض اجتماعية لا يمكن القضاء عليها بقرار حكومي عابر ، إنما يجري تجاوزها بمنظومة من الجهود المشتركة بين المجتمع والدولة .
إن ما جرى في تونس وما يجري في مصر والرياح والعاصفة لم تهدأ في منطقتنا العربية ، ووقفت على مقال لاحد الكتاب حينما اورد قول لكونفوشيوس يبديه لاحد تلاميذه مفاده : إنك لتحكم شعب تحتاج الى ثلاثة اشياء وهي السلاح والخبز والثقة . وإن فقدت السلاح يمكن ان يبقى الشعب معك وكذلك الخبز ، لكن إن فقدت ثقة الشعب ، فمهما فعلت سوف تكون غير مرغوب فيه . هذه هي طبيعة البشر والأحداث الأخيرة تنطبق على هذه النظرية .
إن المسالة في اقليم كوردستان تحتاج الى رجاحة العقل والحكمة والى الثقة المتبادلة بين الأطراف السياسية  للنهوض بمختلف نواحي الحياة ، إن تجربة كوردستان يمكن ان تشكل نموذج فذ يقتدى به ويضرب به المثل في المنطقة والعالم خاصة وإن هذا الأقليم يملك المقومات لهذا التقدم من الموارد المالية والبشرية ما يلائمه للقيام بهذا الدور ، وسيشكل ذلك صفحة بيضاء في جبين الوطن العراقي الذي نتمنى له النهوض نحو التطور والتقدم .
 حبيب تومي / اوسلو في 05 / 02 / 11

217
سلام وكلام ثانية ويوم سَخِرَ رابي يونادم من كتّاب ومناضلي الأنترنيت
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
رابي يونادم كنا له تصريحات ومقابلات كثيرة مع اجهزة الأعلام المختلفة ولاحظت انه سريع البديهية في تلك المقابلات، ولمع نجمه بعد نيسان 2003 حينما قدّمه الحاكم الأمريكي بول بريمر كممثل للمسيحيين في مجلس الحكم الذي كان من إعداد وإخراج هذا الحاكم ، منهياً بذلك عقود طويلة من تمثيل الكلدان التقليدي لمسيحيي العراق في المحافل السياسية والدولية ابان العهدين الملكي والجمهوري .
وحين ابدينا ليس قليل من الأعتراض بذلك الغبن ، فإن تلك الأعتراضات لم تجد أذناً صاغية عند صناع القرار ، لأنه يبدو هنالك شؤون لا يفقهها إلا الراسخون في العلوم والعارفون ببواطن الأمور ، وليس بمقدورنا نحن البسطاء من عامة الشعب إدراك خفاياها  . فما هو مرسوم قد سخرت لتطبيقه إمكانيات كبيرة من السلطة والمال والأعلام ، ويطفر السؤال الذي يقول :
متى تنجلي الأمور ويعود الحق الى اصحابه ؟ بعضهم يقول العلم عند ربي ، وآخرون يعتمدون على مقولة : لو دامت لغيرك لما وصلت اليك  .
الأخ كنا كان يستخف بكتاب شعبنا الذين يكتبون على المواقع ويسخر منهم في تصريحاته بأنهم مجرد مناضلي الانترنيت ، وما معناه انهم يكتبون بمداد الوهم ، لا تأثير لهم على الواقع . لكن سبحان الذي يغير الأحوال فها هم جبابرة الحكام الذين يمتلكون النفوذ والقوة يرتجفون هلعاً من كتاب الأنترنيت ، ها هو الأنترنيت يجعل اقوى الحكومات تهوي امامه ، وهي مدججة بأسلحتها وصنوفها العسكرية وأجهزتها القمعية وكلها تتهاوى امامه وكأنها نمور من ورق . يا استاذ يونادم كنا انهم التويتريين والفيسبوكيين الذي يقودون هذه الأنتفاضات الحاشدة ، فكما هو معلوم فإن الأتصالات بالأنترنيت وما يتداول بين الشباب ومستخدمي الأنترنيت في ارجاء المعمورة ، ,التي اصبحت بحق قرية كونية ، أفرزت هذه الأحداث الدراماتيكية .
 ها هم هؤلاء الذين لا يملكون جيشاً محارباً ولا عصابات ولا ميليشيات ولا يحملون  بندقية او متفجرات او حتى سلاح ابيض ، ها هم مناضلي الأنترنيت ، فيوم سخر منهم الأخ يونادم كنا ، بأنهم محض مناضلي الأنترنيت ، ها هم هؤلاء يهزون العروش ويسقطون الأنظمة ويدخلون الرعب في قلوب اقوى الحكام ، فماذا سيقول بعد ذلك رابي يونادم وهل يصر بأن هؤلاء مجرد مناضلي الأنترنيت ليس لهم عمل سوى الجلوس امام الأجهزة ؟
إن سلب حقوق الشعب وكبت حريته وفرض الوصاية عليه  وتحت شتى الأعذار لابد ان يأتي اليوم الذي ينهض ذلك الشعب ويكسر القيود التي تكبله : وكما قال ابو قاسم الشابي :
إذا الشعب أراد الحياة    فلا بد ان يستجيب القدر .
 فها هو الأنترنيت يكشف الحقائق للشعب وها هو الوعي ينير الطريق ويزيل اعذار الأقصاء والوصاية على الشعوب الضعيفة ، فالظلم لا يمكن ان يدوم الى ما لانهاية .
وإن كان ثمة ظلم وإجحاف ، وتكميم افواه بالنسبة لشعبنا الكلداني لا بد ان يأتي اليوم الذي يستعيد هذا المكون الأصيل منزلته اللآئقة في وطنه العراقي ، وإن محاولات الألتفاف على حقوقه وإسكاته باسم صيانة وحدة شعبنا لن تجدي نفعاً .وسوف لا يبقى صوت الشعب الكلداني خافتاً الى الأبد .
 قبل ايام كتبت مقالاً تحت عنوان " سلام وكلام مع رؤساء التنظيمات السياسية لشعبنا وانحني إجلالاً للملاك الذي جمعهم"
 وبعدها حينما جوبه المقال بلامبالاة كالعادة ، لأنه صنف من مقالات كتّاب ومناضلي الأنترنيت فحسب ، ومعظم من يخصهم الأمر كالمجلس الشعبي والزوعا لم يكلفوا انفسهم حتى نشره على مواقعهم ، في الحقيقة غالباً ما افكر بصوت عال وأعبر عن الموضوع بصراحة وجرأة ولا اجامل احداً ، وهذا المنحى الأنتقادي لا يعجب الأخوة ، فلم يكن هناك تطرق الى مضمون المقال اصلاً  : فقد ورد في احدى فقراته :
((ماذا عن المسيحيين الذين اغتصبت املاكهم وبيوتهم من قبل جيرانهم المسلمين في مدينة بغداد وغيرها من المدن ؟
 الا ينبغي وضع تلك المظالم في خانة الدفاع عنها؟ فلماذا احجم المجتمعون عن التطرق الى تلك المظالم؟
اقول : إنني مستعد ان اقوم بالمهمة وأرتب قائمة باسماء اصحاب البيوت والأملاك المغتصبة لعرضها من قبل هذه اللجنة الى رئاسة الجمهورية والهيئة المكلفة بالدفاع عن حقوق الأقليات والمسيحيين بشكل خاص .))

وبدلاً من اخذ الأمر بنظر الأعتبار ، تطوع احدهم بالرد على مقالي الموضوعي المعتدل بتهكم وبعنف لفظي جارح بعيد عن الكياسة الادبية واعتبر الأمر بأنه توسلاً  للجنة لكي تتوسط في تعييني بمنصب .
 المهم في الأمر كنت قد عرضت مسألة الأستحواذ على ممتلكاتنا في بغداد وبعض المدن الأخرى ، او اللجوء الى اعمال خسيسة من الترويع والتخويف بقصد الهجرة من البيت ولكي يضطر صاحبه الى تركه او بيعه بأبخس الأثمان ، فما نعرفه عن الجيرة هي الأحترام وليس الهيمنة على ممتلكات الجار .
 وحتى رابي كنا تحدث عن هذه الحالة في إحدى تصريحاته بقيام شلة من الدلالين ببث الدعايات والعمل على ترويع وتخويف هؤلاء البشر لترك مملكاتهم لنهبها من قبل هؤلاء الذين يفتقرون الى ابسط المبادئ الأخلاقية قبل افتقارهم للمبادئ الأنسانية .
واليوم تتكرر نفس الحالة في شأن آخر وهو ماورد في موقع الحياة واقتبسه منه موقع عنكاوا ، حينما اشير على لسان مواطنين ذوي الصلة بالموضوع بأن اصحاب بيع الخمور في بغداد يتعرضون للتهديد لإجبارهم على غلق محلاتهم . وحتى الذين لهم إجازات رسمية تصلهم إشارت التهديد والوعيد ، ويبقى هؤلاء المساكين بين مطرقة الأرهاب والميليشيات ، وبين سندان الحكومة التي تغمض عينها عما يجري امامها .
فمن ناحية يطلب من المسيحيين عدم مغادرة الوطن ويتوجهون برسائلهم الى الدول بعدم قبولهم لأن الوطن سيفرغ من هذا المكون المسيحي الأصيل ، ومن ناحية أخرى يتركونهم لقمة سائغة بيد العصابات ، وهم يتفرجون بل يشجعون كل العوامل التي تؤدي الى اخراج هذا المكون من البلاد . إن محاربة الناس في ارزاقها تحت شتى الأعذار الدينية او غيرها ، ليس سوى واحداً من تلك الأساليب اللاأخلاقية واللاإنسانية .
 وبعد ذلك هل ستنزل اللجنة المنبثقة من اجتماع منظماتنا وأحزابنا من برجها العاجي وتتفاعل مع ما سيكتبه الناس من مشاكل وهموم ؟  ام سوف ينحصر نشاطها بالزيارات البروتوكولية للمنظمات والأحزاب ، وسوف تردد بأن ما  يكتب في المواقع هو محض كلام فارغ من كتاب الأنترنيت الذين ليس لهم شاغل سوى الجلوس امام اجهزة الكومبيوتر والكتابة . إنهم مناضلي الأنترنيت ليس إلا .
لكن بنظري انه امر مؤسف ان ينظر الى الأمور بهذا المنظار ، فأرجو الأستفادة عما يجري امامكم في تونس ومصر وغيرها وهي ببساطة نتائج كتابات على الأنترنيت من قبل الفيسبوكيين والتويتريين وغيرهم .
 حبيب تومي / اوسلو في 01 / 02 / 11

218
نعم بغداد تتطور وتتقدم ولكن .. باتجاه كهوف تورا بورا
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
في هذه الأيام تشهد الساحة العربية نهضة من نوع جديد بمنأى عن الفكر الأديولوجي الديني والقومي ، وتركز على الحريات العامة وتوفير العمل والخبز وتعبر عن سخطها من عملية انتقال السلطة وتشبث الرئيس بكرسي الحكم حتى آخر لحظة من حياته ، او إجباره على التخلي عن الحكم بالقوة ، لقد اشعل البوزعزيزي عود الثقاب لتتواصل شرارته في إشعال الشارع العربي والذي بدأ من تونس وامتد الى مصر ، وهو في طريقه الى دول عربية أخرى ، والأنتفاضة او الثورة يمكن نعتها بأنها سياسية واقتصادية لكنها بمنأى عن التأثير الأديولوجي الديني او القومي ، ما لم يجري الألتفاف عليها أخيراً من قبل الفكر الأديولوجي الديني .
ونعود الى العراق الذي لم يشهد الأمن والأستقرار منذ عقود كانت مكتظة بغير قليل من الحروب والعنف وسلب حقوق الأنسان العراقي ، وهي الفترة التي كانت فيها الأديولوجية القومية مهيمنة على مصائر الوطن العراقي ، ومن أجل عيون تلك القومية شنت الحروب واسترخصت دماء الأنسان العراقي ليغدو مشروع جاهز للأستشهاد في اية لحظة . وبعد ان وضعت تلك الحقبة المضنية اوزارها في نيسان 2003 استبشر المواطن العراقي خيراً وراودته الآمال والأحلام بأن الوطن العراقي سيكون جنة عدن ومرتع خصب لولادة الديمقراطية وبناء مجتمع عراقي متعدد ومتعايش في الواحة العراقية ، وسينعم الأنسان العراقي بالحرية والسعادة ورغد العيش . على خلفية ان العراق استفاد من التجارب الماضية وحتماً سوف يسلك الطريق القويم نحو المستقبل في البناء والتطور .  
لكن الذي حدث ان العراق خرج من نفق الأديولوجية القومية ليلوج في نفق آخر وهو الأسلام السياسي ، او تسييس الدين ، ومن المسلمات في اوطاننا بأن الحكم الثيوقراطي الديني لا يمكن ان يبلغ بر الأمان ، وهو يقود الوطن والشعب الى متاهات ليس لها نهاية ، فالدولة الثيوقراطية مهما تجملّت بمسوح الشعارات الديمقراطية وخدمة الشعب فإنها لا تسطيع الوفاء بوعودها  .
وفي دولة مثل العراق حينما تضع المعايير الدينية كمحك للحكم على الأمور فإنها حتماً ستعمل على التجزئة والتفريق بين ابناء الوطن الواحد ، اولاً بالنسبة للمسلمين انفسهم ، الذين كانوا  على مر التاريخ ولا زالوا منقسمين بسبب الأختلاف الطائفي بين السنة والشيعة ، وهذا الأنقسام الطائفي ليس وليد الأحتلال الأمريكي عام 2003 كما يزعم الأعلام العربي الذي دائماً يبحث عن شماعة يعلق عليها فشل العالم العربي في التعايش والتطور .
ثم كانت التفرقة الدينية والعنف الديني الذي كان له بدايات منذ اواسط القرن الماضي حينما فرّغ العراق من سكانه الأصليين من اليهود ، واليوم فإن المدن العراقية باتت شبه فارغة من المكونين الأصيلين المسيحي والمندائي . إن عمليات الترهيب والترويع والعنف الأجتماعي وأساليب قطع الأرزاق والتسويف والأبتزاز للأستحواذ على بيوتهم وأملاكهم بدون اثمان او بأبخسها ، كل هذه الأساليب المنافية للاخلاق والشهامة ولأبسط حقوق الأنسان ، اجبرت شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق على الهروب والمغادرة الى مناطق ودول تحترم إنسانيتهم وتعاملهم كبشر خلقهم الله .
لقد امضيت قافلة سنين العمر ضمن مجتمع اسلامي معتدل إن كان في بغداد او في البصرة التي كانت مضرب الأمثال في مسالة التعايش وقبول الآخر . ولكننا اليوم نسمع عن إسلام من نوع آخر كالأسلام السياسي او الأسلام الراديكالي او السلفي .. ويبدو ان مصير العراقيين اليوم بمختلف مللهم ونحلهم هي بيد الأسلام السياسي او الراديكالي او السلفي، الذي يعمل على أسلمة الحياة في البلاد وفي مقدمة ذلك كانت المحاولات ولا زالت في تحويل العراق دولة الدين الواحد ، وفرض الثقافة الأسلامية المتشددة على المسلمين اولاً وعلى غير المسلمين ثانياً .
ومثال على ذلك في الحملة على منع بيع الخمور في البلاد ، فالبارات ومحلات بيع الخمور كانت منتشرة في مدن العراق وفي بغداد ، وفي البصرة كان بين كل بار وبار بار ، فمن كان يشرب في تلك الحانات يا رترى ؟  اليس المسلمون تحديداً ؟ ومن هنا سيكون منع بيع الخمور خطوة نحو تقييد حرية المسلم في الشرب قبل تقييد حرية المسيحي او الأيزيدي في مسالة البيع .
إن الدعوات الى منع الأختلاط في الجامعات ، وإجبار المرأة على التقيد بملابس التي يقررها الرجل ، او الحاكم المتشدد ، ومنع الفعاليات الفنية  كالغناء والموسيقى والرقص في مهرجان بابل ، والتهجم على نادي اتحاد الأدباء في بغداد ومنع تناول المشروبات الروحية فيه ، وتأتي في هذا السياق ايضاً الهجوم على جمعية آشور بانيبال الثقافية ،  وغيرها من مظاهر الضغط وسلب حريات المواطنين بحجة خلق مجتمع أسلامي محافظ ، كل ذلك يأتي في سياق هيمنة الدين على السياسة وتدخله فيما لا يعنيه ، فالدين هو في الكنائس والمساجد والمعابد ، ولا يجوز فرض القيود الدينية من قنوات سياسية وتلبيس تلك السياسة ثوب المقدس .
لدي ذكريات وتجارب طيبة مع اسر مسلمة كانت سعيدة بجيرتي إن كان في بغداد او في البصرة ، ولا يوجد مسلم لا يذكر جيرته مع المسيحيين او الصابئة او اليهود إلا ويمتدح هذه المكونات ، إن حدود الأختلاط بين المكونات تعمل على تذويب الفوارق ، وتنشر لغة التآلف والتسامح والتعايش ، فكيف بجيل الشباب المسلم الذي ينشأ اليوم في بيئة أسلامية محظة ، لم يخالط في حياته قط مسيحي او مندائي ، وليس له فكرة سوى التي يروجها رجل الدين الذي يقسم البشرية بشكل تعسفي الى فسطاط المسلمين المؤمنين ، وفسطاط غيرهم من الأديان وجميعهم كفار ، اية ثقافة تسامحية سيكون لهذا الطفل او هذا الشاب ؟ الذي لا يسمع غير هذا خطاب الكراهية والضغينة على البشرية خارج العشيرة الأسلامية .
الدولة الديمقراطية ينبغي ان تفصل الدين عن السياسة ، وإلا ، فهي ديمقراطية عرجاء مشوهة ، الديمقراطية تشرع الأبواب امام المواطن لمن يدخل الى الكنيسة او لمن يدخل المسجد او الحسينية او الكنيس او المعبد الهندوسي او غيرها ، وبنفس السياق تشرع الأبواب لمن يروم الدخول الى الملهى او الى البار ، وكل انسان مسؤول امام ربه ، فلا يحاسب اي إنسان بجريرة غيره .
على الحكومة ان تنظم بيع المشروبات الروحية ، كما كان سابقاً وفق إجازات وشروط مسبقة ، وكما كان في ظل حكومات سابقة ، لقد كان العراق خالياً من الحشيشة والتحشيش والمخدرات عموماً قبل عام 2003 ، لكن اليوم نسمع ونقرأ روايات كثيرة عن تفشي استعمال هذه المواد من قبل الشباب وحتى الأطفال ، ونسمع ايضاً عن زراعته في ارض العراق .
 فلماذا نعمل على تفشي مثل هذه الأفات الأجتماعية ، والمجتمعات الأخرى تصرف الملايين لمكافحتها ؟ ويعزى واحداً من اسبابه انتشاره هو منع المشروبات الروحية .
 يمنع شرب العرق لأنه حرام ، ونغض الطرف عن استعمال الحشيشة والأفيون لأنها ليست محرمة . لقد كانت البارات في المدن الجنوبية العراقية كالبصرة والناصرية والحلة ... مكتظة بروادها وجميعهم من المسلمين وليس بينهم يزيدي او مسيحي او يهودي او مندائي ، بمعنى هذه رغبة الناس من التكوين الأسلامي فلماذا هذه الوصاية على هؤلاء البشر وباسم الدين ؟
بعد سقوط النظام في 2003 تبسمت الحياة للشيعة ، وكنت شخصياً اعتقد ان هذا المكون الذي طاله الظلم والتهميش لعقود خلت سوف ينطلق نحو بناء عراق ديمقراطي تعددي ، لقد كان المكون الكوردي له ظروف مشابهة ، لكنه حين ودع عصر الظلم ، وبعد ان اصبحت مقاليد السلطة بيده في اقليم كوردستان لم يسع الى الأنتقام ، بل حتى الذين حاربوا كوردستان في العهود الماضية احتضنهم الأقليم  وأدمجوا في العملية السياسية والأجتماعية ,هكذا تتجلى امامنا نهضة كوردستان .
 بعكس المشهد في العراق الذي انتقلت السلطة بيد الشيعة ، فالنتيجة مع الأسف ، كانت تفشي الفوضى ، واصبحت مدن العراق خصوصاً تلك المتعددة الطوائف والأديان ، اصبحت مسرحاً للعمليات الثأرية الأنتقامية اليومية والتي ليس لها نهاية إلا بفناء او هجرة احد الطرفين المتصارعين .
إن ثقافة الثأر والأنتقام لا يمكن ان تبني وطناً ، وهكذا دأب مسلسل اللاجئين الى الزيادة والأستمرارية  بحيث ان مفوضية اللاجئين تعطينا الرقم نحوثلاثة ملايين لاجئ عراقي في سورية والأردن ولبنان ناهيك عن اكثر من ميلون من المهجرين داخل العراق .
إن هذه الحالة قد اصبحت امام المتتبع للفضائيات والأعلام ، لا يجد امامه من اخبار العراق  سوى السرد اليومي لعدد ضحايا التفجيرات في المقاهي والكنائس والمآتم ، وعمليات القتل اليومي بأسلحة مزودة بكاتمات الصوت وغيرها . هذا ما دأبنا على مشاهدته وسماعه طيلة السنين السبعة المنصرمة .
 العراق سوف لا يبنى بعقلية فصل الطلاب عن الطالبات في الجامعات العراقية ، او في محاربة النوادي الأجتماعية والثقافية وفرض قيود دينية متزمتة عليها ، إن العراق بحاجة الى لأعادة تأهيل وبناء إنسان عراقي جديد تبدأ من مرحلة الطفولة بغرس مناهج وبرامج التربية والتسامح والمحبة .
 ومن ثم غرس الأفكار والعلوم بين الشباب لتنتج العقول المبدعة والعبقرية ، إن الدول المتقدمة لم تتوصل الى هذه المرحلة من الرقي والتقدم بنشر الفكر الأقصائي والأنتقامي ، إنما كان هنالك الأستفادة من الماضي ، لبناء المستقبل ، ولم يكن هنالك اي تهميش لأي مكون بل وفرت الحرية للجميع وفصل الدين عن الدولة ، لكي تنهض السياسة بما يجب عليها دون الدخول في معمعة التفسيرات الدينية .
والطريق الأسلم امام العراق هو فصل الدين عن الدولة وترك المواطن العراقي يعمل واجبه الوطني ، بإخلاص وتنفاني ، بعيداً عن فرض انماط حياتية عليه رغماً عنه . أما إذا ردنا الأقتداء بثقافة تورا بورا ، ( بالمناسبة تورا بورا تعني الغبار الأسود ، وهي منطقة جبال شرقي افغانستان ) فعلينا التدخل بكل تفاصيل الحياة ، وتهجير كل الأديان غير المسلمة ، وتحريم المشروبات الروحية والموسيقى والرياضة والرقص وكل انواع الفنون وفرض نمط البسة معينة على الناس والى آخره من القوانين ، وحتماً سوف نبلغ ثقافة الكهوف في تورا بورا ووداعاً للفكر الأبداعي والتقدم والحرية وحقوق الناس والحقوق الشخصية للفرد .
 حبيب تومي / اوسلو في 29 / 01 / 11

219
هل يشكل انعقاد مؤتمر "نهضة الكلدان" ضرورة مرحلية حتمية ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
من الوقائع الحقيقية الراسخة والتي لا يرتقي اليها الشك ان الكلدانيين قوم عراقي وديع وأصيل ، وهو يشكل جزء اساسي من الفسيفساء الجميل الذي يتكون منه المجتمع العراقي ، والكلدانيون قطنوا هذه الديار منذ ازمنة موغلة وساهموا في بناء الحضارات البينهرينية ، تلك الحضارات التي اعتبرت لآلئ ساطعة على صفحات تقدم البشرية .
 وحينما نشد الرحال الى الأزمنة الحديثة ، نألف الشعب الكلداني يستمر في سيرورته على خطى البناء والتعمير والتطور ، وهكذا كانت مكافئة هذا الشعب بما يستحقه من حقوق إنسانية وسياسية ودينية ، وفي العهد العثماني عومل الشعب الكلداني بنظام الملل الذي كان سائداً ، وكان له شبه حكم ذاتي في إدارة نفسه الى جانب الملل الأخرى في تلك الدولة ، والملة في اللغة الفارسية تعني القومية ، إي ان الشعب الكلداني كان معترف بحقوقه القومية الى جانب القوميات الأخرى في تلك الدولة .
إن هذا الواقع قد افرز بعد ان وضعت الحرب الكونية الأولى اوزارها الى تقسيم ممتكلات الأمبراطورية العثمانية والتي وصفت بالرجل المريض ، وعلى خلفية الأعتراف بحقوق الأقليات القومية في تلك الدولة المندثرة بعد تلك الحرب ، كان هنالك اعترافاً كاملاً بضرورة الحفاظ على الحقوق القومية لتلك الأقليات بما فيها حقوق الأقلية القومية الكلدانية . ويمكنني الجزم بأن الأحوال استمرت على ذلك المنوال بل تحسنت في العهد الملكي إذ كانت ثمة حقوق مصانة للكلدانيين وبقية المسيحيين إن كان بالتمثيل في مجلس الأعيان او في مجلس البرلمان .
وحينما نحاول قراءة المشهد بعد سقوط النظام في نيسان 2003 سنلاحظ ان الصورة قد آلت الى قتامة  وعتمة بإدخال شعبنا الكلداني وكل الأقليات الدينية في نفق مظلم . واليوم هذا القوم مشتت جغرافياً في أرجاء المعمورة وهو ايضاً مشتت الرؤيا في الهوية والألتزام بها، فشعبنا الكلـــــــــــــــداني يتعرض اليوم الى التهجير القسري من اماكن تواجده تحت وطأة الأرهاب وعمليات الأبتزاز  والتهديد والترويع ، وبعد ذلك يؤول مصير هذا الشعب ، الذي هو بمثابة هنود حمر العراق ، ليقترب من حافة الأندثار من وطنه ليكون مصيره الانتشار والتشتت في شتى ارجاء المعمورة.
إزاء هذا الواقع المؤلم يصبح من الضرورة القصوى في هذا الزمن انعقاد مؤتمر كلـــــداني ، فالمؤتمرات واللقاءات عموماً تعتبر وسيلة ديمقراطية متطورة لتبادل الأفكار والخبرات، وهي وسيلة فعالة لحماية الهوية القومية من التهميش والنسيان.
بالتمعن في قراءة المشهد سنلاحظ ان شعبنا الكلداني لم يطاله التهجير القسري وعمليات العنف فحسب إنما كان الى جانب ذلك عمليات التهميش والأهمال من لدن الحكومة العراقية الأتحادية التي ضمنت تمثيل كل الأطياف العراقية القومية والدينية والمذهبية باستثناء تمثيل شعبنا الكلداني الذي يمثل ، هنود حمر العراق ، بشهادة كل المنصفين ، فهو المكون العراقي الأصيل الوحيد الذي ابعد عن التمثيل في هذه الحكومة ، ويبدو ان الحكومة ليس في قاموسها التمثيل العادل للمكونات العراقية المبني على المساواة بشكل منصف ، إنما هي تعتمد على تمثيل من لهم القوة والسطوة فحسب .
كما ان الأخوة الأكراد برغم موقفهم المسؤول الشريف من المكون المسيحي ، لكن فيما يخص الحقوق القومية للشعب الكلداني ، فإنهم بصراحة قد أداروا ظهورهم للمكون الكلداني برغم ان هذا الشعب ( الكلداني ) وقف الى جانبهم اثناء نضالهم المسلح لنيل حقوقهم من الحكومات العراقية السابقة .
هنالك ناحية أخرى وهي ان أشقائنا المقربين يحاولون إذابة هذا المكون في كؤوسهم ، كما يذوب السكر في قدح الشاي ، وهذا منافي للوائح حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، وحرية الفكر والأنتماء والمعتقد ، إننا في القرن الواحد والعشرين وإي نوع من الوصاية مرفوضة ، وكل إنسان له الحق في ان يفكر كما يريد وعلى الآخر ان يقبل ويحترم هذه الحدود ، دون وضع عراقيل او محاولة كيل التهم لمن يخالفهم في الأنتماء والهوية والتفكير .
من هذه المنطلقات اصبح عقد مؤتمر كلداني عام ضرورة حتمية لا مناص منها ، وكان التوجه العام يخلص الى ضرورة  عقد مؤتمر كلداني في الوطن ، في بلد الكلدان ، لكن لم يكن ثمة اي تعضيد من قبل الحكومة العراقية او من قبل القيادة الكردية ، وهكذا كان مقترح الأخوة في سانتياغو بأمريكا ، من باب الأخلاص والشعور بالمسؤولية بمبادرتهم الطيبة وتحملهم اعباء انعقاد المؤتمر في مدينتهم .
 إن هذه المبادرة المخلصة الكريمة جاءت في محلها وفي وقتها المناسب ، فهي كضرورة مرحلية في هذه الظروف العسيرة التي يمر بها شعبنا ، إن كان في مسألة التهميش او محاولات التذويب او في اوضاع التهجير القسري وقلع الجذور من الوطن ، ومن هنا سوف يشكل المؤتمر وسيلة حضارية فعالة ومنهج عملي لتبادل الخبرة والأفكار ومن ثم وضع مقترحات وأفكار لتحقيق الأهداف المناطة بهذا المؤتمر من مسالة توحيد الكلمة ورسم خارطة الطريق للعمل القومي لشعبنا الكلداني ، لكي يتبوأ منزلته الرفيعة إن كان على الساحة العراقية عموماً او في اقليم كوردستان او في بلاد الشتات .
إن مؤتمر " نهضة الكلدان " المزمع عقده يوم 30 آذار القادم ولمدة ثلاثة ايام ، يضع على عاتقنا مسؤوليات كبيرة ينبغي النهوض بها ، فاليد الواحدة لا تصفق كما يقال ، إنما تضافر الجهود وتحشيد الأمكانيات والعمل الجماعي المشترك بقلب واحد وإرادة واحدة ، حتماً ستكلل تلك الجهود بالنجاح والتوفيق ، إن اي كلداني يفتخر بقوميته الكلدانية عليه ان يساهم بهذا المؤتمر ، إن كان عن طريق الحضور والمساهمة في اعماله او بتقديم الدراسات والمقترحات والبحوث التي ستثري اعمال المؤتمر .
أقول مخلصاً :
إن الكلدانيين بحاجة قصوى الى مراجعة الذات لتقييم التجارب والأستفادة من الأخطاء ، إذ ليس من المعقول ان يبقى هذا الشعب الذي يشهد التاريخ على علومه وفنونه وديناميكيته وإبداعاته عبر سيرورة الزمن ، إذ ليس معقولاً ان يبقى بحالة الخمول والسبات ، فلا بد ان ينهض وينفض عنه غبار الأهمال والتهميش ، لكي يتبوأ مكانته اللائقة بين المكونات الأخرى .
 أجل نحن بأمس الحاجة الى مراجعة النفس ، وبهذا الصدد اقول مخلصاً :
 ليس بالضرورة ان نبقى نلعن الظلام لكن بدلاً من ذلك علينا إشعال شمعة تضئ الطريق لنا وللاخرين  .
 
حبيب تومي / اوسلو في 24 / 01 / 11

220
لماذا هذه التفرقة في التعامل يا وزارة الثقافة العراقية ؟

بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



تكوّن لدي تصور بأن وزارة الثقافة العراقية تفتقر الى ثقافة التعامل الشفاف مع المثقفين ومنظمات المجتمع المدني العراقي ، هذه الرؤية تولدت من طريقة تعامل وزارة الثقافة مع اتحادنا ( الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ) وعبر التعامل المباشر معي الزميل ناصر عجمايا عضو الأتحاد .
سبق لي ان استلمت دعوة من وزارة الثقافة العراقية ( نسخة من الدعوة منشورة في نهاية المقال )  لحضور مؤتمر المنظمات الثقافية غير الحكومية في بغداد ، وقد اكد هذه الدعوة من قبل السفارة العراقية في اوسلو في كتابهم ادناه :
السيد حبيب تومي المحترم
تهدي سفارة جمهورية العراق تحياتها، وتتشرف بايصال الدعوة الموجهة الى حضرتكم من قبل وزارة الثقافة لحضور مؤتمر المنظمات الثقافية غير الحكومية، راجين الاتصال بالسفارة باقرب وقت ممكن، ليتسنى لنا تسهيل اجراءت سفركم.
وبعد تأجيل المؤتمر لعدة مرات استلمت رسالة من وزارة الثقافة تحدد الموعد النهائي لأنعقاد المؤتمر في 18 / 12 / 10 محددين محاور المؤتمر
 واستلمت هذه الرسالة بضرورة المساهمة بورقة عمل  :
(السيد حبيب تومي المحترم
نرسل اليكم المحاور الخاصة بمؤتمر المنظمات الثقافية غير الحكومية ونامل مشاركتكم بورقة عمل حسب المحور الذي تختار.
يرجى ارسال ورقتكم مذيلة بالتوصيات مع نبذه موجزة عن نشاط جمعيتكم لا تتعدى الصفحة الواحدة
على ان تصلنا في موعد اقصاه يوم 10-12-2010 وستصلكم رسالة اخرى منا تتعلق بتذكرة الطائرة والمواعيد المتصلة بذلك
مرة اخرى نشكر لكم تلبيتكم دعوتنا وسنلقاكم في بغداد
وكانت الرسالة موقعة من قبل وزارة الثقافة
دائرة العلاقات الثقافية
قسم المراسم
وبعد هذه المراسلات ارسلت مداخلتي بموجب المحاور المطلوبة وكان اختياري على الموضوع ( العنف وتأثيره على عمل المنظمات الثقافية ) والمداخلة منشورة في نهاية هذا المقال .
اعتقدت بأن المؤتمر قد أجّل موعده الى حين لأنني لم استلم اي جواب من الوزارة ولم استلم اي إشعار عن مسألة السفر ، ولكن بعد فترة فوجئت  بورقة العمل التي قدمتها منشورة على صحيفة المدى وعلى مواقع اخرى ، كما علمت من بعض الأصدقاء إن مداخلتي قد قرأت في المؤتمر بدلاً عني من قبل ألأخ الصديق نوزاد حكيم بدعوى انني مريض لا استطيع الحضور .
لقد قرأت على موقع المدى وغيره انه  قد شارك في اعمال المؤتمر، الذي اقيم بمبادرة ورعاية من وزارة الثقافة، ما يزيد على 80 مندوبا يمثلون عشرات من منظمات المجتمع المدني الناشطة في ميدان الثقافة داخل العراق وفي الخارج، فضلا عن ممثلي وزارة الثقافة ، ووفد من وزارة الثقافة والشباب في اقليم كردستان برئاسة المدير العام امجد ارشد الحويزي .
 وبعد ذلك اتساءل الم يكن ثمة مكاناً لاتحادنا في هذا المؤتمر  ؟ فلماذا قدمت لنا دعوة للحضور من البداية ؟
اتساءل هل هذا التهميش يدخل في إطار هضم حقوق شعبنا الكلداني كما حدث في تشكيلة الحكومة العراقية التي اتسع فيها المكان الى تمثيل كل المكونات العراقية باستثناء شعبنا الكلداني ؟ أم اضع هذا التهميش في باب التفرقة الدينية والقومية وعدم وقوف وزارة الثقافة بمسافة واحدة من جميع المكونات ومن جميع المنظمات ؟ وإلا ماذا يعني هذا التهميش ؟ فوزارة الثقافة ينبغي ان تكون مثالاً ساطعاً للتعامل الندي والحيادي حيال جميع التكوينات العراقية بغض النظر عن معتقداتهم الدينية والسياسية وانتماءاتهم المذهبية والأثنية .
 وأتمنى ان اكون مخطئاً في تلك التأويلات ، ونأمل ان تكون الشفافية والمصداقية والتعامل الندي المتكافئ مع الجميع عناوين رئيسية تسترشد بها هذه الوزارة المهمة في العراق لا سيما في الوقت الحاضر ، إذ ان عراقنا يحتاج الى المثقف ليقوم بدوره في توعية الأنسان العراقي ليساهم في عملية بناء العراق وليس في هدمها .
هذه نسخة مصورة من دعوة وزارة الثقافة العراقية المعنونة الى الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان


وهذه ورقة عمل قدمتها للمؤتمر وقرأت بالنيابة عني :
العنف وتأثيره على عمل المنظمات الثقافية
سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات، وبعـــــــد...
باسم الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان اغتنم هذه الفرصة لتقديم الشكر والأمتنان الى وزارة الثقافة الموقرة ومؤسساتها بتقديم هذه الدعوة الكريمة لأتاحة الفرصة لحضور مؤتمر المنظمات الثقافية غير الحكومية ، لنكوّن مع اخوتنا الآخرين المجتمعين هنا مجموعة واحدة تعمل بقلب واحد وضمير واحد بأتجاه اثراء وطننا العراقي ، ونكون مع المنظمات الثقافية التي نمثلها مصدر خير وقوة لعراقنا العزيز ، ومن اجل بلورة الهدف المنشود في رفعة اسم العراق وإعلاء شأنه في المنطقة وفي العالم .
من المسلمات التي لا يرتقي اليها الشك ان المثقف بحاجة ماسة الى اجواء طبيعية ليؤدي رسالته في الكتابة والأدباع ، إنه يتحرك بجغرافية الوطن وهمومه وتطلعاته ، وهو المعني بقراءة وتشخيص الأحداث وتسليط الأضواء على الأركان المظلمة بين شرائح المجتمع ، بغية الأستشراف ورؤية الأشياء على حقيقتها ببصيرته الثاقبة وإبداعه ، إنه ضمير الأمة وقلبه النابض يسهر ويعمل دون كلل ، إنه حبة خردل بين مجتمعه وشعبه ومع زملائه ، وفي تشكيلات وهياكل المنظمات الثقافية يصبح شجرة باسقة ترسخ جذورها في ارض الوطن وترسل اغصانها في سمائه الصافية .
في الشأن السياسي ينبري المفكر ويقطع شوطاً كبيراً في إنارة الرأي العام ، ومساعدة الساسة واصحاب القرار في وضع البرامج النافعة واتخاذ القرارات الصائبة . ومن هنا تتبلور ضرورة نشوء علاقة او رابطة بين السياسي والمثقف ، لكن قبل ذلك ينبغي التمييز في آلية تلك العلاقة حيث تتبلور امامنا حالتان :
 الأولى : حينما تكون الدولة قد قطعت شوطاً كبيراً في المسار الديمقراطي ، فيكون من شأن الحاكم ان يأخذ الخطاب النقدي للكاتب برحابة صدر ويقبل بمناقشته والتسليم به إن كان صائباً او رفضه بعد الدراسة وثبوت خطله .
امام الحالة الثانية : وهي مناهضة الحاكم لأي خطاب نقدي ومحاولته التأثير على النهج الذي يسلكه الكاتب الناقد بمحاوله شرائه او إرهابه بغية ترويضه وتدجينه ، فيعمل على إسكاته او يجعله بوقاً له ، وهنا تكون الكارثة ، وهنا ايضاً يكمن مصنع الأصنام والدكتاتوريين ، بعدما ينضم الكاتب او المفكر او الشاعر الى جوقة مداحي الحاكم .
 وفي حالات اخرى  يمكن ان تتسم هذه العلاقة بالتكاملية من حيث تشخيص الآفة او المشكلة من قبل الكاتب او المفكر وإناطة تصليح الأمر بشكل عملي بالسياسي الذي تتوفر عنده الأدوية وأدوات اجراء العمليات الضرورية ، لكن يجري ذلك بعد التشخيص الصائب من المفكر او الكاتب او الفيلسوف ، وبهذا الصدد نقرأ للفيلسوف الألماني هابرماس بما يورده الكاتب هاشم صالح في جريدة الشرق الأوسط اللندنية في 21 / 7 / 10 يقول :
  «في كل فترة من فترات التاريخ تدخل الأمة في غيبوبة أو عتمة جديدة أو ضباب كثيف. ولا تعود ترى أمامها تقريبا فتشعر بالهلع، فعندئذ يصبح الجميع، يخبطون خبط عشواء. في مثل هذه الظروف المدلهمة يظهر المفكرون الكبار لكي يبددوا الظلام عن وجه الأفق فتنفرج الحالة وتزول العتمة الضبابية، ويصبح الطريق سالكا من جديد».
اجل ان اوروبا اليوم وصلت الى هذا المقام من الرقي والتقدم بعد مخاضات عسيرة وطويلة عبر قرون من الزمن ، وكان هنالك فلاسفة ومفكرين وكتاب اناروا الدرب ، فما بلغته اوروبا اليوم في مجال التكنولوجيا والبناء والديمقراطية والليبرالية هو ناتج طبيعي  للنور الذي انبثق من الشموع التي اشعلها  المفكرون والفلاسفة امثال جان جاك روسو وعمانويل كانت  ومارتن لوثر وديكارت وجون لوك وبرتراندرسل وغيرهم .
إذن السياسي ستتعثر مسيرته إن سار بشكل عشوائي في دروب السياسة المعقدة ، إن هو اهمل شان  المفكرين من المثقفين والأدباء والكتاب والفلاسفة ، وتاريخ اوروبا في العصور المظلمة وما شاهده من مظالم وحروب ، وما يمر به اليوم العالم الثالث حيث تتأسن فيه اغلب المناطق الساخنة وغير المستقرة والسبب يعود الى غياب الفكر الديمقراطي ، وتشبث الحكام بآرائهم وتهميشهم للنخب الفكرية المتنورة .
يواجه الوطن العراقي في المرحلة الراهنة مهمات كبيرة من اجل بناء عراق جديد وانتشاله من واقع التخلف الأقتصادي والسياسي والأجتماعي والبيئي ، ولاشك ان هذه مهمات بالغة التعقيد ، وإن الحكومة وأجهزتها غير قادرة على النهوض بكل تلك المهام ما لم يقف المواطن العراقي الى جانبها ، فمسالة استتباب الأمن والأستقرار لا تستطيع الأجهزة الأمنية الحكومية ان تتحمل المسؤولية بمفردها إن لم يتعاون المواطن معها في كشف المجرمين والمطلوبين ، والدول الأوروبية التي تبدو لنا انها مستقرة ، فإن جهود المواطن وعينه الساهرة تلعب دوراً كبيراً في كشف العمليات الأجرامية قبل وقوعها .
المسألة لا تقتصر على القضايا الأمنية ، إنما هنالك مجالات كثيرة يساهم بها المواطن وذلك عن طريق تأسيس احزاب ومنظمات المجتمع المدني التي تنظم الشعب وتعبئه من اجل بناء الوطن وترسيخ استقراره بالتعاون مع اجهزة الدولة الرسمية .
 ويأتي دور المنظمات الثقافية التي تدرك اهمية عملها في تنوير المجتمع ، وفي دول العالم الثالث تحاول الحكومات ان تفرغ تلك المنظمات من محتواها الأساسي إن كان بالترغيب او بالترهيب .
 لكن تبقى الحاجة قائمة للحفاظ على استقلالية تلك المنظمات لتؤدي الواجبات الملقات على عاتقها بشكل سليم ، وتنبري منظمات ثقافية دولية للدفاع ودعم عن هذه المنظمات ، ونقرأ في ويكبيديا عن يونسكو ما مفاده :
( أنها تمثل  غطاء معنوي وقانوني يحمي الكاتب، مهما كانت قوميته أو انتماؤه أو أيدلوجيته أو جنسيته، وليست لها أي تأثير أو علاقة من بعيد أو قريب بإيمان الكاتب بمعتقد أو فكر ما، فهي تضم تحت مظلتها الكاتب بغض النظر عن معتقداته الفكرية والايديولوجية ، شريطة ان لا تكون هذه المعتقدات عائقا في تواصل الكاتب مع الرأي الاخر ، بل استعداده لتقبل الاخر من خلال الحوار واغناء التقارب المعرفي معه ، أي إنها مظلة تحتضن الجميع، وتدافع عنهم ) .
في منحى آخر فإن منظمات المجتمع المدني وبضمنها المنظمات الثقافية غير الحكومية  قد عبرت الحدود الوطنية الى النطاق الدولي ، بعد العولمة ، وبعد سهولة الأتصالات بين الدول والشعوب حيث يوصف كوكبنا  بالقرية الكونية ، وبذلك تتوسع مهام المنظمات غير الحكومية بما لها من مبادئ إنسانية وأخلاقية لأقناع الدول وضرورة وضع الضوابط الأخلاقية لاستراتيجيات الشركات العابرة للقارات .
تكمن مصداقية المنظمات الثقافية غير الحكومية باستقلاليتها  ومهنية خطابها ليس بمنأى عن التأثير الحكومي فحسب إنما من تأثير القطاع الخاص والأحزاب المتنفذة . وتأسيساً على ذلك فإن منظمات المجتمع المدني معنيّة بتشخيص حقائق عن واقع الوطن ، فإلى اي مدى يمكنها التواصل في هذا السياق ، وماذا عن المخاطر التي تطال المثقف وهو يمارس عمله في الفكر إن كان في كتابة مقال او أعداد تقرير صحفي او نقل خبر او تعبئة الرأي العام او نقد جهة حكومية او سلوك اجتماعي او إبداء رأيه بصراحة في موقف سياسي لحزب ما او جهة رسمية او شخصية متنفذة ..
 نحن نتكلم عن المنظمات التي وضعت امام ضمائرها بناء عراق عصري متحضر وهي تعمل بنفس وطني عراقي وبمنأى عن اي مؤثرات الأحتواء والتسييس ، ، وهنا لابد من الإشارة الى الأوضاع الجديدة بعد نيسان 2003 فيما يتعلق بشأن منظمات المجتمع المدني ، فكما هو معروف ان هذه المنظمات في العهد السابق كانت شكلية لا تتمتع بأي استقلالية وهي محكومة بإظهار الولاء وتأييد كل قرارات الحكومة في ظل نظام مركزي شديد لا يسمح لأية قوة نابذة بالأنطلاق ، ولهذا كانت تلك المؤسسات اشبه بدوائر رسمية حكومية ، وشاهدنا كيف انهارت تلك المنظمات حالما انهار النظام الذي احتواها في نيسان عام 2003 م .
ومن ذلك الوضع انتقلنا بعد نيسان 2003 الى الوضع الجديد الذي اتسم بمساحة كبيرة من الحرية والأنطلاق ، فكانت بدايات التأسيس غير منسقة وغير مدروسة وقرأنا عن تأسيس ما يربو على 11 الف منظمة  للمجتمع المدني ، وربما لا يكون هذا الأفراط في عدد المنظمات سلبياً إن كان تأسيسها مبنياً على اسس مدروسة .  لكن ما يخشى ان يكون انبثاق هذا العدد الكبير من المنظمات في فترة زمنية قصيرة ، ان تكون اعداداً منها منظمات وهمية تتقاضى الدعم دون ان يكون لها اي وجود ملحوظ على ارض الواقع ، وحينذاك تكون تلك المنظمات الوهمية قد سلبت حق المنظمات الحقيقية المتسمة بالموضوعية والمهنية .
لا شك ان وزارة الثقافة الموقرة معنية بجهة الأهتمام بتطور الوطن العراقي وإعلاء شأنه وهي تأخذ بيدها العامل الثقافي وهي تدرك اهمية المثقف والمنظمات الثقافية غير الحكومية ومن هنا اقدم هذه المقترحات :
 اولاً ــ ان تعمل الوزارة والمؤسسات التابعة لها على تأسيس علاقات بين المنظمات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني في الداخل من جهة وبين تلك المنظمات المتشابهة التي تعمل خارج الوطن من جهة اخرى .
ثانياً ــ تمتين الروابط والعلاقات بين الوزارة وبين هذه المنظمات ( في الخارج ) ، وتزويدها بإصدارات تعكس الوجه المشرق للعراق قديماً وحديثاً ، إنها تبقي الروابط الوطنية قائمة ومستمرة ، لكي يبقى حب الوطن العراقي راسخاً في قلوبهم ، ومنهم تنتقل لغتهم وثقافتهم وحبهم للوطن الى اطفالهم وأحفادهم الذين يعيشون في بيئات ثقافية ولغوية مختلفة .
ثالثاً ــ الظروف الأمنية المستقرة في انحاء الوطن العراقي ، تتيح للمغترب من التردد الى الوطن العزيز وربما العودة نهائياً الى الوطن ، او على اقل تقدير الإستفادة من خبرة المغترب وتجربته إن كان في الحقل السياسي او التجاري او الصناعي ، وفي حالات اخرى يمكن للمغترب العراقي ان يستثمر امواله في وطنه إن كانت الظروف الأمنية مستتبة ومستقرة ، وفي اوسلو لدينا معارف وأصدقاء كثيرين من المغرب او تركيا ، يقوم هؤلاء بالأقامة وتمشية اعمالهم في النرويج ، فيما يستثمرون اموالهم في بلدانهم المستقرة إن كان على شكل مشاريع صناعية او استثمارات عقارية او سياحية ..
رابعاً ــ منظمات المجتمع المدني الثقافية غير الحكومية بحاجة الى غطاء دستوري وقانوني وسياسي يحدد مهامها ويحترم قراراتها ويضمن استقلاليتها ، إن إصدار قانون عصري ينظم العلاقة التشريعية بين منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة ، ليشكل ذلك أداة أساسية بيد منظمات المجتمع المدني لتنظيم علاقتها مع تلك المؤسسات ، الى جانب ذلك يجري تمويل منظمات المجتمع المدني  تحت مظلة قوانين تحميها من التأثيرات الشخصية او الحزبية العشائرية ..
خامساً ــ إن منظمات المجتمع المدني بشكل عام تعمل على تعبة الجماهير من الذين ينتمون لهذه المنظمات بغية دفع عجلة تقدم البلاد من الناحية الأقتصادية والسياسية والأجتماعية ، وهي بذلك لا تطلب الحقوق فحسب إنما يترتب عليها القيام بواجبات امام المجتمع والدولة ، ولهذا ينبغي إيلاء الأهتمام ببنية هذه المنظمات وتطويرها لتؤدي واجبها بشكل يخدم الوطن .
 سادساً ــ إن توفير وسائل المعرفة والحصول على المعلومات يتيح لهذه المنظمات ان تقوم بدورها في وضع الخطط ورسم الأستراتيجيات التي يحتاجها البلد في نهضته التنموية والحضارية ، فوزارة الثقافة معنية بتوفير وسائل الممعلومات والتكونولوجيا التي توفر وتيسّر وسائل التواصل بين الشعوب والأمم .
سابعاً ــ إن اهم ما تحتاجه هذه المنظمات في داخل الوطن هو التعامل الديمقراطي ودولة القانون  وتوفير الأمان والأستقرار ، فلا يكفي للحكومة ان لا تتدخل في شؤون هذه المنظمات ، إنما ان تكفل امنها ورعايتها ، لكي لا تكون اهداف سهلة للقوى التي ترمي الى وضع العصي في عجلة تطور العراق ، فالأرهاب والقتل والأغتيالات والخطف وغياب القانون ، كل هذه العوامل تحد من فعالية تلك المنظمات التي نبني عليها امال عريضة في بناء الوطن وتطوره وازدهاره .
سابعاً ـ السفارت والملحقات الثقافية تستطيع ان تنهض بدور رئيسي في فتح مراكز ثقافية ، وتشجع المثقفين وتعضيد تنظيماتهم بغية أيصال رسالة العراق الثقافية والحضارية الى شعوب العالم ، وإبقاء هؤلاء المغتربين على صلة وثيقة مع الوطن وتراثه وثقافته ولغاته .
لكم جميعاً فائق التقدير
حبيب تومي / اوسلو 07 / 12 / 10
habeebtomi@yahoo.no

221
سـلام وكـلام مع رؤسـاء التنظيمـات السياسيـة لشـعبنا وانحنـي إجـلالاً للقديس الـذي جمعهـم
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
لقد تكلمنا وكتبنا كثيراً ، ليس عن الوحدة القومية الفورية ، إنما كتبنا عن الحد الأدنى للتعاون والجلوس حول طاولة مستديرة بين احزابنا ومنظماتنا ، ولم نفلح بينما نجح به الطفل القديس آدم الذي استشهد في كنيسة سيدة النجاة ، فبوركت ايها الشهيد البطل آدم عدي زهير لقد وضعت احزابنا ومؤسساتنا امام الأمر الواقع ، وترتب عليها الأجتماع والتعاون ، فاسمح لي ايها الشهيد البطل ان انحني اجلالاً وإكراماً لك ولروحك الطاهرة ولأسمك الذي سيكتبه التاريخ بأحرف من ذهب ، لقد افلحت فيما اخفقنا به ايها القديس الصغير آدم ، فلو لم تكن روحك الطاهرة ودماء شهداء كنيسة سيدة النجاة ودماء الشهيدة رفاه توما القس بطرس وبقية الكوكبة من اللآلئ من الشهداء لما اضطر وأجبر رؤساؤنا من الساسة على الأجتماع .


لقد نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية عن هذا الأجتماع وأعطت تسمية (المجلس السياسي المسيحي )، وفي هذا المقال سأطلق هذه التسمية على تجمع رؤساء احزابنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، فمجمل ما تمخض عن ( المجلس السياسي المسيحي ) يتلخص في عقد ثلاثة اجتماعات وانبثاق لجنة عن الأحزاب والمنظمات المجتمعة .
ولكن قبل المضئ في متن المقال اتكلم عن جوهر المعدن الذي يظهر اثناء الشدائد ، فقبل فترة لبينا دعوة للسفارة العراقية في اوسلو لحضور اجتماع رتبته السفارة بين الجالية العراقية ومسؤولين من الحكومة النرويجية ، وكان المترجم مواطن آشوري وهو يقوم بتلخيص فكرة المتكلم ثم يترجم الملخص ، لكن حينما اعطيت لي كلمة للتحدث عن احوال المسيحيين في العراق وركزت على مذبحة كنيسة النجاة فقد لجأ اخي الآشوري بترجمة كلمتي حرفياً دون تلخيص ، وهكذا يقولون في القوش ( دمّا كراثخ ، او ، دما لقّالب لمايي ) ، فكان مصلحة مصيرية مشتركة بين حبيب تومي الكلداني والأخ اسكندر الآشوري . اجل ان المحنة قد وحدت خطابنا .
اقول :
يبدو ان المجلس المسيحي او اللجنة المنبثقة لم تتوصل الى تخويل شخص للتحدث باسم ( المجلس المسيحي ) فمرة نشر عن الأجتماع الأخ  شليمون داود اوارهم ، ثم كان الحديث عن الأجتماع في بغداد عن طريق السيد يعقوب كوركيس عضو المكتب السياسي للحركة الديمقراطية الآشورية وكان ايضاً الأعلان عن هذا الأجتماع بقلم الزميل نوزاد حكيم ليقوم بعد الزميل انطوان الصنا ليحرر تقريرين عن هذه الأجتماعات وينشرها في اخبار شعبنا على موقع عنكاوا . برأيي ان يكون هنالك متحدث مخول او منسق لتلك الأجتماعات والأعلان عن نتائجها ليكون القارئ على بينة عما يحدث .
في الوقت الذي اثني وأبارك هذا التقارب فإني أحيي الحركة الديمقراطية الاشورية وأمينها العام الأستاذ يونادم كنا على هذه المبادرة فلدي بعض الملاحظات عسى ان يكون هنالك من يصرف بعضاً من وقته لقراءتها :
اولاً :
بحسب ما ترشح من اخبار الأجتماع الأول انه كان هنالك التطرق الى التسمية لكن الأستاذ ابلحد افرام تمكن من إرجاء موضوع التسمية الى لقاءات أخرى لكي لا يشكل موضوع التسمية حجر عثرة في التوصل الى اتفاقات مهمة وملحة .
ثانيا :
 بما ان الأخوة في الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي والحزب الوطني الآشوري لا يحلو لهم النوم إلا حينما يتأكدون ان القومية الكلدانية ليست حرة بنفسها ، ولذلك عملوا في الأجتماع القادم على الأتفاق على طرح مسألة التسمية السياسية القطارية الهجينة لتكون هي قيد التداول بين هذه الأحزاب والمنظمات وتسويقها للاطراف الأخرى ، بحيث إني قرأت في جريدة الشرق الأوسط اللندنية خبراً يقول : دعا المجلس السياسي المسيحي .. ولم يكن هنالك اية إشارة الى القومية . فالمسألة تقع في الأطار الديني ليس إلا .
ثالثاً :
في نفس السياق ينشر موقع الزوعا تصريح عضو المكتب السياسي للحركة السيد يعقوب كوركيس يقول " إن صيغة الأجتماعات القادمة لأحزاب شعبنا ستكون تحت تسمية تجمع التنظيمات الكلدانية السريانية الآشورية، وأي قرارات ستصدر لاحقاً عن أحزاب شعبنا ستكون تحت هذه التسمية . إن هذا الأعلان لا يشكل حجرة عثرة في الثناء ومباركة التقارب والأجتماع لاتخاذ قرارات مهمة تخص مصير شعبنا المظلوم .
رابعاً :
كان المجتمعون يمثلون احزاب شعبنا وحسب ما نشر : 
1. الحركة الديمقراطية الآشورية.
2. المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري.
3. الحزب الديمقراطي الكلداني.
4. الحزب الوطني الآشوري.
5. حزب بيث نهرين الديمقراطي.
6. المنبر الديمقراطي الكلداني.
7. الاتحاد الآشوري العالمي.
8. المجلس القومي الكلداني.
9. حركة تجمع السريان المستقل.
10. اتحاد بيث نهرين الوطني.
11. جمعية الثقافة الكلدانية.
12. منظمة كلدوآشور للحزب الشيوعي الكوردستاني
السؤال هو :
ماذا بشان المستقلين عن الأحزاب المجتمعة والذين يمثلون السواد الأعظم من شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين الذين لم ينخرطوا في تنظيم اي حزب سياسي .
فلماذا اهمل شأن المستقلين ؟
 لماذا لم يكن بينهم عناصر مستقلة من المثقفين والساسة من ابناء شعبنا والذين يفضلون عدم الأنخراط بتلك الأحزاب ؟
 الم يكن الأجدر ان يكون بينهم عناصر مستقلة من ابناء شعبنا ؟ ام ان الساحة السياسية لشعبنا محصورة في الأحزاب السياسية فحسب ؟
خامساً :
وجه المجتمعون مذكرة الى القيادة العراقية والقيادة في اقليم كوردستان وورد فيها :
(.. إضافة إلى ذلك طالب المجتمعون رئاسة اقليم كردستان العراق بتفعيل المادة 35 في مسودة دستور الأقليم حال إقرارها والمتعلقة بمنح الحكم الذاتي لشعبنا في الأقليم. كما طالبوا بمعالجة ما تبقى من التجاوزات على أراضي قرى شعبنا، وتأجيل البت بتسوية الأراضي في القرى التي تعود ملكيتها لأبناء شعبنا والتي لا يتواجد فيها أصحابها الشرعيين لأسباب عدة ومنحهم المدة الزمنية الكافية ليتسنى لهم العودة إلى قراهم وأراضيهم لتسوية أمورها قانونيا.
وطالبت القيادات السياسية الحكومة العراقية معالجة موضوع الأراضي المطفاة في مناطق من سهل نينوى بحجة المصلحة العامة، في حين إن قرار أطفاء تلك الأراضي كانت على خلفية سياسة هدفها التغيير الديموغرافي) .
 كل ذلك جميل وجيد ولكن لدينا سؤال هو :
ماذا عن المسيحيين الذين اغتصبت املاكهم وبيوتهم من قبل جيرانهم المسلمين في مدينة بغداد وغيرها من المدن ؟ الا ينبغي وضع تلك المظالم في خانة الدفاع عنها ؟
فلماذا احجم المجتمعون عن التطرق الى تلك المظالم ؟
اقول :
((إنني مستعد ان اقوم بالمهمة وأرتب قائمة باسماء اصحاب البيوت والأملاك المغتصبة لعرضها من قبل هذه اللجنة الى رئاسة الجمهورية والهيئة المكلفة بالدفاع عن حقوق الأقليات والمسيحيين بشكل خاص )).

سادساً :
 الا ينبغي مراعاة مشاعر الجميع حين الأجتماع ، حتى لو كان الأجتماع في مقر الحركة الديمقراطية الآشورية او اي حزب آشوري فينبغي من باب البروتوكول الدبلوماسي والأحترام المتبادل ان يرفع العلم الكلداني الى جانب العلم الآشوري فهنالك اربع تنظيمات كلدانية حاضرة فينبغي التعامل الندي المتكافئ بين مكونات شعبنا باحترام رموزها وشعاراتها وعلمها .
على العموم أقدر واحترم هذه الخطوات الجبارة التي اذابت جبال الثلوج بين ممثلي مكونات شعبنا من الكلدان والسريان وألاشوريين ، وأتمنى ان تكون هذه الخطوة الأولى نحو تحقيق مزيد من التعاون الأخوي المبني على الندية والتكافؤ في إطار الأحترام المتبادل وقبول الآخر .
 تحية الى كل الذين حضروا تلك اللقاءات من منطلق الشعور بالمسؤولية ومن منطق تفضيل المصلحة العامة لشعبنا على المصلحة الحزبية الضيقة ، وكما قلت فإن حضور المستقلين كان يثري الأجتماع مكانةً وأهميةً . وشكراً لكل شهدائنا الذين ضحوا بحياتهم وشكراً لك ايها الملاك الجميل آدم عدي زهير لانك استطعت ان تنجح وتتفوق فيما نحن اخفقنا جميعاً في تحقيقه .
حبيب تومي / اوسلو في 15 / 01 / 11
[/b]

222
شماعة اليهود والأكراد الى متى التعتيم على الفاعل الحقيقي ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
لا احد ينكر موجة التعصب الديني التي تعصف بالبلاد العربية وفي العراق بشكل خاص حيث الفلتان الأمني مما يتيح للارهابيين الوصول الى غاياتهم ، وبلغ هؤلاء من القوة بحيث ان اذرعهم قد عبرت الحدود لتصل الى مصر وتطبق نفس التكتيكات في تفجير الكنائس وقتل الناس الأبرياء بشكل عشوائي لا يصدهم من فعلتهم هذه وجود نساء وأطفال بعمر الزهور . ولا ريب ان الأنتحاريين المنفذين يشكلون فقط  قمة جبل الثلج العائم الظاهر ولكن  يشكل المخططون والممولون والأدلاء والمساعدون والمحرضون ومروجي  ثقافة القتل والعنف والكراهية ضد اتباع الديانات غير المسلمة هؤلاء يتشكل منهم الجزء الأكبر الغاطس من الجبل الثلجي .  
في اواسط القرن الماضي اخلي العراق من اليهود الذين عاشوا على تربة العراق آلاف السنين ، وبعد نيسان 2003 كان ثمة حملة منظمة لتفريغ العراق من المكون الصابئي المندائي السكان الأصلاء في هذا الوطن ، واليوم يتوجه الأرهاب نحو المكون الكلداني وبقية المسيحيين لقلع جذورهم من هذه التربة الطيبة . لقد شغل الكلدان وبقية المسيحيين والصابئة المندائيين واليهود  دور المواطنين المطيعين والخاضعين وقبلوا مكرهين بلوائح احكام اهل الذمة المجحفة التي تبرز التمايز الديني بأبشع صوره ويفوق في زرع الكراهية تلك الأحكام الواردة في التمييز العنصري المبني على لون البشرة ، ومع كل ذلك الخضوع فإن الأسلام السياسي المتعصب يريد ان يفرغ هذه البلاد من السكان الأصليين لهذه البلاد فسلط عليهم كل اساليب القتل والتوريع وقع الأرزاق ، وأساليب الأبتزاز والسلب لأموالهم والتهجم على اماكن عبادتهم ونسف بيوتهم . بغية ترويعهم وتفريغ البلاد منهم وجعل هذه البلاد فيها دين واحد فحسب .  
إن هؤلاء الأرهابيين يرتكبون هذه الأفعال ويعترفون بالقيام بتلك الأفعال ويعطون مبرراتهم ، ومع ذلك هنالك من يتطوع عن جهل او تجاهل بتبرئة ساحتهم عما يرتكبون ، ويعمل هؤلاء المحامون المتطوعون بإلصاق التهمة بمختلف الجهات وتحت ذرائع ومبررات طفولية ساذجة ، او لغاية في النفس .
هنالك من يدعي ان الأكراد يقومون بتفريغ مدينة الموصل من المسيحيين لكي يلجأون الى اقليم كوردستان فتزيد من نفوس الأقليم ، إنها فرضية ساذجة ، من يهجّر المسيحيين من مدن البصرة وبغداد ؟ وماذا عن الصابئة المندائيين بعد ان اصبح وجودهم في بلادهم في مهب الريح ؟
 هل ان الأكراد ليس لهم عمل سوى تهجير وترويع هذه العوائل المسالمة ليهاجروا الى اقليم كوردستان ، لكي تزداد نفوس الأقليم بتلك العوائل ؟ ثم اليس الواقع الماثل امامنا ان معظم هذه العوائل تتوجه نحو سورية والأردن بغية التوجه الى دول المهجر ؟ فأين مصلحة الأكراد في هذا الزعم السطحي ؟
 ثم لماذا يسعى الأكراد الى تهجير المسيحيين من الموصل ، اليس في الموصل الآلاف المؤلفة من الأكراد ويستطيع هؤلاء الأنتقال الى كوردستان ، فما حاجتهم الى العوائل المسيحية الهاربة من القتل من الموصل ؟  
هنالك من يمرر مقولة مفادها ان الموساد الأسرائيلي يقف خلف ترويع وتهجير المسيحيين بحجة افساح المجال لاسكان وعودة اليهود العراق ، وقد اطلقت شائعات في البداية بعد 2003 بأن اليهود يشترون البيوت والأملاك في بغداد وغيرها من المدن ، ولا يمكن تصور كم يكون هذا الزعم ساذج وسخيف ، فأي مجنون يهودي يترك حريته في اسرائيل او في اوروبا او امريكا ويأتي العراق ويعيش تحت ظل الشريعة الأسلامية التي تعتبره مواطن من الدرجة العاشرة ، ألا يتذكر هؤلاء ايام الفرهود في عام 1941 م ؟
 ثم لماذا يشتري هؤلاء اليهود البيوت في بغداد ؟ اليست بيوتهم لحد اليوم من الأملاك المجمدة ، فما هو معلوم فإن اليهود لم يلجأوا الى بيع املاكهم وبيوتهم ، وهذه الأملاك لا زالت تعتبر من الأملاك المجمدة ، فلماذا يشتري اليهودي بيتاً في بغداد ؟ إنها طروحات في منتهى السذاجة .
 اما بشأن أسكانهم بمحل المسيحيين في اقليم كوردستان ، فهذا زعم لا اساس له من الصحة وببعث على التقزز والأشمئزاز ، فاليهود والمسيحيون والأكراد الى جانب المكونات الأخرى كانوا يعيشون في هذه المنطقة فلماذا اليوم ينبغي تفريغ العراق وأقليم كوردستان من الكلدانيين والمسيحيين الآخرين  ليتسنى لليهود العيش في مناطقهم ؟
ان اليهود كانوا يعيشون لقرون في منطقة عمادية وصندور وعقرة ، ومناطق اخرى وكانوا يتقاطرون من هذه المدن الى القوش لزيارة مرقد النبي ناحوم الألقوشي في القوش ، وحينما هاجر اليهود من هذه المنطقة لم يلجأوا الى بيع املاكهم ، فلهؤلاء املاكهم وأراضيهم وهم مواطنين عراقيين ويمكنهم العودة الى العراق والى اقليم كوردستان دون اللجوء الى تهجير المسيحيين .

لقد كان لليهود في العهد الملكي عيناً واحداً ثابتاً الى جانب عيّن من القومية الكلدانية الى جانب 18 عين من مختلف الشخصيات والوجهاء العراق ، وكان ايضاً لهم كوتا للاقليات منهم اربعة من الكلدان وبقية مسيحيي العراق وأربعة لليهود ، فالوطن العراقي هو بلد التعايش لكل المكونات ، لكن المتشددين الأسلام وحدهم  يعتقدون بأن العراق هو بلد الدين الواحد ، وإن متزمتي القومية العربية وحدهم يعتقدون ان ألعراق هو بلد القومية الواحدة . وأقول كلا فالعراق بلد التعايش لكل المكونات وهنالك متسع من المكان للجميع .
 آخر مقال وصلني الى بريدي الألكتروني ان استهداف المسيحيين وترويعهم وتهجيرهم هو من اجل توطين الفلسطينيين محلهم ، وهذا الزعم يضاف الى المزاعم الباطلة الأخرى فالفلسطينيون هجرتهم الى العراق لم تكن يوماً على حساب مكون عراقي آخر .
حينما تكون الحكومة عاجزة عن القيام بواجبها وفاشلة في تطبيق القانون ، تتنصل عن الدفاع عن المواطن العراقي وعن الهوية العراقية ، فتسعى الى ترضية الجيران ، وتنطلق من معطيات طائفية ، فحينما تتوفق الحكومة بتأمين الأمان والسلامة لملايين الزوار بالتوافد سييراً على الأقدام الى الأماكن المقدسة في النجف وكربلاء ، لكن نفس الحكومة تفشل او تتوانى في توفير الأمن والأمان لبضع مئات من المسيحيين بالصلاة في كنائسهم  ، فإن هذ الحكومة إما ان تكون فاشلة او تكون متواطئة مع الذين ينفذون العمليات الأرهابية او تغمض عيونها عما يجري حولها وأماها بدوافع تفرقة دينية .
إن الحكومة العراقية بدلاً من البكاء على اللبن المسكوب عليها ان تقوم بواجبها بتدعيم ركائز الوحدة الوطنية الحقيقية وتطبيق مبادئ العدالة الأجتماعية المستديمة من منطلقات ديمقراطية علمانية ، على الحكومة قراءة خارطة العراق وتكويناتها المجتمعية والوقوف على مسافة واحدة من هذه المكونات ، وعلى الحكومة ان يكون لها شئ من الوطنية العراقية الأصيلة ، فإذا امعنا النظر في مسألة تمثيل المكونات العراقية الأثنية والدينية والمذهبية، فسنلاحظ جلياً تمثيل كل تلك المكونات باستثناء تمثيل الشعب الكلداني ، وبعد هذا التهميش المتقصد لمكون عراقي اصيل فهل تعتقد الحكومة بعد ذلك انها حكومة عراقية تتسم بالعدالة والمساواة ؟
وأجيب وأقول انها حكومة غير عادلة وغير منصفة لأنها همشت الشعب الكلداني العراقي الأصيل فبئس تلك العدالة العرجاء التي تشبه عدالة حكم قره قوش .

أعود الى عنوان المقال فأقول علينا ان لا نسعى الى خلط الأوراق لتضليل التحقيقات الجارية لتشخيص الفاعلين ومعاقبتهم بما يستحقون وما اقترفت اياديهم بحق الطفل الشهيد آدم في كنيسة سيدة النجاة  وبعد ان اسكتوا استغاثته وبكائه برصاصة في قلبه .
حبيب تومي / اوسلو في 11 / 01 / 11  
 

223
كم مسيحي يجب ان يقتل لتعقد من أجلهم قمة عربية؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الوطن العربي من المحيط الهادر الى الخليج الثائر معظمه تولد نتيجة التوسع الديني العربي الأسلامي ، وتدثر بالثوب القومي والديني واللغوي للمحتل او للفاتح ، فالعرب قبل الأسلام وطنهم محصور في الجزيرة العربية وبعد الأسلام امتد ليمتد بين المحيط الأطلسي والخليج العربي ، لقد جسد حزب البعث هذه الرؤية بشعاره امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة اي وطن عربي واحد ورسالة دينية اسلامية واحدة ، فالتجانس مطلوب وعلى الجميع الأنصهار مع العروبة والأسلام .
الأمة العربية شهدت توسعاً وتوحداً تحت قوة السيف ، وشهدت تفككاً ، والى اليوم ، حينما اختفت او انحسرت مظاهر تلك القوة ، فالوطن العربي ينقسم الى 22 دولة ، وحتى هذه الدول تحاول التستر والتعتيم على صراعات دينية ومذهبية وعرقية يسود دواخلها  . فالوطن العربي المسلم فيه من الأقليات الدينية غير الإسلامية وأقليات عرقية غير العربية ، وأقليات لغوية وقومية غير القومية العربية . وتاكيداً على زعمي فأقول ثمة من لهم لغتهم غير العربية ومنهم : الأكراد في العراق وسورية والأرمن في سوريا ولبنان والعراق ومصر ، والتركمان في سوريا والعراق ، والأتراك والشركس في سوريا والأردن ، والكلدانيـــون والآشوريون والسريان في العراق ، واليهود في اسرائيل ، والقبائل الزنجيــة جنوب السـودان وجنوب المغرب ، والنوبيـون جنوب مصر وشـمال السـودان ، والبربر في بلاد المغرب وليبيا  .
 اما الأقليات الدينية من اتباع الديانات الأخرى غير الأسلامية فثمة المسيحيون من الكاثوليك والبروتسانت والمونوفستيون والنساطرة وثمة اليهود والصابئة المندائيين والأيزيدية والشبك والبهائيين والكاكائيين والديانات القبلية الزنجية في السودان .
لا شك ان الدولة العربية الأسلامية لم تأخذ هذا الواقع بنظر الأعتبار وبقيت لقرون تنظر الى المكونات غير العربية وغير الأسلامية بمنظار التعالي والتفوق الديني والعرقي ، فالمسلم له الحق في نكح نساء الأديان الأخرى ، ولأبناء الأديان الأخرى لا يحق لهم نكح المسلمة هذه واحدة من النظرية التفوقية الأسلامية ، وهذا وغيره ولّد استياءً لدى تلك المكونات ومنهم على سبيل المثال انتفاضات الأكراد على مدى قرون  وكان اخرهم صدام حينما رفض الأعتراف بحقوقهم البسيطة ثم اوغل في اضطهاد من بقي تحت سلطته فقابل المجتمع الدولي هذا التصرف بخلق حماية دولية لهم سنة 1991 في مناطقهم بعيداً عن هيبة الحكومة وسطوتها .
 وكذلك تحركات البربر الذين يسعون لأحياء تراثهم ولغتهم الأمازيغية ، وأمامنا تتجلى المطالب القومية التي يرفعها الكلدانيون في العراق بعد تهميشهم بشكل ظالم في العملية السياسية العراقية ، وبعد شطب اسمهم القومي الكلداني بشكل مجحف من مسودة دستور اقليم كوردستان .
إن 1400 سنة لم تفلح في صهر وإذابة هذه المكونات إن كان في البودقة الدينية او القومية ، هذا بالرغم من تمرير خطاب ديني يومي عبر الميكروفونات والأشرطة وكتيبات فيها الكثير من العبارات التعبوية الشاحنة وفيض من معاني  الكراهية وشحونات الأنتقام والعدوانية ، وهي تشخص اليهود والنصارى ، فنسمع : اللهم أهلكهم واهلك من يقف وراءهم .. اللهم احصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تبقي فيهم ابدا .. اللهم دمر حصونهم .. اللهم رمل نساءهم ويتم اطفالهم .. هذه الدعوات وسواها كثير تبعث على الأحباط والتقزز .
ينبغي الأعتراف الى جانب ذلك وجود خطاب ديني اسلامي شجاع يزرع بذور التسامح والتعايش من منطلق لكم دينكم ولي ديني ، وهذه الدعوات والكتابات تصدر من كتاب مسلمون ليبراليون علمانيون وبعضها تصدر من رجال الدين انفسهم وهذه الأخيرة  نادرة ، وهي بمجموعها تشكل مساهمة متواضعة وخجولة لا ترتقي الى الطموح ولا تتوازن مع كفة الخطاب الديني المشحون بروح الكراهية والتعبوية ضد المواطنين من اتباع الديانات الأخرى .  
لكن رغم مرور 1400 سنة لا زالت قوى وأديان وأثنيات ولغات تصارع هذا الواقع المجحف في الوطن العربي ، الغريب ان المسلمين بشكل خاص لا زالوا يستنكرون ويستغيثون من الظلم الذي يطالهم ، ولا ادري ما هو نوع الظلم في الوقت التي هم يقومون بظلم وتفرقة وقتل الناس وأحراق كنائسهم . فعن اي ظلم بعد ذلك يتكلمون ؟
الدول العربية متفاوتة في التعامل مع هذه المكونات ، في سوريا والأردن نلاحظ مظاهر الود والأحترام والمحافظة على المكونات غير الأسلامية ، وبشكل خاص المكون المسيحي فثمة تعايش يحترمه الجميع ، وهذا نابع من سياسة الدولة العقلانية الحكيمة التي تؤسس على سياسة التسامح والتعايش المطلوبين .
 اما دول المغرب العربي فإن الحرية الدينية عندهم لا تقبل بالتبشير بالدين المسيحي ، في حين هم يبشرون بالديانة الأسلامية في جميع انحاء اوروبا واميركا ، والدولة العلمانية الوحيدة وهي تونس التي وضع اسس الحكم العلماني فيها المرحوم الحبيب بورقيبة ، واليوم باتت مهددة من قبل الأسلام السياسي للقضاء على هذا النهج التسامحي .
 اما ليبيا فهي بجدارة تنتهج سياسة الأرض المحروقة لأي مكون ديني باستثناء الدين الأسلامي فهي دولة الدين الواحد وأكثر من السعودية ، إذ ليس في قاموس هذه الدولة مفردة اسمها حرية الأديان . وفي معظم الدول العربية يبدو ان توزيع كتاب الأنجيل المقدس من المحرمات ويعاقب عليه القانون  ناهيك عن العنف الأجتماعي المشحون بالكراهية والحقد .
 الدول التي فيها المكون المسيحي بشكل ملحوظ وهي مصر والعراق وسوريا ، فإن مصر والعراق قد منيتا بالفشل الذريع في حماية المكون المسيحي في بلدانهم .
(( الغريب ان الحكومة العراقية قد نجحت بشكل كبير في توفير الحماية لآلاف بل الملايين من زوار الأماكن المقدسة لدى الشيعة في النجف وكربلاء ، بينما نلاحظ ان هذه الحكومة تمنى بالفشل الذريع ، او بالأحرى تتوانى وتتساهل في مسألة  حماية الكنائس وزوارها من المصلين فثمة خروقات خطيرة وقعت على مدى السنوات السبع الماضية )) . وهذا ينطبق على الحكومة المصرية ، التي تشهد بشكل مستمر اعتداءات طائفية على المكون المسيحي ، وكان آخرها وأبشعها الهجوم الأرهابي على كنيسة القديسين في الأسكندرية الذي اودى بحياة مئة قتيل وجريح .
 وينبغي الأشارة هنا الى انفصال جنوب السودان وتكوين دولة مسيحية في هذه المنطقة من العالم ، إن نضال هذا الشعب وكفاحه قد افلحا في انهاء الظلم والأضطهاد على مدى قرون ، وها هو الضوء يلوح في نهاية النفق لخلاص هذا الشعب  فبعد أقل من أسبوع، سيتوجه سكان ولايات جنوب السودان إلى صناديق الاقتراع لتقرير مصيرهم إما بالاستقلال أو الوحدة مع الشمال، في استفتاء قد يعمل على تغيير خارطة أفريقيا. فمبروك لهذا الشعب هذه النعمة ، فالحرية اثمن ما يتمنى الأنسان ان يتملكها ، وفي الحقيقة إنها الأيجابيات التي تحلى بها الرئيس السوداني عمر البشير
فقوله مؤخرا باستعداده لمساعدة «الإخوان الجنوبيين»، وإنه سيكون «أول من سيعترف» بدولة الجنوب الجديدة. وأشارت المصادر إلى أن فرصة وقوع حرب جديدة بعد نهاية الحرب السابقة باتت «قليلة جدا، وتظل تقل»،.. ربما لأول مرة يظهر النظام الإسلامي الذي يسيطر على السودان، بدءا بالرئيس البشير، مرونة مثيرة للدهشة». كما انه يصرح
بمناسبة الذكرى الـ55 لاستقلال السودان، القبول والاعتراف بنتائج الاستفتاء أياً كانت، إذا تمت بصورة تعكس الإرادة الحقيقية لمواطني جنوب السودان.
وأضاف قائلاً: "فلتمضِ عملية الاستفتاء على بركة الله، واثقةً بالتزامنا الذي نجدَّده في هذه اللحظة ونؤكده، تعهُّداً بالتاريخ المتفق عليه، وقبولاً بالنتيجة المتأتية عن رغبة المواطنين واختيارهم."
إن الدول العربية لا يكفي ان تستنكر او تقف متفرجة فلهيب الأرهاب سيحرق اصابعها شاءت ام ابت ، فها هو تفجير الكنائس ينتقل بقوة من العراق الى مصر ، فلماذا لا تعقد الدول العربية مؤتمر قمة مخصص لما يجري على اراضيها بحق مكون اصيل ؟  لقد عقدت مؤتمرات قمة عربية كثيرة حول اسرائيل ، فماذا لو كانت في قلب الوطني العربي اكثر من اسرائيل ، لماذا لا يتدارك العرب الأمور ويعلموا شعوبهم على التعايش مع الناس الآخرين من غير العرب ومن غير المسلمين .
إن الحكومات العربية تتحمل مسؤولية كبيرة في الأحداث الدامية وتأجيج عوامل الترويع المطروح من قبل  الحس الغرائزي الجمعي المشحون ، كل ذلك يجعل من الأقليات ، وهي الحلقات الأضعف في المجتمع ، ان تكون عرضة للهواجس ، فالدولة هنا يحتم عليها القيام بواجبها ، إن الدول العربية بمجموعها حينما تضع دساتير تعلن توجهها الديني واسترشادها بالشريعة الأسلامية تضع معالجة الموقف في دائرة المستحيل ، فكيف تغذي التيار الديني ، لكنها من الطرف تدعي انها تقف على مسافة واحدة من كل المكونات . إن الحكومات العربية تكذب على نفسها وتكذب على الناس فالدولة الثيوقراطية لا يمكن ان تتسم بالحيادية ، إن أوروبا لم تستطع ان تقف مع حقوق الأنسان إلا حينما اتجهت الى الحكم العلماني الديمقراطي  فكان القرار التاريخي بفصل الدين عن الدولة .
إن الحكام العرب مطلوب منهم تجريم إثارة التمييز الديني والطائفي ، وعليهم سد المنافذ امام الأعلام الذي يبث ويساعد على ايقاض الحس الديني الأصولي المتعصب ، فالحروب الصليبية قد طواها الدهر وليس من المعقول ان نعزف على نفس الوتر وكأن الحروب قد بدأت يوم امس .

الا تعقد القمة العربية من اجل قضايا هامة ؟ وهل هنالك قضية اهم من التي امامنا ، حيث تفجر الكنائس ويقتل المصلين وهم مواطنين أحرار ، فهل في جعبتهم اهم من هذه القضية ؟
 كما ينبت السؤال : كم مسيحي يجب ان يقتل لتعقد من أجلهم قمة عربية؟ وهل دماء الفلسطينيين المسلمين أغلى من دماء المسيحيين العراقيين والمصريين؟

حبيب تومي / اوسلو في 04 / 01 / 11

224
لا تقتلوا ابناءنا لا تسلبوا اموالنا لا تنتهكوا اعراضنا هذه امنيات المسيحيين عام 2011
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
تسارع وتيرة الأحداث الأرهابية والدموية بحق شعبنا الكلداني وبقية المكونات المسيحية والدينية من اتباع الديانات غير المسلمة ، لم تترك لنا مجال للتفكير في الأمنيات الشخصية او الأجتماعية او السياسية لتحقيقها في العام الجديد ، ففي كل المجتمعات البشرية البدائية والمتقدمة ، الغنية والفقيرة ، المتعلمة والأمية ، المتدينة واللامتدينة .. كلها تتمنى في العام القادم الجديد ان تحقق بعض الأمنيات التي لم تتحقق في العام المنصرم .


 لكن نحن الكلدانيون وبقية المسيحيين في هذه البلاد التي نشكل السكان الأصليين ، نسعى اليوم الى تحقيق الحد الأدنى من حقوق الأنسان ، فالأنسان الكلداني وبقية المسيحيين في وطنهم يسعون الى الأعتراف لهم بحق الحياة وعدم تصفيتهم بالعمليات الأرهابية ، والى الأحتفاظ بممتلكاتهم بعيداً عن عمليات التزوير والنهب والسلب والأستيلاء والأبتزاز وعمليات قطع الأرزاق ، ومن ثم وهو الأهم عدم هتك الأعراض  بخطف النساء والأعتداء على الأعراض .
إنه خارج السياق الطبيعي ان يفكر الأنسان بالحقوق القومية واللغوية والسياسية وهو داخل غابة يسود فيها قانون الذئاب المفترسة .
في هذه الغابة يعيش اصحاب الديانات غير الأسلامية في الوطن العراقي الذي نسي فيه العرب المسلمون ، ان ليس جميع العراقيين عرباً وليس جميع العراقيين مسلمين . وهذا ما خلق أشكالية في الوطن العراقي بالنسبة للاقليات الدينية والعرقية ، وهي إضافة الى القوانين التي تستمد شريعتها من الديانة الأسلامية ، وفيها تهميش بشكل كبير لمعتقدات الآخرين ، وهذا التوجه الديني العام يلقي بضلاله بشكل كبير على المجتمعات الأسلامية ، فنلاحظ عنف مجتمعي بحق المكون اليهودي والمكون  المسيحي في هذه الأصقاع ، علماً ان المكونين  الدينيين اليهودي والمسيحي هما قبل نشوء الدين الأسلامي في هذه الديار  .
كانت الوصايا العشرة واضحة وصريحة ومختصرة  لا تحتاج الى تأويل وعلى اسسها بنيت اسس الأديان السماوية اللاحقة مفاهيمها الأخلاقية والأنسانية والأجتماعية ومن هذه الأديان  المسيحية والأسلامية وفي مقدمة تلك الوصايا :
لا تقتل . لا تسرق . لا تزن .  وكل الأديان السماوية والطبيعية تؤمن بحق الأنسان في الحياة وبحقه في ممتلكاته وبحقه في صيانة شرفه ، وفي  مشروعية الدفاع يحق للأنسان ان يضحي بحياته من اجل ماله او دينه او شرفه . وفق تلك الذهنية التي تعتبر تلك الوصايا مسائل جوهرية انسانية لا خلاف حولها ، كان هنالك مشروع عراقي مبني على مبدأ التعايش بين مكونات الشعب العراقي الدينية ، بين المسلم والمسيحي واليهودي والصابئي والأيزيدي مع هيمنة ذهنية للتفوق العنصر الأسلامي في المجتمع الذي يتقبله الأخرون ولو على مضض ، بحيث ان الشاعر جميل صدقي الزهاوي يكتب شعراً يقول فيه :
 عاش النصارى واليهود ببقعة                    والمسلمون جميعهم إخوانا
إن هذا الواقع رسخة الحكم الملكي الوطني بجهود الملك فيصل الأول الذي عمل من اجل الوطن العراقي بكل اخلاص ، لكن ينبغي ان لا ننسى وقع وتأثير الخطاب الديني الإسلامي المشحون بالكراهية وبالويل والثبور وعظائم الأمور وبحرق الزرع وبقطع النسل وخراب الديار للنصارى واليهود . هذا الخطاب اليومي منذ 1400 سنة يجعل من بعض المسلمين كخلايا نائمة تنهض حالما تحين الساعة  ، ففي الاول من حزيران من عام 1941 حينما كان غياب الحكومة الشرعية ( نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ملحق مير بصري ص323 ) لبضعة ايام أغار الرعاع من الشعب وحتى من الجنود والشرطة على محلات اليهود وبيوتهم في بغداد فقتلوا ونهبوا خلال يومين فكان عدد القتلى 130 والجرحى 450 وجميعهم من اليهود .
اليهود كانوا اغنياء فوقفت الدول الأوروبية وامريكا وعصبة الأمم ومن ثم الأمم المتحدة الى جانبهم فشكلوا لهم دولة اسرائيل بجوار العرب وأصبح لهم ملاذ آمن ، بل اصبح لهم دولة قوية تتحدى اقوى الدول في المنطقة ، لكن ماذا عنا نحن الذين لا نملك شروى نقير ؟ ولا نحصل سوى تمنيات بالسلامة وكلمات الرأفة والرحمة ، ولا قوة دولية تقف الى جانبنا ، ولا حكومة تستطيع حمايتنا ( وربما تستطيع لكنها راضية عما يجري امامها ، والله اعلم ) ، ولم يتيسر امام هذا الشعب المسكين سوى الفرار نحو قارات الأرض وترى عائلة مقسمة الأوصال فالزوج والزوجة في امريكا والبنت في استراليا والأولاد في الدول الأروبية والأخ في العراق .. وهلم جراً .
اليوم وفي هذه الساعة التي تجتمع الأسر في انحاء الأرض على المحبة لكي تودع هذه السنة وتتهيأ لاستقبال عام جديد عام 2011 نقرأ على موقع عنكاوا خبراً خارجاً عن سياق جوهر الحياة والعلاقات الأنسانية والذي يفيد :
( افادت مصادر موقع "عنكاوا كوم" في بغداد ان احد العبوات الناسفة التي انفجرت امام منزل عائلة مسيحية في منطقة الغدير في العاصمة العراقية بغداد، ادت الى مقتل شخصين واصابة اخرين بجراح فيما لم يسفر انفجار العبوة الاخرى عن اصابات تذكر.
وقالت المصادر ان عبوة ناسفة انفجرت في احد احياء حي الغدير لكنها لم تسفر عن اصابات فيما اوقعت العبوة الثانية التي انفجرت في الحي المجاور الى مصرع شخصين مسيحيين واصابة اخرين بجراح ) .
هذه هي الغابة العراقية ، ففي كل المدن والقرى وحول العالم وعلى اختلاف اديانهم ومذاهبهم يحتفلون ويتعانقون ويشعلون الشموع والأنوار ، ويسكبون كؤوس المحبة ويزرعون شتلات التسامح والتعايش والوئام ، وفي الغابة العراقية ، التي يسرح فيها الذئاب المفترسة ، تزرع عبوات ناسفة في بيوت المسيحيين وتفجرها بمن فيها .
 وفي كل الكون يقولون : لا تقتل ، وفي الغابة العراقية يقولون اقتل لكي تربح الجنة .
 وفي كل الأديان يقولون الكنائس هي دور العبادة والصلاة والخشوع وفي الغابة العراقية يقولون ان الكنائس يجب ان تفجر بالمصلين وحتى الطفل الذي يستنجد وهو يبكي في كنيسة سيدة النجاة فيُسكت بكاؤه وصراخه بطلقة في قلبه ، ومع تلك الرصاصة يرتفع دعاء الله اكبر .
 لقد اختلطت الأمور بعد ان اصبح قتل الناس طريقاً لدخول الجنة .
 والحكومة المنتخبة تقف متفرجة على هذه المأساة ، وهذه هي المأساة بعينها .
 حبيب تومي / اوسلو في 31 / 12 / 2010
[/b]

225
حكومة فيها العربي والكوردي والآشوري والتركماني وأقصيتم الكلداني اللعنة على عدالتكم وديمقراطيتكم
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
يعتبر النظام الديمقراطي ضمانة لحماية التنوع التعددي ولضمان حقوق القوميات والملل التي يتشكل منها نسيج المجتمع العراقي ، والنظام الديمقراطي يتأسس على مفهوم العدالة والمساواة ، وإن كانت الأنتخابات لا تلبي طموح الأقليات في التنافس مع الأكثريات فإن الديمقراطية تضمن حقوق هذه القوميات ، وفي العهد الملكي كان ثمة ضمانات لحقوق شعبنا الكلداني حينما قرر النظام الملكي ضمان عضوية مجلس الأعيان بمقعد واحد لشعبنا من مجموع 20 مقعداً وبتخصيص اربعة مقاعد في البرلمان الى ان يصبح 8 مقاعد بعد هجرة اليهود في اواخر الأربعينات من القرن الماضي ، ناهيك عن المناصب الحكومية بما فيها وزارات مهمة كوزارة المالية .
وفي عهد عبد الكريم قاسم نقرأ في دليل الجمهورية العراقية لعام 1960 ص 430 :
ان عدد الكلدان في العراق والعالم يربو على 640000 نسمة وللكلدان في العراق المدارس وجمعيات اوقاف والكنائس وديارات كثيرة منتشرة في المدن العراقية ، وأهم كنائسهم في العراق ، كنيسة الكلدان في بغداد وكنيسة الكلدان في الموصل وتلكيف ودياراتهم لا زالت اكثرها عامرة .. ونشأ فيها علماء ومؤلفون في مختلف الأدوار والعصور .. وللكلدان اليوم العلماء والأدباء والأطباء والصحفيون والمحامون يتولى كثير منهم مناصب كبيرة في الجمهورية ...
حتى في زمن نظام صدام كان شعبنا الكلداني افضل حالاً من اليوم ، حيث كان هنالك مسيحي كلداني بمنصب رفيع في الدولة العراقية ، وكان هنالك التعديل والأعتراف بالقومية الكلدانية كقومية عراقية وفق المرسوم الصادر سنة 1972 والمرقم 251 الصادر عن مجلس قيدة الثورة حينما فسر القوميات الاخرى المذكورة الى جانب العرب والاكراد .
وحينما واجه البطريرك مار بولس الثاني شيخو احمد حسن البكر رئيس الجمهورية كانت كل طلباته قد لبيت بشأن عدم تدريس القران في المدارس المسيحية . اما البطريرك الكلداني روفائيل بيدوايد فكان له كلمة مسموعة في الأوساط المتنفذة بما فيها صدام حسين نفسه .
وننتقل الى عهد الديمقراطية والعدالة والمساواة بعد نيسان 2003  ..... فنحن الكلدانيون بعد ألاف السنين من العيش على تربة بلاد الرافدين وبعد ان بنينا وساهمنا ببناء الحضارات ، وبعد ان بنى اسلافنا  المهندسين الكلدان الجنائن المعلقة في ارض بابل ، وأصبحت تلك الجنائن من عجائب الدنيا السبع ، وبعد ان حدد اسلافنا الكلدان تحديد ايام السنة بدقة بالغة بحيث اذهلت فلكيي القرن العشرين ، وبعد ان بنينا المدارس والأديرة والكنائس ، وبعد ان ساهمنا بالمسيرة العلمية والطبية والأدبية والأجتماعية في كل العصور الى اليوم .
 وبعد ان طالنا الأرهاب والقتل والتهجير والأبتزاز بعد 2003، وبعد كل ذلك يقرر السادة نوري المالكي رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة ، ورئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس مجلس السياسيات الأستراتيجية الدكتور اياد العلاوي ورئيس البرلمان العراقي الأستاذ اسامة النجيفي ، وهؤلاء وكل المتنفذين من أحزاب وشخصيات يقررون ان الكلدانيين لا لزوم لهم وليس لهم مكان في العملية السياسية العراقية ، فليجدوا لهم وطناً يشركهم في العملية السياسية .
إنكم بصراحة تقولون للكلدانيين ليس لكم حقوق وليس لكم مكان إنكم طارئين وضيوف ثقلاء وعليكم مغادرة هذه الأرض ، التي لم يبقى فيها حتى اسمكم .
ببساطة وبكل صراحة ايها السادة انكم ترضخون وتنفذون ما بدأه الحاكم الأمريكي بول بريمر حينما همش تمثيل الشعب الكلداني إذ يكتب  في كتابه عام قضيته في العراق ص131 بوقاحة نادرة :
( ثم خطر ببالي ان ابلغ العديد من المرشحين بأنهم لن يكونوا في عداد المجلس . اولاً (المطران) دلّي ، زعيم طائفة المسيحيين الكلدان ، فقد كانت (الجالية) المسيحية الصغيرة في العراق مجزأة ، على غرار كافة الطوائف الدينية في البلد . كان هناك الكلدان الذين يبدو انهم يفوقون الآشوريين عدداً ، لكنهم لم يكونوا منظمين جيداً مثلهم وأقل فعالية سياسية ، وللمحافظة على اقل هيئة تمثيلية ممكنة ، كان لدينا مكان لمسيحي واحد فقط في المجلس .
 ويضيف بريمر : اخترنا ممثلاً للمسيحيين الآشوريين وتوقعنا ان يسبب ذلك استياء لدى الكلدان ، وكان ذلك صحيحاً ، إذ في تلك الليلة قلب المطران يفيض بالمحبة المسيحية فبعد التذمر من استبعاده غادر غاضباً )) . انتهى الأقتباس
فهل تكملون ما بدأه الحاكم الأمريكي ام يجب ان يكون لكم قرار عراقي مستقل ؟ إليست كل الطوائف والممل والنحل العراقية ممثلة في الحكومة العراقية ، فلماذا تهملون تمثيل الشعب الكلداني ؟ اليس بين الكلدانيين من له كفاءة وخبرة لينال منصباً في حكومتكم العتيدة ؟
 اليست كل وزارتكم نتيجة الشد والحل بينكم ولمدة تسعة اشهر ونيف حول الحصة من تلك الكعكة ؟ اليست معركتم تلك المدة من اجل تحقيق المناصب للمكون الذي ينتمي اليه ؟ المكون السني والشيعي والكردي والتركماني والآشوري والأيزيدي الذي سيمنح وزارة من حصة التحاف الكوردستاني ، فهل الكلدانيين الوحيدين الذين يستحقون هذا الأجحاف ؟
 بالله عليكم هل انتم وطنيين اكثر من الكلدانيين ؟
 إن رأينا يتلخص في ان الشعب الكلداني الذي هو بمثابة الهنود الحمر في وطنه العراقي ، قد اقصي من تشكيلة الوزارة العراقية التي كان فيها العربي والكردي والاشوري والتركماني باستثناء الكلداني ، وهذا امتداد لما بدأه الحاكم الأمريكي بول بريمر ، ويبدو ان هنالك اصابع دولية تلعب دورها في تهميش الكلدان وإلغائهم من الخارطة القومية العراقية ، وإن الأحزاب الآشورية تلعب رأس الرمح في هذا الألغاء فمبروك لهذه الأحزاب هذه المهمة غير الشريفة .
لقد ضحينا بالكثير ولا زال شعبنا يطاله القسط الأكبر من عمليات الأرهاب ، وحينما اشتركنا في علمية الأنتخابات كنا نأمل ان ينصف شعبنا الكلداني باعتباره ثالث قومية عراقية اصيلة ، ولكن بعد غياب العدالة والمساواة وفي ظل ديمقراطيتكم العرجاء ، قررنا ان نصفق لحكومة تنفذ الأجندة الخارجية بشأن شعبنا الكلداني .  
يبدو ان احلامنا تضيع في دهاليز المصالح والأتفاقات بين الأحباب لسحق كل ما اسمه كلداني ، لكن انا متعجب من موقف رئيس الجمهورية جلال الطالباني الذي ينبغي ان لا يقبل بغبن وظلم اي مكون فلماذا قبل سيادته بهذا الظلم الواقع على الكلدانيين ؟
وهذه الحالة تنطبق على السيد نوري المالكي ، وعلى الدكتور اياد علاوي ، وهو الذي نال الكثير من الأصوات من شعبنا الكلداني ، فلماذا يغدر بهذا الشعب ؟
ألا يقول ان قائمته عراقية فلماذا يغدر بهذا المكون العراقي الأصيل .
إن كان تشكيل الحكومة العراقية يحمل اخباراً سارة للمكونات من العرب والأكراد والتركمان والآثوريين فإننها ليست كذلك بالنسبة للكلدانيين العراقيين الأصلاء ، فقد خرجنا من المولد بلا حمص ، فالتشكيلة الحكومية رغم توسيعها بالمقاعد الاضافية لتشمل الجميع ، إلا انها قد خلت بشكل ظالم ومجحف من المكون الكلداني الأصيل ، وهذا يدل على عدم عدالة المتنفذين في تشكيل الحكومة وهم السادة جلال الطالباني ونوري المالكي واياد علاوي ، فهؤلاء كان عليهم ان يستفيدوا من تجربة نوري السعيد والحكم الملكي وهو الحكم الوطني العراقي بعد التخلص من الحكم العثماني ، بل حتى في العهد العثماني كان شعبنا ممثلاً بنظام الملل والذي كان بمثابة تمثيل القوميات في دولة كوسموبولتيكية مثل الدولة العثمانية .

إن عامل التهميش واللامبلاة لهذا الشعب ينم عن فكرة استخفافية بمقدرات ووجود شعب اصيل وهذا ليس من الوطنية بشئ . اين نتوجه ولمن نشكي حالنا ، هل نتوجه الى المتحدة ام لمجلس الأمن ام الى الجامعة العربية ، ونقول هنالك شعب تغمط حقوقه في وطنه ، لقد مسح اسم القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، رغماً عن انف الشعب الكلداني ومنظماته وكنيسته وأحزابه ، واليوم تراعي كل المكونات العراقية في التمثيل بالحكومة الجديدة باستثناء الكلدانيين لماذا هذا الظلم والأجحاف ايه السادة؟
 نؤكد للطالباني والمالكي وعلاوي ، إنكم ايها السادة تضيفون فصلاً سيئاً بحق شعبنا ، وتكملون ما ينجزه الأرهاب الذي يستهدف هذا الشعب ، هل يعقل ان تقفون مع الأرهاب ضد الشعب الكلداني ؟ وإلا ماذا يعني عدم مبالاتكم بحقوق هذا الشعب ؟
 قد يقول اننا مسيحيين وهنالك مسيحي واحد يمثلنا فأقول ، لماذا لا يكون لكم انتم المسلمين تمثيل بمسلم واحد لماذا الكردي لا يقبل ان يمثله العربي ، والعربي لا يقبل ان يمثله التركماني ؟ والتركماني لا يقبل بالكردي ، الستم جميعاً مسلمين ؟ لماذا نقبل بآشوري ان يمثلنا وهو يسهر لدفن قوميتنا الكلدانية في التراب ؟.
ايها السادة إن عدالتكم الناقصة وديمقراطيتكم التعبانة قد اهملت حقوق المرأة في التمثيل وحقوق الكلدانيين ( هنود حمر العراق ) ، فهل تعتقدون ان الكلدانيين قدموا الى العراق من جزر الواق واق ، او من كوكب المريخ ، فهل انتم عراقيين اكثر من الكلدانيين ؟  
أين وطينيتكم وعدالتكم ؟ اين ادعاءاتكم المتكررة  بوقوفكم الى جانب حقوق السكان الأصلاء ؟ إنها حقاً ادعاءات كاذبة لا معنى لها ؟
 تقولون : انكم تقفون مع الشعب العراقي بكل مكوناته الدينية والقومية ، اليس الكلدانيين أجدر من الجميع ؟
 لماذا هذا التحيز ولماذا هذه التفرقة العنصرية المقيتة ؟
 الم تلوموا الحكومات السابقة لأنها همشت حضوركم وتواجدكم ، الم تكونوا مظلومين ؟
 لماذا تقبلون على انفسكم ان تكونوا ظالمين ؟
 لقد قسمتم المناصب بينكم دون ان تشعوروا بان مكوناُ عراقياً اصيلاً  ينتظر حصته من وطنه ، إن العهد الملكي كان اكثر وطينة وأكثر ديمقراطية أكثر عراقية وأصالة منكم ، كم هو محزن بحقكم ان تنظروا الى المسالة من منظور القوة والأنتصار ، إن كنتم عراقيين حقاً كان عليكم ان تفكروا بان هنالك مكون عراقي اصيل سلبت حقوقه وهو يعيش بينكم . وهذا المكون هو الشعب الكلداني ( هنود حمر العراق ) .
 حبيب تومي / اوسلو في 25 / 12 / 10

226
لماذا لا يمنح منصب نائب رئيس الوزراء لعراقي من القومية الكلدانية ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الشعب الكلداني من المكونات الأصيلة  في بلاد الرافدين ، ساهم في بناء الحضارت على تربة الوطن العراقي ، ورب سائل يسأل ماذا قدم الكلدانيون لبلاد ما بين النهرين وللبشرية ؟
سأجيب السائل وبثقة عالية ان الشعب الكلداني قدم للبشرية وحدانية الله حينما هاجر ابراهيم الخليل ابو الأنبياء من بلده اور الكلدانيين ليبشر بهذه الوحدانية ، كما قدم الكلدانيون للبشرية تفوقهم في العلوم في تلك العصور المظلمة فقد قطعوا شوطاً كبيراً في علم الفلك والهندسة والجبر والطب هذا ما يؤكده العالم الأثاري ادوارد كييرا ( Edward Keera) وما اقرت به ماركريت روثن في كتابها علوم الكلدانيين الذي ترجمة الأب يوسف حبي ، والباحثة هي امينة المتاحف الفرنسية .
 كما ان الجنائن المعلقة ولغز ايصال المياه الى طبقاتها العليا ، وهي تعتبر من عجائب الدنيا السبع ، هي من تصميم المهندسين الكلدانيين ، وما اقتبسه الفلاسفة اليونان من علوم الكلدانيين التي شكلت اللبنة الأولى في النهضة الأوروبية ، والى اليوم فإن الساعات التي نحملها وهي تشير الى 12 ساعة هي مقتبسة من النظام الستيني الذي وضعه الكلدان في تقسيم الوقت الى ايام السنة 365 يوم وعدد الأشهر 12 شهر واليوم الى 24 ساعة والساعة الى 60 دقيقة والدقيقة الى60 ثانية ، وكما يورد الأستاذ يوسف حنا شبلا الذي نشر عدة بحوث وحضر عدة مؤتمرات وكان يعمل في تحرير مجلة العلم للجميع وبرنامج العلم للجميع ، الذي كان يقدم من شاشة التلفزيون . ويقول بأن الفضل يعود الى الكلدانيين في حساب طول السنة الشمسية بدقة عالية وكما يلي :
وهي تساوي بحساب الكلدانيين : 365 يوم و6 ساعات و15 دقيقة و41 ثانية اي بزيادة طفيفة نحو 4 ثواني ونيف في اليوم الواحد ، وهذه الدقة أذهلت فلكيي القرن العشرين .
أجل هذا هو الشعب الكلداني الذي انجب العلماء والفلاسفة والمهندسين والأطباء قبل عشرات القرون ، وبعد ان اشرقت شمس الديانة المسيحية في ربوع بلاد ما بين النهرين كان الكلدانيون في مقدمة من تقبل تلك المبادئ وقبلوا الدين الجديد برضى نفسي دون اي ضغوط عسكرية او سياسية ، وفي القرن الخامس تبع الكلدان المذهب النسطوري الذي يقول عنه المطران سرهد جمو :
بأن هذا المذهب انتشر بشكل رئيسي بين مسيحيي العراق وبلاد الفرس بتشجيع من الساسانيين وذلك لاعتقاد الساسانين بأن ابتعاد المسيحيين القاطنين في مملكتهم عن إخوانهم من مسيحيي الإمبراطورية الرومانية سيسهل لهم السيطرة عليهم .
 واصبح لقبهم النساطرة الكلدان لكن في القرن الخامس عشر سوف يعود الكلدانيون الى الأتحاد مع الكنيسة الكاثوليكية الجامعة ، ليتخلوا عن النسطورية ، ويعودوا الى الكثلكة مع احتفاظهم بأسم قوميتهم الكلدانيــة .
عكف الكلدانيون بعد تنصرهم على تشييد المدارس والكنائس والأديرة ، وأنتشر الدين الجديد في انحاء البلاد رغم وجود اديان وثنية سابقة كالديانتين اليهودية والزرادشتية ، إن هذه الحالة استمرت الى اواسط القرن السابع الميلادي بدخول الجيش العربي الأسلامي الذي سعى الى تعريب وأسلمة البلاد التي دخلها ومنها مصر وسورية والعراق .
 لقد استمر الكلدانيون المسيحيون في تقديم خدماتهم وعلومهم في العهد العباسي واستمروا على تقاليدهم في تناول العلم والمعرفة فكان منهم الأطباء والمترجمين والفلكيين والمعلمين .. لقد  خدموا هذه البلاد في كل العهود التالية ..  وبعد تقهقر الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى كان للشعب الكلداني وكنيسته الكلدانية الدور الكبير في إنشاء الدولة العراقية الحديثة ، وكان لموقفهم الوطني هذا التشريف الكامل من قبل الحكم الملكي حيث كان للقومية الكلدانية وللمسيحيين بشكل عام عضو واحد في مجلس الأعيان المتكون من عشرين عيناً وهم من وجهاء البلد وقادتهم ، وكان للبطريرك الكلداني مار يوسف عمانوئيل الثاني (1852 ـ 1947 ) المقعد الثابت بهذا المجلس بأمر من الملك ، واستمر هذا التقليد الى يوم سقوط الملكية في العراق ، وكان للشعب الكلداني وبقية المكونات المسيحية  في البرلمان في العهد الملكي أربعة نواب ثابتين في البرلمان العراقي ، ليصل هذا الرقم الى ثمانية اعضاء بعد هجرة اليهود من العراق في اواخر الأربعينات من القرن الماضي .
 لا بل حتى في حكم البعث رغم ان مادة في الدستور العراقي يومئذِ تقول :
 ان الشعب العراقي يتكون من قوميتين رئيسيتين العرب والأكراد ومن قوميات اخرى ( المادة 5 ب ) إلا انه  في 16 نيسان 1972 وعبر مرسوم رقم 251 الصادر من مجلس قيادة الثورة أفاد بأن المقصود من القوميات الأخرى هم الآشوريون والكلدان واللذين يسمون سريان خاصة ، والمعترف بهم في نطاق حقوقهم الثقافية ..
إن الكلدانيين على مدى عشرات القرون كانت نزعتهم الوطنية العراقية اقوى من نزعتهم القومية الكلدانية ولم يأبهوا يوماً باية هوية أخرى قدر اعتزازهم بالهوية العراقية .
لكن يبقى السؤال اين كان الكلدانيون واين اصبحوا اليوم ؟ ماذا حل بهم بعد سقوط النظام في نيسان عام 2003 م ؟
  اجل إن شعبنا الكلداني قد طاله الأرهاب والتهجير والقتل وبات مهدداً بالأنقراض والتلاشي في بلاد كان آخر من يحكمها نبوخذنصر الكلداني وإن الأمبراطورية الكلدانية شكلت اخر حكم عراقي وبسقوطها انتهى الحكم العراقي لتتوالى على حكم البلاد قوى اجنبية لقرون طويلة .
إن الجانب السلبي الآخر الذي طال هذا الشعب كان التهميش السياسي والقومي الذي طاله بعد تولي الحاكم الأمريكي بول بريمر لمقاليد الأمور في العراق ، حيث اهمل الحق التاريخي للشعب الكلداني وأبعد هذا المكون العراقي الأصيل من التمثيل في مجلس الحكم الذي انشأه وأناط مصير المسيحيين تحت مسؤولية حزب آشوري . وكانت الحجة ان هذا الحزب نشيط سياسياً .
 إن هذه الحجة يجري تداولها على نطاق الحكومة العراقية وعلى نطام قيادة اقليم كوردستان ، وفق هذه السياقات فإن الشعب الذي لا حول له ولا قوة ينبغي ان لا يكون له اية حقوق قومية او سياسية . إن هذا السلوك يتناقض مع لوائح حقوق الأنسان .
 تحضرني حالة بعض الشعوب الأفريقية ومنها حالة الشعب الناميبي في جنوب غرب افريقيا على المحيط الأطلسي ، والتي كانت ترزح تحت نفوذ جنوب افريقيا واستقلت منها عام 1990، حيث لم يكن لهذا البلد وشعبه اي نشاط او تمثيل بين الأمم ، ولكن الأمم المتحدة لم تهمل حقوق هذا الشعب  وتولت الأمم المتحدة المحافظة على حقوق هذا الشعب إن كانت سياسية او قومية او اقتصادية ، ومنها الحفاظ على مياهه الأقليمية وحافظت عليها من الأنتهاك ، الى ان اصبح لهذا الشعب حكومة ودولة تراعي شؤونه وحقوقه .
البرلمان العراقي لم يتطرق الى وجود الشعب الكلداني والى تمثيله في الحكومة الجديدة ، لأن الفائزين في الكوتا المسيحية ليس لهم علاقة بالقومية الكلدانية ، لا بل هم مناؤون  للقومية الكلدانية ولا يمثلون القومية الكلدانية حتى لو كان بينهم  كلدانيي الجنسية ، لأن هؤلاء المندوبين ببساطة يمثلون الكوتا المسيحية لا اكثر ، ولا يمثلون القومية الكلدانية بأي شكل من الأشكال بل يسعون الى مسحها من الخارطة القومية العراقية ، فكيف يمكن لهؤلاء ان يكونوا ممثلين للقومية الكلدانية ؟
 اما في اقليم كوردستان ، ففي الوقت الذي نشيد بتجربة التعايش المجتمعي في هذا الأقليم لكن نلاحظ تهميش الحقوق القومية للشعب الكلداني بدون مبرر ، وأستشفي من إجابات بعض المسؤولين بأن الكلدانيين ليس لهم حراك ونشاط سياسي ملحوظ  ولهذا فقد اهمل شأنهم ، ولنا حق ان نتساءل هنا ، هل ان الشعب لا تمنح حقوقه ما لم يتظاهر ويثور ؟
 السنا في دولة ديمقراطية ؟ اليست حقوق الجميع مصانة ومكفولة ؟
 لماذا ينبغي على الشعب ان يثور ويتظاهر لكي ينال حقوقه ؟
الشعب الكلداني في اقليم كوردستان شعب أصيل ووقف الى جانب الشعب الكوردي في مسيرة نضاله وينبغي ان يكافئ هذا الشعب بما يستحقه من مكانة شريفة في اقليم كوردستان ، ولا يجوز تهميشه في مسودة اقليم كوردستان إرضاءاً لحزب آشوري او غير آشوري ، إن الشعب الكلداني ينبغي ان ينال حقوقه كاملة في اقليم كوردستان ، ولا يليق بهذا الأقليم ان نقول ان شعبنا الكلداني قد همشت حقوقه .
 اما على نطاق الدولة العراقية الفيدرالية فأرى ان الفائزين والأستاذ نوري المالكي والدكتور اياد علاوي والرئيس جلال الطالباني لا يعيرون اية اهمية لتاريخ العراق ولمكونات الشعب العراقي الأصيلة ، وياتي في مقدمة هذا التهميش شعبنا الكلداني ، فقد اهملت حقوقه ، وفي الوقت الذي يطاله التهجير والأرهاب فإنه يهمل سياسياً وقومياً ، ولا يوجد من يمثل الشعب الكلداني في الدولة العراقية ، (فكل يحود النار لخبزته) ، ويبقى هذا الشعب المظلوم مهمشاً في وطنه بعد ان كان سيد نفسه في هذا البلد .
أقول :
 إن ارادت القيادة العراقية ان تنصف هذا الشعب عليها ان تمنح منصب نائب رئيس وزراء لمواطن عراقي كلداني ، وهذا المواطن يكون يعتز ويفتخر بقوميته الكلدانية وليس من الذين فازوا في الأنتخابات ويستهجنون القومية الكلدانية . فهؤلاء لا يمكن ان يمثلوا الكلدان في طموحاتم الوطنية والقومية .
ونتساءل ايضاً :
 لماذا لا يقوم اقليم كوردستان بإنصاف الشعب الكلداني بأبسط حقوقه وهي إدراج اسمه الكلداني في مسودة الدستور الكوردستاني ؟
ولماذا لا يتعامل مع الشعب الكلداني بشكل مباشر ومستقل بمنأى عن وصاية الأحزاب الأشورية المتنفذة ؟
وأخيراً هل يقوم المالكي بواجبه الوطني والأنساني في إنصاف القومية الكلدانية بحقوقها الكاملة في وطنها العراقي ؟
حبيب تومي اوسلو في 20 / 12 / 10
 ــــــــــــــــ
المصادر
1 ـ من بحوث المؤتمر الأدب السرياني الخامس ، مقال تحت عنوان : قراءة جديدة لأسماء رافدينية قديمة بقلم : يوسف حنا شبلا .
2 ـ دور الكلدان في تطور الحضارة الأنسانية بقلم : حبيب حنونا .
3 ـ علوم الكلدانيين لمركريت روثن ، ترجمة الدكتور يوسف حبي .
4 ـ الأديب السياسي يوسف غنيمة ، تأليف حارث يوسف غنيمة .
5 ـ ما بعد الأقليات : تاليف جوزيف ياكوب ، ترجمة حسين عمر .
6 ـ موسوعة ويكيبيديا .

227
الرئيس البارزاني واستراتيجية تقرير مصير الكورد هل هو انجاز المستحيل ؟
بقلم حبيب تومي / اوسلو  
habeebtomi@yahoo.no
عام 1834 كتب الكرواتي لجودفيت كاج : ( إن شعباً بلا قومية مثل جسد بلا عظم ) ، وقد تجلى عصر القومية بقوة بعد ان تمكنت النزعة القومية من تفتيت الأمبراطوريات وتبني على انقاضها الدول القومية الماثلة امامنا في العصر الراهن . ومع النزعة القومية بدأت يقظة الشعوب والتهبت المشاعر  فعكفت على اكتشاف ماضيها القومي وتقاليدها ودأبت على دراسة لغاتها الآيلة نحو الأندثار لتنفخ فيها روح الحياة والديمومة ، وألفت القصائد والأناشيد القومية ونبشت الآثار القديمة لاستنباط الأعلام والشعارات ، وكان دولنة القومية هو المحور الذي تستقطب حوله كل الأمنيات والشعارت التي تتسم بالنزعة القومية ، والحصيلة فإن الرقم يقترب من 200 دولة مبثوثة في القارات الخمس والتي ترفرف اعلامها اليوم على مبنى الأمم المتحدة .  
بتجربتي الشخصية لا ازعم بل أجزم  بأن للكورد نزعة قومية عفوية قلما تضاهيها مجموعة بشرية أخرى في منطقتنا ، لقد تبرعمت المشاعر القومية وقتما رفع الأكراد مطالبهم سنة 1920 الى سقف تقرير المصير ، لكن الرياح لم تجري بما تشتهي مراكبهم بسبب المصالح الدول الكبرى المنتصرة في الحرب بريطانيا وفرنسا على وجه الخصوص ، وهي التي رسمت الخارطة السياسية للمنطقة وكان تأسيس الدولة العراقية جزء من تلك الخريطة ، فالأستراتيجية التي رسمت بعد الحرب لم تنطوي على تأسيس دولة كوردية .
 هذا التعامل غير المنصف ساهم في نمو النزعة القومية ، وظل هاجس الحقوق والحكم الذاتي  وتقرير المصير للشعب الكردي يدغدغ المشاعر القومية لهذا القوم  وعلى مدى عقود طويلة كانت حبلى بثورات وانتفاضات ومعارك  ومفاوضات .. محورها يدور حول حقوق ومصير الشعب الكوردي . وبعد هذه المرحلة كانت تتواتر المطالبة بالحكم الذاتي او بتقرير المصير وتجابه بالرفض من قبل الجيران في انقرة وطهران وبغداد ، ومع سيرورة الزمن وتوالي الأحداث الدرامية على الساحة الكوردية ، تتولد لدى هذا الشعب تجربة مريرة مع الجيران وتنشأ ازمة ثقة ليس من السهولة إزالتها .
الحزب الديمقراطي الكوردستاني من الأحزاب الليبرالية الديمقراطية ، وقومي على فرض ان القومية تعتبر حاجة عملية تتأسس على النزعة التلقائية للهوية المشتركة تشد الأكراد على بعضهم تحت مظلة اللغة والثقافة والمشاعر إضافة الى المصالح الأقتصادية والسياسية ، وسوف لا تجابهنا  صعوبة في اكتشاف تلك النزعة في الشارع الكردي في مدنه وقراه . كما يعتبر الحزب التنظيم السياسي الرئيسي التاريخي الذي جسد مطامح الشعب الكوردي القومية ، وقد اسسه القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني في 16 آب 1946 وهذا التاريخ يصادف ايضاً ولادة مسعود البارزاني في جمهورية مهاباد في ايران والتي تقلد فيها القائد الكوردي الراحل مصطفى البارزاني منصب قائد القوات المساندة للجمهورية التي تأسست في مدينة مهاباد ولقبت بجمهورية كوردستان والتي سوف تزول بعد حوالي ستة اشهر من تأسيسها .
وبعد حوالي 64 سنة من تاريخ التأسيس سوف يعقد هذا الحزب مؤتمره 13 في مدينة اربيل وينتخب رئيساً له الأستاذ مسعود البارزاني ونائباً له الأستاذ نيجرفان البارزاني وهو ابن المناضل المعروف أدريس البارزاني  . وسوف يحضر  جلسة افتتاح المؤتمر  رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس الوزراء المكلف نوري المالكي، ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، وزعيم القائمة العراقية اياد علاوي، ورئيس المجلس الاسلامي العراقي عمار الحكيم اضافة الى قادة سياسيين آخرين.
وفي هذا المؤتمر سوف يطرح الأستاذ مسعود  البارزاني مشروع تقرير المصير ، وباللغة الكردية وما ترجمته :
"بالاتكال على الله سنطرح مسألة تقرير المصير للشعب الكوردي امام اعضاء المؤتمر باعتباره حقا جوهريا واستكمالا لجهود المرحلة السابقة".
وأضاف بارزاني في كلمته "ظلت المؤتمرات السابقة للحزب تؤكد ان الشعب الكوردي يملك حق تقرير المصير. اليوم يرى الحزب ان المطالبة بحق تقرير المصير والكفاح السلمي لبلوغ الهدف تنسجم مع المرحلة المقبلة".
وفي نفس المؤتمر يقول البارزاني "لنا الحق في اتخاذ قرار تحديد مصيرنا كجميع الأمم الأخرى"،
الجدير بالذكر ان مصطلح تقرير المصير هو من ابداع الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون في اعقاب الحرب الكونية الأولى ، بأن يقرر كل شعب مصيره بنفسه .
من الطبيعي ان تتفاوت الأصداء وردود الأفعال على هذا المشروع بين مؤيد ومحايد ومستنكر بدعوة أن الأعلان هو خطوة في طريق الأنفصال عن الوطن العراقي . فكانت مبادرة الأستاذ نيجرفان البارزاني وهو نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني الى القول :
ان تصريحات رئيس الاقليم مسعود بارزاني حول حق الكورد في "تقرير المصير" لا تعني الانفصال عن البلاد بل البقاء "ضمن العراق الموحد".
مضيفاً : "من حق الشعب الكوردي المطالبة بحق تقرير المصير ولكن نحن قررنا البقاء ضمن العراق الموحد" مستطرداً :
ان "مسألة حق تقرير المصير للكورد، مثل اي قومية اخرى في العالم، قد تبناها الحزب الديموقراطي الكوردستاني، وهي حق طبيعي للشعب الكوردي، ولكن قرارنا هو ان يكون لنا حق تقرير المصير وان نبقى داخل العراق على اساس النظام الفدرالي".
 وسوف نضرب صفحاً عن الإشارة الى تلك الردود لكي نبقى في المسالة الأهم ، وهي استحالة او إمكانية تطبيق مشروع تقرير المصير .
على ارض الواقع تتجلى امامنا تجربة كوردية فريدة تشكل محط اعجاب وتقدير الكثيرين ، منها المناخ التعايشي بين المكونات الكوردستانية وإنصاف الأقليات القومية والدينية
 ((( اجل ان اقليم كوردستان قد انصف كل المكونات الكوردستانية باستثناء الشعب الكلداني ، الذي لا تتعامل معه حكومة الأقليم كمكون عراقي وكوردستاني مستقل ، فالقومية الكلدانية هي ثالث قومية عراقية ويجري تهميش حقوق الشعب الكلداني في مسودة الدستور الكوردستاني ، وفي  الحياة السياسية لاقليم كوردستان تحت ضغوط الأحزاب الآشورية . وانا شخصياً استغرب هذا التهميش من قبل قيادة وحكومة وبرلمان اقليم كوردستان والحزب الديمقراطي الكوردستاني ، ونأمل ان ينصف شعبنا الكلداني في اقليم كوردستان اسوة بالمكونات الأخرى بمنأى عن اية وصاية .)))
واهم من ذلك فإن الأقليم قد حقق ارضية من الأمن والأستقرار ، ونجم عن ذلك ان يصبح الأقليم مركزاً جاذباً للاستثمارات الأجنبية ، ولفتح القنصليات الأجنبية فيفيد السيد فلاح مصطفى رئيس دائرة العلاقات الخارجية في الأقليم بأن ثمة 18 دولة لها تمثيلها الدبلوماسي في الأقليم وثمة دول اخرى تعلن عن استعدادها لفتح ممثليات لها في الأقليم ، ومن جانب آخر لا يمكن حجب العملية الديمقراطية للانتخابات والنقل السلمي للسلطات  ، وحينما يقوم الرئيس مسعود البارزاني بالزيارات الى الدول يكون استقباله  بمستوى رؤساء الجمهورية ، وثمة مظاهر وشواهد كثيرة في اقليم كوردستان تؤشر بجلاء على وجود نموذج لـ ( دولة ) تحمل الكثير من سمات الأستقلالية وتمارس صلاحيات لا تختلف كثيراً عن دولة مستقلة .
من الجانب الآخر نسمع في اقليم كوردستان باستمرار تداول مصطلح الدولة العراقية الفيدرالية ، وهذا يفسر على ارض الواقع ان اقليم كورستان جزء من العراق الأتحادي لكن باختياره طوعياً ، ويفسر الأستاذ مسعود البارزاني هذه الحالة بقوله :
  "بقاء الكرد ضمن اطار العراق مرهون بالتزام الاطراف العراقية الأخرى بالدستور العراقي، ومتى ما تم تغييره فان الكرد سيتخذون قرارهم بشأن ذلك".

ويضيف أن :  "الكرد ليسوا مستعدين للعيش تحت حكم الشوفينيين، ولكننا سنبقى في عراق فيدرالي ديمقراطي ملتزم بالدستور".
إن هذا يفسر بأن الديقراطية بمقدورها ان تضمن سلام وتعايش الجميع حينما تغدو اداة بيد دولة القانون التي تلجأ الى العقلانية في تصريف الأمور ومنطلقة للعمل بين مكونات المجتمع عبر مؤسسات عاملة بموضوعية ونزاهة ، إن الأبتعاد عن هذا الطريق يمزق الصفوف ويشرذم المكونات .
في الجوانب الأكثر حساسية بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كوردستان تبقى تلك المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها والتي يتوقع ان يحسم امرها بتفعيل المادة 140 من الدستور العراقي وإجراء الأحصاء العام ، وقانونية اتفاقات الطاقة التي ابرمتها الحكومة الكردية مع الشركات الأجنبية وغيرها من المسائل المتعلقة ، ولكن تبقى في مقدمة تلك المسائل العالقة قضية كركوك التي كانت تتوقف عند لهيبها كل الأتفاقيات بين الحكومات العراقية المتناوبة والقيادة الكردية ، فهذه المدينة التي يسكنها نسيج مجتمعي متكون من معظم الأطياف العراقية ، ليس من السهولة حلحلة مشكلتها ، وقد أشار اليها القائد الكوردي الراحل ملا مصطفى البارزاني واعتبر اي تنازل عنها بأنها خيانة ، واليوم جدد الرئيس مسعود البارزاني تمسكه وموقفه الثابت من المطالبة بالحقوق الكردية في كركوك وقال: «نريد أن نجعل من كركوك نموذجا للتعايش السلمي بين جميع المكونات .
وإذا القينا نظرة على الأهمية الأقتصادية لمدينة كركوك فإنها ستشكل الشريان المغذي للاقتصاد بالنظر الى اراضيها الزراعية الخصبة وثروتها من الغاز الطبيعي والبترول الذي يقدر مخزونة بحوالي 13 بليون برميل ، وإذا اهملنا الجوانب الأخرى للمدينة فستكون ثرواتها من الذهب الأسود هي العمود الفقري لتحقيق التقدم والتنمية بكل مفاصلها .
 في مسألة تقرير المصير ثمة من يرى ان للاكراد نصيب كامل من الثروة الأقتصادية ومن المناصب السيادية السياسية في الدولة العراقية  ولهم كامل السيادة على اقليم كوردستان ، فماذا الذي ينقصهم ليطالبوا بتقرير المصير ؟ كما يؤخذ عليهم انهم بالمقابل غير مستعدين للتنازل عن اي شئ .
يقول الكاتب سمير عطا الله في جريدة الشرق الأوسط اللندنية :


(هل الآن أفيق إلى أنه كانت هناك حلول أخرى غير الضرب والقصف ومقاتلات السوخوي، في جنوب السودان وشمال العراق؟ ألم نتأخر قليلا؟ ألم نكن نعرف أن قصف الأكراد وقصف الجنوبيين بتلك الوحشية يحولانهم من مواطنين إلى انفصاليين؟) .
اما التشابك المجتمعي فثمة ما يربو على المليون من الأكراد يعيشون في المدن العراقية ، وفي المقابل ثمة مئات الآلاف من العرب والتركمان والكلدان وبقية المسيحيين في اقليم كوردستان ، وثمة من يرى بأن هذا التداخل المجتمعي سيكون حائلاً  دون تطبيق مشروع تقرير المصير .
ومن الجوانب التي توصف بأنها من المعوقات في طريق تكوين دولة كوردية في المنطقة بحيث تفلح هذه الدولة بضم مدينة كركوك الى الدولة الجديدة ، وبالمقابل ستخسر نسبة 17%   من حصتها من الثروة النفطية العراقية .
كما ان حال تشكيل هذه الدولة ستكون محاطة بجغرافية سياسية معادية ، وستنبت دولة كوردية ضعيفة بين دول عريقة قوية ترتبط  بمصالح كبيرة مع الدول صاحبة القرار كالولايات المتحدة والدول الأوروبية ، ولا يمكن لهذه الدول ان تضحي بمصالحها من اجل دولة كردية ناشئة ، فمن يغامر بالأعتراف بهذه الدولة التي لا حول لها ولا قوة ؟
وهل ترضى تركيا وأيران قيام دولة كوردية تدغدغ مشاعر القومية للمكون الكوردي عندهم ؟ وفي النتيجة يسعى ذلك المكون ان يحذو حذو الدولة الكوردية الناشئة ؟
 وسوف نبقى دائماً في حقيقة مفادها ان المشاعر القومية والمشتركات اللغوية والتراثية والثقافية لا تعترف بالحدود الجغرافية ( المصطنعة ) ولهذا لا يمكن ان نقدر حجم تخوف الدولة التركية بشكل خاص من خروج المارد الكوردي من قمقمه .
أجل ثمة معوقات ليست بالهينة ، ولكن ماذا عن تجربة هذا الشعب ؟ ماذا عن الماضي الذي استنبت هذا الواقع ؟  
نعود الى عنوان المقال المبني على التساؤل في ان يشكل تقرير المصير إنجاز المستحيل ، لقد قرأنا في تصريح البارزاني ان الحزب يرى اليوم ان المطالبة بحق تقرير المصير والكفاح السلمي لبلوغ الهدف تنسجم مع المرحلة المقبلة".
فالكفاح السلمي نفسره بالأسلوب الديمقراطي بمنأى عن لغة البندقية التي خيمت على نوعية نضال الشعب الكردي في القرن الماضي . ولا شك ان الدبلوماسية الكردية قطعت شوطاً كبيراً ، ليس مع الدول الكبرى والبعيدة عن المنطقة فحسب ، بل مع الجيران ايضاً وبضمنهم تركيا وأيران ، وإن اقتنعت هذه الدول بعدم خطورة الجار الجديد سوف تقبل بالواقع حتى لو كان ذلك على مضض .
إن القيادة الكوردية الى اليوم قد اثبتت حنكتها ودرايتها واستطاعت اجتياز كل الحواجر والعوائق وأفلحت في ايصال اقليم كوردستان الى مرحلة مهمة من التقدم والرقي ، وافلحت في تعزيز الأستقرار والسلام في ربوع الأقليم ، كما كان لها دور كبير في إخراج العراق من عنق الزجاجة في مسألة التوصل الى انهاء الأزمة الحكومية التي طال امدها ، وكان لها دور كبير في تقديم العون والمساعدة الى المكون المسيحي الذي طاله الأرهاب في المدن العراقية ، هذا أضافة الى تحقيق نوع من العلاقات المتوازنة مع الجيران ومع الدول العربية . وبعد ذلك هل ستفلح القيادة البارزانية مع الحكومة والحزب الديمقراطي الكوردستاني في ايصال المركب الكوردي الى مرافئ هيئة الأمم ؟
 حبيب تومي / اوسلو في 16 / 12 / 10

228
كيف نفسر تحمس يونادم كنا لتنفيذ حكم الأعدام بطارق عزيز ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
بعد نيسان 2003 سطع نجم الأستاذ يونادم كنا حينما أفتى الحاكم الأمريكي بول بريمر بتهميش تمثيل الشعب الكلداني واختيار مسؤول حركة آشورية ليمثل مسيحيي العراق ، ومن جانبه الأستاذ كنا يطرح نفسه في مناسبات كثيرة كممثل لمسيحيي العراق ، وإن رضخنا للامر الواقع وقبلنا به ، فكان يجب ان يتسم رابي يونادم  بقسط من العدالة والمساواة بين ابناء شعب يفترض انه شعب واحد ، وكان ينبغي عليه ان لا يعمل على محو القومية الكلدانية العراقية وأعلاء القومية الآشورية ، وسوف التزم بعنوان المقال ولا اذهب بعيداً عن جوهر الموضوع .
 اقول :
اعترف بأن موقف طارق عزيز لم يكن مشرفاً من حقوق المسيحيين يوم كان يفترض ان له نفوذ في الدولة العراقية ، ولكن لو انطلقنا من الراهن فطارق عزيز ( 74سنة ) مسيحي كلداني مستعرب ، وكان له مسؤولية سياسية رفيعة ، وزير الخارجية ثم نائب رئيس الوزراء في الحكم السابق ، ومسؤوليته على العموم دبلوماسية ، ومع ذلك لنعترف انه كان يتحمل قسط من المسؤولية الحكم السابق وقراراته السياسية ، ومثله كثيرون كان لهم مناصب مرموقة بمستوى طارق عزيز وهم طلقاء اليوم باعتبار لم يشاركوا بشكل مباشر بارتكاب تلك المجازر الذي نفذت اثناء الحكم ، ونحن لا نريد الدفاع عن طارق عزيز الذي قدم الى محاكمات علنية وصدر بحقه حكم الأعدام . وأرجو عدم التسرع في اتهامي بأنني من انصار النظام السابق حيث ان اربعة شهداء شباب من عائلتي كانوا من ضحايا النظام إن كان نتيجة أحكامه الجائرة او بسبب حروبه .
.... لكن نتكلم عن تلهف واندفاع (ممثل الكوتا المسيحية ) السيد يونادم كنا في ضرورة تنفيذ حكم الأعدام بطارق عزيز . وسأتناول الموضوع في نقاط :
اولاً :
بابا الفاتيكان يستجيب لنداء المحامي بديع عارف في ايقاف تنفيذ حكم الأعدام بحق طارق عزيز بدعوى كبر سنه ومرضه . في نفس السياق يقول هوشيار زيباري وزير الخارجية ان العراق تلقى طلبات من دول جنبية وعربية ومنظمات دولية من اجل إصدار عفو او تخفيف حكم الأعدام بحق طارق عزيز .
ثانياً :
 كان على رابي يونادم ان يتعامل مع مسألة طارق عزيز من هذا المنطلق ، لقد صرح يونادم كنا تصريحات في عدة مناسبات حول طارق عزيز وهو مهتم جداً بتطبيق القانون على طارق عزيز وهو يصرح لموقع فيحاء الألكتورني :
(ان المتهم لا علاقه له بالطائفة المسيحية بل هو عراقي وعلى اساس ذلك يجب ان يحاكم ... ) .
ثالثاً :
يونادم كنا لا يكتفي برفض كل الدعوات الأوروبية بالعفو عن طارق عزيز او على الأقل تخفيف حكم الأعدام ، بل ويوجه ( يونادم كنا ) مشورته ونصائحه للدول الأوروبية بالكف عن مطالبتهم وعن تدخلهم بالشأن العراقي ، بل يعدها تلك المطالبات خروجاً عن القيم الأوروبية .
رابعاً :
في نفس السياق نقرأ على موقع براثا :
( يونادم كنا يرفض دعوات دول غربية لإلغاء حكم إعدام طارق عزيز ويؤكد انه مجرم
اكد النائب سكرتير عام الحركة الديمقراطية الآشورية (الرافدين) يونادم كنا عن المكون المسيحي اننا نرفض الدعوات التي تطلقها دول غربية لإلغاء حكم إعدام طارق عزيز معتبرا إياها تدخلا بالشؤون الداخلية للعراق .
واوضح كنا في تصريح صحفي اننا لاعلاقة لنا بطارق عزيز وهو مواطن عراقي حكم عليه مثل باقي اعوان النظام المقبور ..) .
إلا يعني هذا التصريح بأن رابي كنا ملكي اكثر من الملك نفسه .
خامساً :
هذا الحماس المنقع النظير الذي ابداه رابي كنا لتنفيذ حكم الأعدام بـ (مسيحي كلداني) ونؤكد دائماً ان (الأستاذ كنا استلم مسؤوليته في البرلمان عن طريق الكوتا المسيحية وليس الإسلامية او الإيزيدية ) هذا الموقف يذكرني بموقف امير الأيزيدية تحسين بك في اوائل الستينات حيث كان شاب أيزيدي موقوف في احد مراكز الشرطة في الموصل ، ومن اجل ذلك توجه الأمير الى مبنى المحافظة للتوسط لاطلاق سراحه ، وفي حضور الأمير مع المحافظ جلبت اضبارته التي تبين للمحافظ انه شيوعي ، لكن الأمير كان صريحاً بقوله للمحافظ : استاذ هذا الشاب هو ايزيدي قبل ان يكون شيوعي او بعثي او بارتي ، إنه ايزيدي قبل كل شئ وأنا معني بالدفاع عنه وأطلاق سراحه ، كما ان هذا الشخص صاحب عائلة مسؤول عن إعالتها ، وفعلاً استجاب المحافظ لطلب الأمير.
هل ثمة مجال للمقاربة بين هذا الموقف ، وموقف يونادم كنا الذي يطرح نفسه في مناسبات عديدة بأنه يمثل المسيحيين في البرلمان ؟
سادساً :
 لطارق عزيز منصب سياسي مرموق في زمن البعث ، وهو لم يكن عنصر امن او مخابرات او عسكر ، وهنالك الألاف  من الذين تعاملوا مع النظام السابق . فاقول ان الآلاف المؤلفة قد جرى احتوائهم ومنهم من عاد الى الجيش او الى الأجهزة الحكومية ، ومنهم من يتعامل معهم اليوم رابي كنا وهم يتمتعون بأعلى المناصب ، فلماذا يتغاضى كنا عن هؤلاء جميعاً ويتلهف لتنفيذ حكم الأعدام بطارق عزيز ؟
سابعاً :
 ألا يعلم رابي كنا جيداً بأسماء كانوا على لائحة الأجتثاث وجرى غض النظر عنهم وهم اليوم يمارسون حياتهم ويحتلون مختلف المناصب ؟
ثامناً :
هل الدول الأوروبية بحاجة الى نصيحة رابي كنا حينما يحثهم على العدول عن مطلبهم ؟
تاسعاً : هذا الحماس يوحي الى الأعتقاء وبعض الظنون ، وكأن في جعبة طارق عزيز من الأسرار ما يفضح ماضي البعض ، كمن يلجأ لحرق مؤسسات بغية حرق مستندات ووثائق لتغطية اسرار ، لا يراد لها ان ترى النور .
 تاسعاً :
 ألا يحس رابي كنا بنوع من الأحراج حينما يصرح الرئيس طالباني بأنه سوف لا يوقع على امر تنفيذ حكم الأعدام بطارق عزيز ؟ ومن المؤكد انه انطلق من دوافع انسانية ودينية ، ورأى فيها مناسبة في التضامن مع هذا الشعب المظلوم . فنقرأ :
( ذكر ان رئيس الجمهورية جلال طالباني ذكر في وقت سابق في أجرتها معه قناة (فرانس 24)، انه “لن يوقع على أمر إعدام نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي في النظام السابق طارق عزيز الذي حكم عليه بالإعدام الشهر الماضي بعد ادانته في قضية تصفية الاحزاب الدينية”.) .

ألا يرى السيد كنا انه لو دافع ، او على الأقل لو اتخذ موقف معتدل ومحايد كانت تسجل له نقطة ايجابية فهو مسيحي والمجتمع سيكون معه حينما يدافع عن بني قومه فلم يكن ذلك محرجاً او معيباً بل كان يعزز مكانته باعتباره يدافع عن بني قومه .
عاشراً :
ماذا كان موقف رابي يونادم لو ان طارق عزيز آشورياً وكان عضواً في حزبه ، هل كان يستعجل في تنفيذ حكم الأعدام بحقه كما يطالب اليوم بتنفيذ حكم القانون ؟
 بالأمس اتهم احد اعضاء حزبه ( الحركة الديمقراطية الآشورية ) بالأختلاس ، والذي كان يشغل عضوية مجلس محافظة ، ووصف يوم خروجه من السجن بأنه انتصار باهر لشعبنا . فلماذا الكيل بمكيالين ؟  
حادي عشر :
يؤكد رابي يونادم كنا على الأوروبيين بضرورة احترام القضاء العراقي والكف عن تدخلهم في العراق ، ألا يرى كنا تناقضاً في دعوته حينما يناشد الرأي العام الأوروبي والعالمي  بمساندة مسيحيي العراق ؟ كيف يطالبهم من هنا ومن الجانب الآخر ينصحهم بعدم التدخل في شؤون العراق .
 وماذا يقول رابي يونادم حينما تجري صفقات بين الأحزاب الحاكمة ( شيلني وأشيلك ) فيطلق سراح مسجونين بموجب تلك الصفقات فأين اصبح حكم القضاء رابي يونادم ؟
ثاني عشر : لماذا لم يكن حماسك بنفس المستوى حينما قتل الأرهابي ذلك الطفل وهو يبكي في حضن والده في كنيسة سيدة النجاة ؟ اين القضاء العراقي وأين حكم القانون وأين حماسك ؟
 رابي يونادم لا تنسى انك ممثل الكوتا المسيحية وليس الكوتا الآشورية او الزوعاوية .
حبيب تومي / اوسلو في 12 / 12 / 10

229
صبنا الكلدانية في القلب وتحية للحزب الديمقراطي الكلداني المناضل
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
صبنا تزهو بطبيعتها الخلابة، وتباشير صباحاتها الجميلة ، وبناسها الطيبين ، وكم كان يسعدني ان ازور صبنا وكل قرانا الجميلة ، لكن زخم الحياة قد حال دون ذلك ، وأملي في السفرة القادمة للوطن الحبيب من تحقيق تلك الأمنية في زيارة صبنا الحبيبة التي انتظر لقاؤها بشوق .
وقبل ان انتقل الى جواب الرسالة التي سطرها الأخ ماجد يوسف ، احب ان احيي الحزب الديمقراطي الكلداني المناضل الذي بقي على عهده في الوفاء للقومية الكلدانية العراقية الأصيلة لا تهزه الرياح العاصفة ، ولم يتمايل معها رغم صعوبه ظروفه في فترات كثيرة ، فتحية من القلب للحزب الديمقراطي الكلداني المناضل ولكل اعضائه ومؤازيه وأصدقائه .
الأخ ماجد يوسف المحترم
قرأت مقالك الموسوم : المحترم حبيب تومي كفاك صراحة .
اقول :
أنا اعشق الحياة وأحبها ، ويداهمني حب الوطن وأتمنى لو اغرق في مرافئه ، وتسحرني كلمات الشاعر التركي ناظم حكمت حينما يسكب كلماته مثل قطرات الندى فيقول :
لا تجيء على الأرض
كمستأجر بيت
أو زائر ريف وسط الخضرة
ولتحي على الأرض
كما لو كان العالم ملك أبيك
أنا اؤمن ان ينابيع الوطن لم تنضب ، وإن سيرورة عجلته سوف لا تتوقف في صحراء الأرهاب والقتل والأبتزار والتهجير ، بل سيظل في في حركته وديمومته سائراً رافعاً سارية المحبة والتعايش . .
احاول ان اتمرد على احزان الدنيا وهي تدور مع دوران الأرض ومع دوران الزمان ، ولا اريد ان يدخل طائر الحزن الى دواخل كياني ، ولكن الى متى سأبقى هكذا ؟
لا ادري ، لكن الذي انا متـاكد منه ان ذلك يبقى حياً في كياني طالما افكر بعقلي وليس في قلبي .
اخي ماجد يوسف : انا انتمي الى القبيلة البشرية ، وهذا لا يعكر نقاء وصفاء انتمائي الوطني العراقي والى مدينتي الحبيبة القوش والى قوميتي الكلدانيـــــــــــــــة . إنها مشاعر انسانية وضرورة حياتية ان يكون للأنسان الأنتماء والهوية والأسم ، وفي المعتقدات القديمة في بلاد ما بين النهرين كان ثمة قاعدة تقول : لا يمكن ان يوجد شئ دون ان يكون له اسم ففي ملحمة الخلق البابلية ورد :
عندما كانت السماوات من فوقنا بلا اسماء
لم يكن من تحتها من مسكن يدعى بالأسم
ولم يكن لأي شئ اسم ما
وما دام لم يكن ثمة شئ له اسم فإنه لم يكن موجوداً ، وهنالك عبارة أكدية تقول : ( كل شئ يحمل اسماً ) ، فكل شئ هويته اسمه ، والأنسان بلا اسم يبقى بلا هويه تحدد موقعه في المجتمع ويغدو نكرة .. ونحن حينما اخذنا اسم قوميتنا الكلدانيــــــــــة بمعنى كان لها وجود ، ولو لم تكن موجودة فلم يكن لها اسم .
أخي ماجد يوسف :
المشكلة او الأشكالية تبدأ من نقطة حينما تنبري احزاب او اشخاص متأثرين بالفكر الشمولي ، وهذا الفكر قد ساد العراق لعقود خلت ، وبقي عالقاً في ذهنيات أشخاص وأحزاب لها مصالحها في تلك الأفكار رغم تعارضها مع حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، وما يعرف عن العقل الشمولي انه يحاول ممارسة الوصاية على الناس ، معتقداً ان الناس غير قادرين على التفكير والتمييز وإن طروحاته تحمل اليقينيات ولا حقائق غيرها .
انا شخصياً اؤمن بأن من حق الشعب الكلداني ومثقفيه ان يفكروا كما يشاؤون دون وصاية من اي حزب آشوري او غيره . ايماني راسخ بأحقية الكلدان في الوطن العراقي ان يمارسوا حياتهم السياسية والقومية والمجتمعية كما يشاؤون دون وصاية الأحزاب الآشورية ، وإن ما تقوم به تلك الأحزاب بحق الكلدانيين من تهجين وترويض وقبول خطاب تلك الأحزاب يعد منافياً لحقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، ولهذا انا بقيت على هذا المبدأ لا احيد عنه مهما تصاعدت وتائر الترغيب او الترهيب ، فأنا قد رسمت خارطة الطريق لحياتي وإن ضميري مرتاح على هذا النهج الأنساني في مناصرة شعبي الكلداني المظلوم في العراق بسبب العمليات الأرهابية التي تستهدف وجوده في وطنه ، ومسلوب الحقوق القومية في اقليم كوردستان ، هذا هو معدني ولا يمكن ان أغير جلدي كل يوم ، ومن الأدب الأرمني ثمة عبارة تقول :
( الذي يغير جلده سوف تصيبه اطلاقتين ناريتين في القلب ) .
 والعبارة وردت في مقال قرأته في إحدى المجلات من ترجمة جندي عثمان اوسو من كتاب الممرات المنحدرة لفاختانك اتانيان : وموجز الأسطورة ان صياداً ماهراً في جبال اسلي مدفون تحت صخرة نحت عليها ذلك القول ، وكان يصطاد الحيوانات من الطيور والوحوش بسهولة ويسر ، اراد في هذه المرة ان يصطاد الماعز الوحشي ولكن ان يمسكه حياً ، ومن اجل ذلك ارتدى جلد تيس كبير وتنكر به ، واقترب من القطيع ليمسك بواحدة ، وفي تلك الأثناء اقترب من قطيع الماعز الوحشي صياد آخر ، ولفت انتباهه وجود تيس وحشي كبير مع القطيع ، وقرر مع نفسه وحسب خبرته ان هذا التيس الكبير لا تقتله طلقة واحدة بل طلقتان ، فحشى بندقيته بطلقتين مصوباً اياهاً صوب التيس الكبير وهو الصياد ( الذي غير جلده ) ، وبعد إطلاق النار ركض الصياد لفريسته وإذا به الصياد الماهر المعروف والذي مات بعد قليل ، دفنه الصياد بجانب النهر تحت صخرة كبيرة ونحت في الصخرة عبارة :
( الذي يغير جلده سوف يستلم اطلاقتين ناريتين في القلب ) ، ولهذا ابقى ثابتاً على مبادئي اخي ماجد يوسف ، وسوف لا اغير جلدي لكي لا تأتيني اطلاقتين في القلب .
انا مؤمن ان الشعب الكلداني سيتبوأ مكانته الطبيعية اللائقة بوطنه العراقي دون وصاية فنحن في زمن لم يعد فيه مفاهيم الانتداب او الوصاية ، ولكن نيل حقوقه ينبغي ان تكون بتحرك منه فحقوق الشعوب تؤخذ ولا تعطي وسوف ابقى على هذا النهج ما دمت استطيع ان اسطر كلمة .
إن النخبة المثقفة من شعبنا الكلداني والمخلصين الواعين يقع على عاتقهم مهمة إنارة الطريق امام هذا الشعب ، لكي ينهض ويحرز مكانته اللائقة في الوطن العراقي فالشعب الكلداني من الشعوب الأصيلة في هذا الوطن ولا يحق لأية طرف او جهة سلب هذا الحق وفرض وصايته عليه .
تقبل خالص شكري وتقديري اخي ماجد يوسف
حبيب تومي / اوسلو في 07 / 12 / 10

230
  محافظة مسيحية ام حكم ذاتي ؟ وتداعياتها على الجيران من عرب وكورد و ..
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com
 
يعد من الأطناب ومن نافلة القول ان نتحدث عما تعرض له الشعب الكلداني وبقية المسيحيين وكل الأقليات الدينية  في العراق من قتل وتهجير وخطف وظلم اجتماعي وتهميش قومي وسياسي ، ان الأوضاع التي سادت بعد سقوط النظام في نيسان 2003 كان كارثة انسانية بحق هذا الشعب الأصيل ، ونجم عن تلك الأوضاع هجرة جماعية ، ونصفها بالهجرة الجماعية لأنها امتصت نصف هذا الشعب وارغمته الى الهجرة وترك الوطن الأم ، وهكذا لم يبق من شعبنا الكلداني وبقية المكون المسيحي في مدن بغداد والبصرة والموصل سوى نصف الأعداد التي كانت قبل نيسان 2003 ، وأفضل التقديرات تشير الى هجرة نسبة اكثر من 50% ، اليست هذه الهجرة شبيهة بالهجرة المليونية التي حدثت في كوردستان عام 1991 بعد القضاء على انتفاضة الشعب الكوردي في تلك السنة ؟
إن ما يتعرض له شعبنا الكلداني والمسيحيون بشكل عام قد استقطب تعاطفاً محلياً ودولياً ، وثمة احزاب ومنظمات وشخصيات ثقافية وسياسية ، قد تدخلت ورفعت اصواتها ضد الظلم والعنف الدموي الذي طال هذا الشعب الأصيل ، وفي ذروة تلك الأحداث الدامية التي وصلت الى حد الهجوم على المصلين في داخل هيكل كنيسة سيدة النجاة في بغداد ، ومن ثم تهديد وقتل المسيحيين على الهوية وتفجير كناسهم وبيوتهم ، وكانت آخر ضحايا الأرهاب الشهيد الشاب فادي وليد جبرائيل جدو ، وكأننا نعيش في ظروف حرب عالمية .
 في غمرة تلك الأحداث وزخمها والضجة الأعلامية العالمية ، صرح الرئيس مام جلال انه ليس ضد تشكيل محافظة مسيحية ، وكان قبله الأستاذ مسعود البارزاني قد ابقى ابواب اقليم كوردستان مشرعة امام المكون المسيحي ليجدوا الملاذ الآمن مع العمل على ايجاد وظائف وأعمال للنازحين من المدن العراقية والتي تحولت الى خنادق قتال امام المكون المسيحي المسالم .
بعد تلك التطمينات ارتفعت اصوات عراقية شريفة من الأدباء والكتاب والساسة وبعض رجال الدين من السنة والشيعة ، وهؤلاء جميعاً استنكروا الأعتداءات وأيدوا بشكل وآخر نيل المسيحيون لحقوقهم في وطنهم العراقي ، ولكن السؤال هو :
هل يمكن ان نعول على تلك التصريحات الداعمة المؤيدة والبناء عليها لتشكل أساساً لبناء محافظة مسيحية او منطقة تتمتع بدرجة من الحكم الذاتي ؟
 من هنا نتطرق على بعض وجهات النظر فالحركة الديمقراطية الآشورية تتسم رؤيتها بمسايرة الفكر القومي العربي الذي لا ينظر الى فكرة إقامة منطقة حكم ذاتي للكلدانيين وبقية المسيحيين في المنطقة بعين القبول والأرتياح ، وتطرح الحركة البديل عن ذلك مشروع الحكم المحلي الذي تؤيده مواد الدستور العراقي الأتحادي ، ومن وجهة نظري الشخصية فإن الحكم المحلي لم يحقق اية مكاسب لشعبنا إذا ما تتبعنا وضع مدننا وقرانا التي تمارس فعلياً حكماً إدارياً محدود .
وفي مسألة الحكم الذاتي فإنه طرح اكثر شمولية وتطوراً ، ويطرح هذا الشعار المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، لكن المجلس يبقى طرحه ضبابياً في هذا الشأن في مسألة تحديد المنطقة الجغرافية للحكم الذاتي الذي يطالب به .
وفي الطرح المثير للرئيس جلال الطالباني بتأييده ودعمه لأقامة محافظة مسيحية نكون قد وضعنا رجلنا على عتبة البداية لهذا المشروع مهما تغيرت تسميته فإطار الفكرة هو تفشي الظلم والأرهاب والقتل والتهديد ، بتزايد وتيرة استهداف منظم لمكون عراقي أصيل في مدن بغداد والموصل وكركوك ، وكل العراقيين الشرفاء يحرصون على بقاء هذا المكون في وطنه العراقي ، فكان احد الحلول هو ايجاد ملاذ آمن لهم وعلى اثرها تبلورت فكرة المحافظة المسيحية وبدأت تتبرعم من رحم الأحداث الدامية لتشكل ضرورة مرحلية ومستقبلية لضمان بقاء هذا المكون الأصيل في وطنه .
لا شك ان مثل هذا المشروع يتسم بتباين الآراء وردود الفعل ونقرأ على موقع عنكاوا من مندوبه في البرلمان العراقي بأن أراء اعضاء البرلمان كانت متباينة
( فقد عبر عدد من البرلمانيين عن ان تنفيذ المقترح فيه تقسيم للعراق على اساس عرقي، ووجد اخرون ان ذلك امر دستوري ومن حق المسيحيين ان يكون لهم حكمهم الذاتي.
وقال عضو التحالف الوطني احمد الجلبي لموقع "عنكاوا كوم" ان مقترح تشكيل محافظة مسيحية "امر مرفوض. ولا يجوز تقسيم العراق على اساس عرقي وطائفي"، مشيرا الى ان تشكيل محافظات عراقية على اسس طائفية او دينية "امر لا ينسجم مع الواقع العراقي ومرفوض من قبلنا".
واضاف " نريد ان يكون العراق دولة واحدة لكل العراقيين وان يتمتع كل عراقي بحقوقه في جميع محافظات العراق ولكل الطوائف لكل الاديان".
وكانت قيادات الاحزاب المسيحية قد شددت على تشكيل محافظة خاصة بالمسيحيين شريطة ان لا تكون مبنية على اساس عرقي او ديني ) .
وتعليقي على ذلك حينما نقول محافظة مسيحية ماذا يعني ذلك ؟ اليس في هذا الأسم إطار ديني بحت ؟
بعد ذلك ماذا عن الجيران في المنطقة من عرب وأكراد وتركمان وأيزيدية وشبك ؟ إلا ينبغي التفاهم مع هذه المكونات المتاخمين للمحافظة المسيحية المفروضة والتي لا زالت على الورق فحسب ؟
نقرأ على موقع صوت كوردستان ،خبراً يقول :



(( وصلت صوت كوردستان معلومات سرية حول خطه محكمة لانشاء أقليم خاص مستقل للمسيحيين في منطقة الموصل المتنازعة عليها بين اقليم كوردستان و الحكومة العراقية، تلك المناطق التي يتركز فيها المسيحيون. هذة الخطة معدة من قبل دول و منظمات استخباراتية عالمية و تشارك في تنفيذها قوى متعددة في العراق و عبر تركيا. حسب هذة المعلومات فأن عمليات القتل و تهجير المسيحيين الى أقليم كوردستان هي نتيجة و جزء من هذه الخطة التي لربما ستغير خارطة المنطقة. .. كما نود أن نوضح لكتاب صوت كوردستان و قرائها الاعزاء بأن التطرق الى هذا الخبر يأتي من باب أيصال المعلومات الى القراء و أن صوت كوردستان مع ضمان حقوق الشعب المسيحي بجميع فئاته سواء على ارض كوردستان أو في العراق أو على اراضيه و من ضمنها حق تقرير المصير في أستفتاء حر بهم وبجميع شعوب العراق.. )) .
إن موقف القيادة الكردية الداعمة لحقوق المسيحيين يبدو جلياً لا يساوره غموض  ، وفي نفس السياق الأيجابي نقرأ عن الأستاذ اسامة النجيفي وهو رئيس البرلمان العراقي قوله :
ان بلاده تعمل على تشريع قانون لحماية المسيحيين ومنع تغيير التركيبة السكانية للعراق الذي قال انه بحاجة الى خلق مؤسسات ديمقراطية تعنى بحقوق الانسان ومحاربة الفساد من خلال تشكيل مفوضية مستقلة لحقوق الانسان قريبا لارتباط هذا الموضوع باستقرار الوضع السياسي في البلاد .
اقول :
انها فرصة تاريخية سوف لا تتكرر وجديرة بالأهتمام والأستثمار ، فالفرص التاريخية تعتبر لحظات من الزمن قلما تتكرر ، وعلى شعبنا الكلداني وبقية المكونات المسيحية ان تنتهز هذه الفرصة لوضع لبنة مباركة في بناء رمز مسيحي في المنطقة ، انها البداية إن كانت محافظة مسيحية او منطقة ملاذ آمن او منطقة لحكم ذاتي ، وإن هذه المنطقة سوف تكون آصرة تفاهم وتبادل المنافع لكل المكونات في المنطقة ، وليس لفكرة جمع المسيحيين في منطقة محدودة بقصد سهولة القضاء عليهم إلا خرافة بدون ان يكون لها اي أساس من الصحة .
 اما ان تكون هذه المنطقة برعاية دولية فسوف لا يكون في الأمر غرابة بعد ان علمنا ان مصير العراق برمته قد كتب من خارج حدوده فأين الغرابة في ان تكون هذه المنطقة بوصاية او رعاية او حماية دولية ؟
إن كانت احزابنا وفية لشعبها فعليها ان تتابع امر تشكيل مثل تلك المنطقة اليوم قبل الغد ، وإلا فإنها تتاجر بقضية هذا الشعب لا اكثر . وعلى هذه الأحزاب ان تنأى بنفسها من الهاجس الذي يؤرقها وهو هاجس القضاء على القومية الكلدانية في بلاد الرافدين ، عليها ان تأخذ إجازة في هذه الظروف الصعبة وان تلتفت بعين المسؤولية الى هذا الأمر الخطير ، ( والمقال القادم سوف يكون عن مبادرتي المجلس الشعبي والزوعا الأخيرتين) .
 إن المنطقة التي سيتمتع بها شعبنا الكلداني وبقية المكونات المسيحية بشئ من الأدارة الذاتية او الأستقلال الذاتي ويتوفر فيها الأمان والأستقرار ستكون منطقة جاذبة لرؤوس الأموال والأستثمار في شتى المشاريع ، وستكون نقطة التقاء المصالح ولهذا يمكن التكهن بأن تكون تلك المنطقة منطقة سلام وتعايش ووئام بين المكونات الدينية والقومية المكونة لفسيفساء النسيج المجتمعي العراقي الجميل .
حبيب تومي / اوسلو في 03 / 12 / 10

231
الأخوة الأفاضل في إدارة موقع عنكاوا المحترمون
تحية وتقدير
 الكاتب سليمان يوسف كتب على موقع عنكاوا في المنبر الحر المقال المعنون ( ( ثمة فرصة تاريخية لقيام "دولة آشورية مسيحية" في العراق ) ، وورد في متن المقال العبارات الآتية :
( ((( ـ أيقظت أحداث العنف ضد الآشوريين (سريان/كلدان) والمسيحيين العراقيين عموماً المشاعر القومية والدينية لدى مختلف شرائح وطبقات المجتمع الآشوري والمسيحي داخل وخارج العراق.
ثم يمضي الى القول :
 ...  ساهمت فيه بشكل أساسي الجاليات الآشورية(سريانية/كلدانية) في دول الاغتراب، كذلك نخب مسيحية مشرقية،مثل المثقفين والناشطين الأقباط المصريين.
 ويستطرد :
... ، قربت كثيراً بين مختلف الأحزاب والتنظيمات والمؤسسات القومية والكنسية للشعب الآشوري بطوائفه المختلفة (الكاثوليكية والأرثوذكسية) وأجبرتها على تجاوز وتناسي الكثير من خلافاتها ودفعتها الى التحاور والتشاور والتنسيق فيما بينها لمواجهة التحديات والمخاطر الجسيمة التي يواجهها آشوريو ومسيحيو العراق في هذه المرحلة العصيبة.
ويمضي الى القول :
...اشتداد المحنة تبلور موقفاً آشوريا مسيحياً موحداً ايجابياً من مسألة المطالبة بـ "منطقة آمنة" في سهل نينوى بحماية دولية،يتمتع فيها الآشوريون والمسيحيون بحكم ذاتي.
شهدت مختلف العواصم والمدن الأوربية والأمريكية مسيرات غاضبة ومظاهرات احتجاجية نظمتها الجاليات الآشورية(السريانية الكلدانية) العراقية  ... الخ )))
وهو في هذا المقال يتهجم وينتقص من الشعب الكلداني ويجعله ذيل تابع للقومية الآشورية ، وقد نشر على الصفحة الرئيسية لموقع عنكاوا ، وقد كتبت رداً هادئاً على هذه المزاعم ، لكن ردي لم ينشر ، فأرجو من ادارة موقع عنكاوا ، وكما تعودنا ان تقف على مسافة واحدة من الجميع ، وإن اتاحت الفرصة للكاتب سليمان يوسف ان يعبر عن رأيه فينبغي على الموقع ان يسمح لحبيب تومي ان يعبر عن رأيه  حول نفس الموضوع ، فلا يجوز ان نسمح للجلاد ان يبرر فعلته ، لكن الضحية لا نسمح له حتى بالدفاع عن نفسه ، وآمل ان ينشر مقالي بالصفحة الرئيسية لموقع عنكاوا ، لأننا نعتبر موقع عنكاوا هو ملك الجميع دون تفرقة .
 تقبلوا تحياتي
 حبيب تومي

232
الى الكاتب الآشوري سليمان يوسف .. على من تقرأ مزاميرك يا أخي ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com
  
لقد قطعنا شوطاً كبيراً نحن الكتاب من الكلدان والسريان والآشوريين في فتح صفحة جديدة ، وذلك حينما تحفظنا ، الى حد ما ، بعدم إثارة المواضيع المتعلقة بتسميات شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ، وكان السبب الرئيسي بذلك هو ما يتعرض له هذا الشعب من قهر وإرهاب وتهجير وعنف اجتماعي وهو في وطنه العراقي ، وفي امتناعنا عن الكتابة بتلك المواضيع تأملنا ان نسكب جرعات الأمل والتفاؤل لبلوغ مرافئ الأمان والأستقرار لشعبنا الكلداني ولبقية مكونات مسيحيي العراق .
ولا اخف استغرابي حينما قرأت المقال المنشور على موقع عنكاوا وعلى الصفحة الرئيسية للكاتب المتزمت الآشوري السوري سليمان يوسف الذي يذيل مقالاته كباحث مهتم بشأن الأقليات ، ولا استوعب شيئاً من هذا الأدعاء من إنسان يهمش ويلغي قومية عراقية وهي القومية الكلدانية من الوجود ويضع نفسه وصياً وممثلاً لشعبنا الكلداني وليمنحنا من بركاته ومكارمه بما يقرر لنا من التسميات ويدعي انه باحث بشؤون الأقليات .
كما هو معلوم فإن الكاتب الآشوري سليان يوسف  يكتب على موقع عنكاوا بشكل مستمروتنشر مقالاته على الصفحة الرئيسية ، وآخر مقال له تحت عنوان ( ثمة فرصة تاريخية لقيام "دولة آشورية مسيحية" في العراق) ويبدو ان الكاتب سليمان يوسف هو واحداً من فريق الكتاب المتزمتين الذين حجب التعصب عن اعينهم رؤية الآخر ، فهو موغل في دفاعه عن حقوق الآشوريين ، وله الحق بذلك ، لكنه يبدو ناسياً او متناسياً او جاهلاً  او متجاهلاً المعلومات والبديهيات في ابسط صورها وهي حقوق الأنسان الذي ينبغي عليه ان يحترمها ، ومن السياق العام لكتاباته يبدو انه يركب موجة التعصب الى درجة تنسيه قراءة التاريخ ومعرفة الحقائق التاريخية بحيث لا يعلم بوجود قومية كلدانية عراقية ، وإن الكلدان ليسوا طائفه تابعة للامبراطورية الآشورية التي طواها التاريخ منذ زمن بعيد .
كما ان الكاتب سليمان يوسف في غمره تعصبه ينسى انه سوري الجنسية لا يحق له ان يكون وصياً على الشعب الكلداني في العراق ، وكان على السيد سليمان يوسف ان يقرأ التاريخ ويقرأ تركيبة المجتمع العرقي اولاً ، ويقرأ شكل المكون المسيحي في العراق قبل ان ينادي بدولة آشورية مسيحية في العراق ، كما ينبغي عليه ان ينظر الى التركيبة السكانية من الأطياف الدينية والقومية في المنطقة قبل إلقاء قنبلته ذات الأهداف المزدوجة .  
من المفارقات في هذا السياق ايضاً انه قدم  الينا احد الآشوريين  من ايران قبل اسابيع ، وقابل الدكتور برهم صالح وجعل من نفسه ايضاً وصياً على الكلدان والسريان في العراق ، ليطلب من الدكتور إلغاء اسم القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، وليطلب من الحكومة العراقية إلغاء القومية الكلدانية من الدستور العراقي ايضاً  ، واليوم يأتينا وصياً آخراً لكن هذه المرة من  سورية ليطلب تشكيل دولة آشورية في العراق . وفي نفس الوقت يمرر مغالطات قومية عنصرية ليجعل من نفسه مدافعاً عن شعبنا الكلداني حسب طريقته وبدعوته المستهجنة المغلفة بإمرار اجندة قومية إقصائية على شعبنا الكلداني .
في موجة الدفاع عن المسيحيين العراقيين من كلدان وسريان وآثوريين ثمة كتابات رائعة من كتاب عراقيين وعرب وأكراد ومن مختلف الأديان والكثير منهم من المسلمين من السنة والشيعة على حد سواء ، لكن كتابات  الأخ سليمان يوسف تنم عن اهداف متعصبة وهو يهدف الى اصابة هدفين بحجر واحد ، فهو يتباكى على مصير المسيحيين العراقيين لكنه يستثمر تلك المأساة لأمرار اجندته القومية المتعصبة فيمضي في مغالاته المقرفة التي تبعث على التقيؤ في مسألة التعصب القومي ، فهو بحجة الدفاع عن المسيحيين يمرر اجندته بإلغاء القومية الكلدانية وهي القومية العراقية الأصيلة .
في معرض تجواله يقودنا الكاتب الى احداث كوسوفو والبوسنة والهرسك والصرب .. الخ ولكنه فجأة يتحفنا  بمزاميره التي اكل عليها الدهر وشرب ، ويفجر قنبلته الموقوته بوجهنا وليقول في مقالته اللابريئة هذه المقاطع :
((( ـ أيقظت أحداث العنف ضد الآشوريين (سريان/كلدان) والمسيحيين العراقيين عموماً المشاعر القومية والدينية لدى مختلف شرائح وطبقات المجتمع الآشوري والمسيحي داخل وخارج العراق.
ثم يمضي الى القول :
 ...  ساهمت فيه بشكل أساسي الجاليات الآشورية(سريانية/كلدانية) في دول الاغتراب، كذلك نخب مسيحية مشرقية،مثل المثقفين والناشطين الأقباط المصريين.
 ويستطرد :
... ، قربت كثيراً بين مختلف الأحزاب والتنظيمات والمؤسسات القومية والكنسية للشعب الآشوري بطوائفه المختلفة (الكاثوليكية والأرثوذكسية) وأجبرتها على تجاوز وتناسي الكثير من خلافاتها ودفعتها الى التحاور والتشاور والتنسيق فيما بينها لمواجهة التحديات والمخاطر الجسيمة التي يواجهها آشوريو ومسيحيو العراق في هذه المرحلة العصيبة.
ويمضي الى القول :
...اشتداد المحنة تبلور موقفاً آشوريا مسيحياً موحداً ايجابياً من مسألة المطالبة بـ "منطقة آمنة" في سهل نينوى بحماية دولية،يتمتع فيها الآشوريون والمسيحيون بحكم ذاتي.
شهدت مختلف العواصم والمدن الأوربية والأمريكية مسيرات غاضبة ومظاهرات احتجاجية نظمتها الجاليات الآشورية(السريانية الكلدانية) العراقية  ... الخ ))) .. انتهى الأقتابس
أقول : على من تقرأ مزاميرك ايها الباحث في شؤون الأقليات ؟
يبدو ان ابحاثك لا تتعدى حدود حزبك المتعصب فأنت يا رجل بمنأى عن مبادئ حقوق الأنسان في المعتقد ، وفي حريته في الأنتماء الديني والقومي والسياسي .
كان يجب ان تطلع قبل ان تتحفنا بأبحاثك على مسيرات الأحتجاج التي نظمت في السويد والنرويج وغيرها من البلدان كيف يرفرف العلم الكلداني وهو علم يرفعه من يعتز ويتشرف ويفتخر بقوميته الكلدانيـــــــــــــــــة .
 انا كلداني القومية وأكتب في كثير من الأحيان بالشأن الكوردي ، وحينما اكتب بهذا الشأن التزم جانب الخطاب المعتدل والوسط ، فلا اقبل لنفسي ان اكون طرفاً في خلافات داخلية داخل هذا المكون الذي اكتب عنه وانطلق من مقولة شعبية تقول : يا غريب كُن اديب ، وأنا اقول لك بأخوة ومحبة حينما تكتب بشأن مسيحيي العراق أن تأخذ موقف الوسطية والأعتدال ، وأن لا تسمح لنفسك ان تكون عامل تأجيج الخلافات بإضافة الزيت على النار التي كانت في طريقها نحو الإخماد .
لكن مع الأسف يأتي باحث مثلك لا تفقه شيئاً في التاريخ العراقي ، ولا تعرف بأن القومية الكلدانية هي القومية الثالثة في العراق . ولا تعرف بأن الآثوريين قدموا الى العراق في اعقاب الحرب العالمية الأولى ، وإن الكلدانيين العراقيين قدموا لهم يد العون والمساعدة . كما كان ينبغي ان تعلم ان في سهل نينوى اليوم  خمس قرى آثورية فقط وهي كيرانجو وداشقتان وشرفية وماكنان وعين بقري ، اما البقية يا عزيزي الباحث سليمان يوسف سليمان  فهي كلدانيــــــة مثل القوش وتللسقف وباطنايا وتلكيف وكرملش وغيرها وأخرى سريانية مثل برطلة وبغديدا .
بهذه المناسبة اخي سليمان يوسف اقدر نزوعك الى الدراسة والبحث والتمحيص ، وبكونك في سوريا فأنصحك بزيارة مكتبة الأسد في دمشق وهي مكتبة عامرة ويمكنك ان تستعير كتاب ممتع عنوانه ( رحلة المنشئ البغدادي ) وهو للسيد محمد ابن السيد احمد الحسيني  وكتب عن رحلته هذه سنة 1822 ونقلها من الفارسية الى العربية عباس العزاوي المحامي . وستقرأ صفحة 59
( .. السليمانية بلدة فيها ستة آلاف بيت كلهم كورد وفيها نحو 300 بيت من اليهود وخمسون بيتاً من النصارى الكلدان . وستقرا ص85
ان القوش قرية مسيحية نفوسها نحو الفي بيت كلهم من الكلدان وفي ص86 ستقرأ :
ان في تللسقف التي تبعد اربعة فراسخ من القوش يسكنها نحو الف بيت جميعهم من الكلدان ، وفي تلكيف وجد الرحالة المنشئ البغدادي نحو الفي بيت كلهم كلدانيين . ولا اريد ان اطيل عليك اخي العزيز الباحث سليمان يوسف .
نحن كلدان وقوميتنا كلدانيـــــــــــــة ويجب ان لا تنطلي عليك وأنت الباحث المثقف خطابات ومزاعم الأحزاب الآشورية المتعصبة في العراق ، فاليوم قد منحهم الحاكم الأمريكي بول بريمر بعض النفوذ كما ان اقليم كوردستان قد منحهم بعض الأمكانيات المادية ولهم ماكنة اعلامية كبيرة ، وبدلاً من تكريس تلك الأمكانيات في ترسيخ لحمة ووحدة مسيحيي العراق ، إلا ان تلك الأمكانيات الكبيرة وظفت بشكل تعسفي لبث وترويج افكار اقصائية قومية شوفينية عنصرية ليس لها صلة بالأخوة وبعلاقة الشعب الواحد ، إذ لا يمكن ترسيخ  وحدة الشعب بإقصاء وتهميش الشعب الكلداني  الذي يمثل مكون عراقي اصيل له تاريخ مشرق في بناء حضارات مشرقة في بلاد ما بين النهرين .
إنصحك نصيحة اخوية ان تكون اكثر اعتدالاً واكثر اعترافاً بحقوق الأخرين ومشاعرهم لا سيما الشعب الكلداني ، وإن كان لاصدقائك اليوم بعض النفوذ  في العراق اليوم ، (فالدنيا دوارة ) كما نقول في العراق ، وإن كنت تريد ان تكون باحثاً ومهتماً بشؤون الأقليات بشكل صحيح ينبغي ان تتسم بالمهنية وتحترم المشاعر الدينية والقومية للجميع وفي مقدمتهم الكلدانيين وأقصد الذين يحترمون ويفتخرون بقوميتهم الكلدانية ،
 وكما تعرف اخي سليمان يوسف المذاهب الكنسية اربعة وهي الأرثوذكسية والبروتستانتية والكاثوليكية والنسطورية ، فليس هنالك اي مذهب كنسي كلداني ،  وإذا ابتعدت عن هذا السلوك المهني والحيادي سيكون ادعاؤك مفتقراً  الى المصداقية . وأرجو ان تصلك رسالتي ومحتواها ان قوميتنا كلدانية لا غير .
 وينبغي ان نؤسس على علاقات قبول الآخر واحترام الرأي والرأي المضاد ، بنفس وأفاق بعيدة عن منطق التعصب والأقصاء .

 حبيب تومي / اوسلو في 26 / 11 / 10
[/b]

233
 شكراً للزعيمين مقتدى الصدر وعمار الحكيم .. ولكن
بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
 
عام 1498 انطلق كرستوف كولومبوس باتجاه الغرب في بحر الظلمات ( المحيط الأطلسي ) وفي نيته بلوغ شبه القارة الهندية وآسيا وذلك لكي يثبت كروية الأرض ، وبأنه يمكن الوصول الى شبه القارة الهندية ليس بالتوجه نحو الشرق فحسب إنما يمكن بلوغها بالتوجه نحو الغرب ايضاً ، وحينما وصل في اكتوبر عام 1498 الى جزر بهاما وكوبا ، اعتقد ان وصل الى الهند عن  هذا الطريق ، وهكذا اطلق على السكان ذوي البشرة السمراء المائلة نحو الأحمرار اطلق عليهم الهنود الحمر ، باعتبارهم هنود ولتمييزهم عن الهنود السمر المائلة بشرتهم نحو الأصفرار . ونبقى مع كولومبو والقارة التي اكتشفها وهو لا يدري بنفسه ، وسوف يغدو شمال هذه القارة في القرن العشرين  دولة عظيمة يطلق عليها الولايات المتحدة الأمريكية  ، وما يهمنا في هذه المقدمة الطويلة هو الهنود الحمر ( السكان الأصليين ) والذين اقرت الدولة الحديثة حقوقهم كسكان اصليين ، لهم حقوق اكثر من المواطن الأبيض الذي هاجر اليها فيما بعد ، فالسكان الأصليين ( الهنود الحمر ) هم الوحيدون الذين لا يترتب عليهم دفع ضريبة الأرض ، المترتبة على جميع المواطنين باستثناء السكان الأصليين .
بعجالة ننتقل الى أرض النهرين العظيمين دجلة وفرات اي بلاد الرافدين ، ولكن الى حقبة زمنية تعود الى اواسط القرن السابع الميلادي ، حيث كانت القوات الأسلامية منطلقة من جزيرة العرب وهي في طريقها الى الفتوحات في ارجاء الدنيا ، ومنها ارض بلاد الرافدين ( عراق اليوم ) ، وفي مدن هذه الديار ، الحيرة والمدائن والأنبار والبصرة والموصل وتكريت وكركوك ... وغيرها من المدن شاهدت القوات الأسلامية  مدن يسكنها الكلدان المسيحيون يتكلمون اللغة الكلدانيــة ، وتنتشر في تلك الأصقاع الكناس والأديرة والمدارس ، وفي اماكن دخول تلك القوات بالذات المدائن والحيرة والبصرة والأنبار وهي اليوم مدن العراق منها كربلاء والنجف والكوفة ، حيث كانت تنتشر في هذه الأصقاع الكنائس والأديرة التي كانت تقدم المساعدات الأنسانية للمسافرين على الطرق الصحراوية .
إن واحداً من المساجد التاريخية اليوم وهو جامع براثا بجانب الكرخ ببغداد كان واحداً من الأديرة . وبعد 1400 سنة من دخول تلك القوات لبلاد ما بين النهرين ، فإن المحصلة النهائية كان اندثار المكونات الأصيلة ومحو ثقافتها ولغتها الكلدانيــة ودينها المسيحي ، واليوم شتان ما بين وضع السكان الأصليين في اميركا وما آل اليه مصير السكان الأصليين في العراق وفي البلاد العربية الأسلامية عموماً .
من الحماقة ان نطالب بعودة الدولة المسيحية الى العراق كسابق عهدها قبل دخول الأسلام ، لكن من حقنا التمتع بحقوق المواطنة في وطننا العراقي وأن يكون لنا حقوق كاملة متساوية مع حقوق المسلمين الفاتحين لبلادنا ، ولا نطالب بزيادة الحقوق كما هي حقوق الهنود الحمر في اميركا والسكان الأصليين في استرالياً ، لكن من حقنا ان يكون لنا حقوق دستورية في الدولة العراقية الحديثة ، تضمن  بأن يكون للمسيحي الحق في تسنم اي منصب في الدولة بما فيها وظيفة رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او اية مسؤولية سيادية أخرى ، وهذا سيكون شرفاً للعراق ان يكون لسكانه الأصليين مثل هذا الحق .
السيدان الجليلان مقتدى الصدر وعمار الحكيم ( عذراً لاني لا اجيد استخدام الألقاب الدينية )، ولكن اعرب عن شكري وامتناني كمواطن عراقي مسيحي الدين ، كلداني القومية ، لموقفكما الأنساني  والعراقي الأصيل حيال ما تعرض له اخوانكم في كنيسة سيدة النجاة في منطقة الكرادة بقلب بغداد . وهذا الموقف الأنساني عكسه ايضاً الأستاذ مسعود البارزاني حينما فتح ابواب اقليم كوردستان امام المهاجرين المسيحيين من الكلدان والسريان والآثوريين وكذلك موقف مام جلال وكثير من المسؤولين العراقيين .
السيدان الجليلان مقتدى الصدر وعمار الحكيم
 إن المقدمة التي كتبتها في هذا المقال المتواضع هي مدخل للمطالبة بحقوق الأنسان بأبسط وأوضح صورها بعيداً عن التفسيرات الدينية ، فمن بديهيات حقوق الأنسان مفهوم ( حق الحياة )، فمن حقوق الأنسان الذي  خلقه الله ان يعيش حياته ولا يحق لشخص آخر أن ينهي تلك الحياة وفق مزاجه ومتى ما يشاء .
 لكن ماذا شاهدنا على الساحة السياسية العراقية ؟
في الشهر الماضي شق مسلحون ( مسلمون ) طريقهم الى مذبح كنيسة سيدة النجاة وقتلوا بدم بارد 58 من المصلين الأبرياء وأصابوا عشرات آخرين بجروح مختلفة ، وبذلك تمكنوا من ايصال رسالة بأن المسيحيين في هذه الديار حياتهم مهددة إن هم استمروا بمزاولة حياتهم الأعتيادية في بلدهم العراق .
 ان اكثر من 46 دير وكنيسة قد تعرض للاعتداء منذ نيسان 2003 م . صحيح ان المسيحيين ليسوا الضحايا الوحيدين للأرهاب وعمليات العنف ، لكن تبقى الهجمات التي تستهدفهم اشد إيلاماً ، فهذه الهجمات ليست متناسبة مع حجمهم الديموغرافي ، فحينما يتضاءل تعدادهم الى النصف في العراق ، فإن المكون السني او الشيعي لم يتضاءل الى تلك النسبة الخطرة ، وثمة مسألة أخرى وهي ان المسيحيين ليس بينهم رابطة  القبيلة او العشيرة كما هي الحالة عند العرب والأكراد ، كما انهم يفتقرون الى ميليشيات مسلحة تدافع عنهم ، وفوق ذلك فإن الحكومة لحد اليوم لم تثبت جدارتها وقدرتها على الحفاظ وحماية المكونات غير الأسلامية بما فيها المكون المسيحي الأصيل .
 لقد عكست كلمة الأستاذ عمار الحكيم في كنيسة مار يوسف ببغداد ، في حفل تأبين شهداء كنيسة سيدة النجاة ، عكست مشاعر إنسان عراقي وطني مخلص ، إن مثل تلك الكلمات النابعة من القلب والضمير ، تغرس الأمل في النفس ، وتعكس الوجه الناصح للاسلام بعكس المسلم الذي يدخل الى الكنيسة بغية القتل والأرهاب ، إن هذه الصفحة الناصعة عكسها ايضاً الأستاذ مقتدى الصدر حينما اعلن عن استعدادهم لتشكيل فرق مسلحة لحماية الكنائس .
إن مساعدة الأقليات الدينية من الأيزيدية والصابئة المندائيين والمسيحيين بتكويناتهم القومية من كلدان وسريان وأرمن وآشوريين ، إن مساعدة هذه المكونات للبقاء في الوطن العراقي سيعكس الوجه التاريخي الناصح للعراق ؛ حيث بقيت هذه المكونات تساهم في بناء حضارات العراق على مدى التاريخ ، واليوم يجب المحافظة وحماية هذه المكونات في وطنها العراقي ، وهو واجب وطني امام كل مسؤول عراقي رفيع او مثقف اوشخصية عراقية او حزب سياسي عراقي ، إنها مسؤولية وطنية يتحملها رئيس الجمهورية مام جلال والأستاذ مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان والأستاذ نوري المالكي والدكتور اياد علاوي والأستاذ اسامة النجيفي ، والسيدان الجليلان مقتدى الصدر وعمار الحكيم لما يملكان من مكانة رفيعة بين جماهير الشيعة في مدن العراق .
إن كل الأطراف حريصة على إبقاء المكون المسيحي في الوطن العراقي ، لكن نزيف الهجرة ما زال مستمراً ، والسبب برأيي المتواضع لا يقتصر على العمليات الأرهابية فحسب فأقليم كوردستان بعيد عن تلك العمليات لكن نلاحظ مع ذلك استمرارية الهجرة ، والسبب هو عدم توفر وظائف ملائمة ، وعدم الألمام باللغة الكردية ، فإن شاء المسؤولون ايقاف الهجرة ينبغي فتح جامعة للطلبة في منطقة بعيدة عن سطوة الأرهاب ، وتوفير اعمال ملائمة ، ومعاملة هذا المكون معاملة انسانية كما هي في اقليم كوردستان .
 حينما يهاجر المسيحي او غيره من المكونات غير المسلمة الى بلد اوروبي ويصادف امامه تلك المعاملة الأنسانية ، سيحث اهله وذويه واصدقائه على اللحاق به ، إننا نفتقر في بلدنا الى معاملة انسانية تضمن للأنسان كرامته الأنسانية .
 نحن نتطلع جميعاً الى بناء وطن عراقي مزدهر يلعب دوره التاريخي في التقدم والتطور الحضاري ، وهذا يتطلب من الجميع تظافر الجهود والتعامل الديمقراطي ، إن جزءاً كبيراً المسؤولية يقع على عاتق المجتمع المسلم ، ويتجلى امامنا في المشهد العراقي عنف وظلم اجتماعي ، فالمسيحي او المندائي يصله العنف من جاره المسلم ، وهذه الحالة لا يمكن تعميمها ، فهنالك جار مسلم وفي وأمين  يحترم بل ويحمي جاره المسيحي او المندائي  .
إن رجل الدين المسلم يستطيع ان يلعب دوراً كبيراً في هذا المضمار ، فله كلمة مسموعة لدى الأنسان المسلم البسيط ، ولهذا على رجل الدين المسلم  ان لا يزرع الضغينة والحقد وروح الأنتقام ، إنما يترتب عليه ان يغرس بذور المحبة والوئام والتسامح بين ابناء الوطن الواحد إن كان  مسلماً او مسيحياً او يزيدياً او مندائياً .
 إن الأستاذين الجليلين مقتدى الصدر وعمار الحكيم وكل الخيرين يستطيعون ان يلعبوا دوراً هاماً في غرس الوعي وتسييد ثقافة التسامح والمحبة بين المكونات العراقية كافة .
نحن نتطلع الى وطن عراقي ديمقراطي يكون واحة خضراء تزدهر فيها كل المكونات والأطياف العراقية الدينية والمذهبية والسياسية والعرقية والأثنية والقومية .
 حبيب تومي / القوش في 20 / 11 / 2010

234
حبيب تومي: ولادة عسيرة للديمقراطية في العراق لانها تجري في بيئة صحراوية بعيدة عن معاني الديمقراطية
08/11/2010 12:20  


أجرت الحوار: رنا زيباري

اربيل8تشرين الثاني/نوفمبر(آكانيوز)- يرى الكاتب والأديب العراقي حبيب تومي أن مسالة الهجرة عن البلد ليست مسألة مقتصرة على المكون المسيحي في العراق، فهذه الظاهرة موجودة عند كل المكونات الاخرى لكنهم لديهم أسباب مجتمعة. كما يرى أن الديمقراطية في اقليم كردستان العراق قد تطور كثيراً مقارنة مع بقية مناطق العراق، الا أن هناك هوة كبيرة بين ديمقراطية الاقليم وديمقراطية الدول الغربية، وذلك بحسب أقواله التي أدلى بها في نص المقابلة التالية التي أجرتها معه مراسلة وكالة كردستان للأنباء (آكانيوز) في أربيل.

* ما رأيكم عن الوضع العراقي العام في الوقت الحاضر؟هل البلد يمر بفترة ولادة الديمقراطية وهي ولادة عسيرة ام انها امتداد للوضع السابق بأشكال ومسميات مختلفة؟

ـ ان اي راصد للمشهد السياسي وللوضع العام في العراق سيعتريه الذهول والحيرة من شدة التعقيد والإرباك اللذين يخيمان على الوضع ، فبعد مضي حوالي 8 اشهر على إجراء الانتخابات في العراق ،ما زالت القوائم الفائزة تتناكف وتتصارع من اجل نيل حصة الأسد ، ولا ريب ان تلك الاستماتة والتناكف قد اوجدا حالة من الجمود السياسي والذي بدوره افرز حالة من الفراغ الأمني ، فكان مناخاً مواتياً لتصاعد العمليات الإرهابية وفقدان الاستقرار والأمان.
المواطن العراقي اليوم يلفه اليأس وفقدان الأمل وانعدام الثقة بالأجهزة الأمنية الحكومية ، ولاسيما بعد تصاعد وتيرة هذه العلميات ، وباتت تهدد قلب بغداد ولعل العملية الدموية بحق أناس أبرياء في كنيسة سيدة النجاة في الكرادة ببغداد هو خير دليل على تراجع القوات الحكومية امام قوى الإرهاب التي تمسك بيدها زمام المبادرة في الهجوم على اية مؤسسة ، وهي الجانب المهاجم والقوات الحكومية امامها الدفاع فحسب.
لقد أدى المواطن العراقي واجبه يوم أدلى بصوته في الانتخابات ، لكن الفائزين لحد الآن لم يبرهنوا انهم اهل للثقة التي اولاها لهم الناخب العراقي .إن الفائزين قد ااداروا ظهورهم للناخب العراقي وأصبح في خبر كان،  وباتت مصالحهم الحزبية والشخصية هي التي تحركهم في الساحة السياسية .
وفق هذا السياق ، فإن الوضع الأمني متأزم وهو مرشح للانفلات والانفجار في اية لحظة ، وكما قلت فإن الهجوم على الكنيسة ومن ثم الهجمات الدموية المنظمة في مناطق كثيرة من بغداد  يوم الثلاثاء الموافق 2 / 11 كل ذلك يؤشر بجلاء الى ان الوضع مرشح للتدهور يوما بعد يوم ، هذا هو الواقع المؤلم الذي يعيشه العراق ، والذي يتحمل المسؤولية الرئيسية القوائم الفائزة المتناكفة.
أما إن كان البلد يمر بفترة ولادة عسيرة للديمقراطية ، أجل انها ولادة عسيرة للديمقراطية والمسالة طبيعية ، لأن هذه الولادة جارية في بيئة صحراوية بعيدة عن معاني الديمقراطية ، فأمام هذه الولادة تبرز صعوبات جمة ، لعل اهمها وأبرزها ، انه لا احد من جيران العراق يسعده ان يجد على تخومه تجربة ديمقراطية حقيقية ، ورغم هذه الصعوبات فإني شخصياً انظر الى النصف الممتلئ من الكأس ، وأزعم بوجود طبقة عراقية معتدلة واسعة يهمها ان تسود لغة الديمقراطية في ارجاء الوطن العراقي .  

*كيف التجربة في كردستان العراق؟ هل الإقليم دخل مرحلة الديمقراطية ولا خوف عليه ام هناك مخاوف؟

ـ بغية تقييم التجربة في كردستان أرى من الأفضل النظر الى المسألة بشكل نسبي ، مرة نقارن تجربة اقليم كردستان مع بقية أرجاء العراق وهنا سوف نستشرف على تجربة تحمل في طياتها كثيراً من المفردات الديمقراطية إضافة  الى اجواء التعايش والأمن والاستقرار ، وهذه تعتبر ضمان الأمان للتنمية والتقدم ، لكن إذا استمرينا في المقارنة نسبة الى الديمقراطيات الغربية ، سينجلي امامنا هوة ينبغي على اقليم كردستان ردمها ، والعمل على قطع كثير من الخطوات لبلوغ حالة الديمقراطية التي نشاهدها في الدول الأوروبية والعالم الغربي .
أما إن كان ثمة مخاوف عليه ، فمن المؤكد ان المخاوف تظل قائمة ، ما دامت المنطقة لا تزال تعاني من المخاضات المختلفة ولحد الآن لم تسفر عن الاستقرار السياسي والاجتماعي ولهذا ينبغي على اقليم كردستان ان يتسم باليقظة  والحذر لكي يكتب للتجربة الديمقراطية في إقليم كردستان  البقاء والديمومة.

*بشأن المسيحيين في العراق. من الواضح أنهم مروا بفترة صعبة جدا في السنين الماضية . هل هذا مؤشر على نهاية المسيحيين في العراق عدا كردستان؟

ـ  نهاية الوجود المسيحي في العراق باستثناء اقليم كردستان ، الفرضية واردة إذا ما تأملنا في تجربة المكون اليهودي ، حيث شاهدنا نهاية للوجود اليهودي في العراق في اواسط القرن الماضي ، والمعلوم ان اليهود من السكان الأصليين في العراق حيث قطنوا هذه الديار قبل المسيحيين وقبل الإسلام ، ومع ذلك كانت نهاية وجودهم اواسط القرن الماضي ، وفي ما يخص الوجود المسيحي فإن استمرت الظروف على تدهورها بهذه الوتيرة من العنف والدموية ، فمن المؤكد ان نهاية الوجود المسيحي هي مسألة وقت لا اكثر . لكن قطع دابر الإرهاب وسيطرة الحكومة على مقاليد الأمور ، وفرض سيطرة الأمن والقانون ، هي عوامل مساعدة للأمن والاستقرار ، و بالتالي تصب في مجرى الاستقرار الاجتماعي والسياسي ، لكن بعكس ذلك فإن الكيان المسيحي مهدد بالزوال والاندثار من الوطن العراقي الذي عاش على ترابه الآلف السنين.

*ماذا يعني نزوح المسيحيين من جميع العراق الى كردستان؟

ـ بنظري ان نزوح المسيحيين من مدن العراق الى اقليم كردستان ناجم عن الأوضاع غير المستقرة في تلك المدن بجهة العنف الدموي والاستهداف على الهوية الذي طال المكونات من اتباع الديانات غير الإسلامية كالمسيحية والمندائية والأيزيدية . إن هذا العنف النوعي يفسر لنا الخلل الديموغرافي الخطير بأعداد المسيحيين من كلدان وسريان وآشوريين وأعداد المكون المندائي ، كل ذلك ناجم عن هيمنة الخطاب الديني على توجهات المسؤولين ويجري ترويجه على قدم وساق ، وهذا يخلق مناخاً دينياً متعصباً رافضاً لوجود الآخر ، وفي مقابل ذلك نستشرف على خطاب ديمقراطي علماني في اقليم كردستان ، ويجري ترويج مقولة الدين لله والوطن للجميع ، وفي المناخ العلماني تستطيع كل المكونات الدينية بمزاولة معتقداتها بكل سلاسة وحرية.

*يقال بأن المسيحيين ولاءهم قل في مسألة الارتباط بالوطن.هل هذا صحيح؟هل للأوطان بدائل برأيك؟

-المواطن يعيش مع أسرته في حدود بيته ، لكن لمزاولة حياته يتنقل في محلته او قريته او مدينته وهذه جميعها تشكل ما يطلق عليه مصطلح الوطن ، فالوطن هو البيت الكبير للمواطن إن كان مسيحياً او مسلماً او غير ذلك ، وفي هذا الوطن تترتب عليه واجبات ينبغي أداؤها ، ومقابل ذلك له من حقوق المواطنة التي يضمنها الدستور والقوانين والأنظمة ، وكما هو معروف يأتي في مقدمة تلك الحقوق ما يعرف ( بحق الحياة ) إذ لا يوجد جهة لها حق إنهاء حياته من الوجود ، وبعد حق المواطن في الحياة تأتي مسألة الحقوق الأخرى ، فماذا نقول عن الوطن الذي لا يستطيع حماية وضمان حياة المواطن ، ولا يستطيع حماية أملاكه وأمنه واستقراره ، وهنا نسأل ما هو موقف هذا المواطن من وطنه ؟ بغض النظر عن الهوية الدينية او الأثنية لهذا المواطن ، فالمسالة تتعلق بالحياة والموت ، اكثر مما  تتعلق بمشاعر المواطن اتجاه وطنه.
أما إن كان للأوطان بدائل ، فهذه مسألة نسبية ايضاً ، وعلى سبيل المثال ، فإن المسالة لي شخصياً ليس للوطن بديل ، فجذوري الحياتية والوجدانية متأصلة في هذا الوطن ، لكن ماذا عن احفادي الذين سيولدون في الوطن الجديد ؟ من الطبيعي ان لا يكون هؤلاء الأحفاد بنفس القدر من الارتباط بالوطن الأم ، إنها ظروف الحياة والإنسان يتأقلم مع محيطه الجديد كلما مر الزمن ، فيندمج وينصهر لغوياً وثقافياً وهوياتياً مع الوطن الجديد.

* لماذا الهجرة مستمرة بالرغم من استقرار الوضع في كردستان امنيا وسياسيا .لماذا يفكر المسيحي عادة بترك الوطن؟

- اجل إن الأوضاع مستقرة في اقليم كردستان لكن مع ذلك نلاحظ استمرار الهجرة ، بنظري ان هذه الحالة ( الهجرة ) ليست مقتصرة على المسيحيين فحسب ، فهنالك الأيزيدية والمندائيون ، وحتى المكون الكردي نلاحظ وجود هجرة ولو على وتيرة اقل ، فالهجرة اصبحت متاحة بطرق ووسائل سهلة وهنالك جمعيات تنسق مع الأمم المتحدة لتنظيم تلك الهجرة فالمسالة لها بعدها الدولي اكثر مما هي مرتبطة بمكون محدود.
أما ما يخص المسيحيين ، فالمسالة لها جوانب أخرى ، فإن ترك المسيحي بيته في بغداد مثلاً ، فلا شك ان هذا الرجل له عائلة وهو يحتاج الى اسباب المعيشة ، ويحتاج الى عمل ، فإن كان هذا الرجل موظفاً او له افراد في عائلته موظفون فحين الانتقال الى اقليم كردستان سيلاقي صعوبة التفاهم باللغة ، وسيشكل ذلك واحدة من العوائق للاستقرار في الاقليم ، وسمعت بعض الشباب يقول ، إن كان في اقليم كردستان ينبغي ان اتعلم اللغة الكردية للعيش في المنطقة فما هو المانع من الهجرة الى السويد مثلاً وهناك ايضاً اتعلم لغة جديدة ، ولاشك هنالك معوقات اخرى كالحصول على وظيفة ، وإيجاد سكن وتكاليف الحياة المعيشية ، كل ذلك يشكل أسبابا مجتمعة تضع المسيحي وغيره من الأقليات ترجح الهجرة على البقاء .

* هل للمسيحيين جالية متماسكة خارج الوطن ؟ماذا يجمعهم وماذا يفرقهم؟

-بنظري اقول نعم .هنالك جالية مسيحية متماسكة اجتماعياً خارج الوطن ، لكن من الناحية السياسية والقومية ثمة اختلاف ، وما كان يفرقنا في الوطن هو نفسه ما يفرقنا خارج الوطن ، ويتحمل مسؤولية هذه التفرقة الأحزاب الآشورية القومية المتزمتة والتي تضع نفسها بمقام الأوصياء على المكونات الأخرى كالكلدانيين والسريان.

* ماذا عن الثقافة والأدب السرياني. بعد تحرير العراق من نظام صدام هل أعطت الحرية مساحة تكفي لازدهار الثقافة والأدب السرياني.

-وأنا في الوطن أشاهد أمامي الكثير من النشاطات الثقافية واهتماما كبيرا باللغة الكلدانية ( السريانية ) ، وثمة مجلات وجرائد وإصدارات كثيرة تصدر ، إن وجود مديرية عامة تعتني بهذه اللغة وآدابها قد جعلها في دائرة الأضواء ، وإنها تعيش في عصرها الذهبي .

* الأقليات القومية والدينية ،ماذا تربح وماذا تخسر في الوضع الديمقراطي ؟

-الأقليات القومية والدينية تنتعض وتزدهر في المناخ الديمقراطي ، إنه المناخ الطبيعي والهواء الطلق الذي تزدهر به المكونات القومية والدينية ، وفي غياب الديمقراطية ، تتعرض هذه المكونات ( الأقليات ) الى انتكاسة في مختلف اوجه الحياة ، فهي الحلقات الضعيفة من سلسلة الحلقات المجتمعية ، فلغة الديمقراطية ، هي اللغة الوحيدة التي تضمن بقاء هذه الأقليات وازدهارها .  

* نرجو ان تتحدث لنا عن نشاطاتكم الشخصية ونشاطات الاتحاد الذي ترأسه؟

- أتشرف برئاسة الاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ومؤخراً كٌرمت من قبل اتحاد السلام العالمي كسفير من العراق  للسلام . وفي شأن تأسيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان كان نتيجة  اتصالات ومشاورات بين نخبة مثقفة من الكلدان من مختلف انحاء العالم ، وكانت ثمة فكرة واحدة تشكل الوشيجة التي جمعتنا ، وهي الاعتزاز والافتخار بالقومية الكلدانية ، كقومية عراقية أصيلة ، وكشعب كلداني يعتبر من السكان الأصليين في بلاد ما بين النهرين ، الذي هو العراق المعاصر.
 إن اهم ما قام به الاتحاد لحد الآن هو تسليط الأضواء على مجزرة بشرية ارتكبت بحق الشعب الكلداني ، وهي المجزرة التي ارتكبها النظام السابق في قرية صوريا الكلدانية ، وقد مضى على تلك المجزرة حوالي اربعة عقود وكان مصيرها النسيان في غياهب الزمن ، لكن اتحادنا وضعها تحت الأضواء ، وذلك حينما بادر كتاب اتحادنا للكتابة عن تفاصيلها ، واليوم اصبحت قضية مطروحة تهتم بها حكومة اقليم كردستان واطراف اخرى  ، نحن في الاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان نؤمن بحرية الجميع في المعتقد والانتماء ومنهم حق شعبنا الكلداني ، ونحن نناشد دائماً القيادة في إقليم كردستان ان تعيد تسميتنا القومية الى مسودة دستور الإقليم وكما كان مذكورا  سابقاً وكما هي في الدستور العراقي ، إن إنصاف واحترام المشاعر القومية للكلدانيين من قبل اقليم كردستان قيادة وحكومة وشعباً سيعزز من مكانة الإقليم الإنسانية والدولية بحيث يبرهن انه يحترم الجميع ويراعي مشاعرهم الدينية والقومية.

يذكر أن حبيب تومي كاتب عراقي كلداني مقيم في النرويج ورئيس للاتحاد العلمي للكتاب والأدباء الكلدان و سفير السلام وعضو المنتدى الثقافي العراقي و رئيس تحرير موقع نادي بابل الكلداني في النرويج، لديه مئات المقالات في مختلف المواضيع، لكنه يركز على شؤون المكون الكلداني بشكل خاص والمسيحي والأقليات الأخرى بشكل عام، كذلك لديه كتب في الشأن الكردي والمكونات الكردستانية في إقليم كردستان، وهو منحاز نحو الديمقراطية والفكر العلماني في إقليم كردستان وفي عموم العراق، لديه كتاب مطبوع وهو دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية عن مدينة القوش ذات الأغلبية المسيحية، ولديه كتاب تحت الطبع بعنوان "معجم الألفاظ المحكية المشتركة بين العربية والكردية والفارسية والتركية والآرامية"، كما ولديه كتاب الآن جاهز للطبع  تحت عنوان "ملا مصطفى البارزاني، قائد من هذا العصر".

235
هل يفلح الرئيس مسعود البارزاني في إخراج العراق من عنق الزجاجة ؟
 بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
 
الشعب العراقي بكل اطيافه ، قد أوفى بعهده وأشترك في الأنتخابات البرلمانية ومنح صوته الثمين ووضع ثقته في أناس يفترض انهم سيقومون بإداء واجباتهم على اكمل وجه ، وسيخدمون العراق والمواطن الذي صوت لهم . لكن للاسف فقد اسقط بيد المواطن العراقي حينما ظهر ان الفائزين الذين منحهم ثقته قد أداروا له ظهورهم ، وهم يتناكفون ويتصارعون من اجل المناصب والمنافع ، وحشروا العراق في عنق الزجاجة ، لا احد يدري كيف ومتى سيخرج منها ؟
 الدكتور اياد علاوي يرى الحق الدستوري يضمن له تكليفه بتشكيل الوزارة فالقائمة العراقية التي يترأسها قد حققت اعلى نسبة من الأصوات . والأستاذ نوري المالكي يرى انه يستطيع تكوين تكتل يمثل الأكثرية في البرلمان وهو يرى انه في خلال السنين الماضية قد حقق إنجازات اهمها إرساء الأمن والأستقرار في ربوع العراق ، وهو الرجل المؤهل لأكمال ما إنجزه ، وثمة شخصيات أخرى تتسم بالوسطية بين الطرفين وترى انها مأهولة لتسنم منصب رئيس الوزراء .
لكن مضى على الأنتخابات اسابيع وشهور دون ان تسفر المخاضات العسيرة عن ولادة حكومة شراكة وطنية ، ومع التلكؤ في تشكيل الحكومة استمرت الأحوال المضطربة والعنف الدموي وطال هذا العنف الحلقات الضعيفة في المجتمع ، ومنها المكونات الدينية من اتباع الديانات المسيحية والمندائية والأيزيدية ، وكان آخر هجوم في المسلسل الإرهابي هو الذي طال المصلين في كنيسة سيدة النجاة في بغداد في عملية استهدفت الأبرياء العزل من الشباب والأطفال والنساء والشيوخ ، لقد كانت مذبحة إنسانية تدل على الوحشية والبربرية قل مثيلها في التاريخ  .
في شأن تأخر تشكيل الحكومة ، ثمة فرضية تقول ان دول الجوار لا يسعدها ان يسود حكم ديمقراطي حقيقي في العراق ، وفي نفس السياق فإن الأرهاب والأسلحة يتسربان من دول الجوار ، وإن الفراغ الأمني الناجم من التأخر في تشكيل الحكومة يغري قوى الأرهاب للحركة وتنفيذ مخططاتها الدموية بحرية وسلاسة وحسب الأهداف التي تختارها ، ولهاذ ثمة من يلقي اللوم على الجيران في الأزمة السياسية المعقدة .
إن المبادرات التي كانت برعاية دول الجوار لتشكيل الحكومة محكوم عليها بالفشل ، بجهة ان اي دولة من دول الجوار التي ترتب التنسيق بين القوائم الفائزة متهمة بتعضيد هذه القائمة او تلك ، ولا يكتب لتلك المبادرات النجاح بدعوى انها لا تتسم بالحيادية ، وفي الحقيقة فإن المواطن العراقي يتبرم ويستنكر حينما يستقوي الفائزون بدول الجوار ، ويجعلون من الشأن العراقي وكانه مرهون بإرادة وتقرير من هذه الدولة او تلك ، إن تلك الزيارات التي قام بها مختلف الأطراف الفائزة الى الدول العربية او ايران او تركيا ، كتب لها الفشل ، فلماذا تحل مشكلة عراقية بحتة في مطابخ دولة اخرى ؟
  يتحتم على الفائزين في الأنتخابات ان يكون لهم ثقة عالية بأنفسهم ، ويحلوا مشاكلهم على الأرض العراقية ، وليس من المناسب الأستعانة بأية دولة لكي تحل المشاكل بينهم ، وكانت آخر مبادرة هي التي اطلقها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز باستضافة الكتل العراقية للتباحث في مسألة انقاذ العراق من جموده السياسي ، ولتكون اسوة باتفاق الطائف  ، لكن لكي لا يتكرر سيناريو الفشل ، فأمامنا مبادرة عراقية اصيلة وهي التي اطلقها رئيس اقليم كوردستان الأستاذ مسعود البارزاني في 27 / 10 / 2010 م .
إن هذه المباردة العراقية الأصيلة  تتلخص في دعوة كافة الأطراف السياسية للجلوس حول طاولة الحوار الوطني المباشر بمنأى عن الضغوط والتدخلات الخارجية، بهدف أحتواء التناقضات والبحث عن حلول مشتركة للخروج من الأزمة وتشكيل حكومة شراكة وطنية .
 ما هي مقومات نجاح المبادرة التي اطلقها البارزاني ؟
 إن الراصد لمجريات الأحداث في العراق يرى ان الوضع الأمني قد تدهور بشكل ملحوظ وخطير وهو مرشح للأنحدار نحو الأسوأ ، كما ان االتبرم والأستياء يعم عامة طبقات الشعب الذي صبر وضحى كثيراً ، واهم من كل ذلك فإن الأستاذ مسعود البارزاني يعتبر شخصية عراقية يحترمها جميع الأطراف ، كما ان هذه الدعوة  هي دعوة عراقية مخلصة خالية من بصمات الجيران وتأثيراتهم ، فهي مبادرة وطنية عراقية تنطلق من المصلحة الوطنية العراقية العليا ،ولهذا فإن القوائم الأربعة الفائزة اليوم مدعوة للاجتماع والخروج بتشكيل حكومة شراكة وطنية ، وإنها لحظة حاسمة قد لا تتكرر .
لا ريب فيه ان مبادرة الأستاذ البارزاني قد لاقت ترحيباً دولياً إضافة الى قبول وترحيب الأطراف السياسية المختلفة ، فالقوائم امامها فرصة ذهبية سانحة لتضع حداً للازمة السياسية الخانقة التي يمر بها العراق ، إن الأطراف الأربعة الفائزة المعنية مدعوة لوضع ضميرها ومصلحة الشعب والوطن العراقي قبل مصالحها الذاتية والحزبية ، وإذا ما اتفقت هذه القوى على صيغة لتأليف الحكومة وتوزيع المسؤوليات بينها ، وتحت خيمة الوطن العراقي في اقليم كوردستان ، سيكون ذلك الأتفاق التاريخي إنجازاً وطنياً عراقياً .
 إنكم اتفاقكم سيثبت عراقيتكم ووطنيتكم ، إن الأتفاق في اقليم كوردستان خير من الأستنجاد بالأطراف الأقليمية والدولية لحل مشاكلنا ، نحن عراقيون ومن المعيب ان نستنجد بالآخرين لحل مشاكلنا ، إذا اتفقت القوائم الفائزة على تشكيل الحكومة في هذا الأجتماع سوف يبرهن المجتمعون نهم حقاً يضعون المصلحة الوطنية قبل مصالحهم الحزبية والذاتية .
إن الشعب العراقي قد ادركه التعب والضيم والأستياء ومنح لكم صوته وثقته ، وعليكم الوفاء لهذا الشعب ، إن مبادرة الأستاذ مسعود البارزاني ، مبادرة وطنية عراقية ونتمنى ان تشعر القوى الفائزة بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها ، وإذا ما نجحت المبادرة ويغمرنا الأمل بنجاحها ، كونها مبادرة وطنية عراقية اصيلة ، ومن يفوّت هذه الفرصة سوف يساهم بوضع العصي في عجلة التقدم العراقي .
 والسؤال هو : هل سيفلح الأستاذ مسعود البارزاني بإنقاذ سفينة العراق من الغرق ؟
وهل سيفلح بإخراج المحنة العراقية من عنق الزجاجة بعد ان حشرها الفائزون ؟
بإخلاص نأمل ونتفاءل برؤية بصيص النور في آخر النفق .
 حبيب تومي / عنكاوا في 06 / 11 / 2010 

236
المذبحة المروّعة في كنيسة سيدة النجاة هل هي جزء من التسامح الديني ؟
بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
 
اكثر ما نسمعه ونقرأؤه في وسائل الأعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة ، ومن مختلف الأوساط الرسمية وغير الرسمية هو عبارة التسامح الديني ، ومن ان العراق هو ارض الحضارات وواحة التعايش والتسامح بين الأثنيات والأعراق والمذاهب والأديان ، لكن اكثر ما نلمسه ونشاهده على ارض الواقع هو صورة معاكسة لتلك المزاعم ، ومنها الصور المرعبة التي يقترفها الأرهاب والتطرف باسم الدين الأسلامي ، وأخرى ترتكبها الحكومة بالتمييز والتفرقة الدينية في منحها الوظائف والمناصب والتي تحاول إبعاد المكون المسيحي من تلك الوظائف ، وفوق ذلك هنالك العنف المجتمعي فالجار المسلم يستقوي على جاره المسيحي وفي حالات كثيرة يحاول الهيمنة او على املاكه او الحصول عليها بأبخس الأسعار ، ولا ندري اين موقع وصية نبي الأسلام محمد بن عبدالله الذي يوصي برعاية سابع جار .
وهنا لابد من القول بأن حماية مسيحيي العراق ليس واجب الحكومة العرقية فحسب ، إنه واجب المجتمع العراقي برمته ، إنه واجب السنة والشيعة على حد سواء ، إنه واجب قوات الأمن كما هو واجب الجيش العراقي ، إنه واجب رجل الدين المسلم لكي يدعو بأعلى صوته عبر المآذن بالتعايش والتسامح مع كل مكونات المجتمع العراقي وفي مقدمتهم المسيحيون ، سيكون وصمة عار في جبين المجتمع العراقي إذا اضطر المسيحيون الى الهجرة من اوطانهم بسبب الظلم والعنف المجتمعي .
إن الدولة العراقية تسير وفق الدستور الذي ورد في المادة الثانية منه :
اولاً :ـ الاسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدرٌ اساس للتشريع:
أ ـ لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام.
ب ـ لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
ج ـ لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور
. ثانياً :ـ يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية، كالمسيحيين، والايزديين، والصابئة المندائيين.
وفي هذه الحالة حتى لو تعمدنا اهمال شأن الفقرة ب بشأن الديمقراطية ، وتمسكنا بأسلامية العراق ، فهل يعني اسلامية البلد اجتياح الكنيسة وذبح المصلين بها ؟
هل هذه مبادئ الدين الأسلامي ؟
 وهل يقبل المسلمون في العالم ان يكون دينهم دين الترويع وقتل وذبح الأبرياء ؟
بموجب تصريح وكيل وزيرالداخلية الفريق حسن كمال بأن عدد القتلى من الرهائن بضمنهم بعض افراد من الشرطة بلغ 52 مع 67 جريحاً ، ومن مصادر اخرى علمنا بالتمثيل بالجثث بقع رؤوس الضحايا ، علما ان رواد الكنيسة من المصلين اغلبهم من النساء وكبار السن والأطفال كما استشهد الكاهنان الشابان ثائر سعدالله ووسيم صبيح ، فكيف تسمح يد إنسان يحمل ذرة من الشعور الأنساني ، كيف تراوده نفسه الى قتل هؤلاء الأبرياء بدم بارد ؟
وهنالك روايات اخرى تقول بأن عملية القتل كانت ترافق ترديد عبارة الله اكبر . هل ان الله يقبل بقتل أناس يصلون ويتعبدون بخشوع في بيت الله ؟ إنه تصرف لا يقبله العقل ولا يتصوره إنسان .
الأن نأتي الى دور الحكومة ومسؤوليتها للمحافظة على مواطنيها ، فالمسيحيون كما هو معروف مستهدفون ، وهم يرفعون اصواتهم مطالبين الحكومة بحمياتهم وحماية دور العبادة  والكنائس المستهدفة بشكل خاص ، وفي الحادث المروع الأخير الذي حصل لكنيسة سيدة النجاة في الكرادة ، ما تسرب من اخبار ان الأسلحة والذخائر كانت قد رُتّب امر نقلها الى الكنيسة قبل تاريخ الهجوم ، وهنا يتبادر الى الذهن السؤال : اين الحكومة ؟ وكيف استطاع المهاجمون اختراق نقاط التفتيش والوصول الى قلب المدينة ؟ إنها اسئلة كثيرة من واجب الحكومة ان تجيب عليها .
من السهولة التنصل من المسؤولية بإلقاء المسؤولية على تنظيم القاعدة ، لكن ماذا عن الأرضية والتسهيلات التي تقدم للاهابيين في بلوغ اهدافهم ؟ فهؤلاء لا يهبطون من الفضاء الخارجي ويعودون اليه بعد إتمام العملية ، إنما يدخلون عبر الحدود وعبر نقاط التفتيش التي تسيطر على منافذها مختلف القوات الحكومية ، وبعد ذلك تجد لها الملاذ الآمن والأدلاء والتسهيلات لكي ينفذوا عملياتهم الأرهابية ، فأين الحكومة من كل هذه التنقلات والتحركات ؟ وكيف استطاعت الوصول الى اهدافها ؟ وهنا يمكن التأكيد بأن القوات الحكومية ، إما هي متواطئة مع المنفذين او مخترقة ، أو تكون قوات فاشلة لا تستطيع القيام بواجها على الوجه الأكمل ، وفي كل تلك الأحتمالات لا نتمنى ان تكون تصوراتنا صحيحة .
لا ريب ان مثل هذه الأعمال الأرهابية والبيئة المجتمعية المتسمة بالعنف والقسوة ، وغير ذلك من الأسباب العامة الأخرى المتصلة بوضع البلد ، كل ذلك يشكل اسباباً مواتية لتشجيع الهجرة بين هذه الشريحة العراقية الأصيلة ، والهجرة حصيلتها تفتيت العراق والإخلال بتركيبته الديموغرافية والثقافية والسياسية ، بالأمس كان اليهود ، واليوم يصل الدور الى المسيحيين وغداً من يكون ؟ ببساطة إنه فتح لأبواب الجحيم ، ومن يرى انه يستطيع غلق تلك الأبواب فالأوهام تلفه ، من السهولة فتحها لكن من الصعوبه غلقها .
أحب هنا ان اضيف فقرة اخرى وهو ما يعرف بأسلاموفوبيا ( Islamophobia ( اي الخوف من الأسلام الذي يجتاح اوروبا والعالم الغربي ، ويعمل الخطاب الأسلامي المعتدل جاهداً بأن يزيل تلك الصورة المرعبة للاسلام عن الذهنية الأوروبية ، وهنا اتساءل كيف يستطيع هؤلاء الكتاب المعتدلون من إزالة تلك النقطة السوداء الملصقة بالأسلام عن ذهنية الأنسان الأوروبي ؟ ومن منا لم يعد يخاف من الأسلام ؟ أليس المسلمون أنفسهم في خشية كبيرة من العمليات الأرهابية الأسلامية ؟
 ماذا نقول عن تفجير المساجد في باكستان وفي مدن عراقية وأماكن أخرى ؟ من يفجر تلك المساجد والحسينيات ، إليست هذه عمليات انتقامية بين الأسلام انفسهم ؟
إنه طريق طويل ومعقد امام الذي يريد ان يثبت ان الأسلام لا يؤمن ولا يقبل بالأرهاب ، إن العمل ليس بالكتابة والكلام ، إنه بالفعل والتطبيقات على ارض الواقع ، وفي العراق اليوم لا نسطيع ان نقول ان كل المسلمين ارهابيين ، لكن نستطيع ان نقول ان كل الأرهابيين هم من المسلمين .
إن الدين الأسلامي يعتنقه اكثر من مليار إنسان على وجه الأرض ، وليس معقولاً ان يوضع مثل هذا الدين في خانة الأرهاب ، فينبغي على العقلاء والحكماء من اتباع الدين الأسلامي ان يباشروا بتوعية الأنسان المسلم منذ طفولته ، بأنه كبقية البشر ليس افضل منهم او ادنى منهم ، وإن عليه ان يحترم بقية الأديان والمعتقدات البشرية .
 إن الخوف من الأسلام في اوروبا وأمريكا وفي قارات العالم ، بما فيها الدول الأسلامية ، سيبقى الخوف من الأسلام قائماً ما دمت العمليات الإرهابية يقترفها المسلمون تحديداً .
 نتمنى ان نتعايش في وطننا العراقي وفي كل بقعة من العالم مع المكون الأسلامي بمحبة وتفاهم وأخوة بشرية تجمعنا جميعاً بقطع النظر عن الدين او القومية او لون البشرة او العرق ..
 حبيب تومي / عنكاوا في 02 / 11 / 10

237
مصرف الوركاء وحكومتي العراق واقليم كوردستان والمواطن الضحية
بقلم : حبيب تومي / أربيل

habeebtomi@yahoo.no



المواطن العراقي تحيط به شتى صنوف المظالم والمعاناة اليومية وليس اقلها الهاجس الأمني الذي يعكر صفو حياته ، وانعدام الخدمات ، والبطالة والترهل البيروقراطي في معاملات الحكومية اليومية ، وغيرها كثير ، ومن جملة امور الحياة المعاصرة التعامل مع المصارف والنزاهة والشفافية التي يفترض ان تسلكها المؤسسات المصرفية التي تتعامل مع المواطن ويبني عليها آمالاً عريضة في تنظيم حياته المالية .
الفيلسوف المعاصر جون لوك كان قد وضع الأسس المتينة للحكم والتي يأتي في مقدمتها مسالة المحافظة على ملكية المواطنين في الدولة الأوروبية الحديثة ، وما نراه في الدول الغربية اليوم ان المؤسسات المصرفية للقطاع الخاص تلعب دوراً رئيسياً في عملية التنمية في هذه البلاد ، لكن في عالمنا الثالث وفي العراق بشكل خاص هل هي المسالة كذلك ؟ وكمثال لهذه المؤسسات نتناول في هذا المقال مصرف الوركاء للاستثمار والتنمية ، والذي اتعامل معه شخصياً وبالذات مع فرع دهوك في اقليم كوردستان منذ اواسط سنة 2008 م .
 المعروف عني شخصياً لست تاجراً او مستثمراً او مقاولاً لكني وضعت مبلغاً من المال كحساب توفير تساعدني تلك الفوائد في تمشية امور الحياة .
نعود الى مصرف الوركاء الذي يرتبط اسمه بشريحة واسعة من المواطنين الذين تعاملوا معه ، لقد  سمعت ان ملكية هذا المصرف  تعود الى بيت بنيّة المعروف في العراق ، والرأي الراجح ان بيت بنية لا يقبل بأن يخدع المواطن العراقي ويستولي على امواله وهو ليس بحاجة الى ذلك ، وعرفت بواسطة محرك كوكل ان محمد السامرائي هو المدير المفوض لهذا المصرف ، وجاء في مقدمة إحدى المقابلات معه ان : (محمد السامرائي شاب عراقي طموح يطمح لبناء البلد بما ينسجم مع تأريخه واصالته وعراقيته، وينسجم مع طموح ابناء شعبه في الرقي والتقدم للوصول بالبلد الى مستوى البلدان المتطورة، لان العراق خصب بكل مؤهلات التطور والبناء وليكون قائدا كما كان في التأريخ القديم والتأريخ الحديث.
السامرائي محامي وخبير مصرفي واقتصادي وعضو المكتب السياسي للتيار الوطني المستقل الذي يرأسه الدكتور محمود المشهداني. ) انتهى الأقتباس
الذي حدث انني خابرت الأستاذ السامرائي وأجابني لمرة واحدة فقط وبعد ذلك حفظت عن ظهر قلب الجملة التي يكررها جهازي بقوله : ( المشترك لا يرد حاول الأتصال في وقت لاحق ) .
من المؤكد ان هذا المصرف يعمل حسب القوانين المرعية في العراق وفي اقليم كوردستان ، وإن من تعامل مع المصرف من المواطنين وانا واحد منهم ، كان يحدوه الأمل بأنه يتعامل مع جهة قانونية مرخصة من قبل  الدولة العراقية وإن حقوقه المالية محفوظة بحكم القانون ، وأنطلاقاً من ذلك انا شخصياً وضعت ثقتي بهذا المصرف ، وأودعت ما املكه من المبالغ ( تحويشة العمر ) في هذا المصرف ، ولكن تفاجئت حينما امتنع فرع المصرف في دهوك في تزويدي بالمبالغ التي احتاجها لتعمير بيت متواضع في القوش التي وطني العراقي ، وكانت ثمة مبررات وحجج من المسؤولين لا تغني ولا تشبع من جوع .
لقد قرأت في المواقع الألكترونية مختلف التصريحات لمسؤولين بهذا المصرف : يقول احد المسؤولين وهو محمد حسين لأكانيوز :
 ان وزارة التجارة العراقية تدين 250 مليون دولار للبنك ولكنه فشل في اعادة الاموال بسبب التغييرات في قيادة الوزارة.

من جانبه ، قال Dler محمد ، رئيس فرع الوركاء في كردستان وقد وافق وزير المالية العراقي لإعطاء القرض نحو 64 مليون دولار للبنك.
ونقرأ ايضاً :
أخبار السومرية نقلت متحدث باسم البنك قوله ان البنك "معتمد من قبل البنك المركزي العراقي ، ولا يمكن الحديث عن إفلاس" ، وأضاف أن الشائعات كانت محاولة من جانب المنافسين للبنك لتشويه سمعتها. انتهى الأقتباس
تصريحاات كثيرة نسمعها ، انا شخصيا راسلت معظم المدراء او جميعهم والمذكورة اسماؤهم في موقعهم الألكتروني حسب الرابط ادناه ويتعين ان يستجيب هؤلاء لاسئلة المواطن :
http://www.warka-bank.com/ar/contact.php
 لكن الصمت الرهيب كان يلفهم جميعاًً ولم تصلني اية إجابة ، وحينما لا يكون ثمة اي تفسير من المسؤولين يذهب المواطن الى مربع التخمينات والهواجس ، فالمصداقية والشفافية ينبغي ان يتحلى بها هؤلاء المدراء .
التحليل الذي اذهب اليه ان مصرف الوركاء ، كان قد اجيز من قبل الحكومة العراقية ، وكذلك من قبل حكومة اقليم كوردستان ، والمصرف يتخندق في إطار الشرعية حينما يرفع يافطات على مقراته ، والفروع والرئيسي لهذا المصرف يعمل بموجب قوانين التي تسنها الدولة ، ويعلق مدير اي فرع صورة رئيس الجمهورية ، وفي اقليم كوردستان صورة رئيس الأقليم الى جانب صورة رئيس الجمهورية ، وحينما يرى المواطن امامه هذا الوضع يتسرب الى دواخله عوامل الثقة والأمان ، فالحومة هي التي تحمي حقوقه .
إننا نضع هذه المعضلة امام المسؤولين في حكومة العراق الأتحادي وحكومة اقليم كوردستان وإدارة مصرف الوركاء ، لكي يصل المواطن الى حقوقه كاملة ، فالمواطن العراقي اليوم له معاناة كثيرة وينبغي ان لا يؤرقه هاجس فقدان امواله . إن الحكومتان المركزية وأقليم كوردستان ، وإدارة المصرف ومديرها العام ومالكي المصرف معنيين قانونياً وأخلاقياً بالحفاظ على حقوق المواطن العراقي الذي منحهم ثقته وأودع عندهم امواله . كما ان الصمت الرهيب الذي يلف بمسؤولي المصرف وامتناعهم لحد الآن بمنح اي مبالغ للمودّعين يزيد من شكوك المواطن ومن مخاوفه ونتمنى ان تحل هذه المعضلة بأسرع وقت .
حبيب تومي / اربيل في 27 / 10 / 2010

238
توما توماس جسّد وحدة العراق في القوش
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.com
 
ملاحظة لابد منها
يوم الخميس 21 / 10 مساءً زرت مقر منظمة الحزب الشيوعي برفقة احد الأصدقاء ، ونحن جالسون في الحديقة ، وجهت سؤالي لأحد المسؤولين في المنظمة ، فيما إذا كان هنالك متسع من الوقت لألقي كلمة بهذه المناسبة حيث كنت قد هيأت كلمة مختصرة ، بسبب انني احد المحاربين القدماء الى جانب المرحوم توما توماس وثانياً إنني امثل الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، فأكد الأخ المسؤول ( ف) بأنهم لا يريدون إرهاق الناس بالكلمات ، وستقتصر الأحتفالية على كلمة الحزب وكلمة عائلة المرحوم . لكن الذي حدث بعد ان ووري جثمان الراحل توما توماس وشريكةحياته ، تبين ان هنالك كلمات كثيرة لمختلف الأحزاب والمنظمات ، فأين المصداقية في ذلك ؟ كنت اود ان لا يحدث مثل التمييز في التعامل .
 هذا اليوم الجمعة الموافق 22 من اكتوبر الجاري ، خرجت القوش عن بكرة ابيها لكي تستقبل رفاة المناضل العراقي توما توماس وشريكة حياته المناضلة الماص زلفا ، نعم كانت القوش بانتظار هذا اليوم لكي تستقبل ابنها بعد فراق دام  حوالي اربعة عشر سنة .
 من المفارقات التي سمعتها من احد الأصدقاء في نفس اليوم  ، انه توجه نحو السوق لكي يشتري علبة سكائر واستغرب حين لم يجد محلاً واحداً مفتوحاً ، وبعد ان تجول خارج السوق وجد محلاً مفتوحاً وفيه شاب يافع وهو يقول للصديق الذي يطلب علبة سكائر بخجل وباعتذار  : الآن سأغلق المحل إذ ليس مناسباً ان يجلبوا رفاة توما توماس وأنا اتغيب عن الأستقبال ، أجل كان موكباً مهيباً قلما تكرر مثيله في تاريخ القوش .
لكن يبقى اهم من ذلك كثافة الوفود والشخصيات التي تقاطرت الى القوش صبيحة ذلك اليوم من مناطق بعيدة وقريبة وما لفت انتباهي الوفود والشخصيات الوافدة من عنكاوا ودهوك وغيرها ، وكان الوافدون من مختلف المكونات الجميلة في المنطقة من المسلمين والمسيحيين والأزيدية ومن العرب والأكراد ومن شتى مناطق العراق ومن خارج العراق ، وكانت بنات وأولاد الراحل توما توماس وذويه في مقدمة المستقبلين لهذه الوفود والشخصيات ، كما تجدر الأشارة الى جهود منظمة الحزب الشيوعي في القوش حيث كانت صاحبة الدعوة والمبادرة التي لا قت الأستحسان من قبل شتى الأوساط في المنطقة وكانت الفضائيات المختلفة قد شاركت في تغطية نقل مراسيم الموكب المهيب لنقل الرفاة من دهوك الى القوش كثير من وسائل الأعلام  وفضائيات عربية وكردية وعشتار وآشور وغيرها .
هذا الموكب المهيب كان مناسبة لتصفية القلوب ولتعزيز الأنتماء العراقي ، فالمناسبة شكلت نقطة ضوء تبرز بأنه مهما اختلفت انتماءاتنا السياسية والقومية والدينية والأثنية والعرقية فإننا ابناء الوطن العراقي الواحد ، وإن هذه الهوية هي مصدر قوتنا ، وإن كان ثمة اختلاف بيننا فالهوية العراقية الأصيلة يمكن ان تشكل الواحة الجميلة التي ينتعش فيها كل الأزهار وكل الألوان ، إن انتماء توما توماس يشكل حلقات متصلة فهو ابن صادق توماس ومن عائلة ككا الألقوشية ، وهو مسيحي كاثوليكي ومن القومية الكلدانية وهو منخرط في صفوف الحزب الشيوعي منذ الخمسينات من القرن الماضي ، وهو مقاتل شجاع في صفوف الأنصار الى جانب ثورة الشعب الكوردي ، وأخيراً هو مناضل عراقي عمل من اجل تعزيز وحدة الشعب العراقي ، وإرساء حكم ديمقراطي علماني على ارض العراق ، وفوق ذلك هو مؤمن بانتمائه الأنساني . هذا هو توما توماس الذي جمع كلمة العراقيين في موكب رفاته لتدفن في مثواها الأخير في القوش الحبيبة الى قلبه ، التي استقبلته بتلك الحفاوة المنقطعة النظير .
 إن القوش التي تشكل جغرافياً نقطة لقاء بين السهل والجبل ، وفي الخارطة القومية فإن القوش الكلدانية هي نقطة لقاء بين القوميتين الكوردية والعربية ، وفي العهد العثماني كان حولها ( القوش ) خلاف بين تبعيتها لولاية الموصل ( العربية ) ام لولاية بهدينان ( الكردية ) ، هكذا نأمل ان تبقى القوش نقطة تواصل وتفاهم العربي الكردي ، وإن تحترم خصوصيتها الكلدانيــــــــة . أجل كان الموكب المهيب لتوما توماس ورفيقة دربه عاملاً لتعزيز اواصر التفاهم والمواطنة بين كل المكونات العراقية الأصيلة ، والتي تقطن هذه المنقطة منذ قديم الزمان .
 بقي ان نقول ان توما توماس قد كرس حياته للنضال ، وكلنا نعرف كم هو هذا الطريق محفوف بالمخاطر ومكلل بالتضحيات ، وكانت عائلته الكريمة تتحمل العبئ الكبير من الملاحقات والتشرد والأضطهاد .
 لقد تجلت قابليات توما توماس النضالية وتبلورت شخصيته القيادية حينما انخرط في صفوف الأنصار الى جانب ثورة الشعب الكوردي  ، فكانت السفوح والوديان والشعب العاصية وقمم الجبال كوردستان تحكي قصة رجل شجاع ، لقد تسلح توما توماس الى جانب البندقية بالحكمة والذكاء ، وهكذا تميزت شخصيته بتلك القابليات ، فكان ان كسب الأحترام والتقدير حتى من عدوه .
هكذا بقي توما توماس في حركة دائبة يفرض حضوره وعرف على ساحة النضال في الوطن العراقي عموماً وعلى ذرى جبال كوردستان خصوصاً ، دأب مواظباً في درب النضال دون ان تثنيه عروض الترغيب والأغراء او اساليب الأرهاب والتهديد .
تقول المناضلة الأسبانية دولوريس إيباروري :
أفضل للانسان ان يموت واقفاً على ان يعيش راكعاً ، أجل لم يركع توما توماس في حياته ، فقد بقيت قامته سامقة لا تهزها الرياح العاتية .
 لقد عملت في فترة الشباب من عمري مع توما توماس الى جانب زملاء آخرين شجعان بعضهم قد ودع هذه الحياة وآخرين لا زالوا يواصلون الحياة بيننا ، ولقد لمسنا من توما توماس في وقتها التواضع والتضحية والإقدام والشجاعة والحكمة ، لقد عمل فترة الى جانب المناضل الشهيد هرمز ملك جكو ، ومع المرحوم حسو ميرخان وقابل مرات عديدة قائد الثورة الكردية الملا مصطفى البارزاني وكان له كلمة مسموعة لدى القيادة الكوردية ، وإن كانت السياسة قد ابعدته لفترة محدودة عن جبال كوردستان فإن المحصلة الرئيسية تشير بخط عريض الى العلاقات الأخوية النضالية مع قضية الشعب الكوردي .
لقد احب توما توماس القوش وكانت القوش ترمز وتجسد عنده الوطن العراقي برمته ، وها هو يعود اليوم الى القوش ، ومع رفيقة دريه الأنسانة المضحية ، والتي يمكن ان ينطبق عليها مقولة ان وراء كل انسان عظيم امرأة ، وهكذا فإن هذه المراة الماص حسقيال زلفا بقيت الى جانبه في السراء والضراء ، وهي الى جانبه في تربة الوطن ، إن هذه البادرة الوطنية والأنسانية التي تبنتها منظمة الحزب الشيوعي في القوش ، تستحق الثناء والتقدير ، كما انها مناسبة لتحية العائلة الكريمة للمناضل توما توماس  .
المجد والخلود لكل شهداء العراق العظيم .

حبيب تومي / القوش في 23 / 10 / 2010

239
اضواء على  تصريحات المطران ساكو لمطكستا المنشورة على موقع عنكاوا كوم
بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
 
المطران الجليل لويس ساكو غني عن التعريف وهو المعروف بعراقيته الأصيلة وحرصه على الوجود المسيحي في الشرق الأوسط عموماً وفي العراق على وجه الخصوص ، كما يتسم نيافة المطران ساكو بصراحته المعهودة  وهو يضع النقاط على الحروف دون مجاملة لأي طرف من الأطراف ، وقد اطلعت على تفاصيل تصريحاته التي ادلى بها لموقع (ADO-world) التابع للمنظمة الآثورية الديمقراطية مطكستا فرع اوروبا ، وتفاصيل المقابلة قرأتها على موقع عنكاوا كوم .
 نيافة المطران ساكا يشخص موضع الألم ويقول : ( نحن مهددون بالانقراض إذا استمر التطرف . حضورنا المسيحي تعبان ، وجودنا مهدد .. ) انتهى الأقتابس
اجل ان التطرف هو سبب الكارثة التي حلت بالعراق ، وكان وقود الكارثة المكون المسيحي ، ونحن متفقون على ان التطرف والأرهاب الناجم عنه طال جميع المكونات العراقية الصغيرة والكبيرة حيث طال السنة والشيعة والعرب والأكراد ، لكن حصة المكونات الصغيرة كانت اشد ايلاماً وتأثيراً ، وبشكل خاص المكونات غير المسلمة  كالأزيدية والمندائيين والمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين على حد سواء ، فهذه  المكونات الصغيرة بات وجودها مهدداً والنتيجة تؤول نحو الأندثار النهائي لهذه المكونات الأصيلة من وطنها العراقي ، لكن المكونات الكبيرة لا يلفها التهديد والخطورة كما هي حالة المكونات الصغيرة .
يضيف المطران الجليل في تصريحه يقول :
( .. ونحن نتعارك حول هذا كلداني او سرياني او أشوري، هذا لايجوز لانه يشبه الجدل البيزنطي عندما كانت المدينة محاصرة كانوا مشغولين بالمناقشة حول جنس الملائكة .. ) انتهى الأقتباس .
اقول حبذا لو سمى المطران الجليل الأشياء بأسمائها ، من هو الذي خلق مثل هذا الجدل البيزنطي ؟
 الكلداني ورث تسميته عبر التاريخ وهكذا كان السرياني والآشوري ، ولم يكن اي جدل قومي بين هذه الأطراف ، لكن الأحزاب الآشورية حينما ورثت السلطة بطبق من ذهب من الحاكم الأمريكي بول بريمر،  دأبت على فرض اجندة قومية متعصبة على الجميع ؟ اليست هذه الأحزاب هي التي تعمل وتوظف الملايين من اجل طمس القومية الكلدانية وتهميشها من الساحة العراقية ؟ هل هنالك كلداني واحد يفرض اجندته القومية على غيره ؟ لماذا لا نشخص الخلل بشجاعة ونحاول علاجه بالتفاهم والأحترام المتبادل ، منطلقين من مبدأ قبول الآخر ، ومقتدين بمبادئ ولوائح حقوق الأنسان وبحقه في في حرية المعتقد والأنتماء ؟ أليس من حق الكلدانيين ان يفكروا كما يشاؤون دون وصاية الحزب الآشوري ؟   
بدلاً من درء الأخطار المحيقة بهذا الشعب المسكين ، استولدت الأحزاب السياسية القومية ( الآشورية ) تسميات سياسية لشعبنا المسيحي ، دون مراعاة المشاعر القومية المتوارثة ، فغدا كل حزب آثوري يسجل لنا تسمية علينا القبول بها ، وإلا تلصق بنا شتى التهم ،الخونة الأنفصاليين الأنقساميين وهلم جراً كل ذلك لأننا لا نطيع القرارات السياسية تلك الأحزاب حول التسمية ، ولا زال غبار المعركة التي يثيرها بعض كتابنا من الكلدان وبشكل خاص الكتاب الذين ركبوا مركب الحزب الآشوري ، وهم من اصدقائنا ، وبالأمس كانوا يكيلون المديح للقومية الكلدانية واليوم دأبوا على كيل التهم لمن يعتز بقوميته الكلدانية ، وليس امامنا سوى ان نقول سبحان المغير الأحوال .
اجل سيادة المطران ثمة جدل محتدم ، لكنه بين جانب ( آشوري) متعصب يريد ان يلغي التاريخ ويضع بدله قرارات حزبية سياسية وبين جانب آخر الكلدانيون يريدون ان يحتفظوا بما ورثوه من آبائهم وأجدادهم بعيداً عن القرارات السياسية للحزب الآشوري ، هذا هو الواقع وعلينا ان ننطلق منه بغية التفاهم ووضع الحلول بشفافية واحترام وقبول الآخر وليس نفيه من الساحة باسم الوحدة التي اصبحت شماعة يعلق عليها مغالاة الفكر القومي المتعصب .
عن التعداد السكاني ومسالة ووضع التسمية السياسية المطبوخة في مطابخ الأحزاب الآشورية تحديداً دون غيرها يقول نيافة المطران ساكو :
(اتمنى ان يحصل اتفاق حول تسمية موحدة حيث كل طرف يعتز بهويته وانتمائه، ممكن الاطراف ان تتنازل من أجل قضية كبيرة هي قضية بقاء المسيحيين واستمرارهم . لايوجد اتفاق ولا كلمة موحدة هناك فئوية وعموما الاهتمام الفئوي والطائفي بدا يقوى في الواقع العراقي وهذه مشكلة ) انتهى الأقتباس
المطران الجليل يعرب عن تمنياته بحصول الأتفاق حول تسمية موحدة حيث ان كل طرف يعتز بهويته وانتمائه . وهي مسالة طبيعية فكل طرف لا يقبل ان يتنازل للآخر عن اسمه التاريخي ، وإن كان البعض مستعد لمثل هذا التنازل من اجل منافع مادية او مصلحة شخصية ، فلا يتوفر مثل هذا الأستعداد عند الجميع فالأكثرية تعتز بتاريخها وبتراثها وانتمائها .
 اقول نحن كلدان وسريان وآثوريين ، ولكل من هذه المكونات خصوصياته الذاتية ، وهو وارثها عبر التاريخ ومع تعاقب الأجيال ، ولو كنا واحداً لما كان لنا ثلاثة اسماء ، ولأصبح اسمنا واحداً مثل العرب او الأكراد او الأرمن الذين لهم اسم واحد ، فنحن ثلاثة ( كلدان وسريان وآثوريين ) هذا هو واقع الحال ، لكن وجود الثلاثة ( كلدان وسريان وآثوريين ) بات مهدداً  ، فهل نتحد نحن الثلاثة ونتفق على خطاب وأجندة معينة ؟  ولكي نواجه الكارثة التي تحل بنا هل نتراصف بصف واحد ؟ هذا هو السؤال .
 هل نبقي الأسم الآشوري  ونلغي التسميات الأخرى ؟ هل سيكون هذا حلاً مقبولاً وإنسانياً ، أم هو حل يشبه بالوحدة التي عقدها صدام حسين مع الكويت حينما دخل تلك الأراضي بقوة السلاح ؟
إننا نضع رجلنا في عتبة القرن الواحد والعشرين ، هل يقبل الطرف ألأثوري بهضم حقوق شقيقه الشعب الكلداني ؟ ألا يخالف ذلك لوائح حقوق الأنسان ؟ اليس من حق الكلداني ان يجاهر بقوميته الكلدانية كما هو الحق مضمون للآثوري ، فلماذا نقبل بهضم حقوق الأنسان الكلداني بحجة الوحدة .
اعود الى تصريحات المطران الجليل لويس ساكو حينما يجيب على السؤال الذي يقول ما هو الحل ؟
 حيث يجيب عليه بقوله :
(ج/ هناك دعوات لعقد مؤتمر لكل فئات شعبنا المسيحي ، يجب دراسة الوضع وعمل تحليل لطرح حلول مستقبلية، يجب وجود فريق عمل متخصص يقوم بتحليل الأوضاع ... نحتاج لعقد شيء يتم تحضيره بروية وتأني واكثر شمولية لدراسة ماهية المخاطر وطرح الحلول. الان في الواقع العراقي هناك اهتمام ووحدة في البيت الشيعي وكذلك البيت السني والبيت الكردي، فقط المسيحيين مبعثرين دينيا وسياسيا وقوميا، شعبنا لايمتلك لامرجعية سياسية ولا مرجعية دينية ، يجب الاختلافات الدينية والقومية أن لاتتحول الى خلافات، هناك خطر قادم ويجب التوحد لدعم وجودنا وحضورنا المسيحيي.على الكل تقديم تنازلات لخدمة قضيتنا. ) انتهى الأقتباس .
اجل ينبغي عقد مؤتمر لكل فئات شعبنا ، هذا هو الحل اما إقصاء الطرف الكلداني تحت ذريعة انهم لم يفوزوا في الأنتخابات ، ولأنه لم يكن لهم مقعد في البرلمان الكوردستاني او العراقي فينبغي ان يُلغى تاريخهم وإن يُنفى وجودهم من الساحة السياسية والقومية ، وعليهم الخضوع لمن فازوا في الأنتخابات وهما الحزبان الآشوريان الزوعا والمجلس الشعبي . والمفارقة ان الذين لا يطيعون هذين الحزبين تلصق بهم تهم الخائن والتقسيميين والمخربين الى آخره ، ومن يرفع العلم الأبيض للحزب الآشوري فهو وحدوي ، هذا هو الجدل الدائر بيننا .
 الحقيقة المعلومة ان الكلداني يعرف انه كلداني وهذا ينطبق على السرياني والآثوري فلماذا هذا الجدل البزينطي العقيم ؟ لماذا يكون شأننا مثل راكب الحمار وهو يصيح اين حماري ؟ هذا هو الواقع الذي اوقعنا به بعض الأخوة المغالين في موالاتهم للحزب الآشوري .
 اليس الأفضل ان نبقي على تواريخنا وأسمائنا بشكلها الجميل ، ونجلس وراء الطاولة المستديرة لنتفاهم بأخوة وشفافية ، ونبحث بالدرجة الأولى وجودنا الديموغرافي في مناطقنا ، ومسألة وجودنا في الوطن العراقي بشكل عام ؟ اليس ذلك افضل من الوقع في مستنقع  التركيز على إلغاء المكون الكلداني ؟
 وماذا نستفيد إذا إلغي الأسم الكلداني من الوجود ؟ هل سوف تتوقف الهجرة ؟
هل سيتوقف الأرهاب بحق المكون المسيحي ؟
حقاً إنها حالة يرثى لها ، ان يجعل إخواننا في الحزب الآشوري همومهم الوحيدة هو إلغاء التسمية الكلدانية ، وكأن ذلك سيشكل العصى السحرية لزوال كل مشاكلنا .
 اضع امام سيادتكم ايها المطران الجليل الويس ساكو مقترح عقد جلسة أخوية بين قوانا الذين يعتزون بقوميتهم الكلدانية وبين الذين يعتزون بقوميتهم الآشورية وبين الذين يعتزون بقوميتهم السريانية ، ان نجلس كأنداد متكافئين وليس كرؤساء ومرؤوسين ، ونبحث الأمور بمفاهيم الديمقراطية والمساواة وبوائح حقوق الأنسان في المعتقد والأنتماء  ، وباعتقداي انه السبيل القويم لوضع اسس راسخة للخروج بنتيجة ترضي الجميع دون ان يكون هنالك غالب ومغلوب .
 بهذا المنطق سوف ننأى بأنفسنا عن مفهومية كسر العظام ولوي اعناق الحقيقة ، بغية الغلبة على حلبة المصارعة . إننا شعب مسيحي واحد متكون من الكلدان والسريان والآثوريين ، وعلينا الأنطلاق من هذا المفهوم لوضع اسس لشراكة شفافة اخوية ، هذا هو منطق التعاون والعمل والمشترك .
حبيب تومي / عنكاوا في 14 / 10 / 10عة

240
اضواء على  تصريحات المطران ساكو لمطكستا المنشورة على موقع عنكاوا كوم
بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
 
المطران الجليل لويس ساكو غني عن التعريف وهو المعروف بعراقيته الأصيلة وحرصه على الوجود المسيحي في الشرق الأوسط عموماً وفي العراق على وجه الخصوص ، كما يتسم نيافة المطران ساكو بصراحته المعهودة  وهو يضع النقاط على الحروف دون مجاملة لأي طرف من الأطراف ، وقد اطلعت على تفاصيل تصريحاته التي ادلى بها لموقع (ADO-world) التابع للمنظمة الآثورية الديمقراطية مطكستا فرع اوروبا ، وتفاصيل المقابلة قرأتها على موقع عنكاوا كوم .
 نيافة المطران ساكا يشخص موضع الألم ويقول : ( نحن مهددون بالانقراض إذا استمر التطرف . حضورنا المسيحي تعبان ، وجودنا مهدد .. ) انتهى الأقتابس
اجل ان التطرف هو سبب الكارثة التي حلت بالعراق ، وكان وقود الكارثة المكون المسيحي ، ونحن متفقون على ان التطرف والأرهاب الناجم عنه طال جميع المكونات العراقية الصغيرة والكبيرة حيث طال السنة والشيعة والعرب والأكراد ، لكن حصة المكونات الصغيرة كانت اشد ايلاماً وتأثيراً ، وبشكل خاص المكونات غير المسلمة  كالأزيدية والمندائيين والمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين على حد سواء ، فهذه  المكونات الصغيرة بات وجودها مهدداً والنتيجة تؤول نحو الأندثار النهائي لهذه المكونات الأصيلة من وطنها العراقي ، لكن المكونات الكبيرة لا يلفها التهديد والخطورة كما هي حالة المكونات الصغيرة .
يضيف المطران الجليل في تصريحه يقول :
( .. ونحن نتعارك حول هذا كلداني او سرياني او أشوري، هذا لايجوز لانه يشبه الجدل البيزنطي عندما كانت المدينة محاصرة كانوا مشغولين بالمناقشة حول جنس الملائكة .. ) انتهى الأقتباس .
اقول حبذا لو سمى المطران الجليل الأشياء بأسمائها ، من هو الذي خلق مثل هذا الجدل البيزنطي ؟
 الكلداني ورث تسميته عبر التاريخ وهكذا كان السرياني والآشوري ، ولم يكن اي جدل قومي بين هذه الأطراف ، لكن الأحزاب الآشورية حينما ورثت السلطة بطبق من ذهب من الحاكم الأمريكي بول بريمر،  دأبت على فرض اجندة قومية متعصبة على الجميع ؟ اليست هذه الأحزاب هي التي تعمل وتوظف الملايين من اجل طمس القومية الكلدانية وتهميشها من الساحة العراقية ؟ هل هنالك كلداني واحد يفرض اجندته القومية على غيره ؟ لماذا لا نشخص الخلل بشجاعة ونحاول علاجه بالتفاهم والأحترام المتبادل ، منطلقين من مبدأ قبول الآخر ، ومقتدين بمبادئ ولوائح حقوق الأنسان وبحقه في في حرية المعتقد والأنتماء ؟ أليس من حق الكلدانيين ان يفكروا كما يشاؤون دون وصاية الحزب الآشوري ؟  
بدلاً من درء الأخطار المحيقة بهذا الشعب المسكين ، استولدت الأحزاب السياسية القومية ( الآشورية ) تسميات سياسية لشعبنا المسيحي ، دون مراعاة المشاعر القومية المتوارثة ، فغدا كل حزب آثوري يسجل لنا تسمية علينا القبول بها ، وإلا تلصق بنا شتى التهم ،الخونة الأنفصاليين الأنقساميين وهلم جراً كل ذلك لأننا لا نطيع القرارات السياسية تلك الأحزاب حول التسمية ، ولا زال غبار المعركة التي يثيرها بعض كتابنا من الكلدان وبشكل خاص الكتاب الذين ركبوا مركب الحزب الآشوري ، وهم من اصدقائنا ، وبالأمس كانوا يكيلون المديح للقومية الكلدانية واليوم دأبوا على كيل التهم لمن يعتز بقوميته الكلدانية ، وليس امامنا سوى ان نقول سبحان المغير الأحوال .
اجل سيادة المطران ثمة جدل محتدم ، لكنه بين جانب ( آشوري) متعصب يريد ان يلغي التاريخ ويضع بدله قرارات حزبية سياسية وبين جانب آخر الكلدانيون يريدون ان يحتفظوا بما ورثوه من آبائهم وأجدادهم بعيداً عن القرارات السياسية للحزب الآشوري ، هذا هو الواقع وعلينا ان ننطلق منه بغية التفاهم ووضع الحلول بشفافية واحترام وقبول الآخر وليس نفيه من الساحة باسم الوحدة التي اصبحت شماعة يعلق عليها مغالاة الفكر القومي المتعصب .
عن التعداد السكاني ومسالة ووضع التسمية السياسية المطبوخة في مطابخ الأحزاب الآشورية تحديداً دون غيرها يقول نيافة المطران ساكو :
(اتمنى ان يحصل اتفاق حول تسمية موحدة حيث كل طرف يعتز بهويته وانتمائه، ممكن الاطراف ان تتنازل من أجل قضية كبيرة هي قضية بقاء المسيحيين واستمرارهم . لايوجد اتفاق ولا كلمة موحدة هناك فئوية وعموما الاهتمام الفئوي والطائفي بدا يقوى في الواقع العراقي وهذه مشكلة ) انتهى الأقتباس
المطران الجليل يعرب عن تمنياته بحصول الأتفاق حول تسمية موحدة حيث ان كل طرف يعتز بهويته وانتمائه . وهي مسالة طبيعية فكل طرف لا يقبل ان يتنازل للآخر عن اسمه التاريخي ، وإن كان البعض مستعد لمثل هذا التنازل من اجل منافع مادية او مصلحة شخصية ، فلا يتوفر مثل هذا الأستعداد عند الجميع فالأكثرية تعتز بتاريخها وبتراثها وانتمائها .
 اقول نحن كلدان وسريان وآثوريين ، ولكل من هذه المكونات خصوصياته الذاتية ، وهو وارثها عبر التاريخ ومع تعاقب الأجيال ، ولو كنا واحداً لما كان لنا ثلاثة اسماء ، ولأصبح اسمنا واحداً مثل العرب او الأكراد او الأرمن الذين لهم اسم واحد ، فنحن ثلاثة ( كلدان وسريان وآثوريين ) هذا هو واقع الحال ، لكن وجود الثلاثة ( كلدان وسريان وآثوريين ) بات مهدداً  ، فهل نتحد نحن الثلاثة ونتفق على خطاب وأجندة معينة ؟  ولكي نواجه الكارثة التي تحل بنا هل نتراصف بصف واحد ؟ هذا هو السؤال .
 هل نبقي الأسم الآشوري  ونلغي التسميات الأخرى ؟ هل سيكون هذا حلاً مقبولاً وإنسانياً ، أم هو حل يشبه بالوحدة التي عقدها صدام حسين مع الكويت حينما دخل تلك الأراضي بقوة السلاح ؟
إننا نضع رجلنا في عتبة القرن الواحد والعشرين ، هل يقبل الطرف ألأثوري بهضم حقوق شقيقه الشعب الكلداني ؟ ألا يخالف ذلك لوائح حقوق الأنسان ؟ اليس من حق الكلداني ان يجاهر بقوميته الكلدانية كما هو الحق مضمون للآثوري ، فلماذا نقبل بهضم حقوق الأنسان الكلداني بحجة الوحدة .
اعود الى تصريحات المطران الجليل لويس ساكو حينما يجيب على السؤال الذي يقول ما هو الحل ؟
 حيث يجيب عليه بقوله :
(ج/ هناك دعوات لعقد مؤتمر لكل فئات شعبنا المسيحي ، يجب دراسة الوضع وعمل تحليل لطرح حلول مستقبلية، يجب وجود فريق عمل متخصص يقوم بتحليل الأوضاع ... نحتاج لعقد شيء يتم تحضيره بروية وتأني واكثر شمولية لدراسة ماهية المخاطر وطرح الحلول. الان في الواقع العراقي هناك اهتمام ووحدة في البيت الشيعي وكذلك البيت السني والبيت الكردي، فقط المسيحيين مبعثرين دينيا وسياسيا وقوميا، شعبنا لايمتلك لامرجعية سياسية ولا مرجعية دينية ، يجب الاختلافات الدينية والقومية أن لاتتحول الى خلافات، هناك خطر قادم ويجب التوحد لدعم وجودنا وحضورنا المسيحيي.على الكل تقديم تنازلات لخدمة قضيتنا. ) انتهى الأقتباس .
اجل ينبغي عقد مؤتمر لكل فئات شعبنا ، هذا هو الحل اما إقصاء الطرف الكلداني تحت ذريعة انهم لم يفوزوا في الأنتخابات ، ولأنه لم يكن لهم مقعد في البرلمان الكوردستاني او العراقي فينبغي ان يُلغى تاريخهم وإن يُنفى وجودهم من الساحة السياسية والقومية ، وعليهم الخضوع لمن فازوا في الأنتخابات وهما الحزبان الآشوريان الزوعا والمجلس الشعبي . والمفارقة ان الذين لا يطيعون هذين الحزبين تلصق بهم تهم الخائن والتقسيميين والمخربين الى آخره ، ومن يرفع العلم الأبيض للحزب الآشوري فهو وحدوي ، هذا هو الجدل الدائر بيننا .
 الحقيقة المعلومة ان الكلداني يعرف انه كلداني وهذا ينطبق على السرياني والآثوري فلماذا هذا الجدل البزينطي العقيم ؟ لماذا يكون شأننا مثل راكب الحمار وهو يصيح اين حماري ؟ هذا هو الواقع الذي اوقعنا به بعض الأخوة المغالين في موالاتهم للحزب الآشوري .
 اليس الأفضل ان نبقي على تواريخنا وأسمائنا بشكلها الجميل ، ونجلس وراء الطاولة المستديرة لنتفاهم بأخوة وشفافية ، ونبحث بالدرجة الأولى وجودنا الديموغرافي في مناطقنا ، ومسألة وجودنا في الوطن العراقي بشكل عام ؟ اليس ذلك افضل من الوقع في مستنقع  التركيز على إلغاء المكون الكلداني ؟
 وماذا نستفيد إذا إلغي الأسم الكلداني من الوجود ؟ هل سوف تتوقف الهجرة ؟
هل سيتوقف الأرهاب بحق المكون المسيحي ؟
حقاً إنها حالة يرثى لها ، ان يجعل إخواننا في الحزب الآشوري همومهم الوحيدة هو إلغاء التسمية الكلدانية ، وكأن ذلك سيشكل العصى السحرية لزوال كل مشاكلنا .
 اضع امام سيادتكم ايها المطران الجليل الويس ساكو مقترح عقد جلسة أخوية بين قوانا الذين يعتزون بقوميتهم الكلدانية وبين الذين يعتزون بقوميتهم الآشورية وبين الذين يعتزون بقوميتهم السريانية ، ان نجلس كأنداد متكافئين وليس كرؤساء ومرؤوسين ، ونبحث الأمور بمفاهيم الديمقراطية والمساواة وبوائح حقوق الأنسان في المعتقد والأنتماء  ، وباعتقداي انه السبيل القويم لوضع اسس راسخة للخروج بنتيجة ترضي الجميع دون ان يكون هنالك غالب ومغلوب .
 بهذا المنطق سوف ننأى بأنفسنا عن مفهومية كسر العظام ولوي اعناق الحقيقة ، بغية الغلبة على حلبة المصارعة . إننا شعب مسيحي واحد متكون من الكلدان والسريان والآثوريين ، وعلينا الأنطلاق من هذا المفهوم لوضع اسس لشراكة شفافة اخوية ، هذا هو منطق التعاون والعمل والمشترك .
حبيب تومي / عنكاوا في 14 / 10 / 10
عة

241
الحزب الديمقراطي الكوردستاني بين مفهومي الحزب المناضل والحزب الحاكم
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
    
        

بدءاً لم يحصل لي الشرف الأنتماء الى الحزب الديمقراطي الكوردستاني او اي حزب كوردي آخر ، لكن الشئ الذي اجزم وأتشرف به هو انني صديق الشعب الكوردي ، وفي مجرى الأحداث المهمة في اقليم كوردسان ينعقد في العاشر من نوفمبر القادم المؤتمر الثالث عشر للحزب الديمقراطي الكوردستاني  .
 سوف اكتب عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني برؤية مراقب من خارج دائرة تنظيم الحزب ، ويمكن الأستشراف على مشهد تاسيس الحزب والنضال السري ، إذ يتسلح الحزب ( اي حزب قومي طبقي وطني .. )  بحزمة من الأهداف القومية والوطنية والطبقية ، وهو يسعى جاهداً لأيجاد ارضية داخل الجمهور وطبقات الشعب لتحريكها نحو الأهداف التي سطرها في برامجه .
إن هذه المرحلة من حياة الحزب هي مرحلة نضالية وقد تتطور وسائل النضال الى الكفاح المسلح ، ويتعرض اعضاء وأصدقاء الحزب في هذه المرحلة لعمليات الأعتقال والملاحقة والسجون وقد يصل الأمر الى السجن المؤبد او الحكم بالأعدام لبعضهم ، إن هؤلاء وهم يتحركون في هذه المرحلة بإطار مجرد من الأنانية وحب الذات ، ويرون بالتضحية في حياتهم بمثابة استحقاق وثمن متوازي  لتلك الأهداف النبيلة التي تداعب مشاعرهم .
إن منظومة التثقيف طويلة الأمد للجماهير يفضي الى خلق جمهور واع مؤيد لقضيتك ، لكن المسالة تكمن في كيفية الوصول الى هذا الجمهور لجعله قوة مؤثرة في الساحة ، وثمة فرق بين مرحلة النضال السلبي ومرحلة العمل العلني لا سيما حينما يكون الحزب بموقع الحزب الحاكم ، او يكون مشتركاً في الحكم ، في مرحلة النضال ينبغي استثمار عواطف الجمهور وحماسها بل وهيجانها ، لكن في مرحلة الحكم ينبغي الأهتمام بالإطار الثقافي بمنأى عن العواطف ، ليصب تثقيفها في إطار بنائي مثمر .  
 إن مرحلة النضال في فترة التأسيس والأنطلاق تحمل اهمية كبيرة لكي ينهض الحزب على اقدامه ويمضي قدماً نحو الأمام ، من مرحلة قهر الظلم والطغيان الى مرحلة تقديم لوائح ومطالب بحقوق الشعب الذي يناضلون من اجله ، والذي آزرهم في اقسى واصعب مراحل تكوينهم ، فعرض المطالب الوطنية والقومية والمعيشية لمختلف فئات الشعب يشكل دعامة راسخة لكي تلتف الجماهير حول الحزب وتقديم التضحيات .
 إن من يقف الى جانب الحزب في تلك المرحلة  يكون كمن يقف مع الصديق وقت الضيق ، ولا غرابة ان نصادف من يكتب مقالة سياسية في مرحلة النضال ويلجأ الى كتابتها باسم مستعار ، وإن كشف امره فإنه يتعرض الى الملاحقة والأعتقال ، وثمة قوائم طويلة لمن دخلوا السجون والمعقلات بسبب افكارهم . إن هذه الحالة تتوافق مع اشكال اخرى من النضال كأن يكون المشاركة في مظاهرة او اعتصام او اضراب ، لكن في مرحلة الحكم يتباهى الكاتب ليذيّل المقال  باسمه الصريح .
وإذا ما توالمت الظروف وتحققت الأمنيات للحزب المناضل واستطاع بعد سنين من النضال ان يتحول الى حزب حاكم ، وقد يكون من المالوف والطبيعي ان تعترض سبيله  إشكاليات وصعوبات ، وفي سياق مقالنا هذا اقصد الحزب الديمقراطي الكوردستاني المعروف على الساحة الكوردستانية خصوصاً وعلى ساحة الوطن العراقي عموماً .
لكن قبل التفاصيل عن ( حدك) نعرج نحو حزب سياسي عراقي كان له دور في التاريخ المعاصر للعراق وللمنطقة وهو حزب البعث العربي الأشتراكي ، والذي كان في العهد الملكي طرفاً في الجبهة الوطنية يومذاك ، اي كان حزباً مناضلاً في الساحة السياسية ، ويقدم التضحيات ، لكن حينما انتقل هذا الحزب الى دائرة الحكم في شباط عام 1963 اتخذ لنفسه نهجاً غريباً إذ بدأ حكمه بعمليات انتقامية ضد فصائل سياسية وشن حرب شعواء ضد الأكراد ، وكان في وقت سابق يشترك مع القوى الأخرى في جبهة وطنية ، وإن ما تلا ذلك من احداث درامية على الساحة السياسية العراقية معروف ولا ضرورة للأسهاب في التطرق اليه .
وإذا عرجنا نحو ( حدك ) وهو موضوع مقالنا فقد اثبت هذا الحزب بأنه ليس  من الضرورة ان يناقض الحزب الحاكم ماضيه النضالي ، لكن المكوث في مربع زخم التاريخ النضالي سيشكل صعوبة امام الحزب ، فمعطيات مكانة الحزب الحاكم كثيرة ومغرياته كبيرة ، ومن اجل  البقاء في المربع الجميل لزمن النضال ينبغي مراجعة الذات واستحضار الماضي ، بغية الأستفادة من امجاده وتجاربه وتوظيفها في الراهن ، لأن الحاضر يشكل لحظة غير ثابتة من الزمن ، فالماضي اصبح بحكم الثابت المستقر ، وبات كنزاً للتجارب ، اما الراهن فهو في حراك وسيرورة دائمة وهو مقدمة لولوج المستقبل ، فالمستقبل يشكل آمال الأمة ، وليس ماضيها التليد .
 لكي اقرب الفكرة التي اود ايصالها اعود الى تاريخ الكنيسة الكاثوليكية في القرون الماضية حيث كانت تحمل في يدها السلطة الدينية والزمنية ، وكانت قراراتها الزمنية متدثرة بالمقدس ، ويوم طرح كوبرنيكوس نظرية كروية الأرض ودورانها حول الشمس ، شكلت تلك النظرية تناقضاً  واضحاً  مع المعتقد الديني والشعبي السائد واليقينيات الراسخة  بشروق الشمس صباحاً ودورانها حول الأرض لتغيب في خدرها مساءً ، ولجأت الكنيسة على اعتقال كوبرنيكوس   وأودعته السجن ، ولم يطلق سراحه إلا بعد ان وقع لهم تعهداً بالتنصل عن مبادئه ، ويشار الى ان كوبرنيكوس بعد توقيعه على الوثيقة ، قال : مع إني وقعت على الوثيقة  لكن تبقى الأرض كروية وهي التي تدور حول الشمس وليس العكس . وبعد عقود من الزمن اعترفت الكنيسة بمبادئ كوبرنيكوس العلمية ، وعرف بالأنقلاب الكوبرنيكي .
  لقد اسهبت في نقل المثال لاقول بان اي حزب لا يقبل بالأنفكاك من يقينيات الماضي ، معتمداً على تاريخه الجليل غير آبه بما يدور حوله من مستجدات في الحياة في مختلف جوانبها السياسية والأجتماعية والعلمية والثقافية . ويتحول في مرحلة من مراحله من حزب طليعي يحمل الراية في طليعة الجماهير الى حزب مترهل يحاول اللحاق بالجماهير ويعاني من آلية  البيروقراطية البطيئة . وفي الحزب الديمقراطي الكوردستاني لا شك ان قيادته قد تداركت هذه الحالة وهي جاهدة لتبقي الحزب في الطليعة رغم انتقاله الى مربع الحكم .
عجلة الحياة في حراك وتطور دائمين ، وينبغي على الحزب (حدك) وأي حزب آخر ان يواكب الحركة وان يبقى في سيرورة دائمة بل في حركة مضطردة لكي لا يضطر في نهاية الأمر الى الإعتراف بدروان الأرض لكن بعد فوات الأوان ، وعليه ان يعترف بدورنها في وقتها دون تأجيل لكي لا يتأخر عن الركب ، مستفيداً من تجارب التاريخ وتجربته الذاتية ايضاً  . إن تداركه لما يحدث حوله ومواكبه الأحداث بعقلانية وإدراك ووعي سوف يضمن بقائه في الطليعة بدل تأخره في موقع التابع الراكض وراء الجماهير .
الحزب الديموقراطي الكوردستاني وهو مقبل على عقد مؤتمره عليه ان يتذكر دائماً ان الجمهور هو الذي يستطيع ان يؤثر في صناعة القرار باعتباره مجموعة ناخبين تسعى لتغيير السياسات والأوضاع والبرامج .
اشير هنا الى حالة اخرى في مسيرة ( حدك) وهي مسألة تمثيل المكونات الكوردستانية الأخرى من غير الأكراد في المؤتمر المزمع عقده في الشهر القادم في اربيل ، فمن الأطناب القول والتذكير بأن لشعبنا الكلداني مساهمات فعالة الى جانب الحزب ( حدك) ،ورغم ان كارزمية ملا مصطفى البارزاني كانت تشكل المحور في جذب فصائل كثيرة الى صفوف الثورة والحزب ، وهذه حقيقة ليس الى نكرانها سبيل ، فعاملي الشخصية الكارزمية والعشائرية كانت ولا زالت تلعب دوراً كبيراً في عهد الثورة وفي الوقت الحاضر حيث الحزب ( حدك) يشترك مع غيره من الأحزاب الكوردستانية لقيادة دفة الحكم في اقليم كوردستان .
 اقول :
 إن نخبة كبيرة من شعبنا الكلداني تعمل في صفوف ( حدك) لكن حظوظهم في التمثيل في مؤتمر الحزب تبدو ضئيلة ، حيث ان حجز الكرسي في قاعة المؤتمر يتطلب الحصول بحدود 1000 صوت حسب معلوماتي المحدودة ، ووفق هذه الآلية سيكون من المتعذر صعودهم الى المؤتمر ، وفي حالة غيابهم عن المؤتمر لا يمكن ان يجسدوا هموم شعبهم الكلداني ، وإذا ما علمنا ان مؤتمر حزب الأتحاد الوطني الكوردستاني مثّل فيه المكون المسيحي بحدود 15 ـ 20 عضو ، وفي ضوء ذلك سيكون من الضروري إنصاف المكونات الكوردستانية الأخرى من غير الأكراد بما فيهم شعبنا الكلداني ، ان يكون لهم تمثيل عادل في هذا المؤتمر المهم .
 وهذه مناسبة ايضاً لاعرض هموم شعبنا الكلداني لكي يعامل بإنصاف في اقليم كوردستان الذي يأبى ان يهضم حقوق اي مكون كوردستاني  ، فينبغي على قيادة اقليم كوردستان الأسترشاد بلوائح حقوق الأنسان ، وذلك بإعادة التسمية القومية للشعب الكلداني الى مسودة دستور اقليم كوردستان ، وإنصاف هذا الشعب وفق لوائح حقوق الأقليات ودون وصاية من اي حزب آخر ، فكما ان الشعب الكوردي لا يقبل بوصاية حزب آخر ، فإن شعبنا الكلداني هو سيد نفسه وله شخصيته القومية وتاريخه معروف في الوطن العراقي وفي اقليم كوردستان ، ولا نقبل بأية تسمية سياسية لقوميتنا الكلدانية في اقليم كوردستان او في عموم الوطن العراقي .
 حبيب تومي / القوش في 09 / 10 / 10

242
هل تشكل عملية التعداد السكاني تهديداً للكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني ؟
بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
 
التعدد السكاني المزمع أجراؤه في 24 / 10 / 10 هو عملية إدارية تنظيمية  وحسابات فنية تهدف الى وضع الخطط التنموية والأهداف الأستراتيجية على اسس علمية مدروسة ، انطلاقاً من تحديد الطاقات وأعداد القوى البشرية وأعمارها واجناسها ، لكن في العراق وفي الظرف الراهن ، فإن عملية الأحصاء تحمل في طياتها سمات سياسية لا يمكن تجاهلها ، وسوف يكون للعملية اهمية استثنائية في هذا الظرف الدقيق ، إذ سيحدد الثقل الديمغرافي لكل مكون عراقي ، فالكردي سيتعين عليه ان يكتب قوميته كردية والعربي سيضع في حقل القومية ، القومية العربية ، وهذا ينطبق على التركماني والأرمني والآشوري  والكلداني وغيرهم من المكونات .
 ولكن لماذا الخشية على مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية في العراق ا تحديداً ، وما هذا العنوان التحذيري المتشائم الذي سطرته ؟ بحيث يبدو وكأن وجود مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني مهدداً في تلك العملية ؟ ولاجل بلوغ نتيجة المعادلة ينبغي العودة اكثر من خطوة نحو الماضي .
في القرن السابع الميلادي دخلت الجيوش الأسلامية الى العراق ، ووجدت امامها بلداً مسيحياً مبثوثة  في اصقاعه المدارس والكنائس والأديرة ، وتنتعش فيه الزراعة والتجارة والثقافة والعلوم ، وبعد الغزو او بعد الفتح كما يرتاح له اخواننا المسلمين ، فإن اهل البلد تحولوا من مواطنين احرار في بلادهم الى اهل ذمة او اهل كتاب  ، ووزعت اراضيهم الى قواد الجيش الأسلامي واصبح فلاحي تلك الأراضي عمال لديهم  وتحولوا الى اقنان يعملون لحساب هؤلاء القواد ، فالعراقيون تحولوا في بلدهم الى مواطنين من الدرجة العاشرة بعد تطبيق بحقهم احكام اهل الذمة المعروفة .
                                                    في نفس السياق بالنسبة لشعبنا الكلداني تعرض في وطنه العراقي بعد نيسان عام 2003 اي بعد سقوط النظام  ، إذ تجسد امامنا تخبط الحاكم الأمريكي بول بريمر في قراراته التي مزقت اوصال العراق وحولته الى دولة طوائف ، ونتائجها السيئة نعاني منها الى اليوم ، وطال شعبنا الكلداني قسطاً كبيراً من تلك الأخطاء ، إذ تحول من شعب له قوميته الكلدانية وله تمثيله الواضح في الدولة العراقية ، فتحول بقدرة قادر وبفضل الأخ بول بريمر الى طائفة تابعة للحزب الآشوري القائد ، إذ هيمن الحزب الآشوري على مصائر الكلدانيين ، وطفق يعلّمهم بأنهم ( الكلدان ) كانوا يعيشون في عصر الجاهلية ، فالكلدانية ما هي الا  مذهب كنسي تابع للحزب الآشوري ، وسخر اشقاؤنا نفوذهم وإمكانياتهم المالية والأعلامية من اجل إخضاعنا لنفوذهم في العراق وكذلك في اقليم كوردستان .
 هذا هو الواقع الذي استفتحنا به مصيرنا بعد 2003 م ، والذي كان يحدونا الأمل في ان تسود  لغة الديمقراطية واحترام المعتقد والأنتماء ومنظومة حقوق الأنسان  للجميع بما فيهم الكلدان  ، فالكلداني كان اول من ضحى وآخر من استفاد لا بل انه كان من الخاسرين الى اليوم .  لكي اثبت كلامي باستخفاف الحزب الآشوري للوجود الكلداني وتاريخه وقوميته ، اورد بعض الفقرات من المنهاج السياسي للحركة الديمقراطية الآشورية في المؤتمر الثالث المنعقد في شقلاوا عام 2001 فقد ورد في المادة الثانية ( ... واتحاد طوعي يتميزون بنكران الذات وينتمون الى مختلف فئات وطوائف الشعب الآشوري .. الخ ) .
وفي المادة الثالثة ورد ( ... تناضل حركتنا من اجل حقوق الشعب الآشوري .. ) .
وورد في نفس المادة في اولاً ( .. الأقرار بالوجود القومي الآشوري دستورياً .الخ )
 وفي ثالثاً من نفس المادة ورد ( .. نطالب بتمثيل الشعب الآشوري في السلطات المركزية .. ) ..
اقول :
على من تضحكون ايها الأشقاء في الحزب الآشوري ؟ 
وعلى من تقرأون مزاميركم ؟
هل هذه الوحدة التي تنشدونها ؟ واين التسمية السياسية المركبة التي تنادون بها ؟
انا متأكد ان رابي يونادم سوف يكتب في حقل القومية ، القومية الآشورية ، وكذلك رابي سركيس آغاجان ، وأي آشوري آخر لا يمكن ان يكتب غير الآشورية ، وهذا هو عين الأخلاص للانتماء ، وسوف لا يكون للتسمية السياسية القطارية التي طبخت في مطابخ الحزب الآشوري خصيصاً لتصديرها للكلدان والسريان ، وسوف لا يطبقها اي آشوري يعتز بقوميته الآشورية ، ويبقى على الكلداني والسرياني ان لا تنطلي عليه الأكاذيب والحجج الساذجة التي تسعى لتهيمشه من الساحة القومية العراقية ، وعليه ان يضع اسم قوميته الكلدانية في حقل القومية وسيكون ذلك شرفاً له ، لكي لا يتهم بضبابية الأنتماء وهذا ينطبق على السرياني ، وعلى اي مكون عراقي آخر .
اليوم يأتي دور الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني لكي تقوم بدورها ، فإن هذه الكنيسة سيحدد مصيرها ويحدد حجمها بالأعداد الذين يسجلون ((( انتمائهم الكلداني ))) ، فمن يسجل منهم الأنتماء الآشوري او العربي او الكردي او ( كلداني سرياني آشوري ، او سورايا او كلدوآشوري )، ستفقده الكنيسة الكلدانية ، وسوف تضعف الكنيسة لما يتسرب من رعيتها من الشعب الكلداني الى الأنتماءات الأخرى .
  كانت الكنيسة بالأمس في عملية الأنتخابات تتوجس من حث الشعب الكلداني للاشتراك في الأنتخابات وانتخاب قوائمه الكلدانية خوفاً من ان ينالها التقريع بما يزعم من تدخلها في السياسة ، فإن عملية الأحصاء اليوم ليست سياسية إنما هي عملية تنظيمية تحدد الثقل الديموغرافي لكل مكون عراقي ، وإن حجم كنيسته سينحصر بتلك الأعداد التي تسجل في حقل القومية ، ( القومية الكلدانية ) لا غير ، فالمسالة هنا ترتبط بالوجود الكلداني ، وثقله الديموغرافي على الساحة السياسية ، وبالهوية الكلدانية ، وليس للمسالة صلة بالولاء السياسي او الحزبي ، فالكلداني يمكن ان ينتمي او يدلي بصوته لحزب عربي او كوردي او آشوري في الأنتخابات ، لكن عملية الأحصاء تختلف ، إذ ان المسالة متعلقة بهويته ووجوده وانتمائه وكنيسته .
لقد صادفت في القوش بعض الأخوة السائرين مع مركب الحزب الآشوري ، وهم مصممون على كتابة سورايي او كلدوآشوري ، أو ابقاء الخانة فارغة ، لقد فات هؤلاء الأخوة ان كنيستهم ستخسرهم ، وسيكون موقفها ضعيفاً ، وربما مهدداً إن لجأ كثير من الكلدانيين الى هذا الطريق العبثي غير المسؤول .
 نعم كانت الحملات الشعواء قد صرف عليها الملايين من اجل دفن اسم القومية الكلدانية في غياهب النسيان ، والحملة لا زالت مستمرة ، تارة باسم الوحدة وأخرى باسم المذاهب الكنسية ، وثالثة بروح عنصرية استعلائية ، بربط قوميتنا الكلدانية وكأنها مذهب كنسي تابع للقومية الآشورية ، فهذه الخرافة انطلت مع الأسف على بعض كتابنا ، او ربما لم تنطلي عليهم لكنهم يأملون ببعض المنافع من خيرات البقرة الحلوب في الحزب الآشوري . المهيمن على مصائر المسيحيين في العراق وعلى ثرواتهم وعلى منافعم الأعلامية .
 ولا اريد الأستفاضة في هذا الموضوع ، ولكني اعود الى موضوع الأحصاء ، فالعملية ليست سياسية بقدر ما هي عملية لتحديد الثقل الديموغرافي لكل مكون على الأرض العراقية ، ومن اجل ان  نكون اقوياء ، ولنضمن حقوقنا بشكل مستقل وبشرف ودون خضوع لاي حزب ، فينبغي ان نحدد اسمنا بشجاعة وبشرف ، ودون ان تنطلي علينا الأحابيل الساذجة التي يسوقها الخطاب الآشوري .
 إن الكلداني اليوم ينبغي ان يقف بشجاعة مع المكونات العراقية الأصيلة الأخرى ويكتب بالقلم العريض اسم قوميته الكلدانية العريقة ، وهنالك مسألة فنية ينبغي التحوط لها ، وهي قطع الطريق لأي تلاعب مثلاً بإضافة سريان آشوريين على الكلدان ، ومن اجل ذلك ينبغي كتابة لفظة الكلدانية على طول الحقل المخصص او وضعها بين قوسين لتلافي اي تلاعب .
 سوف لا يقوم عربي بكتابة قوميته كوردية ولا كردي يكتب قوميته عربية ، ولا يوجد آشوري يكتب ( كلداني سرياني آشوري)  ، إنه سيكتب آشوري فحسب ، بقي علينا نحن الكلدان ان نكون امناء لتاريخنا وأوفياء لأجدادنا ، لأن اسم قوميتنا الكلدانية لم يكن بقرار سياسي او مؤتمر حزبي ، إنما ورثنا اسمنا من اجدادنا العظام وعلينا ان ننقله بأمانة الى احفادنا وأجيالنا القادمة ، وسيكون ذلك حصانة وتعضيد لموقف الكنيسة الذي نكن له التقدير والأحترام  .
حبيب تومي / عنكاوا في 03 / 10 / 10

243
هل تشكل عملية التعداد السكاني تهديداً للكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني ؟
بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
 
التعدد السكاني المزمع أجراؤه في 24 / 10 / 10 هو عملية إدارية تنظيمية  وحسابات فنية تهدف الى وضع الخطط التنموية والأهداف الأستراتيجية على اسس علمية مدروسة ، انطلاقاً من تحديد الطاقات وأعداد القوى البشرية وأعمارها واجناسها ، لكن في العراق وفي الظرف الراهن ، فإن عملية الأحصاء تحمل في طياتها سمات سياسية لا يمكن تجاهلها ، وسوف يكون للعملية اهمية استثنائية في هذا الظرف الدقيق ، إذ سيحدد الثقل الديمغرافي لكل مكون عراقي ، فالكردي سيتعين عليه ان يكتب قوميته كردية والعربي سيضع في حقل القومية ، القومية العربية ، وهذا ينطبق على التركماني والأرمني والآشوري  والكلداني وغيرهم من المكونات .
 ولكن لماذا الخشية على مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية في العراق ا تحديداً ، وما هذا العنوان التحذيري المتشائم الذي سطرته ؟ بحيث يبدو وكأن وجود مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني مهدداً في تلك العملية ؟ ولاجل بلوغ نتيجة المعادلة ينبغي العودة اكثر من خطوة نحو الماضي .
في القرن السابع الميلادي دخلت الجيوش الأسلامية الى العراق ، ووجدت امامها بلداً مسيحياً مبثوثة  في اصقاعه المدارس والكنائس والأديرة ، وتنتعش فيه الزراعة والتجارة والثقافة والعلوم ، وبعد الغزو او بعد الفتح كما يرتاح له اخواننا المسلمين ، فإن اهل البلد تحولوا من مواطنين احرار في بلادهم الى اهل ذمة او اهل كتاب  ، ووزعت اراضيهم الى قواد الجيش الأسلامي واصبح فلاحي تلك الأراضي عمال لديهم  وتحولوا الى اقنان يعملون لحساب هؤلاء القواد ، فالعراقيون تحولوا في بلدهم الى مواطنين من الدرجة العاشرة بعد تطبيق بحقهم احكام اهل الذمة المعروفة .
                                                    في نفس السياق بالنسبة لشعبنا الكلداني تعرض في وطنه العراقي بعد نيسان عام 2003 اي بعد سقوط النظام  ، إذ تجسد امامنا تخبط الحاكم الأمريكي بول بريمر في قراراته التي مزقت اوصال العراق وحولته الى دولة طوائف ، ونتائجها السيئة نعاني منها الى اليوم ، وطال شعبنا الكلداني قسطاً كبيراً من تلك الأخطاء ، إذ تحول من شعب له قوميته الكلدانية وله تمثيله الواضح في الدولة العراقية ، فتحول بقدرة قادر وبفضل الأخ بول بريمر الى طائفة تابعة للحزب الآشوري القائد ، إذ هيمن الحزب الآشوري على مصائر الكلدانيين ، وطفق يعلّمهم بأنهم ( الكلدان ) كانوا يعيشون في عصر الجاهلية ، فالكلدانية ما هي الا  مذهب كنسي تابع للحزب الآشوري ، وسخر اشقاؤنا نفوذهم وإمكانياتهم المالية والأعلامية من اجل إخضاعنا لنفوذهم في العراق وكذلك في اقليم كوردستان .
 هذا هو الواقع الذي استفتحنا به مصيرنا بعد 2003 م ، والذي كان يحدونا الأمل في ان تسود  لغة الديمقراطية واحترام المعتقد والأنتماء ومنظومة حقوق الأنسان  للجميع بما فيهم الكلدان  ، فالكلداني كان اول من ضحى وآخر من استفاد لا بل انه كان من الخاسرين الى اليوم .  لكي اثبت كلامي باستخفاف الحزب الآشوري للوجود الكلداني وتاريخه وقوميته ، اورد بعض الفقرات من المنهاج السياسي للحركة الديمقراطية الآشورية في المؤتمر الثالث المنعقد في شقلاوا عام 2001 فقد ورد في المادة الثانية ( ... واتحاد طوعي يتميزون بنكران الذات وينتمون الى مختلف فئات وطوائف الشعب الآشوري .. الخ ) .
وفي المادة الثالثة ورد ( ... تناضل حركتنا من اجل حقوق الشعب الآشوري .. ) .
وورد في نفس المادة في اولاً ( .. الأقرار بالوجود القومي الآشوري دستورياً .الخ )
 وفي ثالثاً من نفس المادة ورد ( .. نطالب بتمثيل الشعب الآشوري في السلطات المركزية .. ) ..
اقول :
على من تضحكون ايها الأشقاء في الحزب الآشوري ؟  
وعلى من تقرأون مزاميركم ؟
هل هذه الوحدة التي تنشدونها ؟ واين التسمية السياسية المركبة التي تنادون بها ؟
انا متأكد ان رابي يونادم سوف يكتب في حقل القومية ، القومية الآشورية ، وكذلك رابي سركيس آغاجان ، وأي آشوري آخر لا يمكن ان يكتب غير الآشورية ، وهذا هو عين الأخلاص للانتماء ، وسوف لا يكون للتسمية السياسية القطارية التي طبخت في مطابخ الحزب الآشوري خصيصاً لتصديرها للكلدان والسريان ، وسوف لا يطبقها اي آشوري يعتز بقوميته الآشورية ، ويبقى على الكلداني والسرياني ان لا تنطلي عليه الأكاذيب والحجج الساذجة التي تسعى لتهيمشه من الساحة القومية العراقية ، وعليه ان يضع اسم قوميته الكلدانية في حقل القومية وسيكون ذلك شرفاً له ، لكي لا يتهم بضبابية الأنتماء وهذا ينطبق على السرياني ، وعلى اي مكون عراقي آخر .
اليوم يأتي دور الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني لكي تقوم بدورها ، فإن هذه الكنيسة سيحدد مصيرها ويحدد حجمها بالأعداد الذين يسجلون ((( انتمائهم الكلداني ))) ، فمن يسجل منهم الأنتماء الآشوري او العربي او الكردي او ( كلداني سرياني آشوري ، او سورايا او كلدوآشوري )، ستفقده الكنيسة الكلدانية ، وسوف تضعف الكنيسة لما يتسرب من رعيتها من الشعب الكلداني الى الأنتماءات الأخرى .
  كانت الكنيسة بالأمس في عملية الأنتخابات تتوجس من حث الشعب الكلداني للاشتراك في الأنتخابات وانتخاب قوائمه الكلدانية خوفاً من ان ينالها التقريع بما يزعم من تدخلها في السياسة ، فإن عملية الأحصاء اليوم ليست سياسية إنما هي عملية تنظيمية تحدد الثقل الديموغرافي لكل مكون عراقي ، وإن حجم كنيسته سينحصر بتلك الأعداد التي تسجل في حقل القومية ، ( القومية الكلدانية ) لا غير ، فالمسالة هنا ترتبط بالوجود الكلداني ، وثقله الديموغرافي على الساحة السياسية ، وبالهوية الكلدانية ، وليس للمسالة صلة بالولاء السياسي او الحزبي ، فالكلداني يمكن ان ينتمي او يدلي بصوته لحزب عربي او كوردي او آشوري في الأنتخابات ، لكن عملية الأحصاء تختلف ، إذ ان المسالة متعلقة بهويته ووجوده وانتمائه وكنيسته .
لقد صادفت في القوش بعض الأخوة السائرين مع مركب الحزب الآشوري ، وهم مصممون على كتابة سورايي او كلدوآشوري ، أو ابقاء الخانة فارغة ، لقد فات هؤلاء الأخوة ان كنيستهم ستخسرهم ، وسيكون موقفها ضعيفاً ، وربما مهدداً إن لجأ كثير من الكلدانيين الى هذا الطريق العبثي غير المسؤول .
 نعم كانت الحملات الشعواء قد صرف عليها الملايين من اجل دفن اسم القومية الكلدانية في غياهب النسيان ، والحملة لا زالت مستمرة ، تارة باسم الوحدة وأخرى باسم المذاهب الكنسية ، وثالثة بروح عنصرية استعلائية ، بربط قوميتنا الكلدانية وكأنها مذهب كنسي تابع للقومية الآشورية ، فهذه الخرافة انطلت مع الأسف على بعض كتابنا ، او ربما لم تنطلي عليهم لكنهم يأملون ببعض المنافع من خيرات البقرة الحلوب في الحزب الآشوري . المهيمن على مصائر المسيحيين في العراق وعلى ثرواتهم وعلى منافعم الأعلامية .
 ولا اريد الأستفاضة في هذا الموضوع ، ولكني اعود الى موضوع الأحصاء ، فالعملية ليست سياسية بقدر ما هي عملية لتحديد الثقل الديموغرافي لكل مكون على الأرض العراقية ، ومن اجل ان  نكون اقوياء ، ولنضمن حقوقنا بشكل مستقل وبشرف ودون خضوع لاي حزب ، فينبغي ان نحدد اسمنا بشجاعة وبشرف ، ودون ان تنطلي علينا الأحابيل الساذجة التي يسوقها الخطاب الآشوري .
 إن الكلداني اليوم ينبغي ان يقف بشجاعة مع المكونات العراقية الأصيلة الأخرى ويكتب بالقلم العريض اسم قوميته الكلدانية العريقة ، وهنالك مسألة فنية ينبغي التحوط لها ، وهي قطع الطريق لأي تلاعب مثلاً بإضافة سريان آشوريين على الكلدان ، ومن اجل ذلك ينبغي كتابة لفظة الكلدانية على طول الحقل المخصص او وضعها بين قوسين لتلافي اي تلاعب .
 سوف لا يقوم عربي بكتابة قوميته كوردية ولا كردي يكتب قوميته عربية ، ولا يوجد آشوري يكتب ( كلداني سرياني آشوري)  ، إنه سيكتب آشوري فحسب ، بقي علينا نحن الكلدان ان نكون امناء لتاريخنا وأوفياء لأجدادنا ، لأن اسم قوميتنا الكلدانية لم يكن بقرار سياسي او مؤتمر حزبي ، إنما ورثنا اسمنا من اجدادنا العظام وعلينا ان ننقله بأمانة الى احفادنا وأجيالنا القادمة ، وسيكون ذلك حصانة وتعضيد لموقف الكنيسة الذي نكن له التقدير والأحترام  .
حبيب تومي / عنكاوا في 03 / 10 / 10

244
القوش كجبلها سوف تبقى شامخة عبر الزمن .. ولكن ؟
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 

القوش تبقى القبلة التي تتجه نحوها بوصلة حياتي  في حلي وترحالي ، في البعد المكاني عبر الشريط الزماني لعمري ، الذي مهما طال امده ، سيكون لحظة من الزمن الأبدي  ، وفي مخيلتي دائماً اختصر الوطن العراقي في نقطة واحدة عزيزة الى قلبي وهي القوش ، فوطني العراقي يتجسد في القوش وسوف أذهب ابعد واقول : إن كان عودة للحياة مرة اخرى وسُئلت عن المكان الذي افضله للعيش فسوف اختار القوش لقضاء العمر الجديد .
 وحينما تشدني وشائج الحنين الى الوطن وترشدني البوصلة الى هذه النقطة ، فكلما اقترب من القوش يداهمني سرعة خفقان القلب ، وكأنما ارى المدينة لأول مرة ، فينتصب امامي جبلها الشامخ الذي يحتضنها بحنان وتبدو وكأنها الشبل الرابض الواثق من قوته ، وعبر تقلبات الزمن بقيت القوش مع قرينها الجبل وكأنهما صنوان لا يفترقان ، إنهما معاً عبر الزمن في الشدائد والمصائب والمحن ، فهامته تبقى شامخة تعانق اعنان السماء ومعه القوش ، هكذا كانت بالأمس وهكذا هي اليوم ، وهكذا كانت القوش عبر الآلاف السنين  وسوف تبقى هكذا الى ابد الآبدين .
كم يسعدني ان اسرح في ازقة القوش القديمة ، وتتدفق الذكريات من الزمن الجميل ، الذي انسل امامنا كشعاع ضوء عابر ، وأتساءل وأقول كم من الشموس غربت وكم من المراكب ابحرت من موانئ حياة هذه المدينة والتي ابحرت ولن تعود .
واليوم وانا في هذا العمر
حينما اقطع هذه الأزقة وألمح عيون فتاة جميلة
اعلم ان هذه العيون لم تعد تقصدني ،
 وفي بقية البيوت القديمة لم يعد فيها من اعرفهم ،
ولا هم يعرفون من انا ،
 إنني غريب في مدينتي ،
وفي البيوت الجديدة الجميلة اراها مقفلة ،
وحينما ارمي بسؤالي لأحدهم :
 اين من كان يقطن هذه الدار يعود الصدى ليخبرني :
 إن من جئت تطلبهم بالأمس كانوا هنا واليوم قد رحلوا .....
انا لم انسى مدينتي ، فهل يا ترى تنساني هذه المدينة التي هي حزء من كياني ، فيبدو ان الشمس التي كانت تشرق لي إنها تشرق اليوم على جيل جديد ، لا تشده أزقة القوش ودروبها التاريخية ، ولم يعد يرضى بهذه الحياة فهو يطمح ان يطير بعيداً كالطيور المهاجرة التي تحن لموطنها الأول فتقفل راجعة ، مرددة لحن :
 ما احلى الرجوع اليه .
شبابنا يطيرون بعيداً لكن دون عودة .
إن عبق الأزقة هذه وأنا امر امام الكنيسة لألوج القوناخ وأعرج الى مرقد النبي ناحوم لأنسل الى قنطرة محلة اودو وألف وأدور في هذه الأزقة التي لم تمتد اليها يد التعمير ، فأشعر فيها بنكهة التاريخ وعطر الأرض الطيبة ، وفي الليالي الصيفية القمراء من على سطح بيت عمي كيكا أتفرج على مهرجان الجمال والتأمل على مسرح السماء الصافية المرصعة بالنجوم  التي يتوسطها بمهابة القمر وهو في صورة البدر التمام .
حينما اكتب عن القوش تداهمني الحيرة من اي باب الوج الى هذه الدوحة هل ابدأ من تاريخها السحيق الذي يرجّح الثقات انه يعود الى العصور الحجرية ؟ ام اكتفي بتاريخها المكتوب في العصور التاريخية من السوبارتيين والآشوريين والكلدانيين ، لننتقل الى العهود الفرثية والسلوقية والساسانية والفتح الأسلامي والعهد العثماني والى اليوم ، ام اكتب عن ايمانها المسيحي منذ القرون الأولى للمسيحية ، ام الى يوم توجه نحوها الراهب ميخا النوهدري في القرن الرابع ويشيد فيها مدرسته العتيدة التي  لا زالت شاخصة الى اليوم ، ام الى ديرها العتيد دير الربان هرمز ، ام اقول : انها كانت مقراً للبطاركة العظام من النساطرة الكلدان كما يظهر من اختامهم التي كانت تذيل بها قراراتهم .
هل اعرج الى مبنى ناحوم الألقوشي ليتجلى التاريخ امامي من جموع اليهود الذين يتقاطرون الى هذا المرقد من مدن وقرى بعيدة ، وهل ابقى في المدارس والكنائس ام اتجه الى الحقول وأرى امامي السنابل تتمايل وتتراقص على انغام النسيم في فصل الربيع لتنبعث براعم الأمل والحياة وتجددها ، وكما كان يحتفل بها اسلافنا من الكلدانيين والآشوريين والسريان وجميع الأقوام الذين قطنوا هذه الديار .
 سابقى في طرق ومنعطفات ولحظات من الزمن قد تحتاج مساحتها الكتابية الى مجلدات ، ولهذا سأعزف عن الأستمرار في تلك الدروب ، لكي اكتب عما آل  اليه الحال اليوم  في هذه المدينة العريقة .
عبر الزمن تواترت على المدينة مظالم ونكبات وأمراض ومحن وغزوات .. الخ ، لكن اليوم يتسلل الى اوصال  القوش  مرض خبيث  ليس له علاج ، إنه سرطان الهجرة الذي اصاب الكيان العراقي بشكل عام ، لكن هذا المرض تفشى بشكل مريع بين المكونات الصغيرة  منهم الكلدانيون والاشوريون والسريان والأزيدية والصابئة المندائيين ، وفي القوش تسلل المرض في اوصالها وبات يهدد كيانها التاريخي ، فالوجود الديمغرافي للألآقشة  يسير باتجاه واحد دون ان يكون له بديل ، إنها عوائل بكاملها تنطلق من القوش دون رجعة ، وهنالك من ينتظر معاملات جواز سفر ، وآخرين ينتظرون بيع ممتلكاتهم وبيوتهم ، والقائمة  تطول ، الأسباب كثيرة والنتيجة واحدة ، الصديق (ع) يقول ان ابنه راح مع الزوعا بأمل ان يحصل على وظيفة وحينما ياس التحق مع البارتي ، وحينما لم يجد وظيفة توكل على الله وانطلق الى ارض الله الواسعة ، والصديق (س) يقول ان ابنه الكبير حينما تزوج ولم يجد له مسكناً ولم يعد لنا متر مربع واحد على هذه الأرض ولم يبق امام ابني سوى السفر وانا سالتحق به ، وسنذهب الى البلد الذي يمنحنا متر مربع من الأرض .
تحضرني الذاكرة لابن عمي أمجد وهو خريج كلية الزراعة ، وحينما هُدد في بغداد ، سافر الى القوش طالباً الملاذ الامن واسباب المعيشة ، ووجد امامه ابواب موصدة ، وانتقل الى عين سفني ليعمل في اعمال البناء ثم مشغل مولدة ، وهو يسكن مع عائلته الصغيرة في بيت حقير اقرب الى الصريفة ، وشاهدته يوماً مع طفليه وهو يظهر في قناة عشتار الفضائية التابعة للمجلس الشعبي ، وهو يحمل بيده كيس فيه بطانية وهو يقدم آيات الشكر والأمتنان لهذه   ((((( المكرمة ))))) من المجلس الشعبي ، وحينما خابرته استعلم منه إن كان ثمة مساعدات  اخرى فأفاد ان المساعدة لم تزد عما شاهدته بيدي من الأغطية .  ولم يبق امام ابن عمي سوى ان يأخذ عائلته ويتجه نحو تركيا ليتحلق بركب من ركب تلك الموجة .
 هذا هو واقع الحياة فأسباب الهجرة عديدة  لا يمكن ان نلم بكل جوانبها بمقال واحد لكن النتيجة واحدة .  
 كان الصديق آنو جوهر عبدوكا قد اشار الى ناقوس الخطر وشخص القوش ، ورد عليه الأخ رعد دكالي نافياً تلك المعلومات ، وكان الأخ رعد منطلقاً من محبته لالقوش ولبقائها ، لكن الواقع الموضوعي يشير بجلاء الى الحالة التي لا نريدها لكنها حقيقة مرّة لا مجال للتهرب منها .
ويبقى السؤال :
 الى اين تصل المعادلة ومتى يتوقف جسم القوش من النزيف الدموغرافي الخطير ؟
 لحد الآن لا تلوح في الأفق علامات ودلائل لوقوف او تقليل النزيف ، وبالعودة الى الوضع العراقي العام سوف نجد ان هذا الوطن المنكوب لا زال يعاني من التشرذم وعدم التوافق ، وحالة من التناكف من اجل الهيمنة على مقاليد الأمور ، وآخر ما يفكر به جميع القوائم الفائزة هو مصلحة الوطن ، فمصالح احزابهم  في البداية ومن ثم مصالحهم الشخصية وآخر شئ هو مصلحة الوطن العراقي . ولاشك ان القوش جزء من هذا الواقع المؤلم ، فإن استقرت امور الوطن العراقي فإن لألقوش نصيب في هذا الأستقرار ، وحينها سيكون واقع القوش جزءاً من الواقع العراقي . وفوق ذلك ثمة ألاقشة مخلصين تبقى مصلحة مدينتهم فوق مصالحهم ، وهم باقين في هذه الديار ، إن بقاء القوش هو اساس مكين للحفاظ على الوجود المسيحي في الوطن العراقي ، لقد ظلت القوش قلعة حصينة للمسيحية ولشعبنا الكلداني بالذات وحينما قصدها الأخوة الأثوريون في عام 1933 كان الألاقشة يقفون بشرف معهم ولم يهز موقفهم المشرف كل الأخطار المحدقة بهم .
إن القوش وجبلها الشامخ وبهمة شبابها وبحكمة كبارها  ومفكريها ورؤسائها الروحانيين ، وبمحبة اولادها المنتشرين في ارجاء المعمورة ، ستبقى القوش صامدة وشامخة كجبلها وستبقى القوش ( يما دمثواثا) الى الأبد .
 هذا ما انا واثق منه ، ومن يحب القوش ومن هو مخلص لها من اشخاص ومنظمات وأحزاب ،ان  يعمل من اجل بقاء هذه الدوحة الكلدانيـــة العظيمة محتفظة بخصوصيتها وبتراثها وبتاريخها وبلغتها ، وأنا واثق من اخلاص الجميع لها ، لكن الأمر يحتاج الى تضافر الجهود ، وتضافر الجهود يحتاج الى التفاهم والى نبذ الأنانية ، والى التصرف بحكمة مع جميع الجهات في المنطقة إن كانت عربية او كردية أو تركمانية او أيزيدية او شبكية او آشورية او سريانية .

حبيب تومي / القوش في 26 / 09 / 2010

245
الكلدانيون والمندائيون اصول تاريخية مشتركة وقومية كلدانية واحدة  
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no  
 
بتاريخ 11 / 07 / 10 لبيت دعوة احد الأخوة المندائيين مقيمين في النرويج ، لحضور ندوة للترميذا
الدكتور عصام الزهيري للتعريف بالدين المندائي ، حيث اتحفنا بمحاضرة قيّمة تجول خلالها المحاضر في عمق التاريخ العراقي وفي اصول قوم عراقي اصيل ونحن معه ، وفي اجواء تاريخية عريقة عمقها يمتد مع جريان نهري دجلة والفرات الخالدين ، ومع قوم عراقي اصيل احتفظ باسمه عبر التاريخ وهم الصابئة المندائيون ، ومع ما يحيط بالدين المندائي من رموز وطقوس ومعتقدات تتأثل جذورها في اعماق التاريخ الرافديني ، وكانت فرصة سانحة لمعرفة تفاصيل الدين الذي نسجت حوله كثير من التأويلات ، ويوصف الدين المندائي بأنه الدين الباطني ، وهو يحتفظ بخصوصياته ، وهو لا يرمي الى التبشير والتوسع .
والصابئة هي لفظة آرامية تدل على التطهير والتعميد ، وقد شملت التسمية جماعة المندائيين اتباع يوحنا المعمدان وغالبيتهم في مدن العراق الجنوبية ، والقسم الآخر هم صابئة حران شمال وادي الرافدين ، وفي هذا المقال القصير  نحاول تسليط حزمة ضوء على  هذا المكون العراقي الأصيل .
حينما سألت الدكتور عصام الزهيري عن تسمية الصابئة المندائيين بمنأى عن المعنى الحرفي اللغوي إن كان يشير الى مفهوم قومي او ديني ، فأجاب ان المندائية هي تجمع ديني فحسب . لكن برؤيتي ان الرابطة الدينية لا ينفي ان يكون لها نوزاع قومية في بعض الحالات ، وحتى المذهب الكنسي الديني الذي يستقطب مجموعات تأخذ من من النوازع المذهبية وكانها نزعة قومية ، وقد تكون القومية البولونية فيها جانب من هذا الزعم ، فهي ( بولونيا ) كاثوليكية المذهب وانحصرت بين بروسيا البروتستانتية ، وروسيا الأرثوذكسية ، واستطاعت الأنطلاق الى الوجود بين القوتين الكبيرتين متسلحة بنزعة مذهبية كاثوليكية ، ومن هذا المنطلق فإن ما يجمع المندائيين هو الدين والذي يقوم مقام النزعة القومية .
إن إجابة المحاضر شكل حافزاً لي كي اتحرى وأبحث عن أرومة هذا القوم وعن امتداد جذورهم ، فالمتفق عليه أن هذا القوم هو قوم عراقي اصيل قطن هذه الديار منذ سحيق الأزمنة ، فما هي جذوره التاريخية يا ترى ؟
بالعودة الى ابن النديم وفهرسه ، سوف نجد في الفن الأول من المقالة التاسعة ص 456 مطبعة الأستقامة بالقاهرة ، وهو يكتب في اخبار العلماء وأسماء ما صنفوه من كتب ، ويحتوي على وصف مذاهب الحرنانية الكلدانيين المعروفين بالصابئة ، ومذاهب الثنوية الكلدانيين .وأورد ابن النديم ايضاً وجود الصابئة او ( المغتسلة ) كما يسميهم في منطقة البطائح وهي مغايض ماء دجلة والفرات ما بين واسط والبصرة والأحواز (اي الأهوار) .. وأورد محمد الجزائري في كتابه المندائيون الصابئة ص97 بأن ابن النديم اطلق عليهم اسم الكلدانيين مما يشير الى علاقتهم بسكان وادي الرافدين القدامى بل انهم من اور الكلدانيين اي من ذات المنشأ الأبراهيمي .
 إن اسم الصابئة المندائئين كان مقروناً بالحرانية ( نسبة الى حران ) ، وقد ورد اسمها في الكتابات المندائية ، وقد تركها المندائيون ، بعد ان استقروا فيها طويلاً الى مناطق اخرى وسط وجنوب العراق . إن اسم المدينة حوران وفي اللغة المندائية هوران ، والتقليد يفيد إن عائلة ابراهيم الخليل استقرت فيها بعد هجرتها من اور الكلدانيين وسميت حران بـ (هران ) على اسم ( هاران ) اخي ابراهيم الخليل ، لانه اول من بناها فعربت الى حران وقيل انها اول مدينة تبنى بعد الطوفان ، ولبياضها سميت ايضاً بالمدينة البيضاء وقد ورد اسمها في الكتاب المقدس .
اما ابن العبري فإنه لا يترك هذا القوم دون إشارة اليهم وهو يعتمد على ثابت من قرة بن مروان الصابئي الحراني الذي يكتب بالسريانية فيما يتعلق بمذهب الصابئة في الرسوم والفروض والسنن وتكفين الموتى ودفنهم وفي الطهارة والنجاسة وما يصلح من الحيوان للضحايا وما لا يصلح .. الخ ويخلص ابن العبري الى القول عن مذهب الصابئة بأن دعوتهم هي دعوة الكلدانيين القدماء بعينها وقبلتهم القطب الشمالي ، ولزموا فضائل النفس الأربع ، والمفترض عليهم ثلاث صلوات اولها قبل طلوع الشمس بنصف ساعة او اقل لتنقضي مع الطلوع ثمان ركعات في كل ركعة ثلاث سجدات ..
 وكانت هنالك محاولات من المبشرين لتنصيرهم باعتبارهم اقرب الأديان من المسيحية ، ويكتب القس بطرس نصري الكلداني في ذخيرة الأذهان المجلد الثاني ص80 الذي يحذو حذو ابن العبري بأنهم سكنوا حران إحدى مدن بلاد النهرين ووطن ابراهيم الخليل وتبعوا منذ القديم ديانة الكلدان بني الجاهلية وسموا نصارى مار يوحنا ، لأنهم بتمادي الزمان قد اقتبسوا عوائد واعتقادات كثيرة من النصارى ويعتبرون مار يوحنا غاية الأعتبار ، ولا يخفي انهم لا يتمسكون من عقائد النصارى إلا العماد والصليب وإكرام ما يوحنا .. وعن هذه الخلفية الدينية سوف توحي للمبشرين الكرمليين الحفاة وهم رهبان القديسة تريزة ، الذين ارسلهم الكرسي الرسولي الى بلاد ما بين النهرين سنة 1622 ,اقاموا كرسيهم على الخصوص في البصرة ، وعلى ايديهم تنصر اقواماً كبيرة من هؤلاء الصابئة هذا ما يقوله القس بطرس نصري الكلداني الذي يضيف بأن اصل الصابئة هم كلداناً جنساً وإن دعوتهم هي دعوة الكلدانيين القدماء بعينها .. الخ
لعل الليدي دراوور اكثر من تعمق في دراستهم إذ خالطت هذا القوم في اماكن تواجدهم في العراق وأيران ، ودونت ما رأته وما سمعته ودرست لغتهم ، وبنظرتها الثاقبة كتبت عن جوانب تخص الدين والأنتروبولوجي والفولكلور ( الأدب الشعبي ) والتاريخ ، فوقفت على جوانب معمقة لتسبر اغوار هذا البحر الغامض . وتقول ان الصابئة الحقيقيون هم سكنة اهوار جنوب العراق ، وأهل حران اتخذوا تسمية الصابئة للتخلص من انتقام المأمون كما سيأتي لاحقاً .
وتشير دراوور ( الصابئة المندائيون ص27 ) الى ثلاث أركان مهمة تشكل جوهر الدين المندائي اولها الماء الحي او الجاري او ما يسمونه ( يردنة ) ، وهو امر طبيعي تماماً في بلاد تلتصق فيها حياة البشر والحيوان والنبات بضفاف النهرين الكبيرين دجلة والفرات ، ومن هنا يأتي ان احد الطقوس الرئيسية لديهم هو الأغتسال في الماء الجاري ، اما الركن الثاني فيتمثل في تجسيد النور (ملكا دنهورا ) وفي مجموعة الملائكة النورانيين او الأرواح النورانية الذين يمنحهم الكون نعم النور والصحة والقوة والفضيلة والعدل . والأمر الجوهري الثالث تحدده دراوور باعتقاد الصابئة بخلود الروح وبصلتها الوثقى بأرواح اسلافها ، صلة إلهية مباشرة ، فوجبات الطعام تؤكل نيابة من اجل روح الميت ..  
ولهذا اقول ان هذا القوم لم يكتنفه اي غموض او اسرار ، إنها عادات ومعتقدات وطقوس كانت سائدة في ارض ما بين النهرين ، وكانت الأجيال المتعاقبة من هذا القوم امينة وحريصة على الأحتفاظ بتلك المعتقدات ، علماً انهم لا يؤثرون على غيرهم فهذا بيتهم وهم أحرار به ، لكن هل تركهم الجيران وشأنهم ؟ كلا ومن منطلق ان كل دين او معتقد يعتقد اصحابه ومعتنقيه انه افضل الأديان والمعتقدات وهنا تتولد الأشكالية الدين حيث يجري التدخل بل وإجبار هذا القوم لترك معتقداته .
نقرأ عن التبشير بالمسيحية بينهم من قبل المبشريين القادمين من الغرب ، إن كان من قبل الكنيسة الأنكليكانية او الكاثوليكية او غيرها ، وكما مر فقد افلح المبشرون بتنصير اعداد مهمة منهم .
 لكن المبشرون الأسلام كانوا اكثر وقعاً من المبشرين بالمسيحية ونعود الى فهرست ابن النديم وبالضبط الى صفحة 459 حيث نقرأ عن مرور المأمون بديار مضر يريد بلاد الروم للغزو ، وتلقاه الناس وفيهم جماعة من الحرانيين وكانت شعورهم طويلة بوفرات تشبه وفرة قرة جد سنان بن ثابت ( الصابئي المندائي ) ، فسألهم المأمون من انتم من الذمة ؟ فقالوا نحن الحرانية ، فقال انصارى انتم ؟ قالوا لا . قال فيهود انتم ؟ قالوا كلا . قال فمجوس انتم ؟ قالوا لا . فقال الكم كتاب او نبي ؟ فجمجموا في القول ، فقال لهم اذن انتم الزنادقة عبدة الأوثان .. وانتم حلال دماؤكم ، وعرضوا عليه الجزية وهم صاغرون كبقية خلق الله من اهل الكتاب او اهل الذمة حسب التعبير الأسلامي ، فلم يقبل ( المأمون ) ، ووضع امامهم امرين لا ثالث لهما ، قائلاً :
ان تنتحلوا الى دين الأسلام او ديناً من الأديان التي ذكرها الله في كتابه ، ( وإلا قتلتكم عن آخركم ) ، انتم حلال دماؤكم ، لا ذمة لكم . والمدة التي امهلها كان الى حين عودته من نفس الطريق قائلاً :
فإن انتم دخلتم الأسلام او في دين من هذه الأديان ، وإلا امرت بقتلكم واستئصال شأفتكم ، ورحل المأمون لغزو الروم ، ووقع هذا القوم في حيص بيص من امرهم ، وتفتق فكر احدهم عن طريقة للنجاة قائلاً : إذا رجع المأمون فقولوا له : نحن الصابئون فهذا اسم دين ذكره الله جل اسمه في القران فتنتحلوه انتم فتنجون به ، وفعلاً انقذتهم فطنة الرجل ، ودفعوا الجزية وهم صاغرون ...  
إن كانت تلك عصور الجهل والفقر والمرض والأستبداد والحروب باسم الدين حيث يجري سبي النساء والأطفال ويجري الأعتداء على اعراض القوم الذين انكسروا في الحرب ، والأستيلاء على اموال وأملاك المغلوبين على امرهم بأنها غنائم حرب ويحلل اغتصابها من اصحابها .
لكن اليوم ونحن نولج القرن الواحد والعشرين وفي عصر حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، لكن في عراقنا الثوري لم يتغير شئ قياساً بتلك العصور المظلمة ، فالمسلم في حالات كثيرة يعتدي على جيرانه رغم ان النبي محمد اوصى بسابع جار ، لكن في العراق اغتصبت بيوت المسيحيين والمندائيين من قبل اقرب جار مسلم ، ولا نستطيع ان نعمم على الجميع هذا الحكم ، لكن النتيجة كانت تشير الى هذا التوجه ، فقد فرغت او كادت تفرغ محافظات من المكون الصابئي المندائي بعد آلاف السنين من العيش على هذه الأرض ، ولا ننسى العنف الأجتماعي المسلط على هذا القوم .
ونقرأ بعض المقترحات والحلول التي تحرص على بقاء هذا القوم على ارضه ووطنه ، وقد نشر الأستاذ نزار ياسر الحيدر بعض المقالات التي تعالج شأن هذه الشريحة العراقية الأصيلة ، وقد كتب يتساءل :
هـل يمكـن أن تكـون كـوردستـان وطناً بديلاً للصابئة المندائيين ؟ وانا اعتقد ان المسالة لا تنتهي في توطينهم في اقليم كوردستان وإن الكاتب نفسه شخص بعض المعوقات من جملتها مسألة اللغة ، ولكن ثمة أمر اهم من ذلك فتكون العائلة نصفها قد هاجرت الى اوروبا او امريكا ووجد المهاجر بأم عينيه كيف يحترمون الأنسان وكيف يقدسون حقوقه كأنسان مهما كان لونه او دينه او مذهبه ، وبعد ان كانوا يتوسلون ان يعتبرون في اوطانهم اهل الذمة رغم الأحكام المنافية لكرامة الأنسان في تلك الأحكام ، لكن الجرائم بحقهم لم تنتهي ولم تفسح لهم مجال التفكير بحقوقهم ، فهذا القوم لم يعد يفكر في وطنه بمسألة حقوقه ، إنما بات يطلب البقاء على قيد الحياة فحسب .
 فالجرائم الأخيرة كانت تستهدفهم بالأجهاز عليهم وسرقة اموالهم في وضح النهار ولا تحقيق ولا ملاحقة للجناة ، ويكتفي المسؤولن من اعلى المستويات بالمجاملات الرخيصة من ان المندائيين هم قوم طيب وهم السكان الأصليين الى أخره من العبارات التي لا تغني ولاتشبع من جوع .
إن الحكومة لم تكن جادة في ملاحقة من يستهدفون الأقليات الدينية منهم الأيزيدية والمسيحيين والمندائيين ، ولم نلاحظ يوما واحداً من المجرمين في هذه الجرائم قد قدم الى المحاكمة .
هذا من الجانب الرسمي اما الجانب المجتمعي فلم يكن هنالك اي تضامن مجتمعي اسلامي مع هذه المكونات ، فهؤلاء مستعدين ان يقلبوا الدنيا  من اجل نقاب المرأة او حجابها ، لكن اغتيال وقتل واغتصاب وخطف الناس على الهوية ، لا يحركهم ابداً وربما يفسر السكوت من الرضى ، لا ادري ان كنت مخطئاً في تصوراتي .
 إذا عاد الوجه الناصع للعراق وطبقت الديمقراطية واستقر العراق ، فإن الأقليات الدينية والقومية سوف يكونون المستفيدن الأوائل ، وهذا الواقع نلاحظه في اقليم كوردستان بصورة عامة رغم هضم حقوق شعبنا الكلداني في هذا الأقليم . فالديمقراطية والتعايش والأستقرار هي الواحة التي تزدهر بها تنوعات ومكونات الشعب بمختلف تكويناته الأقليات والأكثريات .
ونعود الى عنوان المقال الذي يفيد بتاريخ ومعتقدات اصيلة عراقية يشترك فيها الكلدان والمندائيون انهم قومية كلدانية واحدة مع احتفاظ كل مكون منهما بالدين الذي يعتقد به . وإن كان خلاف ذلك حبذا لو اسمع رأي مخالف لانني اعتمدت على مصادر تاريخية ولا تتعلق المسألة بالشأن السياسي .
حبيب تومي / اوسلو في 09 / 09 / 10
-----------------------
 المصادر :
1 ـ الفهرست لأبن النديم ، مطبعة الأستقامة بالقاهرة
2 ـ القس بطرس نصري الكلداني " كتاب ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة السريان " طبع في الموصل في دير الآباء الدومنيكيين سنة 1913 ، المجلد الثاني                                
 3 ـ محمد الجزائري " المندائيون الصابئة " المعهد الملكي للدراسات الدينية ، الأردن ، عمان سنة 2000 م .
4 ـ العلامة غريغوريوس الملطي المعروف بابن العبري " تاريخ مختصر الدول " .
5 ـ الليدي دراوور " الصابئة المندائيون " ترجمة نعيم بدوي ، وغضبان الرومي ، دار المدى للثقافة والنشر ، ط2 سنة 2006 سورية دمشق .
6 ـ الدكتور حيدر ابراهيم علي ، والدكتور ميلاد حنا " أزمة الأقليات في الوطن العربي " دار الفكر دمشق سنة 2002 م . تعاريف من اعداد محمد صهيب الشريف .
7 ـ  مقال على موقع عنكاوا بقلم نزار ياسر الحيدر وهو بعنوان  هـل يمكـن أن تكـون كـورد ستـان .. وطـنـاً بديـلاً للصابئـة ألمندائييـن .. ؟؟

246
الدكتور برهم صالح لطفاً الأتحاد الآشوري العالمي لا يمثل شعبنا الكلداني
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
جزيل احترامي للدكتور برهم صالح وهو عَلم من اعلام العراق الأتحادي واقليم كوردستان وهو العنصر العلماني الديمقراطي الذي يقدس الهوية العراقية والكوردستانية بمنأى عن اي إطار طائفي . ولا ريب ان الدكتور برهم صالح ذلك الأنسان الليبرالي قد مسك بيده عدة ملفات مهمة منذ ان اصبح رئيساً للوزراء في حكومة اقليم كوردستان من عام 2001 الى منتصف عام 2004 ، وبعدها تولى منصب نائب رئيس الوزراء في الحكومة العراقية الموقتة ومن ثم في حكومة المالكي وليعود ويتولى رئاسة الوزارة للحقيبة السادسة  في اقليم كوردستان ، واليوم يحمل بين جنباته هموم العراق وهموم شعبه الكوردستاني ، وهو يمضي قدمأً لاكمال مسيرة بناء اقليم كوردستان التي دأب عليها من قبله الأستاذ نيجرفان البرازاني ، ولا شك ان الدكتور برهم صالح مدرك تماماً المهمة الصعبة التي امامه ، وهو ينطلق متسلحاً بسعة أطلاعه وخبرته وتجربته في الساحة العراقية عموماً وفي ساحة اقليم كوردستان خصوصاً .
فالتجربة الكوردستانية تمضي قدماً نحو الأمام إن كان بالتداول السلمي للسلطة او بممارسة لغة الديمقراطية السائدة في هذا الأقليم او في عملية النمو والتطور ، فما دامت الأمور منوطة بايادي أمينة فإن عجلة التطور في هذا الأقليم ستكون سائرة نحو الأمام .
إن جانباً مهماً في تقدم كوردستان يكمن في سياسة الأقليم الأنسانية المتسمة بتعميم لغة الديمقراطية والعلمانية ، وبهذه اللغة يتسنى لسلطة الأقليم ان تقف على مسافة واحدة من مكونات الموزائيك المجتمعي الجميل على اديم هذه الارض .  وهكذا نشاهد الأقليم وقد غدا واحة خضراء تنتعش وتزدهر فيه فيه كل الألوان .
لكن  نحن الكلدانيون نشعر وكأن حقوقنا مهضومة ولا تناسب مع الثقل الديموغرافي لشعبنا الكلداني في الأقليم ، وألأشكالية تعود الى التحاشي في التعامل المباشر مع شعبنا الكلداني ومنظماته وأحزابه وكنيسته التي يقف في مقدمتها الأساقفة الأجلاء ، والبطريرك الكلداني عمانوئيل دلي ، كل هؤلاء يجري تهميشهم ويجري التعامل مع الأحزاب الآشورية ، بدعوى اننا جميعاً مسيحيين .
 نعم إننا شعب مسيحي واحد لكن من الناحية القومية فنحن كلدانيين وآشوريين وأرمن وسريان ، كما ان المسلمين شعب مسلم واحد لكنهم عرب وأكراد وتركمان ، فالكردي لا يقبل ان يكون تحت وصاية حزب عربي ، وكذلك نحن لا نقبل ان نكون تحت وصاية حزب آشوري .
وفي سياق فرض الوصاية على شعبنا الكلداني جرى تبديل تسميتنا القومية الكلدانية  في مسودة دستور اقليم كوردستان ، وتعويضها  بتسمية قطارية هجينة تعرف بكلدان سريان آشور ، فهذه التسمية لا تليق بشعب يحترم تاريخه  .
 لا يوجد في اثنوغرافية شعوب الأرض امة او قومية مركبة من عدة اسماء مصطنعة فكيف نقبل بتركيبة غريبة عن المنطق لتكون بديلاً لتسمياتنا التاريخية ؟
 وفي مقابلتكم يوم 24 / 08 / 2010 مع وفد من الأتحاد الآشوري العالمي وكان برئاسة السيد يناثن بيث كوليا وهو ممثل الاشوريين في مجلس الشورى الأيراني وحضور ممثل حزب الوطني الآشوري وهذا الوفد ، ثمّن موقفكم بإلغاء القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ويأمل من الحكومة الأتحادية الفيدرالية ان تحذو حذو ما تم إقراره في مسودة الدستور الكوردستاني .
 إن هذا الرجل مع تقديرنا له فهو شخص اجنبي غير عراقي ولا يمكن ان يكون ممثلاً او وصياً على شعبنا الكلداني ، فبأي حق يتكلم هذا الرجل باسم الشعب الكلداني العراقي الأصيل ؟
لقد طلب اجتماع سنودس المطارنة المنعقد في عنكاوا في نيسان 2009 بإدراج التسمية القومية الكلدانية في مسودة دستور الأقليم بشكل مستقل كما كان قبل تشويهه ، حيث كانت مدرجة القومية الكلدانية ، لكن حزب آشوري متنفذ في اقليم كوردستان ألغى التسمية من الدستور ، وهذا ما يخالف حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، حيث نقرأ في ملحق رقم (1) في ميثاق حقوق الأقليات إعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين الى اقليات قومية او أثنية والى اقليات دينية ولغوية ، وقد اعتمد في الجمعية العامة للامم المتحدة في ديسمبر سنة 1992 م . فجاء في المادة الأولى :
1 ـ على الدول ان تقوم ، كل في اقليمها ، بحماية وجود الأقليات وهويتها القومية او الأثنية ، وهويتها الثقافية والدينية واللغوية وبتهيئة الظرووف الكفيلة بتعزيز هذه الهوية .
2 ـ تعتمد الدول التدابير التشريعية والتدابير الأخرى الملائمة لتحقيق تلك الغايات .
لا شك ان سيادتكم اعرف بهذه القوانين ، ولكن الأشكالية تكمن في فرض الحزب الآشوري من نفسه وصياً على شعبنا الكلداني فيعمل على تغيير التسمية القومية الى ما يشاء من التسميات في الوقت ذاته يحتفظ هذا الحزب باسمه الآشوري ، فلمذا اختار هو اسمه اتحاد الآشوري العالمي ، والعضو الأخر في الوفد حزب الوطني الآشوري ، والزوعا هي الحركة الديمقراطية الآشورية فلماذا هم يحترمون اسمهم الآشوري ونحن الكلدانيين ينبغي علينا تبديل اسمنا القومي ؟
سيادة رئيس الوزراء الدكتور برهم صالح
كما هو معلوم ان القومية الكلدانية هي ثالث قومية عراقية اصيلة ، ومنذ التاريخ القديم كان لهذا القوم منجزات حضارية في الفلك والطب والعلوم والكتابة وهو الذي وضع حجر الأساس للقانون والفن والعلم ، فلماذا ينكر حق هذا الشعب في تمثيل نفسه على الساحة الكوردستانية ؟
إن الشعب الكوردي كان مظلوماً ولا يمكن ان يكون ظالماً بأي شكل من الأشكال .
أملنا ان تعيدوا اسم قوميتنا الكلدانية في مسودة الدستور الكوردستاني وتتعاملوا مع منظماتنا وأحزابنا وكنيستنا بشكل مستقل ومنصف وسيبقى اقليم كوردستان تلك الأرض الطيبة التي لا يهمش اي مكون من الأطياف الكوردستانية الجميلة بما فيها شعبنا الكلداني .
 أملنا كبير في ان يعاد حق الكلدانيين في مسودة الدستور الكوردستاني ، وأن يأخذوا حقوقهم كاملة في اقليم كوردستان اسودة بالمكونات القومية الأخرى في اقليم كوردستان كالعرب والتركمان والأرمن والآشوريين والمندائيين ، ولا نقبل بوصاية أي حزب آشوري .
لكم خالص تقديري
حبيب تومي / اوسلو في 08 / 09 /2010

247
الأخ اسامة ادور موسى من موقع زهريرا شكراً على التوضيح ولكن ..
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
توضيح على موقع عنكاوا وعلى موقع زهريرا نشره الأخ اسامة ادور موسى وهو عضو هيئة تحرير موقع زهريرا ، ولم يشخص فيه اي اسم ، ولكن الكلام كان واضحاً بدفاعه عن حقه في نشر مقال يوسف شكوانا وعدم نشره لمقال حبيب تومي الذي كان رد على الأخ يوسف شكوانا .
اسمح لي اخي اسامة ان اقول بأنك لم تكن موفقاً في توضيحك ، فلم تأت بجديد سوى اجترار وترديد كلام عام يصب في مجرى الشعارات دون ايراد الحجج المقنعة ، وسابقى بالمفيد الذي لا تتطرق اليه لانه يبدو انكم تركزون على نشر الموضوع على الأخطاء الأملائية والنحوية .. فأقول لك ولهيئة التحرير في موقع زهريرا :
انا اكتب في مواقع كثيرة ايزيدية وعربية وكردية وشيعية وآشورية وكلدانية وآرامية وغيرها ، ولم اطلب يوماً اكثر من نشر مقال فإن استجابوا او لم يستجيبوا فأنا شاكراً لهم .
اكتب في موقع عنكاوا منذ  حوالي سبع سنوات ولم أتغيب عن صفحته الرئيسية إلا لماماً ، بسبب السفر او المرض ، وأكتب مثلاً في الحوار المتمدن منذ حوالي سنة 2006 وأفتخر بأن لي ما  يقارب 200 ألف قارئ على هذا الموقع  ، وأرسل لكم (موقع زهريرا) مقالاتي وفي الغالب لا تنشروها وهذا رأيكم واحترمه ، ولكن ولكن ثم ولكن :
 حينما ينشر الأخ شكوانا مقالاً على موقعكم وفي عنوانه اسم حبيب تومي ، ( فيجب ، نعم يجب ) عليكم ان تسمحوا لحبيب تومي ان يرد على مزاعم كاتب المقال . وهذا حق مشروع في الصحف ووسائل الأعلام وحتى في المحاكم يسمح للمتهم ان يدافع عن نفسه عن التهم الموجهة اليه ، فكيف تمنعون انتم هذا الحق ؟
 إن موقع عشتار تي في كان ينشر لحبيب تومي جميع مقالاته واليوم هذا الموقع لا ينشر حرفاً واحداً لحبيب تومي  ، وانا احترم رؤية هذا الموقع وليس من حقي ان احاسبه .
وانتم في زهريرا لا تنشرون مقالاتي ، فليس من حقي ان احاسبكم على ذلك فاحترم رؤيتكم ، اما ان تنشروا مقالاً يرد اسمي بعنوانه وتحجبون ردي ، فهذه الحالة سوف تطعن بمصداقيتكم ، وتكونون منحازين  للاخ يوسف شكوانا وتقررون مقدماً على ان شكوانا هو على حق وتومي هو على باطل ، وبهذا تكونون قد ضيعتم حياديتكم فيصبح موقعكم بوقاً للتهجم على الكتّاب والجماعات ، وانتم تقولون انكم مجموعة من الأعلاميين ولكم رسالة أعلامية ، فهل رسالتكم الأعلامية هي التدخل والأنحياز لطرف ما ؟ هذه ليست رسالة اعلامية هذه رسالة حزبية محضة ، فالأعلامي المهني يجب ان ينقل الخبر بحرفية دون تدخل في مضمون الخبر ، وإلا يفقد هيبته الحيادية .
 يا اخي أسامة ادور ، إن موقعكم قد سمح ليوسف شكوانا  ان يعبر سياج دار حبيب تومي ، وتمنعون حبيب تومي من اجتياز سياج دار يوسف شكوانا فهل هذا منطق مقبول ؟
انا اطالب إدارة موقعكم ( موقع زهريرا ) ان ينشر مقالي الذي هو عبارة  عن ردي على المقال الذي نشر على موقعكم من قبل الكاتب يوسف شكوانا وأنا اكرر مطلبي وإلا فإنكم تخالفون ابسط القواعد الأخلاقية والأدبية والقانونية للنشر وحقوق النشر والمسالة واضحة لا تحتاج الى تأويل ولا يهمني ما هو رأيكم في مقالي ، وإنكم ادرى بهذه القوانين والقواعد ؟  
تقبل اخي اسامة تحياتي ، ومرة أخرى ادعوكم الى سماع الآخر ، فالحقيقة المطلقة لا يمتلكها احد ، لا انا ولا انتم .
أملي ان يتسم مضمون موقع زهريرا بجمال ونقاء اسمه ، فزهريرا يعني الشعاع ، والشعاع  ينشر النور والضوء ولا ينشر الظلام والعتمة ، إن زهريرا يضئ القلوب وينشر المحبة والتفاهم وينهي الضغينة والحقد والتعصب الأعمى فافتحوا قلوبكم للاخرين فإن كنتم ترحبون بالكلدان الذين لا يفتخرون بقوميتهم الكلدانية ، فينبغي عليكم الترحيب بالكلدان الذين يفتخرون بقوميتهم الكلدانية ايضاً .
حبيب تومي / اوسلو في 04 / 09 / 10
 


248
الأخ اسامة ادور موسى من موقع زهريرا شكراً على التوضيح ولكن ..
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
توضيح على موقع عنكاوا وعلى موقع زهريرا نشره الأخ اسامة ادور موسى وهو عضو هيئة تحرير موقع زهريرا ، ولم يشخص فيه اي اسم ، ولكن الكلام كان واضحاً بدفاعه عن حقه في نشر مقال يوسف شكوانا وعدم نشره لمقال حبيب تومي الذي كان رد على الأخ يوسف شكوانا .
اسمح لي اخي اسامة ان اقول بأنك لم تكن موفقاً في توضيحك ، فلم تأت بجديد سوى اجترار وترديد كلام عام يصب في مجرى الشعارات دون ايراد الحجج المقنعة ، وسابقى بالمفيد الذي لا تتطرق اليه لانه يبدو انكم تركزون على نشر الموضوع على الأخطاء الأملائية والنحوية .. فأقول لك ولهيئة التحرير في موقع زهريرا :
انا اكتب في مواقع كثيرة ايزيدية وعربية وكردية وشيعية وآشورية وكلدانية وآرامية وغيرها ، ولم اطلب يوماً اكثر من نشر مقال فإن استجابوا او لم يستجيبوا فأنا شاكراً لهم .
اكتب في موقع عنكاوا منذ  حوالي سبع سنوات ولم أتغيب عن صفحته الرئيسية إلا لماماً ، بسبب السفر او المرض ، وأكتب مثلاً في الحوار المتمدن منذ حوالي سنة 2006 ويشرفني ان لدي ما يقارب 200 ألف قارئ على هذا الموقع ، وأرسل لكم (موقع زهريرا) مقالاتي وفي الغالب لا تنشروها وهذا رأيكم واحترمه ، ولكن ولكن ثم ولكن :
 حينما ينشر الأخ شكوانا مقالاً على موقعكم وفي عنوانه اسم حبيب تومي ، ( فيجب ، نعم يجب ) عليكم ان تسمحوا لحبيب تومي ان يرد على مزاعم كاتب المقال . وهذا حق مشروع في الصحف ووسائل الأعلام وحتى في المحاكم يسمح للمتهم ان يدافع عن نفسه عن التهم الموجهة اليه ، فكيف تمنعون انتم هذا الحق ؟
 إن موقع عشتار تي في كان ينشر لحبيب تومي جميع مقالاته واليوم هذا الموقع لا ينشر حرفاً واحداً لحبيب تومي  ، وانا احترم رؤية هذا الموقع وليس من حقي ان احاسبه .
وانتم في زهريرا لا تنشرون مقالاتي ، فليس من حقي ان احاسبكم على ذلك فاحترم رؤيتكم ، اما ان تنشروا مقالاً يرد اسمي بعنوانه وتحجبون ردي ، فهذه الحالة سوف تطعن بمصداقيتكم ، وتكونون منحازين  للاخ يوسف شكوانا وتقررون مقدماً على ان شكوانا هو على حق وتومي هو على باطل ، وبهذا تكونون قد ضيعتم حياديتكم فيصبح موقعكم بوقاً للتهجم على الكتّاب والجماعات ، وانتم تقولون انكم مجموعة من الأعلاميين ولكم رسالة أعلامية ، فهل رسالتكم الأعلامية هي التدخل والأنحياز لطرف ما ؟ هذه ليست رسالة اعلامية هذه رسالة حزبية محضة ، فالأعلامي المهني يجب ان ينقل الخبر بحرفية دون تدخل في مضمون الخبر ، وإلا يفقد هيبته الحيادية .
 يا اخي أسامة ادور ، إن موقعكم قد سمح ليوسف شكوانا  ان يعبر سياج دار حبيب تومي ، وتمنعون حبيب تومي من اجتياز سياج دار يوسف شكوانا فهل هذا منطق مقبول ؟
انا اطالب إدارة موقعكم ( موقع زهريرا ) ان ينشر مقالي الذي هو عبارة  عن ردي على المقال الذي نشر على موقعكم من قبل الكاتب يوسف شكوانا وأنا اكرر مطلبي وإلا فإنكم تخالفون ابسط القواعد الأخلاقية والأدبية والقانونية للنشر وحقوق النشر والمسالة واضحة لا تحتاج الى تأويل ولا يهمني ما هو رأيكم في مقالي ، وإنكم ادرى بهذه القوانين والقواعد ؟  
تقبل اخي اسامة تحياتي ، ومرة أخرى ادعوكم الى سماع الآخر ، فالحقيقة المطلقة لا يمتلكها احد ، لا انا ولا انتم .
أملي ان يتسم مضمون موقع زهريرا بجمال ونقاء اسمه ، فالشعاع  ينشر النور والضوء ولا ينشر الظلام والعتمة ، إن زهريرا يضئ القلوب وينشر المحبة والتفاهم وينهي الضغينة والحقد والتعصب الأعمى فافتحوا قلوبكم للاخرين فإن كنتم ترحبون بالكلدان الذين لا يفتخرون بقوميتهم الكلدانية ، فينبغي عليكم الترحيب بالكلدان الذين يفتخرون بقوميتهم الكلدانية ايضاً .
حبيب تومي / اوسلو في 04 / 09 / 10
 

249
اين يقف اقليم كوردستان من مشروع تكريم المناضل توما توماس ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
في المشهد السياسي العراقي الملبد بغيوم العنف وغبار الحرائق وتطاير اشلاء البشر والتناكف الماراثوني على الكرسي اللعين ، وسط هذا الوسط الكئيب  تبدو التجربة الكوردستانية علامة مضيئة في الطريق الصحيح إن كان على صعيد توفير الأمن والأستقرار او على صعيد المنجزات الديمقراطية ومظاهر التعايش المدني والأجتماعي ، وتنتظر الأقليم خطوات اخرى على طريق القضاء على البطالة ومكافحة الفساد وتطوير الخدمات وتعزيز التعامل الديمقراطي مع المكونات الكوردستانية بما فيها شعبنا الكلداني الذي يشعر بتهميش حقوقه في اقليم كوردستان رغم انفتاح الأقليم على المكونات الأخرى .
لقد اكرم الأقليم سابقاً عدداً من الراحلين ومنهم المناضل ناجي عقراوي ، كما بادر الأقليم الى تكريم الأحياء ومنهم الدكتور كاظم حبيب ، وأخيراً الشاعر العراقي مروان الدليمي ، واليوم ثمة نشاطات تبذل من قبل بعض الخيّرين وفي مقدمتهم منظمة الحزب الشيوعي في القوش في مبادرتها الى إقامة مشروع متنزه ونصب تذكاري للراحل توما توماس في مدينة القوش  ، والمنظمة تبذل جهوداً طيبة في الأتصال بمختلف الجهات العراقية لتعضيد هذا المشروع العراقي الأصيل .
سؤال مطروح : لماذا يجري تكريم توما توماس ؟ ما هي المنطلقات التي ترجح مثل هذا التكريم ؟
للاجابة نعود الى حياة هذه الشخصية ، وأعتبر نفسي شاهد عيان مع عدداً من زملائي لا زالوا على قيد الحياة في القوش واتمنى لهم طول العمر ، فنحن شهود عيان احياء ، بعد مرور حقبة تقارب من النصف قرن من السنين ، على حياة الراحل توما توماس في فترة كانت حافلة بالأحداث الدرامية في كوردستان العراق عموماً وفي منطقة القوش خصوصاً ولمدة خمس سنين ونيف ، فكنت قريباً جداً من الرجل لسنين طويلة كان فيها الصعوبات والمحن والجوع والتعب والسهر والخطورة والموت المحقق في اية لحظة .
المعروف عن توما توماس ، الملقب بأبو جوزيف ، انه تعاطف مع الفكر اليساري منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي ، وفي اوائل الستينات نتيجة المضايقات في كركوك اضطر الى ترك وظيفته في شركة نفظ كركوك والأنتقال الى احضان بلدته القوش ، وبعد شباط 1963 كان في طليعة من رفع السلاح بوجه السلطة الدموية .
 ونظراً لخلفيته العسكرية والنضالية والأجتماعية تبؤأ مركز القيادة لمجموعة كبيرة من المتطوعين في المنطقة ومن مختلف القوميات والأثنيات وأنا شخصياً كنت من الشباب اليافعين الذين التحقنا مع توما توماس .
وفي هذه الفترة لمسنا نحن الشباب بأن هذا الرجل يمتاز بهدوئه ودماثة اخلاقه ، وهو إنسان حقيقي متواضع يمخر عباب سنين العمر بمشاعر بعيدة عن اوهام التعالي والفوقية ، وكان يمتاز بشجاعة متدثرة بالتعقل والحكمة والتجربة ، وبتقدير واقعي سياسي واجتماعي لما يحيط به من الظروف في المنطقة وكنتيجة لهذه السمات تمكن من نيل وإحراز الأحترام بين انصاره .
 ازعم ان شخصية توما توماس رغم انتمائه السياسي والفكري اليساري ، فإن مركزه النضالي على الساحة السياسية العراقية والكوردستانية قد تعززت بعد التحاقه بالثورة الكردية ، وقد بذل جهوده لتوطيد العلاقات بين الثورة الكردية والحزب الشيوعي ، كما كان موضع احترام حتى من قبل قادة الجيش في المنطقة الذين لهم نظرة عسكرية مهنية التي تنظر بعين الأحترام الى الشجاع اين ما كان موقعه حتى لو في صفوف عدوهم  .
 في المسألة القومية فقد كان المرحوم توما توماس ينطلق من افقه الواسع ، ويؤمن بتآخي القوميات العراقية ويدعو الى احترام كل المعتقدات والأعراق والأديان والمذاهب ، وفي المسالة القومية لشعبنا المسيحي فقد ارتبط بعلاقات طيبة مع الحركة الديمقراطية الاشورية التي كانت تتزعم الى حداً ما المسالة القومية ، ولم يستسلم للمحاولات التي كان ترمي الى النيل من المكونات الأخرى وفي المقدمة تلك التي كانت تحاول تحويل القومية الكلدانيـــــة الى اللاقومية ، وقد وقف بشجاعة في وجه تلك المحاولات المناقضة لمبادئ حقوق الأنسان وحريته في العقيدة والأنتماء ، فكان يكن الأحترام لقوميته الكلدانيــــة دون تعصب ، ويسعى الى توحيد الجهود لخلق شراكة حقيقية ندية بين مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين لنيل حقوق شعبنا المسيحي في عموم العراق .
لقد عمل توما توماس بتواضع بين انصاره فأكسبه ذلك احترامهم وطاعتهم الواعية واستطاع ان يخوض معارك مع رجاله بشجاعة وكان مصدر اعتماد الثورة الكردية ، وقد كان هنالك تفاهماً وتعاوناً بينه وبين المناضل هرمز ملكو جكو ، وقد استمر هذا التعاون حتى بعد استشهاد هرمز ملك جكو في اواخر عام 1963 حيث خلفه الشهيد مامي طليا .
إن هرمز ملك جكو كان عضواً في الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، لكن الى جانب ذلك كان سند كبير لجميع المسيحيين في كوردستان إن كانوا من الكلدان او السريان او الآشوريين .
 إن حكومة اقليم كوردستان تعترف بالجميل ولا تنكر رجالها وهكذا كانت كوردستان وفية للشهيد هرمز ملك جكو حينما اكرمته بإقامة نصب تذكاري له واعتباره من شهداء الثورة وتسمية شارع في دهوك باسمه .
 إن اقليم كوردستان اليوم امام شخصية عراقية القوشية كلدانية مناضلة خدمت العراق وخدمت اقليم كوردستان ، إنه المناضل توما توماس الذي قضى حياته في سوح النضال والكفاح من اجل عراق ديمقراطي ، ومطروح مشروع لاقامة نصب تذكاري ومتنزه في مدينته القوش وباسم توما توماس تخليداً له ، وبرأيي الشخصي ان اقليم كوردستان لابد ان يكون له بصمات في هذا التكريم ، وسيكون ذلك تكريماً لألقوش ايضاً ، وإن كان هناك بصمات لمساهمات اخرى من جهات حكومية او شعبية عراقية ، سيشير رمز توما توماس في القوش الى شمعة مضيئة تستشرف الى نافذة الأخوة بين العرب والأكراد والتركمان والكلدان والسريان والأرمن والآشوريين والأيزيدية والشبك وكل الفسيفساء الجميل في سهل نينوى وفي اقليم كوردستان وفي عموم العراق .
 حبيب تومي / اوسلو في 28 /08 / 10

250
الأخ شكوانا نعم الكوتا دينية مسيحية وليست قومية وتطبيقها كان مجحفاً
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
بدءاً انا لا احبذ الرد على المداخلات والردود على كتابنا وقراؤنا الأعزاء واسبابي هي :
اولاً : حينما اكتب مقالاً فإنه يعبر عن وجهة نظري ، وحينما يعلق عليه القارئ او يرد عليه كاتب ، وإن كان الرأي الآخر موازياً او متقاطعاً مع رأيي ، فأقول لكل منا رأيه وقد عبر عنه ، وليس بالضرورة ان تكون رؤيتنا متطابقة .
ثانياً : إذا كان الكاتب الذي يرد على مقالي هو كاتب كلداني لكنه ركب موجة الحزب الآشوري ، فليس من المعقول ان نتخاصم بيننا نحن الكلدان والأخوة في الحزب الآشوري يصفقون ونحن مخمورين في صراعنا على الحلبة .
ثالثاً : ردود على مقالاتي كثيرة ، وإن كتبت على جميع تلك الردود سيكون عملي عبارة عن ردود الأفعال فحسب ، ولا اريد ان اركب هذه الموجة فأنا اكتب رأيي بصراحة والذي يرد عليه هو حر ، ونادراً ما ارد على موضوع قياساً بما اكتبه .
 قد يتساءل القارئ الكريم لكن لماذا اردّ  اليوم على مقال الأخ يوسف شكوانا والجواب يكمن الى حد بعيد في  الرسالة التي استلمتها على ايميلي يقول كاتبها ( والأسم الكامل وايميل مرسلها محفوظ عندي ) :
((((( السيد حبيب تومي
بعد قراءتي ولعدة مرات لمقالة الأ ُستاذ يوسف شكوانا الأخيرة ( السيد حبيب تومي والكوتا قبل الانتخابات وبعدها ) المنشورة في موقع عنكاوا كوم ... لا يسعني إلا َ أن أقول لك وبالاختصار الشديد: إذا كان لديك مقدار ذرة من الخجل أو مقدار ذرة من الكرامة ... عليك الكف عن الكتابة حول قضايا شعبنا العظيم .
إ . هـ .
سدني - استراليا   ))))
ونشرت فحوى الرسالة لانها تخص موضوع الأخ شكوانا ، وفي الحقيقة هي رسالة مؤدبة جداً قياساً بغيرها من التي استلمها  ولا اريد ان الوث ذوق القارئ الكريم بنشرها ، والى الأخ يوسف شكوانا استطيع ان ارسل لك المزيد من هذه الرسائل الأرهابية واللااخلاقية ، إن شئت ،من التي تصلني الى بريدي وستقرأ العجب .
 انا شخصياً اعتبر مثل هذه الرسائل والتي غالباً ما تكون من مناصري الزوعا مع الأسف  فإنها جزء من الإرهاب الفكري ليس إلا ، وإن لا نقبل بهذا الوصف فنقول انه استبداد فكري ، وماذا تقول اخي يوسف هل لك تعبير آخر لمثل هذه الرسائل أياً كان مصدرها  ؟
اعود الى المقال الذي كتبه الأخ يوسف شكوانا على موقع عنكاوا وزهريرا وتللسقف ونركال كيت . والمقال تحت عنوان : ((السيد حبيب تومي والكوتا قبل الأنتخابات وبعدها )) .
اشكرك على على كتابة السيد حبيب ، لكن انا شخصياً لا احبذ ان يكون هذا اللقب سائداً بيننا فأنا اخاطبك أخ او صديق او زميل او كاتب او استاذ ، وانت حر بما تكتبه طبعاً .
 ورد في المقال فقرة ((نعلم أن سبب ذلك هو عدم أتفاقنا على تسمية قومية واحدة ولم يكن في الافق اسما للكوتا نتفق عليه (لأن المسؤولين أحتاروا بنا) )) انتهى الأقتباس
 تقول السبب كان لعدم اتفاقنا على تسمية قومية وأحدة لان المسؤولين أحتاروا بنا .
 تعليقي
هو الدهشة من هذا الكلام الغريب ، لماذا يحتار المسؤولون ؟ نحن نعرف اسمنا هو الشعب الكلداني وقوميتنا كلدانية وهناك القومية الآشورية فلماذا تكون الحيرة ؟ وعلى اي شئ نتفق ؟ هل تريد ان تقول نحن اسمنا آشوريين فهذا لا نقبل به ، أما إن قلت اسمنا يكمن في دمج تسمياتنا  فهذا بعيد عن المنطق والموضوعية ولا يوجد في الكرة الأرضية على الخارطة الأثنية العالمية ، شعب او قومية لها اسم مركب قطاري ، وإن عثرت في الخارطة الأثنوغرافية على سطح المعمورة باسم شعب او قومية او امة لها اسم مركب فأرجو ان تذكره لي وللقراء ، فلا يوجد اية حيرة في الأمر .
في موضوع واو العطف او الجمع :
 كان هنالك مجلة قالا سوريايا ، الصوت السرياني ، وفي الصفحة الأولى منها هذه العبارة (( المجلة تصدرها الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية من الآثوريين والكلدان والسريان )) فأين الخطأ في ذلك علماً ان هيئة تحرير المجلة كانت برئاسة هرمز شيشا وسكرتارية بنيامين حداد وعضوية كل من وديع كجو ويوآرش هيدو وجميل روفائيل وحنا شيشا وإدارة بولص شليطا ورحمة الله من اودع منهم هذه الحياة  ، والصحة والعمر المديد للاحياء منهم .
فلماذا لم يكتب هؤلاء جميعاً عبارة : مجلة الناطقين بالسريانية من اثور كلدان سريان ، ولماذا أضافوا واو بين التسميات ؟ وأنت نفسك كنت تضع الواو بين التسميات فلماذا حينما تضع انت هذه الواو بين تسمياتنا ، او يضعها هؤلاء السادة لا تعتبر الواو تمزيقية او تقسيمية او تشطيرية الى آخره من الألفاظ ، ولماذا إذا استعملها حبيب تومي تتحول راساً الى الواو التي تقسم شعبنا ؟ ألا ترى تناقض كبير وكيل بمكيالين في كلامك اخي يوسف شكوانا ؟
 اليست هذه معادلة غريبة اخي يوسف ، إن استعملتها انت فهي توحيدية وإن استعملها حبيب تومي وفي نفس المكان ستكون تمزيقية وتقسيمية ، وحينما اوردت مثال الأب والأبن والروح القدس ، وحينما اوردت لك العدد خمسة وعشرون ، فإن الواو في جميع هذه الحالات جامعة ، فأين الخلل ؟
وأنا اعتقد ان هذه الأفتراضات تدخل من ضمن الفكر الحزبي  ، وارجح دراساتكم وتعاليمكم مسكونة  بالهاجس الأديولوجي ، والذي يتلخص في انتقائية عجيبة يستخدمها لامرار فرضياته ونظرياته . وإلا كيف تصبح الواو عندك موحدة وسرعان ما تتحول عند حبيب تومي الى تقسيمية ؟
وأضيف  
لا يوجد اية حيرة اخي يوسف ، الكلداني يعرف انه كلداني والسرياني يعرف انه سرياني والآشوري يعتز بانه آشوري وكل يعتز بقوميته وهذه مسألة إنسانية تعترف بها لوائح حقوق الأنسان التي يشكل حقوق الأقليات جزءاً مهماً من بنيانها ، فأين الخطورة في ذلك وأين الكفر ؟
ولما هذه الحساسية المفرطة من القومية الكلدانية ؟ علماً انها قومية عراقية اصيلة وهي ثالث قومية عراقية بعد العربية والكردية ، وإن عملتم على إلغائها من الدستور او من التعامل العام فإن ذلك سيعتبر اعتداء على حقوق الآخرين ويعني استخدام نفوذ الأحزاب الآشورية وقدراتهم المادية والأعلامية فإن ذلك سيتناقض مع حقوق الأنسان في حرية الفكر وحرية العقيدة والأنتماء ، فالوصاية مرفوضة مهما كان نوعها وتبريراتها ، فكل منا يعرف اسمه جيداً ولا حاجة لتلقينه ومعرفته بانتمائه ولكل إنسان مطلق الحرية في ذلك .
 الأخ يوسف شكوانا
 برأيي ان الكوتا كانت مسيحية دينية قبل الأنتخابات وبعد الأنتخابات هي كذلك ولا يمكن ان اغير رأيي ، فمنح الكوتا كان تحت عنوان : منح خمسة مقاعد للمكون المسيحي ، فأين ذكر القومية ؟ فلم يكن في قرار المنح باسم  الكلدان او السريان او الآشوريين او كلدوأشورسريان ، او كلدان سريان آشوريين ، كان هنالك لفظة واحدة وهي الكوتا المسيحية ، اما المنافسين للفوز بالأنتخابات في تلك المقاعد فكانت قوى وأحزاب قومية كلدانية وآشورية إضافة الى قائمتين لاشخاص مستقلين ، وكان مجموع الكيانات المشاركة سبعة كيانات  ، ولو فاز اي حزب كلداني في الأنتخابات لقلت مثلاً ان المجلس القومي الكلداني فاز بمقعد واحد من الكوتا المسيحية ولا أقول غير ذلك ، إن فاز حزب كلداني او اخفق ، فقرار الكوتا معلوم ولا يغير المعادلة فوز حزب كلداني او آشوري او كيان مستقل ، وكما تقول انت : ارجو ان ( لا تقوّلني ما لم اقوله) .
الأخ شكوانا : جاء في ردك :
(( .. أي (مفصلة حسب الذوق) ماذا عن الذي يحمل ثلاثة أسماء كالمجلس الشعبي هل له حق المشاركة في ثلاثتهم أم يسقط حقه من الكل، وماذا عن حزب بيت نهرين الذي لا يحمل أي من الاسماء ماذا يكون مصيره ... )) .
جوابي
المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري هو حزب آشوري ويرفع العلم الآشوري ، ولو كان حزب كلداني آشوري سرياني لاحترم الأعلام الأخرى غير الآشورية وهو حزب آشوري لا غير ، وكذلك حزب بين النهرين ، فالأسم لا يشكل اي عائق ، وكل شخص وكل حزب يعرف هويته ، وليس لنا ان نرشده ، وهل هنالك رجل في العالم لا يعرف هويته ولا يعرف قوميته او دينه ؟ لماذا المرور في الأزقة والدرابين الضيقة بينما الطريق واضح ومنّور امامك ؟
 لماذا كل هذه الفرضيات التي لا تعتمد على واقع هل هنالك انسان لا يعرف هويته اخي يوسف ؟ ألا تعرف انت هويتك ؟ الا اعرف انا هويتي ألا يعرف القارئ الكريم هويته ؟ فلماذا كل هذه الفرضيات ؟
 وبودي ان اعلق على فقرة اخرى يقول يوسف شكوانا :
(( لم يذكر هنا أين يكون هذا التمثيل للاحزاب والمنظمات والمفكرين هل يكون في البرلمان أم على صفحات الانترنيت، فالتمثيل تحت قبة البرلمان له شروطه ويتطلب الفوز رسميا بالانتخابات وأذا كان في الانترنيت فهي مفتوحة أمام الكل، وأذا يحق له أن يقرر من يمثل شعبنا الكلداني فأذا لماذا الانتخابات؟)) انتهى الأقتباس
تعليقي
على هذه الفقرة هو نتائج الأنتخابات في العراق ، وسؤالي للاخ شكوانا ، إن الفائزين في هذه الأنتخابات كانوا من الأحزاب الدينية والقومية وهؤلاء يمثلون الناخب العراقي اليوم ، وسؤالي لك ماذا قدم هؤلاء الفائزين الذين هم ممثلي الشعب ، ماذا قدم هؤلاء لحد اللحظة ؟
وأنا اجيب عنك وانت تعرف والكل يعرف ان الحصيلة من فوزهم هي العمليات الأرهابية والعنف يحصد الأنسان العراقي وهؤلاء الفائزين والذين تقول عنهم ممثلي الشعب لا زالوا يلهثون لكي يمسكون بالكرسي دون ان تهز ضمائهم لما يجري في العراق ولدماء الأبرياء التي تسال ، وهم متحصنين في مواقعهم ، لقد مضى حوالي خمسة أشهر على فوزهم ولا زالوا يركضون وراء مصالحهم الدنيئة دون وخزة ضمير للتفكير بآمال الشعب ونكباته اليومية ، اليس هؤلاء يمثلون هذا الشعب كما تقول ؟
 لقد تمكنت القوائم الكبيرة  من إقصاء ممثلي الحزب الشيوعي ومثال الآلوسي وأياد جمال الدين وكل القوى العلمانية الخيرة وذلك بإضافة اي زيادة في الأصوات للقائمة الفائزة وكانت هذه لعبة قذرة لاقصاء القوى الديمقراطية العلمانية الصحيحة .
لقد طبق ذلك النمط من الأجحاف على قوائم الكوتا المسيحية . وكانت تلك النتائج التي سلب فيها مقعد المجلس القومي الكلداني ومنح للزوعا حيث ان فضلة في زيادة الأصوات منح للقائمة الفائزة ، وطبق هذا القرار المجحف على تلك الحصة ، وألان ارجو ان تبقى معي لنلقى نظرة على ارقام الأصوات التي نشرها في وقتها موقع عنكاوا على شكل جداول .
كانت هناك سبع كيانات متنافسة وسنتكلم بلغة الأرقام كما قلت لتجنب اي اجتهاد في المسالة . والمصدر دائماً موقع عنكاوا : ـ
 اولاً : ـ فازت قائمة المجلس الشعبي بمقعدين وكان عدد الأصوات التي حصلت عليها 21882 اي ما نسبته 29,8%    
ثانياً : ـ حصلت القوائم غير الفائزة ما مجموعه : 23338 أي ما نسبته 31,8%  صوت ولم يكن لها اي مقعد في البرلمان أي ليس لها ممثل حقيقي خاصة قائمتي الكلدان .
ثالثاً : ـ تكون نسبة  29,8%  التي حققها كيان المجلس الشعبي قد  حصلت على مقعدين فيما نسبة 31,8% لم تحصل على اي مقعد . ونحن كما ترى نتكلم بلغة الأرقام لا غير .
رابعاً : ـ ونستمر في قراءتنا للنتائج ، فقد حصلت الحركة الديمقراطية الآشورية  على ثلاثة مقاعد من حصيلة اصواتها التي بلغت 28095 ، وإذا ما علمنا ان مجموع اصوات الكوتا المسيحية كان 73315 وإن القاسم الأنتخابي بلغ 14663 فتكون حصة الزوعا مقعدين ، وبموجب عدد الناخبين يساوي 29326 صوتاً وكان ينقصها للحصول على مقعدين عدداً من الأصوات يساوي 1231 صوت ، إي ان الزوعا كانت بحاجة الى 1231 من الأصوات لتفوز بالمقعد الثاني فكيف فازت بالمقعد الثالث وهي لا تملك استحقاق مقعدين ؟ ومن اجل حصولها على ثلاثة مقاعد كان يلزمها الحصول على حوالي 44 الف صوت . ولهذا من حقنا ان نصف هذه الأنتخابات بأنها  همشت تمثيل حوالي 32%  من ابناء شعبنا لا سيما الكلدان الذين فازت قائمتيهم بأكثر من 12 الف صوت .
إن المقعد الذي كان من نصيب المجلس القومي الكلداني باعتباره قد احرز ثالث مركز في الأنتخابات منح للزوعا بقرار ان اصوات القوائم الخاسرة تمنح للفائزين ,هكذا بقيت المقولة التي تقول :
ان الحقيقة هل التي يكتبها المنتصرون فحسب .
إن هذا القرار المجحف قد ابعد قوى ديمقراطية علمانية عن التمثيل في البرلمان العراقي كما ابعد شعبنا الكلداني من الفوز بالمقعد الذي كان يستحقه. وكما ترى اخي يوسف لا نريد لوي عنق الحقيقة .
عموماً اقول :
رغم هذا الغبن ، فإننا نؤمن باللعبة الديمقراطية ونتائجها ، لكن اعتراضنا هو على كلامكم بأن الفائزين لهم الحق في القيام بكل ما يتعلق بشعبنا الكلداني حتى تغيير تاريخه وتغيير اسمه ، كما اقول : لا يجوز تهميش رأي الآلاف الذين لم يفوزوا في الانتخابات .
وكان بودي ان ارد على مقالك لا التأشور عار ولا.. الملئ بافتراضات غير واقعية ، فقد جردت فيه تاريخ شعبنا الكلداني وحصرت البطولات والتاريخ والشهداء بتلك التي تعود للحزب الآشوري ، ومع احترامنا لهذا الحزب ولتاريخه ، لكن نحن لسنا مجردين من التاريخ والبطولات والشهداء ، كان يجب ان تكون منصفاً في سردك .
 ملاحظات كثيرة لدي ومنها على سبيل المثال لا الحصر ، ما ذكرته بقولك :  ( .. وبالشهداء جميل وشيبا وغيرهم في سوح الكفاح المسلح؟ ) : نعم نحن نعتز بكل شهداء الكفاح المسلح ، وهؤلاء الذين شخصتهم من دون شهدائنا الآخرين ، ولا ادري إن كنت تقصد المرحوم شيبا الذي كان متطوعاً مع القوات الحكومية ، او غيره ، لكنك لم تتطرق الى ذكر البطل هرمز ملك جكو وهو غني عن التعريف ، نعم هرمز ملك جكو كان يعمل في الحزب الديمقراطي الكردستاني ، ولكنه رفع اسم شعبنا المسيحي عالياً ، وهنا يتحقق حدسي بأنك قد انتقيت الشهداء الذين تعترف بهم الزوعا فحسب .
أما عنوان مقالك أن التأشور ليس عاراً ، فنحن نبارك لك التأشور ، ولكن مع الأسف لا نريد ان نشاطرك ، فهذه بضاعتك ، ونحن مقتنعين بتسميتنا القومية الكلدانية ، وكل يعمل حسب قناعاته ، دون وصاية .
هنالك الكثير الكثير لأناقشك به وربما نلتقي يوماً ، ولتعلم انا او زملائي لسنا في عداوة وخصام مع الأخوة الآثوريين فنحن شعب مسيحي واحد ، لكن من حقنا ان ندافع عن وجودنا وعن تاريخنا ومن حق الأنسان ان يعتز ويدافع عن وجوده ومعتقده وانتمائه ، ولوائح حقوق الأنسان تضمن هذا الحق وبمنأى عن اي وصاية او نيابة ، فإن كان لك حق التأشور ، فنحن ايضاً نملك حق عدم التأشور .
لدي سؤال للاخ يوسف شكوانا : ما رأيك بالموقع الذي نشر مقالك ، ورفض ان ينشر ردي عليه ؟ ما هو تفسيرك ؟ وهل تعتبر ذلك سلوكاً قويماً ؟
 وتقبل مني خالص احترامي متمنياً لك ولحزبك المناضل الحركة الديمقراطية الآشورية دوام التقدم والنجاح ، ولكن دون إقصاء الآخرين .

حبيب تومي / اوسلو في 30 / 08 / 10

251
صـمـت القبـور يلـفّ احـد مواقـع شـعبنا (زهريرا نيت)
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
 نشر الأخ يوسف شكوانا مقالاً تحت عنوان " السيد حبيب تومي والكوتا قبل الأنتخابات وبعدها " وقد نشر المقال على بعض مواقع شعبنا المسيحي ، منها موقع عنكاوا كوم وتللسقف ونركال كيت وزهريرا نيت ، وكتبت رداً على الموضوع على شكل مقال تحت عنوان  " الأخ شكوانا نعم الكوتا مسيحية وليست قومية وتطبيقها كان مجحفاً " وأرفقت مقالي مع الرسالة ادناه :
الأخوة الأعزاء في موقع زهريرا
 تحية ومحبة
اطلعت على المقال الذي كتبه الأخ يوسف شكوانا المنشور على موقعكم وهو تحت عنوان
 (السيد حبيب تومي والكوتا قبل الانتخابات وبعدها )
وعملاً بحرية الرأي والرأي الآخر ، فأرجو نشر المقال المرفق وهو رد على مقال الأخ شكوانا
 تقبلوا تحياتي
 حبيب تومي

ــــــــــــــــــــ
 ولم استلم الجواب ولم ينشر ردي على موقع زهريرا ، فأرسلت في اليوم التالي الرسالة التالية :
الأصدقاء في موقع زهريرا
 تحية ومحبة
أرسلت لكم يوم امس مقالاً وهو رد على مقال الأخ يوسف شكوانا الذي اورد اسمي في عنوان مقاله المعنون
(السيد حبيب تومي والكوتا قبل الانتخابات وبعدها )، ولكنم احجمتم عن نشره لحد الآن ، فعملاً بحرية الرأي والرأي الآخر ارجو نشره فوراً وبنفس المكان الذي نشرتم مقال الأخ يوسف ، وهذا جزء من واجبكم والتزاماتكم الأخلاقية
 وتقبلوا تقديري
 حبيب تومي / اوسلو في 26 / 08 / / 2010
---------------------

ولما لم ينشر المقال ولم استلم اي رد ، فبادرت الى إرسال المقال للمرة الثالثة مرفقاً مع الرسالة التالية :
 الأخوة في موقع زهريرا
 تحية ومحبة
 هذه هي المرة الثالثة ارسل لكم المقال والذي هو رد على الأخ يوسف شكوانا حيث كتب مقاله واورد اسمي ، والمسالة من الجانب القانوني والأدبي والأخلاقي يستوجب نشر ردي عليه
 وعليه اطالبكم بنشر المقال وهذه هي المرة الأخيرة الذي اطالبكم بهذا الحق
 حبيب تومي / اوسلو في 27 / 08 / / 10

انا أؤمن ان موقع زهريرا نت هو موقع مسكون بداء الأديولوجية الحزبية الضيقة ، وليس لنا اي اعتراض ، كما ان الموقع ينشر لجميع الأقوام باستثناء من يحمل اسم القومية الكلدانية ، أي ان الموقع مفتوح للجميع باستثناء الكلدانيين الأصلاء الذين يفتخرون بتاريخهم الكلداني .
وتبدو المسالة مثل ما كان على جوازات سفرنا مسموح السفر لجميع دول العالم باستثناء اسرائيل فالموقع لكل  الناس باستثناء الكلدانيين ونحن لسنا ضد ذلك ، لكن المسالة قانونية وأدبية وأخلاقية حينما يفتح الموقع صفحته للكاتب يوسف شكوانا ، ويقفله بوجه كاتب آخر وهو حبيب تومي حتى حينما يشخص يوسف شكوانا في عنوان مقاله حبيب تومي .
مطلوب من الموقع المذكور اتباع قواعد وآداب وأخلاق النشر وإلا سيفتقر موقع زهريرا التابع للزوعا الى ابسط قواعد النشر والمنظومة الأخلاقية والأدبية والقانونية المترتبة على مثل هذا السلوك .
فهل يستيقظ المشرفون على موقع زهريرا من سباتهم ويفتحوا نوافذهم على الهواء الطلق ، ليسمعوا الصوت الآخر ام سوف يبقون في الظلام الدامس الذي يعتكفون به ويلوذون في صمتهم الرهيب ؟
 حبيب تومي / اوسلو في 29 / 08 / 2010

252
مبروك مؤتمر الزوعا لكن طبقوا قراراتكم على انفسكم قبل فرضها على الكلدان
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
احلى ما يطرب اليه الأنسان في حياته هي كلمات الأم ، وتصبح وكأنها دستور الحياة مهما تقدم به العمر ودخل معترك الحياة ، ويحضرني قول الوالدة المرحومة ، حيثما نبدي بعض النقد لتصرف القس في بلدتنا القوش لتقول ( بروني تنياثح شمولي عواذح لا اوذوتولي ) اسمعوا كلامهم ولا تفعلوا افعالهم ، فنحن لسنا مسؤولين عن افعالهم ومن يحاسبهم هو ربهم . ومربط الفرس إننا ينبغي ان نسمع من الحركة الديمقراطية الآشورية مواعظها المقدسة ولا نحاسبها على افعالها .
 قبل التطرق الى هذه المسألة اشير الى وجود كتّاب من شعبنا الكلداني والمعروفين بموالاتهم للحزب الآشوري ، يسعدهم ان يجعلوا الكتّاب الكلدان الذين يحترمون قوميتهم الكلدانية ويفتخرون باسمها وكأنهم في صراع وعداوة مع الآثوريين ، وبالتالي فإنهم يمزقون لحمة شعبنا المسيحي ، وهؤلاء الكتاب هم من يركبون موجة الحزب الآشوري النرجسي الأقصائي لغيره من المكونات خصوصاً شعبنا الكلداني وقوميته الكلدانية .
فنحن لسنا ضد الشعب الآثوري ولسنا ضد احزابه ، لكننا ضد الفكر الأقصائي المتطرف لهذا الحزب ، فشتان بين ما تزعمونه وبين ما نحن عليه .
 بعض كتابنا الكلدان  يدافعون عن التأشور ويقولون التأشور ليس عاراً ، ونحن نقول كذلك كل إنسان حر بأن ينكر قومه وينخرط مع قوم آخر ،  ونقول لهم صراحة إننا لا نعادي الأحزاب الآشورية وليس لنا مصلحة بذلك ، بيد اننا لا نقبل ولا نؤمن بتطلعاتهم الشوفينية الأقصائية ، وهذا الفعل من قبل كتّابنا  يطلق عليه التصيد في المياه العكرة ، والذي نحن واثقين من  زعمنا ان هذه التنظيرات هي عنصرية متطرفة لا تتلائم ومبادئ حقوق الأنسان في العصر الراهن لان الوصاية مرفوضة مهما كانت الذرائع .
ولهذا اقول تحياتي القلبية للحركة الديمقراطية الاشورية المناضلة بمناسبة انعقاد مؤتمرها السادس في اجواء ديمقراطية ، وقد ظهر  منافس للاستاذ يونادم كنا ، لكن  صندوق الأقتراع  كان هو الفيصل في تحديد النتيجة بين المرشحَين ، ولهذا يمكن الزعم بأن اجواء ديمقراطية قد خيمت  على العملية ، رغم المقال الذي كتبه الأخ أثير شيت نوح على موقع عنكاوا كوم تحت عنوان ( الحركة الديمقراطية الآشورية ، زوعا ، تقصي السرياني الوحيد من قيادتها ..) فأنا شخصياً اعتبر هذه مسائل داخلية لا شان لنا بها .
إن هذه الممارسة السليمة تتناقض مع قراراتها السلبية في شأن ابتلاع وتهميش الآخر وعلى الحركة ان تقبل سهام الأنتقاد ، فإن كان الأخوة الموالين للحركة مستعدين لابتلاع كل شئ ومستعدين لذبح اسمهم الكلداني وتاريخهم وحضارتهم من اجل عيون الحركة ، فنحن لا نقبل بهذه التضحية التي ان دلت على شئ فإنها تدل على تسييد مبدأ الخضوع فحسب ولا تدل إطلاقاً على الشراكة الودية وليس لها صلة بوحدة الأمة فالخضوع لا يعني ، مطلقاً ، الوحدة والشراكة النزيهتين .
جاء في عنوان الخبر المنشور على موقع عنكاوا بأن الحركة ترفض محاولات التهميش بحق شعبنا . بارك الله بالحركة فإن كانت لا تقبل بالتهميش فلماذا تعطي الحركة لنفسها الحق في تهميش الكلدان والسريان ؟
ونعود الى عنوان مقالنا الذي نهتدي ببوصلته لكي نصل الى المفيد منه حيث ورد في مقررات المؤتمر  :
((وتدارس المؤتمر الخطوات الرامية لتعزيز وحدة شعبنا القومية ومنها تثبيت تسمية موحدة لشعبنا في الدستور العراقي ، وأكد المؤتمرون على نهج زوعا في اعتزازه وافتخاره بجميع تسميات شعبنا وهي تعبر عن مختلف مراحله الطويله ، وتشترك في التاريخ والتراث والأرض والثقافة واللغة الواحدة والعمل على المحافظة واغناء هذه المشتركات ، وفي موازاة ذلك يتواصل العمل لحل الإشكالية من خلال الإعداد لمؤتمر قومي عام ، والسعي لإنضاج موقف موحد وصولا لخلق أرضية مناسبة لعقده)) .

بارك الله بكم وبكلامكم وأعيد مرة اخرى هذه الفقرة التي تقول :
((وفي موازاة ذلك يتواصل العمل لحل الأشكالية من الأعداد لمؤتمر قومي عام .. )) ، حسناً لماذا تستعجلون الأمر وتلوثون تسمياتنا التاريخية الجميلة  الى تسمية قطارية مشوهة ( كلدوآشورسريان ) وهي تسمية لاقومية ولادينية ولا عرقية ولا اثنية وأنكم تعلمون ذلك علم اليقين لكنكم فقد تريدون لوي عنق الحقيقة لا اكثر .
لماذا تحتفظون في نظامكم الداخلي قولكم ((  أننا نؤمن بالوجود القومي الأشوري)) نعم الأشوري لا غير  ، ولا كلدوآشوري ولا كلداني أشوري سرياني ، ، وإن كنتم لا تقبلون  بهذه التسمية المشوهة فلماذا تلبّسوها لغيركم من الكلدان والسريان ؟
لماذا عزفتم في مؤتمركم عن الأسم القطاري ، لمذا لم تغيروا اسم حزبكم الى الحركة  الديمقراطية الكلدانية ألاشورية السريانية ، ولم تغيروا اسم فضائيتكم الآشورية الى كلدوآشورية سريانية ، وجمعيتكم الخيرية الآشورية لماذا لم تغيروها الى الجمعية الكلدوآشورية السريانية .
 لماذا تفرضون هذه التسمية المشوهة المستهجة على الكلدان والسريان رغماً عنهم وأنتم تتنصللون منها فيما انتم تنفرون منها ؟
 وكما يقول المثل العراقي ( تثرمون البصل برأس غيركم ) ، فإن كنتم صادقين طبقوا اقوالكم وقراراتكم على  انفسكم اولاً ، لتصبحوا قدوة  للغير ، وليس كما قالت امي المرحومة ، إعملوا بأقوالهم ولا تنظرو الى افاعلهم وكأنكم جهة مقدسة لا يجوز مناقشتها .
بصراحة أخواني  في الزوعا ليس لكم علاقة بالوحدة الحقيقية النزيهة ، إنكم حزب شمولي أديولوجي ، تسعون لاخضاع الكلدان والسريان لارادتكم بقوة النفوذ والمال والأعلام ، ولو كان لكم ذرة من المشاعر القومية الوحدوية كما تدعون ، لما ابتعلتم المقعد الذي كان من نصيب المجلس القومي الكلداني ، والأستحواذ عليه وجاء مكرمة لا تستحقونها من المفوضية العليا للانتخابات ، وكما قال احدهم شربتم وراءه استكان شاي .
حساب عرب كما يقال لقد فزتم بما مجموعه 28095 صوت في الأنتخابات البرلمانية الأخيرة ، وقائمتي الكلدان فازتا بما مجموعه 12255 صوت ، والقاسم الأنتخابي كان 14663 صوت ، ونصيبكم كان مقعدين لا اكثر ، حيث ان مجموع اصوات المقعدين يبلغ 29326 صوت ، إي كان ينقصكم للحصول على مقعدين 731 صوتاً  فكانت مكرمة المفوضية العليا للانتخابات وكان يجب ان لا تقبلوا بالمقعد لانه ليس من استحقاقكم الأنتخابي إي كانت من المال السحت الحرام حيث وهبكم الرجل ما لا يملك باسم تفسيرات واجتهادات بعيدة عن مبدأ الديمقراطية .
ومع ذلك لو كنتم صادقين حقاً في مسألة الوحدة القومية وفي مسألة التسمية المركبة ، ولو كنتم ابرياء من اية اهداف اديولوجية إقصائية نرجسية ، لتركتم المقعد للمجلس القومي الكلداني الذي كان يستحقه ، فكنا نكيل لكم المديح ، حتى لو ترفض الهيئة العليا للانتخابات موقفكم ، فكان يسجل لكم موقفاً شريفاً يزيل بعض الشكوك من نياتكم الأقصائية المفضوحة بحق الكلدان والسريان .
 لكن الحكمة تقول :  انك تستطيع ان تخدع كل الناس بعض الوقت ، او تضلل بعض الناس كل الوقت ، لكن لا تستطيع ان تخدع كل الناس كل الوقت .
حبيب تومي / اوسلو في 22 / 08 / 10

253
الأستاذ هوشيار الزيباري هل يفعلها القادة العرب ويجتمعون في اربيل ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
بغداد التي نتغنى باسمها وبلياليها وبعبق تاريخها وبتراثها وألف ليلة وليلتها ، لم تعد بغداد التي نعرفها ، فبعد ان كانت بغداد قلب العراق النابض ، اصبح هذا القلب عليلاً لا يقوي ضخ الدم والحيوية الى انحاء الجسم العراقي ،  إنها ببساطة تفتقر الى الأمان والنظافة والكهرباء والصرف الصحي .. وغيرها من العوامل التي تتميز بها المدن والعواصم في مختلف البلدان .
 اليوم تنعقد الآمال في هذه المدينة على استضافة العراق للقمة العربية في أواخر آذار سنة 2011 م .
فكل دولة عربية تتطلع الى عقد مؤتمر القمة العربية في عاصمتها ، وإن العراق يتطلع ان يأخذ دوره في استضافة هذا المؤتمر ، لكن بما ان العراق الحديث هو ساحة دائمة للمعارك والحروب منها الداخلية وأخرى مع الجيران وثالثة مع الدول العربية ورابعة مع امريكا وحلفائها ، فلم تصبح العاصمة العراقية مؤهلة لعقد مثل هذا المؤتمر في العقود الماضية .
 في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي شيدت الحكومة عدداً من الفنادق الفخمة في العاصمة بغداد لتأهيلها لعقد اي مؤتمر دولي مهم ، وقد شيدت الحكومة قصر المؤتمرات وفندق الرشيد على امل استضافة مؤتمر القمة السابعة لدول عدم الأنحياز والذي تعذر انعقاده في بغداد بسبب الحرب العراقية الأيرانية  فكان انعقاده في نيودلهي ، ولم يكن من نصيب العراق استضافة اي قمة عربية منذ 1973 لكنه استضاف القمة العربية  الأستثنائية عام 1990 م .
لكن نبقى مع موعد انعقاد المؤتمر القادم في بغداد ربيع عام 2011 فهل ان بغداد ستكون مؤهلة لاستضافة المؤتمر ؟
 الأستاذ هوشيار الزيباري يقول انه قد تم تخصيص مبلغ قدره 300 مليون دولار لتأهيل الفنادق الموجودة حالياً ، لكن يا ترى هل المسألة محصورة في ايجاد الفنادق اللازمة والأماكن اللازمة لاستضافة الملوك والأمراء والرؤساء العرب ؟ ام  ان المسالة ابعد من إشكالية الأسكان والأستضافة .
ما جدوى ان يكون لنا امكنة مريحة ومناسبة في حين تفتقر تلك الأمكنة الى الأمن والأمان ، إن الفضائيات تنقل لنا كل يوم مع ارتشاف قهوة الصباح آخر اخبار الأنفجارات والأغتيلاات والسيارات الملغمة والأحزمة الناسفة .. الآ ينبغي تأمين الأمان للضيوف وهم من اعلى المستويات قبل ان نفكر بأماكن استضافتهم وراحتهم ؟ باعتقداي المتواضع ان الأستاذ هوشيار الزيباري كما يقال له عين بصيرة لكن له يد قصيرة ، إن طموحاته مشروعة لكن تحقيقها أراها غير ممكنة التحقيق بالطريقة التي تبدو بعيدة المنال على ارض الواقع .
الطاقم القيادي الحكومي العراقي برمته متمترس في المنطقة الخضراء ويتعذر عليه التحرك بحرية  الى منشئات الدولة ومؤسساتها وتفقد الأسواق والمستشفيات في العاصمة العراقية ، وهكذا يصعب عليهم الخروج من المنطقة ، فماذا عن الضيوف ألا تقتضي المجاملات الدبلوماسية المألوفة في أخذ الضيوف في جولة بشوارع بغداد لمشاهدة معالمها ؟ اليس هو هذا المتبع في مثل هذه المناسبات ؟
الحكومة لحد الساعة لا تضمن امان حتى المنطقة الخضراء فهي ليست محصنة ضد استهدافها بقذائف الهاون او الصواريخ ، وأمن المواطن لا زال مهددا وقت خروجه من البيت الى عودته . الم تفجّر وزارات ومنها وزارة الخارجية ؟ وماذا عن الهجوم على البنك المركزي في قلب بغداد ؟ ولا يستبعد في بداية انعقاد الجلسة الأفتتاحية للمؤتمر ان تنهال قذائف الهاون على قاعة الأجتماع ،  وانطلاقاً من هذا الواقع المؤلم لا يمكن التفكير في استضافة مؤتمر قمة عربي في بغداد .
 إن تحقيق بعض النجاحات الأمنية لحكومة المالكي وعلى مدى اربع سنوات ، لا يمكن الركون فلا يمكن اعتباره استقراراً ثابتاً في ظل الهجمات اليومية على قوات الشرطة والجيش وغيرها ، ولا زالت القوى التي تشن الهجمات على المنشآت الحكومية هي التي تبادر للهجوم والحكومة لها موقف الدفاع عن النفس فحسب ولم تنتقل حتى الساعة الى مواقع المبادرة في الهجوم .
كما ان المناكفات على المناصب الحكومية بعد الأنتخابات التي مرت عليها فترة زمنية قياسية هي كالبركان المعرض للانفجار في اية لحظة . مضى سبع سنوات وقضينا على الدكتاتورية لكن بديل الدكتاتورية غرق في الفساد والفوضى والعنف . كما ان الوضع الأمني الهش مرشح  للانفلات عن السيطرة في اية لحظة .
إن الحكومة رغم تجنيدها مئات الآلاف في قوات الشرطة والجيش إلا ان هذه القوات لا تملك زمام المباردة فلا زالت قوى العنف والأرهاب هي التي تملك ناصية المبادة في الهجوم على المناطق التي تختارها  .  إن هذه القوات رغم ضخامتها تفتقر الى الفاعلية والمهارة والى المهنية  والسبب يعود الى تغلغل أذرع الأحزاب والميليشيات في مفاصل تلك القوات .
ولهذا اقول للاستاذ هوشيار الزيباري :  أن العين بصيرة واليد قصيرة ، فالملايين التي تصرف على تلك الفنادق وهي معرضة للقصف والتدمير في اي لحظة يمكن  إنفاقها  في مدينة اربيل لكي ينعقد فيها مؤتمر القمة العربية  كعاصمة بديلة ، اليست اربيل العاصمة الثانية فلماذا لا ينعقد فيها مؤتمر القمة العربي ؟
إن اربيل مدينة عراقية تمتاز بجوها الجميل وبأمنها ونظافتها واستقرارها ، دون وجود اي مخاوف  كما سيكون بمقدور القادة التجول في المدينة والأطلاع على معالمها ، ويمكن لهؤلاء القادة القيام بجولة في سيارات مكشوفة في مدينة عنكاوا الكلدانية المسيحية ، ولكي يشاهد القادة العرب كيف يكون التعايش والتسامح بين اتباع الأديان والقوميات والأعراق المتنوعة والتي تتجسد صورتها في النسيج المجتمعي  لمدينة عنكاوا الكلدانيــــــــة العريقة والملاصقة لمدينة اربيل الجميلة .
 إن اقليم كوردستان جزء من الوطن العراقي وإن عقد مؤتمر قمة عربي على ارض الأقليم سيكون تعزيزاً لمكانة العراق وصفحة بيضاء في تعزيز وحدة الوطن العراقي بكل مكوناته الأثنية والدينية والمذهبية والعرقية .
فهل يفعلها القادة العرب ؟
حبيب تومي / اوسلو في 15 / 08 / 10

254
مغالطات ليست بريئة في ترجمة الكوتا المسيحية على انها قومية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no
 
طُعُم برّاق ذو الوان زاهية بلعه الحزب الآشوري  من سنارة الصائد المجرب حينما منحهم  كوتا مسيحية ، فأقبل الحزب الآشوري ملتهماً الطعم ، وليس المهم ان كان عن جهل او تجاهل ، فالكوتا هي كوتا مسيحية وليست غير ذلك وبالعربي الفصيح : انها ليست قومية ، اي ليست كلدانية او سريانية او آشورية او أرمنية ،  فالعرب يقولون كوتا لاخواننا المسيحيين وبينهم من يقول اخواننا المسيحيين العرب ، والأكراد يقولون كوتا لاخواننا المسيحيـين وبينهم من يقول كوتا إخواننا المسيحيين الأكراد .
 للامانة والتاريخ اقول إن الحزب الوطني الآشوري من بين الأحزاب الآشورية الأخرى كان الحزب الوحيد الذي أدرك المطب ، وكان الحزب الوطني الآشوري الذي ندد بشكل ما بأن الكوتا المسيحية ينبغي ان لا نقبل بها ، وقال ينبغي ان نضع النقاط على الحروف ، فعلينا المطالبة بكوتا قومية وليست دينية ، نعم هذا ما استنتجته من ادبيات هذا الحزب .
وأنا اقول إن الكوتا المسيحية هي كوتا دينية وهي عملية إن كانت اهدافها بريئة او غير بريئة لكن نتائجها واحدة وهي تهميش الفكر والشان القومي إن كان آشورياً او كلدانياً او سريانياً او أرمنياً .
 لكن حزب الزوعا وحزب المجلس الشعبي استمرءأ الطعم وأسكرتهم لذة وحلاوة الكيكة ، ولتكن مسيحية دينية ، وما الضرر بذلك ؟ إن كان الهدف هو الجلوس على الكرسي الوثير ، كانوا يقولون " إمارة ولو على حجارة " وأقرأ الفاتحة على الشعارات القومية .
 ولكن يبدو ان الزوعا والمجلس الشعبي لم يكتفياً بتمرير هذه الخديعة وإنما يريدان ان يمضيا قدماً في إلغاء الفكر القومي والمهم هو إلغاء الفكر القومي الكلداني التاريخي وبأي طريقة وبأي ثمن كان ، حتى لو يتم التهديم على طريقة شمشون الجبار حينما هدم الهيكل بقوله : عليّ وعلى اعدائي .
المجلس الشعبي بطريقة غير نزيهة التف على التسمية في مسودة الدستور في أقليم كوردستان وغيّر التسمية الكلدانية والآشورية الى تسمية مشوهة غير منطقية وغير لائقة ، وحصل ذلك  رغم انف وإرادة الشعب الكلداني ومنظماته وكنيسته وكتابه ومنظماته ، رغماً عنهم جميعاً غيّر التسمية في مسودة الدستور ، منتهجاً سياسية القطيع السيئة الصيت في التعامل مع الشعوب وإرادتها ، فضرب عرض الحائط إرادة الشعب الكلداني واستعمل نفوذة في هذا الأقليم لكسر شوكة الشعب الكلداني وإجباره على الرضوخ ، ناسياً ان تلك التسمية كانت بإرادة الشعب الكلداني وإن تغييرها رغم إرادته يعتبر عملاً دكتاتورياً لا يمكن ان يستمر الى الأبد .
اما الدعوات المريبة الأقصائية الأخرى خصوصاً من بعض الكتاب الكلدانيين المطيعين للحزب الآشوري والذين يعملون بإشارة منه فإنهم طفقوا  يلمحون اليوم الى التوجه الى الدستور العراقي لتغيير التسمية كفعلتهم الأستبدادية في اقليم كوردستان ، إن هؤلاء يعتقدون ان الفائزين بالكوتا من حقهم ان يغيروا التاريخ ويفعلوا كل شئ ، فهل الفائز المسلم يحق له تغيير القومية الكردية للشعب الكردي او التسمية التركمانية للشعب التركماني ، إنها مغالطة مقصودة من قبل كتابنا الكلدانيين في معرض تمجيدهم وخضوعهم للحزب الآشوري على حساب شعبهم الكلداني وتاريخه العريق .
لو قدر للكوتا ان تكون قومية لخصصت ثلاثة مقاعد للكلدانيين يتنافسون عليها في الأحزاب الكلدانية فقط ، ومقعد واحد للسريان ويتنافسون بينهم عليه ومقعد واحد للاشوريين ، وهذه اسمها العدالة واسمها الكوتا القومية .
 الاخوة الفائزين في الكوتا المسيحية تنطوي عليهم واجبات في الدفاع عن حقوق المسيحيين في ايجاد قوانين تزيل آثار وأفكار معاملتهم بأحكام اهل الذمة بل معاملتهم كمواطنين عراقيين من الدرجة الأولى ، ومن ثم العمل على تثبيت حقوقهم والمطالبة بإجراء التحقيقات للظلم والقتل الذي طالهم وطال ممتلكاتهم وأرزاقهم وعمليات التحايل والنصب الذي تعرضوا لابتزازهم وتهجيرهم والأستيلاء على بيوتهم ، مع العمل لتوظيفهم في دوائر الدولة دون تفرقة ومعاملتهم معاملة إنسانية في الدوائر الحكومية والدفاع عن تراثهم وحقهم في ممارسة طقوسهم دون خوف وغيرها من الواجبات .
 هذا هو واجب النواب الذين فازوا في الكوتا المسيحية وليس نسيان جميع هذه الأمور والتوجه الى الدستور لتغيير مواده . إن السادة الفائزين بالكوتا المسيحية نكن لهم جزيل الأحترام إن دافعوا عن المسيحيين بشكل شفاف ومصداقية ، وإن هم تدخلوا في امور ليست من اختصاصهم كمحاولة لتغيير الأسم القومي الكلداني في الدستورالعراقي  فستكون هذه محاولة غير شريفة وتحوم حول تخوم خيانة الشعب الكلداني ومحاولة لمسح تاريخه وعمل غير ديمقراطي لمعاملته كقطيع لا رأي له .
إن الأشخاص في الكوتا المسيحية هذه لم يكن لهم جهد في تثبيت الأسم الكلداني في الدستور ، فليس من حقهم تشويهها او إلغائها ، حينما ذكر اسم القومية الكلدانية في  معاهدة سيفر المبرمة عام 1920 لم تكن بمسعى من الحزب الآشوري ، إنما كانت بمسعى من الشعب الكلداني وقادته ، فلماذا يريد اليوم الحزب الآشوري ان يكون سيداً لنا ؟
إن التسلط والدكتاتورية قد مضى زمنها فنحن في عهد منح حقوق الأنسان وتحريره من الوصاية ولا يمكن فرض وصاية على شعب رغماً عن إرادته ، إن لوي الأعناق من قبل الحزب الآشوري لشعبنا الكلداني وإركاعه ليس عمل قومياً او وحدوياً إنه عمل استبدادي تسلطي ليس له مكان في مشروع ولوائح منح حقوق الأقليات في العالم المعاصر .
 إن من يمثل شعبنا الكلداني هي احزابه وكنيسته ومنظماته ومفكريه وليس الحزب الآشوري او الكلدانيين الذي يعيشون على فتات موائده .
إن القومية الكلدانية ثبتت في الدستور العراقي بناءً على إرادة الشعب الكلداني وأحزابه وكنيسته ، وكل من يحاول تغيير هذه المعادلة فهو خائن لشعبنا الكلداني ولأحزابه ولكنيسته . فليتصرف كل شخص في المحيط الذي يزاول تخوم سلطته ، فهذه كوتا مسيحية عليها ان تدافع عن الوجود المسيحي وليس مسح تاريخه او التلاعب المشبوه باسم القومي االكلداني التاريخي الذي يحترمه الجميع لأنه يشكل  صفحة مشرقة من تاريخ الوطن العراقي العظيم .
 حبيب تومي / اوسلو في 13 /08 / 10

255
نقل طاقم حكومة اقليم كوردستان الى بغداد  لتتولى امور العراق
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
 إنه اقتراح وجيه يحمل في ثناياه حلحلة الوضع العراقي المتأزم ويصب في مصلحة الوطن العراقي عموماً  ، إنها عملية لنقل الطاقم الوزاري لأعضاء حكومة اقليم كوردستان  مع رئيس الوزراء الدكتور برهم صالح ولتكون هذه الوزارة وزارة لعموم العراق بدلاً من حكومة محصورة بأقليم كوردستان .
 عملية تشكيل الحكومة دخلت في نفق مظلم منذ ان احتفلنا بانتهاء عملية الأقتراع يوم 7 آذار 2010 ونحن نقف على عتبة الشهر السادس ولا زلت القوى الفائزة تتناكف بغية مسك كرسي رئيس الوزراء ، والتفاهمات بين القوى تبدو ماراثونية بدون كلل او ملل من المكالمات الهاتفية والمداولات ولقاءات وتصريحات ومفاوضات ومجاملات ومصافحات وابتسامات ولقاءات خارج العراق وداخله وفي بيوت المسؤولين ومشاورات وهلم جراً مما يدفع الى التقيؤ والتي تبعث على القرف .. أنهم حقاً أخوة في الجنسية العراقية  لكنهم اعداء امام الكرسي .
 لقد انساهم بريق الكرسي بأنهم ممثلي الشعب وإن الشعب هو الذي اوصلهم الى مراكز المسؤولية ، وعليهم توفير ما ذكروه في برامجهم من توفير الصحة والخدمات الكهرباء والأمن والأستقرار ومكافحة البطالة والرشاوي والفساد .. حقاً ان الشعب العراقي سوف يكفر بتلك الساعة التي ادلى بصوته لهؤلاء العراقيين الذين وضعوا الشعب وراءهم  . كما ان اي طرف لا يقبل ان يكون معارضاً في الحكومة ، فالمعارضة بمفهوم تلك القوى يترجم على انها معارضة بالأسلحة الخفيفة وقذائف الهاون والأغتيالات السياسية وخلق الفوضى .
كل فريق يبرز احقيته في هذا المنصب ، ثم هنالك التأثيرات الأقليمية التي تلعب الشطرنج على اللوحة العراقية ، وكل دولة تملك بيادقها وتريد اكثر المكاسب فالعراق ساحة مفتوحة للجيران وكل فريق يريد سحب البساط من تحت رجلي الفريق الآخر ليخلو له الجو ، وبعد التمحيص في رؤية دول الأقليم وتصرفاتها يبدو جلياً ان هذه الدول تسعى الى إجهاض العملية الديمقراطية الهشة في العراق .
 إن اميركا من جانبها قد اصابها التعب والممل وهي تشد رحالها للأنسحاب من العراق وهي متمسكة بالجدول الزمني بوقف المهمات القتالية في نهاية الشهر الحالي وتخفيض قواتها الى حدود 50 الفاً  .
 أرادت امريكا ان تخلق من العراق دولة ديمقراطية في الشرق الأوسط ، لكن التجاذبات الأقليمية ذات التوجهات الطائفية كانت اقوى من إرادة اميركا في الساحة العراقية . والدليل ان امريكا إن كانت قد افلحت في فرض انتخابات وأرادت ان يجري تناوب السلطة بالأسلوب السلمي لكن كل فريق يريد من الأنتخابات طريقاً للحكم وذلك من اجل كسر عظام الديمقراطية ، ولتبقى مطية يقفز منها الى السلطة فحسب .
أمريكا تتهيأ للرحيل ، وتأكت ان عراق ليس مثل اليابان او كوريا الجنوبية او المانيا  ، كما ان لأميركا  التزامات دولية اخرى في مناطق اخرى من العالم وليس لها وقت اكثر لتضيعه على تجربة فاشلة في العراق ، فالأخوة الجيران كانوا على طول السنين الماضية يرسلون متطوعين ليس لبناء العراق ، إنما لتفجير اجسادهم وسيارتهم الملغومة  في المقاهي والمطاعم وفي الأسواق الشعبية والتجمعات السكانية  ، إنها مقاومة ضد القوات الأمريكية هكذا يدعون ، إنهم يتدخلون بالشؤون الداخلية للعراق ويرسلون مسلحيهم الى داخل العراق ، وماشاءالله هم في قصف دائم لاراضي العراق في اقليم كوردستان واختراق الحدود وغيرها من التدخلات .
 لكن مع ذلك يتعين ان ان تعد طبخة  الوزارة العراقية  في مطابخ الجيران او يكون من الموالين لهم ، إنها تجاذبات على الساحة السياسية العراقية بوحي وتدخل سافر من الجيران ، ومن له مثل هكذا جيران وأصدقاء فهو لا يحتاج الى أعداء .
حسناً نأتي الى انتقال حكومة اقليم كوردستان الى بغداد ، وقيامها بمهام الحكومة العراقية ، والأسباب الموجبة لذلك هي :
 اولاً ـ ان حكومة اقليم كوردستان شكلت نتيجة  انتخابات ديمقراطية في اقليم كوردستان وهي ارض عراقية ، وإن هؤلاء الورزاء هم عراقيين اصلاء ، ليس لهم أجندة خارجية .
ثانياً ـ جاءت الحكومة الكردية اثر تداول سلمي للسلطة حيث سلم الأستاذ نيجرفان البارزاني وحكومته السلطة الى الحكومة الحالية بشكل سلمي وسلس . وهو بدأ ببناء الأقليم وإن الحكومة الحالية تكمل عملية البناء والتطور تلك .  
 ثالثاً ـ الأستاذ الدكتور برهم صالح إنسان مهني تكنوقراطي ينطلق من المفاهيم الديمقراطية والعلمانية ، وهو رجل  مثابر ودؤوب لا يكل عن العمل ، وهو ملم ومدرك للساحة العراقية كما يعرف ساحة اقليم كوردستان .
 رابعاً ـ إن حكومة الأقليم ليست مبنية على محاصصة طائفية ، فهنالك معارضة سياسية وليست معارضة طائفية ، كما ان الحكومة الكردية الحالية ليست  بإيحاء من اي طرف اقليمي لا الدول العربية ولا تركيا ولا ايران ، انها حكومة عراقية وطنية خالصة ليست مرتبطة بأي عمق اقليمي .
 لقد حققت هذه الحكومة الأستقرار لأقليم كوردستان ، وهي ماضية في بنائه وثمة ثقة دولية بهذه الحكومة فنلاحظ تقاطر الأستثمارات على هذه المنطقة كل ذلك بفضل سياسة التعايش بين مختلف المكونات الكردستانية والتي تسلكها هذه الحكومة المنتخبة .
 إن حكومة اقليم كوردستان قد حققت تعايشاً ديمقراطياً سليماً بين مكونات المجتمع العراقي في اقليم كوردستان ، وهي تتعايش بوئام وسلام على تلك الأرض الطيبة وتتسم بنفس علماني مما يسّر لها الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأديان والمذاهب .
 ولم يبقى إلا ان يكون الأستاذ برهم صالح رئيس وزراء العراق وحكومته تدير شؤون عموم العراق فهي حكومة منتخبة ديمقراطياً كما اسلفت . وتبقى الحكومة الكردية تدير شؤون العراق الى ان تشكل الحكومة الجديدة ويبدو انها غاية صعبة المنال في القريب المنظور .
وإن كان لا بد  من التعبير عن وجهة نظر ، فأرى ان العقلانية والأستحقاق الدستور يقضي بأن يكلف الدكتور اياد علاوي بتشكيل الحكومة ، وإن فشل في حشد اكثرية برلمانية وفي تشكيل الحكومة ، فيقتضي تكليف الأستاذ نوري المالكي ، كل ذلك ينبغي ان يجري بمنأى عن التجاذبات الأقليمية بل يجري وفقاً للارادة العراقية وليس ترضيةً للجيران الذين اثبتوا انهم لا يبكون على العراق ، إنما بكاؤهم على مصالحهم .
 إنه الحل الوحيد لأخراج العراق من مأزقه وحقن دماء ابنائه وإرساء مركبه بر الأمان والأستقرار ، هو قيام الدكتور برهم صالح بهذه المهمة مع طاقمه الوزاري المنتخب .
 حبيب تومي / اوسلو في 6/ 8 / 10

256
اين يقف كلدانيو اميركا من الفعل السياسي والقومي الكلداني ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
 habeebtomi@yahoo.no
 
يكاد يكون التلاكفة الكلدانيون من رواد الهجرة الى العالم الجديد  في اوائل القرن العشرين ، وفي اواسط الخمسينات منه وبعد ان انهيت المرحلة الأبتدائية في القوش كان علي الأنتقال الى تلكيف لمواصلة الدراسة المتوسطة لعدم وجود المتوسطة في القوش يومذاك . وتحضرني موقف مشاهدة عروض  سينمائية على جدار الكنيسة الخارجي ، يبين العوائل التلكيفية الكلدانية المهاجرة الى اميركا ، وبين آونة وأخرى يقوم أحد المتفرجين بتسمية هذه المرأة او ذاك الرجل من أقاربه في هذا الفلم . ومن ذكرياتي ايضاً ان ساعي البريد هنالك كان القوشياً واسمه عما ( بكو)  من بيت ابونا ومن طريف نوادره ان امرأة وعدته بهدية مقدارها مائة فلس بالتمام والكمال إن انجبت ابنتها المتزوجة في اميركا ولداً ، وكل مرة تفتح الرسالة وليس فيها الخبر المفرح ، ولكن في آخر المطاف فتحت إحدى الرسائل التي جلبها بكّو وظل ينتظر قراءة الرسالة ، فبدأت المرأة  تزغرد بعد قراءة الخبر المفرح ، وحينما انتظر عما بكو الهدية الموعودة بدأت المرأة تتهرب من وعدها  الى ان بادرته بقولها : (  عمي بكّو ترى هذا الولد اجا بسبعة اشهر ) ولهذا ... فالتفت اليها عما بكو قائلاً : ( يا ... اجا بسبعة اشهر قابل إكماله عليّ ؟ ) .
المهم في هذا المقال ان التلاكفة كانوا الرواد في بدايات القرن العشرين للهجرة الى العالم الجديد وللأستاذ حبيب حنونا بحث كامل حول الموضوع عن ديموغرافية الكلدان في العالم بما فيها كندا والولايات المتحدة ، وهذا ليس بعيداً عن شعبنا الكلداني إذا ما علمنا ان اول رحالة شرقي الى اميركا كان كلدانياً ، وهو الياس ابن القسيس حنا الموصلي الكلداني من عائلة عمودة بحسب الأب أنطون رباط او عمون حسب كراتشكوفسكي ، وكانت الرحلة ( 1668 ـ 1683 م ) انظر الذهب والعاصفة ص 16 حررها وقدم لها نوري الجراح .
حينما هاجر التلاكفة ومن ثم الألاقشة وأهل باطنايا وتللسقف وباقوفا وغيرهم من الكلدان الى تلك الديار كانوا يحملون في قلوبهم تراثهم الكلداني ويتكلمون لغتهم الكلدانية وطقوسهم ومشاعرهم الكلدانية وعملوا على تأسيس المنظمات المجتمع المدني التي تحمل اسم قوميتهم الكلدانية ، وهكذا بقي هذا الأسم الجميل (Chaldean) رمزاً يميزهم عن الشعوب الأخرى التي وفدت الى تلك الأصقاع .
تقدم الكلدانيون في معارج العلم والسياسة والتجارة وأحرزوا نجاحات في دنيا المال ليشار اليهم بالبنان . لقد وقف الكلدانيون مع ابناء العراق عموماً في محنهم ، وكان الوطن العراقي دائماً في قلوبهم . وبقيت الهوية العراقية هي العلامة التي تميزهم وهم كالأقوام العراقية الأخرى حيث كانت الهوية العراقية هي الدوحة التي يستظلون بظلالها .
 بعد عام 2003 تبدلت الأمور وطفرت الى السطح الأنتماءات الطائفية والأثنية وعلى حساب انزواء الهوية العراقية الأصيلة . فالمسلم تراصف مع المكون السني او الشيعي ، والكردي مع قوميته الكردية والأشوري والتركماني .. الخ .
بقي المكون الكلداني هو الوحيد متراصفاً مع هويته العراقية وغير مكترث لهويته القومية الكلدانية . وهذا المنحى قد ترك اثره السلبي على المكون القومي الكلداني وكان المكون الوحيد الذي فقد تمثيله في برلماني اقليم كوردستان والبرلمان الأتحادي للدولة العراقية . في حين كان تمثيله دائمي بتلك المؤسسات على مدى عقود في الدولة العراقية الحديثة .
يقول مهاتما غاندي : افتح نوافذ بيتي للهواء الطلق لكني لا اسمح لتلك الرياح ان تقلع جذوري ، لكن الكلدان في اميركا وهم يشكلون اهم جالية كلدانية في الخارج وبإمكانهم أيصال اكثر من نائب كلداني الى مبنى البرلمان ، لقد منح هؤلاء الكلدان اصواتهم لقائمة علاوي وقائمة الآشوريين ، في حين هؤلاء لم يكونوا بحاجة الى تلك الأصوات ، فعلاوي كان فائزاً دون تلك الأصوات ، لكن تلك الأصوات ( كلدانيي اميركا ) كان بأمس الحاجة اليها القوائم الكلدانية وخاصة بينهم كان ابنهم المناضل العراقي الكلداني حكمت حكيم . فإن كان اياد علاوي عراقي فإن حكمت حكيم كان كذلك وإن كان الأقتراع للحزب الآشوري كونه مسيحي فإن القوائم الكلدانية كانوا مسيحيين ايضاً .
 يقول الدكتور كوركيس مردو في مقاله الموسوم ( خسر العراق مناضلاً وطنياً كلدانياً ) :
  يا لـها مِن مُـفارقـةٍ مؤلمة حـقاً أظهرها الشعـب الكـلداني في ولاية مشيكـان ، هذا الشعـب الذي خـذل الدكتـور الراحل حكمت حكـيم مُرشح قائمة المجلس الـقـومي الكـلداني في الإنـتخابات البرلمانـية العراقية الأخيرة بعـدم دعـمه بأصواتـهم ، هو الشعب نفسُه هـرع الى مجلس عـزائـه بأعـدادٍ كبيرة جاوزت عشرات الآلاف ! أليس المشهـد غـريباً ؟ أن يـُكـَرَّمَ المـَرءُ في مَـماتـه  ويـُخـذلَ في حياتـه ! إنها فعـلاً  مفارقة غـريبة ومعـيـبة مَـعـاً. يا أبناء الجالية الكـلدانية في مشيكان ألستم معي بـعـدم عـدالة وواقـعـية هذه الظاهرة التي أبـداها شعبـُنا في الإنـتخابات ، أيسرُّكـم عـدم وجـود ممثل للشعب الكلداني في البرلمان مـِن أبنائـه .. ؟
إن الأنتماء ليس بالأسم فحسب إنما هو بالتضامن وبالتعاون وقت الضيق والشدة ، ويتعين التعبير عن حبهم لهذه الهوية ولو بشكل رمزي وهو اضعف الأيمان ، فماذا يؤثر على مجرى حياة الكلداني في مشيغان مثلاً ان يضحي بيوم واحد من وقته ويذهب الى الأنتخابات ويمنح صوته لقائمته الكلدانيـــــة ، لماذا الآشوري والكردي والعربي والتركماني يقومون بذلك النشاط ؟ في حين ان الكلداني يحجم عن المشاركة وإن هو شارك يمنح صوته لقائمة غير كلدانيــــة . إن كانت القوائم الأخرى التي تمثل المكونات الأخرى تشترك مع الكلدانين في الوطن او في الدين فإن منظمات والأحزاب الكلدانية تشترك معه في الوطن وفي الدين وفي القومية ايضاً ، فلماذا هذه المعادلة غير المفهومة ؟
 ماذا ينقص من الفرد الكلداني في اميركا ان يمنح بالشهر خمس دولارات لنشاطات واعلام المنظمات والأحزاب الكلدانية ؟ أليس فوز الكلدان وترقيتهم شرفاً للكلدانيين إن كان في العراق او في اميركا ، الا يشرفنا ان يكون وزير كلداني وأربعة نواب في برلمان العراق وغيرهم في برلمان اقليم كوردستان ؟ لقد كان في آخر برلمان في العهد الملكي قبل سقوطه ثمانية نواب من الكلدانيين وعيّن كلداني واحد في مجلس الأعيان ، فلماذا نستكثر على شعبنا تمثيله في برلماني كوردستان والعراقي الأتحادي .
إن منظمات المجتمع المدني في اميركا تلتف حولها اليوم الأحزاب الآشورية لتفريغها من محتواها القومي الكلداني وجعلها ادوات طيعة وتابعة لتلك الأحزاب ، وبعضها بلعت الطعم وهي تستمرئ هذه التبعية ربما لتحقيق بعض المكاسب المادية وهذا امر يؤسف له ان تبيع هذه المنظمات او الشخصيات ذاتيتها واسمها الكلداني وقوميتها الكلدانية في سبيل تحقيق بعض الطموحات المادية .
 إن شعبنا الكلداني ومنظماته الكلدانيـــة ينبغي ان تكون وفية للاباء الذين حملوا في قلوبهم مشاعرهم القومية وأحتفظوا بلغتهم الكلدانية وتراثهم ، فليس معقولاً ان تنسى او تتناسى هذا التراث وتلك الشخصية والكرامة الكلدانية التي شقت طريقها بأصعب الظروف ، فيأتي الجيل الحالي الى التفريط بتلك الشخصية الشامخة ويصبحوا تابعين للحزب الآشوري باسم  تحقيق الوحدة ، والوحدة لا تعني ابداً التبعية وإلغاء الذات ، لقد عمل هذا الحزب ( الآشوري ) على تمزيق الكنيسة الكلدانية والتنظيمات التابعة للمكون الكلداني وعمل إلمستحيل لأقصاء تمثيل الكلدان في البرلمان العراقي الأتحادي والبرلمان الكوردستاني  .
 إن هذا الثقل الديموغرافي الكلداني في اميركا ونخبته السياسية مدعوة اليوم اكثر من اي وقت آخر للوقوف بصف واحد امام المحاولات التي تعمل على دق الأسفين بين التنظيمات الكلدانية ، لتكون تابعة ومطيعة لكل ما يقرره الحزب الآشوري .
سابقاً لم تفلح تلك المحاولات التي بذلت مع المرحوم توما توماس لجره الى فكر إلغاء القومية الكلدانية ولم يسلم غبطة البطريرك عمانوئيل دلي والأساقفة الأجلاء من تلك الحملات واليوم يجري الألتفاف على التنيظمات الكلدانيـــة لأضعافها والألتفاف عليها .
 إنه امر مؤسف ان تسير الأمور بهذا الطريق المعوج الذي يسعى الى توجيه الضربة القاضية الى الخصم ، انها اجواء قاتمة في علاقاتنا مع الحزب الآشوري بدلاً من ان تكون بيننا علاقات اخوية شفافة  ، إن الأرهاب يستهدف ابناء شعبنا المسيحي دون تمييز ، لكن مع ذلك نلاحظ الحزب الآشوري مع الأسف يضع العصي في دولاب التقدم الكلداني إن هذا المنحى الأقصائي يزيد من صعوباتنا وتشرذمنا .
أملنا كبير في المكون الكلداني الأصيل في الولايات المتحدة ان يقف مع نخب شعبه الكلداني في الفعل السياسي والقومي الكلداني بالقول والفعل وفي السراء والضراء .
حبيب تومي / اوسلو في 02 / 08 / 10

257
الحزب الآشوري والتعامل الدكتاتوري بدل الديمقراطية مع الشعب الكلداني
 بقلم :  حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الدكتاتورية لفظة لاتينية تعني الحكم المطلق وحكم فرد مستبد لا يلتزم بموافقة المحكومين ، من الناحية اللغوية فإن اللفظة هي من الفعل (Dictate) بمعنى يملي والمصدر (Dictation) اي إملاء ، ونريد بها هنا إملاء الأوامر ،والمعنى السياسي المعاصر للكلمة تعني السلطة المطلقة للفرد ، وهنالك الدكتاتورية العسكرية وهي قيام طغمة من الضباط باحتكار السلطة او دكتاتورية الحزب الواحد .. قد يكون الحكم الدكتاتوري ضرورياً ومقبولاً في ظروف استثنائية كظروف الحرب او غيرها من الطوارئ التي ينبغي التنفيذ بسرعة دون اللجوء الى القواعد المرعية في الأنظمة الديمقراطية الدستورية .
وفي مقالنا حينما يتحدى الحزب الآشوري ويهمش إرادة الشعب الكلداني ومنظماته للمجتمع المدني وكنيسته الكلدانية وكتابه وأحزابه في إلغاء قوميته الكلدانية وتحويلها الى مسخ قطاري غير منطقي ، فإن هذا السلوك إن هو إلا نهج دكتاتوري لا يختلف عن اي حزب دكتاتوري في التاريخ .
في مقالنا اليوم امامنا صورة لهذا النهج ، وهو نهج وسلوك الحزب الآشوري المتسم بالغرابة والتساؤل ، فهو من ناحية قد طاله التنكيل والأضطهاد والتهجير ، وحينما رست مراكبه في العراق في اعقاب الحرب العالمية الأولى ، كان يستنجد ويستنكر ما طاله من مظالم  ، واصبح مشرداً ليستقر في نهاية المطاف في العراق وأعداد مهمة منه تلوذ في دول المهجر . وفيما يخص موقفه من شعبنا الكلداني فلم تكن ثمة بوادر الأستعلاء والأقصاء بادية في هذا الحزب في ذلك الحين ، وإن كانت تتردد بعض الخلافات المذهبية الكنسية ، فإنها لم تكن بتلك القوة التي تعمل على تفكيك وتمزيق القبول الأجتماعي والتفاعل بين المكونين الكلداني والآشوري .
 مبدئياً نحن مع الأخوة الآشوريين في ولائهم القومي ولا غبار على ذلك ، لكن نحن لسنا مع التزمت القومي ، إن كان تزمت قومي آشوري او غيره ، وفي مجال مقالنا نمضي مع الحزب الآشوري وتعامله مع شعبنا الكلداني ، فبعد التكوينات الحزبية التي كان لها طابع قومي ، حيث عكفت على الامتداد افقياً نحو المكون الكلداني ، وكان امامها استنباط تسمية الكلدو آشوري وهو شعار وضعه المرحوم آغا بطرس للقيام بحملته للعودة الى أرض الآباء ولسد الطريق امام التوجه الكنسي المذهبي للكنيسة النسطورية ، والتي ستتخلى ايضاً في اواسط القرن العشرين عن التسمية النسطورية لتنتقل الى التمسية الآشورية ، مسترشدة بصنوها الكنيسة النسطورية الكلدانية التي تخلت عن التسمية النسطورية بعد اتحادها وعودتها الى حضن الكنيسة الكاثوليكية الجامعة ، ومكتفية بالكلدانية كتسمية قومية والتي شكلت تسمية تاريخية لهذا الشعب قبل تنصره ثم اخذت طابعها الوطني القومي قبل حوالي 500 سنة ونيف .
لم تحقق القوات البريطانية آمال القبائل ( طيرايي ) الآثورية والتي ستصبح فيما بعد الشعب الآشوري لم تفلح في تلبية طموحاتهم بتكوين كيان لهم يتمتع بحكم ذاتي في العراق ، حينما تشكلت الدولة العراقية الحديثة في العهد الملكي ، واصبح وضعهم بتلك الدولة مساوياً ومقارباً من حقوق الشعب الكلداني والسرياني في الدولة العراقية الحديثة ، كمواطنين عراقيين ليس أكثر ، ويبدو ان هذه الحالة لم تروق للكثير منهم فآثروا الهجرة الى امريكا واستراليا وغيرها .
إن كانت بريطانيا لم تفلح في تحقيق احلامهم  ، لكن امريكا حققت كثير من طموحاتهم إن لم يكن جميعها . فقد حلت عليهم النعم من السماء على يد الحاكم المدني الأمريكي السفير بول بريمر حينما اسقط حق الشعب الكلداني الأصيل من حقوقه التاريخية في وطنه العراقي وتكرم بها للحزب الآشوري تحت يافطة المكون المسيحي  ، ونحن لسنا ضد منح الحقوق الكاملة للاشوريين ولحزبهم لكن نرفض رفضاً قاطعاً ان تكون هذه الحقوق على حساب حقوق شعبنا الكلداني ، ومع سيل النعم هذه كانت انتخابات 2010 ايضاً ليمنح مقعد المجلس القومي الكلداني لحزب الزوعا الذي لا يستحقه والذي يعود لحزب كلداني ، وهذه المرة  بمباركة المفوضية العليا للأنتخابات .
لقد فعل الحزب الآشوري المستحيل ليزيح القوى القومية الكلدانية عن التمثيل في برلماني اقليم كوردسان والبرلمان العراقي الأتحادي ، فكان خطابهم ان القوى الكلدانية هم من الأشرار المقسمين للامة بينما القوى القومية العاملة في الحزب الآشوري هم الموحدون الصادقون وكلهم ملائكة ، وصرفوا الملايين من اجل تمرير تلك الخرافة ، وهكذا اقاموا الاحتفالات الصاخبة بهذا الفوز العظيم على مقسمي الشعب الأشرار ، لأن النصر كان حليف الحزب الآشوري الملائكي .
الى هنا المسالة طبيعية فليس ضد ان يكون واحداً من الآشوريين ممثلاً لنا كمسيحيين ، ويحضرني موقف في مطاوي التسعينات حينما كانت هنالك انتخابات لأعضاء المجلس الوطني وفي احد مراكز الأقتراع استلمت استمارة فيها اسماء وأنا لا اعرف اسماً من بينهم إنهم جميعاُ مخلصين لمبادئ ثورة تموز ، لكن واحداً من المراقبين لاحظ حيرتي وتأخري في التوصل الى الأسم الذي اريده فسألني : لماذا انت محتار ؟ قلت لاني لا اعرف احداً من هؤلاء . فقال الست مسيحي ؟ قلت نعم  . قال إذن اعطي صوتك لغانم .. وهو مسيحي مثلك ايضاً ، فاقنعني الرجل ومنحت صوتي له .
في سورية واعتقد كان ذلك  سنة 2005 كان هنالك لفيف من أقاربي قرب المركز الأنتخابي في دمشق  ونصحتهم جميعاً بمنح اصواتهم لقائمة الرافدين التي يتزعمها يونادم كنا الآشوري ، فنحن الشعب الكلداني لا نفرق بين ابناء شعبنا المسيحي وليس لنا اي تعصب ديني او قومي او مذهبي . ونحن شعب يؤمن بالديمقراطية وبقبول الآخر كما هو بعكس الحزب الآشوري الذي يمارس دكتاتورية مفضوحة ، ويحاول إقصاء الآخر .
لكن هل رضي الحزب الآشوري بالمقسوم كما يقول العراقيون ؟
الحزب الآشوري مع الأسف بدل ان ينتهج الأسوب الديمقراطي الليبرالي الشفاف مع شعبنا الكلداني الطيب لجأ الى نظرية قومية عنصرية والى اسلوب دكتاتوري ليتعامل مع شعبنا الكلداني ، فرسم الطريق امام شعبنا بان يلغي قوميته الكلدانية  ، وأن يغير تاريخه وفق رؤية الحزب الآشوري ، فيلغي تسميته التاريخية ويقبل بتسمية هجينة مشوهة ملصوقة بمادة ( السيكوتين ) ، فهو يبقي على اسمه الآشوري وعلينا بقبول التسمية المشوهة للتاريخ .
 الحزب الآشوري لم يرضى بالأقتراح لآرائه ، إنما لجأ الى تطبيق نظريته المتعصبة الدكتاتورية بحق شعبنا الكلداني ، ومن يعصي اوامره فهو خائن وعميل وانقسامي ، ولم يكتفي بتوجيه التهم فحسب إنما سخروا ماكنتهم الأعلامية لفرض التسمية المشوهة غير المنطقية ، ومن لا يقبل بها فثمة المقاطعة والمحاربة ، ودأب الحزب الآشوري على  أحتضان من يطيع اوامره وتقريبه و... لكن الويل كل الويل لمن لا يطيع اوامرهم ، حيث ينتظره المقاطعة وتوجيه التهم والتخوين والتعتيم الأعلامي بل وتشويه رأيه المستقل . فالماكنة الأعلامية بالمرصاد لكل من يخالف اوامر الحزب الدكتاتوري ، وبعض الأحيان يمتد الأجراء الى قطع الأرزاق .
احد شعارات البعث يقول : البعث نور لمن يهتدي ونار لمن يعتدي ، وقد كان هذا المنحى واضحاً في الحزب الآشوري باحتضان كل كلداني يرشق قوميته الكلدانية بحجارة ، ناسين او متناسين انهم بذلك يمارسون الحكم الدكتاتوري بحق شريكهم الشعب الكلداني الذي ينبغي عليهم ان يمارسوا معه لغة التفاهم والديمقراطية وليس سياسة القطيع ، إنهم يمارسون سياسة كسر العظم مع الكتاب الكلدانيين الذين يتشرفون ويفتخرون بقوميتهم الكلدانية ، وهذا السلوك المجافي للاخوّة والتعامل الديمقراطي الشفاف يمتد ليشمل جميع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لشعبنا الكلداني ، وهو كذلك مع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية وأساقفتها ورئيسها البطريرك عمانوئيبل دلي ، وليست الحملات التي شنت على الكنيسة بغائبة على اذهاننا .
 السؤال هو : هل تتخلص الأحزاب الآشورية من مرض نقص المناعة في تحمل النقد وينزع الى شئ من الأيجابية بحيث يتخلى عن نظرته الأستعلائية الدكتاتورية الأقصائية لشعبنا الكلداني ومنظماته وقوميته الكلدانية ؟
 وهل ينزل عن برجه العاجي ويتعامل بأخوة ومودة مع شعبنا الكلداني بالتقرب من منظماته وأحزابه وكنيسته ؟ وهل يتخلى عن اسلوب شراء الذمم والكف عن تخوين الآخر ؟
 إننا ننتظر ان يخرج الحزب الآشوري من ثوبه الدكتاتوري ليلامس ارض الواقع والمحبة والتعامل الديمقراطي الأخوي المبني على احترام مشاعر الآخر والأعتراف به كما هو وليس كما يريده الحزب الآشوري ،
إن الحزب الآشوري يمكن ان يستخدم قوة المال والإعلام والسلطة لاجبار الناس او إغرائهم لعمل شئ ما او ربما عدم نشر ما يعتمل في ذهنهم ، لكنه عاجز تماماً عن إجبارهم على التفكير بطريقة مختلفة .
 ويبقى السؤال : هل يراجع الحزب الآشوري نفسه ويؤمن بالديمقراطية ويعامل الآخر بشفافية ومودة ، ويحترم الآخر دون وصاية منه ؟
السؤال موجه الى الحزب الآشوري والمنافحين عنه لاسيما من كتابنا الكلدان الذين اصبحوا في الآونة الأخيرة ملكيين اكثر من الملك .
حبيب تومي / اوسلو في 28 / 07 / 10

258
شكراً وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين لكن لا نقبل بتهميش شعبنا الكلداني في اقليم كوردستان
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
كانت التفاتة كريمة تلك التي توجهت بها وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين في اقليم كوردستان لفتح المقبرة الجماعية في قرية صوريا الكلدانيــــــة ، وفي وقت سابق كان الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان قد سلط الأضواء الى هذه المذبحة بعد ان طواها غبار النسيان في غياهب الزمن والسنين الأربعين الماضية ، وبعد مبادرة الأتحاد تلك كان لهذه القضية الأنسانية صداها الطيب في مختلف الأوساط ، وبادرت جهات عدة لتسليط الأضواء عليها ، وفي المقدمة كانت مبادرة وزراة شؤون الشهداء والمؤنفلين في اقليم كوردستان وذلك لفتح المقبرة الجماعية في قرية صوريا الكلدانية وفحص رفات الشهداء ودفنهم بمراسيم مهيبة تليق بمكانتهم .
 أجل كانت وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين السباقة في مضمار هذه الرعاية في اقليم عموم اقليم كوردستان عموماً . لقد بلغ عدد الشهداء في مذبحة صوريا الكلدانية تسعة وأربعون شهيداً معظمهم ( اسماء معظمهم منشورة في ذيل هذا المقال ) من النساء والأطفال والشيوخ ، ومنهم 39 من ابناء الشعب الكلداني وعشرة من ابناء الشعب الكردي . ومثل هذا العدد كان من المجروحين بذلك الحادث المروع .
 لقد أشار ألأستاذ مسعود البارزاني في كتابه الموسوم البارزاني والحركة التحررية الكردية في الجزء الثالث الى تلك المجزرة التي ارتكبت بحق اناس ابرياء في 16/ 09 / 1969 م .
إن الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان يقترح ان يغدو هذا اليوم هو يوم الشهيد الكلداني ، فشعبنا الكلداني قد روى تربة العراق بدماء قوافل الشهداء في مختلف مراحل الأنظمة في العراق ، إن كان عبر النضال ومقارعة الأنظمة الفاسدة في نضاله وانخراطه بالأحزاب الوطنية ، او من خلال الهجمة الأرهابية التي توالت فصولها وطالت شعبنا الكلداني الى جانب المكونات الأخرى بعد نيسان 2003 م .  او عبر نضال شعبنا الكلداني في كوردستان ووقوفه ودعمه كفاح الشعب الكوردي وثورته عبر عقود من القرن المنصرم ، وذلك بمشاركته الفعالة بالمعارك بشجاعة وهمة الى جانب المقاتل الكوردي وسقوط كوكبة من الشهداء في تلك المعارك وأسماؤهم محفوظة لدينا ، او عبر تقديم الدعم المعنوي والمادي من المؤن والأرزاق والأعتدة والأدوية الى فصائل الثورة ، وإن كان لابد من ذكر مثال على ذلك فإن موقف القوش ومقاتليها الشجعان وغيرها من المدن والقرى الكلدانية التي كانت مثالاً حياً لتلك المشاركة . وقوائم الشهداء وما طال شعبنا من  الملاحقات وعمليات وتشريد عوائل الملتحقين بالثورة الكردية والأسماء لا زالت مسجلة في ذاكرة جيلنا والأجيال التي اعقبت جيلنا .
إن الثورة الكردية وقيادتها من عهد المرحوم ملا مصطفى البارزاني القائد التاريخي للثورة الكردية ، والى القيادة الحالية يحفظون بآيات الشكر والأمتنان لشعبنا الكلداني .
إن الأستاذ مسعود البارزاني كان دائماً الى جانب حق الشعب الكلداني لتحقيق حقوقه القومية إن كان في اقليم كوردستان او عبر الحكم المركزي في بغداد حينما جرى تثبيت القومية الكلدانية في دستور العراق الأتحادي ومسودة دستور اقليم كوردستان حيث كان للاستاذ مسعود البارزاني دور مشرف بذلك ليس الى نسيانه سبيل .
إن مبادرة الألتفاتة  الى مقبرة صوريا هو استمرارية لذلك النهج المنصف ، فأقليم كوردستان هو واحة التعايش والتسامح للمكونات الكوردستانية على اختلافها وتنوعها منهم العرب والكلدانيون والأرمن والتركمان والسريان والاشوريون والصابئة المندائيون والأيزيدية والتركمان والكاكائيين والشبك .. هذا النسيج المجتمعي استطاع ان يتعايش في اقليم كوردستان بوئام واستقرار لجهة استخدام الأقليم لغة الديمقراطية والليبرالية التي توفر الحرية للجميع وتقف على مسافة واحدة من الجميع .
لكن مع الأسف هذا لم نلمسه في تصريح الدكتور مجيد حمه امين وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين في اقليم كوردستان لموقع PUKmedia حسب الرابط :
http://www.pukmedia.com/2009-10-23-12-00-41/6335--70-
 حيث ورد فيه   :
(( إن حكومة إقليم كوردستان، قد اتخذت الأستعدادات اللازمة لفتح المقبرة الجماعية التي تم العثور عليها في قرية (سورياي) في قضاء زاخو التابعة لمحافظة دهوك، مشيراً في تصريحه : ان جميع الاستعدادات قد انتهت وتم تخصيص ميزانية لهذه العملية، حيث من المقرر البدء بفتح هذه المقبرة الجماعية في الاسبوع المقبل، وسنقوم بإرسال فريق محلي مختص في مجال البحث عن المقابر الجماعية لهذه القرية.
وأضاف وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين: ان هذه المقبرة الجماعية قد عثر عليها من قبل فريق تابع لوزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين وتضم رفاة (49) شخصاً أكثرهم من المواطنين الآشوريين، ويعود تأريخ دفنهم الى العام 1969، وهذا يشير الى ان النظام البائد كان يمارس سياساته القمعية ضد أبناء الشعب دون تمييز بين كوردي أو عربي أو تركماني أو آشوري )) . انتهى الأقتاس
إن هذا التصريح للأستاذ الدكتور مجيد حمه امين وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين ، يبعث على الأستغراب والأسف والتساؤل في عين الوقت .  فلماذا وصف الكلدانيين بالآشوريين ؟ نعم نحن جميعاً مسيحيين لكن هل نستطيع ان نقول عن الشهداء العشرة الأكراد في تلك المجزرة وغيرها بأنهم شهداء عرب او تركمان ؟ مع العلم ان الأقوام الثلاثة هم مسلمين جميعاً ، ألا ينبغي تسمية الأشياء باسمائها ؟ فلماذا تحجب التسمية الكلدانية الصحيحة عن الشهداء الكلدان في صوريا الكلدانية ويطلق عليهم تسمية الآشوريين . إن اللغة الديمقراطية والتعامل الندي يقتضي إنصاف شعبنا الكلداني بما يستحقه في اقليم كوردستان ، وإن غير ذلك سيكون إجحاف بحق هذا الشعب والشعب الكوردي وقيادته وحكومته لا يقبلون بهذا الإجحاف .
إن تصريح السيد وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين في اقليم كوردستان يهمش شعبنا الكلداني ويأتي على دفن كل تضحياته ويطويها في رفوف النسيان ، ويهمش شراكته التاريخية للشعب الكوردي إن كان في العصر الحديث او تلك التي تمتد الى اقدم العصور التاريخية حينما ابرم تحالفاً بين الميديين ( أكراد اليوم ) والكلدانيين في اوائل القرن السابع قبل الميلاد في عهد نبوبلاصر وابنه نبوخذنصر الذي تزوح امرأة ميدية كوردية .
 إننا نناشد الدكتور مجيد حمه امينوزير الشهداء والمؤنفلين في اقليم كوردستان  بالوقوف على مسافة واحدة من كل المكونات الكردستانية والأعتراف بحقوقها بشكل واضح وجلي وفي المقدمة شعبنا الكلداني وقوميته الكلدانية ، وهذا النهج نلمسه في سياسة الأقليم وموقفه من كل المكونات بشكل ديمقراطي وشفاف دون ان يكون اية عملية لتهميش اي مكون في اقليم كوردستان .
بهذه المناسبة يحدونا الأمل في القيادة الكوردية  للمبادرة  لتثبيت اسم القومية الكلدانيـــــة في كل مخاطبات وأدبيات اقليم كوردستان ومنها مسودة الدستور الكوردستاني ،  فالقومية الكلدانية هي ثالث قومية عراقية بعد القوميتين العربية والكردية وليس معقولاً ان يقبل السيد الوزير بتهميش هذا المكون العراقي الأصيل .  
 حبيب تومي / اوسلو في 24 /07 / 2010
--------------------
----------------------
الأسماء والمعلومات مستمدة من كتاب هرمز يونان الموسوم ايامي في ثورة كردستان ، وكتابي الموسوم  :ملا مصطفى البازاني قاتد من هذا الزمان  وهو معد للطبع : حيث ورد :
 صرعت راحيل زوجة منصور يوسف وهي تحمي رضيعها بجسدها ، وصرع القس حنا يعقوب قاشا راعي كنيسة أفزورك (وقدم الى هذه القرية ضيفاً ليقيم القداس فحسب وبعد ذلك يعود الى كنيسته ، لكن الحدث الدامي كان ينتظره ـ الكاتب )، والشماس اوراها وابنه جوزيف وبنته وارينة وصرع المختار خمو وزوجته كترينا وابنته ليلى ، ويضيف الكاتب قوله : صرع عمي موسى وهو كادر الحزبي في القرية وكذلك اخي الأصغر الصبي نجيب ، وكذلك اخي الشاب كوريال الذي وصل لتوه من زاخو لمتابعة معاملته لدخول الجامعة في بغداد ، كما صرعت ( يونو ) مع طفليها الصغيرين وصرعت شوني زوجة شابو وابنها امجد مع ابنتها جميلة ، وكذلك صرع الطفلان ياقو بن ايليا وناجي بن كوركيس والشاب يلدا وابنته الصغيرة باسمة وصرع كليانا مرقس الرجل الشغول الدؤوب .
ودائما نبقى مع الكاتب يونان هرمز وهو ابن القرية فيضيف : صرعت زوجة اوسماني فيرو مع ابنتيها صبيحة وفيروز ودفنت هذه الأخيرة في القبر الجماعي لشهداء صوريا .. وصرعت ايضاً قمري وابنتها نادرة وشيرو زوجة علي ايسف خجا وابنتها ، وكذلك اثنتان من بنات محو باتيلي ، وسقط ضعف هذا العدد من الجرحى ، لقد سربت الحكومة خبراً مفاده ان القس حنا قاشا توفي نتيجه نوبة قلبية مدعية ان الخبر نشرته بطريركية بابل للكلدان . ويقول شاهد عيان وهو اخو الكاتب بطرس الذي اصيب بإطلاقات في جسمه يقول بطرس :
كنا على اهبة الأستعداد للهرب لكننا وثقنا في كلام القس من انه سيشرح للضابط ان اهالي القرية فلاحون بسطاء لا يعرفون شيئاً عن الألغام ، وهم اناس مسالمون لا شأن لهم بما يجري .. ويقول بطرس كنا نعتقد ان الضابط سيسألنا عما إذا كنا نعلم من وضع اللغم .. كان يتقدم الجميع القس حنا والعم خمو فباتوا اولى الضحايا وقتلت ليلى لأنها حاولت ايقاف الضابط من الرمي وقتل معها اخي كوريال .. وبعد ان سقط الجميع بين قتيل وجريح احرق الجنود سياج البستان لكي لا ينج احد من المصابين فأخذوا يقتلون من يصادفوه وبقروا بطون بعض النساء وقتلوا الأطفال الرضع في المهد بالحراب . وعن مادلين اخته التي تبلغ من العمر يومئذٍ عشر سنوات والتي افادت بنفس المعلومات وأضافت : تهاوى الجميع على الأرض بين قتيل وجريح وقد حاول بعضنا التخلص لكن الجنود منعونا من الهرب وتعالت الصراخات وتعالى الأنين من كل جهة ، تكدس بعضنا فوق بعض مثل حزم الحصاد كباراً وصغاراً . شعرت بإصابتي بعد لحظات وعلمت ان امي قد صرعت وهي تحمل اخي الصغير نجيب الذي اخترقته الرصاصات .. وتمضي الصبية التي تبلغ من العمر عشر سنوات : ورأيت راحيل زوجة منصور يوسف تخترقها عدة رصاصات وهي تحاول ان تحمي طفلها الرضيع فقتلت ونجا الطفل بأعجوبة وسط صراخه وعويله ( ما زال حياً يعيش في كندا ) وشعرت بعطش غريب وبانهيار قواي .. تسللت من بين الجرحى والدماء تلطخ ثيابي وتنزف مني بغزارة حاولت الزحف الى الساقية القريبة وألقيت نفسي فيها لأطفئ عطشي ومكثت فيها حيناً حتى جاءني اخي الأكبر فحملني على ظهره بمساعدة اخي الجريح ايضاً الى اقرب قرية . وبينما نحن ماضون وجدنا بعض الأطفال ومعظمهم دون العاشرة وقد تيتموا وتشردوا ينوحون ويبكون .. ( لمزيد من التفاصيل راجع يونان هرمز : ايامي في ثورة كردستان ص 75 ـ 91 وكذلك كتاب الأستاذ مسعود البارزاني الجزء الثالث ص 215 ـ 216) .

 


259
دماء شهداء الشعبين الكوردي والكلداني تمتزج في صوريا الكلدانية هل انا مخطئ بهذا الزعم؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
بدءاً اقدم الشكر للقيادة الكردية للالتفات الى حدث قد مرت عليه حوالي اربعة عقود ، وهذا الحدث شكل محطة مهمة من تاريخ هذه المنطقة ، حيث توجهت الجهات المختصة في اقليم كوردستان لفتح المقبرة الجماعية في قرية صوريا الكلدانيــــــــة لنقلها رفات الشهداء من ابناء شعبنا الكلداني والشهداء من ابناء الشعب الكوردي الى مقبرة وقورة تليق بمكانة الشهداء الأبرار .
 
حينما اكتب افكر كثيراً وأراجع المقال احياناً اكثر من مرة قبل نشره  لكي لا اكون قد اسأت او اخطأت بحق احد ربما بشكل غير مقصود ، وحينما كتبت انا وزملائي في اتحاد الكتاب والأدباء الكلدان عن شهداء صوريا الكلدانيــــــة ، لم نفكر قط في الأستحواذ على ما ليس لنا ، واتفقنا في الأتحاد ان نحدد يوم للشهيد الكلداني وكان الأتفاق على اختيار اكثر الأيام دموية بحق شعبنا الكلداني فكان يوم 16 / 9 / 1969 م ، وهو يوم وقوع مذبحة قرية  صوريا الكلدانيـــــة .
 وهكذا بعد ان كانت مجزرة صوريا قد علاها تراب الزمن ودخلت في غياهب النسيان قرر اتحادنا الفتي ان يسلط الأضواء على تلك المجزرة بالكتابات عبر المواقع ، وفعلاً قد افلح اتحادنا في ذلك وأقدمت جهات اخرى الى إعادة النظر في تلك المجزرة التي كان ضحاياها من الناس الأبرياء .
 لم يكن للأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان اي هدف سياسي ولم نرمي الى تسيس المسألة ، إنها مسألة إنسانية قبل ان تشكل اي هدف سياسي لهذا الحزب او تلك الجهة .
لا شك ان شعبنا الكلداني  قد روى تربة العراق الطيبة من جنوبه وشماله بالدماء الزكية لشهدائه إن كان ذلك عبر مقارعة الحكومات الجائرة ، او عبر الشهداء الذين سقطوا في وقوفه ودعمه  نضال الشعب الكوردي في ثورة ايلول المعاصرة ، او كان من ضحايا الظلم والأستبداد الذي طال كل طبقات الشعب العراقي من قبل الأنظمة المستبدة في الوطن العراقي ، او في قافلة الشهداء الكلدان الذين سقطوا بيد الأرهابيين  في السنين الأخيرة ، فشعبنا الكلداني قد روى تربة العراق الطيبة بالدماء الزكية لابنائه الكلدان  لتمتزج مع دماء الشهيد العربي والكردي والأرمني والسرياني والآشوري والتركماني والأيزيدي والصابئي والشبكي والكاكائي والكردي الفيلي ...
في هذا المقال لا اروم  التطرق الى تفاصيل المجزرة التي اغناها الكثير من كتابنا الأجلاء بشروح وتفاصيل وافية ، تلك المذبحة التي دارت حوادثها الهمجية في قرية صوريا الكلدانيــــة ، وكان تاريخ المجزرة في 16 سبتمبر من عام 1969 وامتزجت في هذه المذبحة دماء شهداء من ابناء شعبنا الكلداني مع دماء شهداء من أبناء الشعب الكوردي الشقيق .
 التفاصيل التي اعقبت الحادث كانت بعض الكتابات من جملتها ما كتبه الأستاذ مسعود البارزاني في الجزء الثالث من كتابه الموسوم البارزاني وحركة التحرر الكردية وتحت عنوان مجزرة صوريا وقرية داكان صفحة( 215 ـ 217 ) يشير الى عدد الشهداء انهم 49 شهيداً من بينهم 20 من النساء والأطفال . إن الضحايا كانوا  39 مسيحياً وهم من أبناء شعبنا الكلداني وعشرة من ابناء الشعب الكردي ، هذا إضافة الى عشرات الجرحى  .
بعد ذلك وبمرور السنين والعقود قلما ما نقرأ نتف من الكتابات او إشارات الى تلك المجزرة ، وفي المجمل طوى تلك القرية الكلدانية غبار النسيان ، وما يقارب من اربعين سنة ،  لم أقرأ في نشرات او ادبيات اي حزب آشوري احياء ذكرة شهداء صوريا او حتى الإشارة اليها ، إنما كان دائماً احياء ذكرى  شهداء سميل  عام 1933 ونحن جميعاً نقف إجلالاً لتك الذكرى ولا نتحفظ او ننكر تلك المجزرة او نسرق اسمها القومي الآشوري . وهي بحق نكبة آشورية ، ففي عام 1933 حينما طُوقت القوش من القوات الحكومية ، طلب من وجهاء القوش إخراج اللاجئين الآثوريين من مدينتهم الكلدانية ، وإلا ستتعرض القوش الى القصف المدفعي والى الفرهود والنهب والسلب وانتهاك الأعراض من قبل  قوات العشائر المحيطة بالقوش  ، وموقف القوش الكلدانية من اخوانهم الآشوريين لا يتطرق اليه اي شك فوقفوا ببسالة وشجاعة وشرف الى جانب إخوانهم الآشوريين . ونحن نحيّ هذه الذكرى ونقول بشجاعة هذه ذكرى آشورية ونحن نحتفل بهذا لأننا شعب مسيحي واحد .
نأتي الى المفيد في مقالنا ، بعد ان عكف كتاب اتحادنا الكلداني بتسليط النور وإزالة الأتربة المتراكمة على جسم تلك المجزرة وجعلها يوم الشهيد الكلداني ، فقد انطلقت اقلام اخرى لتزيل مزيد من الغبار المتراكم والكتابة عنها بمهنية وهذا عمل إنساني جيد نشكر كل الكتاب الذين سطروا تلك الكلمات المنصفة بحق اهالي تلك القرية المسالمة .
اقول :
كانت هنالك اقلام اخرى من كتابنا الكلدان تدين بولاءها للحزب الآشوري حاولوا في كتاباتهم تمرير وخدمة الفكر الآشوري المتعصب  فسموا الأشياء بغير مسمياتها الحقيقية ، فكما كانت محاولاتهم لارضاء الحزب الآشوري بتحويل القومية الكلدانية الى اللاقومية بفرض تسمية قطارية مشوهة كلداني آشوري سرياني  لا تليق بأي شعب يفتخر بقوميته ، فهنا ايضاً وإرضاءاً لهذا الحزب وخضوعاً له لا يريدون تسمية قرية صوريا بالكلدانية . والشهيد لا يقبلون إلا بتفريغه من معناه القومي الى معناه اللاقومي .
 أسال هؤلاء الزملاء وأسأل المجلس الشعبي : ماذا لو يكون هنالك يوم للشهيد الكلداني ؟
 اليس هنالك يوم للشهيد الآشوري ؟  فلماذا لا يكون هنالك يوم للشهيد الكلداني ؟
 ما هو الضرر بذلك ؟
 لماذا يكون يوم الشهيد الآشوري يوم توحيد شعبنا ويوم الشهيد الكلداني يوم تفريق وتمزيق شعبنا ؟
 ثم ان كان رابي سركيس اغا جان قد كلف هفال وهاب رشيد ا بالمرافعة عن قضية مذبحة صوريا والسيدة نهى لازار . فماذ يضير الأستاذ سركيس ان يكلف هؤلاء لقرية صوريا الكلدانيــــة ؟ إلا يستحق شعبنا الكلداني من رابي سركيس ان يبحث عن مصير شهدائه ؟  فلماذا يكون الأسم الكلداني التاريخي مهمشاً ؟
 الا يعترف الكوردي والعربي والمندائي والسرياني والأرمني والشبكي والأيزيدي والتركماني والكاكائي .. بشعبنا الكلداني وقوميتنا الكلدانية ؟ فلماذا يصعب عليكم الأعتراف بقوميتنا الكلدانية ؟ وإنتم أخواني الكلدان العاملين في الحزب الآشوري او الموالين له ، لماذا تستكثرون علينا ان يكون لنا يوم الشهيد الكلداني ؟
لماذا لا تعترفون بصوريا الكلدانيــــة ؟
 اليس كل الذين استشهدوا هم من الكلدان ؟
 ألم يكن الأب الشهيد حنا يعقوب قاشا كلداني ؟
 لماذا لا تتحلون بالشجاعة وتسمون الأشياء بأسمائها ؟
 نحن نحترم موالاتكم ودعمكم للحزب الآشوري ، ونحترم انتماؤكم القومي إن اخترتم القومية الآشورية كانتماء قومي ، لكن الذي لا نقبله منكم ان تصدون وتقفون بوجه اي محاولة امام المخلصين لقوميهم الكلدانية في ان يدافعوا عن هذه الٌّقومية التي تهضم حقوقها في بلدها .
اقول :
 الى الأخوة في القيادة الكردية ، نحن الكلدان نشعر بغبن كبير يسود شعبنا الكلداني بجهة ربط مصيرنا بالحزب الآشوري وكأن هذا الحزب هو وصي علينا ، فالعراق حينما كان تحت الأنتداب البريطاني كان غير قادر على إدارة نفسه فهل نحن لا نحسن إدراة انفسنا ؟
 لقد وقف الكلدانيون بجانب الشعب العراقي في كفاحة ومع الشعب الكردي في نضاله ومع ذلك نلمس اليوم تهميشاً غير مبرر من قبل اوساط كوردية لشعبنا الكلداني ، فمتى يكون لنا كلمتنا الحرة في اقليم كوردستان الذي نكن الأعجاب والأحترام لتجربته الديمقراطية ؟
نأمل ان نُعامل اسوة بالمكونات الكردستانية الأخرى كالعرب والتركمان والأرمن والآشوريون والمندائيون وغيرهم من المكونات الكوردستانية ، إن الذي يمثل شعبنا الكلداني هو احزابنا الكلدانية والبطريرك الكلداني والأساقفة الكلدان ومنظمات المجتمع المدني الكلدانية ، وليس من المعقول ان لا تقبلون بهذا التمثيل وتودعون مصيرنا بيد الحزب الآشوري .
إنه تهميش ومسخ لقوميتنا الكلدانية في مسودة الدستور الكوردستاني حينما تلغى قوميتنا الكلدانية وتوضع بديلها تسمية مشوهة لاقومية ، وزيادة في ذلك يصرح وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين في حكومة اقليم كوردستان الأستاذ الدكتور مجيد حمه  ليقول " " ان هذه المقبرة الجماعية قد عثر عليها من قبل فريق تابع لوزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين وتضم رفاة (49) شخصاً أكثرهم من المواطنين الآشوريين، "  .
هل يستكثر السيد الوزير على مكون كورستاني ان يسمي اسماء شهدائه باسمهم القومي الصحيح  ؟ هل يستكثر على قرية صوريا الكلدانية اسمها الكلداني ؟
نأمل ان تسمى الأشياء بأسمائها وأن ينصف شعبنا الكلداني بما يستحقه في اقليم كوردستان الذي نتغنى بتجربته الديمقراطية والتي نتمناها ان تسود الوطن العراقي برمته .
 حبيب تومي -/ اوسلو في  19 / 07 / 10

260
ماذا بعد المؤتمر الثاني للحزب الديمقراطي الكلداني ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الحزب الديمقراطي الكلداني او حزب (اتحاد الديقراطي الكلداني سابقاً) نشأ في بيئة سياسية لم تستوعب وجوده كحزب جماهيري ، او بالأحرى لم يسعدها وجوده كحزب فاعل على الأرض ، بجهة ان هذا الحزب منذ تأسيسه رفع منظومة افكار يبدو انها لم تلق رضى وقبول شريحة من ابناء شعبنا  للأخوة في الحزب الآشوري الذي يصبو ان يكون اللاعب الوحيد ، او على الأقل اللاعب الرئيسي في الساحة ، وهكذا يكون الحزب الديمقراطي الكلداني قد وضع نفسه في مربع لم يكن يسمح له ان يتواجد في تلك المساحة ، وإن هو حاول ترسـيخ ركائزه على الأرض ، كان ذلك ايذاناً له بأنه خرق الخطوط الحمراء لتلك الأحزاب .
 الحزب الديمقراطي الكلداني كان واضحاً وصريحاً في الأعلان عن مبادئه القومية الكلدانيــة ، وكانت برامجه السياسية تصب في خانة التأسيس لتلك المبادئ ، ولم يكن يحمل اية أفكار مناهضة لجهة ما ، فهو يؤمن بوحدة شعبنا المسيحي على اسس من التفاهم والتعامل الندي وشراكة نزيهة صادقة .
لقد اتسمت مبادئ الحزب بأيجاد موطئ قدم للفكر القومي الكلداني وبغرس بذرة أستقلالية القرار والتمرد على سياسة القطيع التي اريد لشعبنا الكلداني ان يسلكها ، ومنذ البداية قال ( لا ) لما كان سائداً .
 إن هذا الموقف كما قلت قوبل بحملة إعلامية ظالمة من قبل اقلام كانت من ضمن ركّاب مركب الحزب الآشوري في حينه ، ولصقت بهذا الحزب شتى صنوف التهم وفي مقدمتها  تهمة تمزيق اوصال الأمة ونعته ببث الفكر الأنفصالي بين ابناء شعبنا . لقد كان في تضاعيف تلك الحملة الأعلامية التي تعرض لها هذا الحزب وأمينه العام الأخ ابلحد افرام بشكل خاص والقيادة بشكل عام الى حملة فيها الكثير من المفردات والنعوت اقل ما نقول عنها انها كانت بعيدة عن الكياسة واللياقة في النقاش او الحوار ، وهم يقومون بذلك باسم وحدة شعبنا ، وكأن الوحدة لا تتم إلا بإسقاط الآخر وتهميشه وإخضاعه وتكميم افواهه .
 الحزب الديمقراطي الكلداني شق طريقه مع هذا الخطاب ومع حملة إرهابية تعرض لها شعبنا الكلداني في مدن العراق من تفجير كنائسه وخطف ابنائه وابتزاز ابنائه وقطع ارزاقهم ووتهديدهم تهجيرهم .. نعم عبر هذ الطريق المحفوف بالألغام استطاع الحزب من شق طريقه الوعر ، وتمكن في حينه عبر تحالفه مع القائمة الكوردستانية من ايصال امينه العام الصديق ابلحد افرام الى مبنى البرلمان ، وكان للاستاذ ابلحد افرام دور طيب ونشيط في إثبات الأسم القومي الكلداني في دستور العراق .
 المصداقية في القول تقودنا للأشارة الى إخفاق الحزب بالخطوات التالية فلم يفلح الحزب الديمقراطي الكلداني بإيصال اي من مرشحيه الى مبنى برلمان اقليم كوردستان او البرلمان العراقي في الأنتخابات الأخيرة ، حيث خاض تلك الأنتخابات في قائمة مستقلة ، الى جانب قائمة المجلس القومي الكلداني وهي قائمة كلدانية ايضاً ، وإن حكمنا على المسالة بجواز وقوعها في ضوء الأهداف السياسية لكنها كانت سلوكاً خاطئاً من ناحية المصلحة القومية التي كانت تقتضي تضافر جهود الحزبين مع المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد لخلق قائمة كلدانية موحدة واحدة لا اكثر .
في هذا المجال اقول بصراحة جازماً :
 إن الحزب الديمقراطي الكلداني هو بحاجة الى ثقافة جديدة في التحرك بين الجماهير لاسيما داخل الوطن إن كان في اقليم كوردستان او في عمومم الوطن العراقي ، وإن هذا ينطبق بشكل كبير على المجلس القومي الكلداني والمنبر الديمقراطي الكلداني الموحد . فالنتائج المتواضعة لهذه الأحزاب في الوطن يدل على قصورها وضعف تفاعلها بين ابناء شعبنا ، وانا هنا لا اريد ان اغفل حملات الأشقاء في الحزب الآشوري في تحجيم العمل القومي الكلداني ، اجل كان لهم الدور الرئيسي في التعتيم بل محاربة كل انتماء اسمه انتماء قومي كلداني ، لكن كل هذا لا يمنع من اختراق هذا الحصار لو كان هنالك تفاعل وحراك مع ابناء شعبنا الكلداني وحسب امكانياتنا المتواضعة . فمع وجود تلك العوائق والعراقيل فأجزم بأن العمل الكلداني بين جماهير شعبنا كان ضعيفاً ومقصراً في تفاعله ، وهذا رأيي الشخصي .
لكي لا اخرج عن موضوع المؤتمر الأستثنائي الذي عقده الحزب في دهوك يومي 8 ,9 من تموز الحالي ، وفي كلمة للاستاذ ابلحد افرام في هذا المؤتمر يشير الى العوائق والعراقيل التي تواجه العمل القومي الكلداني ، نعم انا مع الأستاذ في تشخيص تلك العراقيل ، لكن السؤال يبقى ماذا ينبغي على  الأحزاب الكلدانية عمله إزاء تلك العراقيل ؟ وأرى في مقدمة ذلك تفعيل وتطوير خطوطها التنظيمية بين الجماهير ، فلا شك ان احزابنا ومنها الحزب الديمقراطي الكلداني يعاني من ضعف تحركه بين جماهير شعبنا خصوصاً داخل الوطن ,إن حكمي هذا هو معتمد على النتائج المتواضعة لقوائمنا في الوطن لا سيما في محافظتي دهوك ونينوى وحتى في اربيل .
 سابقاً قبلنا على مضض بتشرذم قوائمنا الكلدانية في مواجهة الأنتخابات ، بجهة انه تنافس سياسي ، لكن الصراحة تجبرني لقول الحقيقة التي تفيد بغياب وفقدان عنصر التضحية من قطبي المعادلة في قائمتي شعبنا الكلداني . وكانت النتيجة معلومة النتائج  ورغم انها كانت افضل من سابقتها من ناحية نسبة الأصوات ، وإن ألية منح المقعد الذي فاز به المجلس القومي قد منح للزوعا بفضل قرارات المفوضية العليا للأنتخابات ، لكن مع ذلك كله يمكن تشخيص عامل التقصير لدى احزبنا في تفاعلها مع الجماهير .
 برأيي المتواضع ان الأخفاق في انتخابات برلمان كوردستان ومن ثم البرلمان العراقي الأتحادي  ، قد اوجدت حالة من الأحباط لدى بعض الزملاء في قيادة الحزب الديمقراطي الكلداني ،وكان ذلك السبب في وجود بعض الأستقطابات في القيادة ، ولسنا هنا في صدد التدخل في الشؤون الداخلية للحزب بقدر ما يهمنا ان يبقى الحزب سائراً في اتجاهه القومي الكلداني ومحافظاً على مبادئه الأصيلة ، والمحافظة على وحدته والعمل الى جانب الأحزاب الكلدانية الأخرى مع منظمات المجتمع المدني لخلق حالة من التفاعل والديمومة للعمل البناء بين ابناء شعبنا .
لقد ورد في كلمة الأستاذ ابلحد افرام شكواه من ضعف الشعور القومي الكلداني ، وأنا هنا اقول للاستاذ افرام ان اولى مهام الحزب الديمقراطي الكلداني هي غرس المشاعر القومية وتنميتها بين ابناء شعبنا وذلك عبر التفاعل والحراك وتفعيل دور المنظمات المجتمع المدني الكلداني وتعزيز الروابط مع الاحزاب الكلدانية وخلق كتلة كلدانية واحدة ، للأتصال والعمل مع احزاب شعبنا المسيحي للتنسيق معهم في العمل السياسي على الساحة العراقية عموماً .
 اقول :
 تهنئة من القلب للصديق الأستاذ ابلحد افرام وأعضاء القيادة الآخرين لفوزهم بثقة اعضاء قاعدة الحزب ، ونقول لهم جميعاً أن امامهم مهام كبيرة وعمل شاق  للخروج بهذا الحزب الى دائرة التفعيل والعمل بين ابناء شعبنا الكلداني لتحقيق اهدافه النبيلة ورفد مساهمته في بناء الوطن العراقي العزيز  .
 حبيب تومي / اوسلو في 13 / 07 / 10  

261
الى منظمة الأقليات العراقية نرفض اجحافكم بحق شعبنا الكلداني
بقم : حبيب تومي / اوسلو
 habeebtomi@yahoo.no
 
الوطن العراقي يتميز بتنوعه الفكري والحضاري واللغوي وهذا التنوع ناجم عن التكوين الفسيفسائي الجميل للمجتمع العراقي بأديانه وقومياته ومذاهبه ولغاته وملابسه وتراثه .. وهكذا كان مفهوم التعايش السلمي بين مختلف التنوعات يشكل حجر الزاوية في اهتمام كل الحكومات السابقة نظراً لما تحمله هذه المسالة من اهمية في توطيد كيان الوطن العراقي الداخلي . ومن القضايا الملتهبة كانت المسالة القومية في العقود الماضية ، وإن كان الأكراد قد افلحوا في الحصول على مساحة كبيرة من حقوقهم ، فإن المكونات الأخرى لم تصل الى مستوى الأعتراف القومي الصريح بحقوقهم .
 في تسجيل النفوس لعام 1977 في حقل القومية كان ثمة سؤال يقول :
هل انت عربي ام كوردي ؟
 إذن هنا الجواب يكون : إما .. أو  ، وليس هنالك حقل ثالث لغير قوميات كالقومية الكلدانية مثلاً وهي القومية الثالثة في العراق . نعم استمر هذا الإجحاف ، واليوم نأمل ان يتسم الجميع بروح ديمقراطية وإن يكون هنالك مساحة من الحرية للجميع ليختاروا انتمائهم الديني والقومي والمذهبي والسياسي دون وصاية او إقصاء لمكون من المكونات العراقية وذلك إنطلاقاً من مبادئ حقوق الأنسان وفي مقدمتها حقوق الأقليات .
وعودة الى عنوان المقال حيث فتحت موقع عنكاوا لاطلع على عنوان الخبر الذي يقول : منظمة الاقليات العراقية تدعو للحوار بدل "الهمجية والقتل على الهوية"
ثم انتقلت الى مصدر الخبر وهو موقع منظمة الأقليات العراقية وحسب الرابط أدناه
http://www.minoritiescouncil.org/
واعتقدت لاول وهلة بأن منظمة الأقليات العراقية هي واحدة من منظمات المجتمع المدني التابعة  للحركة الديمقراطية الآشورية أسوة بمنظمة الطلبة والشباب الكلدوآشورية او الجمعية الخيرية ألاشورية وغيرها ، حيث شاهدت هذه الصورة :

اجتماع منظمة الأقليات العراقية
 

حضر الدكتور حنين محمود القدو رئيس منظمة الأقليات العراقية الاجتماع الذي عقد في مقر المنظمة بحضور عدد من أعضاء منظمة الأقليات العراقية .. الخ

 إن العلم الآشوري في صدر القاعة يفضي اي اعتقاد ان منظمة الأقليات العراقية تابعة لحزب آشوري والمسالة طبيعية لا غبار عليها لسنا ضد ان يرفع علم آشوري على واحدة من منظمات الحركة الديمقراطية الآشورية او المجلس الشعبي او حزب الوطني الآشوري فهذه احزاب آشورية تعمل لأعلاء الأسم الآشوري وترفع العلم الاشوري ونحن نحترم توجهاتها إن بقيت بهذه الحدود .
 لكن التساؤل الذي يطفو على السطح ، حالما نعلم بأن منظمة الأقليات العراقية يرأسها الدكتور حنين محمود القدو ،وهكذا نستنتج ان منظمة الأقليات العراقية ليست آشورية صرفة ، وليست تابعة لحزب آشوري بل هي منظمة جامعة لكل الأقليات العراقية . وفي هذا السياق يتحتم على هذه المنظمة ان تتسم بحيادية وأن تقف على مسافة واحدة من جميع المكونات الدينية والقومية العراقية ، وأن يكون لها قرارها المستقل ، فإضافة الى واجبها في الدفاع عن كل المكونات العراقية بشكل مهني وشفاف دون الميل لهذا الطرف او ذاك . فهي منظمة للمجتمع المدني وهي غير حكومية وليست حزبية وينبغي ان تنأى بنفسها عن الخطاب السياسي لاي طرف .
وأنا متأكد أن الدكتور حنين القدو يعتقد بضرورة هذه الأستقلالية لكي تحافظ المنظمة على مصداقيتها . ولا يقبل ببقائها مسيّرة ولا ان يجري تسييسها لحساب اي طرف .
لقد اطلعت على النظام الداخلي لهذه المنظمة وورد في المادة الأولى :
(منظمة الأقليات العراقية هي احد تنظيمات المجتمع المدني تعني بشؤون مكونات الشعب العراقي القليلة العدد المعترف بها تاريخياً وحضارياً من اجل الدفاع عن حقوقهم القومية والدينية والأجتماعية والسياسية في الدستور الدائم .. الخ) .
حقاً انها مادة معبرة عن امال المكونات العراقية الأصيلة وفي مقدمتها شعبنا الكلداني ، وقوميتنا الكلدانيـــــــة ، فهل حقاً تعني المنظمة ما تقول في المادة الأولى من نظامها الداخلي ؟
 الشكوك تحوم حول ذلك فالكلدانية قومية عراقيــة وهي تعتبر ثالث قومية عراقية وهي مذكورة في الدستور العراقي الدائم الى جانب القوميات العراقية الأخرى ، كما ان التاريخ الكلداني معروف ومساهمة الكلدانيون في الحضارات العراقية مذكورة في كل المصادر التاريخية ، كما ان اسم القومية الكلدانية كان مثبتاً حينما كان هنالك ذكر للمكونات القومية ، وفي المعاهدات الدولية والمادة 62 من معاهدة سيفر المبرمة عام 1920 تذكر اسم القومية الكلدانيــــــــة بشكل مستقل الى جانب القومية الكردية والمكونات الأخرى والدستور العراقي اليوم قد ثبت اسم القومية الكلدانية في مواده ، فهل منظمة الأقليات العراقية تجهل ذلك ؟
والآن لنقرأ الفقرة الثانية من المادة الثانية التي تقول انها تدافع عنها وهي :
أ ـ الكورد الفيليون .
ب ـ التركمان
 ج ـ الكلدوآشوريون ـ سريان
د ـ الشبك
ه ـ الأرمن
هنا تفقد منظمة الأقليات العراقية مصداقيتها وتنحني برأسها خاضعة لحزب قومي آشوري متعصب وهو الحركة الديمقراطية ألاشورية ، فالدكتور حنين محمود القدو يعرف جيداً بعدم وجود قومية في اثنوغرافية شعوب الأرض قاطبة ، قومية بهذا الأسم المشوه الهجين القطاري (كلدوآشورـ سريان)  الذي يعتبر إساءة لتاريخ ووجود اقوام عراقية اصيلة ، وهو بهذا يرضخ  للفكر القومي الآشوري المتعصب الذي يفتقر الى ابسط قواعد احترام المشاعر القومية للكلدانيين والذي يتعامل معهم بمنطق القطيع والراعي .
 كما هو معلوم للاستاذ الدكتور حنين محمود القدو ، والمتحدث باسم المنظمة الأستاذ لويس إقليمس وغيرهم  من المسؤولين في هذه المنظمة  ، ان الحركة الديمقراطية الآشورية تحتفظ باسمها الآشوري ولها فضائية اسمها الفضائية الآشورية ، ولها جمعية آشور الخيرية ، لكن لها منظمة تابعة لها هي منظمة الطلبة والشبيبة الكلدوآشورية ـ السريانية ، والمصطلح الأخير تكرمت به حركة الزوعا ليكون اسماً لشعبنا الكلداني، فهل يقبل الأستاذ حنين القدو ان يكون اسم شـعبه هو اسـم لمنظمـة تابعة لحزب ما ؟
لقد اطلعت على موقع المنظمة وفيه من التكوينات وفيه حقول : الكورد الفيليون ، الأيزيدون ، شبك ، الأرمن ، الصابئة المندائيون ، الكلدوآشور ـ سريان ، التركمان .
أقول :
إن منظمتكم لا تريد ان تعترف بالتاريخ وبالدستور العراقي وبالمعاهدات الدولية وبإرادة شعب ، كل ذلك من اجل ترضية حزب قومي سياسي يعمل معكم ، فأية مصداقية وأية موضوعية تتسم بها هذه المنظمة التي اتخذت اسماً كبيراً بحجم ( منظمة الأقليات العرأقية ) ، فهل منظمتكم تنافح عن حقوق هذه الأقليات ام انها تعمل على تهميشها وإلغائها من الوجود ؟
أنكم في هذه المنظمة المهمة مدعوون الى تصحيح الخطا الفظيع الذي انتم عليه ، فيجب تثبيت اسم القومية الكلدانية اسوة بما هو دارج في الدستور العراقي الدائم والذي ذكر القومية الكلدانية بناء على مطالب من البطريرك الكلداني والأساقفة الكلدانيين والأحزاب الكلدانية ومنظمات المجتمع المدني الكلدانية والكتّاب والمثقفين والناس الذي يتسمون بأخلاصهم القومي الكلداني ، فنحن الكلدانيون  في الوقت الذي نحترم كل المكونات العراقية وكل الأحزاب العراقية بما فيها الحزاب الاشورية لكننا لا نقبل ان تكون هذه الأحزاب وصية على شعبنا الكلداني ، فنحن لنا احزابنا وتنظيماتنا وكتابنا وكنيستنا وتاريخنا الكلداني ، ولا نقبل ان نكون قطيع راضخ للحزب الآشوري او غيره .
مسالة اخرى وهي في سياق هذا المقال ارجو ان يتسع صدر الأستاذ الدكتور حنين محمود القدو :
ان التعايش السلمي الديمقراطي بين المكون الكوردي والعربي في المنطقة هو من صالح المكونات الصغيرة في المنطقة وإن اي صراع بينهما ستكون نتائجه سلبية ومأساوية على مكونات الشبك والكلدان والسريان والآشوريين والأيزيدية في المنطقة .
نأمل ان يتم تصحيح الخطأ الفاضح بأقرب فرصة ، وإن يرفع الأجحاف الذي الحقته منظمتكم بشعبنا الكلداني وقوميتنا الكلدانية .
 حبيب تومي / اوسلو في 09 / 07 / 10

262
القيادة الكوردية وتعقيدات المشهد الجيوسياسي الى اين ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
يا تُرى كم هي المهارة السياسية للقيادة الكوردية  وهي تجتاز طريق معقد شائك في الساحة الجيوسياسية المفعمة بتضارب المصالح وتفاوت الأديولوجيات  والتوجهات السياسية والأقتصادية والمذهبية ... ان الجغرافية السياسية المعقدة في المنطقة تحتم على القيادة الكوردية ان تمكث وتستمر  في حراك دائم على شتى المحاور لكي تقنع الجميع ان حراكها لا يهدف الى ضرب مصالح اي دولة في المنطقة .
في المساحة الجغرافية فإن إقليم كوردستان بمحافظاته الثلاث دهوك وأربيل والسليمانية يغطي مساحة ما يقارب الأربعين ألف كيلومتر مربع - فهو أكبر من هولندا وأكبر أربع مرات من مساحة لبنان ويبلغ عدد سكانه أربعة ملايين نسمة وفي إزدياد سريع مستمر. لكن يحيط في هذا الأقليم دولاً تتداخل في خرائطها القومية اقلية كوردية مهمة تكاد تكون متلاصقة الحدود الجغرافية مع المكون الكوردي في اقليم كوردستان العراق .
على هذه الخارطة تبدو واضحة معالم تداخل اجتماعي كوردي وعواطف كردية قومية متنامية متجاوزة وعابرة للحدود السياسية لهذه الدول (العراق وايران وتركيا وسورية ) ، فتركيا الأتاتوركية العلمانية والتي بدأت في الفترة الأخيرة تجنح لتبني مشروع اسلمة فوقية تفرضه الدولة التي يقودها حزب العدالة والتنمية ذات التوجهات الأسلامية ، وفي الجانب الآخر تقف ايران ( الخميني ) التي تنزع الى فرض مذهبية شيعية ينص عليها الدستور الأيراني ، وإن كان بين الدولتين أيران وتركيا خلاف ايديلوجي لكن الوقائع على الأرض تفضي الى تقليد دأبت عليه الدول التي فيها المكون الكوردي الى اتخاذ موقف صارم من التطلعات القومية الكوردية ولا تتحرج الدولتان ، بشكل خاص ، للكشف  عن عدائهما السافر لاي حديث حول تطلعات تعني قيام دولة كوردية تقتطع أجزاء من أراضيها يقطنها المكون الكوردي في تلك الدول ، وما عمليات القصف المتواترة الى داخل اقليم كوردستان العراق إلا جزء من تلك الأجندة الثابتة .
 ونعود الى قيادة الأقليم التي افلحت الى حد كبير في إبعاد مدن الأقليم من وحل العمليات الأرهابية التي خيمت على سماء العراق ، وأفلحت هذه القيادة في جعل مدن الأقليم محصنة بحيث لم يقتل على اراضيها اي جندي من قوات التحالف . وليس غريباً ان تشكل مناخات الإستقرار والتعايش بين المكونات الكورستانية عاملاً حاسماً  في جذب الاستثمارت الأجنبية من شتى اقطار العالم ، وان تتجه للأستثمار في الأقليم ، دون ان يكون لهذه الشركات الأستعداد للاستثمار في مدن العراق الاخرى بدافع الخوف الذي يلف هذه المدن .
 ليس هذا فحسب فإن القيادة الكوردية قد كسبت ثقة كثير من الأوساط الدولية في المنطقة والعالم ، فكانت الزيارات المستمرة لكثير من الدبلوماسيين رفيعي المستوى من مختلف دول العالم لهذا الأقليم ، كما كانت دعوات للمسؤولين الأكراد لزيارة هذه الدول ، وكانت الزيارة الأخيرة للاستاذ مسعود البارزاني الى النمسا والمانيا وفرنسا وتركيا كرئيس اقليم تعتبر تطوراً مثيراً في هذا المجال .
ويصرح البارزاني :
انه تلمس خلال زيارته الاخيرة الى تركيا تغييرات كبيرة في الموقف السياسي، وخاصة حزب العدالة والتنمية الذي بدأ منذ فترة بالإصلاحات الإجتماعية والسياسية والديمقراطية، وأنهم يسعون الى توطيد علاقاتهم السياسية والاقتصادية والتجارية وتطويرها مع إقليم كوردستان، لذلك فإننا كإقليم كوردستان ندعم الإنفتاح الديمقراطي التركي، ونسعى الى تطوير العلاقات السياسية والإقتصادية والتجارية، بصورة تخدم مصلحة الطرفين، مؤكدا على وحدة الموقف لإقليم كوردستان.
بحق انها تطورات مثيرة  لكن ما مدى تضارب ذلك مع الموقف القومي الكوردي ومع الأديولوجية الكوردية والمتمثلة في استراتيجية بعيدة للاكراد والتي تهدف الى تقرير المصير للشعب الكوردي اسوة بالشعوب الأخرى في المنطقة . وفي هذه هذه النقطة يتولد منعطف تتشابك فيه المعادلة السياسية مع الأديولوجية القومية .
 الأولى في الحفاظ على اقليم مستقر متطور يسعى لمد جسور التعاون مع الجيران ومع المجتمع الدولي والذي يريد ان يرى أقليماً مستقراً  وبحكومة ديمقراطية دستورية تمنح الحريات الدينية والأجتماعية والثقافية والسياسية . والمنحى القومي الذي يتطلب الوقوف مع الطموحات الكوردية في دول الجوار لنيل حقوقها القومية اسوة بأخوانهم أكراد العراق ، في ظل التعاطف مع افكار الرومانسية القومية وتغلغلها في اوساط الأنسان الكوردي في وجود شعب كوردي واحد وله أرض كردية واحدة ينبغي ان يكون لها علم  يرفرف في المحافل الدولية ليكون للأكراد وجود  بين الموجودين من القوميات والشعوب في المنطقة والعالم .
والسؤال الذي يطفو على السطح : هل تفلح القيادة الكوردية في أيجاد مساحة من الحيادية بحيث تقف مع الجميع وترضى الجميع دون ان تثير مخاوف اي من الأطراف المتعددة والمتباينة في المصالح والأديولوجيات ؟ إنه حقاً موقف يتسم بالصعوبة والتعقيد .
إن القيادة الكوردية في اقليم كوردستان لا تريد ان تفرط بما حققته لشعبها على ساحة الوطن العراقي من إنجازات على ارض الواقع ، وليس من الحكمة بشئ في ان تفرط القيادة بتلك المنجزات ، وفي الوقت ذاته فإن تطلعاتها القومية وتاريخها النضالي والذي لا زالت بصماته ندية ولم يجف مداده من ذاكرة الأجيال ، وليس من السهل المرور عليها مر الكرام ، لا سميا في ضوء تيارات تعمل على شحن الهموم وتغذي الخطاب القومي الثوري بكثير من الأمنيات والتطلعات .
 وهذه تلقى استجابة كبيرة لدى الشباب الثوري وليس غريباً ان نلقى في جبال قنديل مزيجاً من الثوار الأكراد القادمين من العراق ومن تركيا وايران ومناطق اخرى ، وإن كان الخطاب الرسمي الدولي  يصنف عمليات هؤلاء  بأنها عمليات إرهابية ، لكن نصادف في الضفة الأخرى من ينظر اليها بتعاطف وأعجاب ومن لدن اوساط شعبية كثيرة من الشعب الكوردي  .
ويحدث امامنا في المشهد الجغرافي على الأرض قصف لأراضي عراقية داخل اقليم كوردستان من قبل القوات الإيرانية والتركية ، وفي نفس الرقعة من الأرض في المقابل نشاهد حركة تجارية مزدهرة ومتنامية على نفس تلك الحدود الملتهبة . اما الحكومة العراقية من جانبها تبقى في صمت عما يجري من خرق لحدود الدولة العراقية في تلك المناطق من قبل تركيا وأيران .
 ولو انتقلنا الى المشهد السياسي العراقي وسباقات المارثون لنيل اكبر قطعة من كعكة المناصب في مفاصل الدولة والحكومة التي باتت من الأحلام الصعبة المنال بالنسبة الشعب العراقي المنكوب ، فلا نحتاج الى تمحيص وحشد الأدلة  للمصاعب امام القيادة الكوردية ، ولتجد لها مكاناً مناسباً فيما يجري من مشاورات واتصالات واتفاقات وتحالفات كثير منها يجري وراء الكواليس ، وفي الآونة الآخيرة كان الأتصال الثاني بين علاوي رئيس القائمة العراقية والمالكي رئيس قائمة دولة القانون ، وأن حدث تقارب جدي توفيقي بين الطرفين فلا شك ان الجانب الكوردي سيكون هو الخاسر في تلك المعادلة .
لكن قبل التكهن بأية نتائج لا بد للاشارة الى الموقف الداخلي ، وهو المهم ، داخل ائتلاف الكتل الكوردستانية  نفسها ، وما نعرفه ان جهود الأستاذ مسعود البارزاني قد افلحت في توطيد جبهة داخلية كوردية من اجل التعامل مع بغداد او في برلمان العراق ، ولكن الى اي مدى ستصمد تلك الوحدة فيما أذا كان طرف ما يعمل على دق اسفين في هذه الجبهة والى اي حد يمكن ضمان صمودها .
إن هذا اللوحة ليست سوداء قاتمة بقدر ما هي معقدة وشائكة وتحتاج الى نفس طويل وحنكة ومهارة سياسية للخروج بتلك المعادلة مع الأحتفاظ بكل المكتسبات ، ولكي لا يضيع حق الأقليم في متهاهات الصراع والتنافس من اجل المصالح ، ومن ثم ستجهض تلك التجربة الجميلة لاقليم كوردستان التي نتمنى ان تسود  الوطن العراقي برمته وليس أقليم كوردستان لوحده .
ليس هنالك اية شكوك في حنكة ومهارة القيادة السياسية الكوردية ولها تجارب كثيرة فقد خاضت مخاضات صعبة وخرجت منها سالمة ولا شك انها ستعمل للخروج منها اليوم والسؤال هو : الى اي مدى ستفلح قيادة اقليم كوردستان في البقاء على الأستمرارية في نهجها الحيادي المتوازن امام المشهد الجيوبولتيكي المتداخل والمتشابك في هذه المنطقة من العالم ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو في 03/ 07 / 10

263
وداعاً ايها المناضل العراقي الكلداني حكمت حكيم
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
حكمت حكيم شخصية عراقية  كلدانية معروفة تعرفت على اخباره بعد عام 2003 وكان بيننا تواصل عبر المكالمات الهاتفية قبل ان نلتقي لاول مرة في القوش حيث كان لي ندوة عن هموم شعبنا بعد 2003 وما طال هذا الشعب من مظالم وقتل وتهجير ، وحضر هو والأخ ضياء بطرس والأخ نوزاد حكيم  الندوة قادمين من عنكاوا ، وبعد ذلك تعرفنا عن كثب ، ومن البداية أدركت أنني امام رجل له هيبته وله حضوره المميز وقامته منتصبة صامدة كشجرة عظيمة جذورها في الأرض قادرة على الصمود امام الرياح ولا تتمايل معها إنها تقتلع من جذرها وتسقط واقفة دون ان تنحني امام عوائد الزمن  وتقلباته .  
 في حياتنا نحدد اسمنا وهويتنا وانتماؤنا ، ونعرف تاريخ ولادتنا بالسنة والشهر واليوم وحتى الساعة ، ونحن متأكدون ايضاً بأن النهاية والوفاة هو مصيرنا ، فالحقيقة المطلقة الواقعة والتي يؤمن بها جميع البشر ان لكل بداية نهاية هكذا هي الدنيا من الأزل الى الأبد .
ولنا علم اليقين ان الولادة وبعدها ندخل في دروب الحياة وتشعباتها التي تؤول حتماً نحو النهاية الحتمية الأبدية ، إنه الموت الذي لا مفر منه وهو القانون والعدالة الوحيدة التي تسري على الغني والفقير ، على الملك والعبد ، على الصالح والطالح ، على الضعيف والقوي ، لكن السر الدفين يكمن في تضاعيف معرفة وتحديد ذلك اليوم وتلك الساعة ، فالموت هو الزائر المتربص ، حيث لا يطرق الباب ولا يأخذ السماح للدخول ، فهو زائر ، علينا ان نتوقع حضوره في اية لحظة من حياتنا القصيرة التي تمثل لحظة من عمر الزمن .
لكن تبقى ثمة مسألة مهمة بالنسبة لنا نحن البشر وهو ماذا يورث الأنسان وراءه من التركات  إن كان من العيال او الأموال او بحوث ادبية او علمية تخدم البشرية ، او ترك سمعة طيبة مع مجايليه في مجتمعه وبين اقرانه .
وأعود الى الراحل حكمت حكيم حيث بدأت تباشير الصداقة والتفاهم بيننا ، تنسج خيوط تعارفنا لتتحول الى صداقة متينة تغذيها الرؤية المشتركة لكثير من القضايا السياسية والفكرية . انا شخصياً لم افلح في التفريق بين حكمت حكيم السياسي وحكمت حكيم المثقف ، فلا شك هنالك حدود تفصل بين المفكر  والسياسي ، إن كان في الرؤية او الهدف . ففي البلدان الأوروبية للمفكر دور كبير في تهيئة ارضية جلية واضحة ، وذلك عبر اجتهاده في دراسة وتحليل وتفكيك نظريات فلسفية وتجارب تاريخية وأحداث ووقائع اجتماعية وسياسية  واقتصادية ، لكي يستفيد منها السياسي في محاولة الأبتعاد عن التخبط  والفوضى وتكرار الأخطاء .
 في ضوء ذلك استطيع الزعم بأن الراحل حكمت حكيم كان يجمع بين الأثنين السياسي والمفكر ، وليس ذلك غريباً عليه إذا دققنا خلفيته الأكاديمية سنجد اولاً انه خريج جامعة موسكو باختصاص القانون الدستوري والنظم السياسية وقد حصل على شهادة الماجستير والدكتواره (PH.D  ) وعمل استاذاً جامعياً لمدة 16 عاماً ، ولديه عشرات البحوث في مجال القانون وحقوق الأنسان منشورة في المجلات العراقية والعربية بالأضافة الى مئات المقالات السياسية في المواقع الألكترونية .
وثانياً إن الراحل حكمت حكيم قد عركه الدهر وتدرب في مدرسة الحياة في سوح النضال فقد اعتقل اكثر من مرة بسبب آرائه السياسية ومعارضته للنظام البائد ، كما اشترك مع الأنصار البيشمركة في كوردستان منذ بداية الحرب العراقية الأيرانية وحتى نهاية تلك الحرب في اوخر الثمانينات من القرن الماضي حينما كانت المناطق الكردية العراقية تتعرض لحرب إبادة  بلغت ذروتها بحملات «الأنفال» السيئة الصيت والتي تلتها محرقة حلبجة التي شهدت استخدام الغازات السامة ضد اناس مدنيين ابرياء يفترض انهم مواطنون عراقيون ، ويرجح ان واحداً من اسباب تدهور صحته يعود الى تأثره في تلك الحملات .
جالست الراحل حكمت حكيم وكان مفوهاً جيداً ، بليغ الكلام يتحدث لغة كلدانية بلهجة تلكيفية محببة ، ولكن اثناء الجدل والحديث السياسي ينطلق باللغة العربية ، وهو غالباً ما يطلب السماح بأن يعبر عن رأيه في نقاش سياسي محتدم بالسماح له بأن يتكلم باللسان العربي ، وهو متمكن من هذه اللغة وقوي الحجة وقد سمعته وهو جرئ وشجاع في تصريحاته وإبداء وجهة نظره الى القنوات الفضائية او وسائل الأعلام الأخرى فهو دقيق ينتقي كلماته وعبارته الرصينة المعبرة دون ان يكون ثمة اسهابات إنشائية دون مغزى ، لا اغالي إن زعمت إنه دائماً كان يحكّم عقله وفكره ومبائه في ما يقوله ويكتبه .
 اجل ان حكمت حكيم كان يحمل عقيدة أممية لكن تلك العقيدة لم تشكل حائلاً دون الأخلاص للهوية الوطنية العراقية وانتمائه القومي الكلداني ، بل ان تلك العقيدة قد كرسها لتعزيز مكانة الهوية الوطنية والقومية في مجمل فكره ونضاله السياسي . وإنني لا اجانب الحقيقة  إن قلت ان حكمت حكيم كان ضرباً من الصدق مع نفسه ومع  الآخرين ، ولهذا وجدت حكمت حكيم لم يتشبث بعلياء المبدأية المطلقة فقد تحرك نحو تخوم النسبية ، وهكذا نألفه يتوجه الى محيطه إن كان فيما يخص الساحة العراقية الوطنية او الساحة القومية لشعبنا الكلداني المهمش في وطنه العراقي واقليم كوردستان ، وهو مؤمن بمصير شعبنا المسيحي الواحد ويؤمن بوحدة هذا الشعب بمنأى عن فكرة اقصاء الشريك  او فرض الوصاية على جزءاً منه . في البداية تقرب من الحركة الديمقراطية الآشورية بعد 2003 بهدف توحيد الكلمة ، ومن ثم نجد حكمت حكيم عضواً منظماً نشيطاً في ترتيب امور المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، وكان له صلات واسعة مع كثير من الشخصيات العراقية إضافة الى علاقاته الودية مع القيادة الكوردية خصوصاً مع الأستاذ مسعود البارزاني .
كان حكمت حكيم صادقاً مع نفسه ومع الآخر وهو يعترف بشجاعة وشفافية بفضل من وقف الى جانبه يوم مرضه وقد أشاد برابي سركيس حين ساعده في علاجه في الأردن .
  آخر مرة خابرته قد شعرت بضعفه عبر صوته الواهن وفي الصعوبة التي يعاني منها وهو يتحدث معي وحاولت ان انهي المكالمة لأني شعرت بأنني احمله عناء وتعب في هذه المكالمة ، وطلبت منه ان يحاول السفر بالسرعة الممكنة الى عائلته في امريكا لتكون الى جانبه وهو في اشد حالات مرضه .
 نحن في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان قد فقدنا عضواً مثابراً نشيطاً في اتحادنا ، وخسرته القوى الكلدانية وكان خسارة للقوى العلمانية العراقية ، وخسارة للوطن العراقي واقليم كوردستان . إننا نقدم لعائلته الكريمة تعازينا القلبية ونسأل الرب ان يلهمهم نعمة الصبر والسلوان وان يتغمد المرحوم حكمت حكيم بواسع رحمته وفسيح جناته .  وستبقى ذكراه في قلوبنا .
حبيب تومي / اوسلو في 26 / 06 / 10


264
اختراق الفكر القومي الكلداني من قبل الحزب الآشوري ..كيف ولماذا ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الحزب الآشوري كان له بدايات ضعيفة في تضاعيف اواسط القرن الماضي ، وكان وجوده محصوراً في المساحات التي يتواجد فيها الآشوريون المنتشرون في ارجاء المعمورة ، وبشكل مكثف في اميركا واستراليا  بعد ان عصف بهم الدهر وهجروا مناطقهم في معاقلهم في جبال هكاري وأروميا ، وكانت محطتهم الأولى في العراق ، ومن ثم الى بلاد المهجر ، إن هذا الواقع قد دفع بهذا القوم الى تشكيلات عائلية وعشائرية ولكن بعد عقود ستتطور تلك التجمعات الى تنظيمات للمجتمع المدني ومن ثم الى احزاب قومية سياسية .
 سوف تبقى هذه التنظيمات اسيرة التقوقع والمحدودية في جسمها التنظيمي وفي خطابها القومي الآشوري الى ان  تتبلور تنظيمات قومية سياسية تمزق شرنقتها الآشورية وتعكف على التدثر بغطاء الآصرة الدينية  المسيحية . وكان الرائد في هذا التوجه هو حزب الزوعا حيث أدرك هذا الحزب ومن ومن بعده تنظيمات اشورية أخرى بأن حراكهم سيبقى مشلولاً مع استمرارية التقوقع ، فكانت المبادرة للأنفتاح واحتواء الآخر  . وقرر هذا الحزب بحدسه بأن شعبنا الكلداني يمثل خير خزين للتوجه نحوه ، فهذا الشعب مستقر في وطنه العراقي دون مشاكل وهو يعتز بهويته الكلدانية فكان لا بد من الألتفاف عليه بخلق جسر مبني على تسمية هجينة قطارية ليس لها مثيل في التاريخ ولا في الخريطة الأثنوغرافية لشعوب الأرض او على الكواكب الأخرى إن كان هنالك حياة .
 الحركة الديمقراطية الآشورية تمجد الهوية الآشورية وتأسيسها يرتكز على الفكر القومي الآشوري ، لكنها من باب تسييس الفكر القومي ، استسهلت تمرير النظرية الميكافيلية في ان الغاية تبرر الوسيلة ، فاخترعت كذبة مفادها ان الكلدانية عبارة عن مذهب كنسي ، ولم يحاول احد نفي هذه الكذبة الشنيعة ، في وقت ان الكل يعلم بعدم وجود مذهب كنسي مسيحي بهذا الأسم ، فالمذاهب الكنسية ، هي النسطوري والالكاثوليكي والبروتستانتي والأرثوذكسي ،وكان الشعب الكلداني المعتنق  للمسيحية في العراق على مدى قرون يلقب بواحداً من الألقاب :
اولاً : الكلدان النصارى .
 ثانياً : النساطرة الكلدان .
 وفي كلا التسميتين هناك إشارة واضحة الى هوية قومية كلدانيــة اصيلة، إن كان بالنسبة الى معتنقي الدين المسيحي : الكلدان النصارى أو معتنقي المذهب النسطوري من الأمة الكلدانية .
، وهكذا كانت انطلاقة الحركة الديمقراطية الآشورية ، في الأحتفاظ  باهدافها الآشورية المتزمتة ، لكنها رفعت شعارات مرحلية لاستيعاب هذا المكون فأوجدت شعار يعتبر جذاباً في مسألة التوحيد فكان الكلدآشوري . الجدير بالذكر ثمة منظمة اتحاد الطلبة والشبيبة الكلدوآشوري تابع للزوعا ، وهنالك منظمة كلدوآشور التابعة للحزب الشيوعي العراقي ، فهذا الأسم تغدق به الزوعا لشعبنا الكلداني وهي تحتفظ بتسميتها الآشورية وبفضائيتها الآشورية فهل هنالك نفاق وكذب ودجل اكثر من ذلك ؟
لماذا تحتفظون باسمكم الآشوري ؟
 وإن تمسك الكلدان باسمهم الكلداني فهم مقسمي الأمة وممزقي الوحدة القومية ، فهل هنالك اكبر من هذا النفاق في وضح النهار ؟
اما القطب الآخر الآخر وهو المجلس الشعبي ، الذي دأب منذ اليوم الأول لتأسيسه الى تمجيد كل ما هو آشوري وتمزيق كل ما اسمه كلداني ، فنبدأ بالكنيسة التي اغدق عليها الأموال بشكل يبدو انه مدروس فعند توزيع الأموال بشكل انفرادي لهذا القس او ذاك المطران ، بمنأى عن مركزية المؤسسة الكنسية المتمثلة بالبطريرك ، حيث كان ينبغي ان تمنح تلك الأموال للكنيسة حتى لو كان من خلال لجنة من التكنوقراط ، والكنيسة كانت تعرف بما هو الأهم ومن ثم المهم في صرف تلك الأموال ، لكن المجلس وزع الأموال للابرشيات فكان الأستقلال الذاتي لتلك الأبرشيات ولم يعد يهمها الأوامر المركزية وهكذا نرى هذا الأنحلال في جسم الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني ،وسببه يعود بكثير من جوانبه الى تصرف المجلس الشعبي بشكل متعمد او غير متعمد فالنتيجة كانت واحدة وهي تمزيق مؤسسة الكنيسة ليس اكثر .
سيكون من المفيد هنا ان نقتبس شيئاً من كتاب " المسيحيون واليهود في التاريخ الأسلامي " تأليف فيليب فارج ويوسف كرباج ، ترجمة بشير السباعي ص 278 وهو يتكلم عن الظروف بعد 1965 حيث الهجرة من الشمال الى بغداد بسبب ظروف الحرب المحيطة في المنطقة حيث ورد :
((( .. إن نصف المسيحيين سوف يرحلون في اقل من عشرين سنة عن محافظتي نينوى ( الموصل )    ودهوك متجهين الى العاصمة حيث تتجمع في عام 1965 نسبة 51%  ( ملاحظة : مسيحيي بغداد سنة 1947 كان 37059 نسمة ليرتفع هذا الرقم الى 127140 نسمة سنة 1965 ) . ويستطرد نفس المصدر يقول : إما الآشوريين النساطرة فسوف يعانون خلال فترة ما بين الحربين من المهانات على ايدي الأتراك كما على ايدي العراقيين ، فالنساطرة الذين انحازوا الى الروس والحلفاء في سنة 1914 ـ 1918 قد قدموا بعد ذلك يد العون الى سلطة الأنتداب البريطانية سعياً الى الحفاظ على نظام تزعزعه الأنتفاضات الشيعية والكردية بشكل متواصل ، يجدون انفسهم ملزمين بتقديم الحساب للسلطات الجديدة ، وإذ يتعرضون للمذابح .. فإنهم يشقون طريقهم الى المنفى ...
 ويستطرد نفس الصدر الى القول  :
 أما الكلدانيون فإنهم لا يتعرضون لمثل هذا المصير ، لكنهم يتركون هذه المنطقة التي تتميز بانعدام الأمن متجهين الى الأستقرار في بغداد ))) انتهى الأقتباس .
إن هذا الواقع هو دليل على عدم انتعاش الحزب الآشوري على الساحة العراقية إلا بعد نيسان 2003 فيمكن الزعم ان هذا الحزب كان منتعشاً في دول المهجر فحسب ، لكن بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي ، لم يكتف هذا الرجل بمنح السلطة للحزب الآشوري ، لكنه إهمل متعمداً الحزب الكلداني ، فكان السبب رجحان كفة المعادلة لصالح الحزب الآشوري . وهذا الحزب لم يصدق نفسه من النعم المنهالة اليه من السماء من سلطة وثروة ووسائل اعلام فدأب يستخدمها مبكراً لتقويض وتدمير اي فكر قومي كلداني او سرياني والى اليوم هو ماض في هذا الطريق متسلحاً بتلك الأمكانيات .
وظّف هذا الحزب ماكنته الأعلامية وأمواله التي هي اساساً لمساعدة المسيحيين وليس لدفن الفكر القومي الكلداني ، لكنهم مرروا خرافة مفادها ان اي دعوة لقومية كلدانية هي مدعاة لتمزيق الوحدة القومية ولتمزيق صفوف المسيحيين في العراق ، وهكذا انطلت هذه اللعبة الشنيعة على كثير من أبناء شعبنا الكلداني بحيث باتوا يخشون من المجاهرة بفكرهم الكلداني خوفاً على معيشتهم او لتجنب غضب الحزب الآشوري المسيطر .
 وليس ثمة فرق بين الزوعا والمجلس الشعبي في هذا المجال ، إنهما صنوان يتناكفان لمحاربة الكلدانية فالزوعا تاريخها في هذا المجال معروف وقرينها المجلس الشعبي يحاول بكل الطرق بما فيها الألتفاف على المنظمات الكلدانية فيحاول تفريغها من محتواها القومي الكلداني ، ولسنا بحاجة الى  سرد الأمثلة .
إن الحزبان التؤمان لا يقبلان باي نقد ، وكل صوت قومي كلداني يعمل لتمزيق الأمة ، بل لا يقبلون باية مبادرة كلدانيـــة للتقارب والتعاون ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ناشدنا الأخوة في منظمة الزوعا في النرويج بأن نقوم بفعالية مشتركة لاستنكار الأعتداءات التي طالت المكون المسيحي في الموصل . فجوبهنا بغضب من هذه المنظمة ، فنشروا رسالة غاضبة عكست فكرهم الأقصائي ، ومن ذلك اليوم فإنهم قد زعلوا ونظمو ا مقاطعة حتى على سلامنا ، رغم انهم من اصدقائنا الأعزاء . فهل وصل الحزب الآشوري بموقع لا يستطيع احد ان يخاطبهم ؟
 إن هذه العقلية التفوقية الأقصائية متغلغلة في الفكر الآشوري لكل ما هو كلداني ، فهم المناضلين وغيرهم خونة . إن ماكنة الأعلام الآشوري قد قطعت شوطاً من النجاح في تمرير هذا الزعم ، وتمكنوا من اختراق الفكر القومي الكلداني وتحييده  في مفاصل كثيرة ، فالمحصلة عندهم ان الفكر القومي الكلداني يعمل على تمزيق الأمة في حين يباركون الفكر القومي الآشوري مهما بلغ من التعصب والأقصاء والتزمت .
ولا بد من القول إن شعبنا الكلداني قد وعى لهذا الفخ ، ودأبت في الآونة الأخيرة اصوات كثيرة تكسر جدار الصمت ، وتتجاوز حاجز الخوف ولم تعد الخشية تجبرهم الى السير بجانب الحائط ، وها نحن  نقرأ كتابات بأقلام حرة تسطر كلاماً منصفاً بحق الشعب الكلداني إنهم يجاهرون وبأعلى الأصوات :  فالتحيا قوميتنا الكلدانية ، وسوف تحيا بفضل ابنائها الحريصين على ديمومتها على التراب العراقي .
 حبيب تومي / اوسلو في 20 / 06 / 10

265
لماذا الغضب من منافحة الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان عن الفكر القومي الكلداني ؟                                                    
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الأتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلدان، جسم تطوعي ثقافي اسسه نخبة من الكتاب والأدباء والأكاديميين من شعبنا الكلداني ،  الآصرة التي تربطهم هي الأسترشاد بقوميتهم الكلدانية والأخلاص لها وتنوير الفكر القومي الكلداني بين مجايلينا من مختلف الأعمار لاسيما الشباب منهم . وإن بوصلة الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان تتجه صوب تنوير ونشر هذا الفكر ، أجل ان الأتحاد ليس حزباً سياسياً ، لكن لا بد من الأقرار بأن واحدة من دعائم تأسيسه تعني بدعم الفكر القومي الكلداني والوقوف بوجه المحاولات الرامية الى قلع جذور هذا الفكر من تربة الوطن العراقي .
 ولهذا سنجد بين مؤسسي الأتحاد او الهيئة العامة او الهيئة التنفيذية من الكتاب ممن لهم ميول او انتماءات الى الحزب الشيوعي العراقي او الحزب الديمقراطي الكوردستاني او الأحزاب الكلدانية ، فليس للأتحاد اي تدخل في الأنتماءات السياسية ما دام العضو لا ينكر قوميته الكلدانية ولا يبخسها في كتاباته ، فالأخوة الكلدان المنتمين او الموالين لحزبي الزوعا والمجلس الشعبي لا يلتزمان بهذا المبدأ ، وهذا شأنهم ولا نتدخل فيه ونحترم رأيهم ومقابل ذلك نطلب منهم احترام رأينا وعدم التدخل بشؤوننا .   فنحن كما يقول الشاعر :
ما دمت محترماً حقي فأنت اخي                       آمنت بالله أم آمنت بالحجر
 فنريد من هؤلاء السادة ان يحترموا حقنا في الأنتماء ، ولسنا مسؤولين بما يؤمنون به ، وبعكسه سندافع عن انفسنا ، والدفاع عن النفس حالة مشروعة في كل القوانين .
نحن نواجه تيار أديولوجي متطرف يؤسس لمحو التاريخ الكلداني واللغة الكلدانية والتراث الكلداني والأسم الكلداني ، ويسعى لتحويل نضالهم وتضحياتهم في الساحة العراقية الى اوهام لا اساس لها وتحويل شهداء الكلدان الى اشباح ، ونحن في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان نعتز بقوافل الشهداء العراقيين والشهداء المسيحيين وبضمنهم الشهداء الآشوريين ، ولكن في عين الوقت نفتخر بقوافل شهداء شعبنا الكلداني على الأرض العراقية في مقارعة الأنظمة الشمولية وفي دحر الظلم عن ابناء شعبنا ولا نقبل باسترخاص دمائهم لأنهم لا ينتمون الى حركة قومية كلدانية ، فالشهداء القوميين ليسوا وحدهم في قائمة الشهداء إنما كل من ضحى بحياته في سبيل شعبه هو شهيد ، ولا نقبل باستهجان تضحيات ودماء هؤلاء الشهداء من قبل الحزب الآشوري او من قبل الكلدان الموالين لهم بدعوى ان شهداء الحزب الآشوري هم فقط شهداء شعبنا المسيحي .
وهذا ينطبق على التاريخ النضالي لشعبنا ، فالنضال لا نختزله في النضال القومي الضيق ، فنحن نتشرف ونفتخر بنضال شعبنا الكلداني إن كان على النطاق القومي او على الساحة العراقية في مقارعة الظلم والأستبداد على طول الوطن العراقي إن كان في جبال كوردستان او في البصرة او في بغداد او في اية نقطة من ارض العراق الطيبة . ولا نقبل ايضاً بتبخيس وتقزيم هذا النضال من قبل الحزب الآشوري او الأخوة الكلدانيين المنضوين في تنظيماتهم  فيتبرعون بطاعة هذه الأحزاب فيتغنوا بكل ما هو آشوري ويبخسوا كل ما هو كلداني من نضال وقوافل الشهداء ترضية لتلك الأحزاب .
إن الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان متفق مبدئياً للتصدي لتلك المحاولات لانها غير منصفة وغير مبررة وغير إنسانية ، في هذا العصر الذي تتنامى دعوات لتحقيق مبادئ حقوق الأنسان . يتراءى امامنا افول الفكر الشمولي القومي المتطرف وتجربة ومصير الفكر القومي التفوقي المتعصب لهتلر وصدام وموسليني وغيرهم خير دليل على ان هذا الفكر لا يكتب له البقاء مادم ضد منطق التطور والتاريخ ، ولا أدري لماذا يتشبث الفكر الآثوري بهذا الفكر الذي تخلت عنه الأنسانية وركّن في مزابل التاريخ  .
تأسس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان لاسباب شديدة الوضوح ، والتأسيس كالعادة يجري على مراحل تبدأ الخطوة الأولى بالأتصالات ثم تكوين نواة من المبادرين لتتشكيل هيئة مؤسسة من اعضاء متفقين فكرياً . إن كان الأتحاد ادبي او فكري او ثقافي ، او بحث الجدوى الأقتصادي إن كان مشروع استثماري .
فنحن في الأتحاد لم نخالف تلك القاعدة ، بدأنا بتلك الخطوات والمشاورات دامت اشهر بين المؤسسين للخروج بصيغة للنظام الداخلي وخط الفكر العام للأتحاد . وكان جميع المؤسسين ومن ثم الهيئة العامة يعرفون حق المعرفة بأنه ليس هنالك اي مكاسب مادية يجنيها المنتمي لهذا الأتحاد ، لا بل اكثر من ذلك ان العضو في هذا الأتحاد مطالب بتسديد اشتراكه السنوي ، لتغطية نفقات الأتحاد وانشطته الثقافية والفكرية ، إذ ان اتحادنا ليس له اي دعم من اية جهة . والأتحاد في طريقه لأتمام المستندات اللازمة لتحصيل الأجازة داخل الوطن إن كان في اقليم كوردستان او من الحكومة العراقية او من كليهما . واتحادنا يسعى لتمتين الروابط الأخوية مع جميع الأتحادات المماثلة في العراق .
في شكل مفاجئ كان مقال الزميل انطوان الصنا بعدم مشروعية وقانونية الأتحاد ، أنا شخصياً كنت اقرأ للاخ انطوان الصنا فكراً قومياً كلدانياً معتدلاً في بداياته الكتابية على موقع عنكاوا بشكل خاص ، لكن الذي حدث ان انضوى الأخ صنا للمجلس الشعبي ، وكنت اتمنى ان لا تنطبق عليه قاعدة الأخوة الكلدانيين المنتمين للحزب الآشوري ، لكن مع الأسف رأى الزميل الصنا بأن مركزه كان يتعزز بمدى ضلوعه في التهجم على الفكر القومي الكلداني ونعته بالفكر الأنفصالي ، والنيل من التنظيمات الكلدانية وأخيراً كان التهجم غير المبرر على الأتحاد الكتاب والأدباء الكلدان الفتي ، فالأتحاد لم يعمل ولم يسلك سوى ما هو متداول في مناسبات التأسيس في منظمات المجتمع المدني او الأحزاب او المشاريع الأقتصادية .
 ينبت تساؤل من رحم المشكلة :
هو انا شخصياً كنت اكن التقدير والأحترام للمجلس الشعبي ولا زلت كذلك ، وفي وقتها قرّبني المجلس وأتاح امامي مساحة للتحدث في فضائية عشتار ، كما فتح موقعه الألكتروني امام مقالاتي ، وقابلت الأستاذ سركيس آغاجان ، لكن وفجأة انطوت صفحة حبيب تومي من إعلام المجلس ، وفرض تعتيم اعلامي على كل ما يكتبه حبيب تومي حتى لو كانت مقالة لرثاء صديق متوفي ، فأنا اتساءل وأسأل الزميل الصنا وقيادة المجلس الشعبي ، هل كان السبب في تعتيم الأعلام على حبيب تومي لانه لم يبخس اسمه الكلداني ولم يتنازل عن قوميته الكلدانية ؟ فهل فتح الأبواب في المجلس الشعبي للكلدانيين يمر عبر شتم القومية الكلدانية والتنصل من الفكر الكلداني ؟
في مقال جديد للأخ الموقر نوري بطرس وهو تحت عنوان " اتحاد الأدباء مرة أخرى.. والأمل المرتجى "
شخصياً التقيت بالأخ نوري بطرس في عنكاوا وأهداني مشكوراً كتابه ، وكما هو معروف فإن الأستاذ نوري بطرس كان في المجلس الوطني حينما كان هنالك جدلاً حول تثبيت التسمية في الدستور العراقي وكان هو يمثل الكلدانيين في تلك العملية ، وحسب تلك الخلفية تعجبت من الفقرة التي ( حشكها ) كما يقال دون مناسبة في مقاله وهو يقول :
(( .. لكني، وبقناعتي الشخصية، أدعو الى خلق حراك ثقافي واسع لدعم المؤسسات الثقافية، ومنها دعوة توحيد الاتحادات مرة أخرى، خاصة اذا عرفنا اننا ننطلق نحو التشرذم أكثر من التوحد بعد تأسيس (الاتحاد العالمي للأدباء الكلدان) الذي لا نعرف أين مقره، ومن هم مؤسسوه، ومن أعطاهم الشرعية، وهل هناك هيئة عامة قامت بانتخاب هؤلاء؟! فبات معلقاً بين السماء والأرض.)) انتهى الأقتباس .
 عزيزي نوري بطرس ، هنالك اتحاد أدباء آشوري وأخر كلدان سريان ، وآخر باسم اتحاد الأدباء السريان ، فلماذا يكون يكون اتحاد كتاب الكلدان انطلاق نحو التشرذم ؟ إنه حكم غير منصف .
 اما عن مقره يا اخي فإننا نبحث عن مقر في الوطن حسب إمكانياتنا المتواضعة ، وما يخص مؤسسيه فكان لدينا قائمة بالأعضاء المؤسسين وهم 25 شخصية كلدانية فإن شئت ارسلت لك اسماءهم ، اما من اعطانا الشرعية ؟ فأقول لك وللاخ العزيز انطوان الصنا :
 إن كل الأحزاب في العراق تعمل حتى بدون وجود قانون الأحزاب السياسية في العراق ، فهل ان جميع هذه الأحزاب غير قانونية ؟ ، فنحن في طريقنا للحصول على الأجازة ، إن كنت تعتبر الأجازة تجيز الجانب القانوني للاتحاد ، واستفسارك الآخر عن وجود هيئة عامة ؟ نعم ثمة هيئة عامة والأسماء وسجلاتهم موجودة عند الأخ سكرتير الأتحاد ، وإن الهيئة التنفيذية جاءت نتيجة انتخابات ديمقراطية شفافة بين المؤسسين ، والهيئة التنفيذية اجتمعت ووزعت المسؤوليات ، وهكذا كما ترى ان ان اتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ليس معلقاً بين الأرض والسماء إنه يقف على ارض صلدة  ، إنه يتجسد كل يوم في الكتابات التي تنشر يومياً على المواقع وهي معنية في الدفاع عن الوجود القومي الكلداني عن الشهيد الكلداني ، عن النضال الكلداني ، والتاريخ الكلداني . أفليس اشعال شمعة افضل من لعن الظلام ؟
اخي العزيز نوري بطرس نحن نعمل اكثر مما نتكلم ، وسوف لا ننتظر الأجازة والمقر لكي نعمل ، إننا نعمل والأجازة والمقر والمتطلبات الأخر تأتي تباعاً .
وأنا يا اخي نوري لم أرغب ان اخاصم او أجادل كتابنا الكلدانيين العاملين مع خطاب الحزب الآشوري ، فليس معقولاً ولا احبذ ان نتخاصم بيننا نحن الكلدان ويتفرج علينا الحزب الآشوري ، ولهذا إن شئت ان ترد على مقالي انت او الأخ انطوان الصنا ، فسوف لا ابادر بالرد ، ومع ذلك سأحترم وجهة نظركما بصرف النظر عن قناعتي بها ام لا .
وأخيراً ارجو ان لا يفسد الأختلاف في الرأي للود قضية  .  
حبيب تومي / اوسلو في 14 / 06 / 10

266
الراحل يونس أودو مسافر زادُه الصبر والآمال
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
نودع اليوم صديقاً عزيزاً هو يونس اودو الذي استطاع ان يكسب احترام ومحبة من تعامل معه وعرفه ، لقد كانت قلوب اصدقائه تهتدي ببوصلة وجدانهم ، فيرون فيه الشفافية في دوخله ولتبدو جلية واضحة تلك الأعماق على ما فيها من النقاء والجمال والصدقية والمحبة .
أكتب عنك صديقي يونس اودو والكلمات جامحة تستبق قلمي لتتحدث عن ورعك وعن نبلك وعن خصالك في ان تكون قنوعاً ومتفائلاً ، إنك كنت دائماً ترى الجزء المملوء من القدح ، وهذه الخصال كانت  مناراً لشخصيتك امام تجملك بالصبر الجميل في نهر الحياة .
نعم كانت الأبتسامة مرافقة لشخصيتك ،والتي لا تفارق ثغرك حتى في اصعب المحن . كما كان حرصك ووفائك لأبقاء اواصر المحبة والصداقة مع الجميع ،  مع البقاء دائماً وفياً مثابراً للوقوف مع عائلتك الكريمة ، إذ كنت تسهر وتعمل وتكد من اجل ان يسمو اولادك كامران وغسان ومروان وابنتك كارولين بين اقرانهم وأن يتفوقوا في دراستهم لنيل الشهادات الجامعية ، وليتّسموا بأسمى الأخلاق في المجتمع .
 
إن ما يثير الدهشة والإعجاب هو رحيل يونس اودو المفاجئ ، إنه يرحل وكأنه يقول : لا اريد ان اكلفكم معاناة مرضي او تحمل ثقل مطالبي  ، فلم يتمرض ولم يحمّل غيره ، ومن اعز الناس اليه ، ان يطلب العون ، إنه رحل من بيننا كالطائر الحزين يغادر ويترك احبائه وأصدقائه وعشه الدافئ ليسمو بعيداً محلقاً في الأعالي . في اشد لحظات مرضه كانت المسافة الزمنية بين طلب شريكة حياته ، الزوجة الوفية جميلة عيسى وبين تسليمه الروح والأمانه الى ربه لا تتعدى سوى دقائق معدودات ، إنك يا يونس اودو حتى في تلك اللحظة قنوعاً وكريماً ومضحياً ، فرحلت بهدوء .
 إنه شئ جميل ان نتعلم من يونس اودو ، لقد علم طلابه التربية الأخلاقية قبل التربية االرياضية وهكذا كان محل احترامهم وصداقتهم فكانت الوشائج معه كإنسان محب للحياة وكصديق اكثر من علاقاته الدراسية ، وإضافة الى طلابه كان صديقاً لمجايليه من المدرسين والأدياريين .
 إن الراحل يونس اودو رغم انه لم يكتب شيئاً نقرأوه ، لكنه لم يغادرنا دون ان يترك بصمات واضحة فضرب امثلة في سلوكه وعلاقاته ومن خلال احاديثه ومناقشاته وحججه .
قد يكون من الواقعية بمكان لاصف يونس اودو بالتصوف والتزهد ، ومن سماته التي يؤيد هذه الرؤية هي مصداقيته مهما كانت النتائج فهو لا يخالف القوانين ، وهو راض بما يمنح له دون ان يطلب المزيد ، ودون ان يأخذ شيئاً ليس من استحقاقه ، وهو يحاول ان يكيف حياته ويتأقلم مع محيطه ومع إمكانياته مهما كانت متواضعة .
 في بغداد عمل في شتى المهن وهو مدرس ثانوي ، فالعمل هو شرف ، وإن القيام بمهمة معيشة العائلة هي من صلب واجبات الوالد ، وكان يونس اودو يطبق الليل مع النهار في ظروف الحصار حينما كان راتب الموظف يعادل اربعة او خمسة دولارات ، ولهذا كافح وعمل الساعات بعد دوامه لكي يضمن استمرارية اولاده في دراستهم فمستقبل اولاده لا يمكن التهاون بشأنه ، فراحته لا تساوي شيئاً امام المسؤولية الأبوية التي كان يقدسها .
حينما هاجر وشد الرحال في النرويج ، أسكن في مدينة صغيرة نائية يلفها الصقيع معظم فصول السنة ، ومع ذلك لم يتذمر او يتشكى كغيره ، فكان قانعاً بمصيره فكيّف نفسه وتأقلم مع جوها واستطاع ان يقيم جسور الصداقة مع مختلف الشرائح من النرويجيين والأجانب في هذه المدينة ، وهو لا يتقاعس في تقديم اية خدمة لاي اجنبي لاسيما من ابناء وطنه العراق وهكذا برع كصديقاً حميماً للجميع ، وحينما كنا نحثة الى ترك المدينة والأنتقال الى اوسلو ، يجاملنا ويقنعنا بأن الحياة في هذا الصقيع ليست موحشة ما دامت هنالك علاقات صداقة دافئة .
إن نظرة التفاؤل التي تميز بها هذا الأنسان هي قمينة بأن تعلمنا درساً بليغاً ، إن كان محل إقامته بعيداً وبارداً ، فيورد مثال العوائل الذين نقلوا الى مناطق ابعد وأبرد من مدينته . ، وإن كان سكنه بنظر البعض بأنه متواضعاً ، لكن بنظره بأن هذا المسكن هو افضل من العيش في معسكرات اللاجئين ، وهو يحمد الله ان اولاده قد اتيحت لهم سبل الدراسة وفرص العمل . نعم اقول دون تردد : إن يونس اودو كان الأنسان الممتلئ بخصال القناعة والتصوف والتزهد .
كان الوطن العراقي المرفأ الذي تستقر عليه احلامه ، وفي نقطة صغيرة من هذا الوطن كانت مدينته القوش تدغدغ وجدانه ، وهو يحدث زوجته وشريكة حياته جميلة ، وبعد ان اطمأن على مستقبل اولاده ، ان تكون القوش المرفأ الأخير لمركبه ، وأن يعود الى عشه كالطير المهاجر الذي يقطع البحار والبراري ومن ثم يعود الى عشه وموطن اجداده .
الراحل يونس اودو أراد ان يكحل عيونه بمنظر مدينته وأن يشتم من عبق التاريخ في دروبها وجبلها ووديانها وبيادرها وأهلها ..  كيف لا  وفي ترابها رفات اجداده ، الذين كان لهم تاريخ مشرق في هذه المدينة التاريخية ولعل البطريرك يوسف اودو الذي كان نجماً مشرقاً في إرساء دعائم الكنيسة الكلدانيـــة وفي إبقاء واستمرارية اللغة الكلدانية ، والطقس الكلداني والتراث الكلداني ، ولعل تسمية احدى محلات القوش باسم محلة اودو يدل على عراقة هذه العائلة وفي حبها وإخلاصها لألقوش الكلدانيــة .
 حبيب تومي / اوسلو في 07 / 06 / 10

267
لكي لا يُتخذ شعار الوحدة القومية ذريعة للأنقضاض على الفكر القومي الكلداني
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
لقد قرأت قولاً ” :ايتها الحقيقة يا اكبر كذبة في الدنيا" لان الكل يتحدث باسم الحقيقة ويوظفها بما يتناغم وأهدافه ، ولهذا يفنّد دانيال بتريك مونيهان المندوب الامريكي السابق في الامم المتحدة يقول : لكل امرء الحق في ان يكون له رأيه ، لكن لا يحق ان تكون له حقائقه .
 فالوحدة ورص الصفوف الذي يتحدث به كل الفرقاء كل يفسرها وفق رؤيته وما يخدم اهدافه .
نحن الكلدان نؤمن بأننا مكون عراقي اصيل ، وشعب خلقه الله كباقي الشعوب له حقوقه ولغته وتاريخه ، وكباقي شعوب الأرض له الحق في ان يعيش محترماً في وطنه العراقي دون وصاية من اي حزب او فئة ، فحاله حال الأكراد والعرب والآشوريين والتركمان والأقوام العراقية الأخرى ، واليوم يشكل الكلدانيون القومية الثالثة من بين مكونات الشعب العراقي ، وإنه من الظلم والتعسف ان تجعل الأحزاب الآشورية وصية على هذا المكون العراقي الأصيل .
 لقد بقي الأنتداب البريطاني على العراق لكون العراق لم يكن مؤهلاً لأدارة نفسه ، وبعد ان وقفت الدولة العراقية على قدميها  انتهت تلك الوصاية على العراق سنة 1932 م . فهل ان الكلدانيين ليسوا مؤهلين لإدارة انفسهم ويحتاجون الى وصاية من الحزب الآشوري ؟
وهل يحق للأحزاب الآشورية ان تكون وصية على الكلدانيين ؟
والغريب ان كتابنا الكلدانيين الموالين للحزب الآشوري يجدون في شعار الوحدة بأنها افضل حجة لقبول الوصاية ، وهي ذريعة لمن ليس له حجة . وتبدأ هذه المحاججة بمسألة الأسم القومي لشعبنا ، والوحدة المنشودة أرادوها ان تكون من الفها مقرونة بالتسمية القومية ، وإغفال ما عدا ذلك من منظومة الوحدة التي تتشعب الى عدة أركان ويشكل الأسم القومي واحداً فقط من تلك الأركان فلماذا التركيز على الأسم القومي فحسب ؟
نحاول إلقاء الضوء على آلية التفكير لمختلف الفرقاء .
اولاً : نظرة الخطاب القومي الكلداني
إنهم يحترمون انتماءهم القومي الكلداني ، وليس لهم اي إشكال في موضوع التسمية فهم واثقين من اسمهم التاريخي ، وتتسم نظرتهم الى الوحدة بين ابناء شعبنا المسيحي بنضوج وبموضوعية وبعقلانية دون ان يكون ثمة اي هدف لتهميش الآخر ، بل ان تكون الوحدة شراكة شريفة ندية بمنأى عن مفهوم فيها الغالب والمغلوب هذه الرؤية واضحة  رغم الغلبة الديموغرافية لشعبنا الكلداني ، فهي وحدة تراعي مصالح كل الأطراف بشفافية وأخوة ، ودون ان يكون للتيار الفكري القومي الكلداني أي هدف في تغيير القناعات لدى الأطراف الأخرى ، إنه يحترم قناعات جميع الأطراف . نحن ببساطة نحترم الآشوري حينما يقول أنا آشوري والسرياني حينما يقول انا سرياني ، فليس للفكر القومي الكلداني اية نرجسية او نظرة متعالية تفوقية على غيره ، وليس لنا اهداف إقصائية لأي مكون او ان نكون اوصياء على غيرنا .
ثانياً : الخطاب الآشوري
 هؤلاء يحترمون تسميتهم الآشورية ويستميتون في الدفاع عنها ، لكن ينبغي الأقرار باختلاف الخطاب الآشوري بالنسبة للخطاب السرياني او الكلداني ، ففي توجهات هذا الفريق ثوابت لا يمكن التزعزع عنها وهي أيماتهم بالقومية الآشورية ، ونحن لا نعارض هذا التوجه إن توقف بهذه الحدود . لكن هذا التوجه يتدثر بالفكر الشمولي الإقصائي حينما يلغي الكلدان والسريان ويجعلهم آشوريين شاءوا ام أبوا ، ولا اريد الإستطراد اكثر ، لكني فقط أذكّر الأخوة في التيار القومي الآشوري الأستعلائي ، ما حل بمصير سياسة التتريك والنازية والفاشية والبعثية في التاريخ القريب .
ثالثاً : التيار القومي التوفيقي
وهؤلاء معظمهم او جميعهم من الكلدانيين الذين انخرطوا في الحزب الآشوري او احتفظوا بموالاتهم لهذا الحزب ، لاسباب شتى ، منهم من كان حافزه الأخلاص بكل شفافية لتوحيد الصفوف ، وآخرين كان لهم منافع من التقرب من الحزب الآشوري الذي يمسك بيده اليوم اوراق مهمة تخص المسيحيين ، من السلطة والثروة والأعلام .
إن هؤلاء وجدوا ضالتهم في التسمية المعروفة بالكلدوآشورية وهي لفظة تطلقها الزوعا على منظمة الطلبة والشبيبة الكلدوآشورية التابعة لها ، ويتضح النفاق هنا جلياً ، فالحركة الديمقراطية الآشورية احتفظت باسمها ((الآشوري )) وفضائتها ((الآشورية )) وتكرمت لشعبنا الكلداني باسم الكلدوآشوري التابع لتنظيم الطلبة والشبيبة التابعة لها ،  والموالين لهذه الحركة مخمورين بهذه المكرمة ، وتغمرهم النشوة العارمة حينما  اغدقها الحزب الآشوري عليهم .
ثم كان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، الذي انبثق بدعم كبير من اقليم كوردستان ، وهو ايضاً اتخذ موقف الوصاية على شعبنا كأي حزب آشوري متعصب طارحاً وجابراً شعبنا الكلداني شاء ام ابى بالقبول بتسمية كلداني سرياني آشوري وهي التسمية الرسمية لهذا المجلس ، ومن ثم الحزب ، وبدوره اغدقها على شعبنا الكلداني بل يجبر شعبنا على القبول بها .
 ونعود الى موضوع الوحدة التي نفهمها بأنها شراكة اخوية وليست فرض اديولوجيات قومية تفوقية التي انتهى مصيرها الى مزبلة التاريخ ، فنحن شعب مسيحي ، وقوميتنا كلدانيــــــة ، ولا نطلب ايجاد تسمية لشعبنا فنحن لسنا شعب تائه ليس له اصل او فصل ، فنحن نقرأ تاريخنا ، والكتب زاخرة بهذا التاريخ ، وكمثال غير حصري نقرأ في كتاب طبقات الأمم حيث كانت الشعوب تقسم الى امم وفي كثير من الأحيان يكون التقسيم الجغرافي ، فهذا قاضي صاعد الأندلسي في طبقات الأمم يقول :
 انها تنقسم الى سبع امم وهي في سالف الزمان : ألأمة الأولى هم الفرس ، والأمة الثانية هم الكلدانيـــــــــــون ، وألأمة الثالثة اليونانيون والأفرنجة والروم .. والأمة الرابعة القبط .. وألأمة الخامسة اجناس الترك .. والأمة السادسة الهند والسند والأمة السابعة الصين .. ونعود للامة الثانية وهي الأمة الكلدانيــــــــــــــــة (التي يقترح احد الفطاحلة اسم عشيرته لها تهكماً )، يقول المسعودي وصاعد الأندلسي وغيرهما من المؤرخين :
وألأمة الثانية هم الكلدانيون ، وهم السريانيون والبابليون ، وكانوا شعوباً منهم الكربانيون ، وألاثوريـــــــــون والأرمنيون والجرامقة ، وهم اصل الموصل والنبط وهم اهل سواد العراق ، وكانت بلادهم في وسط المعمور ايضاً ، وهي العراق والجزيرة التي ما بين دجلة والفرات المعروفة بديار ربيعة ومضر والشام وجزيرة العرب اليوم التي هي الحجاز .....
وأقول  لهذا االكاتب الذي يتعب في البحث في دهاليز الأحزاب ألاشورية عن تسمية له عليه بقراءة التاريخ جيداً والأستراحة قليلاً من التوجيهات الثورية لتلك الأحزاب .
ومن المغالطات الأخرى التي نقرأوها في كتابات واحداً من الكلدان المنافحين عن حزب الزوعا ، بأن مطالب الكلدان هي توظيف بعض الكفاءات الكلدانية في وظائف معينة فحسب ، فهذا المتطوع يعلم جيداً بأن التوظيف هو حصراً بالموالين والمطيعين لهذه الحركة وليس لمعارضيها ، مهما بلغت كفاءتهم ،  وفي نفس السياق فإن طارق عزيز الكلداني كان له ايضا مركزاً رفيعاً في الدولة العراقية ، فهل كان تسنمه لذالك المركز بكونه كلداني او مسيحي ؟  ونحن نعلم جيداً بأن طارق عزيز استلم تلك الوظيفة الرفيعة لكونه بعثياً جيداً وليس هنالك سبباً آخر وهذا ينطبق على الكلدان الذين توظفهم الزوعا من الكلدانيين المنافحين عن خطابها وليس غيرهم ، فلا شك ان حجة الأخ اتسمت بالسطحية ، وإلا فما علاقة الأحزاب الأشورية بالحقوق القومية الكلدانية ؟
ومغالطات كاتب آخر من شعبنا الكلداني حينما يكرر بان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والزوعا ، لانهم وحدويون ولهذا فازوا في الأنتخابات ، وإن الأحزاب الكلدانية لانهم انقساميون ولهذا أخفقوا في الأنتخابات ، إن هذه الكليشة الممجوجة كان يجب ان لا يكررها الأخ العزيز الكاتب الذي تنكر لقوميته الكلدانية .
اولاً : إن الزوعا كانت تستحق مقعدين حسب الأصوات التي حصلت عليها والتي احتاجت الى اكثر من 200 صوت  للمقعد الثاني ، فكيف حصلت الزوعا على المقعد الثالث الذي كان من استحقاقات الأحزاب الكلدانية .
وثانياً : إن المجلس القومي الكلداني كان يستحق بجدارة المقعد الثالث لان ترتيبه في حصول اصوات المقترعين من شعبنا كان في المركز الثالث ، وإذا جمعنا اصوات القائميتن الكلدانيتين فالمجموع بلغ اكثر من 12 الف صوت ، فيما حصلت الزوعا على المقعد الثالث دون ان يكون لها صوت واحد . فمن الناحية الديمقراطية لنا مقعد واحد ولكن حسب آلية المفوضية في توزيع الأصوات سلب هذا المقعد من الكلدان ليغدق للزوعا .
أما مسالة الوحدويين الذين فازوا والأنقسامين الذين اخفقوا ، فسؤالي للأخ العزيز الكاتب ، لماذا اخفقت قائمة عشتار في الفوز بينما هي من اهم المتحمسين لتسميتكم القطارية؟ في القوش نقول (ايتو بليما ومحكي عدولا ) إن هذه القائمة والقوائم الكلدانية، اخفقت لافتقارها  الى إمكانيات التي تملكها كل من الزوعا والمجلس الشعبي من الأمكانيات المادية والقنوات الأعلامية لا سيما الفضائية ،  فكونوا منصفين وواقعيين في طروحاتكم رجاءً .
ثم كان من الصديق العزيز مقالاً عجيباً بعنوان الأتحاد العالمي للكتاب الكلدان غير قانوني وغير شرعي .. الخ
 يا اخي بدلاً من التهنئة التي تقدمها لهذه النخبة وليس لهم اي هدف مادي وهم يعتزون بقوميتهم الكلدانية ، فإن كنت لا تعمل انت فدع غيرك يعملون . بدلاً من التهجم غير المنطقي . فأنت اي محكمة قانونية او جهة قانونية تمثل ؟ لتقرر ان هذا الأتحاد غير قانوني وليس له الحق بالتحدث باسم الشعب الكلداني ؟  فهل تقبل يا اخ كما قلت في مقالي  السابق ان نتحدث باسم الشعب الموزنبيقي الشقيق ؟ ونترك لكم ولكتاب الزوعا ان  تستهجنوا وتستخفوا وتتهكموا على  الأسم الكلداني والتاريخ الكلداني والقومية الكلدانية ؟ لقد اخترتم طريقكم مع الأحزاب الآشورية ومبروك لكم ، فدعونا نعمل يا اخي بإمكانياتنا المتواضعة مع هذا الشعب . إنكم لا ترحمون ولا تقبلون برحمة الله ان تنزل على غيركم .
 اعتذر للقارئ الكريم انني خرجت من عنوان المقال وهو ان الوحدة تعني التفاهم واحترام المقابل على اسس من الشراكة لا يكون فيها كسر العظام ولوي الأعناق ، هذه هي الوحدة الحقيقية التي ينشدها شعبنا الكلداني ، بكنيسته واحزابه الكلدانية ومنظماته للمجتمع المدني وفي مقدمتها الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، فبارك الله بكل من يعمل من اجل الوحدة الحقيقية المتكافئة الشفافة المبنية على اسس الأحترام المتبادل بين كل مكونات شعبنا المسيحي .
حبيب تومي / اوسلو في 3 / 6 / 10

268
صوت الأب سعد سيروب يصرخ في البرية لكن لا احد يريد سماعه   
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
يستهل الأب سعد سيروب مقاله بقوله :
أسهل على الجمل ان يدخل من ثقب أبرة من أن يدخل الغني ملكوت الله" (مر 10/ 25)
((أني الأب سعد سيروب حنا راعي خورنة مار يوسف البتول في الكرادة / خربنده اتوجه الى ابناء هذه الرعية وغيرهم من الموجودين في داخل البلد وخارجه، وخاصة الى الاغنياء واصحاب الاملاك في منطقة الكرادة الشرقية وغيرها من المناطق. أريد أن أقصّ عليكم معاناةً راعوية نواجهها هنا في بغداد وانتم طرف فيها بشكل مباشر أم غير مباشر، وألتمسكم التفكير فيها على ضوء الايمان والالتزام الاخلاقي. )) .
 هذه كلمات مفعمة بالمحبة وبدرجة كبيرة من الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقه .
لكن قبل خوض غمار فكرة الأب سعد سيروب ، احب ان اناقش استهلاله لمقاله او لندائه بما ورد في الأنجيل المقدس الذي كتبه مرقس من استحالة دخول الغني الى الجنة . والسؤال الراشح : ماذا يقول الأب سعد سيروب عن بعض الأغنياء الذين يضحون بأموالهم وبراحتهم لخدمة المرضى والمحتاجين والجياع في اقطار العالم ، وعلى سبيل المثال لا الحصر تبرع كبير مؤسسي شركات الحاسوب والبرمجيات العالمية بيل غيتس بمعظم ثروته البالغة 50 مليار دولار للمؤسسات الخيرية ، فهل مثل هذا الأنسان لا يمكن ان يدخل الجنة ؟ وثمة أمثال كثيرة على هذا النهج لا مجال لذكرها هنا .
إن صراخ الأب سيروب في أرجاء البرية كان عالياً ، لقد رفع هذا الأنسان صوته عبر الأنترنيت لينتشر في كل اصقاع المعمورة ، لكن رنين كلماته لم يكن لها صدى ، إنه يعرض مشكلة حياتية عويصة وهو يدرك نتائج عدم معالجتها ، وهو لا يملك من مقومات الحل بين يديه سوى الأيمان والمناشدة .
لنصغي الى كلمات الأب سيروب ، إنها لا تتطرق الى التسمية او القومية او المكاسب الحزبية والسياسية او البرلمان ..  إنه ببساطة يعرض مشكلة رعيته التي تمتد بمفاصلها الى درجة قلع الجذور من هذه الأرض الطيبة . لنستمر مع الأب سيروب وهو يستغيث ولا مجيب فصوته يتلاشى في ارجاء البرية كما تتلاشى موجة البحر الأزلية العارمة بعد اصدامها مع الجدران الصماء .
الأب سيروب يعرض المشكلة كما هي دون رتوش ويناشد اصحاب المباني من شعبنا في منطقة الكرداة وغيرها من الذين يؤجرون بيوتهم للباقين الماكثين الصابرين من ابناء شعبنا في بغداد ، ويدعو اصحاب تلك المباني الى عدم التشدد معهم برفع الأيجارات ، وهو يبين ان الباقين هم من ذوي الدخل المحدود ، ولا يتعدى عدد العوائل الباقية في الكرادة مثلاً 400 ـ 500 عائلة . إن هذه العوائل تحيط بها المخاطر من كل جانب واليوم تأتي مسألة ازمة السكن وارتفاع الأيجارات . إنها مشكلة من أرض الواقع ولا تحتاج الى الأسهاب في شرح تداعياتها .
اقول للاب سعد سعد حنا سيروب بكل محبة ، بأن لي مبنى في بغداد لكنه لا يقع في الكرادة ويتكون من أربع شقق سكنية ، وقد هاجرت العوائل المسيحية الأربعة التي كانت تسكنه لسنين ، وبعد ان فرغ المبنى من ساكنيه طلبت قوات الصحوة من وكيلي في بغداد السماح لعائلة مسلمة بالسكن في واحدة من الشقق لكي لا يُستغل المبنى من قبل الأرهابيين ، وتعهدوا بإخلاء المبنى حسب رغبة مالكه ، وهنا اضع هذا المبنى امام الكنيسة ليكون تحت تصرفها لتسكن المحتاجين من ابناء شعبنا ودون مقابل لمدة سنتين ، وعسى ان نفلح بالتخفيف عن عائلة او اكثر من معاناة السكن وارتفاع الأيجارت .
لنعود الى الأب سيروب وهو يختتم مقاله بالمناشدة بكلمات شفافة كصفاء قلبه ونقاء روحه ليقول :
(((المشكلة في ان الكنيسة لا تتكلم؟! فهي ضعيفة ولا كلمة لها، لا في الداخل ولا في الخارج؟! لا تكونوا انتم والزمن على الفقير والمعوّز. اعملوا بالمعقول واقنعوا بالربح الكافي، الى أن ينجلي الليل وتشرق الشمس بيوم يكون سعيدا للجميع. أصلي الى الله ان يبارك الجميع وينيرهم بحكمة محبته. آمين. ))) .
نعم هذه الكلمات لا يجوز ان نمر عليها مر الكرام ، وهي من المشاكل المعقدة التي ينبغي معالجتها جذرياَ مع المشاكل الأخرى من ضعف الكنيسة وما تتعرض له من محاولات لتمزيقها وتشتيت شعبها الكلداني وتمزيق بنيته الأجتماعية وتهميش تاريخه وتراثه وإهماله سياسياً وقومياً .
 بارك الله بكل من يصغي ويلبي نداء الأب سيروب المفعم بالمحبة .
 حبيب تومي / اوسلو في 29 / 05 / 2010

269
من يحق له التحدث باسم الكلـــدان ؟
 بقلم / حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
 الكلدانيون عراقيون اصلاء كان لهم في حقب تاريخية باع طويل في بناء حضارات عراقية راقية في وقت كان العالم غارقاً في عتمة التأخر والجهل ، فقد دوى صدى شهرة البابليين الكلدانيين في اجواء العصور القديمة والوسطى ولعل ما يورده المسعودي والعلامة  قاضي صاعد الأندلسي ( 1029 ـ 1070 م ) في كتابه ( التعريف بطبقات الأمم ،  مؤسسة انتشارات هجرت ، طهران ص164 ) يقول :
( وكان الكلدانيون علماء جلّة ، وحكماء وفضلاء يتسعون في فنون المعارف من المهن التعليمية ، والعلوم الرياضية والإلهية وكانت لهم عناية بأرصاد الكواكب وتحقق بعلم اسرار الفلك ، ومعرفة مشهورة بطبائع النجوم وأحكامها ... وهم بهذا نهجوا لاهل الشق الغربي من معمور الأرض ، الطريق الى تدبير الهياكل لاستجلاب قوى الكواكب وإظهار طبائعها ... الخ ) .
بأفول نجم الدولة البابلية الكلدانية الحديثة سنة 539 قبل الميلاد ، انتهى عصر الحكم الوطني العراقي وانتقل الى الأجانب من الأغريق والفرس الى دخول الجيوش الأسلامية في القرن السابع الميلادي ، وتناوب على حكم العراق المغول والفرس والعثمانيين وحتى في الحكم الملكي ، كان الملك عربي الجنسية ولم يكن عراقي ، الى تموز 1958 حيث اصبح الحكم بأيدي عراقية .
في اعقاب الحرب العالمية الأولى كان لشعبنا الكلداني تحرك بين الأمم التي كانت تناضل من اجل حقوقها بعد تقسيم تركة الدولة العثمانية ، وكانت المادة 62 من معاهدة سيفر سنة 1920 التي نصت بشكل واضح وصريح الى منح الحقوق القومية للأكراد وللقوميات الصغيرة في المنطقة ومنها قوميتنا الكلدانيـــــــة  ، ولم يأت ذلك بشكل اعتباطي او في دائرة الصدف ، وإنما تم إقرار ذلك بناءً على مطالبة من وفد كلداني وصل باريس قبيل انعقاد مؤتمر سيفر وكان الوفد بزعامة سعيد نامق ورستم نجيب ، وكان الوفد يطرح مطالبه بشكل مستقل عن الوفد الاشوري بزعامة يوئيل وردة ، وبعد ذلك حضر وفدين آشوريين آخرين وكل منهم يطلب ان يكون ممثلاً للاشوريين .
وفي العهد الملكي كان لشعبنا الكلداني تمثيل في الدولة العراقية عن طريق مجلس الأعيان بوجود عين واحد من مجموع عشرين عيناً  يجري اختيارهم بشكل مباشر من قبل الملك ، وفي اغلب الأوقات كان  البطريرك الكلداني نفسه عيناً بهذا المجلس ، وكان لنا اربعة اعضاء في البرلمان العراقي ، بالأضافة الى الوزاء الذين تناوبوا في مختلف الوزارات المتتالية في العهد الملكي .
اقول :
 إن الذي يحدث اليوم من محاولات طمس الهوية الكلدانيـــة يجري بتنسيق مع الأحزاب الآشورية ولا يمكن ان افهم انا شخصياً هذا العداء من قبل الأخوة الآشوريين ، علماً ان الكلدان وقفوا معهم في محنتهم ، وفي الحقيقة انا ليس لي تفسير لهذه الروحية الأنتقامية لكل ما هو اسمه كلداني .
 فنحن لا نعيش في القرن العشرين قبل الميلاد إنما نعيش في القرن الواحد والعشرين بعد الميلاد ، وليس بيننا اي عداوات ، ونحن اليوم في عصر الشعوب وحريتها وحرية المعتقد والأتنماء وحقوق الأنسان ، إذ لكل شعب حق العيش دون وصاية .
المهم في هذا المقال : من له حق التحدث باسم الكلدان يا ترى ؟
 سؤال وجيه ، يقولون للاحزاب الكلدانية ولمنظمات المجتمع المدني لشعبنا الكلداني وللاساقفة الكلدان  الأجلاء حينما طالبوا بإدراج قوميتهم الكلدانية في دستوري العراق واقليم كوردستان ، وللاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان لا يحق لهؤلاء جميعاً التحدث باسم القومية الكلدانية والشعب الكلداني .
فمن يا ترى له الحق التحدث باسم الكلدان وقوميتهم ، إن كان لا يحق لهؤلاء جميعاً التحدث باسم الشعب الكلداني ؟
 وأقول :
 الشعب الكلداني في العراق شعب اصيل ينتمي الى العراق ولا يفرق بين حزب وحزب ، فينخرط ابناء شعبنا الكلداني في الحزب الديموقراطي الكوردستاني وفي الحزب الشيوعي العراقي وانخرطوا  في حزب البعث وفي الأحزاب العراقية عموماً ، وترشحوا في القائمة العراقية لعلاوي وفي قائمة دولة القانون للمالكي ، وانخرطوا في أحزاب آشورية منها حزبي المجلس الشعبي والمنظمة الديمقراطية الآشورية ، وهذا يدل على سلامة نياتهم واعتزازهم بوطنيتهم العراقيــة .
الآن نتكلم بصرحة اكثر :
الأكراد صوتوا للقوائم الكوردية  والشيعة صوتوا للاحزاب الشيعية ، والسنة اعطو اصواتهم لقائمة علاوي التي تتألف بشكل رئيسي من احزاب سنية  ، والآشوريون منحوا اصواتهم للاحزاب الآشورية ، باستثناء شعبنا الكلداني منح اصواته لقوائم الأكراد والسنة والشيعة والحزب الشيوعي والأحزاب الآشورية دون تمييز ودون تعصب .
 لكن اين يكمن الخطأ في في هذا السلوك ؟ هذا لا نجيب عليه في هذا المقال وسنجيب عليه في مقال آخر .
لكن دعونا نتعرض لاشكالية واضحة ، وهي ان المصوتين من ابناء شعبنا الكلداني للأحزاب الكردية والحزب الشيوعي العراقي وقائمة علاوي وقائمة دولة القانون  هؤلاء جميعاً لم ينكروا قوميتهم  وانتمائهم الكلداني .
 من المألوف والطبيعي ان ينتمي شريحة من ابناء شعبنا الكلداني للأحزاب الآشورية عموماً ومن حقه ان يصوت لهذه الأحزاب ايضاً ، لكن غير مفهوم وغير مقبول ان ينكر قوميته الكلدانية ويبخسها ويحارب بني قومه الذي يعتزون ويحترمون قوميتهم فهذا  السلوك غير مفهوم وغير مقبول .
 من حق الكلداني ان يختار ما يشاء ولكن ليس من حقه ان يجبر الآخرين للاقتداء به . الأخوة الكلدان خصوصاً الكتاب منهم انخرطوا في الاحزاب آلآشورية وتسلموا مراكز مرموقة في تلك الأحزاب ، ولكن لا يحق لهم وصف كل من لا يحذو حذوهم ويرفض السير بمكوكب حزبهم الآشوري بأنه ممزق للامة ومخرب ومتآمر ، ما هكذا تورد الأبل يا اخوان .  ويا احبتنا الكلدان المنخرطين في الحزب الآشوري .
 احترموا من لا يوافقكم رأياً ولا يقبل بطروحاتكم او بطروحات احزابكم ، وكما هي الحالة مع ابناء شعبنا الكلداني من المنتمين للاحزاب الأخرى كالحزب الشيوعي او الديموقراطي الكوردستاني او الأحزاب العراقية الأخرى .
 نأتي الى موضوع التحدث باسم الكلدان في رد منظمة الحركة الديمقراطية الآشورية في النرويج قبل ايام يقولون لا يحق لنا التحدث باسم الشعب الكلداني .
واليوم ينبري كاتباً كلدانياً منهم ، ثم آخر من قبل المجلس الشعبي ، ونقول لهما :
بارك الله بجهوكما واخدما الحزب الآشوري ، ولكن يا اخوان دعونا نعمل مع شعبنا بإمكانياتنا المتواضعة ، ومبروك لكم فضائتي عشتار وآشور ، والسلطة والثروة ، فاسمحوا لنا ايها الأخوان لنعبر عن رأينا بمقالة يتيمة على المواقع ، لديكم النقود والنفوذ والإعلام ، ماذا تريدون أكثر من ذلك ، هل تبخلون علينا بمقال يتيم او بيان باسم الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان؟ ليس معقولاً ان تكونوا بهذه الدرجة من البخل يا اصدقائنا الأعزاء .
 حقاً قيل ( للزنكين ) الله يبارك ويزيد وللفقير قيل : من اين لك هذا ؟
 دعونا نناقش بهدوء دون انفعال في بعض الأسئلة المثارة :
ألا  ينطق حزب البعث العربي الأشتراكي والكتاب العرب باسم شعبهم العربي  ؟
ألا ينطق الحزب الديمقراطي الكوردستاني باسم الشعب الكوردي ؟
 الا تنطق الأحزاب الآشورية والكتاب الآشوريين باسم شعبهم الآشوري؟
فلماذا يا اخوان يا أعزاء يا احباب يا اصدقاء ، لا يجوز لاحزابنا الكلدانية والكتاب الكلدانيين ان يتحدثوا باسم شعبهم الكلداني ؟
ماذا عن حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني  ؟ وعن المجلس القومي الكلداني ؟ والمنبر الديموقراطي الكلداني الموحد ؟ وجمعية الثقافة الكلدانية ، والأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ؟ والشخصيات الكلدانية منهم السادة :
 ابلحد افرام وضياء بطرس وبولص شمعون  ونزار ملاخا وكوركيس مردو ومؤيد هيلوا وحكمت حكيم وسعد عليبك وصباح دمان وقرداغ كندلان ونوزاد حكيم وناصر عجمايا ويوحنا بيداويد وعامر فتوحي وبطرس آدم ومنصور توما ياقو والدكتور عامر ملوكا والدكتور عبدالله رابي وسيزار هرمز ولؤي فرنسيس وقيس ساكو وهيثم ملوكا والدكتور نوري منصور وفوزي دلي وعادل بقال ونشأت دمان ونصرت دمان وسيروان شابي ووديع زورا ، ورياض حمامة وفاروق يوسف ، المهندس معن باسم عجاج وزيد ميشو وأدمون يوخنا وطلعت منصور وغيرهم .. (والقائمة تطول الله يبارك ويزيد )، لكن في ختام هذه القائمة حبيب تومي  . ألا يحق لهؤلاء جميعاً التحدث باسم الكلدان ؟
 
فتهميش دور الأتحاد العالمي للكتاب الكلدان يسير باتجاه مواز من قبل كتاب الزوعا والمجلس الشعبي ، الذين ركبوا قطار النيل من اخوانهم الكلدان وتبرعوا ليشكلوا رأس حربة في هذا التهجم هم من ابناء القومية الكلدانية المثقفين ، لكن واحدهم بقدرة قادر اكتشف بنظرياته الأحصائية العلمية ان نسبة الكلدان بالنسبة للمسيحيين في العراق هي 4 بألألف وهذه الطريقة من الرياضيات لم يتوصل اليها  حتى العالم انشتاين في زمانه ، وهو في آخر مقاله اصطلح للكلدانيين ذوي الهوية المفقودة او ( بدون) ومع هذا التهكم والأستهجان الرخيص ، وبعد الأنتهاء من قراءته يحس القارئ بالندم على صرفه شئ من وقته على قراءة مثل هذا المقال ، فهو لا  يستحق القراءة ناهيك عن الرد عليه .
وزميل عزيز آخر كنا نأمل ان يكون اكثر اعتدالاً وأكثر إنصاقاً حتى بعد انتمائه للمجلس الشعبي  ، لكن مع الأسف ايضاً اراد ان يكون ملكياً اكثر من الملك فأفتى بسطية واضحة بأن الأتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلدان غير قانوني وليس مخولاً بالتحدث باسم الكلدان ، والمقال ملئ بالأجتهادات الأنشائية من قبيل (وجاء كرد فعل متشنج ومنفعل ومرتبك ومستعجل وغير قانوني وديمقراطي) الى آخره من الجمل الأنشائية التي لاتقدم ولا تؤخر في مادة او خميرة المقال .
لكن تأكد لي في هذا المجال ان الحزب الآشوري يفرض على الكلدان الذين يركبون قطارهم ان يهاجموا وينتقصوا ويبخسوا كل ما يخص الكلدان من قومية وأسم وتراث وأحزاب ، وكلما تمادوا في الهجمة على الرموز الكلدانية كلما ارتفعت منزلتهم في تلك الأحزاب ، ولهذا يبدو ان الأخوان يتسابقون في هذا المضمار لنيل درجات اعلى في تلك الأحزاب .
ومن طروحات الكاتبين الكلدانيين المتحصنين بالحزب الأشوري ، أنه لا يحق لنا التحدث باسم الكلدان ، فسؤالنا هل الحزب الآشوري يحق له التحدث باسم الكلدان ؟ وفي هذه الحالة سيكون امام الأحزاب الكلدانية والكتاب الكلدان ان يتحدثوا باسم الشعب الموزنبيقي الشقيق .
 لقد سُرق المقعد الكلداني الذي صوت له اكثر من 12 الف كلداني ومنح هدية لحزب للزوعا دون وجه حق ، فلماذا لا تطالبون بمنح المقعد الذي كان للكلدان بكل جدارة ؟
بصريح العبارة يا اخوان إن من يمثل شعبنا الكلداني ومن يحق لهم التحدث باسمه هم :
الأحزاب الكلدانية ومنظمات المجتمع المدني الكلدانية وكنيسته الكاثوليكية الكلدانية ، وكتّابه الذين يدافعون عن تاريخه ولغته وتراثه واسمه الكلداني ومن يدافعون لتثبيت القومية الكلدانية على خارطة القومية العراقية ومن يدافعون عن حقوق شعبنا الكلداني في المحافل الدولية والمحلية ، هؤلاء يمثلون الكلدان ولا يمكن سلب هذه الأحقية من قبل اي مدعي لا يقف بصف شعبه وقت المحن . ويفضل فتات موائد الآخرين على مشاركته مع شعبه  في السراء والضراء .
حبيب تومي اوسلو في 26 / 05/ 10

270
 الأتحاد العالمي للكتّاب والأدباء الكلدان
THE INTERNATIONAL UNION OF CHALDEAN WRITERS (IUCW) 
                   




رسالة مفتوحة للقيادة الكوردية  من الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان
 سيادة رئيس اقليم كوردستان الأستاذ مسعود البارزاني الجزيل الأحترام
سيادة  رئيس حكومة اقليم كوردستان الدكتور برهم صالح الجزيل الأحترام
تحية وتقدير
لا شك ان الشراكة التاريخية بين الشعبين الكوردي والكلداني تمتد الى حقب تاريخية قديمة ، وفي العصر الراهن كان لشعبنا الكلداني المواقف المشرفة الداعمة لنضال الشعب الكوردي الذي نال حقوقه بعد عقود من النضال والكفاح . وكان شعبنا الكلداني يقف مع نضال الشعب الكوردي من اجل نيل حقوقه المشروعة في الحرية والتحرر اسوة بشعوب المنطقة من العرب والفرس والأتراك .
ومن نافلة القول تكرار وسرد مساهمات شعبنا الكلداني بتلك الثورة التي كان يقودها القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني ، إن كان بالسلاح والعتاد او بالأدوية والمواد الغذائية او بأعداد الرجال ممن حملوا السلاح وخاضوا المعارك بشجاعة وسقطوا شهداء في تلك المعارك الى جانب اخوانهم الأكراد وغيرهم المكونات ، ثم كانت تلك الجريمة التي ارتكبت بحق قرية صوريا الكلدانية في 16 / 09 / 1969 م .
تجدر الإشارة الى واحداً من المواقف المنصفة للثورة التحررية الكردية فكان تعيين الكاهن الكلداني بولص بيداري عضواً في مجلس قيادة الثورة الكوردية ، وكان هنالك مقاتلين وشخصيات كلدانية كثيرة تقوم بمهمات مختلفة في صفوف الثورة الكوردية ونحتفظ  بأسمائهم ومهماتهم .
 اليوم نكتب لسيادتكم الرئيس المناضل مسعود البارزاني ولسيادة الدكتور برهم صالح ، بأن الشعب الكلداني شريك الشعب الكوردي يتعرض هو ومنظماته الحزبية ومنظمات المجتمع المدني والكنيسة الكاثوليكية الى حملة ظالمة لانهاء وجوده في وطنه الأصلي العراق .
من ناحية يطال هذا الشعب ومؤسساته الدينية والعلمانية الى العمليات الأرهابية التي تعمل بشتى الطرق لزرع الرعب والخوف لتهديده وتهجيره من مدن العراق ، ومن مدينة الموصل بالذات كما هو معلوم للقيادة الكوردية الموقرة .
 ومن جانب آخر يجري تهميش حقوق شعبنا الكلداني في اقليم كوردستان بعد ان فرضت عليه وصاية من قبل الأخوة في الأحزاب الآشورية ، واصبح مصيره مرهوناً بما تمليه عليه تلك الأحزاب ، وها هي احزابنا الكلدانية ومنظمات المجتمع المدني تعاني من الضائقة المالية وتستعد لقفل مقراتها ، وها هي البطريركية  تقتطع اجزاء من مساحة كنيسة ام الأحزان التاريخية في بغداد من اجل الأستفادة من واردها  ، ولكي تستطيع ان تبقى على قيد الحياة وأن تسدد ما يملي عليها واجبها الديني والأنساني ، وتحت قسوة هذه الظروف فإن الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني معرضة للضمور والأندثار أزاء الظروف الظالمة التي تحيط بها من كل جانب .
 إننا بالأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان نهيب بالقيادة الكوردية وفي مقدمتها الأستاذ المناضل مسعود البارزاني أن ينصف شعبنا الكلداني بما يستحقه بشكل مستقل ودون وصاية من اي جانب . فثقنا بهذه القيادة المناضلة كبيرة لان تلتفت بروح االشعور بالمسؤولية لما يحدث لهذا المكون الكوردستاني والعراقي الأصيل ، إن وقوفكم مع شعبنا الكلداني يجسد مواقفكم المناضلة والودية مع كل المسيحيين وفي مقدمتهم الشعب الكلداني .
نتمى التقدم والأزدهار في ظل التعايش والتسامح بين كل الأطياف المجتمعية الجميلة في اقليم كوردستان الجزء العزيز من الوطن العراقي
 تقبلوا فائق تقديرنا واحترامنا
 حبيب تومي
رئيس الأتحاد العالمي للكتاب  والأدباء الكلدان
23 / 05 / 10

271
دور الأستاذ مسعود البارزاني في استقرار وتطور اقليم كوردستان
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
 في هذه الأيام تثار حملة إعلامية على مقتل الطالب او الصحفي الكوردستاني هوالشهيد سردشت عثمان حيث خطف واغتيل بغدر من قبل قوى لا تريد لاقليم كوردستان ان ينعم بالأستقرار . ولسنا في هذا المقال بصدد التدخل في هذه المسالة البالغة الحساسية والتعقيد فمن الصعوبة تقديم رؤية خاصة لما قد يؤدي الى جرح إحساس عائلته الكريمة . لكن نمر على الموضوع في سياق الوضع العام في اقليم كوردستان .
 مع العقود الأولى من القرن العشرين كانت تطفو على ساحة كوردستان ملامح بروز العشيرة البارزانية كجهة ريادية في مسيرة النضال الطويل لنيل حقوقهم القومية أسوة بالقوميات الكبيرة الأخرى في المنطقة كالعرب والفرس والأتراك ، وكان القرن العشرين يحمل في طياته اسماء قيادات كوردية كانت تردد بشكل مضطرد على ساحات النضال امثال عبدالسلام البازاني ومحمود الحفيد ، واحمد البارزاني ومن ثم ملا مصطفى البارزاني الذي يعتبر اليوم رمزاً لنضال الشعب الكردي ويتفق على ذلك جميع التيارات السياسية والتنوعات الأجتماعية على الساحة الكوردية .  
وفي الراهن ايضاً فإن بصمات الشخصية الكارزمية لم تكن غائبة ، ولكن كأستحقاق ديمقراطي يتبوأ الأستاذ مسعود البارزاني رأس الهرم القيادي وهو منصب رئاسة اقليم كوردستان والذي كانت الحكومات العراقية المتتالية تطلق عليه لفظة الشمال او شمال العراق ، وبعد سقوط النظام في نيسان 2003 ، وبجهود قوى الظلام وأعداء العراق افلحوا في إغراق العراق في دهاليز الفوضى والعنف ، ومن الطبيعي فإن الرياح الصفراء التي هبت على العراق كان متوقعاً ان تهب على كل مناطق الوطن العراقي الواحد بما فيها اقليم كوردستان .
من باب المفارقة في اثناء وجودي في اربيل كنت برفقة الكاتب الأستاذ كفاح محمود كريم حينما تلقى مكالمة من بغداد فيشرح له الأخ كفاح بأن الرياح المحملة بالغبار تغطي اربيل ، فيجيبه الصوت من بغداد قائلاً : هذه حصتكم من الغبار ، اليست حصتكم 17% بالمئة من النفط وهذه ايضاً حصتكم من الأتربة ايضاً .
نعم يستلم اقليم كوردستان حصته من العراق ، لانه جزء من العراق الواحد ، وهو معه في سرائه وضرائه ، ويصيبه من افراحه وأتراحه ، لكن هذا الأقليم لم يقبل ولم يسمح بدخول حتى %1 من الفوضى المنتشرة والأرهاب المستفحل في العراق ، وشكل الأقليم سداً منيعاً امام الإرهاب الذي حاول ان يشق طريقه نحو هذه الأرض الطيبة ليزرع فيها القتل والتنكيل والتهجير القسري ، فظلت كوردستان تنعم بقدر كبير من الأمن والأسقرار وهذا الوضع المستقر كان حافزاً للمستثمرين للمساهمة في عمليات البناء وتطوير الأقليم ، ففي ظل  الأستقرار وسيادة القانون تنتعش الحياة المدنية وتزدهر الصناعة والتجارة وبناء المشاريع العمرانية والثقافية والصحية ... الخ .
 لاشك ان وراء هذا الأستقرار والتعايش منظومة سياسية فكرية وهي القيادة الكردية الديمقراطية العلمانية ، فقد كان هنالك جوانب ايجابية أخرى منها إجراء انتخابات ديمقراطية ، وتشكيل حكومة وتداول سلمي للسلطة ، وتعامل علماني ديمقراطي مع كل المكونات الكوردستانية ، بعقلية منفتحة على الجميع دون ان يكون هنالك مجال للتخندقات المذهبية او الدينية وبالتالي لم تنتعش الطائفية في هذا المكان وذبلت منابعها قبل ان تجد لها موطئ قدم على الأرض في هذا الأقليم .
في هذا السياق صراحتي تجبرني ان اقول :
هنالك استثناءً في معادلة التعامل مع المكونات ، فإن شعبنا الكلداني هو الوحيد من بين المكونات الكوردستانية حيث همش دوره كلياً على الساحة السياسية الكوردية ، وربط مصيره بمشيئة الأحزاب الآشورية المتنفذة في المنطقة ، وهذا امر مؤسف فعلى القيادة الكوردية ان تتفهم طموحات شعبنا الكلداني بشكل مستقل بمنأى عن وصاية اي طرف ، فالكلدانيون لهم كيانهم المستقل ولا يحتاجون الى وصاية ، ونتطلع الى القيادة الكوردية ، حكومة ورئاسة ، ان تنصف شعبنا الكلداني بما يستحقه .
وفي مسألة منصب رئيس الأقليم الذي افرزت عملية الأقتراع عن فوز الأستاذ مسعود البارزاني ، فقد بقي هذا الرجل اميناً لدوره كخيمة تشمل الجميع وأن يبقى حارساً اميناً لمصالح شعبه العليا دون تفرقة او تمييز . وبالعودة الى القرن الماضي سنلاحظ  أن العائلة البارزانية قد لعبت دوراً محورياً في المسألة الكردية ، وحتى بعد خمود الثورة الكردية في عام 1975 ومع الأحداث التي توالت على هذه المنطقة في عقد التسعينات من القرن الماضي وبعد ذلك بعد نيسان 2003 بعد سقوط النظام حيث برز اقليم كوردستان كقوى سياسية مؤثرة في الساحة السياسية العراقية ، وكان طيلة هذه الفترة لموقع العائلة البارزانية مكان مهم ورئيسي ، الى جانب الأقطاب الكردية الأخرى ومن بينها الأحزاب السياسية التي انتعشت وتفرعت اهتماماتها واهدافها وبرامجها السياسية ، ولعل انبثاق حركة التغيير كانت ابرز علامات التطور في المسرح السياسي الكوردستاني والعراقي عموماً .
 ما يلاك باستمرار بحق العملية السياسية في هذا الأقليم هو الوجه العشائري لمفردات التطور في هذا الأقليم والمتمثل بالذات بالعائلة البارزانية ، وفي رأيي الشخصي ان هذا الطرح لا يستند على الواقع التاريخي والأجتماعي .
اقول :
إن العشيرة او القبيلة واحدة من اواصر القرابة التي امتدت من العائلة ولـتكون لحمة اجتماعية وسياسية في هذه المنطقة ( اقليم كوردستان ) وفي مناطق اخرى من دول العالم الثالث ، وقد ظلت العشيرة على مدى آلاف السنين تلعب دوراً اجتماعياً وأمنياً وقضائياً ومعيشياً ، انها ببساطة سلطة سياسية ، وهي الأطار لحماية الفرد والأسرة الصغيرة ولتنظيم الحياة بما يحمي حقوق الأفراد داخل كيان العشيرة وما يحمي العشيرة من الغزاة الغرباء .
إن اقليم كوردستان لم يشكل استثانية لمنطق العشيرة وفي اوج تطوره السياسي كانت العشيرة تشكل العنصر المحوري في قيادة النضال من اجل الحقوق القومية التي تبلور مفهومها في العصر الحديث .
إن الأنتماء البارزاني للاستاذ مسعود البارزاني ورئاسته لأقليم كوردستان لم يشكل عائقاً ليكون كخيمة حاضنة للمصالح العليا لهذا الأقليم ، وكحاضنة لتعزيز الموطنة ، لقد كانت الرئاسة بحق تشكل مفهوم دولة المؤسسات ، وهي ( الرئاسة ) كانت الحارس الأمين للمصلحة العليا لكوردستان ، فكان هنالك تداول سلمي سلس للسلطة من تشكيل وزارات ومؤسسات لا يقوض عملها تبدل وتناوب السلطة او تبديل وزير او حتى رئيس وزراء ، فالرئاسة كانت بحق تشكل صمام امان للحؤول دون إلغاء دور الدولة ( الرئاسة ) وتجريدها من محتواها وانتهاك لوائح الدستور . كما هو اليوم في الراهن العراقي ، حيث ان الدولة قد اختزل دورها كراعية للمؤسات فاستحوذت الحكومة العراقية على مكانة الدولة العراقية ، وهكذا اصبحت الحكومة هي المصدر الرئيسي وفقدت الدولة مكانتها في صيانة الدستور والمصالح العليا لدولة العراق وتداعيتها ظاهرة على ارض الواقع .
إن مسألة الشهيد سردشت لا يمكن ان تكون خارج اهتمام السلطات المختصة ورئاسة الأقليم في كوردستان ، ولا بد ان يأخذ القانون مجراه ، ولابد من تطبيق العادالة بحق مرتكبي الجريمة ، فزراعة الفوضى في هذا الأقليم المستقر لا يمكن ان تقبله السلطات الحكومية الكردية ورئاسة الأقليم على حد سواء .
إن التوجه العام والذي ترعاه رئاسة الأقليم برئاسة الأستاذ مسعود البارزاني كفيلة بتجاوز هذه المشكلة والتفرغ لعملية البناء والتطور في اقليم كوردستان هذا الجزء العزيز من الوطن العراقي .
 حبيب تومي / اوسلو 19 / 05 / 10

272
طلبة بغديدا في القلب والبركة بوحدتهم وقوة إرادتهم ولا لتسييس معاناتهم   
 بقلم : حبيب تومي / اوسل
habeebtomi@yahoo.no
 
بغديدا / قره قوش ، المدينة التي تتعطر دروبها بعبق التاريخ وتزهو بتراثها وملابسها وكنائسها وتاريخها ، ومع الصباحات يبزغ نور الشمس على حقولها ، وتصدح حناجر فتيانها وصباياها في ترانيم وصلوات ملائكية في اروقة الكنائس ، وهنالك حيث الحقول المترامية الخضراء حيث الفراشات تتراقص مع نسائم الورود ومع زقزقة العصافير المرفرفة من غصن الى آخر ، يوم الأحد الثاني من ايار انطلقت قافلة من سيارات تنقل نخبة من الطلبة من الفتيات والفتيان ، تشق طريقها الى مصادر المعرفة والعلم في جامعة الموصل ، هؤلاء الطلبة كان يحدوهم الأمل عبر دراستهم خدمة العراق والمساهمة في بنائه وتقدمه وتطوره .
إنهم  بصفاء قلوبهم ونقاوة وجدانهم يسكبون كؤوس محبتهم ، ويرومون غرس الضوء في مشاتل الظلام وإنارة القلوب المعتمة الطافحة بالسحب الملوثة بالحقد والضغينة ، إنهم يسعون لإرساء دعائم وطن عراقي في قلوب وضمائر واحة مجتمعية متنوعة تزدهر فيها كل الألوان والأطياف الجميلة على تراب الوطن العراقي الحبيب وتحت سمائه الصافية .
لا مرية بأن طلبة بغديدة /قرة قوش حينما ركبوا سيارات النقل صباح ذلك اليوم في طريقهم الى الموصل ، لم تكن وجهتهم معسكر للتدريب على الأسلحة ، إنما كانوا في طريقهم الى مقاعد الدراسة في جامعة الموصل لتلقي شتى صنوف المعارف والعلوم والآداب . فالأرهابيون الذين استهدفوهم كانوا على اتم المعرفة بوجهة الطلبة النبيلة ، لكن إرادة الشر والظلام تذهب دائماً الى منابع الخير لردمها وتجفيفها .
لم تكن المرة الأولى التي استهدف هؤلاء الطلبة ، وفي ظل تهاون السلطات الأمنية على معاقبة الفاعلين وتقديمهم الى محاكمات عادلة سوف لن تكون المرة الأخيرة ما لم تلبى مطالب الطلبة بشكل جذري ودون تقاعس .
 لقد استشهد المواطن رديف يوسف ، وأخيراً كان وفاة الشهيدة الطالبة ساندي شبيب هادي زهرة ، متأثرة بجراحها وستبقى روحهما خالدة في الضمائر الحية ، إن ملكوت السماء تحتضنهما ، ، فما اجمل تلك الجنة التي تزينها هذه الوجوه البريئة .
على الصعيد السياسي ينبغي الإشادة بموقف القيادة الكردية بنقل عدد من المصابين الى مستشفيات اربيل ، والعمل على نقل عدداً منهم الى مستشفيات تركيا ، وكان قيام الدكتور فؤاد حسين رئيس ديوان الرئاسة في اقليم كوردستان منيباً عن الأستاذ مسعود البارزاني بتفقد المصابين وتركيز العناية بهم ، ويدل ذلك على حرص قيادة الأقليم على السير بنهجه الإنساني والوقوف مع كل المكونات بما فيها شعبنا المسيحي من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن .
في هذا الصدد ينبغي الأشارة الى مبادرة الأستاذ اثيل النجيفي محافظ الموصل وزيارته لمدينة بغديدا للوقوف على مطالب الطلبة . ولا بد من الأشادة بصراحته وشجاعته حينما يصرح لجريدة الشرق الأوسط اللندنية :
، «إن الحادث مأساوي ومؤلم جدا للمسؤولين في المحافظة، ونعتقد أن الحادث وقع بسبب التقصير الواضح من قبل الأجهزة الأمنية، فهم لم يؤدوا واجبهم بشكل كامل، خاصة أنه، أي الحادث، وقع في منطقة تقع ما بين نقطتي تفتيش، إحداها للجيش العراقي والأخرى للقوات المشتركة، وهذا يوضح مدى التقصير، ونحن نطالب بتحقيق جدي وعلى مستوى عال لتلافي مثل هذه الحوادث».
إن الأشرار كانوا يتوقعون ان يسبب هذا العمل الإجرامي بتوسع الهوة بين المكونات العراقية ،  وتهديم المودة بينهم لكن النتائج كانت معاكسة ، فالعرب والأكراد كانوا مهتمين بقدر متساوي بهذه المشكلة وهذا يدل على الأخلاص للوطن العراقي من الطرفين .
حينما دخلت موقع عنكاوا وكان هنالك في الواجهة استفتاءً إن كانت الحكومة ستلبي مطالب الطلبة المعتصمين في بغديدا ، وأشرت الى لفظة ( نعم ) بأن هذه المطالب ستلبى ، وحينما اطلعت على النتيجة حينها قرأت ان 11%  فقط أجابوا بنعم ، لقد اعتمدت في جوابي على قدرة الشباب ووحدتهم وإرادتهم ، وثانياً إن مطالبهم كانت تتعلق بمصيرهم وبالمخاطر المحيقة بحياتهم ، وهي مطالب عادلة بكل المقاييس ، وإن اي منصف سيلبي تلك المطالب ، وفعلاً كان هنالك قدر كبير من الشعور بالمسؤولية من قبل رئاسة جامعة الموصل ومن محافظ الموصل ومن المسوؤولين الذين تتعلق الأمور بقراراتهم .
إن ما تتعرض له كل مكونات الشعب العراقي من مآسي وأعتداءات من قتل وتمثيل وابتزاز وتهجير وخطف .. ما تعجز الكلمات عن وصف تلك البشاعة ، ومع مجافاتها لكل القيم الإنسانية ، كل ذلك معروف للعالم ، لكن يبقى ما يتعرض له شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين أمراً لا يطاق في ظل القتل على الهوية وفي عملية تمييزية عنصرية دينية مقيتة لا يقبل بها من له ذرة من الضمير .
إن وقع العملية كان مؤلماً لهؤلاء الطلبة حينما يقع امامهم 188 جريحاً وأودت بحياة شاب وشابة لم يقترفوا ذنباً سوى انهم مسيحيون ، وليس هنالك سبب آخر لهذه الجريمة .
 إن المطالب التي رفعها الطلبة ، وكذلك المطالب المشابهة التي رفعها قبل ايام المطارنة الأجلاء في اجتماعهم الطارئ تعد مطالب عادلة وعلى المنصفين والمخلصين للعراق تلبيتها .
 بقي ان اقول بارك الله بوحدة الطلبة وعزيمتهم وإرادتهم ، ونحن لا ننكر جهود احزاب شعبنا في تخفيف المعاناة .
 لكن اقول :
 ((( من العار على اي حزب او تكوين سياسي لشعبنا تسويق هذه المأساة كنصر حزبي ومكسب سياسي له ، فليس من الأخلاقية بمكان تسييس المأساة وتجييرها لمكاسب حزبية ))).
بارك الله بكم اعزائنا الطلبة ونطلب لكم السلامة ومكانكم في القلب دائماً .
حبيب تومي / اوسلو في 14 / 05 / 10


273
مطلوب اعتذار بول بريمر لشعبنا الكلداني وتعليق على رد زوعا في النرويج  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
سأجعل تعليقي على رد منظمة الحركة الديمقراطية الاشورية في النرويج ناذة للدخول الى عنوان المقال لهذا اليوم .
من اول وهلة من قراءة العنوان في رد منظمة الحركة الديمقراطية الآشورية في النرويج كان جلياً افتقار اسلوب الرد  للكياسة الأدبية المطلوبة في المخاطبة فمقالي كان تحت عنوان : (موقف غير ودي وغير مقبول من قبل الأخوة في منظمة الزوعا في النرويج ) ، وعنوان ردهم كان : (رد منظمة زاخوتا للحركة الديمقراطية الاشورية في النروج على كلام حبيب تومي ) .
وبعد ذلك صححه الأخ المشرف في موقع عنكاوا لينشره في الصفحة الأولى : مقال حبيب تومي بدلاً من  لفظة كلام حبيب تومي الواردة في الرد ، فحبيب تومي يكتب مقالات كما هو معلوم .
وهنا يتجلى تشنج وانفعال رد الأخوة في هذه المنظمة فالتخاطب له اسلوبه وقواعده الأخلاقية ، حتى لو كان هنالك اختلاف في الرأي فالأختلاف ينبغي ان لا يفسد في الود قضية .
ثم كان الأنفعال بادياً من الجملة السقيمة في افتتاح مقالهم : بأن الطيور على اشكالها تقع ، يا لبؤس وسطحية الرد . من هنا علمت بأنني سأقرأ محضر اجتماع لهذه المنظمة وليس رداً موضوعياً ، فلا يحتوي في طياته اي صداقة او مودة او اخوة وكأننا لا نعرف بعضنا ولم نلتق يوماً ولا يجمعنا زاد وملح .
إنه بحق فعل حزبي اديولوجي لا روح فيه وينحصر في الطاعة العمياء لتوجيهات الحزب القائد دون إبداع فكري ودون مرعاة القواعد الأجتماعية التي كانت بيننا على مدى عقد من الزمن .، فاصبحنا بقدرة قادر نحلم بأحلام العصافير أمام جبروت الزوعا التي تتدثر بالمقدس في كل اعمالها .
إن اسلوب الرد وما ورد فيه من كيل التهم فحسب دون الرد المباشر الموضوعي على ما جاء في المقال يعكس النمطية المتبعة بهذا الحزب من إحساسهم بالنرجسية والتعالي وجعل الآخر ( الكلداني ) تابعاً لهم ، ونحن متمردون لاننا نرفض القبول باسم منظمة (اتحاد الطلبة والشبيبة الكلدواشوري) ان يكون اسماً لشعبنا الكلداني التاريخي ، وهذه منظمة تابعة للزوعا ومن خالف ذلك او  وجه لهم نقداً فهو مخرباً وهداماً وممزق وحدة الأمة الى آخره من التعابير السقيمة التي روجت وقد مضى وقتها وأصبحت من ضمن الأفكار المتكررة التي تبعث على الملل والسأم .
لكن يبدو ان الأخوة ليس لهم جديد يطرحونه . سوى توجيه التهم ، لكن أطرف ما في ذلك ويثير الضحك الى حد الأستلقاء على الظهر ، هو زعمهم بأن حبيب تومي يقوم بحركة مكوكية الى كردستان لاستجداء الأنواط  ... إن هكذا تهمة تدل على الطرح الساذج والسطحي ولا اقول اكثر من ذلك . فمحضر اجتماع الأخوة عموماً هو بمجمله في سياق توجيه التهم والمعاناة من مرض التعالي والنرجسية ولا يحتاج  للرد على ما ورد في فقراته .
لكن فقرة واحدة تحتاج في الحقيقة على الرد وهي إنذارهم لحبيب تومي : (  نرجو مسقبلا ان لاتقحم الكلدان في طروحاتك والتكلم باسمهم  .. ) .
 ويبدو ان الأخوة يرون ان من حق حبيب تومي االدفاع او التكلم  باسم شعب بوركينا فاسو او باسم الشعب في مدغشقر او زمبابوي  وليس باسم الشعب الكلداني ، فهم احق لانه يريدون ان يمحوا الأسم الكلداني من الوجود وإحلال الأسم الأشوري ، العجيب ان معظم الأخوة في هذه المنظمة هم  من الكلدان الذين ينكرون قوميتهم الكلدانية ولا يقبلون ولا يسمحون لنا ان ندافع عن قوميتنا الكلدانيـــــــة فعلينا ان نسكن سفينة نوح التي يقودها الحزب القائد والأوحد ، وإلا فالطوفان يدركنا  ..  
فارجو من اصحاب سفينة نوح ان يسمحوا لي في هذا المقال لاطلب من الحاكم بريمر ان يعتذر للمسيحيين عامة ولشعبنا الكلداني خاصة لاقترافه اخطاء تاريخية نتيجه جهله الكامل في البنية الأجتماعية والتاريخية للشعب العراقي ، وهو الحاكم المدني له .
فنطلب منهم عذراً هذه المرة بأعتبارهم اوصياء على شعبنا الكلداني ، ولكي نطالب  بول بريمر السفير الأمريكي ومن ثم الحاكم المدني الأمريكي ، حينما غدر بشعبنا الكلداني وألغى حقوقه التاريخية في وطنه العراقي ومن حقنا ان نطلب منه الأعتذار للامة الكلدانيــــــــــــة في وطنها العراقي .
يقول بول بريمر في كتابه عام قضيته في العراق ص131
((ثم خطر ببالي ان ابلغ العديد من المرشحين بأنهم لن يكونوا في عداد المجلس . اولاً (المطران) دلّي ، زعيم طائفة المسيحيين الكلدان ، فقد كانت (الجالية) المسيحية الصغيرة في العراق مجزأة ، على غرار كافة الطوائف الدينية في البلد . كان هناك الكلدان الذين يبدو انهم يفوقون الآشوريين عدداً ، لكنهم لم يكونوا منظمين جيداً مثلهم وأقل فعالية سياسية ، وللمحافظة على اقل هيئة تمثيلية ممكنة ، كان لدينا مكان لمسيحي واحد فقط في المجلس .
 ويضيف بريمر : اخترنا ممثلاً للمسيحيين الآشوريين وتوقعنا ان يسبب ذلك استياء لدى الكلدان ، وكان ذلك صحيحاً ، إذ في تلك الليلة قلب المطران يفيض بالمحبة المسيحية فبعد التذمر من استبعاده غادر غاضباً )) . انتهى الأقتباس
السيد بريمر حاكم العراق المدني .. لا يفرق بين المطران والبطريرك ، وبريمر حاكم العراق المدني يقول عن المسيحيين الجالية المسيحية في العراق ، فسؤالي : هل هنالك غباء وجهل اكثر من ذلك ؟
 عن اية جالية مسيحية يتكلم هذا الرجل ؟
وهو يقول ان الكلدانيين يشكلون الأكثرية المسيحية إن كان هو يؤمن بالديمقراطية الا ينبغي ان يأخذ ممثلاً من الأكثرية فلماذا انحاز الى الأقلية الآشورية المسيحية ؟ الا ينبغي على هذا الحاكم ان يعتذر لهذه الشريحة الأصيلة ؟ اجل ايها السادة سنعمل من اجل ذلك في المستقبل إنشاء الله .
 وسنحاول الأتصال بالرجل وإن ونطلب منه الأعتذار وإن امتنع سيثبت انه يعاني من سبات في  الضمير او ينفذ اجندة مرسومة ، حسب ما كان سائداً في الساحة ، وبالعودة الى عام 2002 نطالع على : ( وثيقة لندن الآشورية ) :
وهو منشور في موقع النهرين وفق الرابط ادناه :
http://www.nahrain.com/d/news/03/02/11/nhr0211d.html
في اليوم الثالث من ايام انعقاد مؤتمر المعارضة العراقية في لندن وبتاريخ 16/12/2002، اجتمع الوفد الاشوري المكون من ثمانية اعضاء لترشيح ممثليهم الى لحنة التنسيق والمتابعة المنبثقة من المؤتمر ووضع ضوابط عمل لهؤلاء المرشحين، وبعد مداولات ومناقشات اخوية تم الاتفاق على :
1ـ التاكيد على ان الترشيح جاء بالاجماع املين في بناء وتعزيز الثقة.
2ـ نطالب بتمثيل الاشوريين في لجنة المتابعة من شخصين على الاقل وحسب نسبة 3% من الخمسين شخصا، وفي حال فرض اسم شخص اخر من خارج القائمة وعلى حساب نسبة الاشوريين فان الوفد سينسحب من المؤتمر.
3ـ تم الاتفاق على اتباع اسلوب الاختيار الذي تم في مؤتمر نيويورك من حيث ان يكون المرشحين من الوطن واوروبا وامريكا وعليه تم الاتفاق على ترشيح كل من :
ا ـ السيد يونادم يوسف كنا ـ الوطن
ب ـ السيد البرت يلدا ـ اوروبا
ج ـ السيد عمانوئيل قمبر ـ امريكا
وفي حال اقتصار التمثيل على اثنين فانه سيتم الاختيار حسب التسلسل.
وتم الاتفاق على ان يمثلنا السيد يونادم يوسف في رئاسة اللجنة.
4ـ تم الاتفاق على مجموعة ضوابط ومفاهيم لعمل المرشحين بشكل خاص واللجنة الاستشارية (الوفد الاشوري) بشكل عام وفق ما يلي :
ا ـ الاتفاق على ان المرشحين الثلاثة تم ترشيحهم على اساس قومي وليس خزبي وعليهم العمل وفق هذا الاتجاه والابتعاد عن تسجيل الانتصارات الحزبية من خلال هذه الالية والعمل عل استغلال هذه الالية في تحقيق غايات واهداف قومية.
ب ـ في حال تعذر حضور احد المرشحين فانه لا يحق له ترشيح شخص اخر خارج الية العمل القومي هذه ليحل محله، بل يطلب تلقائيا من احد المرشخين الاخرين بالحضور.
ج ـ اتفق المجتمعون ان تقوم قيادات الاحزاب الثلاثة العاملة في الوطن (الحركة الديمقراطية الاشورية، حزب بيت نهرين الديمقراطي والحزب الوطني الاشوري) بالايعاز الى الشروع بعقد الاجتماعات على ارض الوطن بعد انفضاض المؤتمر لدراسة وتحليل نتائجه ووضع التصورات المستقبلية للعمل القومي من حيث ايجاد الية عمل قومية جامعة.
د ـ تشكيل لجان من الاطراف المتمثلة في اللجنة الاستشارية (الوفد الاشوري) في الوطن واوروبا وامريكا لاجل التنسيق.
هـ ـ في حال مخالفة احد المرشحين لما ورد في النقطة (4) من محضر الاجتماع هذا، فان من حق اللجنة الاستشارية (الوفد الاشوري) سحب الثقة من هذا المرشح وتبديله باخر من اللجنة بكتاب موجه الى رئاسة اللجنة.
5ـ تم اقتراح عقد اجتماع للجنة الاستشارية (الوفد الاشوري) على ارض الوطن في مدة اقصاها الربيع القادم.

التواقيع كما جاءت بالتسلسل في الوثيقة:
يونادم يوسف كنا، الحركة الديمقراطية الاشورية
روميو هكاري، حزب بيت نهرين الديمقراطي
نمرود بيتو يوخنا، الحزب الوطني الاشوري
فريدون درمو، الاتحاد الاشوري العالمي
سركون داديشو، المؤتمر القومي الاشوري
د. عمانوئيل قمبر
البرت يلدا
يونان هوزايا، الحركة الديمقراطية الاشورية

فهل كان بول بريمر مطلوب منه ان ينفذ محتويات هذه الوثيقة التي تدل للاشارة على التسمية الآشورية فحسب وإن الفقرة الثانية كما يقول احد الزملاء كانت إشارة الى الأستاذ ابلحد افرام حيث كان حاضراً لمؤتمر لندن .
 وأخيرا سؤال بسيط  لمنظمة الزوعا في اوسلو : عن اي كلداني سرياني آشوري تتكلمون يا حضرات السادة ، إنكم كمن يحرث في الماء لا اكثر . وأعدكم اخواني الأعزاء في المنظمة بأنني سوف لا ارد على اي رد او تعليق آخر من قبلكم وحتى لو كان خالياً من المودة وقواعد المخاطبة المألوفة .
 وأريد ان اضيف إلى اننا معشر الكلدان ندعو الى الشراكة الأخوية بمحبة وليس بأسلوب الصراع وكسر العظم ، فشعبنا المسيحي برمته في مهب الريح في وطنه وعلينا التكاتف والتعاون بمنطق العصر وبقبول الآخر وليس فرض الوصاية التي اصبحت صورة من الماضي لا أحد يسعده رؤيتها .  
حبيب تومي / اوسلو في 11 / 05 / 10

274
موقف غير ودّي وغير مقبول من قبل الأخوة في منظمة الزوعا في النرويج
 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

كنت سأنشر هذا المقال تحت عنوان منظمة الزوعا في اوسلو توظف مأساة شعبنا للدعاية الحزبية لكن ارتأيت ان أغير العنوان كما يبدو حالياً .
يبدو ان الحركة الديمقراطية الآشورية عموماً ذات بعدين متناقضين ، الأول هو ما تعرضه الحركة في خطابها الأعلامي وهو الذي يفيد بالوحدة مع الآخر او على الأقل التقرب منه بخطوات ، وهذا الآخر اقصد به مكونات شعبنا من الكلدانيين والسريان ، وموقف على الأرض من حيث الواقع العملي على صعيد التطبيق مناقض لذلك ، وهو انفراد الحركة في العمل على الأرض بما يبعد الآخر منها ولا تحاول التقرب من تخوم التعاون معه ، وهذا التناقض في الشخصية وبما يعرف من سلوك الأنسان في الشيزوفرينيا اي انفصام الشخصية . ويبدو لي شخصياً ان الزوعا كحزب قومي شمولي ايدولوجي لا ترى من الألوان سوى ثنائية متناقضة وهي الأسود والأبيض .
 فثمة آراؤهم التي تمثل الحقيقة المطلقة الصالحة لكل زمان ومكان وهو اللون الأبيض ، والأخر الذي يمثل الشر والتآمر وتمزيق الأمة وهو اللون الأسود من المعادلة . في جملة ما يدعو اليه خطاب الحركة الديمقراطية الآشورية هو ان الموالاة  لحزب الزوعا وتأييد خطابها وأديولوجيتها هو الأخلاص للشعب المسيحي وللامة ، ومن يخرج عن هذا الأطار او ينتقده هو في خانة الأعداء والمتآمرين وممزقي الأمة والأشرار ، وتسلط عليه السهام من قبل كتاب متمرسين في دنيا الهجوم والويل والثبور لمن يتعرض لتلك الأقلام ، ومن جنود آخرين مخفيين تحت اسماء مستعارة لكيل الكلمات البذيئة لإرسالها عبر البريد الألكتروني .
 لقد تفشت هذه الأسطورة  الى الأحزاب الآشورية في المسرح السياسي وفي مقدمتها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري الذي اتخذ في الآونة الأخيرة موقع حزب سياسي ينافس الأحزاب الأخرى على المقاعد في البرلمان العراقي والبرلمان الكوردستاني وله ايديولجية مطابقة لحزب الزوعا في رفض اي فكر يخالفه في الطرح ، وقد اكتشف المجلس الشعبي والزوعا مؤخراً ان الكلدانيين هم الذين صلبوا السيد المسيح ، فينبغي محاربتهم لكي لا تقوم لهم قائمة ، وهكذا كان الحزب الآشوري عموماً لا يدعو الى الشراكة والمحبة بين مكونات شعبنا المسيحي بل يدعو الى رفع العلم الأبيض والتسليم بكل ما يأمر به .
ما يهمنا في هذا المقال هو موقف منظمة الحركة الديمقراطية الآشورية في النرويج من اعلانها بقيام مظاهرة في اوسلو لاستنكار الجرائم المرتكبة بحق المكون المسيحي في العراق  . في السياق السياسي المسألة طبيعية لا شائبة عليها ، لكن في السياق الأخلاقي وفي مبدأ التعامل بالمثل والمتبع في الأصول والقواعد الدبلوماسية ، فإن تصرف الزملاء في منظمة الزوعا في اوسلو كان غير ودي وغير مفهوم وغير مقبول على الأطلاق ، لكن مع الأسف ظهر ان الأخوة في منظمة الزوعا في النرويج يريدون استلام انواط الشجاعة من حزبهم ، بدلاً من العلاقات الأخوية المتوازنة المبنية على الأحترام المتبادل مع اخوانهم الكلدان .
 لكننا نبقى في مناقشة آلية تنظيم المظاهرة او صيغة الأحتجاج وما يتطلب العمل الأخوي الندي من ابجديات العمل المشترك بغية خلق ارضية من التعاون المشترك وهو ما تدعو اليه الحركة وتلوكه في خطابها الأعلامي .
لنعود بالذاكرة قليلاً  الى حملة التطهير العرقي ، ومحاولات تفريغ العراق من سكانه الأصليين ومن المكون المسيحي بشكل خاص ، وكانت العملية التي استهدفت رجال الدين وفي مقدمتهم نخبة من شعبنا الكلداني حيث كان حدث استشهاد الأسقف بولص فرج رحو ورفاقه في اواخر شباط عام 2008 م ، وأرتأينا نحن الكلدان في اوسلو وتحت خيمة نادي بابل الكلداني ان نقوم بمظاهرة احتجاجية في مدينة اوسلو ، ولكننا رجحنا ان يكون هذا العمل مشترك وأن يكون هذا النشاط علامة على تضامننا ، ومن باب الحرص على وحدة شعبنا بالفعل ، وليس بالقول ، كما تدّعي الأحزاب الآشورية المتزمتة ، واتصلنا بكل محبة وإخلاص بمنظمة الحركة الديمقراطية الآشورية في اوسلو ومع  خورنة مار يوحنا ، صيتا ، للكنيسة الآشورية القديمة ، وأن نوجه الدعوة لبقية الكيانات في اوسلو باسم المكون المسيحي جميعاً ، وليس باسم نادي بابل الكلداني او باسم المكون الكلداني فحسب ، فالمسالة لا تخص حزب مسيحيي دون آخر .
واجتمعنا ثلاثتنا واتفقنا على صيغة لتحديد الشعارارت وتوزيع المصاريف وإلقاء الكلمات وغير ذلك ، وحتى في هذه الحالة كنا نعتقد ان الزوعا عند كلمتها ( كلام رجّالة ) كما يقال في اللهجة المصرية ، فإن الحركة هي الوحيدة التي ناقضت الأتفاق ، فهي الوحيدة التي رفعت علم الزوعا، في حين كان الأتفاق رفع العلمين النرويجي والعراقي فقط والتزمنا نحن الكلدان بذلك دون رفع اي علم آخر . ولكن مع ذلك اعتبرنا النشاط نقطة انطلاق لاثبات تعاوننا ووحدة شعبنا المسيحي .  
لكن في الحادث الأخير ، كيف قوبل تصرفنا الأخوي الشريف من قبل الأخوة في تنظيم الزوعا في النرويج ، خابرنا احد الزملاء الأعزاء من الزوعا بأن الحركة ستقوم بمظاهرة في اوسلو يوم السبت الموافق 8 / 5 / 10 ودون استشارتنا ، وهم على علم بأننا مرتبطين بموعد سابق في هذا التاريخ في مدينة سالسبورغ خارج اوسلو وهي مناسبة تناول اول ، وطلبنا تغيير الموعد إذ يمكن دعوة الأخوة الكلدانيين في هذه المدينة ايضاً للاشتراك بالمظاهرة ، لكنهم اخبرونا بأن الحزب قد قرر وعلينا الأنصياع للتعليمات .
 الجدير بالذكر ايضا في قولهم ان الدعوة موجهة لنا وللتيار الصدري وللحزب الشيوعي والديمقراطي الكوردستاني وغيرها من الأحزاب في المدينة ، وهكذا يبدو ان الأخوة قد وجهوا الدعوة لنا ايضاً أسوة بالآخرين ومع اعتزازنا بتلك القوى والأحزاب ، كان يجب ان نكون نحن اهل الدار الى جانب الحركة وغيرها من المكون المسيحي ، وليس من توجه لهم الدعوة للحضور  . فنحن نقول إن دعوتهم كانت غير ودية وغير مسؤولة وغير مقبولة وغير مفهومة ، فيبدو ان الأخوة في الحزب الآشوري عموماً لا يريدون التعاون والشراكة الأخوية البناءة ، إنما يريدون تطبيق سياسة كسر العظم والتعامل بمنطق القطيع والراعي فيما يخص شعبنا الكلداني وتنظيماته الحزبية او هيئات المجتمع المدني وحتى مؤسسة الكنيسة .
على الحركة الديمقراطية الآشورية يجب ان لا تنسى اسمها الحركة الديمقراطية الآشورية لكنها مع الأسف تطبق الآشورية فتؤشور كل شئ  وتنسى النصف الأخر وهو الديمقراطية ، فينبغي ان تعلم انها تعاني من فقر الدم في مسألة  الديمقراطية وعلى هذا الأساس ينبغي ان يبقى اسمها الحركة الآشورية فحسب من غير ديمقراطية  .
وأخيراً  لنقرأ دعوة المشاركة في المسيرة الأحتجاجية التي نشرها الزميل ميخائيل ممو في موقع عنكاوا ، وهي موقعة من قبل :
 شرائح المجتمع العراقي بمدينة يونشوبيغ / السويد
كم هي واقعية وشريفة تلك الدعوة دون  اجندة حزبية تحتكر مآسي شعبنا ، لكن منظمة الزوعا في النرويج ارادوا تسجيل النصر المبين لهم في هذه الواقعة ايضاً .
إن كنت مجانباً للحقيقة فحبذا لو تردّوا علي عبر المواقع بلغة حضارية بدلاً من إرسالكم ، وتحت اسماء مستعارة ، الشتائم والمسبات والكلام البذئ عبر بريدي الألكتروني .
حبيب تومي / اوسلو في 06 / 05 / 10


275
                                    الأتحاد العالمي للكتّاب والأدباء الكلدان
  (THE INTERNATIONAL UNION OF CHALDEAN WRITERS (IUCW                     



الأتحاد العالمي للأدباء والكتاب الكلدان يستنكر الجريمة البشعة التي استهدفت طلبة بغديدة
 
إن قوى الظلام التي لا تريد الديمقراطية والأستقرار في العراق ، ولا تقبل بالتسامح والتعايش الأخوي بين المكونات المختلفة في المجتمع العراقي ، حيث اقدمت اليوم على جريمة بشعة باستهدافها طلبة العلم من ابناء شعبنا في مدينة بغديدا .
إن الطلبة ناس مسالمين ومن يستهدفهم فإنه يستهدف العراق وامنه واستقراره . إن الجهات الأمنية المختصة معنية بالمحافظة على ارواح المواطنين ، وعلى عاتقها تقع مسؤولية الكشف عن المجرمين الذين يقفون حلف هذه الجرائم .
 إننا باسم الأتحاد العالمي للأدباء والكتاب الكلدان نستنكر بشدة جريمة استهداف هذه المدينة المسالمة وابناءها البررة من الطلبة .
الملكوت السماوي لشهدائنا الأبرار والشفاء العاجل بعون الله للمصابين .

الأتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلدان / 02 / 05 / 2010

276
هل نقبل بانهيار او تفتيت الكنيسة الكلدانية في العراق ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
قد يرى القارئ الكريم بأن العنوان فيه مسحة من التشاؤم او ربما المبالغة في تصوير المخاطر المحيقة بالكنيسة، لكن الواقع مع الأسف يشير الى هذه الحالة وبتسليط الأضواء على واقع الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني في العراق ، سوف يبدو جلياً مظاهر الضعف على هذه الكنيسة قياساً بماضيها القريب في العقود او في القرن المنصرم من العمر الطويل لهذه الكنيسة .
 في الماضي القريب وبالتحديد في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كان في جانب الكنيسة عوامل تقدمها وتوسعها ، وثبات أقدامها على المسرح الديني والقومي والسياسي في العراق  ، لقد تجلى ذلك في معاهدة سيفر سنة 1920 حينما كان هنالك إشارة واضحة صريحة لتثبيت الحقوق القومية لشعبنا الكلداني .
كما كان لموقف مؤسسة الكنيسة الأيجابي من إقامة حكم وطني في العراق صداه الطيب لتعزيز مكانتها ومكانة شعبها في التمثيل في مختلف مفاصل تلك الدولة  ، فكان لشعبنا الكلداني تمثيل واضح وحضور كبير في الحياة السياسية والأقتصادية والأجتماعية لهذا البلد ، واستمر ذلك الحضور حتى بعد سقوط الحكم الملكي في العراق ، فكان للبطريرك بولص شيخو حضور كبير في معالجة امور تخص شعبه الكلداني بشكل خاص والمسيحيين بشكل عام ، ومن ثم البطريرك روفائيل بيداويد الذي تجلى حضوره على الساحة العراقية في الظروف الصعبة اثناء الحرب ، وحتى في عهد صدام كان المسيحيون بشكل عام ينطبق عليهم ما ينطبق على غيرهم من المكونات من جهة الحقوق والواجبات  وفي بعض الأحيان من المظالم ايضاً .
المعادلة تغيرت بعد نيسان 2003 وبالذات حين قدوم السفير الأمريكي بول بريمر واصبح حاكماً مدنياً  ومعه كان بروز الحزب الآشوري كحزب مؤثر في ساحتنا السياسية وتمكنه من إزاحة الكلدانيين من المقدمة والأحلال محلهم والإدعاء في تمثيل المسيحيين بشكل عام ، بل اكثر من ذلك ليكونوا اوصياء عليهم بدلاً من مبدأ الشراكة المطلوب في هذه الحالات ، فشكل ذلك نقطة البداية في هبوط موقف الكنيسة وشعبها الكلداني على الساحة السياسية العراقية .
 فالإخوة بالأحزاب الآشورية عملوا بفعالية لطمس الكلدان والسريان من الوجود القومي العراقي وإبقاء البديل الآشوري ، وقد تجلى ذلك في موقف الحركة الديمقراطية الآشورية ، والمناورات التي سلكتها هذه الحركة والى اليوم ، فهي التي ابقت اسمها كحركة آشورية وأنعمت علينا باسم واحد من تنظياتها الطلابية والشبابية الكلدوآشوري ليكون اسماً لشعبنا الكلداني ، ووفق خطاب ايديولوجي منظم حشدت كل إمكانياتها المادية والسلطوية والأعلامية لدفن الكلداني وتقزميه في الساحة السياسية  وإبراز الآشورية في مركز الصدارة واستطاعت مع تلك الأمكانيات ان تمرر تلك الفرضية على شريحة كبيرة من ابناء شعبنا الكلداني ايضاً .  
في سياق الأحداث برز على الساحة بقوة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، متسلحاً بدعم من اقليم كوردستان  لخطابه ، مع وضع فضائية عشتار تحت تصرفه إضافة الى المبالغ المخصصة للمسيحيين ، وفي ما يخص مساعدة الكنائس من تلك الأموال ، (( ولا يمكن الجزم بأن تلك الأموال وزعت بتلك الطريقة بهدف تمزيق الكنيسة عمداً ام كان توزيعها بمقاصد شريفة ))  ، لكن في كل الأحوال كان لتلك المبالغ آثار سلبية على بنيان الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني ، حسب ما نجم من نتائج سيئة على بنيان الكنيسة إذ عملت على  زعزعة السلطة المركزية لقيادة الكنيسة ، وخلقت تكتلات التي نجم عنها ضعف في الرئاسة والإدارة المركزية التي كانت عبر التاريخ عامل قوة مؤثر  في الحفاظ على وحدة الكنيسة وديمومتها واستمراريتها عبر الأزمنة وتحت شتى ظروف القهر والأضطهاد .
إن النمط المؤسساتي الشفاف قد تغيب في توزيع تلك المبالغ ومهما كان مصدرها ، فإن كانت من اجل المسيحيين كان يجب ان توزع عبر جهاز مهني شفاف ، وما كان من حصة الكنيسة كان يجب ان يقدم المبلغ بجملته الى رئاسة الكنيسة اي البطريركية التي مقرها بغداد مع وجود جهاز مهني من التكنوقراط العلماني للاشراف على تلك المبالغ ، لكن الذي حدث إن تلك المبالغ  وزعت بشكل مباشر الى المطارنة او الأبرشيات او الآباء في هذه الكنيسة او تلك ، وتلك الصورة من التوزيع كانت السبب في إضعاف في موقف رئاسة الكنيسة وسلطتها المركزية أزاء ابرشياتها وأكليروسها ، لاسيما في اقليم كوردستان الذي ينشط فيه المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري المانح لتلك الأموال بتلك الصيغة .
 اليوم كالبارحة تستأنف ، او بالأحرى هي امتداد لتلك الحملة ، في النيل من مكانة الكنيسة ولاسيما بعض رموزها ، فالبطريرك الكردينال عمانوئيل دلي لم يسلم من الحملة منذ ان طالب لشعبه الكلداني بإدراج اسمه في الدستور العراقي ، ورغم ان مساعيه تلك كانت جزء من واجبه إزاء شعبه ، ونحن الكلدانيون الحريصون على بقاء قوميتنا الكلدانية وصمودها امام الحملات التي تستهدف وجودها ، فإننا نرى بأن واجب البطريرك كان يجب ان يكون اكثر نشاطاً وحراكاً وتفاعلاً مع شعبه لاسيما في اقليم كوردستان لحث القيادة الكردية لدعم شعبنا الكلداني بشكل مباشر دون وصاية ، والقيادة الكردية كما هو معروف تتعاطف مع آمال المسيحيين عموماً دون تفرقة ، وكان يجب إبراز حقوق شعبنا القومية لشعبنا الكلداني الى جانب المكونات الأخرى من بينهم السريان والآشوريين ، دون وضع هذه الأسماء في بوتقة الأنصهار والزوال كما هي الحالة في دمج تلك الأسماء بشكل قسري وانصياعاً للخطاب القومي الآشوري الراديكالي .
فنحن لنا شخصيتنا وذاتيتنا وتاريخنا وتراثنا ولغتنا الكلدانية ولا يجوز التنازل عن ذلك ، والكنيسة ينبغي ان يكون موقفها متناغماً وداعماً لطموحات شعبها الكلداني .
في الآونة الأخيرة كُتبت مقالات كثيرة تتناول رموز الكنيسة الكلدانية ، لا سيما المطارنة الذين يساندون شعبنا الكلداني في نيل حقوقه في اقليم كوردستان والوطن العراقي عموماً .
قرأت مقالاً لأحد الزملاء وهو من رواد العمل القومي الكلداني يطالب فيه باستقالة البطريرك دلي من منصبه وكأن هذه الأستقالة ستكون المفتاح السحري لحل كل الإشكالات . والى جانب ذلك ثمة مقالات اخرى لأخوة كلدان يسبحون مع تيار المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، او تيار الحركة الديمقراطية الآشورية مطالبين الأكليروس والبطريرك بالذات  بالانصياع لخطاب الحزب الآشوري باعتباره الصراط المستقيم الأوحد والبسلم الذي يشفي كل الجروح منطلقين من توجهاتهم الحزبية ، ولا شك ان هنالك من المتطوعين ، لترويج تلك المقالات وتلك الرسائل الى اكبر عدد ممكن من القراء ، مع بذر بعض التوابل والمنبهات على مضامينها ، ولهذا يمكن ببساطة ملاحظة بصمات الحزب الآشوري في هذه الحملة ايضاً  .
اقول :
 1 - من نافلة القول ان موقف الكنيسة والشعب الكلداني عموماً تنتابه مصاعب جمة ، وإن تلك المقالات إن وضعناها في الفلتر لازاله الأهداف والنيات الأديولوجية الحزبية من محتواها ، ونحاول بتجرد وبموضوعية وضع احوال الكنيسة وشعبها تحت المجهر ، سنجد امامنا جسماً مريضاً يحتاج الى علاج وعناية مخلصة لانقاذ المريض من الأنهيار او الأنحدار نحو الأسوأ .
 وليس من الإنصاف استغلال هذه الحالة لتمرير اديولوجية  الحزب الآشوري ، بل ينبغي العمل بإخلاص لانقاذ الكنيسة وشعبها الكلداني من هذه الأنتكاسة التي حلت به .
2 ــ على الكنيسة ان تعقد اجتماعاً موسعاً للاساقفة وبعض الآباء ، مع دعوة نخبة من العلمانيين لهذا الأجتماع لسماع رأيهم ، ولتنبثق لجنة مشتركة تكون آداة ربط بين الكنيسة وشعبها في مختلف الأمور التي تخص شعبنا الكلداني . وليس من العقلانية (( ان يقف شعبها الكلداني في مكان والكنيسة تقف في مكان آخر )) ولمعاجلة الأمور التي تخص الكنيسة ايضاً بجهة وجود عدد غير قليل من الكهنة قد خروجوا من مؤسسة الكنيسة ولجوئهم الى الكنائس الأخرى ، إضافة الى المشاكل الأخرى التي تعتري جسم الكنيسة في هذه الظروف .
3 ــ وضع خطة حسابية نزيهة شفافة معززة بسجلات دقيقة عن صرف الأموال ، ووضع آلية للاشراف على اموال الكنيسة وعلى قنوات صرفها ، وتكون هذه العملية تحت اشراف لجنة حسابية مهنية مختصة .
4 ــ مخاطبة الجهات المانحة : حكومة اقليم كوردستان ، الحكومة العراقية ، اوقاف المسيحيين واوقاف  اتباع الأديان غير الأسلامية وغيرهم من المانحين ، بوجوب ايصال المبالغ الى البطريركية الكاثوليكية الكلدانية التي مقرها بغداد  ومنها يجري توزيع تلك المبالغ الى الكنائس والأبرشيات وفق آليات الكنيسة المتبعة . إن هذه الطريقة ستمنع خلق مراكز وتكتلات في جسم الكنيسة الواحدة وتنهي حالة الأرباك التي تعتري هذه الكنيسة العريقة .
بارك الله بالجهود المخلصة التي تعمل على ايقاف انهيار او تمزيق الكنيسة الكاثوليكية التاريخية لشعبنا الكلداني  التي كانت على مدى التاريخ عاملاً مؤثراً في بناء الحضارة العراقية ونجماً لامعاً في سماء الوطن العراقي على مدى عشرات القرون .
حبيب تومي / اوسلو في 02 / 05 / 10

277
العرب مع الديمقراطية شئ ما يشبه شئ
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الديمقراطية تعني حكم الشعب ، وعملية الأنتخابات هي الف باء الديمقراطية ، وتداول السلطة سلمياً وديمقراطياً هي من ابجديات الديمقراطية ، ومن تلك القاعدة تتأسس وتزدهر وتتوسع الى كل مجالات الحياة . العقل العربي عصي على فهم الديمقراطية وهضم مفرداتها ، فالثقافة العربية عبر التاريخ تشير بوضوح بأن العرب شغوفون بديمقراطية السيف ، قرأت مرة هذه الواقعة : اراد معاوية بيعة يزيد ابنه وليأخذه  للعهد . فكثر الأخذ والرد وانقسم الناس بين مؤيد ومعارض ، فقام واحد وخطب قائلاً :
 أمير المؤمنين هذا ( وأشار الى معاوية ) .
فإن مات فهذا ( وأشار الى يزيد ) .
 فمن أبى فهذا ( وأشار الى السيف ) .
فقال له معاوية : أجلس فأنت سيد الخطباء .
نعم هذه الذهنية هي سائدة بين محافل كثيرة إن لم تكن هي النظرة السائدة في عقلية العالم العربي برمته . وإن تجارب تداول السلطة في هذا الجزء من العالم ماثلة امامنا فمن الخلافة الراشدية كان سبب وفاة ثلاثة خلفاء هو الأغتيال ، وإن اول خلفاء العباسيين لقب نفسه بالسفاح ، كما ان معظم الخلفاء العباسيين كان القتل والأغتيال السبب الرئيس في وفاتهم ، فالخليفة المتوكل يقتله ابنه المنتصر والخليفة المنتصر يغتاله طبيبه المرتشي ، والمستعين بالله يقتله ابنه المعتز بالله ، والخليفة معتز بالله يقتله المهتدي بالله ومن لم يكن مصيره الأغتيال فيكون مصيره إما سمل العيون او القتل بالسكاكين او التسمم .
 أما في عصرنا الحديث فقد رأينا ما حل بالعائلة المالكة من قتل والتمثيل بجثثهم، وبعد توالي الأنقلابات كان القتل سيد الموقف ، فعبد الكريم قاسم لم يسعفه عفوه عن رفاق دربه ان ينتقموا منه بأقرب فرصة ممكنة ورمي جثته بنهر دجلة ، وفي حكم صدام تجلى العنف العراقي بأوضح صوره ، ثم كان العنف الدموي الذي تسيد على كل اللغات بعد نيسان 2003 فالقتل على الهوية كان سيد الموقف والى اليوم هذه هي اللغة السائدة .
وحين التكلم عن الديمقراطية كان تركيعها من قبل العالم العربي بتوريث الأبناء او بالفوز بنسبة 99,99% التي اشتهر بها العرب بكل جدارة فأفرغت الديمقراطية من مضامينها السياسية والأنسانية .
إن هذه المقدمة المطولة هو لتبيان الخلفية الثقافية للعالم العربي ، فكل ذي سلطة في هذه الأصقاع  يرى ان الحكم من حقه وليس من حق سواه ، وإن ما يعرف بالديمقراطية اليوم هي من اجل وصوله الى كرسي الحكم والى الأبد .
جاءت امريكا من اقاصي الأرض وأسقطت حكم صدام الديكتاتوري ، وهي تعتقد ان العراقيين لهم تاريخ مجيد ولهم وحضارة تاريخية ، وبلادهم غنية بالثروات التي تنشلهم من الفقر والبطالة ، وعسى ان يكونوا مثل اليابانيين والألمان ويسعون الى بناء وطناً متطوراً ديموقراطياً يكون مثالاً يحتذى به في المنطقة والعالم ، وها هي امريكا تشد امتعتها وتهئ نفسها للرحيل ، وساساتنا الكرام لا زالوا يتناكفون وهم مخمورون بعبقة الكعكة  ومنظرها الساحر  .
 في انتخابات سابقة اخفق علاوي في الأنتخابات رغم وجوده في كرسي رئاسة الوزارة ، وتسليماً لمنطق لغة الديمقراطية نزل الرجل من كرسي الحكم  وسلمه لمن فاز في الأنتخابات ، واليوم ونحن في سنة 2010 تجري الأنتخابات وتسفر عن نتائج وتفوز قائمة العراقية التي يرأسها الدكتور اياد علاوي في المرتبة الأولى من بين القوائم المتنافسة ، والدستور والقانون والتقليد يقضي بأن يقوم علاوي بتشكيل الوزارة ، وإن اخفق في تحشيد الأكثرية في البرلمان بعد مشاوراته مع مختلف القوى عندئذ يكلف شخص آخر ان كان المالكي او غيره ، وهذه ابسط  قواعد اللعبة الديمقراطية . لكن بدلاً من التسليم بنتيجة الأنتخابات وتسليم السلطة للفائزين حدثت امور عجيبة غريبة منها السباق المارثوني   لساستنا نحو دول الجوار العربية وغير العربية لنيل بركاتهم ولكسب دعمهم .
 اليس من المخجل بحق ساستنا وقد انتخبهم الشعب العراقي ووضع بهم ثقته ؟ فلماذا الأستنجاد بالجيران ايها السادة ؟ عندما فاز احمدي نجاد في الأنتخابات في ايران هل سافر الى العراق ليأخذ بركاتهم ؟ وهل استشار العراقيين في امور تخص ايران ؟  فلماذا تتركون الشعب الذي انتخبكم وتهرولون الى الجيران ؟
ثمة تفسير واحد لهذه الهرولة وهي من اجل التشبت بالكرسي ومن اجل تركيع الديمقراطية ومن اجل الأستحواذ على اكبر حصة من الكعكة .
من جملة المعوقات امام انتقال السلطة ديمقراطياً اخترعت وسيلة الفرز اليدوي للاصوات ، وهي قصة لا تنتهي ، ان وضع المعوقات لوضع العصي في دولاب الأنتقال السلمي السلس للسلطة ، وانتهاج  ثقافة المحاصصة القبلية والمذهبية والعرقية والدينية السائدة في العراق هي امتداد للثقافة القبلية القديمة وجهود لتركيع الديمقراطية الفتية في العراق .
المشهد العراقي اليوم يستند على التراضي والموافقة على الحصة من الكعكة ، فأين اصبحت الديمقراطية والأكثرية البرلمانية والأقلية؟ وأين اصبحت المعارضة إن كان الأمر يتلخص في ترضية الجميع على تقاسم الكعكة ؟ أما ترضية الناخب العراقي المسكين وانتشاله من واقعه المزري ومن همومه اليومية فقد اصبح في خبر كان .
 فالكرسي ومكاسبه التي يسيل لها اللعاب اصبحت تشغل مخيلة ساستنا الذين انتخبهم الشعب ليوفر لهم الكهرباء والماء الصافي ، والصرف الصحي والتعليم والسكن والعلاج  وقبل كل شئ إحلال الأمن والأستقرار في البلاد وتوفير العمل للعاطلين ومكافحة الفساد المستشري والرشاوي ووو..   والقائمة تطول في امنيات الناخب العراقي التي يحلم بها  . لكن بعد ان فاز ذلك الذي ملاْ الدنيا بشعاراته وخطبه وصوره الملونة والدعاية المحمومة والسباق المارثوني والشعارات الدافئة والأخوة الحميمة للمواطن التي كان يطلقها المرشح في مسرحية الدعاية الأنتخابية ، فالفائز بعد فوزه يدير ظهره لذلك الناخب المسكين ، ويقول له :
 ((عزيزي المواطن العراقي انت حبي وحياتي وتاج رأسي ، لقد انتهى دورك والى اللقاء في حلقة قادمة بعد اربعة سنوات إنشاءالله)) .
  العملية السياسية غارقة في فوضى المناورات والتصريحات والخطوط الحمراء وفي استخدامات الفيتو من قبل اكثر من طرف والتشبث بالكرسي الى آخر الأنفاس ، ثم الأستقواء بالجيران لترضيتهم ولكسب ودهم ، وتبادل المنافع والمكاسب بين الفائزين ، ونسيان بأن هنالك شعب قد انتخبهم وينتظر تشكيل حكومة ، هذه الفوضى هي عملية التفاف على الديمقراطية وتركيعها وتفريغها من محتواها الإنساني ، وبدلاً ان تكون نعمة للشعب تنقلب الى نقمة .
 الديمقراطية ان تشكل حكومة من الأكثرية وأن تشكل حكومة ظل من المعارضة وإن تكون هذه المعارضة السيف المسلط على رقاب الحكومة لمراقبة ومحاسبة كل تصرفاتها ، لكن حينما تكون الحكومة بعد تقاسم مصالح وتراضي بين الفرقاء المتنافسة سوف يجري السكوت على كل الزلات وعلى كل الفضائح  والرشاوي والخروقات بل والجرائم ومن باب ( شيلني وأشيلك ) ، الم اقل ان الديمقراطية مع العرب شئ ما يشبه شئ ؟
 حبيب تومي / اوسلو في 27 / 04 / 2010

278
غبطة البطريرك عمانوئيل دلي هل يرضيكم تغييب الكلدان عن برلماني العراق وكوردستان ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
إنها مرحلة حرجة يعيشها شعبنا الكلداني في وطنه العراقي ، إن كان من جهة العمليات الإرهابية التي استهدفته واستهدفت  رموزه الدينية من الأكليروس وفي مقدمتهم الشهداء المطران فرج رحو ورفاقه والأب رغيد كني ورفاقه ، ناهيك عن مسلسل  تفجير الكنائس الكلدانية وعمليات اختطاف وابتزاز ومنع ارزاق واغتيال من أبناء شعبنا المسيحي بشكل عام ، لكن على خلفية كون الشعب الكلـــــداني يمثل الأكثرية من شعبنا المسيحي فقد كانت ضحاياهم يشكلون الأكثرية الساحقة من بين المسيحيين .
ومن جانب آخر ثمة مكامن خلل في مؤسسة الكنيسة نفسها فالمعلومات الراشحة لا تخبرنا بأنباء سارة بالنظر الى التيارات التي تهب عليها من شتى الجهات ، وما يعنينا نحن في هذا المقام هو العملية السياسية  وما لحق بشعبنا الكلداني من اهمال وتهميش  وبشكل خاص في مسألة تمثيلنا في البرلمانين العراقي والكوردستاني ، وما اصاب ذاكرتنا الجماعية من نسيان لماضي شعبنا الكلداني  وحضوره الدائم في العملية السياسية .  
بعد سقوط النظام عام 2003 كان موقف الكنيسة المتمثلة بتحركات غبطة البطريرك عمانوئيل دلي على الساحة العراقية ، انطلاقاً من جهوده في تثبيت قوميتنا الكلدانية في الخارطة السياسية القومية العراقية ، إذ كان له حضور ملحوظ في التحرك مع المسؤولين وعلى نطاق أعلى المستويات لتحقيق آمال شعبه الكلداني ، وقبل ذلك كان قد راجع الحاكم الأمريكي بول بريمر يسأله عن حق الكلدانيين التاريخي الشرعي في التمثيل بمجلس الحكم باعتبار القومية الكلدانية ثالث قومية عراقية ، لكن هذا الحاكم يبدو حسب الأجندة المرسومة له تنكر بوقاحة لهذا الحق ، وسلم امور شعبنا الكلداني  بيد غلاة التعصب من الحزب الآشوري والذي لم يكن يوماً عادلاً او منصفا بحق شعبنا الكلداني .
وتجلى ذلك بقيام ومحاولة هذا الحزب ( الاشوري ، وأقصد بالحزب الآشوري الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والحزب الوطني الآشوري وغيرهم من الأحزاب الآشورية التي يقضي مضاجعها نهوض قومي كلداني ) بتنفيذ سيناريو سياسي وإعلامي ومالي لتهميش كل ما اسمه كلداني وتفريغه من محتواه القومي وجعله مسألة دينية محضة ليس أكثر .
في وقتها نُظمت الحملات الأعلامية الظالمة للنيل من مكانة البطريرك ، وهذه الحملة تكررت ضد الأساقفة وبشكل مقرف ، حينما وقف الأساقفة الأجلاء مع شعبهم الكلداني بشكل مشرف وصريح في اجتماع السنودس المنعقد في عنكاوا في اواخر آذار من عام 2009 .
 لكن هذا الدور مع الأسف بدأت تدب في اوصاله عوامل الهوان والتململ والضمور لا سيما بعد ان بدأت اموال مؤسسة المجلس الشعبي بالتدفق الى مسؤولي الكنائس بشكل شخصي وانفرادي ومنها في مشاريع لترميم الكنائس والأديرة او بناء اخرى جديدة ، وكأن شعبنا كل مطالبه تنحصر في بناء الكنائس والأديرة . في الحقيقة ان هذه الأموال وكما اقول مراراً بأنها لم تصرف بشكل مؤسساتي مدروس لكي تؤدي الفائدة المرجوة منها وليكون لها دور في إنهاء معاناة الشعب والحد من عوامل الهجرة ، لاسيما في اقليم كوردستان .
 وهكذا اخمدت ، تلك الأموال ، جذوة اندفاع الكنيسة الكلدانية للوقوف مع شعبها في السراء كما في الضراء ، فانحصر دور مؤسسة الكنيسة الكلدانية في جدرانها الأربعة وانطلت عليها مسألة التدخل في السياسة فتقوقعت الكنيسة ، بل اكثر من ذلك كان للكنيسة موقف يمكن وصفه بالسلبي إزاء قوائم شعبها الكلداني وهم يخوضون الأنتخابات وعاملتهم بريبة وشكوك وتوجس ، طبعاً مع وجود بعض الإستثناءات ، وبعد ان حصل تجريدهم من كل الأمكانات اللوجستية والمالية والإعلامية كانت النتيجة تهميشهم في برلمان اقليم كوردستان ومن ثم برلمان العراق .
وفي المقابل كان موقف الكنيسة الآشورية ، بشقيها ، الموقف الشجاع والمشرف للوقوف مع شعبها في تلك العملية المهمة دون ان تهاب او تتوجس من قول قائل ، وكان النصر حليفها ، فيما كانت النتيجة مخيبة للامال ومخالفة لمجريات وسياق الواقع التاريخي والأجتماعي والديمغرافي للشعب الكلداني الأصيل في وطنه .
 كم كان يشرفك غبطة البطريرك لو كان لشعبك الكلداني على اقل تقدير ثلاثة مندوبين في برلمان اقليم كوردستان .
الم يكن شرفاً لك ولشعبك لو كان لنا ثلاثة مندوبين في برلمان العراق على اقل تقدير ؟
 لكن نصيب شعبنا الكلداني غبطة البطريرك كان الخروج من المولد بلا حمص .
 كان يجب ان تقف وتدافع عن شعبك في المحافل العراقية والكردستانية في تمثيل حقيقي للشعب الكلداني ، وذلك بكوتا خاصة للشعب الكلداني اسوة بتلك التي حصل عليها الارمن واليزيدية والمندائيين والشبك ، كان يجب ان يكون لنا كوتا قومية كلدانيـــــة ، لا ان نكون ذيول مطيعة لإخواننا في الحزب الآشوري بحجة اننا جميعاً مسيحيين ، لقد جرى الإلتفاف على حصة شعبنا الكلداني تحت ذريعة الكوتا المسيحية من قبل الأحزاب الآشورية ،  إنهم يمسكون بأيدهم ناصية الأمور والأمكانيات المادية والسلطوية والإعلامية وجرد شعبنا الكلداني من اي سلاح في يده ، واصبح شعبنا الكلداني كمن كُبّلت يداه ورجلاه بالقيود ورمي في عرض البحر وقيل له هيا اسبح .

 مع الأسف اقول ان الكنيسة تنظر الى شعبها وهو يصارع في البحر الهائج ولا تحرك ساكناً ، والذريعة ان الكنيسة لا تتدخل في السياسة . واسمح لي غبطة البطريرك ان اورد معلومة وهي ان البطريرك مار يوسف عمانوئيل الثاني شغل منصب عضو مجلس الأعيان من سنة 1925 حتى استقالته عام 1945 وكذلك شغل البطريرك مار يوسف السابع غنيمة عضوية المجلس المذكور من 15 تموز 1951 وحتى وفاته في 8 تموز سنة 1958 أي قبل اسبوع من قيام ثورة تموز ، فهل كان ذلك تدخلاً بالسياسة ام ماذا ؟
  واليوم كانت النتيجة متوقعة وهي تغييب الكلدانيين العراقيين الأصلاء من برلمان اقليم كوردستان وبرلمان العراق . في حين للأيزيدية والأرمن والمندائيين والشبك والآشوريين جميعم ممثلون في البرلمانين في حين الشعب الكلداني الأصيل ليس له من يمثله وليس لنا الآن اي ممثل في اي محفل سياسي مهم إن كان في اقليم كوردستان او في الحكومة العراقية ونحن نقتات على ما يتصدق به علينا الحزب الآشوري الحاكم على مقدرات شعبنا الكلداني .
 ودعني اقول لكم غبطة البطريرك عمانوئيل الثالث دلي الكلي الطوبة :
 إنكم لم تحركوا ساكناً ، وكأن شعبكم الكلداني يقف في مكان وانتم تقفون في مكان آخر .إن الأنكماش في دور كنيستنا وامتداد الكنائس الأخرى على حسابها فتح المجال لكتابات كثيرة تتسرب وتنشر في مواقع الأنترنيت والتي اصبحت اداة فعالة في كشف جميع الأسرار ، وإننا لم نكن مع كثير من تلك الكتابات لكن بشكل عام لم تكن خالية كلياً من حقائق ، وينبغي على الكنيسة ان تدرسها بشجاعة وجرأة وشفافية  .
بمنهى الصراحة غبطة البطريرك اسمح لنفسي ان اقول لكم :
 بأن عليكم ان تقفوا بصف شعبكم الكلداني فالشعب هو عضيدكم وهو الحليف الدئم والقوي ، وعليكم التفاعل معه ليس عن طريق القداس فحسب ، وإنما التفاعل والتواصل معه للاستماع الى صوته ،
وفتح قنوات تواصل معه للأطلاع والمشاركة في همومه .
 أدعوكم لمشاركة العلمانيين في اجتماعاكم للاستماع اليهم عن كثب ، ووضع حد للتقولات المتسربة بصدد آلية صرف الأموال ومشاركة العلمانيين المختصين في الأمور المالية التي تكون محل الشكوك ومجال لتسريب التهم فالشفافية مطلوبة في مؤسسة الكنيسة .
مؤسسة الكنيسة ستكون منيعة إن وقفت مع شعبها وما دمنا في سفينة واحدة فمسألة سلامتها ووصولها الى مرافئ السلام تهمنا جميعاً .
 ولنا امل في ان مؤسسة الكنيسة ان تساهم وتهتم ببناء البيت الكلداني عموماً وليس ببناء بيت الكنيسة فحسب .
 حبيب تومي / اوسلو في 22 / 04 /2010

279
ويحاسبون الكلدان على خسارتهم في الأنتخابات عجيب امور غريب قضية !
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
يكذب من يدعي أن الأنتخابات الأخيرة في آذار الماضي كانت بمنأى ان التاثيرات الطائفية ، بل كانت طائفية وبامتياز وتفوق ، ونتائجها تفضح سياق تلك الممارسة على انها تبحر في مستنقعات الطائفية ، ففي المحافظات الجنوبية وقسماً كبيراً من بغداد فازت القوائم الممثلة للتكتلات الشيعية ، وفي محافظات الوسط والموصل وكركوك والأنبار وصلاح الدين كانت الغلبة لقائمة علاوي التي تتسم بصيغة سنية واضحة وفي المحافظات الكردية كانت الغلبة الكاسحة للقوائم الكردية . وإن كانت هنالك بعض الأستثناءات في مفاصل هذه المعادلة فإن القاعدة كانت واضحة ولكل قاعدة استثناءات طفيفة  .
وإذا انتقلنا بهذه الفرضية الى مكونات شعبنا المسيحي ، والنتائج التي نجمت عنها ، فالقراءات الأولية تشير الى منح الآشوريون اصواتهم للقائمة الاشورية الصرفة وهي قائمة الحركة الديمقراطية الآشورية . فالآشوريون في الوطن إن كان في منطقة دشتا دنهلا او في الخمس قرى الآشورية التابعة لألقوش وهي كيرانجو وداشقتان وعين بقرة  وشرفية وبيروزافا ، او في منطقة دهوك او في اية منطقة يتواجد فيها الاشوريون ، فإن الحركة الديمقراطية الآشورية كانت على موعد مع الاصوات الاشورية في هذه القرى وغيرها دون منافسة ، ونأتي الى اصوات قائمة المجلس الشعبي التي تركزت في بغديدا ومنطقة دهوك خاصة منطقة زاخو  وتوابعها ، وبشكل خاص من الأوساط التي تتلقى أجور العمل او الحراسات او معونات من مؤسسات المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري .
 وبعد ذلك نسلط الضوء على اصوات شعبنا الكلداني الذي يشكل الأغلبية من مسيحيي العراق فكان الشعب الوحيد الذي خرج من القوقعة الدينية والتخندق القومي والمذهبي ، واتخذ الأنتماء العراقي فنارة منيرة يسترشد بها لدى إبحاره في العملية الأنتخابية ، فقد منح اصواته للقائمة العراقية بقيادة علاوي بكونها قائمة تجسد العلمانية ، كما منحوا اصواتهم للاحزاب الآشورية وللاحزاب الكردية والحزب الشيوعي وأخيراً للاحزاب الكلدانية . هذا هو الواقع الذي خيم على واقع شعبنا المسيحي بشكل عام وشعبنا الكلداني بشكل خاص .
ثمة مقولة رائعة لغاندي حينما يقول :
لتهب الرياح في داري من كل الأتجاهات ولكني لا اسمح لها ان تقلعني من جذوري . نعم نحن الكلدان لقد فتحنا النوافذ لتهب الرياح الى درجة سمحنا لها ان تقلعنا من جذورنا ، صحيح نحن لسنا مع الأصطفافات القومية والدينية ، لكن ماذا نصنع إن كان كافة الفرقاء يقفون مع تلك الأصطفافات ؟
إن انفتاحنا نحن الكلدانيون وانتماؤنا الأصيل للوطن العراقي وطيبة قلوبنا ، كل ذلك قد اوقع شعبنا الكلداني في زاوية التهميش والنسيان . اليزيدي ، اعطى صوته لليزيدي والكردي صوّت للقوائم  الكردية والآشوري اعطى صوته للحزب الآشوري ، وهذا ما قام به المندائي والتركماني والأرمني ، باستثناء الكلداني الذي اهمل ابن قوميته الكلدانيـــــة واعطى صوته لغيره ، ونحن هنا نقول صحيح نحن في التنظيمات الكلدانية هبطنا على مطار العمل القومي متأخرين ، لكن ذلك ليس مسوغاً ليكون حائلاً دون ايصال من يمثلنا من الكلدان الى قبة البرلمان .
 فسؤالي الوحيد هو :
 هل هنالك شخص آشوري اعطى صوته لقائمة كلدانيــة ؟ لا احبذ مسألة التحدي ، لكن في هذه المناسبة اتحدى اي شخص يثبت ذلك ، فليس هنالك آشوري على الكرة الأرضية ان يمنح صوته لحزب كلداني . وفي الحقيقة انا ليس لي تفسير لهذه الظاهرة التي اعتبرها من الظواهر الكونية الباقية بدون تفسير .
كُتّاب اجلاء من ابناء شعبنا تناولوا النتائج بالتحليل والتدقيق ، وكان هنالك تفسيرات مختلفة منها ما كان له بعد تحليلي وسلط الأضواء من زاوية فيها الحياد والمهنية ، وآخرين كانت فرصة ذهبية للنيل والتشفي بل منهم من رأى في هذه الخسارة مناسبة سعيدة للتنفيس عن تشنجه فبلغ تخوم التهكم والإسخفاف بكل ما هو كلداني إن كانت احزاب او منظمات او كنيسة ، او حتى كتّاب كلدان لم يسلموا ، وأحدهم أخرج ما في جعبته من علم وفن ، وأخذ يضرب ويطرح ويجمع بالأرقام ليكتشف ما هو عدد الكلدان في العراق والعالم وبطريقة عجز عنها العلم الحديث وانشتاين نفسه الذي أثبت ان الخط المنحي هو اقصر من الخط المستقيم في الكون .
قرأت المقالات التي كتبها الأخوة الكتاب الكلدان من الأتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلدان ، وتناولوا الموضوع من باب النقد والنقد الذاتي بروح رياضية مقترحين الحلول التي يرونها مناسبة للمرحلة القادمة .
 وقرأت ايضاً مقالات اخرى لاخوة من الكتاب من ابناء شعبنا المسيحي خارج خيمة الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، حيث تناولوا موضوع إخفاق الكلدان في الأنتخابات الأخيرة بشكل واقعي وموضوعي وأرادوا في تلك المقالات النقد الصريح البنّاء ، وهذه حالة ضرورية ومطلوبة ، ولا اريد ان اسمي الأسماء لكي لا انسى احدهم .
((لكن غريبة هي تلك المقالات التي يسطرها بعض كتاب من ابناء شعبنا الكلداني ، الذين يصبون جام غضبهم على الأحزاب الكلدانية لانهم خسروا في الأنتخابات علماً ان هؤلاء الكتاب انفسهم غالباً ما يتناولون التنظيمات الكلدانية بمختلف النعوت والأتهامات ، إنهم يلومون الكنيسة لانها تطالب بالتسمية الكلدانية ، فهي تتدخل بالسياسة على حد زعمهم ، وبعد ذلك يتناولون بمفردات الإستخاف والأنتقاص من كل من يتشرف ويفتخر بقوميته الكلدانية ، كما ان هؤلاء الكتاب تطوعوا للعمل في الأحزاب الآشورية ، وبعد كل ذلك يكيلون التهم للأحزاب الكلدانية لانها خسرت في الأنتخابات .
 فإن كنتم انتم النخبة المثقفة الكلدانية لكم هذه المواقف السلبية ، بل المناوئة والمنتقصة من القومية الكلدانية فكيف تريدون لهؤلاء الكلدان ان يحالفهم الفوز ؟ )) .
وبعد ذلك يعزون سبب اخفاق الكلدان بكون تنظيماتهم مشتتة ، وتدعم الفكر الإنفصالي والتمزيقي لشعبنا لاننا نضع الواو بين تسميات شعبنا لذلك نكون قد ارتكبنا الخيانة العظمى والخطيئة المميتة ، ولهذا عاقبنا شعبنا بالإحجام للتصويت لقوائمنا الكلدانية ، لكن وبهذه المناسبة اوجه بعض الأسئلة لجهابذة اللغة والسياسة هؤلاء وأقول :
 السؤال الأول :
هل وضع الواو حينما نقول باسم الأب والابن والروح القدس قد وحدنا هنا الأقانيم الثلاثة ام فرقناها ومزقناها ؟ وحينما نقول خمسة وأربعون ، قسمنا العدد خمسة مع الأربعين ام جمعنا الخمسة مع الأربعين ، الم يكون الجواب حاصل جمع وهو خمسة وأربعين ؟  هل ما تقوله احزابكم التي تنتمون اليها هو الصحيح ام المنطق والواقع ؟
 السؤال الثاني :
إن كانت خسارتنا لاننا نستخدم الواو بين تسميات شعبنا وعاقبنا شعبنا على ذلك . هل يمكن ان تخبرونا لماذا خسرت قائمة عشتار الوحدوية للعظم ؟  اليس المنتمين لهذه القائمة هم الأعداء الألداء لاستخدام واو العطف  والمفرقة لمكونات شعبنا حسب فلسفتكم ؟ فلماذا كانت الخسارة بامتياز من نصيب هذه القائمة رغم افكارها الوحدوية ،الا تشكل نتيجة هذه القائمة دحض صريح لمزاعمكم ؟
 السؤال الثالث
 هل ان الكلدان انفصاليون لانهم لا ينصاعون للاحزاب الآشورية وكل من ينصاع لهذه الاحزاب من الكلدان هو وحدوي ومن له رأي مستقل ويفتخر بقوميته الكلدانية هو انفصالي ؟
 زملائي الأعزاء حبذا لو تتسمون بشئ من الأنصاف والتعقل والحيادية في احكامكم  على شعبنا الكلداني وتنظيماته وكنيسته بدلاً من الأنجرار وراء مغريات تلك الأحزاب التي تملك بيدها اليوم السلطة والمال والأعلام ، وانتم زملائي المقربين من تلك الأحزاب اعلم ببواطن الأمور فنحن المغضوبين عليهم من قبل الأحزاب الآشورية حتى مقالاتنا لا ينشروها على مواقعهم  .
 حبب تومي / اوسلو في 17 / 04 / 2010

280
بمناسبة عيد اكيتو هل يعيد العراق أمجاده البابلية الكلدانيــــــة ؟
بقلم : حبيب تومي/ اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
اعياد اكيتو في العراق القديم او في بلاد ما بين النهرين اوبلاد الرافدين او ميزوبتاميا هي مناسبة للتجدد واستعادة الحياة والنشاط مجدداً ، والشعوب التي قطنت هذه الديار منذ ازمنة قديمة تحيي ذكرى هذه المناسبة بشكل وآخر وتحت مسميات مختلفة فعيد اكيتو البابلي الكلداني في الأول من نيسان حيث كانت هذه مناسبة لممارسة شعائر واحتفالات تدوم اثناعشرة يوماً  في بابل ويؤرخها شعبنا الكلداني بسنة 7310 كلدانية  وقد اتخذ الآشوريون من عيد اكيتو مناسبة للاحتفال السنوي ايضاً وأرّخوها بعام 6760 وهكذا يحتفل الأزيديون بهذا العيد في الأربعاء الأول من شهر نيسان من كل عام ، ويطلق عليه (سري صال ) اي رأس السنة  ، ومن المكونات العراقية الأخرى التي تحتفل بهذا العيد بشكل متميز هم الأكراد ويعطى له اسم عيد نوروز وتمتد جذور هذا العيد الى الحقبة الزرادشتية ، عموماً فإن معظم مكونات الشعب العراقي تحتفل بعيد اكيتو او عيد الربيع وهو عيد تجدد الحياة وديمومتها .
 لكن الشعب الوحيد الذي لا يحتفل بهذه المناسبة هو الشعب العربي في العراق ، فالعرب والمسلمين يعتقدون ان التاريخ يبدأ منذ انبثاق التاريخ الأسلامي ، وقبل الأسلام لقب بالعصر الجاهلي ، فكل المناسبات والأحتفالات قبل الأسلام كانت وثنية ينبغي نسيانها ووضعها في خانة الممنوعات . وبعد هيمنة التيار القومي على الدولة العراقية الحديثة تبنى الأمجاد العربية والأسلامية وهي امجاد معظمها يدور في حلقة الفتوحات والتوسع والمعارك والغنائم والجهاد والشهادة .
 اراد عبد الكريم قاسم ان يسير في طريق تمجيد العراق وتاريخ العراق ، وقد حاول على الأقل الأحتفال بعيد الشجرة في شهر آذار في الربيع  وبادر الى  غرس اول شجرة ، ولتكون هذه المناسبة رمزاً لتجدد الحياة ولنشر بذور حب الزراعة والأنتاج في نفوس العراقيين ، لكن القوى القومية العراقية وأفكارها الثورية كانت ابعد من تؤمن بهذه الأفكار ( البالية ) والى اليوم لا يوجد حزب عربي ديني او قومي يخرج من قوقعته الدينية او القومية لينادي بفكر وطني عراقي اصيل ، باستثناء قلة من الكتاب والمفكرين الليبراليين والعلمانيين ، وليس لهم لحد الآن تأثير واضح على الساحة السياسية .
الحضارات كالحيوان والنبات والبشر لها ولادة وطفولة وشباب وأفول وموت ، وقد قامت على ارض العراق دول وحضارات وامبراطوريات ومنها الحضارات السومرية والأكدية والآشورية والبابلية الكلدانية ، وكانت الأخيرة ( الكلدانية ) آخر دولة عراقية شهدت السيادة العراقية وبعدها بدأت مصائر الوطن العراقي يلعب بها الأغراب .
 في سنة 539 ق. م انتهى حكم الدولة الكلدانية في العراق باحتلال جيوش كورش الفارسي الأخميني مدينة بابل ومع سقوطها كانت بلاد الرافدين برمتها ولاية تابعة لحكمهم الى حوالي قرنين من الزمان حيث انتهت سيطرتهم بدخول قوات اسكندر الكبير سنة 331 ق. م  والذي توفي في بابل عام 323 ق . م . حيث بدأ في بابل وبلاد الكلدان العصر السلوقي والذي استمر حوالي قرنين من الزمن ، حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقيين حوالي سنة 139 ق . او 126 ق . م .
واستمر هؤلاء على حكم العراق القديم وانتهى حكمهم على يد سلالة فارسية جديدة وهي السلالة الساسانية والتي استمر حكمها من سنة 227 م الى سنة 637 م. حيث انتهى حكمهم على يد الجيش العربي الأسلامي .
 فكان الحكم الراشدي من ( 636 ـ 661 م) ومن ثم الحكم الأموي (662 ـ 750 م ) ، فالحكم العباسي ( 750 ـ 1258 م ) ، ثم الحكم التتري الذي ابتدأ بالهجوم على بغداد بقيادة هولاكو واستمر حكمهم ( 1258 ـ 1338 م ) ، ثم الجلائريون من ( 1338 ـ 1410 م ) وبعدها دال مصير العرق الى دولتا الخروف الأسود والخروف الأبيض من ( 1410 ـ 1508 م ) ، ثم الحكم الصفوي ( الأيراني ) من ( 1508 ـ 1534 م ) وبعد فترة انتقال حيث استمر الحكم العثماني على العراق من سنة 1640 الى 1917 م.  ثم بعد الأحتلال البريطاني كان استقدام الأمير فيصل ثالث انجال الملك حسين ليتوج ملكاً على العراق ، وفي تموز سنة 1958 كان ثورة تموز التي اسقطت الملكية وأسست حكم عراقي جمهوري .
 إن هذا السرد الممل أردت ان ابين ان العراق بعد سقوط الدولة الكلدانية البابلية انتهت مصائره الى يد المحتلين وكانت هذه الأرض ساحة مفتوحة للصراعات لكل من هب ودب وكل يعمل على استيلاد انواع الصراعات ليكون وقودها العراقيين . إن ملفات السكان الأصليين لهذه البلاد قد اغلقت وأصبح لهم شأنا ثانوياً فالكلدانيون في هذه البلاد اصبح شأنهم مهملاً إن كان في عموم العراق او في اقليم كوردستان .
 لقد كان الخليج العربي وبحر العرب يدعى بالبحر الكلداني والكلدانيون وضعوا الأسس الحديثة لتوزيع الوقت والتقويم ، ولعله من الطريف ومن المفيد ان نكتب ما اورده بطليموس ثم جيمينوس عن الكلداني كيدينو (Kidinnou) وهو استاذ في مدرسة سبار وقد عاش بعد الأسكندر بقليل ورد :
((حدد كيدينو الكلداني مقياس الشهر القمري بدقة عجيبة تقترب الى 0,6 من الثانية من المقياس الصحيح فقد حسبه كيدينو بـ 29 يوماً و12 ساعة و44 دقيقة و 3,3  ثانية ، والصحيح بموجب القياسات العلمية الحديثة هي 29 يوماً و12 ساعة و44 دقيقة و2,7  ثانية )) .
هؤلاء هم اجدانا شادوا لنا الحضارات ودرسوا العلوم والفنون حينما كانت اوربا غارقة في ظلام التأخر ، والجيران يتصارعون من اجل الهيمنة على هذه الأرض ، اليوم ونحن نولج اعتاب القرن الواحد والعشرين نتساءل إن كان ثمة امل بأن يعيد العراق امجاده التاريخية ويصبح  منارة مضيئة في عالم اليوم .
 ينبغي على العراقيين ان يأخذوا بأيديهم زمام مصيرهم ويحلوا مشاكلهم بينهم دون اللجوء الى الجيران لكسب ودهم واستجداء بركاتهم ، إن الجيران ان كانوا عرباً او اتراكاً  او ايرانيين لهم مصالحهم القومية والوطنية ، وهم لا يستشيرون العراقيين في امور بلادهم ،  فإلى متى يبقى عراقنا ممزقاً تلعب في رياح التاثيرات الخارجية على قادتنا المنتخبين من قبل الشعب ؟
 إن العراق سيعيد امجاده البابلية الكلدانية حينما يضع مصلحة العراق والعراقيين في الدرجة الأولى بمنأى عن التأثيرات الخارجية مهما كانت . إن الأحتفال بعيد اكيتو هو مناسبة عراقية اصيلة وعلى الدولة العراقية ان تأخذ من هذا العيد عيداً وطنياً قومياً ، كما ان السكان الأصليين في هذه البلاد من الكلدان والسريان والآشورين والأزيدية والمندائيين ، وفي مقدمتهم جميعاً شعبنا الكلداني يشكلون الخميرة الطيبة لهذه البلاد وعلى الدولة العراقية رعايتهم والمكونات الأخرى بما يناسب منزلتهم التاريخية والوطنية .
 حبيب تومي / اوسلو في 9 / 4 / 2010

281
واحداً من مواقع شعبنا يحرّف تهنئة الأستاذ مسعود البارزاني بمناسبة أكيتو
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
أن يكون للانسان هدف سياسي او قومي مسألة طبيعية وحق مشروع تفرضه لوائح حقوق الأنسان وحرية الرأي وحرية التعبير ، بالأضافة الى حرية المعتقد والأنتماء السياسي والديني والقومي ، وللفرد حرية كبيرة ومجال فسيح لخدمة اهدافه وتطلعاته إن كانت سياسية او اجتماعية او ثقافية ، وهنالك قوانين وأنظمة ولكن قبل ذلك ثمة قواعد اخلاقية وعادات وتقاليد تصب معظمها في الخصال العامة كالصدق والأمانة والتسامح والتعايش والى آخره .
وفي المجال الذي نحن بصدده ، وهو ما يخص شعبنا المسيحي بتوجهاته القومية الكلدانية والسريانية والآشورية نعود بالذاكرة قليلاً الى آواخر القرن العشرين ، حيث طرأ على سطح  المشهد السياسي والقومي لشعبنا المسيحي العنصر الآشوري الذي تمكن ان يكون عاملاً مؤثراً في الساحة السياسية بحيث بعد نيسان 2003 وحين قدوم الحاكم العسكري الأمريكي بول بريمر ، استطاع ان يثنيه عن القاعدة التقليدية في منح الشعب الكلداني حقوقه السياسية في الدولة العراقية الحديثة ، وأن يمنح تلك الحقوق  للحزب الآشوري النشيط سياسياً .
 لقد نشأت في آواخر القرن الماضي نزعة آشورية وهي لا زالت مستمرة تريد وصف كل المسيحيين العراقيين بأنهم آشوريو القومية ، ولكنهم في بداية دعوتهم اصطدموا بالإرادة والنزعة القومية الكلدانيـــــــة التي كانت في طريقها الى التبرعم والأنبثاق ، ولعل الراحل المناضل  توما توماس  هو اول من اكتشف خيوط تلك اللعبة ولهذا تصدى لتلك المحاولات في أشوَرة مسيحيي العراق حيث يقول بالحرف الواحد  في أحدى رسائله :
((( .. إن من هم كلدان اليوم لا يمكن تبديلهم بجرة قلم الى آشوريين كما يحلو للاخوة الآشوريين ذلك ، إنها تعقيد للعمل القومي والوحدة وإنها آمال البعض بإحداث انقلاب في التاريخ .. ))) .
في نفس السياق نقرأ في كتاب (الآشوريون في الفكر السياسي العراقي )  لكاتبه ابرم شبيرا نشر دار الساقي في بيروت . حيث يعاتب في صفحة 21 كل من الحزب الشيوعي العراقي والحزب الديمقراطي الكوردستاني والحركة الملكية الدستورية حينما تشير تلك الأوساط على مكونات الكلدان والتركمان والآشوريين ، فهو  يريد ان تكون الآشورية قومية والكلدانية طائفة مسيحية يطرق ابناؤها ابواب الآشوريين ليرحموا بحالهم قليلاً .
وفي ص22 ينتقد الكاتب خطاب الأستاذ مسعود البارزاني لاستعماله في إحدى خطبه سنة 2000 بقوله : حقوق اخواننا التركمان والآشوريين والكلدان ، وفي نفس السياق كان هناك كتيباً اصدره المجلس الوطني لكردستان العراق عن الأقليم جغرافياً وأثنياً ، والذي أشار فيه الى الأقلية المسيحية باعتبارها متكونة من الآشوريين والكلدان . هذا ما كتبه الأخ الكاتب ابرم شبيرا ص22
 تلك المحاولات فشلت في طمس القومية الكلدانية لكن اليوم هنالك جنود آخرون تطوعوا لدفن القومية الكلدانية ومحوها من الوجود ، فكان المجلس الشعبي الذي اتخذ اسم الكلداني السرياني الآشوري ، وهو يعمل على فرض تسميته الحزبية اسماً لقومية تاريخية ، وهذا خلاف المنطق والتاريخ وفي الآن المعاصر لا يوجد قوم يحمل تركيبة قطارية في الكرة الأرضية إلا في مخيلة الحزب الآشوري والمتعاونين معه ، ببساطة إنه استيلاد غير شرعي وغير منطقي .
 وفي دستور العراق ثمة تفصيل واضح واحترام لمشاعر الكلدانيين والآشوريين والقوميات الأخرى وقد إدرج اسم القومية الكلدانيــــــة باعتبارها ثالث قومية عراقية ، وكان هذا ايضاً مدرجاً في مسودة دستور اقليم كوردستان ، لكن بقدرة قادر وبرغم إرادة الشعب الكلداني وفي محاولات لكسر العظم ، تم مسح القومية الكلدانية من مسودة الدستور في اقليم كوردستان وفي طريقة لم تكن قانونية او إنسانية مطلقاً والتي شابها الغموض والتساؤل في وقتها .
 إننا في هذه المناسبة نهيب بالقيادة الكوردية التي تحترم إرادة الشعوب وتعامل كل المكونات الكوردستانية بمقياس واحد ، وتنظر اليها بمنظار واحد ، وتقف على مسافة واحدة من كل تلك المكونات ، في ان تعيد اسم القومية الكلدانيــــة بشكل واضح وصريح ومحترم في مسودة الدستور الكوردساتي ليكون واحداً من القوميات الأصيلة في هذا الأقليم ، وليكون علامة مشرفة في جبين الشعب الكوردي بكونه يكرم ويحترم كافة المكونات الكوردستانية دون تفرقة ودون قبول وصاية اي طرف على طرف آخر ، وليكون دستور اقليم كوردستان حين إقراره عادلاً ومنصفاً لكل المكونات حين صدور الدستور الدائم لهذا الأقليم الجميل بنسيجه الأجتماعي المتعدد .
لقد وجه الأستاذ مسعود البارزاني التهاني والتبريكات للمسيحيين بعيد اكيتو وهذا نص التهنئة : نقلا حرفياً عن الموقع الرسمي لحكومة الأقليم حسب الرابط :
http://krg.org/articles/detail.asp?lngnr=14&smap=01010100&rnr=81&anr=34398
((رئيس إقليم كوردستان يهنئ الآشوريين والكلدان والسريان بمناسبة عيد اكيدو
       

هنأ رئيس إقليم كوردستان السيد مسعود بارزاني، في برقية له، الأخوة الآشوريين والكلدان والسريان في العراق بشكل عام و اقليم كوردستان بشكل خاص، بمناسبة عيد اكيدو وراس السنة الآشورية البابلية، فيما يلي نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم
بمناسبة عيد اكيدو وراس السنة الآشورية البالبية (البابلية ) ، أقدم أحر التهاني وأزكى آيات التبريكات الى جميع الاخوات والاخوة الآشوريين والكلدان والسريان في كوردستان والعراق والعالم، وخصوصا الى الأخوات والاخوة الذين توجهوا الى إقليم كوردستان بحثا عن الامن والامان خوفا من الارهاب والارهابيين وطمعا في حياة التعايش الاخوي والسلمي والتسامح والعيش بحرية في كوردستان.

أملي أن ينعم الاخوة والاخوات الآشوريين والكلدان والسريان، الذين هم جزء مهم ورئيسي من الشعب الكوردستاني، في العيش بسلام ووئام وأن يكون عيدهم وكما هو دائما عيدا سعيدا.

أبارك لكم مجددا عيد أكيدو

مسعود بارزاني
رئيس إقليم كوردستان
31/3/2010))

بينما نشر موقع عشتار تي في (ishtartv.com) التابع للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري نص تهنئة الأستاذ مسعود البارزاني بما ينسجم أديولوجيته الحزبية التي تعمل على دفن تسمياتنا القومية التاريخية . فهل المصلحة الحزبية على حجب العين عن رؤية الحقيقة وتقلبها الى ما ينسجم وأديولجيتها الحزبية  ؟ فقد نشر هذا الموقع التهنئة بعد حذف الواوات التي اوردها الأستاذ مسعود البارزاني في تهنئه بعيد اكيتو : وحسب الرابط :
http://ishtartv.com/viewarticle,28389.html
وفيما يلي استنساخاً حرفياً للتهنئة كما اورها موقع عشتار
بسم الله الرحمن الرحيم

بمناسبة عيد اكيتو وراس السنة الآشورية البابلية، أقدم أحر التهاني وأزكى آيات التبريكات الى جميع الاخوات والاخوة الكلدان السريان الاشوريين في كوردستان والعراق والعالم، وخصوصا الى الأخوات والاخوة الذين توجهوا الى إقليم كوردستان بحثا عن الامن والامان خوفا من الارهاب والارهابيين وطمعا في حياة التعايش الاخوي والسلمي والتسامح والعيش بحرية في كوردستان.

أملي أن ينعم الاخوة والاخوات الكلدان السريان الاشوريين، الذين هم جزء مهم ورئيسي من الشعب الكوردستاني، في العيش بسلام ووئام وأن يكون عيدهم وكما هو دائما عيدا سعيدا.

أبارك لكم مجددا عيد أكيدو

مسعود بارزاني
رئيس إقليم كوردستان
31/3/2010
 أقول :
إن الأحزاب الشمولية قد زال بريقها وفقدت مصداقها لانها ببساطة كانت تقلب الحقائق ، ولكن التاريخ والزمن والحقيقة كانت كفيلة بفضح ذلك الخطاب الأعلامي الذي كان يعتمد على كسر عظم الحقائق وتبديلها بما يتناغم وأهدافها الشمولية ، إنه التاريخ الذي لا يرحم .
 حبيب تومي / اوسلو في 3 / 4 / 2010

282
نعم سُلب مقعد المجلس القومي الكلداني ومنح للحركة الديمقراطية الآشورية
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
نحن مع المنطق والعقل ومع لغة الديمقراطية ونحترم الى ابعد الحدود خيار الناخب إن كان مع ما يوافق توجهاتنا او يخالفها ، فالعملية الديمقراطية هي السلاح الفعال بيد المواطن ليفرض رأيه ويختار الشخصيات التي يريدها ان تمثله في البرلمان العراقي للسنين الأربعة القادمة ، وفي مجال الكوتا المسيحية لسنا مع او ضد الأشخاص الذين يصلون الى قبة البرلمان فلهم احتراماتنا وتقديرنا وسنحكم عليهم بما ينجزوه من مكاسب لعموم شعبنا ، وعليهم ان يكونوا أمناء لاماني شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين دون تفرقة ودون تفضيل الأنتماء الحزبي على المقاييس الأخرى  .
 لقد قدمنا تهنة الى القوائم الفائزة بأخوة وبروح رياضية لكن الفائزين في المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وفي الحركة الديمقراطية الآشورية لم يكلفوا أنفسهم حتى بنشر التهنئة في مواقعم الآشورية ،  ويبدو من هذا السلوك الغريب البعيد عن اخلاقية احترام الرأي الآخر ، بانهم يصرون بانهم فوق مستوانا وإنهم من اسيادنا ونحن الرعية لا نستحق حتى ان نقدم لهم تهنئة ، لانهم ببساطة يتصورون انهم أسيادنا العظماء .
 المهم نولج في باب المنطق والأرقام وقليل من الرياضيات .
لقد كان قرار المفوضية العليا للانتخابات بأن من لا يحصل على القاسم الأنتخابي يسقط حقه في المنافسة ومهما كانت اصواته قريبة من الفوز ليذهب الى الجحيم فليس له نصيب في الفوز ، إنما الفوز من نصيب المنتصرين الذين نزلت عليهم النعم من السماء دون معاناة ، ويبدو ان اكثر المتضررين من هذا القرار المجحف كانت قوائمنا الكلدانية التي طار منها المقعد ونزل من السماء نعمة في حضن الحركة الديمقراطية الآشورية .
 الآن نخوض قليلاً في عالم الأرقام التي لا تقبل الأجتهاد او التخمين ونستفيد من الجدول المنشور على موقع عنكاوا كوم :
 العدد الأجمالي للاصوات في الكوتا المسيحية ( 73315 ) صوت .
 القاسم الأنتخابي = 14663 صوت
اولاً :
 المجلس الشعبي حصل على = 21882 صوت ولو طرحنا من إجمالي اصوات المجلس الشعبي القاسم الإنتخابي لفضل له : 21882 – 14663 = 7219 صوت ، وهذا العدد اعلى من مستويات القوائم الأخرى فكان من نصيبه المقعد الثاني في الكوتا المسيحية وهذا حق يستحقه لا مناص منه .
 ثانياً :
 الحركة الديمقراطية الآشورية حصلت على اصوات الناخبين مجملها = 28095 صوتاً
سنطرح منها القاسم الأنتخابي : 28095 – 14663 = 14432 صوتاً وهذا يؤهلها للحصول على مقعد ثان وهذا حق لا مناص منه ايضاً ، ويكون رصيده بعد ذلك اقل من صفر بمقدار 231 من الأصوات .
فيكون المقعد الثالث قد منح للحكركة الديمقراطية بمثابة (( مكرمة )) بدون تعب وبرصيد اقل من الصفر بـ 231 من الأصوات كما مر  .
 وأرجو ان لا يفهم القارئ الكريم  انني اتهم الحركة الديمقراطية الآشورية بهذا الإجحاف الذي لحق بشعبنا الكلداني ، انما اتهم به المفوضية العليا للانتخابات التي سنت مثل هذا القانون الجائر ، والأرقام تبين مدى الظلم الذي لحق بشعبنا الكلداني وممثليه الحقيقيين .
 بعد توزيع المقاعد على القوائم الفائزة حسب استحقاقاتها ، ينبغي ان يكون المقعد  الخامس من نصيب المجلس القومي الكلداني الذي حصل على اعلى رصيد بعد ان اخذت القوائم الفائزة حصتها بشكل عادل ، فليس من المعقول ان يمنح المقعد لقائمة يحمل رصيدها اقل من الصفر بمقدار 231 صوتاً  ، بينما يحرم 6608 ناخب كلداني في قائمة المجلس القومي الكلداني ممن يمثلهم وإذا جمعنا معها القائمة الكلدانية الأخرى وهي قائمة اور سيكون من نصيب قوائم شعبنا الكلداني = 12155 صوت .
وهكذا ذهبت تلك الأصوات ادراج الرياح ، فتكون القوائم الكلدانيـــــة قد طبخت والحركة الديمقراطية الآشورية قد أكلت وشعبنا الكلداني قد خرج من المولد بلا حمص .
 فعلى الجهات المختصة ان تصلح هذا الخطأ الفاضح وعلى المجلس القومي الكلداني ان يقدم شكواه لكي يأخذ حقه الذي سلب منه تحت مظلة القانون .
 حبيب تومي / اوسلو في 27 / 03 / 2010

283
الكلــدان قادمــون 
بقلم / حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الكلدانيون اليوم ينتشرون في ارجاء المعمورة وسيندثر اسمهم وتختفي هويتهم إن لم يتكاتفوا ويتكاتفوا ويتكاتفوا في كل الأمور فهم قوم صغير مبعثر وعليهم ضغوطات مختلفة لإنهاء وجودهم في الوطن ودفن هويتهم الى الأبد .
1 ـ سأبدأ هذا المقال بحجج روتينية وهي واقعية ليس الى نكرانها سبيل ، وهي ما تعانيه المنظمات الكلدانية من فقر ، رغم وجود اغنى الناس بين الكلدانيين وحال المنظمات الكلدانية كحال الجمل الذي يحمل زق الماء على ظهره في الصحراء وهو يعاني من العطش .
2 ـ كان المنافسون لنا في هذه الأنتخابات على الكوتا المسيحية منافسون أشداء وهم كل من حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والحركة الديمقراطية الآشورية . وليس خافياً ما يملكه الحزبان من أمكانيات مادية ، ونوافذ إعلامية كفضائتي آشور وعشتار ، ومن ثم تعضيد غير المعلن ـ كما سبق ان اشرت له في مقال سابق ـ عن تعضيد الأكراد للمجلس الشعبي وتعضيد قائمة الرافدين  من قبل قائمة الحدباء في الموصل .
 3 ـ تراكمات السنين السابقة والحملة الإعلامية المنظمة لتيار الأخوة الآشوريين  ضد كل ما اسمه كلداني من تنظيمات حزبية كلدانية ومنظمات كلدانية وتراث كلداني وحتى التاريخ الكلداني وهذه الحملة الشعواء لا زالت قائمة ويجند لها بشكل خاص  الكلدانيون المتعاطفون  مع الأحزاب الآشورية ، وكلما اشتد تهجمهم على القيم الكلدانية وأحزابهم كلما كانت مكافآتهم اعلى ومواقعهم اسمى في الأحزاب الآشورية والأسماء معروفة وواضحة من الكتاب الذين يتبوأون مراكز مرموقة في الأحزاب الآشورية مكافئة لهم على استهجان وتبخيس كل ما اسمه كلداني ، وتظهر هذه الحالة في المجلس الشعبي بشكل خاص وواضح .
إن هذه النقاط وغيرها والتي لا نريد إغفالها او اتخاذها كحجج ومبررات  لإخفاقنا في الأنتخابات السابقة إن كان في اقليم كوردستان او في انتخابات البرلمان العراقي .
ولكن :
ولكن هذه عوامل موضوعية ، فماذا عن حالتنا الذاتية ؟
1 ـ كانت حالة تمزيق واضحة حين لجوء تنظيماتنا العاملة في الوطن الى خوض الأنتخابات بقائمتين متنافستين ، أدى الى حيرة الناخب الكلداني ، وكذلك الناخب غير الكلداني المتعاطف مع الكلدانيين ، فكان اختيار اسهل الطرق وهو الإحجام عن منح صوته للكلدان المنقسمين على انفسهم ومنح صوته هدية للقائمة العراقية او غيرها من القوائم . إضافة الى ذلك ان المبلغ المدفوع للقائمتين كان يمكن توفير نصفه والبالغ 25 ألف دولار وهو مبلغ مهم كان يمكن صرفه للدعاية الأنتخابية .
وبعيداً عن المجاملات : أجزم ولا ازعم ، بأن حالة نزول قائمتين قد اضاعت عن الكلدانيين فرصة الحصول على مقعد واحد في البرلمان العراقي ، والقائمتان تتحملان المسؤولية الأولى والأخيرة في ضياع هذا المقعد .
2 ـ عملية الدعاية الأنتخابية شابها ارتباك وتناقض فقد لاحظت من خلال متابعة اخبار العملية الأنتخابية بأن اي عضو في القائمة يعمل لنفسه دعاية اكثر من دعايتة للقائمة الكلدانية التي ينتمي اليها ، وأحتفظ بأمثلة على ذلك .
3 ـ لا زلت اعتقد ان دور الكنيسة كان سلبياً إزاء تعاضدها مع شعبها الكلداني في مناسبة مصيرية مهمة كمسألة الأنتخابات التي تجري كل اربع سنوات . لقد علمت من بعض الذين كانوا يقومون بالدعاية الأنتخابية في ديترويت مثلاً أن احد الآباء قد منعهم من وضع لافتة انتخابية في الشارع المقابل للكنيسة حيث تقف سيارات المصلين وكان بإمكان اي شخص يدخل الكنيسة ان يقرأ اللافتة حين يركن سيارته ، لكن القس المسؤول منعهم عن تعليقها في حين نقرأ في مقال الأخ زيد ميشو بعنوان الكلدان في ازمة ..  هذه الفقرة :
((و كنيسة كلدانية أخرى أيضاً في أرض المهجر ساهمت بدعم قائمة المجلس الكلداني الآشوري السرياني ، وذلك بعد السماح لمندوب المجلس ويحمل رتبة شماس ،  بالكلام من على المذبح بعد مراحل درب الصليب يوم الجمعة ماقبل موعد الإنتخابات ، لدعم القائمة وقد خصصت حافلات نقل لناخبي المجلس من الكنيسة وإلى المركز الذي يبعد حوالي الـ 200 كلم مع وجبة غذاء خفيفة ، ولم يخرج هذه الشماس من تلقاء نفسه ، بل طلب الكاهن من المؤمنين الجلوس لدقائق لسماع الشماس الذي سيتكلم ، ولاأعرف متى سنفصل الرتب الكنسية عن دعم القوائم الإنتخابية ، وكأننا بمرحلة جديدة من مراحل درب الصليب )) . انتهى الأقتباس
فهل فتح الطريق لقائمة المجلس الشعبي حلال ، ولا يعبتبر  تدخلاً  في السياسية ؟ بينما تعليق لافتة كلدانية يعتبر حراماً وهو تدخل الكنيسة في السياسة .
أقول :
1 ـ تفيد آخر الإحصاءات التي نشرت في موقع عنكاوا كوم ان القائمتين الكلدانيتين قائمة المجلس القومي الكلداني  وقائمة اور تقتربان من نسبة العشرين بالمئة من الأصوات ، والمجموع على تخوم القاسم الأنتخابي ، وهذه الأرقام تدل على تطور الوعي الكلداني قياساً بالإنتخابات السابقة التي كان نصيب الكلدايين تشكل اعداداً غير مهمة ولا ترتقي الى مستوى التنافس الندي .
2 ـ إن الأصوات التي حصلها الكلدان تعتبر خالصة بعيدة عن اي تأثيرات جانبية ، إن كانت هنالك دوافع مادية او الحصول على وظيفة ، فلم يكن للكلدان اي محفزات للناخب ومع ذلك حصلوا على النسبة المذكورة والتي اعتبرها شخصياً بانها تطور نوعي في مستوى الوعي القومي الكلداني .
3 ـ على تنظيماتنا التحرك في سهل نينوى ودهوك وأربيل فهذه المناطق ينحصر فيه كنز الأصوات الكلدانية ، والتي لم يكن لنا فيها الا النزر اليسير ، فعلى تنظيمانا التحرك الجدي في هذه المناطق .
4 ـ عقد مؤتمر كلداني عالمي يجذب اليه الشخصيات الثقافية والأكاديمية والأقتصادية في المجتمع الكلداني وترويج الأعلام الكلدانية ، وعقد لقاءات رياضية وثقافية واجتماعية لمنظماتنا الكلدانية في العراق والمهجر لتنمية الروح القومية الكلدانية في الوطن العراقي .
5 ـ تنسيق العمل بين حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني والمجلس القومي الكلداني والمنبر الديمقراطي الكلداني الموحد ، وبقبول وحضور واضح للاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، للعمل منذ اليوم بقلب واحد وهدف واحد وبقائمة واحدة للتحضير منذ اليوم للانتخابات القادمة والشعار يكون : ( ايصال مندوب كلدني واحد ) الى مبنى البرلمان ، وليس مهماً من يكون هذه المندوب .
6 ـ الكنيسة الكلدانية يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة وهي تعضيد شعبها الكلداني فهي كنيسة كلدانية ومطلوب منها تعضيد شعبها الكلداني مادياً ومعنوياً ، فإن ضاع شعبها واندثر من أرض ألاباء فهي حتماً ستذوب وتزول ولا تفيدها المباني والكنائس وستتحول في افضل الأحتمالات الى متحف يقال كانت هذه البناية عبارة عن كنيسة لقوم اسمه الشعب الكلداني ، فربان السفينة ما قيمته إن غرقت سفينته بركابها وطاقمها ؟ فعلى الكنيسة ان تنظر الى الأمام وإن مركبها تتقاذفه الأعاصير والأمواج وعليها التوجه لشعبها وهو حصنها المنيع ، فيجب ان تكون الكنيسة وفية لهذا الشعب . ولنا مقال في هذا الخصوص في قابل الأيام .
إن اخفاقنا يزيدنا إصراراً وإرادة لكي ننطلق من واقعنا الموضوعي ونستفيد من خطأنا بل من أخطائنا ، وننطلق بروحية شعب واحد ويد واحدة وقلب واحد ، ولكي نقول للجميع :
                                      (( الكلدان قادمون )) .
 حبيب تومي / اوسلو في 24 / 03 / 2010

284
الف مبروك لزوعا والمجلس الشعبي فكونوا امناء لمطالب المسيحيين وليس للأديولوجية الحزبية  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
نِعمة الديمقراطية انها تجعل التنافس السياسي كالتنافس الرياضي ، فهنالك من يكسب المباراة وهنالك من يخسرها ، وبروح رياضية يهنئ الفريق الخاسر زميله الفريق الفائز . وهذا التقليد يعمل به على النطاق السياسي في الدول الديمقراطية في اوروبا وامريكا وغيرها .
بكل جدارة تمكنت الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ،  بأن يحصدا معظم اصوات المسيحيين في العراق وفي العالم .
بالنسبة للحركة الديمقراطية الآشورية ، شخصياً ، اسجل هذا النصر لما ابداه الأستاذ يونادم كنا من تحركات وجهود استثنائية ، لاسيما سفراته الى الخارج قبيل بداية الحملة الأنتخابية ، وبعد ذلك تنقلاته واجتماعاته وندواته كل هذه الجهود مع وجود تنظيم حزبي جيد للحركة قد اثمرت عن تلك الحصيلة الجيدة لصالح الحركة .
 المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري كان بعد المؤتمر الثاني الذي انعقد في عنكاوا قد سلك  منحى سياسياً مستقلاً ، متخلياً عن دعواته السابقة لكونه خيمة للجميع , ولينتهج استراتيجية جديدة بأن يتحول الى حزب سياسي يشترك في الأنتخابات ويتناكف مع الأخرين للحصول على مقاعد البرلمان وبشكل مستقل ، واستطاع ان يستقطب نخبة من السياسيين والمثقفين الكلدان ليستثمرهم في حملاته الأنتخابية ومسخراً قدراته المادية والأعلامية ، وهكذا فإن حزب المجلس الشعبي قد فاز بجدارة وحصد نسبة كبيرة من اصوات المسيحيين في الخارج والداخل الى جانب الزوعا .
 لا ينبغي ان نهمل الأمكانيات المتوفرة للحزبين الزوعا والمجلس الشعبي من قدرات مادية ونوافذ إعلامية كبيرة كل هذه الأسباب وغيرها قد مكنت الحزبين من حصاد معظم الأصوات ليتقاسما الكوتا المسيحية المخصصة لكل المسيحيين على الصيغة الدينية وليس على الصيغة القومية .
 وثمة عامل مهم آخر في صالح القائمتين ( المجلس الشعبي والرافدين ) وهو التعضيد غير المعلن   للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني . وكذلك التعضيد غير المعلن لقائمة الرافدين من قبل قائمة الحدباء في الموصل  ، إن هذه التحالفات غير المعلنة قد عززت من مكانة وإمكانية التنظيمين . والفوز بحصة الأسد من الأصوات في محافظتي نينوى ودهوك والتي ينحصر فيهما اعداد مهمة من اصوات شعبنا .
عموماً علينا ان نعترف بان فوز القائمتين بالاصوات جاء ثمرة جهودهما ويستحقانه بجدارة ، ولا يقلل من شأنه بعض التبريرات مهما كانت واقعية وصحيحة فالنتيجة واضحة ، والأشياء تقاس بالنتائج . فلا غبار على فوز القائمتين واتوقع ان تكون الحركة الديمقراطية ألاشورية في المقدمة فيكون من نصيبها اكثرية المقاعد ، وبنسبة ثلاثة على اثنان مع المجلس الشعبي .
 في الحقيقة لا يمكن ان نفرق بين الفائزين كأفراد فهم جميعاً من ابناء شعبنا تطوعوا للعمل وفق ما طرحوه من برامج في صالح تحسن اوضاع شعبنا في الوطن .
أقول :
ان عملية الأقتراع والفوز بأكثرية الأصوات يعني بداية مهام النائب في البرلمان للوفاء بوعوده التي قطعها على نفسه كي يثبت مصداقيته  .
 إن الفائزين بكوتا المخصصة للمسيحيين لا يمثلون اي قومية وليس تمثيلهم قومياً ابداً ، فهم يمثلون المكون المسيحي كمسيحيين وليس ككلدان او آشوريين او سريان فقد نجحوا تحت يافطة الكوتا المسيحية ليس إلا .
 وعليهم ان لا يتركوا كل مشاكل شعبنا وينصرفوا ويتناكفوا وراء إلغاء القومية الكلدانية من الدستور العراقي الفيدرالي ، فإن لجأوا الى هذا السبيل فسيكون ذلك بمثابة فرض وصاية قومية على الكلدانيين ، بغياب ممثلي الكلدان الحقيقيين ، وإن اية محاولة لألغاء القومية الكلدانية من الدستور العراقي الفيدرالي سيدخل ذلك في الفكر الأديولوجي الشمولي الذي يستمد جذوره من الفكر  الفاشي والنازي للقوميات المسيطرة  بفرض إرادتهم على غيرهم ومسح القوميات الأخرى .
على الفائزين ان يكونوا امناء لمطالب المسيحيين بتحقيق الأمن والأستقرار ، والعمل لوضع حد  للمحاولات التي تجري لتغيير البنية الديموغرافية لمدننا وبلداتنا ، والعمل على القضاء على اسباب الهجرة قدر الإمكان ، وغير ذلك من مطالب المسيحيين في وطنهم العراق .
وإن حاول نواب الكوتا المسيحية بتطبيق اجنداتهم الحزبية للحركة الديمقرلااطية الآشورية او للمجلس الشعبي ، ودون الأخذ بنظر الأعتبار احترام المشاعر القومية للكلدانيين سيكون ذلك خيانة للمبادئ واستغلال للمنصب لتحقيق اهداف حزبية غير نزيهة وغير شريفة ، وسيكون ذلك بمثابة تمرير اديولوجية قومية عنصرية باسم الكوتا المسيحية . وهذا يدل على عدم الأمانة والوفاء ، لمن انتخبهم ولمن لم ينتخبهم .
 الكوتا هي للمسيحيين ، وليست كوتا لقومية معينة ، فان اي تلاعب او محاولة التلاعب في تغيير دستور العراق وإلغاء القومية الكلدانية من دستور الدولة العراقية ستكون خيانة بحق الكلدان وبمن يتشرفون ويفتخرون بقوميتهم الكلدانيـــــــة ، وعلى الفائزين بهذه الأنتخابات ان يكونوا امناء لاحترام مشاعر المكون الكلداني في الوطن العراقي  . نعم ان الفائزين يمثلون المسيحيين ، ولكن ليس من الشرف والمروءة والرجولة بأن يسعون الى إلغاء القومية من الدستور العراقي فسيكون ذلك عملاً شائناً يلعنه التاريخ .  فالقومية الكلدانيــــــة ثالث قومية في الخارطة القوميـــة العراقية وليس من حق اي شخص مهما كان منصبه او صلاحياته ان يلغي التاريخ والحقائق التاريخية .
فإن كانت الحركة الديمقراطية الآشورية تتباكى على التسمية القطارية عليها ان تبدل اسمها اولاً واسم فضائيتها الآشورية ثانياً ، وإلا سيكون ادعاء الحركة عبارة عن شعارات طنانة ترفعها للاستهلاك الداخلي ومحاولة لالغاء القومية الكلدانية من الخارطة القومية العراقيــــة ليس إلا ، وهذا عمل عنصري مستهجن .
وكذلك المجلس الشعبي ان كان صادقاً في المساواة بين ابنا شعبنا من الكلدان والسريان وألاشوريين  عليه ان يكون اميناً لتلك المبادئ وان يحترم مشاعر غيره من الكلدان وبمن يفتخرون بقوميتهم الكلدانية كما هم يفتخرون بقوميتهم الآشورية .
 أملنا ان ينتهج الفائزون عن المكون المسيحي نهج ديمقراطي شفاف يحترمون مشاعر كل المكونات المسيحية من كلدان وسريان وآشوريين . فيتعين عليكم ايها الفائزين ان تنظروا الى قناعات الكلدانيين نظرة مستنيرة مبنية على مبادئ الأحترام ، عموماً إن الوصاية مرفوضة ومستهجنة ومخالفة للوائح وقواعد حقوق الأنسان وحقوق الأقليات  .
المقال التالي مداخلة مع القوائم الكلدانية .
 حبيب تومي / اوسلو في 18 / 03 / 2010

285
امريكا طبخت وايران أكلت ، والعراق هل خرج من المولد بلا حمص ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
يتعين على المراقب ان يعتبر ايران لاعب سياسي محنك ، وهذه الحنكة السياسية يمكن تشخيصها بمواقف كثيرة في العصر الراهن وفي التاريخ البعيد فأيران امة عريقة كان لها حضور دائم على الساحة الأقليمية منذ عهود قديمة . وقد اشتهرت ايران بالمناورات السياسية وباغتنام الفرص المناسبة لتحقيق مصالحها وشواهد على ذلك كثيرة ومنها ما هو ماثل في ذاكرتنا القريبة ، وكمثل غير حصري توقيع معاهدة الجزائر عام 1975 للالتفاف على الأكراد وإجهاض ثورتهم بعد ان وقفت ايران الى جانبهم ردحاً من الزمن ، وبمنأى عن المبادئ الأخلاقية وتحقيقاً لمكاسب على الأرض انقلبت على الأكراد .
كان الحكم الأيراني على تناقض مع حكم طالبان ، وحينما اقدمت امريكا على غزو افغانستان وإسقاط حكم طالبان ، طلبت ايران من امريكا مغادرة هذه الدولة ، وهي تبدي ارتياحها من القضاء على طالبان لكنها ترى ان على القوات الأمريكية ان تغادرها وتتركها للجيران . وهذا ما حدث للعراق ، ففي عام 1980 نشبت الحرب بين العراق وايران ، ولسنا في صدد تحديد من بدأ الحرب . لكن هدف ايران الأول كان إسقاط حكم صدام حسين ، ولم تفلح في اسقاطه رغم الحرب التي دامت ثمانية اعوام ، لكن امريكا تمكنت من إسقاطه بظرف عشرين يوماً ، ورحبت ايران بهذا الأنجاز لكن ايران تطلب من امريكا مغادرة العراق في اليوم التالي لاسقاط صدام .
ويمكن تصنيف محاولة ذكية اخرى في هذا السياق فحسب الرواية التي اوردها الكاتب المعروف عبدالرحمن الراشد في جريدة الشرق الأوسط اللندنية في كيفية اعتقال المطلوب عبد الملك الريغي زعيم جماعة جند الله البلوشية الأيرانية ، ففيها كثير من الذكاء السياسي او المخابراتي ، فيقول الكاتب :
(أن فريقا استخباراتيا إيرانيا رصد ريغي مبكرا واقتفى أثره في رحلته من كابل الأفغانية إلى دبي، حيث توقف في مطارها لساعتين ترانزيت. واستقل من دبي طائرة قيرغيزستانية مجدولة إلى بلدها. وكان هناك رجال أمن إيرانيون سريون، قدر عددهم بثلاثة، أيضا قد حجزوا معه مقاعد على الرحلة نفسها. وفي الجو، وفي نقطة محددة، ادعى أحد الركاب المرض فأعلن قائد الطائرة للركاب يطلب إن كان بينهم طبيب أن يعرّف نفسه ويساعد على علاج المريض. وبعد أن عاين الطبيب الراكب، المريض الراكب الآخر، أبلغ قائد الطائرة بأن حالة الرجل خطرة وأنه يمر بأزمة قلبية ولا بد من هبوط عاجل لإنقاذ حياته. ووفقا للقواعد المرعية سارع قائد الطائرة طالبا الإذن من السلطات الإيرانية بالهبوط في مطار بندر عباس وهو الأقرب. وعلى المدرج كانت القوات الأمنية تحيط بالطائرة وتعتقل ريغي. طبعا لم يكن المريض والطبيب إلا من أفراد المخابرات الإيرانية الذين صعدوا إلى الطائرة الذين أدوا مسرحية باهرة، وغرروا بطاقم الطائرة) .
إن ما يهمنا من هذه الطبخة التي نفذتها امريكا هو نهوض العراق من الكبوة التي حلت به بعد نيسان 2003 وكانت للدول المجاورة اليد الطولى فيما حصل بعد ذلك من إراقة الدماء على ارض العراق ، وعن دور ايران في العراق  منذ ذلك التاريخ كان حاسماً ولكنه  لم يكن يوماً يستهدف الى بناء الملاعب والمدارس والمستشفيات وتبليط الطرق وتوفير الكهرباء ، إنها كانت تنادي منذ اليوم الأول برحيل القوات الأمريكية بعد ان نفذت واجبها في اسقاط صدام ، وان تترك الساحة لايران لتقوم بواجبها ، فتكون لها الكلمة الأولى في ترتيب البيت العراقي .
نحن في العراق لا نبغي ان يرتب بيتنا من قبل الجيران او الأصدقاء إن كانوا عرباً او امريكيين او ايرانيين ، إن ما يحتاج العراق هو ان يكون على سواعد العراقيين يتوقف بناء هذا البيت ومن يريد الخير للعراق عليه ان يساعد هذا البيت ليختار طريقه في الحياة السياسية والأجتماعية والثقافية وعلى الأسس العلمانية والديمقراطية بعيداً عن حكم الأحزاب القومية او الدينية حيث ان هذه الأحزاب ثبت بالدليل القاطع انها ادخلت العراق في طريق مظلم امتد على طوله انهاراً من الدماء إن كان في الحروب الخاجية او الداخلية او الصراع الطائفي .
لعل الأنتخابات الجديدة يوم 7 آذار الحالي كان خير معبر لصوت الشعب العراقي الذي قال :
 لا  للحكم الطائفي الديني او القومي .
 لا لتدخل الجيران .
 نعم للعلمانية الديمقراطية ، نعم للهوية العراقية .
من الأنصاف ان نعتبر هذه الأنتخابات بأنها واحدة من الأنجازات الحكومية ، هذا الواقع ينبغي ان نعترف به ، ونقطة اخرى تقوي العزيمة وتبعث الأمل والتفاؤل في إمكانية خروج العراق من عنق الزجاجة بعد ان اظهر المواطن العراقي إدراكه الواعي ، في نبذه وتنافره من الفكر الطائفي والزعامات الطائفية ، وهذا ما أرغم زعماء الفكر الطائفي بالنأي بأنفسهم عن التوجهات والشعارات الطائفية والرضوخ لنبض الشارع الذي بات ينفر من تلك الشعارات التي اغرقت العراق في بحيرات من الدماء .
 وبعد هذه الأعوام العجاف : هل نقول ان سفينة العراق قد رست في مرفأ عراقي أصيل ؟
 هل تتعمق التجربة الديمقراطية في العراق ؟ هل ان الطبخة الأمريكية سيأكل منها العراقي ؟
ام انه سيبقى خارجاً من المولد بلا حمص؟ إن الأنتخابات الأخيرة رغم عدم الأعلان عن النتائج النهائية لكن خطوطها العريضة باتت واضحة بأن ابن العراق بات يدرك ان البيت العراقي يشيده العراقيون وحينئذ سيثبت العراقيون انهم احفاد اولئك الذين بنوا الحضارت العراقية من السومريين والكلدانيين البابليين والآشوريين والعرب والأكراد وغيرهم من الشعوب الأصيلة في هذه الديار .
 حبيب تومي / اوسلو في 12 / 03 / 2010

286
العراقي بين وعود السفارة العراقية في النرويج والورقة البيضاء من السفارة العراقية في السويد
بقلم : حبيب تومي / اوسلو  
habeebtomi@yahoo.no
 
في النرويج
أذا لم اكن مخطئاً في تقديراتي فإنها السنة الثالثة التي نسمع عن فتح سفارة عراقية في النرويج ، وحينما قدم الأستاذ فاضل العزاوي وهو القائم بالأعمال استبشرنا خيراً وأبدى الرجل استعداده للتعاون وخدمة الجالية ، وكان حضوره الدائم في المناسبات يدفعنا الى التفاؤل والى مسح الأفكار القديمة عن السفارات العراقية في الخارج  التي كانت ترصد تحركات العراقيين وتراقبهم بدلاً من رصد مشاكلهم ومعاناتهم ، ولكن ما دام واجبنا هو تشخيص السلبيات ، حسب رؤيتنا ، فلا بد ان نعبر عنها بصراحة وبعيداً عن العلاقات الشخصية ، وهذا ما يصب في المصلحة العامة التي نزعم جميعنا بالدفاع عنها .
إن وعود القائم بالأعمال بفتح السفارة وبشكل خاص الأعمال القنصلية التي تمس حياة المواطن لم تتحقق الى اليوم ، وبقيت مشاكلنا قائمة لحد هذه اللحظة .
 الأنتخابات
ثمة مسالة مهمة اخرى وهي فتح مركز انتخابي في النرويج فقد اهمل حق آلاف المواطنين العراقيين في هذه الدولة ولم يستجاب لطلبهم من قبل المفوضية العليا للانتخابات ، وهذا مما دفع الألاف  الى الأحجام عن التصريت لصعوبة السفر الى السويد وحتى هذه المفوضية لم توافق على فتح مركز انتخابي قريب من الحدود ، فكانت معاناة كثيرة لمن تجشم عناء السفر الطويل الى هناك وكاتب هذه السطور واحداً منهم  .
 سافرنا الى الى مدينة يوتوبوري وتبتعد حوالي أربعة ساعات بسيارة الباص ، وهنالك مكثنا واقفين على الجليد وتحت حوالي 5 درجة مؤية تحت الصفر ، لكن المفاجأة الأخرى كانت الفوضى الضاربة اطنابها في وضع نظام بسيط سلس لمرور الناخبين ، فقد شاهدنا ان المعرفة والصداقة الحزبية  وغيرها تلعب دورها في إدخال الناخبين ، وشاهدنا التدافع وبكاء وعويل الأطفال ، فمن له ( واسطة ) لا ينتظر سوى خمس او عشر دقائق ويصوت قبل الذي انتظر اكثر من خمس ساعات فوق طبقة من الجليد ، ومن جملة ما رأيت ان مراقباً يعطي ( الباج ) لاحد معارفه ويدخل ويصوت ثم يستلمه منه بعد خروجه ، وغير ذلك من الأساليب ، والمفوضية كان يجب ان تفكر وتخصص من يرتب الدخول بنظام وطرق حضارية والأمر لم يكن صعباً بوجود تلك القوة من الشرطة السويدية ، ولابد من الأشارة ان البعض امتنع عن التصويت وعاد الى النرويج بدون إدلاء بأصواتهم  وذلك احتجاجاً على تلك الحالة المزرية .
 ونحن كنا في المركز الانتخابي الأول في انكرد وأخبروني ان المركز الثاني في في مركز المدينة لم يكن اقل فوضوية من المركز الأول . وقال بعضهم ان المركز الأنتخابي في انكرد شغل فقط خمس غرف من اصل سبعة غرف متوفرة ، ولم تشغل الغرفتين إلا بعد الثالثة والنصف مساءً . عموماً لم يكن اي مراعاة للمواطن في تلك المراكز . يجب ان أشير الى حالة ايجابية وهي مراقبة الهويات وإثبات عراقية الناخب ، فنحن نعلم وجود الفلسطيني والأيراني والسوري والجزائري وغيرهم من الجنسيات يتقمصون الهوية العراقية بقصد الحصول على اللجوء فكانت المراقبة في محلها ، ولكن هل نجحت تلك المراقبة ؟
السفارة العراقية في السويد
اعود الى موضوع معاناة العراقي بين السفارتين . سافرت في اواسط شباط المنصرم الى ستوكهولم وكنت اطمح في منح وكالة لواحداً من اقاربي لينوب عني في بعض المعاملات في العراق ، وقد رافقني احد اصدقائي الى السفارة وهو الصديق الوفي حميد ابو آزاد ، وقال ان المسألة بسيطة ويوم الخميس محدد لمثل هذه المعاملة وفعلاً كان يوم الخميس المصادف 11 / 2 / 2010 واستبشرت خيراً لان التفاؤل غالباً ما يودعني حين الدخول الى دائرة حكومية . وبعد ان وصلنا الى السفارة ، وأردت الدخول اوقفني شاب في الممر يسألني عن سبب دخولي ، أخبرته بأنني اريد ان اعطي وكالة لواحداً من اقربائي في العراق .
 فقال لي : تحتاج الى جواز سفر وصورتين وهوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية ونسخة من صورة للوكيل الذي توكله .
 فسألته عن مغزى صورة الوكيل وهو الذي سيحضر في المعاملة مع وثائقه ، فقال هذه التعليمات ولا مجال للاطالة ، وقلت له : حسناً هل بإمكاني ان اقابل مسؤلاً في السفارة  ؟
فقال هل تريد ان تقابل السفير ؟
 وهنا سرحت في افكاري فقلت انت دائماً متشائم يا حبيب تومي ها هي مشكلتك قد حلت ، فأنا اعرف السفير شخصياً وهو إنسان يقدّر الأمور ، ولا بد ان يحل المسألة وهي بسيطة جداً لا تحتاج الى اي تعقيد .
 فقلت للشاب الذي اوقفني في الممر ولم يسمح لي بالدخول :
 نعم اريد ان اقابل السفير ولي معرفة شخصية به حيث التقيت معه في مناسبات كثيرة ، لكن الرجل اجابني بأن السفير غير موجود ، ولكن لكي يمنحني جرعة من الأمل قال لي :
هل ترغب بمقابلة القنصل ؟  قلت نعم ( بارك الله بيك خليني ) اقابل القنصل لانني جئت من اوسلو وهي تبتعد 8 ساعات بالباص ، ولا يمكن ان ارجع 8 ساعات اخرى وأنا خالي الوفاض .
وهنا مد الرجل يده على أحدى الجرار في ((((( الممر ))))) وأخرج ورقة بيضاء قائلاً : تفضل أكتب عريضة للقنصل لكي تقابله فإن وافق يمكنك مقابلته ، وإلا ....
 فأخذت الورقة البيضاء من المسؤول الأول في السفارة الذي لم يسمح لي باجتياز الممر ، لكنه سهل امري بإعطائي ورقة بيضاء وربما يعتقد الرجل ان العودة بطريق 16 ساعة سفر بورقة بيضاء افضل من العودة خال الوفاض او كما يقولون عاد بخفي حنين .
 نأمل ان تدرك سفاراتنا في الخارج مسؤولياتها امام المواطن وتحترم آديميته كإنسان لا اكثر .
اضع هذه المعاناة امام الأستاذ الدكتور احمد بامرني سفير العراق في السويد والأستاذ فاضل العزاوي القائم بالأعمال في النرويج .
حبيب  تومي / اوسلو في 8 / 03 / 2010

287
سبق لي ان كتبت في موقع عنكاوا كوم ومواقع اخرى مقالاً تحت عنوان :
"لماذا تريد الأستحواذ على ما ليس لك ايها الدكتور .. ؟"
 وقد دخلت الموقع حسب الرابط أدناه وكان هذا التوضيح من الدكتور أياد يونس .
حبيب تومي / اوسلو في 3 / 3 / 2010
----------------------------

http://iyadyounessarqyology.jeeran.com/archive/2010/2/1018502.html
------------------------------
توضيح للباحث حبيب تومي
الخميس, 18 فبراير, 2010

من الدكتور إياد يونس إلى أخي العزيز : حبيب تومي

تحية طيبة وبعد مليئة بالشكر

حول المقال أكيتو عيد كلداني أم أشورى انا لم انقل وأضعه في اسمي بتاتا ولكن أتقدم بالشكر لك لأنني تنبهت إلى قرصنة من أحد المتطفلين الذين لا يتمتعون بأي أخلاقيات سواء في النشر أو مراعاة جهد أي باحث وأنا أقدم اعتذاري ليس كوني من أخذ المقال ولكن أعتذر لك كون المقال نشر من خلال صفحتي الشخصية الأمر الذي وضعك في شك ولم أعرف بذلك سوى اليوم لأنني كنت أمر في ظروف صعبة ولم استطع أن أتطلع لإلى بريدي منذ ثلاثة أشهر فعملت على كتابة هذا الاعتذار لأنه تمت الإساءة ليس من خلالي ولكن من خلال صفحتي الرئيسية في موقع جيران وليس هذا فقط بل تم أيضا الاعتداء على موقعي الالكتروني أكسير الحياة من خلال بعض الأشخاص الغير أخلاقيين وحاليا اعمل من خلال محرك البحث الماليزي على معرفة الـ  IP   الذي تم من خلاله اختراق صفحتي الشخصية وسوف أعلمك قريبا من قام بهذا الفعل الغير أخلاقي وأتمنى أن نبقى على اتصال دائم من خلال بريدي الالكتروني IYADYOUNESS@HOTMAIL.COM ومن خلال صفحتي الرئيسية في موقع جيران

كما أتقدم بالشكر الجزيل إلى موقع جيران لنزاهته وأخلاقياته وأتمنى أن تنضم معنا إلى شبكة المدونين العرب لتبادل المدونات كما أعدك قريبا جدا أن أزودك باسم  من فعل ذلك لأنها إساءة لي قبل أن تكون لك وإساءة إلى موقع جيران. وأتمنى من إدارة موقع جيران ان تتبع الـ IP  أيضا الذي نشر من خلاله المقال لأنك كما لا حظت اهتمامي بعلم الأديان القديم هو المسيطر على مقالاتي .

ختاما تقبل خالص شكري.

 

288
                                   الأتحاد العالمي للكتّاب والأدباء الكلدان  




الأتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلدان يقف مع القائمتين الكلدانيتين 391 و 392

 بقلم حبيب تومي / اوسلو
habebtomi@yahoo.no
 
تحمل الأنتخابات القادمة اهمية كبيرة رغم تباين الآراء وتناقضها ، وما  سوف تحققه من تغير الواقع السياسي ، فمع الهطول الكثيف للدعايات الأنتخابية نقرأ  عن برامج  طموحة كبيرة في معانيها واهميتها ، إن كان ما يخص منها الوضع الأمني او الخدماتي او الأقتصادي فثمة عبارات وكلمات جميلة تغطي صفحات  تلك البرامج  منها القضاء على البطالة وتحسين الحالة المعاشية للمواطن وتوفير الخدمات ومكافحة الفساد الأداري والمالي وتوفير السكن والماء والكهرباء والى اخره من الشعارات الطنانة التي تدغدغ مشاعر المواطن المحتاج الى كل تلك الخدمات ويحلم بها في ليله  الطويل .
نأتي الى المفيد في قوائم شعبنا الكلداني أقول :
لقد طال شعبنا الكلداني ظلم وقتل وتشريد على مدى السنين المنصرمة منذ نيسان سنة 2003 والى اليوم ، وفي مجال العملية السياسية كان تهميشه بشكل قسري ظالم من قبل الحاكم الأمريكي بول بريمر ، وإن هذا التهميش الى اليوم لا زال مستمر وقائماً ، إن كان في عموم الوطن العراقي او في اقليم كوردستان  .
إن الشعب الكلداني يشكل  المكون الرئيسي بين المسيحيين العراقيين ، وقد اهمل امره تحت ضغوط الحملات الأعلامية الظالمة من قبل القنوات الإعلامية العائدة لأحزاب آشورية ، والتي بدورها تعمل المستحيل من أجل دفن كل ما هو اسمه كلداني وفي المقدمة مسح اسم القومية الكلدانية من الخارطة القومية العراقية .
 لذلك فنحن الكلدانيين نتوخى الأمل في الشخصيات الكلدانية المرشحة فهؤلاء هم أملنا والمدافعين الحقيقيين عن شعبنا الكلداني ، وهم الأخوات والأخوة المرشحين في قائمتي المجلس القومي الكلداني 391 وهم السيدات والسادة :
 الدكتور حكمت داود حكيم ، الأستاذ ضياء بطرس صليوا ، الأستاذة  فيان جلال مرقس ، المهندس زهير صبري بطرس نكارا ، المهندس فؤاد متي توما ، المهندس عامر داود بطرس ، المهندس أثير اليشاع اوراها ، والأستاذة لمياء صائب زيا .
 ومع قائمة  اور الوطنية 392 وهم السيدات والسادة :
الأستاذ ابلحد افرام ساوا ، المحامي رمزي ميخا ججو ،الأستاذ سيروان شابي بهنان ، المحامية لمياء ابراهيم دانيال ، الأستاذ طلال منصور طوبيا يلدو ، الأستاذ باسم يعقوب يوسف ، الأستاذ طلعت منصور ابرم البهرو ، الأستاذة وداد يوسف دنخا ساكو ، الدكتور سعد متي بطرس ، الدكتورة رجاء الياس سعيد .
 إن أفراد هذه النخبة  قد وضعوا امامهم ما يتعرض له شعبنا المسيحي من مظالم وقتل على الهوية ومن التهديد والتشريد ، وفيما يطال شعبنا الكلداني بشكل خاص من التهميش والتعتيم والأهمال ، ولعل تجربة الأنتخابات في برلمان اقليم كوردستان في الصيف الماضي ماثلة امامنا ، حيث استطاعت تلك القوى المتزمتة ان تفعل المستحيل بحيث لا يفوز اي حزب كلداني .
 اليوم على شعبنا الكلداني ان يثبت هويته ويثبت وجوده وهو شعب عراقي اصيل وهو الذي ساهم ببناء الحضارات المشرقة على ارض بلاد ما بين النهرين ، من اختراع  الكتابة الى العلوم الفلكية الى الطب والهندسة الى تقسيم الوقت .. إنه الشعب الكلداني العراقي الأصيل ، وينبغي ان ينهض هذا الشعب من جديد وان يعيد امجاده التاريخية ، وأن يشغل اليوم موقعه المؤثر في العملية السياسية العراقية .
 نحن مع الفكر العلماني الديمقراطي وإن قائمتي شعبنا الكلداني مع هذا النهج  وهو الكفيل بأن يقود مسيرة الشعب العراقي نحو السلام والأستقرار وبر الأمان عبر عملية ديمقراطية شاملة يكون للجميع حقوق المواطنة المتكافئة .
ثمة تساؤلات من قبل بعض الاصدقاء عن موقف الأتحاد العالمي من القوائم الأنتخابية لا سيما ما يخص قوائم شعبنا الكلداني .
عموماً إن الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، له فكر وطني عراقي ويهمه ان تفوز القوائم العلمانية الديمقراطية ، ولا يريد ان يعود العراق الى مربع الحكم الطائفي الديني او القومي ، ولهذا يقف اتحادنا مع تلك القوائم العلمانية الديمقراطية ومع ابناء شعبنا من المسيحيين  المرشحين المستقلين ، ومع الأسف لا تحضرني اسماءهم ، ومع كل القوائم التي لا تحمل اجندة طائفية دينية او فكر قومي متزمت ، كما اننا في الأتحاد حاولنا تقريب وجهات النظر للقائمتين ( قائمة المجلس القومي 391 وقائمة اور الوطنية 392 ) ولكن في نهاية المطاف احترمنا رأي الطرفين في وجود قائمتين كلدانيتين وأتفقنا ان نقف على مسافة واحدة من القائمتين .
إن هذا الموقف المحايد لا ينفي وقوف وأحداً او اكثر من كتابنا مع هذه القائمة او تلك ولسنا ضد التوجهات الشخصية في هذا  المقام فنحن في الأتحاد لسنا منظمة او حزب شمولي ليكون لنا رأي موجه . فكل عضو له حريته ورأيه الشخصي في هذه العملية السياسية ونحن نحترم ذلك الرأي .
إننا  في الأتحاد العالمي للأدباء والكتاب الكلدان:
 نناشد شعبنا الكلداني ان يقف مع النخبة المثقفة المؤمنة بحقوق شعبنا الكلداني وهويته العراقية الأصيلة ، فقد احتفظ اباؤنا وأجدادنا بهذا الأسم التاريخي وينبغي علينا المحافظة على تلك الأمانة وأن لا نفرط بها ، ولهذا نناشد الكلدانيين في الولايات المتحدة الأمريكية وفي استراليا وفي اوروبا التوجه نحو صناديق الأقتراع والأدلاء باصواتهم لأخوانهم وأخواتهم في قوائمنا الكلدانيـــــــــــة ، إنها ساعة الوفاء وساعة الوقوف مع الصديق ، إنها ساعة إثبات الوجود .
 ايتها الأخوات ايها الأخوة من شعبنا الكلداني :
إن عدم فوز قوائم كلدانيــــــة سيؤول الى تغيير الدستور العراقي لدفن القومية الكلدانيــــة كما حدث في مسودة اقليم كوردستان ، فثمة اشقاء لنا لا يسعدهم ان يشرق نور الشمس على الاسم القومي الكلداني ، ولا يحلو لهم النوم ما دامت  هنالك قومية كلدانية مدونة في الدستور العراقي  وقد افلحوا في إلغائها من الدستور الكوردستاني ، ولإيقاف تلك المحاولات ينبغي ان يكون هنالك من يمثل هذا الشعب الكلداني بشكل مباشر في البرلمان العراقي .
 فنناشد شعبنا في مدننا وقرانا الكلدانية في القوش وتللسقف وباطنايا وباقوفا وتلكيف وكرملش وعنكاوا ومنكيش وفي كل قرية ومدينة كلدانيـــــــة الوقوف مع شعبهم وقوائمهم الكلدانية .
 في هذه المناسبة  نناشد الأخوة  الأكراد ونقول لهم : بأن الشعب الكلداني كان مع قضيتهم ووقف الى جانبهم دائماً ، فينبغي أن يكونوا اوفياء لتلك الصداقة ، كما نناشد ألأخوة في الجنوب الذين يعتزون بهويتهم العراقية الأصيلة إن كانت كلدانية او سومرية او آشورية ان يقفوا مع الشعب الكلداني الأصيل .

 إن وطننا العراقي يقف اليوم على مفترق طرق ، والمواطن العراقي  يدلي بصوته لترشيح نخبة سياسية لاربع سنين  قادمة ، وهو امام مسؤولية تاريخية كبيرة في اختبيار طبقة حاكمة تقرر مصير العراق ، إن القوائم والمكونات الصغيرة هي قوائم عراقية اصيلة يهمها مصلحة الوطن العراقي ، وهي قوائم ديمقراطية علمانية ، وإن قائمتي شعبنا الكلداني 391 , 392 تعملان في المحيط الوطني العراقي وتعملان على استقراره وتقدمه ، ولهذا نقف معهم ومع كل القوى الديمقراطية العلمانية التي تعمل بإخلاص من اجل الوطن العراقي العظيم.
حبيب تومي رئيس الأتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلــدان
 اوسلو في 2 / 3 / 2010

289
اليس من المخجل ان يقف المالكي وحكومته متفرجين على دراما قتل وتهجير مسيحيي الموصل ؟
 بقلم حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
هل نعيش في غابة ام في دولة القوانين والأنظمة وفيها دستور وبرلمان وجيش وشرطة ووزارات وحكومة التي تمسك بيدها القوة والسلاح ومن واجبها الأساسي الحفاظ على ارواح المواطنين وممتلكاتهم من العدوان الداخلي والخارجي على حد سواء ؟
لكن الحكومة العراقية تحافظ على المواطنين وممتلكاتهم باستثاء بعض المكونات ، فبينما  نشاهد هذه الحكومة التي يرأسها الأستاذ نوري المالكي منذ اربعة سنوات تعمل على احلال النظام والأستقرار في محافظات الجنوب والوسط تاركة محافظة الموصل  تائهة يسودها نظام الغابة ، حيث لا حكومة ولا أمن ولا استقرار وهي تشبه حارة ( كل من ايدو الو ) . فيقتل المواطن المسيحي على هويته وتهجر العوائل ويحرم طلبة الجامعات من دراستهم ، وتفجر الكنائس المسيحية ، والحكومة العراقية تغرد خارج السرب ، كأنما الذين يقتلون ويهجرون مواطنون قدموا مهاجرين  من جزر الواق واق ، ولا يهم امرهم شأن الحكومة العراقية ، ويبدو ان علينا تقديم الشكوى لحكومة بنغلادش او مدغشقر او سيرلانكا ...  للحفاظ على المسيحيين العراقيين في الموصل .
 الأستاذ المالكي  المحترم
نحن نقدر انك مقبل على انتخابات مصيرية ونحن نتمنى لك النجاح لتعود الى دورة ثانية وتستلم رئاسة الوزارة لفترة ثانية ولكن .. ماذا فعلت دولة رئيس الوزراء في الفترة السابقة ؟
من المؤكد ونحن شهود انك قد حققت الكثير في شأن توطيد الأستقرار والسلام ، رغم ما يوصف هذا الأستقرار بأنه هش وليس راسخاً بما يجب ان يكون .  وإن كنت قد حققت الأمن والأستقرار في البصرة وغيرها في محافظات الجنوب فإنك قد اهملت مدينة الموصل ومحافظة نينوى بشكل عام والتي يقطنها مكونات عراقية متنوعة دينية وقومية ، وجميعها مكونات عراقية اصيلة ، فإن كنت قد حققت الأستقرار للأكثرية الشيعية في الجنوب  لكنك لم تحقق هذا الأمن والأستقرار للمكونات غير الأسلامية وفي مقدمتهم المسيحيين . إن احداث الموصل الدامية اليومية وترك  مسيحيي الموصل لمصيرهم في غابة من الذئاب هو دليل زعمنا .
 السيد اسامة النجفي وهو عضو البرلمان العراقي يصرح لموقع عنكاو يقول :
(( إن ما يجري من استهداف المسيحيين  .. هو جريمة سياسية  لاقتلاع هذا المكون من مدينة الموصل  ولأهداف رخيصة تستمر  بمحاولاتها هذه على مدى عامين  وقد أثبتت بعض  الجهات السياسية تورطها  في ظل إخفاء الحكومة  الاتحادية  لنتائج التحقيقات بشان  الكشف عن تلك الجهات .. وطالب النجيفي  بالكشف عن التحقيقات وإذا ما استمرت الحكومة في التستر عليها فانا أطالب بتحقيق دولي  في قضايا استهداف وتهجير المسيحيين  واقتلاع أراضيهم...)) .
 السؤال هو لماذا تتسترون على نتائج التحقيقات ؟
 والسؤال الأهم : من يقف وراءها ؟
 هل هي الحكومة الإيرانية ؟ هل هي بعض الحكومات العربية ؟ هل هي القوات الأمريكية ؟ هل هي جهات كردية ؟ هل هي احزاب دينية ؟ هل هي القاعدة ؟ هل هي شخصيات او جهات في الحكومة العراقية ؟
 فلماذا تتحفظ الحكومة العراقية على الكشف عن النتائج وتشخيص المجرمين وتقديمهم للعدالة ، اليست دولة القانون ؟ فلما الخوف من تطبيق القانون الذي ينبغي ان يسري على الجميع في دولة القانون ؟
في دولة القانون وكمثل غير حصري ، ففي دولة الإمارات قبل اسابيع اغتيل المبحوح وهو قيادي فلسطيني في عملية سرية محنكة ، ومع ذلك وفي ظرف ايام كُشفت هوية المتورطين في الأغتيال ووجهت مذكرات الأعتقال ووزعت صورهم الى الأنتربول للقبض عليهم  ، بينما نحن يرتكب القاتل جريمته ويسير طليقاً في الشوارع ليقوم في اليوم الثاني بارتكاب جريمة أخرى ، فبعد تلك الجرائم هل يحق لنا ندعي بأننا دولة القانون ؟
نقرأ عن منظمة الاقليات العراقية تقول ان :
 "اطراف سياسية تشترك في مؤامرة استهداف مسيحيي الموصل"
وتعليقي على ذلك بأن هذه المسالة تعتبر لا اخلاقية في كل القياسات بأن تسفك دماء ابناء شعب واناس ابرياء من اجل توظيف تلك الدماء وتلك المعاناة لاهداف سياسية او خصومات حزبية او منافسات انتخابية إنها حقاً منتهى اللااخلاقية وانعدام الضمير ليس إلا .
بعد خراب البصرة كما يقال وبعدما اريقت الدماء الزكية لاناس ابرياء وبعد الهجرة التي طالت مئات العوائل في بحر الأيام القليلة الماضية فنقرأ :
ان الحكومة العراقية شكلت لجنة تحقيق ومتابعة فورية للاعتداءات التي تستهدف المسيحيين في محافظة نينوى، وأسفرت عن مقتل ثمانية منهم في غضون خمسة أيام، بينهم عائلة من ثلاثة أشخاص قبل ثلاثة أيام.
وقال الناطق باسم الحكومة علي الدباغ في بيان إن «الحكومة العراقية تتابع الاستهداف الوحشي الذي يتعرض له المسيحيون في محافظة نينوى من قبل قوى إرهابية شريرة تستبيح قتل الإنسان العراقي في محاولة لزرع الشقاق بين العراقيين».
ويضيف الدباغ أن
 «استهداف المسيحيين يعتبر تهديدا للدولة العراقية لما يمثله المسيحيون من مكون أصيل من مكونات شعبنا العزيز». وقال إن «رئيس مجلس الوزراء قرر تشكيل لجنة تحقيق ومتابعة فورية لتوفير إجراءات أمن إضافية لحماية الأفراد والممتلكات والمؤسسات الدينية المسيحية، والتحقيق مع نقاط الحماية التي حدثت عمليات الاستهداف بالقرب منها».
 حسناً هل نشهد ترجمة لهذا الكلام على ارض الواقع ؟ ام هو من قبيل ذر الرماد في العيون ليس إلا ؟ فهل تحرك الحكومة جيوشها لتطهير المنطقة من القتلة والأرهابين ام ترضى بترقيع الأمور وتهدئة الخواطر فحسب ؟
 بحسب بعض الكتابات لابناء شعبنا القاطنين في الموصل فإن القوى الرئيسية هي قيادة قوات عمليات نينوى التي تأتمر بأوامر الحكومة العراقية وهي لا تحرك ساكناً في استهداف المسيحيين والهجوم على سيارات نقل الطلبة ، علما ان هذه القوات منتشرة في كل مكان .  
 لقد ارتفعت الأحتجاجات من كل انحاء العراق إن كان من قبل الأساقفة الأجلاء بعد ان  طفح الكيل ، ولم يعد مكان لمزيد من الصبر ، وكذلك من قداسة البابا ومن المنظمات الدولية الأنسانية ، فما هو موقف الحكومة العراقية بعد كل ما يجري على ارض العراق ؟
 إن من واجب الحكومة العراقية ان تحافظ على كل مكونات الشعب العراقي وليس الأكثريات فهذه الأكثريات إن كانوا من السنة او الشيعة او الأكراد ، فلديهم قوتهم الذاتية تحميهم بينما الأيزيدية والمندائيين والمسيحيين ليس لهم قوة تحميهم ، وإن شاءت الحكومة العراقية فلتسلح شباب هذه المكونات لكي يحافظوا على انفسهم .
(( إن المسيحيين هم اللبنة الأساسية للشعب العراقي ولا نطلب لهم الرحمة والشفقة ، إنما نطلب لهم حقوق المواطنة من الدرجة الأولى وليس حقوق اهل الذمة ، إنهم مواطنون من الدرجة الأولى كما هو المالكي والجعفري والطالباني والعلاوي وغيرهرم من العراقيين الذين لهم مناصب كبيرة في الدولة العراقية )) .
 مطلوب منك استاذ نوري المالكي ان تكون رئيس وزراء جميع العراقيين وتهتم بهم جميعاً بشكل متساو إن كان في مسالة الحفاظ على ارواحهم وممتلكاتهم او في مسألة منحهم ما يستحقون مناصب ووظائف ومنحهم فرص عمل .
 نتمنى ان تقوم الحكومة بالواجب الملقي  على عاتقها في المحافظة على ارواح المواطنين فمن المخجل ان تقف الحكومة مكتوفة الأيدي وتتفرج على المأساة الأنسانية التي تدور فصولها الدارامية امامها في وضح النهار .
 ان الأجراءات الحكومية التي اعلنت عنها لا نريد ان تكون موسمية او حسب الظروف او تلبية للضغوط الدولية والمحلية والأعلامية ، إنما على الحكومة ان تقوم بواجبها بما تنص عليه لوائح الحقوق والواجبات . فهل تعمل الحكومة ؟ فإن فعلت تثبت مصداقيتها أمام الشعب وأمام العالم . وسنرى ما يتحقق على ارض الواقع في قادم الأيام  .
 حبيب تومي / اوسلو في 26 / 02 / 2010

290
المالكي والنجيفي يتحملان المسؤولية الأمنية والأخلاقية في قتل وتهجير مسيحيي الموصل
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
السؤال المطروح بعجالة هو : من المسؤول عن حماية مسيحيي الموصل من عصابات القتل والخطف والأبتزاز والتهجير ؟
وسنجيب بعجالة ايضاً بأن الحاكم اولى واجباته السياسية وقبل كل شئ هي مسؤوليته بالحفاظ على ارواح مواطنيه وحماية ممتلكاتهم . هذه بديهة لا تحتاج الى التبحر في العلوم والمعرفة ، ففي العراق حكومة مركزية عاصمتها بغداد يرأسها نوري المالكي وفي محافظة نينوى حكومة محلية عاصمتها مدينة الموصل ويرأسها المحافظ أثيل النجيفي ، ويعمل تحت أمرة المسؤولَين قوات من  وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ومختلف فصائل القوات للمحافظة على الأمن والأستقرار كقوات الجيش والشرطة وأجهزة الأمن المختلفة .
 في هذا السياق سيكون المالكي والنجيفي المسؤولان المباشران اللذان يتحملان هذه المسؤولية امنياً وقانونياً وأخلاقياً . ولا يمكن ان نطلب من دولة اجنبية او عربية حماية المسيحيين في مدن العراق ، او نتهم تلك الدول والحكومات بتقاعسها في توفير الحماية اللازمة لهذا الشعب الأصيل في مدن العراق ومنها مدينة الموصل .
 بالعودة الى التاريخ القبلإسلامي ، ستكون ارض بلاد النهرين شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً زاخرة بكنائسها وأديرتها وقصورها ومدارسها العامرة ، وستكون هذه الأصقاع بلاد تسكنها اكثرية مسيحية ساحقة ، ولكن بعد الحكم العربي الإسلامي في القرن السابع الميلادي سنشاهد على الأرض ان المكون السكاني المسيحي يبدأ بالضمور امام المكون المسلم الذي بات يشكل الأكثرية ، السبب :
 يجب الأقرار بعدم استخدام حرب إبادة ، او مجازر بشرية بحق المكون المسيحي ، ولا حتى بسبب جاذبية المبادئ الدينية الأسلامية  ، إنما كان رجحان كفة الميزان للمكون الأسلامي بسبب الضغط الأجتماعي والتمييز الشرعي ، او حتى الإذلال عن طريق قوانين وشرائع بمفهوم ما عرف بأهل الذمة ، وكان بموجب تلك الأحكام تفرض ملابس معينة لتمييز هؤلاء البشر عن الأسلام ، ثم كانت الضرائب الخاصة ، وهكذا وبالرغم من وجود فسح تسامحية بين الفينة والفينة لكنها في نهاية المطاف كان ترسخ فيهم الشعور الجارح بالأنتماء او حتى الأنتباذ ، وكل ذلك كان يشكل سبباً للخروج من صقيع الأقلية المسيحية المضطَهَدة والولوج والتحول الى امتيازات وتفوق الأكثرية المسلمة المضطهِدة . فماذا يجري اليوم لمن بقي على دينه على ارض الموصل ؟
إن ما يجري اليوم على ارض الموصل اليوم  بما نسمع ونقرأ عنه له تفسيرات غريبة وغير واقعية والتنصل من المسؤولية ، وتبادل اتهامات ، لمن يقوم بتلك الجرائم .
السيد المحافظ وغيره من المسؤولين من المنتمين الى قائمة الحدباء في انتخابات مجالس المحافظات ومعهم المكونات والأحزاب المتحالفة غالباً ما يحاولون التنصل من المسؤولية ولصق التهمة بجهات كوردية ، وتبرئ ساحة الحكومة المركزية والمحلية ، كما ان إبقاء الموضوع في هذا الإطار والسكوت المطبق ولفلفة التحقيقات عن الجرائم الحاصلة في وضح النهار سيكون وسيلة لتبرير الأعمال الأجرامية وتبرئة المجرمين الحقيقيين وتجنيبهم المساءلة وتقديمهم الى العدالة .
إن مدينة الموصل اليوم تحت سيطرة الحكومة المحلية التي يرأسها المحافظ اثيل النجيفي ، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحكومة المركزية وهي مسؤولة امامها في حفظ الأمن والأستقرار داخل مدينة الموصل على الأقل ، وعليها يقع واجب المحافظة على امن المواطن ، فلماذا تسكت عن مقترفي الجرائم ومهما كان انتماؤهم الديني او القومي او السياسي ؟
 ولماذا يحجمون بشكل مستمر عن ذكر اسم القاتل الحقيقي ؟ فهل من المعقول لو ان القاتل كان كردياً ان تسكت الحكومة ولا تفضحه ؟
 ليس من المعقول ان يبقى المواطن المسيحي في الموصل يعيش هاجس الخوف والذعر والهلع على مدار الساعة ولا يعقل ان ينسى كل حقوقه الوطنية والقومية والدينية والأنسانية ويقتصر مطلبه ان يبقى على قيد الحياة فحسب ، فبأي غابة موحشة يعيش هذا المواطن ؟
 تأكيد لهذا الكلام نقرأ في موقع عنكاوا كلام للشماس باسل عبد النور وهو يقول بألم ومرارة :
«لا نريد انتخابات ولا من يمثلنا ولا نريد حقوقنا، نريد فقط ان نبقى احياء ونحافظ على ارواح ابنائنا واخواننا >> ويضيف

«يكفينا قتلاً وتهجيراً، وما تعرضنا له في هذه السنوات اصبح كابوساً يلحق بنا طول السنين».

نعم إن هذا الأنسان يعرض بصدق المعاناة  والمأساة الأنسانية التي تطال هذه الشريحة البشرية التي كتبت عليها الأقدار ان تعيش في تلك الغابة .
 نحن المسيحيون لا ناقة لنا في الصراع الدائر بين السنة والشيعة ، ولا جمل لنا في الخلاف الدائر بين العرب والأكراد نحن نقف على مسافة واحدة من الجميع ونريد ان يسود السلام والمحبة والتعايش بين السنة والشيعة وبين العرب والأكراد وكل مكونات الشعب العراقي من اجل خير العراق على مدى اتساع ارضه من زاخو الى الفاو ومن السليمانية الى الرمادي .
لا نريد ان نصبح اداة لتصفية حسابات او ورقة انتخابية ، كالكرة التي يتقاذفها الفرقاء كل حسب اهوائه .
إن قائمة الحدباء والدولة المركزية يتحملان  مسؤولية كبيرة في تحقيق الديمقراطية في عموم العراق وفي محافظة نينوى بالذات والتي تتميز بتنوعاتها الأثنية والدينية ، ونحن لسنا مع قذف المحافظ بالحجارة حين زيارته لمدن وبلدات محافظته ، ونتمنى ان يستقبل بحفاوة ويزور انحاء محافظته وهو معزز مكرم ودون حماية قوات اجنبية ، والحالة التي تؤدي الى ذلك هي تعامل المحافظ اثيل النجيفي مع كل المكونات بفكر متفتح على الجميع وبنزعة عراقية اصيلة وبخلق الأستقرار وألأمان في محافظته .
عليه ان يراعي مصالح ومشاعر كل المكونات والمكون الكوردي بالذات ، وأنا لست محامياً هنا للاكراد ، لكن من المنطق ان التفاهم والحوار الديمقراطي الأخوي المباشر بين قائمة الحدباء ونينوى المتآخية ، للتنسيق بينهما وتوزيع المسؤوليات ، سيخلق اجواء الثقة المتبادلة لتشييد اسس رصينة للتفاهم والتعاون والتعايش .
إن ما خلفه التاريخ عبر قرون من الزمن ، والجغرافية الآنية السائدة وما فيها من التنوع الأثنوغرافي في هذه المنطقة لا يمكن محوه بقرارات فورية بعيدة عن الواقع او بسياسة منغلقة ، فالعلاقات الطبيعية الموضوعية وتبادل المصالح وتسييد لغة الديمقراطية والتفاهم والتسامح والتعايش هي الكفيلة بحل كل المعضلات بين الطرفين وبين الأطراف الأخرى .
وأخيراً اقول ان المسؤولية الأمنية والقانونية والأخلاقية تقع بالدرجة الأولى على رئيس الوزراء  نوري المالكي ومحافظ نينوى اثيل النجيفي ، وإن اي تنصل من هذه السؤولية لا يمكن ان تقنع اي مواطن .
 (( إن ما يبعث على الحيرة الدهشة هو قتل مواطن في وضح النهار وهو في طريقه الى كليته او عمله ، لكن الأدهى والأنكى من ذلك ان تقف القوات الحكومية مكتوفة الأيدي ، بل متفرجة على هذه الدراما المأسوية بكل القياسات ، فبماذا نفسر هذه المعادلة الصارخة يا ترى ؟  )) .
وبماذا نفسر السكوت المطبق عن هذه الجرائم من قبل الحكومة المركزية والحكومة المحلية ؟
 إن واجب الحاكم هو المحافظة على حياة مواطنيه وإن كان عاجزاً عن المهمة عليه ان يستقيل لكي يحل محله من يستطيع القيام بهذا الواجب .
ونبقى نصيح بأعلى اصواتنا : على النجيفي والمالكي القيام بواجبهما في الحفاظ على ارواح الناس الأبرياء من هذا المكون الأصيل ، وإلقاء القبض على المجرمين مرتكبي تلك الجرائم وتقديمهم الى محاكمات علنية عادلة ، حينذاك يشعر المواطن بالأمن وألأمان ويختفي الرعب والخوف والذعر حين التوجه الى العمل او الى المدرسة او الى الكنيسة .
 حبيب تومي / اوسلو في 20 / 02 / 2010

291
مهنية فضائية سوريويو سات وانحيازية الفضائيات الآشورية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
يلعب الأعلام دوراً مركزياً خطيراً في توجيه الرأي العام ، وتُبذل محاولات حثيثة وتصرف الأموال الضخمة من قبل الأحزاب والحكومات لتسخير الأعلام بمختلف أشكاله ، المرئي والمكتوب والمسموع ، في خدمة سياساتها واجندتها ، فالأعلام وسيلة فعالة في العصر الراهن للهيمنة على الرأي العام وتوجيهه وفق رؤية معينة في الدين او السياسة او الأقتصاد او العلوم .. الخ ، ولكن يبقى دور الفضائيات في عصرنا الراهن يشكل الوسيلة الفعالة التي تدخل حياة كل بيت وكل عائلة دون استئذان وعبر شاشة صغيرة تتصدر واحداً او اكثر من اركان البيت .
نأتي الى مربط الفرس في موضوعنا ، فشعبنا المسيحي في العراق من الكلدان والسريان والآشوريين يملك من الوسائل الأعلامية من صحف ومجلات ومحطات إذاعة ومواقع الكترونية ، إضافة الى الفضائيات الآشورية التي ينبغي ان تمثل كل المسيحيين دون تفرقة او تمييز . ولا شك ان تمويل هذه الفضائيات يكلف كثيراً من الأموال ، ومهما كان مصدر التمويل فإن الممول لم يكن له هدف تجاري وإنما هدفه هو خدمة هذا الكيان ( المسيحي ) بكل تنوعاته القومية والمذهبية ، وعلى ساحتنا ثمة فضائية آشور وهي تعمل لتمرير أجندة الحركة الديمقراطية الآشورية ، وإن كان من جهة تمول هذه الفضائية فلا شك ان تلك الجهة تأمل ان تكون الفضائية لكل المسيحيين وليس لحزب واحد ، وإن كان تمويلها او بعض تمويلها من التبرعات ، فلا شك ان جانب كبير منها يأتي من جهات كلدانية وليس في قاموسها مبدأ التفرقة بين مكونات شعبنا المذهبية او الدينية او السياسية او الفكرية .
 وليس غريباً ان يكون جانب كبير من المتبرعين من الكلدان فإن العمود الفقري لتنظيم هذه الحركة ( الحركة الديمقراطية الآشورية ) هم من الكلدان الى درجة ان اقترح احد الأصدقاء ان تبدل ( زوعا ) اسمها من الحركة الديمقراطية الآشورية الى الحركة الديمقراطية الكلدانيـــــــــــــــــــة لاعتمادها على الكلدان بكثير من مفاصل نشاطاتها ، وربما ستقول الحركة :
(( نحن لا نفرق بين مكونات شعبنا ، وأنا اقول : نعم ان الزوعا والأحزاب الآشورية الأخرى لا تفرق بين ابناء شعبنا لكنها تعمل على إلغاء القومية الكلدانيـــــة بشكل خاص ، تعمل على تبجيل القومية الآشورية لا غيرها )) وأضيف : ان الحركة  وبالأشتراك مع احزاب قومية آشورية أخرى ومنها الحزب الوطني الآشوري والمجلس الشعبي وغيرها من الأحزاب ، تعمل على تمزيق ودفن وتبخيس القومية الكلدانية العراقية الأصيلة وهي القومية الثالثة في الخارطة القومية العراقية وقبل وجود الأحزاب الآشورية التي تعمل الآن في الساحة السياسية العراقية  .
والفضائية الثانية وهي فضائية عشتار التي كان أبرز مؤسسيها الأستاذ جورج منصور ، حيث كان هذا الرجل يأمل ان تكون فضائية مهنية حيادية تتكلم باسم الجميــع دون تفرقة او تمييز ، لكن هذه الفضائية آلت في نهاية المطاف لتقع في احضان الفكر الآشوري الإقصائي لكل ما اسمه كلداني ، وأصبحت هذه القناة فضائية ناطقة باسم حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الأشوري واختزلت  مهامها ، ودأبت في الدرجة الأولى لتكون أداة لنشر الدعاية الأنتخابية لقائمة هذا الحزب ، ونسيت او تناست انها اسست لتمثيل كل ابناء شعبنا على اختلاف توجهاتهم القومية والسياسية . وهذا الحزب ( المجلس الشعبي ) هو مبني على اكتاف الكلدانيين ايضاً وكان ينبغي ان يسمى بالمجلس االشعبي الكلداني . لكن هذا المجلس او هذا الحزب يعمل على تحطيم وتمزيق ودفن كل ما اسمه كلداني .
وثمة فضائية اخرى وهي فضائية سورويو تي في ، وسمعت انها تعمل تحت المظلة الآشورية ايضاً
وتعمل على تمرير خطاب الحزب الآشوري بعد ان ضاقت امامها سبل الحصول على التمويل ، ونتمنى ان تخرج معافية وان تلعب دورها التنويري لشعبنا المسيحي بمنأى عن اي تأثيرات حزبية اديولوجية .
قبل ايام أجريت لي مقابلة في فضائية سوريويو سات وهي غير سوريو تي في ، ولاول مرة أتعرف على بعض افراد طاقم هذه الفضائية ، وأعطيت لي الحرية الكاملة للتحدث عن القومية الكلدانيـــــــة والأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان وعن التاريخ الكلداني ودون اي تحفظات . نعم إنها الشفافية والمهنية في العمل ، وهذا هو المعنى الحقيقي لقبول الآخر .
 اعترف بارتباطي بصداقات كثيرة مع كثير من الأخوة الآشوريين واعتز بتلك الصداقات ، ومقابل ذلك نادراً ما تربطني وشائج او علاقات شخصية للأصدقاء مع الأخوة السريان الآراميين ، لكن مع ذلك لمست انهم يحملون افكاراً متفتحة ، يقبلون الآخر كما هو دون فرض اي أجندات مسبقة على غيرهم وهذا الأنفتاح وقبول الآخر لا ينفي اعتزازهم بثقافتهم ولغتهم وتاريخهم وقوميتهم الآرامية العريقة .
إن الأخوة في الفضائيات الآشورية وفي مواقعهم الألكترونية يغربلون كل ما يصلهم ، ويوصدون الأبواب امام اي فكر كلداني او سرياني لا يوائم اديولوجيتهم السياسية او القومية ، وفضائية آشور وعشتار ومواقع الحركة الديمقراطية الآشورية او المواقع التابعة لها ومنها موقع القوش نت ، وموقع المجلس الشعبي المعروف بموقع عشتار تي في خير مثال على مصداقية قولنا . وغرق تلك الوسائل الأعلامية من فضائيات ومواقع الكترونية في مستنقع التعصب الأعمى وبالتالي فقدت مصداقيتها في فضيلة المهنة والحرفية والحيادية ، وتنسى انها تدّعي بتمثيلها للمسيحيين كافة ، فتنجذب نحو خطاب الأحزاب الآشورية المتزمت والتي نادراً ما نقرأ قبول الآخر في خطابها .
 تحية لفضائية سوريويو سات المتسمة بالشفافية والحرفية ، ونتمنى ان تتسم بقية فضائيات شعبنا بنوع من الأنفتاح وقبول الآخر من ابناء شعبنا ممن يخالفونهم في الفكر السياسي او القومي او المذهبي ، فهل ستفعل تلك الفضائيات بما يطابق ادعاؤها بأنها ناطقة بلسان جميع المسيحيين ام انها ستبقى تعمل لاحزابها الآشورية فقط ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو 15 / 02 / 2010

292
بصراحة إن القيادة الكوردية لم تُنصف الشعب الكلداني بما يضاهي تضحياته  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الشعب الكوردي على مدى عقود طويلة مضت ، هُمشت حقوقه من قبل حكومات توالت على حكم العراق منذ انبثاق الحكم الوطني العراقي بعد انهيار الدولة العثمانية في اعقاب الحرب العالمية الأولى ، وقد عرفت منطقة كوردستان بمصطلح (شمال العراق او الشمال ) ، وحينما عاد حكم البعث ثانية  في تموز سنة 1968 شرع في إخضاع المنطقة عسكرياً وسياسياً ، فلا حقوق قومية كوردية ولا اقليم كردستان ، فالرسالة واضحة هي انها امة عربية واحدة من المحيط الى الخليج ، وإن كل القاطنين في هذه الأرض هم عرب اقحاح ، وكل من يدعي بقومية اخرى فهو يكفر بمبادئ هذه الأمة ويعمل على تمزيقها ، فالتجانس القومي كان حاجة ثورية ضرورية وفق السياق الفكر القومي العروبي في تلك المرحلة وربما الى اليوم .
وفي العراق فإن العهد الملكي كان امتداداً للحكم العثماني في هيمنة السنة على مقاليد الأمور . فكان يعطى اهمية للرابطة الدينية المذهبية بين العرب السنة من الحكام وبين الأكراد .  فكانت تتعكز على معادلة الدين الواحد وهو الدين الأسلامي والمذهب الواحد وهو المذهب السني الذي يجمع الأكراد والعرب ، وهكذا كانت نقاط الجمع بين الحكام والشعب الكوردي هو الدين إضافة الى المذهب .
 وهنا نسأل الأخوة الأكراد :
 لماذا كل تلك الحروب بين ابناء الدين الواحد والمذهب الواحد ؟
والجواب واضح ومعروف وهو ان الحروب بين الطرفين كانت بسبب التباين القومي للشعب الكوردي وليس الحقوق الدينية او المذهبية ، إنما الحقوق (القومية ) للاكراد هي التي شكلت الفيصل في اشعال  تلك الحروب .
نأتي الى المفيد في موضــوعنا ، لماذا يصر الأخوة الأكراد على تهميش الحقوق القومية للشعب الكلـــــداني ؟ إن الشعب الكلداني قطن هذه الديار منذ أزمنة موغلة في القدم ، وساهم ببناء الحضارات على هذه الأرض الطيبة ،وهو من المكونات العراقية الأصيلة وهو ايضاً من المكونات الكوردستانية ، فإضافة الى الأكراد ثمة العرب والكلدانييــن والتركمان والشبك والأيزيدية والآشوريين والسريان والأرمن والكاكائيين ..
إن الشعب الكلداني يساهم بكل إخلاص وتفاني في بناء العراق رغم ما لحق به من القتل والتشريد والأبتزاز والظلم ، كما ان القومية الكلدانيـــــــة هي القومية الثالثة في الخارطة القومية العراقية ، وإن الدستور الأتحادي يضمن لابناء هذه القومية حقهم في الوجود وفي الكينونة على ارض العراق .
 لكن في اقليم كوردستان مع الأسف يجري تهميش هذه القومية ويفرض على أبنائها ان يكونوا تحت الوصاية الآشورية والأحزاب السياسية التابعة لها ، لاسيما المجلس الشعبي وهو حزب سياسي آشوري لا يمكن ان يلبي طموحات الشعب الكلداني القومية ، بل ان هذا الحزب ( المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ) يعمل على غمط وإلغاء اللغة الكلدانيـــــة والتاريخ الكلداني والتراث الكلداني والقومية الكلدانية ، فكيف يكون مثل هذا الحزب ممثلاً لشعبنا الكلداني ؟
 (((( هل يقبل الشعب الكردي ان يعمل تحت وصاية حزب لا يحمل الهوية الكردية ؟ )))) .
 فلماذا يقبل شعبنا الكلداني ان يعمل تحت وصاية حزب ليس كلدانياً ؟
  اقول :
 إن الشعب الكلداني كان له دور رئيسي في دعم الحركة التحررية الكردية منذ انبثاقها في ايلول 1961 بقيادة القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني . لقد انخرط مئات الكلدانيين في هذه الحركة ومنهم الكثير من المقاتلين الشجعان ومنهم من استشهدوا ، وطال عوائلهم الملاحقات والسجون والويلات والتشريد ، ولا يمكن نسيان جريمة الأعدامات الجماعية التي طالت قرية صوريا الكلدانيــــة . وإضافة الى ذلك اصاب  التدمير والتخريب عدداً من الكنائس والأديرة الكلدانيــــــة منها دير الربان هرمز قرب القوش ودير مار ياقو في محافظة دهوك .
 لقد برز عدداً من القادة من شعبنا الكلداني في الثورة الكردية ومنهم المناضلين توما توماس ، وسليمان بوكا ويوسف حنا القس  ،وقيصر منصور الذي اغتيل في بغداد عام 1971 والمرحوم حميد حنو الذي مات شنقاً وغيرهم كثيرين من الشهداء الأبرار  من شعبنا الكلداني .
 وممن ساهم في الثورة ورفدها بثقافته وقلمه عدداً من رجال الدين الكلدانييــــن ومنهم الخوري بولص بيداري ، والأب فرنسيس داود من أرادن ،والاب يوسف بري من السليمانية ، والأب روفائيل رئيس دير الربان هرمز الذي اعتقل وحكم عليه بالأعدام لكن بعض الجهود الدولية افلحت في الأكتفاء بنفيه الى خارج العراق ، ومنهم ايضاً المطران توما رئيس مطران زاخو والأب عمانوئيل رئيس ..
 لقد كانت مساهمة الشعب الكلداني كبيرة في الثورة التحررية الكردية التي قادها المرحوم ملا مصطفى البارزاني ، لكن اليوم فإن هذا الشعب لا يُنصف بما يضاهي تضحياته من اجل كوردستان .
 إن الموقف المنصف والموضوعي من اقليم كوردستان رئاسة وحكومة وشعباً والحزب الديمقراطي الكوردستاني بالذات ، ينبغي ان يجعلوا من شعبنا الكلداني شريكاً رئيسياً وعلى مختلف الصعد في اقليم كوردستان .
في المقدمة ان يعاد اسم القومية الكلدانية الى مسودة الدستور الكوردستاني وكما هو مدون في الدستور الأتحادي .
 والنقطة الثانية التعامل مع شعبنا الكلداني مباشرة من خلال من يمثله من أحزاب سياسية قومية كلدانيــــــة ، وهي حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني ، والمجلس القومي الكلداني والمنبر الديمقراطي الموحد ومنظمات المجتمع المدني الكلدانيــــــة ومنها الأتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلدان وجمعية الثقافة الكلدانيــــــة  ، ومؤسسة الكنيسة الكلدانية  وبمنأى عن اي وصاية من أي حزب آشوري او غيره .
إن إنصاف شعبنا الكلداني يعزز المسار الديمقراطي والتعايش السليم في اقليم كوردستان .
 حبيب تومي / اوسلو في 6 / 2 / 2010

293
لماذا يؤيد الحزب الآشوري الكوتا المسيحية رغم تناقضها مع مبادئه القومية ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



نحن مبدئياً مع حزب آشوري قوي متين على ان لا يتسم بالتعصب وألأقصاء لأي مكون قومي عراقي ، لقد  كان للحزب الآشوري ( اقصد هنا الأحزاب الآشورية كالحركة الديمقراطية الآشورية والحزب الوطني الآشوري والمنظمات الآشورية قبل 2003)  ، ثم تأسس الحزب الآشوري الآخر مؤخراً في اقليم كوردستان والذي اتخذ لنفسه تسمية المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري .
 كان لتلك الأحزاب قبل 2003 توجهات قومية صحيحة غير مسيّسة همّها الأول ينحصر في الهاجس القومي ، ورغم هذا التوجه الذي كان ينبغي ان يكون مثالياً وإنسانياً باعتباره يدافع عن حقوق شعب مشرد ومضطهد ، لكن هذا الحزب تخللته بعض مظاهر التعصب والشوفينية ، لا سيما نظرتهم الى التوجه القومي الكلداني ، معتقدين ان عدم نشاط منظمات كلدانية تعني عدم وجود قومية لهذا القوم ، وفعلوا المستحيل في سبيل ان لا تنبثق مثل تلك الأفكار .
كانت الأتصالات بشخصيات ومثقفين كلدان في مطاوي التسعينات من القرن الماضي ، بغية إبعادهم عن جهود بناء فكر قومي كلداني ، وكان ذك يندرج في عِداد تلك المحاولات التي  يمكن إدراجها ضمن المحاولات الرامية الى خنق تلك الأفكار وهي في مهدها ، وقد افلحوا مع بعض الشخصيات وفشلوا مع اخرين واهم هؤلاء الذين تصدوا لهم بثبات ، كان المناضل توما توماس الذي لم يقبل بدفن القومية الكلدانية والتاريخ الكلداني والمآثر الكلدانية قرباناً لرغبة القوميين المتزمتين  من الاشقاء الآشوريين .
نأتي الى مربط الفرس في هذا المقال وهو ان الحزب الآشوري بعد ان استلم دفة قيادة المسيحيين من الحاكم الأمريكي بول بريمر ، الذي اثبت غباؤه وجهله بالتاريخ العراقي وتخبطه بالعمل السياسي  ، على الأقل على الساحة العراقية ،لا سيما ما يخص شعبنا الكلداني ، فقد سلم هذا الشخص مقاليد المسيحيين ومصير الشعب الكلداني بيد الحزب الآشوري المتمثل في الحركة الديمقراطية الآشورية ، وفي هذه المحطة امتلأ الأخوة الآشوريين بمظاهر الغرور والتعالي ، واصبح همهم الوحيد بدلاً من توحيد شعبنا المسيحي بكل مكوناته من كلدان وسريان وآشوريين وارمن في خطاب واحد  وهدف واحد ، عكفوا بدلاً من ذلك إعلاء شأن القومية الآشورية كقومية راجحة وعملوا على تبخيس ما سواها ، لا سيما ما يخص القومية الكلدانية العراقية الأصيلة والتي تعتبر ثالث قومية عراقية في الخارطة القومية العراقية ، واعتبروها مجرد مذهب كنسي ديني ، الجدير بالذكر حتى خريجي مدارس مكافحة الأمية ، يعرفون بأنه لا يوجد مذهب كنسي اسمه المذهب الكلداني .  
 ثم بعد ان يئسوا من مسح التاريخ القومي لغيرهم دأبوا على اختراع صيغ عقيمة لجمع التسميات ولتبخيس الآخرين منها الكلدو آشورية واخرى كلدان سريان آشور ومن ثم سورايي التي تعني عندهم الآشوريين لا اكثر ، مع احتفاظهم باسم احزابهم الآشورية وفضائياتهم وصحفهم ومواقعهم الآشورية  .
وبعد ان انبثق حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، فإن هذا الحزب الذي انبثق بقوة في اقليم كوردستان ، استقطب شريحة كبيرة مخلصة همها العمل بإخلاص وتفان والاسماء معروفة ولا امنح نفسي حق ذكر اسماءهم ما دمت لم  اتصل بهم ، لكن يبدو ان تلك الشريحة الرائدة أزيحت عن المسرح تحت سطوة قوة أخرى تغريها الأمكانيات الكبيرة  لهذا الحزب من الثروة المالية والمعنوية  والإعلامية ، ورغم  إزاحة تلك النخبة المؤسسة استطاع هذا الحزب استقطاب قوة بشرية واسعة  متسلحاً بثروة مالية كبيرة يسيل لها اللعاب ، فكان بؤرة جذب اوساط كثيرة منهم محتاجين الى العمل ، وآخرين بحاجة الى العون المادي ، وغيرهم أرباب عمل ، وآخرين كتّاب يوظفون اقلامهم لنيل فائدة بشكل من الأشكال .
 ولا يمكن نكران وجود شريحة  منهم تعمل بدافع الأخلاص بشكل شفاف رغم كل تلك المغريات ، كما ان لهذا الحزب فضائية وهي فضائية عشتار الآشورية التي ضيقت من توجهاتها السياسية الى ما يخدم خطابها السياسي الحزبي فحسب .
بهذه الأمكانيات المادية للحزب الآشوري ومستخدماً ماكنة إعلامية كبيرة استطاع هذا الحزب ان يفرض طوق من حديد على كل فكر يدعو الى انبثاق مشاعر قومية كلدانية في اقليم كوردستان ، بل افلح بما فشلت به الحركة الديمقراطية الآشورية والأحزاب الآخرى في تبديل صيغة المسودة للدستور المؤقت لاقليم كوردستان رغم تضاربها الصارخ مع صيغة الدستور الرسمي للدولة العراقية الفيدرالية  .
بعد ان هيمنت الأحزب الآشورية على الساحة السياسية لشعبنا بفضل إمكانياتها الكبيرة ، باشرت هذه الأحزاب في التناكف والتنافس فيما بينها للحصول على اكبر حصة من الكعكة ، فقد قضوا على المعنى القومي لتمثيلنا ، فلو كان الأمر حسب التمثيل القومي لكل قومية فستكون الكوتا كالآتي :
ثلاثة مقاعدد للكلدانيين
مقعد واحد للاشوريين
 مقعد واحد للسريان
مقعد واحد للارمن
وهذا لا يلائم مع الطموحات السياسية للحزب الآشوري للهيمنة على كل الكعكة ، او على الأقل ان يكون له حصة الأسد منها ، فكما اسلفت فإن الكوتا القومية تضع الآشوريين في مؤخرة القائمة ، فاطلقوا شعار الكوتا للمسيحيين ، وبهذه الحالة يمكن الألتفاف على المعادلة الديموغرافية بشعارات ثورية وحدوية ،  وباعتبارنا جميعاً مسيحيين .
 وهكذا نزل الآشوريون متسلحين بإمكانياتهم الأعلامية والمادية ، ونزل الكلدانيون في اللعبة الأنتخابية وهم مكتوفي الأيدي ، ولا يستطيعون مجاراة السباق غير المتكافئ فالظروف كلها ليست في صالحهم .
 وهكذا ترك الحزب الآشوري مبادئه القومية قرباناً للهيمنة على المسار السياسي الذي يسيل له اللعاب للحصول على المكاسب السياسية المترتبة على ذلك ، فكان التنازل عن المبادئ القومية التاريخية بتقزيمها واختزالها بتمثيل ديني مسيحي فقط ، ففي هذه الكوتا تكمن أسرار الهيمنة على الساحة السياسية ، اما المبادئ القومية فاقرأ عليها السلام رجاءً .
حبيب تومي / اوسلو في 31 / 01 / 2010

294
أقباط مصر وتشكيل حزب قومي كحزب العمال الكوردستاني التركي
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@uahoo.no
 
مسلسل الأضطهاد والقتل وتهميش الحقوق والظلم الأجتماعي والموقف الرسمي الحكومي المتفرج ، ووقوف الدولة مع القوانين السلفية القديمة الجائرة التي لا تتناسب مع لوائح حقوق الأنسان في العصر الراهن ، وغير ذلك من الأجحافات بحق الأقليات الدينية والعرقية في مصر وفي غيرها من الدول العربية والأسلامية ، كل ذلك يفرز ضرورة وحتمية انبثاق أحزاب قومية علمانية ديمقراطية تتسلح بمشروعية الدفاع عن حقوق شعبها .
 طرح الفكر الأتاتوركي في تركيا على صخرة التجانس القومي ، الهوية التركية ، كبديل لتعدد الأعراق والأثنيات في هذا البلد الذي خرج مهزوماً بعد إسدال الستار عن وقائع الحرب العالمية الأولى ، فالكل هم اتراك تجمعهم قومية واحدة وهي القومية التركية وحتى الأكراد بموجب تلك الضرورة التجانسية اطلق عليهم تسمية أتراك الجبال لا اكثر . وانبثق حزب العمال الكردي التركي الذي وضع برنامجه على اساس الدفاع عن حقوق الأكراد في الدولة التركية وفي المشهد المجتمعي التركي يبدو جلياً تفاعل وتداخل وتمازج بين الأكراد والأتراك على طول البلاد وعرضها وهذا هو شـأن الأقباط المسيحيين في مصر .
مصر كانت دولة قبطية مسيحية قبل دخول الأسلام في القرن السابع الميلادي ، وعلى حين غرة بعد الفتح الإسلامي  تبدلت هوية تلك الدولة من قبطية مسيحية الى عربية أسلامية ، وطال من بقي من شعبها ، الذي احتفظ بديانته الأصلية ، تطبق بحقه احكام أهل الذمة ، حيث طبقت تلك الأحكام على اليهود والمسيحيين او ( النصارى ) حسب تعبير التقليد الأسلامي لأتباع السيد المسيح .
إن تلك الأحكام تجعل من المسلم إنساناً متفوقاً على البشر ، فالمشروعية العقدية والقيمية هي للامة المسلمة فهي خير امة أخرجت للناس ، وينبغي إقصاء الأخر الذي لا يبقى امامه سوى خيارات القتال او دفع الجزية  والقبول بتلك الأحكام التي تجعل منه تابع ذليل للمسلم المتفوق ، إن هذا الأطار لا زال يشكل مرجعية عريضة لعلاقة المسلمين مع بقية البشر في عالمنا المعاصر ، وهذا ما يفسر استمرار العنف في معظم مناطق تجاور المسلمين مع الأخرين ، فإن كانوا اقلية فإنهم ثائرين على الأكثرية لشعورهم بالمظلومية ، وخير مثال على ذلك انهم اعتبروا عدم موافقة السلطات السويسرية لهم ببناء المآذن على جوامعهم في هذه الدولة المسيحية هو ظلم وطغيان وتمييز عنصري ضدهم  ، وعندهم تفجير الكنائس في العراق هو تسامح ديني . أما إن شكل المسلمون الأكثرية فإنهم يعاملون الآخر بمنطق احكام اهل الذمة .
في مستنقع تلك الثقافة الإقصائية والتي تغذيها اوساط دينية وحكومية نافذة ، يبقي مسلسل العنف المجتمعي قائماً ومستمراً ، فالدستور الذي يقول : الأسلام دين الدولة الرسمي ، وهو مصدر اساس للتشريع ولا يجوز تشريع اي قانون يتعارض مع ثوابت احكام الأسلام ، بعد هذا التاكيد في المادة الاولى او الثانية من الدستور سيتسرب الضعف على بقية المواد امام تلك المادة التي لا تقبل الجدل او التأويل .
في هذا الوضعية تتوالى الأحداث في مصر ويطال ظلم اجتماعي وتعسف وانحياز حكومي رسمي واضح ، وشحن نفسي وتعبئة للغوغاء من قبل رجال الدين ، والنتيجة يجري تحريف الدين الأسلامي من مساره الأنساني المتسامح الى دين يدعو الى التصادم والصراع مع الآخر المختلف دينياً ، او حتى مذهبياً ، فتتولد الذرائع للأنتقام من المكون القبطي الأصيل بشتى الأشكال منها الاجتماعية وأخرى دينية وثالثة اقتصادية ...
 إن عباءة الكنيسىة التي يحتمي بها الأقباط تدور في حلقة مفرغة وهي كقصة لا تنتهي من التجاوزات والأعتداءات وهتك الأعراض لتصل الى عمليات التصفية والقتل كما في نجع حمادي ، فالكنيسة رغم موقعها المقبول لدى الشعب القبطي ، فهي ليست جهة مؤهلة للخوض في الدروب الملتوية للسياسة ، إن الكنيسة محنكة في الشأن الديني واللاهوتي وليست كذلك في الألاعيب والمناورات السياسية .
بالدرجة الأولى لتحقيق المساواة والعدالة ينبغي ان يؤسس لاصدار دستور مصري علماني ديمقراطي ، إذ ليس جميع مواطنيها مسلمين لتكون شريعة الأسلام هي الفاصل بين المواطنين المختلفين في الدين ، وإن وضع الشريعة الأسلامية مصدر القوانين ، ستكون القوانين الوضعية امامها حبر على ورق ، وهذه الدساتير هي التي وضعت الأمة العربية في مشاكل مع كل الأقليات الدينية داخل هذا الوطن العربي  حتى لو كانوا مواطنين اصلاء قبل وجود الأسلام كالمسيحيين الأقباط .
إن موقف الحكومة المصرية المنحاز تفضحه تصرفات اجهزتها الأمنية ففي مظاهرة امام الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة للتنديد بالأعمال الأرهابية في نجع حمادي ، مطالبين محاسبة المسؤولين عن التقصير ، اعتقلت الشرطة المصرية في هذه المظاهرة 42 شخصاً بينهم 14 مسلماً و 28 مسيحياً .
 يا لها من سلطات تعاقب الضحية وتتعاطف مع الجلاد ، هذا هو حال السلطات في كل القضايا المتعلقة بالأختلاف بين المسلمين والمسيحيين الأقباط ، بالإضافة الى ان المشهد يعكس بجلاء وجود جانب قوي مع آخر ضعيف فإن الحكومة لا تخفي انحيازها المقرف الى الطرف القوي .
سيقى المسيحيون الأقباط  في مصر  يتشبثون في متاهات التفسيرات الدينية المسيحية والأسلامية ، في ظل التشققات المجتمعية والعنف الديني المجتمعي الذي يحصد في مناسبات كثيرة ارواح كثير من  المسيحيين  واحياناً من المسلمين ايضاً . فحينما يدور الحديث حول إثبات افضلية معتقداتهم اللاهوتية ، يبقى الطريق عبارة عن قصة لا تنتهي وتبقى ابواب العنف الديني مشرعة ، وسوف لن تكون احداث نجع حمادي الدموية ، هي الأخيرة في مسلسل العنف الطائفي .
إن تعزيز مبدأ المواطنة من قبل الدولة وتشريع قوانين تحفظ كرامة الأنسان وترجمتها على الأرض هو المطلوب من الدولة المصرية .
لكن يبقى ما يترتب على الشعب المصري من الأقباط المسيحيين ، ان يكون لهم تنظيماً قومياً علمانياً ديمقراطياً خارج خيمة الكنيسة ويكون الى جانبها ، وليس لاغياً لها ، وكل منهما ينطلق باختصاصه ، فالكنيسة لها واجباتها المقدسة في زرع التفاهم والتسامح ، والحزب القومي القبطي له منهجه القومي السياسي ، وليس معنى ذلك الدعوة الى التصادم او العصيان ، إنما الأمر يدور في فضاء الممارسة السياسية الديمقراطية والحق القومي والديني للشريحة القبطية الأصيلة في تلك الأصقاع . انه العمل السياسي عبر حزب قومي ، من اجل ايصال اكبر عدد ممكن من الأقباط الى مبنى البرلمان وتسلم المناصب الحكومية الرفيعة ، وتكون تلك المناصب بموجب الأستحقاق النيابي وليس منّة يمنحها الحكم من باب الصدقات .
 إن تفعيل الحقوق القومية المسيحية القبطية في الساحة المصرية هو السبيل الوحيد في خلق مفهوم للمواطنة الحقيقية في الدولة المصرية وفي المجتمع المصري وبعيداً عن مبدأ التعامل مع اهل الذمة الذي شرع قبل 14 قرناً ولم يعد ينسجم بتاتاً مع منطق العصر الراهن في حقوق الأنسان واللوائح التي تحدد تلك الحقوق .
 حبيب تومي / اوسلو في 27 / 01 / 2010  

295
ايهما اكثر تعايشاً وتسامحاً مع المسيحيين سنّة الموصل ام شيعة البصرة ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
ثمة بديهية تحققت على الأرض وهي نشوب صراع بين المسلمين وبقية البشر من غير المسلمين ، فإن كانوا ( المسلمون ) اقلية يثورون على الأكثرية ، وإن كانوا اكثرية يضطهدون الأقليات التي تعيش بين ظهرانيهم ، ويعالمونهم معاملة دونية  وكأن هذه الأقليات هم اقل منهم في منزلة في سلم التطور البشري  .
 العراق منذ الفتح الأسلامي ( والفتح يختلف كلياً عن الأحتلال ، فالأحتلال مسالة وقتية ، لكن الفتح تعني جئنا لنبقى ) وهكذا اصبح العراق بعد الفتح في القرن السابع الميلادي دولة أسلامية ، ومن ديار الأسلام وبعد ان كان دولة مسيحية بسكانه وكناسه ومدارسه وأديرته . ومن بقي فيه من البشر على اديانهم الأصلية من مسيحيين ويهود ومندائيين عوملوا  معاملة اهل الذمة .
والى اليوم فإن الملتزمين بالدين وذوي الأفكار الأصولية ، ينظرون الى علاقاتهم مع المسيحيين وغيرهم من الأديان بمفهوم احكام اهل الذمة وفي كل القياسات فإن هذه الأحكام هي احكام جائرة لا يمكن تطبيقها على البشر في الوقت الراهن ،  حيث تتعاظم مفاهيم ومبادئ المساواة بين  البشر على اختلاف الوانهم وأجناسهم وأديانهم ولغاتهم ، وتتعالى اصوات المنادين بتطبيق لوائح حقوق الأنسان والمساواة والعدالة ومفاهيم المواطنة وحفظ حقوق الأقليات الأثنية والدينية .
يقول جون لوك وهو واحداً من المفكرين الذين نوروا الطريق امام الأنسانية فيقول :من كتاب محمد الخاتمي مدينة السياسة ص245 نقتبس قوله :
يولد الناس .. مع الحق بالحرية التامة والحق بالأنتفاع ، بلا منازع ، من جميع ما تنص عليه القوانين الطبيعية ، فكل شخص يستوي مع سائر أفراد الناس في الدجنيا ، إذ ان الطبيعة قد منحته الحق لا في ان يحمي ما يملكه ( النفس والحرية والأموال ) من الأخطار والأعتداءات فحسب ، بل ان يقف ايضاً بوجه الآخرين وتعديهم على حقوقه الشخصية . ) ، لكن اين نحن من تلك المبادئ ؟
إن الدول الأسلامية وفي مقدمتها الدول العربية تطبق الشريعة الأسلامية في مفاصل كثيرة من حياتها الأجتماعية والسياسية . وفي  الدول العربية على العموم يكون الإسلام دين الدولة ومعظم تشريعاتها، مستوحاة من الشريعة الإسلامية ، ورغم ان هذه الدولة تسلك سلوكاً علمانياً في استيفاء الضريبة ، على الأقل ، ولكن نقرأ في نصوص القرآن وهو مصدر الشريعة الأسلامية يقول :
قاتلوا اللذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ، ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون .
نحن نعترف الضريبة الحكومية وهي ضريبة مشروعة وإن من يدفهعا يعطيها عن أرباحه ودون ان يكون ثمة اي إهانة لدافع الضريبة ، ان هذا الحديث في هذا الموضوع طويل وذو شجون ولهذا نبقى في موضوع تعامل اهل الموصل السنة وأهل البصرة والجنوب بصورة عامة وهم من الشيعة مع المسيحيين .
 لقد حوربت المكونات الدينية غير المسلمة في الجنوب كالمسيحيين والمندائيين ، ولكن معظم القتل والظلم والتهجير الذي طالهم كان من قبل الميلشيات الدينية ، وبعد ان قضي على هذه الميليشيات فقد رجعت حالة التعايش والتسامح التي كانت سائدة ، لقد كانت ثمة زيارت متبادلة بين المسيحيين  والمسلمين بين رجال الدين والمواطنين من الطرفين في الأعياد الدينية المسيحية والأسلامية .
لقد اقيم مهرجان سيد الروح في الناصرية تقديراً لمشاعر المسيحيين ، وإن شبه الأستقرار للمسيحيين مع الشيعة في مدن الجنوب هو واضح ومميز لا يمكن إنكاره .
 إن كانت الأحداث تقاس بنتائجها فإن ما يحدث في الموصل ( المسلمة السنية ) هو تواصل مسلسل القتل والتهجير وتفجير الكنائس يجري على قدم وساق، ويجري ذلك رغم التمازج والتفاعل التاريخي بين تلك المكونات خصوصاً المسيحيين مع اهل الموصل ، واثبتت مشاهد إراقة دماء الأبرياء من المسيحيين في مدينة الموصل ان هذه المدينة لا يدخل في قاموسها مصطلح التعايش والتسامح ، وإن الشيعة كانوا اكثر تسامحاً منهم .
لا شك ان هذا التقسيم ليس واقعياً  في بعض جوانبه فثمة استثناءات لهذه الطرح لكن كقاعدة عامة فإن المسيحيين في البصرة اكثر استقراراً منهم في الموصل .
إن تفجيراً واحداً حدث في مدينة النجف قام مجلس محافظة النجف ومدن الفرات الأوسط بشكل عام باتخاذ إجراءات احترازية شديدة فنقرأ :
 أمهل مجلس محافظة النجف من سماهم «البعثيين والتكفيريين» يوما واحدا للخروج من المحافظة، مهددا بـ«الضرب بيد من حديد» على البعثيين، وأكدت مصادر في المجلس أن المحافظة اتخذت إجراءات جديدة في حق البعثيين تتضمن إلزامهم بالحضور اليومي للمراكز الأمنية لتسجيل حضورهم، وذلك من أجل رصد تحركاتهم .
كما ان هنالك احترازات غير مسبوقة  ضد البعثيين في محافظات الفرات الأوسط ، ناهيك عن تنظيف المنطقة من القاعدة ,هكذا نرى مدن الجنوب مستقرة للمسلمين ولغيرهم من المكونات غير المسلمة  ومنهم شعبنا الكلداني .
 والسؤال هو لماذا لم تتخد نفس الأجراءات بحق القاعدة التي اعترفت بقتل المسيحيين وغيرهم  من المكونات الدينية غير المسلمة ، فبعد ان قتلوا المئات من المسيحيين وشردوا الآلاف من مدينة الموصل  نسال :
 أين مجلس محافظة الموصل ؟
هل احتج هذا المجلس بشكل ما على تفجير الكنائس وقتل وتشريد المسيحيين الأبراء ؟
 لماذا لم يتخذوا نفس الأجراءات بحقق المتورطين في العمليات الأرهابية ؟
 لماذا لم يطلبوا من القتلة تسليم اسلحتهم  ؟
لماذا يقبلون ان يسرح ويمرح القتلة  في شوارع الموصل ويهددوا ويقتلوا من يشاؤون ؟
إن هذه الأسئلة مطروحة لاهالي الموصل والى مجلس المحافظة والى محافظ الموصل والى الحكومة العراقية والى وزارة الداخلية والى وزارة الدفاع والى رئيس الوزراء نوري المالكي .
 في أواخر 2003 حينما باتت تلوح في الأفق ضباب العمليات الأرهابية وطفقت تعصف  بمدن العراق وكانت في وقتها الموصل مستقرة . كنت انقل لاصدقائي بأن اهل الموصل أناس مدبرين وعقلاء  ويعرفون كيف يجنّبون مدينتهم المخاطر ومتاعب اعمال العنف ونتائجها ، لكن مع الأسف اثبتت الأحداث في هذه المدينة خطأ تصوراتي ، فاهل الموصل رغم تجربتهم في الحكم ، فقد كان لاهل الموصل حضور دائم في الحكم الملكي السني ، ومع حكم البعث الذي دام 35 سنة إضافة الى الحكم العثماني لاكثر من 500 سنة والذي كان طابعه سني ايضاً ، فلم تستفد نخبة الموصل من هذه التجارب فاليوم  يتسترون على من يخرّب مدينتهم ويجعل منها مدينة اشباح ويفرغها من مكوناتها التاريخية ، ويبقى السؤال :
 هل تعود مدينة الموصل مدينة التسامح والتعايش ؟
والسؤال الأهم هو :
متى يغادر الأسلام السياسي الشيعي والسني ارض الطائفة والدين الى أرض الوطن العراقي ؟
 يومئذٍ فقط ستكون الموصل للجميع والوطن العراقي الجميع وفق القياسات الأنسانية المعاصرة لحقوق البشر من المسلمين وغير المسلمين .
 حبيب تومي / اوسلو في 21 / 01 / 2010

296
الاقتتال الكوردي ـ الكوردي سيعمل على وأد التجربة الكوردية الفتية
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
بدءً أقول أنا لست كوردياً فقوميتي هي كلدانيـــة ، لكني اعتبر نفسي صديقاً للشعب الكوردي ، وكثيراً ما اكتب في شأن القضية الكوردية وعن تجربة اقليم كوردستان ولا اخفي تعاطفي واعجابي بالتجربة الكوردية التي اتسمت بتوجهات ديمقراطية علمانية ، مما اكسبها موقفاً سليماً مقبولاً من قبل المكونات الصغيرة الدينية والعرقية  ، واتمنى ان يقتدي بها مجمل الوطن العراقي ويتوجه الى الحكم العلماني الديمقراطي بدل الخوض في مستنقع الطائفية الدينية السياسية بأبشع صورها وهي التي حطمت  العراق وبنيته التحتية وأدخله في بحر من الدماء ، وفي الفساد المالي والأداري ، ووأدت تجربته في تطبيق الديمقراطية والعدالة والمواطنة الحقيقية .
 اجل إن تجربة الأقليم جاءت بعد ان كابدت المنطقة الويلات والحروب على مدى عقود ، ولكن اليوم فإن المنطقة تجر انفاسها وتنكب على البناء لكي تواكب الركب الحضاري الأنساني وليأخذ شعبها مكانته في عملية بناء العراق اولاً وأقليم كوردستان ثانياً .
لقد تبخر حلم الشعب الكوردي بتكوين كيانه السياسي المستقل بعد إجهاض تجربته الأولى في جمهورية مهاباد  حيث وئدت تلك التجربة وهي في مهدها ، فكان وضع نهاية دراماتيكية لذلك الحلم قبل ان يصبح حقيقة بعد القضاء على جمهورية مهاباد في اواخر عام 1946 م .  لقد كانت تلك التجربة ومصير ذلك الشعب واحدة من الأوراق التي كان يلعب بها الكبار في اواخر الحرب العالمية الثانية ، وهكذا كان قدر هذا الشعب ان يستخرج العبر من تجربة مهاباد وتحتم عليه ان  يرتب اوراقه من جديد وبشكل دقيق مع ذاته اولاً ومع جيرانه الأقوياء ثانياً .
ولكن بعد حوالي نصف قرن من تلك التجربة تكررت تجربة مريرة اخرى وهي الأقتتال الداخلي الكوردي ـ الكوردي في اواسط التسعينات من القرن الماضي ، لكن أرى اليوم إن اي اقتتال بين فصائل المكون الكوردستاني هو تمرد على مصالح الشعب الكوردي ومهما كانت المبررات ، ان سخونة الأحداث السياسية وتطورها الى مواجهات عسكرية تجعل من الرؤية الموضوعية للاحداث ضبابية ، إن لم تكن معتمة تماماً . فيكون من الأفضل ضبط النفس والتريث لانجلاء الضباب وتصبح الأمور واضحة المعالم ويجري الحراك على طريق واضح يستنير بالحكمة والتعقل ، ولا شك ان من يعنيهم الأمر بشكل رئيسي مباشر في درء خطر الصراع الداخلي هو رئاسة اقليم كوردستان برئاسة الأستاذ مسعود البارزاني ورئيس الحكومة الأستاذ برهم صالح .
 إن مصلحة الشعب الكوردي تتطلب وقوف تلك القيادة على مسافة واحدة من القوى في طرفي النزاع بغض النظر عن ثقل ووزن اطراف النزاع ، لان كلا الفريقين ، ينبثقان من صميم الشعب الكوردي ومصالحه الحيوية . فحركة التغيير التي يقف في مقدمتها الأستاذ نوشيروان مصطفى تعتمد على قوتها في برلمان كوردستان وعلى رصيدها الذي يبلغ حوالي ربع المقاعد في هذا البرلمان . وكذلك الأتحاد الوطني الكوردستاني وهو بزعامة الرئيس العراقي الأستاذ جلال الطالباني .
 لكن ليس من المصلحة والمنطق  ان تلجأ بعض الأوساط الى المقارنة بترسانة الأسلحة وعدد المقاتلين التي يملكها الأتحاد الوطني الكوردستاني او حركة التغيير ، فإنها قطعاً مقاربات  غير عادلة ولا تصب في مصلحة الشعب الكوردي ، ففي اي حال من الأحوال لم تكن الأسلحة او هؤلاء المقاتلين لم يكن تدريبهم وتسليحهم مخططاً له لضرب طرف كوردي بطرف كوردي آخر ، إن تلك الأسلحة لدى اي طرف من الأطراف مكملة ومتضامنة  من اجل فرض القانون واستتباب الأمن في ربوع كوردستان والدفاع عن ارض الوطن العراقي عموماً .
إن الفريقين يحملان تاريخاً جذرياً مشرقاً في النضال من اجل مصالح الشعب الكوردي إن كان على الساحة السياسية او العسكرية ، حالياً ، او في العقود الماضية في مرحلة النضال من اجل حقوق الشعب الكوردي . وهكذا يكون كل من الطرفين معني ومسؤول بضرورة المحافظة على مصلحة الشعب الكوردي ، ولا يحق لاي منهما ومهما كانت المبررات ، ضرب إناء الحليب وسكبه على الأرض بعد جمعه ، لانه ثمرة نضال الشعب الكوردي بعد النضال على مدى عقود من السنين وآلاف الضحايا .
من جانبه فإن الرئيس مسعود البارزاني لا يمكن ان يقبل في تعكير الأجواء في اقليم كوردستان وهو يرى ان مسألة التنافس السياسي والإختلاف في الأفكار ووجهات النظر ظاهرة صحية، لكنه يؤكد أن التجارب الماضية أثبتت أنه لا يمكن معالجة المشاكل والخلافات بالعنف والإقتتال والإنقسام وعدم الإستقرار ولا يستفيد من انتهاج هكذا خيار أي جهة، بل في ظروف كهذه من الضروري إتباع طريق الحوار والتفاهم وقبول الآخر، وبذلك يمكن تجاوز الخلافات وحماية المنجزات .
إن شعبنا الكلداني والمسيحيين بشكل عام يهمنا استقرار المنطقة في عموم العراق وفي اقليم كوردستان ، ورغم ما لحق بشعبنا الكلداني من تهميش ، فلا زال الأمل يحدونا بأن يحتل شعبنا الكلداني مكانته الطبيعية في اقليم كوردستان وأن يعاد اسم قوميته الكلدانية الى مسودة الدستور الكوردستاني ، بموازاة وبما ينطبق مع ما هو مدون في دستور العراق الفيدرالي .
 لقد كان منح الأجازة الرسمية للمجلس القومي الكلداني في اقليم كوردستان مؤخراً يعتبر مؤشراً ايجابياً في ان يتبوأ شعبنا الكلداني مكانته التاريخية ويساهم في بناء العراق الديمقراطي ورفد التجربة الفتية لاقليم كوردستان .
حبيب تومي / اوسلو في 15 / 01 / 2010

297
لماذا تريد الأستحواذ على ما ليس لك ايها الدكتور .. ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الأمانة في الكتابة وحفظ حقوق الاخرين في الملكية الفكرية لا تختلف بشئ عن العمل التجاري الشريف وحفظ ملكية الآخرين وعدم التجاوز عليها ، وإن حصل مثل هذا التجاوز عن طريق السطو او قطع الطريق او الأحتيال ، فلا يوجد تفسير او معيار آخر غير ان العملية هي سرقة او قرصنة لا اكثر ، وإن سرقة المجهود الفكري لا يختلف بشئ عن تلك السرقة المادية .
من الأمور المشروعة ان يلجأ اي كاتب او اديب او مفكر للاستعانة او الاستشهاد بمقولة او عبارة او تلخيص لفكرة معينة بعد ان يشير الكاتب الى المصدر بأمانة ، وهذه حالة صحية مألوفة ، واعظم الكتاب والمؤلفين هو هذا سبيلهم للاستفادة بطرق مشروعة من تراكمات الآخرين من الخبرات والتجارب وهي صيغة قائمة لإكمال البنية الثقافية والأبداعية على مسار التاريخ والأزمان  .
لكن ان يأتي احدهم ، ويمسح اسمك من مقال وينشره (بكل رهاوة ) باسمه ، فإن هذه تعتبر بحق سرقة حقيقية ، وهذا ما حصل لي مع الدكتور أياد يونس الذي نشر على موقع جيران كوم مقالاً تحت عنوان : عيد اكيتو كلداني ام آشوري ؟
التقليد في القوش يذهب الى القول ان : ( مندي حلالا  لَكضايع ) اي الشئ الحلال لا يضيع ، نعم لقد نشرت هذا المقال وهو تحت عنوان ( قراءة في التاريخ .. عيد اكيتو كلداني ام آشوري ؟ ) على المواقع ومنها موقع عنكاوا كوم في منبر تاريخ شعبنا والتسميات  وبلغ عدد قرائه ما يربو على  3400 قارئ ، كما نشر في موقع الناس وهو منشور بتاريخ 3 / 4 / 2006 وكذلك في موقع تلسقف والحوار المتمدن وغيرها وأدناه بعض روابط هذه المواقع :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?board=11.400
http://al-nnas.com/ARTICLE/HTomi/3ak.htm
http://telskuf.com/articles.asp?article_id=4806
الدكتور اياد يونس نشر المقال المذكور باسمه في الشهر الثامن سنة 2008 وتحت عنوان ( عيد اكيتو كلداني ام آشوري ؟ ) في موقع جيران كوم ، والرابط هو ضمن هذا المقال ، وتشاء الصدف ان يدخل الدكتور دنحا طوبيا كوركيس الى موقع جيران . كوم وينقل المقال وينشره في موقع عنكاوا وبنفس العنوان ويشير الزميل دنحا بأن المقال منقول والعهدة على الكاتب ، وهذا صدق وأمانة من الأخ الدكتور دنحا طوبيا كوركيس . وهو الآن منشور على موقع عنكاوا في منبر تاريخ شعبنا والتسميات .. وحسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=374349.0
لقد استغربت العملية واتصلت بموقع جيران كوم ، وأثبت لهم بأن المقال مسروق مني ، ووعدوني باتخاذ الأجراءات ضد الكاتب الدكتور ، لكن يبدو ان كل ما فعلوه هو رفع هذا المقال من موقعهم ، وكان بودي لو اقدم الكاتب على نوع من الأعتذار ، لكن الكاتب الدكتور اياد يونس لم يحرك ساكناً ولهذا عمدت على نشر الغسيل على المواقع .
 اقول :
ينبغي على الكاتب ان يفكر قبل كل شئ بأخلاقيات المهنة او الهواية ، ثمة مواقع تعلمني بنشر مقال لي في مواقعهم وهذه امانة ، لكن الهيمنة على المقال دون معرفة كاتبه يدخل في باب القرصنة ، إنه قد هيمن على جهودي ، فكتابة مقال يكلفني كثيراً من الوقت والجهد وهو عمل شاق لا ريب في ذلك ، ولاسيما المقال التاريخي الذي يتوجب مراجعة المصادر والكتب التاريخية ، وهذا يدخل في صدقية واخلاقية مهنة الكتابة كما قلت ، وكان ابسط  ما اطلبه من الكاتب المذكور ان يمنحني كلمة اعتذار ، وهو تعويض رمزي ، لكن ذلك لم يحدث ولهذا لم اترك الموضوع ولم اضرب صفحاً عنه . .
إن ما فعله الدكتور اياد يونس هو الآتي :
اولاً : مقالي كان تحت عنوان : (( قراءة في التاريخ .. عيد اكيتو كلداني ام آشوري ؟ )) ، وهو نشره تحت عنوان : (( عيد اكيتو كلداني ام آشوري ؟)) .
ثانياً : في مقالي أشرت الى المصادر وعلى المؤلف في نهاية المقال ، وعلى أرقام الصفحات التي اقتبست منها .
اما الدكتور اياد يونس فقد نشره بعد ان حذف منه المصادر ورقم الصفحات .
 ثالثاً : حذف الدكتور اسم حبيب تومي ، ونشره باسمه الدكتور أياد يونس .
 من حسن الحظ ان المقال منشور لحد الآن في موقع عنكاوا وهو منقول بحسب الدكتور دنخا طوبيا كوركيس .
نتمنى ان يكون هذا المقال عبرة ، ولكي نلتزم بأصول واخلاقيات الكتابة ، وهذا رأس مال كبير لمصداقية الكاتب .
 حبيب تومي / اوسلو في 10 / 01 / 2010
 المرفقات : 1 ـ مقال باسم الدكتور اياد يونس ، وقد نشره على موقع الجيران في الشهر الثامن من 2008 م .
 2 ـ مقال حبيب تومي المنشور على المواقع في نيسان 2006
اولاً :المقال المنشور حالياً على موقع عنكاوا نقله الأخ الدكتور دنحا طوبيا كوركيس [/color]            
المقال منقول والعهدة على الكاتب.

أكيتـو عيد كلــداني ام آشـوري ؟

الدكتور : إياد يونس


في المقدمة أقول ان هذا العيد هو عيد عراقي اصيل تمتد جذوره في اعماق التاريخ العراقي ، والى اليوم تتفرع اغصانه وتتفتح ازهاره في مخيال الفكر العراقي فنحتفل في عيد الشجرة وعيد نوروز وعيد سري صال (Sare Sal ) أي عيد رأس السنة لأخوتنا اليزيديين وذلك في الأربعاء الأول من شهر نيسان من كل سنة ، وها هو شعبنا يعيد ذكريات الأحتفال بمختلف تسمياته ، لقد كان الأحتفال ببداية العام في نيسان ويصادف في الأعتدال الربيعي ، الى ان اصبح التقويم الغريغوري قيد الأستعمال فانتقل راس السنة من نيسان الى الأول من يناير كانون الثاني من كل عام
أكيتو في مصطلح أكيتو يكتب ماجد عبدالله الشمس في الحضارة والميثولوجيا في العراق القديم : ان الأستعراض الحرفي في كلمة آ ـ كي ـ تي تعني الأرض ، أما تي فبمعنى يقرب او يستنزل وبهذا يكون المعنى محل استنزال المطر ويبدو ان الطقوس كانت تجري خريفية في الأصل ما دام البذار.
كما ان الأحتفال بأكيتو وبالسومرية أكيتي يمثل احدى المناسبتين ( اكيتو وزاكموك ) كان الوسط جنوبيون يحتفلون بهما منذ عهد الكلدان الأوائل في اريدو 5300 ق . م  وقد اعتمدوا الأعتدال الخريفي زاكموك الذي يتم فيه جمع التمور كبداية للسنة بكلا الأعتدالين الربيعي والخريفي وعن اسم أكيتو يقول فتوحي : ان التسمية قديمة جداً ومشتقة من (أكيتي شي كور كو a-ki-ti-se-gur-ku ) وهو عيد جز الصوف الذي كان يحتفل به ما بين شهري آذار ونيسان ، وكان يعني عند العامة عيد رأس السنة الجديدة ايضاً ... ويحتفل في مدينة اور اولاً ثم في مدينة نيبور ، وبعد هيمنة العموريين المنحدرين عن الكلدان الأوائل لازمته صفة عيد بداية السنة أي رأس السنة البابلية القديمة (Resh Shattim ) فصار أكيتو الأحتفال الرسمي الوحيد الخاص برأس السنة الجديدة القراءات في البداية نستفيد من مقدمة المؤرخ العراقي طه باقر في مقدمته لتاريخ حضارة العراق يكتب ان الملك نبوخذنصر عندما بنى السور الثاني ( لبابل ) لتعزيز قدرة المدينة الدفاعية ، ومن البنايات الضخمة بين السورين كانت واحدة وهي قصره الصيفي ، اما البناية الضخمة الثانية فيرجح كانت المعبد المخصص لأعياد راس السنة المسمى بالبابلية ( بيت أكيتو Bit Akitu ) ويضيف : .. وباب عشتار الضخم مكون من مدخلين أي انه مدخل مزدوج حيث مواكب اعياد راس السنة ( 12 يوم الأولى من شهر نيسان ) كانت تسير من منطقة معبد مردوخ ( أي ـ ساكلا ) وتجتاز باب عشتار شمالاً الى حيث المعبد المخصص لهذه الأحتفالات أي ( بيت أكيتو ) و أكيتو في بابل كان يقام سنوياً احتفال ديني يسمى احتفال اكيتو ، الذي كان يلغى فقط عنما تكون الأوضاع السياسية مضطربة .. وقد اخذ تجلات بلاسر فيما بعد يد الأله مردوخ أي رافقه في احتفالات السنة الجديدة ( أكيتو ) في ( بابل ) ومنح الملكية على بلاد بابل ، وهي وظيفة لم يتقلدها أي ملك آشوري لأكثر من اربعة قرون واحد الأحتفالات التي نسمع عنه كثيراً كان يسمى أكيتو ... ويترجم غالباُ عيد رأس السنة .. أن الأحتفال اصبح كذلك في مديتة بابل في الأول من نيسان وكان يعقد في الأيام الأولى من الشهر الأول من السنة ... وقد ضم في بابل تلاوة قصة الخلقة بأكملها .. الخ وعن الحياة اليومية في بلاد بابل وآشور و اكيتو :كان اهم الأعياد عيد رأس السنة في شهر نيسان وأضيف الى هذا العيد تمجيد الأله مردوخ فيحتفل بمآثر التي دفعته الى مقامه الجليل بين الآلهة . ويستمر عيد السنة الجديدة في (بابل ) اثني عشرة يوماً ... كان العيد يضم احتفالاً بعودة مردوخ الى الحياة فيتحول الحزن الى فرح ثم يسير مجموع الآلهة برفقة الموكب الى المعبد خارج المدينة ، والذي يعرف باسم أكيتو وهو الأسم الذي يطلق على المعبد ايضاً ، في هذه الأحتفالات تجري نوع خاص من المسرحيات التي تصور ملحمة كلكامش ، ومنها ايضاً نداء الآلهة الى مردوخ لكي يكون بطلهم في مقاومة تيامات أو كاوس كما تصور النصر الذي أحرزه وتنصيبه رئيساً لمجمع الآلهة وإداء اهم الواجبات الرئيسة وبخاصة تثبيت مصائد مدينة بابل و إذا استثنينا الأله اشور من المعتقدات الآشورية فإن الأشوريين كان لهم نفس المعتقدات الكلدانية البابلية ، اما سائر آلهتهم كنابو ، إله الحكمة ، وعشتار ( أشتار ) إله الحب ، فهي آلهة بابل غير ان ذلك لم يجعل الآشوري يحتذي بالبابلي فيدع النفسية الثقافية تتغلب على نفسيته الحربية . ومن المسلم به ان الآشوري اقتبس أدبه واستمد دينه ولكن بشئ من الصعوبة والبطء من جيرانه ابناء عمه البابليين وهذا ليس غريباً إذ ان اصل الآشوريين من سهل شنعار ومن المعتقد ان القائد الكبير آشور جد الآشوريين قد هاجر هو ايضاً من شنعار وحل في طقوس الأحتفال بأكيتو في الأحتفال برأس السنة ( الأكيتو) يجري الزواج المقدس بين الملك ممثلاً الأله تموز وكاهنة تمثل عشتار ، وتعود نصوص هذا الزواج الى عصر اور الثالثة ويمثل هذا الزواج محاكاة طقوسية لزواج ربة الخصب أينانا من تموز . لقد كان العيد يستغرق 12 يوماً ويبدأ في نيسان حيث يرمز الى الصراع بين القوى الطبيعية وانتصار العناصر المولدة للحياة في الربيع ، وممثلة في انتصار اله الخير الممثل بالأله مردوخ على قوى الشر الممثلة في تيامة .
في الأيام الأربعة الأولى من الأحتفال تخصص لتقديم الأضاحي ويقوم الكاهن الأعلى ( الشيشكال بوضع ثوب جديد على تمثال مردوخ ، وينتهي اليوم الرابع بأن يقوم الكاهن الأعلى بقراءة اسطورة الخلق البابلية بلحن شجي مؤثر .
في اليوم الخامس يدخل الملك الى معبد مردوخ برفقة الكاهن الأعلى ، ويقوم هذا بخلع التاج وشارات الملك وهو في حضرة الأله مردوخ ، ويقرأ الملك اعترافه فيقول
لم أذنب يا سيد البلدان ولم اكن مهملاً لألوهيتك ، ولم اخرب بابل ولم اسبب لها الهوان . .. ويجيبه الكاهن :لا تخف ولا تحزن ، إن مردوخ سيسمع صلاتك ويوسع سلطانك ويعلي من شأن ملكوتيتك وينصرك على أعدائك ومناوئيك .. الطريف في هذه الطقوس ان الكاهن يدنو من الملك ويصفعه على وجهه ويفرك أذنيه ويرجع له ما انتزعه من شاراته ، كما ان الضربة كلما كانت قوية فتوجع الملك الى الحد الذي تدمع معها عينا الملك ، كان ذلك فألاً حسناً للسنة القادمة ... ويكون الناس في خارج المعبد في قلق كبير حيث يعتقدون ان الأله مردوخ اسير في العالم السفلي ، وإن بقي ملكهم مجرداً من صفته الرسمية فإنهم باقين دون سلطة ..
في اليوم السادس يأتي الأله نبو لتخليص والده مردوخ من اسره في عالم الأموات ، وينزل نبو خلال إقامته في مدينة بابل في معبد الأيساكيلا . ثم ترد الى بابل الهة المدن الأخرى مثل نفر الوركاء كيش ... في اليوم السابع تمثيلية تصور موت مردوخ وعروجه الى السماء حيث يجرح الأله ثم يموت ويخرج الناس الى الشوارع يبكون مفتشين عنه وتسود الفوضى بين الناس في اليوم الثامن تدب الحياة في الأله مردوخ بعد انتصاره على تيامة .. وفي اليوم التاسع يقف الناس بهدوء في الخارج فتسير تماثيل الآلهة في استعراض كبير من معبد الايساكيلا مارة بشارع الموكب ثم باب عشتار وتعبر نهر الفرات الى الى معبد أكيتو ...في اليوم العاشر يحتفل الأله مردوخ مع الآلهة الأخرى لانتصاره ، وتقام وليمة خاصة في هذه المناسبة في معبد اكيتو ويعود بعدها مردوخ الى معبده للأقتران بعروسه وهو الزواج المقدس الذي يمثل فيه مردوخ وزوجته في المخدع بأعلى الزقورة . في اليوم الحادي عشر تعود الآلهة للأجتماع في معبد الأيساكيلا لتأكيد آجال البشر وفي اليوم الثاني عشر تعود الآلهة الى معابدها في مدنها ( للمزيد راجع ماجد عبدالله الشمس في الحضارة والميثولوجيا
نأتي الى المفيد من الكلام ان التاريخ يجعل من مناسبة اكيتو تقليد عراقي مركزه مدينة بابل ، ويحتفل به العراقيون القدماء ومنهم الآشوريون ، حيث كان تماثيل آلهتم تتوجه في هذا العيد الى بابل ثم تعود الى مدنها بعد الأحتفال ، أي ان الأحتفال كان اساسه بابلي كلداني ، لكن كما هي العادة فإن الماكنة الأعلامية الآشورية الحديثة تحاول أشورة كل ثقافة شعبنا ، تجعل من هذه المناسبة عيداً آشورياً خالصاً ، ويبح صوت الكلدانيين الذين رفضوا شخصيتهم وهويتهم الكلدانية ، وسَحَرهم بريق الفكر القومي الآشوري وهم يصيحون ان هذه المناسبة هي ( على الأقل ) مناسبة بابلية آشورية ، او كلدو اشورية ، الا ان صيحاتهم لا تلقى صدى في الجانب الآشوري المتعصب الذي يصر ان المناسبة هي اشورية صرفة .
ان الأحتفال بعيد رأس السنة في شهر نيسان ثقافة عراقية جذورها كلدانية بابلية عراقية وكل العراقيين من عرب وأكراد وكلدان وتركمان وآشوريين وسريان ويزيدية وشبك وصابئة وأرمن كلهم مدعوون للأحتفال بهذا العيد العراقي الأصيل ليمثل رمز انبثاق الربيع العراقي في الأستقرار والمحبة السلام والوئام .

منقول للفائدة العامة من:
http://iyadyounessarqyology.jeeran.com/archive/2008/5/[/size]

ثانياً : المقال الذي نشرته على المواقع كما مر في سياق المقال .http://www.ankawa.com/forum/index.php?board=11.400
قراءة في التاريخ .. أكيتـو عيد كلــداني ام آشـوري ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
مقدمة
في المقدمة أقول ان هذا العيد هو عيد عراقي اصيل تمتد جذوره في اعماق التاريخ العراقي ، والى  اليوم تتفرع اغصانه وتتفتح ازهاره في مخيال الفكر العراقي فنحتفل في عيد الشجرة وعيد نوروز وعيد سري صال (Sare Sal  ) أي عيد رأس السنة لأخوتنا اليزيديين وذلك في الأربعاء الأول من شهر نيسان من كل سنة ، وها هو شعبنا يعيد ذكريات الأحتفال بمختلف تسمياته ، لقد كان الأحتفال ببداية العام في نيسان ويصادف في الأعتدال الربيعي ، الى ان اصبح التقويم الغريغوري قيد  الأستعمال فانتقل راس السنة من نيسان الى الأول من يناير كانون الثاني من كل عام .
                                          أكيتو
في مصطلح أكيتو يكتب ماجد عبدالله الشمس في الحضارة والميثولوجيا في العراق القديم : ان الأستعراض الحرفي في كلمة آ ـ كي ـ تي تعني الأرض ، أما تي فبمعنى يقرب او يستنزل وبهذا يكون المعنى محل استنزال المطر ويبدو ان الطقوس كانت تجري خريفية في الأصل ما دام البذار في هذا الفصل { ص32 } .
اما الباحث الكلداني عامر فتوحي في تاريخه للكلدان منذ بدء الزمان فيكتب : ان الأحتفال بأكيتو وبالسومرية أكيتي يمثل احدى المناسبتين ( اكيتو وزاكموك ) ، كان الوسط جنوبيون يحتفلون بهما منذ عهد الكلدان الأوائل في اريدو 5300 ق . م ... وقد اعتمدوا الأعتدال الخريفي زاكموك الذي يتم فيه جمع التمور كبداية للسنة بكلا الأعتدالين الربيعي والخريفي ص266
وعن اسم أكيتو يقول فتوحي : ان التسمية قديمة جداً ومشتقة من (أكيتي شي كور كو a-ki-ti-se-gur-ku  ) وهو عيد جز الصوف الذي كان يحتفل به ما بين شهري آذار ونيسان ، وكان يعني عند العامة عيد رأس السنة الجديدة ايضاً ... ويحتفل في مدينة اور اولاً ثم في مدينة نيبور ، وبعد هيمنة العموريين المنحدرين عن الكلدان الأوائل لازمته صفة عيد بداية السنة أي رأس السنة البابلية القديمة (Resh Shattim ) فصار أكيتو الأحتفال الرسمي الوحيد الخاص برأس السنة الجديدة ص266  
                                         القراءات
في البداية نستفيد من مقدمة المؤرخ العراقي طه باقر في مقدمته لتاريخ حضارة العراق يكتب ان الملك نبوخذنصر عندما بنى السور الثاني (  لبابل ) لتعزيز قدرة المدينة الدفاعية ، ومن البنايات الضخمة بين السورين كانت واحدة وهي قصره الصيفي ، اما البناية الضخمة الثانية فيرجح كانت المعبد المخصص لأعياد راس السنة المسمى بالبابلية ( بيت أكيتو Bit Akitu ) ص564
ويضيف : .. وباب عشتار الضخم مكون من مدخلين أي انه مدخل مزدوج حيث مواكب اعياد راس السنة ( 12 يوم الأولى من شهر نيسان ) كانت تسير من منطقة معبد مردوخ ( أي ـ ساكلا ) وتجتاز باب عشتار شمالاً الى حيث المعبد المخصص لهذه الأحتفالات أي ( بيت أكيتو ) ص 566
ــ الأستاذ هاري ساكز له كتابين واحد تحت عنوان عظمة بابل وآخر تحت عنوان قوة آشور ، وسوف لا نقرأ في كتاب عظمة بابل انما نقرأ في قوة آشور عن ( أكيتو) :
في بابل كان يقام سنوياً احتفال ديني يسمى احتفال اكيتو ، الذي كان يلغى فقط عنما تكون الأوضاع السياسية مضطربة .. ص104
وقد اخذ تجلات بلاسر فيما بعد يد الأله مردوخ أي رافقه في احتفالات السنة الجديدة ( أكيتو ) في  ( بابل ) ومنح الملكية على بلاد بابل ، وهي وظيفة لم يتقلدها أي ملك آشوري لأكثر من اربعة قرون ص 134
واحد الأحتفالات التي نسمع عنه كثيراً كان يسمى أكيتو ... ويترجم غالباُ عيد رأس السنة .. أن الأحتفال اصبح كذلك في مديتة بابل في الأول من نيسان  وكان يعقد في الأيام الأولى من الشهر الأول من السنة ... وقد ضم في بابل تلاوة قصة الخلقة بأكملها .. الخ ص296  
وعن الحياة اليومية في بلاد بابل وآشور لجورج كونتينو نقرأ عن اكيتو :
كان اهم الأعياد عيد رأس السنة في شهر نيسان وأضيف الى هذا العيد تمجيد الأله مردوخ فيحتفل بمآثر التي دفعته الى مقامه الجليل بين الآلهة . ويستمر عيد السنة الجديدة في (بابل ) اثني عشرة يوماً ... كان العيد يضم احتفالاً بعودة مردوخ الى الحياة فيتحول الحزن الى فرح ثم يسير مجموع الآلهة برفقة الموكب الى المعبد خارج المدينة ، والذي يعرف باسم أكيتو وهو الأسم الذي يطلق على المعبد ايضاً ، في هذه الأحتفالات تجري نوع خاص من المسرحيات التي تصور ملحمة كلكامش ، ومنها ايضاً نداء الآلهة الى مردوخ لكي يكون بطلهم في مقاومة تيامات أو كاوس كما تصور النصر الذي أحرزه وتنصيبه رئيساً لمجمع الآلهة وإداء اهم الواجبات الرئيسة ، وبخاصة تثبيت مصائد مدينة بابل .. ص 474
وعن الآشوريون في التاريخ لأيشو مالك جوارو نقرأ : إذا استثنينا الأله اشور من المعتقدات الآشورية فإن الأشوريين كان لهم نفس المعتقدات الكلدانية البابلية ، اما سائر آلهتهم كنابو ، إله الحكمة ، وعشتار ( أشتار ) إله الحب ، فهي آلهة بابل {25 } .
ويقول : .. غير ان ذلك لم يجعل الآشوري يحتذي بالبابلي فيدع النفسية الثقافية تتغلب على نفسيته الحربية . ومن المسلم به ان الآشوري اقتبس أدبه واستمد دينه ولكن بشئ من الصعوبة والبطء من جيرانه ابناء عمه البابليين { ص 15 } .
 وهذا ليس غريباً إذ ان اصل الآشوريين من سهل شنعار ويقول الكاتب :
 ومن المعتقد ان القائد الكبير آشور جد الآشوريين قد هاجر هو ايضاً من شنعار وحل في آشور والتوراة تدعم هذا القول ..{ ص 11 } .
                                   طقوس الأحتفال بأكيتو
في الأحتفال برأس السنة ( الأكيتو) يجري الزواج المقدس بين الملك ممثلاً الأله تموز وكاهنة تمثل عشتار ، وتعود نصوص هذا الزواج الى عصر اور الثالثة ويمثل هذا الزواج محاكاة طقوسية لزواج ربة الخصب أينانا من تموز . لقد كان العيد يستغرق 12 يوماً ويبدأ في نيسان حيث يرمز الى الصراع بين القوى الطبيعية وانتصار العناصر المولدة للحياة في الربيع ، وممثلة في انتصار اله الخير الممثل بالأله مردوخ على قوى الشر الممثلة في تيامة .
في الأيام الأربعة الأولى من الأحتفال تخصص لتقديم الأضاحي ويقوم الكاهن الأعلى ( الشيشكال بوضع ثوب جديد على تمثال مردوخ ، وينتهي اليوم الرابع بأن يقوم الكاهن الأعلى بقراءة اسطورة الخلق البابلية بلحن شجي مؤثر .
 في اليوم الخامس يدخل الملك الى معبد مردوخ برفقة الكاهن الأعلى ، ويقوم هذا بخلع التاج وشارات الملك وهو في حضرة الأله مردوخ ، ويقرأ الملك اعترافه فيقول :
لم أذنب يا سيد البلدان ولم اكن مهملاً لألوهيتك ، ولم اخرب بابل ولم اسبب لها الهوان . .. ويجيبه الكاهن :
 لا تخف ولا تحزن ، إن مردوخ سيسمع صلاتك ويوسع سلطانك ويعلي من شأن ملكوتيتك وينصرك على أعدائك ومناوئيك .. الطريف في هذه الطقوس ان الكاهن يدنو من الملك ويصفعه على وجهه ويفرك أذنيه ويرجع له ما انتزعه من شاراته ، كما ان الضربة كلما كانت قوية فتوجع الملك الى الحد الذي تدمع معها عينا الملك ، كان ذلك فألاً حسناً للسنة القادمة ... ويكون الناس في خارج المعبد في قلق كبير حيث يعتقدون ان الأله مردوخ اسير في العالم السفلي ، وإن بقي ملكهم مجرداً من صفته الرسمية فإنهم باقين دون سلطة ..
في اليوم السادس يأتي الأله نبو لتخليص والده مردوخ من اسره في عالم الأموات ، وينزل نبو خلال إقامته في مدينة بابل في معبد  الأيساكيلا . ثم ترد الى بابل الهة المدن الأخرى مثل نفر الوركاء كيش ...
في اليوم السابع تمثيلية تصور موت مردوخ وعروجه الى السماء حيث يجرح الأله ثم يموت ويخرج الناس الى الشوارع يبكون مفتشين عنه وتسود الفوضى بين الناس ...
في اليوم الثامن تدب الحياة في الأله مردوخ بعد انتصاره على تيامة .. وفي اليوم التاسع يقف الناس بهدوء في الخارج فتسير تماثيل الآلهة في استعراض كبير من معبد الايساكيلا مارة بشارع الموكب ثم باب عشتار وتعبر نهر الفرات  الى معبد أكيتو ...
في اليوم العاشر يحتفل الأله مردوخ مع الآلهة الأخرى لانتصاره ، وتقام وليمة خاصة في هذه المناسبة في معبد اكيتو ويعود بعدها مردوخ الى معبده للأقتران بعروسه وهو الزواج المقدس الذي يمثل فيه مردوخ وزوجته في المخدع بأعلى الزقورة .
في اليوم الحادي عشر تعود الآلهة للأجتماع في معبد الأيساكيلا لتأكيد آجال البشر وفي اليوم الثاني عشر تعود الآلهة الى معابدها في مدنها ( للمزيد راجع ماجد عبدالله الشمس في الحضارة والميثولوجيا ص 31 ـ 36 ) .  
                                       نأتي الى المفيد من الكلام
ان التاريخ يجعل من مناسبة اكيتو تقليد عراقي مركزه مدينة بابل ، ويحتفل به العراقيون القدماء ومنهم الآشوريون ، حيث كان تماثيل آلهتم تتوجه في هذا العيد الى بابل ثم تعود الى مدنها بعد الأحتفال ، أي ان الأحتفال كان اساسه بابلي كلداني ، لكن كما هي العادة فإن الماكنة الأعلامية الآشورية الحديثة  تحاول أشورة كل ثقافة شعبنا ، تجعل من هذه المناسبة عيداً آشورياً خالصاً ، ويبح صوت الكلدانيين الذين رفضوا شخصيتهم وهويتهم الكلدانية ، وسَحَرهم بريق الفكر القومي الآشوري وهم يصيحون ان هذه المناسبة هي ( على الأقل ) مناسبة بابلية آشورية ، او كلدو اشورية ، الا ان صيحاتهم لا تلقى صدى في الجانب الآشوري المتعصب الذي يصر ان المناسبة هي اشورية صرفة  .
ان الأحتفال بعيد رأس السنة في شهر نيسان ثقافة عراقية جذورها  كلدانية بابلية عراقية وكل العراقيين من عرب وأكراد وكلدان وتركمان وآشوريين وسريان ويزيدية وشبك وصابئة وأرمن كلهم  مدعوون للأحتفال  بهذا العيد العراقي الأصيل ليمثل رمز انبثاق الربيع العراقي في الأستقرار والمحبة السلام  والوئام .
حبيب تومي / اوسلو
المصادر
1-   أيشو مالك خليل جوارو : الآشوريون في التاريخ ، ترجمة واشرف سليم واكيم
2-   ماجد عبدالله الشمس : الحضارة والميثولوجيا في العراق القديم ز
3-   عامر حنا فتوحي : الكلدان منذ بدء الزمان .
4-   هاري ساكس : قوة آشور ، ترجمة الدكتور عامر سليمان .
5-   جورج كونتينو : الحياة اليومية في بلاد بابل وآشور ، ترجمة وتعليق ، سليم طه التكريتي وبرهان عبد التكريتي .
6-   طه باقر : مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة .    
 



298
أين تقف كنيستنا من المسألة القومية للامة الكلدانية ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الأمة الكلدانية أمة عريقة في بلاد ما بين النهرين وفي العالم ، وأول دولة قامت في العالم بعد الطوفان وتبلبل الألسنة كانت كلدانيــــــــــــــــة ، وقال المؤرخ بيروس الكلداني أنها قامت بستة وثلاثين ملكاً .. ( انظر ادي شير تاريخ كلدو وآثور ص21 ) . اما قاضي صاعد الأندلسي في تعريفه بطبقات الأمم فيقول ص 123 والأمة الثانية هم الكلدانيون ، وهم السريانيون والبابليون وكانوا شعوباً منهم الكربانيون ، والآثوريون ، والأرمنيون والجرامقة ، وهم أهل الموصل ، والنبط وهم اهل سواد العراق ، وكانت بلادهم وسط المعمورة ايضاً وهي العراق والجزيرة التي بين دجلة والفرات ...
اعتماداً على هذا التاريخ الأثيل ،فبعد ان نبذت شريحة كبيرة من كنيسة المشرق النسطورية كمذهب وعادت الى حضن الكنيسة الرومانية سنة 1444 طلبوا الى البابا اوجين الرابع ان يأمر ألا يعود احد يسميهم نساطرة بل كلــداناً .واصبح هذا التقليد يشمل البطاركة والأساقفة التي كانت اختامهم تشير الى بطريرك او اسقف الكلدان الى حوالي 1930 م .
 إن استعادة الأسم التاريخي الكلداني كان من قبل رجال الكنيسة وهم النخبة المتبحرة بالثقافة والعلوم الدينية والتاريخ ، فكان ذلك الرجوع الى امجاد شعبنا الكلداني في هذه الأصقاع ، كما ان الكلدانيـــة طفقت اسماً قومياً لشعبنا منذ ذلك التاريخ لكي يميز شعبنا الكلداني عن الشعوب الكاثوليكية الأخرى .
 وقد عكف التقليد على القول : شعبنا الكلداني وأمتنا الكلدانية ولغتنا الكلدانية وطقسنا الكلداني .. الخ واستمر هذا الأعتزاز القومي بالأسم والتاريخ واللغة ففي اعقاب الحرب العالمية الأولى وتحديداً في التحضير لمعاهدة سيفر التي ابرمت في 10 اغسطس 1920 في باريس حيث حضر وفد كلداني بزعامة سعيد نامق ورستم نجيب وهو وفد مستقل عن الوفد او الوفود الآشورية التي حضرت للمطالبة بحقوقها ايضاً ، فكانت نتائج ايجابية بالنسبة للاقليات  ولاسيما لشعبنا الكلداني وقد اشارت المادة 62 من هذه المعاهدة بشكل صريح على قوميتنا الكلدانية كما هو مدون بالدستور العراقي حالياً والتي يسعى بعض الغلاة من الأخوة لآشوريين لالغاء قوميتنا الكلدانية من الدستور العراقي كما فعلوا في مسودة دستور اقليم كوردستان . وادناه نص المادة مع اختصار بعض الفقرات :
المادة 62 : تتولى هيئة ، تتخذ مقرها في اسطنبول مكونة من ثلاثة أعضاء تعينهم حكومات كل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا  ... وفي حالة عدم توافر إجماع في الآراء بصدد أي قضية ، يحيل أعضاء الهيئة المذكورة كل إلى حكومته ينبغي أن توفر الخطة ضمانة كاملة لحقوق الآشوريين والكلدانيين والجماعات العرقية أو الدينية الأخرى في المنطقة ، ولهذا الغرض ستزور المنطقة هيئة مكونة من ممثلي بريطانيا وفرنسا وايطاليا وبلاد فارس والأكراد لكي تتولى تحديد أي تعديل.. .
نعود الى الوقت الحاضر بعد ان طفح المشهد العراقي بالأصطفافات الدينية والقومية بعد 2003 وكأن الأمر كان جديداً لكنيستنا التي كانت تربط مصير الكلدان بمصير ما هو سائد في العراق ، وكما كان دير السيدة كلما أطيح برئيس أزاحوا صورته من مجلسهم ووضعوا بدله الرئيس الجديد ، هكذا كان شأن الكنيسة الكلدانيـــة وهي باعتبارها مؤسسة دينية لا يحق لها التدخل في السياسة الا  في الشؤون الكبيرة كما حدث يوم انقذت القوش واللاجئين اليها من الأخوة الأثوريين سنة 1933  وكذلك تدخلها  يوم أُريد فرض دراسة القرآن الكريم على اطفالنا .
نعود الى المسألة القومية لشعبنا الكلداني وموقف الكنيسة من منها .
بعد 2003 كانت الأصطفافات الدينية والقومية على قدم وساق ، لكن يبدو ان كنيستنا لم تعطي للمسألة القومية حجمها الطبيعي وما هو مطلوب منها باعتبارها وفق الأصطفافات الطائفية والعرقية والدينية ومبدأ المحاصصة الذي خيم على الساحة السياسية العراقية ، اصبحت مؤسسة الكنيسة في واجهة المسؤولية لشعبنا الكلداني ، وبات مطلوب منها التحرك اكبر وخارج اطارها الديني والكنسي ، فها هو الشعب الكلداني يقتل ابناءه وتفجر كنائسه ويشرد شعبه ، وها هو يغمط حقه القومي في الدولة العراقية الأتحادية  وفي اقليم كوردستان ، وسوف لا أقول ان الكنيسة وقفت مكتوفة الأيدي إزاء هذا التهميش لكن موقفها في معظم الأحوال كان موقفاً طارئاً يميل الى رد الفعل فحسب .
لم يوظف او يعتمد له ثقافة قومية رصينة ،ولم تكرس لارساء بنية ثقافية في المسألة القومية كما هي في الكنيسة الآشورية . فالتسمية الكلدانية لكنيستنا عمرها مايقارب ستة قرون من الزمن، في حين ان التسمية الآشورية حديثة يعود تاريخها في احسن الأحوال الى ما بعد الحرب العالمية الأولى .
وللمقارنة بين الزعيمين إن ـ  صح التعبير ـ نقرأ بعض الفقرات من رسالتيهما بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة . ونقرأ في  رسالة غبطة الكاردينال البطريرك مار عمانوئيل دلي الثالث يقول :
(( .. ننتهز فرصة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الجديدة ونتوجه بكلمتنا هذه الى المسيحيين في العالم كله وبنوع خاص الى ابنائنا الكلدان المنتشرين في العالم سائلاً للجميع اعياداً مباركة وسنة جيدة ملؤها الخير والسعادة ومكللة بالسلام والهدوء والاستقرار والأمن )) .
اما قداسة البطريرك مار دنخا الرابع فقد ورد في التهنئة التي ارسلها بمناسبة العام الجديد يقول :
((..وهذا يأتي بالعمل مع الكهنة والأساقفة والمطارنة الذين يسهرون دوماً لخدمتكم ووصيتي لكم أينما كنتم هو ان لاتخافوا او تخجلوا من انكم مسيحيين أو انكم اشوريين فهذا فخر لكم بانكم مسيحيين وابناء أمة واحدة اشورية حفظتم ايمانكم ألاف السنين وجاهدتم من اجل امتكم الاشورية قبل المسيح والى يومنا وهذا يأتي من محبتكم .. )) .
هذا هو الفارق بين كنيستنا التي تحمل الأسم القومي الكلداني منذ مئات السنين والكنيسة الآشورية التي تحمل الأسم الآشوري منذ بضع عقود من السنين فحسب .
و لكي اكون منصفاً لابد من الأشارة الى محاولات من قبل البطريرك في وقتها من اجل تثبيت تسميتنا القومية في الدستور ، كما كانت المذكرة من سنودس الأساقفة في نيسان 2009 الى قيادة اقليم كوردستان من اجل تثبيت قوميتنا الكلدانية في دستور اقليم كوردستان وكما هو مدون في الدستور الأتحادي العراقي .
لكن هذه مواقف متفرقة لا تبني ثقافة قومية كلدانية وهي مطلوبة جداً في الظرف الراهن حيث يتعرض شعبنا لكل هذا الأرهاب والتنكيل والتهجير ، علينا ان نلتف حول اسمنا ليكون لنا هوية واضحة نتشرف بها ، الأنسان يعرف باسمه وهويته ، وكان ينبغي على كنيستنا ان تغرس عندنا الثقافة القومية لكي نلتف حولها  وكما تعمل الكنيسة الآشورية فهي واضحة وصريحة مع شعبها والشعب يلتف حولها تحت ثقافة الدين والثقافة القومية .
كان ينبغي على كنيستنا ان تعمل من اجل ايجاد فضائية كلدانيـــة ، ومؤتمرات كلدانية وصحف ومجلات ومنظمات مجتمع مدني ، وكان عليها ان تطبع العلم الكلداني وترفعه في مجالسها ومضايفها لدى استقبال الضيوف ، في هذه البلاد للشركات اعلامها ترفعه في واجهاتها وفي العراق للعشائر اعلامها ، فلماذا لا تتباهى كنيستنا بعلم شعبها ؟ إن مكانة الشعب الكلداني وقوته  هما زخماً  وقوة لها .
 ينبغي ان تجد الكنيسة طريقها مع شعبها ويكون طريقاً واضحا لا لبس ولا شك فيه ،  وكما هي الحالة في الكنيسة الآشورية ، التي تتناغم مع شعبها في ميوله القومية بل والسياسية  وهذه حالة صحية .
إن كنيستنا الكلدانية التي كانت صاحبة القرار في التسمية الكلدانية في القرن الخامس عشر ، عليها اليوم ان تقوم بدورها وواجبها ، ليس بالواجب الديني فحسب بل بالدور المؤسساتي والقومي حيث يتعرض شعبنا الكلداني الى الأنقراض والأفول وهو في بلده ، فإن كانت الكنيسة لا تقف مع طموحات شعبها في الظروف العصيبة هذه فمتى تقف معه ؟
 إن الهوية هي العامل الفعال لتحقيق تفعيل قوي بين الكنيسة وشعبها الكلداني وليس من الحكمة ان يسير كل طرف بطريق . نحن شعب ضعيف والمخاطر تحيق بنا من كل جانب وعلينا توحيد خطابنا ليس في الأفق الديني فحسب إنما في المجال القومي والسياسي .
 فلو كان لنا عدداً  من المندوبين الكلدانيين في البرلمان العراقي فإن هذا التمثيل يمثل قوة للكنيسة ولشعبها فعلى الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في العراق ان تعاضد شعبها وتقف الى جانبه وهو يسبح وحيداً ضد تيار جارف لا يرحم المتقاعسين .
 حبيب تومي / اوسلو في 05 / 01 / 2010

299
 الدكتور حنين قدّو علموا شعبكم ثقافة قبول الآخر والتعايش معه  
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


مضى سبع اعوام  عجاف على الشعب العراقي ، وهو يدور في دوامة العنف والقتل والتهجير ، وتناغم هذا العنف مع الزخم والأندفاع للتيار الديني الذي انطلق بعد سقوط النظام ، حيث كان هاجعاً في ظلمات كهوفه الخلاف المذهبي الذي كان في دور السبات ومن ثم انطلاقه بعد سخونته في حرارة النهضة او الصحوة الدينية التي شهدت إرهاصات العنف الطائفي الذي نزل في العراق كوباء قاتل مدمّر والى اليوم امامنا هذا المشهد الذي يتكرر كل يوم .
لكن يبقى ما يطال التكوينات غير المسلمة من الأزيدية والصابئة المندائيين والمسيحيين من ظلم وقهر وابتزار وتشريد وقتل وإرهاب وهتك الأعراض والاستيلاء على بيوتهم وحلالهم ..  تبقى هذه الحالة وصمة عار في جبين المجتمع العراقي ، فليس من المعقول ان يطال كل هذا الظلم تلك المكونات وبشكل اكثر ايلاماً ما يطال المسيحيين السكان الأصليين في الوطن العراقي والمجتمع العراقي يتفرج على الفلم المقرف .
 نعم اخليت مناطق عديدة في بغداد والموصل والبصرة من المكون المسيحي واليوم تنتقل الحملة نحو  المسيحيين في بلداتهم وقراهم بقصد تهجيرهم  وتبديل البنية الديموغرافية في هذه المناطق لاسيما في سهل نينيوى الذي يجري الزحف نحوه لقلع المكون  المسيحي او إغراقهم في المكونات الأسلامية ذات الأغلبية الساحقة في عدد السكان .
وفي هذا المقال الذي نتناول فيه المشكلة الأخيرة بين الشبك والمسيحيين في برطلة ، نقرأ عن الكاتب والقاضي العراقي زهير كاظم عبود فيقول حول الشبك: "أن الشبك مزيج من عشائر كردية وعشيرة الباجلان، وكل عشيرة من هذه العشائر تعتز بأنتسابها وأصلها ونجد بينهم من ينتسب للتركمان والعرب سكنوا مناطق الشبك منذ القدم، غير أنها تعتز بأنتسابها للشبك الذين يفتخر المرء حقاً بانتسابه لهم لما خطوه من معالم الخلق والألتزام الديني والقيم التي لم يزل يتحدث عنها المجتمع الموصلي بأعجاب وتقدير". و يقول الكاتب حسن عكلة " أ ن جل ألشبك هم أقرب من الناحية العرقية واللغوية إلي الكرد منه إلي القوميات الأخرى المجاورة ، ضمن منظومة التوزيع العرقي والقومي في المنطقة ألتي يقطنها الشبك ، لكن نقرأ من يقول عن قومية الشبك ونحن لا دخل لنا في كل هذا فنحن في زمن الديمقراطية ونحن نحترم الآخر كما هو وكما يعتقد وليس كما نريده نحن هذا هو معنى قبول الآخر .
في هذه السنة كانت اعياد الميلاد قد تزامت مع إحياء الشيعة لذكرى مقتل الإمام الحسين، فاحترمت الكنائس المسيحية هذه المناسبة لتلغي معظم الأحتفالات والأقتصار على الأحتفال الديني لاسيما في المناطق التي يشكل فيها شعبنا الكلداني اقلية دينية ومحافظة البصرة واحدة من الأمثلة ،  إن هذا الموقف هو احترام مشاعر الأخرين من اخوانهم المسلمين لا سيما الشيعة منهم ، لكن هل عامل المسلمون اخوانهم المسيحيين نفس المعاملة ؟ إن الواقع الأليم الماثل امامنا من قتل وتشريد وتفجير الكنائس الى آخره لا يمكن ان نضعها في مستوى واحد .
فيما يخص المشكلة التي اثيرت في برطلة نقرأ الأخبار في موقع عنكاوا وغيرها من المواقع ان الدكتور حنين قدو يقول بأن المسيحيين في برطلة أعاقوا الأحتفال بمسيرة عاشوراء .
لكن في تصريح للسيد عبد الرحيم الجربا، رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى. يقول :
 إن مجموعة من سكان الشبك من المسلمين الشيعة هاجموا حرس الكنائس بعدما وجدوا بعض اللافتات والأعلام، التي يستخدمونها في شعائرهم بمناسبة عاشوراء قد سقطت على الأرض، فيما رفعت لافتة تطالب المسيحيين بالتوقف عن احتفالات أعياد الميلاد احتراما لهذه الشعائر .
 اقول :
لقد طال الشبك في العقود السابقة المظالم والتهميش وكغيرهم من الأقليات ، ولكن بعد نيسان 2003 كانت الرياح تداعب اشرعتهم وتسير بما تشتهي نفوسهم وتبسمت لهم الحياة ، ومن أقلية مهملة مضطهدة انتقلوا الى أكثرية شيعية وفتحت امامهم الدروب والفرص ، لكن هذا لا يعني ان يتحول الشبك الى موقع الظالم بعد ان كانوا مظلومين ، وأن لا يصبحوا ورقة مساومة ، فلهم شخصيتهم ومكانتهم التاريخية في المنطقة وعليهم ان يتفاعلوا مع الأخرين ومنهم شعبنا المسيحي بمنطق قبول الآخر وقبول الأخر يكون كما هو وليس كما يريدونه .
على الشبك واهل الموصل من المسلمين ان يتعاملوا مع المسيحيين وغيرهم من المكونات الدينية غير المسلمة بمنطق المواطنة العراقية وليس بمفاهيم اهل الذمة ، فنحن نعيش في وطننا العراقي ولسنا اهل الذمة ولا نقبل به ، إن مبادئ ولوائح حقوق الأنسان وحفظ الأقليات واحترام معتقداتهم هي التي يجب تسود في الوطن العراقي .
 على النخبة المثقفة للشبك وفي مقدمتهم الدكتور حنين قدو ان يكونوا مثال يحتذى به شعبهم ، وهو يعرف جيداً ان التعبئة الغريزية للبسطاء الطيبين وشحن العواطف الدينية تزيد من عوامل التأليب والتحريض ودوافع الثأر والأنتقام كل ذلك سيزيد في الطين بلة ، وعلى العقلاء والحكماء ان يكونوا قدوة لشعبهم فمثلاً  نقرأ في موقع عنكاوا :
(( تفيد المعلومات الواردة من برطلة، بأن مجاميع كبيرة من الشيعة الشبك، الذين يقطنون القرى المجاورة، قاموا صباح اليوم، أولى أيام عيد الميلاد المجيد، بتنظيم مظاهرة مفاجئة حاشدة في شوارع برطلة، رافقتها أداء مراسيم عاشوراء، وسط البلدة المسيحية.)) ويضيف
(( هذا وقد وصل الى برطلة عضو مجلس محافظة نينوى عن الشبك قصي عباس الذي شارك مع المتظاهرين في اداء قسم من شعائر المظاهرة، ووصف شهود عيان ان  قصي قد طمئن الشباب المتظاهرين بقوله انه سيعمل على استراد الحق لهم بالقانون)) .
إن عضو مجلس محافظة نينوى ينبغي ان يكون عامل خير ويرشد شعبه الى افضلية التعايش والتسامح وليس صب الزيت على النار .
 جملة تساؤلات :
لماذا ينبغي ان تجرى مراسيم العاشوراء في برطلة ؟
 ما علاقة هذه المدينة بهذه المناسبة ؟
ولماذا يجب ان  تعلق لافتات هذه المناسبة في برطلة ؟
 إن كان الشيعة يلطمون في هذه المناسبة فليس مطلوباً من الجميع ان يقوموا بهذه الشعيرة ، كل دين وكل مذهب لهم شعائرهم وليس مطلوباً من غيرهم ان يساهم في هذه الشعائر ، وإذا اراد اهل برطلة ان يعلقوا لافتة معينة ، لكن ان يتم ذلك دون ان تفرض عليهم بالقوة .
 ما علاقة الناس الآخرين بهذه المناسبة ؟
لماذا يجبر اهل برطلة وغيرهم على شئ لا يخصهم ؟
 إنكم ايها السادة ببساطة مطلوب منكم ان تحترموا للناس خصوصياتهم الدينية والقومية والمذهبية ، إن النخبة المثقفة في الشبك مطلوب منهم ان يثقفوا شعبهم الطيب على ضرورة التعايش مع الآخر ، والتعايش مع الآخر لا يعني ان يكون هذا الآخر خاضعاً لك ، وهذا الآخر هو المسيحي والأزيدي والمندائي ..
 على العقلاء في المنطقة  والتي يعيش عليها خليط سكاني متداخل ومتنوع من العرب والأكراد  والتركمان والشبك والآشوريين والكلدانيين  والسريان والأرمن والمندائيين والأزيدية والتركمان .. وغيرهم ، عليهم العمل جميعاً لاجتثاث جذور الكراهية والحقد والعنصرية الدينية والمذهبية والقومية ، وقبل كل ذلك نبذ سياسة الأستعلاء والهيمنة بحجة الأكثرية ، فينبغي التأسيس لسياسة التعايش الأخوي وبمنطق المواطنة العراقية وباننا شعب عراقي واحد تجمعنا الهوية الوطنية العراقية ولنا تاريخ مشترك ومصير واحد ونحن جميعاً مواطنون من الدرجة الأولى ، ولا يوجد من هو مواطن من الدرجة الثانية او الثالثة ..  وإننا قد تعايشنا لالاف السنين على هذه الارض المباركة  . وينبغي قبل كل شئ احترام معتقد الآخر ودينه وخصوصيته واحترام مشاعره وكما هو عليه وليس كما نريده، هذا هو مبدأ قبول الآخر .
 وبارك الله كل الجهود الخيّرة التي تعمل على تلاحم ووحدة الشعب العراقي بكل مكوناته الصغيرة والكبيرة .
 حبيب تومي / اوسلو في 30 / 12 / 2009

300
قوات البيشمركة يحفظون الأمن في سهل نينوى وهذه خدمة وطنية
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
ليس خافياً ما تتعرض له بعض المدن العراقية ومنها مدينتي الموصل وبغداد من عمليات إرهابية تزهق فيها الأرواح البريئة للمواطن العراقي المنكوب . ويأتي في مقدمة من تطالهم يد العنف الدموي والأرهاب المكونات غير الأسلامية  التي تعتبر الحلقات الضعيفة من سلسلة التكوين المجتمعي العراقي ، وفي مقدمتهم يأتي المكون المسيحي الذي لا زالت كنائسه تفجر في وضح النهار امام انظار الحكومة العراقية وأنظار العالم اجمع .
 إضافة الى العمليات اليومية التي تجري في مدن العراق ، فهنالك عمليات نوعية ضخمة تقع بشكل رئيسي في مدينة بغداد وفي اماكن حساسة بالذات التي يكون من المتعذر الوصول اليها من قبل المواطن العراقي العادي ، فالحواجز الكونكريتية والحراسات المشدة والكامرات والأجهزة المستخدمة والخاضعة للتدقيق بشكل مستمر ، كل ذلك لا يمنع قوى الأرهاب من تنفيذ عملياتها بيسر وسهولة ، ويقول الأستاذ نوري المالكي ان قوى الشر هي التي تنفذ هذه العمليات ، ولكن كيف تستطيع قوى الشر من الوصول الى تلك الأماكن وحسب اختيارها وبالتوقيت التي تعينه، بحيث تكون التفجيرات في وقت واحد ليكون لها صدى اكثر .
لا يحتاج المرء الى كثير من الفطنة ولدراسة معمقة في كشف خيوط الجريمة ليشير الى ان القوات التي تحرس تلك المؤسسات والمنشاءات هي مخترقة من قبل قوى سياسية التي تحمل في يدها غصن الزيتون في السياسة حينما تتواجد في اروقة البرلمان وفي الوزارات ، وهي نفسها  تحمل في اليد الأخرى الأحزمة الناسفة ومفاتيح تفجير السيارات المفخخة عن بعد .
 هذا هو حال قواتنا التي تحرسنا فهي تميل لمن يدفع اكثر او تعمل بأجندة احزاب ترى في سفك الدماء الطريق الشرعي لبلوغ اهدافها السياسية ، وانتهى بنظرها الى غير رجعة  مفهوم الأخلاص للوطن ومفهوم قدسية الواجب ومهنية العمل العسكري . ومن هذه النقطة نعود الى موضوع قوات البيشمركة في سهل نينوى ومناطق أخرى متآخمة للاقليم  الكوردستاني والعراق الأتحادي .
لقد سافرت من اربيل الى دهوك لعدة مرات وفي اوقات مختلفة ليلاً او نهاراً ، وصادفت نقاط التفتيش وهي تقوم بواجبها ، وسألت عمن يحافظ على الأمن في هذه المناطق فقيل لي إنهم قوات الأسايش والبيشمركة . فلا بد من القول :
(( إن هذه القوات تؤدي واجبها بشكل مهني وتحافظ على الأمن والأستقرار في المنطقة وهي في هذه الحالة تؤدي واجباً وطنياً يخدم الوطن العراقي ، ولو كانت القوات التي تعود للجيش العراقي او الشرطة العراقية وأدت واجبها بهكذا اخلاص ومهنية لقلنا نفس الكلام بحقها )) .
أجل إن الأمن مستتب في هذه المناطق ومنها سهل نينوى الذي يتاخم مدينة الموصل ويدخل في نسيجه السكاني الأثني والديني تشكيلة متنوعة من القوميات والأديان ، لكن مع هذه التعددية يمكن الأستشراف على منطقة مستقرة آمنة ، بعكس مركز مدينة الموصل التي يرتفع فيها دخان تفجير الكنائس ويقتل فيها الناس الأبرياء من شعبنا المسيحي ، لسبب واحد فقط لكونهم مسيحيين لا غير ، حقاً إنه أمر سيئ ومشين ان يقتل المرء بسبب دينه  .
إن كان ثمة عمليات أرهابية تقع في هذه القرية او تلك في سهل الموصل وفي اوقات متفاوتة ، فإنها لا تقع نتيجة اختراقها لقوات البيشمركة او مساومتها لها ، فهي تحدث نتيجة استغلال الأرهابيين لنقاط ضعف او ثغرات امنية وكما هي الحالة في الدول الأوروبية التي تحدث فيها العمليات الأرهابية رغم الأحتياطات .  
 لقد قرأنا قبل فترة عن عزم الحكومة لوضع بعض قوات الجيش العراقي في حالة إنذار لحماية المسيحيين وكنائسهم خلال اعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية ، فماذا كانت النتيجة ؟
 النتيجة التي تتجسد على ارض الواقع : هي استمرار استهداف الكنائس في مدينة الموصل ، وفي هذه الفترة اغتيل في رابعة النهار الشاب المسيحي زيد نجيب يوسف  39 سنة ، واليوم 24 / 12 نقرأ في موقع عنكاوا كوم عن حادث اغتيال الشاب باسل أيشو يوخنا 23 سنة ، ويبدو من سير الأحداث ان قوى الأرهاب في مدينة الموصل تحتفظ بشرعية تامة داخل هذه المدينة ، ولا نلاحظ اي مظاهر غضب او استنكار يتعالى من سكان هذه المدينة ضد الجرائم التي ترتكب في مدينتهم ضد المكونات الدينية غير الأسلامية .
 إن العنف الدموي هذا له وقعه الدرامي على مشاعر شعبنا الذي يرى امامه سكوت العالم والحكومة العراقية وعجزهم التام عن الحفاظ على امن أناس مسالمين . فإن كانت الحكومة عاجزة عن تأدية واجبها لماذا لا تستقيل ليأتي غيرها ويقوم بالمهمة ؟
نعود الى وضع البيشمركة وهي القوات التي تعمل بمهنية وإخلاص لخدمة الأمن والأستقرار في الأقليم الكوردستاني والعراق الأتحادي ، لقد تناقلت الأنباء عن جهود لادماج قوات البيشمركة بالمنظومة الدفاعية العراقية ، وتحديد آليات تجهيزها وتسليحها بما يمكنها من معاونة القوات الأمنية العراقية لمواجهة التحديات الأرهابية ، وأقول بهذا الصدد انها خطوة موفقة في تعزيز امن الوطن العراقي ، وإن ربوع اقليم كوردستان خير دليل لفاعلية قوات البيشمركة في خدمة الأقليم وخدمة الوطن العراقي برمته .
 حبيب تومي / اوسلو في 24 / 12 / 2009  

301
لكن خوض الأنتخابات بقائمتين كلدانيتين هو الخيار الأصعب
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
 حالة من التهميش المتعمد المّت بشعبنا الكلداني منذ مجئ الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر  الى العراق وقراراته الغبية التي اتخذها بتقسيم العراق الى مراكز لمحاصصات طائفية ، وفيما يتعلق الأمر بشعبنا الكلداني كان استلابه من حقه المشروع من التمثيل في مجلس الحكم باعتباره يشكل ثالث قومية عراقية ، وإن هذا الوضع التهميشي والأقصائي قد استمر قائماً الى اليوم ، فالمكون الوحيد الذي جرى تهميشه من العملية السياسية العراقية وفي اقليم كوردستان ايضاً هو شعبنا الكلداني ، وإن كان ثمة ما يستحقه من الأموال فقد جرى تجييرها لجهات أخرى ولم يكن لشعبنا الكلداني وتنظيماته ولكنيسته إلا النزر اليسير منها ، وإن هذا الوضع قد افرز حالة يقول عنها الشاعر :
رأيت الناس قد ذهبوا       الى من عنده ذهب
ومن ليس عنده ذهب        عنه الناس قد ذهبوا
 إن هذا القول ينطبق على حال شعبنا في ظروف الأنتخابات حيث تلعب القوى الأخرى بالملايين لحملاتها الأنتخابية بينما يعاني شعبنا من حصار كامل تفرضه الأحزاب الآشورية حتى على الأسم الكلداني ، ناهيك عن الدعوة لانتخابهم ، فالكلدانيون يتعرضون الى اليوم الى حملة شرسة تقودها الأحزاب الآشورية لدفن كل ما يتعلق بالشعب الكلداني وقوميته الكلدانية . وهي حالة غريبة عجيبة ان تكون هذه الحالة مع أناس يتعين ان نكون معهم شعب واحد ، فمن له هكذا اشقاء فلا يحتاج الى أعداء . والمسألة حقيقة واقعة مع الأسف رغم ندرة مثيلتها في التاريخ .  
اقول :
إن هذا الواقع المرير الذي نعانيه يحتم علينا نحن الشعب الكلداني ان نوحد صفوفنا وخطابنا ، فمن ناحية ليس لنا عدد كبير من الأحزاب وبالتالي فإن التنسيق بين هذه الأحزاب ليست مسألة عسيرة ، هكذا كانت الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية تعمل بإخلاص للتنسيق بين هذه الأحزاب . وعموماً إن من يتمعن في الخطاب القومي لتنظيماتنا السياسية وهي :
حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني ، والمجلس القومي الكلداني ، والمنبر الديمقراطي الكلداني ، المتمثل بقيادتهم في الولايات المتحدة وممثلهم في العراق سيروان شابي ، يلاحظ انسجام الرؤية في التوجه القومي الكلداني لهذه التنظيمات ، وبتناغم عام مع الشخصيات الكلدانية المستقلة ، ومؤسسة الكنيسة الكلدانية ، ومنظمات المجتمع المدني كجمعية الثقافة الكلدانيــــــة والأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان وغيرهما من منظمات المجتمع المدني لشعبنا الكلداني .
لكن لو انتقلنا الى الجانب الآخر من المعادلة وهو الجانب السياسي ونتساءل ، اين يقف التوجه السياسي لهذه التنظيمات ولنخبنا السياسية بشكل عام ؟ سيتراءى لنا مشهد يختلف عن المشهد القومي .
في الانتخابات البرلمانية السابقة لاقليم كوردستان ـ رغم النتائج السلبية التي آلت اليها تلك الأنتخابات  ، فإن حالة التنسيق والعمل المشترك كانت سائدة بين تنظياتنا ، لكن اسباب الأخفاق كان بعضها خارجاً عن الأمكانيات الذاتية لهذه الأحزاب ( الكلدانية ) رغم انها تتحمل جزءاً من المسؤولية في هذا الأخفاق .
اليوم ونحن مقبلون على انتخابات البرلمان العراقي ، وهي تحمل اهمية كبيرة في ضرورة تبيان تضامننا واتحادنا ووحدتنا ، لان القوى المناهضة  لشعبنا الكلداني ستتربص لنا ولا تريد ان تشرق الشمس علينا ، ورغم اهمية هذا التضامن للجميع ، لكن مع ذلك بات المشهد واضحاً امامنا فيه انبثاق قائمتين كلدانيتين ، ورغم الأتصالات والجهود التي بذلناها في ايجاد صيغة مقبولة للخروج من عنق الزجاجة ، إلا ان تلك الجهود لم تثمر نتيجة أيجابية .
 نحن الناشطون في حقل النشاط القومي الكلداني لا يسعدنا وجود قائمتين كلدانيتين متنافستين تخوضان بشكل مستقل انتخابات ، يفيد المنطق والموضوعية ان نخوض هذه الأنتخابات بقائمة كلدانيـــــة موحدة واحدة .
 نحن نتطلع بإخلاص الى نجاح اي قائمة كلدانيـــة ولا يهم من يفوز في هذه القائمة او تلك ، فالمسالة بالنسبة لنا هي مسألة إثبات وجود قومي كلداني عراقي أصيل في الدرجة الأولى ، وبعد ذلك نحن لسنا ضد  إحراز منافع فردية ، والتي في حساباتنا تأتي بالدرجة الثانية بعد مصلحة شعبنا الكلداني .
 امامنا واقع معلوم معالمه واضحة جلية ، وفيه تناكف المساعي والجهود وتصرف الأموال الطائلة وتسخر المواقع والفضائيات في سبيل إلغاء اسم الشعب الكلداني من الخارطة السياسية والقومية العراقية ، وبعد ذلك قطع انفاسه في عملية الأنتخابات المقبلة .
 لقد اصدرت سكرتارية المنبر الديمقراطي الكلداني في الولايات المتحدة وكندا في 14 / 12 / 2009 رسالة بهذا المعنى تدعو فيها للأتفاق على الخروج بقائمة واحدة لعموم شعبنا الكلداني ، لكني اقول بكل اسف اننا لم نستطع إذابة جبال الثلوج بين الطرفين ، فكانت النتيجة لحد كتابة هذه السطور هي انبثاق قائمتان ، واحدة لحزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني بقيادة الأستاذ ابلحد افرام ، واخرى هي قائمة المجلس القومي الكلداني ويقودها الدكتور حكمت حكيم ، ومعه الأخ ضياء بطرس ، وهي بتعضيد من سكرتارية المنبر الديمقراطي الكلداني في اميركا .
رغم اهمية الموضوع فأنا شخصياً لا اعتبر ( عدم الأتفاق ) هذا نهاية العالم ، فالمسالة هي اتفاق سياسي ، والعمل السياسي تشوبه الأجتهادات والمصالح الحزبية والشخصية ، لكن بالنسبة للعمل القومي الكلداني فإن كلا الفريقين يسعيان لرفع المكانة السامية للقومية الكلدانيــــة . وهذا نلاحظه في الأحزاب الآشورية ايضاً ، فهي تتوحد في مسألة التوجه القومي والتي يأتي في مقدمته ، حسب رأيهم ، محاربة اشقائهم الكلدانيين ، لكنهم مختلفين ايضاً في الشأن السياسي .
مع هذه الفرضية نرى في توحد الجهود للقوى الكلدانية المدنية والسياسية في أيجاد صيغة موحدة في قائمة كلدانيـــــــــة واحدة هي الصيغة المثالية المطلوبة وإني شخصياً اضم صوتي لسكرتارية المنبر الديمقراطي الكلداني ، ونيابة عن الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان نناشد جميعاً النخبة السياسية في احزابنا الكلدانية لتوحيد جهودها في قائمة كلدانيــــة واحدة ، فمما لا شك فيه ان خوض الأنتخابات بقائمتين سيكون خياراً صعباً وستتبعثر وتتقاسم الجهود وشعبنا الكلــداني هو الخاسر الأكبر .
حبيب تومي / اوسلو في 18 / 12 / 2009

302
اين النخوة والشهامة العربية يا أهل الموصل ؟

بقلم : حبيب تومي/ اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



إن الدارس لتاريخ العراق الحديث سيكون من المتعذر عليه التركيز على بغداد باعتبارها مركز الثقل لتاريخ العراق كما كانت في العصر العباسي ، ففي العهد العثماني تغيرت المعادلة حيث كان تأثير شخصيات وأسر عراقية ، بل ومدن برمتها ان يكون لها دور ،  وان تفرض نفوذها في ظل ضعف السلطة المركزية للدولة العثمانية المترامية الأطراف .
مع تلك الظروف كان ولاية الموصل واحدة من الولايات التي تمتعت بحكم محلي ترتبط مباشرة مع الباب العالي في اسطنبول ، وفي هذا السياق يكتب المؤرخ عماد عبد السلام رؤوف ان الأسرة الجليلية تولت مقاليد الحكم في ولاية الموصل ما بين سني 1726 و 1834 ويضيف الكاتب ص 4 من كتابه : الموصل في العهد العثماني :
 إن الموصل في هذا العهد تميزت بحكم شبه ذاتي وبشخصية محلية واضحة المعالم تجلت في مختلف الجوانب السياسية والأقتصادية وألأجتماعية وحتى الثقافية والعمرانية ..
 من هذه المقدمة نحكم ان الموصل لم تكن بمعزل عن محيطها فهي ولاية الموصل وليست مدينة الموصل فحسب ، وهذه الصيغة تقودنا الى ان مدينة الموصل كانت مركزاً للتعايش بين مختلف المكونات الأثنية والدينية والعرقية في هذا الأقليم . فالتكوين السياسي بعد الدولة العباسية وبشكل خاص في ظل الدولة العثمانية كان العراق مقسماً الى ثلاث ولايات وهي ولاية البصرة وبغداد والموصل . فالتقسيم السياسي يحتم تفاعل بين المكونات التي تشكل ولاية واحدة .
المكونات الدينية الى جانب المسلمين في هذه المنطقة كان هنالك اليهود والمسيحيين والأيزيدية ، وفي مدينة الموصل بالذات كانت الكثاقة الديموغرافية المسيحية تلي المسلمين ومنهم العرب والأكراد والتركمان . ولعب المسيحيون دور كبير في الحياة السياسية والأجتماعية والأقتصادية والثقافية في الموصل .
إضافة الى ذلك كان للمسيحيين الدور البارز حينما حاصر نادر خان ـ الذي اعلن نفسه شاهنشاهاً وتسمى بنادر شاه ـ سنة 1743 م ،  وكان ذلك في عهد  والي الموصل الحاج حسين باشا الجليلي الذي استبسل مع شعبه للدفاع عن المدينة بوجه تلك القوة الجبارة التي دكت المدينة بالاف


 
القذائف ، وكان موقف المسيحيين شجاعاً ومشرفاً بالدفاع عن المدينة ومكافأة لتلك المواقف الرجولية كان اهتمام الولاة الجليليين بكنائس الموصل ، كما  صدر عام 1744 م فرمان سلطاني بتعمير كنائس الموصل كلها ، وأجاز حسين باشا  الجليلي تجديد الكنائس القديمة وألأخرى التي دمرت اثناء الحصار ( عماد عبد السلام : الموصل .. ص451 ) .
اليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين تفجر كنائس المسيحيين في الموصل ، ويطالهم القتل والتهجير وتفجر بيوتهم ووو . . هكذا وصل الحال بالموصل بحيث يجري اغتيال الشقيقين الشابين  رانكو وريمون نجيب بدم بارد في وضح النهار ، والسبب انهم توجهو للموصل لتصليح سيارتهم او لكسب رزقهم ، نعم الى هكذا وصلت حدود النخوة والشهامة العربية في هذه المدينة التي كانت رمزاً للتعايش والتسامح  .
 موصل مدينة العشائر العربية العريقة بيت توحلة وكشمولة وبصّو وحملقدّو والدملوجي والجومرد والحديد والشنشل والجلبي والعقيلي والعمري والجليلي ... الخ هذه العشائر العربية وغيرها يجري في عقر دارها اغتيال شابين بريئين وهم يتفرجون على المشهد المخزي بحق المدينة العريقة .
إن قوات الشرطة والجيش والأمن والأستخبارات والمحافظ والحكومة العراقية برمتها يقفون عاجزين عن حماية اناس ابرياء يعيشون بشرف ومن عرق جبينهم ، والسبب هو ان هويتهم مسيحية . هذه هي المأساة الحقيقية ونحن في القرن الواحد والعشرين .
إن هذا الشعب الأصيل المسالم بات ورقة للمساومة ، ويحصل توظيف دماءه للتنافسات السياسية بشكل لا اخلاقي ولا انساني ، وكنا نتوسم في اهل الموصل ان تحتل موقعها التاريخي في عملية صنع القرار السياسي الخيّر والمفيد لعموم العراقيين بكل مكوناتهم الدينية والأثنية والعرقية بينهم العرب والأكراد والتركمان والكلدان وألأرمن والسريان والآشوريين والمندائيين والشبك .. الخ وأن تكون مدينة الموصل مدينة التعايش وليس مدينة اشباح يقتل من يدخلها من اجل تصليح سيارته .
هذا واقع مرير لا يناسب والتاريخ المجيد لهذه المدينة العراقية الأصيلة ، إن العنف الذي طال شعبنا الكلداني في هذه المدينة والمسيحيين بشكل عام لا يمكن تبريره ، ولا يتلائم مع ما نعرف عن هذه المدينة ، لقد كانت الموصل واحة التنوع ، فهي ام الربيعين وكان مهرجان الربيع في الموصل ينشر المحبة والتسامح بين تلك المكونات وكانت من كل محافظة تأتي فرقة فنية واحدة لكن من محافظة نينوى كانت تشترك 16 فرقة فنية بأطيافها المتنوعة الجميلة .
اليوم هذه الأطياف محروم عليها ان تدخل هذه المدينة ومن يجروء لان يصلح سيارته فيها فإنه معرض للقتل بدم  بارد وفي وضح النهار . هذه هي الحقيقة المرّة التي تحيط بمدينة الموصل التي تتزين ابنيتها بالجوامع وألأديرة التاريخية والكنائس التي يعود بناؤها الى القرون الأولى الميلادية .
إن الحكومة العراقية مقصرة بواجبها لانها لا تقبض على الجناة ولا تقدمهم للمحاكمة ، ولا يوجد من يفك طلاسم واسرار سكوت الحكومة على هذه المظالم وعلى سفك هذه الدماء البريئة .
إن اهالي الموصل الكرام مطلوب منهم ان يعيدوا الوجه التاريخي المشرق لمدينهم وأن ينبذوا  بعيداً واقعها  المأسوي ووجهها المظلم ، بانغلاقها على كل المكونات التاريخية التي عاشت معهم على مر العصور .
 لكي يعود الوجه المشرق لمدينة الموصل الحدباء ينبغي ان تكون واحة عراقية تزدهر فيها كل الأطياف العراقية الجميلة الأصيلة وبعيداً عن منطق القتل والتهجير القسري لها .  
 حبيب تومي / اوسلو في 14 / 12/ 2009




303
اين يقف رابي سركيس والمجلس الشعبي من همـوم شـعبنا الكلــداني ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

لسنا هنا بصدد الأشارة الى الشان الشخصي للاستاذ سركيس آغاجان ، لكننا سنبقى مع الأستشراف على المؤسسات التي تعمل تحت إشراف رابي سركيس ، وهي بالمختصر : الأموال المقدمة للمسيحيين ، ومسألة فضائية عشتار ، ومؤسسة او حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ومدى ارتباط هذه الملفات الثلاثة " الأموال ، الأعلام ، السياسة " وتأثيرها على شعبنا الكلداني .
 يقال : ما كل ما يتمنى المرء يدركه ، هكذا كنا نأمل ان يكون لشعبنا الكلداني حصته العادلة في الملفات : المالي والسياسي والأعلامي ، لكن ذلك لم يتحقق على ارض الواقع .
 يرتكب خطأً فاضحاً من يعتقد ان باستطاعته القضاء على المشاعر والنزعة القومية لشعبنا الكلداني ، وإن انخراط الكلدانيين في احزاب عراقية كالحزب الشيوعي او الحزب الديمقراطي الكوردستاني او الحركة الديمقراطية الآشورية او حتى حزب البعث ، لا يعني ذلك ان هؤلاء تخلوا عن قوميتهم الكلدانيــــــــــــــــة ، ولكن ربما يكون من هؤلاء ممن ينتمون الى احزاب آشورية وبتأثير من هذه الأحزاب يتأشور بعضهم ، وهذه حالة حصلت سابقاً  فثمة أكراد قد استعربوا او استتركوا ، وهذه حالات يمكن نعتها بأنها  شاذة عن القاعدة ولا يمكن اتخاذها كمعيار يقاس بها .
حين تأسيس فضائية عشتار كان مؤسسها الأستاذ جورج منصور ، وهو رجل هادئ ومهني ومعتدل في توجهاته ومنها الشأن القومي ، وأراد ان يؤسس فضائية تمثل مسيحيي العراق من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن ، وأن تقف هذه الفضائية لمسافة واحدة من هذه التكوينات دون محاباة او تفضيل مكوّن على الآخر ، ولكن حين تكليف الأستاذ جورج منصور  بحقيبة وزارية في الكابينة الخامسة لاقليم كوردستان ، تمكن غلاة الفكر الآشوري من الهيمنة على مقاليد الفضائية فأصبحت فضائية آشورية بكل توجهاتها وهمشت كل ما هو غير آشوري . وربما يسأل سائل اين الدليل على هذا الزعم فأقول :
من القرائن الدامغة على كلامي ، فإن هذه الفضائية لم  تكن حاضرة في يوم انعقاد مؤتمر المجلس القومي الكلداني في عنكاوا في نيسان 2009 والسبب لان المجلس هو " كلداني"  ، في حين حضرت هذه الفضائية المؤتمر الآشوري العام المنعقد في استراليا ، والسبب لانه حزب " آشوري"  ، وهنالك براهين كثيرة لانحياز هذه الفضائية لا مجال للتطرق اليها جميعاً . فإن كان رابي سركيس لا يقبل بالتفرقة  بين مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين فإن فضائية عشتار التي يمولها تعمل للاشوريين فقط .
النقطة الأخرى التي اثيرها في هذا المقال هي : موقف المجلس الشعبي من شعبنا الكلداني ، فإن هذا المجلس لا يراعي المشاعر القومية للكلدانيين ، فهو يتهم كل كلداني له نزعة قومية بأنه انفصالي في حين يبارك من له نزعة قومية آشورية ، والمجلس الشعبي يحتضن ويقّرب منه كل من يشتم القومية الكلدانيــــــــــة ويتهجم على الكنيسة الكلدانية ، فدعوة هؤلاء الكتاب الكلدان للمؤتمر الثاني للمجلس الشعبي وإناطة المسؤوليات الكبيرة بهم هو خير برهان على كلامي ، وفي الحقيقة يحق لهؤلاء تبديل قوميتهم او دينهم وفي ذلك حرية شخصية ، لكن لا يحق لهؤلاء اعتبار من لم يبدل دينه او قوميته بأنه مخرّب وانفصالي ، فنحن نترك لهؤلاء الحرية تبديل القومية فلماذا لا يحق لنا ان نبقى على قوميتنا الكلدانية؟
الكاتب المهندس فاروق يوسف يكتب مقالاً تحت عنوان :
" المجلس الشعبي والأحزاب الكلدانية ينفذان أجندات لصالح الزوعا" جاء فيه :
((. وبالرغم من الهالة الإعلامية الذي أحيط بها هذا المؤتمر من الندوات واللقاءات والتحضيرات الجارية له على قدم وساق من سيارات الدفع الرباعي وحجز في فنادق الدرجة الممتازة وبطاقات تذاكر سفر من مختلف أنحاء العالم ( طبعا فقط للذين يعلنون الولاء المطلق له ,
بل ان الكاتب الكلداني حبيب تومي الذي هو متواجد داخل العراق لم يتلقى حتى بطاقة دعوة للحضور بصفة ضيف وليس مندوب والأمر نفسه لكافة الشخصيات الكلدانية التي تعتز بكلدانيتها ....)) انتهى الأقتباس
نعم سألني كثير من الأصدقاء في القوش وعنكاوا إن كان سفري الى العراق بدعوة من قبل المجلس الشعبي لحضور المؤتمر ، ووسط استغرابهم أقول إني غير مدعو والسبب يبدو انني أثير ( كرّا بيج : Garra pech) والألاقشة يعرفون معنى ذلك ، لكن في الحصيلة اشعر وكان هنالك تمييز عنصري ضدنا وإلا كيف نفسر هذا الموقف من المجلس الذي يقول عن نفسه انه كلداني سرياني آشوري ؟
كنت واقفاً مع بعض الشباب في ساحة في القوش حينما مرت سيارة حديثة بقربنا وبعد ان ابتعدت السيارة قليلاً قفلت راجعة نحونا وترجل منها الزميلان جونسن سياويش ، وهو امين المجلس الشعبي وعضو الهيئة التحضيرية للمؤتمر ، وكذلك الزميل جبرائيل مركو وهو عضو الهيئة التحضيرية ايضاً والمسؤول الأعلامي فيها ، وبعد تبادل التحية والسلام الحار بيننا ،  لم يوجها لي اية دعوة لحضور المؤتمر ، لكن ذلك كان افضل من الصديق وابن القوش سعيد شامايا الذي تصادفنا في تللسقف في مرثية صديقنا المرحوم جميل روفائيل ، حيث لم يكلف نفسه حتى ليقول لي سلامات .
المشكلة ان الأخوة هؤلاء يتكلمون دائماً عن حرية الرأي وعن ايمانهم بالديمقراطية لكن على ارض الواقع تتبخر هذه الديمقراطية من قاموسهم وتصبح هباءً منثوراً .
مصادر المؤتمر تزعم  ان 1300 مندوب حضروا للمؤتمر من قارت الأرض ومن العراق ، ومصادر أخرى تقول ان عدد الحضور كان بحدود 800 مندوب ، ومهما كان العدد فأنا شخصياً أعتز بهؤلاء جميعاً واحترم شخصياتهم ، لكن يبدو ان لا احد منهم تعرض بتوجيه نقد لمسألة معينة لمسيرة في المجلس الشعبي خلال دورته الماضية ، وربما كان النقد الوحيد اليتيم الذي صرحت به السيدة ايمان زكريا بأن عدد النساء في المؤتمر لم يتجاوز عدد اصابع اليد من بين 1300 من المدعوين من الرجال . أي ان الحضور لم يعنيهم شأن قرارات المؤتمر مهما كانت .
 كان استنتاجي عن القائمين على المؤتمر بشكل عام انهم يحرّمون النقد ويستهجنون اصحابه ويهمشونهم ، وفي كثير من الأحيان توجه لهم تهمة وقد تصل الى تخوم التخوين ، لكني متأكد من ان اية خطوة اصلاحية لا يمكن بلوغها دون فتح الطريق امام النقد الصريح والعلني والجرئ ، وبعكسه سنغرق في مستنقع المجاملات وفي جحيم القبلات الدبلوماسية . فيبدو جلياً ان المجلس الشعبي لا يريد ان يعترف بأخطائه ، لان برأيه ان الأعتراف بالخطأ ضرب من الهوان يهدد وجود المجلس ككيان ، لذلك ، فالمجلس الشعبي  منزّل ومعصوم ولا يوجد في مسيرته اي خطأ او مثلبة او نقص .
في مسألة الأموال لا يختلف الأمر عن هذا السياق في تفضيل المكون الآشوري على الكلداني ، لا سيما التنظيمات الحزبية الكلدانية .
 بقي ان اقول عن موقف رابي سركيس عن هموم شعبنا الكلداني ، فهو لم يستشر شعبنا في مسألة التسمية ، ولم يخاطب كنيستنا وتنظيماتنا ، ويبدو للمراقب المحايد انهم يحسبون هذا الشعب ( الشعب الكلـــــداني ) وتنظيماته وكنيسته عبارة عن قطيع يساق كما يريد له الراعي . وبهذه المناسبة ومع هذا السياق الغريب اشير الى لوائح حقوق الأنسان والتي تشكل  سياج اخلاقي عالمي يحمي الأقليات من التهميش والأقصاء ومهما كانت الذرائع والمبررات لذلك التهميش .
 إن شعبنا الكلداني له تاريخه  وله مآثره وتقاليده ولغته وشخصيته وكرامته ، فإن اراد رابي سركيس ان يتعامل معنا بشفافية وتكافؤ وندية فنحن نعمل مع الجميع ، وليس من المعقول ان يعامل شعبنا بسياسة كسر العظم من قبل اشقاء نعتبر معهم اننا شعب واحد . ان التعامل الندي هو قبول الآخر كما هو وليس كما يُراد له .
 الحقيقة الجلية على ارض الواقع ، هي ان القاعدة العريضة لمن يعمل مع رابي سركيس هم من الكلدان في الغالب ، فالآشوريون هم مع حركة الزوعا قلباً وقالباً ، إن كان في الأنتخابات او في المناسبات الأخرى .
إن رابي سركيس يعتمد على قاعدة كلدانيــــــــــــــــــــــة واسعة ، لكن الشئ الملفت هو اعتماد رابي سركيس على بعض الكلدان الذين يشتمون القومية الكلدانية ، ويتهجمون على الكنيسة ، وكلما كان تهجمهم اكثر على القومية الكلدانية كلما كان حظهم اوفر في تسنم مركز اعلى في المجلس الشعبي ، وهذا أمر مؤسف ان يقرّب منه هؤلاء الذين لا يفتخرون بانتمائهم القومي ، فإن كان هؤلاء لا يخلصون لانتمائهم وليسوا اوفياء لقومهم فكيف يخلصون لرابي سركيس بعد نفاذ (( المصلحـــة والمنفعــة )) ؟
هذا هو الواقع ونريد ان نجلس كأنداد مع احترام مشاعر كل الأطراف دون تعالي او إقصاء . فشعبنا الكلداني له هموم وحقوق ، وهذه الحقوق لا تتحقق في تحقيق المنافع الآنية المادية . إنما تتحقق في التعامل الأخوي بين جميع الأطراف ومن منطلقات الأحترام المتبادل بينهم  .
 حبيب تومي / اوسلو في 8 / 12 / 2009

304
لتبقى مدينة عنكاوا القلعة الحصينة للأمة الكلدانية في اقليم كوردستان
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
عنكاوا ، او عينكاوة كما هو مكتوب على علامات المرور في المدينة او خارجها ، هي مدينة كلدانيــة تمتاز بعراقتها وتاريخها الموغل في القدم ،  زرت هذه المدينة مع وفد كبير من القوش في اواخر الخمسينات من القرن الماضي لتحية البارزانيين العائدين الى الوطن من منفاهم في الأتحاد السوفياتي السابق . يومها كان يفصل عنكاوا عن اربيل طريق ترابي طوله حوالي اربعة كيلومترات ، ويومها ايضاً كانت عنكاوا بلدة زراعية وكان شعبها يحبس انفاسه ترقباً لنزول الأمطار إذ مما يسرها كان تكّون السحب في السماء ايذاناً بوصول الغيث وهطول الأمطار التي تحمل الخير والبركة فالحقول واسعة والزراعة عماد اقتصادها .
اليوم بعد حوالي نصف قرن من السنين اضحت عنكاوا ملاصقة لمدينة اربيل وتوسعت وتنوعت مصالحها ولم تعد الزراعة عماد معيشتها في الدرجة الأولى ، فعنكاوا اليوم يتخللها التوسع العمراني ، وتزدهر فيها الحركة التجارية والسياحية وتنتشر فيها الجمعيات والمؤسسات الحكومية والأجنبية ، فكان الأقبال الكبير على شراء الأراضي الزراعية التي تحولت الى اراضي معدة للسكن ، وقد جرى توزيع الوجبة الأخيرة من هذه الأراضي قبل ايام  لاهل عنكاوا ولغيرهم من المسيحيين في اقليم كوردستان .
إن هذا التوسع قد جعل من مدينة عنكاوا مدينة مفتوحة للجميع وقد يكون في ذلك جانب إيجابي من حيث ازدهار الأقتصاد ، لكن هذا الأنفتاح لا يخلو من جوانب سلبية ، فمنهم من يقول ان عينكاوا قد فقدت أراضيها ، ولم يبق شئ للاجيال القادمة ، كما ان عنكاوا تفقد بعض خصوصيتها في هويتها الكلدانيــــــة جراء هذا التوسع وهذا الأنفتاح . في كل الأحوال لا نستطيع ان نخرج من واقع الحال الذي خيم على هذه المدينة .
بعد هجرة المسيحيين من مدن العراق بعد ان طالهم العنف الدموي وعمليات الخطف والأبتزاز ، كانت مدينة عنكاوا واحدة من المحطات التي استقر فيها كثير من هؤلاء المسيحيين ، فالبلدة لغتها كلدانيــــة  فالقادم اليها لا تعترضه صعوبة في التفاهم إن اراد الأستقرار او العمل او مزاولة عمل تجاري او صناعي او سياحي .  كما ان قوانين اقليم كوردستان التي تتسم بالعلمانية والديمقراطية قد ساعدت في جذب هؤلاء المهاجرين الذين لا يرومون ترك الوطن ، فاستقر في عنكاوا اعداد كبيرة من المسيحيين الذين تقطعت بهم السبل ووجدوا في هذه المدينة الترحاب وأسباب المعيشة إضافة الى قوانين حكومية سهلة  وبعيدة عن الروتين والتعقيد .
 في ظل هذه الظروف المؤاتية والقوانين والتسامح والتعايش المجتمعي الذي يسود اقليم كوردستان باتت مدينة عنكاوا تحتل مكانة متقدمة بين مدننا وقرانا في جذب اعداد كبيرة من ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن للسكن والأستقرار في هذه المدينة ، فأولاً  توفر فرص العمل ،  وثانياً كانت ثمة قوانين مسامحة وسهلة لحرية العمل وحرية التملك . والى جانب ذلك يمكن الأستشراف على حالة أخرى وهي انتشار منظمات المجتمع المدني في هذه المدينة إضافة الى مقرات لمختلف الأحزاب السياسية لشعبنا وانعقاد الندوات والمؤتمرات ، فكان لعنكاوا الدور الريادي ليس في الأقتصاد والمال فحسب بل في مجال السياسة والثقافة وغيرها .
 وبذلك امست عنكاوا قبلة تجذب المسيحيين اليها ، ولا زالت الى اليوم ، وهنالك حالة مهمة يمكن تشخيصها في مدينة عنكاوا وهي ضعف الهجرة منها الى الخارج بعكس المدن الكلدانيـــــة الأخرى التي يستفحل في اوصالها نزيف الهجرة ومنها كمثل غير حصري القوش وتللسقف . فعنكاوا تبدو مستقرة الى حد ما من هذه الناحية ، وربما هذا الأستقرار هو النتيجة الطبيعية للاوضاع التي تسود اقليم كوردستان من ناحية الأسقرار السياسي والتعايش المجتمعي وسيادة القانون .
إن حكومة اقليم كوردستان معنية بتعزيز مكانة هذه المدينة وبلورة دورها في جعلها عاصمة للمسيحيين ، إن صح التعبير ،  في اقليم كوردستان ، فهي مؤهلة لان تلعب هذا الدور بفضل إمكانياتها المادية والثقافية والسياسية والبشرية .
هنالك ضغوط لتغيير هوية عنكاوا الكلدانيــــــة ، وتلك الضغوط تندرج في المساعي غير الحميدة التي تعمل على القضاء على الكنيسة الكلدانية عموماً ، وكذلك على طمس الهوية الكلدانية ، وهذا امر مؤسف ان يعمل في هذا الأتجاه لفيف من ابناء شعبنا الكلداني . وحين إنشاء فضائية عشتار كنا نتأمل ان تكون هذه الفضائية عاملاً إعلامياً معاصراً يعكس تطلعات شعبنا في السياسة والأدب واللغة والتراث ، لكن هذه الفضائية اختارت جانب الأنحياز لمكون واحد من شعبنا وهو المكون الآشوري وعملت بشكل علني على طمس الهوية القومية لشعبنا الكلداني ، ونحن نشاهد  مدى تغطية هذه الفضائية للمؤتمر الثاني للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري المنعقد حالياً في عنكاوا ، في حين اهملت تغطية بل لم تحضر إطلاقاً للمؤتمر الثاني للمجلس القومي الكلداني في عنكاوا مما يدحض مصداقية هذه الفضائية ويعكس انحيازها الكامل الى جهة واحدة .
 نحن نتطلع الى مدينة عنكاوا الكلدانيــــة لتكون رمزاً لشعبنا المسيحي بشكل عام ولأمتنا الكلدانيــة بشكل خاص وهي مؤهلة لان تلعب هذا الدور ، ونتمنى ان تقوم حكومة اقليم كوردستان بتعزيز مكانة هذه المدينة وجعلها عاصمة للمسيحيين في اقليم كوردستان بشكل عام .
 حبيب تومي / اوسلو في 4 / 12 / 2009

305
نحن كلدان وسريان وآشوريون اوقفوا المتاجرة بأسمائنا التاريخية رجاءً
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no




بعد عشرة ايام من وصولي الى كوردستان راجعت الدوائر المختصة لتجديد الأقامة ، سألني واحداً من الموظفين السؤال الآتي :
 ما هي قوميتك ؟
اجبت الموظف بأن  قوميتي هي  كلدانيـــــة . وسجل الموظف عنده في حقل القومية اسم الكلدانية . وبعد هذا لم يجري التحري او التحقيق ، لماذا الكلدانية فالموظف يؤمن بأن كل شخص يعرف اسمه ودينه ومذهبه وقوميته .
 لكن الشئ المؤسف ان يصبح شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين الى ورقة للمتاجرة والمساومة ، وبات مشروعاً لتحقيق الأهداف السياسية لهذا الحزب او ذاك دون وجه حق  ، فقد سُلب ابناء شعبنا من حقهم في الأنتماء القومي وبات الأوصياء يتاجرون بأسمائه التاريخية  كل على مزاجه ووفق مصلحته الحزبية .
فالغريب العجيب ان يبقى هذا الشعب العريق بضاعة للمتاجرة ، فكل شعب يعرف اسمه وتاريخه ومآثره إلا شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريون ، فكأنما وُلدنا يوم امس ، ويجري تعميدنا هذا اليوم ، وهنالك خلاف نشب بين الأب والأم لتسمية الوليد الجديد وماذا يكون اسمه في دفتر الولادة في الكنيسة وماذا يكون اسمه في هوية الأحوال المدنية .
 هكذا كان قدرنا بعد ان انيطت مصائر شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين بيد الأحزاب الآشورية من قبل الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر بعد نيسان 2003 لقد فشلت هذه الأحزاب ( الآشورية ) فشلاً ذريعاً في قيادة شعبنا ، وغدت هذه الأحزاب تسبح في مستنقع تفوح منه رائحة التعصب والتزمت التي تزكم الأنوف ، وباتت تسخّر كل مقدرتها المالية والأعلامية من اجل فرض اديولجياتها في القومية والتسمية على شعبنا وبشكل خاص على قوميتنا الكلدانية حيث باتت كالكرة التي تتقاذفها الأحزاب الآشورية ،  وباتت هذه الأحزاب تتيه في فراغ لا قرار له .
 نحن كلدان وسريان وآشوريين والمسالة طبيعية الكلداني هو كلداني والسرياني هو سرياني والآشوري هو آشوري وهم ثلاثة إخوة يمكن ان يتعاونوا ويتشاركوا في كل صغيرة وكبيرة  ولا يحتاج الأمر الى علم او فلسفة ، فالموظف الكوردي سألني عن قوميتي وأجبته عن اسمها وانتهى الجدل وكل كلام بعد ذلك يعتبر فارغاً او له اهداف سياسية غير بريئة .
 لقد تشبثت الأحزاب الآشورية في متاهات بعد وضع زمام امور شعبنا بأيديهم ، فطفقت وكأنها تجري المسابقات لايجاد تسمية لشعبنا ، فكان عليها ان تضع الجوائز للفائزين بالمسابقة ، اوجدت لشعبنا تسمية كلدوآشور ، ثم استيقظ الحزب الآشوري صباحاً وقال :
 وجدتها !!
 فكانت تسمية كلدوآشورسريان ، ثم ظهر على الساحة حزب آشوري آخر وهو المجلس الشعبي ، وقال اسمنا هو كلدان سريان آشوريين ، ومن يخالف هذه التسمية هو انفصالي ممزق لاوصال امتنا . ثم توالت المسابقات ومنحت براءات الأختراع ،  وكأن شعبنا لا زال يعيش في العصر الجاهلي والحزب الآشوري هو الوصي عليه  ، وعلينا انتظار بركاته ونعمه الفائضة فكانت آخر إبداعاته في شأن التسمية هي مفردة ( السورايي ) نعم كنا في ظلام دامس الى ان انار لنا الطريق الحزب الآشوري وقال انتم سورايي ، وهكذا اخيراً عرفنا اننا سورايي .
ومن باب الأستفسار سألت احد الأساتذة ، إن كان يُراد بالسورايي متحدثي اللغة السريانية ، وإن كان الأمر كذلك لماذا لا نقول ( آرامايي )  افضل من السوراي ، فالسورث الى لهجة من لهجات اللغة الآرامية فلماذا لا نقول آراميين بدل السورايي إن كانت الأمر يتعلق باللغة فقال :
 كلا ان السورايي هنا هي اسورايي أي الآشوريين وهكذا يقوم هذا الحزب بإعادتنا الى نقطة الصفر .
 في ضوء هذه الدوامة الساذجة الفجة يحضرني موقف للاستاذ المرحوم منصور اودا مدير الثانوية في القوش وكان هذا الرجل إضافة الى تفوقه في تدريس الرياضيات ، إلا انه كان مربياً ناجحاً ، وفي يوم من الأيام كان احد الطلبة يحاول ان يحل سؤالاً في الرياضيات يحتاج حله الى ثلاثة او اربعة خطوات فقط ، لكن الطالب أخذ يكتب خطوة تلو الخطوة وامتلأت السبورة ، وأخذ يمسح ويكتب وكاد الدرس ان ينتهي ، فأوقفه استاذ منصور قائلاً :
 كان هنالك رجل يدّعي الفسلفة والتبحر في العلم ، وسأل يوماً سؤالاً :
 كيف تستطيع ان تفج رأسك بحجر فأجاب اغلب الطلبة بأن يأخذ الحجر ويضربه على رأسه . لكن مدعي العلم والفلسفة ينفي الجواب قائلاً للطلبة سأريكم طريقة حديثة لا يوجد مثلها في التاريخ وأنا مخترعها فحسب  .
 فثبّت حجراً على حائط  وعاد الى الوراء ثم شرع يجري نحو الحجر وبعد عدة محاولات ( فجخ ) راسه وسالت الدماء وقال أرأيتم هذه طريقة حديثة وهي من اختراعي  لم يتوصل اليها احد من قبلي  .
 هكذا اخواننا الآشوريين الذن نحبهم جداً ونقول لهم نحن كلدان وسريان وآشوريين ونحن ثلاثة أخوة ، لكنهم ما برحوا يعلموننا ما هي تسمياتنا فيوماً نحن كلدوآشوريين وآخر كلدو آشوريسرياني وثالث سورايي ورابع كلدان سريان آشوريين وووو .
 يا جماعة الخير نحن قوميتنا كلدانيـــــــــة ونعتز بهذه القومية ونشكر جهودكم  واتعابكم ، فنحن نعرف تاريخنا ورجاءً رجاءً كفاية متاجرة باسمنا ، فأنتم احرار بتبديل اسماؤكم كما تشاؤون أما نحن الكلدانيون فلنا قوميتا الكلدانيــــــــــــــــة ونعرف تاريخينا جيداً يرجى عدم المتاجرة باسمنا ، ولكم فائق الشكر والتقدير .
 حبيب تومي / القوش في 22 / 11 / 2009

306
بين توما توماس وهرمز ملك جكو شراكة شريفة بدلاً من الوحدة المزيفة
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no


إن العلاقة بين المرحومين توما توماس وهرمز ملك جكو ، قد تشكل مثلاً يقتدى به ، ويمكن الأشارة اليها كتجربة نستفيد منها في تمتين علاقاتنا في الوقت الحاضر .
 لقد عملت مع الرجلين وكنت في مقتبل العمر وقتذاك الى جانب رعيل من الشباب ولا اريد ان اذكر الأسماء لربما انسى بعضهم وهم معروفين ، بعضم صادفتهم في القوش وآخرين في  مدن العراق او خارج الوطن . لكن  نبقى في العلاقة التي كانت سائدة بين توما توماس وهرمز ملك جكو ، وبعد اسشهاده استمرت العلاقة الطيبة مع من خلفه في المسؤولية وفي مقدمتهم الرجل الشجاع الوقور مامي طلياً .
 كان لكل من الرجلين كيانه وشخصيته وواحدهما يحترم الأخر ، ويجري التعاون بينهما على قدم وساق ، واعني بالتعاون هنا ان أي منهما لم يحاول فرض سيطرته على الآخر ، فنشأت بينهما شراكة متوازنة ومتكافئة ، والتعاون جار بينهما على طول الطريق ، وحينما اشير الى مفردة التعاون بين الطرفين ، في تلك الظروف قد تكون نتيجة هذا التعاون تؤدي الى جرح او استشهاد واحداً او اكثر من رجاله وربما يخسر نفسه نتيجة هذا التعاون ، بهذا المستوى يمكن ان نصف مفردة التعاون بينهما  .
وسط هذا المستوى من التضحية  لم يجري بين جماعة توما وجماعة هرمز أي حديث عن مسالة الأسم او خلاف اسمه كلداني او آثوري ، فأنا شخصياً مع مجموعة من زملائي ( كلدانيين ) عملت مع هرمز ورجاله ( الآثوريين ) ولم نسمع يوماً نغمة التسمية ، كما لم يطلب أي منهما ( توما توماس ، هرمز ملك جكو ) تحقيق الوحدة الفورية بينهما ، إنما كان الحديث يجري دائماً على التعاون والشراكة بين الطرفين ، دون المساس بخصوصيات الآخر .
إن هذه المقدمة كانت من اجل إلقاء الضوء على ما خلفه الحزب الآشوري على ساحة شعبنا السياسية والقومية ،من تناحرات حول التسمية ومع الأسف هذه التناحرات هي من صنع الأحزاب الآشورية تحديداً .
 إن أي حزب آشوري تكّون في الثلث الأخير من القرن الماضي تأثر بشكل ما بالفكر البعثي بجهة انه الحزب القائد او الحزب الأوحد ، وهذه نظرية اثبتت فشلها في ضوء التجارب التي مرت على العراق ودول اخرى من العالم الثالث .
الحركة الديمقراطية الآشورية ترى في نفسها ان ماضيها التليد يؤهلها ان تتبوأ مركز القيادة للكلدان والسريان والآشوريين ، واستقطبت شخصيات سياسية كلدانية مستفيدة من الفراغ السياسي الذي حدث بعد انهيار الأتحاد السوفياتي ، وهكذا اوجدت لها ركيزة جماهيرية توسعت قاعدتها بعد انهيار الحكم الدكتاتوري في العراق بعد 9 نيسان 2003 م .
لكن عجلة الزمن تبقى دائرة فتشكلت أحزاب منها كلدانية وأخرى سريانية وثالثة آشورية ودأبت هذه الأحزاب تجد لها موطئ قدم على المسرح السياسي لشعبنا ، وكان آخر هذه الأحزاب حزب المجلس الشعبي ، وأراد الأستفادة من خلل تعاني منه الحركة الديمقراطية الآشورية ، وهي مطابقة اسمه على شعاره في التسمية المركبة ، فالزوعا اطلقت للاستهلاك للاخرين التسمية المركبة " كلدوآشورسريان وهي تجبرهم على الألتزام بها ، لكنها هي نفسها لم تلتزم بتلك التسمية وأبقت على اسمها الآشوري ، والمجلس الشعبي اراد ان يكون اكثر صدقية في هذا المجال .
لكن مع الأسف أن المجلس الشعبي كأي حزب قومي متزمت بات يفرض أجندته على غيره ، وإنه وحده الذي يملك الحقيقة ، وغيره لا محال واقع في مستنقع الباطل ، فكان نتيجة نهجه التسلطي قد دفع بالتنظيمات الكلدانية الى الأنسحاب من خيمة حزب المجلس الشعبي .
 وعلى ما اعتقد في 13 من الشهر الحالي كان الأنسحاب التالي لبقية الأحزاب المؤتلفه معه ، والذي ابقى خيمة المجلس الشعبي خاوية تعصف بها رياح الوحدانية بعد انسحاب الأصدقاء والأحباب .
برأيي المتواضع ان هذه النتيجة كانت متوقعة والسبب لان أي تقارب او مشاركة او اتحاد ينبغي ان يكون مبنياً على اسس صريحة وشفافة مبنية على الندية والتكافؤ ، بمنأى عن منطق الأحتواء والإقصاء عن الساحة او طرح الأملاءات فحسب .
 لقد اثبتت الأحزاب الآشورية التي تبوأت القيادة السياسية لشعبنا ، وبعد ان سلمها لهم الحاكم الأمريكي بول بريمر بطبق من ذهب .
 ولكن ، نعم ولكن ، اثبت الحزب الآشوري عموماً فشله في العمل السياسي لاسيما في عملية قيادة شعبنا ، فلم يكن مؤهلاً البتة للقيام بالمهمة ،  فقد اتخذ هذا الحزب مسألة الهيمنة على الكعكة والكرسي  هاجسه الوحيد ، كما اتخذ من مسائل تاريخية ونظريات ثورية قد مضى زمنها وأكل الدهر عليها وشرب ، فلم تعد النظريات الثورية تسحر المواطن كما كان سابقاً .
اقول :
 اليوم نحن نعيش الحداثة ونحتاج الى لغة الديمقراطية لتكون سائدة بيننا ، وبدلاً من ذلك خلق لنا مسألة التسمية ، وبات يفرق في التسميات ، ومن قصور فكري بات يفضل التسمية الآشورية على غيرها من التسميات ، ناسياً او متناسياً مناخ الحرية الذي انطلق بعد نيسان 2003 ، هكذا كانت النتيجة التشرذم في كل النواحي ، فلم نستطع الى اليوم الخروج بقائمة موحدة لكل اطياف شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريون ، وأبقانا هذا الحزب في مستنقع التسمية ، وهو يعتقد ان توحيد التسمية بالقوة او باللف والدوران سيؤدي الى توحد شعبنا وهذه نظرية ساذجة سياسياً ، لكن جرى تبنيها من قبل الأحزاب القومية الشمولية  .
 إن وحدة التسمية يقررها شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين وليس بتقديم مذكرة الى البرلمان العراقي لتغيير التسمية او بمحاولة تبديلها في مسودة دستور اقليم كوردستان ، او بأسلوب الأعلام الذي يهيمن عليه الحزب الآشوري أيضاً .
 اقول :

 الخطر الداهم الذي يجابه شعبنا هو سرطان الهجرة الذي ينخر جسد وجوده على ارضه التاريخية ، لكن الأحزاب الآشورية القصيرة النظر ، تصّر وتقول ان وضع الواوات بين مكونات شعبنا هو الذي الخطر الذي يهدد شعبنا ، انه قصر النظر تعاني منه هذه الأحزاب ليس إلا ، مع احترامي لقادتها وساستها الطيبين .
علينا ان ننزل من الأبراج العاجية ونجلس وراء المائدة المستديرة ونعالج الأمور بنفسية طيبة ، بروحية توما توماس وهرمز ملك جكو ومامي طليا ، الذي رفض في احلك الظروف ترك توما توماس لوحده رغم الأوامر الصادرة له ، واليوم إذا ارادت الأحزاب الآشورية العاملة في الساحة وهي تملك بيدها اوراق مهمة وباستطاعها ان تمد يدها بإخلاص ومحبة ودون إقصاء او تعالي ، ان تمد يدها للاحزاب الكلدانية ، ويتفقون على كل الأمور لما فيه خير شعبنا ، وليس السعي لنيل حصة الأسد من المقاعد والثروة والأعلام .
 انا شخصياً متأكد من قبول شعبنا الكلداني وكنيسته واحزابه ومنظماته سيقبلون ويعملون بإخلاص ومحبة مع كل جهد وحدوي حقيقي مخلص ، يجمع شعبنا على اسس وركائز متينة من التعاون والتكافؤ والندية ، وعلى هذا الأساس تبقى الكرة في ملعب الاحزاب الآشورية ، ونأمل ان تنزل هذه الأحزاب من برجها العاجي ، فالدنيا دوارة فإن كانت لهم اليوم فغداً ستكون لغيرهم وهذا ناموس الحياة .
مركب شعبنا آيل نحو السقوط في الأعماق ، فهل تعمل الأحزاب الآشورية التي تملك بيدها اوراق مهمة في انقاذ هذا المركب ؟
السؤال مطروح والآتي من الأيام عسى ان تحمل في رحمها النيات الصافية والروح الطيبة التي كانت سائدة بين الرجلين الطيبين المسيحيين الكلداني توما توماس والآشوري هرمز ملك جكو ، وانا شخصياً دائماً انظر الى القسم الملآن من الكأس .
 حبيب تومي / القوش في 18 / 11 / 2009

307
بعد تصريحات رابي سركيس اين حقوق الشعب الكلداني في اقليم كوردستان ؟
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no



أزاحت تصريحات رابي سركيس آغا جان لجريدة ناشيونال الأماراتية الستار عن السر والغموض الذي كان يكتنف مصدر المبالغ التي كانت تصرف على تعمير القرى وتصرف على شتى المجالات في مجملها تخدم المكون المسيحي في اقليم كوردستان ، ولا اريد ان ادخل في هذا المقال الى تفاصيل التصريح لكن اتوقف عند موضوع المبالغ المالية ومصدرها ، ونقتبس من التصريح هذا المقطع :
(( ينقل المراسل عن اغاجان ان ما يصرفه من اموال على مشاريع تعمير القرى المسيحية المهدمة، واسكان العائلات المسيحية النازحة فيها هي "اموال حكومية"، ورفضه وضع "مبلغ تقريبي" عن كمية الاموال التي صرفت في سبيل ذلك ((. انتهى الأقتباس
إي ان التصريح يفيد بأن هذه المبالغ هي حكومية ، وهذه المسالة فيها نظر ، فإن كانت حكومية وهي جزء من الأموال التي يستلمها اقليم كوردستان من خزينة الدولة العراقية والتي نعرف عن خطوطها العريضة انها تبلغ حوالي 17% من الخزينة العامة فيكون حصة المكون المسيحي من كلدان وسريان وآشوريين نسبة من تلك الأموال الممنوحة لاقليم كوردستان ، ولا نهتم بالنسبة المقطوعة منها للمسيحيين ، لكنها في مقاييسنا هي مبالغ طائلة .
 هنا يبغي التوقف عند آلية صرف تلك الأموال ، وإن كان رابي سركيس يصرف تلك الأموال بمنطلق منبعه الأخلاص ، فإن عنصر الأخلاص في هذه الحالة لا يكفي لتحقيق العدالة في أيصال تلك الأموال الى مستحقيها ، كما ان عنصر الأخلاص ليس كافياً لخلق عمل مؤسساتي مهني في صرف تلك الأموال بشكل نزيه وشفاف ، وهكذا ارتفعت وشاعت التقولات حول استشراء الفساد الأداري والمالي من قبل المنتفعين من تلك الآلية في تصريف تلك الأموال .
وإن كان هنالك معارضين في الوقت الحاضر لتلك الآلية من بعض الأصوات التي تحاول في هذه الأيام الى التملق والتقرب والتزلف بشتى السبل ، فكان اسهلها هو العزف على وتر الوحدة القومية والقبول بالتسمية الهجينة ، هي لا تكلفهم شيئاً سوى كتابة مقال ملئ بكلمات الأطراء والمديح لرابي سركيس او للمجلس الشعبي ، وإرسال بعض التهم والشتائم للمنظمات الكلدانية ( الكافرة ) ، فيكون موقعهم في الأحضان في المجلس الشعبي المعادي لكل ما هو كلداني .
إن غايتهم الوحيدة بنظري هي إزاحة الوجوه القديمة من طريقهم للوصول الى الكعكة ، ولكن (( ازعم بأنه لا يمكن تعميم هذا الحكم على الجميع فلا ريب ان هنالك مخلصين في هذه المؤسسة يعملون بإخلاص ونكران ذات ولا يبهرهم لمعان الذهب )) . فالبهلوانات التي تجيد اللعب على ( كل الحبال ) في كل الظروف ، هي ظاهرة للعيان وأصحاب هذه المؤسسة ( المجلس الشعبي ) . ادرى بهؤلاء من غيرهم .
نعود الى موضوع الأموال الحكومية المخصصة للمسيحيين التي خول رابي سركيس بصرفها على المكون المسيحي بكل اطيافه القومية من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن في اقليم كوردستان .
أقول :
 لا يحتاج الراصد الى الكثير من التمعن والنظرة الثاقبة ليكتشف إن مؤسسة رابي سركيس التي نقول عنها ( المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري) هي مؤسسة تعمل على تعظيم التسمية الآشورية والكنيسة الآشورية بشقيها والأحزاب الآشورية والثقافة الأشورية واللهجة الآشورية .. الخ وفي المقابل تقوم هذه المؤسسة في تمزيق الكنيسة الكلدانية وتعمل على محاربة الأحزاب الكلدانية والمنظمات الكلدانية وتعمل على تهميش اللغة الكلدانية والتسمية الكلدانية .
 لقد وصل الأمر بهذه المؤسسة ان واحدة من مقابلات قناة عشتار مع غبطة الكردينال والبطريرك مار عمانوئيل دلي الثاني بطريرك بابل على الكلدان في العراق  والعالم ، حيث ظهر تعريف في اسفل الشاشة يقول غبطة الكاردينال البطريك مار عمانوئيل دلي دون ذكر اسم الكنيسة او القومية التي يمثلها هذا البطريرك .
هل هو بطريرك الأرمن ام السريان ام العرب ام الأنكليز ام هو بطريرك الهنود ام الفلبين ، ام هو بطريرك الآشوريين ؟
إن هذا العمل الساذج من قبل فضائية عشتار ،  ليس خطاً فنياً إنه عمل مدروس ومخطط له وهو دفن معالم كل ما هو اسمه كلداني ، إن كانت القومية الكلدانية او الكنيسة الكلدانية او اللغة الكلدانية او أو ..
ان النقطة المهمة في هذا المقال هي :
 إن كانت هذه الأموال للمسيحيين ، خصوصاً إذا كان مصدرها  الدولة العراقية فلماذا تغدق ببذخ على الأحزاب الاشورية والمنظمات الأشورية ، ويحرم منهما الأحزاب الكلدانية والشعب الكلداني .
هل الأشوريون احق بالأموال العراقية من الكلدانيين ؟
 هل الآشوريين عراقيين والكلدانيين نازحين الى العراق من كوكب المريخ ؟ وإلا كيف نفسر هذه التفرقة المقيتة ؟
 لماذا تفرض على الكلدانيين أجندة معينة لكي تصرف لهم الأموال ؟ فيما لا يفرض مثل هذه الأجندة على الأشوريين ،؟
هل من الأخلاقية المهنية ان لا تصرف المساعدات للاحزاب الكلدانية والمنظمات المجتمع المدني الكلدانية إلا  بعد اعلان ولائها ؟
 أليست هذه اموالهم وأنتم امناء على توزيعها ؟ فلماذا تفرضون اجندتكم على الكلدانيين لكي تعطون لهم الأموال التي هي من مستحقاتهم الوطنية .
 إن الكلدان بأحزابهم ومنظماتهم المدنية وكنيستهم ينبغي ان تصرف حصتهم بما يستحقون من اموال دون منية من احد ، إنهم لا يطلبون معروف او صدقة من احد ، انها اموالهم ، وإن حجب هذه الأموال عنهم ، يدخل ضمن خانة الفساد المالي ، ولا اقول اكثر من هذا ، لان هنالك تفسيرات كثيرة لحجب هذه الأموال عن مستحقيها .
ببساطة هي عملية غير نزيهة وغير شفافة تلك التي يفرضها المجلس الشعبي على التنظيمات الكلدانية لكي تعلن ولائها له قبل صرف تلك الأموال التي تستحقها تلك التنظيمات .
 لكي يكون المجلس الشعبي مهنياً عليه ان يقف بمسافة واحدة من الجميع ودون فرض أجندته او العمل على ضرب الكلدان بالكلدان ، إن الألاعيب السياسية ينبغي ان لا تسود بيننا ما دمنا شعب واحد مضطهد من قبل الجميع ينبغي ان تكون الأحزاب الآشورية قوية والأحزاب الكلدانية قوية لتتحد لكي نكون جميعاً اقوياء .
 إنها دعوة لتفعيل حقوق الشعب الكلداني والقومية الكلدانيـــــــــــــــــــة في اقليم كوردستان وعلى حكومة الأقليم ان تقف على مسافة واحدة من جميع المكونات المسيحية دون تفضيل الآشوريين على غيرهم من المسيحيين .
هنالك حملة تهميش لكل صوت كلداني في اقليم كوردستان ، فمن واجب رئاسة الأقليم وحكومته وبرلمانه النهوض بهذا الواجب السياسي المنصف اتجاه شعبنا الكلداني الذي تهضم حقوقه في اقليم كوردستان في رابعة النهار .
 حبيب تومي / القوش في 11 / 11 / 2009
 


308
هل يقبل الحزب الآشوري المعاصر بالحوار الديمقراطي وقبول الآخر ؟
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 
قطعاً لا اقصد هنا الحزب الآشوري الذي اجبر الملك اسرحدون بعد فشل حملته على مصر عام 762 قبل الميلاد ، بتنصيب آشور بانيبال وريثاً للعرش بدلاً من شمش شوم أوكين وهو الأبن الأكبر لاسرحدون ، إنما اعني في هذا المقال الحزب الآشوري المعاصر الذي انبثق في تضاعيف القرن العشرين ، وهي مجموعة احزاب اشورية ، برمتها ، يفتقر خطابها الى لغة الحوار الديمقراطي وقبول الآخر  .
قد يكون هذا الزعم غير دقيق بكل معنى الكلمة ، إذ ان هذه الأحزاب ، وأقصد في المقال المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ، ( ثمة إشكالية عسيرة بإيجاد إطار يعبر عن المجلس الشعبي ، هل هو حزب سياسي ؟ ام منظمة للمجتمع المدني ، وبنظري إن المجلس نفسه ومفكريه لم يحسموا هذا الأمر فالضبابية في تعريف المجلس لا زلت قائمة ) .
اعود الى مسألة الحوار الديمقراطي مع الآخر ( وقبوله كما هو ) ، قد يكون حكم غير دقيق في ضوء انفتاح المجلس الشعبي والأحزاب الآشورية بشكل عام على الآخر ، فلهذه الأحزاب مساحة معقولة للحوار الديمقراطي في تعاملها مع المكونات العراقية والأحزاب السياسية العاملة في الساحة العراقية ، لكن الحزب  الحزب الآشوري بشكل عام لا  يملك نفس المساحة حينما يتعلق الأمر بالأحزاب الكلدانية . والأحزاب الآشورية بشكل عام تتسم :
اولاً ـ
 فيما بينها ، إذ ان هذه الأحزاب غالباً ما تكون متخندقة لا تقبل اي لقاء او حوار فيما بينها ، وما يكتب عن تمترس هذه الأحزاب واضح جلي بما يطرح من مقالات متقاطعة وما وما يظهر  من قوائم انتخابية متنافسة في مواسم الأنتخابات ، فيمكن للاحزاب الاشورية ان تتحالف مع اي قوى عراقية باستثناء لقاء حزب آشوري مع حزب آشوري آخر ، وربما هنالك بعض الأستثناءات الطفيفة لكنها غير ذات اهمية .
ثانياً ـ
تعامل هذه الأحزاب مع شعبنا الكلداني وقواه القومية السياسية ، والكتاب والشخصيات التي لها نزعة قومية كلدانية ، بأنهم متهمون الى ان يثبتوا براءتهم ، فالمعروف ان كل كائن بشري من حقه ان يعتز بانتماءاته القومية والدينية والمناطقية .. الخ ، لكن الأخوة الآشوريون يفسرون النزعة القومية لدى الكلدانيين بأنها عامل تفرقة الصفوف ، في حين يمنحون الحق لانفسهم بامتلاك النزعة القومية الآشورية فذلك لا يشكل خطورة ولا يشكل عامل تفرقة الصفوف بحسب فكرهم الأصولي  .
 فالحقيقة يعتقدون انها بحوزتهم لوحدهم ، كيف لا ؟ حيث ان الأحزاب الكلدانية لم يكتب لهم الفوز في الأنتخابات وقد حصلوا على 1700 صوت فحسب ، ولو كانوا على حق لكسبوا الأنتخابات ، ولهذا ينبغي ان يرفع الكلدانيون بأحزابهم وكنيستهم ومنظماتهم الراية البيضاء ويستسلموا للاحزاب الآشورية المؤمنة بالوحدة القومية والذين فازوا في كل مقاعد شعبنا في البرلمان الكوردستاني .
إن ما استشفيته من خلال كتاباتي وجدالاتي وردود الفعل من قبل الأخوة في الأحزاب الاشورية ، او من الموالين لهم من الكتاب الكلدانيين الذين مع الأسف اصبحوا ملكيين  اكثر من الملك  ، أن هذه الأحزاب تريد منا نحن الكلدان ان نتنازل عن نزعتنا القومية ، وأن نرتدي ما يفصّله لنا الأخوة في الأحزاب الآشورية ، حينذاك سيكون مجال ليقولوا لنا :
السلام عليكم .
فما دام حبيب تومي مثلاً  مصفقاً للمجلس الشعبي وغيره من الأحزاب الآشورية فمرحب به  تنشر مقالاته ويستقبل في الأحضان ، وإن كان حبيب تومي ناقداً فلا مكان له فهو قد انتقل الى خانة الأعداء وهذا ينطبق على كتاب شعبنا الكلداني الآخرين .
بحسب الحزب الآشوري شعبنا الكلداني كان يعيش في العصر الجاهلي المظلم ، وحينما هلّ هلال الاحزاب الآشورية عرفنا منهم ماذا تعني القومية وما هو العمل السياسي ، ومادمنا لا زلنا في العصر الجاهلي فالحزب الآشوري مسؤول عنا ، فنحن لا نعرف كيف تكون الوحدة القومية ، ولا نعرف ما هو اسمنا التاريخي . لقد تكفّل في البداية حزب الحركة الديمقراطية الآشورية بوضع الأسم الآشوري في الدستور العراقي ، لكن جهود هذا الحزب لم تثمر في إلغاء القومية الكلدانية التي تمثل كل مكونات شعبنا من كلدان وآشوريين وسريان (( وأكتب ذلك رداً على مزاعم الأحزاب الآشورية ))  بعد ذلك ينبرى حزب اشوري آخر ، وهو حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، ليحقق ما فشل به حزب الحركة الديمقراطية الآشورية ، فبعد ان افلح حزب المجلس الشعبي  بإلغاء القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، رغم إرادة الشعب الكلداني بأحزابه ومفكريه وكنيسته وأساقفته ، يكتب هذا الحزب اليوم مذكرة الى الشيخ همام حمودي رئيس لجنة إعادة صياغة الدستور يوقعها رئيس المجلس الشعبي الأستاذ جميل زيتو ، يطلب فيها تغيير التسمية من القومية الكلدانيـــــــة والآشورية الى تسمية فريدة لا مثيل ها في تسميات الأعراق واثنيات الشعوب وهي " كلدان سريان آشور "  اليس الحزب الآشوري هو الذي انقذنا من العصر الجاهلي ؟
 إن الحزب الآشوري قد ارشدنا الى الصراط المستقيم وعلينا السجود له لكي نفوز بالجنات التي تجري من تحتها الأنهار و ...
اما مشاعر الكلدان ورأي احزابهم ومنظماتهم وكنيستهم وأساقفتهم فليشربوا جميعاً مياه البحر استجابة لسادتهم في الحزب الآشوري المعاصر .  
شخصياً اتوقع ذلك من حزب آشوري متزمت ، لكن الغرابة تكمن في بيان صادر  من منظمة كلدو آشور للحزب الشيوعي الكوردستاني / العراقي  ، لكي يتبرع هذا الحزب بالمطالبة بإدراج التسمية الهجينة التي اخترعها الحزب الآشوري في القرن الواحد والعشرين ، فالمفروض بالتنظيم الشيوعي ان يكون ديمقراطي وله فكر متفتح واسع خلاف الأحزاب القومية الآشورية المتزمتة ، فكان يجب ان يؤمن هذا الحزب بحرية العقيدة وحرية الأنتماء وكل الحريات والحقوق المنصوص عليها في لوائح حقوق الأنسان والأقليات ، وكان يجدر بهذه المنظمة " منظمة كلدو آشور .. " ان تحترم وتقدّر مشاعر الاخرين من اخوانهم الكلدانيين ولا يتعاملون معهم بسياسية الدوس على المشاعر وكسر العظم التي تعاملهم  الأحزاب الآشورية المتزمتة الأقصائية ، التي لا تحترم مشاعر الأخرين وتعالمهم معاملة القطيع ، كان على هذا الحزب ان ينأى بنفسه من هذا السلوك الغريب عن التعامل الندي والحوار الديمقراطي الذي ندعو له بشكل مستمر .
 نعود الى الحزب الآشوري الذي يجبرنا على طاعته باعتباره منقذنا من العصور الجاهلية ، فبجرة قلم مسحوا التاريخ والجغرافية وقرروا في اجتماعاتهم الحزبية ان يكون اسمنا الكلدان  السريان الآشوريين ، ومن لا يعجبه فالحيطان موجودة فإن شئت أرنب فهو لك وإن شئت غزال فنصيبك الأرنب . وهكذا قرر الحزب الآشوري في اجتماعه تبديل اسمنا التاريخي الى ما يعجبه من الأسماء .
 هذا هو منطق الحزب الآشوري المعاصر ، فلا حقوق إنسان ولا حرية الرأي ولا حرية الأنتماء والعقيدة ولا حوار ديمقراطي ، فقاموس الحزب الآشوري لا يحتوي مصطلح الحوار الديمقراطي او قبول الآخر ، فالحزب قد قرر وعلينا تنفيذ التعليمات وهو الآمر الناهي وصاحب الصراط المستقيم وكان سابقاً يقوم بالواجب الحركة الآشورية واليوم يحرص على الصراط المستقيم حزب المجلس الشعبي .
 اقول :
 سيبقى شعبنا مهاجراً وممزقاً ما دام الحزب الآشوري يعاملنا بمنطق الراعي والقطيع ، فلشعبنا الكلداني مؤسساته وأحزابه الكلدانية ومنظماته وقوميته وتراثه وشخصيته وكرامته وذاتيته ولا تجدي معه سياسة الترغيب والترهيب ، وإن نجحت هذه السياسية لحين فسوف لن تنجح كل حين .
وعليه سنبقى ممزقين ما لم تشعر الأحزاب الآشورية بانها ليست وصية على شعبنا رغم فوزهم في الأنتخابات ، فالفوز في الأنتخاب يعني تقديم الخدمات لذلك الشعب الذي انتخبهم ولا يخول الفائزين بتغيير تاريخه والدوس على مشاعره القومية ، وعليهم معاملة شعبنا الكلداني وقواه وأحزابه وكنيسته الكلدانية معاملة الند للند ، بمنطق المساواة والتكافؤ  وبلغة ديمقراطية شفافة ، وإلا سيبقى شعبنا ممزقاً والسبب هو تسلط الحزب الآشوري الذي ينفر من مفاهيم الحوار الديمقراطي وقبول الآخر واحترامه (( وقبوله كما هو )) وليس كما يريد الحزب الآشوري المعاصر ، فهل يؤمن الحزب الآشوري بمنطق الديمقراطية ؟
 أم
((( سيستمر في استفزاز الكلدانيين والدوس على مشاعرهم  ومحاربة كنيستهم وتمزيقها ومسح اسمهم وتاريخهم ؟ ))) .
 اقول :
إن مؤتمر المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ومقرراته ، ستشكل  علامة فاصلة بالسير بنفس النهج الأقصائي او يلجأ الى منطق الحوار الديمقراطي واحترام مشاعر كافة الأطراف وفي المقدمة شعبنا الكلداني ؟
 هذا الجواب سنكتب عنه عما تتمخض عنه مقررات المؤتمر الثاني للمجلس الشعبي  وأمام المجلس طريقان :
الأول :
 ان يخرج المؤتمر بمقررات جانبية هزيلة مع مقررات أخرى مركزة بشكل رئيسي للاجهاز على كل ما يمت للشعب الكلداني والتركيز على إلغاء القومية الكلدانية من الدستورين وفي الأعلام وسنسمي المؤتمر الثاني للمجلس الشعبي بمؤتمر :
 " إلغاء القومية الكلدانية " من الوجود .
 الثاني :
 ان تتسم مقرراته بالواقعية والموضوعية وفيها جانب معتدل فتكون منصفة ومفيدة للجميع باتجاه خلق شراكة حقيقية امام كل مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والأشوريين بكنائسهم ولهجاتهم وأحزابهم ومنظماتهم دون عمليات إقصاء او تهميش هذه الجهة او ذلك المكوّن ، وحينذاك سنبارك للمجلس مقرراته وخطواته ومسيرته .
والى ذلك الوقت وبعد الطلاع على المقررات ، فسيكون لكل حادث حديث .
حبيب تومي / القوش في 7 / 11 / 2009


309
العبرة من تكريم ناجي عقراوي من قبل وزارة الثقافة في اقليم كوردستان
 بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no

كانت مبادرة إبداعية تلك التي اقترحها نخبة من المثقفين الكورد في في بلاد المهجر وفي اقليم كوردستان بتكريم الكاتب والمناضل  الراحل ناجي عقراوي  ، وفي الجانب الآخر كان تجاوب وزرارة الثقافة في اقليم كوردستان يتناغم مع ذلك المقترح لتقديم الدعم وللمساهمة في تلك الفعالية الثقافية التكريمية لانسان افنى حياته في خدمة شعبه بالنضال إن كان في سوح القتال ام في الكلمة التي يسطرها قلمه الحر .
وكعلامة للانسجام والتفاعل مع الثقافة والمثقفين كان حضور عدد من المسؤولين في حكومة اقليم كوردستان تلك التظاهرة الثقافية ، وبشكل خاص في الجلسة الأفتتاحية التي تصدّر فيها الحضور الأستاذ فاضل الميراني سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني ، والأستاذ فلك الدين كاكائي وزير الثقافة في الكابينة الخامسة لحكومة اقليم كوردسا ن وهو  من المثقفين الكورد المتضلعين باللغة العربية وباعتقادي انه يجد نفسه في الثفافة اكثر من السياسة ولهذا  كانت وزارة الثفافة في اقليم كوردستان وهي وزارة حكومية لكنها تميزت بمهنية العمل الثقافي بمنأى عن رياح السياسة . ومن الحاضرين في الجلسة الأفتتاحية الأستاذ جورج منصور وزير الأقليم لشؤون المجتمع المدني في الكابينة الخامسة لحكومة اقليم كوردستان .
كما حضر هذه الأحتفالية وزير الثقافة والشباب في الكابينة السادسة في حكومة اقليم كوردستان الأستاذ هادي محمود وهو المعروف بتاريخه النضالي وبسعة ثقافته ومن انطباعاتي الشخصية عن هذا الأنسان هو تواضعه الجم وقد رأيته وهو يسوق سيارته المتواضعة حينما ذهبنا الى مدينة عقرة لرفع الستارة عن النصب التذكاري للعقراوي  ناجي صبري الذي اقيم في مدخل مدينتة الجميلة مدينة العقرة  . فيمكن إدراج ان جانباً من هذا التكريم هو للمدينة الكوردستانية مدينة عقرة التي يكتنفها التعايش والتسامح بين مكوناتها الدينية والأثنية .
 نبقى في المهرجان الثقافي التكريمي لاشير الى حضور  نخبة من الأدباء والكتاب والمثقفين والأكاديمين الكورد وفي مقدمتهم المؤرخ الكوردي المعروف الدكتور كمال مظهر .
 إن كان شئ من السياسة قد جرى التطرق اليه في هذا الأحتفال كان ذلك الذي ربط بين نضال الشعبين الصديقين الشعب الكوردي والشعب الفلسطيني وكان ذلك ترحيباً لمقدم الأستاذ  تيسير خالد ممثل منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس لجنة المغتربين الفلسطينين  في تلك المنظمة ، وكان من اجل الربط بين نضال ومعاناة الشعبين عبر الآشارات الواضحة في كلمتي الأستاذ تيسير خالد والأستاذ فلك الدين كاكائي .
وبكل صراحة وشفافية اقول ان انه لم يجري تمرير اي خطاب سياسي ، إنما كانت المهنية هي السائدة وكان محور الكلمات والمناقشات المحتفى به ناجي عقراوي والثفافة والمثققين والتواصل وقبول الآخر ...
قد يتساءل المرء لماذا كان تكريم ناجي عقراوي ؟ ما هي مكانته ليجري له هذا التكريم وتلك الأحتفالية الجميلة ؟
بنظري ان من يجري جولة في فكر ناجي عقراوي عبر ما سطره قلمه سيقرأ كلمات مضيئة فيها الدفاع المستميت عن قضية شعبه الكوردي والتي كانت المنارة التي يهتدي بها دون ان تثني من عزيمته المخاطر والملاحقات والسجون وبعد ذلك صراعه مع المرض .
إن الأعتزاز القومي ونصره شعبه المظلوم لم يشكل جداراً  يمنعه من التحليق في  الفضاء الوطني والأنساني ، وهو يعلم ان إبراز الوجه الأنساني لقوميته الكوردية تتجسد في قبول الآخر والتفاعل معه  ، وهكذا نجد ناجي عقراوي مدافعاً مستميتاً عن الوطن العراقي ، مع دفاعه المخلص عن كل المكونات العراقية المظلومة والمهمشة في الوطن العراقي ، لقد كتب وناضل من اجل حقوق الكورد الى جانب دعواته الصريحة لمنح الحقوق الوطنية والقومية للمكونات الأخرى ، لقد جسد فكره الأنساني حينما دافع عن حقوق المكونات القومية والدينية  الأخرى بما فيهم الكلدانيين والتركمان والآشوريين والسريان  والأرمن والكورد الفيلية والشبك  والكاكائيين والمسيحيين والأيزيدية .. كان يحلم بالوطن العراقي الواحد تسوده مبادئ الحرية والديمقراطية والتسامح  والتعايش .
واحب ان اشير بهذا الصدد ان الراحل ناجي عقراوي قد وقف مع شعبنا الكلداني ومع حقوقه القومية منذ الوهلة الأولى ، لكن مع الأسف جرى تهميش حقوقنا القومية الكلدانية في اقليم كوردستان وذلك ربما يكون استجابة للخطاب الآشوري المتزمت الرامي الى إلغاء القومية الكلدانية من الخارطة القومية العراقية .
 هذا هو الأنسان الذي بادر الى تكريمه المثقفون من مختلف الملل والنحل العراقية ، بتعضيد من وزارة الثقافة الكوردية . وبهذه المناسبة بودي ان اشير الى مسألة بنظري تحمل في طياتها اهمية كبيرة وهي تصب في مصلحة الشعب الكوردي ، وهي مسألة اللغة العرية في اقليم كوردستان .
 اقول :
 إن الشعب الكوردي طَرَقَ مختلف الأبواب ليجد من يسمع صوته ويشكو له همومه ، فكان عليه ان يتكلم الفارسية والعربية والتركية والأنكليزية وغيرها من اللغات ، ليقول لهذه الشعوب هنالك شعباً كوردياً له الحق في الوجود وفي الحياة وفي الأستقلال الذاتي وفي تقرير المصير اسوة بالشعوب الأخرى على المعمورة ، وكان ناجي عقراوي واحداً من تلك الأصوات التي استطاعت ان توصّل قضية الشعب الكوردي الى اوساط مثقفة عربية ، وهو يدرج في كتاباته سلسلة طويلة من اسماء الكتاب العرب الذين تفهموا قضيته .
هكذا اذاً يبقى الشعب الكوردي بحاجة الى تلك اللغات لايصال قضيته ، والشعب الكوردي لا زال قد خطا الخطوة الأولى من مسافة الألف ميل ،  فأرى بضرورة تواصل المثقف الكوردي مع الأخر .. وأرى في هذا الصدد ان يكون هنالك فضائية للشعب الكوري ناطقة باللغات الأخرى وفي مقدمتها فضائية باللغة العربية ، التي تمد جسور التواصل مع العمق العربي ، وللتصدي لتراكم كبير من الأعلام السابق الذي اظهر القضية الكوردية بمقاسات الأعلام المعادي للقضية الكوردية وتطلعاتها المشروعة .
نحن اصدقاء كوردستان والشعب الكوردي نتطلع الى هذه الرقعة ان تبقى واحة المحبة والتسامح والتعايش بين مختلف الأثنيات والأديان والأعراق ، ولتكون تجربة فذة في التعامل الديمقراطي العلماني والذي يقف على  مسافة واحدة من جميع هذه المكونات . وهذه ستكون تجربة جميلة في الوطن العراقي ليكون عراقاً ديمقراطياً علمانياً ولكي  ينعم بالأمان والأستقرار والعايش والتسامح الذي يسود في  اقليم كوردستان الجميل .
 حبيب تومي / عنكاوا في 3 / 11 / 2009


310
الراحل ناجي عقراوي صديق شعبنا الكلداني ومدافعاً عن حقوقه القومية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.cno
 
رُبّ أخِ لم تلده امك ، هذا المثل ينطبق على الراحل ناجي صبري عقراوي الذي وافته المنية قبل حوالي اكثر من سنة من اليوم ، وفي وقت لم تكن الجدالات والحوارت محتدمة في شأن التسمية لشعبنا قد تبلورت بعد ، لكن ناجي عقراوي كان متطوعاً مدافعاً اميناً عن المكونات العراقية برمتها ، منطلقاً من افق انساني وبمنأى عن اي مظهر من مظاهر التعصب ، فاعتزازه بقوميته الكوردية وتفانيه في الدفاع عن شعبه الكوردي وعن حقوقه المشروعة ، لم يشغلانه او يبعدانه عن انتمائه العراقي وعن الدفاع بإخلاص عن المكونات العراقية الأصيلة في البنية التكوينية الدينية والعرقية والأثنية للمجتمع العراقي .
يكتب الراحل ناجي عقراوي عام 2003 مقالاً عنوانه :
: الكورد يرفضون كونفدرالية : تركية ـ كوردية ويتمسكون بعراقيتهم فيقول  :
(( على النخبة المثقفة العراقية والواعية العمل على ترسيخ الوحدة الوطنية ، والعمل باتجاه تفعيل حقوق جميع العراقيين المذهبية و الدينية و القومية ، حيث ليس من المعقول أن يمثل هذا الكم الهائل من المسيحيين ممثل آشوري وتعدادهم لا يتجاوز بضعة آلاف في العراق ، في حين القومية الكلدانية تعتبر ثالث قومية في العراق  ويحرمون من التمثيل في المجلس الانتقالي ( مجلس الحكم ) ، و كذلك من الإجحاف أن لا يمثل الكورد الشيعة الفيلية والصابئة أحفاد سومر وأكد وكذلك الكورد اليزيديين في المجلس )) انتهى الأقتباس .
في نفس السياق يركز ناجي عقراوي دفاعه وبصراحته المعهودة عن الشعب الكلداني ويدعو الى تمثيله في مجلس الحكم المنبثق بعد نيسان 2003 باعتبار ان القومية الكلدانية هي ثالث قومية عراقية من ناحية التعداد السكاني فيسطر مقاله الموسوم :
يجب تفعيل حقوق اخوتنا الكلـدان في العراق ورد فيه :
..(( الحس الوطني ليست صناعة تصنع بالأفكار الزاعقة أو بالأصوات الصاخبة ، بل هو صحوة ضمير تتجلى في الممارسة ، فالمواطن الحقيقي لا يرتاح ضميره إذا كان شريكه في الوطن مهضوم الحقوق ... فليس من العدل بشيء أن نطالب المواطن المهضومة حقوقه ، بأن يكون مواطنا مستسلما للأخ الكبير ليثبت وطنيته ، فلا بد من إرساء أسس صالحة لترسيخ دعائم جميع أطياف الشعب العراقي ، لا على أساس حرية العبادة فقط ، بل على أسس المشاركة والمواطنة والمساواة للجميع ، آخذين بالمفيد من تجليات العصر وأساليبه في إحقاق حقوق العراقيين كافة ، ومنهم حقوق أخوتنا الكلدان باعتبارهم كثالث أكبر قومية في العراق .)) انتهى الأقتباس  
لقد بادرت انا شخصياً بطبع نسخ كثيرة من هذا المقال في حينها ووزعته لبعض الأصدقاء وأقول : هذا اخ لم تلده امك انه يدافع عنك وعن حقوقك القومية وانت لا تدافع عن عنها  .
((((( وما احوجنا اليوم الى صوت الراحل ناجي عقراوي ليقف الى جانب شعبنا الكلداني في مطالبته بإدراج اسم قوميته الكلدانيــــــة بشكل مستقل في الدستور الكوردستاني وكما هو مدون في الدستور العراقي ، ونأمل من القيادة الكوردية ان تنصف شعبنا الكلداني بما يستحقه ، وتعامله بشكل مستقل بعيداً عن الوصايات المفروضة عليه من قبل الأحزاب الآشورية التي تعامل شعبنا الكلداني معاملة القطيع ))))) .
 الراحل ناجي عقراوي سيجري له تكريم آواخر هذا الشهر ( اكتوبر ) في اربيل ومدينته العتيدة عقرة ، من قبل نخبة مثقفة بادرت في وقت سابق على  تشكيل لجنة ، عرفت بلجنة الوفاء ، وهي تتكون من اساتذة وشخصيات مرموقة في حقل الأدب والثقافة في الوسط الثقافي العراقي ، وأعمال اللجنة تتناغم مع عملية الوفاء لانسان دافع عن الكلمة الحرة ، وكرس حياته لخدمة شعبه الكوردي وقضيته العادلة وكذلك في الدفاع عن العراق وعن حقوق المكونات العراقية الصغيرة ، وقد رتب هذا التكريم بالتنسيق بين لجنة الوفاء ووزارة الثقافة في اقليم كوردستان .
إن هذا التكريم هو وفاء لانسان احب ارضه وشعبه ، وهو في نفس الوقت خطوة في الأتجاه الصحيح والمطلوب من قبل وزارة الثقافة الكردية ، ويدل على احترامها واعتزازها ودعمها للكلمة الحرة وللأدباء والمفكرين والكتّاب ،  إنه نهج يتناغم مع المسيرة الحضارية لاقليم كوردستان الذي ينعم بألامان والاستقرار ، ونتمنى ان ترسو مصائر الوطن العراقي الى بر الأمان كما في اقليم كوردستان ، لكي ينعم الشعب العراقي بالسلم المدني والأستقرار والطمأنينة في كل ربوعة من زاخو الى الفاو ومن الأنبار الى السليمانية .
عرفت ناجي عقراوي من خلال كتاباته ، لكن ارتأيت ان احصل على المزيد من المعلومات عن هذا الرجل الذي تعرفت عليه من خلال نصوص مقالاته فحسب ، فاتصلت ببعض الأصدقاء ربما من عاشوا في المدن الكوردية في تلك الحقبة ووجدت ضالتي في الصديق حميد بحو بوداغ ، الذي عاش في اربيل وهو موظف صحي اضافة الى امتلاكه لفندق سياحي في اربيل ، وقد افاد الصديق حميد انه كان على صداقة قوية مع المرحوم ، وعن انطباعاته الشخصية عن الراحل ناجي عقراوي يقول :
كان يحمل فكراً يسارياً ، وهو قومي يحب شعبه الكردي ويتفانى في سبيله ، لكن مشاعره القومية هذه لم توقعه ابداً في خانة التعصب ، فكان يحمل افكاراً  انسانية نيرة متفتحة على الجميع وبشكل خاص على المكونات العراقية الصغيرة التي لا حول لها . كما ان فكره اليساري كان يضعه في خانة المعارضين بل المعادين للحكم الدكتاتوري .
 وبصدد تعامله الحياتي ، الأقتصادي والأجتماعي يقول حميد : ان ناجي عقراوي كان إنساناً صادقاً شفافاً ، ولا يقدم على كسب غير شرعي ، وهو يمتاز بأخلاقية عالية ، وحينما تتعامل معه لاول مرة تشعر وكأنك تعرف هذا الرجل منذ زمن بعيد ، وتحس بأنه صديق قريب اليك  ، فهو واضح وصريح يكسب الود بهدوئه ووداعته وصدقه وأخلاقيته العالية .
حبيب تومي / اوسلو في 17 / 10 / 2009

311
لنجمع ربع مليون توقيع لأيقاف التطهير العرقي ضد المسيحيين في مدن العراق وسهل نينوى
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
ليست سرية تلك المحاولات  التي جرت في العقود الماضية لتبديل البنية السكانية في محافظة نينوى وكركوك ، فقد دأب النظام السابق بشتى الوسائل بالتأثير على التركيبة السكانية للمناطق المختلطة  ، وكان توزيع الأراضي ومنح القروض لبنائها والأمتيازات الأخرى من ضمن المحاولات في تغيير البنية الديموغرافية لتلك المناطق ، وفي منطقتنا القوش تلسقف تلكيف  بغديدا برطلة وغيرها من البلدات قد جرى توزيع اراضي لشهداء الحرب الأيرانية بهذه البلدات وغيرها .
 كانت الذريعة ان العراق هو بلد واحد للجميع ، وكانت هذه الفكرة قومية شمولية بحتة يراد فيها صهر الأقليات القومية في بودقة القومية الكبيرة ، ولم يكن هنالك مراعاة او النظر في كيف يعيش ابن تكريت او عمارة او البصرة في مدينة نائية مثل القوش او تلسقف ، إن مثل هذه المحاولات ومحاولات بناء الجوامع في البلدات المسيحية هو جزء من التخبط الأجتماعي وخلق عُقد ونعرات طائفية وخصومات وتشنجات اجتماعية في فرض واقع غير ممكن ثقافياً واجتماعياً ودينياً وطائفياً ، وإلا ماذا يفعل ابن كربلاء في باعذرا الأزيدية ، أو ابن تكريت في بلدة مثل القوش .
لقد لجأ الأتحاد السوفياتي السابق الى توطين اثنيات وأقوام مختلفة بعيداً عن موطنها في  ارجاء الأتحاد السوفياتي السابق  كتوطين روس في جمهوريات البلطيق ونقل وتوطين الأرمن في اذربيجان والروس في جورجيا ، وهذا ما حصل ايضاً في الأتحاد اليوغسلافي ، قد رأينا الحروب والعنف التي افرزتها تلك السياسة التي كانت ترمي الى إلغاء الخصوصيات الأثنية والعرقية لتلك المكونات ونحن اليوم نعاني من تلك السياسة ولو بمحيط ضيق .
 اليوم كالأمس ايضاً يجري في بلدات نائية منعزلة في ثقاقتها ولغتها ودينها تجري محاولات غير بريئة لتبديل البنية الديموغرافية لهذه البلدات ، تحت ضغوط غلاة متشددي الأصولية الدينية والقومية ، بغية إلغاء خصوصية هذه البلدات وتهجيرها او تذويبها وإزالة معالمها  الحضارية والقضاء على تراثها وتقاليدها ولغتها وخصوصياتها الثقافية والدينية واللغوية .
إن بناء الجوامع في بلدات وقرى مسيحية وتوزيع اراضي تحت مختلف الذرائع تدخل في هذا الأطار ، ومهما حاولنا تجميل الصورة بوضع المساحيق والرتوش فالحقيقة المرّة لا يمكن حجبها فهنالك محاولات جادة بهذا الأتجاه ، وقد رأينا كيف تحولت تلكيف خلال العقود المنصرمة الى تبديل البنية السكانية لهذه البلدة المسيحية الكلدانية العريقة ، واحتفظت بخصوصيتها عشرات القرون ليأتي اليوم من يحاول تبديل تلك التركيبة بجرة قلم . إنها محاولات واضحة لتفريغ العراق من مكوناته الدينية غير الأسلامية .
 بقي جانب واحد ان تقوم هذه الأقليات بالدفاع عن وجودها للتصدي لتلك المحاولات التي تعشعش في خانات التعصب والتزمت الديني الأقصائي  فالمعلوم ان ابن البصرة او العمارة او تكريت لو اعطيت له قطعة ارض في القوش او في تلكيف او برطلة او غيرها دون مراعاة الخصوصية الثقافية والدينية لمكونات هذه البلدات وبنفس الوقت دون مراعاة لثقافة او التكوين الديني لابن البصرة او العمارة او تكريت في هذه البلدات ، لكن المسالة بسيطة بالنسبة الى الحكومة التي كانت مستعدة لبناء الجوامع في هذه البلدات ، ومن ثم اسلمتها وهذا ما جرى ويجري في تلكيف امامنا في وضح النهار .
لا شك ان المقالات التي نكتبها ستكون عبارة عن حبر على ورق ليس إلا . لكن حينما نتحرك ونجمع التواقيع سنخلق حالة من التضامن بين ابناء شعبنا ، وسيعرف العالم اننا مظلومين ، وهنالك شعب يتعرض الى التطهير العرقي ونحن ندخل عتبة القرن الواحد والعشرين حيث تسود افكار وقرارات التي تضمن حقوق الأنسان وحقوق الأقليات الأثنية والدينية .
قرأنا في موقع عنكاوا عن انطلاق تظاهرة في السويد لتعضيد المكونات العراقية جاء فيها :
الى/ كل التنظيمات والمؤسسات والجمعيات والنوادي العراقية في السويد
الى كل ابناء الجالية العراقية ودعوتهم الى التظاهر ضد الارهاب وتضامنا مع المكونات العراقية (الاقليات ) .
 إنها خطوة رائعة في الطريق الصحيح لكن تبقى قضية المحاولات الرامية الى التطهير العرقي للمكونات الدينية غير المسلمة مسالة انسانية ، ونحن المسيحيون من الكلدان والسريان والاثوريين معنيين جميعاً في الداخل والخارج بالدفاع عن انفسنا وإلا سيغرق مركبنا إذا لم نتحرك بجدية على كل الأصعدة .
إن الحكومة الحالية ليست افضل من سابقاتها في مسألة الفصل العنصري الديني والطائفي والقومي ، وعلينا الدفاع عن النفس بترتيب حملة وطنية لجمع التواقيع يكون في مقدمة الموقعين عليها :
اولاً : البطاركة والمطارنة والآباء الروحانيين من جميع الكنائس المسيحية في العراق والخارج  .
 وثانياً : جميع رؤساء الأحزاب الكلدانية والآشورية والسريانية وقواعدها .
ثالثاً : جميع الكتاب والأدباء والمفكرين والأكاديميين . ومن ثم الطلاب وكل افراد شعبنا من جميع الطبقات في عموم العراق واقليم كوردستان وخارج العراق .
 رابعاً : يفتح باب التواقيع للشخصيات الوطنية والكتاب والعلماء ورجال الدين المسلمين وغيرهم التي تؤمن بحق هذا المكون الديني من الأحتفاظ بخصوصيته  .
 تقدم مذكرة الى الجهات التي لها تأثير على هذا الموضوع ومنهم :
ـ الجهات العراقية
 رئيس الجمهورية
 رئيس الوزراء
 رئيس اقليم كوردستان
 رئيس وزراء اقليم كوردستان
رئيس البرلمان العراقي
 رئيس البرلمان الكوردستاني  
محافظ  نينوى
 مجلس محافظة نينوى
ـ الجهات الأجنبية  
 الأمين العام للامم المتحدة
الأمين العام لجامعة الدول العربية
المنظمات الدولية المعنية بحقوق الأنسان والأقليات
قيادة قوات التحالف في العراق
إن مركبنا يغرق إن كان بنزيف الهجرة او في عمليات تطويق مدننا وبلداتنا التي بقيت كجزر مرجانية ناتئة في محيط واسع ، بالأمس كانت تلكيف واليوم بغديدا وغداً باطنايا وهلم جراً . إنها الحقيقة المؤلمة وهي ظاهرة للعيان ولنكن صريحين دون استخدام الفاظ تجميلية منمقة بغرض تحسين وتجميل الواقع المزري الذي يحيط بشعبنا .
علينا ان نحافظ على وجودنا ، وإنه حق شرعي ان نحافظ على جذورنا وعلى خصوصياتنا وهويتنا  
 تشكل لجنة عليا للحملة لجمع التواقيع ، وترتب ديباجة من قبل خبراء وحقوقيين ، وتقوم مواقعنا الألكترونية بجمع التواقيع عبر الأنترنيت إن كان من المسيحيين او من قبل مناصريهم في الخارج او في الداخل ، كما تجري حملة توعية في الكنائس بضرورة الأشتراك والتوقيع عليها وكذلك الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني .
ان مدن العراق قد أخليت من المسيحيين تحت ضغوط العنف الدموي وموقف الحكومة المتفرج ، واليوم يجري الزحف على القرى والبلدات في سهل نينوى لتغيير التركيب الديموغرافي ومن ثم بناء الجوامع بغرض اسلمة هذه المدن . إنه هجوم عنصري ضد مكون عراقي اصيل تحت شتى الذرايع ، هل انتهت اراضي العراق لبناء الجوامع ولم يبق مكان إلا في القرى والمدن المسيحية . إين التسامح الديني ؟
ماذا عن الآية التي تقول لكم دينكم ولي دين ( الكافرون : 6 ) ، وماذا عن الآية : لا إكره في الدين قد تبين الرشد من الغي ( البقرة : 256 ) ، وماذا عن الآية : ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ( يونس 99 ) ، وماذا عن الآية : .. لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ( المائدة 48 ) .
 اليست هذه آيات قرانية ما بالكم تطمعون في قرى ومدن قاحلة نائية تريدون الهيمنة عليها ، ان المسلمين في العالم ينبغي ان ينسجموا مع بقية البشر والمسلمون العراقيون تربطهم مع المسيحيين وكل الأقليات الدينية رابطة المواطنة . اهكذا تكون الجيرة والشهامة العربية ؟ أهكذا يكون التسامح الديني ؟
 إن مدن العراق وقراه فيها ملايين قطع الأراضي للبيع والمعدة للسكن ، في العراق الاف الجوامع اوالحسينيات فماذا تنظرون الى البلدات الفقيرة المسيكنة لتبنوا بها الجوامع ا والحسينيات ، من العيب على القوي ان يستغل الضعيف ويبرز له جبروته ، حتى في القانون العشائري لا يعتبر ذلك رجولة .
علينا بجمع مئات الآلاف من التواقيع من المسيحيين ومن الخيرين من العرب والأكراد ومن الأقليات الدينية للتصدي على الهجمة العنصرية الشرسة ضد شعبنا الأصيل ، علينا ان نعتمد على انفسنا ،  فلا احد يساعدنا سوى الخيرين في العراق من القوى العلمانية ومن المظمات الأنسانية ومن الأم التحدة أما الحكومة فمع الأسف فإن ملف الأقليات هو آخر ملف تفكر به امام ملفات فوزها في الأنتخابات وأمام الملفات الأخرى المستعصية  ، اما الدول الأوروبية التي نقول عنها مسيحية فإنهم  مستعدين ان يبيعوا مسيحيي العراق وكل مسيحيي الشرق الأوسط ببرميل نفط فلا امل في مناشدة هذه الدول بمساعدة شعبنا .
علينا ان نعتمد على انفسنا وعلى الخيرين في القوى العلمانية العراقية إن كان في افليم كوردستان او في  الوطن العراقي عموماً . لنجمع ربع مليون توقيع من اجل الدفاع عن وجودنا وإلا فإن مركبنا سيغوص في الأعماق ، ويضيع الوطن الى الأبد .
 حبيب تومي / اوسلو 15 / 10 / 2009

312
حوار الأديان ؟ عن اي حوار تتحدثون ايها السادة ؟
بقلم حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الأعلام المرئي والمقروء والمسموع يتحفنا كل فترة بجرعة اخبار تتناول حوار الأديان والثقافات المختلفة ، وغالباً ما تعقد هذه الأجتماعات والمؤتمرات التي تبحث ذلك في الدول الغربية ، وهي تتناول بشكل رئيسي اوضاع المسلمين في الدول الغربية ، والمرء يتساءل ما جدوى عقد تلك المؤتمرات في تلك الدول ؟ اليست تلك الدول تقوم بواجبها الأنساني على اكمل وجه وتتعامل مع جميع البشر بما فيهم المسلمين بمنطلقات وقوانين مستمدة من لوائح حقوق الأنسان وحقوق المواطنة ؟
 كان آخر تلك المؤتمرات الذي انعقد في جنيف يوم 01 / 10 / 2009 وجاء في الأخبار :
(((انطلقت في العاصمة السويسرية جنيف أمس، أعمال مؤتمر «مبادرة خادم الحرمين الشريفين لحوار أتباع الأديان والثقافات وأثرها في إشاعة القيم الإنسانية»، وسط تفاعل عالمي قاده رجال دين وعلماء وأكاديميون وخبراء، من مختلف الشعوب والثقافات، مشكّلين بذلك صورة حية للانسجام والتوافق بين مختلف شعوب الأرض على اختلاف ألوانهم وأجناسهم.
 ويمضي الخبر الى القول :
ومن أجل الحوار وأهميته في بناء جسر التواصل وإشاعة السلام ومكافحة ثقافة الكراهية والعنف والإقصاء، وأهمية العدل في التعامل مع القضايا المختلفة بين شعوب المعمورة، أتى المشاركون أمس إلى مؤتمر جنيف الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي، وذلك لسبر أغوار مبادرة خادم الحرمين، وإظهار آثارها في إشاعة القيم النبيلة. ))) .
إنه كلام جميل ومريح ، ولكن اين هذا الكلام من الواقع المرير الذي يمر به العالم الأسلامي بشكل عام والدول العربية بشكل خاص ؟
سؤالي :
 لماذا تعقد هذه المؤتمرات في الدول الغربية التي هي مثال يحتذى به في كيفية التعامل مع الأقليات ؟ وفي مجتمعاتها تُمد جسور التواصل والتفاعل بين مختلف الأديان والثقافات . فلا يثار فيها ثقافة الكراهية والعنف والأقصاء . فالأفضل والأصوب  ان تعقد مثل هذه المؤتمرات والأجتماعات في الدول العربية فمعظمها تُنهتك فيها حقوق الأنسان وحقوق الأقليات الدينية والعرقية ولا حدود لاشاعة وترويج  ثقافة الكراهية والعنف والأقصاء في هذه البلاد .  
في كثير من هذه البلاد يحزم المسيحيون ، وغيرهم من الأقليات الدينية ، امرهم لمغادرة هذه البلاد بعد ان اصبح من المتعذر عليهم العيش فيها ، حيث يستشري فيها مظاهر العنف الأجتماعي والأرهاب والقوانين غير المنصفة بحق هذه المكونات الدينية .
يتساءل المرء عن الفرضية التي تقول :
                                   ((( العيش أينما نرغب عنصر أساسي في حرية الأنسان )))
وهذا جزء من برنامج الأمم المتحدة ، ويملئ القلب بالتفاؤل للمستقبل في العيش الكريم ، وهنا يأتي الكلام في المقام الأول عن المهاجرين الذين يغادرون اوطانهم تحت وطأة  العوز المادي او التعسف السياسي او التفرقة الدينية او العرقية أو اسباب اخرى من التي تتعلق بحرية الفرد وحقوق المواطنة .
الأنسان المسلم المهاجر الى البلاد الغربية المسيحية ( العلمانية ) ينال فيها كل حقوقه المدنية اسوة بالمواطن الأصيل في هذه البلاد . لكن حينما ينتقل الحديث عن المواطن الأصيل ( من الأقليات الدينية ) في الدول العربية يتراءى امامنا مشهد مختلف يحمل في طياته شتى ضروب التفرقة العنصرية ومظاهر العنف الأجتماعي ، والسبب يكون مرة قومياً او لغوياً ، وفي مرة اخرى وهي الأوسع  والأشمل هو الفصل العنصري ( الديني )  لغير المسلم .
المراقب لاحوال المسيحيين في الشرق الأوسط يرى امامه بوضوح أن مستقبل المسيحية في هذه الديار ، وفي العالم العربي بشكل خاص ، ان مستقبلها مظلم وهي  داخلة في نفق معتم دون ان يلوح بصيص من النور في نهاية النفق ، فالمراقب لوضع الأقباط في مصر وما يتعرضون له بشكل يومي من عنف اجتماعي ، ومن انحياز حكومي ، ومن قوانين غير منصفة وتضيق الخناق على توسيع وبناء الكنائس في هذه الديار التي كانت اصلاً دولة مسيحية قبل القرن السابع الميلادي .
في نفس السياق ما يتعرض له المسيحيون  في لبنان من اغتيالات وعنف وما آل اليه احوال لبنان من تردي الأوضاع ، بعد ان كان لبنان يشكل  الواحة الخضراء للديمقراطية والحرية في قلب الوطن العربي ، نلاحظ اليوم  تراجع هذه الدولة والسعي الحثيث لازالة وجهها المسيحي من خارطة المنطقة ، اما ما يجري في العراق فليس ثمة حاجة للأشارة الى عمليات  القتل والتشريد والارهاب والنهب والسلب لممتلكات المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى كالمندائيين والأزيدية ، وكانت الحصيلة النهائية هي إفراغ المدن الرئيسية العراقية للاغلبية السكانية من تلك الأقليات ، وهذه الحالة لم يكن لها مثيل في سالف الدهور من تاريخ العراق إلا في عهد تيمورلنك المعروف في عملياته الأنتقامية .
في إشارة الى استيلاء الأخوة المسلمون على ممتكلات المسيحيين قام جار مسلم بالسكن في بيت الصديق ( ن ) حينما ترك هذا بيته المؤثث بعدما وصلته تهديدات ، وبعد اكثر من سنة ونصف السنة من السكن في الدار المؤثثة بدون ايجار ، علق الجار المسلم على واجهة البيت يافطة مكتوب فيها :
                                                                  ( الدار للبيع )
 وحينما عرف الصديق ( ن ) بذلك اوكل احد المحامين لاخلاء البيت من جاره العزيز الذي سكن في البيت مجاناً وبعد ذلك اراد بيعه .
 هذه الحادثة ليست فردية فهنالك امثلة كثيرة على هذه الشاكلة وهي معززة بالوقائع والأسماء . ثمة من يقول بأن هذه العمليات وعمليات القتل والنهب شملت شتى شرائح الشعب العراقي بغض النظر عن الأنتماء الديني والطائفي ، ولقد نشر الكاتب الجليل هورمان صباح على موقع عنكاوا المقال الموسوم " عذرا .. أرجو أن لا تُخلط الأوراق "
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,351096.0.html
وكان المقال رداً على مقالي الموسوم: لماذا يسكت المسلمون على قتل المسيحيين والمندائيين والأزيدية ؟
وهو مقال مملوء بروح المودة والتفاهم ، والكاتب يشير الى ان الأرهاب طال كل المكونات دون استثاء والقول صحيح يحمل كثيراً من المصداقية والواقعية ، لكن يبقى السؤال التالي بحاجة الى جواب :
 ما مدى اثره الأرهاب على على تلك المكونات ؟
 كان عدد العوائل المسيحية في البصرة سبعة آلاف عائلة وأنا شخصياً عشت تلك الحياة الجميلة المستقرة التي كانت البصرة هي الواحة الجميلة للعيش المشترك لكل المكونات ، ولكن ماذا بعد موجة الأرهاب ؟ النتيجة انه لم يبق في هذه المدينة سوى 500 عائلة مسيحية وإذا لم اكن مخطئاً في الحساب فإن الباقي منهم سبعة 7%  فقط وهذا النسبة مقاربة من احصائية العوائل الصابئة المندائيين فلم يبق منهم الا مئات العوائل بعد كان  تعدادها بالألاف من العوائل .
 وسؤالي للاستاذ هورمان صباح هل ان تعداد المسلمين  في البصرة الذين طالهم القتل والتشريد هجروا بيوتهم ولم يبق منهم سوى سبعة بالمئة ؟ هذا هو الفرق بين المكونات الكبيرة والمكونات الصغيرة التي تعتبر الحلقات الضعيفة في المجتمع اخي الفاضل هورمان صباح .
 أن المشكلة الحقيقية هي ان الأسلام قد وقع في احضان الأصولية المتعصبة ، وإن الأقليات الدينية في هذه البلاد واقعين بين فكي كماشة ، منها قوانين دينية تعود شرائعها 1400 سنة خلت وقوانين وضعية فيها جانب علماني ، لكن هذه القوانين غالباً ما تتنحى جانباً  امام قوة الشريعة الأسلامية وأمام التدفق الكبير للفتاوي الدينية . وفك الكماشة الآخر هو المجتمع الذي يغلب على ثقافته لغة التفوق  والتي تفيد بأن المسلمين العرب هم خير امة اخرجت للناس ، وهي تتناغم مع الشريعة الموسوية  باعتبار ان اليهود هم شعب الله المختار ، وبرأيي ان الصراع الدموي القائم  بين المسلمين واليهود هو انعكاس  لثقافة الطرفين الدينية  بتفوق عنصرهما على بقية البشر ، وهي استجابة روحية سيكولوجية لتلك المنزلة التي منحها الله لهما بحسب العقيدة الدينية لكليهما .

إن الحوار بين الأديان ينبغي ان يكون في بلاد العرب وفي  السعودية بالذات ، فالمملكة العربية السعودية تبني الجوامع في البلاد الغربية المسيحية ولكنها لا تقبل ببناء كنيسة واحدة على اراضيها فكيف يكون حوار الأديان ؟ وعن اي حوار يتحدثون ان كانت النتيجة معلومة وحسب  الشريعة التي تقول :
( إذا تريد ارنب  اخذ أرنب ،  وإذا تريد غزال اخذ ارنب ) ، فما جدوى الحوار إن كانت النتيجة محسومة ؟
 المسلمون يتمتعون بحرية في بلاد الغرب المسيحية وهم مهاجرون اليها ، فيما يُطرد المسيحيون والأقليات الدينية الأخرى  من البلاد العربية وتحت شتى الظروف الاجتماعية القاهرة وقوانين غير منصفة وهم ليسوا مهاجرين انما هم سكان اصليين في اوطانهم .
إن الحوار ينبغي ان ينتقل الى الدول العربية ، وينبغي على الأقل الأستفادة من تجارب دول  وأنظمة اسلامية تتسم بجرعة من العلمانية العادلة ، وكمثال على ذلك الحكم العلماني في تركيا والحكم العلماني في سورية والحكم العلماني في كوردستان .
الحوار الحضاري بين مختلف الأديان والثقافات ستكون ندية وعادلة حينما تبحث حقوق المسلمين في البلاد الأخرى وحقوق المكونات غير الأسلامية في ظل الحكومات الأسلامية ومنها الدول العربية وفي مقدمتها العراق الذي اصبح اخطر بلد على الأقليات الدينية ويجري تفريغة منها بوتيره عالية هي اقرب ما يكون الى  التطهير العرقي .
حبيب تومي / اوسلو في 11 / 10 / 2009

313
مبروك للمجلس الشعبي مؤتمره الثاني وعسى ان يعدل ولا يفرق
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري مقبل على عقد مؤتمره الثاني ، وهو يسعي الى ذلك بوتيرة عالية وزخم كبيرين ، ويهدف ان يكون هذا المؤتمر اوسع حضوراً وأعمق تأثيراً من المؤتمر الأول الذي عقد في عام 2007 ولهذا شكّل المجلس لجنة تحضيرية في وقت مبكر ليكون كل شئ مدروساً ومرتباً .
لقد عمل المجلس الشعبي في بداية تكوينه راعياً للممثلين على الساحة ، من البطل الى الكومبارس ، لكن في نهاية المطاف بعد ان دخل المجلس الشعبي معترك الأنتخابات اصبح هو البطل والباقين هم الكومبارس ، وهو يسعى  ـ بتقديري الشخصي ـ  ان يشغل ( كل ) الساحة وكما فعل من قبله حزب الحركة الديمقراطية الآشورية الذي اعتمد على مبدأ استعارة الماضي في تاريخه النضالي وتوظيفه لاحتلال ( كل ) الساحة السياسية لشعبنا .
 اليوم يعمل حزب المجلس الشعبي معتمداً على كارزمية الأستاذ سركيس آغا جان وعلى علاقاته القوية مع حكومة اقليم كوردستان ، إضافة الى وفرة المال ، وهو العنصر الضروري في العمل السياسي لاسيما في دول عالمنالثالثي . فهذه المبالغ مهما كان مصدرها تصب في قنوات المجلس الشعبي ، ويجري إنفاقها بحسب اجتهادات شخصية مستبعدين العمل المؤسساتي في صرف تلك الأموال ، مما سبب في ترك ثغرات مريحة في استشراء الفساد الأداري والمالي إن كان في  التنفيذ الردئ لمشاريع البناء او في التلاعب بالأسعار .
 لكن هذا ليس الموضوع الرئيسي في هذا المقال ، إنما حصيلة القول ان المجلس الشعبي طفر الى مركز الصدارة في المعادلة السياسية لشعبنا بإحرازه على اغلبية اصوات الناخبين  في انتخابات مجالس المحافظات ومن ثم في البرلمان الكوردستاني ، وكان ذلك كما قلت حينما استمرأ المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري الطعم اللذيذ للسلطة ، فكان ان اصبح اللاعب الرئيسي في اللعبة بدلاً من الأكتفاء بإدارتها . وأضحى طرفاً في المعادلة بدلاً من وقوفه على مسافة واحدة من الأطراف المتنافسة إن كان سياسياً او ثقافياً او اقتصادياً وحتى إعلامياً ، بات المجلس الشعبي ينافس الآخرين في الأستــحواذ على المواقع المخصصة لشعبنا .
وفي هذه الحالة نحن المراقبين ما علينا سوى مباركة المجلس على هذه الخطوات والأنتصارت التي حققها ، فله كل الحق ان يتحول الى حزب سياسي وينافس الأخرين على احتلال المواقع .
 شئ واحد ينبغي الأقرار به لدى استحضار هذه الحالة ينبغي ألا يدّعي المجلس إشغاله مكانة تلك الدوحة التي كانت ترسل ظلالها الى كل القوى وبشكل عادل ومتساو،  فهو قد حدد موقفه وموقعه ونتمنى للمجلس الشعبي بتوجهه الجديد التوفيق والنجاح كحزب سياسي من احزاب شعبنا .
شرع المجلس الشعبي في عشية مؤتمره الثاني ببدايات طيبة حيث بادر الى المصافحات الدبلوماسية ولعل اكثرها إثارة هي تلك التي قام وفد من اللجنة المشرفة على المؤتمر بزيارة مقر المجلس القومي الكلداني ، ومقر الحركة الديمقراطية الآشورية ، بحق انها خطوة في الأتجاه الصحيح لكسر جبال الجليد بين احزاب شعبنا ، فهل يعمل المجلس الشعبي فعلاً على إذابة جبال الثلوج  بين قوانا السياسية بشكل عام ؟
 ويجري احترام الرأي الآخر ام يبقى المجلس حبيس الأفكار الأقصائية كالتي تطرح ،  وكمثال غير حصري كتلك التي يطرحها الزميل تيري بطرس مثلاً لتأسيس مجلس سياسي ، إذ يقول بطرس في مقالة المعنون : مجلس الشعبي نحو مؤتمره الثاني في الفقرة اولاً يقول :  
(( اولا _ الدعوة الى اقامة المجلس السياسي لشعبنا يظم ( يضم ) ، بالاظافة الى السيد سركيس اغاجان، ممثلي عن الحزب الوطني الاشوري، حزب بيت نهرين الديمقراطي، المنبر الديمقراطي الكلداني، اتحاد بيت نهرين الوطني، تجمع السريان المستقل، الحركة الديمقراطية الاشورية، حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني، المجلس القومي الكلداني، بالاظافة (بالأضافة ) الى كل وزراء شعبنا في مجلس الوزراء العراقي ومجلس وزراء اقليم كوردستان، والنواب في المجلسين الاتحادي والاقليمي.... ويضيف :
يتم فرض العزل السياسي لكل من يرغب او يعمل من اجل تجزئة شعبنا ويوصم بالخيانة مع سبق الاصرار والترصد، ويكون هناك مفهوم واضح لوحدة شعبنا . ويشمل ذلك اي كان ذلك رجل سياسة او دين او مفكر، لان الامر لا يتدخل ( يدخل ) في باب الحريات، بل في باب التقسيم والتهديم والتدمير واضعاف موقف شعبنا السياسي والامني. )) انتهى الأقتباس
لدي سؤال للزميل تيري بطرس : ما هو معيارك لتحديد الذي يعمل على تجزئة شعبنا ؟ بالله عليك من هو الذي يعمل على تجزئة شعبنا ؟
 اليست الأحزاب الآشورية كالحزب الوطني الآشوري والحركة الديمقراطية الآشورية وغيرهما الذين يتخذون الآشورية كأسماء لاحزابهم  ويسترشدون بها ويفرضون على غيرهم السلعة الأستهلاكية  في التسمية ( الكلداني السرياني الآشوري ) ويوصفون كل من لا يلتزم بها بالخيانة ، فلو كان لهذه الأحزاب مصداقية وايمان بهذه التسمية المركبة فلماذا لا يغيرون  تسمية احزابهم ، لماذا يحجمون عنها ثم يفرضونها على غيرهم ؟
اليس طرح الشعارات الرنانة والمناداة بها ـ دون تطبيقها على انفسهم اولاً  ـ  نوعاً خالصاً من النفاق السياسي ؟ وإلا فاشرح لي ما هو النفاق السياسي ؟
هذا ليس من ضمن مقالي اليوم ، وسآتي على هذا الموضوع في المقال القادم إنشاء وهو تحت عنوان (( احزابنا الآشورية ليس في قاموسها مصطلح الحوار الديمقراطي وقبول الآخر )) .
نعود الى انعقاد المؤتمر الثاني للمجلس الشعبي فأقول :
 ثمة احتمالين :
 الأول : إذا كان المجلس الشعبي سينتهج منهج الحزب السياسي سيكون من حقه غلق الأبواب امام الأقلام المستقلة المعارضة ، لان المؤتمر سيكون لحزب سياسي وله خطابه وأجندته وليس مستعداً لسماع آراء تقاطع رأيه الحزبي .
 الثاني : إذا انعقد المجلس تحت عقلية وأجندة المجلس الشعبي باعتباره خيمة للجميع ، فمن حق الجميع التمتع بظلها اتقاءً من الشمس الحارقة او من سيول الأمطار ، عندئذٍ يتوجب على اللجنة التحضيرية ان توجه الدعوى لمن لهم آراء مستقلة خارج إطار الموالين او المعارضين ، فالمعارضين ليسوا اشرار واعداء او مقسمي الصفوف او متآمرين ، أنهم ببساطة ابناء شعبنا لهم رؤى مختلفة للامور ليس أكثر ، وكاتب هذه السطور واحداً من هؤلاء المعارضين .
ـ نأمل ان ينهض المجلس الشعبي بمهامه المالية بشكل شفاف وبعقلية مؤسساتية لكي تصل تلك المبالغ كاملة الى مستحقيها ولسد المنافذ امام تغلغل الفساد والعبث بتلك الأموال .
ـ نأمل الا يكون مؤتمر المجلس الشعبي كقوة ضاغطة مهمتها الأولى تبخيس القومية الكلدانية فيترك المجلس القرارت المهمة ويلهث وراء اقصاء القومية الكلدانية من الوجود .
ـ ان ما نأمله ان لا تتركز خطابات المؤتمر حول التفاخر بين الحضور بأن المجلس الشعبي قد نجح في إقصاء القومية الكلدانية من الدستور الكردستاني ، فيما فشلت جهود الحركة الديمقراطية الأشورية  والحزب الوطني الآشوري وبقية الأحزاب الآشورية من إقصاء القومية الكلدانية من الدستور العراقي ، فما هو معروف لهذه الأحزاب ( الاحزاب الآشورية ) لا يحلو لها النوم ويؤرقها مصطلح القومية الكلدانية . مع احترامي لجميعها وسنأتي بتفصيل ذلك في المقال القادم .
ـ  إن المجلس المجلس الشعبي لكي يحافظ على مصداقيته ، ينبغي ان يقف على مسافة واحدة من جميع القوى العاملة على الساحة السياسية لشعبنا دون محاباة الأحزاب الآشورية على حساب الاحزاب الكلدانية ، وبعد ذلك ان يكون موقفه محايد بمن يقول انني اشوري ومن يقول أنني كلداني ، فليس معقولاً ان يحجم المجلس الشعبي عن حضور مؤتمر المجلس القومي الكلداني والذي لا يبتعد عنه سوى مئات الأمتار والسبب كما هو معلوم ، لان المؤتمر لحزب كلداني ، فيما يحضر المجلس الشعبي  المؤتمر الآشوري العام المنعقد في قارة استراليا والسبب لانه مؤتمر حزب آشوري .
 فالمسالة ليست بإلغاء الواوات او وضعها إنما التفرقة ظاهرة بدعم  ما هو آشوري ومحاربة كل ما هو كلداني ، هذه هي الحقيقة دون لف او دوران ودون سلوك بدع فلسفية عويصة حول حذف الواوات  او وضعها الى آخره من البدع في محاولات جعل الأسود ابيض او بالعكس .
 نتمنى ان يكون النجاح حليف المؤتمر الثاني للمجلس الشعبي على ان لا يكون هدفة الأساسي في هذا المؤتمر إقصاء القومية الكلدانية الأنسانية من الخارطة القومية للوطن العراقي وان يحترم من يقول ان قوميتي كلدانية بنفس القدر من الأحترام لمن يقول قوميتي آشورية  .
 حبيب تومي / اوسلو في 5 / 10 / 2009


314
وداعاً جميل روفائيل
الصحافي والإعلامي البارز جميل روفائيل سمعناه عبر الأثير وهو يلقي التقارير الأخبارية من البلقان ، وعرفناه كاتباً قديراً يكتب في شتى المواضيع ، ولكنه كان يحمل على متنيه هموم توحيد شعبنا فكانت هذه الوحدة هي البوصلة التي يقتدي بها وفق رؤيته لهذه الوحدة  .
كما عرفناه منذ السبعينات من اعضاء هيئة تحرير قالا سريايا " الصوت السرياني " وفي العددين الثاني والثالث عام 1974 يحرر جميل روفائيل ملف خاص عن مهرجان افرام ـ حنين بن اسحق ، وفي نفس العدد يكتب جميل روفائيل مقالاً تحت عنوان " نحو دراسة علمية لتاريخنا "
وفي هذا اليوم كان هذا الزائر المباغت المتربص بالأنسان في كل لحظة ، إنه الموت الذي يدخل ساعة يشاء ودون استئذان ، اجل خطفت يد المنون صديقنا جميل روفائيل ، وهو الكاتب المبدع في حقل الثقافة والأعلام فترك موقعه شاغراً ، وأقول ان رحيل جميل روفائيل خسارة لساحتنا الثقافية بتنوعها الفكري الجميل .
لقد واكب جميل روفائيل الحركة الثقافية لشعبنا ، وكانت التزاماته الوظيفيه لا تشغله عن الكتابة في امور شعبنا ، فقد كتب الكثير ، ودخلنا معه في حوارات وجدالات وكان القاسم المشترك في هذه الجدالات هو اللغة الحضارية المستخدمة مع مبدأ احترام الرأي الآخر مهما اختلف عنك في آرائه .
 التقيت بالراحل جميل روفائيل في القوش في مقر جمعية الثقافة الكلدانية وقد حضر مع الأستاذ جميل زيتو وبعض الأخوة الآخرين من المجلس الشعبي حيث رافقت هذا الوفد بزيارة بعض بلداتنا ومنها بغديدا وكرملش وبعشيقا .. لقد تبادلنا اثناء الرحلة شتى الأحاديث وإن جدالاتنا السابقة لم تمنع من غرس وتمتين اواصر الصداقة والمحبة بيننا .
 وانا اكتب هذه الأسطر ساورتني الحيرة ولا استطيع ان اجد لها تفسيراً لما حدث لي يوم الخميس الموافق  1 / 10 / 2009 حيث كتبت لادارة موقع تلسقف رسالة ختمتها بقولي :
 ((( تحياتي وسلامي للصديق جميل روفائيل عسى ان  يكون بخير وصحة جيدة حيث منذ مدة لم يصلنا شيئاً عما يسطره قلمه ،  سلامي لكم جميعاً آل روفائيل الطيبين.
حبيب تومي / اوسلو في 1 / 10 / 2009)))
.
وفي نفس اليوم يسلم جميل روفائيل روحه لخالقه .
إن الذي اقوله في رثاء الأخ الصديق المرحوم جميل روفائيل ان ساحتنا الثقافية قد خسرت
مثقفاً واعلامياً بارزاً وكاتباً مبدعاً  ، وأقول :
يرحمكم الله ووداعاً جميل روفائيل
 حبيب تومي / اوسلو  في 2 / 10 / 2009

315
مذكرة غريبة عجيبة من 41 كاتب وأديب الى وزراة الثقافة في اقليم كوردستان  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
قرأت المذكرة التي وقعها 41 من كتاب وأدباء شعبنا مرفوعة الى السيد وزير الثقافة في اقليم كوردستان الأستاذ فلك الدين كاكائي ، ولقد استغربت من صيغة المذكرة ومن الطلب المرفوع الى الأستاذ وزير الثقافة الموقر .
 لقد عانينا على مدى العقود المنصرمة من هيمنة الحزب الواحد وخبرنا وسئمنا صيغة الأتحادات التي كان يسيرها الحزب القائد ، وكانت تلك الأتحادات تفتقر الى الأستقلالية والمصداقية في خطابها وهكذا كانت تلك الأتحادات مسميات تسير بإشارة من الحاكم ، لكن اين نحن من تلك العقود ، اليوم نعيش في عهد الحرية وتسود بيننا مفاهيم الحرية والديمقراطية ، وأقليم كوردستان يسعى ان يكون نموذجاً حياً للديمقراطية وأن يضرب مثلاً طيباً في البناء والنمو في ظل الأستقرار والسلام والتعايش الذي يسود النسيج المجتمعي الكوردستاني على اختلاف تنوع اطيافه الجميلة .
في البداية إرجو ان لا يفسر هذا المقال بمنظور شخصي فنحن نكن للسادة الموقعين الكثير من الأحترام وأنا شخصياً ارتبط بصداقة ومودة مع الكثير من الوجوه الطيبة الموقعة على المذكرة فالمسالة هنا تنحصر في نقد الآلية التي لجأ اليها السادة الموقعين ، وحسنا فعل الزميل الدكتور سمير خوراني حينما اوضح وشرح موقفه في موقع عنكاوا كوم بكل صراحة وشفافية .
إن المذكرة كانت تحتوي على خمس مجاميع ، لكن ثمة من نسّق هذه القوائم حينما قدمت لوزارة الثقافة في اقليم كوردستان ، وبهذا نقول ان المسالة ليست شخصية عفوية ، إنما هنالك جهة حاضنة رعت عملية جمع التواقيع .
المسالة الرئيسية المعروضة في المذكرة ان الموقعين عليها يشرحون للسيد الوزير بوجود ثلاثة اتحادات للكتاب والأدباء والآخر في طور التشكيل إذ ورد في المذكرة :
    (( نحن لفيف من الكتاب والادباء (الكلدان السريان الأشوريين)، نود أن نظهر لسيادتكم بعض الحقائق المتعلقة باتحادات الأدباء والكتاب التي تدّعي تمثيل كتاب وأدباء شعبنا ، إذ تتواجد اليوم ثلاثة اتحادات واتحاد أخر في طور التشكيل، تعمل على الساحة الثقافية لشعبنا، وهذا ما نراه تشتيتا للجهود الأدبية والثقافية والمالية، فضلا عن ما تحدثه هذه الاتحادات من انقسامات وتناحرات سلبية بين أدبائنا )) . انتهى الأقتباس
حسناً هنالك ثلاثة اتحادات وواحد في طور التكوين ، ونحن نتفق بضرورة توحيد الخطاب وإن امكن بضرورة توحيد هذه الأتحادات ، لكن التساؤل كيف يمكن الوصول الى خطاب موحد مشترك ومن ثم توحيد هذه الأتحادات باتحاد واحد ؟
 هل نسلك نحن الذين نعتبر انفسنا النخبة المثقفة ونؤمن بحرية الفكر ان نلجأ الى اساليب الأحزاب الشمولية الأديولوجية ؟
 هل نحاول التوحيد بقطع الأنفاس والأرزاق ام نتوحد بالتفاهم والحوار الديمقراطي ؟
 اليس الأفضل الجلوس حول مائدة مستديرة والتوصل الى صيغة وحدوية جامعة ومن ثم الكتابة الى السيد وزير الثقافة بعد ذلك ؟
 ورد في المذكرة :
(.. ويبدو من خلال استقرائنا للوضع الحالي لهذه الاتحادات، أن الدعم المقدم من قبل وزارتكم لأتحاد واحد وهو اتحاد الأدباء والكتاب السريان دون الاتحادات الأخرى..  
 وتمضي المذكرة الى القول :
نناشدكم لمؤازرة جهود التوحيد هذه وتفعيلها عمليا، من أجل توحيد هذه الاتحادات في أتحاد واحد يكون هو الممثل الشرعي لكل أدبائنا، وعدم تقديم الدعم المادي او المعنوي لأي أتحاد من هذه الاتحادات على حساب الاخر، لكي لا تكون وزارة الثقافة طرفا في هذا التشتيت والتناحر .. ) انتهى القتباس
الغريب في المذكرة ان الموقعين عليها يطالبون الوزارة  ايقاف الدعم المادي والمعنوي لاتحاد الأدباء والكتاب السريان لكي لا تكون الوزارة طرفاً في هذا التشتيت والتناحر ، اليس هذا الطلب بعينه وضع الوزارة الموقرة في في موقع ( كطرف ) من الأتحادات .
 إن وزارة الثقافة في اقليم كوردستان كما هو معلوم تقف على مسافة واحدة من التنظيمات الثقافية والأدبية ، وليست طرفاً إن كانت ثمة خلافات بين تلك الأتحادات ، وإن كانت هذه الأتحادات تحقق الوحدة فيما بينها فالوزارة تبارك هذه الوحدة ،  ولا يمكن ان تقف بالضد منها ، فلماذا المناشدة بتجفيف منابع الدعم لواحد من التنظيمات الأدبية العريقة لشعبنا له تاريخ مجيد في عكس تراثنا وثقافنا منذ عقود ؟
نحن المثقفون لا ينبغي ان نتعامل بروحية الحد من المقابل والتشكيك في اخلاصه والتعامل معه بمنظور الأرتياب والشكوك في إخلاصه فنسعى الى شل قدراته ونعمل على إسقاطه بحجة حرصنا على وحدة الصف ووحدة الكلمة ، فهذه الوحدة لا تأتي بتكميم الأفواه او بتجفيف منابع الدعم .
 ربما كنا نسكت لو ان المذكرة قدمها حزب من الأحزاب السياسية لكن ان تصدر من لفيف من  نخبتنا المثقفة فهذا غير مقبول ، فهؤلاء الأخوة يؤمنون بحرية الرأي وحرية الفكر وحرية الأنتماء ، فليس معقولاً ان يكون توجههم كتوجه الأحزاب الشمولية التي ترى في خطابها الوحيد كل الحق ، وترى في خطاب الأخرين كل الباطل ، وساحة شعبنا السياسية خير مثال على ذلك .
اما القول بأن هنالك اتحاد رابع في طور التاسيس ، فأقول ان هذا الأتحاد ليس في طور التأسيس ، إنما هذا الأتحاد قد تأسس ، وهو الأتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلدان ، وكانت باكورة اعماله الفكرية هو تسليط الأضواء الساطعة على مذبحة صوريا ، وبفضل تلك الأقلام وضعت قضية صوريا المنسية تحت الأضواء ، فسلطت الأضواء عليها من قبل كتاب عراقيين ومن المدافعين عن حقوق الأنسان ومن مختلف الأنتماءات الدينية والعرقية ، وحتى فضائية عشتار التي تعني بالشأن الآشوري فقط ، اضطرت هي ومواقع آشورية بما فيها موقع زهريرا ان تسلط الأضواء على تلك المذبحة التي راح ضحيتها ناس ابرياء من نساء وشيوخ وأطفال ، نعم يتشرف الأتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلدان ان تكون قضية صوريا الكلدانية باكورة اعماله الأدبية والثقافية .
اعود الى موضوع الحرص على وحدة كلمتنا فأقول :
نحن المثقفون ينبغي ان نكون قدوة لابناء شعبنا ولاحزابنا السياسية ، فقبل كل شئ ينبغي ان يسود الأحترام المتبادل والندية والتكافؤ وعدم احتكار الحقائق واليقينيات ، ويمكن للمؤسسات التي ترعى الشؤون الثقافية لشعبنا ان تلعب دوراً ايجابياً في تقريب وجهات النظر ، ومن هذه المؤسسات اشخص مديرية الثقافة السريانية في عنكاوا التي يديرها الأستاذ سعدي المالح ، وكذلك دار المشرق الثقافية في سميل التي يديرها الأب جبرائيل . إن هذه المؤسسات ينبغي ان تقف على مسافة واحدة من تنظيمات شعبنا الثقافية ومن مثقفي وكتاب وأدباء شعبنا إن كانوا من الكلدان او من السريان او من الآشوريين ، ويمكن لها ان تلعب دوراً ايجابياً في تقريب وجهات النظر بين مختلف التوجهات الثقافية والفكرية لمكونات شعبنا .  
حبيب تومي / اوسلو في 30 / 09 / 2009

316
لماذا يسكت المسلمون والحكومة العراقية عن قتل المندائيين والمسيحيين والأيزيدية ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
قبل كل شئ نقدم التهاني والتبريكات للمسلمين في العراق والعالم بمناسبة عيد الفطر المجيد ونتمنى في الأعياد القادمة ان يفكر المسلمون ان المسلم هو اخو كل البشر وليس المسلم اخو المسلم فحسب .
الغريب العجيب هو السكوت المطبق الذي يسود المنطقة والعالم في هدر الدم العراقي وكأن هؤلاء البشر خلقوا لكي يكونوا وقوداً للعمليات الأرهابية ولتصفية الحسابات الطائفية والسياسية والحزبية واصبحت اخبار القتل اليومي من الأخبار المتوقعة الرتيبة ليس ثمة من يهتم بسماعها  .
 ويكاد يكون وضع الأقليات الدينية في العراق بشكل خاص من اخطر وأصعب الأوضاع في العالم بالنسبة للاقليات الدينية ، فقد فرّغت هذه البلاد من سكانها الأصليين الذين قطنوا بلاد ما بين النهرين قبل الأسلام وقبل المسيحية ، وحينما دخل الأسلام الى هذه الأصقاع في مطاوي القرن السابع الميلادي كان اول عمل قام به هو جعله السكان الأصليين من الكلدان والسريان والآشوريين والصابئة المندائيين واليهود والأيزيدية  والذين احتفظوا باديانهم ، بأنهم اهل الكتاب ثم قال عنهم اهل الذمة ، ومعنى ذلك ان هؤلاء بذمة المسلمين وشرفهم فلا يقبل الأسلام  باعتداء اجنبي عليهم ناهيك عن الأعتداء الداخلي ، هذا ما نفهمه حسب مداركنا عن اهل الذمة ،  لكن هذه الفرضية قد اثبت بطلانها على مدار التاريخ بعد الحكم  الأسلامي ، فإن من يعتدي على هؤلاء المواطنين العراقيين هم الأسلام العراقيين تحديداً .
إن الخلل الديمغرافي الذي ألحق بهذه الأقليات من الأيزيدية والمسيحيين والصابئة المندائيين جلي وواضح لا يحتاج الى براهين .
 إن أي فرد من المكونات غير المسلمة يبدو وكانه يعيش في غابة ، وهو يحلم ببلد يلجأ اليه ليشعر فيه بأمان ويحترم كرامته الأنسانية ، حيث افتقد هذا الأحترام والمواطنه الحقة في وطنه العزيز على قلبه ، فالعنف الأجتماعي ، والقوانين الحكومية وموقفها المتفرج والمتواطئ من العمليات التي تطال تلك المكونات ، قد خلق هذا الواقع المزري لتلك المكونات التي شكّلت الحلقات الضعيفة في المجتمع .
 المراقب للاوضاع يتساءل :
هل قدمت الحكومة شخصاً الى المحاكمة العلنية ليكون عبرة لغيره ؟
ماذا فعلت الحكومة بمن خطفوا وقتلوا المطران الكلداني فرج رحو واغتالوا زملائه المؤمنين ؟
 هل رأينا وشاهدنا محكمة علنية كالتي عقدت لرجال العهد السابق حيث قدموا للمحاكمة امام الملاء ؟  
لماذا تصبح قيد النسيان كل الجرائم التي تطال الأقليات الدينية من الأيزيدية والمسيحيين والمندائيين ؟
 لقد قرأنا خبراً مؤلماً على موقع عنكاوا يقول :
 (( لقى شابان من الطائفة المندائية مصرعهما، صباح اول يوم من عيد الفطر المبارك، الاحد 20 ايلول الجاري في مدينة البصرة بعد تعرضهما الى هجوم في محل عملهما في قضاء الزبير من قبل مسلحين مجهولي الهوية، اطلقوا عليهما الرصاص، وسرقا محتويات محليهما في حين نظم ابناء الطائفة تظاهرة سلمية طالبوا خلالها الحكومة العراقية حمايتهم من العابثين.  
واضاف : ان المسلحين الاربعة اطلقوا النار من خلال مسدسات كاتمة للصوت على الشاب فرقد فائق عثمان الخميسي، من مواليد البصرة 1984، وسرقوا كل المصوغات الذهبية التي كانت في المحل، ليهاجموا بعدها محل الشاب مهند قاسم غريب الكحيلي، من مواليد البصرة 1984، وسرقة محتويات محله.
واضاف اخر " استنجدنا بسيارة الجيش التي كانت تبعد عن موقع الحادث 150 متر غير ان احدهم قال لنا بأن هذا ليس من واجبنا بل من واجب الشرطة". )) .
الأسئلة تتوارد : لماذا تختار العصابة من المكون المندائي لتنفيذ جريمتها لماذا لم تختار محلات الصياغة ليكون اصحابها من الأسلام ؟
 وماذا كان واجب افراد الجيش في السيارة التي تبعد عن موقع الحادث 150 متر ، هل كان واجبهم صد الهجمات الخارجية على العراق ، ام كانوا هناك في نزهة من اجل اللعب في مراجيح ودولاب الهوى ايام العيد ؟
 ألا يكون هنا التساؤل مشروعاً للقول بأنهم كانوا يحرسون عصابة القتل والسرقة ؟
وإلا ما هو صلب واجبهم إن لم يكن حماية ارواح المواطنين وممتلكاتهم ؟
 إنها اسئلة تطفو على السطح مهما حاولنا التملق والمجاملات والتزلف  الفارغ .
وعلى صعيد متصل ورد في الخبر ان ابناء الطائفة نظموا تظاهرة سلمية طالبوا خلالها من الحكومة العراقية حمايتهم . وسؤالي هو :
لماذا يقوم ابناء الطائفة المندائية حصراً بالمظاهرة ؟
 لِمَ لم يتظاهر معهم الآلاف من  المسلمين من الجيران ومن المعارف ومن يزعم انه لا يقبل بإعمال السرقة والقتل ؟  هل يكتفي الجيران المسلمون بتعزية اقارب الضحايا وشرب القهوة في الفاتحة ؟
 أهكذا تكون الجيرة ؟ اهكذا تكون الشهامة ؟
اهكذا تكون الذمة في اعناقكم ؟  
هل الذمة هي فقط في تقديم التعازي والمواساة  فحسب وكفى المسلمون شر القتال ؟  اما كان ينغي لاهل البصرة الكرام ان يعتصموا امام المحافظة ويطالبوا السلطات المختصة بالقبض على المجرمين وتقديمهم للعدالة ، عندها سنقول هكذا تكون الشهامة والمروءة .
 انه غير مقبول من المسلمين المعتدلين والمثقفين والكتاب والأدباء ان يستنكروا الأعتداء على الأقليات الدينية فحسب ، لكن عليهم ان يدعموا هذا الأستنكار بالوقوف الى جانب هذه الأقليات فعلياً ،  كقيام بمظاهرة او اعتصام ، وكان ينبغي ان تكون تلك المظاهرة التي كان عدد افرادها العشرات او المئات من الصابئة المندائيين كان ينبغي ان يكون معهم الآلاف من المسلمين ، حينذاك نقول إن الدنيا بخير ، وإن المسلمين يقومومون بواجبهم الديني والأنساني .
 وياتي دور رجال الدين المسلمون والذين يجدر بهم ان يكون لهم دور فاعل في كبح جماح الحملات الموجهة لغير المسلمين ، من صلب واجبهم الديني والأنساني هو زرع بذور المحبة والتعايش بين المكونات العراقية من مسلمين وغير مسلمين لوأد كل محاولات النيل من العراق بتأجيج المشاعر الطائفية والدينية .
 إن رجال الدين الأسلام مطلوب منهم ان يكون لهم دور فاعل في هذا التعايش . لا يكفي ان يقوم رجال الدين المسيحيين فقط بزرع بذور التعايش والمحبة بل المهمة الكبيرة تقع على عاتق رجال الدين من السنة والشيعة ، ولا نقبل بمنطق اهل الذمة بالتعامل مع الأقليات الدينية ، بل بمنطق المواطنة العراقية والجميع مواطنون عراقيون متساوون بناحية الحقوق والواجبات وجميعهم لهم نفس الدرجة من المواطنة ، وبدون ذلك سنبقى في مستنقع التفرقة في حالة الغاء وتهميش حق المواطنة من مكون مكونات الشعب العراقي .
 اما موضوع الحكومة العراقية التي لحد الآن موقفها يوصف  بالمتواطئ او الساكت على ما يطال المكونات الدينية الأصيلة من غير الأسلام ، فإن عليها ان تقتدي بإقليم كوردستان في هذا الصدد ، لكن يبدو ان الفرق كبير جداً بين النهج العلماني لحكومة اقليم كوردستان وبين النهج الديني او الطائفي للحكومة العراقية ، وما دامت الحكومة العراقية لها مثل هذا التفكير ستبقى الحكومة مشلولة وعاجزة عن القيام بواجبها اتجاه المكونات الدينية اللاأسلامية ، لقد افلحت حكومة اقليم كوردستان في خلق لغة مجتمعية مبنية على التعايش بين المكونات الدينية والعرقية في هذا الأقليم ، ليس عيباً ان تستفيد الحكومة المركزية من تجربة الأقليم في التعامل مع المكونات غير المسلمة .
 على الحكومة العراقية ان تقدم القتلة على المحاكمات العادلة ليكونوا عبر لغيرهم ، وإلا سنقول ان الحكومة متواطئة وساكتة عن الأعمال الأجرامية التي تطال المواطنين العراقيين الأبرياء من المسيحيين والمندائيين والأيزيدية .
 حبيب تومي / اوسلو في 23 / 09 / 2009


317
مشروع القرش الكلداني كفيل بحل الكثير من مشاكل شعبنا الكلداني
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
tomihabib@hotmail.com
 
هنالك مثل يقول : القرش الأبيض لليوم الأسود ، ونحن الكلدانيون ما أحوجنا هذا اليوم لذلك القرش الأبيض ، احزابنا تشكو قلة المادة التي يحتاجونها لتمشية امورهم الروتينية ، منظمات المجتمع المدني عندنا تحتاج الى تلك الأموال الضرورية لدفع أيجاراتها وتصريف امورها اليومية ، فما اعرفه عن نادي بابل الكلداني في بغداد مثلاً كان ولا يزال يعاني من الضائقة الأقتصادية لتمشية اموره في تلك الظروف الصعبة .
وهنالك من يستغل هذه الحاجة بشكل لا اخلاقي للتاثير على الأشخاص او على التظيمات الكلدانية لتبديل اولوياتها  ولابتزازها في امر هويتها الكلدانية ، فتفرض على تنظيمات شعبنا الكلداني حصاراً غايته النيل من إرادة هذا الشعب ومن اجل تركيعه كما يحلو لهم وسلب إرادته ، فتحجب المبالغ المخصصة له ما لم ترضح لأجندة الأفكار القومية الآشورية المتزمتة في إلغاء قوميته الكلدانية وإلغاء تسميته القومية من الخارطة القومية العراقية ، ولقد كانت تجربة المنبر الديمقراطي الكلداني خير مثال على ذلك حيث انهالت عليه الخيرات والنعم  بعد رضوخه للاجندة الاشورية المتعصبة التي لا يغمض لها جفن سوى بإلغاء القومية الكلدانية العراقية ومسحها من الدستور الكوردستاني والدستور العراقي الأتحادي ومن المحافل السياسية الوطنية والدولية .
أزاء هذا الواقع المرير امامنا طريقان لا ثالث لهما :
 إما :
 الرضوخ ورفع الراية البيضاء والسجود للاحزاب الاشورية واعلان التوبة أمامهم .
او :
 الأحتفاظ بالإرادة والكرامة والشهامة والشخصية بوجه تلك المحاولات غير البريئة .
 إن واحدة من نقاط الضعف لدى تنظيمات شعبنا الكلداني هو افتقارهم الى المال ، وإن الأشقاء الأشوريين ذهب بهم النيل من تنظيماتنا الكلدانية ومن اسمنا الكلداني كل مذهب ، فبعضهم لا يصل مستواهم النطقي في لفظ مفردة الكلدان او الكلدانيين او الشعب الكلداني او الأمة الكلدانية ناهيك عن القومية الكلدانية فإن مقدرتهم النطقية وصلت الى إلغاء كل تلك المصطلحات وتقزيمها بلفظة (( كلد او الكلد )) ،فيقولون هولاء ( الكلد ) ، اجل عزيزي القارئ  هؤلاء هم اشقاؤنا الآشوريين الذين يستهزئون ويسخرون ويستخفون  من اسم شعبنا الكلداني وهم انفسهم يعملون على إلغاء كل اسم لنا في دستور اقليم كوردستان ودستور العراق الفيدرالي .
هذا هو الواقع المؤلم حيث يركزون في ماكنتهم الأعلامية بأن الكلدانيون وكتابهم هم ( تقسيميين ) او مفرقوا الصفوف لا اكثر ، وإن القائمة الكلدانية حصلت على 1700 صوت بمعنى ينبغي الا يكون لهم وجود بين الموجودين وما عليهم سوى الرضوخ ورفع الراية البيضاء لاسيادهم ، هذا هو الواقع مع الأسف .
 لكن لننتقل الى المهم في هذا المقال :
 فأقول :
لقد طرحنا مشاريع مهمة هي ضرورية وجزء من الحياة المعاصرة ومنها عرضت في حينها مشروع القناة الفضائية الكلدانيــــــة ، لكن يبدو ان المشروع يحتاج الى طاقات مالية لا يوجد جهة تبادر الى تمويل ذلك المشروع ، فشعبنا الكلداني هو الوحيد الذي ليس له فضائية فلا يتيسر له ابراز  خصوصياته التاريخية والتراثية واللغوية والفنية وغيرها ، ويجري تهميش مآثره وشهدائه وكتابه وتنظيماته ومغنيه .. بشكل متعمد في كثير من الأحيان من قبل بعض فضائيات اشقاؤنا الآشوريين ، ففي فضائية آشور وعشتار المحسوبتان على شعبنا لا تقبل هاتان الفضائيان من لفظ اسم القومية الكلدانية وهي ممنوعة منعاً باتاً ومن يلفظها مصيره المقاطعة والتهميش مع محاربته اعلامياً .
 إن كانت الفضائية الكلدانية تشكل عبئاً مالياً كبيراً لا نستطيع تحمله في الوقت الحاضر ، لكن يبقى عقد المؤتمر الكلداني العالمي يداعب رغبة وإرادة شريحة كبيرة من ابناء شعبنا ، فإذا توفر التمويل لمثل هذا المؤتمر فيمكن عقده خلال مدة ستة أشهر لا اكثر .
 إذن من اين لنا بالمبالغ المطلوبة ؟ مع الأبقاء على كرامتنا وشخصيتنا وكلمتنا الحرة مع بقاء هاماتنا مرفوعة ودون الرضوخ لمحاولات الأبتزاز اللاأخلاقية لقبول المبالغ المشروطة .
الطريق الأسلم والصحيح هو اللجوء  الى شعبنا الكلـــــــداني الكريم ، وهو الكنز الذي لا ينضب ، فنحن نطلب من شعبنا قرش واحد في الشهر وبترجمة القرش الى اللغة الحديثة نقول انه على ابن الشعب الكلداني ان يتبرع لامته الكلدانيــــــــة بدولار واحد في الشهر ، وفي السنة 12 دولاراً او مايعادلها بالعملة العراقية او بغيرها من  العملات الأوروبية ، إنه مبلغ ضئيل لكن على مجموع الشعب سيكون مبلغاً عظيماً ، فكم من الكلدانيين في الولايات المتحدة وفي استراليا وفي اوروبا وفي العراق وحتى لو بلغ عدد المتبرعين نسبة عشرة او عشرين بالمئة من مجموع ابنا شعبنا الكلداني سيكون ذلك مبلغاً مهماً في ضوء احتياجات تنظيمات شعبنا الكلداني .
الآلية التي يمكن ان نجمع بها الدولار الكلــــــداني :
 لا شك ان هذا المشروع بقدر ما هو مهم ومفيد لكن بنفس القدر يحمل في طياته من التعقيد في آلية الجمع ويحتاج الى متطوعين يضعون مصلحة شعبهم الكلداني نصب اعينهم .
وهنا اقترح ان تشكل لجان في كل من اميركا ، واحدة في ديترويت وثانية في سانت ياغو ، ولجنتين في استراليا واحدة في سدني وأخرى في ملبورن ، ولجنة في كندا وأكثر من لجنة في اوربا وعلى الأقل واحدة في السويد واخرى في الدنمارك وثالثة في النرويج ...
 وأقترح ان :
 تتكون اعضاء اللجان من اعضاء الهيئة المؤسسة للاتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلدان ومن منتسبي احزاب شعبنا  الكلداني في هذه الدول ومن منظمات المجتمع المدني الكلدانية ومن غرف التجارة الكلدانية ومن الشخصيات المستقلة التي تؤمن بمصلحة شعبها الكلداني ، نعم بهذه الطريقة نحتفظ بكرامتنا ونحافظ على استقلاليتنا بمأنى عن كل التأثيرات وعن محاولات كسر العظم التي نتعرض لها  ، وإنني مستعد للاتصال عن طريق الهاتف بكل الناس الطيبين الذين لهم رغبة في العمل الطوعي لخدمة شعبهم الكلداني والتنسيق معهم حول كل الأمور يما فيها تشكيل اللجان ، وإن الأمر يحتاج الى الرغبة والإرادة القوية للبدء مباشرة لوضع الآلية بأسرع وقت ممكن للتنفيذ والبداية بالحملة وهنالك من الكرماء بين ابناء شعبنا الكلداني ، لكن ينبغي الأتصال بهم ، وأن يكون المشروع عبارة عن مشروع جماعي من ناحية العاملين ومن ناحية المتبرعين .
 إن مشروع القرش الكلداني هو المفتاح الذي يسهل امامنا فتح الأبواب الموصدة ، فالتمويل هو من الضرورات التي لا بد منها ، وانا اعتبر ضرورة المال شر لا بد منه .
وتحياتي لكل من يضحي بشئ من وقته  لانجاز هذا المشروع ، وتحياتي القلبية لكل من يتبرع بدولار واحد في الشهر من اجل اعلاء راية شعبه الكلداني بما يناسب ومكانة هذا الشعب التاريخية في صنع حضارات بلاد ما بين النهرين المشرقة في الوطن العراقي .
حبيب تومي / اوسلو في 19 / 9 / 2009

318
الحوار الديمقراطي بين نينوى المتآخية وقائمة الحدباء ضرورة وطنية ملحة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo. no
 
من لأخطاء المميتة التي ارتكبت بعد نيسان 2003 كان تقسيم العراق على اساس طائفي ، ومنها كانت المحاصصة الطائفية التي مزقت اوصال المجتمع العراقي وجعلت من السني يفتك بجاره الشيعي ، والعربي ينتقم من جاره الكردي والمسلم يرهب ويغتال ويخطف ويفجر كنيسة جاره المسيحي ، وكانت النتيجة الحتمية ان يحاول كل فريق الحصول على اكبر قطعة من الكعكة له شخصياً ولحزبه الطائفي ولم يدخل في حسابه ما للمصلحة الوطنية العراقية اي اعتبار يذكر ، وهي تأتي في نهاية القائمة في تصنيف المهم والأهم .
واحدة من افرازات ذلك التقسيم هو تحول المدينة الواحدة او المنطقة الواحدة الى مناطق مقفولة لهذه الشريحة الطائفية او تلك إن كانت دينية او قومية او مذهبية .
كانت المناطق المختلطة إن كان دينياً او قومياً او مذهبياً من اشد المناطق التي طالها العنف المجتمعي وتحت شتى تسميات التقسيم ، والحكومة لم تفلح بأي شكل من الأشكال من بناء جسور الثقة بين هذه المكونات ، والسبب بسيط جداً لان التكوين الحكومي بل بناء الدولة العراقية اصبح مبنياً على اساس المحاصصة الطائفية والمجاملات والترضية ، ولهذا كانت كل الأجهزة الحكومية مخترقة ومظاهر الفساد المالي والأداري متفشية والحكومة لا تريد ان تفقد موقعاً من مواقعها فتبقى عاجزة لانها لا تريد ان تغضب هذا الطرف او ذاك مهما ارتكب من اخطاء .
 من جملة القضايا التي بقيت عالقة هو المناطق المتنازع عليها وهي المدن والبلدات التي يدخل في تكوينها التنوع القومي للعرب والأكراد بشكل رئيسي وياتي في مقدمتها مدينة كركوك ثم مدينة الموصل وما يحيط بها من اثنيات وقوميات وأديان .
عن موضوعنا في مدينة الموصل يلاحظ متابع المشهد من خارج المنطقة انها  قطيعة حقيقية بين القوتين المؤثرتين في المعادلة السياسية وهي قائمة الحدباء التي فازت بالأكثرية في الأنتخابات المحلية التي جرت نهاية كانون الثاني الماضي  ثم  قائمة نينوى المتآخية التي فازت بحوالي ثلث المقاعد ، إن هذا الواقع ينبغي اخذه بنظر الأعتبار دون إغفال التركيبة السكانية المتنوعة في القومية والدين والمذهب . فلا يمكن تهميش هذا الواقع وتجاوزه في حالة الرغبة الحقيقية لتأسيس ارضية مشتركة تراعي مصلحة الجميع في كل الميادين .
إن مدينة الموصل ومحافظة نينوى بشكل عام تعتبر من المناطق الساخنة في العراق ، وهي مرشحة في اية لحظة ان تتصاعد تلك السخونة وتؤدي الى اندلاع الحريق الذي يأتي على الأخضر واليابس . ومن المؤكد ان كل فريق يحاول بطريقته الخاصة ان يبرر موقفه لكن في كل الأحوال ينبغي ان يكون الحوار وتبادل وجهات النظر ومراعاة مصلحة كل الأطراف هي اللغة السائدة بين اقطاب المعادلة ، فهنالك نقطة الوسط الذهبية التي ينبغي التوجه نحوها بشئ من التضحية ونكران الذات .
إن مدينة الموصل جغرافياً متآخمة لواقع سكاني أقلوي ، وهذا الواقع كان سائداً عبر التاريخ وسيبقى قائماً في المستقبل فلا مناص من أيجاد اللغة المشتركة بغية التفاهم والتعايش . إن موصل تعتز بهويتها العربية ، كما ان الكردي يتعز بهويته الكردية وهكذا الكلداني والتركماني وغيرهم من المكونات ، لكن وضع مصلحة العراق الوطنية ينبغي ان تكون فوق كل الأعتبارات  .
كانت شعار قائمة الحدباء الوطنية يقول : نينوى سلة خبز العراق وسنعيدها كما كانت بإذن الله .
وأنا اسال هذه القائمة التي فازت في الأنتخابات .
كيف ستعيدون مجد هذه المحافظة في توفير الخبز للعراق ، إذا كان ابن هذه المحافظة لا يستطيع دخول مدينة الموصل وهي مركز محافظة نينوى ؟
إن ابناء الموصل من العرب ينبغي عليهم النظر على المكونات السكانية من الأقليات العرقية والدينية بعيون عراقية محضة وبموجب قوانين المواطنة من الدرجة الأولى وليس بمنظار الى ما يعرف بأهل الذمة لغير المسلمين .
 إنه عصر حقوق الأنسان بشكل عام ، بما تمليه قوانين ومواثيق ولوائح حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، ومن هذا المنطلق ينبغي ان تكون علاقة اهل الموصل وأحزابها السياسية مع المكونات العراقية التي تشاركها الجغرافية والتاريخ والسوسيولوجيا ، إن كانوا من الأكراد او التركمان او الكلدان او الآشوريين او الأرمن او اليزيدية او المسيحيين او الشبك او اي مكون آخر من الأطياف العراقية الجميلة التي تتكون منها مدينة الموصل ومحافظة بينوى بشكل عام .
 كيف  تكون محافظة نينوى سلة الخبز العراقية إذا كانت مقسمة ولا يستطيع اليزيدي الذهاب الى الموصل لمراجعة الطبيب ولا يستطيع الألقوشي والتلكيفي من صرف ما ينتجه من البرغل والحبية في علاوي الموصل ؟ وهكذا كل الشبكة الأقتصادية والأجتماعية والثقافية ينبغي ان تكون هذه المدن مفتوحة لكل المكونات .
لقد سمعنا تصريحات من بعض الأوساط الكردية في تشكيل محافظة موازية لمركز مدينة الموصل في المدن والقصبات التي فيها اكثرية كوردية ، إن هذه الطروحات وغيرها تأتي كردود فعل نتيجة التهميش وتجاوز الواقع الديمغرافي لمحافظة نينوى عموماً . فلا مناص من وضع مصلحة الوطن العراقي نصب اعيننا لكي نخرج بنتيجة وسطية تراعي مصلحة الجميع .
 ويشعر كل كيان وكل مكون بأن هذه أرضه وهي مشتركة بينه وبين ابناء وطنه العراقي من الأكراد والعرب والكلدان والسريان والأرمن والآشوريون واليزيدية والشبك ، هذا هو الواقع وينبغي على الكل النظر على هذا الواقع بشكل موضوعي لكي يعيش الجميع بوئام وتفاهم ، وبالرغم ان القوى الكردية تتحمل شئ من المسؤولية لكن هذه المسؤولية يتحملها بشكل حاسم ومؤثر قائمة الحدباء الوطنية التي تمسك بيدها الكثير من مفاتيح لحل كل المشاكل المتعلقة في مدينة الموصل وفي محافظة نينوى عموماً والتي يقطنها اطياف عراقية اصيلة .
ان بناء جسور الثقة بين الأطراف سيكون له مردود كبير على حل كل القضايا العالقة ، وانتشار الأمن والأستقرار في مدينة الموصل وشعور الأقليات ، لا سيما المسيحيين منهم بالأمان في هذه المدينة وسيكون هذا جزء من الحل وبعث الثقة المتبادلة بين الأطراف ، وإلا كيف نمد جسور الثقة إذا كان اي شخص من اقليات اطراف الموصل لا يستطيع دخولها  بقصد العلاج او الدراسة او الأتجار ؟
 حينما كنت في العراق وفي محافظة دهوك سألت واحداً من التجار من اين  يحصل على بضاعته ، فأخبرني انه يتاجر مع الموصل لكن تتم عملية المتاجرة عبر الهاتف فهو لا تخاطر بالخول الى هذه المدينة ، فهل هذه وسيلة لبعث الثقة ؟
إن مدينة الموصل ينبغي ان تكون مفتوحة امام جميع مكوناتها لكي تكون محافظة نينوى سلة خبز العراق بشكل واقعي وليس عبر الشعارت فحسب .
 حبيب تومي / اوسلو 16 / 09 / 2009

319
شهداء صوريا علامة مضيئة في النضال المشترك للشعبين الكوردي والكلداني  
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
((( ما حل بكل من دكان وصوريا يعيد الى الذهن الفظائع التي ارتكبها النازيون في الحرب العالمية الثانية . وستبقى هاتان القريتان الضحيتان خالدتين في ضمير الشعب الكوردي وستحتلان في جبين نضاله رصيعته الكبرى الى الأبد ))) .مسعود البارزاني  : "(البارزاني والحركة التحررية الكوردية ج3 ص215) "
 هذا ما سطره الأستاذ مسعود البارزاني ولكن لكي  تكتمل الصورة امامنا لا بد من العودة الى الماضي التاريخي ليكون لنا تصور عن مكانة الشعب الكلداني ومساهماته في التاريخ العراقي بشكل فعال والى
اليوم .
اجل ان شعبنا الكلداني قطن هذه الديار منذ سحيق الأزمنة وبنى وساهم ببناء حضارات راقية في وقت كانت البشرية غارقة في غياهب الجهل والظلام ، وبهذا الصدد  نقتبس شئ عما يكتبه وول ديوارنت في قصة الحضارة يقول :
 (( ما من احد ينظر الآن الى موقع مدينة بابل القديمة ويخطر بباله ان هذه البطاح الموحشة .. كانت من قبل موطن حضارة غنية كادت تكون هي الخالقة لعلم الفلك ، وكان لها فضل كبير في تقدم الطب ، وأنشأت علم اللغة ، واعدت اول كتب القانون الكبرى ، وعلمت اليونان مبادئ الحساب وعلم الطبيعة والفلسفة ، وأمدت اليهود بالأساطير القديمة التي اورثوها الى العالم ..  )) اجل هذا هو تاريخ شعبنا الكلداني منذ اقدم العصور .
المتتبع لمسيرة شعبنا الكلداني سيلاحظ محطات الزمن القاسي وتواتره على هذا الشعب ، فبعد ان اختار هذا القوم المسيحية ديناً لهم توالت عليهم الأضطهادات فقدم قوافل الشهداء ، ويمكن الأطلاع عليها بإسهاب في كتاب شهداء المشرق لأدي شير .
ولكن علينا متابعة هذه المحطات في الراهن وسنلاحظ ان المشهد يظهر مساهمة شعبنا الكلداني بدأب ومثابرة في المسيرة العراقية منذ انبثاق الدولة العراقية الحديثة ، فعلى النطاق السياسي ، ساهم شعبنا بالأنخراط في الأحزاب الموالية للحكومات ومنها الأحزاب المعارضة وأخرى سرية وممنوعة من العمل وكان لشخصيات كلدانية حضور واضح في هذه المسيرة منهم يوسف غنيمة الذي تسلم مراكز مرموقة في الدولة العراقية ، وفي الأحزاب السرية كان يوسف سلمان يوسف المعروف باسم فهد  وهو  من شعبنا الكلداني وهو مؤسس الحزب الشيوعي سنة 1934 م .
 لقد قدم الكلدانيون شهداء ابرار نتيجة مساهماتهم في مقاومة الحكومات المستبدة ، ولسنا في صدد ذكر القائمة الطويلة من قوافل الشهداء إن كان في النضال الداخلي او في الدفاع عن العراق .
ولعل مساهمة شعبنا في الثورة الكردية واحدة من محطات وقوفه الى جانب القوى الوطنية والقوميات العراقية للحصول على حقوقها وكانت الثورة الكردية تقدر تضحية شعبنا الكلـــداني ونحن نتذكر الكاهــن الكلــــداني بولص بيداري الذي كان يمثل مسيحيي كوردستان في مجلس قيادة الثورة الكوردستاني .
 لكن ينبغي الأقرار بصراحة : بأن شعبنا الكلداني اليوم يشعر بغبن لعدم تمثيله وقواه القومية الكلدانية وبشكل صريح في حكومة اقليم كوردستان ، وينبغي على القيادة الكردية ان تذكر نضال الشعب الكلداني ومساهمته في الثورة الكوردية ولعل قرية صوريا كانت واحدة من اشكال التضحية الكبيرة في مسيرة الثورة الكردية إذ يقول الأستاذ مسعود البارزاني بنفس المصدر السابق ص216 :
( يوم 15 ايلول 1969 انفجر لغم تحت سيارة عسكرية بالقرب من قرية صوريا ..
 في اليوم التالي تقدم فوج نحو القرية ولم يكن لاهاليها العزل البسطاء فكرة او صلة بعيدة او قريبة باللغم ولم يبدر منهم اي عمل ضد النظام . كما لم تكن لديهم اي فكرة عما سيحل بهم حتى ان مختار القرية الذي يدعى مروكي خرج هو وكاهن القرية لاستقبال الجيش ليواجها رشقة من من الرصاص قضت عليهما . ويضيف البارزاني :
دخلت فصيلة من الجيش بقيادة الملازم الأول عبد الكريم الجحيشي وفتكوا بتسعة وثلاثين من اهل القرية بينهم عشورن من النساء والأطفال وبعدد مماثل من الجرحى ).
  بمتابعتنا لمسيرة شعبنا الكلداني ستصادفنا صروف الزمن القاسي الذي احاط  به بعد نيسان 2003 فالتاريخ يعيد نفسه ففي القرن الرابع عشر الميلادي إذ كانت الهجمة على ابناء شعبنا في مدن العراق على يد قوات تيمورلنك الغازية ، ووجد شعبنا في ذرى جبال كوردستان المعاقل الحامية لوجوده ، فاليوم يتعرض شعبنا الكلداني الى هجمات ارهابية من قتل وخطف وابتزاز وتشريد .. وهكذا لم يبق امام شعبنا الكلداني وكل المسيحيين سوى ترك بيوتم وحلالهم والهجرة الى البلدان التي تحترم كرامة الأنسان والى كوردستان التي رحبت بالأقليات الدينية التي طالتها عمليات العنف الدموي .
لقد قدم شعبنا قافلة طويلة من الشهداء على ارض العراق في هذه السنين بعد 2003 وليس هذا فحسب بل طال شعبنا الكلداني التهميش السياسي على الساحة السياسية العراقية وهنالك محاولات غير بريئة بألغائه من الخارطة القومية العراقية ، ولقد كانت البداية في اقليم كوردستان مع الأسف حيث الغي اسم القومية الكلدانية من الدستور الكردستاني وهذا مخالف لما ورد في الدستور العراقي الأتحادي ، ونحن بهذه المناسبة نناشد القيادة الكردية ان تضع نصب اعينها مصلحة الشعب الكلداني القومية والسياسية وان تكافئة بما يستحقه ومكانته النضالية إن كان على نطاق الساحة السياسية العراقية او على نطاق اقليم كوردستان الذي ينتهج منهجاً واضحاً في تطبيق الديمقراطية ومبادئ حقوق الأنسان وحقوق الأقليات وفي مقدمتها ينبغي إنصاف شعبنا الكلداني بما يستحقه ومقدار تضحياته الجسيمة .
المجلد والخلود لشهداء مجزرة صوريا ولكل شهداء الوطن العراقي .
 حبيب تومي / اوسلو في 13 / 09 / 2009

320
بيان من الإتحاد العالمي للكتاب و الأدباء الكلدان في الذكرى الأربعين لمذبحة قرية صوريا الكلدانية

تطل علينا هذه الأيام الذكرى الأربعون للمجزرة البشعـة التي اُرتكبت بحق أبناء شعبنا الكلداني في قرية صوريا بتايخ 16 / 9 / 1969 م  والتي أودَت بحـياة العـشرات مِن الأطـفـال والـنـساء والشيـوخ والشبـاب الأبـرياء دون ذنب أقـترفـوه أو جُـرم ٍ ارتكـبـوه .
تـُعَـدُّ مذبحة صوريا إحـدى أبشع الجـرائـم التي ارتـكـبـها النـظـام البعـثي الـديكـتاتـوري المقبـور، وستـظـلُّ وصـمة َعـار ٍ وشَـنار في سجـلِّ تاريخـه السيءِ الصّيـت . فهؤلاء الأبرياء من ابناء شعبنا الكلداني الذين غدر بهم النظام لم يشهروا السلاح بوجهه ، بل كانوا  يزاولون حياتهم الأعتيادية حينما داهمتهم القوات العسكرية حيث جمعوا اهل القرية الأبرياء في بستان ، ووقعوا بهم تنكيلاً وتقتيلا . لقد كانت تلك المأساة التي اهتزت لها كوردستان من اقصاها الى أدناها وتناولتها الصحف ووسائل الأعلام الخارجية في وقتها على انها مجزرة جماعية ترتكب بحق الناس العزل الأبرياء .
كان انفجار لغم أرضي بالقرب من صوريا تحت أحدى السيارات التابعة للجيش العراقي المتوجهة نحو معسكر بالقرب من فيشخابور هو السبب في تلك المجزرة ، فماذا كان ذنب هؤلاء الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ لترتكب تلك المجزرة بحقهم ؟ أجل ان شعبنا الكلداني قد قدم على ارض العراق قوافل من الشهداء في تاريخ العراق الحديث إن كان بالدفاع عن حياض الوطن العراقي او بمقاومة الأنظمة الرجعية والدكتاتورية او بانخراط  ابنائه في صفوف الثورة الكردية . وكان شهداء صوريا في 16 /9 / 1969 هم كوكبة ساطعة في تاريخ  شعبنا الكلداني على تربة وطنه العراقي .
فقرية صوريا الشهيدة ، بآلام أبنائـها ومُـعـاناتـِهم لا زالـت ارضُها الطاهرة المعطرة بـدماء شهـدائـها الـزكـية شاهـدة ً على تلك الفِـعـلـة الإجـرامية ، غـَيـرَ قـادرةٍ على النسيان ، ولكـنَّـها وبالـرغـم مِن عُـمـق جُـرح شعـبـها ، فإن آمـالـه لـم تـنقـطـع باتـجاه الـوصول نحو غدٍ مُشرق ٍ يليـق بمكانـته وعراقــة جـذوره.
إنها جـُرحُ ضميـر ٍ يـنـزفُ وارض ٍ تَـئـنُّ و سماءٍ تـَصرخ ُ .
وإن كانـت هذه المجزرة مَنسيـَّـة ً لسنيـن ، لا ذِكـرى لـها ولا عِـنـوان ، فإنَّ أصـداءَ أصـوات أبـناءِ أمـة الكـلـدان سـتـَرنُّ في كُـلِّ مـكان ، مُـعـلـنـة ً بأنَّ الدماء الزكية في جوف الارض لـن تـَغـشاها العـتمة بعـد الآن ولـن يـَـنال مِـنها النسيان ، وإنَّ قصص شهداءِ الشعـب الكـلـداني في ارض النهـرين ستـبقى شاهـداً على عراقـة هذا الشعب و حـبـِّه لأرضـِه ، و يستـمـِرُّ نضالـُه  من أجل الحـريـة و العيش الكريم ، و ستــُنـمـّي الثرى بـذور الذكرى في روح كل كلدانيٍ غـيـور يـنـبـض قـلبه بالحب للوطن و الوفاء لشعـبه .
و بالرغم مما عاناه الشعب الكلداني الأصيل و المسالم في وطـنه وأرض أجـداده من تهميش و قـتـل و تهجـير خلال العهـود السابـقة وحتـى العـهـد الراهـن  اليوم ، و بالرغم من بـزوغ فجـر جـديـد على عراقـنا الحبيب ، لا تزال هناك بعض الجهات المشبعة بالحقـد و الكراهية ، و التي تسيـطـر عليها الأفـكار الشوفـيـنـية ، تعـمل جاهـدة ً و بكل امكانـياتها على تشويه تاريـخ هذا الشعـب العريـق والغاء وجـوده في وثائـق الـدولة الرسمية بهـدف السيـطـرة على مقـدرات ابـنائه ، دون رادع ٍ أخـلاقي و دون وضـع أي إعـتبار للجانـب الإنساني و الديني والتاريخي .
لنجعل من هذه الذكرى مَعلَـماً في مسيرة تاريخـنا الكلداني العريق و عـبرة ً مُـلـهِـمة لـنـواصـل نضالـَنا لـتَـحـقـيـق تـَطــَلـُّعاتـنا وآمالنا المستـقـبلـية في غـدٍ مشرف لنا و لأجـيالـنا الـقادمة ، ولـنـرى فـيـها حـافـزاً يجمعنا معاً في نضالنا السلمي و الحضاري من أجـل نيـل كافة حقوقـنا القـومية والـوطـنيـة المشروعة في وطـنـنا التي كانت أرضـه مَـثـوى آبائنا و أجدادنا.
لـتـنعم ارواحُ شهداءِ صوريا وكُـلِّ شهداءِ امتـنا الكـلدانـية بالنعـيم في ملكـوت السماء ، بـرفـقـة ِ الملائكة و القديسين ، وسيـبـقى شهداؤنا خالديـن في ضمائر أبناء الأمة أبـد الدهر.

International Union of Chaldean Writers IUCW  

الهيئة التنفيذية
الإتحاد العالمي للكتاب و الأدباء الكـلـدان
في 12 / 9 / 2009      

321
بعض مواقع شعبنا الألكترونية وسياسة تكميم الأفواه المعارضة  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الرقابة على ما ينشر تقليد جرى تداوله في العراق في مختلف العقود التي نتذكرها وربما كان هذا التقليد متوارث من العهد العثماني حيث اتسمت هذه الأمبراطورية بتفخيم وتمجيد اصحاب السلطة والجاه والمال ، فكانت الألقاب الباشا ، البيك ، الفخامة ، السعادة ، الجلالة .. الخ وكان المس بهؤلاء يعتبر من المحرمات وتؤدي بصاحبها الى التهلكة والمنافي .
ومن جميل ما كتب بهذا الخصوص ما سطره الدكتور علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية من تاريخ العراق ، يقول :
 أن مراسلاً فرنسياً وجد مقالاته كثيراً ما تمزق من قبل الرقابة ، فذهب الى رفعت بك مدير الرقابه يسأله عن الحدود التي يستطيع ان يكتب دون ان تمزق مقالاته ، فأجابه الرقيب قائلاً :
تستطيع ان تكتب عن اي شئ .
 ووسط دهشة واستغراب المراسل الفرنسي أضاف الرقيب قائلاً :
تستطيع ان تكتب عن اي شئ ماعدا الحكام والحكومات الأجنبية والفوضوية والأشتراكية والثورة والأضطرابات والفوضى والحرية وحقوق الشعب والسياسة الخارجية والسياسة الداخلية والدين والكنائس والمساجد والأنبياء والإلحاد والتفكير الحر والسلطات والأنوثة والحريم والوطن والأمة والقومية والعالمية والجمهورية والنواب والدستور والمؤامرات والقنابل ومدحت باشا وكمال بك والسلطان مراد ومكدونية وأرمينية والأصلاحات والجراد وشهر اغسطس وبعض المواضيع الأخرى المتصلة الى حد ما بهذه المواضيع .
 وهنا انتفض المراسل الفرنسي متسائلاً : سبحان الله فماذا بقي ؟
فأجابه رفعت بك مدير الرقابة قائلاً :
ماذا بقي ؟ كل شئ : المطر الطقس الحسن على ان لا تذكر المطر في شهر  أغسطس ،  او ضوء القمر . وتستطيع ان تتكلم عن الكلاب في الشوارع على ان لا تطلب إبادتها وتستطيع ان تكتب عن السلطات ما دمت لا تشير الى الفساد . بالأختصار لك الحرية التامة الكاملة في التكلم بما يروق لك .
نحن في القرن الواحد والعشرين وفي عصر الأنترنيت والموبايل والفضائيات ، فما هي القدرات التي يمكنها ان تحد من حرية الفرد في التعبير عن رأيه ؟
في الأنظمة الشمولية وهي انظمة تعتمد على الحزب الواحد او الحزب القائد ، والحقيقة محصورة فيما تطلقه ابواق النظام الأعلامية ولا وطنية إلا الموالاة لهذا النظام ، فلا سؤال ولا مساءلة ولا محاسبة تطالهم ، وكل من يجرؤ على الأخلال بهذا النظام مصيره معروف في غياهب السجون في احسن الأحوال وفي غيرها هنالك الأعدامات او رميه في احواض تحتوي على حوامض تذيب جسده وتلغيه من الوجود .
لكن نعود الى احزابنا والى قنواتها الأعلامية ، فالذي تتمكنه هذه القنوات هو اضعف الأيمان وهو ان تعلّب الحقيقة حسب مفهومها ووفق مقتضيات مصالحها ثم اسكات الأصوات المعارضة وتكميم افواهها ، إما بالترغيب وإلا فالمقاطعة . . ويبدو ان إعلام احزابنا الاشورية متناغم مع هذا السياق بشكل كبير مع الأسف ، لانهم ببساطة لا يصغون الى المختلفين معهم .
والمبررات لهذه المقاطعة كثيرة منها تمزيق اوصال الأمة ، وأخرى انها افكار انفصالية وثالثة انها تصل الى تخوم اتهامهم بخيانة الأومثا ، لأنهم يتجاوزون على مقدساتها ، فالكتاب الذين لهم نزعة قومية كلدانية متهمون بتمزيق الأمة ، وخيانتها ، كيف وهم يتجاوزون على المبادئ ويخونون الأمة بوضع الواوات الأنفصالية بين مكونات هذا الشعب ، فهم بوضعهم هذه الواوات لا يختلفون عن اي عدو لدود .  
هكذا تعاني هذه الأحزاب ( الآشورية ) ومواقعها الألكترونية وفضائياتها ( عشتار وآشور )  تعاني  من نقص فادح في ثقافة الحوار وقبول الرأي الآخر والتسامح معه ، وقد سادت لسنوات طويلة ثقافة الإقصاء والإلغاء والعزل،  التي تحولت إلى صوت واحد ورأي واحد، لا تقبل الجدل والحوار أحيانا، ناهيكم من الاختلاف والرأي الآخر،  فالاختلاف والتنوع من طبيعة الأشياء، ولا يوجد مجتمع دون اختلاف أو معارضة . هذا هو حال إعلامنا الموجه ، في حين يدعي انه يؤمن بالحرية وبالرأي الاخر .
((احيط علماً القارئ الكريم ان رأيي هذا هو منوط بتجربتي الشخصية مع هذه المواقع )) .
 لكي لا نذهب بعيداً سنبقى في دائرة المواقع التابعة لشعبنا والتي نعتبرها منابر  نرفع من خلالها اصواتنا  وندون فيها أفكارنا لكي ترى النور عبر منابرها ولنعرض فيها همومنا وتطلعاتنا ..
 ومن خلالها ايضاً نفكر بصوت عال لكي يسمعنا العالم ، ومن الطبيعي ان ما نكتبه بشؤون شعبنا وهمومه لا يمكن ان تسترعي انتباه الآخر لانها لا تدخل في دائرة همومه ، فحينما اكتب عن القوش او عنكاوا او مانكيش او كرملش .. فإن ابن دبي او وهران او مسقط او نواديبو او بورسعيد او مقاديشو .. لا يهتم بما ينشر عن هذه البلدات ، وهكذا فنحن نكتب للقراء من ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، وهم بدورهم يفتحون مواقعنا للاطلاع على ما يجري في هذه الرقعة الجغرافية ، فإن كانت مواقعنا لا تنشر لنا فأين نذهب نحن الكتاب ؟
 إن ما نكتبه من آراء وتحاليل ونقد ومدح .. في مواقعنا هو لكي يقرأ من قبل ابناء شعبنا ولا نطمح ان ينال اهتمام قراء كثيرين خارج دائرة شعبنا من الكلدان والسريان وألاشوريين .
إذا استثنينا موقع عنكاوا والذي ليس بحاجة لكيل الأطراء والمديح ، وبعض المواقع القليلة الأخرى لشعبنا منها موقع نركال كيت وموقع باقوفا وكرملش لك وكرملش يمي وكلدايا نت وباطنايا نت ، والتي تتميز بموضوعية وحيادية واضحة ، فهنالك الكثير من المواقع تسلك بما يمكن ان نقول عنه تفرقة عنصرية لقوم معين ، والسبب يعود الى تبني تلك المواقع خطاب إقصائي لكل ما لا ينسجم وطروحاتهم السياسية والأديولوجية  .
وكما قلت وجهة نظري منطلقة من تجربتي الشخصية مع هذه المواقع فهنالك مواقع حزبية لها اجندتها ، المواقع الآشورية والمواقع التي تسير في ركبها او تخشى سطوتها تسلك نفس السلوك لا اقول مع كتابنا ولكن اقول معي ، وبهذا السياق يسير موقع زهريرا الآشوري وهو كمثال غير حصري ينشرون للكتاب العراقيين والكتاب الآشوريين والكتاب الكلدان الذين يفتخرون بكتاباتهم بالنيل وتبخيس القومية الكلدانية .
اما من يفتخرون بقوميتهم كبقية البشر الذين يحق لهم الأعتزاز والأفتخار بقوميتهم فليس لهم مكان في تلك المواقع ، وفيها نوع من التفرقة العنصرية ولماذا اقول التفرقة العنصرية لان التفرقة تكون بتشخيص اسم الكاتب وليس ما يكتبه ، فلأن اسمه حبيب تومي ويفتخر بانتمائه الكلداني فيمنع نشر ما يكتبه حتى لو كانت صلوات للسيد المسيح .
 وموقع عشتار تي في كنا نتأمل ان يكون له مساحة من الحرية ، فتبين انه يفتقر الى النفس الذي كنا نتأمله فيه  ـ خاصة في الآونة الأخيرة ـ  بعد تحول المجلس الشعبي الى حزب سياسي لايقبل اي شكل من اشكال النقد . ولم يعد فيه مساحة  لنشر مقالات حبيب تومي ، وهو الأن يسير بخط اي حزب آشوري يحمل افكار قومية اديولوجية ، فسيّس القومية ، وأدخلها في النفق الضيق المتزمت .
مواقع كلدانية ايضاً تفلتر ما يكتبه الكتاب الكلدان ، لكي لا يزعل هذا الحزب او تلك الحركة . بل ان بعضها لا يقبل بكتاباتنا استجابة لخط المقاطعة من قبل حزب الحركة الديمقراطية الآشورية وكمثال غير حصري على ذلك موقع القوش نت  .
سياسة تكميم الأفواه
إنه امر يؤسف له ان يدعي الجميع اننا شعب واحد لكن يسعون الى إخماد انفاسنا نحن الكتاب الكلدان باعتبارنا نحمل بيدنا معول للهدم ولنا فوق ذلك افكار هدامة كما كان يقول نوري السعيد رحمة الله عن الأفكار الشيوعية . ان هذه الأحزاب ومواقعها قد فقدت المصداقية وفقدت معها الأخلاقية في تعاملها مع كتاب شعبنا على اختلاف آرائهم وانتماءاتهم . فهؤلاء ليسوا حاملي الأفكار الهدامة انما هؤلاء هم ابناء شعبنا يحملون فكر مستقل ولا يحملون معاول تهديم .
إن إسكات الآخر هي من مخترعات الأنظمة والأحزاب الشمولية الأديولوجية فالى اي طرف تنتمون انتم إن كنتم احزاب شمولية فالف مبروك لكم ، وإن كنتم احزاب ديمقراطية وتمثلون الشعب ـ وسؤالي هذا هو لحزب الزوعا والمجلس الشعبي ـ إن كنتم حقاً ديمقراطيين فينبغي ان تعاملون الجميع بمفاهيم الحرية ، للموالين لكم ولمعارضيكم ، هذه اسمها الديمقراطية ، وليست الديمقراطية في تكميم الآخر وإسكات صوته ، هذه بالعربي الفصيح دكتاوتورية ايها السادة التي تعمل على قمع المفكرين والكتاب فالى اي معسكر تنتمون ؟
 سؤال مطلوب منكم ان تجاوبون عليه ان كنتم تتجرأون على الأجابة .
نحن شعب واحد حتى رفعتم الواوات بين تسميات شعبنا وهكذا تذيعون في اخباركم وبياناتكم فهل ينبيغي للشعب الواحد ان يكون جميعهم موالين لاحزابكم ؟ ومن يعارضكم هم خونة انفصاليين وتقطعون المساعدات عن احزابهم وتسكتون كتابهم أهكذا تكون الديمقراطية ايها السادة ؟
 تحياتي لكل مواقعنا وارجو ان ينفتحوا للكتاب الكلدان مساحة من الحرية إنهم ابناء هذا الشعب المسكين ، صحيح ان الكلدان ليس لهم حصة من الكعكة فعلى الأقل اسمحوا لهم ان يعبروا عن رأيهم بالمقالات ، والكعكة برمتها هنيئاً مريئاً لكم .
 حبيب تومي / اوسلو في 9 / 9 / 2009

322
اين الحكمة في وضع الأكراد في دائرة الأعداء وهم اصدقاء لشعبنا ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
إن ما ينشر على بعض المواقع ، وبعض ما يصلني عبر التعليقات او الرسائل الألكترونية ، فيها العتب الكبير،  بل فيها كيل التهم ، لما اقترفه من اثم او عمالة ، حينما امد يد الصداقة والأخوة مع الشعب الكوردي ، وسرعان ما يسرد لي احدهم شئ من التاريخ او عما سمعه ، ليذكّرني بالماضي الأليم ووطأة احداثه في مجمل العلاقة بين قسم من شعبنا وبين الأكراد فيما مضى .
إذا اردنا بشئ من التفصيل بالتمييز بين مكونات شعبنا بشأن علاقاتهم مع الأكراد ، فسنلاحظ  عدم وجود تبعات تاريخية  او محطات تعمل على تعكير تلك العلاقة بين شعبنا الكلداني والأكراد ، فسهل نينوى بمجمل قراه وبلداته الكلدانيــــــة كانت تربطهم علاقات تجارية واجتماعية مع الأكراد ، ولعل القوش هي خير مثال لهذه العلاقة ، وإن كانت تحدث مسائل او مشاكل فردية فلم يكن لها تأثير على مجرى العلاقات العامة الطيبة التي كانت تتسم بحسن الجوار وتبادل المصالح ، ولقد تعززت تلك العلاقات بعد الثورة الكوردية التي انطلقت في ايلول عام 1961 تحت قيادة القائــد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني .
في الوقت الحاضر يشعر الكلدانيون بنوع من الأسف لعدم إنصاف شعبنا الكلداني بما يستحقه في وضع اسم قوميته الكلدانية في دستور كردستان ، وإن الشعب الكلداني سيعمل بالطرق الأصولية والقانونية لاسترجاع هذا الحق وكما هو مذكور في دستور الدولة العراقية الأتحادية .
شريحة اخرى من شعبنا وهم الآشوريون ( او بالأحرى قسم من هذه الشريحة )  لهم رأي آخر ، فهم يعودون الى التاريخ لاذكاء عقدة تاريخية ، جرت احداثها في حقبة من الزمن الماضي  ، وللوقوف على مجرياتها بشكل صحيح بعيداً عن العاطفة لا بد من العودة الى جذورها الجيوسياسية التي كانت سائدة عبر حوالي قرنين من الزمن .
بالعودة الى اصل هذه القبائل هنالك نظريات كثيرة تبحث عن اصل المسيحيين النساطرة في جبال حكاري وتسميتهم في مطاوي الحرب العالمية الأولى بالآثوريين من من قبل رئيس بعثة اساقفة كنتربري عام 1886م .
 الدراسة التي اطلقها الباحث الدكتور غرانت في اصل النساطرة حيث عاش بينهم حوالي ست سنوات وكان على اتصال بمار شمعون الذي كان مقره في قوجانوس التابعة لقضاء جولامرك ، وقد اعتبر هذا الباحث ان اصل هذا القوم هم من اليهود من الأسباط العشرة التي اعتبرت في حكم الأسباط المفقودة والتي اسرها الأشوريون ، اي ان وجود هذا القوم في تلك الأراضي يعود الى عصور ما قبل الميلاد ، والأثوريون لا يقبلون بتفسير الدكتور كرانت ، وهنالك من يقول انهم من المسيحيين الكلدان الذين هاجروا الى تلك الأصقاع كنتيجة للغزو المغولي  في اواخر القرن الرابع عشر . المهم في مقالنا هذا انهم كانوا متوطنين في تلك المناطق منذ ازمان قديمة .
وما نريد استخلاصه ان هذا القوم ظلوا يعيشون مع جيرانهم من الأكراد عبر قرون طويلة من الزمن ، ولم يكن ثمة مشاكل جدية تذكر طيلة تلك القرون . برأيي المتواضع ان تلك المشاكل بدأت مع تناكف البعثات التبشيرية والعمل على استمالتهم لهذه الكنيسة او تلك هذا اولاً ، وثانياً كان استغلالهم بدواعي دينية من اجل اهداف سياسية وعسكرية من قبل القوى الكبرى الفاعلة على ساحة الدولة العثمانية والتي وصفت بالرجل المريض .
كان هذا القوم قبل البعثات التبشيرية راضياً بواقعه منظماً لعلاقاته مع جيرانه الأكراد ومع الدولة العثمانية وفق قوانين الدولة السائدة مع الأقليات ،  لكن البعثات التبشيرية نظرت الى القوم بمنظار آخر حيث يقول ويكرام في مهد البشرية :
 وقد وجدت البعثة ان الشعب جاهل جهلاً مطبقاً وحتى الأساقفة لا يحسنون القراءة والكتابة ، فهم أعرف بأقسام البندقية من معرفتهم بفلسفة الدين ...
 هكذا اصبح هذا القوم في مطاوي الحرب العالمية الأولى من ضحايا الحرب ومن الأوراق التي كان كل جانب يحاول استخدامها ويلعب بها وفق مصالحه ، المهم كباقي الحروب يكون لها نتائج محفوفة بالمآسي الأنسانية ، وكان نصيب هذا القوم تهجيرهم من اراضيهم ، وبعد نهاية الحرب فشلت الجهود الرامية الى إعادتهم الى مناطقهم التاريخية ، وقسماً منهم يلقون باللائمة على الأكراد فيما حصل لهم .
أقول :
 إن الحروب هي محطات المآسي في تاريخ البشرية وينبغي علينا ان لا نعيش في الماضي ونترك الحاضر والمستقبل ، فالأنسان ليس ابن ماضيه ، اما حاضره فهو لحظة طارئة ، ولهذا ينبغي النظر الى المستقبل والى الأمام ، من هذا المنطلق نرى الدول الأوروبية التي خاضت اشرس الحروب فيما بينها نشاهدها اليوم قد شكلت الأتحاد الأوروبي المبني على التفاهم من اوسع ابوابه .
 وفي هذا السياق ايضاً طالعتنا وكالات الأنباء في الأيام القليلة الماضية بقرار تركيا وأرمينيا بوضع حد لخلافاتهما المستمرة منذ قرن من الزمن واتفقتا ، وسط ترحيب دولي ، على تبادل العلاقات الدبوماسية  وفتح الحدود بينهما ، وأعلن ذلك عبر بيان مشترك من قبل وزراة الخارجية لكل من تركيا وأرمينيا لوضع حد لحقبة تاريخية مليئة بالمآسي كما هو معروف عن إبادة الأرمن في عهد الدولة العثمانية .
بقي ان نقول :
ان اقليم كورستان يعتبر اليوم من مناطق التعايش المشترك المثالي للمكونات العراقية ، وينعم هذا الأقليم بمظاهر ونعم الأمن والأستقرار ، كما ان الوجه العلماني للحكم في الأقليم ، وما افرزته النتائج الأنتخابية الأخيرة لبرلمان اقليم كوردستان حيث ساد الطابع التنافس السياسي البحت بعيداً عن الأصطفافات الدينية والعرقية والطائفية .
ونأتي الى المهم حيث كان التعامل مع المسيحيين بشكل عام إن كانوا من الآشوريين او الكلدان او السريان او الأرمن بمنطلق انساني وبمعايير ديمقراطية لا لبس فيها ، وحتى التعامل المجتمعي في اقليم كوردستان يبدو اكثر تسامحاً وانفتاحاً على الآخر إن كان من دين آخر أو من قومية أخرى .
 هذا هو الواقع ، وفي الحقيقة ان التعامل مع شعبنا إن كان من قبل الحكومة او من قبل الشعب كان يسير في هذا السياق لا سيما وقد تعرض شعبنا في مدن العراق للعمليات الأرهابية والى الخطف والتهجير ، وقدم الى اقليم كوردستان ليعيش كمواطن من الدرجة الأولى ، ولا اقول اكثر من ذلك  .
 إن الشعب الكوردي شعب صديق ونحن من مصلحة شعبنا توطيد اواصر الصداقة هذه فأتساءل لمصلحة من تثار  حملات التشكيك بهذا الشعب وهذه الحكومة ؟
 إن شعبنا يحتاج الى تجسير اواصر الصداقة والمحبة مع كل مكونات الشعب العراقي وفي مقدمتهم يأتي الشعب الكوردي ، وليس من الحكمة ان نعيش في العقلية الماضوية الى ما لا نهاية وننسى المستقبل .
إن الحكمة والعقلانية كما قلت تقتضي تمتين الروابط الأجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وتمتين اواصر العلاقات الأخوية مع كل مكونات الشعب العراقي وفي مقدمتهم الشعب الكوردي الصديق الحميم لشعبنا من الكلدان والسريان والأشوريين والأرمن .
حبيب تومي / اوسلو في 5 / 9 /2009
 

323
نحن الكلدانيون علينا مراجعة النفس قبل رشق الآخرين بحجارة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
لكل حصان كبوة ، لكن هذه الكبوة لا تشكل نهاية المشوار ، فالمضمار لا زال مزدحما بالمتسابقين والساحة مفتوحة للجميع ، هكذا هي الحياة ، والحياة السياسية هي كذلك ايضاً فيها ربح وفيها خسارة ، والعملية الأنتخابية التي اشتدت المنافسة فيها للحصول على المقاعد الخمسة في البرلمان الكوردستاني كانت واحدة من تلك السباقات ، والتي ستستمر في مناسبات اخرى وستبقى الساحة مفتوحة للمتسابقين ، والفوز في كل مرة سيكون من نصيب المثابرين والمجدين .
 اعتدت ان اكون صريحاً مع نفسي ومع غيري ، وهذه الصراحة في احيان كثيرة تجلب لي المتاعب وتخسّرني اعز الأصدقاء ، لكن قناعتي هي ان استمر في هذا الطريق الشائك ، ولا اعير اهتماماً للنتائج ، وسأبقى ما بقي من العمر على هذا النهج .
لقد عملت الأحزاب الآشورية ما بوسعها للحصول على المقاعد الخمسة في البرلمان الكوردستاني  ، وكانت قاعدتها ـ في الغالب ـ تتكون من الناخب الكلداني ، وتمكنت هذه الأحزاب من كسب الصوت الكلداني الى جانبها ، فيما اخفقت احزابنا الكلدانية في الحصول على الصوت الكلداني الذي ينبغي ان يكون روتينياً الى جانبها ، وأنا اتفق ان الأحزاب الآشورية كانت تسلك عدة طرق منها طرق غير اخلاقية للاستئثار بالصوت الكلداني وهي تروج ـ الأحزاب الآشورية ـ ان  الناخب الكلداني اعطى صوته للاحزاب الآشورية لأيمانه بأن هذه الأحزاب تؤمن بالوحدة ولهذا منحها صوته .
هذه فرضية ساذجة لا ترتقي الى الحجة المقنعة ، فلا يوجد آشوري واحد سواء آمن بالوحدة ام لا يؤمن بها قد اعطى صوته لحزب كلداني وربما يعطي الآشوري صوته للشيوعي او للبعثي او للبارتي لكن ان يعطيه لحزب كلداني فهذا لا يمكن ان يحدث ، وهذه قناعي الشخصية .
نحن مع الرأي القائل بأن الأمكانات الأعلامية والمادية والسلطوية كانت بجانب الأحزاب الآشورية ، لكن نسأل : هل استنفذت احزابنا الكلدانية كل إمكانياتها المتاحة ؟ حينما استطاعت ان تحصل على 1700 صوت فحسب ؟ فأنا شخصياً أبدي شكوكي ، وأعتقد ان احزابنا لم تستثمر كل إمكانياتها ، ولم تنهض بكل ما كان يجب ان تنهض به . وكانت النتيجة الأخفاق .
 قناعتي الشخصية هي ان الناخب لا يأتي اليك ليمنحك صوته بل يجب عليك ان تذهب اليه وتسأله ان يمنحك صوته الثمين ، على الحزب وقيادة الحزب إن كان كلداني او غير كلداني ان ينزل الى الجماهير ويخاطبها مباشرة ليكسب ودها ، إن شعبنا قد مل من الشعارات الرنانة ، وإن لم يكن لاحزابنا تلك الأمكانيات المتوفرة للاحزاب الآشورية كان ينبغي ان تكون حركة الأحزاب الكلدانيــــــة اكثر نشاطاً  في الساحة السياسية والأجتماعية لشعبنا لتعويض النقص المادي والأعلامي الذين يعانون منه .
في هذا الصدد احب ان اسرد للقارئ الكريم هذه الحالة التي صادفتني :
 في مطاوي التسعينات من القرن الماضي كتبت مسرحية تحت عنوان "الخمار " اخرجها المخرج المبدع هيثم ابونا ، وبعد عرضها في بغداد انتقلنا لعرضها في بعض بلداتنا الكلدانيــــــــة ومن جملتها اتفقنا ان نعرضها في باطنايا ، لم يسبق اي اعلان لعرضها في هذه البلدة  ، والأمر كان فجائياً بحتاً وفي نفس اليوم ، وقد اتفقنا ان نعرضها في باحة الكنيسة .
 الذي فعلناه هو قيامي انا كاتب المسرحية ومنتجها مع الأخ المخرج ، نتجول في ازقة بلدة باطنايا ونحن لا نعرف احداً في هذه البلدة ، وكلما نصادف نساء او رجال في تجوالنا نسلم عليهم ونخبرهم بوجود عرض لمسرحية " الخمار " في ساحة الكنيسة مساءً ، ونشرح لهم الخطوط العامة للمسرحية ، وهكذا كان عرض المسرحية بعد ساعات حيث اكتضت ساحة الكنيسة والممرات وحتى السطح كان هنالك من الواقفين ، إنها جهود متواضعة لكنها مع الناس المعنيين الذين نريد وجودهم ، واكتسبنا اصدقاء هناك ، واخبرونا انه اكبر تجمع يجري دون ان يكون هنالك تحضيرات مسبقة .
 هكذا إن اردنا ان نخطب ود الناخب ينبغي ان نذهب اليه ، ولا ننتظر ان يأتي الينا .
نعم انا مع الأخوة الذين يقولون ان هنالك معوقات خلقها الأخوة في الأحزاب الآشورية لكن هذا لا يمنع ان نتحرك ونخاطب الناس في بيوتهم او في الأسواق او في المحلات العامة والخاصة .
نحن نتحمل مقدار من التقصير وينبغي الا نرمي كل الأسباب على الآخر ونرشقه بالحجارة وننزه أنفسنا ونحاول ان نخرج انفسنا من دائرة تحمل المسؤولية .
 إذا بقينا بعقلية الجلوس في البرج العاجي ونطلب من الناخب ان يأتي الينا ليعطبنا صوته سوف تصيبنا اخفاقات اخرى في المستقبل . فينبغي النظر في المرآة لنرى ماذا ينقصنا ؟
 إن الأنتخابات المهمة قادمة ، ولابد لاحزابنا الكلدانية والهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية ان يتحركوا جميعاً بدراسة الواقع بشكل موضوعي بعيداً عن المصالح الأنانية لكي نخرج بنتيجة مشرفة تليق بشعبنا الكلداني وبأحزابنا الكلدانية التي ينبغي ان تبعد نفسها عن منطقية الأحزاب القوميــة الأديولوجية .
 ينبغي ان نتفق بيننا على صيغ مثالية للتعاون وكما قلت بمنأى عن المصالح الأنانية والحزبية وأن نأخذ مصلحة شعبنا الكلداني في المقام الأول ، كما ينبغي ان تكون ابواب احزابنا مشرعة للتعاون المثمر مع القوى الأخرى ، إن كانت هذه القوى احزاب كردية او عربية او آشورية ، علينا ان ننفتح على الأخر ككتلة كلدانية موحدة ، وإلا ستتبعثر اصوات شعبنا ، ويبقى ناخبنا في حيرة من امره إن لم يكن هنالك وحدة حقيقية بين احزابنا الكلدانية .
حبيب تومي / اوسلو في 30/ 08 / 2009

324
الأستاذ ليون برخو عسى ان تكون بمنأى عن الحملة الهادفة لتمزيق الكنيسة الكلدانية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
قرأت المقال الأخير للاستاذ ليون برخو والموسوم " مطران السويد للكاثوليك والتحقيق في الشكاوي ضد الكنيسة الكلدانية "
ولي الثقة بأن يتسع صدر الكاتب الجليل ويعتبرني واحداً من قرائه له وجهة نظره ورؤيته المختلفة .
ويبدو ان المقال هو تكملة لمقالات أخرى تدور حول نقد الكنيسة او لنقل بعض مواقفها ، وهو في هذا المقال يخص وضع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في اوربا وبشكل خاص في السويد ، وتشخيص بعض السلبيات في مسيرة الكنيسة وركز في مقاله على الحالة المالية او لنقل عن المخالفات المالية والتهرب من الضرائب .
بدءاً ذي بدء ، نحن جميعاً مع رأي الأستاذ الجليل ان تكون جميع الأمور المالية تسير في قنوات شفافة مع الأحتفاظ بالوثائق والسجلات التي تظهر كيفية صرف تلك الأموال ، وهذا ليس مطلوب في الكنيسة فحسب بل في اية شركة او مؤسسة وهذا ما ندعو اليه بشكل دائم فليس لنا معارضة لما يذهب اليه الأستاذ برخو ، ومن الطبيعي ان مؤسسة الكنيسة توافقه في طروحاته وكذلك الأساقفة الاجلاء الذين يدعون الى المؤسساتية والشفافية في الحقل المالي لما يخص مؤسسة الكنيسة بشكل عام ، وهذا ليس شيئاً جديداً على الكنيسة ، ولا نشك في انها قد قطعت اشواطاً كبيرة في تحقيق هذا النمط من العمل الشفاف .
واقتبس من مقاله المعنون " مطران السويد للكاثوليك والتحقيق في الشكاوي ضد الكنيسة الكلدانية " هذه الفقرة :
( .. فإنني على إتصال باصحاب الشأن في المطرانية عن كيفية إجراء هذا التحقيق وكذلك قمت بإستشارة اساتذة القانون في جامعتنا ومخمنون رسميون للمساعدة. وظهر ان ما لدي من ادلة والأدلة التي ظهرت من خلال الرد على المقالات التي كتبتها يخولني الطلب من الكنيسة الكاثوليكية في السويد اجراء تحقيق شفاف وعلني ذات صدقية يضم اشخاص مشهود لهم بالنزاهة وأن توضع نتيجة التحقييق امام الملأ كي تكون لها صفة قانونية وإجرائية تطبق في السويد وأي مكان أخر في اوروبا...) انتهى الأقتباس
هنا تطفوا جملة اسئلة  للاستاذ الكاتب : هل ان اي كاتب مقالات عبر الأنترنيت وما يستلمه من ردود تتيح له وتجيز له ان يشكل لجان تحقيق ؟ وما هي الصفة القانونية التي يملكها هذا الكاتب ؟
 ولماذا كان هنالك سلطات قضائية ومحاكم لتقوم بمهمة التحقيق ؟
فأين الوجه القانوني لادعاء الأخ الكاتب ؟ فهل ما له من أدلّة ـ كما يعتقد ـ وما تلقى من ردود تخوله تشكيل لجنة تحقيقية ( من اشخاص مشهود لهم بالنزاهة ) ؟  لا ادري على اي منطق استند الكاتب وعلى اي قانون استند ؟
ما هي صفة تلك اللجنة ؟ من يخول لها بإجراء التحقيقات ؟
 ومن ينفذ قراراتها ؟
 فهل باستطاعتي ان اكتب مقالاً عن شخصية او جهة معينة وأن أبرز الوثائق التي ادعي ، انها صحيحة ، وأن اشكل من الناس المشهود لهم بالنزاهة أن نشكل لجنة التحقيق ، ونحيل الأشخاص او الجهات الى القضاء ؟
كيف تكون مثل هذه الشريعة مجازة في السويد ؟ حبذا لو يوضح لنا الأستاذ الكريم ليون برخو هذه النقاط الغامضة .
بحسب معلوماتي المتواضعة إن كانت هنالك خروقات او مخالفات مالية ، كالتهرب من الضريبة او غيرها ، فليس من الصحيح توجيه الأتهامات عبر الأنترنيت ، إذ ليس هنالك تهمة توجه الى شخص او مؤسسة عن طريق الأعلام قبل ان يسبقها تحقيقات قانونية تثبت ذلك من قبل المحكمة والجهات المختصة ، وظهور نتائج التحقيق وأعلانها ، أما الأيحاء بمسؤولية فلان عبر الأنترنيت فإنه يدخل في باب النيل من السمعة ، ونأمل ونرجو ان يكون الأستاذ برخو بمنأى عن هذا المنحى .
فقرة اخرى بودي التعليق عليها من المقال السابق يكتب :
(الروزنامات غير القانونية ... إستلموا هذه المبالغ كان عليهم ادخالها رسميا في مدخولاتهم والتصريح بها ضريبيا. وإن لم يفعلوا ذلك فيأخذ القانون مجراه مما يعني دفع كل المستحقات الضريبية والتي قدرت اوليا بمئات الالاف من الكرونات منذ البدء بإصدارها... الخ ) . انتهى الأقتباس
عن الروزنامات غير القانونية وتهربهم من المستحقات الضريبية تبين لي ، على الأقل ، الحرص الشديد للأستاذ الكاتب وتعاطفه الكبير مع دائرة جباية الضرائب  السويدية ، وعن تذمره من موقف الكنيسة الكلدانية المتهربة عن دفع الضريبة المترتبة على إصدار الروزنامات .
أقول :
اولاً :
 حسب معلوماتي المتواضعة وانا اعيش في دولة النرويج التي تتشابه في كثير من قوانينها ـ  الى حد بعيد ـ  مع القوانين السويدية ، فما اعرفه بهذا الصدد ان الجمعيات الخيرية هنا معفية من الضرائب وكذلك الكنيسة ، فهل ان وضع الكنيسة في السويد يختلف عن وضع مثيلتها في النرويج ؟
 فهذا لست متأكداً منه ويمكن للاستاذ برخو ان يتأكد من ذلك  .
ثانياً :
لو فرضنا ان الجمعيات الخيرية والكنيسة في السويد  تشملهم الضرائب فما قيمة الضرائب المترتبة على بيع الروزنامة التي يبدي الأستاذ حرصه الشديد كما قلت عن تهرب اصحابها من الضرائب ، فما هو معلوم ان الضريبة هي على الأرباح الصافية ، اي بعد دفع الكلفة من الأوراق وأجور الطبع والنقل والى آخره ، فكم حققت هذه الروزنامة العتيدة من الأرباح الصافية  ؟
وما هو مقدار التهرب من الضريبة يا ترى ؟
لقد طبعت كتاب في بغداد وكلفتني النسخة الواحدة بزيادة قليلة على ثلاثة دولارات وبعت منه حوالي 1100 نسخة وبالكاد سدد تكاليفه ، فأسال الأستاذ الكاتب ، ما مقدار الأرباح التي حققتها الروزنامات المطبوعة بتكاليف السويد وكم هي نسبة التهرب من الاستحقاقات الضريبية  التي يحرص عليها الكانب ؟
وثالثاً : في النرويج جهاز ضريبي مُحكم يعرف كيف يتقاضى الضريبة وما هي سبل التهرب من الضريبة ، ومن المؤكد فإن دائرة الضرائب في السويد ليست اقل خبرة من مثيلتها النرويجية ، وهي تعرف واجبها وتعرف كيف تتنصل الشركات الضخمة من الضرائب وهي تلاحق هذه الشركات ، وليس في نيتها الركض وراء الأستحقاقات الضريبية المستحصلة عن الأرباح التي تحققها الروزنامة . وخدمة الأستاذ لهذه الدائرة اعتقد ليست في محلها .
أنا مع الأستاذ برخو ان القس هنا هو موظف في الدولة ويتقاضى راتبه ، وليس له حق قبول الهدايا والهبات ، لكن اقول للاستاذ :
لقد قدمنا جميعاً من مجتمع شرقي ، ومضى ردح كبير من عمرنا في ذلك المجتمع وتطبعنا بطبائعه وانتقلنا في السنين الأخيرة الى مجتمع يختلف كلياً في قيمه ، والانسان الشرقي حتى لو كان من  الأكليروس  القادم من ديارنا لهذه الديار هو بشر مثلنا وليس له المعصومية  ، فلا يمكن ان يتطبع في ليلة وضحاها ، وهذا ربما يحتاج الى اكثر من جيل ، فليكن لنا قليل من المرونة ، وأن نسعى الى تقليص الأخطاء وحلها ونعرض الأمور بشكل اخوي وودي بقصد الأصلاح وليس بقصد الأنتقام .
وفقرة اخرى اود التعليق عليها وهي بعنوان سابقة خطيرة يقول الكاتب :
( "والفساد" والفلتان استشرى اكثر ما استشرى منذ العام  1995... وكان السفير البابوي مهتما جدا بالرهبنة التي كانت تمر بعصر ذهبي في عهد الرئيس العام الأب قرياقوس عبدلأحد حيث كان لها 20 كاهنا و 10 رهبان ومثلهم من المبتدئين.  وكتب الأب قرياقوس رسالة إلى احد كهنته الرهبان في اوروبا طالبا منه العودة للمساهمة في نهضة الرهبنة وإدامتها. وبدلا من ان يطيع الأمر حسب القسم الغليظ الذي اداه امام القربان المقدس والأنجيل ضمن قسم النذور الأبدية (الطاعة والفقر والعفة) رفض الأنصياع ومن خلال علاقاته الأخطبوطية استطاع البقاء في اوروبا  .. ) انتهى الأقتباس
لا ادري ما هي المناسبة لذكر مسالة وقعت قبل حوالي 14 سنة وكيف يكون الشخص ليس مطيعاً فمن المؤكد انه بقي هنالك بأمر من رؤسائه في مكان إقامته في اوروبا ، ولماذا نوصف علاقاته مع مرؤوسيه في اوروبا على انها علاقات اخطبوطية ، فارجو الا يكون الكاتب في قد وقع في مطب الخلافات الشخصية .
وأخيراً يقول الكاتب في مقاله :
( وأخيرا اود تبليغ كل من ساندني وكل من تطوع في العمل في لجنتنا ولنسميها بعد اليوم "جمعية أصدقاء الكنيسة الكلدانية" كي نضيف هذا الإسم العزيز إليها بأننا ثابتون حتى النهاية في جهدنا لتنقية كنيستنا من كل الشوائب...) انتهى الأقتباس  
 تشكيل جمعية اصدقاء الكنيسة الكلدانية ، لا ادري ما هو هدف هذه اللجنة ؟ وما هي الصفة القانونية التي تملكها في تصفية الكنيسة من كل الشوائب ؟ هل يقصد الأخ الكاتب ان تكون اللجنة بمثابة الرقابة المالية ام تراقب قرارات السنودس ؟  ام ماذا ؟
 أنا مع الكاتب ان نبدي المشورة والمقترحات لما نراه صائباً لمؤسسة الكنيسة اما تشكيل لجان ، وإعطائها اسماء جذابة ، سنفتح الباب لتشكيل المزيد من اللجان والتي سيكون لها اسماء جميلة ايضاَ .
وكما قلت في عنوان المقال ، فأذكّر الأستاذ الفاضل ليون برخو ، ان ثمة حملة شنت في تضاعيف سنة 2004 ضد الكنيسة الكلدانية ،  وجمعت تواقيع بغية الوقوف بوجه قيادة الكنيسة والى تأليب بعض الآباء لخلق شرخ في هيكلها الهرمي ، والسبب لانها استجابت لشعبها الكلداني في إدراج  اسم القومية الكلدانية في دستور العراق  .
 واليوم بدأت الحملة الثانية والشرسة لمحاربة الكنيسة وتمزيقها حينما اصدر الأساقفة الأجلاء بضرورة إدراج اسم القومية الكلدانيــــــة في الدستور الكردستاني اسوة بما هو مدون في الدستور العراقي الفيدرالي ، ووجِهت شتى التهم الى الأساقفة الاجلاء والكنيسة بشكل عام  بدعوى انهم يعملون لتمزيق وحدة شعبنا ، وإنهم يتدخلون  بالسياسة الى آخره من التهم البائسة ، والتي يجندون كل إمكانياتهم لمحاربة الكنيسة وتمزيق اوصالها ترضية للاحزاب الآشورية المتزمتة والمهيمنة على مقاليد الأمور السياسية والمالية والأعلامية ، وأملي ، ولي الثقة ان لا تكون دعواتك تدخل في سياق تلك الحملة الظالمة .
 وتقبل مني تحياتي ومحبتي .
 حبيب تومي / اوسلو في 26 / 08 / 2009

325
الأربعاء الدامي رسالة سياسية للحكومة العراقية عبرالمفخخات
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
لا يحتاج المراقب الى تمعن  وتمحيص كبيرين ليلاحظ نقلة نوعية في التفجيرات الدامية عموماً كالتي تقع في الأسواق او المطاعم او في كراجات نقل المسافرين المكتضة ، وعموماً في مناطق تجمعات المدنيين ، وبين التي وقعت في الأربعاء ، فكانت تصريحات المسؤولين الحكوميين إن كانوا من الساسة او من كبار ضباط الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية بشان تلك التفجيرات ـ بين المدنيين ـ كانت تشير الى ضعف قوى الأرهاب وإفلاسها ولم يبق امامها  سوى التسلل الى مناطق التجمعات  الضعيفة امنياً ، فهي تختار التجمعات السكانية المدنية لصعوبة ضبط  الأمن في تلك المناطق وهي تعتبر من الحلقات الضعيفة في المعادلة الأمنية .
لكن يبقى السؤال قائماً :
ولكن ماذا عن الأنفجارت الأخيرة التي وقعت في قلب العاصمة العراقية وأسفرت عن حوالي 700 إصابة بين قتيل وجريح ، وهي من المناطق الحساسة وفيها حراسة مشددة على مدار الساعة ؟
ننقل عن جريدة الشرق الأوسط اللندنية :
تسلل انتحاريون أمس إلى قلب بغداد مستهدفين بسيارات مفخخة مواقع حساسة، بينها 5 وزارات، منها المالية والخارجية،
انفجرت السيارة الأولى قرب وزارة المالية .. وأعقب هذا الانفجار بفارق دقائق انفجار هائل آخر قرب مبنى وزارة الخارجية في محيط المنطقة الخضراء وسط بغداد .. ولم تقتصر الحالة على أبنية هاتين الوزارتين، بل استهدفت انفجارات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة وصواريخ وقذائف هاون مقار وزارات الدفاع والتجارة والصحة والإسكان والتربية ومناطق الأعظمية والكفاح والصالحية والبياع والكرادة وشارع فلسطين، وحصدت العشرات من الضحايا. وأكدت مصادر إعلامية أيضا إصابة وزير التربية خضير الخزاعي بجروح خطيرة ..
 ويبقى ان نقول :
وبعد هذه الهجمات بمختلف انواع الأسلحة لم يكن ينقصها سوى تشكيلات من  قوات المشاة لتمشيط المنطقة كما هو متبع في العمليات العسكرية .
 إن هذا الأختراق وهذا الهجوم قد بعث رسالة سياسية  للحكومة العراقية ، ولكنها مكتوبة بأحرف من السيارات المفخخة والصواريخ وقذائف هاون ، وتقول بلغة واضحة : ان زمام المبادرة ليست بيد الحكومة العراقية ، وإن إزالة المتاريس والحواجز الكونكريتية من الشوارع لا يعني ان الحكومة قد اصبحت في وضع المسيطر  ، كما ان الحكومة  ليست في الموقف الهجومي او المبادر ، وليست هي التي تختار مناطق الهجوم ، بل إنها لا زالت في موقف دفاعي امام الهجمات المناهضة لها ، وهي اليوم تلزم جانب الدفاع عن نفسها اوهي  في عقر دارها ، وفي اشد المناطق الحساسة التي تتركز فيها الحكومة وتنتشر فيها الحراسات المشددة ، والرسالة تقول :
إذا كانت الحكومة في موقف دفاعي فكيف تستطيع حماية الشعب من العمليات الأرهابية ؟ فقوى الأرهاب لا زالت ممسكة بيدها عناصر المبادرة وهي تختار الموضع الذي تستهدفه حتى لو كان هذا المكان وزارة الخارجية العراقية او وزارة الدفاع وغيرها من الأماكن التي ترمز الى سيادة الدولة العراقية ، فما بالك بقرية بعيدة مثل قرية خزنة او سنجار او بغديدة .
هل نلوم الحكومة في مثل هذه الحالة ؟ ماذا كنت فعلت انا او انت عزيزي القارئ لو كنا محل نوري المالكي الوظيفي ؟ هل كان لدينا حلول سحرية لحل المعضلة ولحقن دماء الناس الأبرياء ؟
 اجل نؤمن بوجود رزمة من المشاكل امام الحكومة العراقية ينبغي حلها ، لكن في مقدمة تلك المشاكل كانت المسألة الأمنية التي دفعت بالحكومة العراقية الى الأدعاء باستتباب الأمن والأستقرار في ربوع العراق ، لكن هذه العملية قد اطاحت بحسابات الحكومة ومزاعمها ، وها نحن نعود الى المربع الأول في المسالة الأمنية ، ان كان ذلك في العمليات الأرهابية ذات التوجه الطائفي او العرقي كما حدث  في بعض قرانا في محافظة نينوى ، او في العمليات الأخيرة التي استهدفت مراكز مهمة من مفاصل الدولة العراقية .
لكن من موقعنا كمواطنين نلاحظ ان هذه االعمليات وغيرها مهما بلغت الضحايا البشرية والأضرار المادية ، لا تؤثر على موقف الحكومة ولا على اي مسؤول ، وكأن الحكومة العراقية بكل مفاصلها الأمنية غير معنية بامن المواطن ، وليست مقصرة في اي واجب من واجباتها ، وهكذا نرى ان اي عملية انتحارية مهما حصدت من الأرواح ، وأسفرت عن خسائر مادية جسيمة  تمر مر الكرام وكأن ارواح المواطنين يتحتم عليها ان تتحمل كل هذه المجازر ، فيما الحكومة العراقية في منأى عن اية مسؤولية امنية او قانونية او اخلاقية عن امن المواطن . ونتساءل : ماذا عن الخروقات والتفجيرات يوم الأربعاء 19 / 8 هل تمر ايضاً دون محاسبة اي مسؤول عراقي ؟
إن الفساد المستشري في مفاصل اجهزة حكومية مهمة والسكوت عنه ، في سيناريوهات لتبادل منافع وعمليات سكوت وتراضي ، بين مختلف اطراف الفساد ، قد افقد الأجهزة الحكومية السمات المهنية والحرفية في مزاولة واجب الوظيفة ، واصبحت عملية تبادل المصالح والتغطية على الفساد مصلحة مشتركة بين الفرقاء . ولعل الأجهزة الأمنية واحدة من تلك الأجهزة التي فقدت كثير من المهنية والحرفية فسهل امر اختراقها تحت ضغط الأصطفافات الطائفية والحزبية والمصالح المتبادلة ـ حتى في تغطية أفعال الفساد المالي والأداري ـ وهكذا تبقى الحكومة مشلولة لا تستطيع البت حتى في إقالة وزير او محاسبة مسؤول امني كبير او موظف ارتكب مخالفة قانونية او مالية وظيفية .
وسيبقى العراق ينزف دماً ولا يشهد الأستقرار ولا يتمتع بالخدمات الكهربائية او غيرها ، ما دامت مسالة تبادل المصالح الشخصية والحزبية والطائفية هي المهيمنة على عقلية المسؤولين الذين يمسكون بأيدهم مصائر العراق الجريح .
 حبيب تومي / اوسلو في  20 / 08 / 2009

326
أليست صراحة الأستاذ افضل من التضليل السياسي للأحزاب الآشورية ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
قرأت مقالاً للزميل كامل زومايا يعاتب السيد عوديشو ملكو  لانه يدعو الى الآشورية ولا يشير الى التسمية المركبة الكلداني السرياني الآشوري كما يدعو  له المجلس الشعبي وغيره من الأحزاب الآشورية .
ومقال السيد كامل زومايا المعنون :
الأستاذ الفاضل عوديشو ملكو لمصلحة من اذكاء نار الفتنة بين ابناء شعبنا وتشويه سمعة رابي سركيس  اغاجان ؟
هذا المقال قرأته وفي معظمه يذهب الكاتب زومايا الى تاييد طرح الاستاذ عوديشو ملكو في التنديد بغبطة البطريرك مار عمانوئيل دلي والأساقفة الكلدان ترضية للخطاب الآشوري العام ، وفي فقرات قليلة يشير زومايا الى مقال الأستاذ عوديشو ملكو بنقد خجول .
بنظري حتى هذا النقد ليس له مبرر ،  فالرجل يعبر عن رأيه بكل صراحة ووضوح ، وأنا يعجبني هذا الطرح وطرح الزميل سام شليمون الذي يقول بصراحة :
" الكلدان هم الأقلية بين مكونات الشعب الآشوري " ، وهؤلاء وغيرهم يعبرون عن النظرية الشمولية للآشوريين بشكل واضح وصريح ، وانا احترم صراحتهم ووضوحهم بعكس الأحزاب الآشورية التي تلوف وتدور وتناور وتفلسف وتنافق بغية الحصول على مكاسب سياسية ، فالأحزاب الآشورية تتفق مع سام شليمون في نظريته الأقصائية ، بينما يزاولون عملية النفاق السياسي بغية الحصول على اصوات وتأييد الكلدان .
 وهنا يأتي خطاب بعض كتابنا الكلدانيين المتناكفين للجري وراء سراب الأحزاب الآشورية ، ليغالطوا انفسهم ، فالمعلوم ان الأحزاب الآشورية الثلاثة  النافذة على الساحة السياسية ، وهي الحزب الوطني الآشوري وحزب الحركة الديمقراطية الآشورية وحزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، والأحزاب الآشورية الأخرى التي تسير في ركابها وعلى منهجها ، هذه الأحزاب تمارس نفاق سياسي واضح ، إنها تتفق كلياً مع طرح سام شليمون الأقصائي ، لكنها تشتهي وتستحي كما يقال ، فهذه الأحزاب ترفع شعار الكلدان السريان الآشور للضحك على الذقون ليس إلا .
 هذه الأحزاب لها اجندتها الأستراتيجية الثابتة بالنيل من كل ما هو كلداني ، تعمل وتصرف الملايين إن كان في الأعلام او بالترغيب عبر الأموال المصروفة او بالتهديد بقطعها ، بغية إلغاء الأسم الكلداني والتراث الكلداني والغناء الكلداني واللغة الكلدانية والكنيسة الكلدانية ومحو الشخصية الكلدانية والعمل على تمزيقها إرباً ، فهذه الأحزاب كما قلت كان هنالك حلف غير مقدس لطمس اي وجود او تمثيل كلداني ، وكانت تجربة انتخابات اقليم كوردستان خير مثال على ذلك .
 إن السيد عوديشو ملكو والكاتب سام شليمون يكتبان دون مواربة او تضليل ودون لف او دروان انهم وغيرهم يقولون :
انهم يؤمنون بقومية واحدة وهي القومية الآشورية وما غيرها هي مذاهب كنسية لا اكثر ، لكن الأحزاب الأشورية تؤمن بذلك ايضاً لكنها تعمل على  تضليل الحقائق حينما تضع اسم القومية الآشورية مع اسماء المذاهب الكنسية على حد زعمها ، إنها عملية كذب وتضليل وخداع من اجل مكاسب سياسية ليس إلا  .
 إنكم يا اخي زومايا والكتاب الكلدانيين من شعبنا لا اريد ان اذكر أسماءهم ، تركضون وراء السراب الآشوري  معتقدين ان الأحزاب الآشورية تؤمن بالكلدان والسريان ، إنهم يقولون يوم الشهيد الآشوري ، وتأتون انتم لتقولوا يوم الشهيد الكلداني السرياني الآشوري .
 إن وضعكم يشبه موقف الأكراد في العقود الماضية فالأكراد يصرخون بأعلى اصواتهم عاشت الأخوة العربية الكردية . فيما الأحزاب العربية بكل هدوء تقول الأمة العربية الواحدة من المحيط الى الخليج وليس ذكر للاكراد اللهم ألا حبن تواجد الأكراد وحضورهم في مناسبة معينة  ، وهذا حال الاحزاب الاشورية حينما تذكر اسم الكلدان بوجود الكلدان فحسب ، وهذا يفسر على انه نفاق سياسي لا غير .
 واقول لكتابنا الكلدان الذين يفتخرون بالنيل من قوميتهم الكلدانية
 الى متى تناكفكون للفوز ببركة الأحزاب الآشورية ؟
 الى متى تبقون تدعون لتمزيق اوصال الكنيسة الكاثوليكية ترضية للاحزاب الآشورية ؟
الى متى تهجمكم على الأحزاب والتنظيمات الكلدانية ترضية للاحزاب الاشورية ؟
 الى متى تبقون تدقون اسفين التفرقة بين الكنيسة ، وشعبها الكلداني ترضية للاحزاب الآشورية ؟
كل ذلك تحت يافطة الوحدة القومية ، مع الأسف تؤمنون في ترهات الأحزاب الآشورية بأن حبيب تومي وغيره هم ممزقي الوحدة القومية . أنهم (الاحزاب الاشورية ) ببساطة يريدون الكعكة لهم فحسب ولا يعيرون اهتماماً لاية وحدة قومية .
ولو كانت الأحزاب الآشورية تؤمن بالديمقراطية والوحدة الصحيحة ، لناشدوا كل القوى التابعة لشعبنا منها الكلدانية والسريانية ، للجلوس حول المائدة المستديرة لمناقشة كل الأمور بروح اخوية وبندية وتكافؤ  ، لكنهم يريدون منا نحن الكلدانيين ومن تنظيماتنا ومن كنيستنا ان نرفع لهم الراية البيضاء ، ونسجد لهم ونبقى ليلاً ونهاراً نبارك لهم صدقاتهم وإنجازاتهم ، ونرضى بسياسة القطيع .
 يا اخي زومايا إن المجلس الشعبي  الكلداني السرياني الآشوري ، لم يحضر افتتاحية المؤتمر الثاني للمجلس القومي الكلداني الذي لا يبعد عن مقره سوى مئات الأمتار ، فيما هذا المجلس حضر المؤتمر الأشوري العام في استراليا ، الا ترى تناقضاً في التعامل ؟
الى متى تبقى انت وبعض الأصدقاء ترصدون كل شاردة وواردة لتوظيفها للتهجم على الكنيسة والأحزاب الكلدانية  وعلى الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية ، إنكم ايها السادة الكتاب تقدمون خدمة مجانية لمن يريدون توسيع الهوة بين الكنيسة وشعبها الكلداني بحجة ان الكنيسة ضد توجهات شعبنا في الوحدة .
 ايعقل هذا ؟
هل ان الأحزاب الآشورية تدعو للوحدة ام تدعو الى الخضوع لها ورفع العلم الأبيض ؟
الا تدافع كنيسة الاشورية عن شعبها الأشوري فلماذا ممنوع على الكنيسة ان تدافع عن شعبها الكلداني ؟
هل يعقل ان تغرد الكنيسة خارج سرب شعبها الكلداني ؟
أيها السادة ان وحدة شعبنا ليست في الأقوال إنها في احترام كل الخيارات إنها في الشراكة الحقيقية في كل الأمور انها في احترام كل التوجهات وليست في إخماد الأنفاس  . كفاكم اللهاث وراء الأحزاب الآشورية التي تعمل على طمس الهوية الكلدانيــــــة بشتى السبل ، لقد سخروا فضائتي عشتار وفضائية آشور للعمل على وضع حد نهائي لكل ما يسمى كلداني، إن كانت اللغة الكلدانية او الغناء الكلداني او القومية الكلدانية ، وإنكم تزمرون في هذه الحفلات التي ستأتي على ثقافكم وتاريخكم ولغتكم الكلدانية وتراثكم العريق .
 أقرأوا في المواقع الآشورية منها موقع زهريرا التابع للزوعا وموقع عشتار تي في التابع  للمجلس الشعبي ، هل ينشرون مقالاً حراً يمتدح القومية الكلدانية ، انهم ينشرون مقالات الكلدانيين الذين يفتخرون بتبخيس قوميتهم الكلدانية فحسب . هذا هو الواقع  .
 إن الكلدانيين ينخرطون في مختلف الأحزاب العراقية منها الحزب الشيوعي والحزب البعثي والديمقراطي الكوردستاني ، وكل هؤلاء لا يطلبون من الكلدان تبخيس قويمتهم الكلدانية ، سوى الأحزاب الآشورية التي تشترط التخلي عن القومية الكلدانية لينال مباركة هذه الأحزاب وتفتح له الأبواب وتتناثر عليه الخيرات ويصبح واحداً من الذين يؤمنون بالدين القويم ويسلك الصراط المستقيم .
 اما من هو خارج هذه الأحزاب ويفتخر بقوميته الكلدانية فهو من مفرقي الصفوف وينبغي محاربته وإسقاطه من المعادلة ، هذا هو الذي يجري بحق الكتاب والأحزاب والتنظيمات والأكليروس الكنسي الواقف الى جانب شعبه الكلداني .
 حبيب تومي / اوسلو في 19 / 08 / 2009


327
فوز الرئيس مسعود البارزاني المغزى والدلائل وضرورة إنصاف شعبنا الكلداني
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
التجربة الديمقراطية في اقليم كوردستان تسير بخطوات ثابتة ، فمتابع اللعبة السياسية في هذا الأقليم سيلاحظ الأقبال الجيد للمشاركة في الأنتخابات التي أجريت يوم 25 تموز المنصرم والتي وصلت الى حوالي  78% وهذا يدل على الرغبة الحقيقية للمساهمة في العملية الديمقراطية وفي اللعبة السياسية عموماً كما انه مؤشر على الوعي السياسي بإعطاء الأهمية لهذه الأنتخابات ، وهذه حالة صحية وضرورية  في العملية الديمقراطية .
في نفس السياق سيشاهد المراقب فروقاً شاسعة بينها وبين العملية الأنتخابية التي تجري في عموم العراق لانتخاب اعضاء البرلمان العراقي ، فبينما تبدو للمراقب دون عناء الأصطفافات والتكتلات والتحالفات الطائفية في الأنتخابات المركزية العراقية ، وتغليب مصلحة الطائفة على مصلحة الوطن ، يستشرف في تجربة الأنتخابات لاقليم كوردستان على منافسة سياسية حقيقية ساخنة  لقوى وأحزاب مشتركة في اللعبة السياسية ، تسعى في مباراتها للحصول على صوت الناخب الكوردستاني واضعة امامها المصلحة العليا لكوردستان ، مع تغيب واضح لاي شكل من اشكال الأصطفاف القومي او الديني او الطائفي  ، هذه هي الحالة الصحية والصورة الطبيعية المألوفة لترتيب المنافسات وهي صورة شائعة  في الدول الديمقراطية .
إن الملاحظات التي ابدتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والنتائج التي اعلنت بعد وقت قصير على الأنتخابات تدل على شفافية العملية الأنتخابية ونزاهتها ، وقد تكون العملية لا تخلو من خروقات بسيطة فإنها غير مهمة فلم يكن لها اي تأثير يذكر على نتيجة الأنتخابات التي جاءت القائمة الكوردستانية بالمرتبة الأولى ، وجاءت قائمة التغيير بالمرتبة الثانية .
وفي هذه الأنتخابات فاز الأستاذ مسعود البارزاني بنسبة تبلغ حوالي 70%  من اصوات الناخبين وفاز اقوى منافسيه الأستاذ ميراودلي بنسبة تربو قليلاً على 25% إن هذه النسبة لفوز الأستاذ البارزاني تتيح لنا القول ان الأنتخابات كانت شفافة حيث لا وجود لنسبة 99,99%  المعروفة التي هي من سمة الأنتخابات في كثير من دول العالم الثالث .
،يقول الرئيس مسعود البارزاني لمجلة نيوزيك الأمريكية في 5 / 9 بصدد الأنتخابات :
: «إننا نحترم إرادة جميع أبناء شعب كردستان بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم، ونعتبر عملية الانتخابات التي شاركنا فيها جميعا نعمة إلهية وظاهرة صحية وتقدما كبيرا جدا في تاريخ شعب كردستان».
ويضيف :
: إن المعارضة في نظري هي ظاهرة إيجابية في الحياة البرلمانية وهي نهج أرحب به في حياتنا الجديدة… وعن مسألة الفساد قال رئيس إقليم كورستان: سنشكل قريباً هيئة عامة للنزاهة مهمتها الاساس تلقي شكاوى أو ادعاءات وجود الفساد وفي أي من المرافق الحكومية والعامة والتحقيق فيها بكل شفافية .
 إن من يعتقد ان الماضي المجيد للعائلة البارزانية او مكانة الأستاذ مسعود هي التي اتاحت له الفوز اعتقد يكون مخطئاً في ظل المعطيات التاريخية السابقة في الدول الديمقراطية ، فرجل بريطانيا الأول في الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل ( ت 1965 ) الذي حقق الأنتصارات الباهرة لبريطانيا وقاد مواكب المحتفلين بالنصر في شوارع لندن عام 1945 م . لقد هزم هذا الرجل وحزبه في الأنتخابات التي جرت في اعقاب ذلك الأنتصار ، ولم تسعفه تلك المكانة المرموقة للفوز في تلك الأنتخابات . ولهذا لا يمكن الركون الى ماضي ومكانة الأستاذ البارزاني وجعلها السبب الوحيد الذي كان وراء فوزه في الأنتخابات .
لقد كان لشخصية الأستاذ مسعود البارزاني حضوراً واضحاً في توازنات العملية السياسية برمتها على الساحة العراقية ، وهو الذي تعاطى بأسلوب معتدل في القضايا الأقليمية والدولية ، رغم التعقيدات وتقاطع المصالح واستفحال المشاكل والأزمات والتوترات التي مرت على المنطقة وعلى العلاقات مع الحكومة المركزية خلال الأربع سنوات المنصرمة وقبلها دوره الفعال مع القوى وأحزاب المعارضة .
 لقد ترسخت مفاهيم ولغة العمل الديمقراطي بخطوات متدرجة لكنها بعزيمة وثبات ، وكانت بنفس المستوى التغيرات في الحياة الأجتماعية والأقتصادية لمحاربة الفقر والجهل ، والعمل على تقديم الخدمات  وترميم البنية التحتية .
في هذا السياق  لا يمكن ان نصف اقليم كوردستان بان كل شئ كان مثالياً في كافة الأصعدة  فلا نقول انه سنغافورة في عملية البناء او سويسرا في العملية الديمقراطية ، لكن نقول : بأن هنالك صحف تكتب وتشخص وهنالك الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ، فالحديث عن وجود فساد لا يمكن ان يكون باطلاً ، فالمعلوم ان الفساد الأداري والمالي متفشي في العالم الثالث ، وهكذا يقول الأستاذ البارزاني في تصريحه الأخير :
: (( سنشكل قريباً هيئة عامة للنزاهة مهمتها الاساس تلقي شكاوى أو ادعاءات وجود الفساد وفي أي من المرافق الحكومية والعامة والتحقيق فيها بكل شفافية ))  .
عموماً كان هنالك نزوع نحو الأعتدال وتحقيق العادالة الأجتماعية ، وينبغي النظر الى التركيبة المجتمعية في هذا الأقليم حيث ان النظرة الدونية نحو المرأة السائدة في المجتمعات الأسلامية بشكل عام  ، إضافة الى الخلفية العشائرية التي تمجد قتل المرأة تحت ذريعة غسل العار ، وكان لحكومة كوردستان دورها الكبير في سن القوانين التي تمنع هذه الجرائم ، ثم كان هنالك الحرية الدينية التي تتيح للانسان البالغ اختيار دينه دون اي عقوبات قانونية . وهذه الحالة كانت مقدمة للنظر في مسالة الأقليات بمنظور علماني ديمقراطي .واستطاعت ان تجد لها صوتاً مسموعاً إن كان في مسالة التمثيل في البرلمان الكوردستاني او في مسالة التعامل الأنساني في مسالة الحقوق كموطنين من الدرجة الأولى او في مسالة الواجبات المترتبة على اي مواطن كوردستأني .
 لا بد لي ان انوه هنا :
ان شعبنا الكلداني يقدم مطالبه بشكل ديمقراطي في اقليم كوردستان وهو يأمل في تحقيق اهدافه ونيل حقوقه في وضع اسم قوميتــــه الكلدانية في دستور اقليم كوردستان اسوة بما هو مدون في دستور العراق ، وكذلك يطلب على لسان احزابه السياسية المتمثلة في الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية ، والكنيسة المتمثلة في مقررات الأساقفة الكلــــــدان ، بأن يُنصف هذا الشعب على الصعيد المادي وان يتلقى الموارد المالية الممنوحة للمكونات المسيحية بشكل مستقل لكي يتسنى له ترميم كنائسه وتمشية اموره السياسية والأجتماعية بعد العلميات الأنتقامية التي طالت هذا المكون العراقي الأصيل .
إن المؤشرات تشير الى تكوين حكومة في اقليم كوردستان لم يحسم امر رئاستها لحد الآن ، لكن يبدو في الأفق ظهور بوادر معارضة سياسية متحضرة لهذه الحكومة .
بقي ان نقول ان اقليم كوردستان عرف كيف يضطلع بمكانة دولية بارزة في المعادلات المحلية والأقليمية والدولية ، إن اقليم كوردستان رغم حداثة تجريته وامكانياته الذاتية المحدودة قياساً بما يحيط به من دول سياسية عريقة ، وانطلاقاً من مبدأ الثقة بالنفس تمكن الأقليم من من خلق تجربة كوردية متميزة كمشروع حداثي نموذجي في المنطقة ، فقد كان له خطوات جريئة في شتى نواحي الحياة بما فيها المجال الأقتصادي من حدوث ثورة عمرانية في الأقليم ومن تطوير صناعة واستثمار حقول النفط ، الذي يعود بالنفع العالم للعراق عموماً ولاقليم كوردستان خصوصاً .
إن مكانة البارزاني الأستاذ مسعود البارزاني قد ترسخت في قلوب ابناء الشعب الكوردي بعد ان وضع اقليم كوردستان في بحر السنين القليلة الماضية في مكانة سامية بحيث ينظر الى اقليم كوردستان الذي هو جزء حيوي من الوطن العراقي ليكون تجربة نموذجية يحتذى بها في المنطقة والعالم ، هذا هو مكمن تعلق اوساط واسعة من الشعب الكردي بانتخاب الرئيس مسعود البارزاني ليكون رئيس اقليم كوردستان لولاية ثانية .
حبيب تومي / اوسلو في 13 / 8 / 2009

328
بطاقة تهنة للمجلس الشعبي والزوعا  لفوزهما ، لكن ثمة ملاحظات لا بد منها
بقلم : حبيب تومي / أوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
 هذه بطاقة شخصية للتهنئة بفوز قائمة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري المتمثل في قائمة عشتار ، وتهنئة للحركة الديمقراطية الاشورية ، الزوعا ،  المتمثلة بقائمة الرافدين ، إن قائمتي عشتار والرافدين قد فازتا بجميع المقاعد المخصصة لشعبنا في برلمان اقليم كوردستان ، بعد حصولهما على اكثر من 80% من اصوات الناخبين من ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، وحصل المجلس الشعبي على ثلاثة مقاعد والحركة الديمقراطية الآشورية على مقعدين ، فالنتيجة واضحة لا لبس فيها وليس لها تأثير على قواعد اللعبة الأنتخابية ، وإن كانت هنالك بعض الأعتراضات من حصول بعض الخروقات فإن ذلك لا يؤثر على النتيجة النهائية .
إن المطلوب اليوم من الفائزين ان يفوا بوعدوهم في ضوء التعهدات التي قطعوها على انفسهم ، مسترشدين بما طرحوه من برامج قبيل الأنتخابات على اعتبار ان الناخب من شعبنا إن كان من الكلدان او السريان او الآشوريين قد منحهم صوتـه الثمين وثقتـه العالية لكي يفوا بما تعهدوا به من برامج ووعود .
بنظري علينا ان نقبل النتيجة بروح رياضية دون تشنج ، فالمباراة الرياضية دائماً هنالك الفائز الى جانب الخسران ، ولا يمكن ان يكون الجميع فائزين ، وهذا ينطبق على السياسة الى حد ما ، ونلاحظ في البلاد الديمقراطية كيف يبادر الخاسر الى تهنئة منافسه  الفائز ، رغم ان الفائز هو خصمه اللدود في اللعبة السياسية . واعتقد ان تقبل النتيجة في الديمقراطية الغربية ناجمة ومبنية على حقيقة  ان الأنتخابات كانت  نزيهة وشفافة ولا يوجد فيها خروقات او تزوير التي تتسم بها الأنتخابات في العالم  ( التالف ) عفواً  الثالث .                                                                                                    
    لكن في انتخابات اقليم كوردستان يمكن الركون الى النتيجة ، فهنالك تقارير من مراقبين والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات بأن الأنتخابات بشكل عام كانت نزيهة لا يمكن الطعن بنتائجها ، ومن هذا المنطلق ينبغي ان نقبل هذه النتيجة ونبارك للفائزين ، فأنا شخصياً اؤمن بالديمقراطية وعلينا ان نقبل بالنتيجة مهما كانت تحفظاتنا ورغباتنا .
 الملاحظات :
أولاً ـ
بحسب شاهد عيان الزميل اسكندر بيقاشا وهو ممثل موقع عنكاوا الذي حضر جانباً من عملية
الأنتخابات في منطقة زاخو ، وهو يشير الى التهديد بعقوبات جماعية في الخدمات التي تقدم للقرى التي لا تصوت لقائمة المجلس الشعبي ، إضافة الى التهديدات التي تطال الأفراد من حرمان الشخص من المساعدات الشهرية الأضافية او حرمانهم من الأراضي الموزعة لابناء شعبنا الى آخره من الأجراءات التي تدخل ضمن سياسة الجزرة والعصا التي اشرت اليها في احدى مقالاتي  .
 وكما قلت إن ذلك لا يشكل سبباً في إلغاء النتيجة التي اصبحت جزء من الواقع  وعلينا ان نقبل به .
ثانياً ـ
 كتب احد الأصدقاء في مقاله يقول إن الكلدان فازوا بهذه النتيجة المتدنية وهي بمثابة عقوبة من شعبنا لانهم مفرقي الصفوف ، إذ يريدون قومية كلدانيــة مستقلة وهذه كانت عقوبتهم ،  فأنا اقول للزميل الصديق الكاتب ، لماذا لم تنل قائمة الحكم الذاتي الأصوات الكافية للفوز بالمقعد ؟ علماً أنهم غير انفصاليين وليسوا اشرار كالكلـــدان او لنقل كالقوميين الكلدان فإنهم يكتبون في خطاباتهم : الكلدان السريان الآشوريين ، فلماذا اخفق هؤلاء ألأخيار ايضاً ؟ بحسب الميزان الساذج الذي تقيسون به النتائج .
 أقول للصديق العزيز أنطوان الصنا :
 نحن في عصر الأعلام ، والأعلام كان السبب في هذه النتيجة ،  فالأعلام هو اخطر الأسلحة ، فهو الذي يصنع الثورات وهو الذي يهيج الجماهير .
 ان اية الله خوميني اسقط شاه ايران ليس بالأسلحة التي لم يملك شيئاً منها ، إنما اسقطه باشرطة التسجيل التي كان يرسلها الى ايران ويروجها بين الجماهير .
وفي العراق كان الأنقلابيون اول ما يفعلون هو السيطرة على مبنى الأذاعة قبل اي تحرك عسكري آخر ، حيث كانت الأذاعة هي الوسيلة الرئيسية التي تملكها الحكومة لتكون مرآةً لقراراتها ، فمن كان يسيطر على مرسلات الأذاعة كان ينال قصب السبق في اعتلاء سدة الحكم .
وبصدد موضوعنا فإن فضائية عشتار التي عملت لصالح حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وقائمته عشتار ، وفضائية آشور التي تعمل لصالح حزب الحركة الديمقراطية الآشورية وقائمته الرافدين ، هاتان الفضائيتان كانتا وراء فوز قائمتي عشتار والرافدين .
 فقائمة الحكم الذاتي ليس لهم اعلام وليس لهم فضائية  لم يحرزوا اي نتيجة وكذلك قائمة الكلـــدان الموحدة  أخفقت بسبب أعلامها الضعيف وافتقارها لفضائية كلدانيــــــة .
، فيا أخي العزيز انطوان الصنا اعطني فضائيــة عشتار وانا سأجعل قائمـــة الكلدان الموحدة تحصد اكثر من 80%  من اصوات شعبنا في الأنتخابات القادمة ، وكما يقال في القوش ( ايتو بليما ومحكي عدولا ) .  فالطريق المستقيم واضح امامنا فلماذا نختار الأزقة والدرابين يا عزيزي انطوان ؟
ثالثاً ـ الزميل م. حداد يكتب مقالاً تحت عنوان : السيد حبيب تومي .. وأنت أين درست قواعد اللغة ؟ وهو يشير الى أخطاء قواعدية في حالتي الرفع والنصب ، وأقول اجل هنالك أخطاء لا شك في ذلك فقواعد اللغة العربية مسألة عويصة ومعقدة  .
في زيارتي لاحد الاساتذة الجامعيين في الموصل عام 2004 واسمه بهنام ولا اتذكر لقبه وهو من الخبراء في اللغة العربية ، واعتقد الآن هو في إحدى بلاد المهجر يقول :
إن الاساتذة الجامعيين ومنهم مدرسي الأدب واللغة العربية كانوا يقعون في اخطاء وكما قلتَ ينبغي الا يقع بها حتى طالب متوسطة او ثانوية ، وأنا حينما اكتب بسرعة لا شك ان مثل هذه الأخطاء تفوتني . لكن فقط اقول :
 أنا لم اهدف الى التهكم على الكتاب من ناحية قواعد اللغة العربية ، لكن فقط تناولت  وتساءلت عن تلك الفقرة وهي باسم الأبن والأبن والروح القدس وتساءلت إن كانت الواو جامعة ام مفرقة يا فطاحل اللغة ؟  وكنت اعني الكتّاب السياسيين الذين يمطرونا بالتهم والتي تصل احياناً الى تخوم الخيانة ، وجريرتنا اننا نضع الواو بين تسميات شعبنا ، فالمسالة كانت مناقشة سياسية ولم تكن لغوية ،  وأخيراً اشكرك على ملاحظاتك اللغوية القيمة اخي العزيز  م . حداد .
 حبيب تومي / اوسلو في 9 / 8 / 2009


329
اخي العزيز .. لماذا تتهجم على حبيب تومي وانت لا تقرأ ما يكتبه ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
لا اود الرد على المقالات الكثيرة التي يذكر كاتبها اسمي مباشرة على العنوان او في متن المقال بجهة ان لكل كاتب رأيه الخاص وأنا انسان ديمقراطي لا يعرف التعصب طريقه الى افكاري ولهذا اؤمن بحق الأخر ، ومتأثر جداً بقول فولتير الذي كان يختلف كلياً مع روسو ( قصة الفلسفة، وِل ديورانت ) ويقول له :
أنا لا تفق معك في كلمة واحدة مما قلته ، ولكني سأدافع عن حقك في الكلام وحرية التعبير حتى الموت ، وعندما هرب روسو من مئات الأعداء الذين كانوا يطاردونه ويحاولون الأعتداء عليه ، ارسل له فولتير دعوة صريحة كريمة ليقيم معه .
إنه تجسيد حي لحرية الرأي وحرية التعبير وقبول الآخر ، لكن اين نحن من هذه الثقافة ثقافة قبول الآخر ؟ قبل ايام قرات مقالاً تصدر صفحة موقع عنكاوا تحت عنوان " من الذي بدأ الهجوم ؟ وهو بقلم : جرجيس يونان الذي يقدم نفسه بأنه عضو المكتب السياسي لحزب بيت نهرين الديمقراطي .
نرحب بحزب بيت نهرين الديمقراطي وكل احزاب شعبنا إن كانت كلدانية او سريانية او اشورية ، واحترم رأي الأخ جرجيس يونان وما يكتبه لكن ينبغي ان يكون ما يكتبه واقعياً لا يستند على الخيال وهذا ما استشفيته من مقاله .
كان مقال السيد يونان موجه للصديق الدكتور حكمت حكيم  المعروف بثقافته وتاريخه النضالي وهو وهو في غنى عمن يدافع عنه ، لكن لو سمح لي الدكتور ان ارد فقط على بعض النقاط  العامة التي يذكرها الكاتب جرجيس يونان .
بدءاً أناقش ما كتبه الأخ جرجيس يونان بعد ان اقحم اسمي دون مناسبة في مقال بالأساس هو  رد على مقال الدكتور حكيم والموسوم : الهجمة الغير المقبولة على الكلدان .. لنعمل جميعاً على ايقافها . فلا ادري مغزى حشر اسمي في هذه المسألة ، وما علاقه ذلك برده حيث يقول الكاتب :
(( ثالثاً: ان من يطالع كتابات الاخ الكاتب حبيب تومي من النرويج، يصاب فانفلونزا الطائفية المقيتة، واتمنى ان لا تكون انت واحد من هؤلاء المصابين سيادة الدكتور(كذا)، لأن السيد حبيب يستيقظ صباحاً ويكتشف قومية جديدة ويأتي مسرعاً ويعلنها على الملأ  كأنه اكتشف اكتشافاً علمياً جديداً في الفيزياء أو الكيمياء. ))
 ويضيف الكاتب :
(( وان نظرياته وافكاره الضيقة << كما سمعت بعض منها عن طريق اشخاص وليس في المقالات >> التي يكتبها، فانها تثير الدهشة وعدم الدراية بالمسائل القومية الوحدوية التي تخدم المصلحة العامة، وان الطائفية المقيتة أعمت الحقيقة عنه ولا يريد ان يعرفها )) . انتهى الأقتباس من مقال الكاتب جرجيس يونان .
هذا ما يكتبه عضو المكتب السياسي لحزب بيت نهرين الديمقراطي الذي ينبغي ان يكون حريصاً في اختيار كلماته وألفاظه  ، إن كان في الحديث المباشر او عن طريق الكتابة . لكن يبدو ان السيد جرجيس يونان قد حسب ان حبيب تومي هو حائط نصيّص فيمكن إطلاق الحديث بحقه كيفما اتفق . لكن مع هذا التهجم الذي لم يكن له مبرر في سياق المقال ، سأحاول من جانبي ان اضع اعصابي في ثلاجة ليتسنى لي مناقشة  الأخ يونان بهدوء وروية :
أقول :
 من حسن الحظ ان الأخ الكاتب قال إن من يقرأ مقالات حبيب تومي يصاب بأفلاونزا الطائفية ، ويبدو ان الكاتب كان مندمجاً ومـتاثراً بموجة افلاونزا الطيور ثم افلاونزا الخنازير وعلى وزنها اخترع افلاونزا الطائفية ، ويبدو ان الأخ الكاتب قد اخفق في حساباته ، لان قرأء مقالاتي على موقع عنكاوا  ، فحسب ، هم بالالاف والحمد لله ، ولم يشكو اي منهم من افلاونزا الطائفية المقيت . وربما كانت الخشية من الأصابة بهذه الأفلاونزا  هي التي اوحت للاستاذ يونان جرجيس من الأحجام على قرأءة ما اكتبه على موقع عنكاوا وغيره من مواقع شعبنا .
ولهذا يقول الأخ يونان :
إن نظرياته ( حبيب تومي ) وأفكاره الضيقة كما ( سمعت )  بعض منها عن طريق اشخاص  وليس في المقالات التي يكتبها .
 اجل ان الاخ جرجيس يونان  ((سمع عنها ولم يقرأها )) ، وحاله كحال المؤرخين القدماء فالطبري الذي مات في سنة 310 هجرية كتب التاريخ المعروف بتاريخ الطبري كله عن اقوال عن كذا .. فيقول مثلاُ :
حدثني الحارث بن محمد ، قال حدثنا ابن سعد ، قال : اخبرنا هشام بن محمد ، قال : أخبرني ابي ، عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزل آدم عليه السلام .. الخ ، وهكذا كتب تاريخه على هذا المنوال .
فيبدو ان ألأخ يونان رجح اسلوب السماع والرواية بدل القراءة  والتمحيص والتي توفرها شبكة الأنترنيت في هذا العصر ، ويخشى ايضاً  امر افلاونزا الطائفية ففضل ان يكون سامعاً  لكتابات حبيب تومي عوضاً عن قراءتها  ، ولو كان كلف نفسه قليلاً ولم يخشى العدوى ان تصيبه لقرأ  على المقال الذي كتبته تحت عنوان :
(كلنا شعب واحد وقومية واحدة وهي القومية الكلدانية ) والتي كان قراؤها على موقع عنكاوا فقط ما  يربو على الفين من القراء  .
فالمقال كان واضحاً فانا اعرف اسم قوميتي وهي واضحة وضوح الشمس وأصيلة وهي حقيقة فليس حاجة هنالك الى احلام . وقد كتبت اسم قوميتنا الكلدانية في استمارة الأحصاء لعام 1977  ومسحت من قبل المسجل ، ولهذا لا نحلم كل ليلة في قومية جديدة .
كان الأجدر بالأخ يونان جرجيس ان يقول انه هو والأحزاب الآشورية عموماً يحلمون في الليل بقومية جديدة فيوم يخترعون كلدوىشورية وآخر كلدواشوريسريانية ثم في تسمية  كلدان سريان آشور ... الى آخره ، فيركضون ويبشرون بها في فضائية آشور وفضائية عشتار في اسم قومية جديدة غير موجودة على كوكب الآرض لكن على طريقة جوزيف غوبلر وهو مهندس الدعاية لهتلر يقول :

إذا قلت كذبة كبيرة وبقيت تكررها فإن الناس سوف يؤمنون بها في النهاية ..
هكذا انتم ابها الأخ  يونان ، تعملون على ادلجة وتاطير  الناس كما تشاءون في عملياتكم الدعائية التي تصرفون الملايين والغاية معروفة للقاصي والداني وهي إلغاء اسم القومية الكلدانية والأبقاء على التسمية الآشورية . وليس لكم هدف آخر فلا يهمكم وحدة شعبنا بقدر ما تهمكم السيطرة على كل مقدرات شعبنا والهيمنة على الكعكة برمتها تحت يافطة انكم اخيار وموحدين تحافظون على وحدة الأمة ، وغيركم اشرار مفرقي  صفوف الأمة ، هذا هو النسق الذي دابتم على تطبيقه بحق شعبنا معتمدين على البروباكندا التي تصرفون لتحقيقها الملايين . ولا بد للحقيقة ان تنجلي  للجميع عاجلاً او آجلاً .
 إن الأستاذ جرجيس يونان  يحلم كل ليلة بتسمية ليست موجودة ة على ارض القارت الخمس المعروفة فحلموا فيها في الليل وقالوا هذه قوميتنا وهي التي توحدنا ، فمن يحلم منا يا اخ جرجيس يونان ؟
 وكما ترى انا لا اكتشف كل يوم قومية جديدة ،  لكن الذي يحلم هو انت وحزبك وألأحزاب الأشورية حيث تكتشفون كل يوم قومية جديدة وبأسماء جديدة وكأنها اكتشافات في الفيزياء او الكيمياء كالتي تشير اليها في مقالك .
 فأنا يا اخي جرجيس يونان يتلخص اعتقادي في العبارة الآتية وأتمنى ان لا تكون خائفاً الى هذه الدرجة من الأفلاونزا لكي تقرأ هذه الأسطر القليلة فرأيي يتلخص في الملاحظة في آخر هذا المقال .
 أدعو في جميع مقالاتي للوحدة الحقيقة المبنية على الشراكة الصحيحة والشفافية دون لف ودوران وعدم حصرها في دمج تسمياتنا بشكل مشوه لا يمت بشئ الى الواقع والموضوعية .
أما بالنسبة للدكتور حكمت حكيم فقد مد الرجل يده من البداية  للتعاون ولجمع الصفوف ولتوحيد الكلمة ، وحضر مؤتمر المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري في عنكاوا ، وأنا شخصياً كنت أرغب في الحضور للمؤتمر لولا بعض العوائق التي كانت متعلقة في جواز سفري ، لكن فقط اقول ان حضور المؤتمر ومد يد التعاون لا يعني إلغاء قومية الحاضرين للمؤتمر ووضع حد لانتماءاتهم القومية .
 إن التعاون والعمل من اجل الوحدة هو الشراكة الصحيحة المبنية على الأحترام المتبادل والندية ، ولا أحكام اديولوجية تنظيرية كالتي كان يزاولها القومويون العرب بحق القوميات الأخرى غير العربية ، فالتعاون بين مكونات شعبنا إن كان في المجلس الشعبي او بأي تقارب آخر يعني التعاون الشفاف النّدي المتكافئ على قواعد راسخة  من التفاهم الأخوي وليس على قاعدة اقصاء اي طرف من اطراف الشراكة .
لقد جلست الأحزاب الكردية في مطاوي التسعينات فيما بينها ، ووضعت حداً للاقتتال بينها ونظمت حقوق كل الأطراف بشكل نزيه وشفاف ، هكذا تكون الوحدة وليس بالصراع واحتكار المكاسب وجعل الآخرين قطيع مطيع لا يعارض الأسياد .
أرجو ان تكون رسالتي قد وصلتك اخي جرجيس يونان عضو المكتب السياسي لحزب بيت نهرين الديمقراطي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحية للاخ العزيز كامل زومايا
 أخي العزيز :
قرأت مقالك المعنون : حبيب تومي وقضايانا القومية ، واعذرني لاقول لك انني قرأت فيه الكثير من الأنشاء ، ولم اقرأ فيه سوى  نبرة كيل التهم التي عكفتم على ترديدها بنسق يبعث على الملل يا اخي العزيز زومايا ، ولكن مع ذلك ارجو ان تقرأ رأيي حول موضوع التسميات ووحدة شعبنا بأنها تتلخص في :
(((( أجل :  نحن شعب واحد وقومية واحدة ، وهذه القومية أقول أنا وأحزابنا الكلدانية وأساقفتنا الأجلاء أنها القومية الكلدانيــــــــــــــة ، وبعضنا يقول هي القومية الآشورية وأخرون يقولون هي القومية السريانية وغيرهم  يقولون انها القومية الآرامية . فالموضوعية والواقعية تنحصر في البحث في هذه التسميات بمنطلق علمي مدروس بعيداً عن الميول السياسية والأهواء ، لان اصحاب هذه التسميات والمؤمنون بها لهم جميعاً من الحجج ما يبررها . ))) .
 تقبلوا جميعاً تحياتي ومحبتي .
 حبيب تومي / اوسلو في 6 / 8 / 2009

330
بسم الأب والأبن والروح القدس،هل الواو هنا مفرقة ام جامعـة يا فطاحل اللغة ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
بعد السماح من الكاتب الجليل مؤيد هيلو حيث اقتبست جزء من عنوان مقاله الموسوم : باسم الأب والابن والروح القدس الأله الواحد آمين ، والمنشور في موقع القوش دوت كوم .
 وانا شخصياً اقدم هذا المقال هدية  للاخ تيري بطرس وللصديق العزيز .... الذي استمرأ الطاعة العمياء  وهي غريبة عن سمة المثقف الواعي ( المستقل ) ، والذي مع الأسف اصبح ملكياً اكثر من الملك ، وهما مع بعض الأخوان من كتاب شعبنا استساغوا مسألة لصق شتى النعوت والمثالب بحق الكتّاب من ابناء شعبنا الكلداني ومن يجرؤ على وضع واو العطف بين مكونات شعبنا .
فلقد دأب بعض الكتاب الموالين للاحزاب الآشورية الى وصم الكتاب من ابناء شعبنا الكلدانيين والذين يجمعون مكونات شعبنا بوضع واو العطف بين تسميات شعبنا بهدف جمعها بمكون واحد تمثل شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين دون تلاعب في هذه الأسماء وتشويهها بأي شكل من الأشكال .
 لكن بعض الكتاب من الأخوة الكلدانيين والذين يفتخرون بتبخيس قوميتهم الكلدانية ، والمتأثرين بالبروبكندا الأعلامية للاحزاب الآشورية ، فباتت الأوهام تماهي مصلحة شعبنا وتختزلها في إطلاق تسمية هجينة وكانها السحر الذي يؤول الى حل مشاكلنا قاطبة  ما دمنا قد رفعنا الواوات من بين  تسميات شعبنا .
 لقد  عكف هؤلاء  مع الأسف بلصق مختلف التهم على كل من يقول :  الكلدان والسريان والآشوريين وينعتوهم بمختلف التهم والمثالب منها المفرقيين والأنفصاليين والأنقساميين وممزقي اوصال الأمة ، وتصل الى تخوم التخوين في مناسبات كثيرة , وسؤالي لجهابذة اللغة هؤلاء اقول :
 هل ان باسم الأب والأبن والروح القدس هو قول يفرق هذه المكونات الواحدة ؟
يقول الأستاذ مؤيد هيلو في مقاله الموسوم : باسم الأب والأبن الروح القدس :
 إن السيد المسيح قال بفمه ألإلهي قبل صعوده الى أبيه السماوي مُوصِياً رُسُله :
(( أهبوا وتلمذوا كل العالم بإسم ألآب وألإبن والروح القدس)) ..أليس من حقنا أن نطالب ونصر على تسميتنا بالكلدان والسريان والآشوريين في دستور كردستان العتيد!!  ( انتهى الأقتباس ) .
وأنا اقول هنا لماذ لم يوصي السيد المسيح تلاميذه بأن يذهبوا الى العالم ويبشروا ( باسم الأب الأبن الروح القدس ) ، ودون وضع الواوات بين الأقانيم الثلاثة ، بموجب تنظيرات الاحزاب الآشورية والموالين لها .
فلماذا وضع الواو بين تلك الأقانيم الثلاثة ليرمز لها وكأنها أقنوم او روح او كيان واحد ؟
 فهل تذهب هذه الأحزاب وكتابها هؤلاء بالسماح لانفسهم باتهام السيد المسيح له المجد بأنه كان مفرقاً حينما وضع واو العطف الجامعة بين الاقانيم الثلاثة ؟
 وهل كان استعمال واو العطف بتلك الصيغة بغية التفرقة ام من اجل الجمع ؟ وكما تريد الأحزاب الآشورية والبروباكندا التابعة لهم . ليتهمونا ليلاً ونهاراً نحن الكتاب الكلـــدان بأننا ممزقي الأمة ومفرقي صفوفها وبعض الأحيان نحن متآمرون وخونة لاننا نضع واو العطف بين اسماء شعبنا الجميلة .
 فأين الحقيقة يا جهابذة اللغة ؟
 بأي مدرسة درستم قواعد اللغة العربية وبأي منجد قرأتم بأن واو العطف الجامعة هي مفرقة ؟
فأين التفرقة التي اضعها بين اولادي حينما اقول لدي ثلاثة اولاد وهم : رياض ورائد ونورس .
 فأين وجه التفرقة والتمزيق يا فطاحل اللغة ؟
وأين وجه التفرقة حينما يسمي ادي شير كتابه : كلدو وآثور ؟
 وأين التفرقة في قول سيد المسيح حينما يقول بشروا باسم الأب والأبن والروح القدس ؟
 إنكم أيها السادة ببساطة تخدعون انفسكم وتريدون ان تخدعوا غيركم ، تمشياً مع اجندة الأخوة في الأحزاب الآشورية والتي تريد ان تكون الكعكة كلها من نصيبها حصراً حينما يؤسسون على التسمية الغريبة   ، على اعتبار اننا شعب واحد بشكل مقرف وهجين ليس مثيله كما قلت في اثنوغرافية الشعوب في الكرة الأرضية قاطبة .  وإن جدالاتكم العقيمة تريدون ان نصدق بأن الأبيض هو اسود ، وإن الأسود هو ابيض ، فأقول :
 ما هكذا تورد الأبل ايها السادة وأيها الأشقاء . إنكم تطيعون ما يقال لكم ، بمستوى الأوامر العسكرية التي تقول : نفذ ثم ناقش او ربما بصيغة : نفد ودون مناقشة .
 إن من يخالفني فيما كتبته بهذا السياق فأنا اقبل بالحوار البناء والمجادلة الحضارية الرصينة وحتى المناظرة على الهواء مباشرة .
وأقول :
أجل :  نحن شعب واحد وقومية واحدة ، وهذه القومية أقول أنا وأحزابنا الكلدانية وأساقفتنا الأجلاء أنها القومية الكلدانيــــــــــــــة ، وبعضنا يقول هي القومية الآشورية وأخرون يقولون هي القومية السريانية وغيرهم  يقولون انها القومية الآرامية . فالموضوعية والواقعية تنحصر في البحث في هذه التسميات بشكل علمي مدروس ، فجميعها لها من الحجج ما يبررها .
أما تسميتكم الغريبة الهجينة ، كلدان سريان آشور ،  التي لا توافق المنطق او العلوم السياسية او الأجتماعية او الأنثروبولوجيا فلا يمكن الركون اليها ولا يمكن تثبيتها كأسم لقومية شعب يعتد بتاريخه العريق ومهما ارتفعت اصوات البروبكندا من فضائياتكم  ومن ماكنتكم الاعلامية ولهذا اقول :
 تستطيعون ان تخدعوا كل الناس بعض الوقت ، او تخدعوا بعض الناس كل الوقت . لكن لا تستطيعون ان تخدعوا كل الناس  كل الوقت .
وأقول بإخلاص :
 علينا في الوقت الحاضر ان  نبقي على تسمياتنا الجميلة  الكلدان والسريان والآشوريين وكل منا يعترف بشقيقيه دون تشنجات ودون تهميش ودون تخوين ودون وصاية ودون تنظيرات اديولوجية ، ومن هذه الأرضية سنكون شعب واحد وقومية واحدة إن شئتم ولكن دون المساس بالقومية الكلدانية ، فنحن الكلدانيون لنا حقوقنا القومية في هذا الوطن حيث نشكل القومية الثالثة ولا يمكن إلغاء التاريخ  بغية الهيمنة على حقوق شعبنا الكلداني في عموم العراق وفي اقليم كوردستان .
إن لوائح حقوق الانسان وحقوق الأقليات تعطي لنا الحق في ان يكون علينا واجبات المواطنة ولنا حقوق المواطنة كاملة ايضاً من غير فرض الوصاية على شعبنا الكلداني مهما كانت الذرائع .
حبيب تومي / اوسلو في 4 / 8 / 2009

331
حرب التسـميات بين ابناء شـعبنا من اختلاق الأحـزاب الآشـورية حصرياً
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
عجزت الأحزاب الآشورية العاملة على الساحة السياسية العراقية عن ايجاد لغة حوار عصرية ومخارج سلمية وعقلانية للاختلافات الفكرية التي كانت مختلقة حولها وإن لغة التناحر وتبادل الأتهامات هي سيدة الموقف بين هذه الأحزاب ، ولعل من يستمع الى حواراتهم في غرف البالتاك ، او يقرأ المقالات المدونة على المواقع يستنتج هذا الواقع دون عناء . وفي التاريخ الطويل نسبياً لهذه الأحزاب لم تتوفق في التوصل لايجاد لغة مشتركة والعثور على قاسم مشترك متمثل في الحد الأدنى من الأتفاق والى اليوم تعيش هذه الأحزاب هذا الواقع المرير .
في سنة 1920 انطلق رجل اسمه السيد محمد بن أحمد الحسيني المنشئ البغدادي في رحلة بديار الكورد ومواطن العراق الأخرى وكان برفقة المقيم البريطاني ببغداد وهو كلاديوس جمس ريج وكانت رحلته  الى شهره زور وسنة ، وسقز ، وكركوك وكوبري وأربل والموصل وأنحاء أخرى ، وما يهمنا هو ما يكتبه عن مناطقنا في كتابه الموسوم رحلة المنشئ البغدادي نقلها عن الفارسية عباس عزاوي المحامي يقول ص 59
(( .. من تبة رش الى السليمانية ثلاثة فراسخ ، والسليمانية بلدة فيها ستة آلاف بيت كلهم كورد شافعية وفيهم نحو ثلثمائة بيت يهود وخمسون بيتاً للنصارى الكلـــدان .. )) .
وفي ص 78 عن كرملش وأنحائها يقول :
(( في تلك الأنحاء قرى كثيرة كلها نصارى كلدانيون وسريانيون ، وجميعها تزرع الحنطة وتتعاطى النسيج . )) .
وفي ص 85 ـ 86 يقول :
(( .. ومن دير الربان هرمز الى القوش فرسخ واحد وهذه قرية نفوسها نحو ألفي بيت كلهم من الكلـــــــــدان ، وجبلهم هذا في حكم باشوات العمادية ، وان القوش نصف منها يعد من الموصل والنصف الآخر يعتبر من العمادية .
ويضيف :
ومن القوش الى تل أسقف ( تللسقف ) أربعة فراسخ وأن الطريق سهل وبيوتها نحو ألف ، كلهم كلـــــــدان .. ومن تلسقف الى تلكيف فرسخان . وهذه تبلغ الفي بيت كلهم كلــــــــدان .. )) .
هذا شاهد عيان سنة 1920 وليس بمسيحي او منتمي الى حزب كلداني ، وهو يقول ص 16 أنه لا يأبه إلا لما شاهده رؤى العين ، ولا يبالي بالمسموع المنقول . لقد دوّن كل ما رآه بلا زيادة ولا نقص في مجموعة أراد ان تكون نبراساً لارباب النهى .
في اعقاب الحرب العالمية الأولى وفي خضم هجرة القبائل الآثورية الى هذه الديار ، قدم الكلدانيون ما استطاعوا تقديمه لاخوانهم الآثوريين ، ولكن اخواننا الآثوريين قلبوا لهم ظهر المجن ، ولم ينطلقوا في توجهاتهم بإطار ديمقراطي إنساني ، إنما انطلقوا بعقلية قومية أديولوجية متزمتة ، ولم يعيروا اهتماماً لمشاعر اخوانهم الكلدانيين ، فعملوا المستحيل وفرغوا كل جهودهم لمحاربة الأفكار القومية الكلدانية ، وهو يتوجسون خشية بأن نهوض الشعور القومي سيعني تقليص ساحة العمل للاحزاب الآشورية .
 لقد جرت محاولات لكسب المثقفين الكلدان في مطاوي التسعينات من القرن الماضي الى صفوف الحركة الديمقراطية الاشورية ، وفعلاً افلحت الحركة من كسب نخبة كبيرة من اليساريين خصوصاً من الآلاقشة الى صفوفها ولكنها لم تفلح في كسب الشخصية الكلدانية العراقية المعروفة المرحوم توما توماس الذي كان يؤمن بحرية الرأي وحرية الأنتماء ويؤمن بالحتمية التاريخية .
وتناغماً مع هذه الأستراتيجية أظهرت الحركة الديمقراطية الآشورية تنازلاً  عن التسمية الآشورية الى تسمية كلدوآشورية وذلك في الأعلان المرسل الى الآخر خارج الحركة ، وليس الى داخل تنظيم الحركة بدليل تشبثها وتمسكها باسمها الحركة الآشورية وفضائيتها الآشورية أيضاً ، مع توزيع اوراق الكلدوآشورية لكسب لفيف من الكلدان وهم تحت خيمة هذه التسمية التي تعلقها على بعض المنظمات التابعة لها . واللعبة منطلية على الكثير من الكلدانيين لحد الآن .

المعلوم ان الأحزاب الآشورية لا يمكن ان تتخلى عن توجهاتها القومية وتشكل التسمية الآشورية العمود الفقري لهذه التنظيمات وهي العامل السحري في كسب ود الفرد الآشوري ، ومن ناحية أخرى  يسيل لعاب هذه الأحزاب للكثافة السكانية للكلدانيين ، إن كان في الوطن او في دول المهجر ، فطرحوا اسم الكلدان السريان الآشور ، كتسمية قومية وهم مؤمنون انه لا يوجد مثل هذه القومية في الكون ، لكن تسخير الماكنة الاعمية الاشورية برمتها لهذا الغرض قد افلحوا في تمرير التسمية ولو الى حين ، وفعلاً واحد من اصدقائي في امريكا يقول : ألم تكن هنالك جيكوسلوفاكيا قومية  خليطة ؟ فلماذا لا تكون هنالك قومية كلدانية سريانية آشورية ، ومع هذه السطحية في التفكير  نحاول ان نبرر ونقنع انفسنا بما ليس موجوداً .
عزيزي القارئ هذا هو الجدل الذي اسسته الأحزاب الآشورية لغايات اديولوجية قومية سياسية لا غير ، والمسألة كما قلت سابقاً هي مسألة الكعكة ، فلو كنا سريان وآشوريين وكلدان ، وأرمن  لكان في كوتا اقليم كوردستان للقوى المسيحية كما يلي :
 ثلاث مقاعد للكلدانيين
مقعد واحد للآشوريين
 مقعد واحد للسريان
مقعد واحد للارمن
فالأشقاء الآشوريين يعرفون من اين تؤكل الكتف ، فما هو الضير في طرح شعار وخلق قومية جديدة هجينة وترقيعها ثم الخروج بقومية جديدة رغم قناعتهم بعدم وجود مثيلها في اثنوغرافية شعوب الآرض قاطبة .
لم يكن هنالك جدالاً حول التسميات وكل شخص كان حراً في ان يسمي نفسه وقوميته دون اتهامه بخيانة او تمزيق الأمة ، فالكلداني يقول انا كلداني والسرياني يقول انا سرياني والآشوري يقول آنا آشوري ، فلماذا يكون هناك تمزيق الأمة في إحلال الحرية والديمقراطية في المجتمع واحترام الجميع دون فرض افكار أديولوجية ثابتة ؟ ودون فرض ثوابت ؟
إن هذا الجدال العقيم هو مجرد افكار قومية متزمتة تفرضها احزابنا الآشورية على ساحتنا فتشغلنا عن التركيز على القضايا المهمة كالهجرة والبطالة وغيرها من المشاكل التي تمزق شعبنا بحق وحقيقة .
 حبيب تومي / اوسلو في 1 / 8 / 2009

332
الأحزاب الآشورية في حلف غير مقدس لمنع اي حزب كلداني من الفوز
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
الأحزاب الآشورية ومنظريها يسعدهم بتشفي ان يصفوا إخفاق القائمة الكلدانية الموحدة بسبب توجهاتها الأستقلالية ووصفها بأقذع النعوت ولا يعدموا مناسبة دون استغلالها للنيل من طموحات الشعب الكلداني لاثبات هويته الكلدانية ، فقد عبر عن ذلك السيد فوزي البازي في مقاله المعنون : الرافدين فازت بأصوات شعبنا والمجلس فاز بأصوات السلطة . يقول الكاتب بالحرف الواحد :
(وبالنسبة لقائمة الكلدان الموحدة فقد اعطى الشعب الكلداني السرياني الاشوري قراره الفاصل برفض التوجهات العنصرية والتقسيمية لهذا الشعب الذي عانى منها كثيراً ) .
والسيد يونان هوزايا بقصد الأستهجان والتشفي ايضاً يقول :
وحدة شعبنا بكل تسمياته والعمل ضمن هذا الاطار، شذت عن ذلك قائمة الكلدان الموحدة، وبرأينا جربت "حضها" أكثر من مرة، وكان الجواب واضحا، فعدد الاصوات التي لم تبلغ الالف يغنينا عن التعليق.
 بهكذا تعليقات لا يمكن ان تثنينا عن النظر بموضوعية الى هذه النتائج ودراسة واستخلاص العبر . فالأخوة الفائزون والحائزون على اصوات الكلدانيين ، يريدون ان يخرجو بنتيجة وكأن هذا التصويت هو استنكار والنيل من الأحزاب الكلدانية وتقزيم دورها واستثماره وتوظيفه لاثبات اجندتهم الأديولوجية القومية .
لكي نبقى بالصورة :
 ( فانا شخصياً كنت متوقعاً هذه النتيجة او مقاربة لها ، فأحزابنا الكلدانية تعاني من عدة معضلات . ويأتي  في مقدمتها مشكلة التمويل)  .
 إنه البذخ في الدعاية الأنتخابية لهذه القوائم باستثناء قائمة الكلدان الموحدة  ، فما اعرفه ان مصاريف الدعاية مكفولة للقوائم الثلاث ، ولا تعاني اي مشكلة بهذا الخصوص إن كان قائمة المجلس الشعبي او قائمة الزوعا او قائمة حزب الوطني الآشوري فالمال لا يشكل اي عائق في عملها وفي مسلسل الدعاية الأنتخابية بشتى صوره .
من ناحية اخرى فإن الأحزاب الاشورية الثلاثة منها المجلس الشعبي والوطني الآشوري لهما صوت مسموع في اقليم كوردستان في ايجاد وظائف لانصارهم في حكومة اقليم كوردستان ، أما من يريد ان يتوظف من ابناء شعبنا الكلداني فينبغي ان يعلن ولائه لهذين الحزبين بعد تقديم شهادة حسن السلوك بأنه لا يؤيد القوميين الكلدانيين الأنفصاليين ، وإن يعلن تأييده وتفانيه للقومية الجديدة المعروفة باسم الكلدان السريان الآشورين والله ولي التوفيق وهو خير الرازقين .
 اما التوظيف في وظائف الحكومة المركزية فتمر عبر اعلان الولاء للحركة الديمقراطية الآشورية ثم الأنسلاخ من كل الأفكار القومية الكلدانية الهدامة وهو الشرط الذي يؤهل المتقدم للقبول في تلك الوظيفة ولا نريد ان نشير الى الأسماء  فهي معلومة .
هذا من الناحية المادية والوظائف اما من الناحية الأعلامية ، فليس للكلدان اية فضائية ونحن نعلم كم هو تأثير الفضائية والشاشة الصغيرة التي تدخل الى العائلة في البيت ، فهذه نقطة مهمة تفتقد اليها التنظيمات الكلدانية .
 ثم نأتي الى موضوع اهم في هذا الأخفاق فالمسألة لا تقتصر على فقدان الكلدان لتلك الأمكانيات ، بل تتعدى المسالة  الى الحملة الأعلامية المتواصلة والمنظمة والموجهة التي تشنها الماكنة الأعلامية الآشورية وفي مقدمتها فضائية عشتار وفضائية آشور وكذلك المواقع الألكتورنية التي تعمل على تكميم الأفواه لكل صوت كلداني ، وخلق تعتيم اعلامي على كل ما ينهض بالأسم القومي الكلداني ونعته بأقسى النعوت ليصل الى تخوم التخوين ، فقد وضع حاجز نفسي لكل من يدعي انه كلداني ، فأنا استلم رسائل مؤيدة للتوجهات القومية وحينما اقول هل انت مستعد ان تعلن ذلك ؟ يقول:
 دعني اخي حبيب لا اريد المشاكل . وهكذا يمكن وصفه بأنه إرهاب فكري ، إذ يخشى صاحبه من المجاهرة خوفاً من المشاكل الناجمة عن ذلك .
إن الأحزاب الآشورية مشتتة لا يجمعها جامع وليست متفقة فيما بينها في شئ سوى في محاربة الكلدانية وتقزيم تأثيرها ووأدها في مهدها ، فهذه الأحزاب ( الآشورية ) يربطها حلف شرير غير مقدس لمحاربة كل توجه كلداني ، وهي تسلك في ذلك اسلوب الترغيب والترهيب ، فيلوحون بالجزرة والعصا فمن لا يأتي بالجزرة فالعصا لمن عصا .
بقي ان اقول :
 أمام التنظيمات الكلدانية والنخبة المثقفة الكلدانية طريق طويل فأولاً امامهم مقاومة الماكنة الآعلامية الآشورية  والعمل على تعريتها وتعرية الغايات العنصرية المقيتة لهذه الماكنة التي تعمل بكل السبل على طمس كل تراث او او ادب او اسم كلداني ، وإعلاء الشأن الآشوري وتصرف من اجل ذلك الملايين . هذا هو الواقع ولا يوجد تأويل آخر للمعادلة والحقيقة واضحة وضوح الشمس .
أجل امامنا طريق طويل لكن لا يوجد هنالك شئ مستحيل فمسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة وهي الخطوة الأولى ونحن قد خطونا تلك الخطوة .
 حبيب تومي / اوسلو في 28 / 7 / 2009

333
فضائية عشتار قناة بروبكندا لقائمة حزب واحد أفقدها المصداقية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
في زيارتي الأخيرة للوطن زرت بناية فضائية عشتار ورافقني الأستاذ فريد عقراوي في جولة باقسام الفضائية ثم التقيت بالصديق شمعون متي والأستاذ رازميك ، كانت فرصة طيبة للاطلاع على اقسام فضائية عشتار المعروفة والتي تأخذ مساحة كبيرة من اهتمامات شعبنا وبينهم الكثير ممن يحرص على مشاهدة هذه القناة فيكون لها حضور مميز بين عوائل شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين .
قد يتساءل القارئ الكريم لماذا سميت المجلس الشعبي بالحزب ، والسبب لان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري  بات واضحاً وهو يحمل كل صفات الحزب السياسي ، وليس هنالك اي فرق بينه وبين اي حزب سوى بالتسمية ، فالزوعا ايضاً اسمها ( الحركة ) الديمقراطية الآشورية لكنها حزب سياسي رغم اسمها .
 لقد كان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري يشكل مظلة لمجموعة من الأحزاب والتنظيمات في المجتمع المدني ، وكان يقف على مسافة واحدة متساوية من تلك التنظيمات ويعمل على التنسيق بينها ، لكن في الآونة الأخيرة نزل هذا المجلس الى مستنقع السياسة وشكل قائمة انتخابية مستقلة تحمل اسمه ، طامعاً في مقعد او اكثر ينتزعها من حصة احزابنا السياسية  فطفقت تشكل قائمة منافسة ساخنة مع قوائم شعبنا الأخرى ، اي ان المجلس الشعبي بات حزباً سياسياً يشكل طرفاً ينافس الأخرين على المكتسبات السياسية منطلقاً من قدراته المادية  وهي المخصصة بشكل اساسي للمسيحيين قاطبة وليس لحزب محدود .
وإن كان للمجلس الشعبي .. ان يتخذ له منحى سياسي وإن يشغل موقعاً سياسياً في المعادلة السياسية فهذا امر متروك للمجلس ولقيادته .
 لكن ماذا عن فضائية عشتار ؟
إن هذه الفضائية ينبغي ان تتسم بحيادية ومهنية واضحة وألا تركن الى مناصرة هذا الطرف ضد الطرف الثاني في المعادلة السياسية والتي يمثلها قوائم شعبنا المتنافسة .
ففضائية عشتار في حساباتنا ينبغي ان تكون تلك المرآة الناصعة النظيفة العاكسة لتراثنا ولغتنا ولطقوسنا الدينية ، والفضائية رغم ان الكنيسة الآشورية بشقيها  لها حصة الأسد من التغطية الأعلامية فيها ، فنحن لا نرى غضاضة في ذلك فهذه الكنيسة نحمل لها التقدير والأحترام ، وليس هنالك اعتراض  في ان تنال من اهتمام فضائية عشتار مساحة اكثر إن كان يروق لهم ذلك .
وبرغم ان الفضائية تظهر ايضاً انحيازاً  كاملاً  للهجة الآثورية وللغناء الآثوري ، فهذا لا يغضبنا ايضاً لاننا نحن ايضاً نحب الغناء الآثوري فليس هنالك من اشكالية رغم ان هذا الأنحياز يلحق غبناً ببقية المطربين من غير الآشوريين  .
 المهم في الوقت الحاضر هو اللعبة السياسية الساخنة في إجراء الأنتخابات في اقليم كوردستان .
إن فضائية آشور كما هو معلوم هي فضائية الحركة الديمقراطية الآشورية وهي تقوم بالدعاية لقائمتها وهذا حق مشروع لا نتدخل فيه ، لان هوية فضائية آشور معروفة وليس لنا بها حصة .
 لكن نتكلم عن فضائية عشتار الناطقة بلسان المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين . أو كما تدعيه الأحزاب الآشورية بتطبيلها وتزميرها ليل نهار للتسيمة الهجينة  : كلدان سريان آشور .
 فهل لهذا الشعب أقصد الشعب المسيحي  حزب سياسي واحد ؟ ام عدة أحزاب ؟
 فإن كانت عشتار تعترف بكل كنائسه فعليها ان تعترف بكل احزابه ، ومن منطق الديمقراطية فإن هذه الأحزاب جميعاً تملك نفس الحق في فضائية عشتار فلا يجوز لقناة عشتار ان تكون بوق دعاية ومنبر بروباغندا لقائمة حزب واحد دون بقية الأحزاب ، فلنا اربعة قوائم تمثل شعبنا والمرشحين في هذه القوائم جميعهم ابناء طيبين لشعبنا كل منهم يريد ان يقدم خدمته بالأسلوب الذي يراه مناسباً .  

لو كان لي صوت مسموع في فضائية عشتار لجعلت منها فضائية مثالية راعية لجميع قوائم شعبنا دون تمييز واجريت تغطية متساوية للجميع ، كما كنت  فسحت المجال لمحاورات ومناظرات بين هذه القوائم لكي يعرف شعبنا طريقه ويعرف من يختار ، وبذلك  يشار لفضائية عشتار بالبنان على انها تمثل كل شعبنا وقواه القومية والسياسية والكنسية لانها تنظر اليهم جميعاً بمنظار واحد .

إن موقع عنكاوا بإمكانياته المتواضعة قام بتغطية موضوعية وحيادية متكافئة للجميع كما لجأ لاجراء مناظرة بين هذه القوائم التي تغيب عنها مندوب قائمة المجلس الشعبي لسبب لا نعرفه .
اقول دون تحيز لقد نجح موقع عنكاوا في احلال الموضوعية والحيادية بدل الأنحياز ، لكن فضائية عشتار قد اخفقت في هذا الأمتحان  حينما تحولت الى بوق بروباغندا لقائمة واحدة ، ومهما كانت منزلة تلك القائمة فكان على فضائية عشتار الا تخاطر بسمعتها .

 اجل لوكان لي الصوت المسموع في هذه الفضائية  لمنحت الوقت المناسب للقوائم من الأحزاب الآشورية والكلدانية والسريانية ودون تفرقة بينهم ، على اعتبار ان فضائية عشتار هي فضائيتهم جميعاً ، وهي فضائية المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين وهذه هي النظرة الواقعية والموضوعية التي ينبغي ان نسلكها حينما نقول اننا شعب واحد بالقول والفعل وليس في خلط التسميات ونقول لشعبنا بعد خلط اسماءنا  . ها نحن اصبحنا وحدة واحدة وكفى المؤمنون شر القتال .
إنه الضحك على الذقون ايها السادة ليس أكثر .
كان يجب على فضائية عشتار ان تكون منبراً حراً  لقوائمنا الأربعة دون تحيز ،  لكن بوضع نفسها في موقع بوق للدعاية لحزب واحد تكون الفضائية قد فقدت مصداقيتها في تمثيل شعبنا بشكل حقيقي . لقد قبلت على سمعتها ان تكون مجرد بروباكندا لحزب واحد فحسب ، ففقدت كثير من صدقيتها في المعادلة السياسية على الأقل ، وفي تمثيل شعبنا وقواه السياسية بشكل عادل نزيه وشفاف  .
 حبيب تومي / اوسلو في 24 / 7 / 2009

334
المنبر الديمقراطي الكلداني في الأحضان .. يا الله زيد وبارك  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no
 
أكتب هذا المقال كتحليل سياسي ولا يجب تأويل الأمور بمنظار شخصي فأنا اكن فائق التقدير والأحترام لكل ساسة شعبنا وفي مقدمتهم رابي سركيس والأستاذين جميل زيتو وسعيد شامايا ، فهذا المقال هو رأي سياسي  والأختلاف في الرأي ينبغي الا يفسد في الودّ قضية .
كان المنبر الديمقراطي الكلداني قد تأسس بمبادرة من نخبة مثقفة من ابناء شعبنا الكلداني في الولايات المتحدة ، وفي نيسان 2004 عقد المنبر مؤتمره التأسيسي في ديترويت  وكان من بين الحضور ثلاثة اعضاء قدموا من العراق تحت عنوان ، ممثلو الوطن ، حيث وجهت لهم الدعوات للحضور ، وكان في مقدمتهم الأستاذ سعيد شامايا الذي دأب على العمل في المنبر الديمقراطي الكلداني  بعد انسحاب الآخَرين منه ولحد اليوم .
النشاط السياسي للمنبر على ساحة الوطن كان متعثراً ومراوحاً في مكانه ، وطيلة السنوات الخمس من ذلك التاريخ لم يجد المنبر له آذاناً صاغية في قاعدة شعبية باستثناء حلقة ضيقة جداً من المعارف والأقارب . وبقي المنبر يعاني ضنك العيش كما استشفيت من الأستاذ شامايا وهو يفتقر ايضاً الى المقر في الحد الأدنى ، وفي العمل السياسي كان الأستاذ سعيد شامايا  يعمل في لجنة التنسيق التي كان يرعاها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري .
الأنقلاب الدرامي الذي غيّر احوال هذا التنظيم كان تشكيل الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانيــــة في الشهر الخامس من عام 2009 حيث عزف الأستاذ شامايا عن التوقيع على البيان التأسيسي للهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية بعد ان عكفت هذه الهيئة على تثبيت الأسم القومي الكلداني الأصيل كانتماء قومي لشعبنا الكلداني ، فكانت التنظيمات الكلدانية بمجموعها قد وقعت البيان وهم :
المجلس القومي الكلداني وحزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني والمنبر الديمقراطي الكلداني الذي وقعه عوضاً عن الأخ شامايا الدكتور نوري منصور وهو سكرتير التنظيم للمنبر الديمقراطي الكلداني .
في شأن آخر كان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري حين انبثاقه رفع شعار الوحدة بين مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، وأراد ان يميز نفسه عن الحركة الديمقراطية الآشورية ، الزوعا ، بأن يأخد لنفسه تسمية مثلثة وهي الكلداني السرياني الآشوري ، لكي يتحرك على الساحتين الكلدانية والسريانية من هذا المنطلق ، وشكل لجنة للتنسيق بين الأحزاب السياسية على اعتبار المجلس هو خيمة الجميع وليس طرفاً في المعادلة السياسية  ، وهو يقف على مسافة واحدة من تنظيمات شعبنا إن كانت كلدانيـــــة او سريانية او آشورية . وكنت شخصياً مقتنعاً بهذه الفرضية وكنت منطلقاً في قناعتي حين وقف المجلس كجامع للقوى التي  تحالفت في قائمة عشتار الوطنية لانتخاب مجالس المحافظات .
 لكن الذي يحدث اليوم هو ان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري تحول الى حزب سياسي آشوري حتى النخاع ، وطرفاً منافساً لقوى شعبنا السياسية العاملة في الساحة وله قائمته الخاصة ، وسناتي الى هذا الموضوع في مقال خاص او ربما مقالات في قادم الأيام .
 لكن اليوم نبقى مع المنبر الديمقراطي الكلداني الذي كان يعيش في صحراء قاحلة ، لكن فجأة نزل المن والسلوى من السماء ، وذلك بعد ان اختار المنبر احضان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الحنونة الدافئة  بدلاً من صقيع صحراء التنظيمات الكلدانيـــة الفقيرة والتي ليس من ورائها مكاسب او وظائف او افتتاح مقرات ، او ظهور في فضائية  ولا حتى لفة فلافل كما قال احد كتاب شعبنا في إحدى مقالاته .
وهبط هذا النعيم من السماء بعد التعميد والميرون لتثبيت الخلاص من الخطيئة المميتة  لأسم القومية الكلدانيـــــــــة فقط ، والأعلان عن الولاء الكامل للدين القويم  . وتفيد بعض الأخبار ان الأستاذ سعيد شامايا سافر الى بغداد ليبذل جهوده من اجل تغيير التسمية في دستور العراق أسوة لما جرى في دستور كوردستان ، وكان عربون الولاء والعمل المضني من قبل المجلس الشعبي هو افتتاح مقر مكتب المنبر الديمقراطي الكلداني في عنكاوا ليعقبه افتتاح مقر في بغداد وفي مناطق اخرى  . وحسب ما جاء في رسالة المنبر لموقع عنكاوا كوم  بهذه اللحظة التاريخية السعيدة يقول :
"المنبر استطاع وبفضل مساعدة الخيرين والغيورين على امتنا من القوميين الصادقين، افتتاح المقر، آملين خلال الايام القريبة القادمة من الأعلان عن افتتاح مقرنا الرئيسي في بغداد".
فالسؤال يطفوا على السطح دون انتظار  :
 اين كان هؤلاء الخيرين والغيورين على امتنا من (( القوميين الصادقين )) طيلة الســنوات الخمس الماضية ؟
 لماذا امطرت السماء بهذه النعم فقط بعد قرار تنكر المنبر لقوميته الكلدانيـــــــة ؟
مع ذلك نقول إن المنبر الديمقراطي الكلداني هو حر في اختياراته ومواقفه ، لكن نحن كمراقبين سياسيين لنا آرائنا وتحليلاتنا وتفسيراتنا ومن حقنا ان نطرحها بوضوح وصراحة ، فالصراحة كما يقولون صابون يغسل القلوب  .
أقول :
إن المنبر الديمقراطي الكلداني هو تنظيم كلداني ،وينبغي الا يفتخر بتبخيس قوميته الكلدانيـــة ، فمثلاً  لا يوجد حزب له تسمية كوردية ويتنكر لقوميته الكوردية ، ولا يوجد حزب قومي عربي يتنكر  لقوميته العربية وفي نفس السياق لا يوجد حزب آشوري ينكر قوميته الآشورية ومنها حزب الزوعا وحزب المجلس الشعبي ، ولا يوجد حزب كلـــداني ينكر قوميته الكلدانية ومنها حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني والمجلس القومي الكلداني , وعلى هذا المنوال كان يجب ان يسلك تنظيم المنبر الديمقراطي الكلداني ، لكن هذا التنظيم الكلداني تنكر مع الأسف لقوميته الكلدانية ، وأنا بنظري يحق للمنبر ان يختار ما يشاء ،  لكن لكي يكون المنبر صادقاً مع نفسه ومع غيره ، وأن يكون كل شئ في محله الصحيح ولا يكون ثمة أي إشكالية ، فينبغي  على المنبر الديمقراطي الكلداني ان يقوم :
أولاً :
تبديل اسمه من المنبر الديمقراطي الكلداني " الى المنبر الديمقراطي الكلداني السرياني الآشوري "  وهذا هو ما يؤمن به اعضاء هذا المنبر قولاً وفعلاً  ، وما دام تنظيمكم لا يؤمن بوجود قومية كلدانيــــة فلماذا تتشبثون بالأسم ولا تؤمنون به ؟ وبتبديل اسمه يكمل التنظيم صدقيته وينأى بنفسه عن الأشكالات ، ويكون قد خطا خطوة في الأتجاه الصحيح ، فسيكون الأسم منطبق على الأهداف وعلى سيرورة المنبر ، فيكون اسمه الجديد :
"المنبر الديمقراطي الكلداني السرياني الآشوري " .
وثانياً :
يبقى اسم المنبر الديمقراطي الكلداني كما هو بمؤسسيه الأصليين من العراقيين الكلدانيين الذين يؤمنون بقوميتهم الكلدانيــــة وباسمهم القومي من المقيمين في اميركا ، ويقوم  بإدارته في العراق الأستاذ سيروان بهنان شابي . ويحمل هذا التنظيم اسم
 " المنبر الديمقراطي الكلداني "
 وبذلك يكون لنا تنظيمان كل يحمل الأسم الذي يؤمن به .  
وبنظري ان المقترح معتدل ومناسب  وهو الحل الديمقراطي والذي يرضى ويناسب كل الأطراف وآمل ان ينال هذا الأقتراح قبولكم  جميعاً .
حبيب تومي / اوسلو في 21 / 07 / 2009

335
الشعب الكلداني وقائمة الكلدان الموحدة 64 ( ألكوم الله )
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no
 
في المشهد السياسي لاقليم كوردستان يمكن وصف شعبنا الكلداني بأنه الأكثرية المعتدلة  الصامتة  بسبب الطوق الأعلامي الذي يعمل على تهميش صوته وعلى عمليات تكميم الأفواه وإحاطته بتعتيم اعلامي  . كل ذلك من اجل التشويش على شعب يأمل ان يكون له وجود بين الموجودين رافعاً اسمه ومدافعاً عن هويته معتزاً ومفتخراً بها .
إن هذا الواقع قد ظهر بشكل جلي واضح حينما قررت فضائية عشتار غض الطرف عن مؤتمر المجلس القومي الكلداني الثاني الذي عقد في عنكاوا ، في حين كان يجب على هذه الفضائية ان تكون في مقدمة الفضائيات التي تنقل احداث المؤتمر ، لان الموضوع كان يخص هذه الفضائية اكثر من غيرها من الفضائيات التي غطت احداث هذا المؤتمر  .
 

هذا اضافة الى تعمد معظم الأحزاب الآشورية الى عدم إرسال مندوبين عنهم لهذا المؤتمر ، بل اكثر من هذا فإن بعضها قد وضع العصا في دولاب سير المؤتمر لايقاف اعماله وإلغائه كلياً .
 هذا غيض من فيض من العمليات التي تجري لايقاف عجلة تطور الفكر القومي الكلداني والعمل السياسي الكلداني في اقليم كوردستان وفي عموم العراق ، إن كان عن طريق تجفيف مصادر المساعدات المادية عن هذه التنظيمات او تقليلها بل ربما إلغائها .
وسط هذه الأجواء المشحونة والألغام المخبأة تعمل قائمة الكلدان الموحدة المرقمة 64 ولهذا قلت في العنوان ( الكوم الله : أتّوخون آلها ) .
لقد كان الشعب الكوردي يناضل وهو محاطاً بالأعداء من كل جانب ، لكن الثورة الكوردية كان لها صديقين ثابتين وهما الشعب الكوردي والجبل ، فأقول لقائمة الكلدان الموحدة 64 :
 ألكم الله ( أتّوخون آلها ) ولكم الشعب الكلداني . هذا هو الواقع المحيط بهذه القائمة ، إذ ليس لهذه القائمة الأمكانيات المادية المتوفرة للاحزاب الآشورية التي تتمتع بحصة الأسد من المساعدات ، ولها ايضاً ماكنة اعلامية كبيرة ، فقائمة حزب الحركة الديمقراطية الآشورية لها فضائية آشور ولا اعتقد ان فضائية آشور تلجأ الى مغامرة فتنشر اعلاناً دعائياً لقائمة الكلدان الموحدة 64 .
 وكذلك فضائية عشتار العائدة لحزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، لا يمكن ان ترتكب مثل هذا الخطأ المميت وتنشر اعلاناً دعائياً لقائمة الكلدان الموحدة 64 ويمكن لهاتان الفضائيات ان تنشرا دعاية لقائمة تعود للاحزاب الباكستانية او المدغشقرية او المكسيكية السريلانكية ، لكن لقائمة تعود لاحزاب كلدانية فذلك اقرب اليهم من نجوم الظهر . هذا هو واقعنا بصراحة ولا يمكن تغطيته وحجبه بحجج واهية لا تستند على ارض الواقع .
إن انبثاق قائمة الكلدان الموحدة 64 يعتبر نصر قومي كلداني . كنت في العراق وفي عنكاوا وفي مقر المجلس القومي الكلداني حينما يحضر الزملاء الكوادر الحزبية من المجلس القومي الكلداني وحزب اتحاد الديمقراطي الكلداني ، ورأيت كيف كانت تجري المفاوضات بين الطرفين بشكل اخوي وبنكرات ذات بعيداً عن سياسة تحقيق النصر على الآخر او بعقلية الغالب والمغلوب ، كانت الحوارات تجري بشكل ديمقراطي يراعي مصلحة الجميع دون استئثار طرف من الأطراف بالمكاسب او التفاوض بعقلية الحزب الكبير والصغير ، كانت تسود الديمقراطية والشفافية . هذا هو الواقع الذي لمسته امامي .
أجل ان الامكانيات المادية ضعيفة لهذه القائمة ولا يمكنها نشر دعاية مدفوعة الثمن لفضائيات عراقية لا بل ، وكما قال احد الزملاء بحيث لا يستطيعون توفير حتى لفة فلافل لمن يصوت لهم .
كما ان إمكانياتهم الأعلامية ضعيفة وضعيفة جداً  وحتى المقالات التي نكتبها يجري حجبها عن موقع شعبنا إن كانت آشورية او كلدانية من التي تخشى سطوة هذه الأحزاب  ، باستثناء موقع عنكاوا الذي يقف على مسافات متساوية من الجميع ، وكذلك بعض المواقع القليلة الأخرى . وبشكل عام فإن الأمكانيات الأعلامية لهذه القائمة " قائمة الكلدان الموحدة 64  " ضعيفة جداً كما اسلفت إذا ما قورنت بإمكانيات الأحزاب الآشورية المهيمنة على الثروة والأعلام والوظائف .
 لكن هذه القائمة ، قائمة الكلدان الموحدة 64 لها ايمان بالشعب الكلداني وهي تقول لهذا الشعب :
هيا ننهض لقد حان وقت فرض الذات وإبراز الشخصية والأستقلالية والكرامة ، وحان موعد إيجاد موطئ قدم في الساحة السياسية العراقية وفي اقليم كوردستان ، إن الشعب الكلداني هو الخميرة العراقية الأصيلة وهو البعد الأجتماعي المحبوب بين كل اطياف الشعب العراقي الدينية والأثنية .
 اجل لقد آن الأوان للشعب الكلداني ان ينهض لكي ينفض عنه غبار النسيان وإن يأخد مكانه في الخارطة السياسية العراقية وفي اقليم كوردستان وإن يعيد امجاد تاريخه المشرق في بناء العراق .
إن انتخابكم لقائمة الكلدان الموحدة 64 يعتبر إخلاص للهوية والأنتماء ومساهمة فعالة في إثبات الحقوق القومية لشعبنا الكلداني في اقليم كوردستان ووطننا العراقي العزيز .
 حبيب تومي / اوسلو في 18 / 07 / 2009

336
نحن شعب واحد وقومية واحدة وهي القومية الكلدانية  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
يقول هوبس ان لكل إنسان حق طبيعي وهذا الحق هو الحفاظ على وجوده الذاتي ، وإن الدولة تملك
شرعيتها في قدرتها على حماية الحقوق التي يملكها الأفراد ككائنات إنسانية .
 العجيب الغريب ان الأنسان في العراق يضمن حقوقه الدستور العراقي  بأن يصرح عن هويته الدينية والأثنية دون وصاية او تدخل ، وهذا يعني خاتمة عصر الوصاية ويمكن ان نقول أننا في زمن الحرية  ، وليس ثمة مساءلة لمن يقول انا مسيحي او انا كوردي ، ولا يشكل هذا الأنتماء بحد ذاته تهمة ينبغي الدفاع عنها .
في مطاوي التسعينات من القرن الماضي ـ سبق لي ان اشرت الى هذه الواقعة في إحدى مقالاتي ـ كنت في سيارتي البيكب من كرادة خارج الى كراج الأمانة حيث لمحت احد الأكراد واقفاً ينتظر الباص ، وقد كانت ملابسه من منطقتنا ، فآثرت ان أقف لهذا الشخص ربما افيده في طريقي ، وبعد ان اخذ مكانه الى جانبي في السيارة شكرني بلغة عربية ركيكة كما هي لغتي الكردية ، فالرجل كان بلباسه الكوردي الشال والشبوك الشرنخي ويعتمر يشماغين على طريقة بهدينان ، وعلى جانبه يتدلى كيس التبغ .
 وبعد الشكر والسلام من الرجل أخذ يشكو حاله ، ويقول تصور أخي انا لا اعرف العربية وهذه ملابسي الكوردية كما ترى وانا من عقرة ، ومع ذلك يقولون لي اثبت لنا انك كوردي فمدينة عقرة حسب التسجيل لعام 1977 هي منطقة عربية فأنت إذن عربي ، ويقول حلفت لهم بالقرآن وبمحمد بيخمبر ولم يصدقوني فبقيت معاملتي دون إتمام .
نعم هذه كانت الأحوال القومية في عهد صدام فالكردي حينما يقول انه كردي ينبغي ان يثبت بالدليل القاطع انه كردي .
 وهذا هو حالنا اليوم نحن الكلدانيين ، فأحد الأصدقاء يقول إن كنت كلداني فبين لي من اين جاء الكلدان ؟ ولماذا تسكنون نينوى الآشورية ، وألأخ لا يغضب إن سكن شرقاط  او نينوى الآشورية عرب او تركمان او اكراد .. فقط المهم الكلدان إن سكنوا منطقة نينوى فهم آشوريون ، لماذا لا ينبغي على الآخرين ان يكونوا آشوريين فقط الكلدان عليهم ان يعلنوا آشوريتهم  بأمر الآحزاب الآشورية المتنفذة وإلا ينبغي نفيهم الى الناصرية او الى محافظة بابل . هذه هي الفلسفة العقيمة التي تتحكم بعقولنا ونحن في اوائل القرن الواحد والعشرين .
أين حرية الأنسان ؟
اين حرية المعتقد اين حرية الأنتماء ؟
 لماذا الوصاية علينا نحن الكلدانيين بهذا الشكل المقرف ؟
 اليس من حق الكوردي ان يقول انا كردي ؟ اليس من حق العربي ان يقول انا عربي ؟ اليس من التركماني ان يقول انا تركماني ؟ اليس من حق الآشوري ان يقول انا اشوري ؟
إن كان الجواب بنعم فلماذا لا يملك الكلداني هذه الحرية المتاحة للجميع ؟
لماذا إن صرح الكلداني بأنه كلداني ينبغي ان يفسر لكم كيف جاءت التسمية قبل آلاف السنين ، من كلفكم بأن تكونون اوصياء على الكلدانيين ؟
إن الله الذي خلقكم هو نفسه الله الذي خلق الكلدانيين وإن كان لكم مستوى من الدماغ والفكر والعقل فإن الكلدالنيين مساوين لكم في هذه القابلية الفكرية والدماغية والبيولوجية ، فبأي حق تكونون اوصياء عليهم ؟
 إنهم بشر مثلكم ، وإن كان لكم  حقوق انسانية في الدين والمعتقد والقومية فهم متساوون لكم  وبنفس المرتبة ، وإن انتم لا تقبلون بوصاية الكلدانيين عليكم ، فلا يجوز لكم ان تكونون اوصياء عليهم ، دعوا الناس تفكر كما تشاء وابتعدوا عن النظريات الأديولوجية القومية التي سرعان ما تلتقي مع الأقكار القومية الفاشية والنازية والعنصرية البغيضة .
 نحن شعب مسيحي واحد ، وأنا متعجب من بعض اخواننا الذين يزايدون علينا حينما يقولون اننا شعب واحد ، وأي كلداني يقول نحن لسنا شعب واحد ؟
 ما هذه المزايدة التي لا معنى لها ؟  فإن كنتم ايها السادة بتلك الدرجة من الحرص على الأسم الواحد او القومية الواحدة فليكن هذا الأسم وهذه القومية الواحدة للجميع وهي القومية الكلدانية لانها القومية العراقية الأصيلة ، وهي ثالث قومية في الخارطة القومية العراقية . اما لماذا التسمية الكلدانية وليس الآشورية ، لان آباء اصحابها اليوم لم يعترفوا بها بالأمس .
إن اباء الآشوريين الحاليين لم يعلموا بالأسم القومي الذي طفق يشتهر بعد الحرب العالمية الأولى ، فالمرحوم هرمز ابونا ، يورد في كتابه صفحات مطوية من تاريخ الكنيسة الكلدانية ص 273 ـ 276 وثيقة باللغة الأنكليزية موقعة من قبل 45 من زعماء التجمعات الآشورية (( وفقرة زعماء التجمعات الآشورية هي من قبل الكاتب المرحوم هرمز ابونا  )) فالزعماء لا يقولون انهم آشوريون وكما هو واضح من الوثيقة المؤرخة في في شهر آب سنة 1857 والتي ورد فيها نصاً يقول :
To His Excellency the most exalted Lord , the Embassador of England .
We the undersigned , your servants and humble patitioners are .. natives of Tiary, Berwary, Buhtan, Hakkaray who has drawn this petition ..in the name of Nestorian nation…
وفي العربية : الى سعادة سفير انكلترا
نحن الموقعين أدناه خدمكم المتواضعين نعرض لكم بأننا من المظلومين من أبناء تياري وبرور وبهتان وحكاري .. وعليه نتوسل بسعادتكم لحمايتنا ولكي تحصلوا لنا على فرمان باسم " الأمة النسطورية " ..
 التوقيع 45 من وجهاء النساطرة فلا يوجد هنا اي تطرق الى الأمة الآشورية ، فالمسالة محصورة في الأمة النسطورية ، وحتى البطاركة الى بعد الحرب العالمية الأولى كانت اختامهم باسم بطريرك الكلدان.  فالتسمية الآشورية تسمية مستحدثة بعد الحرب الأولى لعرض مصائب هذا القوم في المحافل الدولية ولتمييزهم عن الكلدان والسريان الذين لم يكن لهم اي مشكلة ينبغي عرضها في تلك المحافل .
ولهذا اقول ينبغي قبول الأسم الكلداني للجميع ، لكن مع ذلك نحن نحترم رأي الأخوة الآشوريين ولا يمكن ان نفرض عليهم اي رأي ولا نريد ان نكون اوصياء عليهم او على غيرهم ، وبنفس الوقت لا نقبل مطلقاً وصايتهم علينا . فينبغي الألتزام بالأحترام المتبادل من اجل التعايش الأخوي .
وإذا رأيتم أن ذلك غير مناسب وتصرون على الأسم الواحد فليجلس المؤرخون والأختصاصيون ويختارون بمهنية وعلمية تسمية واحدة ولتكن هذه التسمية (  كلدانية او آشورية او سريانية )  او آرامية كالتي يقترحها المؤرخ العراقي الأب البير ابونا ، والأب الموقر البير ابوناً ليس سياسياً لكن يهمه وحدة شعبه .
لكن باعتقادي حتى لو قبل الجميع بالتسمية الارامية فإن الأحزاب الآشورية القومية سترفضها . فنحن ايها السادة الكتاب خاصة من شعبنا الكلداني حينما لا نقبل بالتسمية الهجينة لانها ضد المنطق والتاريخ والأنثروبولوجيا ، ولا يعني ذلك اننا ندعي بأننا شعوب مختلفة ، بل ايها السادة :
((( نحن شعب واحد وقومية واحدة وهذه القومية هي القومية الكلدانية ))) .
فكفوا عن المزايدات والمتاجرة وتعليقها على شماعة الوحدة بتكرارية روتينية لا تقدم ولا تؤخر في توحيد صفوفنا .
 المهم اليوم ان يكون كل منا انساناً حراً دون توصية ، فنحن الكلدانيين لا تنوب عنا الأحزاب الآشورية او الساسة او الكنيسة الآشورية ، نحن من ينوب عنا هم كنيستنا الكلدانية وساستنا وتنظيماتنا الكلدانية ، فكفى ترويج الأفكار الشمولية في إقصاء الآخرين .
 لننظر الى الأمر بمنظور إنساني ديمقراطي ليبرالي انطلاقاً من مفاهيم من حرية الأنسان والأتفاقيات الدولية في رفض الوصاية على الغير ، فمن حق كل انسان ان يفكر كما يريد ويعلن عن دينه وقوميته كما يريد ، وهذه الحرية تكفلها المواثيق الدولية والشرائع السماوية ولوائح حقوق الأنسان في حرية المعتقد والفكر وحرية وحقوق الأقليات الدينية والقومية .
حبيب تومي / اوسلو في 14 / 7 / 2009

337
      اعلان عن تأسيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلــدان
بمبادرة من نخبة مثقفة من ابناء شعبنا الكلداني وبعد اتصالات ومناقشات مكثفة ولعدة أشهر ، تم الأتفاق على تأسيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان في العراق والعالم .
(International Union of Chaldean Writers IUCW  )
إن ابواب الأتحاد ستكون مشرعة لقبول الكتاب والأدباء من ابناء شعبنا الذين يفتخرون بقوميتهم الكلدانية ويعملون على الحفاظ على لغتهم وتراثهم الأصيل .  وأدناه اسماء السادة في الهيئة الـتأسيسية ( حسب الحروف الأبجدية ) :
1 - ابلحد افرام ساوا
2 -بطرس شمعون ادم
 3 ـ حبيب تومي
 4 ـ رياض حمامة
 5 ـ سعد توما عليبك
6- سيروان شابي بهنان
7 - سيزار ميخا هرمز
 
8 ـ صباح يوسف دمان
9 - عامر حنا فتوحي
10 ـ الدكتور عامر ملوكا
11 ـ الدكتور عبدالله مرقس رابي
12ـ  فاروق يوسف خيا
13 ـ  قرداغ مجيد كندلان  
14 ـ الشماس كوركيس مردو
15 ـ لؤي فرنسيس
16 ـ منصور توما ياقو
17 ـ مؤيد اسطيفان هيلو
18 ـ ناصر عجمايا
19 ـ نزار ملاخا
20 ـ نشأت دمان
21 ـ  نصرت دمان
 22 ـ  نوزاد حكيم
23 ـ هيثم ملوكا
24 ـ وديع زورا
25 ـ يوحنا بيداويد  
وفيما يلي بيان الهيئة التأسيسية الذي اصدرته بهذه المناسبة
لا يخفى على كافة المؤرخين والمثقفين والمطلعين على الأحداث التاريخية منذ أقدم العصور , بأن الكلدانيين كانوا السكان الأصليين الأوائل لبلاد وادي الرافدين منذ فجر التاريخ ، ومن موطنهم أشرقت شمس الحضارة على البشرية جمعاء فتركوا بصماتهم الواضحة في سجلات التاريخ .
 وهكذا تأثلت جذورهم التاريخية الراسخة في أعماق تربة وطنهم منذ أن شيدوا إمبراطوريتهم الواسعة التي إمتدت الى جهات الدنيا الأربع ، فأنجبوا ملوكاً عظام نظموا بقوانينهم ومسلاتهم الشهيرة والمحفوظة في المتاحف العالمية, الحياة اليومية بتفاصيلها ، ووضعوا أُسس العلاقات الإجتماعية لمختلف شرائح المجتمع ، وأناروا بعلومهم المبتكرة وتطبيقاتها الإبداعية دروب الحياة المظلمة لتسير على سراجها مواكب الحضارة الإنسانية  .
بعد بزوغ فجر المسيحية على بلاد ما بين النهرين كان الكلدانيون في مقدمة من اعتنق هذه الديانة التي تدعو الى السلام والمحبة ، فانتشرت الكنائس والمدارس والديورة في هذه الأصقاع والتي ما زالت آثارها شاخصة الى اليوم في أرجاء العراق .
لقد كان التعسف والظلم والأضطهاد يطال شعبنا الكلداني لا سيما بعد اعتناقه الديانة المسيحية ، ورغم تلك الأضطهادات المروعة إلا ان الديانة المسيحية وجدت طريقها الى القلوب وباتت ديانة اغلبية السكان حيث ان اكثر من 90% من السكان كانوا مسيحيين ، لكن بتوالي الأزمان وتواتر الأضطهادات وحملات القمع والتهجير بقيت اليوم الأعداد القليلة التي تشكل اليوم في افضل التقديرات حوالي 3% من السكان فحسب .
وهذا الخلل الديمغرافي كان نتيجة لاستمرار تلك المخططات المعادية ولكن بصيغ متفاوتة بدوافعها وأساليبها وأهدافها . فالنظام السابق تميز بسياسة التعريب التي مارسها ضد أبناء شعبنا وما تخللها من حملات منظمة لإلغاء قوميتنا وثقافتنا من تاريخ العراق , وإصدار قوانين خاصة قيدت من حرياتنا الشخصية وحجبت عنا الكثير من حقوقنا المشروعة إضافة الى هدم عشرات القرى الكلدانية وتهجير سكانها في المحافظات الشمالية .
وبعد سقوط النظام كانت الحملة الظالمة على شعبنا الكلداني بإحراق وتفجير كنائسه وتعرضه لعمليات القتل والأرهاب والتهجير ، وفوق ذلك كان ثمة حملة غير ودية من أشقائنا, فطالنا الإلغاء والإقصاء والإبعاد عن إستحقاقاتنا الإدارية والدستورية طيلة السنوات الماضية وتعرضنا الى محاولات مبتكرة لتهميش وجودنا القومي وطي صفحات تاريخنا الحضاري ثم الإستيلاء على مقدرات شعبنا لتحقيق طموحات غير مشروعة على حساب الأكثرية الكلدانية . تارة بإلصاق قوميتنا بالمذهب وتارة أخرى بإبتكار تسمية هجينة لا يوجد مثيل لها على  الخارطة الاثنوغرافية لشعوب العالم .
بادر المخلصون من ابناء شعبنا على تأسيس أحزاب وتنظيمات وجمعيات ومؤسسات كلدانية أصيلة , تدافع عن وجودنا بإصرار وتفرض مواقعها على الساحة السياسية كمواقع أمامية حصينة تقف بوجه الأطماع المتزايدة ، وتصد عن شعبنا الرياح العاتية التي كانت وما تزال تهب عليه من كل حدب وصوب لإقتلاع جذوره وشرذمته وإلتهامه تدريجياُ لخدمة مصالح خاصة والوصول الى  أهداف إستراتيجية مرسومة.
 النخبة المثقفة من أبناء شعبنا الكلداني بادرت الى تأسيس إتحاد ثقافي من رحم هذه الأمة العريقة باسم " الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان  " في داخل العراق وفي كافة أنحاء العالم  يعملون لتحقيق الأهداف التالية :
1 ـ نشر الوعي  القومي والثقافة الكلدانية بين أبناء شعبهم وتسخير أقلامهم للشروع بحملة واسعة في كافة المحافل العربية والدولية لتعريف شعوب الأرض بحضارة وتاريخ وأمجاد الكلدانيين في وطنهم الأم ، وإنهم السكان الأصليين في هذه البلاد .
 2 ـ العمل على تجسير الروابط مع مختلف الشخصيات والمنظمات والجمعيات الثقافية  في العراق وفي الخارج لتوطيد اواصر المحبة والصداقة مع كافة الشعوب .
3 ـ السعي الحثيث للإنضمام الى منظمة الثقافة والأداب العالمية .
 كما ويعلنون تصميمهم الأكيد على إنتهاج مبدأ التعاون الإيجابي المثمر مع  كافة المثقفين من أبناء جلدتهم من أجل تحقيق طموحاتهم المشروعة والوصول الى أهدافهم المشتركة التي تتلخص بتوفير الأمان والحرية والإستقرار لشعبهم في أرجاء الوطن العزيز بإستخدام كافة الوسائل المتاحة لديهم .
ومن هذا المنطلق نعلن اليوم بكل فخر وإعتزاز ولادة " الإتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان " ليشارك في التظاهرة القومية الرائعة التي إنطلقت أخيراً ليأخذ دوره الطليعي في الدفاع عن الهوية الكلدانية وحقوق شعبنا القومية والدستورية المشروعة , كما يشرفنا أن نوجه دعوتنا الأخوية الصادقة لكافة الأقلام الخيرة الشريفة وحملة المبادئ الأصيلة من المثقفين والكتاب والأدباء والمؤرخين الذين يؤمنون ويعتزون بقوميتهم الكلدانية ويسعون الى رفع شأنها , وحثهم الإنضمام الى إتحادنا للمشاركة في تشييد هذا الصرح الثقافي الخالد الذي سيبقى مناراً وقبلة للأجيال القادمة .

تحية إكبار وإجلال لشعبنا العراقي بكافة قومياته وطوائفه وأديانه ومذاهبه وإحترامنا الكبير لتطلعاته المشروعة لبناء وطن حر متطور مزدهر تسوده الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية والسلام .
تحية حب ووفاء لشعبنا المسيحي الطيب بمختلف مكوناته , وعهداً له أن نعمل على توحيد خطابنا القومي والأدبي والثقافي والإجتماعي ليتمكن الجميع من العيش في بيوتهم وقراهم  ومزارعهم وبلداتهم وأراضيهم الخيرة المعطاء في وطننا العزيز بشرف وإستقرار وأمان .

 وقسماً أن نعمل على ديمومة وإعلاء راية قوميتنا ونشر ثقافتنا وتراثنا وإعادة فتح صفحات تاريخنا المجيد على تُراب أرض الوطن وفي قارات الدنيا وعلى كل بقعة نعيش عليها لتتسلق عتبات الذرى وتستقر فوق القمم الشماء .
كما نحيي شهدائنا الكلدانيين الأبرار الذين ضحوا بدمائهم الطاهرة في سبيل صيانة شرف وكرامة هذه الأمة ورفع رايتها عالياً, فأصبحوا وسام فخر وكبرياء ستضعه الأجيال القادمة فوق هاماتها وتطرز أسماؤهم في سجلات المجد والخلود .
ألف تحية وتقدير للأبطال الذين دخلوا السجون والمعتقلات لرفضهم التخلي عن قوميتهم ومبادئهم فنالوا بإستحقاق درجة الإمتياز العالية من قبل شعبهم وأمتهم .
مع شكرنا الجزيل وإمتناننا الخالص لكل وطني شريف ومثقف واعي وسياسي نزيه  وقف ويقف الى جانب قضيتنا العادلة في كافة المحافل فأيد وساعد على تثبيت قوميتنا في الدستور العراقي ويقف معنا اليوم لإعادة تثبيت قوميتنا في دستور إقليم كردستان العزيز .
مع أخلص الأمنيات لعراق ديمقراطي حر مُعافى يعيش فيه الجميع بحرية وإستقرار وأمان  .

                           الهيئة التأسيسية لاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان
International Union of Chaldean Writers : IUCW
13 / 07 / 2009

338
شعبنا الكلــداني تُفجّر كنائسه والحكومة نائمة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
لقد طال الأرهاب كل المكونات العراقية دون استثناء من المسلمين من السنة والشيعة ومن العرب والأكراد ، والمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين . لكن شعبنا الكلداني كان دائماً الضحية الكبرى في هذا المسلسل ، منذ تفجير كنائسه عام 2004 الى استشهاد الأب رغيد كني ورفاقه مروراً بخطف واستشهاد المطران فرج رحو ورفاقه الأبرار الى تشريد شعبنا ، الى حرمانه من استحقاقاته وحقوقه الوطنية في الدولة العراقية وفي اقليم كوردستان . والى اليوم ونحن في تموز 2009 حيث يعـود المسلسل  فتفجر ستة من كنائسه ليقع اربعين مـن الضحايا من الناس الأبرياء بين شـهيد وجريح .

بعد ان انسحبت القوات الأمريكية من المدن العراقية وتسليمها الملف الأمني للقوات والشرطة العراقية أستبشرنا خيراً ، وتفاءلنا بأن القوات العراقية بمختلف صنوفها قد اصبحت جاهرة لاستلام المهمة ، ولأن القوات الأمريكية لابد ان ترحل يوماً ولا بد ان تقوم القوات العراقية بواجبها الوطني ، وان تكون بمستوى المسؤولية ، فليس من المعقول ان تتوالى العمليات الأرهابية وتسيل الدماء  بمجرد ان غادرت القوات الأمريكية لشوارع بغداد والمدن العراقية .
 إن تصريحات العسكريين العراقيين من الأمن والشرطة والجيش كانت تغمرنا بموجة من التفاؤل حينما نسمع ونقرأ هذه التصريحات التي تتحدث عن الأنتصارت والملاحقات لأوكار وحلقات الأرهاب في مدن بغداد وغيرها من المدن العراقية .
لقد طالت الأعمال الأرهابية اماكن التجمعات السكانية المدنية والتي ليس لها علاقة بمنشآت عسكرية ، والحجة ان هذه المناطق تشكل الحلقات الضعيفة التي يتسرب اليها الأرهاب ولإنزال اكثر الخسائر بالمواطنين المدنيين .
وإن كانت حجة الحكومة هذه ماذا نقول عن  سلسلة تفجيرات الكنائس اليوم الأحد 12/ 7  التي استهدفت 6 كنائس خلال 24 ساعة وأسفرت على سقوط حوالي 40 ضحية بين شهيد وجريح  .
 ألا تدري الحكومة بأن هذه الكنائس هي مسهدفة دائماً ؟
اين اليقظة والحذر التي كان ينبغي ان تتخذه قبل وقوع العمليات ؟
اليس من واجبها ان تحمي دور العبادة ؟
تقول وكالات الأنباء :
( استهدف الانفجار الأول، بحسب مسؤولي وزارة الداخلية العراقية، كنيسة "القديس يوسف"، غربي بغداد، في حوالي العاشرة من مساء السبت بالتوقيت المحلي ، ولم يكن أحد موجوداً بالكنيسة وقت التفجير الذي استخدمت فيه عبوتان ناسفتان.
وفي وقت لاحق الأحد، وقعت ثلاثة انفجارات أمام ثلاث كنائس في غضون 15 دقيقة، بين 4:30 و4:45 بعد ظهر الأحد بالتوقيت المحلي، مما أسفر عن سقوط ثمانية جرحى على الأقل، وتوجد كنيستان منها بمنطقة "الكرادة" وسط العاصمة العراقية، بينما تقع الثالثة بمنطقة "الغدير" شرقي بغداد.
كما انفجرت سيارة مفخخة أمام إحدى الكنائس في شارع "فلسطين" شرقي العاصمة العراقية في حوالي السابعة من مساء الأحد، وذكرت المصادر العراقية أن الانفجار أدى إلى سقوط أربعة قتلى على الأقل، وإصابة 21 آخرين. ) .
إن هذه الكنائس موقعها في قلب العاصمة العراقية فأين هي القوات التي تحمي هذه المناطق ؟
إن هذا العمل سيوقظ الذكريات الأليمة والأحزان وسيحفز المخاوف والتذكير بالأيام السوداء التي مر بها العراق والخشية من تكرار تلك المآسي .
 ان استهداف الكنائس هو استهداف لسمعة الحكومة لإثبات ضعفها وعجزها عن فرض الأمن ، إن كانت لا تستطيع ان تحققه في قلب العاصمة فأين سلطة الحكومة ؟ وأين هيبة الدولة العراقية ؟
 من هذه العمليات التي تستهدف الناس الطيبين المخلصين للعراق من شعبنا الكلداني .
إن الحكومة مدعوة الى اليقظة والحذر ويترتب عليها المحافظة على امن المجتمع بشكل عام والمحافظة على الأقليات التي طالها الارهاب  بشكل عام ، وشعبنا الكلداني بشكل خاص منذ نيسان 2003 م والى اليوم  .
 حبيب تومي / اوسلو في 13 / 07 / 2009

339
الى دعاة الوحدة القومية هلموا ندرس ونستجيب للدعوة الكريمة للأب البير ابونا
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
كانت ثمة شماعة تعلق عليها كل التهم الموجة لشعبنا الكلداني ولكتّابه ولاحزابه ولكنيسته تحت ذريعة اننا انفصاليون وضد الوحدة ، لكن بمنأى عن منطق توجيه التهم فنحن الكلدانيين  مع الوحدة بإخلاص ومحبة وبتحقيق مصالح الجميع دون محاباة ، وذلك بجمع كل تسمياتنا بشكل معقول وموضوعي دون تشويه تلك التسميات التاريخية واستخراج تسمية هجينة ليس مثيلها في اثنوغرافية الشعوب على قارات الأرض الخمس . لقد وقفنا ضد عملية تذويب تلك التسميات التاريخية في بودقة لا قرار لها لايجاد مصطلح غريب عجيب لا يدل على شئ اجتماعي او عرقي او سياسي او اثنوغرافي .
لقد كان الرأي الراجح هو الأحتفاظ بجميع الأسماء بمنأى عن عملية الأقصاء والتهميش إن كان على صعيد الشعارات المطروحة او على صعيد تحقيق مصالح كل الأطراف بشكل نزيه متافئ يعطي الفرص للجميع دون محاباة ودون تفضيل طرف من الأطراف على الآخرين .
 هكذا انبرت الأحزاب الآشورية وكتّابها ، وبكل السبل القديمة المعروفة عن الأحزاب القومية المتشددة ، والتي غالباً ما تلجأ الى عنصر الأقصاء والى صهر الآخرين في بودقة القومية المنتصرة ، بحجة خلق مجتمع متجانس ، وهذا ما لجأ اليه كمال اتاتورك بحق الشعوب والقوميات التي عاشت في ظل الدولة العثمانية والتي ورثتها الدولة التركية الحديثة . وهذا ايضاً ما سعى الى تطبيقه حزب البعث العربي الأشتراكي في العراق ، بوجود قومية عربية واحدة ، ثم اعترافه بوجود قوميتين في العراق فقط وهي القومية العربية والقومية الكردية ولا قومية اخرى غيرهما .
نحن الكلدانيون إن كنا من الأحزاب القومية الكلدانية او من المستقلين بشكل عام نحمل نفساً ديمقراطياً ، وليس لنا اي أفكار متطرفة بإقصاء اي طرف من الأطراف ، حيث نؤمن بأن لكل انسان حرية الرأي وحرية الفكر وحرية الأنتماء ، وهكذا لا نهمش السريان او الآشوريين فهم احرار ولسنا اوصياء عليهم ، وهكذا قلنا نحن شعب واحد من الكلدان والسريان وألاشوريين .
 إن الأحزاب الآشورية تعمل ليل نهار ، ويسخرون ماكنة اعلامية رهيبة ، لفرض التسمية الآشورية على الجميع بحجة خلق شعب متجانس قومياً ، وحينما فشلت الأحزاب الآشورية في هذه المهمة لجأت الى طريق ملتوِ بخلق تسمية هجينة ولفرض الأمر الواقع على الجميع ، فكان الأسلوب الذي مررت فيه التسمية الهجينة في دستور اقليم كوردستان .
 يقول الاب الموقر البير ابونا عن هذه التسمية :
إن ما أرفضه رفضًا قاطعـًا هي هذه التسمية المثلثة (كلدان – سريان – آشوريون) التي بها يحاولون التعبير عن قوميتهم، وهم بذلك إنما يعبّرون عن خلافاتهم في هذا الاختلاف الفاضح. ومتى كانت القومية مثلثة؟ ربما أتت الفكرة من وحي "الثالوث الإلهـي" لدى سكان بلاد الرافدين القدامى: أَن وأنليـل وأيـا! اليس من سخرية القدر ان تُفرَض علينا مثل هذه التسمية السخيفة التي صفّق لهـا الكثيرون من السذّج. انها تسمية ان دلت على شيء فهي تدل على مدى انقساماتنا وتأرجحنـا في شأن أصلنا، وترددنا في اختيار قوميتنا الحقيقيـة.
إذن بأي حق نعمل على تلاشي وتهميش اسماءنا التاريخية تحت سطوة الأحزاب الآشورية التي تريد ان تفرض واقعاً على الجميع رغم إرادتهم ؟
كانت دعوة الأب الموقر البير ابونا دعوة مخلصة لا غبار عليها ، وليس وراءها اي اهداف سياسية اديولوجية ، إنه يريد ان يضع حداً للشرذمة والتفكك والتنافر في الخطاب ، ومن منطلق الأخلاص والمحبة اقترح الرجل أن تكون التسمية الآرامية كحلاً وسطاً للجميع ، هذا اولاً ، وثانياً إن التسمية الآرامية هو اسم لغتنا الأصيلة فسورث هي اللغة الآرامية المحكية بينما الأرامية هي لغة السيد المسيح ولغتنا الفصحى الأصيلة .
 إنني اضع هذه الدعوة امام الأحزاب الآشورية إن كانت مخلصة في توجهاتها الوحوية ، والكرة اصبحت في ملعبهم .
اقتراحي الشخصي ان نجلس سوية لننهي هذا الجدل العقيم ونضع حداً له ، لنتفرغ لأمور أخرى اهم تخص شعبنا في هذه المرحلة التاريخية الحرجة . إن الأمر يحتاج الى قليل من التضحية ونكران الذات من الجميع ، وهذا الطريق سيقود مركبنا ليرسو على بر الأمان .
 إنني اضع هذا المقترح امام التنظيمات الكلدانية والسريانية والآشورية ، ولنستجيب جميعاً لهذه الدعوة الكريمة وذلك لمصلحة شعبنا ولنضع حد للمزايدات التي تجري باسم الوحدة القومية .
 بإخلاص ومحبة ادعو لدراسة دعوة الأب البير ابونا الموقر والأستجابة لها .
 الكرة كما قلت ستكون في ملعب الأحزاب الآشورية المتشددة فهل تكسر القاعدة هذه الأحزاب وتستجيب لنداء الوحدة والمحبة الذي اطلقة هذا الأنسان المخلص ؟
 حبيب تومي / اوسلو في 10 / 7 / 2009

340
رابي سركيس وسياسة الجزرة والعصا مع شعبنا الكلداني
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
لكي نكون واقعيين ونعترف بالأمر الواقع بمنأى عن التخمينات والتخيلات ، فإن الأحزاب الآشورية دالت لها الأيام واصبحوا في حكم المستأثرين بالسلطات في تقرير مصير المسيحيين في العراق ، إن كانوا من الكلدان او السريان او حتى الأرمن . وطفقوا منذ نيسان 2003 يطبقون الأجندة الآشورية بحق شعبنا الكلداني .
في البداية كان السيد يونادم كنا وحزبه " الحركة الديمقراطية  الآشورية هو اللاعب شبه الوحيد على الساحة السياسية ، فالقوى السياسية الكلدانية لم يتبلور رصيدها السياسي إلا بعد  حين .
 على مدى عقود بعد الحرب العالمية الأولى وبعد تهجير العشائر الاثورية من معاقلها في جبال هكاري وأورومية ، كان هذا القوم يسعى الى تشكيل تنظيمات سياسية واجتماعية تتخذ لنفسها بشكل عام الأسم الآشوري ، لكن طيلة عقود استمر القاسم المشترك لهذه التنظيمات في تقوقعها في التجمعات الآثورية حصراً ، إن كان في العراق او في بلاد المهجر ، وكانت هذه التنظيمات تتوسع عامودياً ، وتتراوح في مكانها وتبقى عاجرة عن الأمتداد الأفقي ، وظلت هذه التنظيمات محدودة التأثير على الساحة السياسية بشكل عام وبقيت تراوح مكانها محصورة في شرنقتها الآشورية .

فكانت البراغماتية السياسية الاشورية  تفكر في تأسيس حزب يختلف عن النمطية المتداولة تتوفر فيه ديناميكية مؤثرة يلائم التطور ويخرج من تلك القوقعة المتعصبة التي لم تعط  الثمار طيلة عقود من العمل ، فكان الأنفتاح والتوجه الى المسيحيين من غير الآثوريين ، وصادفت ان الساحة مفتوحة لدى الشعب الكلداني فهذا القوم في منأى عن التعصب والتقوقع ويعملون مع كل الأقوام العراقية وينخرطون في كل الأحزاب التي ترفع الراية العراقية وتعمل من اجل عراق ديمقراطي تعددي .
 وهكذا تأسس حزب اشوري لكسب ود الكلدانيين فعمد الى تكوين حركة ( زوعا )  ، وهذه الحركة يمكن ان ينخرط فبها شتى الأقوام . فالحركة الكوردية كان فيها العرب والأكراد والتركمان والكلدان وغيرهم ، فالحركة ليست حزب سياسي بالمعنى الحرفي ، وهكذا انطلقت الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) فاتحة ابوابها للكلدانيين .
وبعد عقود من العمل وانتكاسة الحزب الشيوعي العراقي ،بقيت شريحة من هؤلاء الشيوعيين يعانون من الفراغ السياسي في مطاوي التسعينات من القرن الماضي وكانت هذه فرصة ذهبية لاستمالة هذه الشريحة الى جانبها ، ولازالت تلك الشريحة باقية في صفوف الزوعا ومنهم من له مراكز قيادية .
ما يهم موضوعنا من هذه المقدمة الطويلة هو انبثاق حزب آشوري آخر بعد سقوط النظام ، وبعد ان كانت الحركة اللاعب الوحيد او الرئيسي في الساحة ، انطلق الحزب الآشوري الآخر في اقليم كوردستان ، وتموضع هذا الحزب في إطار ( المجلس ) فكان ( حزب ) المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، إذ استفاد من نقطة الضعف للحركة الديمقراطية الآشورية ، باسمها الآشوري ، فانطلق هذا الحزب باسم مركب من تسميات شعبنا التاريخية ، لينأى بنفسه عن التسمية الآشورية المجردة ، وهو يرمي الى الأستفادة من الثقل الديموغرافي للكلدان والسريان لتمرير اجندته الآشورية الصرفة .
استفاد المجلس الشعبي من وضعه المالي ، إذ ان الثروة المخصصة للمسيحيين كانت تحت تصرف الأستاذ سركيس آغا جان وهو وزير المالية في حكومة اقليم كوردستان ، وإن هذا المجلس وفي المعنى التداولي نقول هذا الحزب طرح مشروح الحكم الذاتي لشعبنا ، وأنا شخصياً لا زالت مؤيداً بقوة لمبدأ حقنا في الحكم الذاتي فهو حق مشروع لشعبنا ، لكن هذا الطرح رغم مشروعيته ، كانت هنالك تحفظات من جهات اخرى حوله منطلقة من خلافات سياسية وأسباب أخرى ، وهذا ليس موضوعنا .
نأتي الى موضوع علاقة رابي سركيس بالشعب الكلداني وسياسة الجزرة والعصا ، فقد فتحت الأبواب للكلدانيين بالمساهمة في التنظيم الجديد ( لكن ) مع اعلان الايمان بالتسمية التي اختارها المجلس .
 اما التنظيمات الكلدانية السياسية والثقافية فكان عليها التفيؤ بظلال المجلس الشعبي للظفر بدعمه المالي ، وعلى الأقل تساعدها في دفع ايجارات مقراتها . فكان الخيمة تعرف بلجنة التنسيق .
 وكانت المساعدات التي تدر على هذه التنظيمات  بمستوى اقل مما كانت تعامل به الأحزاب الآشورية والتي كانت في نفس لجنة التنسيق .
 المهم أن القطيعة لاحت بوادرها حينما عكف الكلدانيون بالتململ في خطوة الى تنظيم الذات ، إذ بدأ المجلس القومي الكلداني بالتحضير لمؤتمره الثاني ، وهذا حق طبيعي ومشروع .
 كانت هذه الخطوة هي القشة التي قصمت ظهر البعير في تنفيذ القطيعة بل بدأت بوادر اختفاء الجزرة والتلويح بالعصا " فالعصا هي لمن عصى " .
وضعت عصا  في دولاب العربة لمنع عقد مؤتمر المجلس القومي الكلداني ، لكن المؤتمر انعقد بفضل تعاطف الجانب الكوردي مع الحق الكلداني ، فأقليم كوردستان يعطي حرية العمل للتنظيمات السياسية القومية لكل مكونات اقليم كوردستان وهذا جزء من لغة الديمقراطية التي يتعامل به هذا الأقليم .
فضائية عشتار التي ينبغي ان تكون لكل المسيحيين من كلدان وسريان وآشوريين او كما تقول هذه الفضائية الكلدان السريان الآشوريين ، فإنها لم تترجم شعاراتها على الواقع ، فهذه القناة تنقل الفعاليات من حفلات وغناء وقداديس ومؤتمرات وسلامات الأهل من اقاصي الدنيا ، لكنها عدستها غابت عن تصوير ونقل احداث مؤتمر المجلس القومي الكلداني الثاني الذي كان يبتعد عنها بضع مئات من الأمتار ، وحضرت فضائيات عراقية اخرى باستثناء فضائية عشتار وفضائية آشور طبعاً .

 كما لم يحضر اي مندوب من المجلس الشعبي لهذا المؤتمر الكلداني في حين هذا الحزب ـ حزب المجلس الشعبي ـ كان له مندوبين لحضور المؤتمر الآشوري العالمي عبر البحار في قارة استراليا .
وبعد هذه الخطوة اختفت كلياً الجزرة في الاعلام حيث كانت مقالات حبيب تومي تنشر في موقع عشتار تي في التابع للمجلس الشعبي ، بات حبيب تومي في القائمة السوداء ، وهذه ابسط حالة تتعارض مع التعامل الديمقراطي مع الكلمة الحرة مهما كنا مختلفين معها .
 وسنأتي في مقال خاص للتفرقة العنصرية التي تسلكها بعض مواقعنا اتجاه المثقفين والكتاب الكلدان .
هكذا من يهتدي فله الجزرة ومن يعصى فله العصا ، انسجاماً مع نسق سياسة التركيع وكسر العظم .
الى رابي سركيس :
 (( نحن شعب واحد ليس في حصر الكلمات وخلطها ، إنما نحن شعب واحد باحترام حرية كل الأطراف وتوجهاتهم ، ومن يخالفكم امراً من الكلدانيين هؤلاء ليسوا كفرة وشياطين ومفرقين ، هؤلاء بشر مثلكم لهم مشاعرهم ينبغي احترامهم وأخذ رأيهم ، فالحرية باتت من ضرورات العصر )) .
نحن جميعاً شركاء لنا مصالحنا وينبغي مراعاة هذه المصالح بتكافؤ وحيادية وشفافية ودون فرض قيود لمنح هذه المصالح ، نحن شعب واحد ينبغي ان يكون للجميع حصة في الوظائف وفي تقسيم الثروة وإن يسمّع صوت الجميع في الأعلام ، وليس صوت طرف واحد .
 حتى في موضوع التسمية ومهما كان الطرح كان يمكن تثبيته في دستور اقليم كوردستان بعد تفاهمنا بشكل صريح وديمقراطي ، وحتى لو كان التوجه نحو تثبيت التسمية الهجينة التي تم تمريرها ، كان يمكن التداول بشأنها بعد الحوار الديموقراطي البناء ، وليس بفرض العصا ومن لا يريد فالحيطان موجودة ، هذا هو اسلوبكم رابي سركيس ، لا يمت بصلة الى الحوار الديمقراطي الأخوي الذي ينبغي ان يسود بين الأشقاء في البيت الواحد .
إن سياسية كسر العظم وقطع الأرزاق ، والتلويح بالجزرة للترغيب ، ثم بالعصا للترهيب ، هذه العملية ليست بين ابناء الشعب الواحد ، إنها سياسة الراعي والقطيع والتي نحن الكلدانيين لا نقبل بها .
ينبغي ان يكون بيننا حوار ديمقراطي مبني على الأحترام بمنأى عن التلويحات المذكورة ، فنحن في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين الذي يحتم احترام حقوق الأنسان مهما كان معتقده او دينه او جنسه او عرقه . ونحن الكلدانيين بشر كبقية الناس ينبغي ان تعاملونا كبشر لنا حقوق مثلكم وليس اقل منكم .
رابي سركيس المحترم
إن شعبنا المسيحي كان ينبغي ان يكون مثالاً حياً في التعامل الديمقراطي تسوده الصدقية والشفافية ، وكان ينبغي ان يكون هذا المجتمع مثالاً يحتذى به في المجتمع العراقي عموماً في التفاهم والحوار الديمقراطي ، لكن احزابكم الآشورية التي لا تعرف معنى الديمقراطية وحرية الآخر ، دأبت مع الاسف على جعل ساحتنا السياسية تقف دائماً على صفيح ساخن لا يركن الى الهدوء والسكينة هذه هي الحقيقة .
فهل نستمر نتلاكم على الحلبة لتوجيه الضربة القاضية ، ام نتعامل كشركاء انداد نراعي مصالح الجميع بشكل عادل ومتساو وبعيداً عن سياسة الجزرة والعصا .
ولكم جميعا خالص تقديري ومحبتي.
 حبيب تومي / اوسلو في 7 / 7 / 2009

341
لمصلحة من تمزقون الكنيسة الكلدانية وتدقون اسفين التفرقة بينها وبين شعبها ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
رغم عدم ايماني بنظرية المؤامرة وتوظيفها لتحقيق اهداف سياسية ، لكن خيوطها باتت مكشوفة وواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار  
ارتفعت الأصوات في هذه اللحظة الحرجة من قبل بعض كتابنا الاجلاء والمنبهرين بتنظيرات الاحزاب الاشورية ، يدعون فيها  مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني في العراق الى توخي الحذر وعدم التدخل بالسياسة ، مع التناكف على إسداء النصائح للأساقفة والآباء الروحانيين وتذكيرهم بواجباتهم الكنسية  ، ليس هذاً فحسب بل وإنذارهم والأيحاء بتسبب انشقاق يحصل في صفوف الكنيسة إن لم يستجيبوا لتلك النصائح . حقاً إنها نكتة ساذجة بان يصار الى نصيحة وإرشاد هذه النخبة المثقفة من ابناء شعبنا والى تذكيرهم بواجباتهم وتحديد صلاحياتهم ، وتحذيرهم من التقرب من النار لكي لا تكتوي اصابعم  .
 هذا هو منطق بعض الكتاب من ابناء شعبنا من الكلدان ممن غلبت عليهم الميول الآشورية ، والسؤال لهؤلاء الكتّاب ولا اريد ان اذكر الأسماء :
 من تريدون ان يقف مع الشعب الكلداني ؟
هل نسأل الأساقفة الأرمن ان يقفوا مع الشعب الكلداني ؟
ام نطلب التعاضد من الأساقفة الآشوريين  للوقوف الى جانب شعبنا الكلداني ؟ وبموجب معاييركم فإن لهؤلاء الأساقفة حق التدخل في السياسية ، لكن الكنيسة الكلدانية والأساقفة والآباء الأجلاء ممنوع عليهم التدخل في السياسة وعليهم ان يتنحوا جانباً وأن يقفوا مكتوفي الأيدي عن معاناة شعبهم ، هذا هو المنطق المسيس للفكر القومي الذي غلب على قوة التفكير لدى بعض كتاب شعبنا مع الأسف .
 اعزائي الكتاب ممن يتبرعون بإسداء النصيحة :
 إن الآباء والأساقفة الكاثوليك لشعبنا الكلداني قد درسوا بأعلى المدارس والمعاهد والجامعات ، ودرسوا اللغات والفلسفة والتاريخ والعلوم .. وقسم منهم قبل انخراطهم في الدراسات اللاهوتية كان مهندساً او مدرساً او خريج أحدى الكليات ، فهل بعد كل هذا تنصحون هذه الشريحة المثقفة بتذكيرها بواجبها اتجاه شعبها ؟  اعتقد انه تبرع غير برئ ، وهو بضاعة بائرة تصدرها الأحزاب الآشورية ومع الأسف تتبرعون بترويجها .
أيها السادة
إن الأساقفة والآباء لا يتدخلون بالسياسة ، وليس لهم شأن في تشكيل الأحزاب والأنخراط في اللعبة  السياسية ، لكن هذا الأكليروس يقف الى جانب مصلحة شعبه وقضاياه المصيرية ومهما كانت النتائج .
لم تقف مؤسسة الكنيسة يوماً متفرجة على مآسي ومعاناة شعبها الكلداني ، لقد تحمل رجال الدين ومؤسسة الكنيسة القسط الأكبر من التعسف والظلم والانتقام ، لقد أحرقت وفجرت الكنائس واختطف الآباء الأجلاء ، واستشهد الأب رغيد كني ورفاقه وهو يخدم شعبه في تلك الظروف العسيرة ، كما استشهد المطران فرج رحو ورفاقه وهو يخدم شعبه إن كان بما يؤديه من واجبه الكنسي او باتصالاته مع مختلف القوى السياسية في الموصل ليمنع الشر عن شعبه ، لم تكن الكنيسة في يوم من الأيام بعيدة عن افراح وأتراح شعبها .
في التاريخ نقرأ عن الأضطهادات المتواترة وكان الأكليروس الكنسي يتحمل الجانب الأكبر من هذه الأضطهادات باعتبارهم النخبة الواعية المثقفة بين الشعب الكلداني .
فهل تريدون لهذه النخبة ان تقف متفرجة على مصائب شعبهم وسلب وتهميش حقوقه ؟
في سنة 1933 وعلى خلفية مجازر سميل لجأت مجموعات من الأخوة الآثوريين الى القوش ، ومن اجل سلامة القوش اشترطت القوات المحاصرة لالقوش الكلدانية ان تخرج الآثوريين خارج مدينتهم ، لكي تسلم على نفسها وعلى ابنائها ، لكن القوش برجالاتها لم تستسلم لهذا التهديد ، وإضافة الى استعدادات الألاقشة لمعركة دفاعية مستميتة ، كانت هنالك محاولات اخرى على المستوى السياسي ، وتمكنوا من تسريب احدى السيارات الى الموصل  للاتصال بالبطريرك الكاثوليكي للشعب الكلداني العراقي الأصيل ، مار يوسف عمانوئيل توما الثاني ، والذي قام من جهته بالأتصال بأعلى المصادر في الدولة الدولة العراقية ومنهم الأمير غازي حيث ان الملك فيصل كان غائباً ، وكذلك بالقادة العسكريين الفرنسيين حيث تكللت جهوده بانفراج الموقف بعد ساعات من تلك الأتصالات .
هذا هو الدور السياسي الذي تقفه الكنيسة وليست بحاجة الى نصائح تمليها احزاب اديولوجية قومية متشددة . إن مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية جزء من شعبها الكلداني وتقف معه وقت المحن ، وهي تعرف واجبها بالضبط ، وإن الطلبات المتسارعة في عدم تدخل الكنيسة بالسياسة هي طلبات غير بريئة إنما هي طلبات مسيّسة من قبل احزاب قومية اديولوجية ، لها اهداف حزبية محدودة .
إن الطلبات الملحة المسيسة بضرورة النأي عن السياسة ليست طلبات بريئة كا اسلفت فلو تميزت هذه الطلبات بالموضوعية والمهنية ، لكانت طلبت من الكنيسة الآثورية ايضاً ان تبتعد عن السياسة ، فلماذا يكون لهذه الكنيسة الحق في ان تقف مع شعبها وقت المحن ، في حين الكنيسة الكلدانية ممنوع عليها الوقوف مع شعبها لكي لا تتهم بالتدخل بالسياسة ، أنه الكيل بمكيالين ليس أكثر .
قيل للفقير من اين لك هذا ؟ وقيل للغني الله يبارك ويزيد .
في سياق تمزيق الكنيسة كانت هنالك حملة لجمع التواقيع للتنديد بالكنيسة الكاثوليكية بوقوفها مع شعبها الكلداني لتثبيت اسمه القومي الكلداني في الدستور العراقي ، وكانت تجمع التواقيع بمباركة الأحزاب الآشورية ، ولا نريد ذكر اسمها لكي لا تلصق بنا تهمة العداوة لهذا الحزب .
الموقف الكنسي الدبلوماسي بين كنائسنا يستوجب الا يجري احتضان الآباء الذين لهم خلافات مع الكنيسة الكاثوليكية . وهنالك امثلة صارخة لاعمال هؤلاء وغيرهم في تمزيق الكنيسة وتشجيعهم على ذلك ، اضافة الى الاموال المستخدمة لهذا الغرض وليس من الحكمة نشر غسيلها على المواقع .
فينبغي التفاهم على التعامل الودي على حل الخلافات وليس تشجيع الآباء على التمرد على كنيستهم الكلدانية  .
حبيب تومي / اوسلو في 4 / 7 / 2009

342
الأحزاب الآشورية بكاؤها على مصالحها وليس على الوحدة القومية وأنا مستعد للمناظرة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
كتب الكثير من الكتاب في المواقع وهم يحاولون وضع الكلدانيين في مربع المفرقين للصفوف لانهم يطالبون بوضع قوميتهم الكلدانية بشكل مستقل وصريح في الدستور الكوردستاني ، وكما هو مدون في الدستور العراقي ، والأحزاب القومية الآشورية تعمل المستحيل من اجل تهميش القومية الكلدانية من الدستور وفي كل المحافل التي تصل يدها اليها .
ربما يتساءل القارئ ، هل ان الأحزاب الآشورية هي حريصة على وحدة شعبنا الى هذه الدرجة ؟
باعتقادي الشخصي ان بكاء الأحزاب الآشورية هو على هريسة الحسين وليس على الحسين ، وشكوكي نابعة من حقيقة ان حرصها على الوحدة القومية جاء متأخراً بعد بروز مصالح وإمكانية تحقيقها على ارض الواقع  .
 إن هذه الأحزاب وغيرها تنطلق من مصالحها الذاتية ، وفي حالة شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين فإن  (( الكعكة برمتها تستأثر بها الأحزاب الآشورية وهذه هي الحقيقة ومن يريد ان يجادلني فأنا مستعد ان اخرج بمناظرة على فضائية آشور او فضاية عشتار او فضائية سوريويو على الهواء مباشرة  ومع من تختارون من كتاب او سياسيين من كوادر  الأحزاب الاشورية ، إن كان من الحركة الديمقراطية الأشورية او الحزب الوطني الآشوري او من المجلس الشعبي او مع جميعهم )) .
   فالمناصب العليا في الدولة العراقية هي من نصيبهم ، والمناصب العليا في حكومة اقليم كوردستان
 هي من نصيب الأحزاب الاشورية وإن كان هنالك كلداني واحد في حكومة الأقليم فالرجل ليس ممثلاً لاي حزب كلداني .
كما ان الثروة المخصصة للمسيحيين هي بيد الأحزاب الآشورية ، وليس لشعبنا الكلداني ولاحزابنا الكلدانية سوى فتات المائدة التي تقع على الأرض والتي تتصدق بها القيادة الأشورية .
 كما ان هنالك الماكنة الأعلامية حيث لهذه الأحزاب فضائيتي آشور وعشتار ، وهي في خدمة الخطاب الآشوري وخدمة التراث الآشوري وخدمة العلم الآشوري وفي خدمة الأحزاب الآشورية بخط بياني يصل الى اكثر من 90%  وقد يكون هنالك مساحة من الوقت في هاتين الفضائيتين للتركمان او العرب او السريان او الاكراد او الأرمن او اليزيدية او الصابئة المندائين او غيرهم ، باستثناء الكلدان المغضوب عليهم ؟ ، اما إذا كان ابراز بعض الكلدانيين على هاتين القناتين فهم الكلدانيون الموالون لخطاب الأحزاب الآشورية حصرياً .
كيف لا ؟ وهم حملة الأفكار الهدّامة كالتي كان يتهم بها الشيوعيين في عهد المرحوم نوري السعيد ، كما ان الأحزاب الآشورية تهيمن على كثير من مفاصل الأعلام من صحف ومجلات ومواقع الكترونية ، أجل كل هذه الماكنة الأعلامية تخدم خطاب الأحزاب الآشورية القومية ولا تقبل بخطاب كلداني صريح في اي حال من الأحوال .
 عزيزي القارئ هذه هي الآشكالية .
وهذه هي الحقيقة في حرص الأحزاب الآشورية وتناكفها على تحقيق مشروع خلط الأسماء بصورة بعيدة عن الواقعية وتعمل على تسويقها والتي يقول عنها المؤرخ العراقي  الأب الموقر البير ابونا بالحرف الواحد :
(((  إن ما أرفضه رفضًا قاطعـًا هي هذه التسمية المثلثة (كلدان – سريان – آشوريون) التي بها يحاولون التعبير عن قوميتهم، وهم بذلك إنما يعبّرون عن خلافاتهم في هذا الاختلاف الفاضح. ومتى كانت القومية مثلثة؟ ربما أتت الفكرة من وحي "الثالوث الإلهـي" لدى سكان بلاد الرافدين القدامى: أَن وأنليـل وأيـا! اليس من سخرية القدر ان تُفرَض علينا مثل هذه التسمية السخيفة التي صفّق لهـا الكثيرون من السذّج. انها تسمية ان دلت على شيء فهي تدل على مدى انقساماتنا وتأرجحنـا في شأن أصلنا، وترددنا في اختيار قوميتنا الحقيقيـة ))) .
إن حرص الأحزاب الآشورية على التسمية الهجينة  رغم معرفتهم باستحالة وجود هكذا اسم في اثنوغرافية الشعوب على وجه الارض ، فإن مصالحهم الذاتية والحزبية تقضي بخلق اشياء غير موجودة .
لانه إن كان للكلدانيين مكان مستقل في المسالة القومية والسياسية سيكون جزء من الكعكة بل ان معظم الكعكة ستؤول اليهم في مجالات المراكز الوظيفية والثروة والأعلام .
 وهكذا يعلم الأخوة في الأحزاب الآشورية من اين تؤكل الكتف .
ويقولون :
فلنكن شعباً واحداً وقومية واحدة فسوف لا يكون هنالك ضرر في ان تكون جميع المناصب والثروات من نصيب الأحزاب الآشورية ، فالأسئلة مطروحة وجوابها مسبقاً بنعم ، والتساؤلات هي :
 السنا شعب واحد ؟
 الا نتكلم لغة واحدة ؟
 الا ندين بدين واحد ؟
فأين يكمن الضرر في ان تكون احزابنا الآشورية المناضلة ذات التاريخ النضالي ، بأن نكون  اوصياء على الجميع ، وان تكون الثروة والجاه والأعلام جميعها من نصيبنا ؟
إن الأحزاب الآشورية ببساطة تعامل الشعب الكلداني بسياسة الراعي والقطيع دون مراعاة لمشاعرهم ، فالعمل على تغيير التسمية رغماً عنهم يدل على معاملة كسر العظم ، وهي منافية  وبعيدة عن التعامل الديمقراطي الآنساني ومعاملة الأقليات وحقوق الأنسان .
 نحن بيت واحد وهذا هو المهم ، هذه هي نظرة الأحزاب الآشورية التي تنظر الى مصالحها قبل اي شئ  ، اما الشعارات التي تروجها وتعمل المستحيل لترويجها فهي للاستهلاك الداخلي . باعتقادي هذه الحقيقة ولا تغطيها كل الرتوش والمساحيق التجميلية مهما كان نوعها ولونها .
 وإن كان للاحزاب الآشورية غير هذا الهدف ليترجموه على أرض الواقع ، وليقولوا هذا لنا وهذه حصتكم ، فالأخوة والدين الواحد والقومية الواحدة واللغة الواحدة لا تعني (( بلع حقوق الأخرين )) واستهجانهم وتبخيس مشاعرهم ولوي اذرعتهم .
هكذا انا افهم الوحدة القومية والأخوّة ، وأنا وغيري من اخواني الكلدانيين ليسوا مفرقين او ممزقين للوحدة القومية والدينية لشعبنا ، إنما يدعون للعدالة ولتكافؤ الفرص ، وليس الهيمنة على الكعكة بحجة اننا شعب واحد ، هذه نظرية مفضوحة تسبح في سماء الشعارات الثورية والوحدوية فقط  ولا تستطيع ان تنزل الى ارض الواقع .
إن الأكراد قومية واحدة ودين واحد وتسمية واحدة ، وتقاتلوا من اجل احقاق المصالح لجميع الاطراف فكان جلوسهم وراء المائدة المستديرة لأقرار المصالح المتكافئة لجميع الأطراف ، وليس بلعها من جانب واحد على اعتبار ان الشعب الكردي واحد .
ينبغي التاكيد والاقرار بان  هنالك شريحة كبيرة من ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، بعيدين عن تأثير الأحزاب الآشورية المتشددة ، ولكنهم يدعون الى الوحدة بإخلاص ومحبة ، وهؤلاء تستغلهم الأحزاب الآشورية لتسويق خطابها المتشدد مع الاسف .
 لنتسم بقليل من البراغماتية وكفاية تمرير الشعارات البراقة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، فالمستأثر بالسلطة اليوم ينبغي ان يفكر بأن (( له شركاء ولهم الحق مثله )) .
ومرة اخرى اؤكد على استعدادي ((  لمناظرة اي شخص يخالف وجهة نظر هذه من الأحزاب الآشورية ))  .
 حبيب تومي / اوسلو في في 2 / 7 / 2009

343
الكلدانيون هنود حُمر العراق تُنتهك حقوقهم القومية بشكل صارخ  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

 
من نافلة القول والأطناب من التذكير بأن الكلدانيين في هذه الديار يشكلون شريحة قومية عراقيةاصيلة ، إنهم من السكان الأصليين في بلاد ما بين النهرين ، وهم بمثابة الهنود الحمر في اميركا والسكان الأصليين في استراليا ، لقد ساهم الكلدانيون  ببناء حضارات عريقة سطع شعاعها لينير دروب المسيرة الأنسانية في العلوم والفنون والفلك والطب والقانون والهندسة والزراعة واختراع الكتابة والتقويم والتقسيم الزمني الذي تعمل به البشرية لحد الساعة .
احد المعلمين الكلدانيين في بلاد اليونان ، وهو بيروس ، واصل اسمه ، برحوشا ، فهو كلداني بابلي اصيل تعلم اليونانية ، ودرّس العلوم الكلدانيـــــــــة في اثينا سنة 341 قبل الميلاد وأحبه اهل اثينا حتى انهم نصبوا له تمثالاً لسانه من ذهب .
وعن الكلدانيين وعلومهم يكتب قاضي صاعد الأندلسي في " الـتعريف بطبقات الأمم " ان الكلدانيـين هم الأمة الثانية بين الأمم ومنهم الكربانيون والآثـــــــــــوريون والأرمنيون والجرامقة واهل الموصل .. الخ ، وعن علومهم يقول الأندلسي  :
أن الكلدانيين هم الأمة الثالثة فكانوا امة قديمة الرئاسة نبيهة الملوك .. وكان منهم علماء جلّة وحكماء وفضلاء يتوسعون في فنون المعارف والعلوم الرياضية والإلهية وكان لهم عناية خاصة بأرصاد الكواكب وتحقق بعلم اسرار الفلك ...
نعم هؤلاء هم الكلدانيون في العصور القديمة وبعد بزوغ فجر المسيحية كانوا في مقدمة معتنقي الدين المسيحي لما في ذلك الدين من معاني السلام والمحبة الأنسانية ، وفي هذا العصر واصلوا دورهم في تطوير العلوم والفلسفة والترجمة والطب ، وكانت الأديرة والكنائس والمدارس مبثوثة في تربة العراق ، كما ان صيت الكنيسة الكلدانية وتبشيرها بالمسيحية وصل الى بلاد الهند والصين ، فكان لها من المؤمنين في هذه الديار والكنائس الكلدانيـــــــــة في تلك الأصقاع لا زالت شاخصة تؤدي دورها الديني والأنساني .
هذه الشريحة الوطنية العراقية الأصيلة بقيت لعصور طويلة ملح الأرض العراقية فكان الكلدانيون في البصرة والموصل والعمارة ومناطق بغداد وكل اصقاع العراق يؤدون دورهم الأنساني والوطني في خدمة الوطن العراقي ، كان الكلدانيون ولحد اليوم يجسّدون الأخوة العراقية بأزهى معانيها وكانوا يقفون على مساحة واحدة من اطياف المجتمع العراقي إن كان من العرب او الأكراد او التركمان او الآشوريين او الأرمن .. ولم يكن لهم في يوم من الأيام اي مشكلة مع اي قومية او دين من المجتمع العراقي .
بعد نيسان 2003 حيث غابت سطوة الدولة وانتهك النظام ، وشاعت شريعة الغاب ، فكان نصيب شعبنا الكلداني من تلك الفوضى حرق الكنائس وتفجيرها وعمليات القتل والخطف والأبتزاز وعمليات اغتصاب الأملاك والتعدي على الأعراض والتشريد ، نعم هذه كانت حصيلة ما طال شعبنا الكلداني " هنود حمر " العراق وهذه الأعمال الأنتقامية كانت وراء تشريد هذا الشعب من دياره ولجوئه الى ملاذات آمنة إن كان في اقليم كوردستان او دول الجوار تمهيداً للحصول على لجوء في دول تحترم حقوق الأنسان والأقليات .
 في الشأن السياسي كان الحاكم الأمريكي بريمر قد لعب دوراً قذراً في مسألة تهميش حق الهنود الحمر العراقيين وذلك حينما اختار الأحزاب الآشورية لتكون ممثلة لمسيحيي العراق .
الأحزاب الآشورية لم تكن امينة ووفية على حفظ الأمانة فهذه الأحزاب ، احزاب قومية شوفينية اديولوجية ، عملت منذ اليوم الأول لتسلمها زمام الأمور على تبخيس القومية الكلدانية العراقية الأصيلة ، وحاول السيد يونادم كنا وهو الذي عينه الحاكم الأمريكي ممثلاً للمسيحيين ، منذ اليوم الأول بهذا الأتجاه بغية ابتلاع الكلدانيين ومسحهم من الخارطة القومية العراقية . ولم يفلح هذا الرجل في تحقيق مآربه وافكاره المتشددة ، فكان تثبيت القومية الكلدانية في الدستور العراقي .
اليوم نفس الأحزاب الآشورية المتشددة الشوفينية تحاول طمس الحقيقة الكلدانية من الخارطة السياسية في اقليم كوردستان ، وبعد ان نوقشت مسودة الدستور واصبحت جاهزة للتصديق عملت الأحزاب الآشورية بشكل بعيد عن معاني الصداقة والشعب الواحد  ، وبشكل تشوبه حزمة من علامات الأستفهام ، فكان اشبه ما يكون الى لعبة غير نزيهة بدلاً من ان يكون عن طريق التفاهم والتراضي .
 أقول للقيادة السياسية في اقليم كوردستان :
                                 ((((( إن الأحزاب الآشورية لا تمثل الشعب الكلداني  )))))
 كما ان الأحزاب العربية او التركمانية لا تمثل الشعب الكوردي .

 أن الشعب الكلداني يمثلهم احزابهم السياسية الكلدانية ومؤسسة الكنيسة الكلداتية متمثلة بغبطة البطريرك ، والاساقفة والآباء ، فلا نقبل بألاحزاب الآشورية الشوفينية ان تنوب مناب الشعب الكلداني .
 أدعوا كل الخيرين في الوطن العراقي الوقوف الى جانب الشعب الكلداني " هنود حمر العراق " ، إن مناصرة شعبنا الكلداني لنيل حقوقه الكاملة في العراق الفيدرالي وفي اقليم كوردستان هو وفاء لهوية العراق الأصيلة .
فأناشد كل الخيرين الكتاب الأحرار من العرب والكراد والتركمان والذين يؤمنون بحقوق الأنسان وحرية المعتقد والأنتماء وحرية الأقليات عموماً ان يرفعوا اصواتهم لمناصرة الشعب الكلداني في الحملة الظالمة التي تهدف الى انتهاك وتهميش حقوقه القومية في وطنه العراقي .

 اوقفوا الحملة الشعواء بحق الكلدانيين وأحزابهم وكنيستهم .
 حبيب تومي / اوسلو في 28 / 06 / 2009

344
الشكوك تحوم حول كيفية ادراج تسمية شعبنا في الدستور الكوردستاني
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
كان رئيس اقليم كوردستان الأستاذ مسعود البارزاني قد وعد بأن تكون تسمية شعبنا الكلداني بشكل مطابق لما هو مذكور في الدستور العراقي الأتحادي ، وفيه ذكر واضح وصريح للقوميتين الكلدانية والآشورية ، وفي خضم الأيام التي مضت وبعد ان جرت مناقشة مستفيضة لمواد الدستور الكوردستاني كان الرأي الذي ركن اليه المناقشون يتسم بترضية جميع الأطراف اولاً ، وبمنحها حقها القومي ثانياً ، حيث جمع مكون شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين بين فارزتين مع جمعها بواو العطف الجامعة ـ  الواو جامعة وليست مفرقة يا فطاحل اللغة ـ فكانت الصورة النهائية لحد يوم التصويت عليه في البرلمان يوم 24 / 06 / 2009 م .
 حتى ان جريدة الشرق الأوسط اللندنية نشرت خبر التصديق على مواد الدستور الكوردستاني يوم 25 / 06 / 2009  على الصورة المتفق عليها من قبل أعضاء البرلمان وعلى الصيغة المعروفة وهي :
(( صادق برلمان كردستان العراق أمس على مشروع دستور دائم للإقليم يطالب بإلحاق محافظة كركوك المتنازع عليها به ويشير إلى أن إقليم كردستان «يتكون من شعب إقليم كردستان من الأكراد، والتركمان، والعرب، والكلدان والسريان والآشوريين، والأرمن وغيرهم ممن هم من مواطني إقليم كردستان»)) .
وتأسيساً على هذه الحقيقة الدامغة والتي توصل اليها البرلمان بعد المناقشات المستفيضة ، يقول النائب جمال عويد لموقع عنكاوا انه تفاجأ برفع الواوات من الصيغة النهائية حيث يقول :
(( لكن عويد أوضح أنه " تفاجأ  بقراءة الدستور بالصيغة التي وردت اليوم  حول تسمية شعبنا، اذ وزعت المسودة قبل ايام فكانت تسمية شعبنا تحمل واوات ")) .
وتعقيباً على ذلك يقول الأستاذ عدنان المفتي لموقع عنكاوا ما نصه :
(( ورداً على السؤال، اجاب المفتي ان غالبية اعضاء البرلمان من الكلدان السريان الاشوريين (اربعة من اصل خمسة اعضاء) طالبوا بهذه التسمية، وعليه قررنا اعتمادها)) .
اقول للاستاذ عدنان المفتي :
 هل يحق للنائب التركماني ان ينوب مناب الشعب الكوردي ؟
 أليس التركماني مسلم والشعب الكوردي مسلم ؟
ومن المؤكد ان للشعب الكوردي مندوبيه يتحدوثون باسمه ، ولهذا اقول للاستاذ المفتي :
 ان شعبنا الكلداني لا تمثله الأحزاب الاشورية او مندوبيهم في البرلمان الكوردي ، للشعب الكلداني احزابه ومرجعيته الدينية والتي طالبت القيادة الكوردية بحسب السنودس الذي جمع كل المطارنة الكلدانيين يوم 5 / 5 / 2009 حيث ورد في قرار اجتماعهم :
( يعلن الاساقفة تمسكهم الراسخ بقوميتهم الكلدانية وحقوقهم المشروعة بموجب الدستور العراقي الاتحادي المادة: 125 - - - وعلى هذا الاساس يطالب الاساقفة الكلدان ادراج هذه المادة من الدستور الاتحادي في دستور اقليم كوردستان ).
 فإن الذين يمثلون الشعب الكلداني هم الأساقفة الأجلاء وأحزابنا السياسية الكلدانية وليس ممثلي الزوعا او ممثلي الأحزاب الآشورية الأخرى المعروفة جميعاً بنظريتها القومية الأستعلائية المتشددة  .
ممثلة الكلدانيين الوحيدة في برلمان كوردستان هي النائبة بايزاد ملكو . وعلينا ان نذكر للقيادة الموقرة للشعب الكوردي ان هذا إجحاف بحق الشعب الكلداني في ان يكون لنا مندوب واحد في البرلمان الكوردستاني .
 ووفق المبادئ الديمقراطية فينبغي ان تكون صيغة التمثيل كالآتي :
ــ  ثلاثة مندوبين من الأحزاب الكلدانية تمثل الشعب الكلداني.
 ــ ممثل واحد للاشوريين.
ــ  ممثل واحد للارمن .
ــ وممثل واحد للسريان.
 هذه هي العدالة في منح الحق للمكونات الكوردستانية وحسب ثقلها  الديموغرافي . وليس الرضوح للحملة الأعلامية الظالمة التي تشنها  الماكنة الأعلامية الآشورية ، والتي تشبه الماكنة الأعلامية في النظم الشمولية التوليتارية ، وهي تريد ان تصنع من الأكاذيب حقائق .
سؤال هو :
ألم يناقش النواب مواد وبنود الدستور الكوردستاني بشكل مستفيض ؟
وبعد ان انتهت المناقشات ووضع الدستور قيد التوصيت في اليوم التالي حيث كان صيغته تجمع شعبنا على الشكل الآتي الكلدان والسريان والآشوريين ، فكيف اصبح في اليوم التالي بقدرة قادر كلدان سريان آشوريين ؟
وأين اصبحت آراء من ناقشوا هذه المادة وانتهوا منها لينتقلوا الى المواد التالية ؟
 فهل كانت مناقشتهم للمواد هباءً من الريح ، فتم مسح آرائهم ووجهات نظرهم بكلمة من مندوبي الأحزاب الآشورية الذين لا يمثلون سوى احزابهم وقوميتهم الآشورية ؟ هل يجوز هذا في العرف الديمقراطي ؟
إن كوردستان واحة طيبة للتعايش بين المكونات الكوردستانية الأصيلة ، وإن ما لجأ اليه اليوم من غمط وظلم وتهميش لحقوق الشعب الكلداني كان ترضية للأحزاب آلاشورية المتشددة وماكنتها الأعلامية الظالمة ، وهذا بحد ذاته يعتبر خرقاً صادرخاً لمبادئ حرية الأنسان وحرية الأقليات المتعايشة في هذا الأقليم .
إن القيادة الكوردية وفي مقدمتها الأستاذ مسعود البارزاني والأستاذ نيجرفان البارزاني مدعوان لمنح الشعب الكلداني ما يستحقه من حقوق ، وسيكون هذا استكمالاً طبيعياً لمسيرة الأقليم نحو خلق اجواء مناسبة لتعايش الأقليات بشكل ديموقراطي بعيداً عن تسلط الآحزاب القومية المتشدة والتي لا تؤمن بحرية الآخر ومبادئ الديمقراطية وحق الأنسان في الأنتماء الديني والقومي .
 حبيب تومي / اوسلو في 26 / 06 / 2009[/size]لا

345
الى برلمان كوردستان أين العدالة في تهميش حقوق الشعب الكلداني ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
لقد عهدنا اقليم كوردستان حكومة ورئيساً وبرلماناً وشعباً يتعاملون مع الأقليات الدينية والقومية في ارض كوردستان بلغة ديمقراطية شفافة ،  ان الديمقراطية والعدالة حسب لوك تعني المساواة في الحظوظ ، اضافة الى ما ينسجم مع الطموحات القومية والمعتقدات الدينية لكل  المكونات ، وهذا ما عهدناه من خلال مقابلة المسؤولين في اعلى مستويات السلطة في اقليم كوردستان وفي مقدمتهم الأستاذ مسعود البارزاني رئيس الأقليم .
كما إن هذا المنحى في التعامل مع المكونات الأصيلة في اقليم كوردستان تجسد حينما قامت مجموعات كبيرة من شعبنا الكلداني بالتشرد من مناطقه في بغداد والبصرة والموصل ، حيث استقبلهم الأقليم بصداقة وأخوة ، وتعايشوا في الأقليم بحقوق المواطنة من الدرجة الأولى ، وليس غريباً هذا على اقليم كوردستان ، حيث ان الشعب الكوردي نفسه قد طاله الظلم والتعسف والعدوان والتشرد والتهميش في حقوقه القومية والأنسانية خلال عقود طويلة من تاريخه ،ولا يمكن للشعب الكوردي ان يكون ظالما لاي طرف من الاطراف في اقليم كوردستان ، لهذا كان يحدونا الأمل في ان يكون هذا الأقليم منصفاً بحق شعبنا الكلداني وسخياً في منح حقوقه القومية على ارض كوردستان ، وأن يحتل موقعه وما يستحقه من حقوق قومية مدونة في دستور اقليم كوردستان وعلى الأقل كما هو مدون في الدستور العراقي ، حيث ان دستور اقليم كوردستان لا يمكن ان تتعارض مواده مع مواد الدستور العراقي .
إن شعبنا الكلداني بأحزابه ومثقفيه وكنيسته الكاثوليكية قد طالب الجهات المختصة في الأقليم ومنهم الأستاذ مسعود البارزاني رئيس الأقليم، والأستاذ نيجرفان البارزاني رئيس حكومة الأقليم والأستاذ عدنان المفتي رئيس البرلمان وأعضاء البرلمان والشعب الكوردي الشقيق ان يكونوا جميعاً منصفين بحق شعبنا الكلداني ، لكن مع الأسف كان الرضوخ لتوجهات الأحزاب الآشورية ذات التوجه الأديولوجي المتزمت القاضي بإلغاء القومية الكلدانية وإبقاء القومية الآشورية .او التسمية القطارية المشوهة التي يندر مثيلها  في اثنوغرافية شعوب كوكب الارض بقاراته الخمس  .
إن الشعب الكلداني سيبقى صديقاً للشعب الكوردي ، طالباً ويحدوه الأمل في ان ينصف بما يستحقه من ثقله الديموغرافي في الأقليم ، وإن شعبنا الكلداني يمثله غبطة بطريرك الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية والأساقفة الكلدانيين الأجلاء وكذلك الأحزاب الكلدانية وتنظيمات المجتمع المدني الكلدانية والنخبة المثقفة الكلدانية ، ولا يمثله الأحزاب الآشورية او قياداتها التي تستحوذ على مقدرات شعبنا الكلداني وتتعامل معه  بسياسة التعامل مع القطيع ، ولا يمثله ايضاً الكلدانيين الذين نكروا قوميتهم الكلدانية ، فما نعرفه ان الأكراد الذين التحقوا بالقوات الحكومية وحاربوا قوميتهم الكوردية وشعبهم الكوردي لا يمكن يمثلوا الشعب الكوردي ، وكذلك من يحارب قوميته الكلدانية لا يمكن ان يمثل الشعب الكلداني .
 لقد كان العرب والأكراد من دين واحد ومذهب واحد ، فكان الحكام العراقيين في عهد صدام من العرب هم مسلمون سنة وكذلك فإن الأكراد هم ايضاً من المسلمين السنة ، ومع ذلك استخدم المسلمون السنة تحت قيادة صدام حسين الغازات السامة القاتلة ونفذوا حملة إبادة بحق اخوانهم الأكراد المشتركين معهم في الدين والمذهب . فماذا يعني ان نكون من دين واحد ؟
إخواننا الآشوويين مع الأسف منذ نيسان 2003 بعد ان منحهم الحاكم الأمريكي برايمر السلطة والنفوذ عكفوا منذ اليوم الأول على الأستحواذ على كل شئ ، وحتى اسمنا القومي التاريخي الكلداني يحاولون اليوم مسحه من الخارطة القومية العراقية ، فهل هذه اخوة ؟
وهل هذه تعني اننا شعب واحد ؟
اجل كما يقول زرادشت كل شعب يتكلم لغة الخير والشر الخاصة به ، وهذا حال الاخوة الاشوريين ان الحق هو ان نكون خدم وعبيد لهم .
 نحن نطالب بإرجاع اسمنا القومي الكلداني الى دستور كوردستان وعدم الخضوع للاحزاب الآشورية القومية المتشددة ، وبذلك ستكون هذه خطوة في الأتجاه الصحيح بما ينسجم مع مسيرة الشعب الكردي في التعامل مع الأقليات بشكل إنساني وما يلائم مع المعاهدات والأتفاقيات الدولية بشأن حقوق الأقليات الدينية والعرقية .
 حبيب تومي / اوسلو في 24 / 06 / 2009  

346
اقليم كوردستان معاملة إنسانية منصفة ونزيهة مع حقوق الأقليات الدينية والقومية
كوردستان الجميلة رئاسة وحكومة وبرلماناً وشعباً  ، كانت على الدوام الواحة الخضراء لتعايش المكونات العراقية الأصيلة ، والسبب في هذه المعايشة الأخوية هو النظرة الأنسانية العلمانية الديمقراطية التي تسود هذا الأقليم ، إن كان في الرئاسة الحكيمة للاستاذ مسعود البارزاني ، او في الحكومة الكوردية الدؤوبة برئاسة الأستاذ نيجرفان البارزاني ، او في البرلمان الكوردي الذي يرأسه الأستاذ عدنان المفتي ، او بالشعب الكوردي الشقيق الذي دأب على العمل والبناء وترسيخ المبادئ الديمقراطية في هذا الجزء العزيز من الوطن العراقي .
واليوم لقد اقر الدستور الذي يمنح الحقوق الأنسانية القومية لجميع المكونات دون احجاف ودون إقصاء اي مكون من النسيج الجميل للمجتمع الكردستاني .
بارك الله في جهود القيادة الكوردية لتعزيز مبادئ الديمقراطية وحقوق الأنسان .
 حبيب تومي / كاتب عراقي كلداني مقيم في النرويج

347
حملتكم الظالمـة على الكلــدان لا توحّـد صـفوفنا اخي اسـكندر بيقاشـا
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
قبل ايام وصف السيد يونادم كنا شعبنا الكلداني بالطائفة الكلدانية وحينما ناقشت هذا الكلام بشواهد تاريخية عن طريق مقال تحت عنوان " ينبغي على رابي كنا ان يعتذر لشعبنا الكلداني " حجب عن الصفحة الرئيسية لموقع عنكاوا ، وحينما نشر السيد يوسف شكوانا رداً على مقالي وهو في نفس السياق ، نشر موضوعه في الصفحة الرئيسية في عنكاوا وقد فصلت ذلك في المقال السابق وكما يأتي :
1 ـ نشر تصريح رابي كنا بشأن وصف القومية الكلدانية بالطائفة  اثناء مقابلة رابي كنا لسيدنا غبطة البطريرك الكردينال مار عمانوئيل دلي ،وفي الصفحة الرئيسية للموقع .
 2 ـ احجمت إدارة الموقع عن نشر مقالي الموسوم " يتعين على رابي كنا ان يعتذر لشعبنا الكلداني " عن الصفحة الرئيسية للموقع .
3 ـ نشر المقال الذي كتبه الزميل يوسف شكوانا ، " وهو تحت عنوان بالادلة والبراهين, السيد حبيب تومي ضد السيد يونادم كنا وليس ضد تعبير "الطائفة الكلدانية " حيث نشر في الصفحة الرئيسية للموقع وقرأه عدد كبير من القراء في حين لم يطلع القراء على مقالي بسبب حجبه عن الصفحة الرئيسية .
4ـ تحقيقاً للعدالة التي عهدناها في موقع عنكاوا الموقر ، اطلب من الأخوة في إدارة الموقع نشر الموضوع الذي هو تحت عنوان " يتعيّن على السيد يونادم كنّا ان يعتذر للشعب الكلــداني"  وذلك ليطلع القراء الكرام على وجهة نظري كما اطلعوا على وجهة نظر الأخ شكوانا ورابي كنا ، وتحقيقاً لمعايير العدالة والمساواة .
لكن مع هذه المناشدة لم تحقق موازين العدالة بين كتابنا .
قراءة في مرآة واقعنا الحالي تظهر جلياً حملة منسقة ظالمة بدأها السيد يونادم كنا وعززها السيد روميو حكاري وها هو الأخ اسكندر بيقاشا يساهم في الحملة التي مضمونها الدعوة للوحدة القومية وهدفها الواضح محاربة القومية الكلدانية والنيل من الأحزاب والكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ـ سأوضح في مقال خاص كيف يجري تمزيق الكنيسة الكلدانية في وضح النهار ـ
 الوحدة القومية الشكلية التي تريدونها بحذف الواوات بين الأسماء تعني إلغاء كل الأسماء ، ووضع واو العطف بينها على شكل الكلداني والسرياني والآشوري تعني الجمع بين هذه المكونات ، كقولي :
 لي ثلاثة اولاد رياض ورائد ونورس ، وهذه دلالة على جمعهم بأخوّة في بيت واحد وليست هنالك اي محاولة لتفريقهم  كما يزعم دعاة الوحدة الشكلية  .
إن العرب لهم اسم واحد مع ذلك إن هذه التسمية الموحدة لم توحدهم في العصر الحديث .
الأكراد لهم اسم واحد ومع ذلك نشب الأقتتال بينهم وسفكت الدماء الى ان جلس العقلاء منهم وراء المائدة المستديرة ، ووضعوا الحلول لمشاكلهم بأسلوب ديمقراطي وتفاهم ندي دون استعلاء طرف على طرف آخر ، هذا هو الأسلوب في طريق الوحدة وليس اسلوب محاولات جمع الأسماء بين قوسين إنه الضحك على الذقون عينه ايها السادة . فالأكراد حينما جلسوا سوية حققت مصالح جميع الأطراف بإنصاف ودون تسّيد طرف على حساب الطرف الثاني .
الوحدة التي ينبغي ان تكون بيننا ، يجب ان تكون وحدة شفافة مبنية على قواعد احترام  جميع الأطراف دون تفرقة ،
 (((( وأعني دون تفرقة  ان تكون حصة الجميع من الكعكة ما يناسب ثقلها الديمغرافي )))) .
 بعد نيسان 2003 همش الحاكم الأمريكي بول بريمر الكلدانيين من الخارطة السياسية العراقية ، بخلاف ما كان معهوداً في العهد الملكي ، وأنيط زمام الأمور بيد الأحزاب الآشورية ، وهذه تميزت بهشاشة المصداقية منذ اليوم الأول حين لجوئها الى إبقاء أسمها الآشوري ، وتبخيس الأسماء التاريخية الأخرى ، كما عملت على الأستحواذ على كل المناصب ، وهيمنت على كل وسائل الأعلام  الذي اضحى اعلاماً آشورياً صرفاً ، أضافة الى ان جميع الثروات  المخصصة للمسيحيين هي بحوزة الأحزاب الآشورية ، وما يصيب شعبنا الكلداني كما نقول في القوش ، هو ( كوملا أروق ناثح ) أي حصتي من الجمل هي أذنه فحسب .
ومن الأعلام ليس لنا ما يعكس رأينا إن كان في قناة آشور او في قناة عشتار . إنها تفرقة صارخة ليس لها علاقة بالتسميات وما ينسج حولها ن مؤامرات مفترضة ، فنحن اصلاء في الوطن العراقي ولا نقبل ان نكون شحاذين امام الأبواب ، فنحن لنا كرامتنا ايضاً .
 انكم تغمضون عيونكم عن حقوقنا وحينما نطالب بها الجهات المسؤولة في الحكومة المركزية او في حكومة اقليم كردستان تقولون السنا شعب واحد ؟ اليست حقوقنا حقوقكم ؟
 فكيف نكون شعب واحد ونحن لا نملك من الحقوق سوى حق التصفيق وحق التصويت لكم ، وحق الاشتراك في مسيراتكم ورفع اعلامكم ؟ ماذا لنا اكثر من ذلك ؟ اعلنوه على الملاء اخي بيقاشا .
 إنكم ايها السادة قد علقتم كل الحلول على مشجب الوحدة القومية ، والتهمة يستخدمها الكادر الحزبي
الآشوري بتفوق ودون ملل خصوصأً الأخوة في كادر الحركة الديمقراطية الآشورية فهم شطار ولهم مؤهلات فائقة في صناعة التهم ولصقها  بمخالفيهم .
مسألة الوحدة القومية أخي اسكندر بيقاشا ليست في مزج الأسماء وتنتهي المشكلة ، فكفى المؤمنون شر القتال ،  إنما الوحدة الحقيقية هي في تحقيق العدالة والمساواة بين جميع الأطراف  .
فكفى من النظرية التي تقول ان الكلدان مفرقي الصفوف  ، أحدهم يصفنا بالأعداء وآخر يصفنا بالخونة ، إنها نفس التهمة في عهد نوري السعيد التي كانت تلصق  بالشيوعيين بأن لهم افكار هدامة  ، فالكلدان اليوم يحملون المعاول لتهديم وحدتنا ، لانهم يضعون واوات الجمع بين اسمائنا ، هذه هي السطحية بعينها  ، إنها افكار إقصائية تأكسدت وعلاها الصدأ وأصبحت خارج الزمن .
 يا أخي اسكندر بيقاشا ويا اخي روميو هكاري ، ويا أخي يونادم كنا ، ويا أخي سركيس أغاجان ، نحن الكلدانيون بشر مثلكم ولنا حقوق كبقية البشر ، وإننا مهمشون في الأمور التي ذكرتها ، فالكعكة يجب ان تكون من نصيبنا جميعاً بعدالة ومساواة ، وليس فيما تسعون الى تحقيق المزج المشوه في الأسماء لنقول نحن شعب واحد في المستوى الشعاراتي فحسب  .
فتعالوا نجلس كأخوة دون تعالي ودون إقصاء ودون وصاية ، ونجلس كما جلس إخواننا الأكراد ونحل الأشكالات  بتفاهم وندية وشفافية وتحقيق مصالح الجميع بشكل عادل .
 نحن لسنا مخربين ولا نحمل معاول لتحطيم الوحدة ، ولسنا اعداء هذه الأمة  ولسنا خونة ، كفاكم من أطلاق التهم جزافاً ، نحن بشر مثلكم وإن كنا نحترمكم عليكم ان تحترمونا ، إن كان عددنا عشرة او مئة او الف ، او مئة الف ، ومهما كان العدد فنحن لسنا نكرة كما تريدون  .
نحن نتشكل من الأحزاب الكلدانية ، والشخصيات الكلدانية المستقلة ، والكتاب والمثقفين الكلدان ، والمنظات والجمعيلت والنوادي الكلدانية والناس الذين يسمون انفسهم كلدان والكنيسة الكلدانية وسنودس المطارنة الاجلاء المحترمين الذين يسمون انفسهم كلداناً ،  كفاكم توجيه التهم ونعتهم جميعاً بالأعداء والمفرقين والخونة ووو.. ، إنها  كتهمة الشيوعية ايام زمان وها انتم تبدأون بصقلها من جديد وإلباسها العباءة الكلدانية .
 يا اخوان نحن لسنا خونة او اعداء ، نحن ناس مظلومين و مهمشين ومشردين ومقموعين ،  ماذا دهاكم بأن تنعتونا بالأعداء باسم الوحدة ؟  اوقفوا فصول هذه المهزلة  السقيمة .
 الوحدة هي بالتفاهم والندية والمساواة في الحقوق والواجبات ، وتحقيق المصالح وهذه المصالح بالعربي الفصيح كما اسلفت ، هي الوظائف في الدولة المركزية وأقليم كردستان ، واقتسام الثروة على اسس عادلة ومنح فرص اعلامية لجميع الأطراف بشكل متساو ودون فرض نظريات اديولوجية مسبقة .
 هذه هي الوحدة الحقيقية اخي سركيس اغا جان ، وأخي يونادم كنا وأخي نمرود بيتو وأخي روميو حكاري وأخي تيري بطرس وأخي سركون سليفو وأخي القس عمانوئيل يوخنا واخي اسكندر بيقاشا .  
 ولكم جميعاً تحياتي ومحبتي
 حبيب تومي / اوسلو في 22 / 06 / 2009

348
تفعيل دور الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية  في الخارج
بقلم : حبيب تومي / عضو الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية .
habeebtomi@yahoo.no
 
ازعم ان البيت الكلداني تتخلله اجواء التفاهم الى حد كبير فليس ثمة خلفية تاريخية لعوائق ومشاكل  متراكمة ، ولا يتسيّد في هذا البيت المنطق العشائري، مما ييسّر عملية لم الشمل وتوحيد الكلمة دون جهود مضنية .
 اجل ينبغي التسليم بمقولة ان المشاعر القومية الكلدانية في البداية كانت تتسم بنوع من الفتور ، لكن بعد ان تبدلت الظروف واصبح شعبنا الكلداني في عداد التهميش ، كان المخاض يؤول لولادة عمل سياسي قومي بين النخبة الكلدانية ، لاسيما بعد الظروف التي برزت بعد نيسان 2003 حيث عمد الحاكم الأمريكي للعراق بول برايمر الى العملية التهميشية السياسية لسكان بلاد ما بين النهرين الأصلاء المتمثلين بالشريحة السكانية من القومية الكلدانية . فكان نصيب هذه الشريحة من الكعكة لا شئ مقارنة بالشرائح القومية والدينية العراقية الأخرى . ومن هنا تولدت الضرورة بنشوء تنظيمات كلدانية من رحم الظلم والأجحاف الذي لحق بهذا المكون الأصيل .
وسوف نبقى في دائرة الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية التي انبثقت مجدداً في 4 / 5 / 2009 بإرادة قوية وبتفاهم كبير بين التنظيمات القوى السياسية الكلدانية ، مع بعض الأستثناءات التي ابداها بعض الزملاء في قيادة المنبر الديمقراطي الكلداني ، ومما زاد من زخم الأندفاع والرغبة في العمل الجماعي كان المقررات التاريخية الضرورية المطلوبة  من قبل المطارنة الأجلاء في السنودس الذي انعقد في تلك الأثناء في مدينة عنكاوا .
إن هذا التوجه وجد له الصدى في توحيد كلمة الكلدان في قائمة مشتركة عرفت بقائمة الكلدان الموحدة والتي خلت ايضاً من مساهة المنبر الديمقراطي الكلداني في هذه القائمة ، بغية خوض الأنتخابات لبرلمان اقليم كردستان المزمع إجراؤها في 25 / 7 / 2009 وتناغماً مع هذا السياق كان احتفال بيوم العلم الكلداني في تلسقف تحت مظلة الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية .
إن هذه المسيرة للهيئة في الداخل يدفعنا الى القول والتساؤل حول دور الهئية العليا للتنظيمات الكلدانية في الخارج ، فنحن ماذا فعلنا غير كتابة المقالات ؟
وهل نستطيع ان نخطو خطوة اكثر من كتابة المقالات ؟
امامنا طريق عمل طويل ، فنحن نفتقر الى الأمكانيات المادية ، نحن نفتقر لفضائية كلدانية  تبرز طموحاتنا ، فليس لنا صوت اعلامي بارز ، وفي هذا السياق ايضاً ليس لنا مسؤول سياسي كبير في الدولة العراقية او حكومة اقليم كردستان ليقول انا كلداني ادافع عن شعبي ، فنحن مهمشين اعلامياً وسياسياً ومادياً . ولهذا سيكون امامنا طريق طويل للوقوف على اقدامنا ، لكن الأمل يملؤ قلوبنا  اعتماداً على شعبنا ، فخطوة الألف ميل دائماً تبدأ بالخطوة الأولى .
 وعلى ضوء ذلك اقترح تأسيس لجان او ممثليات للهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية في اميركا واستراليا وأروبا ، وإن كانت هنالك جالية كبيرة في دولة اوروبية واحدة يمكن ان تكون في اوروبا اكثر من لجنة او هيئة ، وتتكون هذه الهيئات في هذه البلدان من الأحزاب السياسية الكلدانية ومنظمات المجتمع المدني الكلدانية والشخصيات المستقلة من ابناء شعبنا التي تؤمن بالهوية الكلدانية .
ــ تكون اهداف هذه اللجان او الهيئات في هذه الدول العمل على تعضيد فكرة عقد  المؤتمر الكلداني العالمي الأول المزمع عقده في الوطن ، ودراسة ايجاد منافذ تمويل لتغطية عقد مثل هذا المؤتمر ، إن كان بجمع تبرعات او القيام بالأحتفالات الترفيهية والتي يخصص ريعها للمؤتمر .
ــ تشكيل منظمات مجتمع مدني مختلفة في المجالات الأجتماعية والفنية والثقافية . وبهذه المناسبة اهيب بالنخبة المثقفة من شعبنا الكلداني الى تأسيس اتحاد لادباء وكتاب ومثقفي شعبنا فيكون هذا الأتحاد شجرة خيرة يستظل بظلالها المثقف الكلداني داخل الوطن وخارجه .
ــ إن اهداف لجان الهيئة العليا  ستكون لم الشمل بين جالياتنا في هذه البلدان والأتصال بالمكونات الأخرى لشعبنا من الآشوريين والسريان لتفعيل دور هذه الجاليات مجتمعة في الدفاع عن حقوقنا وأراضينا ووجودنا  في الوطن العراقي  وفي المحافل الدولية بشكل جماعي وبتناسق ودي مبني على التفاهم والندية والأخوة ، دون مظاهر الأستعلاء او اقصاء لمكون من مكونات شعبنا المسيحي الأصيلة من كلدان وسريان وآشوريين . وهنالك مجالات كثيرة ومتعددة لتفعيل مثل هذا التعاون .
بقي ان اقول :
 ارجو من الأخوة ان يكون في الأمر نوع من المركزية وإنني شخصياً  اتشرف بعملية التنسيق وسأكون بالخدمة لتلقي اي اقتراح على الأيميل وسأقوم من جانبي بالأتصال عن طريق الهاتف الأرضي بكل من يرسل لي رقم هاتفه بغية المناقشة والتفاهم وتنسيق الجهود .
 واتمنى لكم جميعاً التقدم والتوفيق في مساعيكم الخيرة لخدمة شعبنا
 حبيب تومي / اوسلو في 19 / 06 / 2009

349
بصراحة مع الزميلين كامل زومايا ويوسف شكوانا
بقلم : حبيب تومي /  اوسلو
habeebtomi@yahoo.no




 بشكل مبدأي لا احبذ الرد على مقالات الزملاء الذين يعلقون على ما اكتبه ، بجهة ان لكل منا رأيه وأنا احترم الرأي المقابل مهما كانت مساحة الأختلاف بيننا ، لكن بعض الردود تفتقر الى الموضوعية وربما بعض ما يرد فيها يكون مجافياً للحقيقة والواقع ، وسأحاول مناقشة بعض ما اورده الزميلين العزيزين في معرض مداخلتيهما .
السيد يوسف شكوانا يكتب مقالاً تحت عنوان " بالادلة والبراهين, السيد حبيب تومي ضد السيد يونادم كنا وليس ضد تعبير "الطائفة الكلدانية " ولكن قبل مناقشة الموضوع فإنني اشير الى ألأخوة في إدارة موقع عنكاوا الموقرين انه حصل غبن بحقي وكما يأتي :
 1 ـ نشر تصريح رابي كنا بشأن وصف القومية الكلدانية بالطائفة  اثناء مقابلة رابي كنا لسيدنا غبطة البطريرك الكردينال مار عمانوئيل دلي ،وفي الصفحة الرئيسية للموقع .
 2 ـ احجمت إدارة الموقع عن نشر مقالي الموسوم " يتعين على رابي كنا ان يعتذر لشعبنا الكلداني " عن الصفحة الرئيسية للموقع .
3 ـ نشر المقال الذي كتبه الزميل يوسف شكوانا ، " وهو تحت عنوان بالادلة والبراهين, السيد حبيب تومي ضد السيد يونادم كنا وليس ضد تعبير "الطائفة الكلدانية " حيث نشر في الصفحة الرئيسية للموقع وقرأه عدد كبير من القراء في حين لم يطلع القراء على مقالي بسبب حجبه عن الصفحة الرئيسية .
4 ـ تحقيقاً للعدالة التي عهدناها في موقع عنكاوا الموقر ، اطلب من الأخوة في إدارة الموقع نشر الموضوع الذي هو تحت عنوان " يتعيّن على السيد يونادم كنّا ان يعتذر للشعب الكلــداني"  وذلك ليطلع القراء الكرام على وجهة نظري كما اطلعوا على وجهة نظر الأخ شكوانا ورابي كنا ، وتحقيقاً لمعايير العدالة والمساواة .
اقول للاخ يوسف شكوانا :
 انا احترم السيد يونادم كنا وله مكانة سياسية نحترمها جميعاً ، وليس هنالك ما يدعو الى ان اكون بالضد من الرجل ، إنما اقوم بنقد ودحض بعض تصريحاته وهذا حق مشروع ، فالسيد كنا قد يصيب او يخطئ ، ومناقشته لا تعني حمل ضغينة او حقد شخصي ضده .
 السيد يوسف شكوانا كتب في محرك كوكل اسم الطائفة الكلدانية ونقل من ذاكرة المحرك المناسبات التي ذُكرت فيها الطائفة الكلدانية وحشرها حشراً في مقاله دون معنى .
 اولاً : لم يشأ السيد شكوانا ان يكتب الطائفة الآشورية في محرك كوكل لكي يرى امامه كم مرة مذكورة الطائفة الآشورية او الآثورية .
 وثانياً ماهي اوجه الشبه بين ما قرأته في كوكل وبين ما اورده رابي  كنا في زيارته لغبطة البطريرك الكردينال عمانوئيل دلي ؟
المعلوم ان الطائفة كتعبير لغوي مجازي يستعمل في حالات كثيرة نقول الطائفة الآرية والطائفة السامية للاشارة الى اللغتين او الى الكتلتين البشريتين ، والطائفة كلفظ  لغوي لا غبار من استعماله ، لكن توقيت زيارة السيد كنا واستخدامه لمفهوم الطائفة كان تعبيراً لموقف سياسي ايديولوجي ، حيث كان اثناء زيارته التي كانت في اعقاب اختتام السنودس للمطارنة الأجلاء ، والذي اتخذ من بين ما اتخذه من قرارات ومنها قراراً يقول :
(( يتمنى الاساقفة عودة السلام والاستقرار عاجلا الى ربوع العراق متطلعين الى عودة المهجرين الى ديارهم بأمان . من هذا المنطلق اعلن الاساقفة تمسكهم الراسخ بقوميتهم الكلدانية وحقوقهم المشروعة ، بموجب الدستور العراقي الاتحادي المادة ١٢٥ : "يضمن هذا الدستورالحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة مثل التركمان ، والكلدان والاشوريين ، وجميع المكونات الاخرى ، وينّظم ذلك بقانون ". فيطالب الاساقفة ادراج هذه المادة في دستور اقليم كردستان . هكذا يتمكن الكلدان من مواصلة رسالتهم ودورهم .. الخ )) .
فكانت الزيارة موقوته للتعبير عن موقف سياسي حزبي صرف ، وكان إقحامه  تعبير الطائفة الكلدانية كتحديد موقف من قرار السنودس للسادة الأجلاء مطارنة الشعب الكلداني ، فكانت ردة فعل  غير موفقة ، وهو موقف سياسي محض ، فمقارنة السيد شكوانا لم تكن في محلها وهي بعيدة عن الواقع . فاقحام مفردة الطائفة من قبل رابي كنا لم يكن فيها اي جرعة من البراءة  .
السيد شكوانا يقول ان حبيب تومي يقحم اسم زوعا في كل موضوع ، فأقول له هذا خلاف الواقع ، فأنا اكتب في مختلف المواضيع ، وإن كنت اشير في كثير من المناسبات الى  زوعا فينبغي على السيد شكوانا ان يشكرني وهو كادر زوعاوي ، لان ذلك دليل على فاعلية الحركة الديمقراطية الآشورية في الساحة السياسية ، فيجب عليه ان لا يتسم بهذه الحساسية من ذكر اسم الزوعا .
يقول السيد يوسف شكاوانا : (( .. خرج علينا " حبيب تومي " مؤخرا بعنوان يقول يتعين على يونادم كنا أن يعتذر للكلدان ولا أعلم بأي حق يتحدث باسم الكلدان والى هذه اللحظة لم أسمع بأنه أنتخب من قبل أي كلداني ..الخ  )) .
يبدو ان الأخ  يوسف شكوانا يوافق ان اكتب باسم شعب جزر القمر او الشعب المالديفي او الشعب الموزنبيقي .. ولا يحق لي ان اكتب باسم الشعب الكلداني باعتبار ان السيد يوسف شكوانا ( لم يسمع ) بان حبيب تومي قد انتخب من قبل اي كلداني ، وبرأيه ان اي كاتب لكي يدافع عن شعبه ينبغي ان يكون عضواً في البرلمان منتخباً من قبل الشعب ، وهذه اول مرة اسمع بهكذا نظرية .
 بتصوري ان الذي يدافع عن شعبه لا يحتاج لتخويل من جهة معينة , ولحد الآن كل من اصادفه في القوش او غيرها يثني على كتاباتي باستثناء الأخوة الموالين للحركة الديمقراطية الآشورية .
اقول للأخ يوسف شكوانا انا مواطن عراقي ولادتي في القوش ديانتي مسيحية مذهبي الكنسي كاثوليكي قوميتي كلدانية ، وان الكلدانية هي القومية الثالثة بعد القوميتين العربية والكردية ، ولي ايمان بذلك وانا أكتب في هذا المحيط  فأنا لم انكر قوميتي الكلدانية ، ولم افتخر مثل الكثيرين ممن جحدوا قوميتهم الأصيلة ويفتخرون حينما يقولون عنها الطائفة الكلدانية فحسب .
 عبر قراءاتي اطلعت على حوادث تاريخية لمن ينكرون اصولهم القومية ويتشبثون بقومية أخرى ، فهنالك امثلة كثيرة من الأخوة الأكراد ممن حاربوا بني جلدتهم ، ومن استعرب ومنهم من استترك ، ولعل اشهرهم كان سليمان نظيف الكوردي القح الذي تنكر لقوميته الكوردية واستترك وعمل المستحيل لاعدام القائد الكوردي عبد السلام البارزاني عام 1914 ليثبت انه ملكياً اكثر من الملك . وفي حوادث التاريخ كثير من المسيحيين تركوا ديانتهم وكانوا يضغطون على بني جلدتهم ليثبتوا اخلاصهم للدين الجديد . وأرجو من الأخوة الكلدان الذين لا يؤمنون بقوميتهم الكلدانية الأصيلة الا يسلكوا هذا السلوك اتجاه بني جلدتهم ممن يؤمنون بقوميتهم الكلدانية .
الأخ العزيز كامل زومايا كتب مؤخراً مقالاً تحت عنوان " الى الحبيب تومي .. اتق الله بالشامخ سعيد شامايا " كل الأحترام للزميل زومايا ، لكن لا داعي لتهويل الأمور وإلائها حجماً اكبر من حجمها وأيصالها الى مديات التي يتعذر وضع الحلول للمسألة .
على هذا المنوال كنت قد كتبت قبل فترة مقالاً ورد فيه حرفياً هذه العبارة .
(( .. ان رسالة الأخ زومايا وزملائه تشبه رسالة صدام الى الساسة الإيرانيين ..))  فنقلها الأخ زومايا على الصورة التالية وهو ينقل عن مقال حبيب تومي عن الرسالة بالشكل الآتي :
(( .. حيث تم توصيفنا ـ من قبل حبيب تومي ـ نحن الموقعين على الرسالة بصفة الجلاد صدام حسين الذي كنتم انتم احد ضحاياه ونحن كذلك ، أفلا ترى انه يعد تجريح ان نشبه بصدام حسين..؟ )) .
فأنا اقول لك يا أخ كامل زومايا اتق الله حينما تقتبس فيجب ان يكون اقتباسك دقيقاً فيه المصداقية ولا يكون فيه النفخ في نار التصعيد .
 وتقول عن الأستاذ شامايا في مقالك الأخير :
 ((.. هو تجريح بأمتياز اكثر من انه نقدا فكريا او نقدا موجه لأسلوبه السياسي في التعامل مع الحقل القومي )، ولم لا إن كان نقدكم  موضوعيا ولكن ملخص مقالتكم لم تكن لمناقشة امور سياسية بقدر التشهير لشخص الشامخ شامايا لا اكثر ولا اقل، هكذا تشهير الذي لا يرتبط بأرض الواقع بشيء لا يستحقها منكم ، ليس دفاعا عنه ولا يحتاج لتزكية احد منا عبر تاريخه الوطني والقومي الطويل، بقدر انها لا تليق ايضا بكم ولا  لهذا المنحى والاسلوب اللامسؤول الذي استرسلت به مع الأسف . )) .  
ويمضي زومايا الى القول
(( .. فكان المرتجى منكم أن تصوب سهامكم  ضد الفساد والمفسدين ويبدو انكم اخطأتم  الهدف،  فالشامخ شامايا ..  ولا هو بأصحاب المليارات التي تفوح منهم رائحة النفط ، وانتم تعلمون بسكنه الايجار المتواضع في عنكاوا .. )) .
مرة اخرى اقول للزميل زومايا ينبغي ان تكون دقيق وواقعي في حكمك مستنداً على ما هو وراد في النص وليس لما تتصوره ، فلم يرد في المقال اي شئ من الذي ذكرته  فلا احد قرأ في المقال ما ذكرته والنص لا زال منشوراً على مواقعنا باستثناء المواقع التي لا تقبل ان تنشر الكلام الصريح الواقعي لحبيب تومي . وأؤكد لك مرة اخرى يا اخي زومايا ان لا تقولني ما لم اقوله .
لقد كتبت سابقاً عن الفساد ، وكان عنوانه : متى  يطرح السؤال من اين لك هذا ؟ وربما لم يطلع عليه الأخ زومايا ، ولا ادري ما علاقة الزميل شامايا بموضوع الفساد واصحاب المليارات .
أخي العزيز كامل زومايا ، ناقشت الأخ سعيد شامايا عن موقف من النبر الديمقراطي من االمعادلة السياسية وهو مقال سياسي بحت ولا زال السؤال مطروح للمنبر . فلا يجوز تأويل الأمور بما ليست عليها .
للصديقين العزيزين كامل زومايا ويوسف شكوانا اجمل تحياتي .
 واعتذر للزملاء الذين لم ارد على مقالاتهم فكان فيها الكثير من الكلام للحوار والمناقشة  ومنهم :
 تحياتي للاستاذ تيري بطرس حيث في مقالته بعض الأمور كان فيها مجال للنقاش .
 وتحياتي للاستاذ سركون سليفو لمقاله " مرة خرى السيد تومي ..زهريرا وزوعا " والأستاذ شمعون شليمون حيث ان مقاليهما كانا بعيدين عن الواقع ولا اريد الخوض في متاهات التسمية الذي هو من اختراع الأحزاب القومية الآشورية  حصراً .
حبيب تومي / اوسلو في 15 / 06 / 2009

350
خطاب مفتوح الى رئيس وزراء اقليم كوردستان الأستاذ نيجرفان البارزاني الموقر  
 تحية واحترام
ان المراقب والمتابع لمسيرة الشعب الكوردي خلال العقود المنصرمة يلاحظ امامه المشهد المتواصل لشعب ضرب امثلة في البطولة والتضحية تحت قيادة الزعيم التاريخي للشعب الكوردي ملا مصطفى البارزاني ، وكان يتردد دائماً القول ان اخلص اصدقاء هذا الشعب بشكل دائم هما الجبل والبندقية .
وخلال تلك المسيرة الطويلة من الكفاح المسلح كان الضحايا بمئات الآلاف من الأبرياء ومن مختلف الأعمار ومن كل المكونات العرقية والدينية القاطنة في هذه الديار . واستكمالاً لديمومة المسيرة وبعد ان وضعت الأوضاع الأستثنائية اوزارها وعادت الحياة الطبيعية الى ربوع اقليم كوردستان  يعكف الشعب الكوردي على معاودة عملية البناء والتقدم لكي يثبت للعالم ان الشعب الكوردي ليس ماهراً في استخدام البندقية والشجاعة فحسب ، بل انه شعب يحب الحياة ويعشق الديمقراطية ويعمل على التطور والتقدم في كافة ميادين الحياة .
كانت العملية الديمقراطية واحدة من الثوابت التي لجأت اليها الثورة الكوردية حينما استقرت الأمور لممارسة الحياة السياسية ، واحتلت الأولوية  في منهجية العمل السياسي لهذا الأقليم بالمبادرة الى ممارسة العمل الديمقراطي ، واحترمت لغة الديمقرامية لواقع التنوع واحترام الآخر .
وقبل كل ذلك عملت حكومة الأقليم على  ترسيخ اركان الأمن والأستقرار وسيادة القانون والدستور ، فبعد انتفاضة اذار 1991 امست كوردستان واحة ملائمة لغرس بذور الديمقراطية ، والعيش المشترك للنسيج المجتمعي العراقي بتنوعه الجميل ، إنها رغبة للاستقرار والحياة وإيجاد موطئ قدم في المنطقة وفي المجتمع  الدولي المتمدن .
في السنين الأخيرة  يتجلى للمراقب سعة خطوات التطور والتقدم في أرجاء اقليم كوردستان  التي كانت بصمات الأستاذ نيجرفان البارزاني وطاقم حكومته الدؤوبة جلية  في نواح العمران والتجارة والنفط والخدمات العامة  وإعادة بناء البنية التحتية عموماً .
وفي مجال التعامل مع المكونات العرقية والدينية عولجت هذه المسألة بنفس ديمقراطي علماني ، وكما هو حاصل في ديمقراطيات اوروبا الغربية العلمانية .  
فبعد عقود من الظلم والحرمان والتهميش التي ألمّت بالشعب الكوردي ، لا يريد هذا الشعب ان يكون ظالماً او مهمِشاً لحقوق مكون من مكونات الشعب القومية او الدينية  على ارض كوردستان ، حيث يستقر الحكم  الديمقراطي العلماني . وهو يعلم ان واحداً من اهم مرتكزات الديمقراطية يكمن في مراعاة حقوق الأقليات الدينية والعرقية في هذا الاقليم .
وهكذا كانت الدلائل تشير بوضوح الى اهتمام اقليم كوردستان برئيسه وحكومته وبرلمانه بهذه المكونات العريقة في الوطن العراقي ، ولا بد لذي نظر ان يعترف بأن شعبنا المسيحي من كلدانيين وسريان وآشوريين وأرمن ، كان لهم صوتاً مسموعاً في اقليم كوردستان لا سيما حينما وجد الملاذ الأمن في هذه الواحة الخضراء بعد ان طالته عمليات القتل والأبتزاز والتهجير في مدن بغداد والبصرة والموصل .
إن هذا الأنفتاح على الآخر وسماعه يشجعني على الكتابة والمطالبة بإنصاف الشعب الكلداني وهو من المكونات الأصيلة في هذه الديار .
الأستاذ  الفاضل نيجرفان البارزاني أخاطبكم كمسيحي كلداني مستقل في انتمائه السياسي ، بأن شعبنا الكلداني قد وقف الى جانب الشعب الكوردي وهو يخوض مسيرته النضالية ، واليوم يقف معه وهو في مسيرة البناء والتقدم والتعمير وإرساء اسس الديمقراطية ، طالباً من سيادتكم  :
1 ـ ان ينصف الشعب الكلداني في اقليم كوردستان بما يستحقه في مختلف المجالات وما يناسب ثقله الديمغرافي في هذا الأقليم .
2 ـ  وإن يبقى اسم قوميته الكلدانيــة مدوناً في دستور كوردستان بشكل مستقل ، وكما هو مذكور في دستور العراق في المادة 125 .
إن معاهدة  سيفر عام 1920 كانت قد اقرت حقوق الشعب الكوردي القومية وكذلك القوميات الأخرى منهم  الكلدانيين والآشوريين ، فلا نريد اليوم ان تضيع حقوقنا القومية في دستور العراق الفيدرالي او في دستور اقليم كردستان .
إن انصاف شعبنا الكلداني وبقية المكونات الأصيلة هو نصر للديمقراطية ولحقوق الأنسان في رقعة الأرض الجميلة التي اسمها أقليم كوردستان .
بارك الله بجهوكم لما هو خدمة الشعب ونمو وتقدم اقليم كوردستان والوطن العراقي عموماً .
المخلص / حبيب تومي / كاتب سياسي كلداني مقيم في النرويج  
habeebtomi@yahoo.no
tomihabib@hotmail.com
اوسلو في 10/ 6 / 2009

351
رسالة مفتوحة الى البرلمان الكوردستاني   
الأستاذ عدنان المفتي رئيس برلمان اقليم كوردستان الجزيل الأحترام
 السادة اعضاء برلمان اقليم كوردستان الموقرون
تحية وبعد
الشعب الكوردي الذي ضرب امثلة في البطولة والتضحية ينعم اليوم في اقليمه الكوردستاني ، متطلعاً الى بناء وتطور وتقدم ارضه الطيبة  ، فبعد ان ودع البندقية بعد عقود طويلة من الكفاح المسلح في سبيل حقوقه ، وأعطى الضحايا بمئات الآلاف ، يعكف اليوم على عملية البناء والتقدم لكي يثبت للعالم ان الشعب الكوردي ليس ماهراً في استخدام البندقية والشجاعة فحسب بل انه شعب يحب الحياة ويعشق الديمقراطية ويعمل على التطور والتقدم في كافة ميادين الحياة .
كانت العملية الديمقراطية واحدة من الثوابت التي لجأت اليها الثورة الكوردية حينما استقرت الأمور لممارسة الحياة السياسية ، واحتلت الأولوية  في منهجية العمل السياسي لهذا الأقليم بالمبادرة الى ممارسة العمل الديمقراطي والى ترسيخ أركان الأمن والأستقرار وسيادة القانون ، فبعد انتفاضة اذار 1991 امست كوردستان واحة ملائمة لغرس بذور الديمقراطية ، وكان في مقدمة ذلك هو انتخاب برلمان كوردستان ، حيث شعر الأنسان الكوردي في هذه الرقعة الجغرافية بأن له صوتاً مسموعاً وإن له ممثلين يدافعون عنه ويريدون الخير له .
في عقود من الظلم والحرمان والتهميش التي ألمّت بالشعب الكوردي ، كان في مقدمة اجندة هذا الشعب هو إنصاف الأقليات ، فالشعب الكوردي بعد ان ذاق مرارة الظلم والطغيان والتهميش لا يريد ان يكون ظالماً او مهمشاً لأحدى المكونات القومية او الدينية في ارض كوردسان ، حيث يستقر الحكم الديمقراطي العلماتي . وهو يعلم ان واحداً من اهم مرتكزات الديمقراطية يكمن في مراعاة حقوق الأقليات الدينية والعرقية في اقليم كوردستان .
 إن اولى ابجديات الديمقراطية تعني مراعاة الأقليات باعتبارها اضعف الحلقات الأجتماعية والحكمة تقول  بأن قوة السلسلة تقاس بقوة أضعف حلقاتها ، ومن هذا المنطلق عكف اقليم كردسان برئيسه وحكومته وبرلمانه بإنصاف هذه المكونات العريقة في هذه الديار ، ولا بد لذي نظر ان يعترف بأن شعبنا المسيحي من كلدانيين وسريان وآشوريين وأرمن ، كان لهم صوتاً مسموعاً في اقليم كردستان لا سيما حينما وجد الملاذ الأمن في هذه الواحة الخضراء بعد ان طالته عمليات القتل والأبتزاز والتهجير في مدن بغداد والبصرة والموصل .
السادة الأفاضل في برلمان اقليم كردستان ، أخاطبكم كمسيحي كلداني مستقل في انتمائه السسياسي ، بأن شعبنا الكلداني قد وقف الى جانب الشعب الكوردي وهو يخوض مسيرته النضالية ، واليوم يقف معه وهو في مسيرة البناء والتقدم والتعمير وإرساء اسس الديمقراطية ، طالباً من حضراتكم ان ينصف الشعب الكلداني في اقليم كوردستان بما يستحقه من ثقله الديمغرافي في هذا الأقليم ،  وإن يبقى اسم قوميته الكلدانيــة مدوناً في دستور كوردستان بشكل مستقل ، وكما هو مذكور في دستور العراق .
إن معاهدة  سيفر عام 1920 كانت قد اقرت حقوق الشعب الكوردي القومية وكذلك القوميات الأخرى منهم  الكلدانيين والآشوريين ، فلا نريد اليوم ان تضيع حقوقنا القومية في دستور العراق الفيدرالي او في دستور اقليم كردستان .
إن انصاف شعبنا الكلداني وبقية المكونات الأصيلة هو نصر للديمقراطية ولحقوق الأنسان في رقعة الأرض الجميلة التي اسمها أقليم كوردستان .
بارك الله بجهوكم لما هو خدمة الشعب ونمو وتقدم اقليم كوردستان
المخلص / حبيب تومي / كاتب سياسي كلداني مقيم في النرويج 
habeebtomi@yahoo.no
tomihabib@hotmail.com
اوسلو في 8 / 6 / 2009
 

352
أين يقف المنبر الديمقراطي الكلداني من المعادلة السياسية لشعبنا ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 
في الحقيقة هذا المقال كان مكتوباً منذ عودتي من العراق ، حينما لمست بأن المنبر الديمقراطي الكلداني يتعثر في مسيرته ، وأعتقد ان السبب كان الرؤية المتناقضة للامور . بما ان الصديق العزيز الأستاذ سعيد شامايا يحتل المركز الأول في هذا التظيم فسيكون هو محور هذا المقال ، وهو يعترف ان الصداقة شئ ومناقشة الأمور السياسية  ينبغي ان تكون بمنأى عن العلاقات الأخوية والصداقة ، وأنا متأكد بأن الأخ سعيد سيتقبل كلامي بروح رياضية .
 إن المؤتمر الأول للمنبر الديمقراطي الكلداني ، كان واضحاً في رؤيته السياسية والقومية ، ولعل اختياره لاسم المنبر الديمقراطي الكلداني قد وضع حجر الزاوية في اساسيات اهتماماته ، وإنه الطريق الذي سيمضي قدماً في سلوكه وفي علاقاته في الساحة السياسية والقومية ، وأعلن عن هويته في اسمه ، فالحركة الديمقراطية الآشورية يعلن اسمها عن استراتيجية عملها الآشوري وعلى فضائيتها الآشورية ، وإن كل ما تمارسه في العمل اليومي من التكتيكات سيكون بخدمة ذلك الهدف النهائي ، وهذا ينطبق على الأحزاب القومية الكردية والقومية العربية والقومية االكلدانية  ، والقضية واضحة وضوح الشمس لا تحتاج الى تأويل .
عكف لفيف من العراقيين الأصلاء من شعبنا بتأسيس تنظيم المنبر الديمقراطي الكلداني في الولايات المتحدة ، ولم يكن هدفهم إبقاء المنبر بعيداً عن تراب الوطن فكان الرأي إناطة المهمة الرئيسية بكادر من داخل الوطن ليكون كادراً فاعلاً في المعادلة السياسية العراقية الى جانب التظيمات الأخرى لشعبنا إن كانت كلدانية او آشورية او سريانية ، وكل من هؤلاء له هويته وبرنامجه .  
هكذا كان المنبر الديمقراطي الكلداني لدى تأسيسه  واضحاً لا لبس في مسيرته واهدافه القومية الكلدانية ، واعتقد ان الأستاذ سعيد شامايا والأخوة الذين سافروا معه لحضور المؤتمر التأسيسي لهذا التنظيم كانوا يعلمون بذلك مقدماً ، وفي مقدمة من كان يعلم هذه الحقيقة هو الأستاذ سعيد شامايا ، وليس غريباً على الأستاذ سعيد ذلك فهو من مؤسسي نادي بابل الكلداني في بغداد وأحد المصرّين على بقاء اسمه الكلداني . بمعنى ان الأستاذ سعيد كان على دراية ومعرفة بأهداف المنبر الديمقراطي الكلداني ولم تكن مسالة فجائية لا يتقبلها فهو كلداني وخدم شعبه في الأدب والمسرح والتعليم والتراث والسياسة .
في وقتها قدم الصديق جميل روفائيل وقبيل انعقاد المؤتمر التأسيسي للمنبر الديمقراطي الكلداني واقترح عبر بحثه تحت عنوان " الاندماج القومي الكلداني الاشوري السرياني " وبتاريخ 19 / 10 / 2004 اقترح تغيير اسم المنبر من الكلداني الى المنبر الكلداني السرياني الآشوري ، لكن الأسم بقي كما كان مطروح والى اليوم فهو المنبر الديمقراطي الكلداني ، وهو واحداً من التنظيمات السياسية لشعبنا الكلداني .
يوم تشكيل الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية رفض الزميل سعيد شامايا التوقيع على البيان الصادر من هذه الهيئة بحجة اننا نعمل على تشظي شعبنا الى قوميات ، والزميل شامايا يعلم بوجود عشرات التظيمات الآشورية الصرفة ولا من يعترض عليها ولا يقول انها تعمل على تشظي شعبنا الى قوميات  ، ثم  ألا يعلم الأستاذ شامايا بأن الدستور العراقي فيه القوميتين الكلدانية والآشورية ؟ وهذا ما هو مدون في مسودة الدستور الكردستاني ايضاً ؟ وهذا ما خرج به السنودس الأخير للاساقفة الأجلاء لشعبنا الكلداني ، وحينما احجم الأستاذ شامايا عن التوقيع ، وهو الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكلداني ، بادر الدكتور نوري منصور ، وهو السكرتير في المنبر الى توقيع البيان الصادر من الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية .
باعتقادي ان التوقيع لم يشكل معضلة للزميل شامايا ما لم تكن الخشية من إغضاب الشريك وهو  المجلس الشعبي ، فالسؤال هو :
 هل ان انضمام المنظمات السياسية والمجتمع المدني الى لجنة التنسيق مع المجلس الشعبي كان يعني ذوبانها وانصارها في بودقة المجلس ؟
 وهل  يعني فقدان القرار السياسي للمنتمين وإناطة مركز القرار بالمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري فحسب ؟
والاحزاب الاشورية هل قبلت بذلك ؟ وهل يقبل الوطني الآشوري او اي حزب آخر في لجنة التنسيق بالتخلي عن قرارهم  السياسي المستقل كتحصيل حاصل  لانضمامهم لهذه اللجنة التي هي برعاية المجلس الشعبي ؟
 لا اعتقد ان يكون واحداً من هؤلاء يقبل بأن يفرط بقراره السياسي واستقلاليته ، ولا اعتقد ان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري نفسه يطلب منهم التخلي عن استقلاليتهم الذاتية .
لقد رأينا كيف خرجت جمعية الثقافة الكلدانية عن خيمة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وم لجانه ، حينما شعرت بتهميشها سياسياً بحجة ان اللجنة هي ثقافية والمثقفين فيها لا يجوز ان يتدخلوا بالسياسة وكأنهم رهبان في كهوف دير الربان هرمز قرب القوش لا يحل لهم العمل السياسي  .
فأين يقف الزميل سعيد شامايا من المعادلة السياسية ؟ هل هو جزء لا يتجزأ من المجلس الشعبي وإن قرار المجلس الشعبي هو قراره ؟ ام هو تنظيم له كيان مستقل وبإمكانه ان يتخذ ما يشاء من القرارات دون خشية ، مع التعاون الندي مع المجلس الشعبي  وغيره من التنظيمات ؟
قد تكون هواجس الأخ سعيد شامايا في محلها ، من جهة ان تنقطع المساعدات التي يمنحها المجلس الشعبي ، وفي هذا الجانب  ينبغي على المجلس الشعبي ان يتسم بالحيادية والأخلاقية السياسية فلا يجوز قطع المساعدات عن التنظيم الذي  يخالفه في الرؤية السياسية ، فإن كانت هذه المبالغ مخصصة للمسيحيين ، وجزءاً منها مخصص للتظيمات السياسية والأجتماعية فينبغي ان تسود المهنية في الموضوع وإن تشمل المساعدة كل التنظيمات الكلدانية منها السياسية ومنظمات المجتمع ودون محاباة او تفرقة . وما نعرفه عن المجلس الشعبي وما هو مفهوم من طروحاته انه خيمة او مظلة تستظل بها تنظيماتنا ، وإنه اي المجلس الشعبي ليس طرفاً في المعادلة السياسية لاحزابنا القومية ، وإنه لا يفرق بين هذه التنظيمات ومهما كان خطابها  السياسي ، فنحن في زمن الديمقراطية وحرية الفكر وحرية الأقليات وحرية التعبير  وحرية الانتماء ، فلا يجوز ربط المساعدات باجندة سياسية او انتماء قومي محدود .
حبيب تومي / اوسلو في 8 / 6 / 2009  

353
               نبذة مختصرة عن تاريخ الشعب الكلداني
حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

الكلدان او الكلدانيون قوم عراقي اصيل قطن هذه الديار منذ سحيق الأزمنة ، وأنشأ حضارات كانت تشكل لألئ ساطعة في سماء التطور الحضاري للمسيرة البشرية في مختلف الفنون والعلوم كالطب والفلك والهندسة والزراعة وغيرها ،  ولعل التقسيم الزمني الذي وضعه الكلدانيون هو واحداً من انجازتهم ، والى اليوم ما برح هذا التقسيم هو المستخدم في اقاصي القارات في تقسيم السنة الى 365 يوم والسنة الى 12 شهر والشهر الى 30 يوم وقسموا اليوم الى 12 ساعة والى اليوم تشير ساعاتنا الى الرقم 12 لتتجدد بعد ذلك ويؤكد هذه الحقيقة ول ديورانت في قصة الحضارة في الجزء الأول من المجلد الأول ص 134 يقول :
 إن تقسيم الشهر عندنا الى اربعة اسابيع وتقسيم ساعاتنا الى 12 ساعة وتقسيم الساعة الى 60 دقيقة والدقيقة الى 60 ثانية .. كل هذه آثار بابلية باقية من ايامهم الى وقتنا الحاضر وإن كان لا يخطر لنا على بال .
وجورج سارتون في كتابه تاريخ العلم يقول ايضاً : وصار التقويم البابلي أنموذجاً للتقاويم العبرانية والأغريقية والرومانية حتى ظهور التقويم اليولياني المنسوب الى يوليوس قيصر الرومان عام 46 ق . م .
لقد كافأ المؤرخون شعبنا الكلداني بما يستحقه من مكانته العلمية والمؤرخ يمكن ان يستقرأ الكثير من الحقائق التاريخية في الكتب المقدسة ومنها العهد القديم فقد ورد في سفر التكوين ان ابينا ابراهيم خرج من اور الكلدانيين ،  نقل معه تراث شعبه وعلومه الدينية والتشريعية الى المناطق المعروفة التي حل بها في رحلته ، وأصبح ذلك التراث خميرة لاديان وحضارات انتشرت في العالم القديم .
كانت ثمة كتابات كثيرة عن تاريخ الكلدان منهم ابو التاريخ هيرودوت او هيرودوس وديودوروس الصقيلي والكلدانيــان ابو الحسن بن ثابت وبيروس ، واصل اسمه برحوشا ، وهو بابلي كلداني حيث درّس العلوم الكلدانيـــة في اثينا سنة 341 قبل الميلاد ونستفيد من ادي شير حيث يقول :
 ان الأثينيين قد نصبوا له تمثالاً ، وصنع لسان هذا المثال من ذهب تكريما لمكانة هذا المعلم العلمية .
إن الثقات في تاريخ العلوم والفنون والفلسفة لا يؤيدون الفكرة القائلة بأن هذه العلوم خلقت في بلاد الأغريق فحسب بل انها تتأثل الى العلوم والحضارات التي سبقتها في بلاد بين النهرين ، والتي كان الكلدانيون روادها ويشكلون حجر الزاوية فيها . يكتب الدكتور حسام محيي الدين الآلوسي في كتابه الموسوم : بواكير من الميثولوجيا الى الفلسفة عند اليونان ص 41 وهو هنا ينقل عن سارتون حين كتابته عن العلم المصري وتقدمه فيقول :
 على ان سهمهم الكبير في ميدان المعرفة الفلكية هو المعرفة العامة إذ الواقع انهم المؤسسون للفلك العلمي ، وإن النتائج المدهشة التي حصل عليها الفلكيون الكلدانيون والأغريق من بعدهم أمكن تحقيقها بفضل استنادهم الى الأساس البابلي .
 ومن المؤرخين الذين اشاروا الى الكلدانيين ومنجزاتهم المؤرخ المسعودي في مروج الذهب ، كما ان العالمة الفرنسية ماركريت روثن كان لها بحث رائع وأسهبت في شرح  علوم الكلدانيين حيث ترجمه المرحوم الدكتور يوسف حبي ، ولا اريد هنا الأستفاضة في هذا المجال لكن اشير باختصار الى ما كتبه المؤرخ العربي القاضي ابي القاسم صاعد الأندلسي المتوفي سنة 462 هجرية في كتابه طبقات الأمم : يقول :
الأمة الأولى هم الفرس ، والأمة الثانية هم الكلدانيون والأمة الثالثة هم اليونان .. والخ فيكتب عن الكلدانيين انهم السريان والبابليون وكانوا شعوباً منهم الكوثائيون والآثوريون والأرمانيون والجرامقة وهم اهل الموصل والنبط وهم اهل سواد العراق .
وبلاد الكلدانيين كانت ، ودائماً مع الأندلسي : كانت وسط المعمورة وهي العراق والجزيرة التي ما بين دجلة والفرات المعروفة بديار ربيعة ومصر والشام وجزيرة العرب التي بين حجاز ونجد وتهامة ومناطق  اخرى ما تعرف اليوم بالخليج العربي ، وقرأت في موسوعة الخليج العربي التاريخية ان مناطق الخليج المعروفة  اليوم كانت تشكل المقاطعة 23 من الأمبراطورية الكلدانية قبل سقوطها ، وكانت هذه المقاطعة لها اهتمام خاص من قبل الملك نبوخذ نصر مباشرة ، وإن ما يعرف اليوم بالخليج العربي  كان في ذلك الزمن يطلق عليه بحر الكلدانيين.
 وإذا تأملنا ما يكتبه الأندلسي ايضاً عن الأمم التي عنيت بالعلوم نقرأ حسب تقسيمه ان بأنه كان ثمة ثمانية امم عنيت بالعلوم ويضع الهنود في المقدمة ثم الفرس وثالثاً الكلدانيون وبعدهم العبرانيون واليونانيون ..
فالكلدان كان منهم علماء توسعوا في المهن التعليمية والعلوم الرياضية والألهية وكانت لهم عناية خاصة بأرصاد الكواكب وأسرار الفلك ومعرفة مشهورة بطبائع النجوم وأحكامها .
ولا اريد الأستفاضة لأن هذا الموضوع لا يمكن تلخيصه في سطور ، لكن مع ذلك لا بد من الأشارة الى مساهمة الكلدانيين في المسيرة التاريخية لبلاد من بين النهرين فبعد بزوغ فجر المسيحية وجدت طريقها الى قلوب اهل هذه الديار ، وطفق الكلدانيون بعد اعتناقهم الدين المسيحي في نشر الدين وبناء الكنائس والأديرة والمدارس ، وإن الأثار المبثوثة في أرجاء السهول  العراقية وفي جبال ووديان كردستان تشير جميعها الى اهتمام هذا القوم بالعلوم والفنون والأديان في مختلف الحقب التاريخية .
وفي زمن الفتوحات العربية لعب الكلدانيون دورهم المهم في خدمة العلم والثقافة وقدموا ما استطاعوا تقديمه في مجال العلوم والطب والهندسة والزراعة والمعمار والترجمة  ويكتب الأب رفائيل نخلة اليسوعي في غرائب اللغة العربية ص 170 يقول :

السريان والكلـــــــدان ـ وكلا الشعبين آراميان ـ قد خدموا العرب خدمة عظيمة بنقلهم الى العربية أشهر الكتب العملية اليونانية ، اجابة لطلب الخلفاء العباسيين ، حين نشأة دولتهم . لما فتح العرب بلاد الشام والعراقين العربي والعجمي ، كان أكثر أهاليها نصارى يتكلمون بلهجات آرامية شتى ، ما عدا الجالية اليونانية ، وقد تمسكوا بتلك اللهجات الى ان فرضت عليهم العربية .
المحطات المهمة في تاريخ الكلدانيين كانت عودتهم الى كنف الكنيسة الكاثوليكية الجامعة ، وكان لابد يومذاك من اختيار الهوية الوطنية القومية لتمييزهم عن الكاثوليك المنتشرين في أرجاء العالم ، وكان تلهفهم الى إعادة اسمهم القومي الكلداني ليصبح عنواناً لهويتهم القومية الكلدانية ، فكان ذلك جزءأً من وفائهم لاسمهم التاريخي ولهويتهم القومية .
وبعد هذه المسيرة كان الأقرار بقوميتهم الكلدانية وحقوقهم القومية في معاهدة سيفر التي ابرمت بين الدول المنتصرة في الحرب عام 1920 حيث ورد في مواد 62 و 63 و 64 اشارت جلية وصريحة  الى حقوق الشعب الكردي في الأستقلال الذاتي وإشارات اخرى صريحة لمنح الحقوق القومية للاشوريين والكلــــــدان وغيرهم من المكونات في هذه البلاد .
اليوم يقف شعبنا الكلداني مع كل مكونات النسيج المجتمعي العراقي الجميل من عرب وأكراد وتركمان وآشوريين وسريان وأرمن والشبك واليزيدية والصابئة المندائيون ، نقف جميعاً بمحبة وبهوية عراقية اصيلة تجمع كل تلك المكونات لنبني عراقاً ديقراطياً فيدرالياً حراً .
وفي الختام  لا بد لي ان اشير في هذا الصدد الى تجربة اقليم كردستان في تطبيق الديمقراطية والعلمانية والتي حققت استقراراً مشهوداً كما اعطت للمكونات القومية الأصيلة كالكلدان والسريان والآشوريين والأرمن والعرب والتركمان وغيرهم ، فكانت تجربة كردستان في التعامل مع هذه المكونات تجربة اصيلة وفريدة يجدر الأقتداء بها ، بل هنالك مشروعاً للحكم الذاتي لهذه المكونات يهدف الى إنصاف هذه المكونات بعد قرون من الظلم والتهميش ، ونأمل مخلصين ان تغدو منطقة الحكم الذاتي لشعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين ، منطقة تطور اقتصادي رائع ومنطقة محبة ولقاء بين العرب والأكراد والتركمان وكل المكونات الدينية والقومية والأثنية  للفسيفساء العراقي الجميل ،
شكراً لصبركم الجميل وتحملكم  هذه الأستفاضة .  
هذه المقالة بعوان " نبذة المختصرة عن الشعب الكلداني " القيتها في المؤتمر الثاني للمجلس القومي الكلداني المنعقد في عنكاوا .
حبيب تومي / اوسلو في 7 / 6 / 2009

354
لقاء ممتع ومثير مع الفنانة المتألقة جوليانا جندو
اجرى اللقاء حبيب تومي
 

جوليانا تتحدث عن الحب وتعرج على السياسة وتتطرق الى مختلف المواضيع  في معرض حديثها فتقول : ان الكتاب هو صديقي الأزلي .. أقرأ كل شئ واقعي وخاصة حياة العظماء ، أما عن نفسها فتقول  :  انا صانعة سلام وزارعة محبة وأشكر من منحني لقب سفيرة الشباب والأتحاد .. انها جولة ممتعة مع الفنانة القديرة جوليانا جندو وهذا الحوار :
س1 ـ جوليانا جندو هل لنا ان نعرف شيئاً عن حياتك الأجتماعية والثقافية والأكاديمية ؟
ــ اعيش مع والدي ووالدتي وأخوتي في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية وأنا حاصلة على شهادة الماجستير في الأدب والفلسفة الفرنسية بدرجة شرف من جامعة الينوي في شيكاغو .
س 2ـ باعتقادي ان الغناء يأتي في المقام الأول في حياة جوليانا جندو ، لكن ما هي الأهتمامات الأخرى ؟ وما ترتيبها إن كان ثمة الأهم ثم المهم .. ؟
قبل الغناء الأيمان عندي هو اهم شئ لانني ترعرت في منزل مسيحي يلازم الصوم والصلاة ، احترامي وتقديري عميقين جداً لكل رجال الدين في كنائسنا في العالم أجمع .
كما انني تربيت في مدرسة الراهبات في مدينة الحسكة في سوريا ثم راهبات القديسة كاترينا في مدينة حلب وهي منبع الغناء الأصيل حيث طَرَحت على الساحة الفنية عمالقة  مثل الأستاذ الكبير صباح فخري .
بعد الغناء تأتي عندي القراءة حيث ان الكتاب هو صديقي الأزلي . أرفض الكتب الخيالية وأقرأ كل شئ واقعي وخاصة حياة العظماء .
س3 ـ جوليانا جوندو تقيم حالياً في اميركا وهي من الحسكة من سوريا ، ومن اصول تمتد الى العراق ومن جذور من جبال حكاري او اورمية ، فإلى اين تذهب مشاعر جوليانا جندو في الأنتماء الوطني ؟
ــ مشاعري في الأنتماء الوطني عميقة جداً . أنا انتمي وبفخر الى شعب المقدس والعريق اينما كان . أحب سوريا وأقدسها ، أحب العراق وأقدسه . شعبي الآشوري شعبي الكلداني شعبي السرياني هو الذي صنع وبلور الحضارة الأنسانية بكل مرافقها . هذه هي الصورة التي تتجلى امامي دائماً لذا تراني أحب شعبي جداً وبدون تفرقة بين فئة وأخرى منه .
س 4 ـ متى بدأت جوليانا جندو بالغناء وما سر تفوقها وإحرازها لمكانة مرموقة في عالم الغناء السرياني ؟ وهل غنت بلغات اخرى ؟
ــ بدأت الغناء وأنا في سن الثانية عشر . صعدت على المسرح عند الراهبات لحفلة كان ريعها لدار اليتامى ( الأيتام ) في مدينة الحسكة بسوريا وحضرها جمهور غفير جداً ، وكانوا قد سَنَدوا ( أسندوا ) إليّ دور شاب متزوج من اثنتين ، واحدة صبية وضعيفة وأخرى عجوزة ( عجوز ) وسمينة ، وألبسوني طقم رجالي وقبعة وشوارب . ولا زلت أتذكر الأغنية التي غنيتها أنذاك والتي بقي الجميع يرددونها لزمن طويل بعد انتهاء الحفلة . وهي تقول :
أنا حاتجنن يا اخواتي       في نسواني الثنتين
بصراخ وعياط ويقولون   حنصفّي فين وفين
أول بختي تلميذة           والثانية ولية عجوزة
ثخنا ثخن الجاموسة        بيشلوها عتّاليــن 
لاقت الحفلة نجاحاً باهراً ورغب رئيس اللجنة الفنية بسحبي من صفوف المدرسة وأخذي الى العاصمة دمشق لبداية مشوار فني مع شعراء وملحنين مشهورين ولكن والدي العزيز مانع هذه الخطوة في ذلك الوقت ( وأنا الآن ادرك انه كان على حق ) لصعوبة المسيرة الفنية بالنسبة لفتاة صغيرة .
وتضيف جوليانا قائلة :
أكملت دراستي بعدها وسافرنا جميعاً الى مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية ، وهناك أصدرت شريطي الغنائي الأول على رأس سنة 1987 م ، كتبنا عليه سنة 1986 لانه صدر أربعة أيام قبل رأس السنة .
 ويعني أنني بدات الغناء واعتليت المسرح في اول حفلة كانت بمناسبة عيد الحب في الشهر الثاني من سنة 1987 في نادي الأسرة الكلــداني لاعضائه في قرية القوش المقدسة تحت إدارة السيد نوئيل ساكو حفظه الله وأطال في عمره وعمر كل اعضاء ذلك النادي الموقر الذي لا انسى ولن أنسى أبداً فضله علي .
أما عن سر نجاحها فتضيف جوليانا تقول :
سر نجاحي ( وأشكركم جداً على هذه الكلمة ) هو حبي العميق لجمهوري العظيم ، صغيراً وكبيراً وإيماني القوي بالله سبحانه وتعالى ورضى الوالدين الذي لا بديل له في الكون .
 اما بالنسبة للغناء باللغات الأخرى . أصدرت طبعاً CD بالعربي اسمه ، قَدَري ، وهو اول عمل كامل باللغة العربية يصدره أي فنان آشوري حيث زودوني بالأغاني شعراء وملحنين مرموقين مثل الأساتذة : كامل السعدي ، طاهر سليمان ، نزار جواد ، سعيد العجلاوي ، سعدي العبيدي ، جورج دنخا ، حسن حامد ويوسف نصار . ,اغنية يا عراق من ألحان الأستاذ خليل الحناوي . ولدي الآن مشاريع جديدة سيسمعها جمهوري العزيز مستقبلاً إنشاء الله . 



 
س5 ـ إذا لم تكوني فنانة ومغنية ، فما هو البديل الذي تعتقدين انه يناسبك ؟
لانني احب التمثيل حيث قمت بدورين في اول فلم كامل في تاريخ السينما الآشورية وهو ( وردة دْشتا ) يعني وردة مُداسة مع الفنان الكاتب والمخرج الكبير جان هومة ، كان من الممكن جداً ان يكون بديل غنائي هو التمثيل . لكن في داخلي ميل خاص جداً لكل ما هو دبلوماسي . انا صانعة سلام وزارعة محبة ، وأشكر جداً الأندية والمنظمات التي منحتني لقب سفيرة الشباب والأتحاد ( Embassador of Youth and Unity ) وأرى الأفق البعيد السفيرة جوليانا في هيئة الأم المتحدة .هذا هو حلم آخر لي بعد الغناء . لقد ساعدتني الموسيقا ( الموسيقى ) في نشر رسالتي رسالة الوحدة بين صفوف شعبي العظيم , ارجو من الله ان يساعدني في تحقيق حلمي الثاني وإكمال العمل خدمة أمتي وتخليصها قدر الأمكان من هذا المرض الذي يحاول الفتك بها وتقطيع اشلائها الى أجزاء مبعثرة هنا وهناك لأستطيع تجميعها في جسم واحد سليم ، معافى وقوي جداً إنشاء الله . 
س6 ـ الحب هذه النسمة الجميلة هل داعبت اوتار قلب جوليانا جندو ؟ وهل لنا ان نعرف شيئاً عما هو راقد في ثنايا ذلك القلب ؟
ــ طبعاً وأنا أحب الحب جداً ، أحب الله تعالى اولاً وأحب أهلي وجمهوري العزيز ثانياً .
أما بالنسبة للحب الآخر طبعاً لقد داعبت اوتاره قلب جوليانا وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى ، وما هو راقد في ثنايا ذلك القلب ( بعد المعذرة منكم ) أُفضّل ان أتركه سؤالاً فقط .
س7 ـ اي الألقاب احب الى قلب جوليانا جندو وهي تعتز به ، وتفضله على غيره من الألقاب ؟
ــ لقد لقبني جمهوري الكريم بملكة الغناء الآشوري الكلداني السرياني ,انا أشكره من أعماق قلبي والى الأبد على هذه التسمية الراقية ، ولكنني أحب لقب سفيرة الأمة .
س8 ـ هل لجوليانا جندو راي سياسي ؟ او لنقل موقف سياسي من الأحزاب العاملة وسط شعبنا ؟
ــ أحب ان أكون مطّلعة سياسياً على ما يجري في الساحة العالمية وساحة أمتي العزيزة وأحترم بعمق كل الأحزاب العاملة في صفوف شعبي على اختلاف آرائها ، مبادئها وقوانينها بدون تمييز .
س9 ـ حينما اعلن نادي بابل الكلداني في النرويج عن إقامته لحفل تحييه الفنانة جوليانا جندو ، كان هنالك تحفظ من منظمة الحركة الديمقراطية الآشورية في النرويج ، ويصل الى درجة مقاطعة الحفل ، ماذا تقول جوليانا جندو عن هذا الموقف ؟
ــ أنا احترم وبشدة منظمة الحركة الديمقراطية الآشورية في النرويج وفي كل بقعة من الأرض تتواجد فيها وأعضائها .إنها منظمة ذات مبادئ مقدسة . قدمت الكثير وعملت طويلاً ولا تزال تفلح من أجل شعبنا وأمتنا بدون كلل . هذا التحفظ كان بسيطاً ( من بعض الأعضاء فقط ) وناجماً عن شئ من سوء التفاهم الذي يحصل في أرقى المستويات السياسية وغيرها . وحضور المسؤول الأعلى لهذه المنظمة وغيره من الأعضاء في النرويج الى الأحتفال دليل قاطع على التواصل والمحبة المتبادلة بيننا ,انا أشكر حضورهم بعمق ، لانهم يعملون في خدمة أمتي فأنا أصلّي من أجلهم وأتمنى لهم كل التوفيق .
س10 ـ سؤال يتعلق بالسؤال السابق ، يؤخذ على جوليانا جندو انها حملت صورة رابي سركيس اغا جان وهي تغني ، وكذلك غنت له ، وهنالك من يفسر ذلك بأنه موقف سياسي ، فماذا تجيب جوليانا جندو على ذلك الزعم ؟
ــ نعم لقد حملت صورة رابي سركيس أغاجان المحترم وأنا أغني على المسرح وأكنّ له كل التقدير والأحترام وأشكره جزيلاً على الأعمال الجبارة التي يقوم بها في خدمة أمتنا العريقة ,اطلب له التوفيق والصحة الدائمة ليستطيع إكمال هذه الرسالة المقدسة ، كما أود التنويه الى أنني مستعدة لحمل صورة كل من عمل ولا يزال يعمل من أجل خلاص أبناء شعبي أينما كان ومن يكن ، وماذا كان اسمه وحزبه السياسي بدون انحياز لانه انسان عظيم .
س 11ـ ماذا تطمح جوليانا جندو ان تحققه في عالم الفن ، وهل تفكر في طرق ابواب أخرى كالعمل السياسي او التجاري مثلاً ؟
ــ لا جواب على السؤال .
س 12 ـ " شبيك لبيك أنا عبد بين أيكيك " قالها عفريت لجوليانا جندو ، فماذا ستطلب جوليانا إن كان لنفسها او لشعبها من الكلدان والسريان والآشوريين ؟
ــ إذا تماثل أمامي من يستطيع تنفيذ ( شبيك لبيك .. ) فسأطلب منه ان يُنزل الى الأرض قطعة السماء التي كانت تضئ كل أطراف الكون وكان اسمها نينوى . احلم دائماً ان تحمل الملائكة تلك القطعة وتعيدها الى الارض وأفتح بيدي بوابتها الشامخة ، أجول في شوارعها ، أشتم عبق بخور الله في كل أماكنها ، أصل الى قصورها واركع امام ملوكها ، أدخل الى مكاتبها ,اروي ظمأ فكري من كتبها صاحبة الأسطر التي لا حدود لمواضيعها ، أغني امام الملايين من ابنائها ثم أذوب لاصبح حبة من ترابها المقدس .
habeebtomi@yahoo.no
   

355
      سيبقى عمو بابا حمامة للسلام في سماء الوطن العراقي
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


 عمو بابا ـ عمانوئيل داود بابا ، هذا الأسم الجميل الذي ينساب كالنسيم على اديم العراق يحلق عالياً نحو السماء الصافية ، يرحل بعيداً نحو الحياة الأبدية ، لكنه باقياً في روحه ومحبته وتألقه على مدى عقود من التاريخ المعاصر للرياضة العراقية .
 لقد احبه الجميع فأمسى حمامة السلام الوديعة التي كانت تجلب معها غصن الزيتون الأخضر  كرمز للحياة والمحبة والوئام بين القلوب . عمو بابا هو الرمز الوحيد الذي احبه الجميع ، أبناء الأديان العراقية والقوميات العراقية والمدن العراقية من الكبار والصغار ، اسم عمو بابا كان شمساً دافئة في شتاء عراقي دائم على مدى عقود ، فكانت تلك الشمس محل توافق ووئام فالجميع يتدثرون بدفئ  العراقي الأصيل عمو بابا .
 كانت لهجته العربية الفريدة محببة والكل يسمع اليه بانتباه ، إنه يسترسل بكلامه بتلقائية وعفوية ، فليس في قاموسه كلمات المقدمة والمجاملة الفارغة ، وتراه يوماً يرفعه الجمهور على الأكتاف ويوماً يُنعت بأقسى النعوت . وفي مقابلة من مقابلاته الكثيرة ، ساله احدهم عن سبب تهجم الصحف عليه بعد إحدى المباريات التي كانت نتيجتها سلبية ، فأجابه :
 بانكم الصحفيين تكتبون مقالين في آن واحد  قبل المبارة ، واحد منهم مدح المدرب في حالة النجاح ، وآخر في تقريعه وذمّه إذا كانت النتيجة سالبة ، وهكذا بعد المباراة مباشرة ينشرون المقال الملائم للنتيجة .  
من الطبيعي ان نراقب حركات عمو بابا بملابسه الرياضية الجميلة , نستمتع بحديثه العذب حول مختلف القضايا ، ويوم كانت العقوبات الصارمة تطال اللاعبين بعد خسارة الفريق العراقي في اية مباراة دولية ، كان اللاعبون والمعلقون يحرصون على التصريح بكلمات مدروسة لكي لا تفلت كلمة غير مناسبة او غير مقبولة . وحتى هذه الفترة الحرجة كان عمو بابا يحرص ان يبقى كلامه مسترسل وعفوي ودون مجاملات ، من غير ان يضع قيود  او يتحفظ  في كلامه ومهما كانت النتائج .
  شاهدناه في هذه الفترة الحرجة يمر مع بعض الأعلاميين في ملعب الشعب بعد مباراة خاسرة فكانت تنهال على اللاعبين والمدرب القناني الفارغة والحجارة الصغيرة ، فكان عمو بابا يرفع يمناه في الهواء ويمد سبابته وهو ويقول بلهجته المحببة :
 أنا أعرف من يرمينا بحجارة واعرف من الذي علمهم وحرضهم ، وكان هذا الكلام كبير لا يتفوه به إلا عمو بابا ، وإن كان عدي صدام حسين قاسياً مع الجميع لكن مع عمو بابا لم يكن كذلك .
  كان عمو بابا مخلصاً لوطنه العراقي متشبثاً بترابه ومسترشداً بفناره ، لم يترك ارض الوطن  ولم تغريه العقود المربحة مع الفرق العربية او الأجنبية ، كما انه لم يهاجر مع العائلة الصغيرة ومع الأصدقاء والأحباب الى اوروبا او امريكا حيث الراحة والأستجمام  وحتى العلاج ،إنما  بقي ماسكاً بوشيجة الوطن العزيزة ، رغم المرض الذي كان يتنابه ، والمشاكل التي يمر بها الوطن ومدينة بغداد بشكل خاص .
  لقد بقي صديقاً حميماً قريباً من بغداد والموصل وكركوك والسليمانية والسماوة والعمارة والبصرة والحلة بقي قريباً وحبيباً لمنطقة الدورة والأعظمية والحبيبية والكاظمية والزيونة والغدير والبلديات وكراج الأمانة والباب الشرقي وشارع السعدون وشارع الرشيد وعكد النصارى وكرادة مريم وجسر الجمهورية وجسر الأحرار وملعب الشعب الدولي ، نعم ملعب الشعب الدولي ، الذي كان محطته العراقية الأخيرة ، وكان مثواه في تراب هذه القطعة العزيزة من تراب الوطن العراقي الغالي .
تبقى روح عمو بابا حمامة السلام الوديعة التي ترفرف في سماء العراق الصافية والتي تبقى ازلياً تنتقل بين دجلة والفرات ترفرف بمحبة فوق اشجار النخيل على سهول وسفوح الأنهار وعلى ضفاف الأهوار الجميلة وعلى أشجار الصنوبر والسنديان  فوق وهاد وجبال كردستان الشماء .
ومن الأنصاف الأعتراف بجهود الحكومة العراقية وعلى اعلى المستويات بأنها قد انصفته حيث اقيمت له مراسيم تشييع ودفن مهيبة تليق بمكانة هذا الأنسان العراقي المخلص لوطنه العراقي ، فكان في هذا التشييع كبار المسؤولين في الحكومة العراقية ويتقدمهم الأستاذ عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية .
سيبقى مرقد عمو بابا في ملعب الشعب الدولي  رمزاً خالداً لاخوة العراقيين وتسامحهم عبر الأجيال القادمة من الزمن العراقي .
 حبيب تومي / اوسلو في 1 / 6 / 2009

356
رابي سركيس والمجلس الشعبي .. ينبغي مراجعة الذات (1)
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


بداية اقدم التهاني والتبريكات لقيادة وتنظيمات المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري في الذكرى الثانية لتأسيسه متمنياً له التقدم والموفقية لخدمة شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين .
كمراقب سياسي مهتم بشؤون شعبنا، كنت متابعاً عن كثب لمسيرة المجلس الشعبي واستطيع تدوين هذه الملاحظات آملاً ان تستمر مسيرة المجلس ويحافظ على ديمومته باعتباره واحداً ـ وليس الوحيد ـ من التنظيمات المهمة التي يعول عليها شعبنا . اكتب هذا المقال عن مراجعة الذات الضرورية والنظر الى النتائج التي آلت اليها الأمور خلال حقبة زمنية من العمل ، وهذه الحالة ضرورية لكل تنظيماتنا وأحزابنا بما فيها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري خاصة بعد انسحاب الجمعية الثقافية الكلدانية ، والفيلسوف سقراط ، يقول أعرف نفسك .
 فهل راجعنا يوم من الأيام انفسنا وأعمالنا إن كنا افراداً او منظمات ؟
أقول :
من المسلمات التي تعلمناها في عالم السياسة ان العبرة ليست في تحقيق النصر ، إنما تكمن  في كيفية الأحتفاظ بذلك النصر وديمومته بعد زوال السكرة وغياب النشوة .
 هكذا انطلق المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري بوثبة عريضة نحو الأمام وبزخم كبير مستعيناً بعدد من العوامل والتي يأتي في مقدمتها اولاً : الأمكانيات المادية غير المسبوقة ، وثانياً بروز كارزمية رابي سركيس المتواضعة متسلحاً بعنصر الأخلاص .
 البدايات تأسست بشكل صائب بالأعتماد على المشاورات وعقد مؤتمرات وتقديم دراسات واعتماد مبدأ الديمقراطية لوضع الأنسان المناسب في المكان المناسب ، لكن رغم تلك البداية الجميلة فقد طرأت على المسيرة بوادر التعثر الأول وكان  ذلك في تهميش دور نخبة مثقفة مخلصة وفي مقدمتهم الزميلان سامي المالح وحازم كتو أبو ميلاد .
المهم انطلقت مسيرة المجلس بعد هذا التعثر ، وكل الشواهد تشير الى تسنم المسؤوليات من قبل بعض المنتفعين في المراكز الأولى ، لا سيما القائمين والمسؤولين على صرف المبالغ وآلية الصرف وما شاب ذلك من ملابسات وأقاويل . ويمكن تشخيص بعض المحطات في مسيرة المجلس ومنها :
1ـ رابي سركيس آغا جان كان وزيراً في حكومة الأقليم وله كلمة مسموعة لدى القيادة الكردية ، والرجل يمتلك في قلبه عنصر الأخلاص والعمل والتفاني ، لكن برأيي ان الأخلاص ليس كافياً في اللعبة السياسية ودروبها المتشعبة ، فاللعبة السياسية تحتاج الى اكثر من عنصر الأخلاص ، رغم ضرورته ، أجل ان السياسة حالة زئبقية متقلبة مع مجريات الأحداث والزمن .
كان رابي سركيس الأب الروحي للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، لكن يبدو ان من يحيط برابي سركيس لم يتسموا بالمهنية والحيادية في عملهم ، وكانت النتيجة في تخصيصات المبالغ بأن يغلب عليها عوامل التأثيرات الشخصية ، والتي لم تكن في منأى عن تلك  المصالح ، ومحاباة الأنتماءات الكنسية ـ بشكل رئيسي ـ والأجتهادات الفردية وترجيح كفة المتطلبات الكنسية بشكل عام اكثر من المتطلبات الشعبية من الحاجات الملحة والضرورية ، إن كان فيما يتعلق بمشكلة السكن او بمسالة الأستثمارات الأنتاجية او السياحية المفيدة للمجتمع على المدى البعيد .
إن هذا التوجه جعل من مؤسسة رابي سركيس والمجلس الشعبي ..  كخزينة تضخ  المبالغ والمعونات والتي يغلب عليها طابع المساعدات الخيرية الأنسانية ، مع تسّيد وطغيان الأجتهادات الخاصة والعلاقات الشخصية وترجيح واضح لكفة منفعة الكنائس لا سيما في الجانب العمراني . عموماً ان هذا التوجه كان في منأى عن العمل المؤسساتي الضروري في مثل تلك الحالات ، لقد كان هذا التوجه كما هو معلوم على حساب الأستثمارات الأخرى ، إن كانت زراعية او صناعية او سياحية او استثمارية مالية ، وهذه جميعها ذات جدوى اقتصادي حيث الأستفادة منها على المدى البعيد .
الإنصاف وقول الحقيقة يحتم علينا ان نسلم في بديهة مفادها ان صرف تلك المبالغ لم يكن دائماً عديم الجدوى ، بل احياناً كان من الضرورات القصوى ، ومنها توظيف واستخدام عدداً كبيراً من الشباب في الحراسات الليلية او غيرها من الأعمال ، فمن ناحية تم انتشال هؤلاء الشباب من براثن البطالة ومن جهة اخرى حوفظ على مدننا وقرانا من العمليات الأنتقامية ، كما نشير الى اهمية سيارات نقل الطلبة الى الجامعات ، ونصب مولدات الكهرباء ، وبناء دور سكن ـ رغم ما طالها من الأنتقاد بسبب رداءة البناء وتفشي الفساد المالي في امر بنائها  .
 ولا مجال للاشارة الى جميع الجوانب الأيجابية ، لكن لا بد من الأقرار من ان المحصلة النهائية كانت بعدم جدوى الكثير من المشاريع ، والتي لم تساهم قط في تخفيف العبئ المعاشي على ابناء شعبنا في المنطقة في سهل نينوى حيث تربض في الغالب بلداتنا الكلدانيـــة ، وكذلك حيال ابناء شعبنا الذين غادروا بيوتهم مرغمين من بغداد والبصرة والموصل . والنتيجة الظاهرة للعيان هي هروب الآلاف من ابناء شعبنا الى خارج حدود الوطن العراقي حيث ارض الله الواسعة .  
2 ـ في الشأن السياسي لم يتبنى المجلس برنامجاً سياسياً واضحاً مستقلاً كطرف سياسي في الساحة السياسية ، إذ كان جل اهتمامه هو ايجاد وتعضيد تنظيمات مجتمع مدني مع خلق صيغة تنظيمية توافقية ( لجنة التنسيق )  تجمع لفيف من التنظيمات الحزبية السياسية فيها الكلداني والسرياني والآشوري وتجتمع تحت شعار : الكلداني السرياني الآشوري ، والأشكالية التي حدثت ان رابي سركيس اعتقد ان تكون هذه تسمية لقومية جامعة تتكون من دمج الأسماء الثلاثة ، وقد عمل على رفع الأسمين الكلداني والآشوري من مسودة الدستور الكوردستاني ، لكن هذه العملية لم يرضى بها الآشوريون وكذلك الكلدانيون ، لقد رأينا في وقتها ان هذه العملية هي طمس لقوميتنا الكلدانية الأصيلة ولتاريخنا في بلاد ما بين النهرين .
3 ـ في انتخابات مجالس المحافظات لعموم العراق تمكن المجلس الشعبي .. مع تلك القوى المتآلفة معه من إحراز نصر مبين عبر قائمة عشتار الوطنية ، وتمكن من إقصاء قائمة الحركة الديمقراطية من بغداد والموصل . لكن شهر العسل هذا لم يدم طويلاً ، ففي عالم السياسة لا يوجد اعداء او اصدقاء دائمين بل هنالك مصالح دائمة تلعب دورها في التحالفات والأئتلافات .
اليوم وفي انتخابات مجالس المحافظات لاقليم كردستان انبثقت ثلاث قوائم كانت معظمها متآلفة تحت خيمة المجلس الشعبي..  في قائمة عشتار الوطنية ، واليوم نقرأ عن انفراط ذلك العقد لتنبثق قائمة الكلــدان الموحدة التي سنأتي على ذكرها في مقال خاص ، ثم قائمة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وقائمة ثالثة وهي قائمة الحكم الذاتي للكلدان السريان الآشوريين والتي انسحب منها حزب بيت نهرين الديمقراطي .
لقد قرأنا مؤخراً عن انسحاب جمعية الثقافة الكلدانية من المجلس الشعبي .. ومن لجنة التنسيق التابعة له ، وهنا ينبغي التدقيق في اسباب الأنسحاب الواردة في بيان الجمعية والذي يقول ان الأنسحاب كان تحت ضغوطات ( الهيئة العامة ) وهذا يحمل في طياته معاني الأستياء من التهميش الذي يلف شعبنا الكلــداني . وهذا يشكل نقطة ضعف للمجلس.. حيث الأشارة واضحة الى الأنحدار بدلاً من الصعود ويجب على قيادة المجلس ان تفكر ملياً بدلاً من توجيه اللوم على المنسحبين .
يليه القسم الثاني
حبيب تومي / اوسلو في 28 / 5 / 2009

357
الزوعا والأنتخابات المقبلة وإرهاب الكتاب من ابناء شعبنا
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



قبل أيام قابل السيد يونادم كنا غبطة البطريرك الكردينال عمانوئيل الثالث دلي ، وقد مرر اجندته الحزبية عبر ذلك اللقاء بوصف شعبنا الكلداني بالطائفة ، لقد قرأنا الخبر على موقع عنكاوا وكان هنالك رابط لموقع الزوعا الذي نشر الخبر بالأساس .
لقد كان من واجبي ان اتصدى لهذا الزعم وكما تصدينا سابقاً لمسؤولين عراقيين وصفوا شعبنا بالجالية او بالطائفة ، وإن الأستاذ يونادم كنا ليس مصوناً ضد اي نقد على كلامه ، وفي البداية عتبي على الأصدقاء في إدارة موقع عنكاوا لانهم حجبوا المقال من نشره على الصفحة الرئيسية ، ولم يكن في المقال ما هو خارج عن الرد على مزاعم رابي كنا بجعل شعبنا الكلداني طائفة ، وإن كان السيد كنا قد تطرق الى التسمية فإن ردي كان بحدود ما ردده السيد كنا وليس أكثر . ولكني مع ذلك فأحترم وجهة نظر الموقع رغم عدم قناعتي بوجود سبب وجيه ومقنع لحجب المقال عن الصفحة الرئيسية ، أكرر احترامي لوجهة نظر إدارة الموقع .
أقول :
 السيد كنا كباقي الساسة العراقيين يصرح ويطرح أراءً سياسية ومن حقنا نحن الكتاب ان نحلل ونناقش تلك الآراء إن كان بالموافقة عليها او بتوجيه النقد لما ورد فيها ، وهذه عملية مشروعة لا غبار عليها ، بقي من حق الزوعا او احد المخولين بالرد على النقد الوارد او الأمتناع عن اي رد .
لكن الوجه المستهجن للعملية ان تكلف الحركة احد البلطجية التابعين لها ويرسل الشتائم والتهديدات ، وسط سكوت الحركة ، وغالباً ما يفسر السكوت بأنه من الرضا .
لقد وصلتي رسالة تهديدية وشتائم من احد الساقطين مدعياً انه ينوب عن يونادم كنا ، وأرسلت مضمون الرسالة لعدد من الأصدقاء وأرسلتها الى موقع زهريرا وزوعا . فهل تقبل الحركة بهكذا تصرفات ؟
 وأنا اجيب عنها بأنها لا تقبل هكذا إساءات وهكذا اساليب إرهابية ، لكن السؤال يبقى مطروحاً وهو : لمذا تسكت الحركة عن هكذا تصرفات ؟
إن هذه الشكوك تبقى تحوم في مخيلتي ما لم تتجرأ الحركة وتستنكر مثل هذه الأعمال وهذا سيقّوي مرتكزاتها ومن مقام الحركة ومكانتها بين ابناء شعبنا . خلاصة المسألة انها ليست المرة الأولى التي استلم مثل هذه الرسائل وتحديداً وحصرياً من موالي الحركة الديمقراطية الآشورية إن كانوا اعضاءاً فيها او من مؤيديها او من كوادرها .
علماً إنني حينما اوجه نقداً للجهات الأخرى إن كان الحزب الوطني الآشوري او المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري فلا استلم مثل تلك التهديدات والشتائم والتي يبدو انها  مع الأسف مقتصرة على جماعة الزوعا تحديداً كما قلت .
 
إن انتخابات مجالس المحافظات في اقليم كردستان على الأبواب ، وعلى الزوعا ان تعبّد الطريق وتبني جسور التواصل والعلاقات الودية مع الأحزاب والشخصيات والناس جميعاً ، لا ان ترسل لهم التهديدات والشتايم .
 اكثر من هذا ينبغي على الحركة ان تتسم بقليل من الديمقراطية وتستمع على الآخر لا ان تحجبه فمثلاُ موقع زهريرا التابع للحركة الدمقراطية ، رغم اعتزازي بهذه الموقع ، إلا انه يتسم بسياسة عمياء إن صح التعبير عما اكتبه ، فهو لا ينشر حتى مقالات الرثاء التي اكتبها لبعض اصدقائي المتوفين ، بل إني كتبت لهم مقال عن مرقد النبي ناحوم في القوش امتنعوا عن نشره ، في حين نشروا لنفس الموضوع وهو مقال عن مرقد النبي ناحوم للصديق نبيل دمان فنشر بالكامل ، فماذا نفسر هذا السلوك الأنتقائي البغيض ؟ الا يتحتم على الحركة ان يكون لها منطلقات ديمقراطية في شأن التعامل مع شعبنا لمختلف الأراء السياسية والمذهبية دون تمييز .
إذا نأت الحركة الديمقراطية الآشورية بنفسها عن تلك الرسائل الأرهابية سيزداد تقديرنا لمكانتها النضالية في الساحة السياسية العراقية .
 حبيب تومي / اوسلو في 23 / 5 / 2009


358
يتعيّن على السيد يونادم كنّا ان يعتذر للشعب الكلــداني
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



الى موقع عنكاوا العزيز : نحن لا نريد ان ندخل في هذا الجدال الممل العقيم ، ولكن هل نسكت امام من يختزل شعبنا بمفردة الطائفة ؟ هل ينبغي ان نسكت على هذه الإساءة ؟
أقول :
 الأنسان ليس معصوماً من الوقوع في دائرة الخطأ ما دام يؤدي عملاً هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان ، ولكن يبقى التراجع عن الخطأ من الفضائل التي يتسم بها بني البشر المتحضرين ، وفي المواقف السياسية نلاحظ الأعتذار عن أخطاء سابقة على اعلى المستويات ، حيث ان دولة تعتذر لأخرى على لسان رئيسها عن جرائم وأخطاء حدثت في مراحل تاريخية سابقة .
لقد كان العهد العثماني يسمي الأقليات الدينية بالملة او الطائفة والأخيرة تدل بشكل عام على المذهب الديني ، لقد عمل المخلصون من ابناء شعبنا الكلداني وفي مقدمتهم يوسف غنيمة على إلغاء مفردة الطائفة من لائحة القانون الأساسي وتعويضها بمفردة الأقلية كما وردت في معاهدة سيفر 1920م  وناضل ضد هؤلاء المتعصبين وتمكن مع لفيف من المناضلين الكلدان ان يلغوا مفهوم الطائفة ، كان ذلك سنة 1922 يوم لم يكن هنالك يونادم كنا وحزبه الآشوري ، فكان تمثيل اقليات غير الأسلامية بعدالة وبإنصاف بفضل جهود هؤلاء المناضلين الرواد . ولكن رابي كنا يعود بنا الى المربع الأول ، حيث يأخذ مكان اولئك العتاة المتعصبين ليصف شعبنا الكلداني(( بالطائفة )) . يا له من منطق رجل يتسلم قيادة اكبر حزب لشعبنا ويسئ هذه الأساءة التاريخية لأكبر شريحة من هذا الشعب .
لكن يقال ان للسيد كنا تاريخ حافل بالاساءة الى الشعب الكلداني ربما كانت تلك الأساءات عن جهل او تجاهل ، ولكن الآن انقل خبر لقاء السيد كنا مع غبطة البطريرك الكاردينال، مار عمانوئيل الثالث دلي، كلي الطوبى، عن موقع زوعا وكلك على موقع عنكاوا في اخبار شعبنا ، حيث يصف شعبنا الكلداني بالطائفة فأنقل الخبر كما هو إذ يقول :
 زوعا- خاص
           (((      زار السيد يونادم كنا عضو مجلس النواب العراقي السكرتير العام للحركة الديمقراطية الاشورية قداسة الكاردينال مار عمانوئيل الثالث دلي بطريرك الكنيسة الكلدانية يوم 15-5-2009م وذلك لتقديم التهاني بمناسبة انتهاء اعمال السينودس المقدس للكنيسة الكلدانية الذي انعقد في عينكاوه للفترة من  28 نيسان لغاية 5 ايار 2009 م وتمنى للكنيسة الموفقية في خدمة ابناء طائفتنا الكلدانية في جميع انحاء العالم ))) .
هذا هو منطق السيد كنا الذي يدعي بأننا شعب واحد ، ولكنه يعيد نفس النغمة القومية الشوفينية التي كانت سائدة  قبل حوالي قرن من الزمان ، ولكن يبدو ان ذلك ليس غريباً على رابي كنّا ، إذ سبق له ان تحدى الحضور في نادي كريستال في سانت ياغو في الولايات المتحدة بأن التاريخ العراقي خالي من من اي ذكر للكلدانيين . ويبدو ان رابي يونادم ليس له وقت يقضيه  في قراءة التاريخ ، وشأنه كمن يقول لا يوجد جبال هيملايا  بسبب عدم قراءته عن هذا الموضع ، فهل عدم القراءة يعني عدم وجود جبال هيملايا ؟  هكذا رابي يونادم لم يقرأ عن الكلدانيين فيقول ، ليس في بلاد ما بين النهرين ذكر للكلدانيين ، وأقول لرابي يونادم إن لم يكن له متسع من الوقت  لقراءة التاريخ فينبغي ان يوجه واحداً من مستشاريه ، وأنا سأتطوع لمساعدة هذا المستشار لايجاد المصادر التي تذكر الشعب الكلداني  وحضارته في بلاد ما بين النهرين  .
 سأرشده الى كتاب حديث نسبياً اسمه رحلة المنشئ البغدادي  كتبه السيد محمد ابن السيد احمد الحسيني المعروف بالمنشئ البغدادي ونقلها عن الفارسية عباس عزاوي المحامي  وهو يقول زرت البلدات القوش وتلسقف وتلكيف وغيرها وفيها الآلاف من العوائل الكلدانيـــــــــــــــــة ، ولم يقل انهم من الطائفة الكلدانية وقوميتهم آشورية ، والسبب بسيط لان لم يكن هنالك مفردة اسمها آشورية او آثورية على مسرح الأحداث كانت هنالك لفظة الكلدانيــــة فحسب لا غيرها .
كما سأساعد هذا المستشار بإرشاده الى كتاب " رحلة متنكر وهو سون الذي اتخذ له اسم غلام حسين شيرازي الى بلاد النهرين وكردستان " الذي يكتب عن جبال حكاري وعن اورمية ويذكر فقط اسم الكلدان وحتى في زيارته الى كركوك وهي في مطاوي القرن التاسع عشر يقول : فكركوك مؤلفة من مجموعة أجناس منهم اليهود والعرب والسريان والأرمن والكلدان والتركمان والأكراد ولم يذكر حرف عن واحد عن الآشوريين .
وفي المزيد عن تاريخ  شعبنا الكلداني فهذا الشعب له مكانته العلمية والمؤرخ يمكن ان يستقرأ الكثير من الحقائق التاريخية في الكتب المقدسة ومنها العهد القديم فقد ورد في سفر التكوين ان ابينا ابراهيم خرج من اور الكلدانيين ،  نقل معه تراث شعبه وعلومه الدينية والتشريعية الى المناطق المعروفة التي حل بها في رحلته ، وأصبح ذلك التراث خميرة لاديان وحضارات انتشرت في العالم القديم .
كانت ثمة كتابات كثيرة عن تاريخ الكلدان منهم ابو التاريخ هيرودوت او هيرودوس وديودوروس الصقيلي والكلدانيان ابو الحسن بن ثابت وبيروس واصل اسمه برحوشا وهو بابلي كلداني حيث درّس العلوم الكلدانيــــــة في اثينا سنة 341 قبل الميلاد ونستفيد من ادي شير حيث يقول : ان الأثينيين قد نصبوا له تمثالاً ، وصنع لسان هذا التمثال من ذهب تكريما لمكانة هذا المعلم العلمية .
 ومن المؤرخين الذين اشاروا الى الكلدانييـــن ومنجزاتهم المؤرخ المسعودي في مروج الذهب ، كما ان العالمة الفرنسية ماركريت روثن كان لها بحث رائع وأسهب في شرح  علوم الكلدانيين حيث ترجمه المرحوم الدكتور يوسف حبي ، ولا اريد هنا الأستفاضة في هذا المجال لكن اشير باختصار الى ما كتبه المؤرخ العربي القاضي ابي القاسم صاعد الأندلسي المتوفي سنة 462 هجرية في كتابه طبقات الأمم : يقول :
الأمة الأولى هم الفرس ، والأمة الثانية هم الكلدانيون والأمة الثالثة هم اليونان .. والخ فيكتب عن الكلدانيين انهم السريان والبابليون وكانوا شعوباً منهم الكوثائيون والآثوريون والأرمانيون والجرامقة وهم اهل الموصل والنبط وهم اهل سواد العراق .
وبلاد الكلدانيين كانت ، ودائماً مع الأندلسي : كانت وسط المعمورة وهي العراق والجزيرة التي ما بين دجلة والفرات المعروفة بديار ربيعة ومصر والشام وجزيرة العرب التي بين حجاز ونجد وتهامة ومناطق  اخرى ما تعرف اليوم بالخليج العربي ، وقرأت في موسوعة الخليج العربي التاريخية ان مناطق الخليج المعروفة  اليوم كانت تشكل المقاطعة 23 من الأمبراطورية الكلدانية قبل سقوطها ، وكانت هذه المقاطعة لها اهتمام خاص من قبل الملك نبوخذ نصر مباشرة ، وإن ما يعرف اليوم بالخليج العربي  كان في ذلك الزمن يطلق عليه بحر الكلدانيين.
 وإذا تأملنا ما يكتبه الأندلسي ايضاً عن الأمم التي عنيت بالعلوم نقرأ حسب تقسيمه ان بأنه كان ثمة ثمانية امم عنيت بالعلوم ويضع الهنود في المقدمة ثم الفرس وثالثاً الكلدانيون وبعدهم العبرانيون واليونانيون ..
فالكلدان كان منهم علماء توسعوا في المهن التعليمية والعلوم الرياضية والألهية وكانت لهم عناية خاصة بأرصاد الكواكب وأسرار الفلك ومعرفة مشهورة بطبائع النجوم وأحكامها .
ولا اريد الأستفاضة لأن هذا الموضوع لا يمكن تلخيصه في سطور ، لكن مع ذلك لا بد من الأشارة الى مساهمة الكلدانيين في المسيرة التاريخية لبلاد من بين النهرين فبعد بزوغ فجر المسيحية وجدت طريقها الى قلوب اهل هذه الديار ، وطفق الكلدانيون بعد اعتناقهم الدين المسيحي في نشر الدين وبناء الكنائس والأديرة والمدارس ، وإن الأثار المبثوثة في أرجاء السهول  العراقية وفي جبال ووديان كردستان تشير جميعها الى اهتمام هذا القوم بالعلوم والفنون والأديان في مختلف الحقب التاريخية ، ومن المحطات المهمة في تاريخ الكلدانيين كانت عودتهم الى خيمة الكنيسة الكاثوليكية الجامعة ، وكان لابد في يومذاك من اختيار الهوية الوطنية القومية لتمييزهم عن الكاثوليك في المنتشرين في أرجاء العالم ، وكان تلهفهم الى إعادة اسمهم القومي الكلداني ليصبح عنواناً لهويتهم القومية الكلدانية ، وكان فكان ذلك جزءأً من وفائهم لاسمهم التاريخي ولهويتهم القومية .
وبعد هذه المسيرة كان الأقرار بقوميتهم الكلدانية وحقوقهم القومية في معاهدة سيفر التي ابرمت بين الدول المنتصرة في الحرب عام 1920 حيث ورد في مواد 62 و 63 و 64 اشارت جلية وصريحة  الى حقوق الشعب الكردي في الأستقلال الذاتي وإشارات اخرى صريحة لمنح الحقوق القومية للاشوريين والكلدان وغيرهم من المكونات في هذه البلاد .
إن رابي يونادم إن كان لا يريد قراءة التاريخ ، فإنه كرجل سياسي عليه على الأقل ان يطلع على دستور العراق وسيقرأ في المادة 125 من الدستور العراقي التي تقر بالقومية الكلدانية كقومية عراقية أصيلة وهذا ما ينطبق على مسودة الدستور الكردستاني .
اليوم مطلوب من رابي يونادم كنا ان يعتذر لشعبنا الكلداني عما اقترفه بحقه من إقصاء وألغاء في عدة مناسبات ومن تعليقاته الأستفزازية والتي لا تليق برئيس حزب مناضل كبير كالحركة الديمقراطية الآشورية ، وكان نعت شعبنا الكلداني بالطائفة آخر هذه الإساءات ، وهي نسخة طبق الأصل لما ردده غلاة العنصرية ضد شعبنا قبل حوالي قرن من الزمان ، فينبغي على رابي يونادم  ان يكف من هذه الأساءات ويعتذر لشعبنا الكلداني بروح رياضية ، وهذا هو الطريق الشفاف السليم في بناء جسور التفاهم بين مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين .
الى اصدقائي في الحركة الديمقراطية الآشورية لم يكن بودي كتابة هذا المقال لولا العملية الأستفزازية لرابي كنا بوصف الشعب الكلداني بالطائفة .
حبيب تومي / اوسلو في 20 / 5 / 2009

359
تصفّح كتاب الدكتور أفرام عيسى يوسف وأزمنته السناطية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



الأستاذ سمير زوري الصديق الوفي من القوش الحبيبة ، يعرف ان الهدية اغلاهم عندي هي الكتاب ، فأهداني مشكوراً مجموعة من الكتب من بينها كتاب للدكتور افرام عيسى يوسف ـ والموسوم " أزمنة في بلاد الرافدين ذكريات وأحداث 1830 - 1976 " وهو من منشورات دار المشرق الثقافية ، ترجمه علي ابراهيم وراجعه فخري العباسي ، طبع سنة 2009 في دهوك ويقع في 254 صفحة .
في سبع ساعات من الزمن الثمين كانت رحلتي من ستوكهولم بالسويد الى اوسلو بحافلة النقل ، وكان رفيقي الوفي في هذه الرحلة الكتاب ، فأردت تصفح الكتب التي اهداها لي الصديق زوري ، باشرت بكتاب الدكتور افرام عيسى يوسف ، وبدأت به متصفحاً ولكن ذلك لم يدم طويلاً إذ بدأت أقرأ ، ثم بدأت أعجب بما أقرأ ، وأحب ما أقرأه ، فرافقني الكتاب في رحلتي ، ورايت المنفعة في الكتابة عما قرأته إن كان مويداً او ناقداً .
مقطع من عنوان الكتاب " أزمنة في بلاد الرافدين " لم يكن متناغماً مع ما ورد في متن الكتاب من أحداث تدور رحى معظمها على لسان الجد او الجدّة او آباء كبار مسنين يحملون ذكريات معظمها يدور حول الأعمال البربرية والأنتقامية التي طالت المسيحيين في الأرياف والقرى المبثوثة في تلك الوديان والوهاد والقمم العاصية والمنسية في مفكرة الأزمان المتعاقبة ، فكان ما يقع من الظلم والعدوان والبربرية على هؤلاء الناس يلفه الأهمال والنسيان مع مرور الزمن ، لكن المؤلف الجليل الدكتور افرام عيسى يحاول شحذ الذاكرة وإنارة كهوفها المعتمة لتسليط الأضواء على تلك الزوايا المظلمة من عمر الزمن القاسي على هذا الشعب ، الشعب المسيحي من الكلـــدان والسريان والآثوريين والأرمن .
لقد تصفحت الكتاب في البداية كما اسلفت ، واعتقدت ان العنوان " أزمنة في بلاد الرافدين " لم يكن مناسباً مع اسلوب السرد على لسان عدداً من كبار السن من الأقارب والجيران في قرية سناطي العزيزة ( أسناخ ) ، وعلى الأقل تولد هذا الأنطباع بالنسبة لي شخصياً ، لكن بالعودة الى مقولة في في الصفحة 3 من الكتاب يورد الكاتب على لسان الكساندر سولجنستين يقول :
في كل عصر ، يعيش على الأرض أناس لا يملكون فن موهبة جلب الأهتمام اليهم ، أناس لا يمتلكون فن تدوين مشاعرهم لمن سيأتي بعدهم ، وإنما يتمتعون بموهبة سرد الذكريات الى الذين يسمعونهم والذين سوف يأتون بعدهم بعشرات السنين .
 كانت هذه ملاحظة ذكية من الكاتب لكي لا يقع القارئ في مطب التخمينات كما وقعت أنا .
في الحقيقة إن الكاتب الجليل لم يدخر جهداً في التعرض لمختلف المسائل التاريخية واللغوية والتراثية .. وغيرها بأسلوب لذيذ ورشيق ، لقد كتب مواضيعه المتناثرة كباقات ورد تشغل مكانها المناسب في أروقة الغرفة الجميلة .
 لكن في محطات كثيرة كان الكاتب مجبراً على المرور على تلك المحطات الجرداء الخالية من المحبة الأنسانية المغمورة في مستنقع الحقد والكراهية والتي كانت تتواتر على المسرح الجغرافي عبر السيرورة الكرونولوجية المتتابعة دون توقف او استراحة لالتقاط الأنفاس .
ولج المؤلف الجليل من عالمه البعيد الى ذرى ووهاد وصحاري وسهول وطنه العراقي وسلط مصباحه المضئ على نقطة منسية في هذه الديار حيث كشف ذلك المصباح كهوف قرية سناطي الجميلة والتي تخفي في ثناياها هموم وعذابات شعب كان يوماً سيد هذه البلاد .
يشير الكاتب في صفحة 13 الى محطة مهمة في تاريخ الشعب الأصيل لهذه الديار فيقول :
في القرن السابع الميلادي ، شهدت بلاد دجلة والفرات قدوم فرسان الفتوحات الأسلامية وسرعان ما غدا العرب المسلمون سادة هذه الأصقاع وهيئ لاهل الكتاب من اليهود والمسيحيين ان يحتفظوا بثقافتهم ودينهم ولغتهم ، ولكنهم صاروا من أهل الذمة ، مضطرين ، بشكل او بآخر ، القبول بالحماية التي عرضها لهم العرب لقاء دفع الجزية ..
نعم كانت الفتح الأسلامي هو القشة التي قصمت ظهر البعير ، إذ طفق اهل هذه الديار الأصلاء بين ليلة وضحايا يتحولون من منزلة المواطنين الأصلاء في وطنهم الى اهل الذمة حيث الأحكام الجائرة ، والمؤسف انها مستمرة لحد اليوم بشكل وآخر رغم تنامي لوائح قوانين حقوق الأنسان والتي لا تفرق بين البشر بسبب اللون او الشكل او الدين او الأثنية ...

من قريته الجميلة سناطي ينطلق المؤلف الى عالم اللغة ، اللغة الآرامية ، لغة الأجداد ، ولا ينسى ان يعرج نحو الأنقسامات الكنسية بسبب الجدالات الحامية اللاهوتية حول طبيعة المسيح والأزمات والأنقسامات الكنسية ، وهي لا زالت قائمة حتى الساعة .
رأيت ان المؤلف يستخدم تعبير الشعب الكلداني السرياني الآشوري ، وهو مصطلح مستحدث بتأثير الأحزاب القومية الآشورية ، لكنه يوظف هذا المصطلح وكأنه من مصطلحات الحرب العالمية الأولى ، فكان على الكاتب ان يسمي الأشياء بأسمائها ، وكما كانت في ذلك العصر فهو يتكلم في ص 55 عن مصطلح " سفر بلك " والتي تعني التعبئة العامة للحرب الكونية الأولى 1914 ـ 1918 فكما هو معروف فإن معاهدة سيفر التي أبرمت سنة 1920 استخدمت لفظة منح الحقوق القومية  للكلدانيين والآشوريين ، ولم يكن ثمة ما يعرف اليوم بالمصطلح الذي اخترعته الأحزاب الآشورية حول شعب اسمه كلدان سريان آشوريين ، فلا يوجد في الخارطة الأثنوغرافية لشعوب العالم لاسم مركب كالأسم المطروح والذي يعمل على  دفن اسماءنا التاريخية الجميلة في غياهب الخيال والعبثية .
في محطات كثيرة يشير المؤلف الجليل الى معاناة السكان في قرية سناط وفي قرى أخرى فيقول ص 92:
 في اعقاب تأسيس الدولة العراقية في العشرينات من القرن الماضي بدأ اشخاص من القبائل الكردية المتمرسين بالنهب يرتكبون عدداً من اعمال السطو فارضين شريعة الغاب في بداية القرن العشرين ، كان النهب والقتل ما يزالان يكدّران العيش والحياة في القرى المسيحية ..
 والكاتب في نفس السياق يشير الى الصيف الدامي في فيشخابور سنة 1933 والتي كانت جزء من احداث سميل الدامية يقول الكاتب ص 104
وصلنا زاخو ، توجهنا الى الى حي كيستا ، حيث تتكاثر في أرجائه دكاكين التجار الكلدان والأرمن .. سألنا ما الأمر ؟
كان الجواب : .. خلال ليلة الرابع والخامس من آب اندلعت في منطقة فيشخابور معركة بين الجيش العراقي والآشوريين .. ثم أخذ الجيش العراقي بعد المعركة بالعودة الى ثكناته وارتكب في طريقه متجاً الى الموصل مجزرة رهيبة في في قرى الآشوريين ...
إن الأب البير أبونا يشير الى هذه الأحداث بتفصيل ايضاً في كتابه فيشخابور ص111 ـ 126
في التسلسل الزمني يشير الدكتور افرام عيسى يوسف الى حوادث الحرب العالمية الثانية وما لحق بالأقليات الدينية ومنهم اليهود الذين طالهم ما عرف بالفرهود من اعمال القتل والأغتيال ومن عمليات الأستيلاء ونهب اموالهم على يد أفراد من الجيش والشرطة وأفراد القبائل العربية . ثم يعرج المؤلف على الثورة الكردية التي اندلعت عام 1943 على يد القائد الكوردي ملا مصطفى البارزاني وما تلا ذلك من تطور هذه الثورة في مطاوي العقود القادمة ، ويطعم المؤلف كتابه بعدد من القصص الأجتماعية الحية كقصة حاوا وقصة نونا حنا وكثير من قصص الشخصيات الأجتماعية التي كان لها دور في مسيرة هذه القرية التي كانت بمثابة مثال حي مواز للقرى المسيحية الكثيرة المنتشرة في هذه الأصقاع .
 وأخيراً لا بد لي ان اقف امام العبارات الوجدانية التي خطها الكاتب في وداع سناط العزيزة ، وهي نابعة من القلب والضمير ، إنها كلمات وداعية ليس الى نسيانها سبيل يقول ص 248
وداعاً يا سناط ، يا حسناء الشمال ، يا من سحرني سحرها دائماً وأبداً ، ايتها القرية التي غزا جمالك روحي وقلبي سوف أبقى مخلصاً لك حيثما اتوجه ..ويمضي المؤلف الى القول :
وتوقفت أمي مع ابي لبضعة لبضعة دقائق .. ولم يملكا أنفسهما إلا وهما يقفان أمام أشجار الحور التي كانا قد غرساها بأيديهما في حقل واسع ، قبل اكثر من ربع قرن عندما احتفلا بزواجهما .. وتودع امي كلمات الوداع :
 وفي ص 246 يقول :
بدأت أمي وارينا عيسى بزيارة أخيرة لحقول القرية وبساتينها وكأنها تودعها فتجولت بين الأشجار المثمرة واستنشقت أريجها وداعبت بأطراف اناملها جذوعها بخشوع ، وكأنها تلتحق بعالم سرمدي ..انتهت بقطف بضع خيارت طرية وقليلاً من الطماطم الأرجوانية ومثلها من الفلفل الأخضر اللامع والباذنجان المغلف بقشرة مصقولة .. وعادت أمي حزينة الى البيت وكأنها قد فقدت سحنتها الطبيعية من شدة آلامها .. نعم الهجرة هذه هي قلع الجذور ، التهجير من أرض الآباء والأجداد مأساة أنسانية في كل العصور والدهور .
وأخيراً أقول ان الكتاب جدير بالقراءة ويعتبر شمعة مضيئة تنير جوانب مهمة من تاريخ شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين في الوطن العراقي العزيز .
 حبيب تومي / اوسلو في 17 / 05 / 2009

360
السنودس الأخير جسّد التلاحم بين الأساقفة وشعبهم الكلداني
بقلم  : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no

البطاركة والأساقفة الكاثوليك الكلدان تمكنوا على امتداد قرون من مؤازرة شعبهم الكلداني ومن  الأحتفاظ بتسميتهم الكلدانية العريقة وحملوا عبر هذه القرون تراث الأجداد وتقاليدهم وطقوسهم وأيمانهم ولغتهم الكلدانية وسلموها بأمانة الى ابنائهم رغم تواتر الأضطهادات والتهديدات والصعوبات الناجمة عبر الأزمنة .
لقد شكل القرن الخامس عشر الميلادي محطة مهمة في تاريخ الشعب الكلداني حينما اعلن المطران طيماثاوس الطرسوسي صورة ايمانه يوم 7 آب 1445 م . والتي تبدأ بقوله :
أنا طيماثاوس الطرسوسي مطران الكلدان الذين في قبرص .. الخ وقررها أمام المجمع اللاتراني ...
 فأصدر اوجينوس براءته المشهورة التي نصت على تسمية النساطرة المتحدين مع كنيسة روما  او المتكثلكين  بالكلدان واستمرت تلك التسمية التاريخية منذ ذلك الحين ( للمزيد انظر تاريخ الكلدان ، تأليف جورج البناء ج2 ص113 ، وما بعدها ) .ومن نفس المصدر ص 205 نستفيد بانه عندما اصبح مار يوسف اودو ـ وهو المدافع المستميت عن الهوية الوطنية والطقوس المتوارثة واللغة الكلدانية  لكنيسة المشرق ـ حينما اصبح رئيساً اعلى للكلدان في مطاوي 1848 كان يومذاك عددهم بحدود الثلاثين الف منتشرين في العراق وسوريا وتركيا وايران وتحيط بهم ظروف صعبة ...
لقد كان الأساقفة الكلدان في تضاعيف تلك العقود يقفون الى جانب شعبهم للتخفيف عنهم اولاً ولبقاء تراثهم ولغتهم وطقوسهم وتسميتهم عبر الأجيال ، كما انهم كانوا يتحملون القسط الأكبر من الأضطهاد والتعذيب في تلك القرون المتسكعة في دهاليز التأخر والجهل والفقر والأضطهادات المتواترة .
 في تلك  العصور وقبلها وبعدها والى اليوم يشكل الأكليروس نخبة مثقفة يحافظ على التراث وعلى كتابة التاريخ وإيصاله بأمانة الى الأجيال عبر كرونولوجية الزمن .
 في مقال سابق تحت عنوان المطارنة الكلدان والمسألة القومية ، أشرت الى ضرورة وقوف البطريرك والأساقفة الكاثوليك الى جانب شعبهم الكلداني ، واليوم يعقد غبطة البطريرك الكاردينال مار عمانوئيل الثالث دلي ، الكلي الطوبة مع الأساقفة الأجلاء مجمعهم السنوي الرسمي في عنكاوا من 28 نيسان لغاية 5 ايار 2009 وقد قرأنا في البيان الصادر عن السنودس قرارات مهمة تصب في مصلحة شعبهم الكلداني بجهة تعايشهم في الوطن العراقي مع اخوانهم المسلمين والأطياف الأخرى والى دعواتهم لعودة الأستقرار والسلام الى ربوع الوطن العراقي  ليتمكن المهجرون من ابناء شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين للعودة الى ديارهم بأمان .
وتواصلاً مع الماضي العريق والأصالة اعلن الأساقفة تمسكهم بقوميتهم الكلدانية الراسخة وحقوقهم المشروعة ، بموجب الدستور العراقي الأتحادي وفق المادة 125 والتي تتضمن :
بأن هذا الدستور يضمن الحقوق الأدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة مثل التركمان والكلدان والآشوريين .. ويطالب الأساقفة إدراج تسميتنا الكلدانيــــة في الدستور الكوردستاني لكي يتمكن شعبنا من القيام بدوره في المجال السياسي والثقافي والأجتماعي في المسيرة الحضارية للعراق عموماً لبناء الدولة العراقية الحديثة على دعائم الديمقراطية والتعددية .
إن هذه القرارات وغيرها التي ترشح عن هذا المجمع ترسم لنا الطريق في جو من الشفافية والحرية والتفاؤل لنساهم جميعاً بتكافؤ وندية في بناء هذا الوطن .
لكن لدى قراءاتي في المواقع على ردود الفعل المؤسفة والتي تحاول ان تعيدنا الى المربع الأول  حيث كنت اعتقد ان مبدأ الوصاية والأقصاء قد ألغيا من قاموس جدالاتنا وحواراتنا ، لكن يبدو ان الأقلام طفقت على ترديد نفس الأسطوانة القديمة المملة ، وكنت اعتقد أننا قد تجاوزنا تلك المرحلة لكن يبدو ان الأخوان مصرون على إرجاعنا الى المربع الأول لما مضى من السنين .
المحاججة اليوم تتمحور حول التابو القاضي بعدم تدخل رجال الدين بالسياسية .
أقول :
 إن الأساقفة الأجلاء لم  يشكلوا حزباً ولم يؤيدوا حزباً ، إنهم يناصرون قضية شعبهم ويدافعون عن هوية هذا الشعب كما دافعوا عن تراثه وتسميته ولغته وطقوسه عبر  القرون ، فهل المحافظة على هوية شعب يعتبر من الخطوط الحمراء التي لا يجوز تجاوزها ؟
ان كتابنا اليوم يريدون إرشاد المطارنة وتعليمهم ما هو مباح لهم وما هو ممنوع ، اليست هذه من سخرية الأقدار ؟ ثم إن كان ذلك يدخل في باب توجيه النصيحة ، فلماذا نشف حبر هذه الأقلام يوم هنأ قداسة البطريرك مار دنخا الرابع شعبه الآشوري وأقصى من الساحة شعبنا الكلداني بشكل صريح ومتعمد . فلماذا لم نقرأ حرفاً عن ذلك التدخل بالأمور السياسية الحزبية البحتة ؟
 وهل يجوز الكيل بمكيالين ؟
وتبرير انتقائية لا تمت بصلة الى المهنية والحيادية بالتعامل مع جميع الأطراف .
إنه أمر مؤسف ان نعود الى المربع الأول كما قلت ونلجأ الى مبدأ الوصاية واحتكار الحقيقة ، وشطب كل المواثيق الدولية التي تعترف بحقوق الأنسان ، وتعطي للاقليات مساحة من الحرية في  المعتفد والدين والسياسية والأنتماء ، وعلى ضوء لوائح حقوق الأنسان كيف نفسر هذا التدخل بشؤون الكلدان ومنعهم من التمتع بقرارهم  ؟
 ألا يجدر بهؤلاء السادة الكتاب ان يحترموا مشاعر الكتاب الكلدان والأحزاب الكلدانية ومنظمات المجتمع المدني الكلدانية ومجمع اساقفة الكلدان والشعب الكلداني عموماً ؟
نحن دعاة الكلدانية ـ وهذا تعبير جديد نسمعه وقد  أدخل للتداول في قاموس كتّابنا لوصف من يعتز بقوميته الكلدانية ـ ويجري تذكيرنا نحن دعاة الكلدانية بأن الكلدانية مذهب كنسي فحسب ، فبعد جهد جهيد كما يقال استطاع منظرونا ان يفسروا الماء بالماء .
فأقول لهم :
إن المذاهب الكنسية ايها السادة : معلومة ومعروفة وهي " الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية والنسطورية " فهل تعلمونا اين قرأتم عن المذهب الجديد ، وحسب تصنيفكم ، ستكون الآشورية والأرمنية والعربية والكردية .. كلها مذاهب كنسية ، وإلا ما معنى نعت الكلدانية بمذهب كنسي .
بنظري علينا ان نفتح قلوبنا لبعضنا ونترك نظرية الأقصاء والوصاية ، بل نضع خارطة الطريق لعمل مشترك في مسائل الأنتخابات والحقوق والهجرة وإيجاد فرص العمل لابناء  شعبنا وتطوير مناطقنا ... والقائمة طويلة لابواب التعاون والعمل المشترك ، بدل الأنشغال ومضيعة الوقت في تفسير القومية الكلدانية بمذهب كنسي . لنفتح قلوبنا ونتضامن ونقبل بعضنا لبعض وليكون الأحترام المتبادل هو سيد الموقف ، وهذا هو المدخل الصحيح للتعاون .
 وتحياتي للجميع .
حبيب تومي / القوش في 10 / 5 / 2009


361
القوش ورابي سركيس والدور السكنية الملغاة
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no




يبقى السؤال المحيّر قائماً ومكرراً والذي مفاده : ما سبب إحجام رابي سركيس عن تشييد الدور السكنية في القوش ؟
 لقد طرحت السؤال لرابي سركيس ، وطرحته لشخصيات اخرى لها موقعها في معادلة تنفيذ القرارات في القوش ، وفي الحقيقة مهما كانت المبررات ، سوف لن  تكن مقنعة ، لانها ليست بمستوى المشكلة التي يعاني منها شباب القوش وأقصد بالدرجة الأولى أبناء شعبنا ممن انقطعت بهم السبل وهم يتركون بيوتهم المؤثثة في بغداد ومدن العراق ، ويحطون الرحال في القوش او عنكاوا وغيرها من المدن ، إن المبررات مهما كانت لا تقنع ولا تخفف من معاناة الذين هجروا بيوتهم  .
لقد ترك هؤلاء الناس بيوتهم ليسكنها من الأشقاء في الوطن من المسلمين ، وتحت ذريعة تريد أرنب أخذ ارنب تريد غزال اخذ ارنب ، ولقد تعلمنا ونحن في المدرسة بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد أوصى بسابع جار لكن اخواننا المسلمين يستحوذون على املاك اول جار من اشقائهم في الوطن  كما اسلفت .
لقد كان لمن تركوا بيوتهم الجميلة في بغداد ، بعض المدخرات ، واستطاع بعضهم ان يؤسس له محلاً تجارياً ، يستطيع معه مواجهة الحياة المعاشية الغالية ودفع الأيجارات المرهقة .
 استبشر هؤلاء خيراً حينما علموا بأن مؤسسة رابي سركيس اغا جان ستنبني بيوتاً سكنية في القوش ، ووصل العمل الى تخصيص قطعة ارض مناسبة وتم تسويتها لتكون جاهزة لعملية البناء ، كما شوهدت اكداس الحديد اللازم لعملية البناء ، ولكن في لحظة من الزمن اختفت تلك الأكداس من الحديد ، وأسدل الستار عن تلك العملية الخيّرة ، التي كان ضحيتها الشباب المتزوجين والعوائل القادمة والتي كانت كالطيور المهاجرة تنشد السكن والمعيشة .
لا نعرف من هو سبب قفل هذا الباب الخيّر ، لكن نعرف من هو الضحية ، وكما نقول في القوش :
 " قاطو وقطوثا كوذي شرّي وبيثد بقالاً خرولي " فالخلافات بين اصحاب القرار كانت ضحيته الناس الفقراء الأبرياء ، الذين كان هدفهم السكن والأستقرار والعمل  الشريف لهم ولعوائلهم .
تستلم العائلة الواحدة بمعدل خمس نفرات حوالي 50 – 60 ألف دينار أي بمعدل حوالي 40 – 50 دولار للعائلة الواحدة في الشهر الواحد ، وهو مبلغ متواضع بكل المقاييس ، ولكنه يبقى افضل من لا شئ .
لقد حدثني احد الشباب وهو ابن احد اصدقائي ، وهو شاب شهم يحب العمل :
يقول لقد بعت سيارتي ودفعت أيجار لمدة سنة مقدماً ويبلغ الأيجار حوالي 250 دولار في الشهر ، لقد فتح محل تجاري في القوش ، لكن العمل ضعيف جداً وبالكاد يحصل منه على إيجار المحل ومربح زهيد ، ويقول هذا الشاب بحسرة :
 لا يعلم ما يخبأ له المستقبل ، والى متى يستطيع الصمود امام مصاعب الحياة ، ويضيف هذا الشاب الشجاع ويتساءل :
لماذا لم تبنى في القوش بيوت سكنية كالتي بنيت في بيندوايا وتللسقف وباختمي وغيرها من المدن والقرى ، ويضيف :
السنا نحن من هذا الشعب ، لماذا حرمنا من تلك النعمة وبقينا تحت رحمة المؤجر ، وبيوتنا ذهبت لقمة سائغة لجيراننا .
إن هذا الكلام سمعته من لفيف من العوائل المهاجرة ، نحن نتغنى جميعاً بحبنا لشعبنا ، ولكن مع الأسف دائماً يكون الناس الضعفاء ضحية لاجتهادات ، لا بل اقول يكونون ضحية لتنافر مصالح هذا الطرف او ذاك الطرف .
في القوش نقول ما ترجمته : أقعد اعوج وأحكي عدل ، وهكذا سأتكلم بمنتهى الصراحة لاصحاب القرار وأقول :
من استفاد من الصروح العمرانية الجميلة الرائعة التي بنيت في القوش ؟ هل كانت معاناتنا بسبب غياب تلك الصروح ؟
الأنسان يستقر ويعيش في المكان الذي يتوفر فيه  الرزق وأسباب المعيشة ، لقد عشت في البصرة 14 سنة لان رزقي كان في البصرة ، وهكذا كان البشر منذ اقدم العصور يستقرون على ضفاف الأنهار لتوفر اسباب المعيشة لهم ولحيواناتهم ، وإن اردنا ان  يستقر شعبنا على ارضه وترابه ينبغي ان يكون له مستقر للسكن وعمل يوفر له ولعائلته المعيشة ، وإن الكنائس الجميلة والأديرة وغيرها لا تربط هذا الأنسان بترابه .
لكي لا أذهب بعيداً وسأبقى في عنوان المقال وأتساءل مع هذه العوائل التي يتضاءل ما تملكه ، هل نصادف خطوة شجاعة من مؤسسة رابي سركيس آغا جان لبناء دور سكنية  في القوش ؟ لتغدو هذه الدور عامل تخفيف معاناة هذا الشعب  .
 إن الحياة صعبة في القوش ، أن شخصياً أردت الأستقرار في القوش ، وظهر لي كم ان الحياة صعبة دون عمل ودون مصدر رزق يضمن العيش الشريف ، كما فاجئتني المبالغ الضرورية لبناء قطعة ارض املكها في أرض اجدادي في القوش ، وإن كانت تصادفني مثل هذه الصعوبات فكيف في عائلة تركت كل حلالها ، وانتقلت الى القوش وغيرها وهي لا تملك سوى القليل للاستمرار في الحياة .
 أقول :
 على اصحاب القرار ومن يملكون بيدهم السلطة والجاه والأموال ، عليهم ان ينظروا على الحياة المعاشية لشعبهم ، إن كان في مسألة السكن او أيجاد مصدر رزق ، وإلا سيبقى هؤلاء القادة ، قادة لشعب غير موجود . الحاجة الماسة لشعبنا اليوم ليست تشييد الكنائس والأديرة وقاعات الأحتفالات  واستقدام المغنين واحتفالات اكيتو وغيرها من طرق صرف الملايين على الدعايات الفارغة وأبقاء ابناء شعبنا دون عمل ودون سكن .
ثقتي عالية بأصحاب القرار وفي مقدمتهم رابي سركيس  آغا جان ان ينتبهوا لهذ الحالة وأن ينفذوا الأهم ثم المهم ، هذه هي المعادلة المنطقية لخدمة شعبنا المظلوم من الكلدان والسريان والآشوريين .
ملاحظة لاخي العزيز الأستاذ الفاضل كامل زومايا المحترم
إن ما كتبته في مقال سابق هو ان رسالتك ورسالة الأساتذة الأجلاء الأخرين لمؤتمر المجلس القومي الكلداني تشبه رسالة صدام حسين للقادة الايرانيين ، ولم اشبهكم انتم بصدام حسين والمعنى واضح والفرق كبير في المعنى ، لك ولكل الزملاء الأخرين فائق التقدير والأحترام اخي الفاضل كامل زومايا .
 حبيب تومي / القوش في 6 / / 5 / 2009
 

362
مؤتمر المجلس القومي الكلداني اين السريان والآشوريين ؟
بقلم : حبيب تومي / القوش
abeebtomi@yahoo.no



في مقال سابق حول نفس الموضوع كان الرأي الراجح بعدم اللجوء الى المقال الطويل وهكذا تم تجزئة هذا المقال ، وهو في نفس السياق للمقال السابق حول مؤتمر المجلس القومي الكلداني .
حينما تزوج احد ابنائي كان اخويه هما المعنيان بالدرجة الأولى في التحضير لحفل الزفاف ، وهذا امر طبيعي فالأخوة هم اقرب الناس الى اخيهم . لكن في مؤتمر المجلس القومي الكلداني كان الأخوة من السريان والآشوريين في منأى عن حفلة زفاف اخيهم الكلداني ، ونحن قد مللنا من النغمة المشروخة والتي نسمعها بشكل دائم  بأننا شعب واحد ودين واحد وقومية واحدة وأمثا واحدة الى آخره من المصطلحات التي تسبح في الفضاء الفارغ ولا وجود لها على أرض الواقع . وإلا كيف نفسر غياب الأخ عن عرس أخيه ؟ إنه أمر يدعو الى الحيرة ، أليس هذا الموقف مدعاة للتشــكك بمصداقية الدعوات الى الوحدة او التي تقول إننا شعب واحد ؟
أشرت في مقال سابق الى الشخصيات وممثلي رئاسة الأقليم والأحزاب السياسية الكردية وغيرهم من ممثلي الأحزاب والمنظمات ومندوبي المجلس القومي الكلداني القادمين من مختلف الدول ومن داخل العراق الذين حروا المؤتمر .
لقد حضر المؤتمر الأستاذ روئيل جميل سكرتير المكتب السياسي لحزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني ، وحضره الدكتور حكمت حكيم ،  كما اشترك من المنبر الديمقراطي الكلداني الأستاذ سعيد شامايا والوفد القادم من اميركا منهم الزملاء قيس ساكو والدكتور نوري منصور والأخ عادل بقال وزملاء آخرين لا تحضرني أسماءهم ، لقد كان لهذا الوفد حضور متميز وكان لهم دور مشهود في تذليل الصعاب التي اعترت سبيل انعقاد المؤتمر في اللحظات الأخيرة .
وفي هذا الصدد أنا شخصياً يحدوني الأمل في ان يكون لهؤلاء الزملاء ، وكل من ساهم بنجاح مؤتمر المجلس القومي الكلداني أن يكون لهم جميعاً  ذلك الدور الرائع في عقد ونجاح المؤتمر الكلداني العالمي في المستقبل .
ــ سياق التعاون بين مكونات شعبنا كان يقضي بحضور ، الأصدقاء في مجلس أعيان بغديدة ، وكذلك حركة السريان .
ــ سياق التعاون كان يقتضي حضور وفد الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري . وهل من المعقول ان يغيب الأخوان عن عرس أخيهم  ؟
ــ غياب الفضائيتين الآشوريتين ، فضائية آشور وفضائية عشار ، وإن كانت فضائية آشور معذورة لانها تعتقد ان الشعب الكلداني هبط الى ارض آشور من المريخ فلا يستحق إلتفاتة او إشارة ، ففي هذا الصدد اتذكر ما سطره أحد الأصدقاء الأعزاء  المقيمين في هولندا إذ يدعو الكلدانيين في اقليم آشور المغادرة الى ارض بابل ، فأقليم آشور يقبل العرب والأكراد والتركمان والآشوريين ولا يقبل الكلدان الذين يمزقون الأمة .
اما امر فضائية عشتار الآشورية ، فأعترف ان فيها نفس من الأنفتاح على المساكين ( مشكينو ) الكلدانيين ، إذا ما قورنت بفضائية آشور ، وفي الحقيقة نحن الكلدانيين نعتز ونحب عشتار ، فعلى عشتار ان يكون لها قليل من الأنصاف اتجاه الكلدانيين المظلومين .
السؤال المطروح : كيف نفسر حضور ونقل احداث المؤتمر من قبل الفضائيات : الكردستانية والسومرية والشرقية والعراقية وغيرها ، في حين غابت عن المؤتمر كل من آشور وعشتار . أنها معادلة تدعو الى العجب والأسف أيضاَ .
ــ بعض الزملاء الكتاب وفي مقدمتهم الأخ كامل زومايا ومنهم ايضاً الصديق العزيز انطوان دنخا الصنا ، قد كتبوا الى مؤتمر المجلس القومي الكلداني ، ولكي أكون صريحاً مع  الأخت الفاضلة تيريزا أيشو والزملاء الأجلاء الموقعين والذين اكن لجميعهم التقدير والأحترام .
أقول :
 ان الرسالة كانت بمثابة رسالة تهنئة لكنها كانت رسالة تحذير ، وقد شبهتها برسائل صدام حسين الى القيادة الأيرانية ، وهو يدعوها الى الحوار والى انتهاج المفاوضات لكنه يملأ الرسالة بعبارات التهديد والوعيد . لقد  ورد في الرسالة :
(( .. إننا نتوسم في مؤتمركم محطة هامة في ترسيخ وإصرار شعبنا ومؤسساته السياسية والقومية وأبناءه على انه شعب واحد ، أمة واحدة ، قومية واحدة ، وجود واحد ،  ومستقبل واحد رغم تعددية الأسماء التي يعتمدها أبناءه ومؤسساته )) .
وفي مكان آخر ورد في الرسالة :
(( .. فمن بين متطلبات نشر الوعي القومي بين ابناء شعبنا كانت الحاجة لاعتماد رموز ومناسبات قومية تتناغم مع النضال والاعزاز به وتكريم شهداءه فكان اعتماد علم ونشيد قومي ويوم للشهيد .
وتمضي الرسالة الى القول : وإذا كانت تمت تسمية هذه الرموز بتسمية قومية محددة ، التسمية الآشورية ، اعتماداً على البيئة الثقافية والقومية للقائمين بها فإنه ليس مطلوباً ان نعمل لألغاءها واستنباط رموز ومناسبات متوازية اخرى ومتعددة بتعددية تسمياتنا ليصبح لنا ثلاثة اعلام وثلاثة اناشيد وثلاثة ايام للشهيد وغيرها )) انتهى الأقتباس .
هكذا كانت الرسالة مكتوبة في ثلاث صفحات وملخصة في سطر واحد ، وهو إلغاء القومية الكلدانية واعتماد القومية الآشورية وهذا نفس ما يردده غلاة التعصب القومي الآشوري ، الذين يقولون الكلام بصراحة ،  لكن الرسالة أوردته عبر اجتهادات ومناورات إنشائية ليس إلا .
أقول :
أنا مستعد ان اواجهكم على فضائية عشتار ويكون النقل مباشر على الهواء ، وسأثبت لكم ان الكلدانية قومية عراقية أصيلة ، وإن التسمية الآشورية والتي نعتز بها ايضاً هي وليدة الأحداث التي حدثت بعد الحرب العالمية الأولى . فإن كان هنالك اسم واحد يناسب الجميع فهو الأسم الكلداني ، وإلا  كل منا يحتفظ باسمه التاريخي العزيز . هذه هي الديمقراطية وهذه هي مبادئ حقوق الأنسان ، فليس المطلوب منا ان نكون اوصياء على بعضنا .
ينبغي ان نحترم بعضنا ، نحن ثلاثة اخوان ننتمي الى بيت واحد ، وينبغي ان يحترم كل اخ خصوصيات اخيه ، فنحن مثقفين ينبغي ان ننطلق من مبادئ حرية الفكر وحرية التعبير ، وقبل كل ذلك حرية الأنتماء ، ولكم جميعاً تحياتي .
 حبيب تومي / القوش في 2 / 5 / 2009   

363
مؤتمر المجلس القومي الكلداني تظاهرة قومية رائعة
بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no






يوم الأحد الموافق 26 نيسان2009 كان موعداً لعرس قومي كلداني جميل ، فكما تهب نسيمات الصباح الربيعية وتداعب الزهور والرياحين على اديم الأرض في السهول والوديان والجبال وتحت سماء العراق الصافية  الزرقاء ، هكذا كان هذا اليوم موعداً لتلاقي القلوب والوجوه في عرس كلداني جميل   .
تقاطرت الوفود والشخصيات الكلدانية من أقاصي الأرض ، قاطعين آلاف الأميال من أستراليا وأميركا وأوربا ميممين شطر الوطن العراقي  ، وليحتضنهم اقليم كردستان في عنكاوا الجميلة ، أجل كانت عنكاوا محطة وفية دافئة تحتضن هذه التظاهرة الكلدانيــــــة الجميلة . وفي يوم المؤتمر  ، وصلت الوفود القادمة من المدن العراقية ومن البلدات والقرى الكلدانيــــة المبثوثة في سهل نينوى او في اقليم كردستان او في عموم مدن العراق ، اكتضت القاعة الواسعة  بالحاضرين من الشخصيات والوفود المدعوة وهم يمثلون الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ، وحضر جلسة الأفتتاح نيافة المطران الجليل ابراهيم ابراهيم  ، مطران ديترويت القادم من اميركا بغية حضور اعمال سنودس الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في العراق ، وحضر أيضاً نيافة المطران الجليل سرهد جمو مطران كاليفورنيا .
ومن الشخصيات الوطنية الذين حضروا المؤتمر الدكتور فؤاد حسين ممثلاً عن رئيس اقليم كردستان الأستاذ مسعود البارزاني ، والأستاذ فاضل الميراني سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني ، والسيد قباد طالباني ممثل حكومة اقليم كردستان في امريكا ، وغيرهم من الشخصيات الوطنية وممثلي الأحزاب الوطنية وممثلي منظمات المجتمع المدني .
في هذه المناسبة ارتجل الأستاذ فاضل الميراني كلمة قيّمة أشاد  فيها بالمكونات العراقية الأصيلة ، وبيّن ان اقليم كوردستان سيبقى تلك الواحة الجميلة والملاذ الآمن لكل المكونات العراقية الأصيلة دون تفرقة او تمييز .
في بداية افتتاح المؤتمر كان وقوف الحاضرين دقيقة صمت  على ارواح شهداء العراق الأبرار ، وبعد ذلك اهتزت ارجاء القاعة مع اصداء النشيد القومي الكلــــداني ومعه رفرف العلم الكلداني عالياً ، فوقف الجميع بوقار ومهابة خلال دقائق عزف النشيد القومي الكلداني ، أزعم انها لحظات رائعة ليس الى نسيانها سبيل  .
أقول :
بعد انتهاء حفل الأفتتاح كان لي بعض الملاحظات وانطلاقاً من منطقية حرية التعبير ادون هذه الملاحظات بصراحة .
1 ـ كانت ثمة جهود تبذل من اجل إجهاض انعقاد المؤتمر في موعده ، وهذه عملية غير مبررة وهذه المساعي تقلل من مصداقية تلك القوى ، وهي تردد على مدار الساعة إننا شعب واحد ، ألا يدحض ذلك السلوك  تلك المزاعم  المدعية بأننا شعب واحد ؟  لا اقول اكثر من ان تلك التصرفات لعرقلة انعقاد المؤتمر هي مبعث للأسف وتعمل على تفتيت لحمة شعبنا ، من الكلدان والسريان والآشوريين .
2 ـ في مسعى لعرقلة انعقاد المؤتمر ايضاً كانت هنالك ضغوطات في منطقة زاخو وكانت التهديدات بقطع الأرزاق لمن يحضر مؤتمر الكلداني ، تحت ذريعة ان أي نشط كلداني او علم كلداني  او نشيد كلداني او نادي كلداني او اسم كلداني هو تمزيق للامة .
 3 ـ لم أشاهد في جلسة الأفتتاح ممثل للحركة الديمقراطية الأشورية ولم اسمع كلمة تحية منهم للمؤتمر الذي عقده الجلس القومي الكلداني .
4 ـ لم اشاهد في جلسة الأفتتاح ممثل للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، ولم اسمع تحية منه مرسلة الى المؤتمر الثاني للمجلس القومي الكلداني ، وكان اعتقادي ان المجلس اكثر انفتاحاً وقبولاً  للآخر من الحركة الديمقراطية الآشورية " الزوعا " لكن تبين ان الأثنين ، الملجس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والحركة الديمقراطية الآشورية يحملان نفس القدر من التعصب ومن ضيق الأفق في قبول الآخر لا سيما إن كان الآخر من تنظيمات شعبنا الكلداني . وهذا الأمر مؤسف من هذين التنظيمين الذين نكن لهما التقدير والأحترام .
5ـ لم أشاهد في القاعة أي رجل دين من الآباء من الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، إن كان من مدينة عنكاوا  او من عموم اقليم كردستان ، ألا ينبغي على الأكليروس الكلداني بشكل عام ان يقفوا مع شعبهم الكلداني في مناسباته القومية والوطنية وفي افراحه وأتراحه ؟ وأين يكمن الضرر في ان يشارك نخبة من هؤلاء الأباء ويشاركوا بعض اجزاء الساعة في حفل افتتاح هذ المؤتمر وغيره من المناسبات التي يعتز بها شعبنا الكلداني .
سنعود الى موضوع المؤتمر في قابل الأيام إذ آثرت ان يكون المقال قصيراً نزولاً عند رغبة الأخوة قرائي في الوطن .
حبيب تومي / عنكاوا في 29 / 4 / 2009

364
المطارنة الكاثوليك الكلــدان والمسألة القومية

بقلم : حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no


تميزت الكنيسة الكاثوليكية على مدى قرون بتنظيم مركزي هرمي وكان هذا التنظيم يشكل عاملاً مهماً في ديمومتها وسيرورتها على مدى تلك القرون الطويلة من الزمن ، لكن تلك المركزية لم تشكل عائقاً امام ترشح مساحة من الأدارة الذاتية اوالأستقلال الذاتي ، وما يعرف بمفهوم الفكر السياسي باللامركزية  . إن هذه الأستقلالية في كثير من الأحيان كانت ناجمة عن الظروف الموضوعية السياسية المحيطة في هذه المنطقة او تلك الأبرشية او ذلك الأقليم . فبصمات الحاكم السياسي للمنطقة كانت ظاهرة في التعينات الكنسية في المناصب العليا للبطاركة والمطارنة  وأستطيع
 الزعم ان الرئيس الديني غالباً ما يعكف على المساهمة بالخطاب السياسي لمحيطه ويرى فيه الخيار الوحيد والذي لا مفر منه .
في تضاعيف تأثير الحاكم كانت الكنيسة النسطورية في بلاد الرافدين متأثرة ومتناغمة مع الدولة الساسانية الفارسية ، والكنيسة في سوريا الكبرى كانت متناغمة ومنسجمة ايضاً مع الخط السياسي للدولة الرومانية ، ونقرأ في كتب التاريخ ان الجثالقة النساطرة كانوا يرافقون الجيش الساساني  في حملاتهم العسكرية  مع الدولة الرومانية ، كما ان هؤلاء الجثالقة كانوا يلعبون دوراً هاماً في المساعي الحميدة للمفاوضات بين هذه الدول .
وفي مطاوي الزمن كان توسع الكنيسة وانتشارها في الأقاليم وعبر المسافات ، مما يشكل عاملاً مؤثراً مساهماً في إضعاف الأتصالات بين المركز والأبرشيات ، وهذه الحالة كانت وراء انسياق مسؤول الأبرشية  مع محيطها الجيوسياسي ، ويتصرف مع ما يلائم وضع ابناء أبرشيته مع السلطة السياسية القائمة .
إن هذه الحالة كانت سائدة في العصر العباسي ، وكان تواصلها  في العصر العثماني بل وصل الى عهد صدام حسين الى اواخر القرن الماضي . وبنظري ان هذه الحالة لا زالت قائمة بعد سقوط النظام في نيسان 2003 م .
إن هذه الحالة تبدو جلية في تباين الرأي حول مسألة الحكم الذاتي لشعبنا لدى المطارنة الأجلاء ، وإن التباين في الرأي حالة صحية لا غبار عليها .
لكن في هذا المقال اريد التطرق الى المسالة القومية للمطارنة الكلدان الأجلاء  ، فمن جانب ارى الوضوح الكامل في الرؤية القومية لجميع المطارنة والبطاركة للكنيسة الآشورية بشقيها ، وحموا انفسهم بسياج القومية .
 لكن هذا الوضوح في الفكر القومي لا أراه لدى جميع المطارنة الكلدان . إن الغموض الذي يتسم به الفكر القومي للمطارنة الأجلاء ولا يتناغم  مع قرأناه في التاريخ ، فالمطارنة الكلدان عبر العصور قد شيدوا حول انفسهم إعصاراً من الشغف الثقافي فكانوا النخبة الثقافية البارزة في عبر الزمن الى الراهن . وهم الذين ثبّتوا اسمنا القومي الكلداني استكمالاً لاصالتنا الكلدانية ، وشعبنا كان مخلصاً لدعوة الكنيسة في جهودها لتمجيد تسميتنا الكلدانية العراقية الأصيلة .
نقرأ :
ورد في كتاب خلاصة تاريخية للكنيسة الكلداني لمؤلفه الكردينال اوجين تيسران ونقله الى العربية القس سليمان الصائغ وطبع في الموصل 1939 م :
المسيحيون في مختلف العهود بعد الفتح الأسلامي شكلت جزيرة القبرص ملاذاً اميناً لهم ، وكان هنالك محاولات من قبل البابا لاعادة ابناء الكنيستين النسطورية واليونانية الى كنيسة روما ولكن هذا المشروع لم يتكلل بالنجاح وكما ورد ص 106 أن العلمانيين من اليونان والكـــــلدان قاوموا بشدة رجال الأكليروس الذين كانوا يظاهرون الميل الى الأتحاد وحرموهم من التمتع بمواردهم المربوطة بخدمتهم . وفي حاشية بقلم المعرب سليمان الصائغ يورد اسم طيمثاوس مطران قبرص ويذكر انه كان من بلد الموصل وكان تحت يده اسقفان وتحت يدهم سبع كنائس وثمانون قسيساً ومن
 المؤمنين خمسة ألاف بيت وذلك سنة 1380 م .
لكن في عام 1445 كان الأتحاد الحاسم وهو مسجل في وثيقة رسمية للكنيسة الرومانية وهي البراءة التي أذاعها اوجيانوس الرابع بعد ان أقر طيمثاوس مطران النساطرة بإمانه الكاثوليكي أولاً في قبرص ، وقد اعلن البابا بأنه لا يجوز من الآن فصاعداً ان يعامل كهراطقة هؤلاء السريان الراجعون من النسطرة ويجب ان يسموأ بعد اليوم كلــــداناً . وقد ورد في نفس المصدر  ص 107 في حاشية بقلم المعرب سليمان الصائغ بأن الكلـــدان أرسلوا مطرانهم طيمثاوس ، والموارنة ممثلاً عنهم اسحق للاقرار بهذا الأيمان ونشرت هذه البراءة صورة الأيمان التي تلاها طيمثاوس باللغة
 الكلدانيـــــة منقولة الى اللاتينية . ثم أمر  .. بأن  يدعى المتحدون من ابناء هذه الكنيسة بالكلـــدان وأيد حقوق الرؤساء الكنيسة وتوعد بالقصاص من خالف هذه الأنعامات .
في سنة 1681 اقترن مرسوم الحبر الأعظم في 8 كانون الثاني فكان العنوان الذي ورد في المرسوم : الى البطريرك القائم بإدارة بطريركية الشـــعب الكلـــداني ، وفي 18 حزيران 1696 استعملت العبارة التالية ص 127 :
الكنيســـة البطريركيــــة البابليــــة للشـعب الكلــداني .
نحن الذين نعمل في السياسة وفي المجال القومي بالذات ، نبراسنا في العمل ما سطره الأكليروس الكلداني حيث يشكلون النخبة المثقفة الذين نقلوا تراثنا وعرفنا من خلال كتاباتهم ان تسميتنا هي كلدانية ولغتنا كلدانية وقرأنا في كتاب الحضرة
( ܡܠܟܐ ܕܪܘܡܐ ܥܡ ܦܠܚܘܗܝ ܣܝܥ ܠܓܘܕܐ ܕܡܗܝܡܢܐ . ܢܦܩ ܦܘܩܕܢܐ ܕܢܬܩܛܠܘܢ ܣܗܕܐ ܟܐܢܐ ܒܝܕ ܣܝܦܐ .  ܬܗܪ ܟܠܕܝܐ ܟܕ ܩܝܡܝܢ . ܘܙܩܦܘ ܨܒܥܐ ܟܕ ܐܡܪܝܢ . ܕܪܒ ܐܠܗܗܘܢ ܕܡܗܝܡܢܐ .  ܕܟܕ ܠܐ ܡܬܚܙܐ ܦܪܩ ܠܗܘܢ .
 ترجمتها :
 إنَّ ملك العالي مع جنده  ، كان في عون جميع المؤمنين ، فقد صدر الأمر  ان يقتل الشهداء  الأبرار بحد السيف . بهت الكلــــدان وهم وقوف ، ورفعوا الأصبع قائلين :
عظيم إله المؤمنين فهو يخلصهم وإن هو لا يدري  < ترانيم الشهداء لرمش الجمعة ص 365 >  . هكذا عرفنا  من النخبة المثقفة من الألكليروس ان اسمنا التاريخي هو كلداني وليس آثوري او آشوري ، وبقينا نحن العلمانيون اوفياء لهذا التراث ، وننتظر من سادتنا المطارنة الكلـــدان ان يعاضدوا مسعانا في الدفاع عن قوميتنا الكلدانية ولغتنا الكل%D


365
الأستاذ مسعود البارزاني .. والكلدان الأكثرية المسيحية الصامتة
بقلم : حبيب تومي أوسلو
habeebtomi@yahoo.no




الكلدانيون هذا المكون العراقي الأصيل ، تقلبت بهم صروف الدهر  ونوائبه عبر الموجات التي رافقت التطور التاريخي لبلاد ما بين النهرين ، فكانوا السكان الأصلاء الذين رافقوا مسيرة الوطن العراقي في سرائه وضرائه ، الى ان ركنت مصائر العراق الى احضان الحكم الوطني الملكي ، فكان لهم دور مؤيد ومساند للحكم الوطني  بتخليص العراق من الدولة العثمانية المنهارة في اعقاب الحرب العالمية الأولى ، ومن ثم دعمهم للحكم الوطني للوقوف في وجه الأحتلال البريطاني . لقد تفاعل شعبنا الكلداني مع العملية السياسية في العهد الملكي ، فكان منهم وزراء ونواب في البرلمان وأعضاء في مجلس الأعيان .
إن انخراط الكلدانيون في اللعبة السياسية لم تقتصر على الأسهام في الوظائف السياسية الحكومية فحسب ، إنما كان هنالك شريحة واسعة من هذه الشعب انخرطت في الأحزاب اليسارية  المعارضة للسطة ، وتسنموا مناصب قيادية في تلك الأحزاب .
أزعم ان الحكم الملكي ولاسيما في عهد المرحوم الملك فيصل الأول كان وطنياً اصيلاً وعراقياً صميماً ، فقد تفانى هذا الرجل وعمل بإخلاص منقطع النظير من اجل تأسيس دولة عراقية حديثة ، ومن جملة منجزاته هو تكريمه وتقديره وإنصافه للمكونات العراقية الأصيلة من المسيحيين واليهود ، والكلدانيون كشعب عراقي اصيل كان له مكانته المعتبرة طيلة العقود الأربعة التي استمر فيها الحكم الملكي في العراق .
وسوف يسقط الحكم الملكي وستبدأ مصائر العراق تدخل في منعطفات وأنفاق مظلمة ، لا سيما بعد ان هيمنت على الساحة السياسية العراقية الأفكار القومية العروبية التي جعلت من الوطن العراقي مجرد قطر من اقطار الأمة العربية المجيدة ، وسوف يتربع الفكر القومي مكان القمة في  الهرم السياسي والمجتمعي العراقي ، وتنزوي الهوية العراقية في مكان الظل بعد ان غدت الأضواء الساطعة تشع على الهوية العربية ، وطفقت الهوية العراقية تنزوي جانباً لفسح المجال امام المواطنة العربية القومية الشاملة .
 في هذا المنعطف كان الضغط على القوميات العراقية  غير العربية لصهرها في بودقة القومية العربية  وهذه الأطروحة كانت السبب في اتخاذ مواقف متشدده حيال الطموحات القومية للاكراد والكلدانيين والآشوريين والتركمان وغيرهم ، وقد افلح الأكراد بفضل تضحياتهم ونضالهم من تثبيت قوميتهم في الدستور العراقي في مطاوي السبعينات ، وبقى الباب موصداً امام الكلدانيين وغيرهم لتثبيت قوميتهم الكلدانية في الدستور ، وفي عهد صدام والبكر كان هنالك قرار منح الحقوق الثقافية للناطقين بالسريانية من الكلدانيين والآشوريين والسريان وفسر القرار بعد ذلك على انه منح  الحقوق القومية لأبناء تلك القوميات .
بعد نيسان 2003 كان القدر يضمر اخباراً سيئة للكلدانيين بشكل خاص ، فقد طالهم بعد هذا التاريخ الأرهاب والقتل والتشريد وتفجير كنائسهم واغتيال رؤسائهم الروحانيين .. وعلى نطاق اللعبة السياسية لحقهم اجحاف منقطع النظير فقد خبا نجمهم السياسي الساطع في وطنهم العراقي ، وكان للرفيق بول بريمر الدور الرئيسي في هذا الأجحاف ، كما ان أشقاءنا بالدين واللغة في الأحزاب القومية الآشورية  هيمنوا على مقاليد الأمور  واصبحوا الأوصياء على مصير شعبنا الكلداني ، إن كان في الحكومة المركزية في بغداد ، او في حكومة اقليم كردستان ، فباتوا يمسكون بأيدهم زمام  السلطة والثروة والأعلام ونصيب شعبنا الكلداني في هذا كله النزر اليسير ليس إلا .
 فأشقائنا الآشوريين يملكون قناتين فضائيتين ، آشور وعشتار ، وأنا لا انكر وجود قليل من الكرم للسريان والكلدان بشرط الموالاة لخطاب الأحزاب الآشورية الشقيقة ، ومن يجرؤ على الأعتراض فهنالك عدة طرق لكمّ الأفواه والأسكات ولنبقى بهذه الحدود ولا نذهب ابعد .
امام هذا الواقع المزري الذي يقترف تحت يافطة اننا شعب واحد ، كان تهميش شعبنا الكلداني وكان إلغاء اسم القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكردستاني ، والأخوة الأشقاء الآشوريين من المؤكد يسعون الآن على إلغاء قوميتنا الكلدانية من الدستور العراقي ايضاً .
إن إلغاء قوميتنا من مسودة الدستور الكردستاني مخالف لحقوق الأنسان وحقوق الأقليات والتي تقر بها لوائح حقوق الأنسان في الزمن المعاصر المتمثلة في منظمات هيئة الأمم المتحدة والمدونة في الأتفاقيات والمعاهدات المبرمة بين الدول ويمكن إشارة الى واحدة من هذه اللوائح الواردة في معاهدة سيفر المبرمة عام 1920 بين الدول في اعقاب الحرب العالمية الثانية وجاء في المواد 62 ، و63 ، و64 التطرق الى مشكلة الشعب الكردي والى القوميات والمكونات الأخرى في المنطقة ، لقد ورد في المادة 62 من هذه المعاهدة :
)) المادة 62 : تتولى هيئة ، تتخذ مقرها في اسطنبول مكونة من ثلاثة أعضاء تعينهم حكومات كل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا ، التحضير أثناء الأشهر الستة الأولى التي تعقب تنفيذ هذه الاتفاقية ، لوضع خطة لمنح حكم محلي للمناطق التي تسكنها غالبية من الأكراد والتي تقع إلى شرق الفرات والى جنوب الحدود الأرمينية التي ستحدد فيما بعد ، والى شمال الحدود بين تركيا وسورية وبلاد ما بين النهرين ، وعلى النحو المحدد في المادة 27 من القسم الثاني ( 2 و 3 ) وفي حالة عدم توافر إجماع في الآراء بصدد أي قضية ، يحيل أعضاء الهيئة المذكورة كل إلى حكومته ينبغي أن توفر الخطة ضمانة كاملة لحماية {{ الآشوريين والكلدانييــــن }}  والجماعات العرقية أو الدينية الأخرى في المنطقة ، ولهذا الغرض ستزور المنطقة هيئة مكونة من ممثلي بريطانيا وفرنسا وايطاليا وبلاد فارس والأكراد لكي تتولى تحديد أي تعديل – أن وجد – ينبغي إدخاله على الحدود التركية أينما تلتقي مع الحدود الفارسية وذلك على النحو الموضح في هذه المعاهدة )) .
وكما هو معلوم ان مقررات هذه المعاهدة ذهبت ادراج الرياح بعد ابرام معاهدة لوزان عام 1923 التي رفضت حقوق الكورد والمكونات القومية الأخرى في المنطقة ومنهم الكلدانيـــــــــون .
إن الذين يرمون الى إلغاء القومية الكلدانية يعملون ضد المنطق وضد الحقائق التاريخية الكثيرة التي تشير الى قوميتنا الكلدانية في بلاد ما بين النهرين وفي العراق المعاصر ، إنه تجني على المنطق وعلى التاريخ دون وجه حق .
وكان احتفال اكيتو
في غمرة الجدل الدائر وفي زخم الأحتفالات في اعياد اكيتو وقف شعبنا الكلداني صامتاً مهمته الوقوف في العراء والتصفيق ، لقد اقتصرت امكانيات احزابنا الكلدانية على إصدار بيان مقتضب عن اكيتو وورد فيه  :
(( .. وفي الوقت نفسه كنا نتمنى من كافة تنظيماتنا السياسية والشعبية والاجتماعية والثقافية المنبثقة عن صفوف شعبنا لتوحيد الاحتفالات بهذه المناسبة وفق برنامج منسق ومنظم بدلا من الاحتفالات المنفردة بطريقة تشوه صورة شعبنا وتضعف اواصرنا ، فلنستغل أيها الاخوة كل مناسبة خاصة بنا من أجل لم الشمل وتوحيد الصفوف بنوايا صادقة بعيدا عن المراوغة ومحاولات أنكار الاخر وتكون الوحدة الحقيقية الهدف المنشود  )) .
ولم يرد في هذا البيان رأس السنة البابلية الكلدانية 7309 لكي لا يزعل الأشقاء الآشوريين ومن المؤكد سيكون ذكر هذه السنة طريقة لتفرقة صفوف شعبنا ، بيد ان ذكر التوقيت  الآشوري يعتبر خطوة للوحدة  وفي لم الشمل للمسيحيين ، كما ان رفع الأعلام الكلدانية يعتبر خطوة في تفرقة وتمزيق الصفوف بينما رفع الأعلام ( الآشورية فقط لا غيرها ) هي خطوة لرص الصفوف  ، وهكذا ينطبق المثل :
((  تريد ارنب اخذ أرنب تريد غزال اخذ أرنب ، فلك مطلق الحرية في الأختيار )) .
كان نصيب شعبنا الكلداني السير بهذه المسيرة او تلك والوقوف في العراء لسماع الأغاني الثورية وكان يسمح له ايضاً بأن يصفق للمغنين القادمين من أقاصي الدنيا .
لقد كانت الألتفاتة الوحيدة من الرئيس مسعود البارزاني حينما قدم تهنئته لشعبنا المسيحي بكل تكويناته القومية من كلدان وسريان وآشوريين فقد ورد فيها :
(( بمناسبة أعياد أكيتو و رأس السنة الآشورية البابلية، أبعث بأحرّ التهاني الى الأخوات والاخوة الآشوريين والكلدان والسريان في كوردستان والعراق، وعلى وجه الخصوص الى الأخوات والاخوة المسيحيين الذين لجؤا الى اقليم كوردستان خوفاً من بطش الارهاب، وهم الآن يعيشون بكل حرية في ظل التعايش الأخوي والوئام والتسامح السائد في كوردستان.
وأتمنى للأخوات والاخوة الآشوريين والكلدان والسريان الذين يشكلون جزءً مهماً من شعب كوردستان، العيش بسعادة وأمان وأن يقضوا أعيادهم بالهناء والمسرّة )) . 
كانت هذه التفاتة مباركة وشفافية في التعامل الديمقراطي مع كل المكونات القومية لشعبنا المسيحي . إن الأستاذ مسعود البارزاني قد ذاق طعم النضال لتحقيق اماني شعبه القومية ، وإن كان الشعب الكردي مظلوماً لا يمكن ان يكون اليوم ظالماً ، وقد تجسد هذا الموقف في احتضان اقليم كردستان للمسيحيين من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن والصابئة المندائيين لقد كان اقليم كردستان ملاذاً أمناً  لهذه المكونات العراقية الأصيلة .
 في هذه المناسبة نطلب من الرئيس مسعود البارزاني ان يعيد الحق الى نصابه في مسودة الدستور الكردستاني لاعادة القومية الكلدانية الى مكانها الطبيعي في وثيقة الدستور الكردستانية المهمة .
كما نهيب بحكومة اقليم كردستان بأن تنصف احزابنا ومنظماتنا الكلدانية بالدعم المعنوي والمادي اسوة بما تحظى به المنظمات والأحزاب الآشورية في هذا الأقليم ، وان تقف حكومة الأقليم على مسافة واحدة من هذه المكونات الأصيلة .
حبيب تومي / اوسلو في  10 / 04 / 2009

366
  فكونوا نبراساً لنا قداسة البطريرك مار دنخا الرابع الموقر
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
في رسالة وجهها قداسة مار دنخا الرابع بطريرك كنيسة المشرق الآشورية الى أبناء وبنات الامة الآشورية في العالم . وكانت مقاطع كثيرة من الرسالة تشير الى تفتح وابتهاج الطبيعة في فصل الربيع ، ويقول انه في هذا الفصل  كان يحتفل آباؤنا الآشوريون ونحن ينبغي ان نقتدي بهم فنحتفل في هذا اليوم الجميل من السنة وهو الأول من شهر نيسان ،
 
الصورة من مجلة بين النهرين التراثية سنة 1996
ومقاطع كثيرة من الرسالة تدعو أبناء وبنات االأمة الآشورية الى الوئام والوحدة  . نقرأ فيها :
(( .. فغايتي اليوم تتمحور حول الوحدة والمحافظة على السلام في شعبنا الآشوري المبعثر على وجه الأرض كلها، ان كنا لا نعمل معاً على تقوية وتمتين أواصر إيماننا الذي يربطنا مع بعضنا البعض كأمة آشورية واحدة، مفعمة بالحياة، فإننا سننصهر وبالأخص في بلدان الغرب. )) .
ويمضي الى القول :
(( ولكي تدب الحياة في شعبنا الآشوري، فإنه بحاجة إلى مساعدة وغيرة أبنائه وبناته، لان الشعب لا يتحدد بشخص واحد أو عائلة واحدة، الشعب هو جمع من الناس المرتبطين مع بعضهم البعض، ولكل واحد منا وبحسب مسؤوليته كنسياً أو قومياً، لنعمل معاً على ربط تلك الحلقات المنفرطة، والمتباعدة عن بعضها البعض في امتنا الآشورية، في نسيج إيماني واحد تربطهم ببعضهم البعض لتصبح سلسلة متينة، تحت اسم قومي واحد يحوي أبناء الكنيسة الكلدانية والكنيسة السريانية والكنيسة الآشورية. حقاً إننا جميعاً امة واحدة )) .
 وفي الختام يقول :
(( كأمة حية، يتوجب على أعضاء كل عائلة آشورية التكلم باللغة الآشورية، أينما كانوا، وتسمية أبنائهم بأسماء آشورية، ولكل آشوري وآشورية، مسؤولية العيش بإيمان مشترك، محبة، وقار، وبسلام وطاعة، لكي يقدروا على تنشئة أبنائهم بالأعمال وصقلهم بالأخلاق الحسنة، وينشئوهم مسيحيين مؤمنين، وآشوريين حقيقيين )) .
الرسالة لمن يقرأها تبدو خالية من الروح والحيوية ، فالزهور الجميلة والسواسن وزنابق الحقل وعطر الثمار الطبيعية خالية من الأرض الطيبة المباركة التي تنمو عليها ، وكأنها تفتقد الى ذكر الناس الذين غرسوا تلك الأزهار والورود وسكبوا كؤوس المحبة قبل ان تروى بمياه دجلة والفرات ، لقد حصرها جميعاً في الواحة الآشورية محصورة في  صحراء قاحلة ليست ذي زرع ، ولا تجاورها واحات أخرى وثمار اخرى ، إنها مساحة قاحلة تحوي أبناء وبنات الآشوريين فحسب .
الأنسان ليس وليد السماء كما يقول الأب الدكتور المرحوم يوسف حبي ، الأنسان أبن الأرض أيضاً ، وهذه وحدته الروحية المادية في انسانية نامية ، إن انسجامها مع غيرها هي التي تكمل عظمتها وروعتها . فالأنسان ابن ارضه وعشيرته وقريته وبلده ودينه وقوميته ومذهبه وتراثه وتقاليده ولغته ، هذه كلها انتماءاته ، فكيف يعيش وحيداً في واحة محدودة غنية بالورد والياسمين والزنابق وسط صحراء قاحلة سارحة عبر الآفاق والأبعاد الممتدة ؟
هكذا كانت رسالة قداسة البطريرك مار دنخا تفتقر الى الأرض الى الناس الى الحضارات ، لم يذكر قداسته أرض بلاد ما بين النهرين ، لم يذكر الرافدين الخالدين دجلة والفرات لم يذكر الأمم والشعوب والأقوام الذين ساهموا ببناء حضارارت رافدينية راقية ، من السومريين والأكديين والبابليين والكلدانيين والساسانيين والعرب الذين كل منهم ترك بصماته الحضارية في تلك الأرض .
 لم يذكر بحرف واحد المكونات العراقية التي تعيش في الوطن العراقي اليوم ، لم يذكر العرب والأكراد والتركمان والكلدانيين والسريان والأرمن ، والمسلمين واليزيدية والشبك والمندائيين .. إنه اكتفى ببنات وأبناء الأمة الاشورية محلقين خارج سرب الأمة العراقية ، فأراد لهذه الأمة وكأنها خارج النسيج المجتمعي العراقي .
ولإثبات رؤيتي ومن باب المقارنة ايضاً أدرج مقطعاً من رسالة اخرى لنفس المناسبة لقداسة مار ادي الثاني الموقر وهو بطريرك الكنيسة الشرقية القديمة ، والتي قرأنا فيها الحيوية وشعاع ساطع من قلب الوطن العراقي بغداد يقول :
(( يسرنا اليوم.. ونحن نخاطبكم من بغداد الحبيبة.. عاصمة أرض النهرين في تاريخها الحديث.. وهي تحتضن شقيقتيها في التاريخ المجيد.. نينوى شمالا وبابل جنوبا.. تحيط بهم الحضر والنمرود وأور وباب نركال والجنائن المعلقة وكوخي الكنيسة الأولى في ساليق قطيسفون.. أن نتلقى نسمات ربيع جديد تحمل إلينا أملا متجددا جوهره المحبة والسلام والتسامح.. وهي مفاهيم طالما دعا إليها السيد المسيح في بشارته الخلاصية.
   يسرنا أن نخاطبكم بهذه الكلمات المتواضعة.. فنتقدم إليكم بأسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة عيد أكيتو.. رأس السنة البابلية الآشورية .. )) .
هذه الرسالة  تشير بجلاء الى الأرض البينهرينية الى نينوى وبابل وساليق وكوخي .. وتشير الى التاريخ والى الأمل المتجدد في كل ربيع متجدد على مدى الأجيال وتوالي الأزمان .
في قراءتي  لرسالة قداسة البطريرك مار دنخا الرابع الجزيل الأحترام وجدت إقحام إشكالية التسمية بشكل ملفت للنظر , لا أريد ان اعلق على هذا الموضوع ، لكي لا نغرق في متاهات الجدل ، الذي نأمل ان يكون قد طويت صفحته ، لكن مع ذلك كان ينبغي مراعاة مشاعر من يحسبون انفسهم كلدان وسريان ونحن جميعاً نستظل تحت ظلال الدوحة المسيحية العظيمة .
لقد تحدث غبطة البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي عن موضوع تثبيت القومية الكلدانية في الدستور العراقي ، وكانت تلك الهجمة القاسية التي حمّلها الكتاب الآشوريون ، وأكثر من ذلك كان تنظيم حملة شعواء وجمع تواقيع لاستنكار ما قام به غبطة البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي الكلي الطوبة ، وكأنه لا يحق له ان يدافع عن حقوق شعبه الكلداني في الوجود على أرضه بلاد ما بين النهرين .
إن هدفي من هذا المقال ليس التطرق الى التسمية كما قلت ، رغم ان الأشارة الواضحة من اعتبار الآشورية قومية تحوي ابناء الكنائس الكلدانية والسريانية والآشورية ، فنحن لا نؤمن بهذه الفرضية ، وهكذا نبقى بعنوان المقال فنناقش رسالته التي دعت الى الوئام والسلام  إذ ورد فيها :
 فيتوجب علينا العمل المشترك كأعضاء امة واحدة بهدف المحافظة على السلام والوئام في الجمعيات والأحزاب والمجالس والمؤسسات القومية، وهكذا بين الكنائس. كمسيحيين علينا أن نؤمن ..
أجل ينبغي ان يكون ثمة وئام وسلام لا بل الوحدة بين كنائسنا ، والتي قطعت اشواطاً كبيرة في اواسط التسعينات من القرن الماضي .
إن الذي ابغيه في هذا المقال هو ان يكون الآباء الروحانيين الأجلاء نبراساً وقدوة لنا نحن الخطاة  العلمانيين الغارقين في معضلات  السياسة والأقتصاد والأولاد والمعيشة .. ، لكن إن لجأ أقطاب كنائسنا الى التوحد، سنكون نحن تحت تأثير الأمر الواقع ، ونضطر الى الأتحاد فيما بيننا .
إن ألآباء الروحانيين الأجلاء كانوا يشكلون في التاريخ والى اليوم النخبة المثقفة من شعبنا ، وهكذا كان الأضطهاد والتنكيل يطالهم قبل بقية افراد الشعب بشكل مستمر باعتبارهم النبراس الذي يهتدي به الشعب .
 اليوم مطلوب من قداسة البطريرك مار دنخا الرابع الجزيل الأحترام وقداسة البطريرك مار أدي الثاني الجزيل الأحترام وغبطة الكاردينال البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي الكلي الطوبة ، نناشدهم ونرجوهم ان يوحدوا خطواتهم ويوحدوا الأعياد الدينية ، ويبادروا الى  خطوات ملموسة نحو الوحدة عندئذ نحن الذين نتعامل بالسياسة ومشاغل الحياة الأخرى ، سوف لا يكون امامنا حواجز  وعوائق تحول دون تقاربنا واتحادنا في اسم قومي واحد وكنيسة واحدة وشعب واحد .
فكونوا نبراساً ساطعاً مباركاً لنا بمحبة المسيح .
 حبيب تومي / اوسلو 

367
عبد جمعة مناضل من القوش يودعنا الى الحياة الأبدية  
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



عبد حنا جمعة تعرفه سوح النضال ويألفه جبل القوش الأشم ، إنه ذلك المناضل الذي كرس حياته للنضال يغمره التفاؤل والأمل لتحقيق أماني شعبه ، فتحّمل شظف العيش وقساوة الحياة وركب موجة المخاطر مع اقرانه ، وفي كل تلك السنين الطافحة بالتعب والجوع والمؤامرات حرص على ادبه الجم ووده الصادق مع الآخرين وصداقته المحببة مع الصغير والكبير ، فكان له قلب كبير يفيض بالنبل والأخلاص غير المحدود لشعبه ووطنه العراقي .
 بقي أميناً لمبادئه ولم يشغل نفسه ببورصة المال ومكاسب الحياة ، وظل أميناً طوال حياته على النهج الذي اختاره فكان جل همومه تنحصر في تخليص شعبه من براثن الأستبداد والقهر ، كان سر ديمومته في هذا الطريق الصعب ، نابعاً من اصول تربيته العائلية النقية ، فهو من عائلة مناضلة ومن القوش الحبيبة ، المدينة الكلدانيـــة العراقيـــة التي عرفت بمواقفها الوطنية ، كما ان الأستمرارية في هذا النهج لم تكن يسيرة لولا وقوف الزوجة الوفية المخلصة فضيلة بوداغ الى جانبه .
كانت الحكومة تلجأ الى اساليب القهر والتنكيل بعوائلنا حينما اصبحت هذه الحكومة عاجزة عن النيل من المناضلين ، لقد كانت الزوجة الوفية والأم الرؤومة فضيلة تحتضن اطفالها الثلاثة ثائر وثائرة وغادة وكان عمر اكبرهم لا يزيد على 7 سنوات ، ورافقت عوائل القوشية اخرى هاربات من بطش السلطات الحكومية وتحت جنح الظلام متوجهين نحو قرية بوزان ، ومن هنالك الى قرية باعذري حيث كان بعض افراد من عائلة تحسين بك ، ورغم التحاقهم مع قوات الجتا الحكومية إلا انهم كانوا يكنون الود والأحترام لتوما توماس وعبد جمعة ولاهالي القوش عموماً ، فحافظوا على العوائل والأطفال وضمنوا وصولهم الى قرية بيروزافا ، ومن هنالك الى تلسقف ، وبعد ايام تمكنوا من الوصول الى مدينة الموصل رغم ملاحقة السلطات الحكومية لهم ، فكان وصولهم بفضل المواقف الطيبة لابناء شعبنا وبتعاونهم تمكنوا من الأفلات والوصول الى هذه المدينة ومن هنالك انتقلوا الى بغداد . لقد ضربت تلك العوائل العراقية الألقوشية مثالاً حياً للصبر والتحمل بوجه القهر والتعسف والعدوان .
وإذا تتبعنا حياة المرحوم عبد جمعة فإنه قد تخرج من معهد المعلمين سنة 1954 وعمل في التدريس ، وفي سنة 1959 اعتقل في كركوك لاسباب سياسية لمدة سنتين .
 أزعم ان المرحوم عابد جمعة من المحاربين القدماء إن صح القول فقد كنا من الرواد الملتحقين بصفوف الثوار مع الثورة الكردية منذ اوائل الستينات من القرن الماضي ، وكثير من هؤلاء قد ودعوا هذه الحياة ومنهم المناضلين : توما توماس ، الياس الصفار ، هرمز شعوكي ، رحيم قس يونان ، واسكندر بجوري الذي وافاه الأجل في هذه الأيام ، وعابد كَردي ، وجورج كَردي وبطرس كَردي ، وأخوهم الشهيد فؤاد كردي ، وكان اول شهيد يسقط في المعركة ، وسالم اسطيفانا ، وصبري نكارا ، والشهيد بطرس هرمز جركو الذي كان مع الشهيد كوريال من تلسقف يوم استشهدوا سوية . وهنالك اسماء اخرى لا تحضرني اسماؤهم ، وفي مدار تلك السنين كنا مع او قريبين من اخوتنا الآثوريين العاملين تحت قيادة الأنسان الشجاع هرمز ملك جكو وبعده مع مامي طليا .
كان المرحوم عبد جمعة حريصاً على إبقاء حبل المودة والصداقة مع الجميع ، فكان بهدوئه وأناته وقوة حجته يعمل على اقناع الآخر مستفيداً من سمو ثقافته وتجاربه في الحياة ، إضافة الى ما كان يتسم به في عناوين التواضع ودماثة الأخلاق والشجاعة ، فكان يحظى بثقة واحترام الجميع . 
عبد حنا جمعة كان يحمل ثقافة عالية وله أسلوب إقناع منقطع النظير ، وهو محاور سلس حاضر البديهية ، ولا يجابهك بكلمة لا ، إنما يعوض عنها بلباقة بكلمة ( نعم .. ولكن ) وله نفس طويل في تقبل الآخر مهما كان على الضد منه ، لكنه في كل الأحوال لا يفرط بالمبادئ ولا يساوم عليها مهما كان الثمن ، فكان له شخصية محبوبة ومحل تقدير واحترام من قبل الجميع ، ومع هذه المعطيات عن هذه الشخصية الألقوشية المثقفة قلما تجد إنساناً يحمل الحقد عليه  حتى لو كان على خلاف مبدأي معه ، فانفتاحه ورحابة صدره وصراحته الشفافة ومصداقيته يكسب ود وثقة محاوره .
 رحم الله صديقنا العزيز عبد جمعة وأسكنه نعيم ملكوته السماوي ، وباسم أسرة نادي بابل الكلداني في النرويج نقدم مواساتنا وتعازينا القلبية ، لولده ثائر والعائلة الكريمة ولاخوانه نجيب وجميل وعمانوئيل (مانو ) واخواته نعيمة والماسير بولين في العراق والسويد والى كل كل آل جمعة المحترمين .
حبيب تومي / اوسلو

368
كيف نجعل من أكيتو البابلي الكلداني مُوحِداً لا مُفرِقاً لشعبنا ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



حديقة جميلة فواحة مكللة بأنواع الزهور والأوراد ، تلك هي الحديقة المجتمعية العراقية المتنوعة بالمناسبات والأعياد ، إنها موزائيك الذي يحوي أقلياته الجميلة ، الأول من نيسان للكلدان والسريان والآشوريين ، وعيدي الصوم وسري صال لليزيدية ، ونوروز للاكراد وعيد الشجرة او عيد الربيع لكل طبقات الشعب العراقي . أنه معنى لانبثاق الحياة وتجددها ، فنوروز تعني النهار الجديد او اليوم الجديد وسري صال  تعني رأس السنة وعيد الشجرة او الربيع تعني غرس الحياة وانبثاقها بعد هجوع الشتاء الكئيب ، وأكيتو في الأول من نيسان يعني انتصار الحياة والخير على قوى الشر ، وحتى عيد قيامة السيد المسيح او عيد الفصح فإنه يرمز الى تجدد وانتصار الحياة على الموت ، وانتصار الخير على الشر .
اكيتو والأعياد المذكورة الأخرى ، تشكل وسيلة بريئة للترفيه عن النفس وإدخال البهجة لشرائح المجتمع ، إنها ليست أعياد لاهوتية ولكنها اعياد مجتمعية تتأثل جذورها نحو عمق التراث والتقاليد والأوابد عبر مسافات الزمن وعبر التاريخ البينهريني حيث مهد الحضارات المشرقة ، إن هذه الأعياد ترمز  في مجملها الى انبثاق الحياة وانتصارها ، فالزهور تتفتح والأرض تكتسي بحلة خضراء جميلة ، وعلى اغصان الأشجار المتجردة  تنبثق البراعم وتورق مع الأيام ، وتتراقص العصافير ، والحيوانات تخرج من مخابئها بعد سبات الشتاء ، والأرض المزروعة بالبذور تنبثق البواكير الخضراء من أديمها لتعانق الشمس المشرقة .
كان القدماء يعزون موت الحياة وتجديدها الى حياة الآلهة نفسها حيث تموت هذه الآلهة ثم تقوم وهي علامة على انتصار قوى الخير على قوى الشر ، وهذه ميثولوجيا تؤمن بها الشعوب القديمة ، فهنالك آلهة السماء ، التي تعمل من اجل الخير ومنهم الأله مردوخ كبير آلهة البابليين وإن قصة الخليقة البابلية الموسومة : ( عندما كان في العلى : أينوما أيليش ) كان لها التأثير في ميثولوجيا الشعوب فيما بعد . كان ثمة آلهة الطبقات السفلى ومنها إلهة تيامة التي كانت تحاول تقييد الأله مردوخ والأمساك به ، لكن هذا الأخير يفلح في النهاية من التحرر والأنطلاق .
إن فكرة  قيام الآلهة وانطلاقها من جديد هي الميثولوجيا التي تشكل القاسم المشترك للشعوب القديمة  ولها مسميات مختلفة . ففي العالم الأغريقي كان ديونيسوس ، ومثرا في العالم الأيراني ، وآتس في آسيا الصغرى وآسيرس في مصر وبلدر في العالم الأسكندنافي وسيبل في الميثولوجية الرومانية وتموز وعشيقته عشتار عند الساميين وغيرها .
أما أكيتو البابلي الكلداني فقد كانت طقوسه تجري في العصر السومري ثم في العصر البابلي الكلداني ليمتد الى العصر الآشوري . واشهر هذه الأحتفالات كانت في بابل حينما اصبح الأله مردوخ كبير الالهة او كما يقول خزعل الماجدي في انجيل بابل ص32 :
ان صعود مردوخ الى قمة الهرم بعد ان استطاع ان يمد أطراف الدولة البابلية في عهد حمورابي الى أقاصي حدود عالم الشرق القديم وأصبحت بابل عاصمة الدولة الفتية ومركز أشاعها الحضاري ، وإن عبارة " ملك الآلهة " هي الأفصاح الدقيق عن مذهب التفريد الذي خطه الكهنوت البابلي ..
يا مردوخ أنت بالحق من يثأر لنا
وها نحن نبايعك على ملوكية الكون بأجمعه ..
وسوف لا تقهر اسلحتك ، بل انها ستحطم أعدائك
يا سيدنا ، أنقد حياة من وضع ثقته فيك ..
إن مراسيم الأحتفال بعيد أكيتو تستمر 12 يوماً على عدد شهور السنة وفيها اشياء طريفة منها الزواج المقدس وخلع تاج الملك ورتبه وصفعه بقوة من قبل كاهن المعبد .. الخ وفي الحقيقة تطرق الى هذا الموضوع كتّاب كثيرون وليس ثمة ضرورة للاعادة .
يبدو ان الآشورين أعني الأحزاب الآشورية قد اتخذوا تاريخاً غير الذي اتخذه الكلدانيون الذي يقع في 
سنة 7309 بينما الأحزاب الآشورية تكتب على ان التاريخ هو 6759 على ان الطرفين يتفقان على اليوم وهو الأول من نيسان ، وربما يكون هذا الأختلاف ومقداره 550 سنة الى زمن انتقال العيد الى الدولة الآشورية ، أو ربما يكون من فرضية خالف تُعرف .
والآن كيف نجعل من أكيتو موحداً لا مفرقاً ؟
هذا هو مربط الفرس
ثمة 550 سنة فرق في التقويمين ، لكن ذلك لا يشكل عائق ، فالمغزى ينحصر في طريقة الأحتفال ، فالآشوريون يهيمنون على كل الأمكانيات المالية والأعلامية والمناصب لدى شعبنا المسيحي ، ومع هذا تشتعل الخلافات بينهم ، وارى في المقترحات التالية سبيل قويم لجعل تلك المناسبة موحدة وليست مفرقة :
1 ـ تبادل التهاني بين المنظمات والجمعيات والأحزاب السياسية لشعبنا ، وتبدأ الزيارات المتبادلة لتقديم التهاني ، في مدننا وقرانا : الحركة الديمقراطية الآشورية ، حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني ، المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، المجلس القومي الكلداني ، الحزب الوطني الآشوري ، جمعية الثقافة الكلدانية ، المنبر الديمقراطي الكلداني ، حزب بيث نهرين ... وجميع أحزابنا ، فتكون هذه المناسبة فرصة للتفاهم ولتبادل وجهات النظر بين مختلف الأطراف .
2 ـ تشكل لجنة لتحديد هذه الأحتفالات ، هل تكون في مدينة واحدة ام اكثر من مدينة وتقوم اللجنة المشتركة باستحصال الموافقات الأصولية لاجراء هذه الأحتفالات .
3 ـ تقوم اللجنة بتقديم بطاقات دعوة لمختلف القوى السياسية والمنظمات العربية والكردية والتركمانية للمشاركة بهذا الأحتفال .
4 ـ يوم الأحتفال ، تتوافد الوفود من مدننا وقرانا الى مكان الأحتفال ، ويكون على الصيغة الآتية :
 وفد القوش مثلاً ، ويتكون من الأحزاب العاملة في القوش ، حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني ، الحركة الديمقراطية الاشورية ، جمعية الثقافة الكلدانية ، المجلس القومي الكلداني .. وهكذا دواليك ، حيث تتقاطر على مكان الأحتفال من كل مدينة ، ولا يقسم المشتركون الى احزاب بل الى المدن التي جاءوا منها ، ويشتركون ككتلة واحدة وكل منهم له شعاراته حسب ما يختار .
5 ـ في مسألة الشعارات المرفوعة يمكن للجنة الأحتفال ان تحدد الشعارات التي ترتأيها ويتفق عليها جميع اعضاء لجنة الأحتفال .
6 ـ يتكون وفد من قادة الأحزاب والمنظمات ، ليشتركوا في المسيرة ويتشابكون بالأيدي ويسيرون في مقدمة المسيرة .
7 ـ كل جهة ترفع العلم الذي تعتز به ، دون ضغوط او انتقائية .
8 ـ تقوم عشتار وفضاية آشور بتصوير ونقل احداث المسيرة مباشرة .
إن هذه الفكرة تمثل الشفافية والمنطق الصحيح لتعاملنا مع بعضنا بنفس ديمقراطي بعيدأ عن سلوك التعالي والنرجسية ، ومن يدعي الدفاع عن وحدة شعبنا ، والجميع يدعي الى ذلك دون استثناء ، فهذا هو الطريق القويم المستقيم للتعامل مع بعضنا ، دون ان يحاول اي طرف من الأطراف فرض اجندته على الأخرين .
حبيب تومي / اوسلو في 1 / 4 / 2009

369
إذن أين حرية النقد والتعبير أيها السادة ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no




عملية إجهاض اي مسعى نقدي في المشهد السياسي او الأجتماعي يمكن تشخيصه ، والنيل من أي نقد بناء او إبداء رأي على مستوى الأفكار والمشروعات السياسية والقومية ، فيجري العزف على وتر الثوابت ، والأستشعار  بملاحظة الخطوط الحمراء ، إن هذا واقعنا المعاش ولا يحتاج الى الدلائل او البراهين ، لقد اتضح ذلك من المناقشة الهادئة لسيادة المطران لويس ساكو وردود الفعل التي وصل بعضها الى تخوم التشنج والأنفعال او الأرتداد التخويني الذي لم يكن مبرراً أطلاقاً .
في الحقيقة استفدنا من تلك المقالات لمعرفة الكثير عن سيدنا المطران ساكو ، فعرفنا عن شهاداته الدراسية وحياته الدراسية والكنسية وغير ذلك من المعلومات التي كان من المفيد معرفتها فقد عرضها كتاب أجلاء في معرض منافحتهم عن سيدنا المطران الجليل ، فأنا شخصياً لم اكن أعرف كل تلك المعلومات عنه ، فقد التقيت بسيادته عندما كان يحمل درجة القس ويخدم في كنيسة الدير الكهنوتي في حي الميكانيك ، وكنت برفقة المخرج هيثم أبونا حيث طلبنا منه عرض مسرحية الخمار التراثية في ساحة الدير  في الهواء الطلق ، وقد سمح لنا بعرضها ، وبنصب مسرح موقت في الساحة كما استفدنا من كل مقاعد الكنيسة لاستخدامها يوم العرض ، أي انه منحنا اكثر مما طلبنا منه ، هذا هو كل اعرفه عن هذا الأنسان الكريم .
حينما قرأت تصريحه على موقع عنكاوا ارتأيت ان اكتب مقالاً حول التصريح حيث يتمحور حول الحكم الذاتي الذي ورد في سياق التصريح ، وكتبت رأيي بكلمات مقرونة بالأدب والأحترام ، وقرأت الآراء الأخرى التي كانت في إطار النقد المؤدب الحضاري وكل المقالات الناقدة لم تكن تخرج من هذا الأطار ، ولو لم تكن كذلك لما أزمع موقع عنكاوا على نشرها في الصفحة الرئيسية .
 لكن يبدو ان المعتاد ان تكون بعض الردود غير متسمة بالبراغماتية والواقعية ، فنحن ناقشنا سيادة المطران حول الحكم الذاتي وردود الفعل حاولت حصر كتّاب تلك المقالات في دائرة الأساءة او النيل ( لا سامح الله ) من منزلة سيدنا الجليل لويس ساكو . في الحقيقة كان النقاش تقريباً مركزاً على موضوع الحكم الذاتي ولم يكن له اية صفة شخصية لا من قريب ولا من بعيد .
إنه فضاء حرية التعبير المفروض ان تكون متاحة للجميع بمنأى عن الأفتراضات المتخيلة حول اشكالية النقد بترادفه مع الهدم والتمزيق والأساءة والى آخره ، علماً أننا مكثنا في إطار الحوار الحضاري في منأى عن المهاترات والكلمات والتعابير الرخيصة لقد كانت مناقشات هادئة رصينة وهذا هو المطلوب لاي نقاش او حوار سياسي  .
 الزميل سمير شبلا يعاتبنا في معرض كلمته في البداية  لماذا الهجوم على زوعا وحسبها انها مودة 2009 ، ويقول أيضاً كان يجب ان نتصل بالأسقف ساكو قبل الكتابة ، وبنظري هذا طريق غير موضوعي وغير سليم ، أنا كاتب سياسي ، وانا في سن التقاعد واقوم بدراسة العلوم السياسية ، فأمامي نص سياسي منشور ليس مهماً مصدره ، هل هو صادر من حزب سياسي أو كاتب سياسي ؟ فمن حقي ان اعلق على النص إن كان من زوعا او حزب آخر ، او صادراً من  شخصية رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او من قداسا البابا او شخصية أخرى ، فالمسالة  تندرج في حرية التعبير ليس إلا . فأنا لم أناقش سيدنا المطران حول مفهوم فلسفي لاهوتي او امور دينية رغم جواز مناقشته في تلك الأمور ايضاً .
 ناقشته عن موضوع الحكم الذاتي ولست أدعي صواب فكرتي ، لإن ما اعتقده حسب رأيي الشخصي :  بأن الدستور العراقي اليوم يقر مبدأ الأدارة الذاتية ، فإن كان الممكن رفع سقف مطالبنا الى الحكم الذاتي ، وأن يدرج ذلك مبدأياً في دستوري الحكومة المركزية في بغداد ودستور حكومة أقليم كوردستان ، فأين الخلل في ان يكون لهذا الشعب المضحي سقفاً من المطالب وهو على ارضه منذ آلاف السنين ؟
 في حين يتمتع المهاجرون في أوروبا بكافة حقوقهم كمواطنين من الدرجة الأولى ، وتراعى لغتهم وتراثهم وعاداتهم ودينهم ولم يمض على قدومهم الى هذه الأصقاع سوى بضعة سنين ؟
إن ردود الفعل الأنفعالية والمتشنجة قد اوقفتني عن التعليق والتعبير عن استيائي عن الخبر الذي تصدّر صفحة موقع عنكاوا عن الرسالة التي وجهها قداسة مار دنخا الرابع ، بطريرك كنيسة المشرق الآشورية بمناسبة اعياد رأس السنة أكيتو ، والتي ورد فيها :
(( ولكي تدب الحياة في شعبنا الآشوري، فإنه بحاجة إلى مساعدة وغيرة أبنائه وبناته .. ولكل واحد منا وبحسب مسؤوليته كنسياً أو قومياً، لنعمل معاً على ربط تلك الحلقات المنفرطة، والمتباعدة عن بعضها البعض في امتنا الآشورية، في نسيج إيماني واحد تربطهم ببعضهم البعض لتصبح سلسلة متينة، تحت اسم قومي واحد يحوي أبناء الكنيسة الكلدانية والكنيسة السريانية والكنيسة الآشورية. حقاً إننا جميعاً امة واحدة )) .
إن قداسته يحق له ان يصرح حول التسمية ، ونحن لا نريد ان ندخل في هذه المجادلات ، لان لنا مهام اهم من التسمية . كما أريد ان أضيف البديهية المعروفة وهي ان شريعة هذا الدين ليست ملزمة لكل الأقوام فالشريعة الأسلامية هي للمسلمين فقط ، والدين اليهودي يؤمن به اليهود فحسب ، وكذلك المذاهب واديان الأخرى فالذي يؤمن به قداسة البطريرك دنخا حول القومية ليس دستوراً لنا ، وهي مسألة قومية سياسية بحتة فمن حقنا ان نقول له اننا لا نؤمن بأن الآشورية هي قومية لنا ، وإنه كما قال أسم قومي يحوي أبناء الكنيسة الكلدانية والكنيسة السريانية والكنيسة الآشورية ، أجل إننا شعب مسيحي وأحد ولكن لنا قوميتنا الكلدانيـــة العراقية الأصيلة . وبارك الله بجهود كل رؤساءنا الروحانيين لتوحيد كلمتنا بمحبة المسيح ودون افتراضات استعلائية .
حبيب تومي / اوسلو بتاريخ 29 / 03 / 2009

370
تعقيب على تصريح  المطران لويس ساكو الموقر بشأن الحكم الذاتي
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


في الحقيقة أنا شخصياً اتجنب الكتابة في الأمور اللاهويتية والأمور الدينية البحتة ، لوجود الاباء الأجلاء والأكليوس ألذين أفنوا حياتهم في الدراسات اللاهوتية والعلوم الفلسفية والبحوث الأجتماعية والتاريخية . ولكن حينما تندرج كتابات الآباء والمطارنة الأجلاء في شؤون السياسة ، سيكون بمقدورنا مناقشة ما يطرحون من آراء وأفكار ، فمجال السياسة عالم قائم على الديالكتيك والحوار والدبلوماسية والمصالح والأخذ والرد والأقناع ... فهو عالم مفتوح للجميع ، إن سيدنا المطران ساكو ، قد تطرق الى رأي سياسي ويبدو واضحاً انه تبنى خطاب سياسي واضح ومطابق لخطاب جهة سياسية من احزاب شعبنا ، وهكذا كان من الضروري مناقشته المطران بلغة سياسية بعيدة عن منطق الدين والفلسفة اللاهوتية .
قرأت تصريح المطران الموقر لويس ساكو لاصوات العراق بشأن المطالبة بالحكم الذاتي للمسيحيين يقول :
ان “المطالبات بأقامة منطقة حكم ذاتي للمسيحيين في سهل نينوى (شمال الموصل) وهم وفخ  وتضييع للوقت ويجلب عدة مشاكل على المسيحيين.”
وأضاف ان “الاعلام المفرط في إقامة إقليم للمسيحيين كان السبب وراء ما جرى للمسيحيين في الموصل ومناطق أخرى… المنطقة لايعيش بها المسيحيين فقط بل هناك قوميات أخرى وسيكون المسيحيون لقمة سائغة لمن يحيط بهم… وسيكون لنا مشاكل يوميا ..
أقول :
 في ان المطالبة بالحقوق يجلب عدة مشاكل للمسيحيين ، هذه فرضية صحيحة لا غبار عليها ، لكن متى كان ( عدم )المطالبة بهذه الحقوق ، يجلب السلام والوئام للمسيحيين ؟ وهل طالب المسيحيون في بغداد والبصرة بالحكم الذاتي حينما قتلوا وشردوا وفجرت كنائسهم ؟
ثمة فرضية تقول : هنالك اسلام اصولي هو الذي يقوم بقتل وتشريد المسيحيين ، وهذا الاسلام نفسه هو الذي يقتل ويشرد المسلمين ايضاً ، والى الجانب الآخر ثمة اسلام معتدل وهو الذي يعيش مع الآخر بروح من التسامح والوئام ، فنحن مهما فعلنا سيكون ثمة خطأ نرتكبه ، بحسب فرضية تروجها الجهة التي تريد الأنتقام ، ولتكن هذه الفرضية المطالبة بالحكم الذاتي ، فهي حجة لمن لا حجة له .
هل ان المطالبة بالحقوق عن طريق الصحف والمقالات في المواقع يرد عليه بأسلوب الأغتيالات والقتل والتشريد ؟
 الا يحق للانسان في القرن الواحد والعشرين ان يقول إنني أطالب بالمطلب الفلاني ، هل ان هذا المطلب يشكل مسوغ للقتل والأنتقام ؟
 في قصة عالقة في ذهني من كتاب القراءة الأبتدائية ، تقول القصة :
 في يوم سلام في الغابة منع الأفتراس به ، وكان هنالك ذئباً يشرب من ينبوع ، وفي مجرى ماء الينبوع  كان خروفاً يشرب الماء ، ودنت نفس الذئب لافتراس الحمل الوديع رغم وجود شريعة يمنع فيها الأفتراس في ذلك اليوم ، وقال للخروف : لماذا وسخّت الماء علي وانا أشرب ؟ فقال الخروف للذئب : كيف لي ان الوث الماء وأنت تشرب من مصدر النبع وانا من أسفله ؟
 فكر الذئب ملياً وقال ، انت محق لم تلوث الماء ، لكن تذكرت الأن ، ان والدك هو الذي وسّخ الماء علي والدي ، والتف عليه وأفترسه . الحجة دائماً يمكن اختلاقها ، ومن يقبل الآخر يقبله كما هو ، ويقبله بمفاهيمه وبأخطائه ايضاً ، فليس ثمة من ليس له اخطاء .
لقد أورد المطران الجليل  لويس ساكو احصائية لوجود شعبنا تشير الى الأعداد القليلة والى الخلل الديمغرافي الذي حل بشعبنا إن كان في مدن البصرة وبغداد او في سهل نينوى ، وأنا اسأل سيدنا المطران : ماهو سبب هذا الخلل الديمغرافي في تعداد شعبنا المسيحي إن كان  من الكلدانيين او السريان او الآشوريين ؟
ما يفيد هذا المقال نحاول استخلاص بعض الأحصائيات من التاريخ بعد الفتح الأسلامي للعراق ، ونعتمد على  فيليب فارح ويوسف كرباج  في كتاب : المسيحيون واليهود في التاريخ الأسلامي العربي والتركي ، وترجمه بشير السباعي ، ص 25 والمؤلفان يعتمدان في عملية الأحصاء على مقدار واردات ضريبة  الجزية من الدراهم في زمن الخلافة الاسلامية ، فقد بلغت في عهد عمر بن الخطاب مبلغاً  مقداره يتراوح بين 100 مليون ـ 120 مليون درهم ، وهكذا كانت النفوس بحدود 7 ـ 9 مليون نسمة بواقع 14 درهم لدافع الضريبة الواحد ، وبمعدل أن لكل منهم عائلة متكونة من 5 أشخاص .
ويرى المؤلفان ان الأديان القديمة الأخرى مع اليهود لم يشكلوا سوى عشرة بالمئة ، كان المسيحيون يشكلون 90%  من السكان في العراق ولهذا الزعم دلالات تاريخية اركيولوجية في اعداد الكنائس والأديرة والمدارس المبثوثة في تضاعيف هذه الديار في تلك الأزمنة ، لقد كان العراق قبل الأسلام دولة مسيحية بحق .
 في زمن الأمويين وفي عهد عبد الملك بن مروان ( 685 ـ 705 م ) انخفظت الواردات من المسيحيين الى 40 مليون درهم فقط ، وهذا يفسر النقص في تعدادهم الى الثلث وتحولهم الى الدين الجديد تخلصاً  من الجزية الثقيلة ومن الأحكام  المنهكة التي كان يحكم بها اهل الذمة او اهل الكتاب . < ومن يريد ان يراجع تلك الأحكام فعليه بكتاب ابن قيم الجوزية : احكام أهل الذمة > .
 واليوم سيدنا المطران يشير الى الاحصائية التي تنذر بالخطر الديمغرافي حيث تعتبر بداية النهاية في تفريغ الوطن العراقي من سكانه الأصليين ، فهل الخلل الديمغرافي الحالصل في تلك القرون كان بسبب تمادي المسيحيون بمطالبهم إن كان الحكم الذاتي او غيره ؟
يقترح سيدنا المطران ساكو ان“يكون هناك نوع من الإدارة الذاتية للمسيحيين في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية “
إن هذا  الطرح  يتناغم مع موقف الحركة الديمقراطية الأشورية التي تنأى بنفسها عن مسألة الحكم الذاتي ، وتطرح بديلاً عنه الادارة الذاتية التي لا تحتاج الى مطلب باعتبارها مدونة في المادة 125 من الدستور ، أي بالعربي الفصيح ان الحركة لا تطالب بشئ البتة .
فالواقع الفعلي اليوم هنالك نوع من الإدارة الذاتية وهذه الحالة منصوص عليها في الدستور العراقي كما قلت في المادة 125 التي تدعو الى منح الحقوق للقوميتين  الكلدانيـــة  والآشورية مع إدارة ذاتية في مناطقهم ، وسنلاحظ  في تلكيف هنالك قائمّقام  مسيحي وفي القوش كذلك مدير ناحية مسيحي وشرطة مسيحيين فهل توصلنا الى ما نصبو اليه بموجب الأدارة الذاتية المذكورة في الدستور ؟
بشأن حقوق الأقليات كان ثمة ملحق اعتُمد في الجمعية العامة للامم المتحدة عن حقوق الأشخاص المنتمين الى اقليات قومية او اثنية والى اقليات دينية ولغوية ، وجاء في المادة الأولى :
1 ـ على الدول ان تقوم ، كل في اقليمها ، بحماية وجود الأقليات وهويتها القومية او الأثنية ، وهويتها الثقافية والدينية واللغوية ، وبتهيئة الظروف الكفيلة بتعزيز هذه الهوية .
2 ـ تعتمد الدول التدابير التشريعية والتدابير الأخرى الملائمة لتحقيق تلك الغايات .
إن الأقليات من المجتمعات البشرية تمثل التنوع البشري الحيوي ، فكوكبنا هو مزيج من الأقليات القومية والدينية والأثنية والمذهبية واللغوية والأقليمية والقبلية .. وإن الحركات الأقلوية تنتشر وتنشط وإن الخريطة الأثنوغرافية في العالم في تبدل مستمر .
إن الوطن العربي ليس في منأى من هذه الرياح ، وهو يعترف بالواقع الموضوعي . إنه يرى ان ينفتح على الثقافات والأقوام التي تعيش ضمن الحدود العربية من المحيط الى الخليج :
 الأكراد ، التركمان ، الأرمن ، السريان ، اليهود ، الكلدانيون ، ، الشبك ، الكاكائيون ، الآشوريون ، البربر او الأمازيغ ، المندائون او الصابئة ، اليزيدية ، الشركس ، النوبيون ، القبائل الزنجية .. هذا التنوع في العالم العربي ينبغي ان يُخرج هذا الوطن من قوقعة التعصب القومي وأن يتحرر من شرنقة التعصب الديني . إن البشرية تتجه صوب حقوق الأنسان والتي يأتي في مقدمتها حقوق الأقليات .
يتساءل الدكتور سيار الجميل وهو الأبن البار لمدينة الموصل الحدباء في مقاله الأخير الموسوم : محاكمة الثقافة العربية : لماذا ؟
(( ثمة أسئلة أخرى علينا أن نسألها ليس من اجل محاكمة الثقافة العربية نفسها ، وكأنها ثقافة مقصّرة بحق الآخرين ، بل من اجل تطوير الرؤية الإنسانية لها ، أو إعادة الروح الإنسانية لها بعد معاناتها الطويلة من حبسها واضطهادها .. كيف غدت سلاحا بأيدي المتعصبين والمتطرفين ضد الآخرين من أبناء أوطاننا ؟
 كيف استخدمت بعض أدواتها للقهر والإمعان في تحجيم الآخرين ؟
لماذا استخدمت أبشع خطاباتها في التبشير بالفاشية القومية ؟
 لماذا لم تستخدم صفحاتها الناصعة في أن تكون ثقافة إنسانية ، بدل أن تغدو ثقافة متوحشة على أيدي من لا يعرفون منها إلا مثالب التراث ، وبشاعة بعض ما جرى فيه قديما أو حديثا ؟ )) .
باعتقادي ان اهل الموصل قد احسنوا الاختيار حينما انخرطوا في اللعبة السياسية ومارسوا الأنتخابات لمجالس المحافظات وحققوا نتائج طيبة ، إنه الوجه الأجمل والأنصع للموصل بدل ان تكون مدينة القتل والأغتيالات والأشباح ، إنها موصل الحدباء ام الربيعين ، انها موصل التجارة والثقافة والأدب والفن والرياضة ، أنها متحف العراق الفولكلوري وموطن التنوع العراقي بازيائه الملونة الجميلة ، بمأكولاته اللذيذة ، بأسواقه العامرة بصناعاته اليدوية المتنوعة .. هذا هو الوجه الجميل لمدينة الموصل .
الموصل التي عهدناها ونحن اطفال لا يمكن ان تكون ضد تطلعات المكونات العراقية الأخرى ، هذه هي الثقافة التي نخاطب بها أهل الموصل والعشائر العربية والعشائر الكردية والأخوة اليزيدية والشبك والتركمان . هذا هو الخطاب الذي نخاطب به الجميع من أجل تحقيق مطلب الحكم الذاتي لشعبنا .
إن طرح سيدنا المطران ساكو عن الحكم الذاتي لايمكن ان يتسم بالواقعية ، فالحكم الذاتي في سهل نينوى لا يعني تجميع كل المسيحيين ووضعهم فيها ووضع سياج يحيط بهم ، إنها فرضية لا يمكن ان يكون لها وجود ، ولا تنسجم مع معنى الحكم الذاني المقترح .
 لقد كان للاكراد منطقة الحكم الذاتي منذ اوائل التسعينات من القرن الماضي وكان المواطن الكردي يتاجر في البصرة ويفتح له مطعماً في العمارة ، ويشارك في عمل تجاري مع اصدقائه في بعقوبة او مدينة الحلة ... إنها قيود افتراضية يطرحها المطران الجليل ليس لها مسوغ قانوني او سياسي على أرض الواقع .
إن إقرار الحكم الذاتي يحتاج الى متخصصين لتدوين تفاصيله ، ولكن الخطوة الأولى والذي نطالب به هو إقراره في مادة دستورية ، فبدلاً من احتواء الدستور على مادة تقول الأدارة المحلية وهي ليست مفصلة لحد الأن ، نحن نطالب كشعب عريق ان يكون لنا نوع من الحكم الذاتي ، فهل مثل هذا (( المطلب )) ، وأي مطلب آخر ، يسوغ عملية الأنتقام ؟
من الناحية السياسية ينبغي ان يكون إقرار الحكم الذاتي كإفراز طبيعي لمسالة الديمقراطية في العراق ، وليس كممارسة موجهة ضد أي فريق ، فلماذا يكون هنالك أعداء ، إن كانت الممارسة غير عدائية او انتقامية او عمل تحدي ؟
أزعم ان ما طرحه المطران الجليل لويس ساكو ينطبق تماماً الرؤية السياسية للحركة الديمقراطية الآشورية ، فالحركة سبق ان طرحت موضوع الحكم الذاتي ووضعته بنفس الأطار الذي اورده سيادة المطران ساكو ، وبنظري كان يتعين على الحركة الديمقراطية الآشورية ان تكون في مقدمة من يطالب بالحكم الذاتي وهي الحركة القومية حسب اسمها الآشوري ، فلماذا تتنصل عن هذا المطلب اليوم ؟ إنه أمر غير مفهوم .
أن المطران الجليل يطالب بإجراء تعديلات دستورية ويقول :
 “لضمان حقوق المواطنة دون ضرورة أن يكون هناك حديث عن دولة علمانية أو دينية وقال”الدستور يجب أن يحتضن الكل, والغالبية يجب أن تحتضن الأقلية وتدافع عنها وتشركها في السلطة… ويجب تحقيق المساواة للجميع دون الانتماء الديني والعرقي .
برأيي ان حقوق المواطنة تكون مضمونة في الدولة العلمانية الديمقراطية فحسب ، لا سيما ما يخص شأن الأقليات الدينية ، وهذا ما نعهده في الدول الأوروبية العلمانية والتي سبق ان مزقتها الحروب الدينية والمذهبية واليوم استقرت هذه الدول على الحكم العلماني الذي يحترم جميع الأديان والقوميات والأثنيات دون تمييز ، حتى ان كثير من المسلمين يهجرون بلدانهم الأسلامية ويلجأون الى البلدان الأوروبية العلمانية لينعموا بحرية المواطنة الحقيقية والتي افتقدوها في بلادهم الأسلامية  .
لا أدري لماذا نستكثر على شعبنا بعض الحقوق التي اصبحت من بديهيات حقوق المواطنة ، ولماذا نفترض بوجود مخاوف للأكثرية العربية او الكردية من منح بعض الحقوق للقوميات الصغيرة ، وهي برمتها لا تعدو ان تكون حقوق مواطنة حقيقية لشرائح مجتمعية ساهمت على مر الدهور على بناء هذا الوطن ، ولم تتمرد او تتآمر عليه يوماً .
هل اقول لنستفيد ولو قليلاً من تجربة سويسرا وهي اكثر بلدان العالم استقرارأً ؟ هذه الدولة تتكون من 22 مقاطعة او كما تسمى عندهم كانتوناً ، وكل مقاطعة لها حكومة محلية ودستور محلي وبرلمان للمقاطعة وميزانية وقوانين خاصة ، كل هذا متاح ما لم يتعارض مع قوانين الدولة الأتحادية .
في سويسرا ثلاث قوميات ، الالمانية والفرنسية والأيطالية ، ويحكم البلاد حسب نظام الجمعية أي عن طريق البرلمان المنتخب ويعمل بهذا النظام منذ سنة 1848 وهي الى اليوم من أنجح الحكومات وأكثرها استقراراً ، ومرد ذلك ان الشعب السويسري يتسم بقبوله للفكر الديمقراطي والتسامح  ، وهو البلد الوحيد في العالم الذي يرفع في احتفالاته  22 راية تمثل كل المقاطعات في الأتحاد السويسري الذي ينفرد في هذه التجربة الديمقراطية الفريدة في عالمنا المعاصر .
ونحن لا نطمح ان نكون مثل سويسرا ، لكن على الا نخاف لمجرد المطالبة بحقوق مكونات عراقية صغيرة بعد ان طالها كل هذه المظالم على مر العصور ؟  ولماذا ينبغي ان تكون حالة المطالبة سبباً ومسوغاً لسفك الدماء والتشريد  والتدمير ؟
إن العراق الديمقراطي وطن الجميع دون استثناء ، وينضوي تحت مظلته كل الآطياف العراقية ، وينبغي النظر الى تطلعات هذه الأطياف بروح المواطنة العراقية والأخلاص للوطن ليس إلا .
 حبيب تومي / اوسلو في 25 / 03 / 2009



371
            المنبر الديمقراطي الكلداني تلك الشمعة المضيئة 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


الشمعة المضيئة تحترق وتذوب لكنها تنير الدرب للاخرين ، وكانت مقولة الشاعر التركي ناظم حكمت : إذا انت لم تحترق وأنا لم أحترق فمن يضئ لنا الطريق ؟ هكذا دأب المنبر الديمقراطي منذ يوم تأسيسه على العمل  الدؤوب ومستثمراً كل مناسبة للدفاع عن شعبنا الكلـــداني وعن حقوقه المهدورة في موطنه العراق ، إنه هو يعمل بتفان وهدوء ، حقاً إنهم  جنود مجهولين ، يضحون ويعملون باصوات خافتة دون ضجيج او تبجح بما قدموه ، دون ان يطلبوا أجوراً او منصباً او كتاب شكر من احد .
في الولايات المتحدة كان هنالك منذ اواسط القرن الماضي شريحة كبيرة من ابناء شعبنا الكلداني حاملين في ضميرهم ووجدانهم هموم الوطن وتاريخ الأجداد ، لقد حافظوا بقلوبهم هموم وتراث ولغة وتقاليد شعبهم ، فأسسوا على تفعيل تلك التقاليد وذلك التراث ، فشكلوا جمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تحمل اسمهم القومي الكلـداني ، ودأبوا عبر العقود الأحتفاظ على أسمهم الكلداني ( Chaldian Nation) العريق ليبقى رمزاً هوياتياً يشير الى لغتهم وقوميتهم ، وحين انقلاب الأوضاع بعد نيسان 2003  ، عكفت نخبة من المثقفين الغيورين على قوميتنا الكلدانية على تأسيس تنظيم سياسي باسم المنبر الديمقراطي الكلداني وكان ذلك في 30 / 08 / 2003 ، وسافر بعض من هؤلاء النشطاء ومنهم الدكتور نوري منصور والسيدين فوزي دلي وشوقي قونجا وغيرهم من ضمن وفد إنساني الى الوطن لتفقد ابناء شعبنا بعد اشتداد الحملة المناهضة ضد المسيحيين بفرض الحجاب على النساء ومحاربتهم في أرزاقهم في بيع المشروب رغم حصولهم على إجازات وتراخيص من الدولة بمزاولة تلك التجارة .
في 03 / 12 / 2004 عقد المنبر الديمقراطي الكلداني مؤتمره الأول حضره سيادة المطران ابراهيم ابراهيم ومجموعة من الآباء مع ما يزيد على 500 شخصية من ابناء الجالية الكلدانية ، كما حضره وفد قادم من العراق  .
في نشاطاته في العراق كان الزميل سعيد شامايا وهو المسؤول عن تنظيم المنبر الديمقراطي في الوطن ، كان حريصاً على الأتصال بالقوى السياسية لشعبنا والتنسيق معهم في مختلف المجالات التي تهم شعبنا ، الجدير بالذكر ان الأستاذ سعيد شامايا معروف بمساعيه لتقريب وجهات النظر لقوى شعبنا ، وهو مع توحيد خطاب شعبنا المسيحي في الحقول السياسية والأجتماعية والثقافية .
لكن ينبغي الأقرار أن المنبر الديمقراطي الكلداني كتنظيم ، لم يفلح في كسب قاعدة شعبية مرجوة على أرض الكلدان ، إن كان في بغداد او نينوى او البصرة،وهذه حقيقة ينبغي الأعتراف بها رغم مرارتها .
لكن من موقعه في الولايات المتحدة كان المنبر الديقراطي الكلداني حريصاً على الأتصال والأجتماع مع الشخصيات العراقية الرفيعة التي تزور الولايات المتحدة وفي مقدمتهم كانت الأجتماعات مع السادة :  ابراهيم الجعفري رئيس مجلس الحكم في خريف 2003  وغازي الياور رئيس الجمهورية ، واجتماعهم مرتين مع مام جلال الطالباني ورئيس اقليم كردستان الأستاذ مسعود البارزاني والسيد عبد العزيز الحكيم وغيرهم ، بالأضافة الى الأجتماعات مع الشخصيات الأجتماعية والثقافية والدينية الزائرة لتلك البلاد منهم السادة : عمار الحكيم ، وأياد جمال الدين ، ويونادم كنا وجورج منصور وشيخ اليزيديين تحسين بك والسيدة باسكال وردة ، والسيدة وجدان ميخائيل ، والسيد ابلحد أفرام والسيد كنا في روما . هذا إضافة الى الأجتماع مع كبار المسؤولين في امريكا لعرض قضايا شعبنا .
إن المنبر الديمقراطي الكلداني يبذل جهوداً كبيرة من أجل توحيد قوى شعبنا في البيت الكلـــداني ، فتوحيد القوى السياسية الكلدانيــة سيمهد الطريق نحو توحيد القوى السياسية لمكونات شعبنا من الكلدانيين والسريان والآشوريين . لقد تنوعت نشاطات زملائنا في المنبر الديمقراطي الكلداني في أمريكا وأستراليا من المساهمة في المؤتمرات والندوات والمحاضرات وحملات جمع التبرعات لشعبنا في الوطن او في مناطق ترحالهم في الدول المجاورة ، لقد جمع المنبر الديمقراطي الكلداني في امريكا مبلغاً من المال وتم توزيعه على ابناء شعبنا قبل اعياد الميلاد ، وتم ذلك بعيداً عن مظاهر التبجح والتفاخر والضجيج الأعلامي الذي يرافق مثل هذه العمليات .
وإذا انتقلنا الى استراليا سنلاحظ قوى كلدانية عاملة على الساحة السياسية لهذه الدولة فهنالك حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني والمجلس القومي الكلداني ، والمنبر الديمقراطي الكلداني ، وهؤلاء يقومون بعمل مبارك ومفيد في إعلاء اسم قوميتنا الكلدانية ، وفي مقال للزميل سعد عليبك يفيد ان المنبر الديمقراطي الكلداني في استراليا قدم للاستاذ نوري المالكي لدى لقائه به مذكرة تفيد ، من بين أمور أخرى ، إشارة الى حقوق شعبنا الكلداني في الوطن العراقي . 
إن الأخوة في المنبر الديمقراطي الكلداني إن كانوا في الوطن او في استراليا او في اميركا أو أية منطقة أخرى ، تبقى حروف الوطن وخارطته محفورة في اعماق وجدانهم،  تسكب كؤوس المحبة والوفاء لوطنهم مهما بعدت المسافات وامتدت صحارى الغربة في متاهات الشتات على كوكبنا الأخضر .
حبيب تومي / اوسلو في 24/3 / 2009

372
البارزاني : نشارك العراق ..والأستقلال طموحنا النهائي
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahno




الجغرافية السياسية المحيطة بأقليم كردستان كانت على وجه العموم جغرافية معادية ، وفي محطات سياسية كثيرة كان الأتفاق يجري بين الدول المحيطة على قطع أنفاس هذه الرقعة من الأرض ووضع الخطوط الحمراء امام اي تطلع بتشكيل كيان سياسي حقيقي يشكل نبراساً للاكراد في الدول المجاورة ،  في الأنتفاضة ومن ثم خلق المشاكل ، فكانت الأستراتيجية الجامعة هي القامعة للتطلعات الكردية وتشكل المحور الذي يجمع الدول التي تتقاسم الشعب الكردي .
يتقاسم الشعب الكردي المصير مع الشعب العراقي عموماً ، وعلاقات اقليم كردستان مع الحكومة الفيدرالية كما يعرّفها الأكراد ، او الحكومة المركزية كما تعرّفها الأوساط العراقية الحكومية، هي نقطة ساخنة على وجه العموم . ولا نريد في هذا المقال العودة الى الوراء ، بقدر ما نسعى للكلام عن الواقع الحالي المحدد فيما بعد نيسان 2003 م والى التكهنات المتوقعة للمستقبل المنظور .
 وجهة نظر اقليم كردستان التي يعبر عنها رئيس الأقليم الأستاذ مسعود البارزاني تعتمد على تحديد هوية العراق بأنه عراق فيدرالي ، ومن هذه الصيغة يريد الأكراد الولوج في شراكة متكافئة  بين شريكين هما اقليم كردستان وبين العراق الفيدرالي .
أما رأي الحكومة الذي يجسده الأستاذ نوري المالكي ، فيصور العلاقة بين الأقليم وبين الحكومة في إطار مفهوم اللامركزية الشبيه بما كان مطروحاً في اتفاقية 29 حزيران 1964 لتقسيم العراق الى مناطق لامركزية بضمنها المحافظات الكردية .
في هذا السياق كان تصريح الأستاذ مسعود البارزاني لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية بقوله :
 هناك من يريد جعل كوردستان محافظة تابعة لبغداد .
الأستاذ المالكي لا يريد ان يرى في العراق كوندونيوم سياسي ، فتكون هنالك ثنائية سياسية سيادية قطبية ، لكن الجانب الكوردي يريد ان يحقق الحكم الفيدرالي ويأخذ أفقه السياسي الطبيعي ، خلاف الحكم اللامركزي الذي كان مطروحاً أيام الحكومات في مطاوي الستينيات من القرن الماضي .
مخاوف الطرفين لها ما يبررها ، التقليد السياسي الجاري في العالم الثالث وفي العراق كان وجود حكم مركزي قوي يمسك بزمام الأمور ، ويبت بكل صغيرة وكبيرة في كل زاوية من زوايا العراق ، وليس مهماً كم يكلف ذلك من ثروات ومن ضحايا من البشر .
إن الرؤية السياسية للأستاذ المالكي ان هيبة الدولة تتمحور في وجود حكومة مركزية قوية تمسك في يدها زمام الامور ويخضع لها الجميع دون اعتراض ، لكن مخاوف الأكراد منطلقة من تجارب مأساوية مريرة مع حكومات مركزية قوية لكنها تغدو اوتوقراطية في نهاية المطاف .
 المعضلة هنا تكمن في الممارسة الخاطئة لعملية الديمقراطية ، فلو كانت هنالك ممارسة حقيقية لمفهوم الديمقراطية فلا خشية من وجود حكومة مركزية ، لكن المعضلة ، كيف نفهم الديمقراطية ؟ كيـف نأخذ من هذا المفهوم ( الديمقراطية ) بوصلة لنا تهدينا الى الأهداف المرجوّة دون عنف او استبداد ؟
 الديمقراطية تعني إزالة الأضطهاد بكل أشكاله القومية والدينية والسياسة والأجتماعية . الديمقراطية تصون حقوق الأنسان وتعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، فيكون اتحاد اختياري بين هذه الشعوب والعيش بسلام ووئام ومساواة وعدالة ، بمنأى عن اي تهديدات او ضغوط ، لكن هذه الأراء تبدو غريبة في العالم الثالث ، إننا نفهم من الديمقراطية التصويت في صناديق الأقتراع لا اكثر .
 لقد كانت الحكومات السابقة سخية في تجاوبها وتغدق الكثير من المطالب للاكراد لكن غياب الديمقراطية وهيمنة الحكم الأوتوقراطي كانا السبب في إجهاض تلك الأتفاقات مهما كانت مغرية بتفاصيلها وبمفرداتها ولغتها البلاغيـة  . 
الأستاذ مسعود البارزاني قال لخبراء في السياسية الخارجية البريطانية حسب ميدل أيست اونلاين :
إن الأكراد سيكونون في وضع افضل في شراكة مع العراق ككل ، حتى إذا بقي الأستقلال دائماً طموحهم النهائي . وأضاف البارزاني : الأكراد أقوى مع العراق ، والعراق أقوى مع الأكراد .. واختتم قوله : نعتقد اننا جميعاً لنا الحق كأمة في ان يكون لنا حق تقرير المصير . وقال لجريدة الشرق الأوسط اللندنية حول تأسيس دولة كردية:
 «هذا طموح مشروع، لكننا نتعامل مع الأمور حسب الواقع المعاش».
الخلافات بين الحكومة المركزية وأقليم كردستان متشعبة وعلى محاور عدة ، ويقف على رأسها المشكلة الأزلية لمدينة كركوك والتي كانت ولا تزال  تشكل حجر عثرة امام كل الأتفاقيات المبرمة مع الحكومات العراقية المتعاقبة وكانت شرارتها هي التي تسبب نشوب الحرائق في كل مرة ، وبعد نيسان 2003 كان المقرر إنهاء تلك المعضلة بإجراء استفاء سنة 2007 حسب المادة 140 من الدستور ،  لكن الى اليوم لم يشهد النور تطبيق تلك المادة . ويشكل هذا التأجيل واحداً من بين توترات أخرى بين الحكومة المركزية وحكومة أقليم كردستان ، فهنالك قانون البترول وتقسيم الثروات وتعديل الدستور ، ومشكلة المناطق المختلطة المتنازع عليها والسياسة الخارجية .   
إذا تتبعنا مسلسل طبيعة العلاقات بين الحكومات العراقية والأكراد سنلاحظ اغلب المحطات متشحة بالتوترات والصراعات العسكرية والمؤامرات والحصار الأقتصادي ، باستثناء محطات نادرة في فصول الشتاء حيث تزدهر اجواء المفاوضات وتركد المدافع ويخفت أزيز الطائرات ، واليوم فإن التوترات تأخذ شكلاً آخراً ، فالكتلة البرلمانية الكردستانية في البرلمان العراقي لا تخرج عن مفهوم اللعبة البرلمانية السياسية التقليدية المعروفة في البرلمانات ، وهذا النوع من التنافس في اللعبة الديمقراطية ينبغي ان يكون لها الصوت العالي ، وأن يشكل ضمانة وبديل عن تثوير الشارع او استخدام القوات المسلحة في حلحلة الأمور على الطريقة العسكرية السيئة الصيت .
اليوم تختلف الأمور كلياً عن أي وقت آخر ، لقد كانت كردستان تنتظر صحفياً اجنبياً واحداً لكي يأتي الى جبال كردستان ويكتب عن مآسيها ، وكان الوصول الى تلك المناطق من المغامرات التي لا تحمد عقباها بسبب حصار الحكومات المجاورة ، اليوم يقوم الأستاذ مسعود البارزاني بجولة اوروبية بدعوى من حكومات بريطانيا والمانيا وايطاليا ، اليوم هنالك قنصليات اوروبية في أقليم كردستان ، وللاقليم علاقات تجارية واسعة مع دول عربية ، وينتظر الأقليم فتح قنصليات لهذه الدول في أقليم كردستان .
إن أقليم كردستان قطع أشواطاً كبيرة وبسرعة البرق في أقل من عقدين من الزمن ، ولكن رغم كل ما حققه الأقليم ، لا زال امامه الكثير ، إن طموحات الشعب الكردي ليست بمنأى عن طموحات أي شعب آخر على وجه الارض ، كل شعب يطمح ان يكون له كيان وشخصية وذاتية  وهوية وحق تقرير المصير .
إنني بمناسبة هذا المقال أقول للقيادة الكردية :
 إن شعبنا الكلـــداني يأمل ان يكون له شخصية وهوية في وطنه العراقي ، وأن يتمتع بحكم ذاتي مع باقي المسيحيين من آشوريين وسريان ، وفي الحقيقة لقد فوجئنا واستغربنا نحن الكلدانيين العراقيين ما أقدمت عليه لجنة صياغة الدستور من إلغاء قوميتنا الكلدانيـــــة من مسودة الدستور الكردستاني . وأقول بهذا الصدد :
 ان الشعب الكوردي لا يقبل مظلومية وبالمقابل يتعين على حكومة  اقليم كردستان والبرلمان الكردستاني ان لا يهمشوا حقوق الشعب الكلـــداني وينبغي إرجاع قوميته الكلدانية الى مسودة الدستور في اقليم كردستان ، وهذه ستكون خطوة مباركة في الأتجاه الصحيح ، إذ لا أحد يملك حق الوصاية على شعبنا الكلداني .
إن أقليم كردستان كانت له صفحة بيضاء ناصعة في التعامل مع الأقليات وهذا نابع من الفكر العلماني الديمقراطي الذي تؤمن به القيادة الكردية ، وهذا ما اكسب الأقليم السمعة الطيبة في المنطقة والجوار العربي ، وبين الأوساط الدولية عامة .
إن اقليم كردستان ، رغم ما حققه من تقدم على مختلف الصعد فلا زال أمامه الكثير لينجزه لكي تبقى مسيرة الأقليم في حركة دائمة ، ولكي يثبت الشعب الكردي بأنه أهل لمواكبة التقدم الحضاري إذا توفرت له أجواء السلام والحرية والعمل .
في مقالة قادمة سأتناول الوضع الجيوسياسي لاقليم كردستان .
حبيب تومي : طالب دراسات عليا في العلوم السياسية
اوسلو في 20 / 03 / 2009


373
الأحزاب القومية المسيحية تحت المجهر ج2
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



 المهم ان الحركة الديمقراطية أفلحت في استمالة نخبة مثقفة من الألاقشة الى خطابها ولا اعتراض على ذلك فكل إنسان له مطلق الحرية في اختيار انتمائه السياسي والقومي والديني ، ومن ارضية هذه الحرية نطالب ان يكون لنا نحن ايضاً الحرية في اختيار قوميتنا الكلدانية دون وصاية او تخوين او اتهام بالعمالة وما الى ذلك من أساليب التخويف والأرهاب اللفظي والفكري .
كان هذا المنحى للحركة الديمقراطية الآشورية  يختلف عن الخطاب القومي الآشوري التقليدي عموماً ، وتغلب على خطابها التوجهات السياسية على التوجهات القومية ، واستطاعت الحركة بحدسها ان تعبر المعوقات التي عانت منها الاحزاب الآشورية الأخرى ، وأصبحت الحركة رقماً أساسياً في المعادلة السياسية لشعبنا بعد ان تبوأ سكرتيرها العام السيد يونادم كنا المقعد الوحيد المخصص للمسيحيين في مجلس الحكم الذي كان مخصصاً للكدانيين وفق التقليد المتبع في العراق ، وبعد هذا التاريخ انفتحت الأبواب امام الحركة لتستقطب حصة الأسد من اصوات شعبنا في الأنتخابات النيابية التي اسفرت عن فوز مرشحها في عضوية البرلمان العراقي . أما الأحزاب الآشورية الأخرى لم تتمكن من إحراز مكانة قريبة من تلك الأصوات التي احرزتها الحركة في مسيرتها السياسية .
الأحزاب الكلدانية
ورد في مقال للاب قرياقوس مخنوق تحت عنوان " حال الخلف بازاء من سلف " وهي نبذة في اصل الكلــــدان النصارى ، واتساع ملتهم ولغتهم ، وذلك في مجلة المشرق العدد 3 وبتاريخ الأول من شباط سنة 1899 م ، يقول :
وأما سبب تسميتهم بالكلــــدان وكان ذلك بختم اوجيانوس الرابع فكان من أجل اصلهم وأرضهم ، وهي العراق ، المعروف ((( بديار الكلـــــدان )))  لدى القدماء وهناك كانت كنيستهم العظمى لقدميتها وأهميتها عند آثار بابــــل ...
لقد قرأنا عن دعوة المرحوم توما توماس في مطاوي التسعينات لتشكيل اتحاد ديمقراطي كلــداني ليكون ممثلاً  سياسياً  قومياً للكلدانيين . لكن هذا القوم لم يحاول الأستفادة من الظروف المواتية التي اتيحت للجميع في منطقة كردستان بعد عام 1991 ، فقد انخرط الكلــدان في الأحزاب الأخرى دون ان يبادروا الى تأسيس حزب قومي كلــداني ، وهكذا حينما تشكلت في اقليم كردستان حكومة كردية وبعد ذلك انبثق البرلمان الكردي ، ولم يكن للكلدانييــن تمثيل فيهما بسبب غياب تنظيم كلــداني مطالب لحقوقهم وتمثيلهم  .
إن الكنيسة كانت قد نقلت التراث الكلـــداني عبر القرون لكنها لم تكن في موقف يحث الشعب على استخدام الأسم الكلـــداني في فضاء التعامل السياسي فبقيت الكنيسة الكاثوليكية الكلدانيــة تنأى بنفسها عن الجوانب السياسية للمسألة القومية لشعبنا الكلداني بعكس الكنيسة الآشورية التي لا تألوا جهداً للمساهمة الفعالة في تنمية الروح القومية لشعبها .
كانت البداية في انبثاق التنظيمات الكلدانيــــة في تأسيس المركز الكلداني للثقافة والفنون في دهوك سنة 1996 وعمل على نشر الوعي والثقافة والتعريف بتاريخ الكلدانييــن . وفي عام 1999 كانت هنالك جهود حثيثة لتأسيس حزب سياسي قومي للشعب الكلـــداني وفي 1 / 10 / 2001 تكللت تلك الجهود في انعقاد اجتماع موسع ضم 35 شخصية كلدانيــــة ، وتم الأتفاق على وضع النظام الداخلي لحزب سياسي كلـــداني . وقد كانت ولادة حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني المعروف .
كان العائق الوحيد هو الإمكانيات المادية ورغم ذلك فقد أفلحت الجهود المشتركة في فقد تأسيس  التنظيم السياسي امام رغبة وإرادة وتصميم المؤسسين من الكلدانييـــن .
في سنة 2003 زرت مقر حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني في بغداد وتعرفت على بعض الأصدقاء هناك ومنهم الأستاذ أبلحد أفرام ، ولمست لدى الرجل الأرادة القوية للعمل وعمق ثقافي وغيرة قومية كلدانيـــة . وسوف يلعب ابلحد افرام دوراً كبيراً بتحالفه مع القائمة الكردستانية ويحتل مقعداً في البرلمان العراقي ، وسيلعب دوراً مهماً في تثبيت اسم قوميتنا الكلدانية في الدستور العراقي .
هنالك المجلس القومي الكلــداني الذي كان له بدايات جيدة ، واستمر في العمل ، وتعثرت أحواله بعد مغادرة السكرتير الأول فؤاد بوداغ لارض الوطن ، واستلم السكرتارية الأستاذ ضياء بطرس مسؤولية التنظيم وتميز هذا الرجل بالحيوية والنشاط وأعاد الدماء الى التظيم وعمل على توسيعه في مدننا وقرانا الكلدانيـــة . الجدير بالذكر ان التنظيم لا زال يعاني  من بعض المشاكل كما هو ظاهر من بعض الكتابات على المواقع ، والخلافات بين هذه الأطراف ليست خلافات مبدأية إذ ان كل الأطراف يؤمنون بمبدأية أحقية شعبنا الكلداني في ان يكون له وجود قومي في وطنه العراق ، لكن هنالك اختلافات تنظيمية وفي آلية انتقال المسؤوليات ، هذا على الأقل ما ظهر حسب بعض الأتصالات التي أجريتها مع هذه الأطراف .
 نتمنى ان توضع نهاية لهذه الخلافات التي لا تخدم أحداً ، وأنا متفائل بنهاية تلك الخلافات في المستقبل .
اما المنبر الديمقراطي الكلداني فقد اسسه نخبة مثقفة من ابناء شعبنا في الولايات المتحدة ، وبعد ذلك انيطت مهمة تنظيمه في العراق الى الأستاذ سعيد شامايا ، ولم يفلح التنظيم بتوسيع قاعدته في العراق ، وإن المنبر الديمقراطي الكلداني والمجلس القومي الكلداني وحزب اتحاد الديمقراطي الكلداني ومعظم النوادي ومنظمات المجتمع المدني الكلدانيـــة تعاني من ضائقة مالية ، ولحد الآن لم تحظى هذه التنظيمات بأية مساعدات ملحوظة ، إن كانت من حكومة اقليم كردستان او من الحكومة المركزية .
في نهاية هذه السنة سينعقد مؤتمر كلــــداني عالمي ، ونأمل ان يكلل النجاح جهود هذا المؤتمر في توطيد وحدة الأحزاب الكلدانيــة وفي إعلاء اسم الهوية الكلدانيـــة العراقية الأصيلة ، وسيكون امام المؤتمر ســؤال هل نحقق رغبة المناضل توما توماس حينما حث الى تأسيس أتحاد ديمقراطي كلـــداني ؟
التنظيمات السريانية
 في صيف 2008 كنت في العراق وبرفقة الأستاذ جميل زيتو  ومسؤولين آخرين في المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، زرنا مقر مجلس اعيان بغديدة ، في هذه المدينة العراقية العريقة يتركز وجود السريان من أبناء شعبنا . نقرأ في مقدمة الاب الدكتور بهنام سوني عن النصوص التاريخية عن بغديدا ص 3:
إنه من الصعوبة بمكان ان يكتب المرء تاريخاً كاملاً وشاملاً لمثل هذه القرية التي يسميها أهلها " قرية المؤمنين " والقرية الشهيرة والقرية المباركة وقاسطرة الكنائس والقرية المحروسة بالله وبقديسيه ، والقرية المحمية بكنائسها السبع ( التسع) كما بأسوار منيعة ، والقرية ذات البيعة التي تفتخر بكثرة الكتب .
 نعم هذه القرية المدينة رأيت فيها تنظيما مثابراً نشيطاً اسمه مجلس أعيان بغديدا ، يتناكف أعضائه على العمل والمثابرة ، ولهم تقدير وأحترام بين أبناء شعبهم . وبما اننا نتكلم بلغة السياسية فهل ان التظيم المذكور هو حزب سياسي ؟ ومهما كان الجواب فإن للمجلس تأثير سياسي ويمكن الأستدلال بما احرزته قائمة عشتار في هذه المدينة من أصوات والتي كان لها الأثر الراجح في نتيجة الأنتخابات بين قوائم شعبنا في محافظة نينوى .
سؤالي هو : هل لهذا القوم هوية قومية يريدون لها موطئ قدم في خارطة العراق القومية ؟ وكما يسعى الى ذلك الكلدانيون والآشوريون ؟
كان الأستاذ المرحوم يشوع مجيد هداية يرأس حركة تجمع السريان ، والتي جاء في التعريف بأهدافها : وحدتنا القومية .. ضمان لحقوقنا القومية . ورد في مادته الأولى :
 الأسم ، تجمع السريان المستقل ، وهو تنظيم سياسي ديمقراطي قومي ينتمي أعضائه الى مختلف فئات وطبقات شعبنا السرياني الآرامي " خاصة " ومن الآشوريين والكلدان وغيرهم ، يؤمن بحقوق الأنسان  ويراعي العدالة الأجتماعية . وفي المادة الثالثة عن الأهداف الخاصة ورد :
في اولاً : توحيد الخطاب السياسي القومي وإقامة تحالف او صيغة للعمل المشترك بين كافة الأحزاب ( الكلدانيــة والآشورية والسريانية الآرامية وغيرها ) .
مع هذه التلميحات ليس هنالك خطاب قومي واضح لشعبنا المسيحي من السريان ، وينبغي تقديم إشارات واضحة من قبل رواد القومية السريانية للاعتماد عليها في تحديد الأهداف .
بعد هذا السرد الموجز لبعض جوانب احزابنا السياسية القومية نشير الى مكانة هذه الأحزاب بين ابناء شعبهم .
 لقد حصدت احزابنا القومية في الأنتخابات الأخيرة بحدود تربو قليلاً على 30 الف صوت ، والجدير بالملاحظة ان الأستاذ المهندس نامق ناظم جرجيس المرشح المستقل أستطاع بجهوده الشخصية ان يحرز 531 صوت في مدينة بغداد رغم عدم توفر الأمكانيات المادية لترويج حملته الأنتخابية قياساً بتلك التي تملكها الأحزاب لا سيما قائمة عشتار الوطنية .
 في هذا السياق نلقي نظرة على الأنتخابات البرلمانية السابقة والتي استطاعت فيها احزابنا السياسية القومية من إحراز أصوات بحدود 50 ألف ناخب ، وتأهل نائباً واحدا من شعبنا لاحراز مقعد في البرلمان . يتضح من كل ذلك ان أحزابنا القومية لا زالت تحبو في ساحة شعبنا السياسية ، ولم يقوي عودها لخوض انتخابات بالمستوى المطلوب .
 عندما يعزف حوالي 50 بالمئة من شعبنا عن التصويت ولا يتجشم عناء الذهاب الى مراكز الاقتراع لاتفه الأسباب ، دلالة على عدم تثمينه لدور هذه الأحزاب ، وربما لفقدانه الأمل بحيويتها وقدرتها عن التعبير عن آماله وتحقيق مطالبه ، وتتكر هذه الحالة حينما تلجأ شرائح من شعبنا لمنح أصواتها لقوائم عراقية أخرى غير قوائم شعبنا  .
اعترف بأن إمكانيات قوائم شعبنا لا يمكن مقارنتها بإمكانيات قوائم أخرى ، وإن كانت لبعض الأحزاب الآشورية بعض الأمكانيات المادية ، فإن الأحزاب الكلدانيــة تفتقر بشكل كبير على أية إمكانيات مالية ولا يوجد جهة تنقذهم من الأزمة المالية ، وحين ملاحظة ما احرزه الأستاذ نامق من اصوات يحملنا على الأعتقداد بأن المستقلين من أبناء شعبنا يمكنهم ان يحرزوا المزيد من الأصوات إذا توفرت اولاً مكانة اجتماعية ، وثانياً يملكون  بعض القدرات المالية لتمشية الدعاية لحملاتهم الأنتخابية .
أزعم وأجزم : فيما إذا توحدت هذه الأحزاب في قائمة واحدة فإنها ستنال اصواتاً اكثر من الناخب الكلداني والسرياني والآشوري ، فهل يفعلون ذلك ؟
حبيب تومي / اوسلو في 5 / 3 / 2009       

374
اسئلة مطروحة على هامش اجتماع بروكسل 
بقلم : حبيب تومي / أوسلو
habeebtomi@yahoo.no
   

                 
قبل ايام قرأنا عن خبر انعقاد مؤتمر قومي في بروكسل عرف باجتماع بروكسل ، ويستخلص من إعلام الأجتماع ان المنظمة الآثورية الديمقراطية ، مطاكستا ، هي صاحبة الدعوة ،حيث وردت اسماء المنظمات التي وجهت اليها الدعوات والتي بلغت حوالي الأربعين منظمة ، دون ان يذكر شيئاً عن الذين لبّوا الدعوة وعن اعداد الحضور .



 إن الصورة الرئيسية التي ظهرت كخلفية لانعقاد المؤتمر تظهر العلم الآشوري ، ولا تظهر غيره من الأعلام بما فيها العلم الكلــداني المعروف وهو رمز يعتز به الكلدانييـــن العراقيين إن كان داخل  العراق ، او خارجه ، فهل توحيد الكلمة يعني ان نقبل جميعاً بالعلم الآشوري ونبتهل الى الله على هذه النعمة التي نزلت الينا ؟
 ورد كشعار رئيسي لاجتماع بروكسل عبارة
 " سوية ، نبني جسوراً وليس جدراناً : Together , we shall build bridges no walls  "
إنه شعار رائع ومطلوب وضروري لكن السؤال الذي يطرح نفسه :
 بين من تمتد هذه الجسور ؟
الا  يجدر ان تكون ثمة دعامتين او ركيزتين ليستند  عليهما الجسر الممتد بين نقطتين ؟
وهل يمكن ان يمتد  الجسر ويبنى على الهواء إن امتد من طرف دون استشارة الطرف الآخر ؟
ورد في البلاغ الختامي هذه الفقرة : 
 (( وأكد المجتمعون في البلاغ الختامي على ان التسميات التي يحملها ابناء شعبنا هي "ارث تاريخي مستمر ومتجذر، وهي محل فخر واعتزاز لنا"، واتفقوا على العمل المشترك بين مؤسسات شعبنا في الوطن والمهجر ضمن آليات العمل الديمقراطي، واعتماد الحوار الموضوعي والمسؤول. )) .
إن كانت التسميات إرث تاريخي مستمر ومتجذر ، فلماذا تعملون على تشويه هذه التسميات وتفريغها من معناها التاريخي الحقيقي الواقعي بمزجها ووضعها في خليط ( كلدان سريان آشور ) ، إذ ليس على خارطة قارات الكرة الأرضية مثيله ، نحن ايها السادة كلدان وسريان وآشوريين ، وإنكم تشوهون المعنى وتلغون شخصية شعبنا بكيانه وشخصيته وأسمائه التاريخية الكلدانية والسريانية والآشورية ، وهذه كيانات تاريخية وهي أرث تاريخي مستمر ومتجذر ، كما ذكرتم لكنكم تشوهون هذا التاريخ ايها السادة ، إنكم ببساطة تلغون كل شخصية معنوية لشعبنا المسيحي بإنكار تسمياته القومية التاريخية . أهكذا تطالبون ضمان حقوقه القومية في دساتير العراق وتركيا وأيران ولبنان ؟
 أيها السادة انكم تلغون تسمياتنا التاريخية فأي حقوق قومية تطالبون بها ؟
جاء في فقرة أخرى :
-        المطالبة باعتماد التسمية الشاملة لشعبنا (الكلداني السرياني الاشوري). وفي هذا السياق يرحب المشاركون بإقرار برلمان اقليم كوردستان الكوتا القومية لشعبنا كمكون قومي واحد، ودعوة مجلس النواب العراقي الى اعتماد الخطوة ذاتها.
اعود وأقول ليس من حقكم ان تكونوا اوصياء علينا بأن تطلبون من برلمان العراق باعتماد هذه التسمية المشوهة البعيدة عن واقع المجتمعات الأنسانية في كل قارات كوكبنا الأرضي . ثم ماذا عن الذين يعتزون بأن تسميتهم القومية هي آراميــــة ؟ هل نرسل هؤلاء الى الحكم الهترلي ؟ الا ينبغي ان نراعي مشاعر الجميع حينما نصدر قراراتنا وأحكامنا وتوصياتنا ؟
 أيها السادة في اجتماع بروكسل :
 في العراق قومية كلدانيــــة عراقية أصيلة ، ليس من حقكم ان تعاملون هذا الشعب بسياسة القطيع ، نعم نحن شعب مسيحي واحد ، لكن  لنا قوميتنا الكلدانيــــة العراقية الأصيلة . وينبغي العلم ان صدام حسين كان يمنع ترويج القومية الكلدانيـــــة ، فأرجو الا  تلعبوا دوره في مسالة الغاء القومية الكلدانية العراقية الاصيلة .
هنالك ايها السادة حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، ومن هذه الأرضية ثمة حرية الأعتقاد وحرية الأنتماء الديني والقومي ، وارجو الا تنزلقوا في مهاوي سياسة الراعي والقطيع ، خصوصاً أنني قرأت أسماء لامعة بين المؤتمرين ، أنهم معروفين بمواقفهم الجليلة في الدفاع عن حقوق المسيحيين ومنهم الأستاذ حبيب أفرام المعروف بنشاطه ومثابرته وغيرته على حقوق شــعبنا المسيحي في الشرق الأوسط عموماً .
نحن نؤمن بالحكم الذاتي لشعبنا ليكون له كيان وشخصية وكرامة وذاتية على رقعة من الأرض في وطننا العراقي ، لكن ان تهمش قوميتنا الكلدانيـــة التاريخية ويشوه مفهومها فهذا عمل لا نقبل به إن كان من صدام حسين الذي كنا نهاب جبروته ، او مما يسعى اليه اليوم إخواننا في الأحزاب الأشورية ذوي النزعة القومية المتزمتة التي تعمل على إقصاء قوميتنا الكلدانيــــة من أرض العراق .
 أيها السادة المجتمعون في بروكسل : نحن الكلدانيــون لنا كرامة ، وإن كانت إمكانياتنا السياسية والمالية فقيرة في الوقت الحاضر ، إلا إننا نشكل رقماً في المعادلة البشرية للعراق ، فليس من الأنصاف ان تعاملونا معاملة القطيع .
 الطريق السليم الى بناء الجسور  ان تسود الندية والتكافؤ وليس التهميش والوصاية ، كان يجب ان يكون في مؤتمركم علمين واحد كلــــداني والآخر آشوري ، وتكون أحزاب وشخصيات كلدانيــة وأخرى سريانية وثالثة آشورية وأن يكون الأحترام المتبادل وأن تسود مناقشة ومحاورة الأنداد ، وليس لفلفة الأمور وإصدار التعابير الرنانة .
 التفاهم يجري بين الأطراف بشكل ديمقراطي وشفاف ، وهذا هو اسلوب العمل في خلق خطاب مشترك وفي توحيد الجهود والقوى الخيرة لشعبنا المسيحي في العراق وفي الدول المجاورة .
حبيب تومي / اوسلو في 8 / 3 / 2009[/size]

375
أحزابنا الكلدانية والآشورية والسريانية تحت المجهر ج1
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



الذكريات المؤلمة حفرت في أخاديد الزمن ، مع صقيع الليالي الطويلة والمبيت على الطوى ، ومع فراق الأحباب واليأس من عودتهم وفي عاديات الزمن العسير ، كان الأنفراج بعد ان هدأت المعارك ووضعت الحرب العالمية الأولى اوزارها ، انفتحت ابواب جديدة امام الشعوب لكي تقرر مصيرها بنفسها ، وكان حق الشعوب هذا قد جسده بعيد الحرب العالمية الأولى مشروع الرئيس الأمريكي ويلسون ، حيث طرح هذا المشروع بمؤتمر الصلح في قصر فرساي بباريس عام 1920 وكان يراد بالشعوب التي كانت خاضعة لسيادة الأمبراطوريات المنهارة الألمانية والنمساوية والعثمانية .
وكانت معاهدة سيفر عام 1920 بعد الحرب العالمية الأولى قد اشارت بشكل واضح على ضرورة منح الحقوق القومية للأكراد في المنطقة مع إشارة واضحة جلية في المادة 62 الى ضمان حقوق ابناء القوميتين الكلدانيـــــــة والآشورية ، وإن أي تلاعب اليوم بحقوق  الكلدانييـــن وقوميتهم الكلدانيــة في الوجود يعتبر تزويراً للتاريخ وجناية بحق شعبنا الكلــــداني العراقي الأصيل .
 كانت هنالك قومية كلدانية وقومية آشورية عبر التاريخ لكن في العصر العثماني كان ما يطلق عليه نظام الملل والطوائف إذ لم يكن في تلك الدولة ( العثمانية ) مظهر لتبلور المفهوم القومي بالمعنى المعروف في العصر الحديث ، فكانت الدولة العثمانية دولة كوزموبوليتكية ، متكونة من مختلف القوميات ومنها القومية الكلدانيــــة التي يراد اليوم طمسها تحت الضغط السياسي للاحزاب الآشورية القومية  العاملة على الساحة السياسية داخل العراق وخارجه ، وهذا امر مخجل ومعيب ترتكبه هذه الأحزاب التي تدعو الى وحدة شعبنا المسيحي  .
مآسي الشعوب هي النتيجة الحتمية الناجمة عن دوران عجلة الحروب ، والحرب العالمية الأولى كان من نتائجها المأساوية الأنسانية التي ذهب ضحيتها الملايين من الشعب الأرمني وكذلك الألاف من الكلـــدان والسريان والآشوريين .
بريطانيا الدولة المنتصرة في الحرب عكفت قواتها على مساعدة المشردين الناجين من الحرب الذين أفلحوا في الوصول الى بعقوبة ، حيث استطاعت القوات البريطانية من توفير المخيمات اللازمة في بعقوبة لايواء آلاف المشردين الناجين من الحرب . يقول عبد المجيد القيسي في كتابه الآثوريون ص14 :
كان عدد الوافدين خمسين الف ثلثهم من الأرمن وقد جئ بهم من جهات ( وان ) والقفقاس ، وثلثاهم من الآثوريين وكانوا خليطاً من آثوريي الأناضول وأيران والمناطق الكردية ، وفي نهاية الحرب عاد قسم من الأرمن الى تركيا في حين تفرق باقيهم في انحاء العراق .. أما الآثوريون فقد عاد عشرة ألاف منهم الى ديارهم في أيران بموافقة الحكومة الايرانية في حين رفضت تركيا إعادة البقية الباقية منهم فظلوا في العراق ..
لسنا هنا بصدد سرد تاريخي إنما موضوعنا يشير بشكل رئيس الى تحليل واقع الأحزاب التي انبثقت فيما بعد على الخلفية التاريخية لهذه الفترة الحرجة .
إن الواقع المأساوي الذي ألمّ بالأثوريين ، كان حافزاً لانبثاق نزعة قومية تدعو الى التعاون والتكاتف وتوحيد الكلمة بغية رفع المظالم  عن هذا الشعب لعرض قضيتهم في المحافل الدولية بغية إنصافهم وتعويضهم بجهة ان مأساتهم وفقدانهم لاراضيهم وممتلكاتهم كانت إحدى إفرازات الحرب ، وعلى المجتمع الدولي إنصافهم بما يناسب مأساتهم . كان الأسم الآثوري او الأشوري الذي ألصق بهم من قبل مبشري الكنيسة الأنكليكانية خير رمز يشير اليهم لتمييزهم عن الكلدانيين والسريان ( المسيحيين ) العراقيين ، وهكذا بقيت هذه التسمية الرمز القومي لهم ، وهي تسمية تجمعهم ، إن الأسم الآثوري ومؤخراً الآشوري كان عنواناً لكثير من التجمعات والتنظيمات والأحزاب التي تشكلت في دول المهجر التي وصل اليها هذا القوم بعد بلوغهم العراق ، واختيار مجموعات منهم طريق الهجرة الى ارض الله الواسعة .
إن الأحزاب او التنظيمات التي تشكلت والتي اذكر بعض اسمائها : الحزب الوطني الآشوري ، تحرير آشور ، الآشوري الديمقراطي ، حركة التحرير الآشورية ، المنظمة القومية ألاشورية ، المؤتمر القومي الآشوري ، الجبهة الآشورية الوحدوية ، الأئتلاف الوطني الآشوري الحركة الديمقراطية الآشورية التيار الوطني ، الحركة الديمقراطية الآشورية ، المنظمة الآثورية ، اتحاد الطلبة الآشوريين في العراق ، الكنيسة الآشورية .. وغيرها من النظمات النسائية والطلابية التي تحمل الاسم الآشوري ، الذي كانت ولادته بعد الحرب العالمية الأولى ، فما هو معروف انه حتى البطاركة كانت الى حد 1930 بصمة اختامهم تمهر التسمية الكلدانية ومنهم كمثال غير حصري ختم مار شمعون النسطوري ، الذي يشير الى ( محيلا شمعون بطرك دكلـــداي ) .
إن الأحزاب الآشورية لم تتمكن من توحيد خطابها في حزب رئيسي او في جبهة آشورية يجمعها خطاب واحد ، فرغم المغالاة في النزعة القومية ، ووضوح وجلاء الهدف القومي والشعارت القومية التي تغلب على معظم بل جميع هذه التنظيمات ، لكن لا زالت الروح العشائرية والأنتماء القبلي يغلب على تصرفات وحراك هذه الأحزاب على الساحة السياسية . قد يكون لهذا التوجه خلفيات تاريخية ، حيث نطالع في المصدر السابق عن صراع خفي حول الزعامة لدى هذا القوم ، فنقرأ ص 17:
(( كانت سورما هانم او الأميرة سورما .. وهي أخت البطريك المار شمعون بولص تملك ثقافة واسعة وكانت حازمة الرأي قوية الإرادة ، نافذة الكلمة تحمل في طواياها هموم بني قومها .. وقد لعبت دوراً رئيساً .. في تنصيب أخيها بنيامين بطريركاً أي مار شمعون على الطائفة ... ولما قتل سنة 1918 استطاعت بنفوذها من دفع أخيها الآخر بولص الى مقام البطريريكية فأصبح المار شمعون العشرين .. ويمضي الكاتب الى القول : ولما توفي المار شمعون بولص بالسل سنة 1920 في مدينة بعقوبة استطاعت سورمي هانم تنصيب الصبي أيشاع أبن أخيها داود مارشمعوناً جديداً على الطائفة ، وكان وقت ذاك في حدود العاشرة من عمره .. وكانت عمته هي الوصية الفعلية والزعيمة المطلقة للطائفة الآثورية )) .
 ونتتبع مجريات الأحداث لتكون الصورة جلية في الحاضر بالعودة على الخلفية التاريخية لهذه الصورة . كان التقليد السائد في الدولة العثمانية يقضي ان يتولى المرجع الديني للطائفة السلطتين الدينية والزمنية لرعيته وهو المسؤول المباشر عن رعيته امام الباب العالي ، لكن هذا العرف لم يجد إذناً صاغية في الدولة العراقية الحديثة ، التي حصرت مهمات المرجع الديني بالسلطة الدينية فحسب ، وإناطة المهام المدنية الزمية بالحكومة العراقية مباشرة كما كانت الحال قائمة تسري على الكلدانيين المسيحيين العراقيين ، حيث ان المرجعية الدينية تقوم بمهامها الدينية فحسب . وتقوم هذه المرجعية بمهام سياسية معينة إذا كان ذلك بتكليف من الدولة ، حيث كان البطريرك الكاثوليكي الكلـــداني عضواً معيناً في مجلس الأعيان من قبل الملك مباشرة .
بعضهم يعزو فشل الوصول الى حل عادل لقضية الآثوريين الى ضعف البطريركية الأثورية منذ ان  تسلل الضعف الى القيادة الدينية منذ ان تولاها المار شمعون بولص عام 1918 ، وتضاعف وهنها وضعفها بعد ان تولاها صبي في حدود العاشرة من عمره ، إن هذا الضعف او الفراغ كان سبباً في ظهور قوى تريد ان تملأ الفراغ الناجم عن تلك الحالة ويقول الكاتب القيسي في بحثه ص 19 : (( كان من الطبيعي ان يؤدي مثل هذا الأعتقاد الى ظهور زعماء جدد متطرفين يزاحمون البطريركية على زعامة بني قومهم ويشجبون اعمالها ، وكان من ابرز هؤلاء الزعماء آغا بطرس وملك خوشابا الذي سيظل المعارض الدائم للمارشمعون )) .
 ويمضي الكاتب الى القول بأن آغا بطرس استغل حالة الوهن هذه وغياب العمة سورما هانم في لندن ، كما استغل مشاعر البؤس واليأس والأحباط التي سادت الجموع الآثورية فأخذ يدغدغ مشاعرهم الوطنية ويحي موات الأمل في قلوبهم ، وأستطاع ان يجمع حوله غالب بني قومه .
 وسوف يقنع آغا بطرس الأنكليز في تمويل حملة عسكرية يكون هو قائدها ويكون هدف الحملة العودة الى بلادهم وإنشاء دولة آثورية في المثلث الحدودي بين تركيا وعراق وأيران ، وسوف تفشل هذه الحملة لاسباب عديدة ولكن من الأسباب الرئيسية في فشلها كان الخلاف الناشب بين آغا بطرس ومعاونه الأول ملك خوشابا ..  ويقول القيسي أنه بعد فشل الحملة وانسحاب المقاتلين وعودة سورما هانم من لندن ، أستغلت هذا الأنشقاق فزادت ناره حطباً وهوته أتساعاً واستقطبت حولها فئة من المحاربين خرجوا عن طاعة القائدين المختلفين . (( عزيزي القارئ للمزيد من المعلومات حول الموضوع : راجع نينوس نيراري : آغا بطرس ، ترجمة فاضل بولا ، سان دياغو سنة 1996 ص 192 ـ 197 وكذلك كتاب يوسف ملك خوشابا : حقيقة الاحداث الاثورية المعاصرة ، سنة 2000 بغداد صفحة 107 ـ 111 ، وراجع كتاب : ايوب بارازاني : المقاومة الكردية للاحتلال ، دار نشر المشرق ، ص 43 ـ 47 وكتاب عبد المجيد القيسي : الآثوريون ص 20 ـ 22  )) .
إن ما اود قوله إن النزعة القومية الواحدة  والأتفاق على الأستراتيجية القومية لم يسفر عن الحؤول دون  نشوب الخلافات حتى في أعسر الأوقات وأصعبها ، واليوم إذ نلاحظ وفرة عددية في الأحزاب الآشورية لهو دليل على استمرارية تلك الخلافات وتوسعها ، وأعتقد ان منبتها انتماءات قبيلة ، حيث تلقي بظلالها على الأنتماءات الحزبية للاحزاب الآشورية في الوقت الراهن ، وتزداد هوة الأختلاف مع انتشار هذا القوم وتشرذمه في ارجاء المعمورة . وكانت الأحزاب القومية الآشورية المنبثقة رغم تفانيها وإخلاصها لخطابها القومي ، لكنها لم تعثر على لغة مشتركة تجمعهم في حزب سياسي جامع يطرح قضيتهم على المسرح السياسي العراقي بخطاب موحد ، ربما كان المؤتمر الآشوري العالمي وسيلة لجمع الكلمة لهذا القوم ، لكن في نهاية المطاف اصبح المؤتمر غاية وأمسى كيان سياسي قومي آشوري يضاف الى الكيانات المتعددة الأخرى . 
أمام هذا الواقع عكف حزب الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) لتحطيم القيود الفولاذية للفكر الآشوري المنغلق وذلك بتوجهه نحو الشرائح المسيحية الأخرى من قوميات أخرى مثل الكلدانيين والسريان ، لقد وجدت الحركة ضالتها في نخبة المثقفين الشيوعيين لا سيما في بلاد المهجر ، لقد كان هؤلاء يعانون من فراغ سياسي بعد تفكك الأتحاد السوفياتي والمعسكر الأشتراكي ، وما لقيه الحزب الشيوعي العراقي من التصفيات على أيدي الحكومات المتعاقبة لا سيما على أيدي حكم صدام حسين بعد سنة 1978 م ، وأشير الى اسم واحد فقط وهو المرحوم الشماس أبرم عما ، وهنالك اسماء أخرى تعاطفت مع الفكر القومي الآشوري للحركة الديمقراطية الآشورية .
ولا أدري لماذا يعاتبني اليوم بعض الأصدقاء ومعظمهم موالين للحركة الديمقراطية الآشورية ، بجهة  أنني  انتقلت من الفكر الأممي الى الفكر القومي الكلـــداني وكان آخر من طرح هذا السؤال الزميل الكاتب سولاقا بولص يوسف ، فهل الأنتقال الى الفكر القومي الآشوري حلال والأنتقال الى الفكر القومي الكلداني حرام ؟
  لقد طرحت زوعا في فكرها السياسي ، فرضية مفادها ان الآشورية هي قومية للجميع ، والكلدانية هي مذهب كنسي ، وإن وَجَدت هذه الفرضية الساذجة قبول لدى نخبة من مثقفينا الألاقشة لكنها لم تجد أذناً صاغية لدى البعض الآخر ، ويأتي في مقدمة من رفض هذه النظرية الكسيحة  جملة وتفصيلاً   المرحوم توما توماس ويظهر ذلك من مذكراته ، ونقتبس من رسالة بعثها المناضل توما توماس الى الكاتب الأخ نبيل دمان يقول توما توماس في رسالته :
(( إن من هم كلــــدان لا يمكن تبديلهم بجرة قلم الى آشوريين كما يحلو للاخوة الآشوريين ذلك ، إنها تعقيد للعمل القومي والوحدة وإنها آمال البعض  بإحداث انقلاب في التاريخ ، إن إصرار الأخوة الآشوريين على التسمية كما قلنا هو استحالة العمل ووحدة الشعب ، الا يمكن الآشوريين في اتحاد اختياري لفترة حتى نضوج موضوع التسمية من أجل التوحيد الجذري . ويمضي المناضل توما توما قائلاً :
 لماذا لا ندعو الكلــــــــــــــــدان بتشكيل مثلاً " الأتحاد الديمقراطي الكلـــــداني " وتضعوا برامج التعاون مع المنظمات الديمقراطية وغيرها من الأتحادات العراقية الديمقراطية العراقية لانشاء محور ديمقراطي ويوضع له برنامج التوحيد {الأندماج } ))
انتهى الأقتباس من رسالة توما توماس .
 وهكذا لم تنطلي اللعبة على المناضل العراقي توما توماس وإن من يقرأ مذكرات توما توماس وما تتضمنه حول الفكر القومي الكلداني نلاحظ موقفه الناقد من الفكر القومي الآشوري الأقصائي من القومية الكلدانية .
التكملة في الجزء الثاني والاخير من هذا المقال
حبيب تومي / اوسلو في 5 / 3 / 2009
 

376
هل حقاً اخفق رابي سركيس في الأمتحان ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



إن هذا المقال هو بمثابة الرد على مقال الأخ سولاقا بولص يوسف ، وارجو ان يتسع صدر الأستاذ سولاقا لبعض المداخلات في مقاله الأخير الموسوم : لماذا فشل رابي سركيس في الأمتحان ؟
بدءاً أقول في الوقت الذي احترم فيه رابي سركيس لمكانته السياسية ، وأثني على الجهود التي بذلها في خدمة شعبنا ورفع المعاناة عن كثير من شرائح شعبنا ، لكن في ذات الوقت اوجه النقد البناء لما احسبه خطاً بحق شعبنا ، واولى انتقاداتي كانت قيام رابي سركيس بتهميش قوميتنا الكلدانيـــة العراقية من مسودة الدستور الكوردستاني ، واعتقد ان هذا العمل يخالف لوائح حقوق الأنسان وحقوق الأقليات في حرية المعتقد وفي حرية الأنتماء الديني او القومي وكل شعب حر في في اختيار تسميته التاريخية ولا يجوز فرض الوصاية عليه .
النقطة الثانية التي اردت التطرق اليها هو ضرورة ان تتحلى مجالس رعاية شؤون  المسيحيين  بالمهنية والحرفية مع ضرورة وجود لجان متكونة من التكنوقراط في إدارة هذه الشؤون وصرف المبالغ المخصصة لهذا الشعب في استحقاقات الأهم ثم المهم ..
أقول :
من عنوان المقال يبدو ان الكاتب الجليل قد اصدر فرضيته الحتمية بفشل رابي سركيس آغا جان بالعملية السياسية والمالية المناطة به .
إن الدراسة العلمية للعلوم السياسية لم ترتق لحد الآن بفرض مفاهيم قطعية كما هو الحال في العلوم المجردة التي يشهد تطبيقها في المختبرات العلمية ، وتفيد الدراسات أنه من المتعذر لغير المختصين تطوير مفاهيم نقدية سياسية ( Political Technical Terms ) ، إن هذه الحدود تجعلنا نتوخى الحذر في إصدار الأحكام القاطعة على بعض الحوادث او الأشياء او الأحزاب او الأشخاص ، فيقول الكاتب : لماذا فشل رابي ... ؟ يكون الكاتب قد حزم أمره وأصدر امره القطعي بالفشل في الأمتحان .
هنالك اسئلة تطفو على السطح ، فالمعلوم ان الأستاذ سركيس آغا جان قد ارتبط اسمه بعدة مسؤوليات منها كونه وزير مالية في حكومة اقليم كردستان وأخرى في عملية البناء والتعمير ، وثالثة في العملية السياسية في مسألة الحكم الذاتي وغيرها من المسؤوليات ، هل ان الحكم القطعي للكاتب شمل كل هذه الجوانب من شخصية رابي سركيس وحكم عليه بالفشل ؟
 لكن الكاتب سولاقا يوسف يسعفنا من حيرتنا فيقول :
(( .. ولكن مع الاسف فبدلا من ان تكون هذه الاموال نعمة لنا بالكامل فكان الجزء الاكبر منها نقمة لسوء ادارته فبدلا من ان تعمل على جمع شملنا فرقتنا اكثر .زادت الصراعات بين قادتنا الدنيويين وبين قادتنا الدينيين فاكثر. لان المال يفسد النفوس ان لم يصرف بعقلانية وباساليب علمية صحيحة ومدروسة )) .
 لا ادري ماذا يقصد الكاتب ان هذه الأموال فرقتنا أكثر ، ولم يكن ثمة تشخيص للسببية ، كيف عملت الأموال على تفرقتنا ؟ رغم ان لي تحفظات على طريقة صرف الأموال والتي ذكرتها في بداية المقال ، لكن هذا لا يمنع من تثمين ما أنجز بفضل هذه الأموال ، لا سيما البيوت السكينة التي انقذت الآف العوائل من خطر التشرد او السكن في العراء ، بالأضافة الى طواقم الحراسات الليلية التي تتكفل بحراسة مدننا وقرانا ، والملاعب الرياضية والصروح العمرانية وغيرها من المنجزات . فإن كنت انا شخصياً لي بعض الأنتقادات فهذا لا يلغي العمليات المنجزة وشطبها ووضع صاحبها في خانة الفشل ، اما بشان انها فرقت بين تكوينات شعبنا ، فإن الواقع يظهر قائمة عشتار استقطبت مجموعة من أحزابنا ومنظماتنا القومية الكلدانية والسريانية والآشورية حول طاولة مستديرة واحدة وخرجت بقائمة مشتركة لهذه المنظمات والأحزاب ، وهذا التعاون الشفاف أفرز الفوز الذي احرزته هذه القائمة .
في فقرة أخرى يقول الكاتب الجليل :
(( بهذه الاموال الطائلة وبخطابه التوحيدى المعروف كان يمكنه من توحيد جميع منظماتنا تحت اسم واحد جامع للجميع وحتى احزابنا يمكن جمعها بجبهة واحدة على منهاج عمل وبرنامج موحد مع احتفاظ كل بتنظيمه الخاص به.الغالبية من شعبنا يتمنى ذالك )) .
هذه الفقرة تحمل في طياتها تناقضاً صارخاً في المعنى يقول بهذه الأموال الطائلة وخطابه التوحيدي كان يمكنه توحيد منظماتنا تحت اسم واحد جامع للجميع ..الخ
 أليست عشتار اسم واحد لتنظيمات تعاونت تحت اسمها ؟ وهل يقول الكاتب ان المبالغ الطائلة كانت تستخدم لشراء الذمم ؟ في الحقيقة كانت هذه الفقرة عصية على الفهم على الأقل بالنسبة لي .
 ويقول الكاتب ان الأكثرية ( من ابناء شعبنا ) قاطعوا الأنتخابات بتعمد ... لذا فغالبية هؤلاء المقاطعين ليسوا من مؤدي قائمة عشتار ، والسؤال للكاتب : كيف عرف بأن هؤلاء ليسوا من مؤيدي عشار ، وإن كانوا مؤيدين لقائمة أخرى فلماذا لم يدلوا بأصواتهم لتلك القائمة ؟
يقول الكاتب
(( وحتى ال 18000 شخص من الذين صوتوا لقائمة عشتار لا يعتبرون شعبية حقيقية لرابى سركيس او اتباعه لان الكثير منهم من البسطاء وحتى السذج الذين كثيرا ما نسمعهم يقولون( الله يخلى رابى سركيس ويحفظه انه يحسن الينا ويدفع ويساعدنا )وكانه يصرف من جيبه الخاص.ومن الانتهازيين الذين تسيرهم ثقافة الفساد المستشرية فى المجتمع وليس مصالحنا العليا )) .
أن الكاتب سولاقا بولص يوسف يعتبر معظم  18000 من ابناء شعبنا الذين صوتوا لقائمة عشتار ويشكلون الأكثرية من ابناء شعبنا المشتركين في الأقتراع السري بأنهم من البسطاء وحتى السذج الذين يقولون الله يخلي ..  إنه تجني على شعبنا من الكلدانيين والسريان والأشوريين الذين انتخبوا قائمة عشتار حتى لو كان بينهم أطباء ومحامين وأدباء وطلاب مدارس وجامعات ومهندسين واصحاب مهن وعمال .. .. الخ  بهذا المنظار الأستعلائي والنرجسية المفرطة يقول : إن معظمهم من البسطاء وحتى السذج هذا هو حكم الكاتب وهو نفسه يحكم على رابي سركيس بكونه قد فشل في الأمتحان .
إن المقال فيه كثير من النقاط التي تحتاج الى التحليل وتخرج من نطاق المألوف ، فالكاتب يتكلم عن فشل رابي سركيس ثم سرعان ما يقودنا الى مظاهرة رأس السنة في دهوك ومعالجة فصل بعض المشتركين في مظاهرة قامت بها  الحركة الديمقراطية الأشورية اي ان المشكلة قد عولجت في حينه ، كما ان الكاتب يقول ان عشتار احتفلت بالأنتصار لاغاضة الحركة الديمقراطية الآشورية ، ويتساءل الكاتب
(( الم يكن الاولى الدخول جميعا فى الانتخابات بقائمة واحدة او بخطة عمل موحدة او مقاطعة الانتخبات من قبل الجميع.الم يكن الافظل انصراف الجهود والاموال لخدمة قضايانا بدلا من صرفها فى صراعاتنا الصبيانية الداخلية التى تزيد من تشتتنا ؟ ... )) .
 ومن منع الحركة الديمقراطية الآشورية من الأنخراط في عملية الأنتخابات بقائمة مشتركة مع بقية المكونات ، إلم يكن ثمة أئتلاف بين احزاب وتنظيمات كلدانية وسريانية وآشورية في قائمة عشتار ؟ فلماذا نأت الزوعا بنفسها من هذه الكتلة ؟
 نحن مع الأستاذ الكاتب في ضرورة محاربة الفساد اينما كان ، ومن المؤكد ان رابي سركيس يعمل على مكافحة الفساد في مؤسسته ، وهو يعمل مخلصاً في اعلاء شأن شعبنا ، وهذا لا يعني الأنتقاص من اهمية الأخرين ودورهم في العمل والنضال على الساحة السياسية لشعبنا ، وفي مقدمتهم الأحزاب العاملة في الساحة وياتي اولاً  الأحزاب الكلدانيــــة كحزب اتحاد الديمقراطي الكلداني والمجلس القومي الكلداني والمنبر الديمقراطي الكلداني وجمعية الثقافة الكلدانية ، ومن ثم الحركة الديمقراطية الآشورية وحزب ييث نهرين والحزب الوطني الآشوري وأخيراً وليس آخراً المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري الذي يضطلع في دور أيجابي في تقريب وجهات النظر ، وبقية الأحزاب العاملة على ساحتنا السياسية ونعاضدهم جميعاً ونتمنى ان يكونوا اهلاً لتحمل المسؤولية المناطة بهم .
شكرا للاستاذ سولاقا بولص يوسف واتمنى الا يفسد الأختلاف في الود قضية 
 حبيب تومي / اوسلو في 28 / 02 / 2009

377
وأخيراً الزوعا تهنئ الكلــداني وعشتار بالفوز في الأنتخابات
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



في رسالة تهنئة من الحركة الديمقراطية الآشورية الى كل من قائمتي حزب اتحاد الديمقراطي الكلــداني الفائزة في البصرة ، وقائمة عشتار الوطنية الفائزة في بغداد ونينوى ، وهي على لسان رابي يونادم كنا جاء فيها :
الأخوة الأعزاء ، يسعدني ان اقدم لكما خالص التبريكات والتهاني بمناسبة فوز القائمتين في مقاعد الكوتا المخصصة لشعبنا في المحافظات الثلاث ، لقد شكلت الأنتخابات ركناً هاماً من اللعبة السياسية الديمقراطية اليافعة في عراقنا ، وبسبب عدم تعمق ثقافة الممارسات الديمقراطية في بلادنا ، ورغم محاولات حفظ الأمن والأحتياطات الكبيرة  لجعل عملية الأنتخابات تسير بشكل نزيه وسلس ، لكن من  المؤسف  حصول بعض الخروقات في بعض مراكز الأقتراع ، ومن جملتها التي حدثت في بعض مراكز الأقتراع التي تخص شعبنا ، وأتمنى مستقبلاً ان تختفي هذه الظاهرة السلبية ليمارس شعبنا حقه في الأنتخابات بشكل عفوي ومستقل ويختار من يشاء دون اية ضغوطات لنكون مثال يقتدى ويحتذى به على الساحة السياسية العراقية .
ونأمل بالمستقبل ان نبذل جميعاً جهود مشتركة للتفاهم والتقارب لنخرج بقائمة واحدة تمثل الجميع .
 وتقبلوا خالص التقدير والأحترام
يونادم كنا الأمين العام للحركة الديمقراطية الآشورية
 القارئ الكريم سيدرك ان هذه الرسالة فبركها حبيب تومي وهي من عندياته ــ وأنا بدوري اعتذر للقارئ من هذه الكذبة البيضاء التي كنت اتمنى لو كان ذلك حصل فعلاً ـ  إذ لا يوجد على ارض الواقع احتمال بحصول مثل هذه الرسالة ،  وهي هنا مفبركة . ويجدر ان تكون غير حقيقية ، حيث جابهني أحدهم بسؤال :
ماذا لو كانت الآية معكوسة ، إن كانت الرافدين فائزة في بغداد ونينوى ، هل ان عشتار تهنئ زوعا بفوزها ؟  هنالك احتمال ضعيف إن لم يكن معدوم بإرسال تلك التهئنة  .
إذا انطلقنا من الواقع الحالي فلا يمكن ان يحدث قبول اي طرف من الأطراف الخاسرة النتيجة دون تذمر ، لسبب بسيط جداً لاننا لا نؤمن بالرأي الآخر ولا نقبل بحرية التعبير ونأخذ من الديمقراطية قشورها فحسب ، فنحن دائماً على حق والآخر دائماً على باطل .
 صحيح في كل ادبياتنا نقبل بمفهوم الحوار والديمقراطية لكن الممارسة تختلف كلياً عما نتفوه به .
لنأخذ موضوع التسمية فقد قرر الأخوان ان يكون من يتسمى بالكلداني بوصمه بالخيانة وتفرقة الصفوف وتمزيق الأمة ، ومن يتسمى بالكلدوىشوري ،فإنه يحمل معظم الحقيقة وهو موحد الأمة ، واصبحت تسمية الكلدان السريان الآشوريين هي الحقيقة المطلقة ، وكل من خرج عن نطاقها فهو خارج السرب ، وسوف تخمد انفاسه في اقرب فرصة ممكنة ، أما الآشوري فهو سيد الجميع والباقين هم في احسن الأحوال من طبقة المشكينو او المسكينو الذين يملكون شيئاً من الحقوق مقارنة بطبقة العبيد في بلاد ما بين النهرين عبر الحقب التاريخية القديمة .
 أوَ لم يكتب رابي عمانوئيل يوخنا في مقاله الأخير بأنه كان يراقب أخبار الأنتخابات كما كان يراقبها الألوف من الآشوريين والملايين من العراقيين ، هذا الرجل الذي يدعي الديمقراطية واحترام الرأي الآخر ، إن كانت هذه الصيغة الأقصائية تصدر من احد مثقفي شعبنا المتميزين ، فماذا نقول عن الأنسان البسيط الذي لم يقرأ شيئاً عن التاريخ ولا يعلم شيئاً عن مسألة حقوق الأقليات وحقوق الأنسان في حرية الأنتماء السياسي  والقومي والديني ؟
إنها مسرحية سمجة مملة بين رابي يونادم كنا ورابي عمانوئيل يوخنا بوجود خلافات بينهما ، وقد مللنا هذه التمثيلية الرخيصة ، هذا هو المعلن لنا نحن البسطاء لكن بين الرجلين وحزبيهما اتفاق ودي استراتيجي لألغاء القومية الكلدانية ، وهذا هو هدفهما الأول وكل ماعداه هي تكتيكات من أجل الوصول الى الهدف الرئيسي  .
الخطاب الأعلامي في  قناة عشتار الآشورية يعتقدون ان من يقول كلـــدان آشور سريان هم أهل البيت لهم مطلق الحرية في العبير ، ومن يقول انه آشوري ، فهو سيد الجميع كل ما يتفوه به هو الحقيقة المطلقة ، أما من يقول سرياني فلا بأس فالسريانية يمكن قلبها الى آشورية بعد قليل من التحريف . ثم ألا تقوم فضائية عشتار بالأشارة الى الأخبار باللغة السريانية على انها الأخبار باللغة الاشورية فتكتب : (ASSYRIAN NEWS  ) بدلاً من( SYRIAC NEWS  ) ؟
ويبقى من يقول انه كلداني فإنه مفرق الصفوف ويجب إرشاده لجادة الصواب لكي يعترف بقبول أسياده لكي لا يجلب غضبهم عليه وفقدان رزقه كما كان مصير احد الألاقشة الكلدانيين الذي كان يقدم انجح برامج فضائية عشتار فدبرت له مكيدة للإقاع به ثم الخلاص منه .
هذا هو اساس تفكيرنا وما دام الإقصاء هو سيد الموقف في تفكير النخبة المثقفة الآشورية ، فستبقى ممارسة الديمقراطية بشكل صحيح وجذري معلقة على الرفوف العالية ، وسيكون منظرها من اللوحات الفنية المعلقة على الجدار ، دون ان يكون لها تأثير على ما يجري في البيت من أحداث . اي ان الديمقراطية عندنا هي جزء من الديكور ليس إلا .
أقول :
عموماً إن قبلنا بقواعد اللعبة الديمقراطية ينبغي ان نتحلى بثقافة قبول الآخر على ما هو عليه وليس كما نريده .
 نعم إننا نتكلم كثيراً عن الديمقراطية لكننا على ارض الواقع بعيدين عنها نحن نمارس إسكات من لا يقر برأينا ، ويكون قد شق عصا الطاعة فيجب لوي ذراعه لكي يسلك الصراط المستقيم .
حينما يهنئ الخاسر في الأنتخابات زميله الفائز سنقول نحن نؤمن بالديمقراطية ونقبل بالرأي الآخر إن كان يطابق خطابنا او يخالفنا .
 وأقول :
برأيي المتواضع إن تصويت شعبنا كان يحركه تفضيل حاجته اليومية على الوعود بالأنجازات القومية والشعارت الثورية ، ورغم ان الأنتخابات لم تكن سياسية بالمعنى الصحيح كونها متعلقة بالخدمات المدنية والبناء والحياة اليومية للمواطن ، لكنها اعتبرت بمثابة استطلاع اولي لميول الناخبين وهذه حالة تقضي من القوى السياسية معرفة وزنها على الساحة لتحدد لهل خارطة الطريق لخوض الأنتخابات البرلمانية التي ستجري بعد أشهر .
من البديهي الا يستسلم الخاسر ، وهو معني بالسعي الى تلافي وتجاوز الأخطاء  التي صادفته في مسيرة هذه الأنتخابات ، كما يحدد خارطة تحالفاته مع القوى التي يعول عليها في تعويضه عن تلك الخسارة ، كما ان الفائز سيتشبث بفوزه ويعمل ويبذل جهده للاحتفاظ بهذا الفوز الثمين . أرى في الأفق معركة حامية الوطيس بين مكوناة شعبنا في الأنتخابات البرلمانية القادمة وهي الأهم لكل القوى السياسية لشعبنا من الفائزين او الخاسرين . 
ونأمل من ذوي الفكر الشمولي الأقصائي من مثقفي شعبنا وسياسيه ان يتحلوا بالديمقراطية وقبول الآخر كما هو وخصوصاً اشقائهم من القومية الكلدانية العراقية الأصيلة .
 حبيب تومي / اوسلو في 23 / 02 / 2009     

378
الزوعا والكلداني وعشتار دروس وعبر
بقلم / حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



اجتياز مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ، هذا ما فعله المهاجر الأفريقي الأسود اوباما حينما جلس على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض ليكون رئيساً للولايات المتحدة الأميركية .
هكذا بدأت عشتار في البداية تحبو وبعد ذلك طفقت تجري في المضمار لتحل بالمرتبة الأولى في مسابقة الأنتخابات  التي جرت مؤخراً لمجالس المحافظات . كنت اراقب مسيرة تحركات احزابنا في مضمار حملات الدعاية لكل قائمة ، ولا ادعي المعرفة الكاملة ببواطن الأمور ، لكن يمكنني التكهن على ضوء مجريات الأحداث وفق تجاربي في الحياة  وقد يتحقق حدسي وقد يخطئ . وتوقعت في هذه الأنتخابات انتكاسة للكبار ، لقد لمست ان الكبار لا زالوا متمسكين بأذيال الماضي التليد والتاريخ النضالي ، وهذه الأطروحة لا يمكن ان يبقى بريقها متألقاً أبد الدهر .
في الأنتخابات البرلمانية السابقة كان المشهد للقوى السياسية لشعبنا ، يتلخص في تحالف حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني مع القائمة الكردستانية ، وتحالف الأحزاب ( الصغيرة ) كما كان يطلق عليها في قائمة نهرين وطني ، واشتراك الحركة الديمقراطية الاشورية في الأنتخابات بشكل مستقل بقائمة الرافدين . فاز الأستاذ ابلحد افرام في عضوية البرلمان عن طريق تحالفه مع قائمة كردستان ، وفاز الأستاذ يونادم كنا في عضوية البرلمان مستفيداً من الزخم الذي حققته حركته بعد سقوط النظام حيث كانت شبه منفردة بأصوات شعبنا ، وفي ظل معطيات حداثة تجربة قائمة النهرين وطني السياسية وفي واقع إمكانياتها المادية المتواضعة أخفقت في تحقيق نتائج جيدة في تلك الأنتخابات  . 
 لكن بعد هذه السنين وكمراقب مواظب لساحة شعبنا السياسية كنت أرى ان الرياح تجري بما لا تشتهيه سفن الكبار .
في المشهد المنظور كنت ارى تعثر قائمة الرافدين وحينها كتبت مقالاً قلت فيه ان (( الحركة الديمقراطية الآشورية لم تعد اللاعب الوحيد على ساحة شعبنا السياسية )) ، وحينها عكف بعض الزملاء في الحركة إن كان عن طريق المقالات او عن طريق الأيميلات الخاصة يكيلون لي التهم ، واضعين النقد البناء الذي طرحته بأنني رجل حاقد مخرب والى آخره من التهم .
وحينما كتبت مقالاً  آخراً  لرابي يونادم بأن لا يكون هنالك تذمر من فوز قائمة عشتار في الموصل ، وقد طرح الأستاذ كنا بوجود خروقات ، وإن ميليشيا عشتار عملت على كسب الأصوات الى جانبها ، واليوم فازت عشتار في بغداد فهل كانت هنالك ميليشيات عشتار ايضاً ؟
في الأنتخابات الخاصة بالكوتا المخصصة لشعبنا في مجالس المحافظات ، ربما كانت هنالك خروقات من جملتها فصل بعض العاملين في تللسقف والتي تبين بعد ذلك من بيان وقعه السيد كوركيس يوسف شمعون عن مكتب الأستاذ سركيس آغا جان ، بأن الأجراء الخاص بالفصل كان أجتهاد من قبل لجنة من لجان شؤون المسيحيين ولم يكن توجيهاً عاماً ، لذلك ينبغي التفكير بالمسألة بعيداً عن منطق الأتهام والتزوير .
الدروس والعبر المستخلصة تقول إن الأحزاب التي إئتلفت في قائمة عشتار كانت (صغيرة ) ولكنها بعد اتحادها وتوحيد خطابها اصبحت ( كبيرة ) ، واستطاعت ان تستقطب اوساط كثيرة من أبناء شعبنا على اختلافهم إن كانوا من الكلـــدانيين  او السريان او الآشوريين فقائمة عشتار كانت تجمع مكونات شعبنا بشفافية ودون روح استعلائية إنما كان فيها الندية والتكافؤ ، وعمل هؤلاء جميعاً بخطاب واحد وقلب واحد ، وهذا هو سر تفوقهم وإحرازهم مكانة مرموقة لدى مكونات شعبنا ، فكانوا جديرين بالفوز .
باعتقادي ينبغي ان نتعامل مع بعضنا بمنطق التفاهم والحوار وإعطاء مساحة واسعة لسماع الآخر إن كان يتفق مع خطابنا او يختلف معه . وعلى سبيل المثال حينما اكتب مقالاً فيه نقد للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري او لحزب اتحاد الديمقراطي الكلداني فإنهم ينشرون المقال برحابة صدر . لكن الحركة الديمقراطية الآشورية مع الأسف حصروا كل ما اكتبه من نقد بناء ، ولكون كاتبه حبيب تومي فيوضع على الرفوف ولا ينشر ، وتبدأ حملة النيل من حبيب تومي إن كان بالأيميلات تحت اسماء واهية ( مثقفي القوش و.. غيرها )  او عن طريق المقالات التي يفوح منها رائحة الأنتقام والتهجم .
 لقد احجموا عن نشر المقال الأخير الذي طالبت فيه بعودة المفصولين من الزوعا الى اعمالهم ، وانتقدت العملية وكان النقد بشكل رئيسي موجه للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الأشوري ، وهؤلاء نشروا المقال على موقع عشتار الألكتروني  برحابة صدر وتقبلوا النقد ، وأصدر المجلس البيان الخاص لتلافي الخطأ الحاصل  ، لكن الأخوة في الحركة الديمقراطية الآشورية ، ظلوا على موقفهم الرافض لاي نقد مهما كان نزيهاً وبناءً .
إن الدروس والعبر التي نستشفها من هذه الأنتخابات حيث فازت قائمة حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني في البصرة وفازت قائمة عشتار في بغداد والموصل ، واخفقت قائمة الرافدين ، سنقول في السياسة ليس هنالك  كبار وصغار بشكل دائم ، الصغار إن توحدوا اصبحوا كباراً ، نحن نعمل في السياسة ولا يوجد ضمانات ومواقف ثابتة ، هنالك مصالح ثابتة ، الناخب يقرر أين تكمن مصلحته ويضع إشارة الصح على ذلك الأسم او تلك القائمة التي يراها تعبر عن طموحاته .
لكن اقول واقول :
 تبقى العبرة المثالية في اننا يجب ان نتوحد على نطاق الحد الأدنى ،وذلك  بخوض الأنتخابات في قائمة مشتركة واحدة منطلقين من أرضية نكران الذات ، وهذه ستكون خطوة اولى لتعقبها خطوات اكبر . ونتمنى للحركة الديمقراطية الاشورية ان تستفيد وتستخلص الدروس والعبر من هذه التجربة ، وتهانينا لجميع الفائزين إنهم أبناء شعبنا قبل ان يكونوا اعضاء في احزابهم .
 حبيب تومي / اوسلو في 19 / 02 / 2009

379
في تللسقف ينبغي إعادة المفصولين الى وظائفهم
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no




في خبر اطلعنا عليه عبر موقع عنكاوا يقضي بفصل عدد من الموظفين من وظائفهم لاعتبارات سياسية ، وهذا باعتقادي ينافي مع المهنية التي ينبغي ان يتسم بها العمل الوظيفي بعيداً عن رياح السياسة واتجاهاتها وتقلباتها  .
إن الذين صوتوا للحركة الديمقراطية الآشورية مارسوا حقهم الطبيعي في الأختيار ، والحركة واحدة من تنظيمات شعبنا ونكن لها الأحترام والتقدير ، ونعاضدها كبقية التنظيمات السياسية لشعبنا إن كان حزب اتحاد الديمقراطي الكلـــداني او المجلس القومي الكلــداني او المنبرالديمقراطي الكلداني او الوطني الآشوري او حزب بيث نهرين او حزب شورايا او المنظمة الآثورية ، وجميع الأحزاب الآشورية الكثيرة ، ونعتز بكل الأحزاب الآشورية لولا فكرها الأقصائي المتشدد من قوميتنا الكلدانية العراقية الأصيلة ، ونأمل ان تزول تلك الأفكار الخاطئة في المستقبل ويسود الأحترام المتبادل بين مكونات شعبنا من الكلــــــدانيين والسريان والآشوريين  . 
في مكالمة تلفونية مع الأخ ضياء بطرس من عينكاوا أكد الرجل بعدم وجود هكذا توجه في الدعاية الأنتخابية لقائمة عشتار ، علماً ان الأستاذ ضياء بطرس كان هو المنسق والناطق الرسمي باسم قائمة عشتار . وفي هذه الحالة يكون فصل الموظفين في تللسقف من وظائفهم اجتهاد شخصي من قبل لجنة شؤون المسيحيين  . إن المفصولين وهم : صبري اليشاع شعيا ورمزي مروكي عوديش وحسيب خيا توما ، يقومون بأعمال ووظائف خدمية ، ويؤدون واجبهم وعلينا ان نقدر عملهم ونثمنه حينما يؤدون واجبهم الوظيفي بشكل مرضي ، ولا ينبغي في كل الأحوال تسييس العمل الوظيفي ، وليبقى كل  فرد حر في اختياره السياسي .
وفي تعميم اطلعت عليه صباح هذا اليوم في موقع عنكاوا وقعه  السيد كوركيس يوسف شمعون عن مكتب الأستاذ سركيس آغا جان جاء فيه :
(( نود إبلاغكم بأننا عازمون على الاستمرار في المسار الذي اتخذناه منذ البداية وان لا نفرق بين جميع افكار وتوجهات وانتماءات شعبنا السياسية والحزبية ولا يمكن اتخاذ اي إجراء او طعن او انتقاد لاي شخص كان يكون اساسه الانتماء الحزبي او السياسي او عقائدي.
وعلى جميع اللجان تنفيذ هذه التعليمات... وشكراً )) .                                                                       
رغم ان هذا تعميم جاء في الأتجاه الصحيح ، لكن بنظري هذا لا يكفي إذ يجب إعادة هؤلاء المفصولين الى وظائفهم ليتم تصحيح الخطأ بشكل جذري .
 أقول :
 لا اشك في ان لجان شؤون المسيحيين يقومون بدورهم المفيد في خدمة شعبنا ، وهؤلاء أحرار في ان يكون لهم توجهات سياسية ، لكن المهنية تقضي الا يؤثر توجههم السياسي على مقتضيات واجبهم الوظيفي التي ينبغي ان تتسم بالمهنية والحرفية والحيادية كما اسلفت .
 وهنا اهمس بأذن الأخوة في الحركة الديمقراطية الآشورية ، وأرجو ان يكون لهم صدر رحب وقلب مفتوح  لقبول الآخر وسماعه دون انفعال ، هل الحركة بعيدة عن هذا الخطاب ؟
 هل تقبل الحركة بتوظيف الموظفين في الدوائر الحكومية ، لا سيما في الوظائف العالية ، إن لم يكونوا موالين لخطابها ؟ هل تقبل  بتوظيف من يعارض خطابها ؟
وختاماً أقول : آمل ان يعود هؤلاء المفصولين الى وظائفهم ، وأن تتصافى القلوب ، وأن نحاول في المستقبل ان نشكل قائمة واحدة جامعة لجميع مكونات شعبنا من الكلدانيين والسريان والآشوريين ، وهذا هو الطريق الصحيح للعمل المشترك ، وإن طريق التهميش والأقصاء لا تكون نتيجته سوى التشرذم والتشظي والواقع الذي نعيشه يعكس هذه الحالة التي تدعو الى الأسف .
 حبيب تومي / اوسلو في 16 / 02 / 2009

380
برلمان اقليم كوردستان هل يَنصف شعبنا الكلــداني ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



لا يخف على كل ذي نظر الموقف الأنساني المشرف لاقليم كردستان ، رئاسةً وحكومةً وبرلماناً وشعباً ، مما تعرض له شعبنا الكلــــداني ، من عمليات الترهيب والأغتيال والتهجير ، ليس شعبنا الكلداني فحسب ، إنما كل مكونات الشعب العراقي .
 كان أقليم كردستان الأرض الطيبة التي احتضنت جميع أطياف الشعب العراقي دون تفرقة او تمييز . ربما كانت التكهنات تدور حول وجود إحساس بالأنتقام لدى طبقات الشعب الكردي كحاصل منطقي لما طال هذا الشعب  لعقود مضت حيث كانت كردستان ، بقراها واريافها ومرابضها ومزارعها ، ساحة مستباحة لعمليات عسكرية دائمة ، لكن باستمرار كانت القيادة الكردية وعلى رأسها القائد الكردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني يؤكد ، إن خلافنا ليس مع العرب ، إنما هو مع الحكومات .
 وهكذا اثبت الشعب الكردي انه شعب محب للحرية والبناء والتعايش السلمي مع جميع الأطياف العراقية في الوطن العراقي .
شعبنا الكلــــداني قطن هذه الديار منذ سحيق الأزمنة ، وتعايش مع كل مكونات هذا الشعب عبر الحقب التاريخية وكان يشكل البعد الأنساني المسالم لتقارب وتعايش كل فسيفساء نسيج المجتمع العراقي الجميل .
بعد تفكيك الدولة العثمانية ، صوّت شعبنا الكلداني لانشاء دولة عراقية ملكية دستورية ، وكان للكلــدان نصيب كبير في البرلمان العراقي في العهد الملكي  ، إضافة الى مجلس الاعيان المتكون من 20 عيناً كان واحدهم بشكل مستمر ممثل من شعبنا الكلداني ، وكان في اغلب الأوقات غبطة البطريرك المسؤول الأعلى للكلــــدان في العراق والعالم .
 إن هذه الحقوق قد تبخرت بعد الحكم الجمهوري ، إذ لم يعد وجود لمجلس الأعيان او لبرلمان حقيقي ، فكان حقنا نحن الشعب الكلــــداني قد تبخر مع حقوق الشعب العراقي عموماً بما فيهم الشعب الكردي الشقيق .
بعد سقوط النظام في نيسان 2003 تأملنا ان تعود حقوقنا وتمثيلنا الحقيقي حسب الثقل الديموغرافي الذي نمثله نحن الكلدانيـون ، لكن الحاكم الأمريكي بريمر همش حقوق شعبنا الكلداني  ومنحها لحزب آشوري متشدد ، وهو يعترف بمذكراته بفعله المنافي هذا . ومن يومها بدأ الأخوة الآشوريون ، يعملون جاهدين لمسك زمام الامور في مصير شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين بأيديهم .
نحن لسنا ضد ان يحكمنا الآشوريون ، لكن ان يكون في حكمهم نوع من العدالة والأنصاف والندية والتكافؤ ، فنحن الكلدانيون وقفنا الى جانبهم منذ هجرتهم الى العراق في مطاوي الحرب العالمية الأولى ، حيث اتخذت القبائل المهاجرة الأسم الآشوري لعرض قضيتهم في المحافل الدولية ، كشعب طاله التهجير والقتل والتنكيل  ، ومنحوا الاسم الآشوري لتمييزهم عن المسيحيين من الكلدانيين والسريان الذين لم يكن لهم اي إشكالات . نحن مع منح إخواننا الآشوريين كل الحقوق ، لكن لسنا مع تهميش شعبنا الكلداني تحت ذريعة  إننا شعب مسيحي واحد .
نحن نعلم ان رئاسة وحكومة وبرلمان كردستان لا يفرقون بين المكونات العراقية عموماً ، وبين المسيحيين انفسهم ولهم مواقف انسانية كريمة مشهودة حول ذلك ، لكن لا بد ان يكون هنالك نوع من التحديد ، فمثلاً فضائية عشتار التي ينبغي ان تكون ناطقة لكل المسيحيين دون تفرقة او تمييز ، نراها قد اصبحت آشورية حصراً ، وإن المساحات الأخرى غير الآشورية فهي كردية وعربية وتركمانية وأرمنية باستثناء الكلدانية ، فالأخوة الأشوريون قد نسوا أنفسهم أنهم كانوا يوماً  مضطهدين ومهمشين ، وهم اليوم يقومون بتهميش الكلدان في كل المناسبات .
كانت التفاتة ذكية ومسؤولة من برلمان أقليم كردستان حينما التفت الى الحلقات الضعيفة في المجتمع فكان زيادة حصة المرأة في التمثيل في البرلمان من 25 بالمئة الى 30 بالمئة ، وكان تخصيص مقعد للشعب الأرمني ، وخمس مقاعد لشعبنا  المسيحي من الكلــــدان والسريان والاشوريين . نحن لسنا ضد التوحيد لمكونات شعبنا ، لكن هذا التوحيد ينبغي ان يكون على اسس من المشاركة المتكافئة . ولا نريد ان نخرج من المولد بلا حمص دائماً . نحن الشعب الكلـــداني الأصيل في بلاد ما بين النهرين لا نريد ان تهمش قوميتنا الكلدانية ، فنحن السكان الأصليين في هذه البلاد ولم نهاجر اليها . إن الشراكة ينبغي ان تبنى على أسس واضحة مبنية على الشفافية والمصداقية والتكافؤ لجميع الأطراف فلحد الآن لم نلاحظ هذا الشئ ، إن فضائية آشور وفضائية عشتار والأموال المخصصة لشعبنا جميعها بيد إخواننا الآشوريين ونحن تابعبن لهم لا أكثر .
 إنني أهيب برئاسة الأقليم والحكومة والبرلمان الكوردستاني ، ان ينصفوا شعبنا الكلــــداني بما يستحقه ، اولاً  بإعادة تسميته القومية الكلدانية الى مسودة الدستور الكوردستاني وفي كل المواقع التي يفترض كتابة اسم القومية ، فقوميتنا الكلدانية قومية عراقية اصيلة وعريقة كما القومية العربية والكردية ، وشعبنا الكلــــداني يجب ان ينصف في اقليم كرستان ، إن كان وفاءً لمواقفه المخلصة في دعمه للثورة الكردية بالرجال والمال ، او بالشراكة والعلاقات التاريخية التي تربط بين الشعبين الكوردي والكلــداني عبر التاريخ الطويل .
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو في 13 / 02 / 2009 

381
لا مبرر لامتعاض رابي يونادم من فوز عشتار في الموصل
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no




في مقال سابق قلت لم تعد الحركة الديمقراطية الآشورية اللاعب الأوحد على السياسة لشعبنا المسيحي من الكلدانيين والسريان والآشوريين حيث ثمة قوى ناهضة تحاول ان تجد موطئ قدم على المسرح السياسي لشعبنا وبنظري ان هذه ظاهرة صحية لا غبار عليها فقد سئمنا مشهد الحزب الأوحد او الحزب القائد ، والأنسان السياسي ينبغي ان يعترف بالتغيير ، والثبات والتشبث بأمجاد الماضي ليس فيها كثير التعقل والحكمة في عالم السياسية ، وفي الحقيقة استغربت من تصريح رابي يونادم كنا في معرض تعليقة على نتيجة الأنتخابات ، ونشر موقع عنكاوا وكرملش لك وغيرها هذا التصريح وأنقله كما ورد في  موقع بكميدياً حرفياً :
 (( كنا: ميليشيا قائمة "512 عشتار" غيرت الأصوات لصالحها في الموصل
 
PUKmedia ليلى الشمري / بغداد       07/02/2009       15:55
قال النائب في البرلمان العراقي يونادم كنا عن قائمة الرافدين العراقية ان إنتخابات مجلس محافظة نينوى شهدت خروقات من قبل ميليشيا تابعة لقائمة (512 عشتار).
وقال كنا في تصريح خاص لـ PUKmedia " ان القائمة 512 عشتار إستخدمت منابر الكنائس في الموصل للترويج لها قبل الإنتخابات, وارسلت ميليشيا الى مراكز الإقتراع بحجة الحراسة لكنها قامت بتغيير الأصوات لصالحها.)) .
أقول :
قد يكون ثمة خروقات في عملية الأنتخابات ، لكن الحكومة  العراقية ومراقبين أجانب ومنظمات المجتمع المدني في العراق ، قد اتخذت الأجراءات الكفيلة بسير الأنتخابات بشكل سلس ونزيه ، وقد اجمع المراقبون على نجاح التجربة بشكل كبير . في الموصل بالذات التي شهدت تفوق قائمة الحدباء ، فلم تكن ثمة إشارات لوجود خروقات حدثت في مراكز الأنتخابات ، ولماذا لم يقدم الأستاذ يونادم اعتراض او احتجاج او شكوى خلال القنوات القانونية على تلك الخروقات إن حدثت فعلاً ، فلماذا وسائل الأعلام وليس القنوات او الجهات المختصة بتلقي الشكاوي .
 يقول رابي يونادم ان قائمة عشتار استخدمت منابر الكنائس في الموصل ، واستشفي من الكلام انه يقصد كنائس مدينة الموصل وليس كنائس محافظة نينوى عموماً ، فهل اصوات مدينة الموصل بالتحديد هي التي أهّلت قائمة عشتار 512 للفوز ؟ أم أن عموم محافظة نينوى هي التي أهلتهم على الفوز ، فهل كانت منابر الكنائس الأخرى في عموم المحافظة مثلاً : القوش تلسقف تلكيف بغديدا كرملش باطنايا برطلي .. هل منابر هذه الكنائس سخرت للدعاية  لقائمة عشتار ؟
 وإلا حسب تصوري فإن الأصوات في الموصل ( المدينة) لم يكن لها التأثير الحاسم على ترجيح كفة هذا الطرف على الآخر لولا عموم المحافظة .                                                                                                                   النقطة الأخرى التي أثارها الأستاذ يونادم كنّا في معرض تصريحه أن قائمة عشتار أرسلت ميليشيا الى مراكز الأقتراع بحجة الحراسة لكنها قامت بتغيير الأصوات لصالحها .
مرة أخرى تطفو على السطح أسئلة وتفرض نفسها : هل لقائمة عشتار ميليشيا ونحن لم نسمع بها ؟ هل يقصد الأستاذ يونادم أفراد الحراسات الليلية في مدننا وقرانا ؟
 وهل بإمكان اية ميليشيات ان تغير نتيجة الأنتخابات لصالحها ؟
 أم  يقصد رابي يونادم قوات البيشمركة ؟
 فما مصلحة هذا القوات في ان تغيير الأصوات لصالح قائمة عشتار ؟
 لماذا لا تغيرها لصالح قائمة نينوى المتآخية التي ستستفيد من نتائجها ؟ وإن كانت قوات البيشمركَة قد سلكت هذا السلوك لماذا لم تؤثر على النتيجة في الموصل والتي رجحت كفة قائمة الحدباء في الفوز بالأكثرية في المحافظة وعلى حساب قائمة نينوى المتآخية التي يدخل في تكوينها الأحزاب الكردية .
 إذن هل نستطيع ان نجيّر تصريحات الأستاذ يونادم لحساب بأنها جزء من خطاب لتحالفات جديدة في المنطقة وإن هذه التصريحات تأتي لمغازلة حلفاء جدد ، من باب : عدو عدوي صديقي .
وأتمنى ان لا ترتفع عقيرة رفاقي الأعزاء في الحركة الديمقراطية الاشورية بأن همّي الوحيد هو نقد خطاب الحركة ، فانا أحترم رابي يونادم وأحترم الحركة وأحترم كل رموز شعبنا إن كان رابي يونادم او رابي سركيس آغا جان او الأستاذ ابلحد افرام او الدكتور حكمت حكيم او الأستاذ ضياء بطرس او الأستاذ سعيد شامايا او الأستاذ رئيس الحزب الوطني الآشوري ، وكل الرموز السياسية لشعبنا وتنظيماتهم ، لكن تبقى عملية النقد حالة شرعية وصحية ايضاً  ، فأني مثلاً انتقد كل من رابي يونادم كنا ورابي سركيس آغا جان لمحاولاتهم طمس هويتنا الكلدانية ، بمنحهم لنا اسماء منظمات تابعة لهم لتكون اسماء لشعب يحمل تاريخ وله دور مشهود له ببناء حضارات على هذا الوطن فإن محاولاتهم طمس قوميتنا الكلدانية عملية غير منطقية وغير معقولة وتدخل ضمن خطاب إقصائي لا مبرر له .
أعود الى عنوان الموضوع ، برأيي مهما كانت النتيجة كان يجب الأقرار بنتائجها  وقبولها بروح رياضية ، وكان يجب تقديم التهاني المتبادلة بهذه المناسبة ، وكل طرف يهنئ الطرف الفائز وكل الأطراف فائزة ولو إنه فوز متواضع ، وكان ينبغي ان تكون النتيجة حافزاً لمراجعة الأوراق والمواقف ، وبنظري كان ينبغي ان تكون النتيجة ايضاً حافزاً لتصفية القلوب وتنقيتها من الشوائب بدلاً من التفكير بتبادل الأتهامات والتخندق في المصالح الحزبية لتصفية حسابات .
 إنه أمر مؤسف ان نكون محصورين في قوقعة ويطالنا كل هذا الظلم والتهميش والقتل والتشرد والأهمال ، وفوق ذلك نسمع ونقرأ كل هذا الضجيج حول وحدتنا وعلى زعم إننا شعب واحد وحول الخطاب الهجومي والمدفعية الكلامية التي نتعرض لها ، كل ذلك بسبب الواوات التي نضعها لجمع تكوينات شعبنا التاريخية الجميلة ، وتحتوي شعبنا في وحدة واحدة مباركة ، لكن هؤلاء الذين ملأ ضجيجهم كل مكان حول الوحدة هم الذين يعملون تفرقة الصفوف ، ويعملون على إسكات كل الأصوات التي تدعو الى العمل المشترك بشكل ديمقراطي بعيداً عن مفاهيم الفسلفات الأديولوجية التي فرقت صفوفنا شذر مذر .
 
حبيب تومي / اوسلو في 09 / 02 /

382
انتقاد الزوعا وغيرها أليس من اساسيات حرية التعبير ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
 الكتب الدينية المقدسة لا يمكن التفكير بنقدها ، فالويل والثبور لمن يجاهر بنقده للمقدسات الدينية ، هذه الكتب مهما ورد فيها هو مقدس لا يجوز ان يطاله النقد ، فهو معصوم من الخطأ ، الأحزاب الأديولوجية الشمولية إن كانت دينية او قومية حصنت نفسها بتلك الأسوار ولا تقبل اي نوع من النقد لخطابها ، فالحزب هو الذي يتجشم عناء النضال والكفاح من اجل اهداف الأمة ونحن علينا ان نعلن ولائنا وخضوعنا للحزب القائد او للرفيق القائد فنحن مشاريع استشهاد متى ما يرفع القائد بإشارته لنا ونحن نهتف له : بالروح بالدم نفديك يا قائد .
  اطلب من الذين يأملون في تقديس رأي حزب الحركة الديمقراطية الآشورية ، بأن عليهم ان يسمعوا رأينا دون تشنج وبعيداً عن استعمال العنف اللفظي . ولدي قصص عن تصرفات رخيصة ، لأعضاء او موالي الحركة ، لمنع ترويج كتابي عن القوش ..  في ديترويت ، ولعل اندفاع الأقلام بحماس للتوجه نحو كل من تسول له نفسه في توجيه اي كلام يشم منه رائحة النقد ، فتنهال تلك الأقلام بحركة موجهة هجومية واحدة .
 إن هذا الأسلوب يذكرني  بصحف وإذاعات القاهرة في اوخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن الماضي حيث كان للصحافة والأذاعات المصرية اسلوب هجومي لا هوادة فيه ، وفي وقتها كان تهجماً على العراق وعلى عبد الكريم قاسم لانه لم يؤيد الوحدة الفورية تحت زعامة عبد الناصر ، وكان اندفاع الأعلام الموجه بالطاعة العمياء دون تمحيص او تدقيق قد عمل من " عباس بيزة ، القواد ، ومن العاهرة حسنة  ملص " ان جعلهما مناضلين مقاومين لحكم قاسم ، إذ كان عبد الكريم قاسم جل اهتمامه في سعيه الى رفع الهوية العراقية والوحدة العراقية قبل الوحدة العربية ، فاتهم بالتآمر وخيانة الأمة والوحدة العربية  الى آخره ، هذا هو الأعلام الموجه من قبل الأحزاب والحكومات الشمولية .
إن الأحزاب القومية الأديولوجية ترى في اهدافها ومشاريعها خلاص الأمة ، وإن اي نقد موجه لهذه الأحزاب يصب في خانة العمالة والأسترزاق والتآمر والخيانة ، وأنا بهذا الصدد مستغرب من الطاقم المنافح عن خطاب الحركة الديمقراطية الآشورية وما يبذله هذا ( الطاقم ) من جهود وعنف كلامي وإرهاب فكري لكل من يسطر مقالاً ينتقد فيه خطاب الحركة في أمر ما . أنا لا انكر وجود مقالات تتسم بالنقاش الهادئ والحوار الحضاري ، لكن في اغلب الأحيان يصلني كلاماً فيه القساوة والعنف اللفظي وأحيانا يكون على شكل مدفعية كلامية . وكمثال غير حصري فقد وصلني خطاب على طريق الأيميل الشخصي يقول كاتبه :
God bless zawaa                                                                                       
aten dot sh8ela kha 100000$ men rabokh kurdjan mn hatekh tet hmzome so nakhpetwa al ganokh en etlokh sharef hmzme al bathenjan ...zowaa ele taj rasek o ras akhabathenjan o taj ely khalok tkteb 7na3 ok ya kurdy jaef
والترجمة واضحة بأنني قد استلمت مئة الف دولا من رابي كوردجان .. الخ من الكلام الرخيص ، وفي الحقيقة ارسلت جواب للمرسل ليرشدني الى مسؤوله الحزبي في الزوعا لكي أطلع على طريقة التثقيف الحزبي التي يسلكها حزب الحركة الديمقراطية الآشورية لاعضائه . إن هذه رسالة معتدلة قياساً بغيرها التي الفاظها سوقية تندرج في ألفاظ وكلمات تربية الشوارع . إضافة الى النيل من شخصيات شعبنا امثال ، رابي سركيس آغا جان وانطوان الصنا وغيرهم .
أحد ابنا شعبنا اعتقل في الموصل مع آخرين بتهمة الأختلاس ، وهذا الرجل قد يكون أخي او ابن عمي او ابن عمك او أخوك ، والأنسان معرض الى الخطأ ، والمسألة طبيعية ليس فيها وجه الغرابة ، ولا يفرق من يكون هذا الشخص من الحركة الديمقراطية الآشورية او من حزب آخر انه نال جزاءه وهذه مسألة طبيعية لا تحتاج الى أدلجتها ، لكن أحد الأخوان وضعها في قالب ثوري وبشر الشعب العراقي ببراءة احد ابنائه ، وحينما ذكر الأب عمانؤيل ان الرجل حكم سنة واحدة وأطلق سراحه لانه بقي في الموقف اكثر من محكوميته ثارت الثائرة على الأب عمانوئيل واضطر الرجل ( رابي عمانوئيل ) على إدراج صورة الحْكْم حينما اتهم باختلاق رواية الحكم وطعن بمصداقيته .  ووصفه احد المنافحين عن الأعلام الموجه للحركة  بأن رابي عمانوئيل ملاكم (كذا) ، ولم يسلم ايضاً بعد إدراجه صورة الحكم من التعنيف والتقريع .
في نفس السياق لا اخف استغرابي من مقال للاخت الفاضلة تيريزا ايشو والموسوم " على قائمة نينوى المتأخية تعليق عضوية الحزب الوطني الاشوري فيها الان وقبل الانتخابات " قرأت فيه دفاع مستميت عن الحركة الديمقراطية وهذا حق طبيعي للاخت الكاتبة لا غبار عليه ، لكن  المقال تضمّن في حيثياته مطالب من الأحزاب المؤتلفة في قائمة نينوى المتآخية التخلص من الحزب الوطني الآشوري وأخرى انتقاماً من الأب عمانوئيل . في الحقيقة كما قلت ابديت استغرابي في هذا المقال ، فقد التقيت بالأخت تيريزا ايشو في الدانمارك على هامش لقائنا بغبطة الكردينال عمانوئيل دلي ، وتوسمت في الأخت تيريزا تلك الأنسانة المعتدلة في أحكامها وحرصها على وحدة شعبنا وان تكون اكثر اعتدالاً من هذا الخطاب ، إنا اختلف كلياً مع رؤية الأب عمانوئيل في رؤيته الأقصائية لقوميتنا الكلدانية العراقية الأصيلة ، ولكن مع ذلك لا يمكن ان اطلب ما يشبه الأنتقام منه ومن حزب ينظم تحت سقفه شريحة من ابناء شعبنا ، فكل إنسان حر في رأيه وإن اختلفنا فإن هذا الاختلاف لا ينبغي ان يفسد للود قضية ، وألا يكون مبعث للانتقام ، كما وأرجو من الأخت تيريزا ان تتقبل كلامي بروح رياضية .
في هذا السياق ايضاً يكتب الأخ الفاضل شمعون شليمون مقالاً يقول فيه انني وضعت نفسي في خصام دائم مع الحركة الديمقراطية الآشورية ، لا أدري لماذا يضع النقد البناء لخطاب الحركة انه خصام ، فأسال الأخ شمعون لماذا اخاصم الحركة في حين أنا لا أنتمي الى حزب سياسي ، انا انتقد اي خطاب يعمل على الغاء وإقصاء قوميتنا الكلدانية إن كان من قبل الزوعا او من قبل غيرها من الأحزاب الشمولية او الكتاب .
يقول الأخ شمعون : ((كما تعلم اخي حبيب الحركة الديمقراطية الآشورية لا تؤمن بأن هناك ثلاث قوميات أسمها آشورية كلدانية سريانية. بل تؤمن بأن هناك قومية واحدة لها إشكالية في التسمية بسبب اللإنقسامات الكنسية والطائفية. كما أن الحركة عندما تبنت التسمية الآشورية كانت لأسباب عديدة ومتعددة ومن ساهم في تثبيت هذه التسمية كانموا من أبناء الكنيسة الكلدانية والسريانية الآثذوكسية )) .
أخي الفاضل شمعون شليمون : الكلدانية قومية عراقية اصيلة وكانت موجودة قبل هجرة القبائل التي اتخذت التسمية الآشورية الى العراق في مطاوي الحرب العالمية الأولى ، ولا يوجد هناك مذهب كنسي كلداني فإنك يا اخي تلعب دور من لا يعلم ولا يعلم انه لا يعلم ، فالمذاهب الكنسية معروفة هي الأرثوذكسية والبروتستانتية والكاثوليكية والنسطورية ، ولا يوجد في القاموس الكنسي مذهب اسمه المذهب الكلداني إلا في مخيلة الذين لا يعلمون ولا يعلمون انهم لا يعلمون ومع الأسف انت واحد منهم .
 اما إن كان من ابناء شعبنا الكلداني من انخرط بأحزاب آشورية او عربية او كردية فهذه مسألة طبيعية ولكل إنسان حرية الأنتماء السياسي ، وإن كان كما تعتقد ان منهم من نكر قوميته الكلدانية ، فهذا امر ليس بالغريب ايضاً ، فالتاريخ يخبرنا بالكثيرين من الأكراد ممن استعربوا او استتركوا ، وإن هنالك آلاف الأكراد ممن تركوا ابناء جلدتهم وانخرطوا من ، اجل مصالحهم ، بالتطوع  في صفوف القوات التي كانت تحارب شعبهم الكردي ، فالمسالة ليست نادرة الحدوث .
 اليوم علمنا بفوز ثلاثة من ابناء شعبنا واحد من قائمة الحركة الديمقراطية تلآشورية وآخر من حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني وثالث من قائمة عشتار ، إن ثلاثتهم من ابناء شعبنا ونعتز بهم ويشرفنا فوزهم دون تفضيل واحدهم على الآخر .
في المقال الأخير تناولت فيه نقد لكل من الحركة الديمقراطية الآشورية وحزب اتحاد الديمقراطي الكلداني والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، وإن الأخيرين تقبلا النقد بروح رياضية ونشروا المقال على مواقعهم في حين رفضت الحركة نشره على موقعها زهريرا .
نحن نعتز بالحركة الديمقراطية الآشورية كحزب له تارخ نضالي ، لكن ينبغي ان يؤمن بحرية الفكر ، وإن يتقبل الرأي الآخر ، وإن لا تكون ردود فعل كتابها مشوبة بالتشنج والعاطفة ، فالحركة يمكن ان تصيب ويمكن ان تخطئ ، وإن الحوار الحضاري الهادئ يقودنا الى التفاهم ومن ثم قبول بعضنا البعض وإن مقالك الأخير يدخل في هذا السياق ، إنه طريق سليم للتفاهم .
حبيب تومي / اوسلو في 7 / 2 / 2009

383
الحركة الديمقراطية الآشورية لم تعد اللاعب الأوحد في الساحة 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no




لا اريد ان اثير التكهنات او إطلاق  احكام استباقية  في مسألة من سيفوز من ابناء شعبنا في الأنتخابات التي جرت يوم 31 / 01 / 2009 وفي الحقيقة ليس مهماً من سيفوز ، إنهم ابناء شعبنا ولا فرق بينهم ، إن كان من حزب كلداني او حزب آشوري ، فقط نقول لمن يفوز مهما كانت وجهته السياسية او مستقلاً ، اولاً ، مبروك الفوز ، وثانياً ، فإن واجبه ان يفي بما وعد به شعبنا في برنامجه الأنتخابي .
في الأنتخابات السابقة استحوذت الحركة الديمقرالطية الآشورية على حصة الأسد من اصوات شعبنا ، وكانت الحركة تتماهى  بتاريخها النضالي اولاً ، وثانياً خلو الساحة من منافس ندّي لها ، بحيث يملك ما تملكه الحركة من إمكانيات مادية وإعلامية . وهكذا احتفظت الحركة عبر السنين المنصرمة وبالضبط من  2003 حيث تاريخ سقوط النظام ، ولحد اليوم تكاد تكون اللاعب الوحيد كممثل قوي لشعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين على الساحة السياسية العراقية عموماً ، إن المنافس الوحيد كان حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني الذي كان يفتقر كثيراً الى مقومات مالية لتمشية أموره ، لكن من جانب آخر رغم اواصر الصداقة التي تربطني مع الأستاذ ابلحد افرام وكوادر آخرين من الحزب ، مع عدم اخفاء تعاطفي مع الحزب باعتباره اول حزب كلداني ينهض في الساحة السياسية العراقية ، مع ذلك ارى من باب النقد البناء ان الحزب عموماً لم يبذل مساع جدية للتوسع بين الجماهير الكلدانيـــة ، وهذا تقديري ربما اكون مخطئاً في حساباتي او في تصوري . 
إن الأحزاب السياسية الكلدانيــــة لم تستطع مجاراة الحركة الديمقراطية الآشورية  ولم تقدر على التنافس الندي معها ، حيث كانوا والى اليوم يفتقرون الى الدعم المادي المتوفر للاحزاب الآشورية وفي مقدمتهم الحركة الديمقراطية الآشورية بالذات . أجل كانت الحركة تستأثر بموقع الصدارة كلاعب سياسي رئيسي على ساحة شعبنا السياسية ، إن موقعها قد تعزز حينما منحها بول بريمر المقعد الوحيد المخصص للمسيحيين في مجلس الحكم الذي انبثق بعد سقوط النظام ، إن موقف بريمر هذا قد مهد للحركة ان تشق طريقها بسهولة  ، لتستحوذ على الساحة السياسية لشعبنا ولتشغل المقعد الوحيد لشعبنا في البرلمان العراقي ، وطيلة تلك الفترة لم يكن ثمة تنظيماً ندياً يصارع الحركة ، ومن هذا الأعتداد بالنفس كانت الحركة تنأى بنفسها عن اية تحالفات مع قوى ناهضة لشعبنا ، وكان التعويل على مجدها التاريخي وهو محور خطابها ، والدعامة التي تستند اليها في خوضها مختلف الأنشطة السياسية بما فيها الأنتخابات .
الذي حدث هو انبثاق قوى آشورية أخرى  بمساندة ودعم من رابي سركيس آغا جان ، وهو المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، ورغم ان المجلس لا يختلف عن الأحزاب الآشورية الأخرى في القضاء على الأسم الكلداني والقومية الكلدانية العراقية الأصيلة ، وتجلى ذلك حينما ساهم رابي سركيس على إلغاء اسم القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكردستاني ، وليس ذلك موضوع هذه المقالة ، فأعود وأقول :
إن المجلس الكلداني السرياني الآشوري كان يحمل مقومات البقاء والأستمرارية فمن ناحية له سند مالي قوي ، ورغم خطابه الآشوري الواضح المتمثل في فضائية عشتار الآشورية 99 بالمئة ، فإنه اكثر انفتاحاً وتساهلاً من الحركة الديمقراطية الآشورية مع بقية مكوناة شعبنا من الكلدان والسريان .
 من جانب آخر يقف على رأس المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري رجل كلــداني ليبرالي هو الأستاذ جميل زيتو الذي يمتاز بأفقه السياسي والقومي المنفتح ، وبفضل مثابرة هذا الرجل وتفانيه شق المجلس طريقه نحو ايجاد تنظيمات فاعلة على الساحة السياسية لشعبنا المسيحي عموماً ، واستطاع المجلس من استقطاب قوى آشورية وكلدانية وسريانية لخطابه وتجلى ذلك في قائمة عشتار ، والتي تزعّم حملتها الأنتخابية سكرتير المجلس القومي الكلداني وهو الرجل الكلداني المثابر ضياء بطرس . وهكذا اتيح لهذه القائمة ان يتوفر فيها كثير من عناصر القوة ، ونالت كثيراً من الأضواء بفعل الأمكانات المادية المتاحة لها والعوامل المساعدة الأخرى التي مر ذكرها . 
إن قائمة الحركة الديمقراطية الآشورية قد تفوز بهذه الأنتخابات وقد يفوز غيرها من قوائم شعبنا او من المستقلين ومهما كانت النتائج ، فإن الحركة لم تعد ذلك اللاعب الوحيد والرئيسي في ساحتنا السياسية ، وينبغي على الحركة كحزب سياسي ان تأخد هذه الحقيقة على محمل من الجدية ، وإلا ستتزايد خسائرها مع مرور الزمن وعلى ضوء ما يجري من تحولات على الساحة السياسية لشعبنا .
من باب الصراحة اقول : من خلال المناقشات النقدية التي كنت اثيرها حول خطاب الحركة ، استنتجت ان الحركة تريد حصري في دائرة الأعداء ، ولكي يكون في خطابها شئ من الأثارة كانت تقول ان حبيب تومي يعمل على تمزيق الأمة ، على اعتبار ان الحركة هي ممثلة الأمة ونقد الحركة هو نقد موجه للامة وبالتالي هو يعمل على تمزيق وحدة الأمة وهذا إثم يصل الى تخوم الخيانة ، ولا اريد ان أذهب بعيداً في هذا الموضوع لانني سأتطرق الى موضوع نقد خطاب الحركة الديكقراطية الآشورية وردود الفعل الأنفعالية التي لا مبرر لها من قبل منافحي خطاب الحركة ، وذلك في مقال خاص وأرجو ان يتسع صدرهم لقبول الخطاب النقدي .
بالرغم إن الأنتخابات التي جرت يوم امس لم تكن انتخابات سياسية عامة تقرر مصير القوى السياسية ، لكنها كانت بمثابة  جس نبض الشارع العائد لشعبنا إن صح القول ، لما سيؤول اليه الحال في انتخابات البرلمان المقبلة ، وارجو ان تقتنع احزابنا السياسية بما فيها الأحزاب الكبيرة ، بأن البساط سيجر من تحت أقدامها ، إن لم تراجع نفسها وتنظر الى مرآة صافية وتمارس النقد الذاتي البناء ، وأمام هذه القوى فكرة : طيبة مريحة مباركة حكيمة  وهي الأنخراط في  قائمة مسيحية واحدة وتكون تحت اسم عراقي اصيل ، وعندها سنقول ان احزابنا القومية ترجح مصلحة شعبنا على مصلحتها الحزبية الضيقة ، وستعزز مكانة هذه الأحزاب في قلوبنا . وعندما اقول احزابنا الكبيرة اقصد في المقدمة الحركة الديمقراطية الآشورية التي جعلتها عنواناً لمقالي اليوم
حبيب تومي / اوسلو في 01 / 02 / 2009
       

384
نادي بابل الكلــداني في بغداد ذلك الجندي المجهول    
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



بيتنا الكبير هذا ما كنا نطلقه على نادي بابل الكلداني في بغداد والذي ناهز عمره اليوم على أريعة عقود من السنين ، حيث كان تأسيسه في التاسع من آذار 1971 م .
كان هنالك نخبة من الشباب من شعبنا الكلـــداني أزمعوا على وضع اللبنة الأولى لتأسيس نادي يحمل الأسم الكلداني ، وهو اسم قوميتنا الكلدانية العراقية الأصيلة . البدايات كانت متواضعة ، لكن بمرور الأيام والسنين انطلقت تلك البذرة الكريمة ، لتغدو شجرة باسقة يانعة ، ودأبت ترسل ظلالهاالوارفة  ليستظل بها شبابنا وعوائلنا وأطفالنا في العقود اللاحقة  والى اليوم .
تداولت على النادي ، وبعد كل انتخابات ديمقراطية ، هيئات ادارية جديدة ، وبمقدوري ان ازعم ان هذه الهيئات المتطوعة التي تفوز في الأنتخابات ، واللجان المختلفة التي كان تنبثق من بين اعضاء الهيئة العامة ، كانت بمجموعها تعمل بقلب واحد وفريق واحد ، وكان شغلها الشاغل خدمة النادي وإعلاء شأنه ، وإن كان ثمة تباين في الآراء السياسية لدى النخب الفائزة ، فإن القاسم المشترك الذي يجمعها كان خدمة النادي وتطويره وديمومته .
تفرعت مهام النادي فكان يقيم الحفلات الترفيهية العائلية وينظم السفرات السياحية ، ويقيم العروض المسرحية والنشاطات الفنية المختلفة ، فكان تظهر بين حين وآخر قابليات فنية غنائية او مسرحية والأسماء كثيرة لا مجال لذكرها . كانت هنالك لجان تنطلق للعمل بروح حماسية ونكران ذات وهي مرتبطة بالهيئة الأدارية مباشرة ، لقد كان ثمة اللجنة الأجتماعية التي تبادر الى حل مشاكل اجتماعية عويصة من بينها مشاكل عائلية يتفق الطرفان على توسط اللجنة الأجتماعية في النادي لحل المشكلة ، وفعلاً افلحت هذه اللجان في التخفيف عن المرضى والى حل مشاكل بين العوائل والأزواج وكان شعار اللجنة الطريف يقول : طوبى لمن يفلح في جمع رأسين على وسادة واحدة .
في وقت الحصار في العقد الأخير من القرن المنصرم عكف النادي على توزيع المعونات المالية على محتاجيها والتي كانت تصل من الخيرين في امريكا ، ويقوم النادي بتوزيعها رغم الحظر الذي كانت تفرضه الحكومة على مثل هذه النشاطات ، ويوزع النقود على المحتاجين ولا يبقي شيئاً منها لنفسه رغم انه كان بحاجة ماسة الى بعض تلك المبالغ لتمشية اموره . لقد نشطت اللجان في تلك الفترة وسجلت الأسماء ووزعت المبالغ رغم علمنا بأن الحكومة لا تسمح بذلك النشاط ، إذ كان تلقي مبالغ من الخارج اي دولة اجنبية يعتبر جريمة كبيرة يترتب عليها اقسى العقوبات .
كان هنالك لجنة فنية وأخرى ثقافية والتي كان لها دور كبير في بلورة ثقافتنا وتاريخنا ومأثرنا ولغتنا ، لقد نظمت دورات لتعلم اللغة الكلدانيـة ، وكانت مسرحيات وأغاني باللغة الكلدانية . لكن يأتي في ذروة  نشاطات النادي تلك المهرجانات الثقافية في فصل الصيف ، كان المهرجان الأول عام 1995 وأعقب ذلك مهرجان ثقافي كل سنة ، وكانت هذ المهرجانات حافلة بالأنشطة الثقافية والفنية ، ويستقطب جمهور كبير من ابناء شعبنا ، كما ويصدر في كل مهرجان مجلة ثقافية ، حتى اصبحت هذه المجلة فيما بعد تصدر بشكل مستقل عن المهرجان الثقافي ، وتعرف المجلة باسم " صدى بابل " .
في عام 1995 كان هنالك مؤتمر بطريركي للكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني في بغداد ، وخصص النادي يوماً لدعوة المؤتمرين الى النادي ، وكان يوم 18 /10 / 1995 يوماً مشهوداً في نادي بابل الكلداني حيث حضر المؤتمرون وعدد كبير من الكهنة والراهبات وحضر في مقدمتهم المرحوم غبطة البطريرك مار روفائيل الأول بيداويد والسفير البابوي وعدد من المسؤولين في الدولة . لقد القيت الكلمات في تلك المناسبة وافتتح معرض للخط  والكتاب الكلدانــي ، وقد اطلق على ذلك اليوم اسم
                                         " يوم بابــــل "
 وحينما تحدث غبطة البطريرك مار روفائيل بيداويد قال في كلمته " إن نادي بابل الكلــــداني مدرسة اجتماعية " .
 اتذكر في انتخابات عام 1999 حينما كنت من بين الفائزين في تلك الأنتخابات ، انيطت بي سكرتارية النادي ومسؤولية اللجنة الثقافية ، فقد عملت في حينها الى ضم نخبة كبيرة من ادباء وكتاب وفناني شعبنا ، فكانت لجنة عريضة من اكبر اللجان في النادي ، وكان فيها اسماء كثيرة لها الباع الطويل في الكتابة والأدب والفن والمجالات الثقافية عموماً .
كان للنادي علاقات ثقافية واجتماعية طيبة مع سائر النوادي والجمعيات التابعة لشعبنا كمثل غير حصري نادي سومر وجمعية آشور بانيبال الثقافية ، ولم يكن هنالك فسحة او مجال للتفرقة والشقاق بيننا ، وفي الحقيقة كانت ثمة تناغم وتعاون بين ما كان معروفاً بالناطقين بالسريانية من الكلدانيين والسريان والآشوريين ، وهذه حالة طبيعية كان يؤسس لها ، فقد ورد في الصفحة الثانية من مجلة قالا سريايا عام 1978 وغيرها عبارة تقول :
مجلة قالا سريايا تصدرها الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية من الآثوريين والكلدان والسريان ، ولم يكن هنالك ما يعكر صفاء تلك العلاقات الطيبة ، الى ان انطلقت الأحزاب القومية الأديولوجية الأثورية ورفعت شعارها العنصري في أقصاء الآخرين وجعلهم تابعبن للاسياد الآشوريين .
 لقد وصلت تلك الحالة المؤسفة بعد نيسان عام 2003 ان يلجأ بعض الأخوة من مواكبي الفكر الأقصاء الآشوري الى طلب تغيير الأسم الكلداني كشرط لتقديم الدعم المادي للنادي ، وهم يعلمون مدى حاجة النادي الى المال لدفع الأيجارات العالية والى اليوم يمضي الخطاب الآشوري المتزمت بالعمل على إقصاء كل ما يوحي الى الشخصية الكلدانية والقومية الكلدانية العراقية الأصيلة .
رغم ان عوامل كثيرة كانت ولا زالت تهدد وجود وديمومة النادي ، وفي مقدمتها يأتي العامل المادي . إذ كان في وقتها مجال لاقامة حفلات وسفرات ومسرحيات ، بالأضافة الى تأجير النادي لمتعهد  وكان ريع هذه النشاطات  يستفيد منها النادي في تغطية الأيجار والمصاريف الأخرى ، لكن مع تردي الأوضاع ، اصبح من غير الممكن تحقيق اية ارباح ، ورغم ان صاحب بناية نادي بابل في المسبح ، وورثته من بعده ، كانوا اناس طيبين ومتعاونين ويحبون خير النادي نظراً للعشرة الطويلة بين صاحب البناية وبين الهيئات الأدارية المتعاقبة طيلة هذه العقود ، إلا ان نادي بابل الكلداني يظل هاجسه الرئيسي قائماً لافتقاره الى بناية ثابتة يجتمع بها ابناء شعبنا الكلــــــداني واصدقائهم .
اليوم نادي بابل الكلداني في بغداد يبقى وحيداً يصارع الزمن ومصائبه وقسوته ، ومع الأنفراج الملحوظ في الوضع الأمني يحاول المخلصون في النادي من إعادة الحياة  والنهوض ومزاولة نشاطاته الأجتماعية والثقافية والفنية ، ويقف على رأس الهيئة الأدارية اليوم الأستاذ عاد فرج قس يونان ونخبة من الشباب ، ,وإنني في هذا المقال احث منظماتنا الكلدانيــــة في المهجر الى الألتفات لهذا الصرح الجميل الذي صمد في ظروف قاهرة ، وأدعوهم لمساعدته لكي يستطيع الأستمرار في بقائه ومزاولة نشاطه الأجتماعي والثقافي والفني وليعود مرة أخرى كما كان وبمثابة مدرسة اجتماعية .
حبيب تومي / اوسلو في 29 / 01 / 2009 

385
القوى العلمانية هل تفجر مفاجأة في الأنتخابات العراقية ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


الأنتخابات على الأبواب في نهاية الشهر الحالي والمرشحون يحبسون انفاسهم منتظرين مزاج الناخب العراقي والى من سيدلي بصوته الثمين ، إنها لحظة ترقب وصمت وتأويلات ، ونتائج البيدر قد لا توافق حسابات الحقل ، فمزاج المواطن ولحظة إدلائه بصوته والتعبير عن قناعته ليس من السهل ضمانها لاي فريق ، وامام تلك اللحظة تظل المخاوف قائمة لاسيما بالنسبة للقوى التي تملك نفوذ وسلطات وموارد ، وهي تتربع على عرش الأكثرية وهي تتوجس خشية من اهتزاز تلك المكانة وتغيرها نحو التقليص والأنكماش . وفي دنيا الأنتخابات كما هو معلوم ،ثمة احتمالين للنتيجة لا ثالث لهما فإما الفوز وإما الخسارة .
لا ريب ان عملية الأنتخابات التي ستجري في نهاية هذا الشهر تعتبر علامة فارقة لقدرة القوى والأحزاب السياسية ولها اهمية اختبارية لخوض الأنتخابات البرلمانية للدورة المقبلة في نهاية هذا العام .
في هذه الأنتخابات ثمة صراع بين القوائم المختلفة ، وصراعات أخرى داخلية بين القوائم المتحالفة نفسها ، لكن هنالك صراع آخر يلوح في الأفق  ويتبلور بجلاء على الساحة السياسية العراقية ، وهو مرشح للاستقطاب في مجريات الأنتخابات المحلية في نهاية هذا الشهر وفي انتخابات البرلمان العراقي في نهاية هذا العام او في بداية العام القادم ، وهو نزوع الناخبين نحو القوى العلمانية وهذه ما تلوح نحوه مؤشرات المراقبين للعملية السياسية في العراق .
 إن حصيلة الأعوام المنصرمة من عمر مجلس النواب ومجالس البلديات لم تكن في صالح الأحزاب والقوى الكبرى المهيمنة ، حيث فشلت هذه القوى في تسهيل حياة المواطن بتوفير الخدمات الحياتية الضرورية في حياته اليومية ، في جانب لا بد من الأعتراف بتحقيق تقدم ملحوظ في استتباب الأمن والأستقرار في بغداد والمدن العراقية عموماً . لكن جوانب الحياة الأخرى لم تمض في المسار الصحيح ، فآلية المحاصصة الطائفية بقيت ملازمة طيلة السنين المنصرمة ، وإن المصالحة التي نسمع عنها كانت عبارة عن محاولات استرضائية لهذا الطرف او ذاك وفي احسن الأحوال كان بتقديم شئ من الكعكة للطرف المتمرد ، فبقيت العملية السياسة في سياقات تحقيق مكاسب لطرف من الأطراف مع تغييب وتهميش المصلحة العليا للوطن العراقي .
كما لم يكن هنالك مساءلة لأي وزير عن الخروقات والفساد الأداري والمالي المستشري في فواصل الدولة ، ولم يخرج العراق بخطط اقتصادية استثمارية واضحة تقلل من البطالة المتفشية والبطالة المقنعة لكن الجهود انحصرت في خلق وظائف غير مجدية الهدف منها مساعدة المواطن ليس إلا .
 إن هذه الحالة من الأقتصاد تحول ثروات النفط الوطنية الى رواتب لمستهلكين لا ينتجون شيئاً لقاء رواتبهم ، فيبقى السوق العراقي سوق استهلاكية غير منتجة ، وهكذا امام هذا الواقع كان ضمور الصناعة العراقية المنتجة ورافقها خمول في الأنتاج الزراعي ، فأبقى العراق دولة مستوردة لمعظم المنتجات الزراعية من حبوب وفاكهة وخضر . وبقيت البطالة المقنعة هي السائدة في الساحة المجتمعية والأقتصادية العراقية ، وباتت واردات النفط تصرف على الأستهلاك اليومي بدلاً من الأستثمارات الصناعية والزراعية.
إن المواطن العراقي المعتدل أو { اللامنتمي } الى الأحزاب الرئيسية الكبيرة ، يقف عاجزاً لايجاد مخرج لمشاكله في ظل الصعوبات التي تعترضه بسبب عدم انتمائه لتلك القوى ، وأمام هذا الواقع والصعوبات اليومية وعدم إحراز اي تقدم لسنوات خلت ، عكف المواطن العراقي على التوجه الى القوى العلمانية التي لا زالت تحبو في العملية السياسية نظراً للنتائج المتواضعة التي حققتها في الأنتخابات السابقة ، وعلى ضوء تلك النتائج لم يكن لها دور مؤثر في العملية السياسية والأقتصادية في البلد .
 لقد كان التيار السياسي الديني في اوج اندفاعه ، واستجابت الجموع لذلك التيار الجارف ، وهكذا حقق هذا التيار بأحزابه الأسلامية  تلك النجاحات الكاسحة . إلا ان صيرورة  الأوضاع المعاشية الصعبة لهذه السنين، وعدم تحقيق وإحراز اي تقدم ملموس في تقديم الخدمات الحياتية طيلة الخمس سنوات المنصرمة ، اختزلت ثقة المواطن بتلك القوى ، ودأب على ايجاد مخرج لعله يفلح في انتشاله  من واقعه المرير .
 لاشك ان القوى التي تمسك بزمام الأمور لا يمكن ان ترضخ وتستجيب بسهولة ، ونقرأ اليوم ان خطباء الجمعة يقاتلون بضراوة {حسب الشرق الأوسط بتاريخ 25 /01 } لحث الناخبين على المشاركة في الأنتخابات وطالب بعضهم بالتصويت لصالح قوائم معينة حسب الجريدة المذكورة والتي استطردت بأن رجال الدين يقاتلون بضراوة من  اجل حث الناخبين على التصويت للاحزاب الأسلامية ، وسط تقارير أشارت الى ان الناخبين العراقيين باتوا يفضلون المرشحين العلمانيين إثر إخفاق الأسلاميين في تحقيق الوعود التي قطعوها خلال الأعوام الماضية .
من القوائم العلمانية التي تؤمن بالديمقراطية والتي يمكن الركون اليها وهي القائمة العراقية وقوائم الحزب الشيوعي وقائمة التحالف الكردستاني وقوائم المكونات الصغيرة كالقوائم الكلدانية والآشورية .
 إن العملية السياسية من اجل ان تخرج من قوقعة المحاصصة والأصطفافات الطائفية ينبغي ان تبنى على أركان راسخة إما ان تتألف من قطبين رئيسيين ، قوى حاكمة تمسك بزمام الأمور وتدير دفة الحكم ، وأخرى معارضة لها ومراقبة لخطواتها ، ويكون ترتيب هذه القوى على اسس سياسية معروفة من يسارية ومحافظة ووسط ، وينبغي ان تتبوأ الهوية العراقية لتكون الهوية الرئيسية ، مع احترام الأنتماءات الأخرى إن كانت دينية او اثنية او مذهبية . ونتمنى لعراقنا الحبيب ان يكون مثالاً رائداً للعملية الديمقراطية الناجحة في المنطقة .
 حبيب تومي / اوسلو
   

386
هل يعيد الحزب الشيوعي أمجاده على الساحة السياسية العراقية ؟                                                            
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 


الحزب الشيوعي العراقي غني عن التعريف إذ له تاريخ حافل ليس الى نكرانه سبيل ، لقد انخرطت في صفوف هذا الحزب قبل حوالي نصف قرن ، وبعد حوالي عقد من الزمن تركت صفوفه بعد ان تركت صفوف الثورة الكردية ايضاً ، وحصل ذلك تحت ضغط الرغبة في العودة الى مقاعد الدراسة والى ممارسة الحياة الطبيعية ايضاً ، وبعدها بقيت مستقلاً في ارتباطاتي والى اليوم .  اقراني في العمر يعلمون في ضغوطات السلطة على من كان في موقفي بغية تجنيده وتسخيره  لخدمة السلطة وللنيل من الثورة الكردية او من الحزب الشيوعي ومن تنظيماته ، وعلى خلفية المعرفة بتنظيمات الحزب ، ولدي اسماء لبعض الأصدقاء سلكوا هذا السلوك فأقدموا على تقديم البراءة من الحزب وتطوعوا للأعتراف على زملائهم في التنظيم ، او اصبحوا اداة بيد السلطة ، لكي يبرهنوا لها على مدى إخلاصهم ، وعلى تنكرهم لماضيهم ، إن هذا الفعل كان مستهجناً اجتماعياً او ـ على الأقل لدى مجتمع القوش ـ    وهكذا لم اسمح لنفسي ان اخوض غمار تلك العلاقات المستهجنة ، وأبقيت على علاقات سلام مع اصدقائي القدامى من الحزب الشيوعي ومنهم المرحوم توما توماس الذي التقيت به في الأتحاد السوفياتي وفي بغداد وفي القوش . واصدقاء آخرين ، ولم احاول يوماً الأنتقاص من سمعة الحزب الشيوعي او الثورة الكردية بغية إرضاء السلطة . فبقيت على مسافة معقولة من الجميع والى اليوم .
في الحرب الباردة كانت الولايات المتحدة والمعسكر الغربي عموماً في مسعى حثيث لتقويض المعسكر الأشتراكي والقضاء على الأحزاب الشيوعية في البلدان النامية ، وبعد ثورة 14 تموز 1958 اقلق تنامي الحزب الشيوعي العراقي المعسكر الغربي ، واصبح امر تقويضه والقضاء عليه جزءاً من تلك الحرب الباردة الناشبة بين المعسكرين الشرقي والغربي .
 في انقلاب 8 شباط 1963  تم ذبح الشيوعيين بواسطة البعثيين وبمساعدة وكالة الأستخبارات الأمريكية ، هذا ما يقوله جون كولي في كتابه : التحالف ضد بابل وهو يضيف : ان المخابرات المركزية الأمريكية كانت على علم بحدوث ذلك الأنقلاب قبل وقوعه بستة أشهر ، وإن السكرتير العام لحزب البعث علي صالح السعدي قال : لقد جئنا الى السلطة في قطار المخابرات المركزية الأمريكية .
إن كل من لندن وواشنطن تعتبران ان هذا الأنقلاب البعثي تم ضد الحزب الشيوعي العراقي ، وبذلك يمكن تصنيفه على انه ضد السوفيات ، وهكذا وصفت هذه الأحداث على انها جزء من الحرب الباردة . لكن امريكا في نهاية الأمر تضايقت من البعثيين وطفقت تبذل الجهود بغية التخلص منهم .
هذا وتكرر السيناريو  في الحكم البعثي الثاني ، حينما ساندتهم امريكا في البداية لكن في نهاية المطاف حشدت الجيوش للقضاء عليهم وتم ذلك في نيسان 2003 ، لكن ماذا كانت النتيجة ؟ وهي التي يعلمها الجميع انها كانت تسليم العراق بطبق من ذهب الى احزاب وميليشيات إسلامية راديكالية ، ليس لها علاقة بالديمراطية لا من قريب ولا من بعيد ، سوى الأستفادة من العملية الأنتخابية للوصول الى الحكم فحسب ، وبعد ذلك وداعاً لما كان يسمى بالديمقراطية .
 لقد عملت اميركا المستحيل للقضاء على حكم نجيب الله العلماني في افغانستان ، والسبب لانه موالي للسوفيات ، فجندت آلاف المقاتلين من القوى الأسلامية السلفية للاجهاز على الحكم ، وتم الأنتصار عليه وسقطت كابل وأعدم نجيب الله ، فجاء الحكم الأسلامي السلفي وبمساعدة المخابرات الأمريكية نفسها ، وماذا حصل بعد ذلك ؟
 كانت النتيجة تدمير تمثال بوذا في باميان ،وأعدام النساء في الملاعب ومنعهن  من العمل وتحريم التلفزيون والرياضة ، وتفشي زرع الحشيشة ، وغلق مدارس الأناث ، وأصبحت افغانستان البؤرة التي تصنع وتصدرالأرهاب الى العالم . 
 فأيهما كان افضل حكم نجيب الله لنقول عنه انه { شيوعي } أم حكم الطالبان السلفي ؟
إن فرانسيس فوكوياما في كتابه نهاية التاريخ يضع البشرية على شاطئ من السعادة والبحبوحة والرخاء والسلام والوئام ، وذلك بفضل تفكك الأتحاد السوفياتي وغياب المعسكر الأشتراكي ، فالكل سيسير على خطى الغرب ونظامه المتسم بالديمقراطية والليبرالية ، وعلى زعم بعد افول الشيوعية سوف لا يكون هنالك نظاماً قادراً على المنافسة مع نظام ليبرالي دستوري تعددي الذي يسود العالم الغربي .
لكن هذه النظرية لم تقوي على الصمود في ظل الواقع المعاش ، فالصراع في العالم لم يكن اديولوجياً فحسب فثمة صراع الحضارات والثقافات ، بل صراع الأديان والمذاهب بالعربي الفصيح . وهذا ما يتطرق اليه صموئيل هنتنغتون في كتابه صراع الحضارات ، وهو يشير الى التاريخ والى الحروب المستمرة إذ ان البشر ليسوا ملائكة ومآسي الحروب في التاريخ والى اليوم تشهد على تلك الطبيعة التي تنزع الى الشر كما تنزع الى الخير .
 فإن كان خطر الصراع بين المعسكر الأشتراكي والرأسمالي قد زال تأثيره ولم يعد ثمة خطورة من الأختلافات الأديولوجية إن كانت شيوعية او قومية او رأسمالية او فاشية ..  لكن الصراعات بين الحضارات كما يقول هنتنغتون في المستقبل ستأتي نتيجة الأختلافات الثقافية والدينية والمذهبية ، ويقول من بين صراعات اخرى متفاوتة فان الصراع الأعظم سيكون بين العالم الغربي والعالم الأسلامي نظراً للتضاد التام في القيم . وإن اتفقنا مع هنتنغتون او اختلفنا معه فإن ذلك لن يغير شيئاً مما هو حاصل على الطبيعة اليوم .
نعود الى الموضوع الرئيس في المقال وهو عودة الحزب الشيوعي الى الساحة السياسية العراقية بعد نفاض مخلفات السنين الثقيلة من القمع والقهر . وفي ظروف حرية العمل السياسي التي توفرت بعد 9 نيسان 2003 كان هنالك الحكم الديني الذي اوصلته اميركا لحكم العراق ، وعلى وتيرة المعزوفة المعروفة للأحزاب الدينية والأسلامية السلفية على وجه الخصوص لا يسعدها تمتع الحزب الشيوعي بالحرية ، ناهيك عن تمتعه بسلطات سياسية مؤثرة ، وقد رأينا في الأنتخابات البرلمانية السابقة كيف جرى تحريم من ينتخب قوائم الحزب الشيوعي ومنعه من دخول الجنة التي يحتكر مفاتيحها رجال الدين والأحزاب الدينية السياسية .
 لقد يأس وملّ  الشعب العراقي من تلك الخطابات ومن تلك الشعارات الطوباوية وبات يعرف ان خلاصه هو في القوى الديمقراطية العلمانية التي لا تقبل بالأصطفافات الطائفية والأنقسامات الدينية ، إنما ايمانها في دولة القانون وفي الأخلاص للهوية العراقية الأصيلة .
 إن الحزب الشيوعي العراقي يملك رصيداً بين الفئات العمرية القديمة ، واليوم له ورقة رابحة وهي ايمانه بالديمقراطية والعلمانية ، مع خطابه الواضح من دولة القانون ومن الأقليات الدينية والعرقية في العراق ، كما ان هنالك حالة تخدم خطابه السياسي ، وهي حالة استياء العراقيين من الخطاب السياسي الديني والقومي ، فقد اسقط في ايديهم وهم يرون ما حل بالعراق تحت زعامة هذه القوى . إن الأستطلاع الذي اجرته الحكومة العراقية اثبت ان غالبية الناخبين العراقيين في الأنتخابات المحلية المقبلة تؤيد القوى العلمانية وتفضلها على القوى الدينية والقومية وإن 68 في المائة يرفضون استخدام الرموز الدينية في الدعاية الأنتخابية . وإذا تحقق هذا الأمر فليس مرجحاً ان تتبوأ الأحزاب الدينية تلك المكانة وان تحرز ذلك الفوز الساحق على حساب القوى العلمانية وبضمنها الحزب الشيوعي .
الحزب الشيوعي العراقي اليوم يخوض معركة الأنتخابات في جميع المحافظات العراقية بعضها بقوائم مستقلة كما هي الحال في قائمة 307 في كل من المحافظات الناصرية والسماوة وواسط وكربلاء ، وتحت اسم مدنيون في قائمة رقم 460 في كل من بابل وبغداد والديوانية ، ومدنيون ديمقراطيون برقم  180 في كل من الأنبار والنجف ، وقوائم متحالفة أخرى منها قائمة نينوى المتآخية 236 في محافظة نينوى . 
نحن جميعاً نضع آمالنا في القوائم التي لها توجه ديمقراطي علماني كقوائم الحزب الشيوعي العراقي وقائمة التحالف الكردستاني والقائمة العراقية ،ومجموع قوائم شعبنا المسيحي  بمكوناته من الكلدانيين والسريان والآشوريين ومن القوائم الحزبية والأفراد المستقلين ، ومنها قوائم : حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني ، والمجلس القومي الكلداني : وقائمة عشتار للمكونات المؤتلفة لتنظيمات شعبنا وقائمة الرافدين ، للحركة الديمقراطية الآشورية  والمستقلين . وأملنا ان تكون هذه التجربة حافز لترتيب امور احزابنا الكلدانية والآشورية والسريانية لكي تتمحور حول قائمة واحدة في الأنتخابات البرلمانية القادمة وهذه رغبة وإرادة شعبنا المسيحي في العراق من الكلدانيين والآشوريين والسريان والأرمن .
حبيب تومي / اوسلو   

387
اسرائيل وحماس وما بينهما من مأساة غزة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no



قطاع غزة شريط ساحلي فلسطيني على البحر الأبيض المتوسط يبلغ حوالي 40 كم في ابعد مسافة له وعرضه حوالي 10 كم وبمساحة تقدر بـ  360 كم مربع ويعيش على هذه المساحة حوالي مليون ونصف من السكان ، ولهذا يكون في الكيلومتر المربع الواحد حوالي اربعة الاف شخص وهذه نسبة عالية ومن اعلى الكثافات السكانية في العالم . كان هذا القطاع الى حد سنة 1948 من ضمن منطقة الأنتداب البريطاني على فلسطين ، ثم اصبح تابعاً لمصر بعد انتهاء الأنتداب وبعد ذلك اصبح القطاع تابعاً لمصر الى سنة 1967 ، حيث احتلته اسرائيل مع شبه جزيرة سيناء ، وبقي القطاع  تحت احتلال اسرائيل حتى بعد انسحابها من سناء عام 1982 لكن اسرائيل اتممت انسحابها من قطاع غزة من جانب واحد عام 2005 م .
 فازت الحركة الأسلامية  حماس في الأنتخابات في هذا القطاع ، بعد فوزها لجأت على إنهاء نفوذ السلطة السياسية الفلسطينية كلياً في غزة وانفردت في الحكم  . ورغم ان حماس فازت في الأنتخابات التي قُررت في معاهدة اوسلو إلا انها همشت قرارات تلك الأتفاقية ، اليوم تدور احداث مدمرة على ارض القطاع طرفيها حركة حماس وأسرائيل . ويتطلع الشعب الفلسطيني في غزة الى وقف اطلاق النار وأيقاف القصف الذي يدور في الأحياء السكنية والمدن
 إن منظمة حماس تعتقد ان الفوز في الأنتخابات يعني نسيان الشعب الذي انتخبهم ويحق لهم جلب الويلات لهذا الشعب ، فقراراتهم تغدو مصونة غير مسؤولة بعد تلك الأنتخابات .
اسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينة المقالة في غزة ، وأحد ابرز قادة حماس صرح في بداية الحملة العسكرية  الأسرائيلية : انهم سيصمدون حتى لو ابيدت غزة ومن فيها ، ولكن هنية نفسه يصرح اليوم بعد ان وقعت الفاس بالرأس وإن الحرب ليست " لعب عيال " وبعد ان بلغ عدد القتلى اكثر من الف قتيل بينهم مئات الأطفال والنساء ، والجرحى الذين يربو عددهم على الخمسة آلاف يقول هنية : إننا سنتعامل بانفتاح وأيجابية مع اية مباردة من شأنها ان تؤدي الى حقن دماء الفلسطينيين ورفع الحصار عن غزة . 
لكن خالد مشعل القائد السياسي لحركة حماس ومدير مكتب حماس في دمشق والبعيد عن لهيب المعركة يقول لا للهدنة الدائمة ولا للتفاوض ، وهو يدعو الى الأنتفاضة في الشارع العربي  وكما يقال إن الذي يده في الماء ليس كمن يده في النار ، وهكذا خالد مشعل البعيد عن أزير الطائرات التي ترمي بحممها على المنطقة .
لا ريب ان اهل غزة كبقية البشر يتطلعون العيش بسلام بعيداً عن عمليات العسكرية والقصف اليومي والحصار الأقتصادي والحاجة الدائمة الى الوقود والكهرباء والدواء ... إن هذا الشعب موقعه في لهيب المعركة ، فالدبابات الأسرائيلية تقف على مشارف المدن ولا تريد التوغل داخلها ، وهي تعاود القصف المدفعي والغارات الجوية لمختلف المناطق بما فيها الجوامع والمستشفيات ومقرات الأمم المتحدة الأونروا وهدفها هدم البنية التحتية  ، وهي تقول ان هذه الأماكن تستخدم للهجوم على قواتها ، وهكذا يستخدم المدنيون كدروع بشرية في المعارك الدائرة وهم الضحية في هذه الحرب وهكذا نرى النسبة العالية للضحايا للمدنين والتي بلغت بحدود 65 بالمئة .
 إن اسرائيل تعلن ان هدفها من هذه الحرب وقف إطلاق الصواريخ على المدن والمستوطنات والأحياء السكنية في اسرائيل ، وأيقاف تهريب السلاح الى غزة عبر الأنفاق ، وتحجيم قدرات حماس السياسية والعسكرية ، وهي ترى " اسرائيل " لا بد من ان تجني ثمار عمليتها العسكرية بجهة فرض واقع جديد في غزة . لكن حماس تأمل في الصمود والتوصل الى حل دولي وعربي يضمن احتتفاظها بسلطتها مع سلاحها على غرار ما حدث لحزب الله في حرب تموز عام 2006 م . 
إن هذا الصراع يدور على الأرض في غزة لكن ثمة اطراف عربية وأقليمية ودولية تدعم القضية ولها رؤيتها ومصالحها ، فاسرائيل كما حماس توظف هذه الأحداث في العملية السياسية التي لها علاقة وطيدة بالأنتخابات وتحقيق المكاسب السياسية على الأرض . أما على النطاق العربي والأقليمي فهنالك مشروع السلام في الشرق الأوسط الذي يتبناه الغرب والدول العربية المعتدلة وفي مقدمتها مصر والسعودية ، وهذه الدول تميل الى تأييد السلطة الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس ، وهي تؤيد مراقبة المعابر بغية وضع حد لتهريب السلاح الى غزة .
إن هذه الدول سوف يعقد لها مؤتمر في الكويت يوم  غد الأحد ويبحثون قضية غزة على هامش المؤتمر الأقتصادي العربي ، وتفيد التقارير ان هذه الدول خصصت اكثر من ملياري ونصف المليار من الدولارات لاعادة بناء وإعمار قطاع غزة والأراضي الفلسطينية ، وهي تدعم السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس الذي يحكم في الضفة الغربية .
في الجانب الأخر عقد مؤتمر قمة في الدوحة يوم امس الجمعة ، الذي حضره عدداً من القادة العرب بالأضافة الى الرئيس الأيراني احمدي نجاد ، وسمي بعد ذلك بمؤتمر غزة ، بدلاً من مؤتمر القمة ، ويغلب على الحاضرين في المؤتمر ممن يدعم خطاب حماس ، فخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس كان اول المتحدثين بعد امير قطر الذي يستضيف المؤتمر. وهو يدعو الى الأنتفاضة في الشارع العربي والى دعم خطاب حماس في المقاومة العسكرية والى اشتراك الجيوش العربية ، إنه معسكر المقاومة والممانعة وقلب الأوضاع في الشرق الأوسط بما فيها تغيير الأنظمة ، ويحمل راية هذا الخطاب بشكل رئيس ايران ومعها سورية وحماس وحزب الله في لبنان والأحزاب الأسلامية الأصولية في الدول العربية والأسلامية .
المعادلة في غزة ان اسرائيل تريد الا يتسرب السلاح الى هذا القطاع وان تتوقف الصواريخ المتجهة نحو المدن والمستوطنات الفلسطينية ، فيما ترى حماس ان من حقها مقاومة الأحتلال وإن هذه الصواريخ جزء من حقها في المقاومة وليس مهماً من تصيب إن كان من المدنيين او غيرهم ، ومن الطبيعي ان اسرائيل ترد عليها بقوة السلاح ويقع  الضحايا من المدنيين بطبيعة الحال .  ثمة فارق كبير في القدرات العسكرية بين اسرائيل وحماس والجانب الفلسطيني عموماً ، لكن الفلسطينيون يتفوقون على اسرائيل بمعدل الزيادة في السكان ، فالقوى البشرية للفلسطينيين في زيادة مطردة بينما اسرائيل تعتمد بشكل كبير على الهجرة الوافدة ، ولهذا تريد ان تكون اسرائيل جنة من الرخاء والأستقرار والأمان لجذب المهاجرين من اليهود .
إن الجلوس على مائدة المفاوضات لوضع اسس السلام الراسخ بين اسرائيل من جهة وبين الفلسطينيين والعرب من جهة اخرى هو الطريق الأصوب لوقف المآسي الأنسانية في هذه الرقعة الملتهبة من الأرض .
 حبيب تومي / اوسلو     

388
القوش انتعاش السياسة وخمول السياحة

بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

 


القوش هي هي لم تتغير عبر السنين والعقود والقرون ، الأرض هي نفسها والسكان هم في الدائرة شبه الثابتة من حيث العدد ، وأقول هذا قياساً لمدن وبلدات شعبنا ، في حين كان توسعها العمراني والسكاني اضعاف ما كانت عليه خلال بضعة عقود خلت . وقد تكون عنكاوا خير مثال على ذلك وتلسقف ايضاً مثال آخر على هذه الفرضية .
إن القوش تضاعف سكانها لكنهم آثروا الهجرة بعيداً ، واليوم عادت اعداد من هؤلاء من مدن العراق التي طالها العنف والأرهاب ، فكان توسعها المؤقت ، لكن بعد عودة الأستقرار الى المدن فإن الألاقشة متلهفون للعودة الى تلك المدن لاسيما بغداد . ومن ينتابه اليأس والقنوط من الأوضاع في العراق يصمم على الرحيل والهجرة بعيداً عبر البحار والمسافات منشداً العيش الرغيد والأستقرار الآمن .



دير الربان هرمز العتيق
الهجرة من القوش في الأيام الخوالي كان في الأغلب لاسباب معيشية حيث ان الزراعة كانت الباب الرئيسي للمعيشة ، وحينما كانت الزراعة تفتقر الى المكننة الحديثة كانت الزراعة مجالاً لتشغيل سواعد كثيرة ، إلا ان هيمنة المكننة في الأعمال الزراعية كانت العامل في الأستغناء عن تلك السواعد حيث دفعت الى اعداد كبيرة منها الى خانة البطالة ، وهكذا كانت الهجرة الى المدينة . احد الأصدقاء في بغداد كان يزاول التجارة في بغداد ويتوجه الى القوش لبضعة ايام في موسمين زراعيين : الأول بضعة ايام في الشتاء لزرع الأراضي التي يمكلها في القوش ، والثاني في موسم الصيف حيث يؤجر ( الدراسة ) لبضعة ايام لحصاد محصوله من الحنطة والشعير ومن ثم بيعه .
وهكذا بقيت القوش دون زيادة محسوسة في التوسع العمراني او التكاثر السكاني ، حيث انها تتفرغ من الأيدي العاملة ركضاً وراء لقمة العيش .
دأب الألاقشة الى التدخل في السياسة ، ويبدو ان الأهمال والتهميش ، ومن ثم الظلم والطغيان الذي يصيبهم في مختلف العصور تأسست لديهم روح المعارضة للحكومات المتعاقبة ، وهكذا كان شغفهم بالسياسة ليس الدخول في السلك الحكومي او مناصرة الخطاب السياسي للحكومات إنما كان معارضة تلك السياسات والوقوف الى جانب المعارضة في اغلب الأوقات . وهكذا كان انتمائهم للاحزاب المعارضة للدولة او بالأحرى المناوئة لها ، وكان يقف في مقدمة تلك القوى الحزب الشيوعي العراقي الذي كان يحظى بتأييد كبير في اوساط واسعة في القوش . 

 

سائح قدم الى القوش من امريكا وهو حكمت حبيب ساكو
وهكذا كانت مزاولتهم للسياسة من باب المعارضة في اكثر الأحيان ، وحينما اعلنت الثورة الكردية في اوائل العقد السابع من القرن الماضي كانت شريحة كبيرة من ابناء القوش متطوعين في صفوف هذه الثورة ، فكانت القوش من المدن العراقية المغضوب عليها من قبل الحكومة وطالها التهميش والأهمال ، بعد ملاحقة ابناءها وإيداعهم السجون ، ناهيك عن المضايقات والإهانات التي كان يتعرض اهلها من قبل القوات الحكومية التي كانت متمركزة كنقطة سيطرة بالقرب من المدينة .
بعد نيسان 2003 شهدت القوش مرحلة علنية من الأنتماء السياسي وتناكفت الأحزاب لتأسيس مقرات لها ، وكل حزب يحاول كسب ود هذه المدينة ، وفي هذا الصدد ازعم ان الألاقشة علقوا الأمال الكبيرة في هذه الأحزاب ، لكن بقي الجانب المعيشي يفتقر الى الحلول الجذرية ، فالمشاريع العمرانية التي انشأت من قبل الأستاذ سركيس آغا جان كالأديرة والمطرانخانة لم يكن لها تأثير ملموس لجهة توفير فرص عمل دائمة ، وإن الوظائف المتوفرة كالشرطة والحراسة والأسايش ، ليست متوفرة لجميع من يعانون من البطالة .
كما ان الزراعة لم تعدد تتطلب المزيد من الأيدي العاملة ، وهكذا يبقى امام الألاقشة ايجاد بدائل ، وثمة اتفاق على اهمية  استغلال الجانب السياحي لالقوش ، إذ بعد ان كتبت عن مرقد النبي ناحوم الألقوشي ، قرأت تعليقات على الموضوع ووصلتني رسائل الكترونية من مختلف الأماكن لا سيما من اميركا ، تقول بضرورة استغلال الجانب السياحي لهذه البلدة العريقة لبلاد ما بين النهرين .
عن القوش المدينة ذكر احد الزملاء وهو لا يريد ان اذكر اسمه  بأن القوش القديمة ينبغي ان تستغل كمواقع سياحية وهو وزميل آخر لا يؤيدان اعادة بناء مرقد النبي ناحوم إنما صيانة المبنى وإبقائه على ما هو عليه وأنا اؤيد هذه الفكرة بأن يبقى المبنى كما هو وفق دراسة يقدمها ذوي الأختصاص من المهندسين وغيرهم بمثل هذه البنايات التراثية .

 
 
كاتب هذه السطور امام باب قديم في ازقة القوش 

إذا بقينا في القوش القديمة فإن تلك الأزقة والقناطر وتلك البيوت القديمة  يمكن استغلالها سياحياً بعد تحولها الى اماكن صالحة للسكن والى مطاعم ومخازن وكازينوات .
 لقد سافرت في الصيف الماضي الى البرتغال في سفرة سياحية ، ورأيت أزقة ودرابين ضيقة قد رصفت بقطع من الأحجار الصغيرة بشكل هندسي جميل وتلك البيوت حولت الى مرافق سياحية ، وإن الكثير من المدن في تلك البلاد يعيشون من السياحة مستغلين تلك البنايات القديمة بعد صيانتها والأحتفاظ بهياكلها صامدة مع الزمن لتدر عليهم ثروات هائلة .
في القوش مواقع سياحية رائعة ، فالسائح يمكنه التوجه الى دير السيدة الفسيح والقضاء بضعة ليال فيه او في دير الربان هرمز التاريخي ، حيث تنتشر مئات الكهوف الغائرة في القدم التي نقرها البشر بفؤوسهم ، وهنالك مقابر البطاركة والكتابات الكلدانية المحفورة على الصخور ، ومرقد الربان هرمز والنفق الجبلي الذي يؤدي الى صومعته ، هنالك دهاليز وممرات تحكي قصة الزمن ، والوهدة المترامية امامك حيث يتلوى الطريق نحو فتحتها لينبسط امام سهل القوش الفسيح . وفي الصباحات الباكرة تتعالى زقزقة العصافير وتتراقص مع نسيمات الهواء العليل .
الى الشمال من محلة سينا أي في الشمال الغربي لالقوش وفي صدر الجبل يتراءى امامك كهف الماء ( كَبّا دمايا ) ، وتبدو على الصخور آثار الفعل الأنساني والتقليد المحلي يفيد بأنه كان معبداً قديماً . في هذا الكهف ينضح من بين الصخور الماء الصافي ومن هذا المنهل اكتسب الكهف اسمه ، ومن شدة نقاوة الماء في هذا الموضع كانت امهاتنا تتوجه اليه لجلب الماء لتخدير الشاي .
في نفس السياق نتوجه الى بيندوايا القرية الواقعة الى غرب القوش بحدود 6 كم ، حيث الماء الوفير ، والمسابح الطبيعية ، إن هذه القرية تحتاج تطوير بشكل مدروس ويمكن استثمارها سياحياً بشكل ناجح . اليوم تنتشر في هذه القرية بعض الكازينوات ، ولم يحالفني الحظ بزيارتها ، لكن كانت ثمة شكاوي من انعدام النظافة ، ومن تصرفات عبثية لا مسؤولة برمي القطع الزجاجية المكسورة في المياه .
إن كثير من الآلاقشة يعولون كثيراً على ما يدر عليهم الأنخراط في الأحزاب السياسية ، وهذه حالة مشروعة لا غبار عليها ، لكن تبقى صناعة السياحة ، كما يقال زراعة دائمة او نفط  دائم ، او صناعة لا تبور ، وهذا ما نشاهده في دول اوروبية عديدة التي تعول كثيراً على هذا الكنز الدائمي الا وهو السياحة .
إن ابناء القوش يمكن ان يكونوا سفراء لهذه البلدة في بلاد المهجر ، ليروجوا لزيارة هذه البلدة ، إنها القوش بأزقتها ومبانيها القديمة ووديانها وجبلها العتيد وكهوفها ، وادريتها وكنائسها كل هذه المعالم تختزل احداث قرون وقرون من الزمن قد مرت هذه على هذه المدينة وهي بانتظار الأيادي الكريمة التي تنتشلها من عالم النسيان والتهميش الى عالم السياحة والزراعة والأعمال الحرة لكي تستمر بالحيوية والنشاط عبر قادمات الأزمان .
حبيب تومي / اوسلو

389
            خطاب مفتوح الى الرئيس مسعود البارزاني الموقر
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ليس خافياً على سيادتكم ما يتعرض له شعبنا المسيحي ، وفي مقدمتهم الكلدانيــون ، من عمليات ارهابية منظمة من قبيل الخطف والأبتزاز والقتل على الهوية الدينية ، ومن ثم اجبارهم الى الهجرة القسرية بشتى الأساليب من مناطق ومدن تواجدهم في بغداد والبصرة وفي الفترة الأخيرة من مدينة الموصل .
وكما يقال عند المصائب يعرف الصديق ، هكذا كانت حكومة اقليم كردستان ذلك الصديق الوفي بموقفها الأنساني العراقي الشهم من الأقليات العراقية بشكل عام ومن المسيحيين بشكل خاص .
كان اقليم كردستان ، وهو الجزء العزيز من الوطن العراقي ، قد فتح ذراعيه حاضناً المكونات العراقية من التركمان والأرمن والكلـــدانيين والسريان والآشوريين واليزيدية والشبك والصابئة المندائيين ، ناهيك عن العرب الهاربين من سطوة الأرهاب ، إن موقف اقليم كردستان هذا كان له تفسير واحد ، وهو ان كردستان تقدس الهوية العراقية الأصيلة ، وإن لها منهج ديمقراطي ليبرالي مؤسس على المساواة والعدالة بين المكونات العراقية بغض النظر عن الأنتماء الأثني او الديني او القومي ..
قرأت عن تاريخ الشعب الكردي ، وعن حقه في تقرير المصير اسوة بالشعوب الأخرى في المنطقة ، لكن بدلاً من ذلك قطّعت اوصاله ، واصبح جزءاً من اوطان لها سيادة ، فيما كان ينبغي ان يكون له سيادة على وطنه كردستان . وهكذا كتب على هذا الشعب ان يختار طريق النضال بدلاً من طريق التنمية والبناء ، فكانت مسيرة نضالية طويلة عبر التاريخ ، وكان ذروة نضال الشعب الكردي في العصر الحديث ، ذلك الذي قاده  الزعيم الكردي الخالد الملا مصطفى البارزاني .
سيادة الرئيس
 إن حقوق  شعبنا الكلــــداني ، وكبقية الشعوب الضعيفة المهملة في المنطقة ، حصل ان همشت  وأهملت بعد معاهدة سيفر عام 1920 م . ففي المواد المتعلقة بكردستان في هذه المعاهدة وبخاصة مادة 62 وغيرها من المواد حيث وقعها الحلفاء والأمبراطورية العثمانية المهزومة . فقد نصت المعاهدة بشكل صريح على منح الأستقلال للاكراد في تركيا وايران وفي العراق  وكان هذا المشروع يمنح الحقوق القومية بصورة جلية للاشوريين والكلــــدانييــن وغيرهما من الأقليات القومية في هذه المناطق ... وكما هو معلوم ان مقررات هذه المعاهدة ذهبت ادراج الرياح بعد ابرام معاهدة لوزان عام 1923 التي رفضت حقوق الكورد والمكونات القومية الأخرى في المنطقة ومنهم الكلدانيـــــــــون ، وهكذا لم تر حرية كردستان ضوء النهار قط  ـ كما يقول الكاتب جون كولي في كتابه ـ التحالف ضد بابل .
في العهد الملكي كان لشعبنا الكلـــداني حضور سياسي  ملحوظ بجهة تمثيله في الحكم ، لقد كان لنا عضواً ثابتاً في مجلس الأعيان المتكون من 20 عيناً من عموم شخصيات ووجهاء العراق ، وكان اعضاء مجلس الأعيان يجري تعيينهم مباشرة من قبل الملك ، وإضافة الى ذلك كان لنا اربعة اعضاء في البرلمان العراقي ، ليرتفع هذا العدد بعد رحيل اليهود من العراق  في اواخر الأربعينات من القرن الماضي  الى ثمانية أعضاء في هذا البرلمان .
 بعد ربيع 2003 حصل اجحاف ظالم طال شعبنا الكلـــــداني ، وقد اقر هذا الأجحاف حاكم العراق المدني بول بريمر ، حيث منح الكرسي اليتيم في مجلس الحكم المخصص للمسيحيين الى الأثوريين ،  وأهمل هذا الحاكم الحق التاريخي الشرعي للكلدانييــــــن في هذا المقعد تحت ذريعة ، ان الآشوريين اكثر تنظيماً رغم انهم يشكلون اقلية صغيرة بالنسبة لعموم المسيحيين في العراق ، وإن الكلدانييـــــن يشكلون الأكثرية . وهكذا دأب  الأخوة الآشوريون يمسكون بأوراق مصير شعبنا الكلداني منذ ذلك اليوم .
يؤلمني ويؤسفني ان اقول ان الأخوة الأشوريون استخدموا النفوذ والمال وألأعلام بجهة تهميش شعبنا الكلـــــداني في الساحة القومية والسياسية العراقية ، إنهم يريدون ان يسمى شعبنا الكلــــداني باسم منظمات مجتمع مدني تابعة للاحزاب الأشورية فحسب ، وهم يحتفظون باسم القومية الآشورية ، أنه إجحاف غير منصف يلحق بشعبنا الكلـــــداني ، تحت يافطة اننا شعب واحد ، وهذا ما روج له صدام حسين حينما منع تسجيل القوميات غير العربية في تسجيلات النفوس . لكن بعد ثورة ايلول التحررية الكردية في عام 1961 وانتصاراتها ، بحيث اضطر في عام 1970 الى الأقرار بالقومية الكردية كقومية عراقية الى جانب القومية العربية .
بعد نيسان 2003 كانت القيادة الكردية قد حققت في اقليم كردستان حالة من الأستقرار ومن التوازن السياسي ، وشكلت تلك القيادة صمام امان لاستقرار هذا الأقليم كما عكفت ان يكون لها دور متميز في المعادلة السياسية على مجمل الساحة السياسية في الوطن العراقي ودأبت على خلق حالة من التوازن السياسي في عموم العراق الذي بات يعاني من التعقيدات المجتمعية والسياسية .
 الرئيس مسعود البارزاني الموقر
 بتواضع اقول انني عراقي كلـــــداني مستقل  لا امثل جهة معينة سوى شخصي ، وأنا مؤمن بأن كردستان العزيزة لا يمكن ان تغمط حق شعب أصيل وشريك للشعب الكردي هو الشعب الكلـــــداني ، لقد دأبت الثورة الكردية المعاصرة تحت قيادة البارزاني الحكيمة على تطبيق المساواة والعدالة بين القوميات المتآخية في كردستان ، ونحن نتذكر الكاهن الكلــــداني بولص بيداري الذي كان يمثل مسيحيي كردستان في اعلى هيئة قيادية كردية وهي  مجلس قيادة الثورة في كردستان وكان لهذا الرجل خاصة يتمتع بها لدى المرحوم البارزاني ( مسعود البارزاني : البارزاني والحركة التحررية الكردية ج3 ص 389 ) .
لقد ساهمنا نحن الكلدانيـــــون في الثورة الكردية ويشرفني شخصياً مساهمتي في هذه الثورة ما يربو على خمس سنوات والثورة كانت في مراحلها الأولى من الأنطلاق .
في هذا المقام اؤكد ان حكومة اقليم كردستان امينة للسير في النهج الديمقراطي ، وأمينة ومخلصة في إنصاف المكونات التي تشارك الشعب الكردي بتشكيل النسيج المجتمعي في اقليم كردستان . لكن المؤسف نحن الكلدانيــــون فوجئنا بإلغاء اسم قوميتنا الكلدانيــــــة من مسودة الدستور الكوردستاني واستبداله باسم مركب يعود لمنظمات جماهيرية آشورية ليس إلا .
 وبهذه المناسبة اطلب من سيادتكم إعادة الأمور الى نصابها وكما كانت في مسودة اقليم كردستان وكما هو مدون في المادة 125 من الدستور الفيدرالي للدولة العراقية بكتابة القومية الكلدانيــــة بشكل مستقل ، وكما كان مدون سابقاً  .
 كما أهيب بحكومة اقليم كردستان والقيادة الكردية ان تنصف شعبنا الكلـــــداني في منحه امكانيات لاسماع صوته للعالم ، فليس له أي قنوات اعلامية ، فيما يملك الأخوة الآشوريون قناتي عشتار وآشور ، وإذاعة اشور ، فيما ليس للكلدانييــــــن حتى إذاعة محلية تنطق باسمهم . وليس لنا ممثل في حكومة اقليم كردستان ليقوم بطرح وجهة نظرنا في المحافل السياسية الكردية ، فيبقى امرنا منوط بما يعكســه اخوتنا الآشـــوريون  .
 أطلب من الرئيس الموقر مسعود البارزاني ان ينصف شعبنا الكلــــــداني في اقليم كردستان ، وهذه الحالة تكرس السيرورة الزمنية التكميلية  لكينونة الثورة الكردية الأنسانية ، وهي معنية بإنصاف الشعوب المغلوب على امرها ومنها شعبنا الكلدانـــــي ، فالذي نبتغيه على ارض اقليم كردستان الا يحصل اجحاف او غبن بحق اية شريحة اجتماعية او قومية او دينية في اقليم كردستان العزيز .
إن منح الحقوق وانصاف شعبنا الكلـــــداني الأصيل يعني الأخلاص للعراق ولتاريخ العراق .
                                          تقبلوا وافر التقدير والأحترام
حبيب تومي / اوسلو في 08 / 01 / 2009
habeebtomi@yahoo.no

tomihabib@hotmail.com

390
نحو عقد مؤتمر كلـــــداني عالمي
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
tomihabib@hotmail.com

التهاني والتبريكات لمناسبة حلول السنة الميلادية المباركة الجديدة عام 2009 م .
أقول :
الكلدانيون جزء اساسي من الفسيفساء الذي يتكون منه العراق ، وهم قوم عراقي اصيل قطن ديار بلاد ما بين النهرين منذ اقدم العصور وساهم في بناء الحضارت البنهرينية .
ولعل آخر ما قدمه للمسيرة الحضارية البشرية قبل حوالي ثلاثة الاف سنة هو التقويم الشمسي وهو تقسيمه الوقت  الى السنة والشهر والأسبوع واليوم والساعة والدقيقة والثانية ، والى اليوم يعمل بهذا النظام الذي اخترع في زمن الدولة الكلدانيـــــــــــــــــــــــــة ( البابلية الحديثة ) ، وبقاياهم يقطنون هذه الديار الى اليوم وهم بمثابة الهنود الحمر في امريكا والسكان الأصليين في استراليا .
اليوم هذا القوم مشتت جغرافياً في أرجاء المعمورة وهو ايضاً مشتت الرؤيا في الهوية والألتزام بها ،
إن شعبنا الكلـــــــــــــــداني يتعرض اليوم الى التهجير القسري من اماكن تواجده تحت وطأة الأرهاب وهو في نهاية المطاف يؤول الى الأندثار ، فيما نلاحظ انتشاره في  شتى اركان المعمورة . وهكذا يصبح من الضرورة القصوى في هذا الزمن انعقاد مؤتمر كلـــــداني عالمي ، فالمؤتمرات واللقاءات عموماً تعتبر وسيلة ديمقراطية متطورة لتبادل الأفكار والخبرات ، وهي وسيلة فعالة لحماية الهوية القومية من التهميش والنسيان .
كنت قد اجريت اتصالات عديدة مع شخصيات كثيرة من ابناء شعبنا الكلــــــداني داخل الوطن وخارجه ، وكان ثمة إجماعاً على ضرورة انعقاد مثل هذا المؤتمر .
 الأفكار المطروحة في مكان عقد المؤتمر إما ان يكون في الوطن العراقي او في دولة من دول اوروبا او اميركا . والمقترح بموعد انعقاد المؤتمر هو النصف الثاني من عام 2009 م .
المطلوب حضور شخصيات سياسية واجتماعية وممثلي احزاب ومنظمات وكتاب ومثقفين ولفيف من ابناء شعبنا في مكان انعقاد المؤتمر  .
البحث في التحديات التي تعترض سبل المحافظة على هذا الشعب والمحافظة على لغته وهويته القومية ، وكما هو معلوم فإن إخواننا الأشوريون يمسكون بأوراق مصير شعبنا الكلداني ، فيجب الا نبقى حمائم اكثر من اللازم ، فنحن ملزمون بالتحرك للحفاظ على اسمنا وكينونتنا وشخصيتنا وكرامتنا وقوميتنا الكلدانية ، وأن نسير مرفوعي الرأس ، ولسنا اذيال لكائن ما .
لقد تعرض كتابنا ومفكرينا الكلدانييـــن الى قمع فكري ، تحت ذريعة  ان اية افكار تروج لفكر كلــــداني مستقل يفسر على انه تهديم لكيان الوحدة القومية وغالباً ما يوسم كاتبها بالخيانة والتآمر على الأمة .
المؤتمر ليس بديلاً للاحزاب القومية الكلدانيــــــة الحالية ولا يتقاطع معها او مع اهدافها إنما يشكل المؤتمر كياناً مكملاً ومؤازراً ويعمل على تعضيد هذه التنظيمات السياسية منها ، ومنظمات المجتمع المدني التابعة لشعبنا في الوطن وفي العالم . بمعنى آخر ان المؤتمر وسيلة متطورة لبناء البيت الكلـــــداني في الوطن الأم وفي دول المهجر .
المؤتمر يعمل مع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانيـــــة ، التي عملت عبر التاريخ على الحفاظ على اللغة الكلدانيـــة ( كلذايا) وطقوسنا واسمنا القومي الكلــــداني وأثبتت الكنيسة عبر التاريخ انها مؤسسة أمينة للحفاظ على تراث شعبنا وتاريخه رغم ما تعرضت له من ضغوط بجهة  تهميش هذا التراث وهذا الأسم وتلك الطقوس واللغة الليتورجية التاريخية . إن كنيستنا مؤسسة امينة قامت بواجبها التاريخي القومي ، وفي الراهن تواصل دورها وبنفس الروح من المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها ، وإن عمل المؤتمر المقترح اليوم  ينبغي ان يتم بمباركة الكنيسة .
شعبنا الكلداني يعيش في شتى ارجاء المعمورة وعليه فإن المؤتمر سيكون وسيلة حضارية فعالة ومنهج عملي لتبادل الخبرة والأفكار ومن ثم وضع مقترحات وأفكار  لتحقيق الأهداف المناطة بهذا المؤتمر .
((( قبل عقد المؤتمر بحوالي ستة اشهر ، ينبغي ان تنبثق هيئة تحضيرية ، بمثابة لجنة تأسيسية ))) للمؤتمر مهمتها القيام بالترتيبات اللازمة للمؤتمر ، وبعد التشاور يكون الأتفاق على موعد المؤتمر ومحل عقده ، وجدول اعمال المؤتمر ، وكتابة مسودة النظام الداخلي للمنظمة الكلدانيــــــة العالمية التي ستنبثق من المؤتمر .
 إن ما اوردته في هذا المقال من افكار هي  مجرد مقترحات ، لان كل هذه الأمور وغيرها من مهام الهيئة التحضيرية . 
 المحاور العامة للمؤتمر :
1ـ التعريف بهوية الشعب الكلداني بأنه شعب اصيل في بلاد ما بين النهرين ، والكتابة للمنظمات الدولية ، الأمين العام للأمم المتحدة منظمات حقوق الأنسان والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الأقليات ، وحكومات وبرلمانات الدول التي يعيش فيها الكلدانيــــون اليوم .
2 ـ تسجيل شعبنا الكلداني في المجلس المركزي لمنظمة الشعوب والأمم غير الممثلة في الأمم المتحدة
{ Unrepresented Nations and Peoples Organization } والمعروفة اختصاراً       ( UNPO  ) وهي منظمة تضم الأمم والشعوب غير الممثلة في الأمم المتحدة . وشعبنا الكلداني العريق واحداً من هذه الشعوب وكان ينبغي ان ينضم الى هذه المنظمة منذ عقود ، لكن كما يقول المثل ان تصل متأخراً خير من الا تصل مطلقاً ، وأضع هذه المهمة امام المؤتمر الكلــــــــداني العالمي الأول .
3ـ توحيد المجتمعات الكلدانيـــــة المنتشرة في بلاد المهجر حول هويتهم وحثهم على التمسك بالهوية القومية بغية الأحتفاظ بلغتهم وتراثهم وتاريخهم ونقلها الى الأجيال القادمة .
4ـ دراسة ما يمكن تقديمه لأهلنا الصامدين في الوطن إن كان في مدن العراق ، او في اقليم كردستان أو مدننا وقرانا الكلدانيــــــة في سهل نينوى ، وتقديم ما  يمكن تقديمه لهذا الشعب الصامد ليبقى متمسكاً بأرض أجداده ،  وكيف نستطيع نحن في المهجر ان ندعم شعبنا الكلداني خاصة وشعبنا المسيحي عامة في الوطن الأم ؟
5ـ دعم الأحزاب القومية الكلــــدانية ومنظمات المجتمع المدني : الأجتماعية ، الفنية ،الرياضية ، الجمعيات الخيرية ، النوادي  إن هذه المنظمات هي الوعاء الطبيعي  لنشر الوعي القومي والتمسك بالهوية القومية .
6 ـ التعاون والتنسيق مع المنظمات والأحزاب القومية الشقيقة كالتنظيمات الآشورية والسريانية بهدف توحيد الخطاب السياسي والدخول في تحالفات مشتركة وتنسيق العمل السياسي المشترك .
7 ـ تنفيذاً للفقرة ( 1) يحاول المؤتمر الأتصال بالقيادة الكردية بهدف إرجاع اسم القومية الكلدانيــــــة الى مسودة الدستور الكردستاني وبصورة مستقلة وكما كان سابقاً في هذا الدستور وكما هو مذكور في دستور الجمهورية العراقية في المادة 125 .
8 ـ إن إلصاق اسماء المنظمات التابعة لاحزاب آشورية منها منظمة الطلبة الكلدوآشوريين ، ومجلس الشعب الكلداني السرياني الآشوري ، والمجلس القومي الكلدواشوري السرياني ، وجعل تلك الأسماء المركبة الغريبة كهوية قومية لنا نحن الكلدانييـــــن ، ينظر الى ذلك بأنه إجراءاً تعسفياً غايته النيل من قوميتنا الكلدانيــــة ، والحد من قيمتها وجعلها بمستوى منظمات تابعة لتلك الأحزاب الآشورية التي تحتفظ بتسمياتها الآشورية ولا تقبل التنازل عنها ، في حين تبذل المساعي مع الكلـــدانييـــن  للتنازل عن اسمهم القومي ، على المؤتمر وضع حد لهذه الفضيحة المستهجنة . 
9 ـ يجري في المؤتمر الأتفاق على العلم الكلــــــداني والعمل على ترويجه كعلم عام للكلــــدانيين ، ويجري تقديمه على انه رمز يمثل التاريخ الكلـــداني العراقي في بلاد ما بين النهرين ( العراق ) .
10ـ مناقشة إمكانية تأسيس موقع الكتروني للمؤتمر مع صدور مجلة سنوية او نصف سنوية ،فيها دراسات تاريخية واجتماعية وثقافية عن شعبنا الكلــــداني في بلاد ما بين النهرين .
11 ـ مناشدة الأوساط المسؤولة في قناة عشتار الآشورية  الشقيقة ان تخصص بعض وقتها لبرامج كلدانيــــــــــة ، تعكس الثقافة الكلدانية والجوانب المشرقة لهذا الشعب حيث ساهم في بناء الحضارات العراقية ، وإنه اليوم يتعرض الى التهجير القسري والأرهاب ، ويعاني من تهميش ثقافته وقوميته في وطنه العراق .
12 ـ يبلور المؤتمر فكرة الحكم الذاتي لشعبنا المسيحي في المدن والقرى الكلــــدانية في سهل نينوى ، والى جانب المكونات الأخرى في المنطقة كاليزيدية والعرب والأكراد والشبك ، ويجري الأتصال بالحكومة الفيدرالية في بغداد ، وحكومة اقليم كردستان بغية نيل شعبنا لحقوقه في وطنه العراقي  .
13 ـ الصوت الكلداني في الأعلام ما فتئ خافتاً خجولاً ، ولابد من إسماع صوتنا ليكون لنا وجود بين الموجودين ، فيُعمل على انشاء إذاعة صوت الكلدانيين في المنطقة حيث ان شعبنا الكلداني يفتقر الى اي فضائية او إذاعة ناطقة باسمه ، فهنالك المحطات الكردية والعربية وللشبك مؤخراً اذاعة صوت الشبك ، وينشط الأخوة الآشوريون بالهيمنة على الأعلام في المنطقة حيث لهم فضائتي آشور وعشتار ولهم إذاعة صوت اشور ناهيك عن المجلات والصحف والمواقع الألكترونية التي تخدم خطاب الفكر القومي الآشوري تحديداً . ونبقى نحن الكلـــــدان الوحيدين في الساحة نستجدي طرح كلمتنا في هذه القناة او تلك الأذاعة او تلك المجلة ...
14ـ ابواب المؤتمر مفتوحة للمستقلين من ابناء شعبنا وكذلك للعاملين في احزاب ومنظمات وجمعيات ونوادي كلدانيـــــة . ويمكن لهؤلاء جميعاً الأشتراك باللجان المنبثقة عن المؤتمر ، كما ان المؤتمر ليس بديلاً لاحزابنا القومية وليس فوقها إنما هو معاضداً وجهوده موازية لجهود تلك الأحزاب .
15 ـ المؤتمر الكلداني العالمي ليس موجهاً ضد جهة او فئة او شريحة معينة ، إنما يستهدف وضع الهوية الكلدانية في مكانها الطبيعي بين المكونات العراقية ، وفي المحافل الدولية ، وإن كان لا بد من التشبيه فهو موازِ لما يعقد باسم المؤتمرات الآشورية العالمية . وهو لا يستهدف تهميش او إلغاء او احتواء او إقصاء المكونات الأخرى من اشقائنا السريان والآشوريين فنحن جميعاً شعب مسيحي واحد وجزء لا يتجزأ من الشعب العراقي .
البحوث المقترحة في المؤتمر
1 ـ الهوية الكلدانية في التاريخ .
2 ـ التعتيم على الهوية الكلدانية ومحاولة تهميشها من قبل الأحزاب والكتاب الآشوريين .
3 ـ الكلدانيون الأوائل في الولايات المتحدة ودورهم في حفظ الهوية الكلدانية .
4 ـ الكلدانيون تحت الحكم الوطني للدولة العراقية الحديثة .
5 ـ الفنون والآداب ودورها في تقوية اواصر التواصل الهوياتي لشعبنا الكلداني .
6ـ تخوين كل من يدعي القومية الكلدانية ، قرار لا مبرر له من قبل الأحزاب القومية الآشورية .
7ـ اواصر المحبة والتعاون بين مكونات شعبنا المسيحي من الكلدانيين والآشوريين والسريان .
8 ـ دور منظمات المجتمع المدني في تنمية المشاعر القومية والتمحور حول الهوية .
9 ـ الكنيسة ودورها التاريخي في الحفاظ على الهوية الكلدانيـــة .
10 ـ الرياضة عامل توحيد وإعتزاز بالهوية .
11 ـ العمل السياسي الكلـــــداني في دول المهجر .
12 ـ الأعلام ودوره في بعث الوعي القومي .
13ـ إرساء دعائم التمسك بالأرض في الوطن العراقي .
14 ـ اخلاص الكلدانيون للهوية العراقية والأنتماء العراقي .
15 ـ الكلدانيون ملح المجتمع العراقي ، وهم واساطة محبة في التكوينات العراقية الجميلة : العرب والأكراد والتركمان والأرمن والآشوريون والسريان واليزيديون والشبك والصابئة المندائيون .
إن جهودي الشخصية كانت تكثيف الأتصالات مع شخصيات سياسية من أبناء شعبنا الكلــــداني في الوطن ولقيت تجاوباً متحمساً ، هذا إضافة بعض الأتصالات مع رجال الدين من كنيستنا الكاثوليكية الكلدانيـــة حيث كانوا مع فكرة عقد المؤتمر ، كما اتصلت بشخصيات عديدة في الولايات المتحدة ولقيت الفكرة تأييداً كبيراً .
زمان انعقاد المؤتمر هو النصف الثاني من عام 2009 ليجري التحضير الوافي له ولانجاز البحوث المهيأة ، لكن سيبقى القرار الأخير بيد الهيئة التحضيرية للمؤتمر .
اهيب بزملائي الكتاب لابداء وجهات نظرهم ان كانوا مؤيدين او معارضين للفكرة ، كما آمل ان تلقى الفكرة التأييد والدعم من قبل ابناء شعبنا الكلـــــداني ، ومن اشقائنا الآشوريين والسريان .
إن الأفكار المطروحة في هذا المقال هي مجرد مقترحات لبرنامج عمل ومن المؤكد ثمة أفكار وطروحات أخرى مطابقة او مخالفة لما ورد في هذا المقال ، كما ان الرأي الأخير سيكون منوط  بطروحات الهيئة التحضيرية للمؤتمر ، ومن ثم تكون مقررات المؤتمر هي المنهج المشروع الذي يجري السير بموجبه لحين انعقاد مؤتمر ثان .
حبيب تومي / اوسلو في 01 / 01 / 2009

391
واقعة منتظر الزيدي  التي ايقظت الأمة من المحيط الى الخليج
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


الأمة العربية من المحيط الى الخليج غارقة في سبات عميق استيقظت فجأة على وقع حذاء طائر في بغداد اطلقه الصحفي العراقي منتظر الزيدي ، هذه الأمة لا تتحرك ولا تتوحد ولا تستيقظ إلا تحت وطأة احداث جسيمة عارمة ، والحدث الذي وقعت احداثه في القاعة التي شهدت المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء العراقي وضيفه الرئيس الأمريكي جورج بوش . الحدث يتلخص في ان الصحفي منتظر الزيدي قذف بفردتي حذائه مستهدفاً الرئيس الأمريكي ضيف جمهورية العراق . هذا الواقعة  في الغرب كان لها ردود فعل مختلفة ، منهم من اعتبرها إهانة لامريكا ، ومنهم من كان يحتفي بهذه الواقعة وتستغله بالسخرية من بوش . كما إن الرئيس بوش نفسه علق على ذلك بأنها حرية ، وإن رقم الحذاء هو 44 .
 لكن بدورنا نتساءل : ماذا لو كان رئيس عربي في مكان الرئيس بوش ، وماذا لو وقعت الحادثة في زمن صدام حسين ؟ فلا اعتقد ان شجاعة منتظرالزيدي كان بإمكانها ان تظهر في ذلك العصر ، لكن  الذي لا يختلف اثنان حوله هو ان ديمقراطية بوش فحسب يمكن ان تنظر الى الأمر بأنه تصرف فردي بعيداً عن مفهوم المؤامرة ، وهذه الديمقراطية هي التي اوحت لمنتظر ان يكون له هذه الشجاعة ، وأن يأتي بهذا العمل  ، وهذه الديمقراطية والحرية التي زرعها بوش هي التي اتاحت لمنتظر الزيدي ان يتصرف ذلك التصرف وأن يخرج من القاعة سليماً وان يقدم الى محاكمة عادلة .
في المنحى التاريخي سيكتب الخبر مع الأحداث التي كان للاحذية دوراً بارزاً ، فقد تعلمنا في المدرسة ان قاسم الطنبوري كان يعاني من حذائه المتهرئ ، وقرأنا عن لجوء نيكيتا خورشوف الى فردة حذائه لأسكات احد المندوبين المتحدثين في الأمم المتحدة ، واليوم نشاهد الواقعة التي يعبر عنها الصحفي منتظر الزيدي عن سخطه بواسطه حذائه بدلاً من الخيارات والبدائل الأخرى التي تدخل ضمن شرف المهنة  . وربما أراد الزيدي نيل الشهرة بهذا العمل غير المألوف وفي الحقيقة توصل الى هذه النتيجة بسرعة الصاروخ الذي كان ينطلق حذائه الطائر . لقد سيم الزيدي بطلاً عراقياً لدى شريحة عريضة في الأقطار العربية من المحيط الى الخليج ، واحداً ارسل لي رسالة بالبريد الألكتروني معلقاً على مقال كتبته سابقاً بهذا الخصوص يقول :
أنت شخص مأجور وعميل وحاقد خاصة بعد الذي كتبته عن البطل العراقي منتظر الزيدي ، وصديق لي تعرض الى التعنيف من قبل امرأة صديقة لنا حينما انتقد عمل الزيدي امامها .
إن السخط والغضب والنقمة وانتقاد سياسة الولايات المتحدة في العراق عمل مشروع لما حل  بعراقنا من كوارث ومصائب بعد 2003 م ، لكن من باب الأنصاف فإن امريكا  لم تتحمل وحدها وزر ما حل بالعراق من مصائب ، فقد كان الجيران في مقدمة من كان يرسل الأسلحة والأنتحاريين ويغذي الميليشيات للعمل على إغراق العراق في فوضى عارمة لا خروج منها .
نعود الى الأمة العربية التي ايقظها الزيدي بفعله الأستثنائي فهذه الأمة هي دائماً وأبداً مظلومة ومهضومة الحقوق ، وهي بانتظار المخلص البطل  الذي ينتشلها من واقعها المزري ، فالهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا ، وجميع هذه الأمم وغيرها تنهض اقتصادياً وثقافياً وسياسياً باستثناء افريقيا والأمة العربية التي لا زالت عجلة التقدم فيها تسير بسرعة السلحفاة .
لقد اخلصت الأمة لجمال عبد الناصر ونسجت حوله الأساطير وكان ينبغي عليه ان يوحد الأمة ويقودها من نصر الى نصر ، لكن الأمة لم تتوحد وكانت هزيمة حزيران عام 1967 ، وجاء صدام حسين وكان مبذراً لثروات العراق ، آملاً ان يقود أمة العرب بالتهديد والترغيب ، لكن صدام ادخلنا في حروب لا نهاية لها وتوّجها في دخوله الى دولة الكويت لارجاع القضاء السليب قبل إرجاع فلسطين .
 إن الأمة العربية هي بحاجة الى معرفة نفسها ، وكما يقول سقراط : اعرف نفسك ، نعم ينبغي ان تعرف الأمة العربية نفسها وان تعرف الأمة العربية ماذا تريد .
 كيف تتحرك هذه الأمة ؟ كيف تستيقظ ؟ كيف تثور ؟
هذه الأمة لا تحركها حرق الكنائس في العراق .

هذه الأمة لا تحركها تفجير الأسواق والمطاعم وكراجات النقل والتجمعات السكانية في العراق ، وهذه الأمة ترى في تلك التفجيرات بأنها انتقام من العدوة امريكا ، فهي انتصارات للامة العربية .
 هذه الأمة لا تحركها تهجير آلاف العوائل من الموصل .
 هذه الأمة لا يحركها ان تزوج طفلة عمرها 8 سنوات على كهل عمره 47 سنة .
 هذه الأمة لا يحركها قيام مسلم يمني بقتل يهودي يمني لانه يمتنع عن دخول الأسلام فيشهر سلاحه في سوق عام ويجهز عليه امام الجميع .
هذه الأمة لا يحركها الأمية المتفشية ، ولا يحركها الفقر والتأخر واستهتار بحقوق الأنسان وحقوق الأقليات الأصيلة . انها امة  منساقة  وراء السيل الكبير من الفتاوي التي تبطل عمل الحكومات والدول .
إنه لامر عجيب تبقى هذه الأمة مغمضة العينين لا تفتحها الا على مستوى وقيعة رمي الحذاء على الرئيس بوش .
متى ستحتل هذه الأمة دورها في الركب الحضاري والتقدم التكنولوجي وحرية وحقوق الأنسان والديمقراطية والليبرالية ؟
فهل ستبقى أمة  العرب  ( ظاهرة صوتية )وكما يقول المفكر السعودي عبد الله القصيمي ؟
 تقدم العرب نحو الأمام يكمن بالأهتمام ببناء الصناعة العربية وتوظيف ثروات البترول في البناء والتعمير والتكنولوجيا والخدمات الضرورية منها الأجتماعية والثقافية والصحية والتعليمية والتربوية . حينما تنظر هذه الدول الى شعوبها بمنظار التقدم الحضاري في كل المجالات دون استثناء .
 في مجالات حقوق الأنسان وحقوق الأقليات وأن تمنح حرية الرأي وحرية الفكر ، وأن تلغى هيمنة التيارات الدينية والقومية والمذهبية على مقدرات هذه الأمة،  وأن تتبنى النظرية العلمانية الديمقراطية لكي تنظر الى المجتمع وعلى مكوناته دون تمييز او تفرقة من أي صنف . حينذاك ستكون امة عربية مجيدة تتسابق مع الزمن في سبيل التقدم والنهوض بالمجتمع من المحيط الى الخليج .
حبيب تومي / اوسلو
 




392
 دعوة الاستاذ جواد بولاني للمسيحيين اليست متأخرة ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no






في تصريحات للاستاذ جواد بولاني وزير الداخلية اطلق  فيها مبادرة عراقية كريمة بدعوة المسيحيين الى الأنخراط بصفوف الجيش والشرطة . إنه اعتراف بكون المسيحيين إن كانوا من الكلـــــدان او السريان او الآشوريين هم المخلصين المتفانين في سبيل اسم العراق وأمن العراق .
فيما مضى من السنين بعد نيسان عام 2003 لا حظنا كم كانت هذه اأجهزة مخترقة من قبل العصابات والميليشيات  والتي كانت تأتمر بأوامر غير تابعة للحكومة العراقية ، وحتى المواطن العادي كان يتوجس خشية من أيصال المعلومات الى أجهزة الشرطة خوفاً من افشاء أمره لتلك العصابات فتجري تصفيته .
أجل كانت اجهزة الشرطة والجيش مخترقة ، ولهذا لم تكن تعني الكمية ( الأعداد الكبيرة ) إنما كان المهم النوعية ، ومن المؤكد ان تلك العصابات وتلك الميليشيات كانت ترسل انصارها للانخراط في تلك الأجهزة فيبدو من الصعوبة بمكان تشخيص العناصر المندسة في هذه الأجهزة .
 في هذا الصدد استطيع ان ازعم جازماً  ان الأقليات الدينية وفي مقدمتهم المسيحيين لا تحوم حولهم الشكوك ، وليس ثمة احتمال من تجنيدهم من قبل العصابات او الميليشيات . فالمسيحيون من الكلدانيين والسريان والآشوريين ، يقدسون الهوية العراقية ، وليس لهم أي تماهي في اية دولة مجاورة ، وإن عمقهم المجتمعي والثقافي والديني هو الوطن العراقي ، وإخلاصهم هو لهذا الوطن لا غيره ، وإن عمل المسيحي الكلداني او غيره في الجيش او الشرطة او في اية وظيفة حكومية فسيقوم بواجبه في منتهى الأخلاص لا شائبة على ذلك .
 كنت اعمل على البواخر ويعاتبني زميلي ابن دورتي وهو مهندس مثلي ويقول ما هذه الحماسة في العمل وكأن هذه الباخرة ملك ابيك ، فأقول له اسم عشيرتك تنقذك من كل اخطائك او عن تقاعسك في العمل بينما انا فإن إخلاصي هو الذي ينقذني من كل زلة او خطأ ، ففي اخلاصي أشعر وكأنني لا أخاف أحداً مهما كان مركزه او مسؤوليته ، وهذه شيمتنا نحن الكلدانيين إن كنا نعمل في اعمال حرة في التجارة او الصناعة  او في وظيفة حكومية ، فالأستاذ جواد بولاني وزير الداخلية لم يكن مخطئاً حينما دعا المسيحيين الى الأنخراط في أجهزة الشرطة .
إن الأستاذ بولاني يبلغ الجميع بأن الوقت الذي كانت هذه الأجهزة محتكرة لفئة او طائفة معينة قد مضى زمنها . فالعراق اليوم يجب ان يكون عراق الجميع دون محاباة او محسوبية .
 يحضرني موقف صادفني يوم نجحت من الرابع الى الصف الخامس العلمي ، حيث كانت ثمة تعليمات في عهد عبد الكريم قاسم تفيد بأن الطالب الناجح من الرابع الى الخامس العلمي بأمكانه التقيم الى كلية الطيران العسكرية ، ، فحلمت كشاب في مقتبل العمر وبنيت الامال في ان اكون طياراً يشق اعنان السماء .
فكتبت عريضة لمديرية تربية الموصل لتزويدي بوثيقة مدرسية الى كلية الطيران ، فشاهدها فراش المدير العام وقال لي ، إن عريضتك تحتاج الى طابع بخمسين فلس ، فنزلت الى كاتب العرائض واشتريت الطابع ولصقته في اسفل العريضة التي كتبتها بخط يدي توفيراً للمبلغ الذي ادفعه لكاتب العرائض .
 وضعت العريضة امام مدير التربية ، وكان اسمي الثلاثي لا يظهر اني مسيحي ، فأخذ المدير يكيل لي المديح  لمشاعري الوطنية وتمنى لي الموفقية لكي اتخرج طيار حربي اخدم وطني . وفجأة سألني في اية منطقة تسكن في الموصل ؟
  فقلت له : استاذ انا من القوش .
 هنا رفع رأسه من العريضة ونظر نحوي وقال :
 أنت من القوش ؟
قلت نعم .
وانت مسيحي ؟
قلت نعم .
 وتريد تصير طيار حربي ؟
قلت نعم .
وهنا طوى عريضتي عدة طيات ، وهو يقول : كليات البلد امامك ابني ، اما كلية الطيران ، فعليك ان تخرجها من دماغك وتنسى امرها بعد ان تخرج من هذه الغرفة . وسلمني عريضتي وأنا اجر اذيال الخيبة واليأس ، بعد ان بنيت قصوراً في الهواء في ان اكون طياراً مقاتلاً .
نعود الى رباط الكلام فأقول ان دعوة  الاستاذ جواد بولاني لها مدلول على مهنية وزيرة الداخلية في العمل ، وآخر ، انه يريد تكريس الهوية العراقية على الهوية الطائفية او الدينية او القومية ، ولكن رغم ان دعوته كريمة مخلصة وصادقة لكنها بنظري جاءت متأخرة ،  فقد هاجر الشباب الذين أرادهم ان يكون رجال مخلصين في هذا الجهاز او أجهزة الأمن او الجيش ، فهل نحلم ان يعود شعبنا الكلداني الى المدن العراقية ؟
 لقد قرأت خبراً مفاده ان وزارة الداخلية اقامت احتفالاً في شارع ابو نؤاس بمناسبة اعياد الميلاد ، فهل نستبشر خيراً ؟ هل نستطيع ان نعود الى حيّينا في دافئات المنى كما تقول فيروز .
 هل تعود شوارع بغداد تتلألأ بالمصابيح وشموع المحبة ؟
 هل نسافر الى بغداد ونبني لنا بيوت ونعمل بالتجارة ؟
إن عودة المسيحيين الى المدن العراقية هو بمثابة عودة الأمان والأستقرار لهذا البلد . نأمل ان  تتكلل جهود الأستاذ جواد بولاني وغيره من المخلصين في هذا البلد في إرساء قواعد  الأمان والأسقرار ، وحكم القانون ، وتختفي كل مظاهر الطائفية المقيتة في هذا البلد المنفتح على كل التكوينات المجتمعية العراقية ويعود تألق نسيج المجتمع العراقي الجميل ، وتعود سماء العراق الصافية لتترصع بآلاف النجوم في الليالي القمراء الجميلة .
 حبيب تومي / اوسلو

393
العراقيون والتعامل بثقافة ( القنادر ) الفجّة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


ثمة أحكام تطلق على الشعب العراقي بجهة تغليب ثقافة العنف لديه واللجوء اليها لحل مشاكله بدلاً من أساليب اللاعنف التي ينبغي ان يتميز بها وهو صاحب الحضارات في التاريخ .
 لقد كان الأمتثال بجثث رجال العهد الملكي بعد ثورة 14 تموز 1958 وكانت الحوادث الدامية التي مر بها العراق وهي مستمرة الى اليوم . يقترح الدكتور علي الوردي وهو المفكر والباحث في طبيعة المجتمع العراقي ، بأن هذه الحالة مستوحاة من طبيعة نهري دجلة والفرات ، فإنهما يفيضان ويدمران دون ان يكون هنالك موعد محدد لهذا الفيضان ، فخلق لدى الأنسان العراقي حالة من القلق واللاستقرار ، ومقارنة النهرين دجلة والفرات مع نهر النيل فإن هذا الأخير يفيض بمواعيد محددة من السنة وهو يجلب الخصوبة والخير للزراعة المصرية التي هي قوام الحياة المعيشية في هذه الديار .
ولكن نبقى في عنوان المقال لماذ يلجأ العراقيون الى ( القندرة ) : وهو الحذاء باللهجة العامية العراقية  ، والكلمة من اصل كردي ـ قونده ره ، قونته ره ـ او فارسي  . في العهد الملكي اتذكر كان هنالك شعار ثقيل الظل يقول " نوري سعيد القوندرة وصالح جبر قيطانه " والأثنين  شغلا رئاسة الوزارة في ذلك العهد . وفي هذا النوع من الهتافات في اواسط الستينات من القرن الماضي كان هنالك  شعار يُردد " حجي مشن وسيفن آب راحوا لمصر جابوا قحا..  " للاشارة الى زيارة قام بها رئيس الوزراء ورئيس الجمهوية لمصر حينذاك . وبعد سقوط النظام في 9 نيسان 2003 كانت الفضائيات العالمية تنقل مشهد الرجل الكهل وهو يشبع صورة رئيس الدولة الساقط بضربات بفردة حذائه ، كما شاهدنا المواطن العراقي وهو يضرب تمثال صدام الساقط في ساحة فردوس بفردة حذاء ايضاً   .
أما صدام حسين فقد تعمد في وقتها الى تثبيت صورة بوش ( الأب ) على الأرض تحت الأقدام في فندق الرشيد ، بالقرب من وزارة الخارجية ، في محاولة لاهانته بهذه الطريقة السمجة ، وفي يوم انطلق صاروخ امريكي من البحر ليصيب مدخل الفندق ، ويزيل الصورة ووقع من العراقيين شهداء ومن بينهم فتاة القوشية كانت تعمل موظفة في الفندق المذكور . والشئ بالشئ يذكر فقد عمد الرئيس السوفياتي نيكيتا خورشوف  في اوائل الستينات من القرن الماضي وفي اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة حينما نزع فردة  حذائه  وطفق يطرق بها على الطاولة ، لكي ينبه الحاضرين من الرؤساء وقادة الدول  للاصغاء اليه ، ووصف هذا التصرف وقتها بأنه بعيد عن الكياسة .
بالأمس 14 / 12 حينما وقعا بوش والمالكي بشكل رمزي اكثر منه قانوناً على الأتفاقية الأمنية المبرمة بين البلدين ، وبعد مصافحة بوش والمالكي في المؤتمر الصحفي قام مراسل الفضائية " البغدادية " الصحافي منتظر الزيدي ، الذي كان واقفاً بين المراسلين بقذف حذائه باتجاههما ، وحاول المالكي حجب بوش ، حسب جريدة الشرق الأوسط ، فإن الحذاء لم يبلغ أي منهما . فسارعت القوات من عناصر الأمن العراقي والأمريكي الى سحب الصحافي الذي كان يصرخ بأعلى صوته . لقد قال بوش في تلك الأثناء ان العراقيين ليسوا كذلك ، هذه الأمور تحدث عندما تكون هناك حرية ، مشيراً الى ان هذا ثمن الحرية . واضاف ساخراً " ان مقاس الحذاء 44 إذا اردتم ان تعرفوا أكثر " .
في معرض ردود الفعل نلاحظ هنالك احتقان في العالم العربي وكرد فعل غريزي اعتبر هذا السلوك مثالاً للبطولة وينبغي على الجميع الأقتداء به كوسيلة لمخاطبة الآخرين . فيبدو ان بوش قد شخّص على انه سبب البلاوي في هذا البلد ، ناسين ان العراق كان يرزح تحت حكم دكتاتوري ، وكانت هنالك جبهة واسعة شعبية تريد الخلاص منه ، وإن في مقدمة المستفيدين من امريكا وبوش هم السكان الشيعة من العراقيين الذين استعادوا مكانتهم كمواطنين من الدرجة الأولى ،وأصبحوا هم حاكمي هذا البلد ، ولو لم تكن امريكا وبوش ، لما توصل الشيعة الى هذه المكانة فعليهم ان يشكروا بوش وأمريكا لما حققوه لهم من مكاسب ، وكان على منتظر ان يشكر بوش لانه منحه حرية التعبير وكان يجب ان يحاججه باسلوب حضاري متمدن بعيد عن ثقافة التعامل بالأحذية . 
إذا نظرنا الى الأمور بنظرة براغماتية فإن جميع مكونات الشعب العراقي قد اصابها الضرر ، بشكل ما ، بعد عملية الأحتلال التي كانت ضرورية للتخلص من الحكم الدكتاتوري الذي كان ايضاً يوزع قمعه واستبداده بحق الجميع ، وأدخل العراق في مهالك الحروب الداخلية والخارجية ، وأضاع الثروات العراقية ، وأوصل المواطن العراقي الى أدنى مستوى معيشي في العالم .
لكن يأتي في مقدمة المتضررين المكونات العراقية الصغيرة ، التي شردت من وطنها وتحملت الثقل الثقيل من عمليات الأرهاب والتشرد . فيما كل المكونات الأخرى قد استفادت من الوضع الحالي بشكل او بآخر .
في مجال حرية الفكر والتعبير كنّا دائماً الى جانب الصحافيين العراقيين واستنكرنا ما طالهم من القتل والأرهاب وما اصاب الصحافي منتظر الزيدي بالذات حينما خطف لبضعة ايام .
وكنا دائماً الى جانب تمتعهم بحرية التعبير وحرية الحركة ، نقصد بحرية التعبير بحرية الكلمة ، وكان الصحافي منتظر من المحظوظين من الذين فسح المجال امامهم لإمطار المسؤولين من اعلى المستويات بالأسئلة الدامغة المحرجة ، لكن الصحافي منتظر اختار هذا الأسلوب الذي أساء الى الصحافة العراقية والى مهنية العمل الصحفي ، ومهما كيل للحادث من مديح ، فإنه لا يمكن ان يكون السبيل السوي للتعبير .
 يبدو ان منتظر اختار هذا السلوك بغية نيل الشهرة بسرعة ، لانه عمل فريد من نوعه وخروج عن المألوف   وهناك من يصفه بأنه عمل بطولي وآخر يقول انه عمل قبيح ، ولكن وفق السلوك والسياقات العامة فإنه عمل قبيح بكل معنى الكلمة ، ان الرئيس بوش  بضيافة العراق وحكومته ، وهو الى جانب رئيس الوزراء العراقي ، وتحت العلمين الأمريكي والعراقي .
فإذا ابتعدنا قليلاً عن العاطفة والغريزة كما قلت ، ومهما كان هنالك متطوعين للدفاع عن هذا العمل فإنه يبقى في جوهره بعيداً عن التصرف الحضاري ، وبعيداً عن الأخلاقيات العراقية ، وعموماً فإن ثقافة ( القنادر) لا تمت بصلة الى الثقافة والى السلوك الحضاري المتمدن  .
حبيب تومي / اوسلو

394
مرقد النبي ناحوم في القوش من ينقذه من الأنهيار ؟ ( 2 ـ 2 )


بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no




إذا تطرقنا الى مرقد النبي ناحوم في القوش سيتعين علينا الأشارة الى تاريخ اليهود في هذه الديار ، فحينما اتسعت الأمبراطورية البابلية الحديثة ( الكلدانية ) تحت زعامة نبوخذنصر الثاني ، شملت كل منطقة غرب آسيا ، وسبى اليهود من فلسطين وقد استخدم نبوخذنصر اجساد هؤلاء الأسرى وأدمغتهم ومهارتهم لبناء معابد بابل ومبانيها وبرجها العظيم ، حيث كان هذا المجد والأزدهار الأخير يشكل ذروة الحضارة البابلية الكلدانية العراقية ، وحينما افل نجم هذه الدولة ، كان افول الحضارة العراقية وأستطيع الزعم بأنها الى اليوم في دور الأنحطاط  .
يعتبر قاموس الكتاب المقدس ، ان ناحوم هو احد الأنبياء الأثني عشر الصغار . من القوش ، قرية في فلسطين [ مكانها الحالي مجهول  ـ بحسب القاموس المذكور ] . ان سفر ناحوم هو السفر الرابع والثلاثون من العهد القديم ، ويتألف من اصحاحات ثلاثة ، وهو وحي على نينوى .
 وان تاريخ كتابة السفر يرجح انه كُتبَ بعد ان اخذ الآشوريون نوآمون ( طيبة في في عهد اليونان والأقصر الحالية وكانت عاصمة مصر قديماً ) في عام 663 ق. م (3 : 8 ) قبلما اخرب الماديون والكلدانيون مدينة نينوى عام 612 ق . م ، ولقد جاء في القاموس المذكور انه يعتقد انه كان من المسبيين الى بابل ، لكن الحقائق التاريخية لا تتفق مع هذا الرأي اذ ان السبي البابلي كان بعد سقوط نينوى في عام 612 ق .م كما هو معروف في التاريخ .
 

السراج داخل مقام النبي ناحوم وهو معلق في محله الى اليوم وكان يبقى مشعولاً على مدار الساعة ويعمل على الزيت


لقد كتب عن ضريح النبي ناحوم في القوش عدداً من الرحالة الأجانب والكتاب العراقيين ، ففي نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ينقل يوسف غنيمة عن لايرد H. Layard  قوله :
ان في القوش بموجب تقليد عام . قبر ناحوم الألقوشي كما يلقب في فاتحة نبوته .ويحترم هذا المكان المسلمون والمسيحيون ولاسيما اليهود الذين يحافظون على البناء ويأتون الى زيارته زرافات في بعض مواسم السنة ، فالقبر هو مصطبة بسيطة او ناؤوس مغطي بقماش اخضر .. وعلى الجدران الغرفة موضوعة قصاصات ورق مكتوب عليها بالعبرية مواعظ دينية وتواريخ زيارات الأسر اليهودية <نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ، يوسف غنيمة ص 245 > .
ومن جهة اخرى نقرأ عن رحلة بنيامين التطيلي [ 1165 – 1173 م ] التي يتحدث فيها عن الموصل ويقول ان فيها 700 يهودي ... وفي الموصل كنيسة عوبيدية من بناء النبي يونة بن امتاي وكنيسة ناحوم الألقوشي ، وفي حاشية ورد .. . يذكر له بنيامين مرقداً آخر في نواحي شثاثة ، والمعروف اليوم ان قبر النبي ناحوم موجود في قرية القوش من اعمال الموصل ، ويحجه اليهود . وفيه كتابة بالعبرية تنص على ان بناءه الحالي جدده سنة 5556 من التقويم العبري أي سنة 1796 م ساسون صالح داود وعبدالله يوسف . ووقف على بنائه موشي كباي وداود برزاني من الموصل . اما ساسون صالح هذا فهو الجد الأكبر لبيت داود ساسون المعروف في انكلترا والهند    <رحلة بنيامين الأندلسي ترجمة عزرا حداد تقديم المؤرخ عباس العزاوي ص 128 > .
اما ليدي درور فقد كتبت لدى زيارتها لألقوش في كتابها الموسوم { By Tigris and Euphrates } والذي كتبته في مطلع الحكم الملكي في العراق وهي تقول :
اشتهرت القرية ( القوش ) لانها انجبت النبي ناحوم الألقوشي وفيها اليوم ضريحه ... وصلنا الضريح . ان قيّمه يهودي ، مبناه يشبه اولياء المسلمين . وعلى القبر رق مطوي فيه كتابة عبرية ، وهو سفر ناحوم ، واشار القيّم الى كلمة [ الألقوشي ] الواردة على الرق المطوي والظاهر فيه القوش نفسها وهي التي انجبت هذا النبي لا الى القوش السورية < ليدي درور : في بلاد الرافدين صور وخواطر ص 160 > . وكتب عن الموضع ايضاً منهم نيبور في رحلته الى العراق في القرن الثامن عشر فيقول :
وبلدة القوش تمتاز بخاصية اخرى هي ان النبي ناحوم ولد فيها ومات فيها ولذلك فإن اليهود يحجون الى قبره كل سنة . ويظهر ان القوش هي المكان نفسه الذي ورد ذكره في تاريخ العالم العام { Algemeine Welthistorie } تحت اسم الكواشي { Al-Cawaschi } وقد كانت في القرن السابع الهجري قلعة حصينة < رحلة نيبور ص 99 > . وبهذا المعنى ايضاً كتب سر وليس بج في رحلته الثالثة الى العراق والتي تمت في 1890 – 1891 م .
ومؤخراً صدر كتاب عن يهود العراق بقلم يعقوب يوسف كورية وهو يكتب عن هذا الضريح ما كتب غيره من الكتاب السابقين ويضيف : .. وعقد بنيامين الثاني فصلاً عن القوش ومزار ناحوم استغرق نيفاً وخمس صفحات في رحلته ومما نأخذه انه قال ان سكان هذه القرية ارفق كل الكلـــدان بأجمعهم يعقوب يوسف كورية : يهود العراق ص 64 > .


 
كتابة عبرية فوق احد الأبواب


في فناء المرقد خارج الكنيس كوخ صغير يعتقد بأنه قبر لأخته سارة او صارة ، لكن كما هو سائد في القوش فإن رفات ناحوم قد سرقت من مدفنه وحولت الى مكان آخر ، وهذا كان يدل اعتزازهم به خوفاً من نقله في حينها من القوش ويقول بابانا ان سرقة رفاة النبي ناحوم في الأجيال الأولى للمسيحية معروفة ، إذ عرف اهالي القوش انهم خسروا القضية امام المحاكم انذاك ،بدليل ان المسيحيين لهم كنائس واليهود لهم هيكل ناحوم ، وهو يهودي فيبقى الأمر رهن موقف اليهود ... فبلغ الأمر شبان القوش ، فتسلقوا ليلاً الى الهيكل وحفروا الناؤوس واخذوا رفاة النبي ووضعوها في جرة وحفظوها في زاوية قريبة من رفاة مار ميخا النوهدري وفي هيكله ، ولا زالت اليوم هناك < القوش عبر التاريخ يوسف بابانا ص30 > .
 في هيكل مار ميخا النوهدري في القوش مشكاة على الجهة اليمنى من الهيكل دفنت عظامه تحت صورة للقديس مار ميخا ، وقد كتبت باللغة الكلدانية ما ترجمته [ هنا موجودة عظام القديس ميخا النوهدري ] . والى يسار الهيكل مشكاة اخرى دفن تحتها اناء خزفي يحتوي عظام النبي ناحوم المسروقة من ناؤوسه الأصلي ومكتوب اسفلها بالكلدانيــــة هذه الجملة [ خزينة عظام النبي ] ، وفي سنة 1921 م ، وعند مجئ اليهود لزيارة قبر النبي ناحوم كان الوجيه اليهودي [ يعقوب صحيح ] وقد طلب زيارة هيكل مار ميخا ، واستفسر عن سبب عدم الأشارة الى صاحب العظام ، وقال نحن نعرف انكم سرقتم عظام النبي ناحوم وهي مكرمة معززة عندكم ونحن نأتي لزيارتها ، وبعد هذا التصريح قام الشماس اسطيفو رئيس واضاف اليها باللغة الكلدانيـــــة [ ناحوم الألقوشي ] فتكون الجملة كاملة كاملة : خزينة عظام النبي ناحوم الألقوشي < المصدر السابق ص 111> .
في السياق ذاته نقرأ ليوسف حداد انه في عهد البطريرك مار يهبالا الخامس [ 1578 – 1580 م ] او في عهد مار ايليا السابع [ 1576 ـ 1591 م ] ، تم العثور في هيكل مار ميخا على صندوقين ، واحد يحوي عظام مار ميخا والآخر عظام النبي ناحوم . < مختصر تاريخ القوش يوسف حداد ص 37 > . وإذا اعتمدنا على هذه الرواية فأن هذا الصندوق يكون قد نقل الى مبنى مار ميخا قبل القرن السادس عشر ميلادي على اقل تقدير .     
يعتبر بلاد ما بين النهرين المهد الحقيقي لميلاد الفكر الديني ، ان الأساطير الدينية الواردة في التوراة في سفر التكوين وغيره تلقى صداها في اساطير بلاد ما بين النهرين ، ولا غرو في ذلك اذ ان الأب الأساس وهو ابونا ابراهيم قد خرج من اور الكلــــدانييـن ، ولا غرابة ان يكون هذا الرجل وافراد من عشيرته مشبعين بالمثولوجيا البنهرية ، ومن ثم لتنتقل هذه الميثولوجيا الى الأجيال اللاحقة لنجدها مدونة  في التوراة وغيرها من الكتب المقدسة .
واذا مكثنا في القوش سيرشدنا التقليد وبعض الشواهد الباقية منذ اقدم العصور الى ديانة ومعتقدات هذه البلدة .
ما يمكن الوثوق به هو تأثير الديانة اليهودية في هذه البلدة وغيرها ، صحيح انها ديانة الرجل الأسير الذي لا حول له ولا قوة ، لكن المعتقدات والأفكار يجري بينها الأخذ والعطاء ولا يمكن للتفاعل الفكري ان يكون غائباً ، واذا اقرينا بوجود ناحوم الألقوشي في القوش ، سيكون للديانة اليهودية حيزاً في الفكر الديني لهذه البلدة ، وعلينا ان لا نهمل الديانة الزرادشتية وهي ديانة السلطة التي اختارها دارا الأول ورأى فيه ديناً ملهماً لشعبه .
وعلينا ان نأخذ بنظر الأعتبار الديانات العراقية القديمة ، والآلهة المتنوعة التي كان لها وقعها في قلوب العراقيين ، الأله آشور الأله مردوخ اله الشمس اله القمر المعروف بالأله سين ، ويبدو ان لهذا الأله مكانة خاصة في القوش .
من المساهمات القديمة التي فرضت نفسها على عملية امتزاج الشعوب والأفكار سياسة الترحيل التي لجأ اليها الملوك القدماء لقد لجأ الى هذه الطريقة الملك نبوخنصر لكن يبدو انه اقتبس هذا السلوك من الحكم الآشوري الأخير الذي توسم بالأنتقام والوحشية بحق الشعوب المغلوبة .
ان سياسة الترحيل لمجموعات بشرية واسعة ، وخلق واقع ديموغرافي قد اوجده الملوك الآشوريون ، فقد بلغ عدد السكان المرحلين في القرون الثلاثة الأخيرة من عهد الأمبراطورية الآشورية حوالي 4 – 5 ملايين نسمة ، ولنا ان نتصور كم هو تأثير ذلك على الأختلاط والتفاعل العرقي واللغوي والديني والحضاري بصورة عامة .
لقد بلغ الأمر ان في بعض مدن عواصم بلاد اشور نفسها فقد كان الآشوريون عرقياً يكونون الأقلية لان اقواماً من لغات واجناس اخرى غير الأشوريين قد استقروا هناك وعوملوا كمواطنين متساويين مع غيرهم على الرغم من انحدارهم < هاري ساكز : قوة اشور ، ترجمة الدكتور عامر سليمان ص 379 > .
وان كان هذا حال العاصمة الآشورية فالراجح ان يكون انتشار هذا الخليط البشري اكثر تنوعاً في المدن الصغيرة التي كانت تعتبر منفى للمرحلين ، وهذا يتيح لنا امكانية ادراج القوش مع المدن التي سادها هذا التنوع قبل دخول المسيحية اليها .
ثمة شان تاريخي كان له تأثيره المسيرة الحضارية التاريخية لبلاد ما بين النهرين والمنطقة عموماً ، وهي الحملة العسكرية التي قادها الأسكندر المقدوني والذي استطاع ان يحطم جحافل الأمبراطورية الفارسية في ظرف ثلاث اعوام ويضم اقاليمها الشاسعة تحت سطوته .
ان هذه الحملة افرزت نتائج حضارية اكثر عمقاً من تأثيرها العسكري ، حيث تمخضت هذه الحملة عن ظهور الحضارة الهلنستية التي كانت وليدة تزاوج حضارة الشرق القديم مع الحضارة [ الهلينية ] أي اليونانية الصرفة ، وتأخذ هذه الحضارة دوراً مميزاً في العهد السلوقي الى درجة انه في عهد انطيوخوس الأول يقوم يقوم الكاهن البابلي [ بيروسس ] ـ اصل اسمه برحوشا وهو كلداني بابلي وطناً ، كاتب المقال ـ  وهو كاهن الأله مردوخ في بابل ، كتاباً باللغة اليونانية عن تاريخ العراق ... وقد فقد هذا الكتاب لكن مقتبسات كثيرة منه وردت في المؤلفات الكلاسيكية <طه باقر مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ص 594 > .
اما الحكم الفرثي الذي اعقب الحكم السلوقي قد امتاز بالتساهل الديني ، بحيث نلاحظ مثلا  في مدينة [ دورا يوروبس ] حيث وجدت معابد اغريقية ومعابد آرامية وكنيسة مسيحية وكنيس يهودي ومعبد لعبادة الأله الأيراني مثرا . ويضيف طه باقر ان مثل هذه الصورة الطريفة نجدها في مدينة الحضر حيث عبادة الأله البابلي ـ الأشوري القديم نرجال جنباً الى جنب مع عبادة الأله اليوناني [ هرمز ] والآلهة الآرامية [ عتار غاتس ] والآلهة العربية [ اللات ] < طه باقر المصدر السابق ص 607 > .
تمكن الفرثيون من بسط سيطرهم على  العراق عام 126 ق . م في عهد ملكهم ارطبان الثاني [ 128 – 124 ق . م ] وما قام به الفرثيون هو تهميش مدينة سلوقية بعدما اسسوا لهم عاصمة هي طيسفون على الضفة اليمنى لنهر دجلة ، لقد دامت فترة الحكم الفرثي للعراق زهاء ثلاثة قرون ونصف قرن ، تميزت بالحروب مع الرومان ، وهي الحروب التي استمرت حتى انتهاء حكمهم وكانت تدور حول الأستيلاء على الطرق التجارية المهمة المارة بالعراق وبلاد الشام ... لقد كان اخر ملوك الفرثين ارطبان الخامس [ 208 – 226 م ] .<عبد الرحيم طه الأحمد : تكريت من العهد الآشوري الى الأحتلال العثماني ص 38 >
لقد اعقب الحكم الفرثي بعد سقوطه الحكم الفارسي الساساني [ 227 – 637 م ] الذي اعقبه الحكم الأسلامي الى اليوم .
اذا توخينا معرفة دخول المسيحية الى القوش سيعترض سبيلنا فقدان البراهين المطلوبة من مخطوطات وآثار التي تقود الباحث الى مبتغاه ، لكن حينما يقول السيد المسيح : انني جئت لأكمل ما جاء به موسى والأنبياء ، ولم انسخ حرفاً واحداً مما اتو به ، يرشدنا هذا القول الى التوجه الى مكان تواجد اليهود ، وعندها سنرشح من بين مناطق كثيرة شمال وجنوب العراق ، القوش ، التي تتصدر الأحتمال الذي يقضي بتواجد اليهود باعتبارها موضعاً للنبي ناحوم الملقب بالألقوشي ، ومهما كانت التأويلات حول موقع القوش التاريخية ، فإننا نعتمد على صاحب الشأن وهو اليهود الذين كانوا يتوافدون الى هذا المرقد سنوياً لنيل شفعاته وتبريكاته .
وثمة ناحية اخرى لا ينبغي اغفالها ، وهي تعرض هذه البلدة وغيرها من القرى المسيحية التي كانت تتعرض باستمرار على الغارات العشائرية والأضطهادات الدينية التي كان العبث بالمخطوطات واتلافها لا يشكل عندها امراً ذا شأن ، وهكذا كان نصيب المخطوطات التلف على مر العصور مما افقد الباحث ركناً هاماً يعتمده في بحوثه .
لكن السبر في غور التجارب والأستنتاجات وما تبقى من المخطوطات رغم تأخر منشؤها يمكن الوصول الى نتائج طيبة مقنعة .
أرض بلاد ما بين النهرين العظيمين دجلة وفرات ( ميوزوبوتاميا ) غنية بآثارها من الباقية او المطمورة تحت انقاض التراب ، والمتاحف العالمية والمتحف العراقي غنية بتلك الكنوز التاريخية  التي ترمز عظمة الحضارة في هذه الأصقاع ، وفي القوش ما فتئ مبنى مرقد النبي ناحوم الألقوشي قائماً ، وهو يعتبر من المعالم التاريخية الأصيلة في الوطن العراقي .
 في القوش تنتشر الكنائس والمدارس والأديرة والكهوف القديمة الباقية والمندثرة منها وهي تخفي اسرارها في بواطنها ونأمل ان يحين الوقت يوماً لتمتد يد التنقيب والكشف عما تخفيه هذه الأتربة تحتها ، لينجلي تاريخ هذه المنطقة ، فما يظهر اليوم من دلائل وأطلال باقية تجسد على ان القوش مدينة عراقية ضاربة في القدم . وإن إعادة بناء مرقد او مقام النبي ناحوم يعتبر جزءاً من الأخلاص للوطن العراقي وتاريخه ، وإن الحكومة العراقية لابد ان تكون المعني الأول في الحفاظ على تاريخ ، والى المبادرة نحو اعادة بناء المعالم التاريخية التي اصبحت عبارة عن اطلال يتآكلها الزمن وتصبح بعد حين أثراً بعد عين ، وهي بحاجة الجهود المخلصة للجهات المختصة لمد يد البناء لهذا المعلم العراقي ، وهو مرقد النبي ناحوم الألقوشي .
 حبيب تومي / اوسلو [/size]

395
قوائمنا الأنتخابية لمجالس المحافظات  الى اين ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


انتخاب مجالس المحافظات التي ستجري اواخر الشهر القادم من عام 2009 وسأحاول ألقاء الضوء على بعض جوانب هذه الأنتخابات لاسيما ما يخص شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين .
لقد كان قراراً شجاعاً ذاك الذي اتخذه  حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني بخوض أنتخابات مجالس المحافظات بقائمة مستقلة وهي القائمة 503
 دون مقدمات اسجلها ، ومن نافلة القول بأن حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني قد اقدم على خطوة شجاعة واختار سبيلاً عسيراً شائكاً ، ومن بين الدروب واحتمالاتها قد اختار اعسرها طراً ، وربما نضع هذه الخطوة في مصاف المغامرة وهي غير مضمونة النتائج ، ومع هذا فإن كان الحزب قد اختار هذا الطريق ويراه الأصوب فعلينا معاضدته في التوجه الذي اختاره .
 لقد اعتمد الحزب على نخبة من التكنوقراط  لطرح اسماءهم كمرشحين وهم  : الدكتور سعد متي في البصرة ، والمحامي انور بطرس زيتو الجزراوي في بغداد ، والسيد لؤي فرنسيس في الموصل .

 

إننا ندعو الى معاضدة هذه القائمة متمنين للسادة المرشحين إحراز افضل النتائج ، لكي يتاح لهم خدمة شعبهم  .
 وكانت هنالك قائمة الرافدين المستقلة التابعة للحركة الديمقراطية الآشورية . في البداية كان رأي الحركة مقاطعة الأنتخابات  لكن في نهاية المطاف كان العدول عن قرار المقاطعة والأشتراك في عملية الأنتخابات وبقائمة مستقلة ايضاً ، وينبغي علينا احترام قرار الحركة فيما تراه مناسباً لها .، ونتمنى لها الموفقية والنجاح في هذه الأنتخابات .
في نفس السياق اطلعت على انطلاق قائمة عشتار الوطنية التي رقمها 513 والتي تضم نخبة من تنظيماتنا السياسية والأجتماعية والثقافية ، وهي المجلس القومي الكلداني ، وحزب بيث نهرين الديمقراطي ، واتحاد بين نهرين الوطني ، وحركة تجمع السريان المستقل ، ومجلس اعيان قرقوش ، وجمعية الثقافة الكلدانية ، ويقول الناطق الرسمي  باسم هذه القائمة الأستاذ  ضياء بطرس :
 بأن مرشح قائمة عشتار  في محافظة بغداد هو السيد كوركيس ايشو سادة ، وفي محافظة نينوى السيد سعد طانيوس ججو . ومن جهة أخرى فإن المجلس القومي الكلداني سيشارك في الأنتخابات في قائمة مستقلة في البصرة رقمها  512 عن طريق مرشحه صلاح عزيز يوسف . نحن لا يسعنا إلا ان نبارك مثل هذا التوجه في التعاون والأئتلاف والمشاركة في قائمة مشتركة واحدة ، ونتمنى ان تكون تجربة قائمة عشتار الوطنية نواة لمشروع تعاوني اكثر بين تنظيماتنا المختلفة في المستقبل .
 كما قرأنا عن تحالف الحزب الوطني الآشوري مع قائمة التحالف الكردستاني المرقمة 439 وليس امامنا سوى احترام إرادة ومنهجية هذا الحزب ونتمنى له التوفيق والنجاح ، كما قرأنا عن وجود قائمة اخرى تمثل بعض المستقلين في محافظة بغداد .
                                      الموقف الأنتخابي على الساحة السياسية العراقية
المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تفيد معلوماتها ( جريدة الشرق الأوسط اللندنية في 4 / 12 / 2008 )  بأن ثمة 14 ألف 600 مرشح ، وإن الكيانات السياسية المشتركة تبلغ حوالي 400 كيان ، وسيشارك في التصويت  ما يقارب من 15 مليون ناخب يدلون باصواتهم لانتخاب مجالس المحافظات ، والتنافس سيكون على 440 مقعد وهي مجموع المقاعد في 14 محافظة عراقية باستثناء محافظات دهوك والسليمانية وأربيل وكركوك .
وأشارت حمدية الحسيني الى وجود مقاعد للاقليات تتنافس عليها خمسة كيانات سياسية فقط .
إن اكبر عدد من المرشحين هم في بغداد ويبلغ عددهم 2482 يتنافسون على 57 مقعد ، فيما يتنافس في محافظة نينوى أقل من 445 مرشح لاشغال 37 مقعد في هذه المحافظة .
إن هذه الأرقام الضخمة تجعل من قوائمنا تسبح في محيط واسع الأرجاء متلاطم الأمواج ، وينبغي ان نعلم ان هنالك حالة ليست في صالح قوائمنا لا سيما التي اختارت الطريق المستقل ، فابناء شعبنا من الكلدانيين والسريان والآشوريين في المهجر لا يحق لهم الأدلاء بأصواتهم في هذه الأنتخابات على زعم  انها انتخابات غير سياسية ، وهذه حجة غير مقنعة فالكيانات السياسية تعمل المستحيل بغية الحصول على هذه المقاعد لتمرير اجندتها .
 وإجمالاً تكون كياناتنا السياسية قد فقدت زحماً كبيراً حيث من المعلوم ان ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين قد طالتهم عمليات التطهير العرقي وإن نسبة 40 الى 50% من اعدادها قد هاجروا او هجّروا من الوطن العراقي  .وغدت اعدادها في الوطن اقل من الذين غادروه ، ومحافظة البصرة خير دليل على ذلك حيث لم يبق منهم سوى نسبة ضئيلة ربما لا تتعدى العشر من العدد الحقيقي قبل التطهير العرقي .
هنالك ناحية اخرى تتعلق بوجود اكثر من مرشح ، او اكثر من قائمة واحدة لشعبنا في محافظة واحدة فمحافظة البصرة مثلاً يتنافس اكثر من مرشح واحد وهذا يعني تقسيم الأصوات بينهم ، وهذه حالة ليست في صالح قوائمنا . 
  أنا لا اريد ان ابقى في نفق التشاؤم ، ولذلك  ندعو ابناء شعبنا لمؤازرة المرشحين من ابناء شعبنا عبر القوائم المستقلة ، فليس لهؤلاء غير اصوات الناخبين من ابناء شعبنا في المدن العراقية ، وهم يعلقون آمالاً على معاضدة ابناء شعبنا لهم .
أقول :
كم كان رائعاً لو كانت قائمة مستقلة واحدة تحتوي كل المكونات التي قرأنا عنها في هذا المقال ، وهذه القائمة كانت تيسّر أمر المواطن من ابناء شعبنا ليعطي صوته الى القائمة الواحدة بدلاً من الوقوع في الحيرة في اختيار القائمة التي يرشحها . ففي البصرة مثلاً ستتوزع الأصوات بين الدكتور سعد متي عن القائمة 503 وبين السيد صلاح عزيز يوسف من القائمة 512 .
 أقول وأكرر كانت القائمة الواحدة هي افضل السبل والأمان لخوض معركة الأنتخابات هذه ، والقائمة المستقلة الواحدة كانت تشكل المعيار الذي نقيس به قوتنا الأنتخابية وكانت شكلت لنا تجربة نستفيد منها في انتخاباتنا القادمة في البرلمان العراقي .
إن الذي نستطيع عليه هو مناشدة احزابنا السياسية ومنظمات المجتمع المدني لشعبنا في الأنخراط في قائمة واحدة في الأنتخابات القادمة للبرلمان العراقي .
                                                                فهل نفعل ؟ 
حبيب تومي / اوسلو




 




396
مرقد النبي ناحوم في القوش من ينقذه من الأنهيار ؟ (1 ـ 2 )


بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


في الصيف المنصرم وأثناء تواجدي في القوش ، دخلت المبنى الآيل الى السقوط او بالأحرى الأطلال الباقية والمعروفة بمرقد او مقام النبي ناحوم الألقوشي ، ورغم التحذيرات وما ينطوي الدخول الى المبنى من مخاطر ، ويتضح ذلك حين الولوج الى البنيان فهو معرض الى الأنهيار  في اية لحظة ، لكني افلحت في تصوير البنيان من الداخل دون خطورة .
 إن هذا الموضع يحمل في طياته صفحات مطوية من تاريخ الزمن العراقي والذي يعكس حالات التنوع والتسامح والتعايش التي كانت سائدة في تلك العصور . كما ان الكتابة عن هذا المرقد يحملنا الى الأشارة الى بعض الصفحات التاريخية لبلاد ما بين النهرين فارتأيت ان اتطرق الى شئ من التاريخ العراقي والذي له مساس مع هذا الموضوع .


الساحة الداخلية لتجمع جمهور المصلين

ولكن قبل ذلك احب ان اناشد الجهات ذات العلاقة ، بأن تعمل على اعادة بناء هذا لصرح ، فالبناء آيل الى السقوط كما اسلفت ، ويحتاج الى يد كريمة خيّرة لتباشر في تجديد البنيان وحسب اعتقادي فإن هذه العملية ستكون غير مجدية ( التجديد ) ، ولكن تهديم البناء وإعادة البناء ستكون اسلم لجهة الأحتفاظ بالمبنى قائماً وراسخاً .
 يمتد وجود اليهود في العراق الى اقدم العصور قبل وجود الديانتين المسيحية والأسلامية في هذه الديار ، ففي عام 732 قبل الميلاد تمكن تغلث بلاسر الآشوري من سبي بعض قبائل اليهود ونقلهم الى آشور ، وبعد وفاة تغلث بلاسر امتنع اليهود من دفع الجزية للاشوريين ، فقامت آشور مرة أخرى لتأديب المتمردين وكان في هذه المرة أسر الأسباط العشرة التي يقال انها لم تعد ابداً ، وهي الملقبة بالأسباط العشرة المفقودة .
وبدءاً من عام 626 قبل الميلاد شنت بابل المستقلة سلسلة من المعارك أدت الى انهيار الكامل لما كان يعرف باسم الأمبراطورية الآشورية .
وحينما انتزعت بابل حريتها من الأستبداد الآشوري ، وقضت على الأمبراطورية الآشورية فكان نصيب البلدان التابعة لآشور ان تكون تابعة للسيد الجديد وهي الدولة الكلدانية ، وحينما اعلنت اورشليم العصيان على الدولة الكلدانية الحديثة توجهت هذه القوات نحو الغرب  ، وفي عام 597 ق . م . قامت الجيوش البابلية الكلدانية بقهر المدافعين عن القدس وقامت هذه القوات بأسر 3023 يهودي وأخذتهم الى بابل . وكان ذلك اول اسر جماعي ، امام السبي الثاني فكان عام 587 ق . م . والثالث عام 581 ق . م ( أرميا 52 : 29 ـ 30 ) وهذه الفقرات اقتباس من جول كولي : التحالف ضد بابل  ) .
إن ايراد هذه المقتطفات التاريخية كان غرضها تبيان قدم هذا الموضع في ارض بلاد ما بين النهرين المعروف بميزوبوتاميا .  لقد كان لليهود مساهمة ودور تاريخي في بناء وتكوين الحضارات التي انبثقت وازدهرت ثم أفلت وتلاشت في ربوع هذه البلاد ، واصبح هذا الموضع من المعالم التاريخية العراقية والتي تعتز بها القوش وهو مرقد النبي ناحوم ( الألقوشي ) .

 
 
كتابة باللغة العبرية مثبتة في احد الجدران من الداخل

 يعتبر هذا المرقد من المزارات الدينية اليهودية المنتشرة في العراق . ، وناحوم اسم عبري معناه معزِّ ، وهو احد الأنبياء الأثني عشر الصغار من القوش وهو المعروف بفصاحة لسانه ودقة تعابيره ، وهو قريب من موقع الحدث فلذلك يسهب في وصفه للموقع وللمعارك وللحوادث الدائرة الدائرة في نينوى وقت انهيار تلك المدينة ومعها كان انهيار الدولة الآشورية في 612 قبل الميلاد .
وجاء في قاموس الكتاب المقدس عن موقع القوش حيث ورد في حرف الف الذي كتبه الدكتور القس بطرس عبد الملك والدكتور القس جون الكساندر طمسن  عن مادة الألقوشي ، فجاء  :
 وكان النبي ناحوم القوشياً ، ويذكر تقليد ان القوش من ضمن بلدان الجليل . ويقول تقليد اخر كانت تقع جنوبي بيت جبرين في منحدرات يهودا ، اما التقليد المتأخر الذي يقول ان موطن ناحوم كان في اشور على مسافة سفر يومين شمال الموصل فلا قيمة له .
لكن في طبعة الكتاب المقدس للآباء الدومينكان لسنة 1878 م تعلق اللجنة التي اشرفت على طبعه والذي قام بالنصيب الأوفر فيها البطريرك عبد يشوع خياط  والمطران داود اقليمس ، وهذه النسخة مستخدمة في كنائسنا الشرقية ـ الكلـــــــدان والسريان ـ والمترجمة من النسخة المعروفة بالبسيطة {Pshetta }  جاء :
كان ناحوم من مدينة القوش بموجب افتتاح حيث يقول : وحي على نينوى سفر رؤية ناحوم الالقوشي ، والقوش مدينة صغيرة في جوار نينوى بآشور .
ويعلق المطران بابانا في القوش عبر التاريخ ص 26 على الذين يدعون فلسطينية القوش بقوله :
ايقول لنا هؤلاء العلماء في اية بقعة من الأرض تقع القوش فلسطين وهل انفتحت الأرض وابتلعتها بدليل انه لا يوجد منها اثر .. ام انها ابرة صغيرة ضاعت بين ثنايا رمال التاول وصحاري الجليل وابتلعتها الأرض .. ويمضي الى القول : إن اليهود انفسهم يأتون لزيارته سنوياً عشرات ومئات العوائل من جميع انحاء العراق . بل ومن كل اسيا وأوروبا .
 يبدو ان تحديد القوش التي نسب اليها النبي ناحوم ضمن بلدان الجليل ، او جنوب بيت جبرين في منحدرات يهوذا ان هذا التحديد كان من التقليد الوارد ، وليس ثمة تحريات او اكتشافات اثرية تؤيد هذا التقليد . لكن التقليد الآخر الذي يحدد القوش القريبة من اطلال نينوى كموطن للنبي ناحوم هو المرجح ، حيث ان اطلال هذا المرقد لازالت ماثلة للعيان وان مدينة القوش كمدينة تاريخية لا زالت عامرة بسكانها محتفظة بلغتها الكلدانية القديمة وبمآثرها وتراثها ، ليس هذا فحسب فأن اليهود انفسهم كانوا يقصدون هذا الضريح سنوياً .
كان يقوم على رعاية المرقد الى سنة 1950 م المدعو موشي الذي كان يسكن داراً تقع قبالة باب المرقد ، وكان الرجل يعمل في تصليح الحلى الذهبية في محل يقع مقابل بيت ساكي اسمرو في سوق القوش ، وكان يعتمر في رأسه { Poshia } كالتي يستخدمها اهالي السليمانية ، ويبدو انه قدم الى القوش من هذه المدينة ، وكان يحرص ان يبقي السراج التي يعمل على الزيت  { Shraa} مشعولة على مدار الساعة < حبيب تومي القوش دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية  ص207 > . وسبق لي ان زرت المرقد وكان عمري حوالي ست سنوات برفقة والدتي في اواخر الأربعينات من القرن الماضي .
لقد كانت مراسيم زيارة اليهود لهذا الموقع  من انحاء العراق في شهر تشرين الأول ، حيث كان اهل القوش يهدمون العرازيل {Qopranat} التي تنصب في فصل الصيف للوقاية من حرارة الشمس وايذانا بقدوم فصل الأمطار ، وفي هذا الشهر يتوجه اليهود الى القوش للزيارة وللسياحة ، وهم ياتون من المدن العراقية بواسطة سيارات الحمل ( اللوري) عن طريق الموصل غير المبلط ، ومن كردستان كان قدومهم عبر الجبل بواسطة الدواب ، وكان هنالك قرى في كردستان يعيش فيها اليهود منذ العصور القديمة ، وأشهر هذه القرى كانت صندور التي يسكنها اليهود فقط .
 بعض القادمين الى القوش يبقون حوالي عشرة ايام إذ بعد السفر المضني لابد من البقاء في المكان المقدس بضعة ايام أخرى ، في يوم السبت يتوقف اليهود عن العمل كلياً ، ولهذا كانوا يطبخون الطعام من يوم الجمعة .
في هذه الأيام ترتفع الأيجارات واحياناً يؤجر اليهود سكن مشترك مع عائلة القوشية لشدة الأزدحام   ، لكن الفترة باعتبارها نهاية الصيف يكون ممكناً النوم فوق السطوح ، مع توفر غطاء جيد . وكذلك يرتفع سعر المواد الغذائية خاصة الألبان واللحوم والبيض ، ففي الأيام الأعتيادية لا يتجاوز سعر البيضة الواحدة ثلاثة فلوس في حين يرتفع سعرها ايام الزيارة ليجاوز الخمسة فلوس ، ان هذه الأيام كانت ايام انتعاش اقتصادي لأهل القوش  .
ان مراسيم الزيارة تتلخص في اداء الصلوات داخل الكنيس ، وبعد ذلك تبدأ الأحتفالات خارج المرقد والتي كان يشارك فيها شباب القوش ايضاً على نغمات  الزمر والطبل ،الطبل والزرنا { Dawel  Zorna } وكان الموكب المحتفل يتجه نحو الجبل الى موضع الـقوش التـاريخي المـعروف فراش اللـصوص { Shwetha Dganawe} ، وكنا اطفالا ونحن نراقب الشباب والشابات يرقصن في حلقات الدبكة {Khegga} ، وكنا نغني دون ان نعرف ماذا نقول وبعضها لا زال عالقاً بذهني :                     
بالتوراة بالنبي
صلواثا دنبي ناحوم
نبي ناحوم دهوذاي
واخرى :
هالولو هالولو موشي وناحوم وايليا
وسارة خاثا دناحوم القوشنايا نويّا
من هنا فان هذه الزيارة لم تكن تنعش الأقتصاد فحسب ، انما كان يمتد الى الشباب باشتراكهم في حلقات الرقص ، والأطفال في قضاء اوقات ممتعة بعيدة عن الروتين اليومي . 
حبيب تومي / اوسلو                    [/size]

397
مسيحيون عرب وأكراد والإشكال القومي الذي اوجدناه
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


الأمة العربية من المحيط الأطلسي الى الخليج العربي تشترك بمقومات قومية واحدة منها انها تحمل اسم قومي عربي  واحد  وله لغة عربية واحدة  والدين الواحد والثقافة الواحدة ، ومع هذه العوامل والقواسم المشتركة لم تستطع هذه الأمة ذات ( التسمية الواحدة ) ان توحد اقطارها المنقسمة ، حتى انها لم تتفق على قضايا ينبغي ان تكون مشتركة إن كان في مجال الأقتصاد او السياسة او الأجتماع ، فكل بلد عربي له خصوصياته ، ولا يلتق مع البلد الأخر رغم وجود تسمية واحدة وقومية واحدة ولا جدال في ذلك ، ولا غبار على هذه الحقيقة  .
 الأمم او الأمة الأوروبية إن صح التعبير . فيها قوميات وتسميات مختلفة ولغات متعددة ، ومع هذا هنالك عوامل مشتركة تجمع هذه الأمم رغم التعدد والأختلاف ، فهي تتحد في التحاد الأوروبي  ، وتداول عملة واحدة في اكثر هذه البلدان واتفاقها في مجالات كثيرة على النطاق الدولي وكأنها بلد واحد . بينما في الدول العربية رغم تجانسها لا نرى فيها الذي نراه في الأتحاد الأوروبي او جزء منه .
ماذا نريد من هذا الكلام ؟
 لقد قال الأستاذ نيجرفان البارزاني في مقال منشور في موقع حكومة الأقليم :
أن وجود الأكراد المسيحيين والشبك واليزيديين في الموصل امر ضروري ومهم بالنسبة للاكراد ...
وقول الأستاذ مسعود البارزاني في واشنطن مرحباً بالحضور : اهلاً وسهلاً بكم وأنا سعيد جداً بلقاء الشعب الكلداني والسرياني .. لا اعرف ماذا اسميكم ؟ ( عن مقال الأخ انطوان دنخا الصنا : " السيد نيجرفان البارزاني يسمي شعبنا في الموصل .. الأكراد المسيحيون .. لماذا ؟  " ) .
 قبل الدخول في مناقشة الموضوع فينبغي الأقرار بأننا نحمل قسطاً كبيراً او صغيراً من خلق حالة الأرباك التي يمكن ان يقع بها الآخر ، إن كان صديقاً مخلصاً لشعبنا او عكس ذلك . ونأتي الى جذور المعضلة التي اوجدها نخبة من الأخوة الكتاب والأحزاب الآشورية العاملة في الساحة العراقية وفي مقدمتها الحركة الديمقراطية الآشورية .
 كنا كلــــدان وسريان وآشوريين ، وهذه تسميات لم نخترعها ولم نقررها في مؤتمر ، ورثناها تاريخياً مع مجمل مواريثنا الدينية واللغوية والأجتماعية والثقافية ، الأحزاب القومية الآشورية ونخبة من الكتاب المتشددين نزعوا الى اعادة كتابة التاريخ ، فقررت هذه الأحزاب ، وهؤلاء الكتاب ، إننا من اجل ان نتوحد فينبغي اولاً ان يكون  لنا تسمية واحدة ، وهذه التسمية ينبغي ان تكون آشورية ، وكان في ريادة هذه الدعوة الحركة الديمقراطية الاشورية ، ولكن هذه الدعوة قوبلت برفض من بقية المكونات ، فعدلت الحركة عن الموضوع ولجأت الى التكرم علينا باسم احد التنظيمات الثقافية التابعة لها ، وهو التنظيم القومي الكلدوآشوري ، فالحركة تحتفظ باسمها التاريخي  الآشوري ولها برنامجها الآشوري ، وهي  تتصدق علينا باسم احدى الجمعيات الثقافية التابعة لها وهي الكلدوآشورية ، وكانت كريمة مع السريان ايضاً فتصدقت عليهم من مكارمها وأضافت السريانية أيضاً ـ وهي دائماً وأبداً ـ تحتفظ بتسميتها الآشورية . وأقترحت بل وقررت ان تعطينا اسم مركب من كلدوآشوريسرياني .
 من هنا كان الأرباك الذي وقع به الآخر ، فليس من المألوف ان يخاطب الكردي او العربي احد ابناء شعبنا او مجموعة من ابناء شعبنا ويقول هذا الكلدوآشوري السرياني . وهذا ما يربك الآخر كما قلت ، فليس هنالك شعب على وجه الكرة الأرضية بهكذا اسم مركب . وهكذا كان الآخر يفضل  لمخاطبتنا او الأشارة الينا بالأنتماء الديني المسيحي الذي ينقذه من الأرباك الذي كنا نحن السبب في خلقه وصيرورته .
 لقد كان محقاً الزميل عمانوئيل خوشابا في ضرورة إبراز الهوية القومية بدلاً من الهوية الدينية ومرة اخرى ينبغي ان نبرز هويتنا بصورة جلية صحيحة وواضحة  فنحن كلدان وسريان وآشوريون ، وينبغي على الاخر ان يحترم خوصيتنا وهويتنا الدينية والقومية .
وهكذا كان الأسم الصحيح في المكان الصحيح ،فأدرج في الدستور العراقي في المادة 125 قومياتنا الكلدانية والاشورية وكان ينبغي ان تدرج السريانية ، إذا طالب السريان بذلك .
وعلى هذا المنوال المألوف والطبيعي ادرجت تسمياتنا التاريخية الصحيحة في مسودة الدستور الكردستاني . لكن الذي فوجئنا به هذه المرة مع الأسف ، ان يسعى الأستاذ سركيس آغا جان ويوظف كلمته المسموعة في حكومة اقليم كردستان لالغاء تسمياتنا القومية الصريحة في مسودة الدستور ، ووضع مكانها تسمية مبهمة غير مناسبة لاطلاقها على شعب ، فهي تسمية ( تنظيم ) المجلس الشعبي ( الكلداني السرياني الآشوري ) ، وهذه التسمية مناسبة تماماً لجمعية او منظمة او مجلس او حزب ولكنها ليست مناسبة لتسمية شعب بهذا التشابك من الأسماء .
الكلام الدارج قول : الأخوة العرب والأكراد والتركمان ، وأين هو الأحراج إذا قال مسؤول : الأخوة الكلدان والسريان والآشوريين ؟ اين تكمن الأشكالية ؟ اليس للاخوان الثلاثة ، ثلاثة اسماء ، كلدان وسريان وآشور ، لماذا نريد ان نربك الاخر في مسالة اسماؤنا وهي الواضحة وضوح الشمس ؟
 أين يكمن الخلل إن قلنا نحن كلدان وسريان وآشوريون ؟ والمسالة كقولنا العرب والأكراد والتركمان ، فكل من المكونات اعلاه يحتفظ  بشخصيته وكيانه وهم ابناء شعب واحد ، وهي حقيقة تاريخية ، ولو لم تكن هذه الحقيقة تاريخية ، لكان لنا اسم واحد إما آشوريين او سريان او كلدان .
 فلماذا نخلق لنا مشكلة  اصلاً هي غير موجودة ، كلما في الأمر ان يسود الأحترام بيننا ، وسيكون لنا شخصية واضحة للمقابل حينها سوف لا يقع أي مسؤول في حيرة من أمره في مخاطبة شعبنا .
 إننا نناشد ألأستاذ سركيس آغا جان لأعادة المياه الى مجاريها الطبيعية في مسودة اقليم كردستان ، وإعادة اسماءنا التاريخية ، الكلدانية والآشورية وإضافة السريانية اليها ، لكي لا نضيعها جميعاً وإعادتها الى مكانها الطبيعي في مسودة الدستور الكردستاني  لكي نعمل جميعاً تحت  مظلة الأحزاب والمنظمات العاملة في الساحة وفي مقدمتها  المجلس القومي الكلداني السرياني الاشوري ، الذي نتمنى ان تتكل جهوده بالنجاح  في إقرار الحكم الذاتي لشعبنا ضمن الوطن العراقي .
 حبيب تومي / اوسلو 
 

398
          مباردة العاهل السعودي وحوار الأديان ومسيحيو العراق
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


لا ريب ان لحوار الأديان والثقافات والحضارات مفهوماً إنسانياً عميقاً وله اهميته في المسيرة الأنسانية المبنية على التعدد الفكري والديني والعرقي .. وفي كل هذه التنوعات يمكن ايجاد صيغة مشتركة للتفاهم ومن ثم التعايش بين هذه الأطياف . وعبر التاريخ كان الأختلاف الديني او المذهبي سبباً لاندلاع الحروب بين الأمم ، اليوم توصل الأنسان الى مرحلة من التقدم  والرقي الحضاري ، لاسيما في مسألة حقوق الأنسان وحريته في المعتقد السياسي والديني والمذهبي ، فالأختلاف لا يعني الخطيئة او ارتكاب جريمة ، انما هي حالة من التنوع في الفكر ، والأختلاف الفكري يمكن علاجه بالحوار الفكري والأقناع ، وهذا ما يرمي اليه حوار الأديان المختلفة في العالم الذي انعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك ، أجل إنها ظاهرة حضارية وضرورة تاريخية ومرحلية لكي يجري الحوار بين الأديان التي شكلت وما برحت تشكل سبباً للحروب والتقتيل والمآسي .
يوم الأربعاء الموافق 12 / 11 / 2008  انطلقت في الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك اعمال حوار بين اتباع الديانات والثقافات والحضارات ، وقد حضر الجلسة التي استمرت لمدة يومين حشد من القادة والوزراء والمسؤولين ، وكانت المبادرة من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز . وحول الحوار قال الأمين العام للامم المتحدة :
 آمل ان تكون هذه بداية جيدة ليعيش العالم كله في مجتمع يتمتع بوئام أكثر . اما العاهل السعودي فقد قال في كلمته في الجلسة :
إن التركيز عبر التاريخ على نقاط الخلاف بين اتباع الأديان والثقافات قاد الى التعصب ، وبسبب ذلك قامت الحروب مدمرة سالت فيها دماء كثيرة لم يكن فيها من مبرر او فكر سليم وقد آن الأوان لان نتعلم من دروس الماضي القاسية .. وفي الختام اعرب العاهل السعودي عن قلقه من ظواهر التطرف ومعاداة الأسلام .. 
كل هذا كلام جميل ونتمنى الا يبقى حبر على ورق وإنما نصبو ان يكون لهذا الكلام صدى على ارض الواقع .
ولكن ما معنى ان يكون هنالك تفاهم بين اتباع الأديان وما هي الأرضية التي تمهد لمثل هذا الحوار الذي ينشد التعايش والتسامح والوئام ؟ فلندرج بعض المواقف وربما نستطيع ان نقول(  شئ ما يشبه شئ). الموقف الأول :
قبل ايام اجرت العربية  مقابلة مع سهى أرملة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، والتي تحدثت عن آخر ساعاته في مستشفى في فرنسا فقالت : سألتني إدارة المستشفى عن أعز شئ لديه يحبه لكي نعرضه له وهو في الساعات الأخيرة من حياته . فقلت لهم انه يحب ان يسمع القران ، وفي الحال سعت إدارة المستشفى في فرنسا الى جلب شريط مسجل ، وبدأت تلاوة القرآن في كل اقسام العناية المركزة في المستشفى ، وسلم الروح وهو يسمع الى هذه الآيات . هذا موقف نسجله .
 الموقف الثاني :
في نفس يوم انعقاد مؤتمر حوار الأديان الذي كان بمبادرة العاهل السعودي اقتحم مسلحون منزل عائلة مسيحية في الموصل واطلقوا النار على ساكنيه المسيحيين ،  فقتلت لمياء صبيح وهي تعمل موظفة في محافظة نينوى وشقيقتها وأصيبت والدتهما سلمى جرجيس بجروح ، واليوم قرأت ان هذه المرأة المسكينة قد توفيت ايضاً ، وقام المسلحون بزرع عبوة ناسفة في المنزل انفجرت حين وصول الشرطة الى المنزل وأصيب اثنان بجروح ، ويأتي هذا الحادث في اعقاب قتل 14 مسيحي في الموصل وتهجير اكثر من 2000 عائلية عراقية مسيحية من هذه المدينة .
 سؤالنا ما هي اوجه الشبه في مراعاة مشاعر مسلم وهو ياسر عرفات لاسماعه ما تتوقى اليه نفسه وهو في النزع الأخير ، وبين قتل وأرهاب وتهجير على الهوية ، وفي العراق كما هو معلوم لا يوجد هنالك يزيدي او مسيحي او مندائي يقوم بأعمال الخطف والتهجير والقتل بل ان هذه الأفعال يقوم بها المسلمون حصرياً .
من المعروف ان السعودية ومعظم العالم العربي لا يوجد فيها حرية الأديان ، ففي المملكة العربية السعودية ان الأسلام هو دين الدولة الرسمي ، وإن كل المواطنين يجب ان يدينوا به ، وفي الوقت الذي تجيز لوائح حقوق الأنسان بان من حق الشخص ان يغير عقيدته حينما يبلغ من العمر 18 سنة ، لكن في العرف الأسلامي فإن من يغير عقيدته الأسلامية فهو مرتد .
 هنالك فرق شاسع في حرية الأديان التي ينعم بها المؤمنون في الدول الأوروبية الغربية ، وبين الظلم والقتل والتشريد والتفرقة الدينية التي تطال المسيحيين في العراق مثلاً .
 إن الحوار يجري بين الأنداد ، فعلى سبيل المثال ما يجري على الساحة الفلسطينية من قصف وقتل بين الجانب الأسرائيلي من جهة ومن الجانب الفلسطيني فإن الحوار بين الطرفين هو حوار متكافئ يجري للتهدئة بين الطرفين ، هذا بعكس الحوار الذي يجري بين الأديان السماوية الثلاثة . فالعلاقة بين العالم الأسلامي والعالم المسيحي ، ونقصد هنا العالم المسيحي في الشرق الأوسط الذي تتفاوت علاقته مع مختلف الحكومات والمجتمعات ، ففي العراق الذي يقتل فيها المسيحيون ويشردون من مناطقهم بسبب هويتهم الدينية ، فيما نرى سورية وهي الدولة العلمانية تعامل هذه المكونات دون تفرقة تذكر .
 إن العالم الأسلامي مدعو للانفتاح على الأخر ، وينبغي ان تزول فكرة دار الأسلام ودار الحرب .
إن المشروع الثيوقراطي وهو إشراك الدين في الحكم يبقى كما كان عليه في سالف الأزمان وهو العودة الى النظم الأسلامية في القرون الأولى من الحكم الأسلامي ، فمبدأ وحدة الدين والسياسة والمجتمع تتيح لاي مسلم ان يعلن نفسه حامي الشريعة الأسلامية ، وهو باسم الدين يخلق نفسه سلطة دينية مستقلة عن سلطة الدولة والحكومة .
إن النزوع الى الفكر الأسلامي الأصولي قد وضع المكونات الدينية العراقية غير الأسلامية في دائرة الخوف من الجار المسلم ، وهو في أجواء الخوف المستمر ينسى او يتجاهل حقوقه القومية والوطنية ، ويصبح همه البقاء على قيد الحياة في تلك الأجواء الأرهابية ، بعد ان يكون قد تلقى المزيد من التهديدات العلنية والمبطنة . هنالك من يستخدم الشرعية الأسلامية قناعاً يختفي وراءه طموحات اخرى ، ومن المؤكد ليس كل المسلمين بهذه العقلية او هذا الفعل .
العقلية السائدة هي تصور الاحتلال الأمريكي وكأنه احتلال مسيحي او كما يصوره الأصوليون بأنه احتلال صليبي ، ويصورون المسيحيين العراقيين وكأنهم جزء من هذا الأحتلال ، إن هذه الفرضية التي لا تستند على ارض الواقع ، يستخدمها متشددي الأسلام للانتقام من مسيحيي العراق .
 لكن لو نظرنا الى الواقع ، فإن هؤلاء المتشددون كان صدام قد وضعهم في قفص من حديد  لا يستطيعون الخروج منه وحينما اقدمت القوات الأمريكية المحتلة ، خرج هؤلاء المتشددون نحو الحرية وشرعوا في تنفيذ اجنداتهم ضد العراق وضد المكونات الأصيلة ، إن هذا يقودنا الى ان هؤلاء المتشددون جاءوا مع الأحتلال ، وهم ( الأسلاميون ) المستفيدون من الأحتلال وليس المسيحيين السكان الأصليين في هذه البلاد  .
 نحن نتطلع الى الى كل تقارب وتفاهم وحوار بين الأديان لكن ان يكون هذا الحوار مبني على مبدأ التكافؤ والتوازي والندية وليس بمنطق القوي والضعيف او الأكثرية والأقلية . إنها حالة إنسانية ان يدعو خادم الحرمين الشريفين الى حوار الأديان ، لكن ينبغي النظر اولاً على المكون غير الأسلامي في الدول العربية ، وفي المملكة العربية السعودية بالذات التي لا تقبل على غير المسلم ان يدخل اراضيها وخاصة الأماكن الأسلامية المقدسة .
حريّ بالعالم الأسلامي القيام بخطوات جوهرية كبيرة على مستوى الفكر والسياسية والأنفتاح والتعامل الشفاف مع الآخر لكي يحتل مركزاً متقدماً في مسألة حقوق الأنسان والحوار مع الآخرين بندية وتكافؤ مع كل البشر من غير المسلمين .
حبيب تومي / اوسلو     
 




399
      لا لمقاطعة الأنتخابات ولا لاستجداء الكوتا ونعم للوقوف وقفة رجل واحد   
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
هل نحن شعب لا يتقن من اللغات سوى لغة الأستجداء  والتسول واستدرار العواطف والخواطر  ؟
ماذا بنا نستجدي الرغيف من على موائد  اللئام ؟
 لماذا لا نوّحد صفوفنا ونقف وقفة رجل واحد ؟
 ماذا ننتظر بعد كل الذي حصل لنا ومتى نتوحد ؟
الأمة ، الدولة ، الشعب ، القومية ، العشيرة ، القرية ، الأسرة .. كل هذه المكونات تتوحد لحظة تعرضها الى الخطر . في بلدتي القوش ، مهما بلغت الخلافات والأحقاد وحتى العداوات ، فإن كان هنالك خطر داهم على البلدة او على احد ابنائها ، ففي الحال تتبخر  تلك العداوات والأحقاء والخلافات ، لينهض الجميع نهضة رجل واحد وليتجه الجميع نحو درء الخطر بعيداً عن القوش ، إنها شيمة الرجال والشواهد والوقائع كثيرة لا مجال لسردها لأنها ليست في سياق هذا المقال .
نحن المسيحيون او السورايي من كلدانيين وسريان وآشوريين يجمعنا قارب واحد يبحر في اليم المترامي وتتلقفه الأمواج والعواصف ، وعلينا ان نفكر كيف ننقذ القارب الذي يجمعنا من الغرق ، ولا نجاة لفريق خارج هذا القارب ، فلنا مصير واحد إما النجاة وإما  الغرق نحو الأعماق ، فالبحر والأمواج العاتية لا تفرق في هوية الموجودين على متن القارب .
ولكي نواجه هذه الظروف العسيرة ينبغي مواجهتها  بواقعية وعقلانية ، لا بد من وجود غايات نسعى لانجازها ، وما هي هذه الغايات سوى افكار نعمل على تطبيقها على ارض الواقع .
بات في حكم اليقين بأن البرلمان العراقي والحكومة العراقية لا يعنيهما شأن الأقليات ، وإن التوجهات في مراكز صنع القرار على الساحة السياسية العراقية تنحصر بيد التحالفات والأصطفافات الطائفية والدينية المتشددة ، والتي ثبت بالتجربة الملموسة ، بطغيان انتماءاتها الحزبية والمذهبية والدينية على انتمائها العراقي ، ولهذا رأينا هذه القوى كيف تدير ظهرها للمكونات العراقية الأصيلة ، وتجربة البرلمان خير شاهد على هذه المواقف البعيدة عن الروحية العراقية والأنتماء العراقي الأصيل .
لا بل في عملية لا اخلاقية دأبت هذه المكونات تحاسب الأقليات على أعدادها القليلة في حين لم تسأل نفسها ، عما سببه الأرهاب لهذه الأقليات من مآسي وتشريد وقتل وذبح وخطف ...
وبعيداً عن الشعارات والمفردات الأنشائية الفضفاضة علينا ان نتعلم فن التعاون ، ومن ابجديات التعاون يأتي في المقدمة  التفاهم ونبذ الأستفزاز لجعل الآخر ينفر من كل كلمة مؤذية تجرح المشاعر  . وهذا التفاهم وتلطيف الأجواء يشكلان مدخلاً لوضع اسس وتفاصيل التعاون ، وأمامنا لوحة التنكر لحقوق شعبنا وفي البداية تكلمنا عن حقنا في الحياة وحقنا في العيش على تراب وطننا بمستوى المواطن من الدرجة الأولى .بعد ذلك نجري وراء حقوقنا السياسية في التمثيل في مجالس المحافظات والبرلمان .
كانت دعوة السيدين ابلحد افرام ساوا ويونادم كنا لمقاطعة الأنتخابات ، والرجلان يعكسان مدى المكابدة والمعاناة في اروقة البرلمان ، وهما يعيشان وسط المعمعة ، ولهذا كان رد الفعل عندهما كبيراً بضرورة مقاطعة الأنتخابات ، وفي الحقيقة نحن نقدر ما ذهب اليه السيدان وردّة الفعل لديهما من المواقف اللامسؤولة التي يسلكها معظم تلك الكيانات في منطلقاتها الدينية والطائفية ، فالكتل البرلمانية وحتى الكيانات السياسية التي تروم خوض الأنتخابات البلدية والتي تشكل ما ينيف على 400 كيان معظمها ينطلق من مرتكزات طائفية ودينية متشددة .
 وأنا اتفق مع الأستاذ ابلحد افرام والأستاذ يونادم كنا بضرورة ان نكف عن نبرة الأستجداء والتسول ، ولكن لا اتفق معهما بالاحتجاج السلبي في ضرورة مقاطعة الأنتخابات على خلفية المواقف المتشددة من المكونات الأصيلة لمعظم  الكتل البرلمانية .
في قراءتي لمقال رابي عمانوئيل خوشابا وطرحه المتضمن رفض الكوتا بهوية دينية ، وتركيزه على ضرورة إبراز هويتنا القومية . في الحقيقة ان هذا الطرح مطلوب وواقعي ، وعلى الآخر ان يعاملنا معاملة الأنداد ، وليس من منطلق ديني من زاوية التعامل مع اهل الذمة الذي طواه الزمن غير مأسوف عليه  .
ولكن ماذا يقصد الأخ عمانوئيل خوشابا بالهوية القومية ؟ هل هي تلك التي يطرحها احد الزملاء الأعزاء حيث يقدم نفسه على انه  استاذ جامعي  ومستقل ايضاً ؟
حيث يقدمنا على اننا ((  شعب آشوري مسيحي ، ويبدو انه متأثر جداً بأفكار الدكتور سركون داديشو الأقصائية لمكوناة شعبنا ، فهو يؤكد  لنا في ملاحظته العبقرية ليقول : }ملاحظة.., نقصد بالشعب الأشوري المسيحي , اتباع الكنائس ... الأشورية والكلدانية والسريانية بكل تفرعاتهم {  .
ومن المؤسف ان تسود لحد اليوم مثل هذه الطروحات والأفكار العنصرية المتشددة بين مثقفينا ، فهم يعاملون الآخر بذهنية القطيع ، والزميل العزيز الأستاذ الجامعي المستقل يعتقد بأنه توصل الى اكتشاف خطير في عالم الأختراعات  ناسياً او متناسياً ، بأن هذا المنطق الشوفيني العنصري المقيت  في إلغاء الآخر قد ردده قبله الكثير من قادة الحركات القومية العنصرية  منهم هتلر وموسليني ، وآخرهم كان صدام حسين ، الذي الغى القوميات العراقية على حساب إبقاء القومية العربية)) .
ولهذا انا اؤيد ما ذهب اليه الأستاذ عمانوئيل خوشابا في طرح الهوية القومية لشعبنا ، ولكن بشكلها الواقعي الصحيح لتكون في مقدمتها هوية القومية الكلدانيــــــــــــة العراقية العريقة ومن ثم القومية الآشورية والسريانية .
في هذا السياق ايضاً يطرح الزميل اسكندر بيقاشا رأياً متأرجحاً بين مقاطعة الأنتخابات او المشاركة في ظل خطوات التهميش التي يتعرض له شعبنا المسيحي بمكوناته القومية الكلدانية والسريانية والآشورية . ووجهة نظري في هذا السياق هو المشاركة الفعالة ، ونبذ التسول والأستجداء على موائد اللئام كما تقول العرب ، علينا بخوض الأنتخابات مهما كانت النتائج ، فإن حصلنا مقاعد معقولة ستكون تجربة طيبة لمواجهة الأنتخابات في المستقبل ، وإن لم نحصل على نتائج مرجوة ، سنحلل وندرس النتائج ونبحث اسباب الأخفاق لتكون تجربة رائدة للمستقبل ايضاً .
علينا ان نمزج مخاوفنا بالواقعية ، والخيارات المتاحة امامنا احلاها مر ، لكن ينبغي ان نجابه الواقع بوقفة وإرادة رجل واحد .
 ينبغي ان يكون لنا قراءة حقيقية لواقعنا ، هنالك خلافات تراكمية تباعدنا وتشرذمنا ، ولكن ينبغي علينا  ان نلوذ في كهف التعاون والأتحاد ، وإلا تعرضنا الى خطر الأنتهاء والأندثار من ارض الآباء والأجداد .
قبل ايام قرأنا عن تشكيل قائمة باسم قائمة عشتار الوطنية ، وتدعو هذه القائمة المرشحين الأخرين كأفراد او كيانات للأجتماع يوم 10 / 11 ولم نقرأ بعد ذلك عما اسفر عنه مثل هذا الأجتماع، او إن كان قد تم فعلاً .
 انا شخصياً اعلن بتواضع ان اقوم بجهود في المساعي الحميدة لتقريب وجهات النظر وأن اتعاون مع اي نخبة مستقلة من ابناء شعبنا ، ولا اريد ان اذكر الأسماء ، لنقوم بمساعي لاحلال التعاون بين المكونات السياسية المعروفة :
 الحركة الديمقراطية الاشورية ، وحزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني ، والحزب الوطني الآشوري ،  والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري والأحزاب المتآلفة في قائمة عشتار الوطنية وبقية الأحزاب  .
 من خلال قراءاتي يبدو ان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري لا يريد خوض الانتخابات بقائمة مستقلة وهو يميل الى التنسيق بين المكونات السياسية لشعبنا ، وهذه حالة تضيف قوة الى مسار تقريب وجهات النظر . وبنظري ينبغي ان تكون ثمة قيود اخلاقية او لنقل قوانين اخلاقية مستمدة من حتمية تعاوننا وتضامننا لقيادة هذا الشعب نحو بر الأمان .
 نحن بحاجة الى حوار حقيقي اكبر ،((( ليس من أجل توحيد تسمياتنا ))) ، وإنما من اجل تقريب وجهات النظر في الأنتخابات المقبلة . لكي نجتمع في إطار قائمة واحدة ، وانطلاقاً من مصلحة شعبنا المهددة ، وإذا وضعنا هذه المصلحة في المقدمة ، سنتغاضى عن افكار تحقيق المكاسب السياسية ، وعن فكرة الغالب والمغلوب ، والمنتصر والخاسر ، والكبير والصغير .
 وإذا توصلنا الى حالة الدخول في قائمة واحدة ، سيكون بمقدورنا مفاتحة كنائسنا ورجال الدين الأجلاء بمباركة هذه القائمة ليكون لها زخماً مضافاً بين ابناء شعبنا .
 وأكرر استعدادي شخصياً للسفر الى العراق للأشتراك والمساهمة في لجنة يقبل بها وبجهودها وعملها المكونات السياسية لشعبنا ، لكي نعمل على تنسيق المواقف لخوض غمار هذه التجربة ، او نستعد من الآن لخوض الأنتخابات للبرلمان العراقي بقائمة قومية موحدة .
 يتحتم ان يكون  لنا شخصية وكرامة ونفرض انفسنا على الساحة السياسية بأصواتنا المتجمعة المتعاونة المتحدة ، ولنهجر اسلوب التسول والأستجداء والتوسّل واستدرار الخواطر والعواطف وطلب الرحمة ، نحن شعب عريق وعلينا ان نثبت ذلك على ارض الواقع .
                                ولنقف مرة واحدة وقفة رجل واحد . 
حبيب تومي / اوسلو

400
           هل نقول وداعاً لِهَر بجي كورد وعرب ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

كان شعب العراق بجنوبه وشماله ووسطه ، تصدح حناجره  بصوت  هادر واحد يقول :
هَر بجي كورد وعرب رمز النضال
من تهب انسام عذبة من الشمال          على ضفاف الهور تتفتح الكَلوب
لو عزف عَ الناي راعي بالشمال           عَ الربابة يجاوبه راعي الجنوب
كان هذا النشيد يلهب العواطف ويرفع الهمم لتعزيز الوحدة الوطنية التي كان قطبيها تتمثل في  العرب والأكراد وباقي المكونات الدينية والقومية في الوطن العراقي  .
كان التيار العربي القومي لا يسعده سماع هذا النشيد ، وكان هذا التيار  طاغياً على المشاعر بين فئات كبيرة  من الضباط  العرب في الجيش العراقي ، وبمرور الوقت كان الغلبة لهؤلاء الضباط ليتبوأوا مقاليد الأمور والسياسة في حكومات عراقية متعاقبة تستحوذ على  زمام الحكم عن طريق الأنقلابات العسكرية .
كانت هذه الحكومات عاجزة عن حل المسألة الكردية لسبب بسيط واحد وهو انها لا تؤمن بالديمقراطية في حل المسائل التي تخص المكونات العراقية ، وفي الحقيقة لا يمكن لهذه الحكومات ان تؤمن بالحل الديمقراطي للمسألة الكردية وذلك عن طريق الأجابة عن سؤال الذي يقول : كيف يمكن لحكومة ان تؤمن بالحل الديمقراطي في حين هي نفسها ، تربعت على سدة الحكم عن طريق الأنقلاب العسكري ؟
 وهكذا بقي العراق والمنطقة الكردية بشكل خاص ساحة مفتوحة للمعارك واستخدام السلاح بشتى صنوفه والتهميش والأهمال ومن ثم  فرض الحصار الأقتصادي . دأبت هذه الحالة الأستثنائية تتواتر على مدى عقود كانت عسيرة على الشعب العراقي بكل تكويناته من العرب والأكراد وكل مكونات الشعب العراقي الدينية والعرقية :  من الكلدانيين والسريان والآشوريين والتركمان واليزيدية والصابئة والشبك والأرمن ..
في بيان 11 آذار 1970 اعتبرنا ذلك نقطة فاصلة في تاريخ الصراع العربي الكردي إن صح القول ، فما كان قد عرض من الحقوق للاكراد كان فوق التصور لمن كان يرصد المشهد العراقي ، وكان للمرحوم الملا مصطفى البارزاني تجارب مريرة مع الحكومات المتعاقبة ، لكن مع تسارع الأحداث قبل بالأمر الواقع ، وله قول مأثور في حينها يقول :
سوف ننتظر ونرى ما يأتي به الغد .
 نعم ، كان الغد عسيراً والذي كان قريباً لناظره ، وفي هذا الصدد نقرأ بمذكرات حردان التكريتي* وهو احد الضباط المرموقين يوم انقلاب 17 تموز والذي اغتيل فيما بعد بالكويت : وأجاب على سؤال :
كيف ترى بيان 11 آذار ؟
جواب : - في الواقع ان الاكراد استطاعوا بصمودهم البطولي خلال قرن كامل أن يركعوا الحكم الى درجة بتنا نخشى أن يؤدي استمرار الحرب الى سقوط بغداد بايدي الملا مصطفى البرزاني . . وبعد أن قمنا بمحاولة أخيرة للقضاء على المقاومة قبل 11 آذار بشهرين فقط ، وفشلنا فيها قررنا إجراء مفاوضات مع الملا ، لأنهاء القتال لأن ذلك كان سيعطينا فرصة طويلة للبقاء في الحكم .
ويضيف :
وكان القصد من المفاوضات اعطاء الملا كل التنازلات التي يريدها , في محاولة لاحتوائه أو انقلاب عسكري ضده , ولكنه كان اقوى , واذكى وأكثر تمرسا بأساليب السياسية والعسكرية , ولذلك فقد اشترط في بند سري من بنود البيان بقاء (( 25 )) الف جندي من جنود "البيش مركه" تحت السلاح .
ويستطرد : ينبغي القيام باغتياله عند اللزوم ، فالحزب لا يمكن أن يطبق بيان 11 آذار بكامل بنوده لأن ذلك يعني اعطاء أضخم حقول البترول العراقية للأكراد ، وهو حقل كركوك ، وذلك يعني إفلاس الحكومة تقريبا
من هنا ، فقد قرر الحزب القيام باحدى الخطتين : -

1- أما اعلان الغاء اتفاقية آذار ضمن حملة عسكرية ضخمة تقوم بها القوات العراقية , وانهاء قضية الحكومة اللامركزية التي يطالب بها الملا .

2- أو القيام بتوطين عائلات عربية في المناطق الكردية قبل اجراء احصاء عام فيها ، الأمر الذي سيمكن الحزب من بقاء سيطرته قانونيا في تلك المناطق . وللحقيقة فان حكمنا لم يكن مخلصا للاكراد في اي يوم ولن يستطيع ان يصبح مخلصا لهم في المستقبل اطلاقا . . وسيكتشف الاكراد ذلك ان لم يكن قد اكتشفوه فعلا .
في الحقيقة إن هذه الحالة كانت سائدة في كل مراحل الصراع حيث تلجأ الحكومة الى طريق المفاوضات ريثما يشتد ويقوي عودها ، وتحشد قواتها فتبادر بالهجوم على المنطقة ، إن هذا السيناريو كان دائم التكرار في تاريخ العراق الحديث .
اليوم ونحن نتكئ على عكازة الديمقراطية نحاول تبرير وإسباغ الشرعية على كل الممارسات المجحفة بحق الأقليات العرقية ، ففي البرلمان تسلب حقوق الأقليات الدينية والأثنية تحت ذريعة تصويت البرلمان الذي تسيره احزاب دينية طائفية وقومية متشددة وهذا نلمسه في الكتل البرلمانية التي صوتت على تقزيم وسلب حقوق الأقليات العراقية الأصيلة وكما صرح الأستاذ ابلحد افرام ساوا عضو البرلمان العراقي ويذكر ان الكتل البرلمانية التي صوتت ضد مصالح الأقليات كانت :
 جبهة التوافق العراقية ( بكل مكوناتها ) والقائمة العراقية الوطنية وقائمة الحوار الوطني والأئتلاف العراقي الشيعي ( المجلس الأعلى الأسلامي ، منظمة بدر ، مستقلين ، حزب الفضيلة ) ، وإضافة الى الأتحاد الأسلامي الكردستاني . وهذا موقف يدعو للاسف لقيام هذه الكتل الكبيرة بتهميش حقوق مكونات صغيرة اصيلة في الوطن العراقي .
 وصوت الى جانب الأقليات كل من التحالف الكردستاني والكتلة الصدرية والحزب الشيوعي العراقي  .
إن هذه الحالة تقودنا الى جانب آخر من التطورات :
إن استقراء جوانب ما يحدث على الأرض في الموصل حيث لجأت الحكومة الى نقل الفرقة الثانية ( ذات الأغلبية من الاكراد ) من الجيش العراقي من مدينة الموصل الى البصرة ، والأتيان بمحلها الفرقة الثالثة التي يشيع عنها إنها شيعية ، وقبل التطرق الى الأستنتاج المطلوب للآحداث ـ المرء يتأسف لهذه الصيغة الطائفية في تكوين الجيش العراقي  ـ وبعد ذلك نأتي الى مربط الفرس ، ونتساءل :
 هل استخدم المسيحيون كبش الفداء للاطاحة بالفرقة الثانية ونقلها الى البصرة ؟
لقد تاخرت الحكومة عن نجدة المسيحيين إلا بعد ان قامت ضجة اعلامية خارجية ومحلية ، فلجأت الحكومة الى اتخاذ الأجراءات الضرورية . وأتاحت لتساؤلات كثيرة لكي تضع الأكراد والبيشمركة في دائرة الأتهام عن دورهم في تشريد العوائل المسيحية من هذه المدينة .
هل كانت الغاية تفريغ الموصل من القوات الكردية واستخدم المسيحيون كذريعة لتحقيق تلك الغاية ؟
إنه بحق نفس المشهد يتكرر بخلق ذريعة لضرب الأكراد ، او بالأحرى ضرب عصفورين بحجر واحد .
لكن من المؤكد ان اليوم يختلف الأمر ، فالأمر يجري بهدوء ودون ضجة الى تقليص نفوذ الأكراد إن كان في بعض المدن الكردية او في مناطق اخرى ، إن هذه الحالة تؤدي الى تأزيم العلاقة بين المكونين الرئيسيين في العراق ، العرب والأكراد ، وتأجيج الصراع القومي من جديد على ارض العراق الذي يعاني اصلاً من صراعات دينية ومذهبية ، لا يدخل اصلاً في مصلحة العراق . لابد من البحث المشترك عن صيغة تعايشية بعقلية ديموقراطية ، بمنأى عن الحسابات العسكرية والتآمرية والأنتقامية وعلى  خلفية أحقاد تاريخية سابقة .
 إنها دعوة للنظر بعيداً ومعرفة اين تكمن  مصلحة الوطن العراقي ؟
والى نسيان الماضي الكئيب والنظر الى كل المعضلات القائمة بنظرة بعيدة تضع مصلحة الوطن العراقي قبل المصالح الحزبية والدينية والطائفية والقومية ، فلا نريد ان ندفن نشيد هَر بجي كورد وعرب رمز النضال تحت الأنقاض مرة أخرى . فيعود العراق الى بلد الصراعات بدلاً من بلد الحضارات .
 حبيب تومي / اوسلو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*  المذكرات كانت منشورة في موقع الناس وهي الأن منشورة في موقع عقلاني . كوم .

401
              هل هذا برلمان عراقي حقاً ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


المراقب لمسيرة البرلمان العراقي تأخذه الحيرة والعجب ، بالدور الذي يلعبه  في المسيرة السياسية العراقية ؟ ويتساءل ، ماذا قدم للناخب العراقي الذي اوصله الى قبة البرلمان ؟ وهل انهم يمثلون هذا الشعب ( الشعب العراقي ) أم يمثلون شعباً آخراً ؟
 هنالك من افحمني بتساؤلي حينما ذكرني بالموافقة بالأجماع على الماكسب المادية لأعضاء البرلمان ومساواتهم من حيث الحقوق بالوزراء ، وبما ان اعضاء البرلمان هم عراقيون ولهم شهادة الجنسية العراقية ، ويعني ذلك ان البرلمان يدافع عن حقوق العراقيين لكن حصراً بأعضاء البرلمان انفسهم .
لكن نفس البرلمان ماشاء الله صوت بالأجماع يوم تعلق الأمر بالمكونات العراقية الأصيلة  الصغيرة عددياً ، لأن الأرهاب هجرها قسراً من العراق ، وإن الباقي من هذه المكونات يعتقد اعضاء البرلمان بأن هؤلاء  قدموا من كوكب المريخ وليس لهم أي حقوق بالوطن العراقي ، فكان تكاتف وتضامن البرلمان العراقي ضد العدو المشترك وهم هؤلاء الغزاة القادمين من العالم الخارجي .
 كما يبدو ان اعضاء البرلمان لم يقرأوا التاريخ العراقي ، وإنهم معذورون في هذه الحالة ، لأن قراءاتهم تمتد الى الفتح الأسلامي للعراق فحسب ، وقبل هذا التاريخ حسب معلوماتهم لم يكن هنالك سكان او حضارة قائمة لقد كانت ارض الرافدين جرداء قاحلة وكانوا ينتظرون الفتح الأسلامي ليبدأ تاريخهم ولتبدأ البركات تنهال عليهم من الأرض  والسماء  .
دي مستور مندوب هيئة الأمم المتحدة يدافع عن حقوق الأقليات العراقية ( والبرلمان العراقي جداً جداً ) يقزم تلك الحقوق ويرى في ان ما منح لتلك الأقليات الدخيلة القادمة من المريخ لا تستحق كل تلك الأمتيازات ويعتقد البرلمان ان منح هذه الحقوق هو اعتداء وسلب حقوق الأكثريات .
وقد كان اعضاء البرلمان كرماء جداً حينما وافقوا على مقعد واحد في كل من البصرة والموصل وبغداد  فقد حدد التصويت الذي جرى أمس في مجلس النواب على مقعد واحد للمسيحيين في  البصرة ومثله في محافظة بغداد وإلى جانبه مقعد وحيد للصابئة المندائية ، ومقعدا واحدا لهم في الموصل مع واحد للإيزيدية وآخر للشبك ، وهذا يعني في حقيقة الأمر تحجيم قانوني  لتمثيلها في المؤسسات الدستورية للدولة العراقية وتهميش دور أبناء هذه الأقليات في صناعة القرار المتعلق بمصيرهم على مختلف الأصعدة ، في الوقت الذي كانوا يعانون من إقصاء حاد ، خلال الفترات الماضية على مختلف الصعد . 
بارك الله بهكذا برلمان الذي يستكثر على المكونات الأصيلة للشعب العراقي عدة مقاعد فمن اصل حوالي 450 مقعداً في مجالس المحافظات اقترح  دي مستورا ان تخصص 12 مقعد للأقليات ، فكان من البرلمان العراقي جداً ان يعمد الى تخفيض العدد الى النصف ، لقد عارض هذا القرار المجحف بحق الأقليات الدينية والعرقية كل من القائمة الكردستانية والحزب الشيوعي والتيار الصدري ، بارك الله بهذه القوائم العراقية الأصيلة .
لو كنتم تؤمنون بالهوية العراقية الأصيلة ايها السادة كان عليكم ان توافقوا على اقتراح دي مستورا وتزيدوا على اقتراحه ثلاثة اعضاء لتقولوا له ان هؤلاء ابناء شعبكم خاصة وإن دي مستورا الذي يدافع عن الأقليات العراقية هو رجل اجنبي ، فكيف تقبل عراقيتم ان يكون دي مستورا اكثر وطنية وتقديراً لمواطن عراقي اكثر منكم ؟
في الحقيقة إنها معادلة تبعث على الحيرة والأسف في عين الوقت .
 كان ينبغي ان تتعلموا قليلاً من دروس الديمقراطية والشفافية والعامل الأنساني البعيد عن التعصب الديني والقومي ، وذلك بقراءة أخبار فوز باراك حسين اوباما بمنصب رئيس الجمهورية في الولايات المتحدة اقوى دولة في العالم وهو مهاجر افريقي اسود تشكل اقليته 13% فقط  في الولايات المتحدة الأمريكية  .
 كان على البرلمان يقرأ اخبار تفجير الكنائس وعمليات  الخطف والأغتيال والأبتزاز والتهجير القسري للمسيحيين ولغيرهم من الأقلية غير المسلمة ، وباتت هذه ألاقليات مهددة بالأنقراض من وطنها ، لكن يبدو ان البرلمان يبارك هذه العمليات وهو اليوم يحاسب هذه الأقليات لماذا اعدادها قليلة ؟
 الا تعلمون ايها السيدات والسادة في البرلمان العراقي ، ان الأرهاب انتقم من هذه الأقليات ام انكم تحاسبون الضحية وتباركون الجلاد ؟
هل قرأتم يوماً ان العراق يشغل المركز الثاني ( في العالم نعم في العالم ) في الفساد الأداري والمالي ، فإن كنتم قرأتم هذا الخبر ، هل استدعيتم الوزير المسؤول او الوزراء المسؤولين الى  البرلمان للمساءلة والأجابة عن مليارات الدولارات التي تختفي من الأموال العامة ؟
هل حاسبتم وزيراً او استدعيتم وزيراً مسؤولاً عما تتعرض له الأقليات الدينية في الوطن العراقي ؟
 هل حاسبتم وزير التربية الذي لا يقبل بأي مسيحي بالتعيين بمهنة معلم للتعليم المسيحي مالم يأتي بالتزكية من حزب الدعوة ؟
 المصيبة إن كنتم لا تعلمون وإن كنتم تعلمون ولا تفعلون شيئاً فتلك مصيبة المصائب .
نسمع عن وجود مناقشات في البرلمان عن مناقشة القانون الفلاني والفقرة الفلانية ، ولكن لم نسمع يوماً عن قرار برلماني عن سحب الثقة عن وزير او مسؤول لقيامه بعمل ضد المصلحة العامة .
أما حينما يتعلق الأمر بمعاقبة احد الساسة العلمانيين كالأستاذ مثال الآلوسي فقد كان الأجماع والقرار الفوري ، وكما كان الغاء المادة 50 التي تمنح بعض الحقوق اليتيمة للآقليات كان اجماعكم ، وهل تعلمون إن ذلك كان خدمة للارهاب الذي يحاول النيل من هذه الأقليات وتشريدها ؟
فيكون ذلك حلف غير معلن بينكم وبين فصائل الأرهاب ، أنتم تحرمونهم من الحقوق وهم ينتقمون منهم بالعمليات الأرهابية .
 فهل نقول هذا برلمان عراقي الذي يأبى الدفاع عن المكونات الضعيفة في شعبه ، ألا يمثل البرلمان كل مكونات الشعب العراقي ؟ وهذه الأقليات اليست مكونات من الشعب العراقي أم انكم لا زلتم تؤمنون انهم قدموا الى العراق من المريخ ؟
لقد جاء في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 5 نوفمبر : ان الحزب الأسلامي والأئتلاف العراقي الموحد هما من وقفا ضد المادة 50 ، وأشار البرلماني الذي فضل عدم ذكر اسمه ، الى ان اهدافاً مذهبية دفعت الحزب الأسلامي والأئتلاف العراقي الموحد الى الوقوف ضد ان يمثل الأيزيديون والصابئة والشبك خاصة في مجالس المحافظات .
 أما الدكتور فؤاد معصوم فقال للجريدة عبر الهاتف : إن وقوفنا ومعنا الحزب الشيوعي العراقي الى جانب المسيحيين خلال التصويت على المادة 50 أدى الى تمرير هذه المادة الى مجلس النواب ، ويؤكد معصوم : موقفنا هذا يؤكد وقوفنا الى جانب المسيحيين باعتبارهم مكوناُ مهماً من مكونات الشعب العراقي ، ويدحض كل الاتهامات التي تحدثت عن مضايقة الأكراد لهم في نينوى .
 أقول للسادة اعضاء البرلمان : إن الشعب السويسري له جذور مختلفة ، منها الأيطالي والألماني والفرنسي ، ولكن حينما يتعلق الأمر بهويته السويسرية ، يثبت انه شعب واحد مخلص لهويته السويسرية فقط .
 وأقول ايضاً : اجل إنكم عراقيين ولكم هوية الأحوال المدنية العراقية وشهادة الجنسية العراقية ولكن ينقصكم شئ عراقي واحد وهو تفضيل الهوية العراقية على هوياتكم الدينية والطائفية والقومية حينذاك ستتحمل عقولكم قبول باراك حسين اوباما عراقي صابئي او يزيدي او مسيحي ، حينذاك فقط  ستكون هويتكم العراقية اصيلة دون شائبة ، ونقول لنا برلمان عراقي قلباً وقالباً .
 حبيب تومي / اوسلو

402
كلمة رثاء للصديق المرحوم سالم اسطيفانا
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


كان خبراً محزناً ذلك الذي طرق اسماعنا بوفاة الصديق سالم اسطيفانا . من غريب الصدف وأنا اكتب عن تلك المرحلة التي التحقنا بها في صفوف الثورة الكردية ، وكان ذلك في العقد السابع من القرن الماضي ، وفي فقرة فيها بدأت اسرد ممن تحضرني اسماؤهم من الذين ساهموا بالثورة في تلك الفترة ، وذكرت من وافاهم الأجل ومن الذين لا زالوا على قيد الحياة في دول المهجر او في الوطن لا سيما في القوش ، وذكرت الصديق سالم اسطيفانا وأشرت على اسمه بانه يعيش مع عائلته في القوش ، وبعد سويعات معدودات وأنا أتقلب اخبار شعبنا  في مواقع الأنترنيت ، فوقع نظري على النبأ الحزين بوفاة الصديق سالم اسطيفانا .
إن كل من تعرف على سالم سيعلم الكثير عن الجانب البارز من شخصيته وهو قضاء ردح كبير من حياته في سوح النضال والكفاح .
 إن سالم اسطيفانا ينتمي الى عائلة القوشية أصيلة اشتهرت بعطائها  ومواقفها النضالية الثابتة ، وكنت على علاقة من الأخوّة والصداقة مع هذه العائلة الكريمة ، ولا سيما الصديقين سعيد ونجيب منذ فترة الدراسة المتوسطة والثانوية ، أما المرحوم سالم فقد تعززت معرفتنا وصداقتنا بعد التحاقي بالثورة الكردية مع توما توماس .
لقد كان سالم إنساناً هادئاً رصيناً شجاعاً ، كل ما يحمله من رصيد من متاع الدنيا هو تاريخ نضاله ، فلم يكن يطمح الى جمع الثروة والمال بقدر ما كان يصبو الى تحقيق اسباب المعيشة له ولعائلته فحسب  .
لكن محور حياته وجل تفكيره كانا يدوران في حلقة النضال والكفاح في سبيل الشعب ولم يكن ثمة امراً مهماً يشغله عن هذا الجانب المحوري من حياته .
في مطاوي 1964 ـ 1965 كانت عائلتي قد شردت من القوش  نتيجة ملاحقة السلطة لأقارب كل من كان ملتحقاً مع توما توماس ، وفي فترة المفاوضات كنا نزور الأصدقاء في القوش وبعد ذلك نعود للمبيت في بيتنا . إن هذه الفترة قد عززت من معرفتنا  وصداقتنا ورأيت في سالم إنساناً سهلاً بسيطاً لا يتشبث برأيه في المناقشات ، وغالباً ما كان يحدثني عن الملاحقات التي كان يتعرض لها بسبب مواقفه السياسية وأفكاره ، وعن تجربته بهذا الصدد كان يقول :
إن افضل مكان للاختفاء عن عيون السلطة هو الأحتماء بالدوائر الحكومية ، ويضيف انه كان يذهب الى بعض الدوائر المزحمة بالمراجعين ويبقى هنالك ينتظر وكأنه مراجع ينتظر دوره ، في حين انه اسمه كان قبل ايام قد نشر في الجرائد على انه من المطلوبين .
بعد عام 1968 حينما نزلت الى بغداد وكان هنالك بعض الأنفراج في الأوضاع ، زارني المرحوم سالم في الدكان الذي كنت املكه في منطقة السعدون وباركني على الزواج ، ثم طلبت منه ان يتزوج هو ايضاً لا سيما وهو اكبر مني بحوالي عشر سنوات . فقال لي : كيف اتزوج في هذه الظروف ، وإنه ينتظر تحسن الظروف ليقدم على الزواج .
 فقلت له إن أنتظرت تحسن الظروف  لاسيما السياسية منها يا أخي سالم ، سوف تبقى طول عمرك دون زواج ، فعجلة التغير ، ولا اقول التطور ، عندنا تسير نحو الأسوأ في المحصلة النهائية ، فتزوج اليوم أخي سالم افضل لك من الغد .  وفعلاً كانت عجلة التطور في العراق إن صح التعبير تدور دائماً نحو الأسوأ .
لقد سافر سالم الى القوش وهو عاقد العزم على الزواج ، فكان له ماشاءالله من البنين والبنات وكوّن عائلة كريمة محترمة . ولعل موقف الألاقشة من ابنه النبيل آزاد يوم نقل الى مستشفى في الموصل وتهافت الشباب الألاقشة لهذا المستشفى للتبرع بالدم كان دليلاً على محبة هؤلاء الشباب واعتزازهم بشخص الشاب المؤدب آزاد وعائلته الألقوشية الكريمة .
في سفرتي الأخيرة الى القوش طلبت من صديق الطفولة نوئيل عوديش ان نقوم بزيارة لهذه العائلة ، ولكن في نفس الفترة صادفت الأخ سالم في الجمعية الثقافية وتصافحنا هناك ، وكان يبدو عليه التعب وثقل السنين .
 أجل إنها السنون التي لا ترحم ولا تفرق بين الغني والفقير ، بين الملك والشحاذ ،  بين العالم والجاهل ، بين السعيد والتعيس ، إنه الموت  الذي يساوي في حكمه لكل المخلوقات . ماذا نفعل إن كانت لحظة الموت مكملة للحظة الولادة بعد وجود مؤقت على اديم هذه الأرض ؟
إنه الموت المتربص بالأنسان في كل لحظة ، انه الزائر المباغت الداخل دون استئذان الذي غيب صديقنا سالم اسطيفانا .
 نقدم التعازي القلبية لولده آزاد ولكل افراد العائلة الكريمة وللاصدقاء الأعزاء سعيد ونجيب وعزت ، ولجميع آل اسطيفانا الكرام .
 ونتضرع الى الرب ان يتغمد المرحوم بوافر رحمته ويسكنه فسيح جناته ، ولكم جميعاً الصبر والسلوان .
 حبيب تومي / اوسلو
 

403
بأي حق تلغى قوميتنا الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
أمر غريب عجيب ان نطالب بحقوقنا القومية  ، وفي الوقت ذاته نبذل جهودنا بغية  تهميش قومياتنا في الدستور العراقي ودستور أقليم كردستان . لقد عمل الخيرون من ابناء شعبنا لتثبيت حقوقنا القومية في الدستور العراقي ومسودة دستور أقليم كردستان ، لكن اليوم نرى بجرة قلم تدفن تلك الحقوق وتلك المكتسبات ، ليلغى اسم قوميتنا الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني .
لقد اطلعت على آخر مقابلة للاستاذ سركيس آغاجان مع موقع عنكاوا كوم يقول فيه :
 أن لجنة صياغة الدستور الكردستاني، وافقت على تثبيت حق الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري في مسودة دستور أقليم كردستان، وقررت أعتماد تسمية " الكلدان السريان الآشورين" بدون حرف الواو، أينما يرد ذكر شعبنا.
لا ادري بأي حق يجري حذف الأسم التاريخي لشعبنا الكلداني ؟ وما هي المسوغات التي تبرر إلغاء اسم شعبنا وقوميتنا الكلدانية من الدستور الكردستاني ؟
 هل سأل احدهم  الشعب الكلداني إن كان يقبل بذلك ؟
هل جرى استفتاء حول ذلك ؟
ألا ينبغي الرجوع لهذا الشعب الذي خلقه الله حينما خلق بقية البشر ؟
أم اننا مجرد عبيد وعلينا ان نقول نعم وسمعة وطاعة لاسيادنا ؟
 إننا بشراً مثلكم ايها السادة . إن كان لكم مشاعر ، السنا مثلكم بشراً لنا احاسيسنا ومشاعرنا ؟
 في الوقت الذي نثمن ونقدر مواقف الأستاذ سركيس آغاجان من شعبنا ، وما يقدمه من خدمات ضرورية في مجال العمران والمساعدات الأنسانية المختلفة ، وفي المجال السياسي كان تثبيت الحكم الذاتي في الدستور الكردستاني مكسباً مهماً لشعبنا ، إن كل ذلك لا يبرر معاملة شعبنا الكلداني معاملة القطيع لا قرار ولا رأي له ، كما اننا لسنا شعب من الجهلة والأميين لكي نحتاج الى وصاية ، وهذا أمر مؤسف ان نعامل بهذه الطريقة من الأهمال واللامبلاة والتهميش من اشقائنا .
 ليس من حق أي مسؤول مهما كان منصبه ان يمحي تاريخ شعب ويهمش لغته وقوميته وتراثه . 
إن شعبنا الكلداني تمتد جذوره وإصالته في التاريخ العراقي القديم وساهم في بناء الحضارات بين النهرين إن كان في العصور القديمة او في  العصور الحديثة ، وبعد الحرب العالمية الأولى في القرن الماضي حينما هجّر الأشوريون من مواطنهم في جبال حكاري شرق الاناضول ، ومن منطقة اورميا والتي كانت واحدة من النتائج السيئة للحرب العالمية الأولى من القرن الماضي ، فكانت هجرة القبائل الآثورية الى العراق  .
لقد كانت سفرة مضنية بعد قطع 500 ميل للوصول من همدان في ايران الى تخوم بعقوبة في العراق ، كان عدد الوافدين 50 ألف ثلثهم من الأرمن ، عاد قسم من الأرمن الى تركيا ، واستقر الباقون في مدن العراق اما الآثوريون فقد عاد بعضهم الى ايران واستقر الباقون في العراق . لقد وقف الكلدانيون الى جانب اخوانهم الآشوريون فيما يستطيعون فعله ، وما كان لهم من إمكانيات متواضعة ، لا سيما في حملة الأبادة التي تعرض لها الأشوريون في سميل عام 1933 م .
إن المحاولات التي قام بها رابي يونادم كنا في مطاوي عام 2003 لالغاء القومية الكلدانية الأصيلة والأستئثار بإبقاء القومية الآشورية فحسب ، وهذه الجهود تلتقي مع الأسف مع جهود رابي سركيس اغاجان في إلغائه اسم القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكردستاني ، إن هذه المحاولات بمجملها شديدة القرب فكرياً وأديولوجياً مع افكار صدام حسين الذي حاول النيل من القوميات غير العربية منها القوميتين الآشورية والكلدانية .
 يقول الأستاذ سركيس آغا جان ، بأنهم يقسمون شعبنا الى شعبين حينما يذكرون اسمي  الكلداني والأشوري ، وأنا اقول إنكم قد الغيتم شعبنا برمته من الخارطة القومية العراقية .
لا يوجد هنالك قومية باسم : كلدانية سريانية اشورية  ، إن هذا الأسم قد يكون صالحاً لمنظمة او اسم لحزب ما ، كما هي الحال في المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري او منظمة كلدواشور للحزب الشيوعي أو المنظمات الكلدوآشورية التابعة لحزب الزوعا . أما اسم قوميتنا فهو القومية  الكلدانية ، ولكم قوميتكم الآشورية ، وأنتم لا تتنازلون عن قوميتكم حتى لو التصقت الأرض بالسماء كما نقول في القوش  ، فلماذا تريدون ان نتنازل نحن عن قوميتنا الكلدانية ؟
 ام نحن اقل من مستوى البشر لا يحق لنا ان يكون لنا قومية ؟
إنكم قد جعلتم من فضائية عشتار فضائية آشورية صرفة ، من شعارها الأشوري ولهجتها الآشورية وأزيائها الآشورية ، واستطعتم فقط من تهميش كل ما يخص شعبنا الكلداني ، وكأننا صفر على الشمال لا نشكل أية أهمية ، وإن كان لكم اليوم السلطة والمال فليس من الأنصاف والأخوة والصداقة ان تعملوا على إلغاء تراثنا واسمنا وقوميتنا .
لقد ورد في المادة 62 من معاهدة سيفر عام 1920 أعطاء الحق للقوميات الصغيرة :
 )) المادة 62 : تتولى هيئة ، تتخذ مقرها في اسطنبول مكونة من ثلاثة أعضاء تعينهم حكومات كل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا ، التحضير أثناء الأشهر الستة الأولى التي تعقب تنفيذ هذه الاتفاقية ، لوضع خطة لمنح حكم محلي للمناطق التي تسكنها غالبية من الأكراد والتي تقع إلى شرق الفرات والى جنوب الحدود الأرمينية التي ستحدد فيما بعد ، والى شمال الحدود بين تركيا وسورية وبلاد ما بين النهرين ، وعلى النحو المحدد في المادة 27 من القسم الثاني ( 2 و 3 ) وفي حالة عدم توافر إجماع في الآراء بصدد أي قضية ، يحيل أعضاء الهيئة المذكورة كل إلى حكومته ينبغي أن توفر الخطة ضمانة كاملة لحماية < الآشوريين والكلدانييــــن > والجماعات العرقية أو الدينية الأخرى في المنطقة ، ولهذا الغرض ستزور المنطقة هيئة مكونة من ممثلي بريطانيا وفرنسا وايطاليا وبلاد فارس والأكراد لكي تتولى تحديد أي تعديل – أن وجد – ينبغي إدخاله على الحدود التركية أينما تلتقي مع الحدود الفارسية وذلك على النحو الموضح في هذه المعاهدة )) .

إن كانت المنظمات الدولية تقر بوجودنا قبل قرن من الزمان في هذه الديار ولنا حقوقنا القومية في ذلك الوقت ، فلماذا تلجأون انتم ابناء شعبنا بالغاء وجودنا ؟ إنه امر يبعث على الحيرة والتساؤل .
أطلب من الأستاذ سركيس آغاجان العمل على إعادة الأمور كما كانت في مسودة الدستور ، وبديلاً عن ذلك يمكن ان نشكل حزب قومي بهذا الأسم ( كلدان سريان آشور ) أما ان يتخذ هذا الأسم كعنوان لقومية فهذا لا يستند على العقلانية والواقعية والموضوعية مطلقاً وإنه أقرب الى ضرب من الخيال .
إننا نناشد الأستاذ مسعود البارزاني رئيس أقليم كردستان والأستاذ نيجرفان البارزاني رئيس وزراء حكومة اقليم كردستان ، والسادة الأعضاء في لجنة صياغة الدستور الكردستاني إرجاع حق شعبنا الكلداني في إعادة اسمه القومي الى مسودة الدستور الكردستاني ، وهذا حق طبيعي لشعبنا الكلداني أن يكون له اسمه   الحقيقي التاريخي . وأنا متأكد ان اقليم كردستان ليس بصدد تهميش حقوق الأقليات القومية مهما كانت صغيرة .
حبيب تومي / اوسلو

404
         تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني كان ضرورة تاريخية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

نستقبل هذه الأيام ذكرى لتأسيس الحزب الأتحاد الديمقراطي الكلــــداني المناضل الذي تأسس عام 2000 وكبقية الأحزاب القومية لشعبنا فقد تأسس هذا الحزب في منطقة كردستان العراق ، باعتبارها بيئة اجتماعية وسياسية اكثر تلاؤماً لانبثاق احزابنا القومية وسيرورتها لا سيما قبل سقوط نظام البعث في العراق .
هنالك من يتساءل لماذا تأسس هذا الحزب الكلــــــداني في هذا التاريخ ولم يتأسس بعد او قبل هذا التاريخ مثلاً ؟
 ان انبثاق كل حركة او ثورة او حزب او حالة حرب لها اسبابها وظروفها  الموضوعية المهيئة لها . ويكفي اخذ زمام المبادرة من قبل شخصية او مجموعة معينة لنجد تلك الولادة على ارض الواقع . وإن تعذرت او غابت او اهملت لسبب تلك المبادرة فإن الفرصة تمر دون وقوع الحدث التاريخي المفترض ، وينبغي الأنتظار حقبة زمنية أخرى لنضوج تلك الظروف مرة أخرى ، كالتفاحة الناضجة التي ينبغي قطفها في موعدها وإلا كان مصيرها السقوط على الأرض وفسادها دون الأستفادة من ثمارها .
 مثلاً كان علينا الأنتظار لقرون وأجيال لكي تغدو جلية واضحة مسألة التفرقة العنصرية التي يعانيها السود في اميركا ، بقيت حالة التفرقة والأستعباد للعبيد مستمرة لالاف السنين واستمرت لانها اعتبرت أمراً مسلماً به ، حتى ان افلاطون كان قابلاً لفكرة الرق دون مبالاة ، لكن بعد قرون باتت فكرة المساواة تتوضح شيئاً فشيئاً بفضل أفكار فلاسفة أمثال جون لوك وجان جاك روسو وكارل ماركس وغيرهم ، وهكذا ولدت أفكار مكافحة التمييز العنصري والمساواة بين البشر وكانت امريكا رائدة في هذا المجال لتضع قانون المساواة بين مواطنيها في اميركا ، إي ان قوانين المساواة كانت على اثر الشعور بالظلم ، وبعد النظريات الفكرية والفلسفية التي تدعو لهذه المساواة  .
بعد عام 1991 بعد ان انقشعت غيوم الأستبداد والرعب من كردستان من قبل الحكومة المركزية ، وأصبحت هنالك إدارة مستقلة في ثلاث محافظات في  اقليم كردستان وهي دهوك وسليمانية وأربيل ، فكان لكل إنسان في هذه المنطقة الحرية للتعبير والأنتماء الى الأحزاب دون خوف ، فمارست الأحزاب في هذه المنطقة دورها وفسح المجال لتأسيس أحزاب جديدة .
 كان شعبنا الكلـــــداني الذي يشكل القومية الثالثة في الوطن العراقي ، يفتقر الى حزب سياسي قومي يعبر عن هويته وآماله وشخصيته ، إن هذا الغياب لحزب قومي كان وراء تهميش صوت شعبنا ، وفي هذه الحقبة كانت الأحزاب الآشورية التي تعمل في الساحة تروج ان ان جميع المسيحيين هم أشوريون ، في حين ان تاريخ الوجود الآشوري في العراق يعود الى تاريخ هجرة القبائل الأثورية الى العراق في اعقاب الحرب العالمية الأولى من القرن الماضي ، حينما طالتهم اعمال التنكيل والتهجير من أراضيهم في أيران وتركيا . بينما تعود الجذور التاريخية للسريان والكلدانييـــــــن الى اقدم العصور .
 المهم كانت ثمة نخبة مثقفة من شعبنا الكلداني رأت ان تضع امور شعبنا في نصابها وتأسس الحزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني الذي كان في مقدمة مؤسسيه الأستاذ ابلحد افرام ساوا .
 كانت البدايات صعبة وكان يأتي في المقدمة  غرس بذور  الوعي القومي الكلـــداني ، فالقومية موجودة لكن ينبغي ان يكون ثمة ( نزعة قومية )  لبلورة اسباب تشكيل منظمات وجمعيات وأحزاب قومية ، وهكذا شكلت في البداية مراكز ثقافية واجتماعية لغرض التهيئة الفكرية تتمثل في بث الوعي القومي الكلداني  بين ابناء شعبنا .
لقد كانت هنالك محاولات لتأسيس حزب كلداني في اعوام 1992 و1993 وتمخضت تلك المحاولات من تأسيس اول نواة للحزب عام 1999 ، وهكذا افلحت تلك المحاولات المتواضعة ولكنها رائدة في تأسيس حزب قومي كلداني عراقي ، وكان له نظامه الداخلي والتبشير العلني بتأسيسه عام 2000
 وجاء في الأسباب الموجبة لانبثاق حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني :
1 ـ عدم وجود كيان سياسي كلداني يقود الكلدانيين وينظم صفوفهم ويوحدهم .
2 ـ عدم وجود من يطالب بحقوق الكلدانيين ويحقق طموحاتهم .
3 ـ يبقى حق الشعب الكلداني مهمشاً دون وجود حزب قومي كلداني سياسي يدافع عنه .
 الغريب ان يقابل تأسيس هذا الحزب برفض اشقاؤنا في الأحزاب الآثورية ، وعمل هؤلاء على محاربته منذ اليوم الأول على تأسيسه في حين كان لهم عشرات الأحزاب القومية الآشورية ، وكان يحز في النفس قراءة تلك المقالات التي تسخر وتبخس من كيان حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني ويتناولون رموزه بالأستخفاف والتقريع ، ويحاولون النيل من شخصية السكرتير العام للحزب الأستاذ ابلحد افرام .
في هذا الجو الصاخب والمعارض إن لم يكن المعادي من قبل بعض الكتاب والأحزاب الآشورية  استطاع هذا الحزب من شق طريقه في الساحة السياسية العراقية  وبفضل سياسية رئيسه المتوازنة الأستاذ ابلحد افرام استطاع من التحالف مع القائمة الكردستانية وإيصال احد اعضائه الى قبة البرلمان العراقي ، ومن هذا المبنى ينشط الأستاذ ابلحد افرام في الدفاع عن حقوق شعبنا الكلداني وعن شعبنا المسيحي بشكل عام .
إننا نحيي هذا الحزب المناضل الذي شكل البذرة الضرورية التاريخية لتفعيل قوميتنا الكلدانية في الساحة السياسية العراقية وعلى وضع بصمات قوميتنا الكلدانية على الخارطة القومية العراقية ، ليكون لنا وجود بين الموجودين .
لقد ساهم هذه الحزب المناضل في غرس النزعة القومية الكلدانية وإنماء المشاعر الكلدانية ورد الأعتبار لشعبنا الكلداني من التهميش في وطنه العراقي .
 تحية حب ووفاء لحزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني المناضل في ذكرى تأسيسه
 حبيب تومي / اوسلو

405
البيشمركَه ليس من شيمهم القيام بالعمليات الأرهابية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
من الذكريات التي ليس الى نسيانها سبيل تلك التي حدثت في اليوم الأول من شهر كانون الاول من عام 1963 وهو يوم استشهد هرمز ملك جكو وخمسة من أفراد البيشمركة على طريق موصل دهوك الى الجنوب من جسر آلوكا بحوالي خمسة كيلومترات ، وفي تلك المعركة تمكنا من اسر نائب ضابط وجنديين ، فيما وقع في الأسر من قوات البيشمركَه بيد القوات الحكومية احد افراد مجموعتنا ، وما لجأت اليه القوات الحكومية هو إعدام الأسير في اليوم التالي وتعليق جثته في عمود في نفس الموضع وعلى الطريق العام ، أما سلوكنا نحو الأسرى فكان تجريدهم من السلاح ومعاملتهم معاملة أنسانية وبعد فترة وجيزة اطلق سراحهم . وكل المعارك التي كانت تحدث لم يحاول البيشمركَه اللجوء الى العمليات الأرهابية او الأعتداء على النساء والأطفال او المدنيين عموماً .
ما اثير في الآونة الأخيرة في معرض احداث تهجير المسيحيين من مدينة الموصل وتهديدهم وقتلهم وتفجير بيوت بعضهم بأسلوب إرهابي ، فقد توجه بعضهم  بأصابع الأتهام الى الأكراد او البيشمركَة ، إن كان بشكل مباشر من قبل بعض الأطراف او عبر التلميحات من قبل أطراف أخرى .
لقد أعرب الأستاذ مسعود البارزاني عن استعداد اقليم كردستان لتقديم كل انواع الدعم للمسيحيين ودعم جهود الحكومة الفيدرالية لتأمين الحماية لهم ، ويضيف ان الأتهامات التي وجهت الى الأكراد بتهجير المسيحيين بأنها تهم باطلة .
لا ريب ان العنف الطائفي والديني في الموصل يشكل سلسلة متواصلة ومكملة للعنف الطائفي والديني في سائر مناطق الوطن العراقي ، إن القوى التي هجّرت المسيحيين من مدينتي البصرة وبغداد هي نفسها تقوم بتهجير المسيحيين من الموصل . إن تيار الأسلام الراديكالي والقوى القوموية العربية هم وراء العمليات في مدينة الموصل التي طالت ليس المسيحيين فحسب إنما كان هنالك تطهير عرقي وديني ضد اليزيدية والشبك والأكراد ، فالموصل تتسم بكونها مدينة جامعة لتنوع اثني وقومي وديني فيها العرب والأكراد والتركمان والكلدان والسريان والآشوريين والأرمن والشبك واليزيدية والمسيحيين بكل مذاهبهم ، ووسط هذه التعددية يكمن للراصد الأستشراف لصبغة قومية عربية اسلامية يمثلها بيوت وعشائر الموصل العربية ، وهي تريد ان تكون متجانسة لا يعكر نقاءها معكّر إن كان ديني او قومي ، وإلا كيف نفسر التهجير القسري لكل المكونات الدينية والقومية من الموصل وبقاء العنصر العربي الأسلامي فحسب ؟
وإذا وضعنا الأكراد في دائرة الأتهام ، كما تروج له بعض القوى في الموصل وبعض ابناء وتنظيمات من شعبنا  فإنه سيولد السؤال الذي يقول :
 ماذا يستفيد الأكراد من تصفية المدينة من اقلياته الدينية والعرقية والمذهبية وجعلها مدينة عربية اسلامية خالصة ؟ إن هذه الفرضية تستند على ارضية هشة لا يمكن تصديقها .
سنتفق على احتمال واحد فقط وهو احتمالية وجود عناصر كردية لها توجه اسلامي سلفي متفقة مع القوى الراديكالية الأسلامية لتفريغ العراق من المكونات من غير المسلمين او بإخضاعها لقوانين واحكام اهل الذمة التي عفا عليها الزمن . إن حكومة اقليم كردستان لها ذهنية وتوجه علماني ، وهي تحصّن الأقليم من دخول الأرهابيين الذين ينشرون القتل والذعر والرعب والخوف بين الناس الأبرياء إن كانوا من الأسلام او من الأديان الأخرى ، وإن قوات البيشمركَة الكردية تقوم بدور فاعل في درء المنطقة من خطر الأرهاب  ، ولا يمكن التصديق بتورط هذه القوات في اعمال أرهابية كالتي تحدث على ارض الموصل او في مدن العراق الأخرى .
إن المطالبة بحقوق شعبنا المسيحي إن كان من الكلدان او السريان او الأرمن او الآشوريين او من قبل الأقليات الأخرى للمطالبة بتطبيق المادة خمسين من قانون مجلس المحافظات ، او مطالبته بالحكم الذاتي ليكون سيد نفسه في أرضه العراق ـ التي لم يتبق منها سوى بلدات وقرى متناثرة في أرجاء الوطن العراقي الذي كان بلداً مسيحياً بحق قبل دخول الجيش العربي الأسلامي في الثلث الأول من القرن السابع الميلادي ـ إن كان هذا المطلب الشرعي والطبيعي قد خلق كل هذا التهديد والقتل والتشريد ، فسنقول ان مستقبل العراق بالنسبة للمكونات الصغيرة الدينية والعرقية سيكون مستقبل مظلم حالك ، لكن ما نأمله بجهود الخيرين ان يعود العراق الى شاطئ السلامة ، وتعود دولة القانون ليكون لك ذي حق حقه .
إن ما يؤسف له ان يقوم بعض كتابنا وبمباركة بعض التنظيمات القومية بتأجيج الضغينة والحقد ضد أخواننا الأكراد ، ومع الأسف إن هذه القوى لا توجه اصابع الأتهام ضد قوى الظلام السلفية إن كانت كردية او عربية ، إنما توجه سهام اتهاماتها الى الأحزاب الكردية المعروفة بمواقفها المشرفة اتجاه قضايانا ، وفي مقدمتها يأتي الحزب الديمقراطي الكردستاني . إن هذا التوجه يعتبر خدمة مجانية لقوى الأرهاب لابعادها عن دائرة الشكوك ، وتبدو وكأنها بريئة عن تهجير ابناء شعبنا من مناطق بغداد والبصرة والموصل ، وتبرئة ساحتها  من عمليات الأغتيال والخطف والهيمنة على بيوت المسيحيين او اجبارها على بيعها بأبخس الأثمان ، وتبرأتها من تهمة تفجير الكنائس عام 2004 م .
 إن تحالفاتنا السياسية ينبغي الا  تؤثر بالسياق العام والذي يؤكد ان الوضع الكارثي لشعبنا في وطننا هو القوى الأسلامية السلفية والقوى المتحالفة معها ، وإن توجيه الأتهام نحو الأحزاب الكردية والبيشمركَه ، يعتبر ذلك خدمة مجانية لتلك القوى الظلامية .
من جانب آخر  سنعقّد من مهام التحقيقات لأدخالها في متاهات بدلاً من الطريق المعروف . وفي نفس السياق سنخلق من الأكراد عدواً مفترضاً وهذه حالة يرثى لها في عالم السياسة فنحن احوج ما نكون للاصدقاء من العرب والأكراد فكيف نحاول ان نضع هذا الطرف او ذاك في دائرة الأعداء ؟
 ان تحالفاتنا السياسية مع هذا الفريق او ذاك ، يجب الا  تطغي على واجبنا تجاه شعبنا .
حبيب تومي / اوسلو

406
رابي سركيس آغاجان أرى طِحناً بلا جعجعة .. وتعقيبات لابد منها 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
سبق ان كتبت هذا المقال قبل حوالي اسبوعين لكن انشغالي ببعض الأمور الشخصية رافقتها وعكة صحية خفيفة كانت وراء تأخير هذا المقال ، وغيابي عن المواقع طيلة الفترة المشار اليها .
جرى حديث عن المثل الوارد في عنوان هذا المقال وقد اشبعه الزملاء الكتاب الشرح الوافي ، واريد ان اضيف الى ما كتبه الزملاء بأن الطِحن هو الدقيق ، والجعجعة هو صوت الرحى ، ويعنى بها الثرثرة ، وهو مثل يضرب لمن يقول كلاماً كثيراً لا طائل تحته ولا فائدة منه ( المنجد في اللغة العربية المعاصرة ،مادة جعجع ) . وفي عالم السياسة فإن الفكر الأديولوجي لم يكن إلا ترادفاً ( للجعجعة بلا طحن ، في حين ان العالم يتجه نحو الفاعلية التاريخية بغية المزيد من الأفعال والى طِحن بلا جعجعة هذا هو المطلوب في الظرف الراهن .
خلال وجودي في القوش أقلني الصديق مسعود ميخائيل بسيارته الى دهوك وفي الطريق اقترح مسعود ان نعرج الى قرية باختمي لتفقد احد الأصدقاء المرضى هناك ، وفي هذه القرية لاحظت سلسلة طويلة من البيوت الحديثة الجميلة فأخبرني ان السيد سركيس آغاجان هو الذي شاد هذه البيوت ، ودخلنا احداها وهو بيت الصديق المريض فكان داخلها لا يقل جمالاً عن خارجها . وفي الحقيقة لم أقرأ يافطة تشير الى من بنى هذه البيوت ، وأعلمني الصديق مسعود إن هذه البيوت هي جزء من آلاف البيوت التي شـادها السيد آغا جان . ولست هنا بصدد الأشارة الى المشاريع العمرانية التي شادها الرجل واستفاد منها شريحة كبيرة من ابناء شعبنا ، هذا بالرغم من تحفظاتي على بعض الأبنية وتحفظات اخرى حرمان بعض بلداتنا من هذه البيوت .
وعموماً كنت قد اقترحت في مقال سابق ان هذه الأبنية وغيرها من المشاريع في المستقبل ينبغي ان يشوبها طابع تخطيطي مؤسساتي مدروس ليتسنى الأستفادة منها على اكمل وجه .
تميزت الرؤية المستقبلية للسيد سركيس آغا جان ببعد نظر وإن الأيام تثبت رجحان وصواب هذه الرؤية فسيناريو الأرهاب والقتل والتهجير سيكون قائماً ما دام الخطاب الديني هو سيد الساحة السياسية في العراق ، وكان لابد من ضمانات تشريعية دستورية بغية وضع اسس ثابتة لحقوق شعبنا من الكلــــــدان والسريان والآشوريين في الدستور العراقي ودستور أقليم كردستان ، مع ضمانات وطنية ودولية لهذه المكونات لتعيش بسلام ووئام مع المكونات العراقية قاطبة ، إن تشريع الحكم الذاتي وتثبيته في الدستور سيكون حقاً ثابتاً لا يخضع لمزاج الحاكم او الحكومة . إن ما يثبت من التاريخ المعاصر والتاريخ القديم فإن شعبنا الكلداني غالباً ما تتواتر عليه ظروف الظلم والأضطهاد ، ثم لا تلبث ان تنقشع تلك الغيوم السوداء ليأتي الأنفراج لبعض الوقت ، وهكذا تتكرر احداث المد والجزر والذي كانت نتائجه الهجرات وترك الدين والأنضمام الى الدين القوي وفي المحصلة لم يبق من الشعب الذي كان تعداده الملايين في بلاد النهرين ( ميسوبوتاميا ، واليوم في العراق الحديث هبط تعداده الى تخوم الأنقراض .
لقد طرح السيد آغاجان وبقوة مطلب الحكم الذاتي ليشكل حداً فاصلاً لتلك القرون ، فتضمن حقوق هذه المكونات في وطنها ، بأن يعطى لهم حق الحكم الذاتي ليكونوا اسياد انفسهم في مناطقهم . 
قرأت بعض الردود وبعض المقالات الرافضة لمبدأ الحكم الذاتي ، فقد لاحظت ان جانباً من هذا الرفض جاء من أناس يتوجسون الخشية من ردود الفعل ، وقد صور هؤلاء وكأن الحكم الذاتي كان تحدياً لشرائح عراقية إن كانت أثنوقومية او دينية ، وآخرون أرادوا ان نجتمع تحت خيمة الدين وأن نرضى بالمقسوم دون ان نتحرك لتحسن وضعنا في في ظل المفهوم القومي .
 وطرف ثالث آخر يرفض الحكم الذاتي تنفيذاً او تمشياً مع رؤية حزبية اديولوجية مبنية ( ربما ) على تحالفات حزبية مع جهات عراقية لا تؤيد الفكرة ، او ان مشروع الحكم لم ينبع من منابعها ، وبؤرة الرأي الأخير يتجسد في خطاب الحركة الديمقراطية الآشورية والأستاذ يونادم كنا ونخبة من كتاب شعبنا يتبنون خطاب الحركة  في كتاباتهم .
لقد كانت هذه الطروحات الهامة والمنجزات على الأرض يجري تفعيلها دون ان يتبجح الرجل بهذه المنجزات ودون القيام بخطابات رنانة للاشارة الى تلك المنجزات ، وحينما زرت الأستذ سركيس في مقره في عنكاوا أشرت على هذه الحالة وشخصت حالة التواضع والبساطة والتي فسرها بعضهم على انها إطراء ومدح للسيد آغاجان في حين هي تدل بجوهرها على حالة من التقدير والأحترام لا اكثر .
في الحقيقة لا احبذ التعقيب على ردود القراء او الكتاب على مقالاتي فرأيي مدون في نص المقال والرأي الآخر مدون في التعليق عليه ، وكل منا يحتفظ برأيه ، لكن بعض الردود عبرت حدود ا توجيه الأتهام دون دليل او وجه حق ولذلك آثرت الأشارة اليها .
إن رمي الكلام على عواهنه يدعو الى الأسف نقرأ عن سنان شبلا ، ولا نقرأ لهذا الشخص إلا لماماً ويبدو انه يكتب في الحالات الطارئة فحسب يقول :
(( اثارت المقالات التي نشرها السيدين جميل رفائيل وحبيب تومي في مدح السيد سركيس  استيائي واستياء صديقي الذي تسائل وهو غاضب من مغزى كل هذا المديح ، وهل قبض هؤلاء الاشخاص مبالغ لقاء هذه السيل الهائل من كلمات المديح ، فأجبته وانا واضع يدي تحت رأسي بأن كل شي ممكن في هذا الزمن وسبق ان اشترت الاموال اكثر من مجرد كتاب يكتبون في موقع بل اشترت مواقع و قنوات بكاملها فلما الغرابة ، فسحب نفسا من سكارته واجابني انه يشعر بالاسف لان الاموال اشترت اكثر احزابنا وشخصياتنا التي حسبناها انها شخصيات مخلصة لقضايانا وها اننا نجدها تسطر كلمات المديح وكأننا امام احد شعراء الخليفة ، حتى اخال نفسي اسمع صوت اكياس النقود وهي ترمى امامهم. . )) 
رغم ان هذا الكلام يطاله المحاسبة القانونية ، لانه اتهام بغير حق وبلا  دلائل لكني شخصياً استهجنت  هذا الكلام واستخففت به واعتبرت هذه المغالطة لا تخلو من السذاجة ، وهي تضطرني الى ركوب مركب السذاجة احياناً فأقول للسيد سنان :
 لنصبح شركاء في الصفقة مناصفة والشركة تعني المشاركة في الربح والخسارة . وفي مقابلتي مع رابي سركيس كان الدكتور حكمت حكيم حاضراً ، وقال : مهما كتبت بحياد سيقولون انك استلمت مبلغاً من الأستاذ سركيس ومن حسن الحظ كنت معك .
 فأقول لك ياسيد سنان او يا من تتقمص شخصية سنان شبلا : فينبغي ان تكون شريكاً معي في الخسارة ايضاً  حيث دفعت مبلغ 80 الف دينار اجور السيارة من القوش الى عنكاوا ومثلها في العودة الى القوش مع اجور الفندق . لكني فقط أقول لك ان تتريث قليلاً قبل ان تطلق التهائم على ناس لا تعرفهم وليس لك اية دلائل على الموضوع ، وهذه نصيحتي لك ولأمثالك ، وأقول ذلك من زاوية واحدة لانني اكبر منك عمراً فحسب .
وهنالك كتابات اخرى من اساتذة في الجامعة يلمحون الى نفس الموضوع وكذلك قرأت للسيد جبرائيل ككا الذي اقحم اسمي في معرض رده على الأخ جميل روفائيل ، ولا أدري إن كان جبرائيل ككا غير الصديق جبرائيل ككا الألقوشي الذي اعرفه ويعرفني جيداً بأنني لا أقف على باب حاكم أسأله عن حقي فكيف اطلب شيئاً ليس من حقي ؟
 لقد أرشدني بعض الزملاء لمراجعة المسؤولين في حكومة اقليم كردستان للمطالبة ببعض الحقوق لكوني خدمت سنين في صفوف الثورة الكردية ، فلم اكترث لذلك ولم اتقدم بطلب رغم استحقاقي لحقوق منصوص عليها في لوائح حكومة اقليم كردستان  .
ولا ادري أين قرأ السيد جبرائيل قصائد الأطراء والمدح ، هل كانت بمطالبتي ببناء دور سكن في القوش ؟ ام بضرورة ترتيب امر المولدات الكهربائية فيها ؟ ام في اقتراحي بدراسة المشاريع وجدواها الأقتصادي وفائدتها للمصلحة العامة قبل إنشائها ؟
 لا أدري أين قرأ هؤلاء القراء والكتاب آيات او قصائد او كلمات المدح والأطراء  . هل نفسر التقدير والأحترام على انه مدح وتملق ؟
 الأخلاق والآداب تقضي باحترام المسؤول إن كان عربياً او كردياً فلماذا نفسر تقدير واحترام احد المسؤولين المخلصين من ابناء شعبنا بأنه تملق وإطراء مدفوع الثمن ؟
 لقد رأيت رابي سركيس إنساناً بسيطاً مخلصاً لشعبه يعمل بهدوء ولا يفرق بين ابناء شعبنا إن كانوا من الكلــــــدان او السريان او الآشوريين ، وهذه سمة احترمها وأقدرها وهي من تربيتي وأخلاقي  وواجبي كإنسان احترم المقابل ومن الغباء ان يظن بعضهم بأن لذلك الموقف المؤدب ثمن مدفوع .
 لقد كان موقف المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وزيارة  رابي سركيس للمهجرين وتفقد احوالهم في احداث موصل الأخيرة وتقديم المساعدات الممكنة هو الموقف الجدي الوحيد ، والذي  خلا من الدعاية الفارغة ، اليس هذا موقفاً يشاد به ؟ وهل معنى هذا اننا استلمنا مبلغاً لاشارتنا الى هذه الحالة ؟ المثل الشعبي الألقوشي يقول : ( أيتو بليما ومحكي عدولا : اقعد اعوج وأحكي عدل ) .
 حبيب تومي / اوسلو 


407
                وبعون الله انتصر الأسلام في معركته الكبرى في الموصل
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
ايها الأخوان :
كانت في الموصل قوى معادية للأمة الأسلامية حيث تقوم هذه القوى التي تتشكل من العصابات من المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى ،  بينهم النجارين والحدادين والبنائين والتجار والأطباء والمعلمين والمهندسين والسواق ..  ومن كل طبقات الشعب فيهم الرجال والنساء والأطفال والشيوخ ، وجميعهم شكلوا عصابات تحارب شريعة الله ، وكان يجب القضاء عليهم قضاءً مبرماً إذ يقومون بهذه الأعمال الفاحشة وكان على جند الله محاربتهم والأنتصار عليهم .
تجمع المسلمون الغيارى على دينهم وعلى ارضهم من كل حدب وصوب من انحاء الأمة الأسلامية والعربية من المحيط الى الخليج ، من المملكة العربية السعودية  ومن سورية ومن السودان ومصر والكويت ومن ايران وليبيا ومن كل انحاء الأمة العربية والأسلامية وفي مقدمتهم كان العراقيون  الأشاوس المتدربين اصلاً على خوض الحروب ، حيث كان لهم الدور الرئيس في هذه المعركة المصيرية . وانضموا جميعاً الى القوات المتجحفلة في الموصل ، لمحاربة العصابات المسيحية التي عاثت في الأرض فساداً . لنتصور  ايها الأحرار الأعمال الفاحشة التي تقترفها العصابات المسيحية هذه :
 إنهم يعالجون المرضى ، ويعلمون الأطفال ويدرّسون في المدارس والجامعات ويصلحون السيارات ويعملون في سيارات الأجرة ويتاجرون بأمانة وأخلاص  ويبنون البيوت ويعملون في الصيدليات والفنادق ، وفوق ذلك يسبحون ويصلون في الكنائس ، إنهم لا يسرقون ولا يقتلون ولا يهددون احداً ولا يغتالون ولا يخطفون احداً . إن هذه المعاصي التي يقترفها هذا القوم كانت كافية بتطهير أرضنا الطاهرة من رجسهم .
 لقد خاض الجيش الأسلامي في آخر فتوحاته في القرن الواحد والعشرين في مدينة الموصل اشرس معاركه ضد هذه العصابات حيث كانت المعارك من بيت الى بيت ومن شارع الى شارع ، لقد تسلحت العصابات المعادية لشريعة الله بأقوى الأسلحة كان المعلم في قلمه وكتابه والطبيب بسماعته والصيدلي بأدويته والطالب بدفتره المدرسي وقلمه والسائق بأدوات تصليح سيارته ، والبناء بخيطه وشاقوله وغيرها من الأسلحة الفتاكة  . ومن جانب آخر كانت اسلحتنا تقتصر على المسدسات والبنادق والرشاشات الأوتوماتيكية والقنابل اليدوية وغيرها من الأسلحة وبعد معارك شرسة تمكننا بعون الله ورعايته من الأنتصار على هذه العصابات التي عاثت في الأرض فساداًُ وتمكنا من قتل اعداداً منهم وفجرنا بيوتهم وكسرنا صلبانهم بعون الله وهجرناهم من ارضنا الطاهرة ليكونوا عبرة لمن يحاول تدنيس ارضنا الطاهرة .
 لقد حققنا هذا الأنتصار بفضل سكوت كافة الأجهزة الحكومية إن كانت من قوات الأمن او الشرطة او الجيش في المدينة وبسكوت الحكومة العراقية التي يرأسها نوري المالكي التي لا تحل ولا تربط ، وجمود الدولة العراقية التي يرأسها جلال الطالباني ، وضمنّا ايضاً سكوت اخوتنا في الدين في البرلمان العراقي الذي ساعدنا في سلب حقوقهم ، كما ان وزارة المهجرين والمهاجرين نشكرها على موقفها اللامبالي لفلول  هذه العصابات التي سكنت العراق قادمة من جزر الواق واق  . كما ضمنا سكوت هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والأنسانية والفضائيات التي خرس ولجم  لسانها عن النطق بكلمة واحدة عن تلك المعارك التي انتصرنا بها ، والنصر من عند الله ، ويا محلى النصر بعون الله .
ختاماً اقول :
ليس جميع المسلمون بهذه العقلية في محاربة الآخرين ، والغالبية الساحقة من المسلمين لا تقبل بهذه الأعمال الأرهابية والتي لا يقبل بها أي دين سماوي او ارضي ، لكن المشكلة ان جميع الأرهابيين في العراق هم مسلمون ، وإن اعتقد هؤلاء بأنهم يحاربون الأديان الأخرى ومنها الدين المسيحي فإنهم بأعمالهم هذه ،  يسيئون الى الدين الأسلامي ويضرون دينهم اكثر مما يضرون الأديان الأخرى . ونأمل ان يعود هؤلاء يوماً الى رشدهم والى جوهر الدين في التعامل الأنساني بدل الأرهاب والشعوذة والجرائم التي يقترفها هؤلاء الناس باسم الدين ، والدين الأسلامي والأديان الأخرى منهم براء .
 حبيب تومي / اوسلو

408
عجيب .. البرلمان يسلب حقوقنا والأرهاب يقتل شبابنا ويغتصب اموالنا
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 أهي مصادفة ام عملية مقصودة بأن يقوم الأرهابيين بتهديد المسيحيين في الموصل وأجبارهم على ترك دينهم او ترك اموالهم وبيوتهم وإلا يكون مصيرهم القتل ، ويعمل هؤلاء الأرهابيين بشكل شبه علني والحكومة ساكته لا تحرك ساكناً والسكوت يفسر على انه من الرضى ، وإمعاناً في هذا النهج  يصوت برلمانها وبأكثرية ساحقة ويتفق على سلب حقوق الأقليات الدينية . التساؤل يصبح وارداً :
هل هنالك حلف  غير معلن بين الأرهابيين من جهة وبين البرلمان العراقي والحكومة العراقية من جهة اخرى ؟
 فإن كان مثل هذا الحلف قائماً  ، فالله لا يبارك مثل هذا الحلف الشرير. إن ملامح هذا الحلف تبدو واضحة جلية يوماً بعد يوم ، الأرهابيون يقومون بعمليات التهديد والقتل والتشريد والخطف والأغتيال والنهب والسلب للعراقيين المسيحيين والأقليات الدينية ألأخرى ونقرأ عن نزوح عشرات العوائل المسيحية من الموصل وترك بيوتها وأموالها وحلالها والتشرد والهجرة . والحكومة ينحصر دورها في التفرج على المشهد  دون ان تحرك ساكن وليس لها أي إجراء جدي في ايقاف العمليات الأرهابية ، وها هي الحكومة تقف بكل جبروتها ودون حياء تقف متفرجة على ما يجري بحق المسيحيين في الموصل ، حقاً إنه عار ما بعده عار يلاحق هذه الحكومة الميتة التي لا تحل ولا تربط  في ثاني كبريات المدن العراقية . وأتساءل الا ينبغي على هذه الحكومة ان تستقيل وترتاح وتريح الناس من عجزها وفشلها في المحافظة على المواطنين ؟
 أين تصريحات  ضباط  الشرطة وضباط الجيش وضباط الأمن ووزراء الداخلية والدفاع وغيرهم ؟ حقاً ان تصريحاتهم لم تفلح في قتل ذبابة ، والله ينطبق عليهم قول الشاعر نزار القباني  فيقول :
إذا خسرنا الحرب لا غرابة
لاننا ندخلها
بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة
بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة ..
لاننا ندخلها
بمنطق الطبلة والربابة
 فهل نتوسل من الأرهابيين ونطلب الحماية منهم ؟ ونعطيهم الجزية التي كانت سائدة قبل 1400 عام ونسلم على ارواحنا وممتلكاتنا من النهب والسلب ، ام نرفع شكوانا الى حكومة بنغلادش وبرلمانها لتحمينا وتسمع اصواتنا وتعطي حقوقنا  ؟
لقد غلبنا اليأس فلا امل بهذه الحكومة التي نسمع  منها جعجعة ولا نرى طحناً ، ويئسنا من البرلمان العراقي الذي شغله الشاغل محاربة الأقليات العراقية الأصيلة وسلب حقوقها .
في القوش لدينا مثل ترجمته  : إن ابي لا يقدر إلا على أمي المسكينة ، وهكذا انتم ايها الأشاوس في برلمان العراق كنتم كالأسود حينما تعلق الأمر بنتف متواضعة من حقوق الأقليات فاستأسدتم على هذه الأقليات الضعيفة وكان اجماعكم غير المقدس بإلغاء ذلك التمثيل اليتيم في ( بعض ) مجالس المحافظات العراقية ، وقامت عندكم القيامة ، ومع الأسف غابت  عنكم الشيم العراقية ، إنكم دائماً تدعون بمساندتكم للمكونات العراقية الأصيلة في العراق ، لكن على ارض الواقع ثبت بطلان ادعاتكم ، ويتساءل المرء ، الا يعتبر ذلك حلف غير مقدس مع الأرهاب ؟
إنكم تصرفون ساعات من وقتكم الثمين لتقرروا هل تمنحون الأقليات بعض المقاعد اليتيمة ؟ ولحد اليوم تسلكون طريق المناقشات الماراثونية حول مسألة بسيطة لا تحل ولا تربط في القضايا المصيرية للعراق . إنكم تثبتون بأنكم تفتقرون الى الروح العراقية الأصيلة الى النخوة العراقية ، والى الروح الديمقراطية التي تطبلون وتزمرون لها ليل نهار وليس لكم اية علاقة بالديمقراطية ، إنكم لا تعرفون شيئاً عن مباهج الديمقراطية ، معاني الديقراطية يمكنكم قراءتها في اخبار الهند التي يكون رئيس جمهوريتها من الأقلية المسلمة ورئيس وزرائها من ألأقلية الضئيلة للسيخ ، وأنتم تستخدمون ديمقراطيتكم للقضاء على الأقليات ، يفضل ان تدرسوا حقوق الأنسان وحقوق الأقليات قبل جلوسكم في البرلمان ، وقبل تسنم مهامكم في الحكومة ، إنكم تتصرفون بمنطق العشيرة والقبيلة والمذهب والدين وليس لكم علاقة بمنطق المواطنة العراقية .
 لا نريد منكم ايها السادة حقوقاً ولا نسألكم مقاعد ثابتة في البلديات او مجالس المحافظات او في البرلمان ولا نريد المناصب لتكن حلال عليكم ، من فراشها الى رئيس جمهوريتها ، كلها لكم ايها السادة فقط اعطونا حياة مستقرة في بلادنا .
فقط اسمحوا لنا ان نعبد ما نريد كبشر فحسب ، ان نعيش في بلادنا دون إرهاب دون سلب بيوتنا وأموالنا والبقية كلها لكم لعلكم تشبعون يوماً وكما يقول نزار القباني لبعض الحكام العرب :
أيا طويل العمر :
يا من تشتري النساء بالأرطال ..
وتشتري الأقلام بالأرطال ..
لسنا نريد أي شئ منك
فانكح جواريك كما تريد ..
واذبح رعاياك كما تريد ..
وحاصر الأمة بالنار .. بالحديد
 لا احد يريد منك ملكك السعيد
 لا أحد يريد ان يسرق منك جبة الخلافة
 فاشرب نبيذ النفط عن آخره ..
واترك لنا الثقافة
ونحن نقول لكم لا نريد منكم حتى الثقافة فقط اتركوا لنا مجال لنعيش بسلام في وطننا وكل الثروات والمناصب هنيئاً مريئاً لكم ايها السادة  لعلكم تشبعون يوماً .
إنها مأساة حقيقة ان يقتلنا ويشردنا الأرهاب ويأتي البرلمان ويقول ان اعدادكم قليلة ليس لكم حقوق ، اليس هذا البرلمان متضامناً مع الجلاد للتنكيل بالضحية ، الله لا يبارك هذا الحلف اللامقدس بين الأرهاب والحكومة والبرلمان .
حبيب تومي / اوسلو

409
          في القوش وبغديدا مسيرات جماهيرية مفرحة لكنها مؤسفة ايضاً
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


في بحر الأيام القليلة الماضية كانت الأجواء الملبدة بغيوم التفرقة على وشك ان تنقشع من سماء العلاقات بين تنظيمات شعبنا القومية السياسية والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تتخذ لها اسماء قومية كلدانية او سريانية او آشورية ، وكان الأجماع والأتفاق على الرأي الواحد هما سيدا الموقف في بحر الأيام المنصرمة والذي خيم على الأجواء  بين مسؤولي هذه القيادات ، والراصد للتصريحات والبيانات لشخصيات وممثلي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ، يقرأ بجلاء اتفاقاً ضمنياً غير مكتوب بين هذه التنظيمات والشخصيات مفاده :
انهم يتوحدون حول محور الأستنكار  لموقف البرلمان من حقوق شعبنا ، فإضافة الى تعرضه الى عمليات القتل والخطف والتشريد ، فإنه يتعرض على يد البرلمان العراقي الى عملية سلب الحقوق تحت قبة البرلمان العراقي والذي ينبغي ان يكون ( البرلمان ) اول المدافعين عن حقوق المكونات الأثنية والدينية الصغيرة ويأتي في مقدمتها شعبنا الكلداني .
 كانت تصوراتي ان الزخم الذي تولد من القرار المجحف بسلب حقوقنا في البرلمان هو الكفيل بتوحدنا وبتبني خطاب واحد ، وقد تجسد ذلك فعلاً في الأجماع الذي ظهر عبر وسائل الأعلام المرئية وفي مواقع الأنترنيت وما تناولته وكالات الأخبار العالمية والصحف الأجنبية والعربية .
وكانت ردود أفعال رائعة ان تنطلق مظاهرات في مدننا في الوطن . ومن المؤكد ان تجمعات شعبنا في  دول المهجر سوف لن تقف مكتوفة الأيدي من هذه المظاهرات فيما إذا بقي قرار إلغاء المادة 50 التي تقضي بنظام الكوتا لضمان بعض حقوق شعبنا في التمثيل في مجالس المحافظات ، خاصة وإن الأستاذ نوري المالكي رئيس الوزراء قد تدخل لحث البرلمان على التراجع عن قراره الغريب بحق الأقليات العراقية ، او ايجاد صيغة تكفل حق المكونات العراقية الأصيلة الصغيرة الأثنية والدينية في الوطن العراقي .
المهم في الأمر أننا قرانا خبر المظاهرة الجماهيرية في بغديدا ، حوالي ( ثمانية آلاف ) حسب قناة الشرقية التي انطلقت صباح هذا اليوم الأحد وقام بتنظيمها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وقام بدور كبير في تنظيم هذه المظاهرةايضاً مجلس اعيان قره قوش .
ربما كرد فعل لذلك اوربما بتنسيق مسبق ، وهذا هو الأرجح ، قامت الحركة الديمقراطية الاشورية بتنظيم مسيرة ثانية في القوش فنقلت انصارها من المدن والقرى المجاورة ( حوالي الفين ) حسب موقع عنكاوا لقيام بمظاهرة مماثلة ، وجاء في الخبر ان المظاهرة حضرها عدد من ممثلي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في القوش  .
 أقول :
من المفرح اولاً ان تحصل مثل هذه النشاطات التي تؤول الى رفع الوعي القومي والسياسي بين ابناء شعبنا ، للمطالبة بحقوقهم ، لكن ما يدعو الى الأسف بنفس الوقت ، ان تتكرر هذه الصيغة في النشاط على هذا المنوال الأنفرادي .
من حقي ان أتساءل : لماذا لا تكون هنالك مظاهرات مشتركة من قبل كل الأطراف ، ويكون هنالك تنسيق في الشعارات وفي وقت انطلاق هذه المسيرات وفيها آلية مشتركة للجميع لتظهر وكاننا فريق واحد ، خاصة وإن المسألة تخص كل أبناء شعبنا وليست قضية تخص هذه الجهة او ذلك الحزب .
كل يوم صباحاً ومساءً نسمع الكلام الكثير والعبر والأمثال عن الضرورة الماسة لوحدة شعبنا ، وتتصدر مفردة ( الوحدة ) تقريباً كل البيانات والتصريحات لكل الأحزاب ولكل الساسة ولكل رجال الدين . ولكن يبدو لي ان اغلب هذه الدعوات هي دعوات طوباوية يريد صاحبها إملاء مقالته او كلمته بكلمات عمومية كوحدة شعبنا ، والدليل  الحالة التي نحن بصددها إذ حينما نصل الى المحك لتحقيق معادلة الوحدة على أرض الواقع تبدأ التنافرات ، وها هي عملية المسيرة الجماهيرية حول حقوق شعبنا إن كان في القوش او في بغديدا ، ماثلة أمامنا وغدأ سيطرق اسماعنا انباء مسيرات ومظاهرات جديدة في بلدات أخرى يقوم بها حزب من احزاب شعبنا ، وستكون على نفس النمط  : إنه امر مؤسف حقاً ان نسمع جعجعة فقط في أمر الوحدة ثم لا نرى طحيناً على ارض الرحى .
احزابنا ومنظماتنا لغرض اثبات مصداقيتها مدعوة للقيام بمظاهرات ومسيرات مشتركة إن كان داخل الوطن او في بلاد المهجر ، وفق تنظيم وآلية جماعية  منسقة ، وتحمل شعارات موحدة ، وان لا يفرض طرف من الأطراف أجندته على الأخرين ، وان ننطلق من الندية والتكافؤ بين الجميع لا فرق بين الصغير والكبير او بين القديم والجديد ، إننا شعب واحد ، ونحن جميعاً مستدفين ومصيرنا واحد .
فهل نترجم الشعارت الى افعال ؟
 حبيب تومي / اوسلو 

410
                   أهكذا تكافئون سكان العراق الأصليين يا برلمان العراق ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

ليس من المعقول ان يكلل عرس الأتفاق بين المكونات البرلمانية الكبيرة " السنة والشيعة والأكراد " الى فرصة مواتية للقضاء على آمال المسيحيين في التمثيل الثابت ، حصة مقررة ( كووتا = Quota) في مجالس المحافظات عبر إلغائهم للمادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات . إذ بعد جدل استمر عدة اشهر وافق مجلس النواب على قانون الأنتخابات لمجالس المحافظات المثير للجدل  وتوصف هذه الخطوة بأنها خطوة في الأتجاه الصحيح لتحقيق المصالحة الوطنية ، ومع ان هذه الخطوة كانت مباركة للأكثريات لكنها ليست كذلك بالنسبة  للأقليات الدينية  بعد ان أجمعت هذه الأكثريات على إلغاء المادة 50 من قانون انتخاب مجالس المحافظات .
في هذه الخطوة يكون قرار البرلمان العراقي ينطوي على فرصة  منح قوى الأرهاب جرعة من القوة في القضاء على الأقليات الدينية في العراق وتفريغه من مكوناته الأصيلة ، وهو ايضاً بمثابة  إبراز شهادة  حسن السلوك لقوى الأرهاب التي تحارب الأقليات دون هوادة ، والغاية في كلتا الحالتين هو خلق ظروف عسيرة امام المسيحيين ( من كلدانيين وسريان وآشوريين ) للعيش الكريم  في وطنهم فيحصل إفراغ الأرض العراقية من السكان الأصليين في هذه البلاد .
 وإذا تخطينا نطاق حدود الوطن ، فنلاحظ البون الشاسع بين اوضاع السكان الأصليين في امريكا واستراليا وبين السكان الأصليين في العراق  والذي يدعي الديمقراطية ايضاً . في بلادنا اليوم  تتارجح الأقليات غير المسلمة بين مطرقة الأرهاب المسلط على رقابهم ، وسندان سكوت الحكومة وعجزها عن حمايتهم ، واخيراً تحالف الأكثريات البرلمانية في محاربتهم وسلب ابسط  حقوقهم .
 كان مفيداً ورائعاً ان يتم إجماع الكتل البرلمانية على مقارعة الأرهاب ومكافحة الفساد وإعادة بناء البنية التحتية وتوفير الخدمات من كهرباء وماء وخدمات صحية للعراقيين ، وأهم من هذا وذاك ، ان تفكر هذه الأكثريات كيف يمكن ان تمنح الأقليات غير المسلمة حقوقها المشروعة في وطنها بعقلية متفتحة بمنأى عن التعامل معهم  بمفهوم اهل الذمة .
لقد تعرض شعبنا الكلداني عبر تاريخه الى شتى صنوف الظلم عبر قرون خلت ، وينبغي اليوم ان تتعامل حكومتنا مع المكونات غير المسلمة بمنطق العصر وبالمفهوم الحضاري ، وبعيداً عن منطق التعامل مع اصحاب الكتاب او اهل  الذمة ، والذي قد مضى عليه الزمن فتلك الأحكام  غير لائقة بكرامة الأنسان في العصر الراهن حيث تسود وتزدهر مبادئ ولوائح وقوانين حقوق الأنسان وحقوق الأقليات الدينية واللغوية والأثنية ...
الغريب ان نقرأ تصريح رئيس لجنة الأقاليم في مجلس النواب العراقي، النائب عن جبهة التوافق هاشم الطائي ، قال يوم الأربعاء إن "مجلس النواب العراقي حذف بأغلبية أصواته المادة التي تنص على وجود حصة مقررة للأقليات في مقاعد مجالس المحافظات"  فيقول :
 لـ"نيوزماتيك" إن بعض الأقليات ليست ضمن مستوى الأقليات وأعدادها تتراوح بين 400 ألف و600 ألف نسمة، لذا لا يمكن حسبانها على الأقليات التي لا تتمكن من حشد الأصوات اللازمة للحصول على مقاعد لها، كالصابئة".
 أسأل السيد هاشم الطائي هذا السؤال :
من جعل هذه الأقليات تتعرض الى الخلل الديموغرافي الخطير ؟
 اليست القوانين الجائرة بحق هذه المكونات ؟
أليست التفرقة الدينية والعنف الأجتماعي هي التي افرزت هذا الواقع المأسوي لهذه الأقليات ؟ فباتت أقليات مهمشة عددياً ، واخيراً وهذا هو المهم :
 اليست يد الأرهاب الطويلة هي التي خطفت وقتلت وشردت ابناء هذه المكونات الأصيلة من أراضيها واغتصبت أملاكها وبيوتها ؟
وبدلاً من منح هذه المكونات القومية والدينية حقوق متميزة ، أخذت النية تتجه نحو استلابهم وتجريدهم مما حققوه من مكاسب متواضعة .
لقد كان العهد الملكي يعطي لشعبنا الكلداني مقاعد ثابتة في البرلمان منذ إنشاء البرلمان العراقي الى يوم 14 تموز 1958 ، وكان لشعبنا ايضاً مقعد ثابت في مجلس الأعيان الذي كان يعينه الملك مباشرة ، فما نريده من هذا العهد ان يعطينا نفس الحقوق التي كان العهد الملكي يمنحها لنا .
في عهد صدام حسين كانت المساعي الحميمة تعمل على تعريب مناطق شعبنا الكلداني ، إنها قرى وبلدات بسيطة تشكل جزر ناتئة في بحر المدن والبلدات والقرى العراقية العربية ، ومع هذا ( استكثر ) الحكم تلك البلدات على شعبنا فاتجه نحو تعريب هذه البلدات بتوزيع اراضيها على الجنود والموظفين العرب بقصد تعريبها ، إنها عملية لا اخلاقية تدخل في الفكر القومي العنصري تحت ذريعة خلق التجانس القومي او الديني .
 اليوم إن الشرائح القومية والدينية الكبيرة من الشعب العراقي تملك ما شاءالله من مقاعد البرلمان ، وكذلك في مجالس المحافظات واتجهت هذه القوى بكل جبروتها لتلغي تلك المقاعد اليتيمة التي خصصت للأقليات الدينية في بعض المحافظات . وهذه حالة غير معقولة من هذه المكونات خصوصاً من القائمة الكردستانية التي نعول عليها كثيراً لخطابها العلماني المتميز .
لقد لمست توجه وحدوي في خطاب مختلف القوى السياسية التي تمثل شعبنا ، فقد انبرى ألأستاذ أفرام عبد الأحد سكرتير حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني ، وكذلك الدكتور حكمت حكيم المستشار في المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ، وكذلك الأستاذ يونادم كنا السكرتيرالعام للحركة الدمقراطية الآشورية ، والأستاذ ضياء بطرس سكرتير المجلي القومي الكلداني ، وفي نفس الأتجاه شاهدت على قناة عشتار الأستاذ نمرود بيتو يوخنا رئيس الحزب الوطني الآشوري ، وقرأت عن استنكار للمنبر الديمقراطي الكلداني ...
 إجمالاً ، كان خطاباً موحداً ، وفي الحقيقة نحن بأمس الحاجة الى إرادة موحدة فاعلة في الساحة بعيداً عن الصراعات الداخلية المذهبية والعشائرية واللهجوية ، ولنا صراع فريد من نوعه وهو صراع التسميات ـ لكن عموماً كانت وقفة مشرفة من هؤلاء المسؤولين وينبغي ان نعاضدهم ولا نتركهم وحدهم .
 إن هذه القضية امام البرلمان العراقي وهي تمثل ابسط انواع التعامل مع الأقليات غير المسلمة ، لاول وهلة تبدو وكأنها  مسألة بضع مقاعد يتيمة في مجالس المحافظات ، لكنها في الحقيقة تمثل حالة مبدأية   لتعامل الأكثريات العراقية مع المكونات القومية والدينية الصغيرة من الشعب العراقي  . وهي مسألة وطنية . لكنها أخلاقية قبل ذلك .
 حبيب تومي / اوسلو
 

411
                            هل افلح المنافحون عن رابي يونادم بالدفاع عنه ؟
بقلم حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
( ملاحظة : نافح = دافع : نافح عن عشيرته = دافع عنها )
كتبت قبل ايام مقالاً تحت عنوان " الحركة الديمقراطية الآشورية معنية بتقديم توضيح او تقديم اعتذار " حول ما اثير من تساؤلات عن تصريحات رابي يونادم المثيرة للجدل اثناء زيارته لأمريكا ، لكن إعلام الحركة الرسمي لم يحرك ساكناً إزاء تلك المقالات التي جاءت كرد فعل طبيعي على تلك التصريحات ، ومن تداعياتها كان نشر بعض الوثائق المتعلقة بماضي الأستاذ يونادم كنا من قبل احد الزملاء .
يبدو ان اعلام الحركة غير معني بما يكتبه كتاب شعبنا ، او لا يعيرون لهم اهمية ، او ان كبريائهم  ونرجيستهم تجعلهم يستصعبون الرد على اناس ليسوا من مستواهم ، ومهما كانت اسباب عزوف الحركة  عن الأدلاء بتوضيحات  ، فإن هذا السكوت المطبق يحفز الآخرين على إطلاق الأجتهادات والتأويلات وستتوالى ردود الفعل ما دام اعلام الحركة يلزم جانب الصمت حيال ما يكتب في مواقع شعبنا، ويبقى كل طرف يحلل الأمور بما يناسبه مقابل طرف ممتنع عن التوضيح لالقاء الضوء على تلك التصريحات ولازالة اي التباس او سوء الفهم حيالها .
على الضفة الأخرى لتيار الجدالات ، قرأنا كتّاباً آخرين يتناكفون في الدفاع لتبرئة ساحة الأستاذ كنا ، وبدلاً من مقارعة الحجة بالحجة والكلمة بالكلمة كانت ( معظم ) تلك المقالات ذات صبغة عمومية بجهة تفعيل نظرية المؤامرة .
إن الذين دافعوا عن السيد يونادم كنا لم يخرجوا من قوقعة الهجوم المقابل وفق النظرية التي تقول أفضل دفاع هو الهجوم المعاكس . فكان المنافحون عن رابي يونادم يضعون خصومهم او معارضيهم في دائرة الأتهام باعتبارهم يرومون النيل من تنظيم الحركة ومن رئيسها او سكرتيرها الأول يونادم كنا ليس إلا  .
 أي ان لغة التشكيك بأية مبادرة نقدية باتت هي سيدة الموقف وكانت طاغية على خطاب المنافحين  .
لم تلجأ تلك الكتابات الى تحليل وتفكيك تلك الأعتراضات والرد عليها بحجج واقعية موضوعية بعيداً عن دائرة المؤامرة وما يروج عن تمزيق وحدة الأمة وهذه افتراضات ايدولوجية تطلقها الأحزاب الشمولية منها القومية وأخرى دينية ، والتي ترى في خطابها الصراط المستقيم ، وتبخس الآخرين لانهم ببساطة يعملون على تشظي مكوناة الأمة . 
 حيث وصفوا الذين كتبوا عن تصريحات السيد يونادم  وكأنهم مناوئين للحركة الديمقراطية الآشورية ويرومون النيل منها بقصد إضعافها . وهذه فرضية غالباً ما تطلقها الأحزاب التي تسعى الى أدلجة الناس وتؤطرهم لترديد وتكرار ما يردده القائد . ولا اعتقد بوجود ارضية  لهذا التصور او ان  فرداً  من ابناء شعبنا إن كانوا من الكلــــــــدانيين  او السريان يريد ان تزول الحركة وتختفي من الساحة السياسية العراقية ، فأنا شخصياً من منتقدي الحركة ولكن هذا لا يعني انني اريد ان تختفي هذه الحركة من الوجود او ان يصيبها مكروه .
 وبنظري ان الكتابات المنافحة عن رابي يونادم تميزت بالكمية على حساب الكيفية او النوعية ، مع بعض الأستثناءات والتي سأشير الى احداها بعد قليل .وأنا اتساءل عن هذا الكم الكبير في الدفاع عن رابي يونادم ، وأنا متفق مع الجميع انه لا يجوز ان نخدش مشاعر أي شخصية من ابناء شعبنا مهما كان توجهه السياسي او القومي وحتى لو كنا على خلاف سياسي معه ، ولكن هنا يطفو  سؤال على السطح  ويفرض نفسه :
 لماذا تخدشون كل يوم مشاعرنا نحن الكلدانيين وتحاربوننا وتفرضون تعتيم أعلامي متعمد ،ولسبب واحد وهو لأننا نعبّر عن ايماننا الراسخ بقوميتنا الكلدانيـــــــة ؟ وكل يوم يهل علينا كاتب آشوري بآياته وتحليلاته حول الوحدة القومية ويدعو الى التجانس القومي الذي يريد به إلغاء الآخرين وتهميشهم وتبخيسهم ، ثم لا يلبث آخر ان يركب نفس المركب فيتحفنا بتنظيراته الفلسفية العقيمة السقيمة ليقول ان مذهبه كلداني وقوميته آشورية ، وهو لا يريد ان يعترف بأنه ناكر لقوميته الكلدانيـــــة ، كل يوم نتعرض لمثل هذه الأستفزازات الرخيصة ، بالأمس كانت من قبل حكم صدام واليوم من قبل الأحزاب الآشورية ، الا ينبغي عليكم ان تفكروا يوما باحترام مشاعر ومعتقدات غيركم ؟ وأتساءل دائماً هل شعبنا الكلداني كان سبب تهجيركم  من اورمي وسلامس ومنطقة حكاري ؟ حقاً إن المرء يمكن ان تأخذ الدهشة منه كل مأخذ حينما ينظر الى هذه التناقضات والأفتراضات التي يطرحها اخوة لنا حيث ندخل معهم تحت مظلة الشعب الواحد .
اعود الى عنوان المقال فما يتحتم علينا نحن الكتاب ينبغي الا نسكت عما يبدر من هذه المنظمة او غيرها فيما نعتبره من الأخطاء بحق شعبنا ، فأنا أرى الحكم الذاتي في صالح شعبنا وإن وقفت الحركة ضد هذا المطلب أرى في ذلك خطل كبير ، وإن كانت الحركة تريد تبخيس هذا المطلب او لا تؤمن به فلا يتعين على سكرتيرها رابي يونادم ان يصف الآخرين ممن يؤيدون الحكم الذاتي بأنهم مأجورين أو غير ذلك من التهم .
لا بد من الأعتراف بأن بعض ردود الفعل على تصريحات السيد كنا تميزت بالشدة والسرعة وبتعقيد الأمور بدلاً من حلها ، وباعتقادي لم يكن توقيتاً مناسباً في نشر الغسيل لأمور قد مضى عليها الزمن ، وفي كل الأحوال علينا ان نميل الى دائرة العقل والهدوء بدلا من ردود الفعل التي يشوبها التسرع .
 لقد عدلت عن ذكر الأسماء في هذا المقال لكن رأيت من باب الأنصاف والواقعية بحتمية الأقرار  بان المقال الذي نشره فريدون خوشابا ، على موقع عنكاوا كان واحداً من المقالات التي تميزت بالواقعية والموضوعية وهو يدعو الى مجابهة حقيقية لما يكتب وعدم التهرب من ذلك ، فهو يقول :
:   (( نشر الصحفي جميل روفائيل في موقع عينكاوا والذي كان حتى الامس احد أصدقاء حركتنا الديمقراطية الآشورية وثيقة تؤكد ارتباط سكرتيرنا العام الرفيق يونادم يوسف كنا بمخابرات النظام السابق ورداً على  إتهام له من قبل رفيقنا السكرتير العام كونه احد المأجورين لجهات تعمل بالضد من طموحات شعبنا ,  ومن الطبيعي جداً أن يكون لحركتنا موقفاً رسمياً من هذه الاتهامات الخطيرة وعلينا جميعاً أن نكون بمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقنا في كشف حقيقة ما يجرى وراء الكواليس ...)
 ويضيف فريدون خوشابا .. لتأكيد براءة رفيقنا والتي تهمنا جميعاً يجب على جميع الرفاق وبالاخص الكادر المتقدم تحمل المسؤولية التاريخية في اثبات صحة كون رفيقنا بريء من التهم التي وجهها اليه الصحفي جميل روفائيل , ولاثبات صحة الموضوع وعدم تركه لمقالة تكتب هنا أو هناك رداً على جميل روفائيل والذي لا يزيد غير الطين بلة في التشرذم ودق اسفين التفرقة بين صفوف شعبنا , لذا يتحتم علينا اتخاذ الاجراء اللازم الذي يتكفل بكشف الحقيقة كاملة وكفانا مشياً معصوبي الاعين والسير في طريق العميان وراء دليل لا نعرف الوجة التي يقودنا اليها ... )) انتهى الأقتباس .
 وهنالك مقالات أخرى بهذا المعنى  تعني بالتصدي للموضوع بجرأة وعدم اتخاذ موقف النعامة للتهرب من رؤية الواقع والحقيقة .
إن النقد البناء هو عنوان المجتمع المتحرك باعتباره سر الديمومة ، وما احوجنا الى فتح النوافذ امام شعاع النقد لكي تضئ اغوارنا التائهة في التمترسات عبر الكهوف المظلمة لمنطق أحادية الرأي ، برأيي ان السجالات الفكرية والثقافية البناءة هي المنعطف الذي يؤدي بنا الى الحقيقة او الأقتراب منها على الأقل .
 حبيب تومي / اوسلو

412
البرلمان العراقي .. ما هذه الشِّدة مع مثال الآلوسي ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو 
habeebtomi@yahoo.no





عرفنا الأستاذ مثال الآلوسي بانه شخصية عراقية علمانية وهو من شكّل حزب الأمة الديمقراطي العراقي الفيدرالي ،  ونشاهد ونسمع الآلوسي وهو يدلي بتصريحاته وأحاديثه الجريئة وانتقاداته الصريحة  لشخصيات حكومية وبرلمانية ودول الجوار وباسلوب صريح لا مواربة فيه ، وبعيداً  عن المجاملات لأي طرف من الأطراف إنه يسمي الأشياء بأسمائها ويفكر بصوت عال .
وهو العضو الوحيد في الجمعية الوطنية العراقية ( البرلمان ) ممثلاً لحزبه ، والمعروف عن الأستاذ الآلوسي انه ينهج منهجاً علمانياً ديمقراطياً وهو يعمل على تحالف وطني ديمقراطي ويدعو الى  التسامح الديني ونبذ التعصب بين مكونات الشعب العراقي  ويسعى الى عراق ديمقراطي فيدرالي .
إن تسييس الدين في العراق قد بلغ مداه بعد 9 نيسان 2003 وقد انعكس هذا التيار الجامح على مجمل المشهد السياسي العراقي ونجم عن هذا التسييس ، ومن ثم التمذهب ، برلمان مبني على اسس طائفية دينية اثنية ، وفي تيار الفكر الجمعي للمذهبية همشت الهوية العراقية وجرى تبخيس الأنتماء العراقي لحساب إعلاء شأن الأنتماءات القبلية والمناطقية والمذهبية والدينية والأثنية .
 لكن رأينا استثناءً لهذه الحالة المتمثلة في  فوز النائب مثال جمال حسين احمد الآلوسي والذي وصف بأنه شخصية سنية معتدلة ، دخل قبة البرلمان العراقي بفضل الأصوات العراقية من سنة وشيعة ومعظمهم من المثقفين العراقيين الذين يحترمون الهوية العراقية والأنتماء العراقي بالدرجة الأولى قبل الأنتماءات الأخرى ، فسيكون الأستاذ مثال الآلوسي يتميز بأنه الوحيد الذي فاز بعيداً عن التأثيرات الدينية والمذهبية والأثنية ، وهذه حالة نادرة بعد هيمنة التيارات الدينية والمذهبية على الساحة السياسية للوطن العراقي .
في جلسة البرلمان العراقي ليوم 14 سبتمبر اثيرت قضية زيارة النائب العراقي مثال الآلوسي الى اسرائيل لحضور المؤتمر العالمي لمكافحة الأرهاب ، والذي حضره مئات الشخصيات من الباحثين والخبراء ومن شتى ارجاء العالم .
إطلاقاً في هذا المقام لا اروم المنافحة عن السيد مثال الآلوسي وتبرير سفره ، وهو يعرف جيداً اكثر من غيره بأن طريقه محفوف بالألغام ، والزيارة ستشكل ذريعة للأنتقام منه . أجل كانت زيارة شخصية أي انه مثل نفسه ولم يمثل العراق ، لكنها وضعت في قوالب أخرى وهي الأتصال بدولة معادية ، ومع كل هذه الأفتراضات لم يكن ثمة مبرر وسبب وجيه لاستعمال تلك الشدة مع الرجل . 
الأجراءات التي تنص على رفع الحصانة عن الآلوسي ومنعه من السفر وإحالته الى القضاء العراقي للتحقيق معه ، فضلاً عن منعه من حضور جلسات مجلس النواب لحين اكتمال التحقيقات معه ومحاكمته . وليس هذا فحسب بل ان احد النواب القريبين منه من قائمة الأئتلاف العراقي وحسب ( جريدة الشرق الأوسط اللندنية في 15 / 9 ) بادر بتوجيه لكمة الى وجهه واقترب نواب آخرين لفض النزاع الذي تطور الى عراك بالأيدي ، ثم كان قطع رواتب طاقم حمايته ليترك الى مصيره المجهول بيد قوى الأرهاب .
 أليست هذه شدة وقسوة مفرطة بالتعامل مع عضو من البرلمان العراقي بعد ان يكون قد حاز على اصوات وثقة الاف العراقيين ؟ 
وإذا قارنا هذه الحالة بحالة مماثلة حدثت في ايران في بحر الأيام الفائته ، فيذكر : بأن اسفنديار رحيم مشائي وهو نائب الرئيس الأيراني احمدي نجاد قال  :
ان ايران هي صديقة للشعب الأسرائيلي ، ومع هذا التصريح ، الغريب في ايران ،  لا زال الرجل بموقع المسؤولية ويزاول عمله ودون ان تسلط الى وجهه لكمة من احدهم او تسقّط حقوقه ، وحتى ان الخامنئي مرشد الثورة الأسلامية في تصريحاته حول اسفنديار حسب وكالة فارس الأيرانية يقول : ( ان تضخيم مثل هذه المسألة الصغيرة يعتبر عملاً خاطئاً لانه يتسبب في توتير الأجواء ، فقد قال شخص ما كلاماً خاطئاً لا يمثل موقف النظام الأسلامي او الحكومة وانتهى الموضوع ) .
 وفي باب العلاقات بين الدول العربية والأسلامية مع اسرائيل فنلاحظ توطيد هذه العلاقات وتطويرها على كافة المستويات وهي معلومة بالنسبة للدول العربية ، وبالنسبة الى الدول الأسلامية فإن  تركيا التي يحكمها حزب اسلامي  فإن علاقاتها الواسعة مع اسرائيل تؤهلها لتكون الوسيط بين اسرائيل وسورية وهي دولة المواجهة مع اسرائيل ، وان علاقات الدول العربية الأخرى مع اسرائيل تتوسع باضطراد مع تقادم الزمن ، فإن كان العراق دولة اسلامية او عربية ، فلا مبرر لهذا الأجراء .
 ولنا ان نتساءل ، ما هو موقف البرلمان ممن اجرموا بحق شعبنا واشتركوا في عمليات ارهابية موثقة ، وما هو موقفه عما ينشر في الأعلام  من اعمال السطو على اموال الدولة ، وعمليات تهريب النفط العراقي والفساد الأداري والمالي والمحسوبيات وعمليات تزوير الشهادات و.. و .. وماذا عن انحطاط الخدمات العامة للمواطن ، ونحن في السنة الخامسة لسقوط النظام . نحن دولة مصدرة للنفط الى العالم ونحن نعاني من أزمة بنزين ونفط وغاز ، اما الحديث عن الكهرباء فالمرء يمكن ان تأخذ منه الدهشة كل مأخذ حينما يلاحظ توفر القوة البشرية والكادر الهندسي والفني ، وميزانية دولة غنية ، مع توفر النفط الذي تولد منه الكهرباء مع كل هذه الأمكانيات تبدو الحكومة العراقية عاجزة عن توفير الطاقة الكهربائية ، ونتساءل كيف توفر دولة فقيرة مثل الأردن الكهرباء لشعبها بصورة دائمة بيد ان العراق مع هذه الأمكانات عاجز عن توفير الطاقة الكهربائية ، فهل هنالك اسباب اخرى عصية على الفهم ؟ 
 وإذا كانت الحكومة عاجزة حقاً عن القيام بهذه المهمة لماذا لا تخصخص الطاقة الكهربائية ؟
هنالك مهمات وطنية كثيرة امام الحكومة العراقية والبرلمان العراقي ينبغي القيام بها ، وكان على البرلمان العراقي ان  يصوت بالأجماع على تلك القضايا الوطنية العراقية الصادقة وليس الأنتقام من شخصية عراقية وطنية كالأستاذ مثال الآلوسي .
 حبيب تومي / اوسلو   

413
                        يوم تلألأت سماء صوريا بكوكبة الشهداء الكلــدان
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


صوريا .. القرية العراقية الهادئة الجميلة الجاثمة على المثلث الحدودي بين سوريا وتركيا والعراق ، غنية بأراضيها الزراعية الواسعة الخصبة ، وتشتهر بمحصولي الحنطة والشعير ، اضافة الى المنتوجات الأخرى كالرز والسمسم والبقول والخضراوات المختلفة . وفي الصباحات الباكرة تدب الحياة في القرية ويستجيب اهلها لصياح الديكة في غرة الفجر ، والعصافير المغردة تشدو وترقص مرحة بين الأغصان ، والراعي ينهض مبكراً مطلقاً العنان لأغنامه وهي تسرح بين الروابي والوهاد  العميقة وقرب منابع المياه ، إنها سمفونية يومية تتكرر الحانها مع إشراقات الصباح ، ومع ساعات الأصيل حينما تتداعى شمس الغروب نحو خدرها خلف ذرى الجبال العالية .
 يوم الأحد من دون ايام الأسبوع تختلف رتابته إنه يوم الراحة وعطلة للجميع ويوم تبادل الزيارات ولكنه قبل كل ذلك هو يوم الذهاب الى الكنيسة . الحياة اعتيادية لا شئ يعكر صفوها ورتابتها ، لكن هنالك حدثاً كان وقع يوم امس السبت الموافق 15 / 9 / 1969 حيث كانت قوة من الجيش قوامها اربعة سيارات عسكرية في طريقها الى فيشخابور عندما انفجر لغم تحت إحدى السيارات ، ويشير الأستاذ مسعود البارزاني الى الحادث في كتابه الموسوم : البارزاني والحركة التحررية الكردية ج3 ص216 فيقول : 
في اليوم المذكور كان قد انفجر لغم تحت سيارة عسكرية بالقرب من القرية ( صوريا ) وقتل جراء ذلك بعض الجنود من بينهم مسؤول بعثي .. وفي اليوم التالي الذي اعقب الأنفجار أي يوم الأحد المصادف 16 / 9 / 1969 تقدم فوج من الجيش من قرية صوريا ولم يكن لأهاليها العزل البسطاء فكرة او صلة قريبة او بعيدة باللغم ولم يبدر منهم أي عمل ضد النظام ، كما لم تكن لهم اية فكرة عما سيحل بهم فقد توجه مختار القرية مع الكاهن لاستقبال الجيش ليواجها رشقة من الرصاص قضت عليهما .
بأمر من الملازم عبد الكريم محمد الجحيشي قتل من هذه القرية بدم بارد تسعة وثلاثون من الفتيات والأطفال والنساء والرجال فضلاً عن حوالي اربعين جريحاً .
ما يروى عن هذه المأساة ان القس حنا قاشا حينما انتهى من إقامة القداس توجه مع لفيف من أهل القرية الى بيت المختار ، والى هذه الدار قدم لفيف من الجنود المدججين بالسلاح وساقوا كل من كان في بيت المختار الى مزرعة صغيرة ، وفي الطريق كان القس يحث الأهالي الى عدم الهروب إذ ان المسالة هي مجرد تفاهم مع الضابط وسيعودون الى بيوتهم ، ولم يفكر القس بأن الأمور ستصل الى تلك التخوم المأساوية ، إذ كيف يجري قتل الأبرياء من قبل مسؤول في الجيش دون إجراء أي تحقيق في المسالة ، ومن هنا كان القس يتكلم بذهنية إنسان يعطي للعدالة والقانون حقهما ، لكن الحقد الديني والقومي والرغبة في الأنتقام كانت اقوى من كل القوانين الوضعية والدينية .
اثناء تجمع الأهالي في البستان عكف الضابط عبد الكريم محمد الجحيشي على اعداد غدارته الكلاشنكوف للرمي عليهم بصورة عشوائية ، وهو يعلم جيداً ان هؤلاء الناس ابرياء لا ناقة لهم ولا جمل بما حدث ، وفي هذه الأثناء وهو يستعجل للرمي قفزت ليلى بنت خمو عليه وتشابكت معه لانتشال الغدارة فسارعها من مسدسه ورماها برصاصة فصرعها في الحال . ويقول يونان هرمز في كتابه الموسوم أيامي في ثورة كردستان ص 86 ـ 87 يقول :
بدأ يحصدهم حصداً ويستبدل مخزن إطلاقاته بعد إفراغه عليهم بمخزن جديد فسقط القتلى ونجا آخرون من الذين سقطوا تحت الجثث ثم أشعلوا النيران في سياج البستان لكي لا ينج أحد من الصرعى او الجرحى وتعالت الصراخات وسط آهات وأنين .
نعم كانت مأساة إنسانية دون وازع من الضمير ودون عقاب لمن ارتكب هذه الجريمة ، هذا إن لم يكن هؤلاء القتلة قد نالوا انواط الشجاعة بسبب فعلتهم الدنيئة هذه .
 يمضي يونان هرمز الى القول :
صرعت راحيل زوجة منصور يوسف وسقطت جثة هامدة وهي تحمي رضيعها بجسدها !
وصرع شقيقي الشاب كوريال هرمز وكان قد وصل لتوه من زاخو لمتابعة معاملته لدخول الجامعة في بغداد .
صرع القس حنا قاشا راعي كنيسة افزروك .
وصرع معه الشماس اوراها وابنه جوزيف وابنته وارينه .
 وصرع عمي خمو المختار وزوجته كاترينا وابنته ليلى ( البطلة ) .
وصرع عمي موسى الرجل الهادئ كادر القرية للحزب ( الديمقراطي الكردستاني ) .
وصرع أخي الأصغر الصبي نجيب بن هرمز .
وصرعت يونو مع طفليها الصغيرين .
وصرعت شوني زوجة شابو بازنا وابنها امجد وابنتها جميلة .
وصرع الطفل ناجي بن كيوركيس ...
 وصرع السيدة امينة زوجة اوسماني فيرو مع ابنتيها .. وقمري وشيرو ...
ويمضي الكاتب يونان هرمز الى القول :
 انه إمعاناً في تضليل الرأي العام نعت صحف النظام بوفاة الكاهن الفاضل حنا قاشا بنوبة قلبية ، مدعية ان الخبر جاء للنشر من بطريركية بابل للكلدان ..
لقد تحمل شعبنا الكلداني على مدى عقود وقرون الظلم والطغيان ، والى اليوم لا زال شعبنا يقدم المزيد من الشهداء ويفيد السيد حمزة كامل الناطق الرسمي باسم وزارة حقوق الأنسان العراقية :
 ان خسائر المسيحيين من الشهداء منذ 2003 كان 174 قتيلاً ، منهم 107 من الكلــدان و 33 من السريان الأرثوذكس و 24 من السريان الكاثوليك و 4 من الآشوريين . لقد سقت دماء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ارض الوطن . ولنقف اليوم احتراماً وإجلالاً لهذه المناسبة المهيبة في تاريخ شعبنا الكلداني .
حبيب تومي / اوسلو
   

414
                  الحركة الديمقراطية الآشورية معنية بتقديم توضيح او اعتذار
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

لا اضيف معلومة جديدة إن زعمت بأن الحركة الديمقراطية الآشورية لها تاريخ نضالي مشهود وإن الأستاذ يونادم كنا ، كان ولا زال ، له الباع الطويل في قيادة هذه الحركة ، ويشغل منصب سكرتيرها العام وهو عضو في البرلمان العراقي ، وهذا الموقع يحتم على رابي يونادم كنّا ان يقيس كلامه بالمثاقيل قبل إطلاقه ، والأستاذ كنا كسياسي ماهر ومتمرس يدرك ابجديات التعامل مع الآخرين أفضل من غيره .
اقول : إن هذه المكانة وهذا التاريخ لا يبرران سكوتنا عن اخطاء او تصريحات او مواقف تصدر عن أي مسؤول  حتى لو كان بمنزلة رابي يونادم كنا ، فالشفافية تقضي ان نكتب ونشخص ونطالب بما هو مناسب لكل حالة حسب تجربتنا وخبرتنا ووجهة نظرنا دون مجاملة او خشية من هذا الطرف او ذالك . والملاحظ ان الحركة الديمقراطية الآشورية نادراً ما ترد على الكتابات الناقدة لخطابها وربما يطابق رأيها مع رأي الأستاذ الدباغ الناطق الرسمي بلسان الحكومة إذ يقول :
 الحكومة لا ترد على كل ما يفكر به الآخرون . وفي هذا السياق يبدو ان اعلام الحركة لم يفكر بتقديم توضيح عن جملة ـ الأساءات او التصريحات الجارحة بحق ابناء شعبنا ورموزنا الدينية والسياسية  ـ التي اطلقها الأستاذ كنا في تصريحات له اثناء زيارته للولايات المتحدة . والتي اوردها نخبة من كتابنا المعروفين على موقع عنكاوا وعلى غيره من المواقع ، ولم تقدم الحركة على نفي هذه التصريحات ولم تقدم توضيحاً لها ، ويفسر موقف الحركة في هذه الحالة بأنها تقر  وتعترف بها وبمضمونها وبرأيي الشخصي في هذه الحالة تكون الحركة الديمقراطية الآشورية معنية بتقديم اعتذار لأبناء شعبنا إن كانوا من مؤيدي الحركة او من معارضيها .
لا ريب ان تقديم الأعتذار يشكل كلاماً  كبيراً إذا ما نظرنا اليه بمنظور الثوابت المقدسة ، وإذا عزفنا على وتر تكريس المعتاد السائد وجعله فلتر لكل محاولات تغيير الموجود لتجديده نحو ارقى حالات الوجود .
 إنها حالة النقد التي لا نهضمها ، وهي ايضاً حالة الهلع والتشنج التي تخيّم على  مشهدنا السياسي حينما تُجهض أية محاولة للنقد وإبداء الرأي في بيئة الثوابت والمقدسات حيث تؤسس العملية النقدية في مخيالنا الثقافي والسياسي على انها عملية ترادف الهدم وتمزيق الوحدة وما الى ذلك من نعوت ومفاهيم .
إن استقراء الخطاب السياسي للحركة يوحي الى ان المنطق الغالب في التعامل مع الآخر المغاير والمختلف لخطاب الحركة ( الديمقراطية الآشورية ) ـ وكما هو معهود في خطاب الأديولوجيات العصابية حيث يسود منطق ( المؤامرة ) ، وكما يقول الأستاذ جورج طرابيشي ( من النهضة الى الردة 169 ) : فليس في ذلك من عجب ، فمنطق المؤامرة هو آلية أثيرة من آليات الدفاع عن الذات الجريحة والمعانية عجزاً فصامياً عن الفعل في الواقع ..
الأنسان حينما يعمل فإنه معرض للوقوع في الخطأ ، وادعاء العصمة المطلقة خرافة ، ولهذا فإن الموضوعية تعني تحليل وتمحيص ما يقال دون الأهتمام او النظر الى قائله .
لقد اثارت محاضرة الأستاذ يونادم كنا في ولاية مشيكان الأمريكية زوبعة من التعقيبات والتعليقات والأنتقادات اللاذعة لما ورد فيها من عبارات وصفت بأنها جارحة بحق شرائح معينه من ابناء شعبنا بزعم ان لها موقف مؤيد لمشروع الحكم الذاتي .
لا مرية في ان يتبنى بعضهم أفكار معارضة للمشروع المطروح ، وهذا حق طبيعي في ان يكون للمرء رأيه المغاير للاخرين ، لكن المعضلة تكمن في التشهير والطعن وإثارة الريبة والشكوك في أخلاص من يؤيد مشروع الحكم الذاتي .
وتراوحت ردود الفعل ، إذ كان هنالك تعقيب من إذاعة صوت الكلــــــدان وردّت على المغالطات والأتهامات التي اوردها السيد كنا بحق المنظمات السياسية والأجتماعية والكنيسة الكلدانية .. وكان هنالك نخبة من كتابنا تناولوا تصريحات وأقوال السيد كنا والتي وصفت بأنها جارحة ومشوهة وفيها طعن غير مبرر لشرائح من ابناء شعبنا ، إذ يصف ابناء شعبنا في الداخل الذين يطالبون بالحكم الذاتي بالمأجورين والمرتزقة ويعملون مقابل ثمن مسبوق ، ووصف القسم الآخر بعدم معرفتهم بما يجري وراء الكواليس بسبب ضعف الوعي القومي والسياسي عندهم . وكان الأستاذ كنا قد صرح في ندوته في القوش بتاريخ 18 /5 / 2008 بأنه ليس بالضد من الحكم الذاتي لابناء شعبنا ولكنه بالضد من الحكم الذاتي الذي يأتي من الخارج .
 في سياق الخطاب والأعلام الموجه ، أقرأ نخبة من كتاب شعبنا وهم يسخرون أقلامهم بجهة التشكيك وتشويه مطلب الحكم الذاتي وربما يكون ذلك تنسيقاً او استجابة لما تطرحه الحركة  الديمقراطية الآشورية في معرض معارضتها لهذا المشروع ، وبنظري ينبغي ان تكون ثمة مساحة من الروح الاستقلالية في طرح مثل هذه المشاريع حتى لو كان هناك من هم اعضاء في الحركة ، فنحن نلاحظ  في الديمقراطيات الغربية ، في بعض الحالات ، هنالك من يصوت ضد حزبه في قضية معينة ، وليس بالضرورة ان يكون الحزبي أداة طيعة في كل ما يطرحه حزبه . ومن هنا فإني لم ألاحظ الأخوة الكتاب،  ممن يتعاطفون مع خطاب الحركة ، قد نالوا تلك التصريحات بشئ من النقد ، فكان لابد لهؤلاء الكتاب ان يكون لهم رأيهم الخاص إن كان في مشروع الحكم الذاتي او اتخاذ موقف مستقل من تلك التصريحات .
وأعود لتصريحات رابي يونادم كنا التي لم تتسم بالواقعية ولم تحمل شيئا من الموضوعية وهي تشبه التي صرحها الأستاذ كنا حينما وصف ( المهجّرين ) من ابناء شعبنا في سورية والأردن بأنهم هناك بداعي الأستجمام والأصطياف ليس إلا . والشئ بالشئ يذكر وهذا يذكرنا ايضاً بتصريحات رابي كنا يوم كان في نادي كلـــداني في كاليفورنيا بسانت ياغو حيث دأب في تلك المحاضرة وهو في ، عقر دار الكلدانيين ، يبث معاني الريبة والتشكك  بالهوية الكلدانيـــة العراقية الأصيلة  . إن مشكلة الهوية الكلدانية تبدو عسيرة على الهضم بالنسبة للأحزاب الآشورية ، والمفكرين الآشوريين وأثناء وجودي في الوطن زرت إحدى الجمعيات الثقافية ( اللغوية ) في دهوك وبدلاً من إثارة ومواصلة مناقشة حول اللغة ، طرح بدلاً عن ذلك مناقشة حول التسميات ، وقد اتضح لي في تلك المناقشة الحامية ان من يدعي بأن قوميته كلدانية ينبغي عليه ان يكون خبيراً بالتاريخ وبعلم الأجتماع والسياسة والعلوم الفلكية والرياضيات  ..  لكي يبرهن ان جميع شروط القومية متوفرة في قوميته الكلدانيــــــة ، علماً ان هذا السلوك لا يسلك مع الكردي او العربي او الأرمني او الآشوري فهؤلاء يحترم رأيهم ويتوقف الكلام حينما يصرح باسم قوميتــه ، لكن الكلـــداني ، المسكين ، حيث فرض عليه ( تابو) وبغية الأقرار بقوميته الكلدانية عليه ان يكون عالماً ليثبت لهم بأن قوميته تستوفي كل شروط القومية دون زيادة اونقصان  .
أيها السادة علينا ان نوجه ابصارنا ورؤيتنا نحو الواقع الموضوعي ، وسنرى إن شعبنا أمام محنة حقيقية تستهدف وجوده على ارضه  ، وعلينا التفكير برؤية شاملة كيف نثبت أقدام شعبنا في وطنه ، وإلا  سيأتي يوم الأحد الذي يعقب يوم السبت .
حبيب تومي / اوسلو




415
                                 القوش بعد ان ولّى زمن ( اللنكَات )
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


في أواخر عام 2003 كنت في القوش وكانت تجارة الملابس العتيقة ( اللنكَات ) رائجة ، فهنالك محلات وبيوت تزاول بيع الملابس المستعملة والتي كانت تأتي وهي مكبوسة في بالات ، وعادة ما ترسل هذه الملابس للدول الفقيرة ، فكان العراق يصنف مع هذه الدول رغم ثرواته الطبيعية والنفطية والمائية .
وإذا قبلنا القوش كمقياس للوطن العراقي سنلاحظ ان ظاهرة بيع هذه الملابس قد اختفت من هذه المدينة وحل بدلها محلات لبيع الملابس الجديدة التي تمتاز بالجودة والموديلات الحديثة ، ولا ريب ان هذا مؤشر على تطور الحياة نحو الأفضل ، فاليوم ليس هنالك من يرضى بارتداء الملابس المستعملة مهما كان منشؤها .
 وهذه حالة صادفتها في المدن التي زرتها مثل اربيل وعنكاوا ودهوك .. واعتقد ان هذه الحالة دليل تطور نوعي في الحالة الأقتصادية للبلد ، وهي بعين الوقت دليل تطور ونمو طبقة متوسطة توطد مكانتها في المجتمع ، او بالأحرى خروج طبقة فقيرة من فقرها وانتقالها الى طبقة متوسطة ، وكما هو معروف إن هذه الطبقة ( المتوسطة ) تشكل العمود الفقري في تطور ونهوض البلد ومتى ما كانت هذه الطبقة واسعة منتعشة ، كانت سيرورة البلد نحو النهوض والتقدم ، ومتى ما يصار الى تحطيم هذه الطبقة ، يختزل المجتمع بطبقة غنية جداً وأخرى فقيرة جداً وهنا تكون الكارثة ، حيث يسير البلد نحو تخوم الفقر .
نعود الى القوش التي تعاني من مشاكل عامة مزمنة كانقطاع التيار الكهربائي وضعف الخدمات العامة وتفشي البطالة ، إن هذه المشاكل وغيرها تعبد الطريق وتخلق المبررات  لاستفحال داء الهجرة الذي ينخر بجسد مجتمعاتنا في بلداتنا الكلدانيــــــة وهي تعاني اصلاً من خلل ديموغرافي خطير .
ثمة علاجات سطحية او آنية  لهذه المعضلات ، فمشكلة الكهرباء تبدو عاصية على الحل ، والحكومة العراقية تبدو عاجزة حيال هذه المشكلة ، ورغم امكانيات الحكومة الهائلة من العملات الصعبة والقوى البشرية والكادر الفني اللازم ، هذا إضافة الى كون العراق دولة مصدرة للنفط المادة الأساسية في توليد الكهرباء ومع كل هذه الأمكانات تبدو الحكومة عاجزة عن توفير الطاقة الكهربائية للعراقيين ، وهي لا تخطط الى خصخصة هذه الطاقة ليتسنى للقطاع الخاص حل المعضلة كما هي الحالة في دول متقدمة كثيرة .
وإذا توجهنا بأبصارنا الى مشكلة اخرى وهي مشكلة البطالة ، والتي ليست وليدة اليوم ، فإنها لا زالت قائمة وإن كانت هنالك بعض المحاولات لاحتواء هذه المشكلة بتشغيل عدد لا بأس به في جهاز الشرطة  والبلدية وفي صفوف احزاب تتمكن من الدفع ، ويمكن اعتبار هذه الحالات بمجموعها بأنها بطالة مقنعة ، وهذه الحالة منتشرة في مدن العراق حينما جرى توظيف واستخدام الأشخاص الذين انخرطوا في الميليشيات .
في القوش لا تتوفر مشاريع استثمارية باستثناء الأعمال الزراعية التي تبدو محدودة امام شرائح الشباب وطوابير الخريجين الذين يتطلعون الى العمل والوظائف الحكومية . وهناك جانب آخر وهو السكن  فإذا أخذنا بنظر الأعتبار ان القوش لم تنل نصيبها في حملة البيوت السكنية التي شيدها السيد سركيس آغاجان ، فإن مشكلة السكن بقيت قائمة في القوش وهي من الأسباب الرئيسية التي دفعت ببعض العوائل ان تفضل خيار الهجرة والسفر على البقاء تحت رحمة المؤجر وفي ظل انعدام الأمل في  العثور على فرص العمل .
لكن المفارقة ان هذه الحالة لم تكن قاعدة تسري على الجميع ، فخلال وجودي في القوش لاحظت استثناءً لهذه الحالات فثمة عدداً مهماً من العوائل المهاجرة هم من ميسوري الحال ومن مالكي بيوت جيدة ومريحة في القوش ، فهؤلاء ليسوا من الفقراء ، وبدلاً من ان يفتحوا لهم مصالح في القوش ، لجأوا الى اختيار طريق الهجرة المحفوف بالمخاطر ، لكن لا بد من الأعتراف بالحقيقة القائلة بأن تسهيل ظروف الهجرة عن طريق تركيا قد اغرى الكثيرين لاختيار هذا الطريق لقربه من المنطقة ولقلة تكاليفه . ومن المؤكد ان هنالك عوامل اخرى لهذه الهجرة التي طال الحديث عنها .
أجل اختفت ملابس ( اللنكَات ) من القوش ومن مدننا وقرانا الأخرى وكان البديل ملابس جديدة وموديلات حديثة جميلة ، لكن ثمة معاناة أخرى لم توضع لها الحلول ، فلا زال هنالك اعداد كبيرة من الوافدين من بغداد والبصرة والموصل وقد تركوا بيوتهم وأعمالهم في هذه المدن وهم يتلقون بعض الأعانات المالية والمساعدات العينية من هذه الجهة او تلك ، وهذه الأعانات لا تتناسب مع ما يدفعونه من ايجارات وتكاليف الحياة المعاشية العالية ولهذا لا يمكن ان تشكل هذه المساعدات حائلاً دون نضوب مدخراتهم المالية .
 وقبل نضوب مدخراتهم يفكر هؤلاء بالعودة الى بيوتهم في المدن العراقية او يختارون طريق الهجرة . وحسب ما لمست اثناء معايشتي في بلداتنا فإن ابناء شعبنا لا زالوا بحاجة الى الدعم ليس من اجل ان تخليصهم من ملابس ( اللنكَات ) فحسب إنما من اجل تحسين اوضاعهم بشكل عام . وبرأيي الشخصي ان منح الحكم الذاتي لشعبنا في سهل نينوى سيشكل مفتاح حل القضية برمتها للمستقبل القريب والبعيد . ونأمل الا يعود شعبنا الى زمن ( اللنكات ) إنما ان يكون شعباً عزيزاً موحداً مرفهاً سيداً لنفسه في وطنه العراق  .
 حبيب تومي / اوسلو         

416
لقائي مع الأستاذ سركيس آغاجان وحديث على نار هادئة   
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no

 

بمبادرة من أحد الأصدقاء أبديت رغبتي في مقابلة الأستاذ سركيس آغاجان وزير المالية في حكومة أقليم كردستان والشخصية العراقية المعروفة ، وهو الأب الروحي للتنظيم المعروف بالمجلس الشعبي الكلــداني السرياني الآشوري ، وهو إضافة الى ذلك يضطلع بدور كبير في عملية بناء وإعمار كبيرة في مدننا وقرانا ،وهو يرمى من ورائها تخفيف معاناة شعبنا  وتقديم المساعدة والعون الى عوائل كثيرة من ابناء شعبنا والتي شردتها الأوضاع الأمنية المتردية في مدن العراق كالموصل والبصرة وبغداد والذين حطوا رحالهم في منطقة اقليم كردستان .
تلقيت مكالمة هاتفية من أحد الأصدقاء من عنكاوا بضرورة التوجه الى مدينة عنكاوا وهكذا استأجرت سيارة أجرة  أقلتني الى هذه المدينة ، وفي يوم 15 / 8 مساءً حضرت برفقة الدكتور حكمت حكيم لمقابلة رابي سركيس .   
كان لقاءً اخوياً  اكثر من كونه رسمياً فلم احسب  بأنني في دائرة رسمية ، وشعرت منذ الوهلة الأولى  إنني أمام شخص يتسم بالبساطة والتواضع ، فقد خرج الى الباب وكأنه يستقبل صديقاً قديماً  او اخاً عزيزاً طال فراقهم ، ولا اكتم سرأً بأن هذا الجو  الأخوي منحني قدراً كبيراً من الشجاعة لأكون صريحاً بما فيه الكفاية وأن أسمي الأشياء بأسمائها دون الحاجة الى المناورة السياسية او تحوير في الكلام  لأصير الى السؤال الذي أرغب بطرحه .
وهكذا اتسم الجو بمكاشفة صريحة وفي المقابل كان الأستاذ سركيس لبقاً وأكثر صراحة ، واستشفيت من سياق حديثه انه يتسم بتلقائية وعفوية معتمداً على ذخيرة وجدانية ثرية زاخرة بعناصر الأخلاص  التي ينشدها لتحقيق اهداف شعبه في الحرية والمساواة والحكم الذاتي  ، ولهذا بمقدوري الزعم ان الرجل يوظف العناصر المبدأية والأخلاقية قبل الولوج في المعترك السياسي  واللعبة السياسية المطلوبة في زمننا الحاضر . 
ويتعين علي القول في هذا المقال : ان عنصر الأخلاص ليس كافياً لأدارة شؤون شعب ، او قيادة شبكة وعمليات مشتعبة لأعمال عمرانية واسعة وتقديم مساعدات لشرائح واسعة من ابناء شعبنا مع ما يحيط بهذه العملية من تجاذبات اجتماعية وسياسية ، وبرأيي المتواضع لابد  من إيجاد إدارة ذات دراية وحنكة ( تكنوقراط )  لكي تكون قادرة على إدارة هذه الشؤون المتشابكة الواسعة  .
 لا أدري إن كانت حساباتي واقعية وهي ان رابي سركيس يعتمد في الأشراف وإدارة المنجزات العمرانية الواسعة المنتشرة ( والتي تقدر بآلاف الوحدات السكنية ) على جهاز استطيع ان اقول انه لا يتسم بالمؤسساتية ، فهو خليط متباين لا يأخذ بالحسبان التدرج الوظيفي والكفاءة المطلوبة في مثل هذه الحالات ، وارجو ان لا يؤخذ كلامي هذا على انه تشكيك في قدرات العاملين في هذا الجهاز حالياً ، إنما مقصدي هو ان العمل المؤسساتي هو النمط الهيكلي الأداري  الذي اثبت قدرته في تنظيم الأعمال بعد ان تعقدت الحياة وتوسعت مداراتها .
في الجانب الأنساني يسعى الرجل بتحقيق قسط من المساواة والأستقرار لشعبنا من الكلــدان والسريان والآشوريين . وأنا واثق ان الرجل يأمل مخلصاً لان يسكن تلك البيوت التي يشيدها من هو بحاجة اليها ( حصراً )، ومن يستحقها بحق وحقيقة وهذا ينطبق على المبالغ والأموال التي يقدمها لا شك أنه يأمل ان تصل الى من هو بحاجة ماسة اليها . فبنظري أن العمل المؤسساتي هو الذي يقرر آلية هذه التوزيع معتمداً على المعادلة المهنية والشفافية ، وأنا واثق ان رابي سركيس نفسه يصبو الى تحقيق تلك المهنية والشفافية في العمل .
ان النمط المؤسساتي لا يمنع ان تكون تحت إشراف المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري او تحت إشراف شخصية سياسية معروفة ، كأن يكون الأستاذ جميل زيتو او أي شخص معروف بمواقفه النضالية ومعروف بكونه شخصاً نزيهاً لا شائبة في ماضيه ومواقفه .
 من الناحية السياسية يسعى  رابي سركيس لتحقيق اهداف تعتبر في الحقيقة معتدلة  ، وتتمحور آماله  في ان ينال شعبه  الحكم الذاتي فوق رقعة جغرافية من أرض العراق وتحديداً في سهل نينوى . ويغمره الأمل في تحقيق تلك الأهداف  مستثمراً الظروف المواتية حيث يمسك هو شخصياً بيده شيئاً من السلطات ، هذا إضافة الى اجواء سياسية عراقية ودولية تصب في خانة التعاطف والتأييد الدولي والأقليمي للمسيحيين في العراق بعد ان تعرضوا لتلك الحملة الظالمة من قبل المنظمات الأرهابية في بغداد والموصل والبصرة .
التاريخ يخبرنا والحياة علمتنا ان هنالك  لحظات تاريخية حاسمة في حياة وتاريخ الشعوب ، وسابقاً قرأت كتاباً لمؤلف أمريكي لا يحضرني اسمه لكن الكتاب كان تحت عنوان " عشرة أيام هزت العالم " وهو يتحدث عن الأيام العشرة  الأولى التي كانت  حاسمة في قيام الأتحاد السوفياتي السابق . وهكذا يمر شعبنا اليوم بمرحلة أرهاصات حاسمة وبحسب الأستاذ سركيس آغاجان فإن شعبنا يقف على منعطف حاسم عليه ان يستغل هذه المرحلة المؤاتية لتحقيق أهداف تاريخية ومنها تحقيق الحكم الذاتي الذي يحقق شئ من الكرامة والذاتية والوجود الراسخ لشعبنا . والرجل يعمل جاهداً لتحقيق هذا الهدف لكن يبدو ان العوائق  ليست من الآخر  الذي يمسك بيده مقدرات هذه الحقوق إن كانت من الحكومة  المركزية في بغداد او من حكومة أقليم كردستان ،  إنما هذه المعارضة محشورة في شرنقة خلافاتنا وتستصرخ من رحم تناقضاتنا هذا هو الواقع الذي يحاول الرجل الأنطلاق منه لتحقيق أهداف تعتبر من صميم مستحقات شعبنا .
حاولت ان أشبه هذا الرجل بشخصية وطنية او تاريخية لكني توصلت الى ان الرجل لا يشبه سوى نفسه ويملك فكره وله شخصيته وخصوصيته فله فلسفته في الحياة ويسعى الى تحقيقها ، وقد يصدق القول ، ومن الناحية الوظيفية فحسب ، ان نزعم بوجود مقاربة بينه وبين الشخصية العراقية الكلدانيــــة يوسف غنيمة والذي شغل في النصف الأول من القرن الماضي وظائف رفيعة وانخرط في العمل السياسي في أحزاب سياسية عراقية واستطاع ان يحقق لشعبه مكاسب في الدستور العراقي وفي التمثيل في البرلمان ومجلس الاعيان ، كل ذلك تحقق والرجل لا يعمل في حزب قومي آشوري او كلداني او سرياني ، إنما حقق تلك المكاسب عبر عمله في احزاب عراقية . فالذي ينشد خدمة شعبه يستطيع ان يقوم بذلك اينما كان موقعه ، ودلائل هذه الحالة كما اسلفت تجسدت في الشخصية الكلدانيـــــة المرحوم يوسف غنيمة ، واليوم تتجسد هذه الحالة بالشخصية الآشورية الأستاذ سركيس آغاجان ، فالرجلان خدما شعبيهما خلال عملهما السياسي في أحزاب تعمل في الساحة السياسية العراقية دون ان يكون لها توجه قومي كلـــداني او سرياني او آشوري .
وفي هذا السياق سنلاحظ ان السيد طارق عزيز لم يحاول استثمار هذه الحالة في خدمة شعبه علماً انه كان يتبوأ مركزاً وظيفياً مرموقاً في الساحة السياسية العراقية لسنين طويلة ولكنه لم يحقق شيئاً لأبناء قومه الكلدانييــن او لشعبه المسيحي بصورة عامة .
في معرض اللقاء مع الأستاذ سركيس عرضت عدة نقاط  كانت تشغلني ومن جملة هذه النقاط موضوع الحكم الذاتي ، وقد توضحت لدي امور وخفايا التي كانت تلف بهذا الموضوع الحيوي ، ولمست ان الرجل متحمس لأنجاز هذا الهدف السامي ، وقرأت عنده الأخلاص لتحقيق هذه الأمنية ولا استطيع ان اقول ان للرجل  مقاصد او مكاسب شخصية او حزبية في تحقيق هذا الهدف ، انه يسعى لخدمة شعبه ليس إلا .
 وفي شان آخر استفسرت عن سبب العزوف عن بناء وحدات سكنية في القوش في حين كانت القوش بأمس الحاجة لهذه الوحدات ، وكما هو معلوم فقد شهدت مناطق اخرى تشييد مئات الوحدات السكنية ، ويبدو ان السبب يعود الى عوامل موضوعية في القوش حالت دون إنجاز هذه الوحدات ونأمل في المستقبل ان تزول تلك الأسباب وان تتحقق هذه الأمنية .
كانت من المواضيع المهمة التي عرضتها على رابي سركيس موضوع فضائية عشتار ، وما تشغله هذه الفضائية من اهمية كبيرة في مسألة تواصل وتفعيل لغتنا وتراثنا وتاريخنا وما يمكن ان تنهض به هذه الفضائية ، وكان التطرق على ان تكون اللغة المتداولة او اللهجة في هذه الفضائية مفهومة للجميع ، إذ لا يمكن في فضائية تداول لهجة تكون عسيرة الفهم ، فاللغة المتداولة في نشرة الأخبار بشكل خاص ينبغي الا  تكون عبارة عن لغة مشفرة عسيرة الفهم ، فالأعلام غالباً ما يتداول لغة وسطية مفهومة بين اللغة الدارجة واللغة الفصحى .
ونأمل ان  نجد عشتار وهي تشغل حيزاً مهماً بأن تقف على مسافة واحدة بين مكوناة شعبنا في جميع مناحي الحياة ، إن  كان على نطاق اللهجات المتداولة  او التقاليد او الأزياء او الغناء .. فالكلـداني ينبغي ان يشعر بأن عشتار هي فضائيته وكذلك السرياني والآشوري ، وهكذا تكون فضائية عشتار فضائية الجميع وهي تتسم بالمصداقية والشفافية .
إن الحديث مع رابي سركيس أغاجان امتد الى مسالة المولدات الكهربائية في القوش والتي كان قد وفرها الأستاذ سركيس في حملة تقديم الخدمات المختلفة لشعبنا ، ومرة أخرى اشير هنا الى الصيغة المؤسساتية لتحديد آلية العمل في تقديم هذه الخدمة وغيرها لكي لا تثار التساؤلات وتكثر التقولات ، فبدلاً من ان تكون هذه المولدات نعمة للمدينة تبرز وكأنها نقمة ، وهذه الحالة ينبغي ان تزول لانها مؤسفة وغير طبيعية .
برأيي ان رابي سركيس آغاجان آشوري القومية ولمست عنده سمة الأعتدال وهو لا يفرق بين مكوناة شعبنا إن كانوا من الكلدان او السريان او الآشوريين وهو يريد ان يقوي الرابطة الدينية بيننا وليس لرابي سركيس نظرة استعلائية على أي مكون من مكوناة شعبنا وهو يحترم خصوصيات الجميع ، وهذه حالة يفتقر اليها جميع الأحزاب الآشورية القومية ( جميع الأحزاب دون استثناء ) ، وهذه الحالة تنطبق ايضاً على الكتاب القوميين الآشوريين ( جميع الكتاب دون استثناء ) ، وهذا شئ مؤسف ان تتفشى هذه الحالة الخاطئة بين هذه الشريحة المهمة من ابناء شعبنا .
إن الحياة زاخرة بالتجارب بإن الأعتدال في الطروحات وتعزيز مبادئ احترام الرأي والرأي الآخر ، وقبول الآخر ( كما هو ) هو الطريق الأسلم لتكاتفنا ووحدنا ، واعتقد ان الأستاذ سركيس آغاجان يعمل مخلصاً في هذا الطريق .
حبيب تومي / القوش   

417
الأيزيدية شعب اصيل يهاجر بعيداً ودلخواس يصارع من اجل البقاء     
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 

هل تريد ان تنهض مبكراً وتستمتع نظرك بشروق الشمس الذهبية ، فما عليك سوى ان تنام فوق سطح بيت القوشي ، ومهما نهضت مبكراً سترى امامك من نهض قبلك واتجه صوب دروب الكدح والحياة والعمل ، ولا اعتقد من يضاهي الشعب اليزيدي في هذا المضمار ، انهم السباقون لخوض غمار نهار جديد في سوح الكدح والعمل .
اثناء وجودي في القوش انهض قبل الساعة الخامسة صباحاً وأتوجه نحو دير السيدة وهناك اتناول قدحاً من الماء البارد قبل ان اواصل طريقي نحو دير الربان هرمز ، وإن كان الدير اليوم يوفر هذا القدح من الماء البارد فإن ذكرياتي لـ ( ديرا ختايا ) التي تعود الى نصف قرن من الأعوام انسلخت من عمري ومن عمر الزمان السرمدي ، حيث كان الأنسان الوديع اليزيدي المعروف بـ ( تمو دّيرا) وبعد ان بات  تمو صنواً لهذا الدير العتيد وكان يجلس ملاصقاً للجدار وكأنما هو جزء من بنيانه  .
 وفي تلك الأيام كان في مدخل الدير سلة فيها أرغفة الخبز ( بثخاثا خميئي ) والمعروفة بـ ( بثخاثا دّيرا) ويأخذ عابر سبيل ما يكفيه من الخبز وهو في طريقه ، وتروى الحادثة التي تقول أن احد اليزيدية وهو في طريقه الى بوزان مع ابنه الصغير فتناول الرجل رغيفاً  واحداً  ومد ابنه الصغير فأخذ اكثر من رغيف ، فمد الرجل الى ارغفة ابنه وأعطاه رغيفاً  واحداً  وأعاد بقية الأرغفة الى مكانها . 
ومع التواصل مع تلك القناعة النفسية ، أمضي في سبيلي وأواصل مشواري  وأيمم وجهي شطر صديقي القديم جبل القوش الذي يحتضن بحنان منذ قرون دير الربان هرمز .
في مشوار طريق العودة الى القوش التقيت شلة من الأطفال الأيزيدية وهم يحملون اكياساً بيضاء فيها ما جمعوه من العلب المعدنية الفارغة ، وشئت ان التقط لهم صورة ،  لكن طلبي
 

مجموعة من الأطفال اليزيدية وهم يحملون اكياسهم من العلب الفارغة وعلى اليسار يقف صديقي ( دلخواس )

قوبل بالرفض ، لكن الطفل ( دلخواس ) تقدم نحو الأمام وطلب مني ان اصوره ، حينئذٍ تشجع الباقون ووقفوا بصفه امام الكاميرا ، وبعد التصوير منحت لهم مبلغاً زهيداً لكن رغم ذلك كانت فرحتهم كبيرة لأنهم قبضوا حقهم لقاء تصويرهم .
إن هؤلاء الأطفال بدلاً من الجلوس على مقاعد الدراسة ، وفي فصل الصيف ينبغي ان يشترك هؤلاء الأطفال بدورات وحلقات دراسية وسفرات سياحية ونشاطات رياضية ، نجدهم يتوجهون الى هذه الأعمال . إن هؤلاء الأطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 9ـ 16 سنة وينهضون مبكراً ويتوجهون الى القوش ليجمعوا ما يستطيعون من العلب المعدنية للمشروبات الغازية لتباع بألف دينار للكيلو الواحد ، والمعلوم ان الدولار الواحد يساوي 1200 دينار عراقي .
 الآن نعود الى عائلة وعشيرة وقوم ( دلخواس ) وهم من الأقلية الدينية اليزيدية والذين يمثلون قوم عراقي اصيل ، والذين يذكر لنا التاريخ ان احداثاً  مروعة طالتهم في حقب ماضية  حيث كان الظلم والتعسف من جهة والتسامح والتعايش من جهة اخرى يتواتران على سيرورتهم ، لكن المعادلة لم تكن يسيرة ومتوازية كعمليتي المد والجزر  ،  إنما كانت كفة الظلم والتعسف هي الراجحة في اغلب الأوقات والأزمان .
وإذا ابقينا ابصارنا شاخصة نحو الساحة العراقية سوف نجد  اليهود وهم من الأقوام العراقية الأصيلة التي قطنت هذه الديار وفي غفلة من الزمن اختفى هذا القوم واصبح اثراً  بعد عين . فبعد ان كان لهم حضور في التاريخ العراقي القديم والحديث وكان لهم دورهم وحضورهم ايضاً  في الدولة العراقية الحديثة بعد انهيار الدولة العثمانية ، لكن نشــهد اليوم ان هذا القوم قد اختفى وجوده من العراق .
في حمأة إرهاب الأقليات الدينية غير المسلمة بعد السقوط في نيسان عام 2003 حيث امتدت يد الأرهاب الى كل مكوناة الشعب العراقي ، لكن ما طال الأقليات الدينية يمثل حملة إقصاء وتطهير ديني كانت معالمه واضحة ومجسدة في الخلل الديموغرافي الخطير الذي يهدد وجود هذه الأقليات على ترابهم التاريخي ، فالأسلام الراديكالي كان قاسياً على هذه الحلقات الضعيفة من التكوين المجتمعي العراقي .
في طريقي من زاخو الى القوش كنت احاول ان اسمّي القرى التي نمر بقربها ومنها قرية شاريّان التي يقطنها اليزيدية ، لكن السائق الكردي ابلغني ، وهو يبدي أسفه ، ان هذه القرية والكثير من القرى اليزيدية تفرغ من سكانها اليزيدية ، ويجد ابنائها متنفساً لهمومهم في اختيار طريق الهجرة الى البلاد الأوروبية ، حيث النظام العلماني الديمقراطي ولا تفرقة بين اليزيدي وابن البلد المسيحي ، الكل يحتفظ بحقوقه الدينية والأثنية واللغوية والثقافية  دون تدخل او وصاية ولا يوجد هناك وكلاء الله على الأرض ولا يوجد من يحكم باسم الله .
وهكذا نجد هذه القرى يهجرها سكانها بعد ان علموا ان اصقاعاً في الكرة الأرضية تمنحهم حقوقهم في الحياة ويستطيعون ممارسة طقوسهم دون خوف او تهكم او سخرية او استخفاف من أحد .
إن الأقليات الدينية في العراق ومنهم اليزيدية يطالهم تفرقة دينية من القوانين العراقية ، إضافة الى العنف الأجتماعي الذي يطالهم باستمرار .
إن ما ينقذ هذه الأقليات وغيرهم من الطبقات المسحوقة في العراق هو وجود نظام علماني ديمقراطي يضمن حق الجميع بشكل متساوِ بغض النظر عن المرجعية الدينية او الأثنية او اللغوية التي ينتمي اليها هذا المواطن إن كان عربي او كردي او كلداني او سرياني او آشوري أو أرمني او من الشبك او التركمان ... هذا هو الضمان الوحيد الذي يضمن حق الأقليات في العراق ، وإذا كانت الأقليات الدينية بخير فنستطيع ان نقول ان العراق بخير وهنالك عدالة اجتماعية وسياسية ودينية دون مفاضلة مواطن على آخر مهما كان قومه او مذهبه او حزبه او قوميته او لغته ، هذه هي العدالة التي ينبغي ان تسود ارض العراق ، ارض حمورابي الذي طبق القوانين على ارض العراق وقال انه يريد ضمان حق الضعفاء لكي لا يغتصبها الأقوياء فهل تقوم الدولة العراقية بضمان حقوق الأقليات الدينية الضعيفة بعد مرور ما ينيف على اربعين قرناً على تلك الشريعة التي تضمن حق الضعفاء على تراب العراق ؟
  بقلم : حبيب تومي / القوش

418
ترفضون الحكم الذاتي لشعبنا .. إنها حقاً ضحالة سياسية
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no

 

أيام كان في موقع عنكاوا باب التعليقات مفتوحاً على المقالات في المنبر السياسي والمنبر الحر ، قرأت تعليقاً لأحد القراء واستشيفت ان المعلق هو مسلم بدليل انه يحث قومه على الأقتداء بالمسيحيين ويقول : كم ان شقة الخلاف واسعة بينهم إلا انهم ( المسيحيون ) يلجأون الى المنطق والحجة والحوار الفكري بدلاً من الأنتقام والتصفية الجسدية .. الخ
إذن نحن ننطلق من ارضية التفاهم والنقاش والحوار ، ومن احتمالية التوصل الى اتفاق بعيداً عن اجواء العداوة  ودون استخدام العنف بيننا وهذه حالة صحية ينبغي تعزيزها وتنميتها ليكون لها الديمومة والأستمرارية .
 اليوم يحتدم جدل حول مسألة الحكم الذاتي ، وفي الحقيقة لا اخفي استغرابي من نوعية هذا الجدل ، ولا استطيع ان اتصور ان يكون بيننا خلاف في مسالة ينبغي ان تكون بديهة مسلم بها ونقطة انطلاق للتوحيد وليس للتشرذم . التساؤل يكمن في كيفية تصور المعادلة التي تقول بأننا مختلفين ومتباينين في وجهات النظر في مسألة تخص منح  شعبنا من الكلـــدان والسريان والاشوريين الحكم الذاتي ، كيف نتصور ان يكون مبدأ منحنا  حقوقاً نستحقها بؤرة لانطلاق الخلاف بيننا وسبباً في التخندق والتشرذم ؟
 ومجموعة من التساؤلات منها :
ما هي المبررات السياسية التي تجعلنا نرفض الحكم الذاتي لشعبنا ؟
هل نستكثر الحكم الذاتي لشعبنا ؟
 هل شعبنا ليس مؤهلاً لأدارة نفسه بنفسه ؟
 هل نعاني من عقدة الخضوع وإننا امام المعادلة القائلة  :  ان نعطي الخد الأيمن لمن يصفعنا على الخد الأيسر ؟
 اليس من حق هذا الشعب ان يحكم نفسه بنفسه بعد قرون وقرون من الخضوع والأستبداد ؟
 إنها حقاً امور غريبة عجيبة ان ينبري نخبة مفكري شعبنا وتنظيماته السياسية وهي تعلن عن رفضها لهذه الحقوق . وأناقش سياسياً الحركة الديمقراطية الآشورية فحسب ، كيف تسمح لنفسها بأن ترفض هذا المطلب في حين ينبغي هي ان تقف في مقدمة من يطالب بالحكم الذاتي لشعبنا . أين شعاراتها القومية ؟ أين تاريخها النضالي التي تدعيه ؟
في الحقيقة إن هذه السلوك إما يكون نتيجة خلافات شخصية بحتة ، او يكون الرفض ناجم عن ضحالة سياسية ، وهذا غير ممكن نظراً لخبرة الحركة في في مضمار اللعبة  السياسية في الساحة العراقية .
إن شعار الأدارة الذاتية المطروح من قبل الحركة الديمقراطية الآشورية كبديل للحكم الذاتي ، قد ثبت فشله بدليل إن لنا اليوم إدارة ذاتية غير معلنة ، فعلى سبيل المثال فإن القوش تابعة لقضاء تلكيف والتي يقف على رأس إدارتها قائمقام القوشي وهو الأستاذ باسم بلو ، وناحية القوش نفسها يقف على رأس إدارتها مدير الناحية الأستاذ فائز جاورو وهو من القوش كما هو معروف . هذا إضافة الى ان الألاقشة يشكلون في القوش الأغلبية في إدارات المدارس والبلدية وجهاز الشرطة ودوائر الصحة .. الخ ، اليس هذا شكلاً من أشكال الأدارة الذاتية التي يدعو لها من يرفع شعار الأدارة كبديل للحكم الذاتي لشعبنا الكلـــــداني (( استخدمت مفردة الكلـــــداني بديلاً للمفردات : الكلــــدانيين والسريان والآشوريين ، وذلك كرد فعل للكتاب الآشوريين وفي مقدمتهم الأب عمانوئيل يوخنا الذي يتعمد استخدام مفردة الآشورية كبديل للمفردات الأخرى وهو يتعمد دائمأً تهميش إدراج قوميتنا الكلدانية ، وكان عليه وعلى بقية الكتاب الآشوريين ، على اقل تقدير ، مراجعة الدستور العراقي المادة 125 التي تذكر الكلــدان والآشوريين او كان ينبغي عليهم قراءة المواد الأربعة لمعاهدة سيفر ( 60 ــ 64 ) التي تضمن حقوق الأقليات القومية غير العربية وهي الأكراد والآشوريون والكلدانيون . أم ان هؤلاء الكتاب عاجزين عن هضم الكلدانيـــــة كقومية عراقية أصيلة . إن الأب عمانوئيل وغيره من الكتاب الآشوريين يرفعون شعار الوحدة القومية وهي تعني عندهم ، إبقاء التسمية الآشورية وإلغاء الكلــــدانية كشرط اساسي لتحقيق تلك الوحدة القومية ، وهذه اسطورة وخرافــــة لا تنطلي على ذي نظر ، لأن القومية الكلدانيــــــــــة لا يمكن إلغائها من تاريخ وجغرافية العراق بجرة قلم  ، وعلى الأب عمانوئيل وغيره من الكتاب الآشوريين الذين يتناكفون على إلغاء  القومية الكلدانية ان يستفيدوا من عبر التأريخ وأن يسترشدوا بمبادئ حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، وإن زمن الوصايات قد ولى زمانه ، واعتقد ان صداماً لم يفلح في الغاء القوميات العراقية غير العربية فينبغي الأستفادة من عبر التاريخ ، وذلك افضل من تكرار نفس الأخطاء )) .   
نعود الى مشروع الحكم الذاتي الذي يشكل نقطة مضيئة تاريخية  لشعبنا الذي طاله الظلم والطغيان على مدار الأزمنة وعبر القرون الماضية .
للحكم الذاتي فوائد مهمة جمة  ليس أقلها ما سيكون لنا من شرف وكرامة وذاتية وشخصية على أرضنا ، وسيكون لنا كيان سياسي في العراق وعلى رقعة جغرافية في وطننا العراقي ، ومن بين امور أخرى سيكون لنا برلمان منتخب من أبناء شعبنا وسيفوز من له الكفاءة والمكانة والمقدرة ، إن اعضاء البرلمان سيمثلون شعبنا من الكلـــــدان والسريان والآشوريين بصورة شرعية ، وسوف لا تتوفر فرص للأدعاء بتمثيل شعبنا خارج إطار البرلمان .
 وفي شأن مهم جداً آخر وهو : ان يكون  لنا حصة من الميزانية العراقية وليس مهماً كم ستكون النسبة المئوية لهذه الحصة  ، إن هذه الأستقلالية في الجانب الأقتصادي سترفع عن كاهل  شعبنا اثقال الهموم الأقتصادية ويمكن ان يكون لشعبنا  شاناً اقتصادياً وصناعياً مميزاً في الوطن العراقي ، وإن هذه الحالة ستنهي تبعية شعبنا ، وسيأخذ حصته التي يستحقها من الميزانية دون منّة او صدقة من أحد ، إنها حصتنا من المواطنة العراقية .
إن هذه المكانة وهذه الحقوق ستغرس المشاعر التي تشعرنا بأننا مواطنين من الدرجة الأولى في وطننا العراقي  ولسنا أهل الذمة او مواطنون من الدرجة الثانية  .
 ثمة مزاعم تقول بأن عشائر عربية سوف تثور وتنتقم إذا ما نال شعبنا حقوقه في الحكم الذاتي في سهل نينوى ، بهذا الخصوص يفيد مصدر مطلع رفيع المستوى بأن عشره من العشائر العربية المتاخمة لمناطق تواجد شعبنا اعربت عن تأييدها في نيل شعبنا مثل هذه الحقوق ولم تبد أي نوع من المعارضة لمثل هذه الحقوق .
إن المطلوب من تنظيمات شعبنا وفي مقدمتها الحركة الديمقراطية الآشورية  وحزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني وبقية الأحزاب ان تضم صوتها الى المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والقوى والأحزاب القومية الخيرة الأخرى التي تطالب بتثبيت حقنا في الحكم الذاتي ،  وفي البداية ان يدون الحكم الذاتي لشعبنا كمادة من مواد الدستور العراقي ودستور حكومة اقليم كردستان .
 إنها فرصة تاريخية ينبغي استثمارها لنيل حقوق شعبنا في ارضه التاريخية ، وهي فرصة  سانحة ايضاً حيث التعاطف الدولي والأقليمي والوطني مع شعبنا لما طاله من تعسف وظلم وتهجير ، لقد آن الأوان لأن يأخذ شعبنا حقوقه التاريخية في وطنه وإن من يقف في طريق شعبنا في نيل هذه الحقوق حتماً سيحاسبه التاريخ ، والتاريخ لا يرحم  . 
إن الحكم الذاتي ينبغي يشكل نقطة انطلاق لتوحدنا وأن يكون نقطة التقاء بين جميع الأحزاب التي تزعم الدفاع عن شعبنا وتأخذ اسماءاً لها من تسميات شعبنا إن كانوا من الآشوريين او السريان او الكلدانييـــن ينبغي على هذه الأحزاب والمنظمات  ان يقوموا بدورهم التاريخي في نيل حقوق شعبنا ، وأن يغضوا النظر عن  الخلافات الشخصية والحزبية والى حين تحقيق هذا المكسب التاريخي لشعبنا ، إنها دعوة مخلصة للجميع .
بقلم : حبيب تومي / القوش

419
       القوش وعنكاوا التباين فـي مواكبـة الزمـن
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no

 

لم تشكل مغادرتي لألقوش من اجل الدراسة ومن ثم العمل الوظيفي عائقاً امام زياراتي المتكررة الى القوش ، وخشية على وشائج المودة من ان تضيع تحت ضغوط  مشاغل الحياة وضجيجها وتعقيداتها ، تعمدت على الأحتفاظ  بسجلي المدني لتسجيل النفوس في القوش ولم انقله الى بغداد او البصرة رغم الصعوبات والمشقات التي كانت تعترض سبيلي في إنجاز المعاملات المتعلقة بذلك ، وهكذا ابقيت سجل النفوس وشيجة قائمة وحجة حتمية لزيارة القوش في فترات متعاقبة .
 وهكذا احتفظت على مدار السنين والعقود  بتصور واضح عن القوش منذ اواخر الأربعينات من القرن الماضي ولحد اليوم ، إن كان هذا التصور عن الظروف السياسية العسيرة التي كانت تمر على هذه المدينة او الظروف الأقتصادية الصعبة التي تنتابها حينما تأبى السماء ان تجود بأمطارها فتسقي حقولها فتمحل الأرض ويجف الزرع وترتفع الأسعار وتتعقد سبل العيش واسباب الحياة .
اما سجل معرفتي بعنكاوا فتشير بداياته الى زيارتي لهذه المدينة اواخر عام 1959 مع وفد كبير من القوش ، وكانت الزيارة للترحيب بالقائد التاريخي للشعب الكردي الملا مصطفى البارزاني والأكراد البارزانيين العائدين من الأتحاد السوفياتي السابق . وفي تلك الفترة كان  الفكر اليساري الثوري يعصف بمخيلتنا ولم تكن ثمة قوة تستطيع تحييدنا عن تلك الأفكار في تلك المرحلة العمرية من الفتوة والشباب  .
ومن بين ما بقي في مخيلتي في تلك السفرة المسافة التي قطعناها بالسيارة من اربيل الى عنكاوا حيث الشارع الترابي الذي يناهز الأربعة كيلومترات وكانت الحقول والأراضي الزراعية تترامى على جانبي الطريق . وبعد ان دار  دولاب الزمن ومرت الأيام والسنون وصادف ان زرت  مدينة عنكاوا في اوائل التسعينات من القرن الماضي ، فألاحظ امامي تقدماً عمرانياً اصنفه بأنه اعتيادي ومألوف بعد تلك العقود من الغياب .
وتشاء الصدف في الزمن الراهن ونحن نقطع اشواط عام 2008 ان اكون في طريقي نحو عنكاوا عبر اربيل ، وانتظرت نهاية تخوم اربيل لنقطع شوط الطريق ( الزراعي ) الفاصل بين اربيل وعنكاوا لكن يبدو ان ذلك الطريق بات من ذكريات الماضي ليس إلا ، إذ بينما نحن في شوارع اربيل اشارا زميليّ العزيزين ضياء بطرس وحكمت حكيم أن تخوم عنكاوا تبدأ من هذه السيطرة ، وهكذا عكفت عنكاوا على النمو العمراني الى ان التحمت مع مدينة أربيل .
 وفي كل المقاييس يكاد الفرق معدوماً في التشييد العمراني بين عنكاوا وبين مدينة اربيل وهي عاصمة اقليم كردستان . وإن جاز لي ان اعبر عن النمو العمراني  في عنكاوا في هذه السنين  فأقول انه نمو جنوني .
في هذا السياق ومن باب المقارنة ، نعود ادراجنا الى القوش التي شهدت توسعاً عمرانياً ايضاً ، لكن بمقارنته بالعمران الذي حدث في عنكاوا فإنه لا يبلغ عشر معشاره ، وعلى مشرحة المقارنة ايضاً نقول كان العمران في القوش متواضعاً بالقياس الى ما أنجز في عنكاوا .
في حديثي مع بعض الاصدقاء في القوش استشفيت انهم مرتاحون لهذه النتيجة ، فحديثهم يدور حول النبع الصافي الذي تنهل منه القوش في الماضي وهم عاكفون على الأحتفاظ بذلك النقاء ، إنهم مرتاحون لتلك النتائج ما دامت ضامنة لسيرورة وجودهم الثقافي والديني والقومي واللغوي ، لقد دابوا على الأحتفاظ بالمقولة الدارجة : ان كربلاء هي المدينة العراقية التي لم يقطن فيها المسيحيون ، والقوش هي المدينة العراقية التي لم يقطن فيها المسلمون ، ليس هذا فحسب بل ان بعض المسيحيون من خارج القوش لم يفلحوا في شراء بيت لهم في القوش والسبب لانهم ليسوا ألاقشة  .
 من هذا المنظار يكون الألاقشة قد خسروا كثيراً ثمناً لأكتفائهم بالنبع الصافي الوحيد الذي ارتضوه لأنفسهم ، وفي الحقيقة انهم غير مهتمين بهذه الخسارة ما دامت تضمن لهم سيرورة الوجود على الصيغة المجتمعية التي ارتضوها لأنفسهم . وفي عين الوقت نلاحظ عنكاوا قد توسعت في كل المجالات وهنالك من ابنائها من استمرأ هذا التوسع ، ولكن بعضهم لا يخف استياؤه من هذا التوسع الذي ربما يبتلع خصوصياتهم في يوم من الأيام .
كان نصيب عنكاوا سخياً من التخصيصات المالية وكانت طبيعة  تحاددها مع اربيل له الدور الكبير في نموها وازدهارها .  كانت ملاحظة خاطفة تلك التي لمحتها في حفلة تناول اول أقامها الصديق نوزاد حكيم احتفاءً بالتناول الأول لطفليه نذرا وبيرتا ، ولبّيت دعوته الكريمة لحضور هذا الحفل العائلي والذي اقيم على حدائق جمعية الثقافة الكلدانية .
ثمة حالة كانت جديرة بالملاحظة وهي حينما تصدح النغمات الكردية شاهدت ، كيف يطرب الشباب والشابات ويستجيبون ويتناغمون في رقصة الدبكة الكردية ، برأيي انها استجابة مجتمعية ثقافية قبل ان تكون رقصة في دبكة طارئة . إن هذه الحالة قد تساعدنا في فهم عدم تجاوب الألاقشة كلياً لهذا الطرف او ذاك ، إن موقع مدينة عنكاوا الكلدانيـــــة في وسط اجتماعي وجغرافي كردي قد جعلها تستجيب وتتفاعل ثقافياً مع واقع الشعب الكردي ، بينما نلاحظ ان الموقع الجغرافي لألقوش والمحادد جغرافياً واجتماعياً واقتصادياً لأقليم كردستان من جهة وللتكوين المجتمعي العربي من جهة اخرى ، قد جعل من هذه المدينة الكلدانيــــــة تحاول ان تبقى محافظة على ثقافتها ويقلقها هاجس الأستجابة المتكاملة مع هذا الطرف او ذاك فتحاول ان تبقى على مسافات متساوية من الجميع ، وربما موقفها يساء تفسيره ، او على الأقل يقال انه يتسم بالضبابية .
برأيي المتواضع ان هذا الموقف ( المتذبذب ) إن صح التعبير هو السبب في عزوف الأستاذ سركيس آغاجان من بناء بيوت سكنية في هذه المدينة في حين لا حظنا البيوت السكنية قد جرى تشييدها في مدننا وقرانا وصرف عليها بسخاء . لكن هذا الباب ( بناء قطع سكنية ) لم يكن له اثر في القوش .
 ثمة امر آخر يمكن التطرق اليه للمقارنة بين القوش وعنكاوا وهو حالة تجهيز الكهرباء ، ففي عنكاوا للأيام الأربعة التي مكثت فيها بمدينة عنكاوا لم ألاحظ تلك الأزمة وتلك المعاناة التي لاحظتها في القوش . في القوش قصة لا تنتهي :
إنه هاجس انقطاع الكهرباء وعمل المولدات ، فمجرد ذكر لاسم المولدات تتشابك الأحاديث وتعلو الأصوات وينطلق مسلسل التهم لهذا الطرف او ذاك . إن هذه المعضلة في الحقيقة هي مشكلة العراق برمته ، لكن ساعات تشغيل المولدات واستيفاء الأجور وغيرها من الأمور المتعلقة بذلك ، يكاد يكون حديث ساخن فيه الكثير من علامات الأستفهام ، وكان بودي كتابة مقال كامل حول هذا الموضوع الذي يعتبر حديث الساعة لكن ذلك يتطلب الأتصال بكافة الأطراف لتكوين رأي متكامل ، ولا أدري إن كان بمقدوري تحقيق ذلك .
اما معضلة الكهرباء فإن المفارقة تكمن في انني قادم من بلاد النرويج حيث يعتبر استهلاك الفرد النرويجي للكهرباء اعلى معدل في العالم رغم ان سعرها مرتفعاً في هذه الدولة . لكن في وطني حيث معدلات الحرارة المرتفعة ، يبقى الأنسان العراقي محروماً او شبه محروم من هذه النعمة ، ولا أدري أين يكمن السبب ؟ إن كان العراق يصدر النفط وهو مصدر رئيسي  لتوليد الطاقة الكهربائية ، وللعراق ايضاً  مليارات الدولارات تكمن في خزائنه ، وله من القدرات الفنية والبشرية ماشاءالله ، فلماذا يبقى العراق بكل هذه الأمكانات عاجزاً مشلولاً  لا يستطيع تحقيق حاجات شعبه من الطاقة الكهربائية ؟
 والى متى تبقى حكومتنا متفرجة على ما يعانيه الشعب العراقي  ولا تحرك ساكناً ؟
 أيها السادة ان كهربة البلاد من واجبكم وعليكم القيام بهذا الواجب .
حبيب تومي / القوش 
   

420
اضواء على المجلس الشعبي .. والحركة الديمقراطية الآشورية
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
 

في هذا المقال سأحاول تسليط حزمة من الضوء على تنظيمين يبرزان على الساحة السياسية لشعبنا ، واسرد بما اعتبره مشتركاً ولا مشتركاً بين التنظيمين وسأحاول ان أقف على مسـافة واحدة بينهما .
 الحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) منذ تأسيسها ولحد اليوم لا تقبل ان تسمى بالحزب ، فالحركة ، اية حركة ، بمفهومها التنظيمي تقبل بصفوفها مختلف الشرائح من ابناء الشعب وربما يكون المنتمون اليها  اعضاء في احزاب أخرى ، فهناك حركات عسكرية كالحركة الكردية وحركات سياسية كالحركة الملكية الدستورية العراقية .
 في هذا السياق تكون الزوعا مقاربة مع المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري الذي لا يعتبر نفسه تنظيماً حزبياً .
الحركة الديمقراطية الآشورية تتغنى وتمجد تاريخها النضالي وهذا حق من حقوقها ، وهي تعتمد بكثير من المواقف على هذا التاريخ وتوظفه لتحقيق مكاسب سياسية ، ورغم اسمها وخطابها الآشوري ، إلا انها تنأى بنفسها عن التحالفات الثنائية مع أحزاب وقوى شعبنا إن كانوا من القوى الكلـــــــدانية او السريانية  او حتى مع الأحزاب الآشورية ، ومقابل ذلك لها تحالفات مع قوى واحزاب سياسية نافذة على الساحة العراقية ، ولها ممثل واحد في البرلمان العراقي وهو الأستاذ يونادم كنا الذي لا يخف نزعته المتزمتة للتسمية الآشورية . وفي مناسبات كثيرة تطرح الحركة  نفسها كممثل للمسيحيين في العراق ، ولها نشاط فعال في بسط النفوذ الآشوري  وأعلاء شأن التسمية الآشورية باستمرار على حساب تهميش  التسميات الأخرى لشعبنا لا سيما قوميتنا الكلدانية العراقية الأصيلة  .
 المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، تنظيم تمخض عن مؤتمر شعبي واسع انعقد مؤخراً في عنكاوا . ورغم ان هذا التنظيم يقف على قمة هرمه التنظيمي الأستاذ جميل زيتو ( كلداني ) ويساعده السيد شمس الدين كيوركيس ( آشوري ) والمساعد الثاني هو السيد سالم يونو ( سرياني ) وأمين المجلس هو جونسون سيواش ( آشوري ) . وإن الأستاذ سركيس آغا جان ( آشوري )  يعتبر نفسه عضواً في هذا المجلس ويبادر الى تعضيده ومساندته في شتى المجالات . وأنا اعتبره الأب الروحي لهذا التنظيم . بهذه التركيبة يبدو جلياً ان قيادة التنظيمين آشورية لكن القاعدة الشعبية للتنظيمين تتشكل بالدرجة الآولى من الكلـدانيين ومن ثم من السريان .
وهكذا يبدو أمام الثقل الديمغرافي لشعبنا الكلداني في التنظيمين معادلة لمقاربة بين التنظيمين لطرح تسميات شعبنا :
 الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري  يطرحان تسمية واحدة مضموناً وشكلاً فالحركة تقول شعبنا ( الكلدوآشوري السرياني ) والمجلس الشعبي يطرح تسمية شعب( الكلدان السريان الآشوريين ) والمضمون واحد كما هو واضح لكن الفرق بين الطرفين ان الزوعا تطرح التسمية كشعار للتداول مع الفرقاء ، إذ انها متشددة لاسمها الآشوري : الحركة الديقراطية الآشورية ، وكان لها فضائية آشور .
 بينما المجلس الشعبي كان اكثر مصداقية وأكثر تفاعلاً مع الشعارات التي يرفعها بشأن التسمية المثيرة للجدل ، حيث اتخذ منذ ابنبثاقه اسم : المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري . وكان موقفه اكثر جلاءً ووضوحاً حينما انفتح على العمل والتنسيق مع القوى  القومية السياسية لشعبنا إن كانت هذه القوى القومية كلدانيــــة او سريانية او آشورية .
لقد طرح المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري شعار تحقيق الحكم الذاتي لشعبنا ، وبرأيي الشخصي المتواضع فإن شعبنا من حقه ان يكون له شخصية وكيان ذاتي وهذا من ابسط حقوقه فإننا في عصر نهوض الأقليات وحصولها على حقوقها ، فلماذا يكون شعبنا مهمشاً ؟ ماذا يمنع ان يكون له حكم ذاتي في وطنه بالتوصل الى اتفاق مع الحكومة المركزية العراقية في بغداد او مع حكومة اقليم كردستان ؟
 من خلال الطروحات التي نطالعها بين الفينة والفينة يبدو ان الحركة الديمقراطية الآشورية تعارض هذا التوجه ، وباعتقادي ان الحركة ينبغي ان تكون في مقدمة من يعرض ويعاضد اعلى مستوى من الحقوق التي نستحقها إن كان على مستوى عرضها على الحكومة العراقية المركزية في بغداد او على نطاق حكومة اقليم كردستان ، لا سيما وإن الحركة تعرض نفسها في مناسبات عدة وفي بعض المحافل الدولية والأقليمية بأنها تمثل المسيحيين في العراق . رغم تحفظ الكثير إن لم يكن اكثرهم من المسيحيين على هذا الأدعاء ، وحتى ولو اكتفينا بالمفهوم الديني لهوية شعبنا كما تعرضه الحركة في بعض المناسبات ألا نستحق ان يكون لنا حكم ذاتي على هذه الأسس ؟
 بنظري بدلاً من ان نسعى الى إقناع بعضنا البعض في جدوى الحكم الذاتي ويشغلنا الجدل وربما الصراع من اجل طرح المطلب ، ينبغي علينا ان نوحد جهودنا وننادي  بصوت واحد للمطالبة بحقوق شعبنا بما فيها الحكم الذاتي لشعبنا  .
 كيف يمنحنا الآخر هذه الحقوق ونحن مترددون في طرحها ؟
 إن جبال الجليد ينبغي ان تذوب لتقريب وجهات النظر ولتوحيد الخطاب في عرض مطالب شعبنا ، إن سفينتا ايها السادة مشرفة على الغرق ويتسرب اليها الماء وستغوص في الأعماق  إن لم نتسارع الى سد وردم  الثغرات التي تفرقنا .
وإذا تحدثنا بلغة الأرقام سنلاحظ مدى هشاشة جدالاتنا وتوجهاتنا القومية الأقصائية امام هذه الأرقام المخيفة . لقد كان الوجود السكاني لأبناء شعبنا من الكلدانيين والسريان والآشوريين قبل السقوط يقدر بحوالي مليون وربع من مجموع السكان العراقيين المقدرة بحوالي 28 مليون نسمة ، ويقدر عدد المهاجرين الى دول الجوار بحوالي 2 الى 3 مليون نسمة ، ويقدر عدد المسيحيين الذين غادروا الوطن بحوالي 600 ألف نسمة أي ان نسبة هجرة المسيحيين بكل تكويناتهم القومية بلغت حوالي 50% من العدد الكلي ، فيما لم تتعدى هذه النسبة بين المسلمين بكل تكويناتهم المذهبية والقومية نسبة 6 ـ 8 % ، وهذا خلل ديمغرافي خطير يهدد وجود شعب اصيل على ارضه وترابه ، وهكذا ينبغي على جميع الأطراف الأجتماع والتداول والتحاور بغية الأتفاق على الأهداف الأستراتيجية لشعبنا بما فيها مسألة الحكم الذاتي لشعبنا من الكلدانيين والسريان والآشوريين .
إن ما تيقنت منه  في زيارتي الى الوطن  ايها السادة هو :
إن ما يهدد وجودنا وينخر كياننا ليس تنوع تسمياتنا التاريخية ، إن السرطان الذي ينخر كياننا هو الهجرة ونزيفها الذي سيقضي على وجودنا في الوطن العراقي فهل نعمل شيئاً من اجل ايقاف هذا النزيف ؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي ان نجيب عليه جميعاً وهو مطروح امام تنظيماتنا السياسية بما فيها الحركة الديمقراطية الاشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وكل القوى الأخرى إنه سؤال الساعة وينبغي الأجابة عنه  اليوم وليس غداً .
 حبيب تومي /القوش

421
نواقيس خطر الهجرة تقرع عالياً تنذر بنهاية شعب اصيل
 بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no

 

ثمة من يرى في عنوان هذا المقال بعض المغالاة إذ كيف ينقرض شعب عريق من ترابه وأرضه وجذوره التاريخية تتأثل الى سحيق الأزمنة ؟ وهل من اليسير انهاء وجود شعب من ارضه ونحن نولج عتبة الألفية الثاثة ؟
لكن بتوجيه ابصارنا نحو الواقع سوف نلمس ان المعادلة الديمغرافية لوجودنا تنحدر بشدة نحو تفريغ الوطن من هذا المكون التاريخي .
مع الخيوط الذهبية لشمس الأصيل وعلى حدائق جمعية الثقافية الكلدانية ، وبمبادرة من المجلس القومي الكلداني في القوش ،  كان لقاءً صريحاً مع من لبى دعوة الحضور وفي مقدمتهم الأستاذ فائز جهوري مدير ناحية القوش وممثيلن لأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في القوش وجمهور طيب من الألاقشة الكرام ، كما وتجشم عناء السفر وحضر الندوة ممثلي لمنظمات المجلس القومي الكلداني في باقوفا وباطنايا ، ومن عنكاوا شرفني كل من الزميل جنان جبار والدكتور حكمت حكيم والأستاذ ضياء بطرس  السكرتير الأول للمجلس القومي الكلداني .
كانت الندوة تحت عنوان " معاناة شعبنا في الداخل والخارج " لكن في نهاية المطاف لموضوع الهجرة حضور فرض نفسه على المواضيع الأخرى .
 أجل هنالك معضلة الهجرة والتي تقرع نواقيس الخطر منذرة بنهاية شعب تتفق جميع الأطراف العراقية السياسية والأثنية والدينية على ان هذا الشعب ( من الكلدانيين والسريان والآشوريين) هم بمثابة الهنود الحمر في اميركا والسكان الأصليين في استراليا .  لكن مع هذا تلوح في الأفق القريب نهاية وانقراض هذا الشعب الشعب من الوطن العراقي ، وقد يقول قائل لي : انت آخر من يحق له التحدث عن الهجرة وأنت واحد من المهاجرين ، وأعطي الحق لمثل هذا التساؤل ، لكن في الحقيقة ان  المعضلة لا يمكن ان نحصرها في دائرة الأشخاص بقدر ما هي مشكلة لها جذورها وينبغي التصدي لها بجهود مشتركة  .
 الندوة التي جمعتنا لم تكن بغية وضع حد لأيقاف النزيف بقدر ما كان الهدف تسليط حزمة ضوء على تلك المشكلة المستعصية .
 الهجرة البشرية كانت قائمة دائماً في كل العصور التاريخية ، وفي مدننا وقرانا كانت تستجيب لهذه الهجرة تحت الضغوط الأقتصادية بشكل رئيسي الى جانب عوامل اخرى منها سياسية وأخرى اجتماعية لكنها في كل الأحوال لم تشكل خطراً محدقاً يهدد وجود شعب برمته على ارضه .
الهجمة على شعبنا بعد نيسان عام 2003 كانت اكثر ايلاماً من تلك التي  دارت احداثها الأستئصالية للمسيحية من المدن العراقية اثناء حملة تيمورلنك في مطاوي العقد الأخير من القرن الرابع عشر الميلادي . لكن في الراهن كان استهدافاً منظماً للكنائس المسيحية وللأقليات الدينية وفي مقدمتهم المسيحيين الذين تخلوا عن المطالبة بحقوقهم القومية والدينية والسياسية فكان همهم يتمحور حول البقاء على قيد الحياة وإيجاد الملاذ الآمن ، ولا زالت بيوتهم في بعض مناطق بغداد  يستحوذ عليها المسلمون تحت ذرائع مختلفة .
    إن الأستاذ المالكي رئيس الوزراء يحث مواطنيه للعودة الى الوطن والمساهمة في بنائه ، ولا ريب انها دعوة كريمة . لكن لا زال هذا النداء سابقاً لاوانه لا سيما فيما يتعلق بالأقليات الدينية . فالعوامل التي أرغمت هذه الأقليات على سلوك طرائق الهجرة ما انفكت قائمة في بغداد وفي مدن اخرى .
ينبغي الأشادة  بالجهود التي بذلت من قبل بعض الأطراف ، في مقدمتها حكومة اقليم كردستان وكذلك الجهود التي بذلها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري إن كان عبر بناء بيوت سكنية لنازحين من بغداد او من مدن عراقية أخرى ، او من خلال تقديم بعض المعونات او المساعدات المادية . بنظري ان هذه المعونات عملت بشكل وآخر على تخفيف المعاناة عن شرائح كثيرة من ابناء شعبنا إن كانوا من الكلــــــدان او السريان او الآشوريين ، لكن من باب المصارحة ، فإني اعبر عن  تحفظي على الطريقة التي صرفت فيها تلك الأموال ، والتي تعتبر في كل المقاييس اموال طائلة .
لقد رافقت الأستاذ جميل زيتو مع زملاء آخرين في رحلة الى كرملش وبغديدة وبرطلي وبعشيقة ، وكان الحديث عن منجزات ومساعدات مالية لمختلف الأنشطة الأجتماعية والفنية والرياضية .. وثمة ابنية سكنية شيدت وقاعات جميلة وكنائس عمرت بفخامة ، وفي هذا السياق تنتصب في القوش صروح معمارية في مجملها تخدم الكنيسة ، إن كان في بناية المطرانية او في بناء آخر على ربوة جبلية شمال غربي القوش ، او عبر دير الماسيرات  الكائن في شمال القوش ، او دار الأيتام الملاصق لدير السيدة ، كما شاهدت في عنكاوا بناية الجمعية الثقافة الكلدانية الفاخرة  ، إن كل هذه الصروح وغيرها كثير لها منافع وفوائد ليس الى نكرانها سبيل .
ولكن ... وكلمة ولكن .. هي للاستطراد والتساؤل ، ما مدى استفادة المواطن العادي من هذه الصروح العمرانية ؟ ما مدى مساهمة هذه الصروح في ايقاف نزيف الهجرة والذي نحاول استقصاء اسبابه بغية الحد منه .
 لا ريب ان اعمال البناء قد وفرت اعمال لشباب يعانون من البطالة وهذا وجه ايجابي آخر لهذه الأبنية ، لكن مدى فائدة هذه المباني بمفهوم الجدوى الأقتصادي وتوفير وظائف شاغرة على المدى الطويل لعاطلين عن العمل سيكون محدوداً ، وربما يكون هذا التوجه امر طبيعي ، فإن رجل الدين يفكر في بناء كنيسة او دير او مدرسة لا هوتية قبل غيره من المشاريع الأستثمارية إن كانت زراعية او صناعية او سياحية ، وتوجه رجال الدين لا غبار عليه ولا اعتراض عليه في الحالات الطبيعية ، لكن سؤالي هو الآتي :
 ما فائدة هذه الكنائس وهذه الصروح العمرانية الجميلة ، إذا كان روادها قد غادروا البلد ؟ حيث سيمسي الوطن  مجرد ذكريات جميلة وعزيزة على القلب ليس إلا ؟
برأيي المتواضع كان علينا ، ( ولا زال امامنا )  ، متسع من الوقت كي  نفكر كيف نشد اواصر التلاحم والتواصل بين الأنسان مع ارضه وترابه . وباعتقادي ان الثقات يتفقون معي أن هذه الوشائج لا تتلاحم بقراءة قصائد وأشعار في حب الوطن ، وليس في إلقاء الخطب السياسية النارية ، وليس عبر المواعظ الدينية في قداس يوم الأحد .
إنما نشد هذا الأنسان على ارضه بتوفير الحياة المعاشية ، بتوفير الملاذ الآمن بتوفير فرص عمل بالوظائف وبالأعمال التجارية والعمرانية والزراعية والصناعية والسياحية وغيرها  ، حينما يشعر هذا الأنسان انه مواطن من الدرجة الأولى ويزاول في وطنه عملاً مهماً  هذا هو السبيل القويم لربط الكائن على ارضه .
 أنا لا انكر وجود عوامل مؤثرة أخرى منها ضعف الخدمات العامة ونقص الكهرباء ومصادر الطاقة المستخدمة في النقل والتدفئة ، وضعف الخدمات الصحية والصرف الصحي وغيرها من الخدمات التي تعتمد على البنية التحتية المنهارة في بلد عانى طوال عقود من الحروب الداخلية والخارجية والعمليات الأرهابية وغيرها من العوامل السياسية والأجتماعية القاهرة .
 نحن امام مشاكل عويصة لا يمكن حلها باجتهادات فردية مهما كانت من العلم والمعرفة ، ومهما بلغت المبالغ المصروفة ، فينبغي ان يكون هنالك طرق مدروسة لصرف تلك المبالغ لتصب في القنوات المختلفة لصالح وفائدة هذا الشعب التائه في مسالك وطنه المحفوفة بالمخاطر وبين ركوب المخاطر عبر الغابات والسبل  والبحار لبلوغ مكان آمن له ولعائلته بعد ان قلعت جذوره من وطنه .
تجدر الأشارة الى  فكرة تراوندي دائماً ، وهي تشجيع الزواج والأنجاب بين شبابنا  لزيادة النسل ، فكما هو معلوم إن الدول الأوروبية الغربية واليابان  تعاني من الخلل الديموغرافي في عزوف الكثير من البنات عن الأنجاب ، ولهذا تطرح الدولة مغريات مادية وخدمية للتشجع على الحمل والأنجاب ، فلماذا ونحن نعاني من هذه الآفة ، لا نحاول تشجيع الأنجاب في مدننا وقرانا ، كان ندفع تكاليف الزواج ، وإن تمنح الأم مكافئة مادية عن كل طفل تنجبه العائلة ، مع مساعدات خدمية وصحية للأم وطفلها ، كل ذلك وغيره من الخطوات يساعد بصورة وأخرى في زيادة نفوسنا بعد نزيف الهجرة المتواصل ، إنها افكار نتمنى ان يكون لها صدى على الواقع المعاش ، لا سيما من قبل الجمعيات والمنظمات والشخصيات التي تلمك في يدها امكانيات مادية ، وقد يكون الأستاذ سركيس أغاجان وهو احد ابناء شعبنا المخلصين وربما يستطيع ان يقوم بدور كبير في هذا المضمار ويستطيع ان يساهم بقوة بهذا المجال .
وسيظل السؤال قائماً :
هل نفعل شيئاً لايقاف هذا النزيف ؟
 حبيب تومي / القوش
   

422
حكومة المالكي والحكم الذاتي لشعبنا وتمثيله في البرلمان بقلم : حبيب تومي / القوش
Habeebtomi@yahoo.no
 

تشكل الأقليات الدينية والعرقية العراقية ركناً اصيلاً من تكوينات الشعب العراقي المجتمعية ، وقد ساهمت هذه الأقليات ببناء الحضارات العراقية ، وإذا شخصنا في هذا المقال الدور التاريخي الذي لعبه المسيحيون في العراق سنتوصل الى حقائق مثيرة تفيد بأنهم قبل الفتح الأسلامي كانوا يشكلون الأكثرية الساحقة من المكوناة الدينية العراقية ، حيث كان اصحاب الديانة المسيحية هم الذين يشكلون الأكثرية الديمغرافية في هذه الأصقاع ، إن كانوا من الكلدان او العرب او الآشوريين او الأكراد او السريان ، والى جانب اقليات دينية  تشكل نسباً  قليلة من الديانات الأخرى كاليهودية والزرادشتية والمانوية واصحاب الديانات الوثنية المعروفة وقتذاك .
بعد الفتح الأسلامي في القرن السابع الميلادي ورغم مساهمة المسيحيين في بناء الحضارة الأسلامية الجديدة وسعيهم لبناء دولة عربية متقدمة ، إلا ان القوانين المجحفة التي تحط من قدر اصحاب الديانات اللاإسلامية ، والضرائب المرهقة التي فرضت على اصحاب هذه الديانات افرزت ظروف عسيرة ، فكانت اعداد غفيرة تلتحق بالديانة الجديدة المنتصرة ، وهكذا بمرور السنون والعقود والدهور سجلت الغلبة لاصحاب الديانة الأسلامية وكان ميزان الثقل الديموغرافي يصب في خانة الديانة الأسلامية وعلى حساب الديانة الرئيسية السائدة يومئذِ في العراق وهي الديانة المسيحية .
 وبمرور اربعة عشر ونيف من القرون الهجرية كانت الديانة المسيحية بمهدها في بلاد ما بين النهرين مهددة بالأضمحلال والأنقراض ، وجاءت الحملة الأولى على يد الطاغية تيمور لنك ، الذي انهى بوحشية الوجود المسيحي في مدن العراق الرئيسية ، واصبح مصيرهم متعلقاً بلجوئهم الى المناطق الجبيلة العاصية .
بعد 9 نيسان 2003 كانت الأنتكاسة الثانية والخطرة التي  استهدفت الأقليات اللاأسلامية منهم اليزيدية والصابئة المندائيين والمسيحيين بكل تكويناتهم من الكلــــدان والسريان والآشوريين والأرمن .
ونحن نعترف بالمقولة التي تقول ان الأرهاب قد استهدف كل مكوناة الشعب العراقي ، ولا خلاف على ذلك لكن هذه الحقيقة الساطعة التي تقابلها والتي تعتمد على لغة الأرقام التي لا تقبل الجدل تقول :
إن الهجرة قد طالت الآلاف من المسيحيين والأحصائيات المحايدة  المعتدلة تقول بأن عدد المسيحيين في العراق قبل 2003 كان بحدود مليون وربع المليون نسمة واليوم بعد مرور خمس سنوات من الأرهاب والأغتيال والخطف والتشريد هبط عددهم الى حوالي 600 ألف نسمة اي ان الهجرة والتشريد شملت حوالي 50 بالمئة من المسيحيين بكل تكويناتهم القومية . ونسال : هل شكلت هجرة المسلمون 50 بالمئة من نفوسهم أي هل هاجر حوالي 14 مليون مسلم من العراق ؟
من المؤكد ان العدد لم يصل الى هذه الملايين وبهذا تكون الأقليات القومية والدينية غير الأسلامية ، رغم ضآلتها ، لها حصة الأسد من الظلم والقتل والتشريد .
اليوم بعد ان لاحت بوادر الأستقرار والسلام في سماء وافق الوطن العراقي بات من حقنا ان نفكر ملياً ونطالب بحقوقنا .
 فيما مضى من السنين دأبنا على المطالبة بحمياتنا وكان جلّ طموحنا يتمحور حول البقاء على قيد الحياة ، واليوم يمكن ان يكون لنا تصور حول حقوقنا واعتقد الجهة المعنية بالدرجة الرئيسية هي الحكومة العراقية المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان .
والآن نستعين مرة اخرى بالتاريخ ونصادف في عهد الدولة العثمانية التي كانت تعني بحقوق الأقليات على اسلوب نظام الملل ، فكان الحاخام اليهودي هو الرئيس الديني والزمني لليهود ، ونظام الملل هذا كان يطبق على المسيحيين في الدولة العثمانية ، وتشير المصادر أن المسيحيين شهدوا نمواً ديموغرافياً واقتصادياً في عهد الأمبراطورية العثمانية ، ولا يدخل في مقالنا ايراد هذه الأرقام .
وإذا انتقلنا الى العهد الملكي نلاحظ تمثيل مسيحي كلــــــداني في الدولة العراقية حيث كان لهذا القوم موقف مشهود في تأسيس الدولة العراقية الحديثة على انقاض الأمبراطورية العثمانية  بعد الحرب الكونية الأولى . ولهذا كان الشعب الكلـــــداني يحظى باهتمام خاص من مؤسس الدولة العراقية الملك فيصل الأول ، حيث كان البطريرك الكاثوليكي للشعب الكلداني عضواً في مجلس الأعيان المتكون من عشرين عيناً يجري تعيينهم من الملك مباشرة من وجهاء وقادة العراق المشهورين ، وكان لليهود والمسيحيون مقاعد ثابتة في مجلس الأمة المنتخب ، فكان لليهود اربعة اعضاء ومثلها للمسيحيين وبعد عام 1948 أصبحت ثمانية مقاعد من حصة المسيحيين فحسب .
أين تقف حكومة المالكي من هذه الحصة الثابتة ( الكوتا ) ؟ ويمكن القول ان حكومة اقليم كردستان قد حسمت هذا الأمر وأعطت خمسة مقاعد ثابتة في البرلمان الكردي ونتمنى ان تقتدي حكومتنا بهذا الأجراء وتمنح شعبنا مقاعد ثابتة في البرلمان العراقي وحسب نسبتنا من السكان التي كانت تشكل 3 بالمئة من السكان قبل العمليات الأرهابية التي طالت شعبنا ، أي تكون نسبة تمثيلنا كالتي كانت في العهد الملكي اي 8 اعضاء .
 إن شعبنا من الكلــــدان والسريان والآشوريين ينبغي ان يكون لهم حكم ذاتي تضمن لهم حقوقهم بعد معاناة استمرت مئات السنين إن هذه الشريحة العراقية الأصيلة ينبغي ان تنصف وتكافئ  بما يناسبها من حقوق وامتيازات بعد كل هذه السنين من الظلم والقهر والأستبداد . إن حكومة المالكي وحكومة اقليم كردستان ينبغي ان يتعاونا على منح حقوق قومية واسعة لشعبنا على اعتبار ان هذا الشعب هو من السكان الأصليين في هذه الأرض .
 هنالك قضية مهمة جداً وهي ، ان ايقاف هجرة هذا القوم ينبغي اشعارهم بأن حقوقهم مضمونة ومن هذه الحقوق حصتهم من الميزانية العراقية  وينبغي ان يكون لهم 3 بالمئة من الميزانية العراقية لتعمير مناطقهم وفتح المشاريع الأنمائية لأيقاف نزيف هجرتهم الى خارج الوطن .
 إن المسيحيين العراقيين إن كانوا من الكلدان او السريان او الآشوريين ، إنهم أخلص الناس لهذا الوطن وإن كانوا قد ساهموا ببناء حضارته العريقة في سيرورة التاريخ العراقي فإنهم اليوم من العاملين الأوفياء المخلصين لهذا الوطن ولبنائه وتطوره وتقدمه .
المطلوب من حكومة المالكي إنصاف هذا القوم العراقي الأصيل ومن حكومة اقليم كردستان تعزيز وتعضيد هذا القوم لمنحهم المزيد من الحقوق القومية  والأجتماعية والأقتصادية والسياسية ، وإن منحهم الحكم الذاتي يشكل العلامة الصريحة لهذا الوفاء .  إن مكافئة وأنصاف شريحة اصيلة من تكوين النسيج المجتمعي العراقي  ينبغي ان يقع على عاتق الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان . وبارك الله كل الجهود الخيرة التي تعمل على خدمة شعب العراق وفي مقدمته الأقليات العراقية المظلومة .
 حبيب تومي / القوش

423
          القوش ما أحلى الرجـوع اليـكِ
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no


كان السائق الشاب الكردي الذي نقلني بسيارته من جسر ابراهيم الخليل في زاخو الى القوش يسرع بسيارته الجديدة وهي تلتهم الطريق ، وهو ( السائق ) لا يدري ان قلبي يخفق بتسارع اكثر من سرعته حيث سأظفر قريباً برؤية حبيبة عزيزة الى قلبي وقد قطعت الاف الأميال للقاء معشوقتي ( القوش ) ، كانت شمس الغروب تسكب انوارها مودعة يوماً يصبح من عداد الماضي ، واعدةً بأن نورها سيسكب من جديد لبناء يوماً جديداً في سجل الزمن السرمدي  .
 لقد كانت مشاعر الشوق والحنين يزداد خفقانها حينما عكف السائق الشاب يسمعني الأغاني الشجية القديمة لمحمد عارف جزراوي  .
كان منظراً مهيباً وانا اقترب من القوش فينتصب جبلها الرائع بشموخ يعانق اعنان السماء ويحتضن حبيبته القوش كما تحتضن الأم الرؤوم طفلها الوحيد . إجل ايها الجبل كم انت رائع كم انت وفيّ لألقوش ، لقد كنت ايها الجبل ملجاً امينا وفياً  لابناء القوش اليوم والأمس ومنذ آلاف السنين .
 كات دهشتي لاول وهلة من التوسع العمراني الذي امتد على جوانب القوش فتبدو البلدة وكأنها نسر عظيم ماداً جناحيه نحو الافاق عاكفاً على الأنطلاق نحو السماء ، فكانت لحظة مؤثرة جمعت بين قلبي وبين حبيبتي الغالية القوش . كان لقاءً رائعاً وعزيزاً لا يعرف طعمه ولا يمس اوتار قلبه ويداعب وجدانه إلا من ترك الوطن واكتوى بنار النوى والبعد عن الحبيبة الغالية ، ومع دمعة ساخنة انحدرت من مقلتي ّ رددت مع نفسي ما احلى الرجوع اليكِ .
كل شئ في مكانه منذ ان تركت القوش من سنين وعقود وربما منذ الآلاف السنين جبلها هوائها النقي حقولها المترامية سمائها الصافية الزرقاء المرصعة بآلاف اللألئ ولياليها القمراء الملهمة لانسياب الخيال والمشاعر وانطلاق مكامن  الابداعات الفنية والأدبية . أجل ان لوحة السماء في ليالي القوش تعتبر من اللوحات الأزلية لابداعات الطبيعة لهذه المدينة التاريخية .
 اليست القوش مدينة مار ميخا النوهدري ؟ والذي تعتبر مدرسته في القوش من المدارس الأولى التي أنشأت في بلاد ما بين النهرين ؟ ووقتئذٍ كانت البلدات والمدن العراقية غارقة في لجة الجهل فيما القوش تتبارى مدرستها في ميدان العلوم واللغة والاداب .. أليست القوش منذ القرن السادس الميلادي هدفاً وملجأً  للربان هرمز الذي قصدها وأنشأ ديره العتيد في جبلها الشامخ ؟ وهذا الدير يعتبر ضرباً من ضروب المعالم التاريخية الأثرية العراقية والذي قل مثيله حتى على النطاق العالمي .
وسنعود بالزمن قبل ميلاد السيد المسيح بقرون عديدة ليستقر في هذه الأرض النبي ناحوم الذي ينسب الى القوش في الكتاب المقدس ( ناحوم الألقوشي ) . وبعد ذلك او قبل ذلك هذه كهوفها وآثارها الباقية تشير الى ان هذه الأرض المعطاء كان مسكناً ومستوطناً بشرياً يتأثل الى حقب تاريخية موغلة في القدم . وبعد ذلك اليس من حقي ان اعشق هذه الدرة الثمينة وأحملها في قلبي وضميري ووجداني اين ما احط الرحال في ارض الله الواسعة ؟ اليس من حقي ومن حق الألاقشة المغتربين ان تنبض قلوبنا دوماً بمحبة القوش الحبيبة ؟
إن القوش تتجمل ويشمخ اسمها بما يحققه ابناؤها من اخلاص وشجاعة وتفاني ونجاح في مضامير الحياة . لقد فقدت كثير من الأصدقاء الأحبة ولكن التقيت بأصدقاء طيبين مخلصين آخرين اكثرهم اصغر مني عمراً لا بل ان بعضهم بعمر اولادي فكانت سعادتي كبيرة بان التقي بهكذا شباب  مثقفين طموحين نحو العمل والمثابرة  لاستكمال ما بدأه الآباء والأجداد على أديم هذه الأرض الطيبة .
 إنها حالة رائعة ان يشعر المرء بأن ثمة شباب اوفياء مخلصون يتطلعون  ويتفانون ويتعهدون  بأن يحملوا راية الثقافة والأبداع وخدمة القوش وخدمة الوطن العراقي العزيز . إنه مبعث للتفاؤل بان الحياة مستمرة وتتقدم نحو الأمام مع هذا الجيل من الشباب المحب للعمل والتضحية في شتى مجالات الحياة ولا احبذ الأشارة الى الأسماء لأنه ربما يفوتني اسم فأكون قد الحقت الغبن باسم ذلك الشخص الطيب .
في العقود الماضية كنت ازور القوش باستمرار ، وجميع الألاقشة يتذكرون بمرارة ايام كان العسكر يضعون نقطة تفتيش في مدخل المدينة ، فكانت الأغلال تكبل هذه المدينة التاريخية ، وكان التعسف والأهانات والظلم يطال ابناء هذه المدينة ، وفوق ذلك كان الحصار الأقتصادي ، فالصعوبات المعيشية كانت تزيد من وطئتها تلك الأجراءات التعسفية الظالمة ، وكان الألقوشي الذي يوفر مبلغاً من المال لشراء بعض المواد الغذائية لعائلته إن كان من اللحوم او من الفواكه والخضر كانت هذه السيطرة تستكثر ذلك الغذاء على الألاقشة الأوفياء فتصادر تلك المواد او تتلفها ، وبهذه العملية اللاأخلاقية واللاإنسانية كانت السلطات تحاول ان تحتقر وتسئ الى هذه المدينة العراقية الأصيلة والتي عرفت بمواقفها الوطنية المشهودة الثابتة ، فكانت مواقفها المشرفة من الحركة الوطنية العراقية عموماً وموقفها الثابت المؤيد لثورة الشعب الكردي الذي كان يخوض معركة تقرير المصير مع الحكومات المتعاقبة على العراق عبر عقود من الزمن .
من الأحبة الذين التقيت معهم كان الصديق نوئيل عوديش ومن بين ما حدثني كان تفاؤله وسعادته بما يحققه الشباب الألاقشة من تقدم ملحوظ  في شتى الميادين منها الثقافية والرياضية والفنية ، إن كان في مجال الرسم او الموسيقى او التمثيل وفي كل المجالات . أنها الحرية ، نعم  الحرية ، وهل هناك اثمن من الحرية ؟ أنه الهواء النقي لانطلاق الأبداع والمشاعر الوجدانية ، انهم يتنفسون الهواء الطلق دون سموم ودون ضغوط  ودون اجبارهم على محاباة لشخص او جهة  ، وهكذا كانت الخطوات الأولى في دنيا الأبداع والتقدم الفكري والفني .. .
التقيت بأناس من محبي العمل في المجلس القومي الكلداني وحضرت اجتماعاً لهذا المجلس وكان يحضره الأستاذ ضياء بطرس  وكانت قرأءتي لهذا المجلس انه ينطلق من جديد بتصميم وبروح وثّابة ، ثم كانت زيارتي لجمعية الثقافة الكلدانية في القوش ومع الصديقين العزيزين نوئيل عوديش وداود جاورو ، قمنا بزيارة الجمعية الثقافية والأجتماعية في القوش ومقر الحركة الديمقراطية الآشورية وزرت مقر نادي القوش العائلي ، كما زرت الأستاذ مدير ناحية القوش الذي يرى كل السعادة في خدمة مدينته الحبيبة القوش ، وسنزور مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني ، كما ان جمعية الثقافة الكلدانية بالأشتراك مع المجلي القومي الكلداني سينظمان لي لقاء ندوة حول نزيف الهجرة . وسأكتب تفاصيل اخرى عن هذه السفرة الى الوطن ، وبصراحة فإن الوطن عندي يتبلور في في ضميري في  بؤرة صغيرة هي الحبيبة القوش ، نعم انها القوش انها الوطن وما احلى الرجوع اليها .
 حبيب تومي / القوش   
   






424
محاولة لمقاربة اقليم كردستان وسنغافورة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no






بقراءة عنوان المقال يتبادر الى الذهن تساؤل : لماذا لا احاول مقاربة العراق مع سنغافورة ؟ بدلاً من اقليم كردستان . فأقول : إن بوصلة العراق لا زالت تائهة عن منارة التقدم والتطور ، وإن المواطن العراقي لا زال في داخل اسوار جمهورية الخوف ، وإن وحش الأرهاب ما فتئ يعيش في مخيلتهم ، وإن حملات الحكومة رغم انها حققت بعض النتائج ، لكن كما هو معروف فإن الوحش لا يمكن ترويضه بمداعبته . فالعراق لا زال امامه قطع اشواط كثيرة  للوقوف مع المتسابقين والانطلاق في مضمار التقدم بين الأمم ، والمعروف ان للعراق فرص مواتية اكثر من غيره وينتظره مستقبل زاهر ، إذا خرج من حالة اختلاط المفاهيم وضياع المقاييس بين اختيار طريق التصنيع والنهوض والتطور وبين مفاهيم صناعة الشعوذة وترويج الغيبيات والبكائيات وعذابات القبور ومحاربة الرياضة وتحريم الموسيقى وتغييب السينما والفنون ...   
لهذا سنبقى في كردستان العلمانية التي اختارت البناء والنمو والتطور منارة ترصد بوصلتها وتوجهها نحو الوجهة الصحيحة الخلاقة . بقي ان نعرف لماذا اخذنا سنغافورة كمثال يقتدى به .
بدايات سنغافورة تتحدث عن جزر موبوءة بمرض الملاريا ويسكنها صيادو السمك وقد طغى عليها الفقر بسبب قلة مواردها الطبيعية ، وقد طردت من الأتحاد الماليزي لكونها عالة على هذا الأتحاد .
بدأت سنغافورة كبلد متخلف وأراد رئيس وزرائها ( لي كوان يو ) ان ينتشلها من مستنقعها ، الى روضة البناء والتقدم اراد ان يأخذ بيدها من العالم الثالث الى العالم الأول . وكان الطريق عسير على السلوك ، إذ كيف تنهض ببلد وشعبه يعاني من الأمية والتأخر والقذارة بحيث تقرأ داخل المصعد عبارة ( ممنوع البول في المصعد ) كيف توقض هذا الشعب من سباته لتوصله الى دائرة الأمم المتقدمة ، فحينما استلم لي كوان يو السلطة في عام 1975 وأول اعماله قام ببناء عمارت وشقق سكنية لذوي الدخل المحدود لكن هؤلاء طفقوا يجلبون معهم دجاجهم وأغنامهم الى الطوابق العليا اما اصحاب الشقق في الطوابق السفلى فحولوا شققهم الى محلات بيع السكائر والحلويات والخردوات .
شن رئيس الوزراء حربه الأولى مع القذارة وفرض الغرامات العالية لمرتكبي هذه المخالفات فأصبحت بلاده مضرب للامثال في النظافة وبنفس المستوى شن حملاته على الفساد وعلى الجهل وباتت جامعاتها ودور التعليم اهم المراكز التعليمية في العالم وبعد ذلك كان اتجه نحو البناء والصناعة والأقتصاد  فكان تألق سنغافورة اقتصادياً وأحرزت مكانة مرموقة  اتغدو واحدة من اهم النمور الأقتصادية في العالم .
نأتي الى تجربة اقليم كردستان الذي يتطلع ويسعى بخطى حثيثة لتحقيق التقدم ، وبينما كان هذا الأقليم يعاني من الفقر والمرض والجهل وكذلك العزلة والتهميش ، فكان وصول صحفي اوروبي من المغامرات الى كردستان العراق من المغامرات المحفوفة بالمخاطر ، ويعتبر ذلك حدثاً مهماً بالنسبة الى كردستان ، والسبب ما كان يفرض على المنطقة من تعتيم اعلامي ، وحصار اقتصادي وأهمال صحي وتربوي .. ناهيك عن جعل الأقليم ساحة مفتوحة للعمليات العسكرية التي تطال حتى القرى النائية .
اليوم يشار الى نموذج اقليم كردستان بالبنان كتجربة رائدة ينبغي دعم التجربة اولاً والعمل على تعميمها على كل اجزاء العراق . لا مراء ان البدايات كانت متواضعة ، لكن الأستقرار الأجتماعي والسياسي الذي خيم على الأقليم ، والذي يعود بشكل رئيسي على النهج العلماني الليبرالي الذي تنهجه حكومة الأقليم ، وبعد ذلك القوانين والضمانات القانونية لرؤوس الأموال المستثمرة هذه الجوانب شكلت القاعدة المتينة في جذب المستثمرين .
يصرح هيرش محرم رئيس هيئة الأستثمار في اقليم كردستان ان حجم الأستثمارت الأجنبية والعربية في الأقليم خلال 18 شهر المنصرمة بلغت 18 مليار دولار ، وإن شركة داماك الإماراتية وحدها قد وقعت عقداً مع حكومة اقليم كردستان لانشاء مدينة سياحية في اربيل ، ولا ريب ان السياحة تعتبر ركناً هاماً لجذب السياح وهي صناعة وطنية مربحة وإن طبيعة كردستان ومناخها وتضاريسها وجبالها الجميلة تعتبر من المناطق السياحية ويمكن ان تحتل مراكز متقدمة في جذب السياح بعد إكمال هذه المشاريع .
إن حكومة اقليم كردستان التي وضعت امامها منهجاً اقتصادياً تنموياً ، وإن تطوير اقليم كردستان يعني تطوير جزء من الوطن العراقي ، وهكذا يكون تطور الأقليم يعني تطور العراق ، ومن هذا المنطلق يسعى رئيس وزرائها الأستاذ نيجرفان بارزاني بالعمل الدؤوب وبمرونة سياسية ملفتة ان يحل كل القضايا العالقة  بحكومة المركز في بغداد .
 إن وضع المصلحة العليا للوطن العراقي كهدف منشود لكل الفرقاء سيزيد احتمالات الحل لكل القضايا العالقة ومنها مسالة عقود النفط التي ابرمتها حكومة الأقليم مع الشركات الأجنبية ، وأمور اخرى مهمة عالقة وفي مقدمتها قضية كركوك التي كانت بمثابة بركان آيل الى الأنفجار في أية لحظة وما هو مطلوب اليوم هو حل المشكلة بعقلية متفتحة وروح ديمقراطية وتغليب مصلحة الوطن .
إن محاولة التقريب بين اقليم كردستان وسنغافورة ليس بالأمر اليسير فأمام الأقليم طريق طويل ينبغي سلوكه ، فإضافة الى الجانب الأقتصادي وجذب الأستثمار ،والحراك السياسي والدبلوماسي لربط الأقليم عبر قنوات دبلوماسية بالمجتمع الدولي ،فأمام اقليم كردستان جوانب مهمة ينبغي تحقيقها ، منها تعزيز الجبهة الداخلية في تثبيت الأمن والأستقرار وتعزيز الأسس الديمقراطية والتسامح بين المكوناة المجتمعية في الأقليم ، والعمل الدائب على مكافحة الفساد الأداري والمالي ، ومن ثم العمل على تقديم الخدمات الضرورية للمجتمع ، الكهرباء ، البنزين ، والوقود بأنواعه والخدمات الصحية والتربوية .. هذه الأشياء وغيرها تجعل من اقليم كردستان واحة خضراء ومساحة نموذجية بالمنطقة يشار اليها بالبنان ، إن ما يبعث على التفاؤل هو اختيار الأقليم الجادة الصحيحة للنهوض بالأقليم ووضعه مع الركب الأنساني الحضاري ، ليبرهن للعالم ان الأنسان الكردي له رغبة وإرادة للمساهمة الجادة في بناء الحضارة الأنسانية .
 حبيب تومي / اوسلو   

425
شعبنا ضحية تصادم وتضارب مصالح احزابنا القومية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


في هذا المقال سوف نحجم عما تعرض له شعبنا من ظلم وتنكيل وأرهاب وتهجير على يد العصابات السائبة  والتنظيمات الدينية الراديكالية المسلحة وغياب الدولة وإشاعة السلاح ، ومن اهمال الحكومة بالدرجة الأولى .
سنبقى في دائرة الأمور الذاتية الداخلية لمراجعة الحقيقة القائلة ( أعرف نفسك ) . ولنفرض انها محاولة لجلد الذات او ممارسة لنقد ذاتي نحن بحاجة الى تحريكه خشية تأسن وفساد المياه الراكدة .
من هي الجهات التي تدّعي تمثيل شعبنا ؟ وما هي مقومات هذا التمثيل ؟ ولماذا تكون هذه الجهات هي المخولة بالتصرف في مصائر شعبنا إن كان من الكلــدان او السريان او الآشوريين ؟
في البداية كانت الكنائس التي تمتعت تاريخياً ـ لا سيما في العهد العثماني ـ بقدر كبير من السلطة الزمنية على الرعية إضافة الى سلطتها الروحية . في العهد الملكي ، كان للشعب الكلداني او المسيحيين بصورة عامة لهم ممثل واحد ثابت في مجلس الأعيان الذي يتكون من وجهاء وأعيان البلد ( مثل مجلس اللوردات في بريطانيا ) ، وكان في اغلب الأوقات يشغل هذا المنصب البطريرك الكلــــداني ، ويجري تعيينه من قبل الملك مباشرة .
إضافة الى مكانة الرجل الديني في الشأن السياسي فهناك وجهاء ورجال اعمال ومثقفين وأكاديميين يستلمون وظائف ومناصب رفيعة ومنهم من كان يدخل في البرلمان او يستلم وزارة من الوزارات . وبعد 9 نيسان 2003 ظهرت على الساحة السياسية العراقية تنظيمات سياسية لشعبنا اغلبها ، إن لم يكن جميعها تحمل طابع قومي ، إن كان باسم الآشوري او الكلداني او السرياني ، وهي تنظيمات وأحزاب سياسية معروفة .
تفوقت المنظمات والأحزاب ذات النزعة الآشورية بالبروز والظهور على الساحة السياسية العراقية مقابل ظهور متواضع للمنظمات والأحزاب الكلدانيـــــة والسريانية .
الذي حدث ان الأحزاب الآشورية لم يسعدها بروز احزاب ذات نزعة سريانية او كلدانية ، وشنت في البداية ، وبعضها لا زال يشن حملة شعواء بهدف عدم بروز هذه الأحزاب في الساحة السياسية العراقية ، ومن اجل عزل هذه الأحزاب تنازلت الأحزاب الآشورية عن بعض مبادئها وثوابتها في مفهوم الأمة الآشورية ، بغية كسب تأييد الجماهير الكلدانيــــة ، وطرحت تسمية الكلدواشورية كتسمية سياسية لهذا أبقت منظماتها على الأسم الآشوري المجرد ، وفي سياق هذا التكتيك أضافت اسم السريانية على التسمية .
 في الحقيقة لا يمكن تطبيق ما تصبو اليه الآحزاب الآشورية من إلغاء الكلدانية كقومية عراقية اصيلة .
وكمثال غير حصري لقد ورد في المادة 62 من معاهدة سيفر المبرمة عام 1920 عن ضمان حقوق الأقليات الدينية والقومية العراقية تقول :
((( تتولى هيئة تتخذ مقرها في اسطنبول مكونة من ثلاثة أعضاء ... وفي حالة عدم توافر إجماع في الآراء بصدد أي قضية يحيل الهيئة المذكورة كل الى حكومته وينبغي ان توفر الخطة ضمانة كافية لحماية الآشوريين والكلدانييــــــــــــــن والجماعات العرقية او الدينية الأخرى .. الخ  ))) .
  فشعبنا الكلداني كان له حقوق يعترف بها المجتمع الدولي وليس اختراعاً آنياً من اجل تمزيق الوحدة القومية لشعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين . ومن يحاول ان ينتقص من حقوق شعبنا الكلداني سوف لا يختلف عن أي قومي متعصب ومتشدد يرمي الى إقصاء القوميات الأخرى عن الساحة .
إن محاولات إلغاء او دمج اسمائنا لتحقيق مآرب سياسية لا يوحّد شعبنا مطلقاً ، حتى لو افترضنا أننا نجبر على القبول بالتسمية الاشورية فلا يعني اننا قد ( توحدنا ) . ولدحض هذه الفرضية نأخذ الأمة العربية من المحيط الى الخليج ، فلها تسمية قومية واحدة وهي التسمية ( العربية ) ولها لغة واحدة وهي اللغة العربية ولها دين واحد وهو الدين الأسلامي ، ومع هذا نلاحظ ان الأمة العربية امة مقسمة الى دول ، ولا يربطها خطاب سياسي واحد وكل من هذه الدول العربية لها مصالحها التي توصلها احياناً الى العداء وربما الى الحروب فيما بينها . فيتعين ان يكون هناك تفاهم اسمى وأعمق من مسالة التسمية ، فإن توحدنا اليوم او غداً تحت اسم واحد ، فتكون خرافة واسطورة اننا حققنا الوحدة لان تسمية واحدة . وهذا ما تتشبث به الأحزاب الآشورية القومية وبعضهم يحفل قاموسهم السياسي بمصطلحات العمالة والخيانة لمن يتجرأ ويقول ان قوميتي كلدانية ، ان تكون عميلاً او خائناً ببساطة تعني انك تعمل لحساب دولة اجنبية ضد مصلحة بلدك وهذا لا ينطبق علينا نحن الكلدانيون فتكون هذه تهمة باطلة .
 عموماً ان هذه المصطلحات في طريقها الى الأنحسار ، إلا في بعض الدول والأحزاب الشمولية ، فنطلب من أشقائنا في الآحزاب الآشورية ان تراجع نفسها وتتراجع عن مفهومها الخاطئ المتزمت بأن من يتسمى بالكلدانية يعتبر ممزق لنسيج وحدة الأمة . برأيي ان هذه الأحزاب بحاجة الى ( مراجعة النفس ) ونبذ الأوهام في خلق المزيد من الأعداء ، ومن ثم نبذ الوصاية التي اعلنوها على آرائنا وأفكارنا .
احزابنا السياسية التي تغلب عليها النزعة القومية ينبغي الاعتراف بأن بينها نوع من الصراع ، وهذا الصراع باعتقادي هو نتيجة تضارب المصالح فكل حزب يريد ان يكون له حصة الاسد من المكاسب والمناصب ، إن كان في حكومة الأقليم او في الحكومة المركزية ،  واعتقد ان هذا حق طبيعي ومشروع لكل حزب ، لكن المسألة تتجاوز هذه الرغبة ، إذ ينتقل هذا الخلاف بين هذه الأحزاب الى الأفراط  بحقوق شعبنا ، ومسالة منح شعبنا الحكم الذاتي خير دليل لطغيان هذه الخلافات على الأتفاق على حقوق شعبنا .
إن من اولويات هذه الأحزاب إن كانت آشورية او سريانية او كلدانية عليها ان توحد خطابها السياسي ، وهذا ما نلمسه في بقية مكوناة الشعب العراقي ، فهذه الأحزاب الشيعية قد وحدت خطابها وكذلك الأحزاب الكردية ، لكن تبقى احزاب شعبنا مشتتة  و( تجر بالطول والعرض ) كما يقال ودون نتيجة .
ولكي اكون اميناً ولا اجانب الحقيقة فينبغي الأشارة الى ان هنالك تنسيقاً للعمل المشترك بين المنبر الديمقراطي الكلداني والحزب الوطني الآشوري وجمعية الثقافة الكلدانية وحزب بيث نهرين الديمقراطي ، وأخيراً انضم الى هذا التجمع المجلس القومي الكلداني ، وثمة وثيقة عمل مشتركة بين هذه الأحزاب والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، وفي الوقت الذي نشيد ونبارك هذا التفاهم والتقارب ، نأمل ان تبادر القوى السياسية الأخرى لشعبنا للانضمام الى هذا التجمع ، وإذ نلاحظ اسماء تنظيمات كلدانية بشكل رئيس نأمل من الاخوة في الحركة الديمقراطية الآشورية  ان تسعى الى التعامل مع الأخرين من مكوناة شعبنا ، وهم من اخوانهم ، ومن ابناء شعبهم بندية وأخوية دون نظرة فوقية ، وأعتقد ان هذا التنظيم سيتعزز حينما تنضوي الحركة الديمقراطية الآشورية وحزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني الى هذا التجمع ، وهذا سيزيد من زخمه ، ، ويمكن ان يشكل ذلك فاتحة لبلورة وتوحيد الخطاب بين كل مكوناة شعبنا وبنيات صادقة مفعمة بالتفاهم والأخلاص والأخلاقية وتجرد . ودون ان ينظر الى المسألة من منظور الخسارة والربح  . وحينما نهمش جانب الخسارة والربح والمنفعة الذاتية ، سيسود مبدأ الضغط الأخلاقي بدلاً من ضغط المصلحة .
فهل نفعل ؟
 حبيب تومي / اوسلو

426
مصائر الحكم الذاتي لشعبنا وغياب الصوت الكلـــداني
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


في العشرين من كانون الأول 1969 كان دارا توفيق ممثلاً للبارزاني والقيادة الكردية للتفاوض في بغداد مع الحكومة ،وأثناء الأجتماع ساله صدام حسين فجأة :
صدام حسين : ما الذي لا يجعلكم تسألون عن الحكم الذاتي ؟
فأجابه دارا : أأنتم مستعدون لسماع هذه الكلمة دون ان تستفزكم ؟
 اجل كانت عبارة الحكم الذاتي تعني الكثير ويجري تأويلها على انها انفصال او انها السبيل المؤدي الى الأنفصال . لقد ناضل الشعب الكردي ، وكانت قيادة الثورة الكردية لا تتجرأ لرفع سقف مطالبها الى الحكم الذاتي .
اليوم وعلى خلفية ما طال شعبنا من قسوة وظلم ، هنالك تفهم وتعاطف لمعاناة  شعبنا  وليس من العسير ان يكون ثمة تقبل لمنحه أي شكل من اشكال الحكم الذاتي في وطنه العراق .
الحكم الذاتي هذا الموضوع المهم ادخل في نفق المصالح والصراعات الحزبية لشعبنا لا سيما الأحزاب الآشورية المهيمنة على مصير شعبنا من الكلدانيين والسريان والآشورين ، نحن نقدر تحالفات هذه الأحزاب مع أحزاب وقوى سياسية عراقية ومبدئياً لسنا ضد هذه التحالفات والألتزامات المترتبة عليها والمعروف ان عالم السياسة هو عالم تحقيق المصالح ولا غبار على ذلك ، لكن المسالة الأخلاقية في مواقف كثيرة تقضي التريث قبل الانزلاق الى مستوى الوقوف ضد طموحات تحقيق حقوق شعبنا في وطنه .
مصائر الحكم الذاتي الذي يمثل السقف الأعلى لمطالب شعبنا يتعرض الى تهكمات واستخفافات لا مبرر لها لاسيما من قبل الزملاء الكتاب الذين يتغزلون بخطاب الحركة الديمقراطية الآشورية ، باعتقادي ان هذا الأسلوب لا يمكن ان يقودنا الى الطريق الأمثل لتحقيق ما يصبو اليه شعبنا .
                          وهذه قراءتي للطروحات حول الحكم الذاتي
ـ هنالك خلل يشوب العلاقات بين الأحزاب السياسية لشعبنا وأخص بها الأحزاب الآشورية التي تمسك بيدها الخيوط الرئيسية لمصير شعبنا حيث تحتكر السلطة والمال والأعلام ، وهنالك تخندق يطفو على السطح في مجمل العلاقات بين الحركة الديمقراطية الآشورية والمنظمات المجتمع المدني التابعة لها من جهة ، ومن الجانب الآخر الأحزاب والتنظيمات الآشورية الاخرى ـ الحزب الوطني الآشوري والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري .
 لقد اطلق المجلس الشعبي .. والحزب الوطني الآشوري شعار الحكم الذاتي لشعبنا ، ولكن الحركة الديمقراطية الآشورية التي تنادي بحقوق شعبنا طرحت البديل بالأدارة الذاتية او الأدارة المحلية .     
     وسؤالي هو :  إن كان المجلس الشعبي .. والوطني الآشوري قد طرحا شعار الحكم المحلي هل كانت الحركة طرحت مشروع الحكم الذاتي ؟ نكاية بهذين التنظيمين ؟
بنظري ان الحركة الديمقراطية الآشورية  تحسب  ان المباردة  بهذا الحجم وحول هذا الأمر الخطير ، كان ينبغي ان يكون بمبادرتها وليس من قبل قوة غيرها فتحقيق الحكم الذاتي مهما كان مضمونه وسقفه ينبغي ان يمر عبر بوابة الحركة الديمقراطية الآشورية وليس غيرها .
  حسب قراءتي إن كانت الحركة حسبت هذا الحساب سيكون مفهوم اديولوجي خاطئ .
نحن ننطلق من مصلحة شعبنا ومن المؤكد ان الحركة الديمقراطية الآشورية واحزاب شعبنا الأخرى لها نفس الأنطلاق وتبرمج لخدمة شعبنا ، فلا يوجد بين احزاب شعبنا احزاب مخلصة وأخرى خائنة ، إنما هنالك اختلاف في ميكانزم العمل والرؤية السياسية ، ونحن نقدر التحالفات الجانبية التي تربط  احزاب شعبنا بأحزاب وقوى عراقية سياسية أخرى تعمل على الساحة السياسية العراقية ، لكن كما قلنا إن هذه التحالفات يتعين الا ترتقي الى التصادم مع مصالح شعبنا .
إن المحافظة على وحدة العراق وسلامته ووحدة اراضيه هي امنية مشتركة لجميع قوى شعبنا ، وليس ثمة من يريد الأفراط بوحدة التراب العراقي ، وهذه الحقيقة معلومة للتكوين المجتمعي العراقي إن كان من الأكثريات او الأقليات ، فمطالبة شعبنا بالحكم الذاتي او بإدارة ذاتية او أي شكل من أشكال الممارسة الذاتية للحقوق ، لا تعني مطلقاً الأنسلاخ من التراب العراقي ولا تعني مطلقاً اننا مع الأكراد ضد العرب ، او مع العرب ضد الأكراد ، فالأكراد انفسهم ليسوا ضد العرب فلماذا يترجم المطالبة بسقف معين من الحقوق على انه ضد العرب .
 إن الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان والبرلمان العراقي وبرلمان كردستان يتعين على هذه الجهات ان تنصف شعبنا من الكلدانيين والسريان والآشورين وكل الأقليات التي طالها الاضطهاد والأهمال والتهميش من قبل السلطات والأنظمة البائدة التي تعاقبت على حكم العراق .
 إن الطريق الأسلم لخدمة شعبنا لا يعني توجيه الضربة القاضية لمن طرح هذا الشعار او ذاك ، فالحوار والمناقشات والتفاهم هي الأسس الرشيدة للوصول الى افضل صيغة لخدمة شعبنا الذي ندعي نحن جميعاً بالنطق باسمه والدفاع عنه دون ان نحقق شئ ملموس له ولكننا غارقين في لجة الصراعات وكل يوم نخلق اسباب مشروعة لنؤجج نار الصراعات .
 الغريب كما قلت ان الاحزاب الآشورية هي التي تمسك بيدها الخيوط السياسية والأعلامية والمالية ولكن المشكلة ان هذه الأحزاب تصور نفسها على حلبة الصراع وكل جهة تتربص لتوجيه الضربة القاضية لايقاع الخصم ، ولكي اكون منصفاً اقول : إن جميع الأحزاب الآشورية والمتعاطفين معهم يلجأون بشكل وآخر الى تهميش قوميتنا الكلدانية وهذا توجه غير منصف ويصب في خانة اللاأخلاقية السياسية ويمثل قمة التعصب الأعمى الذي لا مبرر له . لكن من الأنصاف ان أقول ايضاً ان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري يسعى الى الأنفتاح الى الآخر ويظهر ذلك من تعاونه مع احزاب قومية كلدانية وأملنا ان لا تكون هذه أيضاً مناورة للألتفاف على شعبنا الكلداني كالتي سلكتها الحركة الديمقراطية الآشورية .
إن الجدلية القائمة حول الحكم الذاتي تدور بين أحزاب آشورية كما قلت وشعبنا الكلداني والسرياني ليس لهما صوت مسموع في هذه المعادلة والجدلية التي تدور رحاها على المواقع الألكترونية ووسائل الأعلام الأخرى
إن الواقع الكارثي لشعبنا اليوم والذي يتلخص في إقصائه من مدن الجنوب والوسط والموصل وما يتحمله من المصائب والمآسي من اقصاء من الوطن والرحيل نحو المجهول وطلب المعونة والمساعدة من المنظمات الأنسانية ، إن هذا الواقع المرير  يحتم على القوى السياسية ان تنسى خلافاتها وان تنبذ وتبتعد عن محاولات الخسارة والربح وانتهاز الفرص للاجهاز على الخصم ، ينبغي ان ننطلق من ارضية اننا شعب واحد وليس احزاب سياسية عديدة إنها فرصة تاريخية .
 المعروف ان شعبنا قدم سفراً طويلاً إن كان في بناء الحضارات القديمة للعراق او المواقف التي وقفها شعبنا منذ تأسيس الدولة العراقية ، أو إن كان على نطاق مساهمتنا في الوقوف الى جانب الشعب الكردي وهو يكافح عبر عقود لنيل حقوقه .
علينا العمل بإخلاص وشفافية للاجابة على اسئلة ضرورية :
ـ اين تقف الحكومة المركزية في بغداد من مشروع الحكم الذاتي لهذه الشريحة العراقية الأصيلة ؟
 ـ ما هو موقف حكومة اقليم كردستان من مشروع الحكم الذاتي المطروح ؟
ـ هل يكون مشروع الحكم الذاتي مرتبطاً بأقليم كردستان ام بالحكومة المركزية ؟
ـ ما هي المناطق الجغرافية التي يشملها الحكم الذاتي ؟
هل هي مناطق سهل نينوى الممتدة من شمال الموصل باتجاه البلدات والقرى المسيحية الرابضة في هذا السهل الواصل الى سهل القوش ؟
وهل يشمل هذا التقسيم ليمتد الى بغديدا وكرملش وبرطلة ؟ ما مصير القرى والبلدات في اقليم كردستان ؟
ـ ما هي مواقف الأطياف الأجتماعية الأخرى لا سيما الأقليات منها والتي تتشابك مع شعبنا في تداخل جغرافي واقتصادي واجتماعي وتاريخي ؟
ما هي اسس التعاون والتفاهم مع هذه الشرائح والتي طالها الأضطهاد والتهميش وطمس الحقوق ايضاَ ؟ هل يمكن ان نشكل وحدة إدارية مشتركة ؟
ـ ما هو موقف الأكثريات في المنطقة من العرب والأكراد ؟ هل يمكن ان نتفاهم مع هؤلاء لوضع اسس من الجيرة الطيبة تحت لواء العراق الواحد ، وإن هذه الحقوق ليس لها مساس بهذه الوحدة ؟
ـ هل نرضى بإدارة ذاتية متواضعة  تشمل شؤون إدارية وثقافية لا اكثر كالحقوق الثقافية التي شرعت في عهد صدام حسين والتي عرفت بحقوق الناطقين باللغة السريانية ؟
هذه النقاط وغيرها ينبغي إدراجها في برامج العمل للاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني لشعبنا لكي نخرج جميعاً بصيغة مقبولة من شعبنا ومن القوى الأخرى التي نتداخل ونتفاعل معها جغرافياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ، إننا مع هذه القوى جميعاً تربطنا هوية اصيلة أنها الهوية العراقية .
هل ننتظر توجيه الضربة القاضية لخصمنا في مكوناة شعبنا ؟ هل نستخف ونتهكم على ما تطرحه الحركة الديمقراطية الاشورية ؟ او المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري او الحزب الوطني الآشوري ؟ او الحزب الديمقراطي الكلداني ؟ او المنبر الديمقراطي الكلداني او المجلس القومي الكلداني ؟
 إنها مسؤولية تاريخية كبيرة تتحملها هذه الأحزاب .
 وبنظري ان تكف الحركة الديمقراطية الأشورية بالنأي بنفسها بعيداً عن القوى الأخرى فالغرور ليس عملية سياسية رشيدة ، لقد قرأت عن وجود لجنة تنسيقية بين أحزاب شعبنا وإن المجلس القومي الكلداني انضم الى هذا التنظيم مؤخراً ،  لكن تأسفت حينما قرأت ان اللائحة لا تضم الحركة الديمقراطية الآشورية .
لنخرج من قوقعة التخندق الحزبي ومحاولات الأقصاء وتهميش المكوناة القومية لشعبنا وننطلق نحو الهواء الطلق في التعبير عن مصالح شعبنا الذي نتكلم باسمه ونستمد قوتنا من قوته ، إنه وقت الحوار الأخوي البناء وليس وقت التربص لتسديد الضربة القاضية الى الخصم ، فنحن لسنا خصوم نحن شعب واحد .
سوف نحاول نحن الكلدانيين ان نتحمل المزيد من تغييب صوت شعبنا الكلداني من أجل عيون تحقيق طموحات شعبنا المسيحي عموماً .
 حبيب تومي / اوسلو 
 

427
        التيار الصدري .. هل يقدم الشكر لامريكا ام يحاربها ؟  
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 

ليس من الإطناب والمبالغة في القول  بأن التيار الصدري له قاعدة عريضة في العراق تنبسط  مساحتها عبر مدن في وسط  وجنوب العراق ، وما تمثيل التيار في البرلمان العراقي بـ 30 نائباً إلا  ما يؤكد مدى نفوذ هذا التيار في الساحة السياسية العراقية . التيار الصدري مركز جذب لطبقات كادحة يلفها الفقر والمرض والجهل ، وفي العاصمة العراقية بغداد يكون اعلى تمركز لهذا التيار في مدينة الثورة التي شادها عبد الكريم قاسم وأطلق عليها اسم مدينة الثورة ، وحينما اطاح عبد السلام عارف بحكم عبد الكريم قاسم  اطلق عليها اسم مدينة الرافدين ، ثم اطلق عليها صدام حسين مدينة صدام وأخيراً بعد الأجتياح الأمريكي اصبحت مدينة الصدر . لقد كان ابناء هذه المدينة في كل العهود التي مرت على العراق بعد عهد عبد الكريم قاسم ، اول من يضحون وآخر من يستفيدون .
في عهد صدام كان مجلس قيادة الثورة الحاكم في العراق منذ سنة 1968 جميع اعضائه من السنة دون أي تمثيل يذكر للشيعة ، وكان شيعة العراق طيلة تلك العقود في وضع لا يحسد عليه ، ولهذا نشطت احزاب شيعية سرية تعمل على إسقاط نظام صدام في العراق ويقف في مقدمة هذه الأحزاب حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الأسلامية .
لم يكن بمقدور قوى المعارضة العراقية إن كانت من القوى العلمانية او من الأحزاب الأسلامية التصدي لصدام حسين ولم يكن بمقدور ايران ، العدو اللدود لصدام ، من اسقاط النظام ، لا بل لم يكن ثمة قوة على الأرض تستطيع اسقاط نظام صدام ، لكن اميركا الدولة الوحيدة بالعالم التي كانت مؤهلة وتملك القوة والمقدرة لاطاحة نظام صدام  فاستطاعت بسرعة قياسية من تقويض حكم صدام وألقاء القبض عليه وتقديمه الى المحاكمة لينفذ بحقه حكم الأعدام .
كانت الأحزاب الدينية الشيعية هي المستفيد الأول في انهيار حكم صدام حسين ، وهيمنت على مقاليد الأمور في العراق وتبوأت المراكز الرئيسية في سلم الحكم في العراق ، وفي مقدمة هذه المناصب منصب  رئيس الوزراء ووزارات سيادية اخرى . كان التيار الصدري في مقدمة المستفيدين من الكعكة إن كان على مستوى المناصب السياسية او من المنافع الأقتصادية . اما على نطاق الدول المجاورة فإن أيران كانت المستفيد الأول والأوحد من المشروع الأمريكي في العراق وسارعت على ملئ الفراغ الأمني وباتت ايران تمسك بيدها خيوط كثيرة من الشأن العراقي منها تحريك المجاميع المسلحة على الساحة العراقية كما تشاء ، وإن ما اثبته السنين الماضية فإن دور ايران لم يكن بناءً ولم يكن في مصلحة الوطن العراقي ، إن الحضور الأيراني قابله غياب عربي واضح لتخلو الساحة العراقية كلياً للمشروع الأيراني .
في نهاية المطاف تكون امريكا  قدمت مقاليد الحكم العراق للأحزاب الدينية الشيعية بطبق من ذهب حيث تغيرت احوال هذه الأحزاب بين ليلة وضحاها وذلك بفضل اميركا . لا ابتغي ان اكون محامياً لامريكا ، لكن بعيداً عن المصطلحات والتعريفات السياسية فإن من المبادئ الأخلاقية تقتضي ان يقول الشيعة واحزابهم الدينية شكراً لامريكا ، وبالأمس قال الشعب الكويتي شكراً لامريكا لتحرير ارضه من القوات العراقية الشقيقة المحتلة  .
 في اعقاب 9 نيسان 2003   تشكلت العشرات من الجماعات المسلحة السنية وتحت مسميات وولاءات  مختلفة  وكان هدفها الرئيسي طرد المحتل الأمريكي من البلاد واطلقت على نفسها اسم المقاومة ، وكان جلهم من السنة الغاضبين الذي يشعرون بالتهميش بعد اطاحة حكم صدام حسين وتشكيل حكومة يهيمن عليها الشيعة .
 إن موقف هذه الجماعات تبدل جذرياً بعد ما لمس سكان المناطق السنية والتي كانت تحتضن مقاتلين من القاعدة حيث كان هؤلاء يفرضون تطبيق انظمة اسلامية متشددة على المجتمع  بفرض النقاب على النساء وقواعد صارمة اخرى حولت حياة السكان الى ما يشبه العيش في سجن كبير ، فكان الحل الوحيد بتشكيل قوات الصحوة المعروفة والتي عكفت على التعاون مع القوات العراقية والأمريكية ضد مسلحي القاعدة ، وكان هذا عامل حاسم وخطوة مهمة في استقرار العراق .
إن الأحزاب السياسية الدينية الشيعية التي تمسك بزمام الأمور في العراق لها اسلوبها الخاص في العمل السياسي حيث ان لكل حزب من هذه الأحزاب ذراع عسكري متمثل في وجود ميليشيات مسلحة تابعة له وإن التيار الصدري لم يشذ عن هذه القاعدة فكان له جيش المهدي ، إن المراقب للمسيرة السياسية للتيار الصدري يلمس بوضوح افتقار التيار الى رؤية سياسية ناضجة بحيث تتلائم مع قاعدته الشعبية العريضة .
المراقب يلاحظ قرارات من قبيل خروج التيار من الحكومة ، مقاومة الأحتلال اعلان وقف اطلاق النار .. مقنعون يجوبون الشوارع ، عمليت اغتيال واختطاف .. كل هذا والتيار له حضوره في البرلمان العراقي ، ومؤخراً رفع التيار شعار مقاومة المحتل الأمريكي ، وذلك عن طريق قوات خاصة مختارة من جيش المهدي . في الحقيقة لا تفسير منطقي لهذا الزعم سوى ان التيار يأخذ من مقاومة المحتل  قميص عثمان لتمرير اجندة تخالف القوانين وفرض اجندته عن طريق القوة .
 إن كل فريق عراقي ينظر الى الأمور من زاوية معينة ويرى الحق الى جانبه وله تحالفاته وارتباطاته وإن موقفه هو الصحيح وإنه يمثل الأرادة والوطنية والمصلحة العامة ، والتيار الصدري ايضاً يريد ان يظهر انه يمثل السيادة الوطنية ، ويريد من امريكا ان ترحل ، وإنه بصدد قيام بعمليات عسكرية لمقاومة المحتل ، وكأن العراقيين الآخرين لا يريدون ان يرحل المحتل .
 إن الأطراف الخارجية التي تلعب بمقدرات العراق يبدو انها لا تكترث لمعاناة الشعب العراقي ترفع شعارات المقاومة لكي تمرر اجندتها ، فإن رحلت امريكا وأبقت في العراق حكومة ضعيفة لا تستطيع الصمود امام تحديات الميليشيات التي تساندها ايران فإن الجو يخلو لايران لكي تستفرد بالساحة العراقية ، إن ايران اثبتت في السنين الخمس الماضية إنها ليست جارة تريد الخير للعراق ، إنها تحاول ان يكون العراق تابعاً لها لا حول ولا  قوة له .
إن التيار الصدري الذي اعلن مؤخراً مقاومة المحتل بقوات نوعية خاصة من جيش المهدي يعني استئناف العمليات التي غالباً ما تكون على حساب دماء الأبرياء من الشعب العراقي ، وإن العمليات  التي قامت بها فصائل المقاومة إن كانوا من السنة او الشيعة فإن المواطن العراقي كان الضحية والتضرر الأول من هذه العمليات التي كانت تأخذ شعاراً مقاومة المحتل في حين تفجر الأسواق والكنائس والجوامع والتجمعات السكانية العراقية فيقال هذه مقاومة للمحتل ، ناهيك عن الأتاوات وعمليات الخطف والأبتزاز التي كان يتعرض لها المواطن العراقي باسم هذه المقاومة ، وللامانة ينبغي ان نذكر ان هناك عمليات ارتكبت من قبل عصابات اجرامية محترفة ولصقت باسم جيش المهدي فالمقنعون يرتكبون الجرائم ان كانوا من الجيش المهدي او من العصابات حيث يختلط الحابل بالنابل .
 إن المطلوب من التيار الصدري ان يراعي معاناة الشعب العراقي ويعمل على رأب الصدع في البيت العراقي وإن يراعي في المقدمة مصلحة الوطن العراقي  قبل كل شئ .
 حبيب تومي / اوسلو   
 

428
                        وشـعبنا الكلــــداني يصرخ وينـادي .. أيـن حقـي ؟
بقلم / حبيب تومي / اوسلو
habibtomi@yahoo.com

الكلدانيون قوم عراقي وديع  اصيل ، جغرافيتهم أرض العراق بجبالها وسهولها وأنهارها وفلاتها وهضابها . تاريخهم يتأثل في عمق تاريخه وإصالة حضاراته . عكف الكلدانيون على السكن في ارجاء وطنهم العراقي بجنوبه وشماله ووسطه ، إنهم يعايشون الأقوام العراقية بانفتاح وهوية عراقية  وبعيداً عن اية حساسية ، إنهم أكراد مع الأكراد وعرب مع العرب ومسلمين مع المسلمين ويزيدية مع اليزيدية .. إنهم يخاطبون اليزيدي باللهجة الكردية الكرمانجية والمصلاوي باللهجة المصلاوية والبصراوي باللهجة البصراوية والآشوري باللهجة الآشورية ، ولكن مع هذا الأنفتاح والأنسجام مع الآخر انهم كلدانيون قوميون دون تعصب وهم باقون على لغتهم الكلدانيــة وليس الى نسيانها سبيل .
عن وضع شعبنا في عهد صدام اقول بتجرد من العواطف والأهواء ان عهد صدام حسين تميز بالمساواة والعدالة في توزيع الظلم على الناس دون تمييز بين شرائح وأقوام النسيج المجتمعي العراقي ، فمن يعارضه مصيره محتوم وليس مهماً ان يكون هذا المعارض سني او شيعي كردي او عربي ابن الفاو او ابن سليمانية او ابن تكريت إن كان من الدين المسيحي او اليزيدي او الأسلامي وكان هذا الحكم جارياً على اقرب مقربيه وابعد الناس اليه في كل انحاء العراق  .
وإذا قلنا كان الظلم يطال المسيحيين في زمن صدام ينبغي التريث قبل إطلاق مثل هذه الفرضية فالمسلم لم يكن سالماً او محصناً ضد الظلم ، والظلم يطال المسيحي ليس بسبب دينه إنما بسبب موقفه السياسي .
بعد 9 نيسان 2003 حينما تبوأت الأحزاب الدينية زمام السلطة في العراق ، بات العراق مرتعاً للفوضى والأرهاب والتهجير والعنف الطائفي وهذه الحالة المأساوية تركت جرحاً بليغاً على الأقليات الدينية من العسير ان يندمل وكان شعبنا الكلــــــداني في مقدمة من طالهم الأرهاب حتى وصلت يد الأرهاب الى اعلى رموزه الدينية حينما  خطف في واضحة النهار المطران الكلــداني فرج رحو واغتيل فيما بعد بدم بارد .
ادعى بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي للعراق بعد 9 نيسان 2003 انه يراعي الثقل الديموغرافي للتمثيل في مجلس الحكم ، وحينما أراد ان يمنح شعبنا الكلــــــداني ما يستحقه بما يناسب وثقله السكاني ، منح بول بريمر  إجازة لضميره ، وهكذا فيما كان يفترض انصاف شعبنا الكلداني بات بريمر دون ضمير يحاسبه فقرر ان يهمش هذا الشعب العريق ويقول انه اختار ممثل الآشوريين بدلاً عنهم ، والرجل يعترف بفعله القبيح هذا دون  خجل او وخزة من ضمير .
وأنا هنا لست ضد ان يكون للاشوريين ممثلاً عنهم ، لكن من حق الكلــــدانيين ان يكون لهم ممثلاً ايضاً ، وإن كان هنالك مكان واحد للمسيحيين فكان يجب ان يكون كلـــــداني .
لحد الآن الظلم وارد من الغريب ، لكن ماذا عن موقف الشقيق القريب ؟  وهنالك مثل يقول : إن ظلم ذوي القرابة اشد مضاضة وأكثر أيلاماً ، فماذا كان موقف إخواننا من الأحزاب الآشورية بعد ان منحوا السلطة والجاه ؟
من المفارقات ان يشبه هذا الأختيار يوم تأسيس الدولة العراقية حيث همش الأنكليز الأكثرية الشيعية ليعطوا السلطة للأقلية السنية ، وهذا ما حصل لنا مع الأمريكان حينما منحوا السلطة السياسية للأقلية الآثورية وهمشوا حق الأكثرية الكلدانيـــــــــــــــة .
لقد قال اخواننا في الأحزاب الآشورية  اننا شعب واحد وسنكون عادلين لا نفرق بين ابناء شعبنا المسيحي إن كانوا من الكلـــــدان او من السريان او من الآشوريين او الأرمن . ولكن هل تميزت هذه الأحزاب بالعدالة والشفافية في معاملتنا نحن الكلدانيين المساكين ؟ ( ملاحظة ، ان المسكين لفظ بابلي قديم هو : مشكينو ، وهي الطبقة الوسطى بين العبيد والأحرار ، وطبقة الأحرار  يمثلها الحكام وكهنة الهياكل والتجار ) . 
 الواقع ينفي هذه الفرضية ، كانت باكورة اعمالهم وبحماس منقطع النظير هو إلغاء وتهميش الكلدانية من خارطة القوميات العراقية وبنفس الوقت هيمنوا على كل المناصب المخصصة للمسيحيين وحتى الوظائف الأدارية من الدرجة الثانية إن كان بعض الكلــــدان قد استلموها ، كان عليهم تطبيق شروط الأحزاب الآشورية الصارمة ، اولاً على من يتسلم وظيفة من الكلدانييــــن ان يقدم شهادة حسن السلوك لهذا الحزب ، بأن ينكر قوميته الكلـــــــــــدانية ويعترف علانية ان الكلدانيــــــة مجرد مذهب كنسي  .
 اما من يصرح بأنه قوميته كلدانية فإن امله قد ضاع في استلام أي منصب حتى لو كان مؤهلاً له  ، وهكذا نرى الكثير من الكلدانييـــن قد انخدعوا بهذا الخطاب او ربما خوفاً على مصالحهم او سعياً وراء المناصب نراهم قد تنكروا لقوميتهم الكلدانية العراقية الأصيلة التي ورثناها من آبائنا وأجدادنا وركبوا نفس المركب في توجيه تهم العمالة او الخيانة لبني قوميتهم الكلدانيـــــــة .
 لقد حاول نخبة من الكلدانييــــــن من تأسيس احزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني التي تأخذ لها اسم الكلدانيــة فتعرض هؤلاء الى اقسى التعابير الواطئة يطلقها رواد احزاب اديولوجية قومية آشورية ، والتهم حاضرة فهم عملاء البعث والمخابرات واليوم هم عملاء الأكراد او المستكردين ، ولقد نسي هؤلاء السادة بأنهم كانوا هم وتنظيماتهم في حماية الأكراد لعقود من الزمن القريب ، فلماذا هذا التشهير ؟
 لم تتسم الآحزاب الآشورية بالنزاهة والشفافية المطلوبتين في تمثيل شعبنا المسيحي والوقائع كثيرة منها :
 1 ـ كما اسلفت قبل قليل إن المناصب العالية هي من نصيب الآشوريين فحسب ويتعين ان تكون من نصيب من له الكفاءة من بين ابناء شعبنا وليس حسب الأنتماء الحزبي او القومي ، وينبغي ان لا نقتدي بالأحزاب الدينية العراقية التي تمارس ثقافة الولاء الطائفي او الحزبي .
2 ـ منح مناصب حتى من الدرجة الثانية للكلــــدان والسريان لمن هو مؤيدأ ومناصراً لخطاب الأحزاب الآثورية فحســـب ومن يعارض خطابهم فهو من الخونة ومن المغضوب عليهم ولا يستحق حتى السلام عليه .
3 ـ تفرض المواقع الألكترونية المحسوبة على الأحزاب الآشورية تعتيماً وتهميشاً لما يطرحه المثقفون الكلــــدان وابوابها موصدة امامهم ، وجريرتهم انهم يتجرأون وينتقدون خطاب هذه الأحزاب وهذه المواقع مشرعة الأبواب امام الأقلام التي تمجد الخطاب الأديولوجي المتزمت فحسب  .
4 ـ بعد ان افتتحت فضائية عشتار كان ينبغي ان تكون منصفة بين المسيحيين اجمعين إن كانوا من الكلـــدان او السريان او من الآشوريين ، لكن الخطاب الآشوري قد استحوذ على  الفضائية بشعارها ولهجتها وأزيائها ومغنيها وشهدائها و...  فغيب الكلــدان بقدرة قادر ، فليس بين الكلـــدان مغنين او مطربين ولهجتهم الكلدانية هي عربية واللهجة الأصيلة هي الآشورية فقط ، وشعارها الآشوري هو العراقي الأصيل ، فشعار الكلدانية مستورد من كوكب المريخ وهو غريب عن التاريخ  العراقي ، وفي هذا السياق : (( كان هنالك كلداني واحد من القوش قدم برنامجاً ناجحاً لكن الرجل شرد او شُرّد .. ))  ، وكما كان يردد سابقاً : يا محلى النصر بعون الله .
5 ـ وهناك حالة الاحظها على بعض الكتاب من شعبنا تشبه حالة التقية التي يسلكها الأسلام الراديكالي ، حيث يخوضون معركة إلغاء شعبنا الكلـــداني بفكر ايديولوجي مخادع فهم يخوضون غمار المعركة بوجهين ، وجه حينما يخاطب الكلـــدان فيقول : شعبنا ( الكلدوآشوري السرياني)  او يقول : شعبنا  ( الكلداني السرياني الآشوري ) ، ولكن في نفس اللحظة ترى هذا الكاتب حينما يخاطب الآشوريين لا يأتي بذكر الكلــدان او السريان ويكتفي بالتعبير الآشوري . الى جانب هذا الخطاب المموه المخادع  نلاحظ خطاب المؤتمر الآشوري الصريح يعبر عن حالته الأقصائية كأي حزب قومي متشدد ويعلن ذلك بصراحة ودون مواربة او خداع . لكن الساسة والكتاب يعبرون عن هذا الرأي بكثير من النفاق السياسي  والخداع الذي لا ينطلي على ذي نظر .
 إنها حالة إقصائية شمولية اديولوجية تهدف الى إلغاء شعبنا الكلداني من الخارطة القومية العراقية . وهذا تجني على التاريخ وتجني على حقوق الأنسان وحقوق الأقليات القومية .
 لقد قرأنا عن حالات كثيرة عن اكراد استعربوا او استتركوا ( من التركية ) ومن حق الأنسان ان يختار القومية التي يرتأيها لنفسه ، ومن ابناء شعبنا الكلدانــي اليوم من يتنكر لقوميته الكلدانيـــة ، وهذا شأنهم ، لكن ليس من حقهم ان ينكروا القومية الكلدانية لمن يريد ان يعتز بتاريخه وتراثه واسمه القومي ، وإن كانوا هم احرار في تغيير قوميتهم ، فغيرهم أحرار أيضاً في البقاء على قوميتهم الكلدانيــــة الأصيلة ، وليس من الأنصاف ان يتحولوا هم وأحزابهم الآشورية  الى مؤسسات قهرية تصبو الى تحجيم مكوناة شعبنا من الكلدان والسريان وحصرهم في زاوية المذهب الديني ليس أكثر ، إن هذا التعالي يعمل على تشظي مكوناة هذا الشعب المغلوب على أمره اصلاً .
 ونمضي مع الأحداث فبعد ان بدأ بول بريمر بإقصاء شعبنا من الخارطة السياسية وفتح الأبواب على الآشوريين لجأ المستفيدين من هذا الوضع وتحت شتى الذرائع دأبوا يتسابقون للأقتداء وتهميش شعب له تاريخه واسمه . إنهم يريدون تحجيم وشائج شعبنا الأخوية  من الكلـــدان والسريان والآشوريين الى رؤيتهم الأديولوجية الأقصائية لمكوناة شعبنا الأصيلة ، إنهم باسم الوحدة يحطمون الوحدة المبنية على الأسس الديمقراطية ، ويكرسون لوضع لَبنات وحدة اقصائية كالتي تمت بين العراق والكويت يوم غزو دولة الكويت .
إن وضع الكلــــدان ( الأكثرية المسيحية ) اليوم يشبه الى حد كبير وضع الشيعة ( الأكثرية الأسلامية ) ، الذين طالهم الأهمال والتهميش ، لقد كان مجلس قيادة الثورة الحاكم في العراق منذ تأسيسه في عام 1968 جميع اعضائه من السنة ولم يكن في  الهيئة القيادية للعراق تمثيل للشيعة ، وهذا هو مصيرنا نحن الكلــــدان ( فقد خرجنا من المولد بلا حمص ) فقد اختفى تمثيلنا في وطننا العراقي من مواقع المسؤولية إن كان في الحكومة العراقية او في اقليم كردستان او في وسائل الأعلام .
 في الوقت الذي نطلب من شعبنا الكلداني ان ينهض ويقول كلمته بصوت عال ، وفي ذات الوقت نطالب من ان يكون لشعبنا الكلــداني تمثيله في مؤسسات الدولة العراقية ان كان في الحكومة المركزية او في أقليم كردستان باعتبار شعبنا الكلداني اقدم الشعوب القاطنة في هذه الديار فهل من مجيب لهذا الحق ؟
وسنبقى نحن الكلدانييــــن ما دامت حقوقنا مهضومة نصرخ  وننادي :
                                                       أيـــن حقـي ؟
حبيب تومي / اوسلو


429
طروحات الأخ ابرم شبيرا والقوش ومأساة الآثوريين عام 1933 ( 2 ) الحلقة الثانية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو







القضية الآثورية والحوادث الدموية التي رافقتها في عام 1933 لم تكن في منأى عن الحراك السياسي في العراق في تلك المرحلة ، كان يراد للجيش العراقي ان يحقق ملحمة وطنية ، وكانت قضية الآثوريين مسالة مناسبة لتحقيق مثل هذه الآمال ، وقد شحن الرأي العام العراقي بفرضية ان الأنتصار على الآثوريين يعني الأنتصار على دولة بريطانيا العظمى ، وهكذا صور الأمر على انه انتصار وطني تاريخي للجيش العراقي .
 هكذا اريد لهذه القضية التي كان يمكن ان تحل بترو وهدوء وعقلانية ، ان تتطور وتتضخم وتأخذ مساحة كبيرة والغاية كانت استخدامها لتحقيق اهداف أخرى .
المعارك لم تستغرق سوى عشرين ساعة ، لكن اعمال الأنتقام والتقتيل دامت اكثر من اسبوع ، ولهذا فإن كانت ثمة مبررات لقمع تمرد كما اشيع ، لكن لم يكن هنالك أي مبرر للقيام بتلك الأنتهاكات والأعمال الوحشية ، ويقول عبد المجيد القيسي ص261 بأن هذه الأحداث كانت من الضخامة والبشاعة بحيث افزعت القائمين بها وعلى رأسهم بكر صدقي نفسه فأصدر اوامره الى ضباطه وأفراد جيشه بعدم التحدث عنها او رواية اخبارها  وانكرت الحكومة ضلوع الجيش فيها وألقت تبعتها على العشائر .
بشان التحركات التي سبقت المذبحة نعتمد على ما كتبه عبد الرزاق محمد الأسود في موسوعة العراق السياسية المجلد السابع .
بديات المشكلة ان 1350 مسلح اثوري عبروا الحدود العراقية السورية الى يوم 21 تموز 1933 م ، لسبب ما قرر هؤلاء العودة الى العراق ، لكن الحكومة العراقية اصدرت بياناً يقضي بعدم السماح لاي اثوري بالعودة الى العراق ما لم يجرد من سلاحه  . ووافقت السلطات الفرنسية في سورية على تجريد  اسلحة الذين عبروا الى سورية .
يبدو ان هنالك نيات مبيتة  فقد أنيطت مهمة استقبال العائدين بقوة عماد المتدربة على الحروب الجبلية وسلمت قيادتها الى الزعيم الركن بكر صدقي وكانت القوة تأخذ مواقعها في ديره بون وباستيكي بالا والموصل .
ولا غضاضة ان نأخذ المعلومات عن العمليات العسكرية من عبد الرزاق الأسود رغم تأييده الواضح لما آلت اليه النتائج الدموية  فنقرأ عن سير المعركة ص154 ـ 156
 

 
ـ ليلة 30 ـ 31 تموز 1933 حاولت مجموعة من الآثوريين عبور ضفة دجلة اليسرى فتصدت لها ربيئة من رتل الحاج وبعد مناوشات دامت ساعتين ونصف ارتد الاثوريون .
ـ وعن معركة ديره بون ، ورد ان مختار قرية سميل راجع القوة الموجودة في مخفر خانك ( قرية سورية على الحدود ) حول قبول 150 مسلح اثوري والسماح لهم بدخول العراق .
ـ وافق قائد قوة عماد على الدخول بشرط تسليم اسلحتهم بعد العبور .
ـ ارسلت قوة قيادة قوة عماد سرية مشاة بالسيارات الى منطقة العبور لملاقاة الآثوريون واستلام سلاحهم .
ـ في الساعة ( 1845 ) جوبهت القوة بنار شديدة من قبل الآثوريين الذين عبرو النهر وبإسناد من الذين لا زالوا في الطرف السوري من النهر .
ـ في الليل بلغ عدد المسلحين الذين عبرو النهر 800 مسلح .
ـ يوم 5 آب 1933 شرع الآثوريون بمهاجمة المعسكر وعلى الربايا 2 و3 و4 و6 لكنهم فشلوا ( الأقتباس دوماً من عبد الرزاق الأسود ) .
ـ هاجم الآثوريون الربية السابعة في الساعة ( 1400 أي الثانية بعد الظهر ) وقتل آمرها وجرح معظم جنودها وقتل آمرها .
ـ تقدمت قوة عسكرية أخرى في الساعة ( 1100 ) فاحتلتها . وانهزم الآثوريون . فاضطر قسم منهم على الرجوع الى الحدود السورية وتشتت الباقون في جبل بيخير .
ـ في الساعة ( 1300 ) انتهى القتال .
بلغت خسائر الآثوريون 130 قتيلاً و156 جريحاً وكانت خسائر الجيش 37 قتيل و43 جريح .
يوم 11 آب اصدرت وزارة الداخلية بياناً بانتهاء الحركات .
ـ وفي يوم انتهاء الحركات ( 11 / آب ) وقعت حادثة قرية ( سميل ) بين الآثوريين المتمركزين فيها مع الذين وفدوا اليها وبين العشائر التي كانت تراقب حركات المتمردين ولم يشارك الجيش فيها ، وكانت النتيجة وقوع 25 قتيلاً من العشائر و( 315 ) قتيلاً من الآثوريين . وفي الساعة 1200 من يوم 12 آب 1933 انذرت الحكومة العصاة بعرض دخالتهم وتسليم اسلحتهم خلال مدة 60 ساعة فقط .
فأذعن للامر ( 249 ) شخصاً استسلموا للقوات حتى غاية 14 آب وأما الباقون صاروا يعرضون دخالتهم على مراكز الحكومة .
في 16 آب 1933 اصدرت الحكومة العراقية قراراً بإسقاط الجنسية العراقية عن كل من ( أيشاي مار شمعون ـ داود مار شمعون ـ تيادور مار شمعون ـ سرمة خانم ) .
في 18 آب قامت طائرات القوة الجوية البريطانية بنقل مار شمعون وأتباعه الى الى جزيرة قبرص .
يتبين مما اورده الكانب انه اختصر المأساة بعدة اسطر من الكلام الذي لا يمكن ان يصدقه من له ذرة من العقل .
لماذا تقوم العشائر بمراقبة تحركاتهم ، وإذا كانت المعركة بين الآثوريين المتمركزين بمواقعهم وبين العشائر المهاجمة ، على حد زعم الكاتب ، كيف تقع هذه الخسائر الكبيرة في صفوف الآثوريين المتحصنين في مواقعهم . وما مصلحة العشائر في هذا الهجوم أصلاً ؟
اما عن مذكرات طه الهاشمي الذي كان المسؤول العسكري الأول عن هذه الأحداث فيكتب عنها بضعة اسطر يقول :
يوم 13 آب تحركت بالطائرة صباحاً الى الموصل وصلتها الساعة الثامنة والنصف صباحاً وكان وزير الداخلية ( حكمت سليمان ) في النادي . أخبرني بحادث سمايل ووقوعات أخرى . يظهر ان الآثوريين تشتت شملهم . ويضيف :
يوم 13 آب تحركنا الى دهوك ومررنا بالمعسكرات كانت المعنويات طيبة ، خطبت بأمراء الوحدات وطلبت اليهم الا يخرجوا عن حدود القانون ولا يعودوا الجنود على القتل والنهب . وصلنا دهوك . ووصلتنا اخبار التسليم في القوش .
لكن من شهود عيان لهذه الحوادث الدموية كان لونكرك الذي كتب كتاب العراق بين 1900 ـ 1950 ونقرأ عنه بما اورد الكاتب عبد المجيد القيسي ص 313 يقول :
أدت اعمال نهب الدور وقتل سكانها الى هجر فلاحي المزارع المجاورة لقرية سميل ، وبدأت منذ يوم 8 آب اعداد منهم تدخل قرية سميل والألتجاء الى مركز الشرطة طلباً للأمن والسلامة ، لكن اللاجئون تساورهم الشكوك في نية الشرطة .. في  صباح يوم 11 آب دخلت القرية سرية رشاشات من الجيش العراقي ما لبثت ان فتحت نيران رشاشاتها وحصدت جميع المجتمعين في القرية حتى إذا انتهت مهمتها عند الظهيرة . عادت القوة أدراجها تاركة الأرض سابحة في الدماء ومغطاة بالجثث الملقاة في العراء .
في اليوم التالي عادت قوة عسكرية أخرى وحفرت قبوراً جماعية القت بها جثث القتلى وكان عددهم 305 رجلاً وأربع نسوة وستة أطفال ولم يخسر الجيش أحداً .
ولم تكتف القوات الحكومية بهذه الجريمة إنما اقدمت على قتل اسرى فبعد ان قبضت  إحدى الوحدات العسكرية على مجموعة كبيرة من الآثوريين لا يقل عددها عن المائتي شخص بحجة سوقهم الى المعسكر لاستجوابهم هناك ولكنهم ما ان صاروا في الطريق العام حتى فتح الجند وضباطهم النار على هذه المجموعة سيئة الحظ فأبادوها عن آخرها ( السابق 229 ) .
 إن حملات التضليل والتهريج وإثارة المشاعر الوطنية كان لا بد من وضع هؤلاء البؤساء بمنزلة العصاة المتآمرين مع الأستعمار ضد السيادة الوطنية ، واستطاع الأعلام المؤيد للحكومة من ان يقلب هذه المجازر الوحشية من انها انتصار وطني باهر على الأستعمار وعملائه ، فاسكرت الجموع المهتاجة هذه الأنتصارات فأقيمت اقواس النصر في شوارع بغداد والموصل .. إن هذا النصر هو من الأنتصارات الكبرى .
ولنا ان نتساءل هل كان الملك فيصل الأول موافقاً لتلك الأحداث ؟
ويرى غازي دحام فهد المرسومي ان موقف الملك فيصل من التمرد كان يحمل طابع الأزدواج فقد ايد فعلاً ما قام به رشيد عالي حتى تموز 1933 ولكن بسبب ضغط البريطانيين .. طلب من رئيس الوزراء ان يستخدم اللين مع المتردين وهذا ما يؤيده نوري السعيد الذي يلقي المسؤولية في تلك الأحداث على الملك مؤكداً ان ما جرى في هذه القضية كان نتيجة توجيهاته ، وقد استمرت العلاقة الطيبة بين الملك فيصل ووزارة رشيد عالي حتى وفاة الملك في الثامن من ايلول 1933 ( غازي المرسومي ، الدار العربية للموسوعات : البلاط الملكي في العراق ودوره في الحياة السياسية ص 312 ـ 313 ) .
برأيي إن هذا الزعم يكاد يكون بعيداً عن الواقعية فالملك فيصل استخدم النفس الطويل والأناة والصبر في علاج القضية لكن غيابه كان قد سبب في تلك الأحداث الدامية . وهذا يحتاج الى تفاصيل لا تدخل ضمن هذا المقال .
 حبيب تومي / اوسلو
 يليها الحلقة الثالثة والأخيرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
1 ـ عبد المجيد حسيب القيسي " هوامش على تاريخ العراق السياسي الحديث ( ألاثوريون ) " مركز الموسوعات العالمية ، لندن سنة 1999
2 ـ رحلة المنشئ البغدادي ، نقلها الى العربية عباس العزاوي المحامي . بغداد 1948
 3 ـ حبيب تومي " القوش دراسة انتروبولوجية اجتماعية ثقافية " مطبعة الديوان بغداد 2003
4 ـ هرمز ابونا " الآشوريون بعد سقوط نينوى ، م 8 صفحات مطوية من تاريخ الكنيسة الكلدانية " كاليفورنيا 2004
5 ـ ابرم شبيرا " الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر " دار الساقي ، بيروت 2001
6 ـ عبد الرزاق محمد اسود " موسوعة العراق السياسية " المجلد السابع ، حركات التمرد والسياسة النفطية في العراق ، الدار العربية للموسوعات ط1 1986
7 ـ غازي دحام فهد الموسوي " البلاط الملكي في العراق ودوره في الحياة السياسية " الدار العربية للموسوعات ، بيوت ، 2002
فائدة
فائدة ممن اتصلت بهم مباشرة او عن طريق الهاتف وهم السيدات والسادة :
 عبد الرحيم اسحق قلو  / كندا
عبد يوسف بولا اسمرو / النرويج
 فرج يوسف بولا اسمرو / النرويج
 يوسف شامايا / استراليا
 مكّو يوسف بولا اسمرو / النرويج
سالم تولا / امريكا
حنا كوكّي  / المانيا

 

430
تعقيب على مقال " العقرب " لموفق هرمز يوحنا
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
 

في مقال للزميل موفق هرمز يوحنا تحت عنوان " العقرب " يذكر الكاتب ان هنالك قصة وهي من القصص الأيمانية ، قدمها الأب الفاضل باسل يلدو من إذاعة صوت الكلدان من ديترويت ، وهي مترجمة من اللغة الأيطالية . وحوادث القصة تتلخص في قيام راهب بإنقاذ عقرب يوشك على الغرق في الماء ، ولكن العقرب يكافئ المنقذ بلدغة ، ومع ذلك يعاود الراهب ويقوم بنفس العمل الصالح فيما يكافئ بالعمل الطالح ويستخلص الكاتب الجليل من هذه القصة عبر يقول :
 انها فعلا قصة رائعة تنمي فينا الروح المسيحية الحقة والتي يجب ان نكون عليها ، في تشبيه بسيط بين القصة المذكورة اعلاه وبين احداث هذه الايام وبالاخص الحدث الذي اسف عليه كل ذي شرف ودين وهو اختطاف سيادة المطران بولص فرج رحو فهو خير دليل للراهب المذكور .. الخ
أخي موفق هرمز شكراً على هذه القصة التي فيها الكثير من العبر لكن معلوماتي المتواضعة هو ان هذه القصة هي من أدب وتراث الديانة الهندوسية حيث تحدد هذه الديانة أربع طرق لتحقيق الهدف ، وتقول كلنا ساكنون على حافة المحيط اللامحدود والقوة المبدعة للحياة . كلنا نحملها في داخلنا :
 قوة أعلى ، ملئ الحكمة ، سعادة غير قابلة للخمود او الأنقطاع ، لا يمكنها ان تصاب بإحباط ولا ان تحطم ، لكنها مخباة في الأعماق .. في  التراث الهندوسي يكون لكل إنسان طريقه الخاص يسلكه للوصول الى الهدف . 
اليوغا تشكل ركن هام من الديانة الهندوسية وفي التحليل الهندوسي يقول ان الطريق الى الله يتم عبر المعرفة . ويوغا المعرفة ( جنانا يوغا : Jnana Yoga  ) المخصصة للطامحين الروحيين الذين يتمتعون باستعداد عقلي وقدرة ذهنية قوية ، هي الطريق الى الأتحاد بالألوهية عبر المعرفة ..
 والطريق الآخر الى الله يكون عبر الحب : من بين العواطف والأحاسيس الكثيرة التي تملأ حياة الأنسان ، تعتبر عاطفة الحب الأكثر قوة وعمقاً ، وفي التأويل الهندوسي انه حتى عاطفة الكراهية يمكن تفسيرها بأنها رد فعل مباشر وتلقائي لاحباط او إخفاق في عاطفة الحب . إن هدف الـ (بهكتي يوغا ، Bhakti Yoga  ) أي يوغا حب الله والأنقطاع اليه ، ان يوجه ذلك النبع الفوار والدافئ للحب الموجود في اعماق كل قلب انساني ...
وفي التراث الهندوسي ايضاً ان الطريق الى الله يكون عبر التمارين والرياضة النفسانية ، فبسبب القمة التي تقود اليها اليوغا ، عرفت في الهند باسم " راجا يوغا " أي يوغا الملكية او الطريق المتكامل والأتحاد ، وهي الطريقة التي يسلكها الناس العمليون بطبيعتهم ، وهو سلوك الى الله بواسطة التدريب والرياضة الروحية ..
 وبعد هذه الطرق هناك طريق آخر للوصول الى الله وهو الطريق الذي يكون عبر العمل ، وهو ما ورد في مقال الأخ موفق تحت عنوان العقرب .
وفق التقليد الهندوسي ان هذا الطريق مخصص للاشخاص ذوي الميول للنشاط والعمل  للوصول الى الله ، وهو الـ ( كارما يوغا ، Karma Yoga  ) أي الطريق الى الله عبر العمل .
 إنها النفس المنغمسة في العمل ، والنفس السرمدية التي في منأى عنها ، فالمألوف ان اهتمام الأنسان بعمل ما ، ينبع من الفائدة المرجوة بعد إتمام العمل أي الثمرة المادية وربما المعنوية التي سيحصل عليها جراء إداء العمل هذا .
نقرأ ( للدكتور هوستن سميث وهو استاذ الفلسفة وعلم الأديان في عدة جامعات أمريكية يقول في كتابه الموسوم " أديان العالم " تعريب وحواشي سعد رستم : دار الجسور الثقافية حلب 2005 ص 74 ) يقول : إن العامل هنا يشرع في عمله محدداً حقيقة ذاته بأنها الكائن الأزلي ، وإن الذي يقوم بعمله إنما هو النفس الممارسة له فحسب ، اما ذاته الحقيقية فليست مرتبطة بالعمل ولا تقوم به ... عليه ان يفكر بالتالي : إنني لا أفعل شيئاً إطلاقاً ، رغم إنني أرى وأسمع وأشم وأتذوق وأمشي وأنام وأتنفس وأتكلم وأترك وأمسك وأفتح العينين وأغلقهما ...
إن ممارس اليوغا يصبح غير مكترث بالنتائج التي تتدفق من عمله ويتوطد إدراكه يوماً بعد يوم لحقيقة القول المأثور لـ ( كيتا ، Gita ) ، تملك الحق بالعمل فقط ، لا الثمرات الناتجة عنه فتصبح اهمية العمل له هي الواجب من اجل الواجب .
(( الذي يؤدي وظيفته
التي يمليها عليه واجبه
 غير مبال بثمرة العمل
 هو اليوغي الحقيقي )) .
وفي نفس الصفحة تأتي قصة ( اليوغي ) الذي جلس يتأمل على ضفة نهر الغانج فرأى عقرباً وقعت في الماء أمامه . فمد يده وسحبها خارج الماء فلدغته . بعدها بلحظات سقطت العقرب ثانية في الماء فعاد اليوغي لانقاذها وإخراجها خارج الماء فما كان منها إلا ان لدغته للمرة الثانية ! وتكررت العملية نفسها مرتين آخريتين ، عندها تعجب شخص كان يتفرج على هذا المشهد وسأل اليوغي :
 لِمَ تواصل إنقاذ العقرب مع ان عرفانها الوحيد لجميلك انها تلدغك ؟
فأجاب اليوغي : عمل العقرب اللدغ وعمل اليوغي ان ينقذ الآخرين ما دام مستطيعاً .
 إن القصة من تراث الديانة الهندوسية ، ويمكن استخلاص مواقف انسانية رائعة من كل الأديان إذا ما أسس عليها روابط انسانية مبنية على الحوار والتفاهم بين مختلف الأديان في منأى عن النظرة الفوقية  على الآخرين .
  تحياتي للأخ موفق هرمز يوحنا والأب الفاضل باسل يلدو .
 حبيب تومي / اوسلو   

431
هويتنا الكلدانيـــة .. لماذا تُغضب الاشقاء ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no




أحباؤنا وأشقاؤنا وأعزاؤنا وبني قومنا وديننا ، الآشوريون ، خصوصاً الكتّاب منهم . لا ليلهم ليل ، ولا نهارهم نهار ، إنهم منهمكون في البحوث والتنظيرات التي يريدون منها إبطال المعنى القومي للكلدانيـة وجعله تسمية كنسية مذهبية دينية لا غير . حقاً انه مجرى متدفق من لوي الحقائق والأشتطاط  في تأويل الوقائع بغية إشباع رغبة  واوهام طفولية في نبذ الآخر وتحويله الى تابع يدور في فلك الفكر الأديولوجي القومي المعتمد على فرضية التفوق والنرجسية .
  احدهم وهو الكاتب ابرم شبيرا يزعم : ان الكلــدان  ضعيفي الأيمان بقوميتهم ، وعديمي المشاعر القومية الفياضة او يفتقرون الى تلك المشاعر التي تسود قومه ( الكاتب ) المفعم بالمشاعر القومية،  وهو منهمك في تحليل وتفكيك هذه الحالة ( ربما المرضية ) التي يعاني منها الكلدانيـــون ، وهو يكتب عن ذلك بحلقات تحت عنوان الكلــدان والدعوة القومية ، ولم يتورع السيد شبيرا الذي يبدي ـ حقد دون مبرر على الكلدانيين ـ  وليصل الى تخوم توجيه تهمة الى الكلدانيين بأنهم عملاء للبعثيين .
ويقرر الكاتب ان الكلدانيين لم يكن لهم  نضال قومي اسوة بالأقوام الأخرى .
 زميل آخر يكتب مقال باللغة الأنكليزية ويفند مزاعم الدكتور عبد الله مرقس رابي بوجود هوية اثنية كلدانية ، وكاتب آخر يناقشني ويحاول خلق فلسفة جديدة مفادها إلغاء  شخصية وكيان التسميات لأن كل منها يمثل الآخرين ولكن مع تحفظ واحد وهو ان الآشورية لوحدها تعني قومية فقط .
أما إخواننا كتاب الحركة الديمقراطية الآشورية إنهم يعتبرون انفسهم الناطقين الرسميين المخولين للتحدث  باسم الأمة وهم المخلصين فقط ، وسواهم غير مخولين وغير مؤهلين بالتحدث لأنهم مفرقي الصفوف وتصل تهمتهم الى تخوم الخيانة .
 هكذا إذن شعبنا الكلـــــداني لا تنطبق عليه لوائح حقوق الأنسان وحقوق الأقليات التي تقرها الهيئات الدولية المعنية ، وليس له حق الأختيار ما دام هناك اشقاء يتعبون ويسهرون الليالي لأيجاد صيغ تنظيرية لهويتنا وقوميتنا ، وهنا يتعين علينا نحن الكلدانييـــن ان ننعم برغد العيش ونسترخي وننام القيلولة هانئين ( وأن لا نفكر فلها مدبر ) .
 هذا يقودني الى التساؤل وكما يقول المصريون : نفسي اعرف ما سر هذا الأهتمام بشعبنا الكلداني من قبل اخوتنا الآشوريين ؟ لماذا لا يتركون لنا حرية التفكير وحرية الأختيار ؟ لماذا ينبغي ان يكونوا اوصياء علينا ؟ هل هناك من ينظّر للأخوة الآشوريين ؟ اليس لهم مطلق الحرية في اختيار هويتهم ؟ لماذا يحق لهم وللعرب وللأكراد وللتركمان وللأرمن وللسريان وللشبك ولليزيدية ولليهود وللصابئة المندائيين حرية اختيار انتمائهم القومي والديني ، لماذا نحن الكلــــدان نحرم من هذه النعمة ؟ إنه أمر يحير العقل حقاً .
 من حق أي كاتب ان يكتب ما يشاء ويحلل كما يشاء لكن الا يكون بصبغة شمولية اديولوجية الهدف وأد ميراث واسم شعب تحت افتراضات سياسية حزبية  ضيقة .
 سؤال :
 من هم الكلـــــــــــــــــــــــــــــدانيون  ؟
 العلامة القاضي ابو القاسم صاعد بن أحمد بن صاعد الأندلسي ( 420 ـ 462 هجرية ، او 1029 ـ 1070 م ) في كتابه طبقات الأمم ( دار نشر هجرت ، ايران 1997 ) ص 123 يقول :
 الأمة الأولى هم الفرس والأمة الثانية هم الكلدانيـــــــــــــــــــــــــــــون ، وهم السريانيون والبابليون ، وكانوا شعوباً ، منهم : الكربانيون والآثوريون والأرمنيون والجرامقة وهم اهل الموصل والنبط وهم اهل سواد العراق . وكانت بلادهم في وسط المعمور أيضاً ، وهي العراق والجزيرة التي ما بين دجلة والفرات  المعروفة بديار ربيعة واليمن .. كانت البلاد كلها مملكة واحدة ، ملكها واحد ولسانها واحد سرياني ، وهو اللسان القديم ، لسان آدم وأدريس ونوح وابراهيم ولوط وغيرهم . ثم تفرعت اللغة العبرانية والعربية من السريانية ، فغلب العبرانيون وهم بنو اسرائيل ، على الشام فسكنوه ، وغلبت العرب على البلد المعروف بجزيرة العرب .. وانكمشت بقية السريانيين الى العراق وكانت دار مملكتهم العظمى : كلواذا أو كلوادا ..
 وفي نفس السياق يقول صاعد الأندلسي عن الأمم التي عنيت بالعلوم فثماني أمم هي :
الهند والفرس والكلدانيــــون واليونانيون والروم وأهل مصر والعرب والعبرانيون ..
 ونقرأ عن الأندلسي ايضاً : اعظم ملوك فضائل ملوك الفرس حسن السياسة وجودة التدبير ويليهم الكلدانيــــون الذين كان منهم علماء جلّة وحكماء وفضلاء يتوسعون في فنون المعارف من المهن التعليمية والعلوم الرياضية والألهية ، وكانت لهم عناية بأرصاد الكواكب وتحقق بعلم أسرار الفلك ومعرفة مشهورة بطبائع النجوم (جورج طرابيشي : نقد نقد العقل العربي : دار الساقي 2002 بيروت ص87 ) .
 إن هذا التاريخ نجده في مصدر آخر وهو التنبيه والأشراف للمسعودي صاحب كتاب مروج الذهب المشهور ( توفي 345 هجرية ) ويقول ص 78
والأمة الثانية الكلدانيون .. وكانت مملكتهم العظمى مدينة كلواذي من ارض العراق وأليها اضيفوا وكانوا شعوباً وقبائل منهم النونويون ( من نينوى ) والآثوريون والأرمان والأردوان والجرامقة ونبط العراق وأهل السواد .. ) .
 لكي لا نتعب القارئ الكريم بالمزيد من المصادر نأتي الى الأزمنة المعاصرة والى هيئات دولية حيث أرادت الدول التي انتصرت على الدولة العثمانية المهزومة بأن تضمن حقوق الأقليات التي كانت ضمن التكوين الكوزموبوليتي للمجتمع في الدولة العثمانية قبل انهيارها . لقد جاءت المادة 62 من معاهدة سيفر المبرمة في 10 / 8 / 1920 وتقول المادة بصريح العبارة 
المادة 62 :
 تتولى هيئة ، تتخذ مقرها في اسطنبول مكونة من ثلاثة أعضاء تعينهم حكومات كل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا ، التحضير أثناء الأشهر الستة الأولى التي تعقب تنفيذ هذه الاتفاقية ، لوضع خطة لمنح حكم محلي للمناطق التي تسكنها غالبية من الأكراد والتي تقع إلى شرق الفرات والى جنوب الحدود الأرمينية التي ستحدد فيما بعد ، والى شمال الحدود بين تركيا وسورية وبلاد ما بين النهرين ، وعلى النحو المحدد في المادة 27 من القسم الثاني ( 2 و 3 ) وفي حالة عدم توافر إجماع في الآراء بصدد أي قضية ، يحيل أعضاء الهيئة المذكورة كل إلى حكومته ينبغي أن توفر الخطة ضمانة كاملة لحماية (((  الآشوريين والكلدانيين ))) والجماعات العرقية أو الدينية الأخرى في المنطقة ، ولهذا الغرض ستزور المنطقة هيئة مكونة من ممثلي بريطانيا وفرنسا وايطاليا وبلاد فارس ..
 لقد جاءت معاهدة لوزان عام 1923 لتضع مضامين هذه المعاهدة فوق الرفوف ، وما يهمنا في هذا السياق هو لماذا شخص في هذه المعاهدة : الأكراد والكلدانيين والآشوريين ؟
السؤال الذي يطفو على السطح حول الأسم الكلــــداني : هل نؤمن بما اورده المؤرخون والرحالة والكتاب وما ورد في لوائح المعاهدات الدولية وما ورثناه من الآباء والأجداد من وجود كلـــدان كقوم أثني يعيش على هذه الأرض منذ بدء الزمان ؟
 ام نرضخ ونؤمن بما يطرحه اشقاؤنا وبني جلدتنا من الكتاب الاشوريين ، وما يطرح باسم القومية بفرضية ان الدعوة الآشورية تعني الوحدة والدعوة الكلدانية تعني تشظي الأمة .
 وسوف اترك السؤال مطروحاً دون إجابة .
 حبيب تومي / اوسلو 

432
قراءة في كتاب الأستاذ مسعود البارزاني : البارزاني والحركة التحررية الكردية 1
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


وصلني عن طريق صديق ، الجزء الثالث من كتاب الأستاذ مسعود البارزاني الموسوم " البارزاني والحركة التحررية الكردية " لكن قبل ذلك كنت مقتنياً من دمشق الكتابين الجزء الأول والثاني لهذا الكتاب الصادر عن دار كاوا للثقافة الكردية الطبعة الثانية لسنة 1997 بيروت .

 

 لقد شئت في وقتها ان اقدم قراءة نقدية للكتاب الثالث حيث كنت في تلك المرحلة في صفوف الثورة الكردية ولمدة تنيف على الخمس سنوات ، لكن هذه القراءة ستكون منقوصة الفائدة دون التطرق الى الجزء الأول والثاني من هذا الكتاب .
الكتاب بمجمله وأجزائه الثلاثة والذي يغطي فترة تقارب القرن من الزمان ، يعد مصدر هام لمن يبحث في التاريخ المعاصر للشعب الكردي ، وبتقديري أن كتاب :
البارزاني والحركة التحررية الكردية سيكون بمنزلة  كتاب شرفنامة لمؤلفه شرف خان البدليسي في اهمية المعلومات وغزارتها في مرحلة هامة من التاريخ المعاصر للشعب الكردي . فالكتاب بحق يلقي اضواء كاشفة على زوايا وأركان من القضية الكردية المعقدة ، والتي كان خصومها غالباً ما نعتوها بالحركة الأنفصالية او تمرد عشائري او عصيان قبلي او انها حركة عميلة للاجنبي وهلم جراً ، وبقي الملف الكردي يشغل حيزاً كبيراً من المشهد السياسي العراقي والأقليمي والدولي ، ونظرة حيادية الى واقع الشعب الكردي تبين بأن هذا الشعب الذي بلغ تعداده عشرات الملايين من البشر لم يُنصف له في ان يكون له حق تقرير المصير اسوة بالشعوب الأخرى في المنطقة ، وهكذا كانت قضية الشعب الكردي من الملفات الساخنة والتي لها حضور عبر العقود المنصرمة  .
كان الأستاذ مسعود البارزاني الرجل المؤهل للكتابة عن هذه المرحلة لكونه أقرب رجل الى قائد الثورة الكردية الراحل ملا مصطفى البارزاني وعاش ظروف هذه المرحلة التي كان يغلب عليها طابع الظلم والحرمان والعنف ، وهو في بحثه هذا قد استند بشكل كبير على الوثائق التاريخية الهامة التي ارتبطت بمسيرة الثورة عبر هذه العقود .
يحمل الجزء الأول من كتاب " البارزاني والحركة التحررية الكردية " بين دفتيه 488 صحيفة مقسمة الى ثمانية عشر فصلاً ، وأهم ما في الكتاب ان كل فصل يعقبه مجموعة من نسخ الوثائق الأصلية المصورة مع ترجمتها او كتابة بالحروف المطبعية ، مع هوامش  وتوضيحات وافية عن الشخصيات والمدن في نهاية كل فصل ، ويغطي هذا الجزء من الكتاب حقبة زمنية تمتد مساحتها بين الحرب الكونية الاولى الى المسيرة

 

(( في الصورة الشيخ عبد السلام البارزاني في الوسط وعن يمينه سليمان بك الراوندوزي وعن يساره كاتبه احمد عبالخالق العقراوي .
 الواقفون من اليمين الى اليسار : ميرخان سم ، مصطو هفليري ، سعيد فقي عبد الرحمن ، علي محو ، عبد الله كَور ، ملا جوج ، ملا ابو زيد ، شرو خزيران ، شيخ ملا بله يي ( تحقيق الأصل بمساعدة صالح محمود البارزاني ) عن كتاب مهد البشرية ص 14 )) .
التاريخية المعروفة التي سلكها ملا مصطفى البارزاني ورجاله الشجعان الى اراضي الاتحاد السوفياتي السابق عام 1947 .
يبدأ المؤلف ببحثه عن الثورة الكردية الى الحرب الكونية الأولى والمعاهدات التي ابرمت والتي كان لها علاقة بمصير الشعب الكردي ومنها معاهدة سيفر التي كان فيها بنود مشجعة لتحقيق آماله ثم برزت مطالبة تركيا في ولاية الموصل واستخدمت في وقتها القضية الكردية كورقة ضغط على تركيا . وحينما وقعت

 

الشيخ احمد البارزاني ويقف خلفه مرافقه علي محي بارزاني في انقرة عام 1933
معاهدة لوزان كانت بمثابة الموضع الذي وئدت فيه آمال الشعب الكردي  في نيل حقوقه في ظل المظلة الدولية .
من المعروف ان المجتمع الكردي هو من المجتمعات العشائرية وكان لعامل العشيرة دوره الفعال في حراك الشعب الكردي في مختلف مراحلة ، وفي المرحلة التي نحن بصددها كانت العشيرة البارزانية قد حملت على كاهلها قسط كبير من تلك المعاناة والمسؤولية وكان بادئها هو الشيخ عبد السلام الذي توفي عام 1872 ثم حفيده عبد السلام الذي اعدمته السلطات العثمانية في مطاوي عام 1914 . وفي عهده ارتضى كل البارزانيون على الأرتباط بمشيخة البارزان واصبحت العشائر التالية متفقة على زعامته ، وهي :
 شيرواني ودولومري ومزوري وبه روجي  ونزاري وكَه ردي وهركي بنه جي ومنذ ذلك الوقت اصبحت تسمية البارزاني تشمل ابناء هذه العشائر .
في فصل آخر يتطرق المؤلف الى ثورة الشيخ محمود الحفيد في السليمانية وتأثيرها على مسيرة الشعب الكردي ، وفي نفس الفصل يتطرق الى المعارك التي حدثت في وقتها مع الآثوريين بقيادة آغا بطرس والتي قتل فيها سعيد ولي بك احد قادة البارزانيين المشهورين ، ويقول :
ما لبث الطرفان ان أدركا الخطة الخبيثة التي وضعها الأنكليز وأنتهى القتال ، ويضيف لا يمكن ان ننسى موقف المار شمعون المشرّف الذي وفر الملجأ المناسب للشهيد الشيخ عبد السلام البارزاني عام 1907 م .
كانت هناك ثورة الشيخ احمد البارزاني والى الهجومات التي تكررت على منطقة بارزان ويذكر المؤلف المعارك التي وقعت في هذه الفترة ، وفي هذه الفترة ايضاً لجأ الشيخ احمد البارزاني مع عوائل بارزانية الى تركيا وكان ذلك 10 / 6 / 1932 م ، وفي ربيع 1933 سلمت السلطات التركية الشيخ احمد البارزاني للسلطات العراقية واستطاعت الحكومة العراقية بتدبير نفي وإبعاد قسري للقيادة البارزانية الى الموصل ثم الى بغداد وبعدها الى الناصرية والبصرة ومن ثم الى السليمانية ومنها سوف يعود ملا مصطفى البارزاني الى بارزان وذلك عام 1943 وسوف تبدأ مرحلة جديدة من الكفاح اطلق عليها المؤلف اسم ثورة البارزان 1943 ـ 1945
 ويقول الأستاذ مسعود البارزاني بأنه في هذه المرحلة كانت هناك مساعي من اعداء الثورة الكردية لأبرازها وكأنها موجهة ضد العرب وضد العراق ، فأصدر البارزاني نداءه للشعب العراقي يقول فيه :
إنني لم ولن أحارب الشعب العراقي ، هذا الشعب الذي انتمي اليه ، إن نضالنا هو ضد الأستعمار وعملائه ، ضد أولئك الذين امتصوا دماء شعبنا العراقي وداسوا بأقدامهم سيادة الوطن ومصالح الشعب .
وفي ص61 يكتب الأستاذ مسعود البارزاني عن قصة جرت في ديوان كاك مامند مفادها ان الحكومتين العراقية والأيرانية خصصتا مبلغ 50 ألف دينار لمن يلقي القبض على ملا مصطفى ، وجاء قرني آغا الى  الديوان حيث يجلس البارزاني ولكنه لا يعرف شخصيته وهو يحث كاك مامند لتسليم البارزاني للحكومة للفوز بالجائزة الثمينة لكن كاك مامند أجابه :
 إن الذي يلقي القبض على البارزاني لم تلده امه بعد . ( إن هذه الحادث قد اعيد ذكره في الفصل التالي ص 80 ) .     
ويشير المؤلف الى ان ظروف الحرب العالمية الثانية وكيف ان بريطانيا اوعزت الى الحكومة العراقية بضرورة التفاهم مع القيادة الكردية بغية وضع حدد للأقتتال إذ ان بريطانيا كانت تخشى من توسع نطاق الثورة ونفوذها وهي تريد تعبئة الجهود لمسيرة الحرب ، وهكذا الف نوري السعيد في أواخر عام 1943 وزارة جديدة وكان فيها 3 وزراء من الأكراد وبادرت الوزارة مهمتها في التفاوض مع الاكراد  وعين ماجد مصطفى وزيرا للدولة محتص بحل المشكلة الكردية . وقد اتخذت الحكومة جملة قرارات كانت في صالح الأستجابة للمطالب الكردية وكان الشيخ احمد ومرافقيه وعوائلهم مبعدين في الحلة فسمح لهم بالعودة الى مسقط رأسهم في بارزان . وكان ذلك في 12 / 2 / 1944 م .
في هذا الجزء من الكتاب يورد الكاتب تفاصيل كثيرة عن ثورة 1945 حيث كانت وقتئذٍ وزارة الباجه جي المتشددة فأنذرت الملا مصطفى البارزاني بوجوب تسليم نفسه للسلطات الحكومية وهددت رؤساء العشائر بأقسى العقوبات ( ص 125 ) إن هم تحالفوا مع البارزاني وأعلنت الأحكام العرفية في 19 / 8 / 1945 في لوائي اربيل والموصل ثم اعلن سريانها في منطقة بارزان وأقضية راوندوز وعقرة وعمادية ودهوك .
 ثم تحركت القوات العراقية للهجوم على المنطقة واندلعت معارك كبيرة في جبهات العقرة وبالندا والعمادية ومناطق اخرى ورغم بسالة الثوار في هذه المعارك لكن الحكومة عرفت من اين تأكل الكتف  ، حيث استطاعت إمالة رؤساء العشائر بعد إغارئهم بالمال وتأليبهم لمحاربة الثورة ، وبدلاً من ان يقف هؤلاء مع خط الثورة القومية انقلبوا عليها من اجل حفنة من الدنانير ، لا شك ان مفاهيم الثورة لم تكن بمستوى النضوج الذي يتعين فيه ان ان تكون الرابطة القومية اقوى من الرابطة العشائرية .
 ويشير الأستاذ مسعود البارزاني في الفصل الثامن بإن البارزاني حينما شعر ان الأقتتال اصبح داخلياً بين فصائل كردية آثر الأنسحاب ، فأصدر اوامره بالأنسحاب الى الحدود الأيرانية بشكل منظم وبعدها يتم إخلاء المنطقة من العوائل .
 يليها الحلقة الثانية
 حبيب تومي / اوسلو
 

433
ومتى تشرّع حكومة المالكي السؤال المزعج : مـن أيـن لـك هــذا ؟
  بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


في عمل تلفزيوني سوري شاهدته قبل سنين على فضائية  خليجية ، خلاصة ما ورد فيه : ان ملكاً استدعى كبير وزرائه الى قصره ، وأخبره بأن ملكاً  عظيماً  سيزور مملكته ويريد ان يرتب له استقبالاً حافلاً لا مثيل له ، ولهذا اراد الملك ان يصرف على هذه المناسبة مبلغاً كبيراً لأظهار العاصمة بمظهر يليق ومكانة الملك الزائر ، وعليه خصص الملك مبلغاً كبيراً مقداره مليون ليرة لتنظيم الأستقبال الحافل هذا . وسلم المبلغ لكبير وزرائه والذي بارك بدوره قرار الملك الحكيم ووعده ان يرتب استقبالاً لا نظير له وخرج كبير الوزراء وفي جعبته مليون ليرة .
 اجتمع الأخير بوزير التشريفات وقال له : ان مملكتنا ستستقبل ملكاً عظيماً وإن ارادة ملكنا الحبيب تقضي ان باستقبال الضيف الكبير بحفاوة بالغة  وقد خصص مبلغاً كبيراً لهذه المناسبة ، ثم اضاف : تصور ان الملك خصص مبلغ نصف مليون ليرة للأحتفاء بهذه المناسبة ، وسلم النصف مليون للوزير ووضع في جيبه النصف الآخر .
 وهذا الأخير اتصل بمحافظ المدينة يطلبه لامر هام ، وبعد ان وصل المحافظ قال له الوزير : تصور ان مملكتنا ستستقبل ملكاً عظيما ، وملكنا المحبوب خصص مبلغاً كبيراً قدره ربع مليون ليرة للأحتفاء بهذه المناسبة السعيدة ، وها إني اسلم لك هذه الأمانة لتنفقها على مراسيم الأستقبال .
وهذا بدوره استدعى اعضاء مجلس المحافظة للاجتماع لامر هام ، وأبلغهم بأن الملك قد خصص لهذه المناسبة الكريمة مبلغاً كبيراً مقداره 100 الف ليرة وها إني اسلمه لكم بكل امانة لتنفقوها على مراسم الأستقبال .
 ومجلس المحافظة بدوره اتصل بالتجار والوجهاء وأخبروهم بأنهم امام مهمة قومية وطنية بالغة الأهمية وينبغي ان يبرهنوا على وطنيهم وإخلاصهم للملك حيث انه  سيتقبل ملكاً عظيماً وينبغي ان تكون عاصمتنا بحلة جديدة وان تذبح امامه الذبائح وتقام المهرجانات ولثقتنا بمشاعركم الوطنية فنطلب من التجار ان يتبرعو بسخاء لهذه المناسبة ، ومن الوجهاء ان يحثوا المواطنين على التبرع ، ووزع المبلغ المخصص 100 الف ليرة بين اعضاء مجلس المحافظة .
 كانت هذه قصة طريفة وذو مغزى لما يجري في وطننا من فساد مستشري حتى العظم في اوصال الهرم الأداري للدولة العراقية من القمة حتى القاعدة  . وإذا شرع السؤال الذي يطرح على الوزير والمدير والى اصغر موظف وهو السؤال المزعج لكنه سؤال الشفافية والمصداقية وهو :
 من أين لك هذا ؟
 الراتب مبلغ محدود يكفي لمعيشة متوسطة او راقية ، لكن لا يؤهل صاحبه ان يبني عمارات ويشتري عقارات وشركات وأرصدة عالية في البنوك العراقية والأجنبية .
 نحن نتفق مع حكومة المالكي بأن الارجحية في اولوياتها هي فرض الامن والاستقرار وترسيخ قواعد دولة القانون ، والحد من سيطرة الميليشيات والعصابات ، وبرأي ان مسالة الفساد الأداري والمالي لا تقل شاناً عن المسائل المطروحة امام الحكومة . إن داء الفساد الأداري والمالي مستشري في الهيكل الحكومي من اصغر المستويات الى اعلى المسؤوليات ، وإلا كيف نفسر اختفاء المليارات من الدولارات من عائدات النفط ، ثم كيف نفسر تهريب النفط الخام بشاحنات وبواخر ؟ وكيف نفسر اختفاء السيارات الحكومية بالجملة .. ؟ وكيف نفسر ... ؟ الخ من علامات الأسفهام التي تبغي وضعها بعد اسئلة كثيرة يتطلب الأجابة عليها .
إن علائم الفساد تشخصه الكثير من التقارير الدولية المحايدة على ان العراق يتربع على قمة الهرم في الخريطة العالمية لتحديد مديات الفساد المالي في العالم .
إن الديمقراطيات الغربية التي اتسمت بالشفافية في تعاملها المالي والأداري تبدأ من اعلى المستويات في مراكز المسؤولية ولا حصانة لمسؤول مهما بلغ مركزه ، ازاء السؤال الذي يسري على الكل دون تمييز . في بريطانيا يسري هذا القرار على اعضاء مجلس العموم واللوردات البريطانيين وعليهم ان يصرحوا مرة او اكثر في السنة بكل ما تقاضوه من مبالغ حتى لو كانت تافهة فوق رواتبهم ومصادر هذه المبالغ .
 لقد صرح توني بلير حينما كان رئيساً للوزراء في بريطانيا أنه سافر هو وزوجته الى الأردن على حساب الملك عبد الله وكان ذلك سنة 2004 ، كما ان جاك سترو وزير خارجيته حينها ، كشف إن شركة الخطوط الجوية البريطانية قد رفعت بطاقته ، في سفرة سياحية شخصية هو وزوجته الى بوسطن رفعت بطاقته من الدرجة السياسية الى الدرجة الأولى دون دفع الفرق في السعر وكان ذلك سنة 2004 م . فبعد كم من العقود يبلغ ذوي المسؤولية في بلدنا هذه المكانة من الشفافية ؟
في العهد الملكي كانت هنالك محاولات لوضع السؤال : من اين لك هذا ؟ موضع التنفيذ لكن القانون لم يكتب له النجاح . ومع هذا كان هنالك قدراً كبيراً من المهنية والشفافية في صرف الأموال العامة .
 لقد رفضت وزارة ناجي السويدي ( غازي المرسومي : البلاط الملكي في العراق 135 ) الموافقة على تخصيص مبلغ من المال لسد نفقات الملك العلاجية خارج العراق في صيف 1929 مبررة ذلك بالقول : إن الملك يتقاضى مخصصات ملكية كافية لجميع اموره الشخصية مما يبرر صرف المبالغ اللازمة للمعالجة من جيبه الخاص .
 وفي نفس السياق ورد : ان ياسين الهاشمي وزير المالية في الوزارة ذاتها رفض الموافقة على طلب من رئاسة الديوان الملكي لشراء سيارة للأمير غازي من فائض تخصيصات الأمير والمقدرة بـ ( 3000 ) روبية * حتى نهاية السنة المالية .. وبين الهاشمي للديوان بأن تخصيصات الأمير غازي ليست لها علاقة بمصروفات كهذه .
نبقى بمساعي الحكومة التي تتصدى حالياً لمعضلة الميليشيات وفرض القانون وينبغي الأقرار  ان تشخيص هذه المعضلة والتصدي لها ليست عملية مستحيلة ، بيد ان القضاء على الفساد الأداري والمالي والذي تمتد جذوره الى كل مفاصل الحياة  في جسد السلطة كما يستفحل داء السرطان ، فكيف السبيل الى استئصال هذا المرض من الجهاز الحكومي والذي يتخذ  صور شتى من قبيل : دفع مئات الدولارات للحصول على جواز سفر ، مئات الدولارات للحصول على وظيفة شرطي ، تزوير شهادات علمية للحصول على وظيفة مرموقة تهريب النفط . سرقة المال العام .. الخ
إن كانت الحكومة تريد ان ترسي قواعد متينة لدولة القانون والمؤسسات ، كيف تتمكن من القيام بهذه المهمة والفساد ينخر كل هيكلها ؟
 ان حكومة الأستاذ المالكي إن أرادت ان تقف على ارضية شعبية  صلدة ، وأن تنجز ما تصبو اليه من تحقيق الأستقرار عليها ان تستند على جهاز حكومي مهني ليس موبوءاً بأمراض الفساد وبذلك  يكون محصناً من اختراقات العصابات والمليشيات ، وبغية ان تحتل الحكومة هذا المركز المرموق ، عليها ان تستعد لطرح السؤال : من اين لك هذا ؟ وأن يكون سارياً على اعلى مسؤول في الدولة الى الوزير والمدير  والفراش ، وهذه شفافية تحقق للحكومة مصداقيتها والشعب يساندها ، وليس هناك افضل من تأييد الشعب الذي يمنح الحكومة القوة والديمومة . فهل تجرأ حكومتنا الى تشريع سؤال الشفافية المزعج :
 من اين لك هذا ؟
 حبيب تومي / اوسلو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كانت عملة العراق المتداولة في العهد العثماني الليرة العثمانية وأجزائها وبعد الأحتلال البريطاني اصبحت عملته الروبية الهندية وفي عام 1932 كان تداول العملة العراقية الورقية الدينار وأجزائه : الدرهم والفلس .

434
القوش والسيد يونادم كنا وثقافة الزمن الماضي
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no


أنا شخصياً لا يضايقني النقد ما دمت استطيع الرد عليه وإظهار الحقائق إن كانت غير جلية بالنسبة الى الناقد وهذه الحالة صحية إن كانت تتسم بحسن نية ، وأنا مؤمن بضرورة مراجعة الذات ، إن كان على نطاق الأشخاص او المنظمات والأحزاب . فالطبيعي ان نختلف في الرأي وطبيعي ان نناقش وأن نتفق او لا نتفق فكل منا يحتفظ برأيه ، وفي كل الحالات لا يجوز تكفير او نفي الرأي المخالف لخطاب السلطة او الحزب . ومن هذا الباب نحاول مناقشة امور بحاجة الى توضيح وتنوير وربما نقتنع بما يطرح من حجج ، فالرأي لا يعني انه قوياً وصائباً حينما يسكّت الراي الآخر ويعدمه .
في حديقة نادي القوش العائلي عقد السيد يونادم كنا ندوة بحضور حشد من اهالي القوش ومن بين ما تطرق اليه ، كما هو واضح من تقرير السيد ريان نكارا مراسل عنكاوا في القوش ، هنالك مجموعة نقاط مهمة لم تكن واضحة للقارئ ومن بينها قوله :
( نحن لسنا ضد مشروع الحكم الذاتي لشعبنا في مناطقه التاريخية ولكن ليس بالشكل الذي يخطط له من خارج العراق ) .
لقد ناضل الأكراد لعقود طويلة بغية نيل حقوقهم وكان في قمة هذه الحقوق يندرج تحت عنوان الحكم الذاتي ، وشعبنا نال شئ من هذه الحقوق فيما عرف بمنح الحقوق الثقافية للناطقين بالسريانية ، وكان هذا الأقرار رغم تواضعه هو افضل من لا شئ .
 اعتقد ان الحركة الديمقراطية الآشورية كحركة قومية ينبغي ان يكون في ذروة مطالبها هو الحكم الذاتي الذي يعتبر الحد الأدنى من حق الشعب في تقرير مصيره ، لكن يبدو ان الحركة توافق على مبدأ الحكم الذاتي مع وضع كلمة ( ولكن ..  ) ، ففي تصريح استاذ كنا في نادي القوش الأجتماعي يقول :
نحن لسنا ضد مشروع الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية . وسؤالنا : أين هي المناطق التاريخية وأين هو التمركز الديموغرافي لشعبنا ؟ اليس في اقليم كردستان وتخومه ؟ هل نستطيع ان نغير الجغرافيا ؟ الا ينبغي وضع الحلول مع الأطراف المعنية (( الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان )) ؟
السؤال المطروح للأستاذ كنا : ماذا يعني بالحكم الذاتي الذي يخطط له خارج العراق ؟ وبما انه طرح المسالة فعليه ان يجيب على التساؤل كما ينبغي ؟ إنه يزرع الشكوك لدى ابناء شعبنا ، وشعبنا لا يريد ان يكون ضحية مؤامرات وموائد تحضر في مطابخ الأجانب ، نحن نريد ان يكون قرار عراقي وليس قراراً اجنبياً ، فحبذا لو نعلم ما المقصود في حكم ذاتي من صنع الأجنبي ؟.
ويقول في شأن آخر : اما ما يتعلق بانخراط أبناء شعبنا في صفوف الشرطة  :
(.. كوننا مواطنين عراقيين.. يحق لنا تجنيد أبنائنا في صفوف الشرطة العراقية، وحماية مناطقنا بأنفسنا.. وكنا قد فتحنا باب التسجيل أمام جميع أبناء شعبنا دون تمييز، ومن أي حزبٍ أو طائفة، والقوائم تشهد على ذلك) .
يقول السيد يونادم كنا .. وكنا قد فتحنا باب التسجيل ، هل يعني الحركة الديمقراطية الآشورية هي التي فتحت باب التسجيل ام الدوائر المعنية في الشرطة العراقية ؟  ويضيف انها فتحت امام ابناء شعبنا دون تمييز .. والقوائم تشهد على ذلك . إن من يحاول القراءة بين الأسطر يستشف ان كلاماً قد أثير بهذا الخصوص وإن هناك تفضيل ومحاببة في امر هذا التسجيل . برأي ان المهنية تقضي بأن يكون التسجيل عن طريق الدوائر المعنية دون محاباة من احزاب ، وهذا هو الوجه المهني الديمقراطي للعملية ، وبعكس ذلك سيكون تأثير سلبي من قبل الأحزاب ولا سيما الحركة الديمقراطية الآشورية المتنفذة لتوظف هذه العملية خدمة لخطابها الحزبي .
ثمة مسالة مهمة اثارها الأستاذ يونادم كنا وهي قوله :
(أن ثقافة الزمن الماضي مازالت تسيطر علينا جميعاً، وعلى سياسات أحزابنا، ولا استثني الحركة من ذلك..") .
اعتبر هذا الأقرار بأنه نقد ذاتي صريح وهذا امر جيد وخطوة في الطريق الصحيح ، لكن الأستاذ كنا هنا خلط الأوراق حينما يقول ان ثقافة الزمن الماضي تهيمن علينا جميعاً ، لماذا يريد يان يخلط الآخرين معه ؟ ولماذا يريد وضع الجميع في هذه الدائرة ؟
من المعلوم ان الخطاب القومي العربي الذي تجسد بالناصرية وبحزب البعث وضع نصب اعينه خطاباً اسطورياً ، مفاده انهم ( اعضاء الأحزاب القومية )  وحدهم معنيون بتحقيقه ، وقد احتكروا الخطاب السياسي ووضعوا مفردات قاموسه ، وكانت اكثر المفردات استخداماً هي العمالة والخيانة ، وان تكون عميلاً او خائناً هي من كبائر التهم . ومن المفارقات ان الحركة الديمقراطية الآشورية كانت تلوك هذه المفردات وتوجه سهامها الى من يخالف اجندتها ، وانا شخصياً تعرضت لمثل هذه التجربة المريرة من اصدقاء آمنوا بفكر الحركة ، فكانوا يطلقون هذه التهم الكبيرة على المواقع الألكترونية لأننا نتجرأ ونجاهر بمخالفتنا   لخطابهم وتوجهاتهم ، وهم يعتقدون بل يجزمون : إن التفكير خارج إطار الأيديولوجية محذور وهدام ، لأن المكلفين بحماية الأمة ( امثا) هم وحدهم المخولين بالنطق باسم الأمة وهم الأوصياء على غيرهم ممن يندرج انتمائهم الى هذا الشعب إن كانوا من الكلـــــــــــدان او من السريان  .
 إنه تزمت ايدولوجي مخيف واعتقدنا انه وئد مع الناصرية ومع البعث ، لكن اخواننا في ألأحزاب القومية الآشورية قد احيوا هذا التراث ، واستخدموا خطابه بكفاءة منقطعة النظير ، ونصبوا انفسهم  اوصياء على أشقائهم من الكلــــــــــدان والسريان .
 إن الأستاذ يونادم كنا قد توصل الى رأس الخيط  وينبغي ان يستمر به ، نعم يهمن على خطاب الزوعا  ثقافة الماضي بكل ثقلها من الأستبداد بالرأي ومن كتم افواه الآخرين ، ومن السعي الى اسكات الآخر بدل التفاهم والحوار والسماع اليه ، إعتقد انها بداية صحيحة بدأها السيد كنا ولكي تعطي ثمارها على مسيرة الحركة عليها ان تفتح ابوابها ونوافذها لسماع الآخر ومناقشته ، وأن تعترف بأن الحقيقة ليست مقتصرة على دائرة خطابها فهناك من يملك ايضاً نصيب من هذه الحقيقة .
 وأود هنا ان اشير الى مسألة مهمة وهو ان الحركة الديمقراطية الاشورية حينما تدعي بأنها الوحيدة التي  لها نائب واحد في البرلمان العراقي ، وإن لها تحشدات جماهيرية اكثر من غيرها . فأقول مخلصاً :
ان هذا لا يبرر  ان خطاب الحركة سليم وخالي من الأخطاء . والتجربة التاريخية لهتلر لا زالت امامنا ، حيث كانت الملايين تنتظر أشارة منه لتضحي بحياتها ، وهو الذي فاز حزبه بالانتخابات الديمقراطية دون منافس مهم ، ومع هذا اثبت التاريخ ان هذا الحزب هو حزب قومي نازي كلف البشرية الملايين من الضحايا ، وأمثلة كثيرة بأن التأييد الجماهيري الجارف لا يعني سلامة الخطاب الذي تذهب الجموع وراءه .
 فالحركة مطلوب منها ان تراجع الذات ، وإن المقولة التي اطلقها الأستاذ كنا في النادي الأجتماعي في القوش : بأن ثقافة الزمن الماضي تسيطر عليها أنها عين الحقيقة وينبغي معالجة هذه الحالة المستعصية .
 حبيب تومي / اوسلو


435
هل من إشكالية في وجود علاقة بين اسرائيل واقليم كردستان ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

( ملاحظة للقارئ الكريم : إن هذا المقال هو وجهة نظري الشخصية ولا امثل فيها اية جهة )
في معرض قراءاتي في الشأن الكردي كانت هناك دائماً تهم كثيرة جاهزة تلصق بالثورة الكردية وبقيادتها من قبيل وصفها بالتمرد العشائري والأنفصالية وعن علاقاتها الدولية المريبة فتوضع في إطار العمالة إن كان لبريطانيا وأمريكا مرة وأخرى لتكون لأسرائيل او أيران وثالثة للاتحاد السوفياتي السابق .. الخ
كان ثمة جهود مشتركة للدول التي تقسم الشعب الكردي على وضع حصار اعلامي على القضية الكردية وتنحصر المعلومات بتلك التي يسربها الأعلام الرسمي لهذه الدول او ما يتناقله بعض الدبلوماسيين او العاملين في المنطقة ، وكان مراسل صحيفة او مجلة يجازف ويركب مخاطرة غير مضمونة العواقب لمن يغامر في اجتياز الحدود والوصول الى المنطقة ليشاهد ويكتب عما يجده .
 كان حصاراً اعلامياً مضروباً على كردستان وسعت الثورة الى فك هذا الحصار بأن تغري الصحفيين للمجئ الى المنطقة ، ويفيد جرجيس فتح الله المحامي في هامش حين ترجمته لكتاب ديفيد ادامسن : الحرب الكردية وانشقاق 64 ص7 يقول : ان احدهم كتب الى قيادة الحركة الكردية ينبئ بأنفاق مبلغ طائل على دعوة للصحفيين في واحد من اكبر فنادق نيويورك كانت الحركة في امس الحاجة الى كل فلس منه ، عله يغري الصحفيين بشد الرحال الى منطقة العمليات والكتابة عن الحرب .
اجل كانت قضية الشعب بحاجة ماسة الى من يوصل أخبارها الى الدول والحكومات والشعوب لتعريفها بقضية الشعب الكردي لمد يد العون له .
لقد عملت شخصياً على ظهر البواخر العراقية وفي عرض البحار ، وإن واجهتنا العاصفة فنحن مستعدين ان نقبل المساعدة من أية يد تمد الينا وإن كانت الباخرة التي تساعدنا هي امريكية او روسية او اسرائلية او حبشية ..  وهكذا كان المركب الكردي الذي يطلب العون والمساعدة لكي يكمل مسيرته ، كانت مصلحة الشعب الكردي هي المنار الذي تهدي بوصلة سفينتهم الى برّ الأمان ، فلماذا الخشية من التعامل مع الآخر كائناً من يكون .
في الخطاب العروبي الأيديولوجي تمثل تهمة العمالة لأمريكا وأسرائيل خير منفذ لوضع المعارض لخطابهم في قفص الأتهام . لقد كان مسعى الثورة الكردية في فتح قنوات الأتصال على النطاق الداخلي والعربي والأقليمي او الدولي يحشر عادة في زاوية العمالة لتلك الدولة ، والقيادة الكردية كما بينا انها تعمل على رفع الحصار الأعلامي والقيود المفروضة على علاقاتها الدولية . لقد سعت القيادة الكردية للأتصال مع الدول العربية وايران وتركيا والأتحاد السوفياتي السابق ومع اسرائيل وامريكا وبريطانيا وفرنسا ومن يمد يد المساعدة للشعب الكردي وهو في محنته فهو مشكور .
 يشير الأستاذ مسعود البارزاني عن صلات ثورة ايلول بالدول العربية وغيرها من الدول وعن العلاقات مع اسرائيل ( البارزاني والحركة التحررية الكردية ج3 ص 380 ) يقول : .. سافر الى اسرائيل وفد برئاسة ابراهيم أحمد وعضوية عمر مصطفى دبابة وسيد عزيز شمزيني عن طريق ايران التي فتحت الطريق لمرور مساعدات محدودة من اسرائيل الى الثورة عبر اراضيها .. وفي ايار 1965 وصل الى كردستان ( ديفد كمحي ) ممثلاً للحكومة الأسرائيلية وبدأ ينسق مع الثورة . فبدأت تصل مساعدات عسكرية وفنية لكن بشكل محدود وكان بوسعهم ان يزيدوا فيها لكن لم يفعلوا ، وتقصّدوا ان تبقى بنطاق ضيق بغية إدامة القتال في كردستان دون حسم ، وليبقى الجيش العراقي مسمراً في كردستان بعيداً عن ساحات القتال في فلسطين .
من الحقائق المعروفة ان لليهود روابط تاريخية في كردستان العراق حيث كانوا حتى اواخر الأربعينات من القرن الماضي يقطنون المنطقة وهم يعتبرون من السكان الأصليين لهذه المنطقة ، وأتذكر في اواخر الأربعينات كانت جموع من اليهود تتقاطر على بلدة القوش ويشكل القسم الكبير منهم يهود منطقة كردستان لا سيما بلدة صندور التي كانت قرية يهودية ، وكانوا يصلون القوش عبر المسالك الجبلية الوعرة لزيارة مرقد النبي ناحوم في القوش .
اليوم في معرض إجابة عن سؤال طرحته جريدة الشرق الأوسط اللندنية في مقابلة أجاب الأستاذ نيجرفان البارزاني عن سؤال مفاده : مدى صحة الأنباء بوجود شركات اسرائيلية بأسماء مستعارة تعمل في كردستان ، يجيب الأستاذ نيجرفان البارزاني بصراحة : ان حكومة اقليم كردستان لم ولن تعادي اسرائيل مطلقاً ونتعامل معها كأية دولة أخرى في العالم .. ويضيف قوله : أننا لا نعادي اسرائيل بل ونرغب في تطوير علاقاتنا مع جميع دول العالم بما فيها اسرائيل .
 كان معسكر الصمود والتصدي في العالم العربي ، بالمرصاد لكل بارقة تشير من قريب اوبعيد الى فتح باب الحوار والتفاهم مع اسرائيل ، كان المرحوم حبيب بورقيبة رئيس جمهورية تونس في اواسط الستينات اول من طرح فكرة التفاوض مع اسرائيل لوضع حد للحروب الخاسرة وإنهاء المشاكل المستعصية ، وتعرض هذا الرجل الى حملة اعلامية قاسية من الأعلام العربي في وقتها ، وكانت لائحة الأتهام جاهزة وهي التآمر مع العدو وخيانة الوطن .
 وبعد اكثر من عقدين من الزمن شد المرحوم انور السادات رحاله وحط في تل ابيب ليفاوض الأسرائيليين حول الأنسحاب من الأراضي المصرية ، وهذا الطريق سلكه الأردن ، واليوم نقرأ عن مؤتمرات لمسؤولين كبار تعقد في عواصم عربية يحضرها ساسة ومسؤولين من اعلى المستويات من الدولة العبرية تأتي لتحضر وتتناقش في هذه المؤتمرات .
في الجانب الآخر ثمة علاقات اقتصادية وسياسية وعسكرية بين دول مثل الهند والصين وتركيا ودول افريقية واسيوية كثيرة لها علاقات وطيدة باسرائيل فلماذا يكون هناك حرج في وجود مثل هذه العلاقات بين كردستان والدولة العبرية ؟ واين الخلل في ان ينهي العراق حالة الحرب مع اسرائيل ويفتح علاقات طبيعية معها اسوة  بدول عربية اخرى .
 أنا لست هنا محامياً لاسرائيل او منافحاً عنها وعن خروقاتها في مجال حقوق الأنسان الفلسطيني ، إنما ادافع عن فكرة الحوار والتفاهم بين حكومات وشعوب المنطقة لبلوغ صيغة ثابتة لارساء قواعد الأستقرار والسلم يصب في صالح شعوب المنطقة التي انهكتها الحروب .
لأقليم كردستان والعراق حق تطبيع العلاقات مع اسرائيل بصورة عامة إن كان ذلك يعود بالمنفعة وفائدة للعراق ، لقد ثبت ان طريق السلام لحل القضايا المتعلقة هو افضل من الأعتماد على الحلول العسكرية والتي جربتها الدول العربية في عدة حروب ولم تحصل على النتائج المرجوة  ، فالحوار والتفاهم من اجل إرساء أسس السلام الوطيد في المنطقة يعود بالفائدة على جميع الأطراف .
حبيب تومي / اوسلو

436
طروحات الأخ ابرم شبيرا والقوش ومأساة الآثوريين عام 1933( 1ـ 2 )
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


يبدو من العنوان اننا امام مسألة عويصة ستأخذ مساحة كبيرة لكن سأحاول جهدي اختصار الموضوع قدر الأمكان .
كتب الأخ ابرم شبيرا مقالاً تحت عنوان القوش في القلب والوجدان ثم عزز طروحاته حول القوش بمقال ثان وأضاف الى العنوان الأول .. والفكر أيضاً ، لقد اعقب على المقال الزملاء مايكل سيبي ونزار ملاخا وفي اكثر من مقال بقلم الصديق صباح ميخائيل برخو . وفي مقالي هذا لا اروم التطرق لما طرحه الزملاء ، لكن هذا المقال سيكون بمثابة اضافة لما ورد في هذه المقالات بغية توضيح الحقائق كما هي بعيداً عن التوجهات الأديولوجية الأقصائية التي باتت رائجة . 
الكاتب ابرم شبيرا يقع تحت خداع حواسه حينما يريد ان ( يرى ) الأشياء دون ان يقدم لنا قرينة مدونة او مكتوبة ويروم ان يكون شاهداً بالوهم والرغبة ويريد ان نشهد معه ايضاً ، إنه يرى ما يريد ان يراه فحسب ، وان يحبس القارئ في شرنقته ولا يقبل الأفلات منها . إن الكاتب أبرم شبيرا يدعونا لرؤية الأشياء عبر العدسة الخادعة التي تحتوي سلفاً صورة الشئ الذي يريد  الناظر اليها ان يراه خلالها . وبهذا يضمن الأخ شبيرا تمرير فكرته بعد صياغتها في القلب والوجدان لأزالة كل الشكوك والشوائب عما ترمي اليه رسالته اللابريئة .
نحن امام حاجة اديولوجية غايتها اسباغ واقع سياسي مطلوب وينبغي اختراع تاريخ ملائم لأمرار تلك الحاجة ومنحه مسوغاً تاريخياً ليكتسب الشرعية ، واعتقد أن هذا السلوك سلكه صدام يوم أراد إعادة كتابة التاريخ والسيد أبرم شبيرا ورهطه يعيدون نفس النغمة . فالكاتب ابرم شبيرا تتجلى طروحاته الأديولوجية عبر كتابه المعنون " الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر " الذي اراد ان يضرب عصفورين بحجر ، من ناحية يخاطب الفكر العراقي ، ولكن المهم عند أبرم شبيرا هو تمرير فكره الأديولوجي الأقصائي قبل مخاطبة الفكر العراقي ، وفي القوش نقول : ( كمحكي امد بلاّ  تشامي كَاري ) ، أي يخاطب الباب ليسمع السطح . إنه يعاتب الحزب الشيوعي والأستاذ مسعود البارزاني وغيرهم لأنهم صرحوا بعبارة الكلـــدان والآشوريين ، فكان عليهم ان يصرحوا بالآشوريين فقط ، او كان عليهم ان يميزوا بين الأسياد من الآشوريين والعبيد من الكلـــــدان . وإنهم لم يلتزموا بالمبدأ الذي اخترعه السيد شبيرا وبعض الكتاب العنصريين بأن الأشورية قومية والكلدانية مجرد مذهب كنسي لا غير .
ومن باب الأنصاف القول ان الأستاذ ابرم شبيرا وبقية الكتاب الاشوريين ولا اريد ان اذكر اسماءهم فهم معروفون ، هؤلاء جميعاً يقرون ويعترفون بحقوق الأقليات والأكثريات العراقية ، يعترفون بالعرب والأكراد والتركمان والأرمن ، لكن حينما تصل الأمور الى حقوق الكلدانيين القومية يبرزون لنا وصايتهم على هذا القوم ، فالكلدانيون بعرفهم ليس لهم حقوق الأقليات الأخرى ولا تشملهم حقوق الأنسان وليس لهم حق الأختيار فأبرم شبيرا ورهطه اوصياء عليهم ، فحينما يسألني أحدهم عن قوميتي سأرسلة الى ابرم شبيرا ليجيب عني .
يقول الأستاذ شبيرا
( .. أسم الحركة الديموقراطية الآشورية أو الحركة الآشورية أو تسمية الآشوري وحدها حسبما يتطلبها السياق التاريخي والمنطقي لهذه التسمية. أقولها صراحة وبلمئ الفم والعقل بأن كل من يعتقد بأنه عندما ذكرت كلمة الآشوريين أو الأشورية في المقال السالف الذكر هو إلغاء وإمحاء لبقية تسميات أمتنا الكلدانية والسريانية فهو غبي وأن كل من يحاول بالأسم الآشوري بلع وهضم بقية تسميات أمتنا الكلدانية والسريانية فهو أغبى .. ) انتهى الأقتباس
والآن نعود الى ما يكتبه شبيرا في كتابه المطبوع الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر ص15 يقول :
يعد من نافلة القول والأطناب تكرار التأكيد في كون الآشوريين هم ، من الناحية القومية ، تقريباً ، معظم ابناء الطوائف الكلدانية والسريانية والمشرقية ( النسطورية ) في العراق ، فبغنى عن التسمية الآشورية العامة والشاملة لجميع هذه الطوائف ، سواء اتفقنا معها ام اختلفنا .. كونهم شعباً واحداً او مجموعة قومية واحدة ، برغم الأختلاف الطائفي والكنسي بينهم وتعدد تسمياتهم ..
هل ان السيد شبيرا يعترف بالقومية الكلدانية ؟ ام أنه يعترف بالكلدانية كذيل مهين للاشورية العظيمة ، هل يعتقد شبيرا اننا بهذه السذاجة لأنه يتكرم علينا حينما يصرح ويدعو الشخصيات والأحزاب السياسية بجعل الكلدانية طائفة من الطوائف الآثورية ، إن مكرمتك يا سيد شبيرا لسنا بحاجة اليها ، ومرجوعة اليك فنحن قومية كلدانية عراقية أصيلة وإننا جزء من المجتمع العراقي وجزء من شعبنا المسيحي ولسنا جزء من الآشورية .
سنكون شاكرين للسيد ابرم شبيرا لو تكرم وأحاطنا علماً بالمذهب الكنسي الكلداني ، معلوماتنا وصلت الى معرفة المذهب الكاثوليكي والمذهب البروتستانتي والمذهب الأرثوذكسي ، والمذهب النسطوري الذي طويت صفحته ؟
 

وسيبقى هذا السؤال مطروحاً لكل من ينادي بهذه الفرضية التعبانة والتي تصل الى تخوم السخف في عرضها كمقولة استفزازية لا أكثر .
إنها كنيسة كلدانية كما هي كنيسة ارمنية او آثورية او انكليزية او عربية او كردية ، وهذه كلها تدل على الأقوام والشعوب وليس لها معاني لمذاهب كنسية ، وكفاية ترديد الكذبة التي لم تعد تنطلي على أحد .
لقد بات كل من هب ودب وتعلم القراءة والكتابة في مدارس مكافحة الأمية وتربى في الأحزاب الآشورية القومية بتعبيره السقيم الذي يصل حد السخافة بقوله : الآشورية نعني بها المذاهب الكنسية ( الكلدانية والسريانية والكنيسة الشرقية أو الآشورية بمذاهبها ) . هذه المقولة تدل على فكر شوفيني عنصري وسياسة طفولية ساذجة تدل على سذاجة وضحالة مطلقيها دون تمييز .
يقول الأستاذ ابرم شبيرا في مقاله :
( ..فالعثمانيون كان يحقدون أشد الحقد على هذه البلدة لأن أهاليها كانوا من المؤيدين للحركة القومية الآشورية .. ) انتهى الأقتباس .
إنها فرضية ساذجة لا يصدقها تلميذ في الصف الأول الأبتدائي ، عن اية مشاعر آشورية يتحدث الأستاذ أبرم شبيرا ؟ وهل كانت مآسي الآثوريين انفسهم لكونهم آثوريين ام لأنهم مسيحيون ؟ ما ارتكب بحق الآشوريين اشترك فيه الأتراك والأكراد والفرس والعرب ( المسلمين ) والجانب الآخر هم من ( المسيحيين ) فمن السطحية ان نقول ان الآثوريين تعرضوا لتلك الأحداث الدامية لكونهم يحملون مشاعر قومية آثورية وهل كانت القوش بوضع لكي تسحرها الأفكار الآشورية ومن كان يحمل تلك الأفكار وينادي بها ؟ إنه تفكير غريب عجيب ان نخلق شئ من لاشئ  . سأحمل الأخ شبيرا قليلاً من التعب بأن يفتح كتاب هرمز أبونا ( صفحات مطوية من تاريخ الكنيسة الكلدانية ص273 ) والتي ورد فيها نص وثيقة بريطانية باللغة الأنكليزية ومترجمة الى العربية وهي عبارة عن عريضة استرحام مرفوعة الى السفير البريطاني وكتبها 45 من الوجهاء في حكاري وبوتان وبرور وتاريخها في 8 / 8 / 1857 يقولون نحن وجهاء النساطرة وفي اللغة الأنكليزية أيضاً يقولون :
.. up in the name of the Nestorian nation ..
وبالعربية يختمون مذكرتهم يقولون : لكي تحصلوا لنا على فرمان باسم " الأمة النسطورية " او باسم ايرميا .. لماذ لم يذكر هؤلاء الأمة الآشورية او الآثورية إن كان مثل هذه المشاعر القومية كما تدعون ؟
وسأكلفك ايضاً انت والكتّاب الآشوريين الآخرين ان تفتحوا كتاب رحلة متنكر الى بلاد ما بين النهرين وكردستان تأليف سون والذي اتخذ اسم ميرزا غلام حسين شيرازي ، وهو يصف كل المسيحيين في المنطقة ومن ضمنها جبال حكاري بأنهم كلدان ، وحتى البطريرك النسطوري الى سنة 1930 كان يكتب البطريرك الكلداني ، وها هو المنشئ البغدادي وهو ايراني واسمه السيد محمد بن احمد الحسيني المنشئ البغدادي يقول في رحلته التي كانت سنة 1822 يقول عن المدن التي مر بها في الموصل وغيرها من المدن  يقول ص85 ـ 86 ) :
ومن دير الربان هرمز الى القوش فرسخ واحد وهذه القرية نفوسها نحو الفي بيت كلهم من الكلـــــــــدان وجبلهم هذا في حكم باشوات العمادية ، وإن القوش نصف منها يعد من الموصل والنصف الآخر يعتبر من العمادية .
 ومن القوش الى تلسقف اربعة فراسخ .. وفيها الف بيت كلهم كلـــدان .
 ومن تلسقف الى تلكيف فرسخان وهذه تبلغ الفي بيت كلهم كلـــــــــــــدان ، فانا اطلب اخواني الكتاب الآثوريين ان تقرأوا قبل ان تكتبوا لطفاً .
يقول الأخ شبيرا في مقاله :
( أما المناضل توما توماس فقد ألتقيت به عشرات المرات وعقدنا سوية جلسات سياسية وقومية وحزبية طويلة وكانت أخرها في دمشق وقبل رحيله ببضعة أيام. وفي جميع الحالات، خاصة عندما كانت اللقاءات في مقر الحركة الديمقراطية الآشورية في دمشق كانت المناقشات تدور عن نضال شعبنا وسبل نيل حقوقه وكانت زوعا محور مناقشاتنا سواء بالنقد أو الإرشاد ونحن نستمع إليه ونناقشه وكانت علاقته الرفاقية مع زوعا قوية سواء كانت محتكرة لساحة النضال أم لا ) انتهى الأقتباس
يا اخي الفاضل ابرم شبيرا كانت حواراتكم مع المناضل العراقي الكلــــداني توما توماس تريدون منه ان يؤمن بتنظيراتكم الأقصائية الشوفينية وتريدون ان تلغوا تاريخ شعب وهكذا قال لكم المرحوم توما توماس كلام كثير وهذا غيض من فيض وهو اقتباس من مقال للأخ نبيل دمان حول رسائل توما توماس . يقول :
(( إن من هم كلــــــدان لا يمكن تبديلهم بجرة قلم الى آشوريين كما يحلو للاخوة  الآشوريين ذلك ، إنه تعقيد للعمل القومي والوحدة وإنها آمال البعض بإحداث انقلاب في التاريخ . إن إصرار الآشوريين على التسمية كما قلنا هي استحالة العمل ووحدة الشعب )) انتهى الأقتباس من رسالة توما توماس .
 ومن حقنا ان نتساءل فمتى ترجعون عن افكاركم الأتاتوركية العنصرية ؟ وإن لم تكن هذه الأفكار الأقصائية عنصرية اتاتوركية ، فهل نقول عنها انها افكار ديمقراطية ليبرالية ؟
 ودائماً مع الأخ شبيرا يقول :
(عندما تقدمت قوات الليفي في بداية العشرينيات من القرن الماضي إلى مدينة الموصل ودخلتها كان لا يزال العادات والسياسات العثمانية الظالمة تمارس ضد المسحيين، حيث لم يكن للمسيحي الحق ركوب الحمار أو الحصان والمرور في شوارع أو أسواق المدينة كما كان مطلوباً منه أن يحمل على كتفه منشفة لكي يمسح بها المسلم المار به يده أو وجهه وعندما سيطر قوات الليفي الآشورية على المدينة أوقفت هذه الممارسات اللاإنسانية بحق المسحيين... هذه حقائق تاريخية وليست حكاية جدي!!! ولا هي نزعات طائفية مقيتة ؟؟؟ ) انتهى الأقتباس
اجل كانت ثمة معاملة لا انسانية بحق المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى ومنهم اليهود واليزيدية ، ولكن حينما قامت الدولة العراقية الجديدة وأسس فيها حكماً ملكياً دستورياً أمست هذه الظاهرة  في طريقها الى الأختفاء فكان للأقليات الدينية حضور ملحوظ  في الحياة السياسية والأجتماعية والأقتصادية  في العهد الوطني الملكي ـ ولم يكن جيش الليفي في موقع ان يدافع عن هذه الأقليات وكلامك بعيد عن الحقيقة والمقولة  التي تذكرها ليس لها نصيب من الصحة على  ارض الواقع ، فقوات الليفي الاثورية لم تكن بموقع مساعدة مسيحيي العراق من كلدان وسريان لا سيما بعد احداث واجواء العداوة التي تولدت في الموصل بعد احداث 15 آب 1923 والتي كان سببها مشادة كلامية والتي ذهب ضحيتها 18 إصابة بين قتيل وجريح ( عبد المجيد حسيب القيسي 27 ) . ونقرأ في المصدر السابق والكاتب  بحق منصف للاثوريين من بين كل المصادر التي تتحدث عن القضية الآثورية ومنهم المورخ عبد الرزاق الحسني ، وعبد الرزاق محمد اسود ( موسوعة العراق السياسية ) ، وعبد الرحمن البزاز وغيرهم.
 يقول القيسي عن تلك الأحداث ص 96
( الآثوريون قوم وافدون وإن ادعوا لهم ماضياً وتاريخاً سابقاً في العراق وهم اقلية مسيحية نسطورية المذهب لا يتفق جميع المسيحيين على تخريجاتهم حول طبيعة السيد المسيح . ويضيف الكاتب :
كمجتمع لا ينظر اليهم المسلمون بعين الود والأرتياح . وما يزال العرب والأكراد والتركمان في الموصل وكركوك يذكرون اخبار صدامهم معهم .. كما لا يزال الرأي العام العراقي يذكر مواقفهم المتشددة في عصبة الأمم لعرقلة اكتساب العراق عضويته استكمالاً لاستقلاله . وفوق كل هذا فإن وثيق صلتهم بالأنكليز اوضح من ان تحتاج الى بيان وبالتالي فالآثوريون قوم لا ينتصر لهم عرب ولا اكراد ولا سنة ولا شيعة بل ولا مسيحيون ) . فسؤالي للاخ شبيرا هل يكون بمقدور هؤلاء ان يساعدوا الكلــــدان او السريان في الموصل او غيرها من المدن العراقية وهم بالأساس يبحثون على موطئ قدم للأستقرار ؟ 
في تمريرة اخرى يقول الأستاذ شبيرا :
( وهل ننسى الإستاذ المرحوم أبرم عما أبن ألقوش البار والأب الروحي للحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) الذي لعب دوراً أساسياً في البناء الفكري والتنظيمي للحركة لتجد طريقها نحو المسار القومي الشامل لكل طوائف أمتنا ).
يا سيد شبيرا نحن الكلدانيين لسنا طائفة من طوائف ( امتك ) ، نحن قوميتنا كلدانية وإن شئت ان تحترمنا حقاً عليك ان تحترم مشاعرنا وتحترمنا كما نحن وليس كما تريد ان نكون .
في فقرة اخرى يقول الزميل ابرم شبيرا :
( وفي كانون الأول من العام الماضي أحتفل الألقوشيون في ألقوش وأقاموا دورة في كرة القدم بمناسبة إستشهاد البطل هرمز.... لماذ أحتفل الألقوشيون بهذه المناسبة ولم تحتفل قرية كوريكفانه، قرية الشهيد هرمز وقرية يونادم كنا ايضاً؟؟؟؟ الجواب معروف ولا لبس فيه ) . انتهى الأقتباس .
 
(( هذا شرح لصورة لم تظهر على موقع عنكاوا ـ الشهيد هرمز ملك جكو مع مجموعة من المقاتلين وأنا شخصياً عملت معه في هذه الفترة في جبل عقرة ودشتة دنهلة ولدي بعض الشكوك الضعيفة بأنني على يمين هرمز ملك جكو ، والصورة قد مضى عليها اكثر من 45 سنة فمن الجالسين الثالث على اليمين هو صديقي صبحي وكنا سوية مع هرمز )).

يا اخي ابرم ابرم شبيرا أنا اقول لك الجواب وأنا ابن القوش وعملت مع المرحوم الشهيد هرمز ملك جكو وكنت معه فوق جبل عقرة وفي دشتة دنهلة وفي .... ويوم استشهد كنت من ضمن من حملوا المرحوم والشهداء الآخرين الى سينان وشيخ خدر ، لقد عملنا مع هذا الرجل وكان يحمل فكر ديمقراطي لم يكن مثلكم يحمل افكار عنصرية ، وكان هرمز ملك جكو يحب القوش كما هي وليس كما يريدها ان تكون ، ولهذا ترى الألاقشة يحترمون هرمز ملك جكو لشجاعته ولنكران ذاته حيث كان له بدلة واحدة وقميصين ، كان هرمز نموذجاً للأخلاق الحميدة والأفكار النيرة ، ولم يعمل يوماً الى ما يفرق شملنا ، لكن جئتم انتم المفكرين واختراعتكم  القومية الأيديولوجية والتي استخدمها قبلكم ، كمال اتاتورك وصدام حسين بحق الأقليات وأنتم تريدون الأقتداء بهؤلاء ولا تريدون الأقتاء بالأفكار الديمقراطية والليبرالية ومبادئ حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ،فأين انتم من هرمز ملك جكو ؟
لا اريد التطرق الى كل ما ورد من مغالطات في مقال الأستاذ  شبيرا لأن الزملاء قد ردوا على تلك الفقرات بالتفصيل .
لكي لا ابتعد عن الموضوع اعود الى عنوان المقال وبالذات عن المآسي التي حلت بالآثوريين عام 1933 واخص بالفترة التي كان لألقوش دوراً في هذه الأحداث .
إن التطرق الى المسألة تأخذ مساحة كبيرة وحتماً سوف اعود الى المسألة الآثورية لأعرضها في مقال خاص بكل حيادية وتجرد . لكن في هذا المقال ساتناول الأحداث التي احاطت بألقوش في هذه الأزمة .
كتمهيد للأحداث الدموية كانت عوامل لعبت دورها ، اول هذه العوامل سفر الملك فيصل الأول الى لندن ومن هناك سفره الى جنيف لتلقي العلاج .
العامل الثاني استلم رئاسة الوزارة رشيد عالي الكيلاني وهو رجل ميكافللي لا يعدم وسيلة مهما كانت وضيعة لتحقيق اهدافه ، والى جانبه كان الأمير غازي وهو شاب ليس له خبرة في الحياة وفي التجربة السياسية وكان منخدعاً بالشعارات القومية الثورية .
من جانب آخر فإن مار شمعون ايضاً كان شاب طموح ويقول القيسي 105: وقد جاءته الزعامة وهو في مدارج الصبا فتشبث بها وأعد نفسه لها وقرر ان يخلص لها ويدافع عنها ، وهو شديد الأعتزاز بها وشديد الأعتداد بنفسه وببني قومه وتقاليدهم وما ورثه عنهم بحكم مركزه من حقوق وامتيازات وواجبات تاريخية مدنية ودينية .
كان وزير الداخلية في هذه الفترة حكمت سليمان المعروف بثقافته الاتاتوركية وهو يعتبر كلامه اوامر لا يمكن مناقشتها ، هذا على الرغم ان مار شمعون كان في منتهى الكياسة والأدب والأخلاق حينما  كتب له عن موضوع تقديم تعهد بعدم قيامه بأية اعمال تخل بأمن العراق ، فيبدو للوزير انه مجرد اجابته يعني انه اعلن العصيان ، وكما يصف المؤرخ الحسني رسلة مار شمعون بأنه وجه الى شخص الوزير كتاباً سليط اللهجة كان اشبه منه بقنبلة بوجه وزير دولة .
 فأصدر وزير الداخلية امراً باعتقال المار شمعون وبعض اهل بيته في بناية جمعية الشبان المسيحيين ببغداد وبمعنه من الخروج منها ما لم يقدم التعهد المطلوب منه ( بالنظر لتشعب الأحدات في تلك الفترة ساتناول هذا الموضوع كما وعدت القارئ الكريم ونتطرق الى كل جوانبه ) .
للمقال تكملة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر  :
 1 ـ عبد المجيد حسيب القيسي " هوامش على تاريخ العراق السياسي الحديث ( ألاثوريون ) " مركز الموسوعات العالمية ، لندن سنة 1999
2 ـ رحلة المنشئ البغدادي ، نقلها الى العربية عباس العزاوي المحامي . بغداد 1948
 3 ـ حبيب تومي " القوش دراسة انتروبولوجية اجتماعية ثقافية " مطبعة الديوان بغداد 2003
4 ـ هرمز ابونا " الآشوريون بعد سقوط نينوى ، م 8 صفحات مطوية من تاريخ الكنيسة الكلدانية " كاليفورنيا 2004
5 ـ ابرم شبيرا " الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر " دار الساقي ، بيروت 2001
6 ـ عبد الرزاق محمد اسود " موسوعة العراق السياسية " المجلد السابع ، حركات التمرد والسياسة النفطية في العراق ، الدار العربية للموسوعات ط1 1986
7 ـ غازي دحام فهد الموسوي " البلاط الملكي في العراق ودوره في الحياة السياسية " الدار العربية للموسوعات ، بيروت ، 2002
فائدة
فائدة ممن اتصلت بهم مباشرة او عن طريق الهاتف وهم السيدات والسادة :
 عبد الرحيم اسحق قلو  / كندا
عبد يوسف بولا اسمرو / النرويج
 فرج يوسف بولا اسمرو / النرويج
 يوسف شامايا / استراليا
 مكّو يوسف بولا اسمرو / النرويج
سالم تولا / امريكا
حنا كوكّي  / المانيا

437
أجل شباب تلسقف وألقوش وبغديدا و.. إن كنائسنا ومدننا أمانة في اعناقكم
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

 هنالك مثل عراقي ذو مغزى يقول : ( عينك على مالك دواء) أي ان حرصك على اموالك لا يضاهيه  حرص آخر ، وأنت مؤهل اكثر من غيرك ، وأنت سيد العارفين في بيتك وحيّك ومدينتك  وأعرف بزواياها وشعابها لكي تذود عن حياضها .
 في كل العصور كان الشباب هم المؤهلون لتحمل المسؤوليات الجسيمة والخطرة ، والجيوش تختار دائماً الشباب لخوض المعارك ، فمنذ ان كان الأنسان الأول يتعاطى الحجر في دفاعه وهجومة على الحيوانات الكاسرة الى ان انتقل الى استخدام القوس والنشاب ثم استعمل  السيف والرمح والرمي بالمنجنيق ، ومن ثم توصل الى استخدام  البارود والبندقية والمدفع ، واخيراً القنابل الذكية والصواريخ البالســتية ، فكان الشباب في كل هذه المراحل هم من ينوء تحت وطأة المهمات العســكرية في كل العصور والدهور .
أجل ايها الشباب إن الفضيلة عند الشباب تكمن في بواطن التضحية من اجل المقدسات وفي مجتمعاتنا ان ذروة المجد هي في التفاني من اجل الشرف او الدين او المال او الوطن ، ونحن نعرف ان المهمة ليست يسيرة لكن أمام إرادة الشباب تقهر كل الصعاب .
 يقول فريدريك نيتشيه على لسان زرادشت عن الأرادة : (( ان الارادة تنقذ ولكن ما هو تصور الارادة في عملها للتخلص من دائها وهدم جدران سجنها .. إن الزمان لا يعود ادراجه وهذا ما يثير غضب الارادة وكيدها ، فهناك صخر لا طاقة للارادة برفعه ، وهذا الصخر إنما هو الأمر الواقع .. ويضيف في مكان آخر : إننا لن نتردد في تسلق جبال أعلى من هذا الجبل ، إذا كان من اعتلائنا ما يبسط امامنا مشاهد تقشع الغشاء عن العيون وتجعل بصرها حديداً .
لقد انقطعنا الآن عن الصراخ في طلب النجدة لأن قلوبنا قد تفتحت وامتلأت حبوراً ونكاد نستعيد قوانا وشجاعتنا )) .
واليوم وطننا يمر بمحنة ، فالحكومة لحد الآن ليست مستقرة وليس بمقدورها ان تحمي المواطن والمعابد والمؤسسات ، إنه ظلم واستبداد المجتمع وليس الدولة ، فالسلطات الحكومية تكون غائبة حين وقوع هذا الأستبداد بحق الأقليات إن كان من قبل العصابات التي تبتز المواطن او من قبل الميليشيات التي تعمل تحت مسميات دينية . لذا نطلب من شبابنا في مدننا القوش وتلكيف وتلسقف وباطنايا وبغديدا وكرملش وباقوفا وبرطلي ومنكيش وعنكاوا .. وفي كل بلداتنا وقصباتنا الجميلة  ان يتطوعوا في أجهزة الأمن والشرطة لحماية كنائسنا ومؤسساتنا وأموالنا وأعراضنا وأن تساهم في بسط الأمن والأستقرار في ربوع وطننا العراقي العزيز بالتعاون مع السلطات الحكومية .
 لقد كانت مسألة التطوع في الجيش والشرطة سابقاً مسألة شخصية ، لكن الآن ندعو لهذا التطوع لأنها لم تعد مسألة شخصية فحسب ، إنها مساهمة فعالة في درء الأخطار عن كنائسنا ومقدساتنا في وطننا . إننا نقدر جسامة وخطورة المهمة ، لكن ما باليد حيلة فإن تقاعس  شبابنا من النهوض بهذه المهمة ولم يتحملوا المسؤولية ، فمن يستطيع القيام بهذه المهمة غيرهم ؟ إن الأخطار تحيق بشعبنا وعلى الشباب تقع المسؤولية بالدرجة الأولى لدرء هذه الأخطار ، أجل إنها مهمة شاقة وخطرة وصعبة لكنها مطلوبة وضرورية .
وقرأت بهذا الصدد  خبراً مفاده :
نقل بيان صدر عن الجيش الامريكي، وتلقت الوكالة المستقلة للأنباء (اصوات العراق) نسخة منه الاربعاء ان برنامجا نفذ لتجنيد اكثر من 700 من ابناء الديانة المسيحية في قوات الشرطة العراقية، بهدف المساعدة في حماية مناطقهم." مشيرا الى ان اختيار المتطوعين بدأ منذ يوم الاثنين الماضي، ولمدة ثلاثة ايام في قضاء تلكيف ذات الغالبية المسيحية.
من جهته، قال مصدر مسؤول في قيادة شرطة نينوى، ان "عدد المتطوعين الذي سيتم قبولهم، لن يتجاوز الـ(250)، بعد تدقيق شروط تعيينهم فيما يخص أعمارهم ولياقتهم البدنية والصحية، وانهم سيكلفون بحماية الكنائس الموجودة في عموم محافظة نينوى."
 ونفس الخبر بصيغة اخرى يقول :
اعلنت القوات الاميركية في العراق عن بدء عمليات تجنيد مئات المسيحيين العراقيين لحماية امن كنائسهم من الهجمات الارهابية .
وقالت القوات في بيان الى "ايلاف" اليوم ان العشرات من المسيحيين قد اصطفوا للانضمام الى قوات الشرطة العراقية خلال حملة تجنيد في تلكيف شمال مدنية الموصل (375 كم شمال بغداد) وذلك للمساعدة في حماية احيائهم في الموصل . وقال قائد وحدة التحالف في المنطقة العقيد مايكل بيلز"سوف تساعد حملة التجنيد هذه على تعزيز الاقتصاد من خلال توظيف هؤلاء الاشخاص بالاضافة الى تعزيز الجهد الامني" . ومن المنتظر انتقال عمليات تجنيد المسيحيين هذه الى بغداد ومناطق عراقية اخرى لحماية دور عبادة المسيحيين ورجالاتها هناك .
 في عام 2004 لاحظت في القوش كيف يتحمل الشباب مهمة الحراسات من المتربصين بمن يريدون ان ينالوا من أمن واستقرار هذه المدينة المسالمة ، وهذا ما نقرأ عنه عما يقوم به شبابنا من الحراسة في بغديدا وربما هناك حراسات أخرى يقوم بها الشباب في كل قصباتنا ، وهذا امر يستحق التقدير والتعضيد من لدن الجهات التي تمنح المساعدات في هذه الأحوال .
واليوم نقرأ خبراً مفرحا من اصطفاف اعداد كبيرة من شبابنا للتطوع في سلك الشرطة لحماية الكنائس .
 في الحقيقة ينبغي على الحكومة ان تنهض بالواجبات الملقاة على عاتقها وحماية المعابد والأماكن المقدسة والمؤسسات والمواطنين هي من صلب واجبات الحكومة . لكن في ظل الظروف الأستثنائية التي يمر بلدنا ينبغي على ابناء شعبنا ان يساهموا بهذا الجانب قدر إمكانياتهم المحدودة ، فالبديهية التي تقول ان الحكومة عاجزة ان تتصدى لقوى الأرهاب فكيف لأقلية دينية محدودة ان تقوم بهذا الواجب العسير ؟
وهنا ينبغي على الحكومة ان تبارك وتساعد كل جهد يساهم في عملية المحافظة على الأمن والنظام ، ويتعين ان يكون دور الحكومة أيجابياً مساهما وليس لا أبالياً وكأن القضية محصورة في تلك القرية او البلدة .
 وفي الحقيقة إنني افتقر الى المعلومات الخاصة بتمويل الحراسات الليلية في القوش وبغديدا وربما في مناطق أخرى .هل تقوم بها الحكومة ام هناك جهات اخرى تساهم في عملية التمويل  ؟
 وأتمنى ان تكون الحكومة هي التي تساهم بهذا المجهود ، إذ ان واجبها هو حماية المواطن وعندما ينهض حراس من هذه البلدات بهذا الواجب فيقتضي على الحكومة ان تزودهم بالسلاح والتجهيزات اللازمة وتمنحهم الرواتب .
بارك الله بجهود هؤلاء الشباب وشجاعتهم ، والأمل يغمرنا في ان يعود الأمن والأمان الى ربوع عراقنا الحبيب ، وتكون القوات الحكومية قادرة على  بسط النظام والقانون وأن يكون في مقدورها حماية الأقليات الدينية من اليزيدية والمسيحيين والمندائيين والشبك . إن استقرار وأمن الأقليات هي خطوة مهمة لكي تبدأ عجلة التنمية بالدوران والتقدم نحو الأمام اسوة بأقليم كردستان الذي يقوم أبناؤه من البيشمركه بحراسته والسهر على امنه  .
 حبيب تومي / اوسلو


438
موقع نادي بابل الكلداني في النرويج في حلّته الجديدة
بمبادرة من المسؤول الفني للموقع ، المبدع كاميران اودو تم تجديد موقعنا على الأنترنيت ، موقع نادي بابل الكلداني في النرويج ، حيث ظهر بحلته الجديدة كما ان الموقع برمته بأخباره ومقالاته ومناسباته يمكن مشاهدتها باللغة الأنكليزية ، ونحن بصدد تطوير الموقع أكثر ليشغل حيّزاً متميزاً بين مواقع شعبنا ، ونحن نجدد ترحيبنا بالمقالات السياسية والفكرية التي تمجد وحدة العراق وتقدس هويته ، وتعمل على توحيد خطاب وكلمة شعبنا المسيحي من الكلـــدان والسريان والأرمن والآشوريين . اهلاً بكم في موقعنا
www.nadibabil.com
                                               نرحب بكم ولكم محبتنا وأخلص تحياتنا
                                                                  حبيب تومي

439
            الحركة الديمقراطية الآشورية وفوبيا النقد البنّاء
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

هناك من يقول ان قول الحق يفقدك الكثير من الأصدقاء إن لم يكن جميعهم ، وهذا ما يحصل لي ، يبدو انني سأخسر المزيد من الأصدقاء لأنني أكتب ما أرى فيه الحقيقة . ولست هنا بصدد الدفاع عن نفسي ، لكن كتوضيح أنني لست شاعراً هجائياً او مداحاً ، إنما اكتب بما أرى فيه الحق وأثبت كلامي بما يتوفر لدي من معلومات ومصادر اعتمد عليها ، وإن كان هذا الكلام يغضب او يسعد شريحة معينة فأنا مقتنع بما أكتب وحالما يقنعني احدهم بخطأي فإنني سأعتذر له امام القارئ الكريم .
 وفي معرض كتاباتي المتواضعة ، المفارقة ، ان تكون ردود الأفعال العنيفة ـ والأرهاب اللفظي كما وصفته في مقال سابق ـ تأتيني ( فقط ) من المركب الذي يقل رواد الحركة الديمقراطية الآشورية ومن يتغزلون بخطابهم السياسي والفكري  . لكن رد الفعل العنيف هذا وفوبيا النقد ليس له هذا الوقع على جهات اخرى من تنظيمات شعبنا ولا يصدر منها ردود فعل عنيفة غير عادية . 
المشروع النقدي الذي اميل اليه في كتابة المقال ، ولقد تناولت فيه جهات عديدة ـ وانا هنا اتكلم عن القضايا التي تخص شعبنا وليس المقالات التي اكتبها بالشؤون العراقية العامة ـ لقد كتبت عن قناة عشتار وقلت انها منحازة الى الخطاب الاشوري ، وينبغي ان تكون حيادية ومنصفة بين مكوناة شعبنا من الآشوريين والآرمن والكــــلدان والسريان ، فليس معقولاً ان يلبس المذيع او المذيعة  ازياء القوش او تلكيف او بغديدا ولكنه ( ولكنها ) تنفر من لهجة القوش او بغديدا فتتكلم الآشورية فحسب وهذا يعتبر نوع من الضحك على الذقـون . لماذا تنفر من لهجتنا الكلدانية ؟ في حين يغلف المذيع بأزياء لمدن وقرى
 كلدانيــــة ، وأنا ليس أمامي إلا ان اقول الحقيقة بأن المذيع الذي يلبس ملابس القوش ينبغي ان يتكلم بلغة القوش عندها سوف لا نحتاج الى مترجم وهذا ينطبق على المدن الأخرى .
 اوجه نقدي لشرائح متمكنة مادياً من شعبنا الكلداني وهي لا تعمل شيئاً لشعبنا الكلداني ، وأنتقد شرائح شعبنا الكلداني ايضاً لعدم مؤازرتها لأحزابنا الكلدانية التي تعمل في الساحة السياسية العراقية وأوجه نقداً لكتابنا الكلدانيين لسكوتهم عن حقيقة تهميش شعبنا بيد أشقائنا .
 ووجهت كلمات النقد للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وعن طريقة توزيع المساعدات وفي امور أخرى ، وأوجه النقد اللاذع لمن يحمل الفكر القومي الشمولي الأديولوجي لمن يكتب المعادلة الساذجة التافهة بقوله الآشورية تعني المذاهب الدينية الكلدانية والسريانية والنسطورية ، وهؤلاء قد تربوا وتدربوا بالمدرسة القومية الشوفينية العنصرية التي تلغي كل الأقوام وتبقي قومها المتفوق ، والأحزاب الآشورية القومية تدور في فلك هذه الفكرة المقيتة مع الأسف . وهؤلاء الذين يطلقون مثل هذه الخرافات يعلمون جيداً ان هناك مذاهب مسيحية معلومة هي البروتستانت والكاثوليك والأرثوذكس والنسطورية ، ولا يوجد مذهب كنسي يعرف بالمذهب الكلداني ويعرفون تمام المعرفة انهم ( لا أقول يكذبون ) وإنما هم غير صادقين مع انفسهم ومع الآخرين .
غالباً ما ادعو الى التمسك بمبادئ حرية الأقليات التي تقرها لوائح ونصوص حقوق الأنسان ، لكن يبدو ان الأحزاب القومية الآشورية لم يطلعوا على هذه اللوائح في حياتهم .
الحركة الديمقراطية الآشورية يفترض ان يكون لها صدر واسع لسماع ونقاش أي خطاب نقدي للحركة ، أن هاجس الخوف الذي يؤرق الحركة عن كل كلمة نقد تقال هنا او هناك أمر يدعو الى الدهشة ، فالمؤكد ان الحركة الديمقراطية الآشورية  يقودها بشر مثلنا وهم معرضون لاحتمالية الخطأ  والصواب في قراراتهم ، ولا يمكن ان يكونوا في منأى عن متناول المنتقدين .
 مع الأسف خطاب الحركة الديمقراطية الآشورية لا يتسم بالواقعية وهي تلجأ إما الى الممانعة وهي حجب الأقلام الناقدة لخاطبها ، وهي او كتابها لا يواجهون الحجة بالحجة او الكلمة بالكلمة إنما يواجهون الحجة بالتهمة ، ونحن الكلدانيين تواجهنا لائحة اتهاماتهم لنا على فرض اننا نعمل على تشظي مكوناة شعبنا وهذه تهمة ليست من الصغائر .
 من المفارقات الغربية ان منابر الحركة الديمقرطية الآشورية تحجب مقالاتي في حين تنشر المقالات التي ترد على مقالاتي النقدية وهذه عملية لا أخلاقية بموجب مبدأ حرية الرأي والرأي الآخر  .
 زعمت في مقال سابق ان اكيتو عيد بابلي كلداني وأنه زوّر وجعل منه عيد آشوري بحت ولم يتصدى لي كاتب وأثبت بطلان ما زعمته بمصادر تاريخية . زعمت ان الحركة الديمقراطية اشتركت في الثورة الكردية لكننا لم نسمع عن خوضها لمعركة ضد القوات الحكومية ، في حين انا مستعد ان اسرد المعارك التي خضناها مع المرحوم توما توماس والشهيد هرمز ملك جكو . لقد انبرى بعضهم تضامناً مع الحركة الديمقراطية الآشورية فلم يعد ينشر مقالات حبيب تومي ، وبعضهم يجعل من حبيب تومي عدواً للاشوريين ( كذا ) ، هذه هي الردود على مقالاتي النقدية ألم اقل ان الكلمة تواجه بالتهمة .
 وأقول للحركة الديمقراطية الآشورية ان هذه اساليب غير ديمقراطية بالتعامل مع الآخر ، فطروحات الحركة انها حركة علمانية  ديمقراطية ليبرالية ونتمنى ان تكون كذلك لخدمة وطننا العراقي وخدمة شعبنا .
فإن كنتم تحترمون حقوق الأنسان وحقوق الأقليات وتحترمون  من يقول ان قوميتي آشورية فعليكم ان تحترموا بنفس المقدار من يقول ان قوميتي كلدانية فالقومية الآشورية ليست افضل من القومية الكلدانية العراقية الأصيلة ، الغريب العجيب هذه الحقيقة :
 العرب ، الأكراد  يعترفون بالقومية الكلدانية الأصيلة .
 المندائيون ، السريان، الأرمن، اليزيدية ، الشبك، السنة، الشيعة ، التركمان ،الدستور العراقي . كل مكوناة الشعب العراقي تعترف بالقومية الكلدانية العراقية الأصيلة باستثناء القوميين الآشوريين من بين جميع مكوناة الشعب العراقي لهم هذا الموقف الغريب العجيب . علماً ان الفكر الأثوري وجد له موطئ قدم في  العراق وفي التاريخ المعاصر بعد الحرب العالمية الأولى ، والكلدانية كانت موجودة في كل العصور .
 نحن جميعاً عراقيين وإن كان لكم الحقوق في المناداة بالقومية الآشورية فلنا الحقوق بالمناداة بقوميتنا الكلدانية ، وإن اردتم ان نكون جميعاً تحت مظلة قومية واحدة فلا يوجد افضل من اللفظة الكلدانية التي كانت القومية العراقية الأصيلة منذ اقدم العصور الى اليوم  .
وأتمنى ان يكون لنا مساحة لسماع الآخر وقبوله ، ليس كما نريده نحن وإنما كما هو . هذه هي جذور الديمقراطية والدعوة للعمل المشترك او للوحدة المنشودة بين مكوناة شعبنا الأصيل .
 حبيب تومي / اوسلو


440
           كلام صريح عن اكيتو والمجلس الشعبي .. والزوعا 
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


قيل كلام كثير لزملاء عن احتفالية الحركة الديمقراطية الآشورية في دهوك ، وما كتبه الزملاء الأعزاء الموالين لزوعا يزعمون ان فضائية عشتار كانت مقصرة حينما احجمت عن نقل وقائع المسيرة وهم يعتبرونه حدثاً  يخص تنظيماً سياسياً لشعبنا ، وكان ينبغي على قناة عشتار ان تشير الى هذه الفعالية بشكل من الأشكال ولحد الآن الكلام منطقي لا جدال حوله .
اما إدارة قناة فضائية عشتار فترى في هذه المسيرة خروج على الخط العام المقرر سلفاً بعدم إقامة الأحتفالات احتراماً وتشريفاً لاستشهاد المطران الكلداني فرج رحو والأحتفال كان خروجاً على المجموع  . النقطة الأخرى التي اثيرت في هذا الجدل هو موضوع فصل عدد من العاملين من وظائفهم في المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري بسبب اشتراكهم في هذا الأحتفال ، وفي هذا المقام برأيي الشخصي ان هذا الأجراء كان يجب ان لا  يتخذ بحق هؤلاء فلا يجوز ان نعاقب عائلة الموظف بسبب خطأ ارتكبه هو ، وفي كل الأحوال ان اشتراك الموظف في هذه المسيرة بصورة شخصية لا يشكل أمراً خطيراً او إثماً يعاقب عليه .
وأقول في الخطاب الذي اعلنته الحركة ان المسيرة الأحتفالية التي نظمتها الحركة الديمقراطية الآشورية في دهوك بمناسبة ( اكيتو) عيد رأس السنة البابلية الكلدانية  وبموجب القرارات السياسية الحزبية وبقليل من تزوير التاريخ وبقدرة قادر أمسى اكيتو  رأس السنة الآشورية ( حصرياً ) شكلاً  ومضمونا وصافي وخالي من كل شوائب فألف مبروك بهذا الأنتصار الجديد على الأعداء الذين يتآمرون على ( الأمثا ) .
مبدئياً اقيّم ما تنهض به قناة عشتار الفضائية لما تقدمه من خدمات جليلة في تسليط الأضواء على مدننا وقرانا وعلى بعض جوانب حضارتنا ، هذا التقدير والتقييم ، لا يقف حائلاً دون توجيه النقد البناء واتخاذ جملة تحفظات على إداء القناة ، وأرى ان النقد يصحح والتزلف يفسد والسكوت في هذه الحالة افضل من عملية كيل المديح  .
وعودة للزملاء الموالين للحركة الديمقراطية الآشورية حينما ثاروا على موقف قناة عشتار  فأهمس بآذانهم بكل هدوء : ان راجعوا انفسكم ومواقفكم من الآخرين ايها الزملاء . وأرجو مقدماً ان لا يستعجل الأخوة مؤازري الحركة باتهامي بالعمالة للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، فليس لي أية صلة تنظيمية بهذا المجلس مع احترامي لمنتسبيه ولطروحاته .
 فأنا أسال الأخوة من الحركة الديمقراطية الأشورية الذين أكن لهم الأحترام أيضاً . الا يجدر بمن يطالب الآخر بالحيادية  والشفافية والأنصاف ان يتسم هو اولاً  بتلك السمات قبل ان يطالب بها الآخرين ؟
الحركة الديمقراطية الآشورية تتغنى بتاريخها النضالي ونحن نقدر هذا التاريخ ، ويغريها ما تشاهده من اعداد المحتفلين المنقولين الى منطقة الأحتفال  من المناطق الأخرى كما فعلت في القوش مع أبناء شعبنا في بعض مناسباتها .  فهل هذا التاريخ وهذا الأشتراك  تبرر ما تقوم به الحركة من كبت أنفاس الآخرين ؟
 إنها تفتح جناحيها وتطالب الجميع الأنضواء تحت لوائها والويل والثبور لمن يخالفها ، تسلط عليه سهام التخوين والعمالة وتمزيق الأمة .. فالأمان والأخلاص والوفاء لشعبنا مختزل فقط بفسطاط  الحركة الديمقراطية الآشورية وخارج  فسطاطها يسكنه الأعداء والخونة .
متى كانت قناة آشور الفضائية تنشد الحيادية والشفافية بين أبناء شعبنا ؟ ومتى كانت منصفة بحق الآخر ، (( ملاحظة  : الآخر هنا اقصد الكلدانيين والسريان فحسب ، فالحركة منصفة مع كل مكوناة الشعب العراقي باستثناء الكلدانيين والسريان التي تلغي اسمهم من كوكب الأرض )) . كانت هذه الحركة تقسم شعبنا الى فسطاطين ، الموالين للحركة وهم الأوفياء المناضلين ، والمختلفين فكرياً او المعارضين هم خونة أشرار ، إنه هاجس الخوف من الآخر الموجود خارج شرنقة الزوعا ولا أجد مبرراً منطقياً له  .
سأقرأ لكم غيض من فيض ما كانت تسطره اقلامكم الشفافة الصادقة النبيلة النزيهة اقلام المخلصين ( للأمثا ) وللزوعا  يكتب احدهم  : من .. ؟ الى .. ؟ :
إن شعبنا بحاجة ماسة الى المطارق القوية هذه الأيام لأن الأقزام كثروا ولا سبيل لمحاربتهم إلا بواسطة الأقلام المطرقة إذ انهم لا يفوقون من سباتهم المظلم إلا بالطرق على رؤوسهم .. الخ .
اليس هذا إرهاب لفظي ؟ لقد تعرضنا نحن المساكين لهذا الأرهاب  جريرتنا اننا اوفياء لتاريخنا وتراثنا وقوميتنا الكلدانية ، . الا تعترفون بحقوق الأنسان والأقليات ؟ ونحن السنا كباقي البشر ومن حقنا ان يكون لنا حرية الأنتماء كما لكم هذه الحرية ؟ بتقديري ايها الأصدقاء إن من يمارس الكراهية والرفض المجاني للآخر رغم ادعائه الثقافة فتلك المثالب اعتبرها من الخطايا التي لا تغتفر .
 لقد كان على منبر عنكاوا الحر تصلنا سهام التجريح والقدح والتشفي بشكل مقزز من اخوان لنا يدعون اننا شعب واحد ، ولا اريد الرجوع اليها ، لكننا نريد ان نطوي تلك الصفحات المؤلمة التي يمكن وصفها بأنها صفحات للأرهاب الفكري ، ونأمل ان نفتح صفحات جديدة من المصداقية والندية والشفافية والمحبة للوقت الراهن وللمستقبل .
، لقد كانت قناة آشور قناة حزبية لا تخرج عن خطاب الحركة ، ولا مكان لمن يلمح ولو من بعيد الى معارضة الحركة ، وإن هذه النظرة الأنطوائية لا زالت تفعل فعلتها في مواقع الأنترنيت التي تتبنى الفكر السياسي للحركة ، فأبوابها مشرعة امام من يغازل فكر الحركة الديمقراطية الأشورية  وهي موصدة بوجه  من يلمح لنقد هذه الحركة ، حتى موقع القوش نت المتأثر بفكر الحركة الديمقراطية الأشورية رغم انه اسمه القوش ، لا يقبل ان ينشر لكتاب ألاقشة أصلاء لأنهم لا يغازلون خطاب الحركة الديمقراطية الآشورية .
 الحركة الديمقراطية الآشورية تتفرغ للمناكفة مع الجميع لان لها أقدمية في التاريخ على الجميع وعليهم السجود لها ليلاً ونهاراً ، ونقول الأشعار والمعلقات في كيل المديح لها ، وعلينا ان لانفكر بعد الآن ( فلها مدبر ) بعد ان وضعت الحركة برنامج عمل لنا جميعاً . يؤسفني ان أقول ان هذا تفكير شمولي لا يتناسب مع حزب يدعي الديمقراطية والعلمانية والليبرالية .
 تريد الحركة ان يحترم الآخرون رأيها وان يكون لها حرية ، ولكنها هي نفسها لا تحترم حرية الأخرين ولا تمنحهم هذه الحرية التي تطلبها لنفسها  . لقد كانت الحركة ببساطة تسعى الى إرهاب  من لا يواكبها في طروحاتها ، إنها تدعو الآخرين الى فتح نوافذ الحرية ولكنها قد اوصدت كل تلك النوافذ بوجه الآخرين .
 لقد كانت نصيحتنا للأخوة في  الحركة الديمقراطية الآشورية هي فتح تلك النوافذ لكن دون جدوى ، ارى مخلصاً في خطاب الحركة ان تنبذ  لغة الشطب والمحو لكي لا يلجأ الآخرون الى شطبها ومحوها  .
 اقول للآخوة الذين  يشعرون بمرارة لأن قناة عشتار لم تصور نشاطهم ، فاسألوا انفسكم مرة عن مواقفكم تجاه الآخرين ، يا أخوان :
 ما أكثر الدروس والعبر لكن العبرة ليست في كثرة العبر ، فالعبرة المفيدة تكمن فقط في التعلم منها .
 على الأكثر ستهملون نشر هذا المقال وأرجو ان تراجعوا سلة مهملاتكم كم مقالة اهملتم لكتاب شعبنا لأنها لا تصب في خانة التغزل بمواقفكم .
 برأيي ان المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري الذي يعتبر من المنظمات الفتية لشعبنا قد شق طريقه الى قلوب ابناء شعبنا وحجز له مكانة مميزة لشعاراته المطالبة بحقوق شعبنا وما يقدمه من مكاسب مادية لشرائح  كبيرة من ابناء هذا الشعب في هذا الوقت العصيب ، وإن اصادفت سيرورة المجلس اخطاء في بعض المواقف ، فالأمر طبيعي لان من لا يخطأ لا يعمل .
 وبرأيي المتواضع إن تخطى المجلس الشعبي ..  أسطورة تأليه الآشورية على حساب الآخرين ، فسيكون له موقف معتدل من مكوناة شعبنا وسيحظى بمكانة محترمة مقبولة من ابناء شعبنا .
 وانا هنا أقدّر الأعمال التي ينهض بها المجلس الشعبي .. ومع هذا فإني اقف على مسافة واحدة من كل تنظيمات شعبنا إن كانت كلدانية او سريانية او آشورية برغم ان قوميتي كلدانية ، وأنا أؤمن بأننا شعبنا واحد وإن مسألة تنافرنا في شأن الأسماء اوجدها وزرعها الفكر الكلياني الذي يلغي الآخرين .
وأقول للزملاء الأعزاء المناصرين للحركة الديمقراطية الآشورية ان يكونوا اكثر انفتاحاً وقبولاً للرأي الآخر فالغرور لا يأتي بنتيجة ، هناك احزاب شمولية كان يسير وراءها الملايين والأمثلة كثيرة لكن في نهاية المطاف استفلست واصبحت اثراً بعد عين .
 (( إن منح مؤسساتنا مساحة كبيرة لحرية الآخر ليس خياراً إنما هو ضرورة حتمية لبناء جيل ناهض يؤمن بمبدأ الحرية الفكرية )) .
تحياتي وتقديري للحركة الديمقراطية الآشورية وللمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وللحزب الديمقراطي الكلداني وللحزب الوطني الآشوري ولكل تنظيمات شعبنا  وأرجو ان يكونوا اكثر قبولاً للآخر وطروحاته لا سيما الأحزاب الآشورية التي تعاني من هذا الداء .
 حبيب تومي / اوسلو   

441
                  صراحة الأستاذ مسعود البارزاني بشأن الدولة الكردية    
 بقلم / حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


في معرض قراءتي لكتاب الأستاذ مسعود البارزاني الموسوم " البارزاني والحركة التحررية الكردية " قرأت في هذا الكتاب الصراحة في الموقف قلما نجد مثله لبعده عن المناورات السياسية والدبلوماسية المتسمة  في احيان كثيرة بالغموض وعدم الكشف عن حقيقة النوايا  بصراحة  وبشكل مباشر .
من المعروف ان قيادة الثورة الكردية تعاونت مع الأنقلابيين في 8 شباط 1963 ولكن مع هذا يطرح الأستاذ مسعود البارزاني  رأيه الشخصي المغاير لهذا التوجه بكل صراحة ( مسعود البارزاني : البارزاني والحركة التحررية الكردية ج3 ص 82 ) يقول :
رغم ان عبد الكريم قاسم شن حربه الظالمة على الشعب الكردي بكل ما جرته من مآس وويلات عليه وعلى الشعب العربي أيضاً ، فإني أقولها هنا ان مقتله لم يخلف في نفسي أي شعور بالأرتياح والسرور . وقناعتي هي انه رغم سوء عمله معنا فإنه أسمى وأعلى كثيراً من أولئك الذين قاموا بالأنقلاب في شباط .
 وفي الوقت الحاضر يعبر عن رأيه بصراحة حول الجدل الدائر عن استقلال كردستان ، ويتحدث بلغة المواطن الكردي عن طروحات الدولة الكردية واستقلال كردستان .
 في معرض رده في رسالة جوابية على موقع الكتروني  ، وهي منشورة على موقع كردستان نت :
ان  البارزاني كأي مواطن كردي يأمل ان يرى كردستان مستقلة وهذا حق طبيعي للقومية الكردية ،ولكنه يضيف ان الظروف غير مواتية في الوقت الراهن لأعلان الدولة الكردية ويقول نحن نحاول وبالطرق السلمية وبعيداً عن العنف تحقيق استقلال كردستان .
وسؤال يطرح نفسه : اين تقف كردستان اليوم من ذلك الهدف ؟
 السيد مسعود البارزاني يقول نحقق ذلك بالطرق السلمية وبعيداً عن العنف ، وهذا طريق مشروع لا غبار عليه . ولكي نعود الى اصل المشكلة الكردية برمتها والتي ابتدأت خيوطها بالتشابك والتعقيد منذ معركة جالديران سنة 1514 والتي اقرّ فيها تقسيم منطقة كردستان ، وبعد اندحار الأمبراطورية العثمانية واستقلال العراق أمست القضية الكردية تدور في فلك المصالح لايران وتركيا والعراق فكردستان المتآخمة لهذه الدول باتت من المناطق الساخنة منذ عقود على المشهد السياسي للشرق الأوسط .
لا مراء في ان الشعب الكردي له قضية عادلة وحركته هي حركة تحرر وطني ، وله من الحقوق ما للشعوب الأخرى في المنطقة والعالم ويأتي في المقدمة حق تقرير المصير ، لكن بعد تعذر وصعوبة بل واستحالة الحلول العسكرية ، اصبح من الحكمة التوجه للحلول الديمقراطية السلمية والأستفادة من تجارب الشعوب في هذا المجال .
نحاول تقريب الفكرة بالأشارة الى  تجربة دولة كندا الأتحادية الديمقراطية ، في هذه الدولة تشكل  كوبيك اكبر مقاطعاتها إذ تبلغ مساحتها اكثر من مليون ونصف المليون كيلومتر مربع وتأتي في المرتبة الثانية بين الولايات الكندية من حيث عدد السكان . وعلى نطاق التنوع العرقي تميزت مقاطعة كويبك بنزوعها الى الأنفصال عن كندا بدعوى فروقاتها الأثنية ولغتها الفرنسية في حين ان لغة كندا هي انكليزية كما هو معروف . وهذه المقاطعة في دعوتها للأنفصال عن كندا لم تلجأ الى السلاح والعمل العسكري ، ولا الدولة الكندية قامت بقمع الفكرة إن كان عسكرياً او سياسياً ، إنما كان هنالك استفتاء عام يخير شعب هذه المقاطعة ، وحصل استفتاء حر للتصويت حول الأنفصال وكان ذلك سنة 1980 وحصيلة الأستفتاء  كانت رجحان كفة الميزان لصالح البقاء مع الأتحاد الكندي الديمقراطي ، وإذا لم تخونني الذاكرة فإن الأتحاديين فازوا على الأنفصاليين بأغبية ضئيلة . وبقيت كوبيك تشكل إحدى مقاطعات دولة كندا الأتحادية الديمقراطية .
 من كوبيك ننتقل الى كردستان سنصادف مشكلة جيوسياسية اقليمية بين العراق وأيران وتركيا ، فإن كانت هناك اشكالية بين كندا وإحدى مقاطعاتها ، فهنا في كردستان تتراءى امامنا قضية تمتد تداعياتها اقليمياً ودولياً .
 وسط هذا هذا المشهد يقترح الأستاذ مسعود البارزاني الطريق السلمي لبلوغ الهدف المنشود في تحقيق الدولة الكردية . إنه طريق سليم ومفهوم منطقي للأنتقال من الثورة الى الدولة وغالباً ما تشوب هذه المرحلة مخاض عسير ، إنها مرحلة تاريخية حاسمة للخروج من مراهقة الثورة المندفعة الى رشاد الدولة في بلوغ سن الرشد العقلاني . لقد نجحت القيادة الكردية في درء الخطر الناجم عن تدخل القوات التركية والأيرانية في اقليم كردستان ، وكان الخطر يكمن في جعل الأقليم ساحة صراع عسكري ، لكن القيادة الكردية افلحت في إقناع الدول المجاورة والمجتمع الدولي ، إن استقرار اقليم كردستان ينصب في مصلحة الجميع ، فالأستقرار الذي يشهده الأقليم يعود بفائدة اقتصادية للدول المتآخمة إن كان في النشاط التجاري او توظيف واستثمار الرساميل العربية والأجنبية . 
القيادة الكردية مؤمنة بأن تأسيس دولة ينبغي ان يكون على ركيزة من الأستقرار السياسي ، ومن الصعوبة بمكان ان نطبق الديمقراطية في دولة هشة تتقاذفها الصراعات ، وهكذا ركز على مبدأ الأستنقرار الأجتماعي والسياسي قبل أي اهتمامات أخرى ، والجيران إن عاجلاً او آجلاً  سيعترفون بما يشاهدون امامهم على ارض الواقع ، وسيأتي اليوم الذي سيتحقق حلم الشعب في كردستان في دولته الكردية ليكون للشعب الكردي وجود بين الموجودين .
حبيب تومي / اوسلو

442
معاناة شعبنا الكلداني من بريمر الى الزوعا الى رابي عمانوئيل يوخنا   
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


المقدمة
الحقيقة التي لا مناص منها ان الشعب العراقي برمته تعرض الى شتى صنوف القهر والظلم والأختطاف والقتل والأبتزاز والتهجير وما الى ذلك ، وما طال الأقليات الدينية كان اكثر ايلاماً وقسوة حتى ان هذا العنف يهدد الوجود المسيحي على ارض العراق باستثناء اقليم كردستان . لقد كان آخر الضحايا لهذا العنف والأرهاب استشهاد الكاهن يوسف عادل عبودي واستفيد من مقال لأحد الزملاء وهو بعنوان صراع النور والظلام في جولة جديدة ، بأن مآخذ رجال الأمن على الشهيد انه كان يخرج بملابسه الدينية . ويبدو ان القتلة توهموا بأنها ملابس المارينز الأمريكيين وكان عليهم ان يقاتلوه ، فحتى الملابس باتت سبباً لقتل إنسان ، إنها غابة عراقية اختلط فيها الحابل بالنابل .
                                          بول بريمر
بعد إطاحة النظام في نيسان 2003 قدم الى العراق السفير بول بريمر كحاكم مدني له كثير من الصلاحيات ، وقد اثبتت الأحداث فيما بعد ان هذا الرجل ارتكب أخطاءً فظيعة وكانت نتائجها شديدة الوطأة على شرائح المجتمع العراقي برمته ، ومن هذه الأخطاء إلغاء الجيش والمؤسسات الأمنية . كما انه إرسى قواعد للحكم مبنية على اسس الطائفة والدين والعرق ،فكانت الأحزاب التي هيمنت على مقاليد الأمور هي احزاب دينية طائفية ، ولسنا بصدد الأسهاب في هذه الناحية إنما نركز على معاناة شعبنا الكلـــداني منذ تلك الساعة الى اليوم .
 في تموز 2003 حينما شرع الحاكم بول بريمر تكوين مجلس الحكم ، كما مر على اسس عرقية ومذهبية ودينية ، همّش الحاكم المذكور حقوق شعبنا الكلــــداني في التمثيل بهذا المجلس ، والمعروف إن شعبنا الكلداني كان ممثلاً بشكل دائم في مجلس الأعيان في العهد الملكي إضافة الى ممثليه في البرلمان العراقي ، لكن بعد ان اصبحت الأمور بيد أمريكا حرم من حقه في التمثيل على الساحة السياسية العراقية هذا الحق الذي كان شبه ثابت لشعبنا الكلــــــداني في العهد الملكي .
 الغريب ان بول بريمر يعترف بفعلته القبيحة هذه، وما يدل على غباء هذا الرجل حينما يصف المسيحيين باسم جالية ( بريمر : عام قضيته في العراق 131 )  يقول :
 خطر ببالي ان أبلغ العديد من المرشحين بأنهم لن يكونوا في عداد المجلس . أولاً المطران ( يقصد البطريرك ) دلي ، زعيم طائفة المسيحيين الكلـــــدان . فقد كانت الجالية المسيحية الصغيرة في العراق مجزأة على غرار كافة الطوائف الدينية في البلد . كان هناك الكلــــلدان الذين يبدو انهم يفوقون الآشوريين عدداً ، لكنهم لم يكونوا منظّمين جيداً مثلهم وأقل فعالية سياسية ، وللمحافظة على هدف الحصول على اصغر هيئة تمثيلية ممكنة كان لدينا مكان مسيحي واحد في المجلس .
ويمضي بريمر الى القول :
اخترنا ممثلاً للمسيحيين الآشوريين وتوقعنا ان يسبب ذلك استياءً لدى الكلــــــــدان . وكان ذلك صحيحاً ، إذ في تلك الليلة لم يكن قلب المطران يفيض بالمحبة المسيحية فبعد التذمر من استبعاده ، غادر غاضباً .
ان ينال الآشوريون مقعداً لا اعتراض على ذلك ، لكن سكوتهم على إنكار حق الكلدانييـــن  كان يشكل نوع من الأنتهازية والنفعية . إن التاريخ يكشف اليوم مدى الغباوة في تصرفات هذا الحاكم السيئ ، واعترافه بسرقته لحق الكلدانييــــن العراقييـــن الأصلاء وتعتبر هذه نقطة سوداء في تاريخ هذا الرجل .
إن بول بريمر مصر لحد الآن على الدفاع عن اخطائه في العراق ، واعتبر ذلك جهلاً  لا بل إنها وقاحة بعينها .
مع تدهور الأوضاع الأمنية في العراق تدهورت احوال الأقليات الدينية وكان نصيب شعبنا المسيحي الحصة الكبيرة نسبة الى نفوسه ، ويأتي في المقدمة شعبنا الكلــــــداني ،  لقد كان اكثر من غيره ممن طاله قسوة الزمن وموجات القتل والتهجير والتمييز الديني عبر تفجير كنائسه المنتشرة في مدن العراق ، وارتكبت الجرائم الأنسانية بحق هذا الشعب فطال أبنائه اعمال الخطف والأبتزاز والقتل والتهجير والتشرد للبحث عن اسباب المعيشة والملاذ الآمن  .
 إن الأرهاب الذي طال شعبنا لم يكن الوحيد الذي ألم بشعبنا الكلدانـي وهو في وطنه العراق . فعلى النطاق السياسيي كان تهميش شعبنا الكلــــــــــــداني وإهماله وقد أشرت في بداية هذا المقال الى فعلة السفير بول بريمر الوقحة في إصراره لأهمال شعبنا واستمر هذا الأهمال لحد هذا اليوم ، إن معظم إن لم يكن جميع الوزراء المسيحيين هم من الآشوريين او من ممثلين لأحزاب آشورية ، وكأن مسيحيي العراق هم من الآشوريين فحسب .
 نحن لسنا بالضد من تسنم الاشوريون مناصب رفيعة ، لكن تساؤلنا مشروع لماذا  شعبنا الكلــــداني شبه مهمش في التمثيل في حكومة اقليم كردستان ومهمش كلياً في الحكومة المركزية رغم ان الكلــــــدانيين يشكلون الأكثرية بين مسيحيي العراق .
                                      الحركة الديمقراطية الآشورية
في هذه المسألة لابد من الأشارة الى تلك الحملة التي  تعرض لها شعبنا الكلداني  بعد 9 نيسان 2003  من الأقلام الآشورية التي لا زال حبرها لم يجف ، بالنيل من شعبنا الكلداني والسخرية والتسفيه وكيل التهم وفي أحيان كثيرة الشتائم والتي تعرض لها كل من كان يتجرأ ويلفظ بعبارة كلـــــداني او تنظيم سياسي كلداني او منظمة تحمل اسماً كلدانيـــا ، وإيجاد حالة من الخشية والخوف لدى الكلــــدان حتى ان بعضهم لحد اليوم لا يستطيع ان يجاهر بدعوته للقومية الكلـــدانية خوفاً من تعرضه او تعرض مصالحه الى المقاطعة .
ومثال بسيط لهذه الحالة  لقد طبعت بجهودي الشخصية كتابي عن القوش ، وأرسلت بعض النسخ الى امريكا ، وقام بعض الأخوة من الألاقشة المتعاونين او المحسوبين على الحركة الديمقراطية الآشورية بمحاربة بيع الكتاب ، علماً اني حرصت الا يكون في الكتاب أي عبارة تخدش مشاعر أية شريحة عراقية ، لكن مع هذا حورب الكتاب من قبل الأخوة الأعزاء الموالين لحركة الزوعا ، والسبب إنني لا اغازل الخطاب السياسي للحركة الآشورية ، وفي الحقيقة لا أتقن موهبة الغزل ، إن لم اكن مقتنعاً تماماً بهذه المغازلة .
 وما دمنا مع الزوعا فإني أشير الى مهرجانها الأخير في دهوك وقبله في كان في السنة الماضية في القوش للأحتفال بعيد أكيتو حيث تقول :
 احتفل الاف الآشوريون برأس السنة الآشورية . أقول : اولاً ،  ان هذا العيد هو عيد بابلي كلداني ، ثانياً ان المحتفلين لم يكونوا جميعاً أشوريين وهذا يفضح النفاق والأنتهازية السياسية التي تسلكها الحركة في معرض مخاطبتها للكلـــدان بأنها حركة كلواشورية سريانية ، ثم تلجأ الى وصف الجميع بأنهم أشوريون ، إنه حقاً نفاق سياسي مفضوح .
                                        القس عمانوئيل يوخنا
 والى اليوم نقرأ نموذج لذلك الفكر الأقصائي  في الفكر الآشوري المتزمت حيث نقرأ للقس عمانوئيل يوخنا  في معرض كلمته في جمعية الشعوب المهددة التي عقدت في فرانكفورت بألمانيا يقول :
(( ان تاريخ العراق المعاصر ومنذ تاسيسه بعد الحرب الاولى قام على تهميش والغاء مكوناته القومية والدينية حيث شرعت ومورست فيه تشريعات وسياسات فرض اللون الواحد على العراق بكل ما انتجه ذلك من ماس ومعاناة على مختلف الاصعدة، السياسية منها والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، لابناء العراق من الكرد والاشوريين والتركمان والارمن، من المسيحيين والصابئة واليزيديين واليهود حتى باتوا يشعرون بالغربة في وطنهم )) انتهى الأقتباس  .
ارى الأب عمانوئيل يوخنا حرص على ذكر كل المكوناة حتى اليهود ، وهذا امر جيد لا غبار عليه .  لكن يبدو ان مداد قلمه قد نفذ حينما اراد ان يكتب الكلدانييــــن او الشعب الكلداني او القومية الكلدانية . فالحبر لديه متوفر لكتابة القومية الاشورية فحسب .
اعتذر لأقول لك رابي عمانوئيل يوخنا : إنك لم تتعب نفسك في قراءة التاريخ لأن الشعب الكلـــــــداني لم يكن مهمشاً في تاريخ العراق المعاصر كما تزعم ، لقد كان شعبنا الكلــــداني ممثلاً بمجلس الأعيان بعضو واحد من بين 20 عين من انحاء العراق  ، وكان له تمثيله في مجلس البرلمان في معظم الدورات بثلاثة او اربعة اعضاء ، وفي مطلع الخمسينات كان له 8 نواب فكلامك لا يستند على واقع من ان الأقليات كان يجري لها تهميش . أنا احترم قلمك ولا اكتم إعجابي بما تكتبه لكنك تسير في نفس التيار الفكر الآشوري المتزمت العقيم مع الأسف الشديد .
 وورد ايضاً في نفس السياق :
(( والشعب الاشوري المسيحي عانى مع شركاءه في الوطن، من الكرد والتركمان، من المسلمين واليزيدية والصابئة، من سياسات النظام السابق القمعية وبخاصة سياسات التعريب وطمس الهوية القومية وازالة البنية التحتية للوجود القومي والديموغرافي لشعبنا وبذلك كان مع عموم الشعب العراقي يطمح الى عراق جديد يقوم على قيم العصر من احترام حقوق الانسان والقوميات والاديان على مبادئ العدالة والمساواة. )) انتهى الأقتباس .
 مرة اخرى نسال الأب الموقر عمانوئيل يوخنا  : اين شعبنا الكلــــــداني ؟ اعتقد إنك تعلم علم اليقين ان الأرهاب طال شعبنا الكلـــــداني وتمادى الى درجة انه وصل الى رموز شعبنا حيث كان اغتيال المطران فرج رحو . ويبدو ان هذا الشعب عندك وعند المفكرين الآشوريين لا يستحق حتى ذكره في المحافل وأحدها المؤتمر الذي كنت تتكلم فيه في المانيا .
في معرض التعقيب على ايضاح الحركة الديمقراطية الآشورية ورد :
(( وشملت الدعوة جميع المؤسسات والشخصيات الاشورية الفاعلة ومن بينها الحركة واعضاءها في البرلمان الكردستاني.  وفي الوقت الذي شاركت فيه جميع الشخصيات الاشورية المدعوة ومن بينهم..)) مرة أخرى يجف مداد قلمك ويلجم عن تلفظ اسم الكلـــــداني رغم إنك تعترف بدعوة جمعية الثقافة الكلدانية لكن المنهج المتزمت المقيت الذي اتخذتم منه منهجاً يمنعك ان تقول الأشوريين والكلـــــدان . ثانياً كل دعواتك هي لجهات آشورية وسؤالي :
ألا يوجد كلدانييـــــن يستحقون ان يظهروا في هذا المؤتمر ؟
 يا أخي الفاضل مبروك لكم وللحركة الديمقراطية الاشورية  كل المناصب وكل المسؤوليات ، وإن جرت انتخابات سوف نهدي لكم اصواتنا إن كان في برلمان اقليم كردستان او في البرلمان العراقي . لكن مطلبنا الوحيد ان لا تسيروا بالطريق الذي سار به القوميون المتزمتون العرب في  اقصاء آلآخر ، نحن كلـــــدانيين وقوميتنا كلدانية ونحن نشكل شعب واحد مع الأرمن والسريان والاشوريين ومستعدين ان نتعاون وأن نتنازل عن كل المكاسب السياسية لكم ، فقط ليس من الأنصاف ان تلجأوا الى إلغائنا يا اشقائنا الأعزاء ، وأنت تجبرني على ترديد المثل القائل " من له هكذا اصدقاء لا يحتاج الى اعداء .
رابي عمانوئيل الموقر : لقد قدّم آباؤنا ما يمكن تقديمه لكم يوم  تهجريكم في مطاوي الحرب الكونية الأولى من معاقلكم في جبال حكاري في شرق الأناضول ، ومنطقة اورومية في ايران الى مخيمات بعقوبة في العراق ، وقدم شعبنا الكلــــداني لكم وللأرمن ما كان باستطاعته تقديمه ، وأحداث القوش عام 1933 كانت نقطة متميزة في هذا الموقف ويقول لونكرك ( العراق 1900 ـ 1950 ) ما يفيد : ان بشاعة ما جرى في سميل كادت هذه المأساة تتكرر في القوش . ( سأتطرق الى تلك الأحداث في مقال خاص ) .
فقط اقول يا رابي عما نوئيل صحيح ان صدام كان يلغي وجودكم القومي ولكن ذلك ليس مبرراً لألغائكم للوجود القومي الكلــــداني في بلده العراق ، فاسمح لي ان اكون اكثر صراحة بأنكم تقومون بنفس ما قام به صدام من إلغاء الآخر ، إنك يارابي تكرر ترقيع  مقولة : الكلدان الاشور السريان ، كما تفعل الحركة الآشورية في طرحها المماثل الكلدواشوري السرياني ، لكن غالباً ما تنسون هذه التركيبة فتكتفون بالتسمية الآشورية ، أما الكلدانية لوحدها كالشعب الكلداني او القومية الكلدانية فلا يمكن لقلمكم ان يسطرها رغم ترديدكم لمقولة ضرورة الأعتراف بالآخر ، وهذا برأيي يعتبر نظرة نرجسية استعلائية ، فالكلـــدان ( الأتباع ، ولا أقول العبيد ) يأتي ذكرهم فقط بطريقة ترقيعية بعكس الأشورية التي هي تسمية ( الطبقة الحاكمة او الأسياد ) فتأتي بطريق الترقيع وغالباً هي مستقلة ممثلة لجميع الأتباع . 
والدليل على قولي نقرأ للقس عمانوئيل في تعقيبه على ايضاح الحركة الديمقراطية الآشورية يقول :
كنت من قّدم الأقتراح بتنظيم المؤتمر منذ العام المنصرم ، وحيث إني من خلال ما أقوم به من تنسيق للشؤون الآشورية في العراق مع الجهة المنظمة للمؤتمر ( الجمعية الدولية للدفاع عن الشعوب المهددة ) فإنني .. ) أنتهى الأقتباس
                                                   المرحوم توما توماس
فقط اقول لرابي عمانوئيل ولغيره من حملة الآقلام الأقصائية وكما قال المناضل توما توماس الذي عملت  في فترة شبابي معه ومع الشهيد هرمز ملك جكو لأكثر من خمس سنوات ، بأن كينونة شعبنا الكلداني لا يمكن إزالتها ، فالشعوب لا يمكن إلغاءها بجرة قلم .
يعبر المناضل العراقي الكلداني الألقوشي المرحوم توما توماس عن استيائه من هذه المواقف ،وفي معرض رسالته للأخ نبيل دمان يقول :
(( .. لماذا لا ننطلق من أسهل نقطة في عملنا القومي ونترك موضوع " التسمية " حتى يتفق فيه " الفهماء " من ابناء شعبنا على تسمية له . نحن شعب مهدد بالأنقراض ... ويضيف ابو جوزيف : من الخطأ ان يكون الأتفاق على الهوية او اقناع الناس بتسمية معينة هو شرط ضروري لنهوض العمل القومي ... يجب ان لا نتمسك بالماضي دائماً في خلق اسس جديدة لولادة شعب جديد .. إن من يتمسك بالتسمية فقط ولا غيرها حتماً سوف لا يستطيع تقديم شئ لهذا الشعب عدا ما يعمل من اجل سمعته الشخصية ...
 ويختم توما توماس كلامه قائلاً :
(( إن من هم كلــــــدان لا يمكن تبديلهم بجرة قلم الى آشوريين كما يحلو للأخوة الآشوريين ذلك ، إنه تعقيد للعمل القومي والوحدة وإنها آمال البعض بإحداث انقلاب في التاريخ . إن إصرار الآشوريين على التسمية كما قلنا هي استحالة العمل ووحدة الشعب )) . انتهى الأقتباس  .
 فبعيداً عن اوهام الألغاء والأقصاء والأحتواء والغالب والمغلوب ، دعونا نعمل بيد واحدة وقلب واحد عامر بالمحبة والشفافية في التعامل والنيات الأخوية الصافية  ، هذا هو الطريق الأسلم لخلق ارضية  للتعاون الندي المتكافئ بعيد عن التعالي والتعصب .
حبيب تومي / اوسلو 
 
 




443
              لماذا الأمن والأمان في اقليم كردستان فقط ؟
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com



العراق جغرافياً يمتد من الفاو الى زاخو لكن سياسياً تتفاوت اقاليمه ، فأقليم كردستان ينفرد في استتباب الأمن والأستقرار على اراضيه فيما تفتقر المناطق والمدن العراقية الأخرى الى نعمة الأمن والأمان بصورة او اخرى .
ثمة استنتاجات ومعايير توضع لأسباب الأنفلات الأمني في مدن العراق وفي مقدمتها الصراع الطائفي ، وينبغي ان نشخص المسببات قبل الخوض في معالجة العلل . فالحكومة التي اخذت منحى الأصطفاف الطائفي والديني كانت السبب الرئيسي في الولادة القيصرية للحكم السياسي في العراق .
 الأحزاب الدينية شكلت مراكز قوى مستقلة وهي تلجأ بصورة وأخرى ، وبصراحة ودون مواربة ، تعلن ولائها للدول المجاورة  ناسية او متناسية هويتها العراقية ، فكانت ( جمهوريات ) الأحزاب الدينية تمتلك ميليشياتها المسلحة او جيوشها ، وفي حوزتها السلاح والعتاد ولها المحاكم والسجون وتجري اتصالات بدول اجنبية والى آخره من ممارسات التي تبلور وكأنها دول داخل الدولة العراقية .
الأحزاب السياسية ينبغي ان يكون ولائها للوطن ، والقاعدة الطبيعية هي التضحية بالمصلحة الحزبية من اجل الوطن ، لكن أحزابنا الدينية تصر ان تضحي بمصلحة الوطن والشعب من اجل مصلحتها الحزبية التي تبلور ولائها للدولة الأجنبية التي انعمت على احزابها .
الحقيقة المعروفة انه لا يوجد حزب سياسي يستطيع بقدراته الذاتية الحصول على السلاح ، فالدولة الأجنبية التي يخلص لها هذا الحزب تزوده بالسلاح عبر قنوات دولية معقدة ، وهذا يكلف مبالغ باهضة وبعد ذلك ينبغي التدريب على هذه الأسلحة ومن ثم يجري الدفع للرجال المسلحين من رواتب واعتدة وإعاشة ، ومن الطبيعي في هذه الحالة ان يدين مثل هذا الحزب لولي نعمته ويطيع اوامره ويرتبط بأجندته حتى لو كان على حساب وطنه . والمواطن العراقي هنا  ينخرط في طاعة رئيس تنظيمه وتبقى عيونه مفتوحة الى حفنة الدولارات التي يستلمها في نهاية الشهر او عن كل عملية يقوم بها ، وتبرير هذا السلوك تدعمه رزمة من الشعارات الثورية من مقاومة المحتل ، والسعي الى إفشال المشروع الأمريكي في العراق والمقاومة الشريفة وتحرير فلسطين الى آخره من الشعارات البراقة التي تجذب البسطاء والمحتاجين من العراقيين .  وأمام هذه الحجج الواهية يهون جلب الأسلحة والسيارات والبهائم والبشر المفخخين بالمتفجرات لقتل العراقيين ، وهذه مقاومة شريفة  ضد المحتل .
يتعين ان يكون من الف باء قواعد الدولة ان تكون هي المحتكرة للسلاح وللعنف ولا تنازل عن هذه القاعدة وبغير هذه الممارسة تتعرض الدولة الى الأنهيار . فالسلاح حق اصيل تحتكره الدولة دون سواها من التنظيمات السياسية الداخلية  . ومثال واقعي على هذه الممارسة كان مجسداً في اقليم كردستان ، وإن كان ثمة من يزعم بأن التجانس الأثني والديني كان وراء استتباب الأمن في هذه المنطقة فإن هذا المنطق لا صحة له فالجنوب متجانس دينياً وأثنياً ومذهبياً بينما اقليم كردستان فيه تنوع ديني وأثني ومذهبي ، والفرق ان التنوع في اقليم كردستان يسوده التعايش والتفاهم والتسامح . كما ان الأحزاب الكردية ينحصر ولا ئها بأقليم كردستان والوطن العراقي ، فيما الأحزاب الدينية في الوسط والجنوب يأتي الولاء للوطن بالدرجة الثانية بعد ولائها للممولين .
في اقليم كردستان ينحصر السلاح بيد الدولة ومن يحمل السلاح بدون رخصة من حكومة الأقليم يعتبر سلاحاً معادياً لمصلحة الشعب والدولة ، ولا يسمح بحيازته دون أذن من السلطة ، ويسود منطق القانون وهو مسلط على رقاب الجميع .
لكي لا ابتعد عن المصداقية والواقعية ومنطق الحياد في الحكم على الوضع في اقليم كردستان ينبغي عدم الأفراط في التفاؤل ، فكردستان ليست جمهورية افلاطون الفاضلة وليست سويسرا المعاصرة ، بل ينبغي الأقرار ان منطقة كردستان قد مر عليها عقود من الحروب والأقتتال الداخلي الكردي الكردي والتهميش والأهمال في التنمية والبناء وخرجت كردستان من ركام هذا الواقع المرير وهي منهكة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ، وأمامها طريق طويل لبناء الأنسان الكردي ومكافحة الفساد الأداري والمالي وتوفير الخدمات الضرورية .  لكن بعد هذه المعاناة وبعد ان تنفست عبير الحرية ، سلكت القيادة الكردية مع شعبها طريق التنمية والبناء ، ويمكن القول ان كردستان تمضي في الطريق الصحيح وقد قطعت شوطاً مهماً في هذا الطريق .
 الى اليوم ثمة من يحاول وضع العصا في عجلة التطور في اقليم كردستان ، وما التحرشات العسكرية بين الفينة والفينة من قبل أيران وتركيا ومحاولات إدخال عناصر الأرهاب والمفخخات الى هذه المنطقة الأمنة إلا عوائق تنزع الى جر المنطقة الى دائرة الفوضى والأرهاب التي تسود كثير من المناطق الســاخنة في العراق .
 لقد كان انعقاد مؤتمر البرلمانات العربية في كردستان إشارة واضحة للوجه المشرق لهذا الجزء العزيز من الوطن ، إن الأستاذ مسعود البارزاني أكد خلال لقاءاته مع البرلمانيين العرب دعوته لرجال الأعمال والمستثمرين العرب للمساهمة في اعادة إعمار العراق وأقليم كردستان الذي تتوفر فيه الأرضية المستقرة المناسبة للأستثمارات الأقتصادية ، إن الوضع الأمني في كردستان والقوانين التي تسهل الطريق امام الأستثمارات الأجنبية تجعل من أقليم كردسان أرضاً مناسبة للبناء والتعمير والنمو ولذلك فإن امام كردستان طريق صعب وطويل ، لكن الذي يدعو للتفاؤل انها تسير في الطريق الصحيح ، وتبقى تجربتها صفحة  مشرقة في المشهد العراقي ونتمنى ان تعم التجربة الكردية في التعايش المدني والبناء السلمي كل مناطق وطننا العراقي الحبيب .       
حبيب تومي / اوسلو


444
أكيتو البابلي الكلداني لماذا لا يكون عيداً رسمياً للدولة العراقية ؟ 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


الروزنامة العراقية زاخرة بالأعياد الدينية الأسلامية والمسيحية ، وفي ظروف سياسية معينة كانت تظهر المناسبات والأعياد الوطنية كذكرى  ثورة 14 تموز ومن ثم 17 تموز ، ويوم تحرير الفاو ويوم انتهاء الحرب مع أيران وغيرها . لكن الملفت هو غياب الأحتفال بالأعياد الوطنية العراقية والتي تتأثل جذورها الى اعماق التاريخ في بلاد ما بين النهرين ، وفي التاريخ المعاصر نلاحظ  صدى لتلك الأعياد في   سري صال ( رأس السنة ) اليزيدية والنوروز الفارسي والكردي .
 في الميثولوجيا العراقية القديمة كانت الطبيعة تلعب دوراً كبيراً في معتقداتهم الدينية . هناك الحزن على موت النبات والحيوان في الخريف ويليه الفرح الذي يعم الجميع حينما ينبث النبات ويولد الحيوان لبداية حياة جديدة مزدهرة ، إنها دورة الحياة والتفاؤل بعد الممات . ويرمز الأنقلاب الربيعي الى هذه الولادة ويرمز الى  بداية الحياة وتجددها  والأول من نيسان هو عيد رأس السنة في المعتقدات البينهرينية .
من استقراء التاريخ لبلاد ما بين النهرين تبرز السلالات والدول التي توالت على حكم العراق وساهمت في بناء حضاراته . وعن السلالات البابلية يقول المؤرخ طه باقر انها 11 سلالة وكانت سلالة بابل الكلدانيـــة آخر هذه السلالات ومع افولها انتهى الحكم العراقي واصبح العراق تحت حكم الغرباء الى يوم 14 تموز 1958 م .
وتشير موسوعة الخليج العربي  ان الكلـــدان في اوج عظمتهم وصل نفوذهم الى الخليج العربي والذي سمي باسمهم فعرف بالبحر الكلـــداني وكانت العلاقة وثيقة بين الخليج والدولة الكلدانية بقيادة نبوخنصر ويقول الخليجيون ان الكلـــدان خرجوا من الخليج باتجاه بلاد ما بين النهرين  ، وكانت العلاقة وثيقة بين بلاد بابل والقطر البحري فالدولة الكلدانية كانت مقسمة الى 23 ولاية وأول هذه الولايات هي مقاطعة القطر البحري ، وكان لهؤلاء مكانة سامية لدى الملوك الكلدانيين (موسوعة الخليج العربي : محمود شاكر ج1 ص43 ) .
 كانت بابل مركز إقامة إحتفالات اكيتو ، وفي العراق القديم كان على موعد سنوي في مناسبتين ، الأولى هي مناسبة جني التمور ، والثانية هي عيد جز الصوف الذي يحتفل به بين شهري آذار ونيسان .
 وكان هذا العيد أي حلول فصل الربيع او انبثاق حياة جديدة وهو عيد رأس السنة الذي يرمز الى تجدد الحياة وقد اطلق عليه السومريون اسم ( زكموك ) وسماه البابليون الكلدانيون باسم أكيتو وكلا من الأسمين يعني رأس السنة  .
 لقد كتب ( حقوثا ) مقال واف كامل تحت عنوان " أكيتو .. رأس السنة الكلدانية البابلية " في موقع عنكاوا على المنبر الحر وكان مذيلاً باسم ( كلداني من القوش )  . لست مع كاتب المقال من حجب اسمه لكن يتوجب علي احترام رأيه ورغبته . وربما الرجل محق في توجهه هذا ففي الزمن الراهن يجري التزوير على قدم وساق ويلغى اكيتو الكلداني ليصبح بقدرة قادر أكيتو آشوري محض .
 يتعين علي القول ان أكيتو يمثل عيد رأس السنة في العراق القديم ومن حق كل المكونات العراقية ان تفتخر بهذا العيد  لكن انا لست مع  احتكاره من قبل الآشوريين ولا يحق لهم إقصاء الكلدان من الساحة العراقية . وما يؤسف له فلا زالت عقلية الفكر الأديولوجي الأقصائي سائدة ويروج لها بقوة وتجزل لها الأموال ويسخر لها إعلام قوي منتظم .
 من المفارقات الطريفة ان أجد صورة لهذه الحالة عند حفيديّ الأول بول الكسندر الملقب كوكي والثاني وهو حفيدي تومي . ويوماً جاءت ابنتي عندنا ومعها كوكي وقد اشترت له لعبة جديدة غير مفتوحة من غلافها ، وحالما لمحها تومي أخذ يصيح ويصرخ هذه لعبتي .. هذه لعبتي وجرها من يد كوكي .
 والسؤال كيف اصبحت لعبته وقد اشترتها ام كوكي لابنها وهي في غلافها لحد الآن ؟ وفعلاً رضخنا جميعاً لصراخ وعربدة الطفل تومي واشترينا لعبة جديدة لكوكي ، وهذا ما حل بشعبنا الكلداني ايضاً ، فإن كان أشقاؤنا الأشوريين يرون في اكيتو زيادة علينا فليأخذوه حلالاً لهم كما أخذوا الأشياء الأخرى .
لكن في هذا المقال فإن اصول الكتابة ترغمني على التمسك بعنوان المقال ولهذا أقول :
 إن أكيتو عيد عراقي اصيل كانت تقام طقوسه في مدينة بابل واعتبر ارسطو مدينة بابل اعجوبة الدنيا فلا عجب ان يزعم نبوخذ نصر مدينة بابل بقوله وكما جاء على لسان حاله فيما ورد في سفر دانيال :
 أليست هذه بابل العظيمة التي بنيتها لبيت الملك باقتداري وجلالة مجدي . ونحن نتساءل هل بابل تمثل مجد الكلدانيين والآشوريين فقط ؟
ألا تمثل بابل الوجه المشرق لتاريخ العراق ؟
إذا استثنينا الشعب الكردي الذي يحتفل بعيد نوروز واليزيدية الذي يحنتفلون بعيد سري صال ،  فإن الأعياد الاسلامية في الوسط والجنوب تتركز على الأعياد الدينية الأسلامية ومؤخراً اضيفت الطقوس الشيعية لتكون جزءاً من الأحتفالات العراقية . فهل التاريخ العراقي يبدأ بالقرن السابع الميلادي يوم اضيف الى قائمة الدول الأسلامية ، أم ان للعراق تاريخ القبلاسلامي يمتد الى سحيق الأزمنة بألاف من السنين ؟
والسؤال :
 الا يحق لكل هذا التاريخ ان تخصص الدولة العراقية يوماً للاحتفاء بتاريخ هذا الوطن ؟
العراقيون بانتماءاتهم الدينية والقومية والمذهبية هم عراقيون قبل كل هذه الأنتماءات ومن هذا المنطلق الا يجدر بهم ان يحتفلوا بمناسبة وطنية عراقية قبل هذه المناسبات ؟ اليس حرياً بهم ان يحترموا انتمائهم العراقي بالأحتفال بيوم وطني عراقي ؟
إن أكيتو عيد رأس السنة البابلية الكلدانية ليس عيداً للمسيحيين فحسب إنما هو عيد كل الشرائح المجتمعية  العراقية من عرب وأكراد ويزيدية وكلدانيين وأرمن وأشوريين وسريان وسنة وشيعة ومسيحيين على اختلاف مذاهبهم الكنسية واليزيدية  والصابئة المندائيين واليهود والكاكائية والشبك .
ومن هنا نطلب من حكومتنا ان تجعل من اكيتو عيد وطني عراقي يجمع النسيج المجتمعي العراقي للأحتفال بيوم واحد هو عيد الربيع العراقي عيد المحبة والأستقرار بين الأطياف العراقية الجميلة ، إنه يوم اكيتو البابلي الكلداني العراقي في بلاد الرافدين العظيمين دجلة والفرات .
 حبيب تومي / اوسلو   
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 

             


445
الزعيم الليبي معمر القذافي يسئ للكتب المسيحية المقدسة 
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


ليس الغرض من كتابة هذا المقال مناقشة الأديان السماوية بصفتها عقائد دينية ، ولا اريد التطرق الى العلوم الدينية منها التلمود اليهودي او اللاهوت المسيحي او علوم الدين الأسلامية ، لأن الغرض من علوم الدين هذه هو إثبات صحيح الدين . لكن ما أرمي اليه هو النظر الى الأديان والأديان السماوية بالذات باعتبارها ظواهر مجتمعية تاريخية ينبغي احترامها ، لكي تقوم بدورها الأيجابي في المجتمعات الأنسانية .
امام 6 رؤساء دول افريقية بتاريخ 19  من شهر آذار الحالي ، وصم الزعيم الليبي معمر القذافي ، الأنجيل والتوراة الحاليين بأنهما مزوران ( كذا ) والسبب لأن اسم نبي الأسلام محمد بن عبد الله ليس مذكوراً فيهما . وقال القذافي ، في خطاب القاه بالمسجد الكبير بالعاصمة الأوغندية ، كمبالا والذي افتتحه وتموله ليبيا :
 إن أي توراة وأي انجيل غير مذكور فيهما اسم النبي محمد مزوران ، ويضيف خالد محمود في خبر في جريدة الشرق الأوسط اللندنية في في 20 / 3 / 2008 بأن القذافي قارن في الخطاب الذي بثته الفضائية الليبية على الهواء مباشرة بالتزوير الذي تعرض له الأنجيل والتوراة بشطب ذكر النبي محمد منهما وبين استحالة ان يشطب المسلمون من القرآن تقديس وتمجيد ذكر عيسى عليه السلام 25 مرة ، وموسى 38 مرة ، ومريم 39 مرة قائلاً : إن المسلمين لا يكونون مسلمين إذا لم يأمنوا بعيسى وموسى  .
 وقال ايضاً : إن الذين يهاجمون النبي محمد في اسكندنافيا ( يقصد الدانمارك والسويد والنرويج وفنلندا ) هم يهاجمون نبياً مرسلاً اليهم هم أيضاً ، وهم جهلة مرضى حاقدون عنصريون ضد الأنسانية .
إن القذافي يهاجم المسيئين للأسلام ولكنه في نفس اللحظة يسمح لنفسه بالأساءة للمعتقدات المسيحية ، فهل يحق لمن يشغل منصب رئيس جمهورية ان يسئ للآخرين ام ينبغي عليه ان يكون قدوة للآخرين في التعامل الفكري والحضاري ؟
القرآن يقدس ويذكر عيسى وموسى ومريم عشرات المرات وهذا امر طبيعي فالقرآن وهو كتاب المسلمين نشأ في ارضية يهودية او مسيحية في الغالب وجاء بعدها زمنياً فكانت هذه الكتب المنهل الذي نهل منه القرآن .
إن الدور المجتمعي للدين لا يمكن إغفاله ، بل له دور أساسي في تحريك المجتمعات . وكل دين يحمل السمات المجتمعية والبيئية التي ترعرع فيها ، فالدين الأسلامي لم يشر قط الى بيئة الأسكيمو الثلجية وما هو الحلال والحرام لهذا القوم ، إنما تطرق الى البيئة العربية المجتمعية الصحراوية فكانت الحروب الأسلامية امتداداً للغزوات البدوية وحتى الجنات الأسلامية كانت تجري من تحتها الأنهار التي يتشوق العربي في بيئته الصحراوية الى قطرة ماء ، وكانت الجنة الاسلامية حافلة بالحوريات اللائي يشتاق اليهن العربي في مجتمع مؤمن بوأد البنات إن كان تخلصاً من العار او بغية تحديد النسل .
الأنجيل لم يشر الى القرآن او الى محمد نبي الأسلام لأن المسيح كان قبل الأسلام بحوالي 630 سنة فلماذا يجب ان يشير الأنجيل الى محمد ؟ وإن زعم القذافي ان هذا الأنجيل مزور فليبرز لنا الأنجيل الحقيقي غير المزور ، والذي يدعي مثل هذا الأدعاء بمعنى ان بحوزته انجيل غير مزور وهو مستعد لأظهاره الى الملاء ، وإن كان الأدعاء مجرد كلام فارغ لا معنى ، فهذا لا يليق برجل يشغل وظيفة رئيس جمهورية .
 يقول القذافي عن الدول الأسكندنافية (( هم يهاجمون نبياً مرسلاً اليهم وهم جهلة حاقدون عنصريون ضد الأنسانية )) .
إن القذافي هنا يرتكب خطأً فادحاً في وصم هذه الشعوب بالجهل والحقد والعنصرية وضد الأنسانية ، فالدول التي اشار اليها القذافي هي الوحيدة التي قضت على الجهل والأمية ، كما انها لا تحمل اية سمات عنصرية ضد الشعوب الأخرى ، إنهم يتعاملون مع جميع البشر من منطق انساني ، إنهم يساعدون المسلمين الهاربين من بلداهم الأسلامية بسبب الأضطهاد السياسي او الديني وفي حالات كثيرة بسبب الفقر ، وحال وصولهم الى هذه البلاد تقدم لهم المساعدات الأنسانية ويعاملون كما يعامل المواطن الأصلي لهذه البلاد وتمنح لهم من بين الحريات الأخرى حرية الدين والمعتقد . فالبروباغندا التي يطلقها القذافي ضد هذه البلاد لا تحمل شيئاً من الصحة ولا تتسم بالمصداقية .
إن العالم المسيحي لم يثر حينما اطلق القذافي إساءته الى الكتب المقدسة والمعتقدات المسيحية واصفاً كتبهم بالمزورة ، وسؤال افتراضي : الى ماذا كانت تؤول اليه الحال لو تجرأ رئيس جمهورية لدولة مسيحية وقال القران الذي يتداوله المسلمون مزور ؟ من المؤكد ان النتائج لم تكن تمضي بسلام ولا أبالية كالتي صرح بها العقيد القذافي امام الرؤساء الأفارقة .
إن رأي السلفيين المسلمين هو التمسك بنموذج المدينة الذي يشكل لهم نهاية التاريخ فلا بد من التمسك به وإعادة نسخه حرفياً في حياتنا المعاصرة ، إنهم يقولون بكل صراحة للمواطنين الأصليين في البلاد التي اصبحت اسلامية بعد الفتح الأسلامي في القرن السابع الميلادي ، كبلاد سوريا ومصر والعراق ، يقولون :
 إما دفع الجزية او الدخول في الأسلام او الهجرة او الموت ، هذه الخيارات التي يضعها الأسلام الأصولي للعراقيين المسيحيين مثلاً .
 ألا يكون الخشية من الأسلام في هذه الحالة مشروعاً ؟
 المسلمون السلفيون ليسوا صادقين مع أنفسهم ومع غيرهم ، فإن كان الأمر يستوجب العودة الى القرن الأول الهجري فلماذا يستفيدون من تكنولوجيا القرن العشرين ؟ لما لا يعودون الى ركوب البعران بدلاً من التقل بالطائرات والسيارات ؟
إنهم يستفيدون من التكنولوجيا الحديثة ولكنهم يتنافرون من الأفكار الأنسانية وحقوق الأنسان وحقوق الأقليات التي رافقت التنطور الأنساني إنها انتقائية مصلحية سياسية ولا علاقة لها بالدين الأسلامي الحنيف .
 بدون شك ثمة دعوات كريمة تطلق من قبل مسؤولين من أعلى المستويات في العالم الأسلامي بغية الحوار بين الثقافات او الأديان المختلفة .
لكن هل هذه الدعوات جادة فيما ترمي اليه ؟
من اجل الحوار ينبغي ان يكون هناك تكافؤ وندية ، فالمسلمون يصادفون امامهم ابواب مدن اوروبية مسيحية مفتوحة ترحب بالكتب الدينية الأسلامية وبحرية التعبير في هذه البلدان فهل للدول الأسلامية هذا الصدر الرحب في فتح الأبواب والحرية امام الأديان الأخرى للتبشير في بلدانهم وبالأخص الدين المسيحي ؟
في شأن آخر أنا استغرب من تخوف اكثر من مليار مسلم من فلم يطرح هنا او هناك او تصريحات معينة تمس الدين الأسلامي إن كان بالأيجاب او السلب .
 ما هذه الخشية المفرطة عن كل كلام يقال هنا او هناك عن الدين الأسلامي ؟ اليس هناك الآلاف من العلماء المسلمين ؟ لماذا لا يجابهون الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق ؟
لماذا يحرضون البسطاء على التظاهر والى تحطيم الواجهات وحرق المباني وغيرها بدلاً من الحوار الفكري الهادئ ، إنها بالأساس مسائل فكرية ينبغي ان ينبري لها في المقدمة علماء الدين الذين امضوا حياتهم في الدراسات الدينية  ، فهل واجب رجال الدين هو توعية الناس ام تجييشهم على اعمال العنف ؟
هل يتأثر الدين المسيحي بما تطاله من إساءات إن كان من قبل رجال الدين المسلمين او من قبل المسيحيين أحياناً ، لقد صرح القذافي بتصريحه المسئ للكتب السماوية ولم يعر له اهتمام وبقي الدين شامخاً محتفظاً بملايينه دون ان يصدقوا كلمة واحدة مما صرح به القذافي  .
 انا لا اعتقد ان إساءة تافهة كرسوم الكاريكاتير في الدانمارك او الفلم الفتنة الذي اخرجه مخرج هولندي سوف يكون له تأثير على دين الأسلام التي يعتنقه اكثر من مليار انسان على وجه الكوكب الأرضي .
 باعتقادي المتواضع ينبغي على المسلمين ان يتصالحوا مع بقية البشر مع كل الأديان لا سيما مع المسيحيين الذي يعيشون بين ظهرانيهم ، ويجب ان يعلم المسلمون ان احكام اهل الذمة لا تتوائم مع روح العصر وعليهم ان يعاملو ابناء وطنهم من المسيحيين وغيرهم من الأديان الغير اسلامية بدرجة المواطنة في الوطن الواحد وهذه هي الخطوة الأولى لتفاهم المسلمون مع بقية البشر في بلادهم وفي البلدان الأخرى . عليهم ان يبنوا جسور التفاهم والمحبة مع كل البشر وفي المقدمة مع المواطنين الأصليين في بلدانهم من غير المسلمين .
 على المسلمين ان يبنوا ويصونوا كنائس المسيحيين ومعابد الأديان الأخرى في بلدانهم وبذلك يثبت المسلمون انهم اخوة لكل البشر.
حبيب تومي / اوسلو

446
                                         مقابلة كرملش فور يو مع الكاتب حبيب تومي  

أجرى اللقاء : باسل منصور
لقاءنا اليوم مع كاتب كلداني حتى النخاع لايٌمل الحديث معه ومن متابعة كتاباته ، يقنعك بالحجه والمنطق مهما اختلفت معه بالرأي ، مؤمن بقول الاختلاف بالراي لايفسد للود قضيه ، كاتب في معظم المواقع الالكترونيه التابعه لأبناء شعبنا ، كتاباته سلسه وسهله وتحمل افكار كبيره وعميقه وينطبق عليها القول الشائع ( السهل الممتنع ) ، كاتب في جريدة المؤتمر عندما كانت تصدر في لندن ، مؤسس ورئيس نادي بابل الكلداني في النرويج . انه أبا رياض كما يناديه احباؤه او حبيب تومي كما هو معروف للجميع ،



س ـ عرفنا بنفسك لمن لا يعرفك ؟

ــ حبيب تومي الملقب ( حُبّا ) والكثير من الألاقشة يعرفون حبّا أكثر مما يعرفون حبيب . من مواليد القوش سنة 1943 حسب السجل المدني وسنة 1941 حسب سجلات الكنيسة في القوش .
الدراسة الأبتدائية في القوش والمتوسطة في القوش وتلكيف والثانوية في القوش وبغداد ، والجامعية في الأتحاد السوفياتي السابق ، الهندسة البحرية .



س ـ حبيب تومي ماذا سطّر قلمه ؟

كتبت سابقاً كتاب عن فن السياقة وقوانين المرور لكن لم يجد الكتاب طريقه الى الطبع لضياع نسخته الأصلية في بين وزارة ألأعلام ومديرية المرور العامة .
طبع لي كتاب عام 2003 وكان بعنوان : القوش دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية .
كتبت مسرحيات بلغتنا الكلدانية وواحدة منها مثلت على المسرح وكانت تحت عنوان ( الخمّار ) وكانت من المسرحيات الناجحة بجمهورها الكبير في نادي بابل الكلداني في بغداد وجمعية آشور ونادي سومر وفي القوش وباطنايا .
نشرت لي بعض المقالات السياسية في جريدة المؤتمر الصادرة في لندن قبل سقوط النظام .
نشرت لي مقالتين في مجلة بين النهرين الصادرة في بغداد ومقالات تراثية في نشرة نادي بابل الكلداني .
بعض المحاضرات في نادي بابل الكلداني وجمعية آشور وملتقى الحكمة في كنيسة ماركيوركيس في الغدير ببغداد .
مئات المقالات في المواقع الألكترونية .
اشتغالاتي حالياً بكتاب عن القضية الكردية حيث سبق لي المساهمة بالثورة الكردية ولي امل ان ادفع الكتاب للطبع في نهاية هذه السنة 2008 م .
ولي مشاريع طموحة بالكتابة عن امور تخص شعبنا ، إن امتد بنا العمر .


س ـ ما رأيك بالمنطقة الآمنة للمسيحيين ولو حصل هذا الشئ فهل باستطاعة الساسة الموجودين في الساحة باختلاف أرائهم وانتماءاتهم من ادارة هذه المنطقة ؟

ــ مفهوم المنطقة الآمنة يعتبر إجراء وقتي تتطلبه مرحلة معينة لحماية شريحة مجتمعية " أثنية ، دينية ، قبلية ، عرقية .. الخ " من خطر يداهمها ، ويقوم بالمهمة قوات دولية او اقليمية وبقرارات من الأمم المتحدة او مجلس الأمن ، والأمثلة كثيرة لكن أقربها الى واقعنا ، هو الملاذ الآمن الذي أٌقرّ لحماية الشعب الكردي بموجب القرار الصادر من مجلس الأمن برقم 688 وبتاريخ 5 نيسان 1991 م ، ومن المعروف ان مفهوم المنطقة الآمنة للأكراد انتهى مفعولها بعد زوال اسبابها بعد سقوط النظام في 9 نيسان 2003 م .
أنا شخصياً أيدت فكرة توفير منطقة آمنة لشعبنا بعدما تعرض الى حملات الأرهاب التي استهدفت وجوده في وطنه العراقي ، إن قلع جذور شعب اصيل من وطنه ينبغي ان تتصدى له المنظمات الدولية والأنسانية وشعبنا الكلداني يتعرض لمثل هذه التصفية . إن فكرة المنطقة الآمنة لم يجر طرحها في العهود السابقة لانتفاء الحاجة اليها ، وقد طرحت اليوم بسبب الظروف الطارئة التي حلت ببلدنا ، ولكن يبدو من التأويلات وإثارة الأحتمالات والمخاوف قد عملت على وأد الفكرة وهي في مهدها .
إما ان الساسة الحاليون قادرون على إدارة هذه المنطقة فإنه سؤال سابق لأوانه حيث لا يوجد منطقة آمنة ولم ترى النور على أرض الواقع ولا يمكن إصدار الأحكام في هذه الحالة .


س ـ الى من يحتاج أبناء شعبنا اكثر الى المثقف ام الى السياسي ام رجل الدين والى أي من هؤلاء يميلون وبماذا تنصحهم ؟

من نافلة القول ان نذكر بان لكل فرد من هذه النخبة له مكانته وله واجباته ، إن كان رجل دين او سياسي او مثقف ، وربما في هذه المرحلة تبقى مهمة المثقف تحمل اهمية استثنائية ، وفي الحقيقة فإن المثقف يساعد السياسي في مهمته ، إذ تقع على عاتق المثقف مهمة توضيح القرار السياسي وله حق النقاش وتوجيه النقد ، وإذا اقفلت ابواب النقاش والنقد بوجه الكاتب والمفكر ، فالبديل باعتقادي هو السكوت وكم الأفواه ، وسوف نترك الباب مفتوحاً لممارسة سياسة القطيع ، وهي التي تولد الحكم الدكتاتوري .
إن النقد يصحح ويخلق الجدل لبلوغ الحقيقة او بعضها على الأقل . أما التزلف والمداهنة يعني الطريق الى الفساد وبرأيي ان السكوت خير من كيل المديح والأطراء الفارغين .
نحن الذين نخلق الأصنام والآلهة والقادة العظام المعصومين من الخطأ ، إنه الطريق الى خلق الدكتاتور عندما نمنحهم هذه الصفة ، ونحن الذين خلقنا صدام وهتلر وغيرهم من الدكتاتوريين .
إن السياسي والكاتب ورجل الدين لكل منهم مكانته واهميته حينما يقوم بواجبه بنكران ذات ويضع مصلحة قومه قبل مصلحته ويعمل بمصداقية مع نفسه ومع الآخرين ، وهذا هو جوهر العمل الناجح في تلك الأختصاصات التي ذكرتها وفي كل مجالات الحياة الأخرى إن كنت طبيباً او معلماً او منظفاً اوسائقاً او أية خدمة تقوم بها وسط المجتمع .




 

س ـ لو عرض عليك إدارة دائرة ما في المنطقة المسيحية المفترضة فهل ستعود لأداء هذه المهمة ام لا ؟

ــ يا اخي باسل إن ناموس الحياة يقتضي ان نعطي العَلَم لمن يرفعه من بعدنا ، فلدينا نخبة كبيرة من الشباب المثقفين ويقع على كاهلهم عبئ النهوض بكل المسؤوليات ، اما عن القيام بأية مهمة فأنا يشرفني ان اعمل في اي وظيفه في القوش او أية مدينة عراقية لأن ذلك يزيدني فخراً ، اما الرجوع من اجل إداء وظيفة ما فإنني سأعود حالما تتيح ظروفي بذلك ، إن جذور الوطن العراقي راسخة في وجداني وأمنيتي في الحياة هي ان تكون أيامي الأخيرة في هذه الحياة على تراب القوش . وان أشيد لي بيتاً في القوش وانحت على حجر من احجاره " هذا بيت حبيب تومي " فالعودة الى الوطن الذي اختزله في القوش حتمية إنشاءالله .


س ـ هل تعتقد بأن كثرة المواقع الألكترونية ساهمت بتعريف ابناء شعبنا بهويتهم وتوعيتهم ام انها زادت من شرذمتهم .

ــ أن المواقع الألكترونية ساهمت الى حد كبير بالتعريف بالهوية ، وفي الحقيقة لا يوجد أحد من كان يجهل هويته لكن لم يكن ثمة ما يستوجب التعصب لهذه الهوية ، ولكن حينما ظهرت بعض الأفكار الأقصائية لهذه الهوية او تلك بات من الضروري التمسك بالهوية والأعلان عنها بكل مناسبة ، لكي لا يهمش حقنا وتدفن هويتنا مع الأفكار الأديولوجية التي هبت على ساحتنا القومية ، أما ان هذه المواقع قد أثرت سلباً ، فليس من الأنصاف انها أفرزت التشرذم ، فأبناء شعبنا متماسكين ولنا نقاط كثيرة تجمعنا وشعبنا بمستوى من الوعي لا تؤثر عليه الأفكار الأديولوجية الأقصائية التي فضح أمرها .


س ـ الا ترى بأن العلاقة بين كتاب ومثقفي أبناء شعبنا متوترة ؟ حيث نقرأ مقالة لأحدهم وبعدها نقرأ رداً متشنجاً من كاتب آخر على المقالة الأولى .

ــ الأختلاف في الرأي حالة طبيعية وصحية ، ولا يمكن ان يكون ثمة تطابق في الرأي حول مسألة معينة مهما كانت واضحة ومحددة ، ولكي لا يكون ثمة مجال للأجتهاد والتأويل ، كانت الوصايا العشرة مختصرة وقاطعة : لا تقتل ، لا تزن ، لا تسرق .. إما إذا قرأنا مقالاً حول شأن ما ، فمن حق القارئ او كاتب آخر ان يبدي وجهة نظره إن كانت محل توجيه نقد او الموافقة مع ما ورد في المقال . لكن هنالك أمراً مهماً هو عدم الأبتعاد عن حدود الكياسة الأدبية ،إن كان بالتطرق للأمور الشخصية او كيل الأتهامات من قبيل التخوين والعمالة وهؤلاء ينطبق عليهم المثل القائل :
إن ضعفت حجج المرء زاد رنين مفرداته ، فلهم صرخات عنترة لكن سيوفهم من الخشب ، فالمتبع هو مواجهة الحجة بالحجة ، وليس بمواجهة الحجة بالتهمة .
برأيي المناقشة تفضي الى كشف الحقيقة او على جزء من الحقيقة على أقل تقدير ، وهذا ما نطلبه من كتابنا ومثقفينا ان يكون الهدف من النقاش والردود بغرض التوصل الى الحقيقة وليس بقصد الطعن والعنف اللفظي الجارح الذي يخدش المشاعر فتوجيه سهام التجريح والقدح بشكل مقزز ، هو شكل من أشكال الحوار الفاشل الذي لا لزوم له .
سابقاً على موقع عنكاوا كان يسمح بالتعليق على المقالات المنشورة في المنبرين الحر والسياسي ، وكنت اقرأ التعليقات التي كانت غالباً ما تكتفي بتوجيه التهم والرزايا ، والنص امامهم ولا يناقشوه .
يا اخي باسل هناك مواقع تدعي اننا شعب واحد وحينما تناشدهم بنشر مقال ما ، يعتذرون وحتى لو كان هذا المقال يتكلم عن جزيرة سومطرة او جزر هونولولو ، لكنه باسم الكاتب الفلاني فيكون مصيره سلة المهملات ، فلماذا الأدعاء الفارغ بأننا شعب واحد ، ولا اريد ان أذكر اسم هذا الموقع ؟
وهناك حالة أخرى وفيها نوع من الطرافة ، تنشر مقالاتي على موقع نركال كيت الجميل ، وفي هذا الموقع مجال لتقييم المقال ، وأدبياً يعطي المشرف على المقالات درجة جيد لكل المقالات أي 70% ثم يأتي القراء المؤدلجين حتى النخاع فيعطي للمقال درجة صفر ويعطي آخر او هو نفسه درجة صفر أيضاً وثالث ايضاً يكون تقيمه للمقال بدرجة الصفر ، ومن الطريف ان أنظر الى النتيجة التي تبعث على الضحك . طبعاً فيكون معدل التقييم للمقال 17% ، وانظر الى مقال مجاور صاحبه يتفوق بالدعوة للفكر القومي الأديولوجي الأقصائي فيأخذ بعد 70% من تقييم ألأستاذ مشرف الموقع فتنهال عليه المئات ليصبح معدله فوق 92% ، رغم انها امور طريفة لكنها تعكس وجها كالحاً لهيمنة الفكر الشمولي على شريحة معينة من ابناء شعبنا إذ ان تقييمها للأمور هو توافقها مع فكرتهم فحسب ، ومن ليس معهم فهو عدوهم .


س ـ كما نعلم بأن الأعلام يصنع الأحداث كما الأشخاص .. فكيف ترى الأعلام الموجه الى أبناء شعبنا وبأي اتجاه يسير ؟

ــ اجل الأعلام اليوم هو اخطر وسيلة بيد البشر ، ويستفرد بهذه الوسيلة من يملكون السلطة والمال ، وشعبنا الكلداني يفتقر اليوم الى هذه الأمكانات فوصل به الأمر الى التهميش وربما الى الأقصاء من الساحة العراقية ، والدليل على ذلك يوم عكف السفير بول بريمر الحاكم المدني للعراق تشكيل مجلس الحكم ، علم بان الكلدانيين يشكلون معظم المسيحيين العراقيين ، وحينما أراد إعطاء المسيحيين مقعد واحد لا أكثر في مجلس الحكم اختار ممثل لحزب آشوري ، لكون الآشورين اكثر تنظيماً وأكثر حضوراً في الأعلام ، وهكذا همّش شعبنا الكلداني ولحد اليوم لا زال مهمشاً . وأحد الأسباب لهذه الحالة باعتقادي هو افتقارنا الى وسائل إعلام فاعلة .


س ـ في تعداد السكان عام 1957 كانت نسبة المسيحيين في العراق 5 و6% واليوم تقدر بـ 3% أي في تناقص فهل هذا يعني بأن العراق سيفرغ من المسيحيين يوماً ما ؟

ــ العراق لايمكن ان يفرغ من المسيحيين ، انه وطنهم ، وستكون جريمة بشعة بحق الأنسانية يرتكبها من يحاول تفريغ العراق من سكانه الأصليين . لكن بالأضافة الى العامل الوضعي في هذه الأشكالية هنالك العامل الذاتي ، على الجهات المعنية لشعبنا ان تلعب دورها في هذا المجال . إن ما تقوم به بعض الجهات المتنفذة من شعبنا في منح المساعدات اعتبره جزءاً من الحل ، ويجب دراسة الموضوع من قبل عدة جهات لوضع الحلول التي ترسخ اقدام ابناء شعبنا بوطنهم .
لا ريب ان الأمر منوط بشكل كبير باستقرار الأوضاع الأمنية في العراق وتوفير الخدمات الضرورية وهي حالة عمومية مطلوبة فإن عودة هيبة الدولة وتفعيل سلطة القانون هما الضمانة لاستقرار المجتمع العراقي بكل شرائحه ومنها الأقليات وعلى وجه الخصوص الأقليات الدينية .


س ـ هل انت مع تغيير العلم العراقي ام لا ؟ وهل ترى بأن العلم الجديد يشمل أطياف الشعب العراقي ؟ــ أنا مع تغيير العلم العراقي ، ولكن ليس مع ترقيعه . العلم العراقي يجب ان يكون وطني عراقي قبل ان يكون علم قومي او ديني ، العلم يجب ان يجسد البلد الذي يرمز اليه . في العراق رموز عظيمة اغنت الحضارة الأنسانية بتراثها العظيم ، فهناك مسلة حمورابي والكتابة المسمارية والنهران العظيمان دجلة والفرات هناك شجرة البلوط (السنديان ) والنخلة الجميلة هناك الجنائن المعلقة والثور المجنح .. انها رموز عراقية اصيلة لا تعد ولا تحصى ، وألغينا كل هذه الحضارت المتعاقبة واكتفينا بالوان باهتة تعكس حالة الحروب والمعارك وعبارة الله اكبر اضافها صدام بعد غزوه للكويت . فالعلم عموماً لم يكن نتيجة دراسة من قبل اخصائيين ، انما جاء نتيجة اجتهادات طارئة لا علاقة لها بالوطن العراقي .


س ـ ما هي تصوراتك المنطقية لمستقبل العراق بعيداً عن الأمنيات ؟


برأيي المتواضع لا مستقبل لدولة مركزية عراقية قوية فقد ولى زمنها والمستقبل هو للحكم الفيدرالي والأدارة الذاتية ، والى ان يترسخ هذا الوضع سيتطلب فترة طويلة من الزمن ، فأنت ترى ما يحدث في مدن العراق الجنوبية ومنها البصرة التي فيها الأنسجام الديني والأثني والمذهبي واللغوي ، فرغم ذلك هناك التناحر والتناكف بغية الحصول على اكبر قدر من الكعكة ، لكن الكعكة هناك ، يقولون ، انها عبارة عن براميل النفط ، فالعراق عموماً يحتاج الى فترة زمنية وهي متعلقة بوعي الأنسان العراقي مهما كان مذهبه او دينه او قوميته . يا أخي باسل لا يمكن الأبتعاد عن الأماني فنحن نتطلع بشغف الى ذلك اليوم الذي يحل السلام والوئام في ربوع وطننا العراقي الحبيب .

اجرى اللقاء باسل منصور

447
لصالح من تطلق التهم جزافاً في استشهاد المطران الكلـداني فرج رحو ؟ 
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


بتاريخ 29 / 3 /2 / 2008 اختطف المطران الكلــــداني مار بولس فرج رحو في حوالي الساعة الخامسة والربع مساءً حينما كان خارجاً مع مرافقيه من كنيسة الروح القدس في حي النور ، اغتيل سائقه وحارسيه وهم الشهداء فارس جرجيس خضر ( 1973 )، ورامي حكمت بولص ( 1975 ) ، وسمير عبد الأحد (1966 ) . وفي هذا المكان بالذات ( حي النور ) كان قد اغتيل الأب الشهيد رغيد عزيز كني مع ثلاثة من شمامسته في شهر حزيران من عام 2007 م وكان يخشى ان تكون نفس الجماعة الدموية قد قامت باختطاف المطران الكلداني . هذا وإن القوات الحكومية والأمريكية وصلت مكان الحادث بعد عشرة دقائق ونقلت الجثث الى الطب العدلي .
 عن موقع ايلاف في الأول من مارس آذار ذكر ان ان اسقف الموصل للسريان الكاثوليك المطران جرجس القس موسى قد اعلن ان خاطفي الأسقف الكلداني المطران فرج رحو قد اعلنوا عن انفسهم لكنهم لم يفلحوا في التحدث الى الأسقف المختطف للأطمئنان على صحته .
كان قائد القوات الأمريكية في شمال العراق الميجر جنرال مارك هرتلينج قد اعرب عن مخاوفه  يوم 6 / 3 بأن يكون خاطفيه من الجماعات الأرهابية وليسوا من المجرمين العاديين الذين يحاولون ابتزاز الأموال ، وإنه غير واثق من انه سيتم الأفراج عن رحو حياً .
 يوم الأربعاء 13 / 3 عثرت اجهزة الأمن على جثة رئيس اساقفة الكلدان المطران فرج رحو في حي  شمال المدينة بعد اسبوعين من اختطافه على يد مسلحين مجهولين . وقالت الشرطة في مشرحة بالموصل انه تبين ان رحو قد توفي قبل اسبوع ولم تظهر بجثته أي آثار اطلاق نار ، وأضافت الشرطة :
 لم يتضح بعد إذا كان رحو قد قتل او توفي لأسباب أخرى . وكان السكان في حي الأنتصار قد رأوا جثة رحو التي لم تكن مدفونة بالكامل في قطعة أرض فضاء في حيهم  وهو حي معروف بأنه ينشط فيه مسلحون لهم صلة بالقاعدة وتعرف السكان على رحو من لحيته فاتصلوا بالشرطة .
وافادت الأنباء في حينها انه لم تظهر على جثته آثار تعذيب او إطلاقات نارية ويبدو ان مطالب الخاطفين حسب موقع عشتار تي في هي كالآتي :
1 ـ مساهمة المسيحيين في الجهاد .
2 ـ شراء قطعتي سلاح متطور للخاطفين .
3 ـ إطلاق سراح عدد من المعتقلين العرب في السجون العراقية .
4 ـ فدية مقدارها ثلاثة ملايين دولار امريكي .
وإن المطران المختطف كان طيلة مدة احتجازه سالماً لكنه كان يعاني من ضغط من قبل خاطفيه لأجباره على ترك ايمانه لكنه قاوم ذلك بكل صلابة .
كان رئيس الوزراء نوري المالكي قد القى باللائمة على في موت رحو على تنظيم القاعدة .
 الجدير بالذكر ان المطران قد صرح لدى مقابلته مع وكالة آسيا نيوز في تشرين ثان نوفيمبر من عام 2007 بأن وضع المسيحيين في العراق يزداد صعوبة خصوصاً في منطقة الموصل .
 واشار المطران الى ان مسيحيي المنطقة هم عرضة لتهديدات مستمرة من قبل الجماعات الأسلامية المتطرفة ، مشيراً الى ان المعاناة الحالية التي يعيشها العراقيون تشملهم جميعاً على اختلاف اطيافهم ، إلا انها اكثر قساوة على المسيحيين الذين يجدون انفسهم محاصرين بين خيارة محددة :
 فإما الهجرة
او الدخول في الأسلام
 او دفع جزية
او الموت .
تبقى الأسئلة كيف قتل المغدور ؟ ومن قتله ؟ ولماذا قتلوه ؟
 وإذا سلمنا بمقولة ان المطران المغدور كان يعاني من ضغط الدم العالي وبحالة قلبية صعبة وربما يكون قد توفي من جرائهما ، او حسب آخر الأخبار انه شنق .
 وإذا اهملنا موقتاً اسباب الموت المباشرة ، لابد لنا من معرفة الجهة التي لجات الى عملية الأختطاف . وإن كانت الحكومة جادة في كشف الحقيقة عليها الأسراع في البحث عن الجناة وتقديمهم الى المحاكمة العلنية لتحقيق العدالة وإثبات هيبة الحكومة .
اعتذر للقارئ الكريم من هذه المقدمة الطويلة المملة .
 في حقل خلط الأوراق وإطلاق التهم جزافاً قرأنا مقالاً على موقع كلدايا نت تحت عنوان ( من وكيف ولماذا اختطف واغتال ( واغتيل ) المطران فرج رحو ، كتابات – ميخائيل دينو شكوانا .
 يشرفني انني اعرف معظم آل شكوانا العشيرة الأقوشية الأصيلة ، ولكن لم أسمع سابقاً باسم ميخائيل دينو شكواناً وزيادة في التأكيد بادرت للأتصال بصهرهم الصديق الكاتب سالم تولا ، وأكد عدم وجود مثل هذا الأسم بين آل شكوانا .
 إذن الأحتمال الثاني ان يكون هذا الشخص من عشيرة شكوانا غير القوشية ، وخلاف هذه الحالة يكون الشخص كاتب المقال منتحلاً لهذا الأسم بقصد التمويه .
 مهما كان الأمر إن الكاتب في هذا المقال أراد خلط الأوراق ، ووضع الأكراد في دائرة الأتهام حيث يقول :
((  ان الذين اغتالوا المطران الشهيد ورفاقه هم نفسهم الذين اغتالوا الاب الشهيد رغيد ورفاقه من قبل, وهم نفسهم الذين اعتقلوا الكاتب الاشوري جوني خوشابا ((وبالتهديد)) وليس كما قيل ((بالتعهد)) منع من نشر افكاره .. وهنا نتساءل! من يملك جرأة الخطف والقتل في حي سكني (يقع في الجانب الايسر من مدينة الموصل)  وعلى مقربة 150 متر تقريبا من مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني!! في وقت استنكرت وتبرأت من مسؤولية هذه الاعمال البربرية كل الحركات الوطنية والدينية مثل هيئة علماء المسلمين وما يسمى بدولة العراق الاسلامية!! ان كل المعطيات تشير الى ان الميلشيات الكردية هي التي تقوم بعمليات الخطف والقتل والابتزاز في مركز محافظة نينوى وتستهدف المسيحيين بالذات من اجل اركاعهم وترهيبهم واخيرا لاجبارهم على دعم المشروع الكردي لضم سهل نينوى الى اقليمهم المزعوم, ويذكر ان الشهيد المطران وقف بكل قوة ضد هذا المشروع المشبوه وطالما دعا في القداديس الى نبذه  ورفضه الى ان تمت (دعوته) من قبل حامل لواء تكريد سهل نينوى السيد سركيس اغا جان لينقل له (وعيد) سيده نجرفان البرزاني اذا ما استمر المطران في رفضه لما يسمى بمشروع الحكم الذاتي وسلخ سهل نينوى عن محيطه الكلدواشوري السرياني والعراقي الاصيل, خصوصا بعد ان رفض الشهيد الهدايا (الرشاوى) المالية الطائلة التي عرضها عليه اغا جان بعد ان قبلها كل من ينادي بتكريد سهل نينوى من سياسيين ورجال دين ومرتشين وغيرهم.) انتهى الأقتباس
ويدعي الكاتب ميخائيل دينو شكوانا ان المطران اصيب في جنبه ورقبته ، لكن تقرير الطب العدلي يفيد بعدم تعرض الفقيد الى طلق ناري ، وآخر المعلومات عن الحادث بعد إلقاء القبض على بعض المتورطين في الحادث ان المطران خطف من قبل بقايا النظام السابق وتم تسليمه لتنظيم القاعدة والمتطرفين بمقابل مادي وإن المطران الشهيد قتل خنقاً راجع عنكاوا كوم .  http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic   
ــ مهما كان فإن قارئ المقال يستشف من مقال ميخائيل دينو شكواناً ان يحاول تبرئة ساحة العصابات التي فتكت وتفتك بشعبنا بقصد إفراغ مدن العراق من شعبنا المسيحي .
ــ يسعى الى توجيه اصابع الأتهام الى الحزب الديمقراطي الكردستاني لان مقره قريب من الحادث ويوجه اصابع الأتهام الى الميليشيات الكردية ، وهي قوات البيشمركة التي عرف تاريخها بعدم لجوئها الى العمليات الأرهابية وهي في احلك الظروف اثناء الأنتفاضات الكردية المتعاقبة والتي كانت قوات البيشمركة الذراع الأيمن للثورة الكردية على مدار عقود من الزمن  .
ــ وضع السيد سركيس آغاجان وحكومة اقليم كردستان في موقف من يريد تكريد شعبنا وإن المطران الكلداني المغدور كان ضد هذا الأتجاه .
إن ما هو معروف بين ابناء شعبنا وقيادته مهما كانت الأختلافات لا يمكن ان نلجأ الى هذه الأساليب الثأرية وإن كان بيننا بعض الأختلافات الفكرية والمجادلات حول التسمية وغير ذلك ، لا يمكن في كل الأحوال والظروف ان تصل الأمور بيننا الى حالات الأنتقام والتصفية الجسدية فهذه الأدعات ليس لها مصداقية على أرض الواقع .
إن شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن نسعى الى توطيد العلاقات الأخوية مع كل شرائح المجتمع العراقي ، ونقف على مسافات متساوية مع إخواننا المسلمين من السنة والشيعة او مع العراب والأكراد والتركمان او مع اليزيدية والشبك والصابئة المندائيين .
فالكاتب هنا يحاول دق اسفين التنافر مع اخواننا الأكراد ونحن نرتبط بعلاقات تاريخية مع الأكراد لا سيما مع العائلة البارزانية . فلا يمكن لهذه الجهة مهما كانت الأسباب ان تقوم بهذا العمل الشنيع . علينا ان نكون منصفين في احكامنا وليس من مصلحتنا خلق العداوات مع حكومة اقليم كردستان التي سعت الى مساعدة شعبنا وهو في محنته .
 ملاحظة : بالنظر الى إزالة المقال من موقع كلدايا نت فقد رأيت ان أرفقه مع هذا المقال ليطلع القارئ الكريم على المغالطات التي وردت فيه .
حبيب تومي / اوسلو
 
من وكيف ولماذا اختطف واغتال المطران الشهيد فرج رحّـو؟
 
كتابات - ميخائيل دينو شكوانا
 
انه المسيحي العراقي الغيور على مسيحيته وعراقيته,  انه رجل الدين المسيحي الاقرب الى شيوخ العشائر العربية في محافظة نينوى,  والى خطباء الجوامع وائمة المساجد, والاقرب الى رجال الدين والفكر الاسلامي والاكثر غيرة على عراقية الموصل المتآخية, والاكثر احتراما ووقارا عند الدّ المتطرفين, بل ويكاد يكون الوحيد بين اقرانه من الكهنة الذي لم ينجس جيبه بالاوراق الخضراء لقاء التخلي عن مبادئه وارائه وثباته ازاء القضايا المتعلقة بمصير ووحدة الشعب العراقي عموما وشعبنا الكلدواشوري السرياني خصوصا. اذن, فان الذي اختطف واغتال الشهيد الاسقف هم مجموعة من  القتلة الماجورين الذين يعملون لجهات تكره وتحتقر كل ماهو عراقي وتحارب أي تقارب مسيحي اسلامي (خصوصا في الموصل) وتدق اسفين الفرقة بين العشائر العربية وبين ابناء شعبنا في سهل نينوى وتعمل ليل نهار لكبت الاصوات التي تدعو الى التلاحم الاخوي والاجتماعي الوطني بين كافة ابناء العراق دون تمييز بسبب العرق او الدين او اللغة ولان صوت الشهيد كان اعلى تلك الاصوات واكثرها تاثيرا بسبب عنوانه الكنسي وثقله الوقاري فلم يكن من الثعالب المتربصة الاّ ان تغتال شهيد التسامح بالكيد والخديعة والمكر.
ففي مساء 29 شباط وبعد انتهاء طقوس درب الصليب في الكنيسة, غادر الشهيد متوجها الى بيته برفقة الشهداء الثلاثة (السائق والحارس واحد المرافقين) حيث اعترضت سيارته مجموعة مسلحة من 6-8 اشخاص من الملثمين يستقلون سيارتين احداها من نوع مازدا رصاصية اللون والاخرى لم يتم التعرف الى تفاصيلها اكثر من انها ذات لون اسود كونها كانت تقف على مسافة 50-75 متر, وما ان اجبر القتلة المطران ومرافقيه الثلاث على الترجل من سيارتهم حتى بادر المجرمون بقتل المرافق والحارس وكذلك السائق البطل الذي حاول الدفاع عن المطران والاخرين, فادى ذلك الى مقتل الثلاثة واصابة المطران في جنبه وعنقه, حيث  شوهد وهو يبكي ويصرخ ويلطم على وجهه حزنا على قتل المرافقين الابرياء, وبينما كان المطران المصاب يُسحل الى سيارة القتلة كان احد المرتزقة مشغولا بفك اصابع احد الشهداء عن حقيبة لم تكن تضم سوى كتب التراتيل الكنسية فصاح به القاتل الاخر (Pela,,Pela ) وهي تعني بالكردية (اتركه) ومضوا. وبالرغم من ان المطران كان قد فارق الحياة في يوم 2 او 3 من الشهر الجاري متاثرا بجراحه حسب تقرير الطب العدلي, الا ان المفاوضين كانوا حذقين في مسالة اصرارهم على التحدث الى المطران في مقابل استمرار المفاوضات لدفع الفدية المطلوبة وهي 1,000,000 مليون دولار امريكي. الامر الذي دفع بالمجرمين الى دفن الجثة في حي الانتصار جنوبي الموصل بعد ان ياسوا من محاولة المفاوضين.
ان الذين اغتالوا المطران الشهيد ورفاقه هم نفسهم الذين اغتالوا الاب الشهيد رغيد ورفاقه من قبل, وهم نفسهم الذين اعتقلوا الكاتب الاشوري جوني خوشابا ((وبالتهديد)) وليس كما قيل ((بالتعهد)) منع من نشر افكاره وفضح مؤامرات الخونة,  وهم نفسهم الذين فجروا محلة الزنجيلي في الموصل,  وهنا نتساءل! من يملك جرأة الخطف والقتل في حي سكني (يقع في الجانب الايسر من مدينة الموصل)  وعلى مقربة 150 متر تقريبا من مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني!! في وقت استنكرت وتبرأت من مسؤولية هذه الاعمال البربرية كل الحركات الوطنية والدينية مثل هيئة علماء المسلمين وما يسمى بدولة العراق الاسلامية!! ان كل المعطيات تشير الى ان الميلشيات الكردية هي التي تقوم بعمليات الخطف والقتل والابتزاز في مركز محافظة نينوى وتستهدف المسيحيين بالذات من اجل اركاعهم وترهيبهم واخيرا لاجبارهم على دعم المشروع الكردي لضم سهل نينوى الى اقليمهم المزعوم, ويذكر ان الشهيد المطران وقف بكل قوة ضد هذا المشروع المشبوه وطالما دعا في القداديس الى نبذه  ورفضه الى ان تمت (دعوته) من قبل حامل لواء تكريد سهل نينوى السيد سركيس اغا جان لينقل له (وعيد) سيده نجرفان البرزاني اذا ما استمر المطران في رفضه لما يسمى بمشروع الحكم الذاتي وسلخ سهل نينوى عن محيطه الكلدواشوري السرياني والعراقي الاصيل, خصوصا بعد ان رفض الشهيد الهدايا (الرشاوى) المالية الطائلة التي عرضها عليه اغا جان بعد ان قبلها كل من ينادي بتكريد سهل نينوى من سياسيين ورجال دين ومرتشين وغيرهم. 
يكذب وينافق وفي نفس الوقت يعرف كل الحقيقة كل من يدعي بتبراة المرتزقة الاكراد مما يجري بحق شعبنا من اعمال القتل والتهجير والخطف, واغلبهم فضل خيار ملأ الجيوب على خيار التهديد في مقابل التغني بمشروع الحكم الذاتي المشبوه او السكوت المهين وهو اضعف الايمان, لا اخفي انني احيانا اقول اننا نستحق ما يجري بحقنا, وانه لن يحل علينا السلام الحقيقي طالما استمر رجال الدين بالتحول من خادم للرب الكبير الى مقاول لسركيس الصغير, وطالما بقي وزيرنا السياحي يحيي الحجارة الميتة ويميت الروح الحية, وطالما يستمر ابناء العوائل المعروفة ببيع تاريخ ابائهم من اجل (مونيكا) ومنصب في المجلس الشعبي القطاري لصاحبه اغا جان وشركائه.
ولكن,, دماء الشرفاء عزيزة وغالية, وارواحهم هدى منيرة, وشعبنا الكلدواشوري هو شعب عراقي ابي واصيل في ارضه, وسيبقى مثالا للتضحية من اجل غد خالٍ من براثن الخونة وعفونة المرتشين وبائعي الامة.   وستبقى  روح  شهيد التسامح المطران بولص فرج رحو صارخة بوجه كل من يقبل بالمشروع المشبوه.
 
mshikwana@gmail.com



448
كرملش البلدة العتيقة التي احبت الشهيد فرج رحّو
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
 عزيزي القارئ العراقي نتحدث عن بلدة عراقية موغلة في القدم يحفل تاريخها بصفحات حافلة بالأحداث والنوائب والنكبات وبمحطات تاريخية بارزة على مدى امتداد التاريخ العراقي  فكانت في قلب الحدث في محطات تاريخية مهمة عبر التاريخ .
على امتداد  سهول مستوية منبسطة ترتفع نهود من الأرض على شكل تلال وهي مواقع اصطناعية اثرية وفوق واحد من هذه التلال التاريخية تجثم هادئة كرمليس ( كرملش ) ، ويقول حبيب حنونا ان التلال الأثرية تحيط بهذه البلدة ، تل غنم في  شمالها . تل بربارة الذي تشاهده العين ، مع مرتفعات جناري في غربها ، ربان يوخانا ، بسيدي وبرشير في جنوبها مرتفعات خاتون خمرة وخربة عيسى في شرقها .. وما يغني هذه البلدة الهادئة هو جدولها الذي ينعم على أراضها فيروي مزروعاتها ، فهي غنية ببساتينها وأشجارها الوارفة .
البلدة التي كانت شاخصة في كل الدهور ورد ذكرها في التواريخ وكتب عنها الرحالة فكانت صفحات لتاريخ متواصل منذ سحيق الأزمنة الى اليوم .

 

ونبقى مع ابنها الكاتب حبيب حنونا يقول : كرمليس مدينة عريقة .. تمتد جذورها الى العصور الحجرية ، والى عصور ما قبل التاريخ ، فقد اعتبرها البعض من أوائل المستعمرات البشرية في العالم .. وورد ذكرها في اشهر المصادر وأقدمها واقترن اسمها بأعظم المعارك والغزوات قبل الميلاد وبعده ، كحملة داريوس دارا الأول ( 485 ق . م ) وداريوس دارا الثالث والأسكندر الكبير ( 331 ق . م ) ، وحملة الأمبراطور الروماني طرايانوس للشرق ( 114 م ) وغزوة نادر شاه ( 1743 م ) وغيرها ( حبيب حنونا ، كنيسة المشرق في سهل نينوى 80 ) .
 وفي رحلة  (اوليفييه الى العراق سنة 1794 ـ 1796 والتي ترجمها المرحوم الأب يوسف حبي 62 )  يقول :
نحن على بعد اقل من الفرسخ من اربيل المدينة التي اعطت اسمها للواقعة التي انتصر فيها الأسكندر على داريوس ، وبها انتهت الأمبراطورية الفارسية ويستدرك : بيد ان المعركة المذكورة لم تقع تماماً في سهل أربيل ، بل على مقربة من قرية اسمها كوكاميلا ربما تقع الى يمين الزاب ، ويشخص بعضهم قرية كوكاميلا بقرية كرمليس الحالية الواقعة قرب الحمدانية .
لقد كانت محط انظار المستشرقين والمستكشفين الذي باشروا في الحفر والتنقيب في هذه المنطقة التاريخية وقد ذكرها ياقوت الحموي في معجمه باسم كرمليس على انها من قرى الموصل وهي كثيرة الغلة والأهل وبها ســوق عامر وتجار وإنها خربت في ايام نادر شــاه . كما ورد ذكرها في رحلة المنشئ البغدادي إذ يقول :
انها تبتعد من الموصل باربعة فراسخ ونصف الفرسخ ( الفرسخ حوالي ثلاثة اميال  ) ، وهي قرية فيها نحو أربعين بيتاً كلهم نصارى ، وكانت قديماً بلداً ، وفيها عدة كنائس ومنها الآن دير مار ( الركسين : الصحيح دير مار كوركيس ) وهو قديم جداً لا يزال قائماً ، وفي تلك الأنحاء قرى كثيرة كلها نصارى كلدانيـــون وسريانيون . وجميعها تزرع الحنطة وتتعاطى النسيج ( رحلة المنشئ البغدادي 78 ) .
لقد لصبحت كرمليس مقراً للبطريركية بعد ان ترك الجاثليق يابالاها ( ت 1317 م ) وسكن خلفاؤه في مراغة وأربل وكرملش وأخيراً في القوش ، لقد اصبحت كرملش مقر الكرسي البطريركي بعد ان قرر مار دنخا الثاني نقله اليها بعد مراغة ، فاصبحت مركز الأسقفية الى عهد شمعون الثاني حيث نقل مركز الأسقفية الى القوش وكان ذلك عام 1426 م .
 ويكتب رفائيل بابو اسحق في ( تاريخ نصارى العراق 136 ) أن طهماسب ( نادر شاه ) هجم على الموصل سنة 1943 م في عهد  حسين الجليلي الذي كان يحث على النضال اهالي الموصل ومن التجأ اليها من سكان القرى من تركمان وكلدانيين . بيد ان عساكر نادر شاه كسحت قرى كثيرة عامرة هدمت كل ما وجدت في كرمليس وبرطلي وتلسقف وألقوش وغيرها وأخذت تغتال شبابها وشيوخها وتسبي نساءها وأطفالها وتنهب دورها وكنائسها وتقتل رهبان معابدها وديورتها ... الخ
 ومن ذكر هذه البلدة في رحلته الرحالة نيبور في رحلته الى العراق فيقول عن كرمليس : كانت في سالف الأزمان مدينة كبيرة أما اليوم فيترواح عدد بيوتها بين الستين والسبعين بيتاً ، ويذكر المؤلف انها المدينة التي عرفت في رحلات سابقة تحت اسم كاور قوي لأن جميع سكانها من االمسيحيين ولا يقطنها مسلم واحد ( رحلة نيبور 96 ) .
الملاحظ ان كاور وهي الكافر بات هذا المصطلح تطلقه الشعوب التي اسلمت كالفرس والترك والأكراد على المسيحيين ، وقلعة كاور باغي في كركوك أي قلعة الكفار او بستان الكفار ، لأن التقسيم الديني الأسلامي لشعوب الأرض هو الأسلام وهم المؤمنون وغير الأسلام وهم كفار ، ومن هذا المنطلق ايضاَ ديار الأسلام هي ديار السلام وخلاف ذلك هي ديار الحرب .
نمضي لنسير لمشاهدة كرملش في القرن الثامن عشر مع نيبور الذي يقول : أن بيوت هذه المدينة تتراوح بين 60 ـ 70 بيتاً وهي مبنية بالحجر والكلس وأكثرها مقببة . وكان جميع السكان من النساطرة وبعد ذلك نبذوا النسطرة ليتحدوا مع الكنيسة الكاثوليكية .. وإن اللغة الشائعة بين سكان الواقعة في هذه المنطقة هي اللغة السريانية واللغة السريانية او الكلدانية التي يتكلم بها سكان هذه القرى تختلف عن اللغة الأصلية التي كتبت بها كتب الكنائس كما هي الحالة بين اللغة العربية الحديثة والقديمة .. ( رحلة نيبور 98 ) .
إذا كانت كرملش قد واكبت التاريخ العراقي منذ اقدم الأزمنة فإنها اليوم تواصل دورها كنقطة مضيئة على الخارطة الجغرافية والسياسية والدينية العراقية .
 إن العاصفة الهوجاء التي تضرب الأرض العراقية برمتها تأبى كرملش التاريخية إلا ان تتحمل نصيبها من موجة الأرهاب والعنف التي تعصف بالعراق المنكوب وقدمت هذه البلدة العتيقة ، التي يلفها العبق التاريخي ، تقدم للعراق كوكبة من الشهداء على ارض الموصل ، وكان آخرهم ابنها البار الأسقف الكلـــداني الشهيد بولس فرج رحو ، الذي احب العراق وأحب الموصل وأحب حبيبته كرملش .  وسيبقى مرقده اكليلاً يمجد كرملش العزيزة .
 حبيب تومي / اوسلو

449
     قمة المؤتمر الأسلامي والشهيد المطران فرج رحو
 بقلم : حبيب تومي /اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


افتتح اليوم في دكار عاصمة السنغال اجتماع قمة منظمة المؤتمر الأسلامي والتي تمثل 1,3 مليار مسلم ، وفي هذا اليوم ايضاً اعلن عن استشهاد رئيس أساقفة الكلـــدان في الموصل الشهيد بولس فرج رحو.
  ركز في هذا المؤتمر على موضوع الأساءة للأسلام . ويبدو ان السادة الرؤساء والملوك لا يرون ما يحدث امام أعينهم من ارهاب وقتل واختطاف وتصفية جسدية على أيدي إرهابيين ، ويجتمع جميع الأرهابيين تحت هوية واحدة وهي الهوية الأسلامية . فهؤلاء المسلمون أساءوا الى الأسلام قبل غيرهم ، اللهم إلا إذا اعتقد هؤلاء الملوك والرؤساء ان قتل المطران المسيحي ليس جريمة وليس إساءة الى الأسلام .
فهل يتكرم هؤلاء القادة الرؤساء باستنكار هذه الجريمة البشعة بحق رئيس أساقفة الكلـــدان في الموصل الشهيد بولس فرج رحو ؟ ام ليس لهم وقت لسماع مثل هذه الأخبار والتي اعتقد انها مسيئة  للأسلام قبل غيرها من الأديان ، الا يجدر بهؤلاء الملوك والرؤساء استنكار هذا العمل لأبعاد الأسلام عن هذه الأعمال البربرية ؟
 أقول :
كان يوماً حزيناً وكان يوماً مؤلماً ان تهوي شجرة عملاقة باسقة تنشر الظلال والمحبة في المجتمع العراقي فكانت خسارة كبيرة للقوى الخيرة المعتدلة في العراق المنكوب .
المطران بولس فرج رحّو ، فارس الكلمة والصوت الأمين ورسول المحبة وصديق الجميع وزارع بذور التفاهم والوئام في بستان العراق ، اغتالته أيدي آثمة وهي واهمة ، ان فرج رحو هو العائق الشائك لتحقيق الأماني . في 29 / 2 / 2008 اختطف الأنسان فرج رحو وهو يخرج من الكنيسة ، وأغتيل مرافقيه الأبرياء فارس جرجيس خضر ورامي حكمت بولص وسمير عبد الأحد .
وبعد مناشدة منقطعة النظير لخاطفيه لأطلاق سراحه ، الا انهم استمروا في غيهم ، وهم يعتقدون انهم سيسجلون بطولة ما بعدها بطولة حينما يقتلون إنسان أعزل ، إن فكرهم المريض اوقعهم في وهم ان المطران فرج رحو يعرقل تحرير فلسطين ، وإن فرج رحو يعرقل انسحاب القوات الأمريكية من العراق ، وإن فرج رحو هو سبب تأخر العالم الأسلامي وغرقه في الجهل والأمية ، وهكذا تسلحوا بأحدث الأسلحة لمقاومة فرج رحو ألأنسان .
الظلام يتبدد وينهزم امام نور الشمس الساطع وهكذا كان هؤلاء الظلاميين يخافون هذه الشمعة المشتعلة الوضاءة ، لقد كان فرج رحو ينير دروب المحبة والسلام ، وينير القلوب ويطرد البغضاء ويمحي الكراهية والضغينة ، وهذا لا يقبله من تحجرت قلوبهم بالحقد الدفين على كل ما هو جميل ومنير .
الصراحة تدفعنا الى القول :
ان الجميع يتحمل قسط  من المسؤولية لما طال هذا الأنسان ، وما تجرعتة الأقليات الدينية بصورة عامة في مدينة الموصل :
 المحافظ دريد كشمولة الذي قال  عبر اتصاله بعشتار بأنهم سيتعقبون القتلة ، فلماذا لم يتعقبوهم لمدة تسعة أيام والمطران رهينة بيدهم ؟
اين كانت القوات الحكومية في هذه المدينة ؟
أين قوات البشمركة ؟
 أين القوات الأمريكية التي تتعقب المجرمين عن طريق الهواتف النقالة ؟
 لم نسمع تحركاً مهماً وجدياً للبحث عن الخاطفين .
 اما عامة الشعب من المسلمين والمسيحيين واليزيدية والصابئة ، هؤلاء الناس المعتدلين المساكين كانوا يناشدون القتلة لأطلاق سراحه  وقدمت الصلوات والتراتيل الدينية ولكنها لم تجد نفعاً مع من تحجرت قلوبهم بآفكار وأوهام ظلامية . وهكذا استشهد فرج رحو على أيدي اناس يستمرؤن تعذيب البشر وقتلهم بدم بارد .
إن الدوافع والنيات النبيلة لا تكفي على حفظ النظام وبسط القانون وعلى رد المعتدين .
 كان المرحوم يصر ان الحياة لا يمكن ان تستمر بلا أمل وهو يدرك حجم التحديات ، وإن الحالة التي تعيشها الأقليات الدينية في الموصل مرعبة ، لكنه يعتقد ان حق العيش في هذه المدينة متاح وضروري ، وهو فخور بها وبأبنائها ولهذا كان يحفظ بحبل المودة مع جميع الأطراف وسلاحه في هذا الطريق الملئ بالألغام  قلبه الطاهر ، ومحبته الواسعة ، وخصاله الحميدة وأحاديثه المليئة بالقيم والعبر ، وقلبه الكبير ونبله الفريد ووده الصادق وصداقته المحببة مع الصغير والكبير وأخلاقه السامية وعلمه الغزير وإخلاصه الذي لا حدود له لوطنه العراقي .
 فكيف يخاف فرج رحو الأنسان الذي يحمل كل هذه الخصال ؟
الشهيد فرج رحو .. الأنسان كان رجلاً شجاعاً ويرفع سوطاً على الجهل والعنف والتمييز والتطرف ولا يهاب ، فالذين تصدوا له كانت قلوبهم متحجرة بسرطان الحقد والكراهية والضغينة ، فتعامت قلوبهم قبل عيونهم ، فتمادت نفوسهم الدنيئة للنيل من هذا القديس والذي من المؤكد استقبل فعلتهم الجبانة هذه بابتسامة الأنسان المؤمن .   
 لقد أجدبت صدورهم من معايير المحبة وتسلل الشيطان الى نفوسهم وكان عملهم يهدف إطفاء شمعة كانت تضئ دروب الوئام والمحبة امام الجميع .
 لقد نبتت في دربه الأشباح وهي تترصده بالغدر لقد اختالوا رفاقه الناس الأبرياء ، ولم يرتوي حقدهم على كل ماهو جميل في هذه الحياة ، إنهم سقط الأخلاق وسقط الضمير وسقط البشر .
 إن روح الأسقف الشهيد بولس فرج رحو  ووجدانه خالدان أبد الدهر لاستحضار الأمل والنور من رحم العتمة وانتشار الفرح والمحبة من براثن الحقد وزراعة الخوف .
 التاريخ سيذكر ويمجد فرح رحو وخصائله الدينية والأنسانية وسيلعن كل من تلطخت اياديهم بالدماء الزكية للأبرياء من البشر .
المجد والخلود والراحة الأبدية للشهيد الأسقف بولس فرج رحو ورفاقه الشهداء ، ونحن جميعاً ننحني احتراما لك أيها الأنسان الكبير بولص فرج رحو .
 حبيب تومي / اوسلو

450
ملا مصطفى البارزاني ودوره في التاريخ المعاصر للشعب الكردي
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


تمر هذه الأيام ذكرى وفاة القائد الكردي المرحوم ملا مصطفى البارزاني . وقبل حوالي سنتين باشرت بإعداد دراسة عن هذه الشخصية ، ولأول وهلة كانت حساباتي ان الأشتغالات في هذه الدراسة سوف لا تتعدى بضعة أشهر وسوف لا تزيد عن بضعة ملازم ، لكن حين توغلي وإسهابي في بحث الجوانب المتعددة لهذه الشخصية ، الفيت نفسي أمام جبل من المعلومات ، ويبدو ما كان ماثلاً للعيان لم يشكل سوى قمة جبل ثلجي عائم حيث تكمن معظم اسراره في اعماق اليم . ولكي تكون الدراسة وافية لا بد من ركوب اهوال هذا البحر لبلوغ دقائق الأمور .
إن شئنا سبر اغوار المفكر القومي الكردي ، الذي يتجاوب مع الراهن ، فيحاول اقناعنا ان مراميه تنحصر في منح شعبه حقوقه اللغوية والأقتصادية والسياسية ضمن الدول التي تتقاسمه ، فلا اعتقد ان هذا المفكر يتسم بكل المصداقية وهو غير صادق مع ذاته أيضاً ، فإن أي قومي كردي في قرارة نفسه يتطلع الى التحرر القومي التام غير الناقص ، ولكن القيود تكبله فتمنعه التفكير بصوت عال .  وعلمته تجربته المريرة والطويلة بالحياة ان يكون مقتصداً في مطاليبه ويحوّرها مع ما تسمح به الظروف الموضوعية فيقتنع بالممكن ، وربما اقل من ذلك .
 فيوماً تقتصر على مطاليب اقتصادية بحتة ، وفي مرحلة اخرى كانت تطرح الحقوق اللغوية والتمثيل في راس الهرم الحكومي وفي مناسبات أخرى كان يطرح الحكم الذاتي ، وهذا بالضبط ما كان يفكر به ويعمل بموجبه ملا مصطفى البارزاني خلال رحلته في مسيرة الحياة الطويلة ، وهو يمسك دفة القيادة عبر اليم العميق فيوما كان هذا البحر هادئاً وسطحه صقيلاً كالمرآة فتندفع سفينته بهدوء وانسجام ، وأيام أخرى كثيرة كانت العواصف والرياح العاتية تعصف بتلك السفينة فتتقاذفها الأمواج وتصبح قضيته مصيرها كمصير الريش في مهب الريح ، لكن تبقى القيادة الحكيمة هي التي تضبط الدفة مع البوصلة التي تتجه ابداً نحو الهدف الرئيسي في قضية شعبه .
إذا أردنا ان نتعرف على شخصية ملا مصطفى البارزاني الذي تقلبت به الأزمنة ، فانتقل بين السجون وقسوة المنافي والعواصم وقصور الرئاسة وبين الوديان والشعاب العاصية والكهوف المظلمة بين استقبال الحكومات وبين مطارداتها ، بين الأشادة بمواقفه الوطنية وبين احكام الأعدام ، كل هذه التقلبات كانت تمنح هذا الرجل تجربة حياتية ثرية ، ولا يمكن لمثل هذه الشخصية ان تركن الى غياهب النسيان في ذاكرة الشعب الكردي وذاكرة الشعب العراقي عموماً .
 لقد كتب الأستاذ مسعود البارزاني كتابه الموسوم : البارزاني والحركة التحررية الكردية وسنتطرق الى هذا الكتاب في قادم الأيام ونقرأ فيه عن مواقف حاسمة كان يتخذها ملا مصطفى البارزاني والموقف الأول يوم اعتزم على القيام بالمسيرة التاريخية الى الأتحاد السوفياتي عام 1947 حيث خطب برجاله قائلاً :
أيها الأخوة ، انني سائر الى مصير مجهول لا أدري هل اموت من الجوع او من البرد او برصاصة الأعداء ، فالموت هو اقرب احتمال بالنظر الى وضعنا ، هذا إلا ان الله أقوى وأكبر من كل الأعداء وبالتوكل عليه اخترت التحدي ، فليبق معي كل من يرى في نفسه القدرة على تحمل الصعاب وتحمل هذا المصير ، ومن لا يرى في نفسه القدرة على التحمل فبإمكانه العودة وتسليم نفسه وأقول له هذا وأنا شاكر وممتن له .
 ولم يخرج من الصفوف أحداً وربطوا مصيرهم مع مصيره .
 وفي مناسبة اخرى في قرية سيدان شمال بارزان كان له موقفاً حاسماً مشابها وكان ذلك في ايلول 1961 حينما انطلقت الثورة الكردية يقول لرجاله :
أيها الأخوان انا شخصياً لا اعلم ماذا يخبئ لي المستقبل . على إني سأواصل المقاومة بأقصى ما أمكنني ولن أبارح كردستان ... ها إني أخترت الموت ومن يختار الموت فليبق معي . وسأسير قدماً وليس معي غير ما احمله من سلاح وعتاد ودراهم قليلة وهذا كل ما أملك . أولئك الذين يتحدون الخوف والجوع والبرد فليبقوا .. وأما اولئك الذي لا طاقة لهم بالتحمل فليذهبوا الى حال سبيلهم وعند الله ثوابهم لفرط ما تحملوا وتعبوا ويختم كلامه بقوله : نحن امة مظلومة وجب علينا الدفاع عن حقوقنا وكرامتنا وسيكون من دواعي فخرنا وشرفنا ان نضحي بأرواحنا فداءً لحرية شعبنا .
 ومن طريف ما نقل عن هذا الأجتماع ان البارزاني التفت الى حسين جرجيس بندوريي وهو من رفاقه الذين صحبوه الى الأتحاد السوفياتي وكان قد اناف على السبعين قائلاً :
أيه حسين ! لقد تقدمت بك السنين فاذهب لبيتك واسترح ولينب عنك اولادك .
أجابه حسين :
 ملا مصطفى ! إني مع هؤلاء ولن اتحرك من موضعي ولن اعود الى بيتي ، اما إذا رغبت انت ان تعود الى منزلك فاذهب رافقتك السلامة .
 لقد طرحت ثورة ايلول شعار الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان وبعد ان التف صدام على مفهوم الحكم الذاتي كان الشعار أخيراً : الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان .
 وفي ختام هذا المقال لا بد من الأشارة الى الفكر الذي آمن به البارزاني ، وهو ان الحركة التحررية الكردية لا تتعارض مطلقاً ومسيرة تحرير الشعوب العربية ورفض رفضاً قاطعاً خطاب التعصب القومي العربي وفي الوقت ذاته استنكر الدعوات الى الأنعزال القومي الكردي ، وبقي ثابتاً على موقفه الى آخر لحظة من حياته ، وهو ان نضال الأكراد في العراق إنما يستهدف النظم والقوى الأستبدادية والرجعية واللاديمقراطية . ويسعى الى إقامة حكم ديمقراطي يمثل الأرادة الشعبية عن طريق انتخابات ديمقراطية وهو المطمح الأخير للعرب والأكراد وكل الأقليات القومية والدينية .
 سيبقى ملا مصطفى البارزاني  شامخاً في ذاكرة الشعب الكردي وكل الشعوب التواقة الى الحرية والاستقلال . وسيبقى تاثيره خالداً في تاريخ الشعب الكردي المعاصر .
 حبيب تومي / اوسلو 

   
 

451
                 أهل الموصل والأقليات التاريخية وفصائل الأرهاب
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


تساؤلات ليست بريئة تحوم حول الموصل وأهل الموصل وعن وضع الأقليات في هذه المدينة وحول تعشش الأرهاب في كل زاوية من دروبها العتيقة وفي كل منعطف من شوارعها الواسعة الحديثة .
كانت الموصل الى تاريخ قريب مركز تجمع خليط عرقي وديني  متشابك تفرضه الجغرافية والمصالح الأقتصادية المتبادلة ، مع حتمية تاريخية مشتركة تفرضها قواعد الهوية العراقية وأسس الدفاع عن الوطن الواحد .
المكانة التاريخية للموصل والموقع الجغرافي المتميز قد وضعا هذه المدينة في مكان الصدارة في المنطقة وباتت مركز جذب تجاري من كل الجهات وبعض الثقات يرجع اسمها ( الموصل ) الى هذه السمة باعتبارها  همزة وصل بين مناطق تجارية مهمة  .
لأهل الموصل علاقات اقتصادية وثيقة بأهل المنطقة من الأقليات التاريخية ، بعض القرى في سهل نينوى ( سهل الموصل ) كانت وربما لا زالت مملوكة لملاكين في الموصل ، وأسواق الموصل وعلاويها هي المحطة الرئيسية لتسويق وتجارة المواد الزراعية كالحنطة والشعير والعدس والرز ومنتجات البرغل والحبية والجريش ، وبعد ذلك تتسابق محلات الموصل بعرض المنتجات المختلفة من الفواكه والخضر لا سيما ايام الصيف : الرمان والتفاح والرقي والبطيخ والعنب والترعوزي والعرموط والتين وخيار القثاء ..
كانت تلسقف مصدراً مهماً لتوريد الأواني الفخارية والفراوي التي كانت تشتهر بصناعتها ، وباطنايا التي كانت تشتهر بصناعة الحصران وألقوش بصناعة ملابس الأكراد ( الشال والشبوك ) ، وهكذا تبقى الموصل السوق الذي تصرف فيها البضاعة  لقد عرفت الموصل بأنها حب الماء وهو الإناء الفخاري المملوء بماء الشرب ويحتاجه الأنسان بصورة مستمرة .
 وكان للموصل فوائد أخرى فأطباءها قد طبقت شهرتهم الآفاق ، أما مدارسها المتوسطة والثانوية والمدرسين الموهوبين فتشكل قبلة من يتلهف الدراسة والأجتهاد ونيل الدرجات العالية . في الصباح الباكر تدخل المدينة آلاف السيارات المحملة بمختلف البضائع ويؤمها آلاف الأشخاص من القرى والبلدات المجاورة بقصد العمل او التجارة او العلاج وفي المساء يغادر هذا الجمع الى مدنه وقراه ، وفي النهار ترى شوارع الموصل زاخرة بخليط  بشري غريب عجيب مختلف الأزياء : الكردية والعربية ولكل بلدة أزيائها ، فأزياء القوش  الشعبية تختلف عن القره قوشية والتلسقفية تختلف عن التلكيفية وعن البطناوية واليزيدية الجميلة والكردية  وهلم جراً في هذا النسيج المجتمعي الجميل .
 وتتداخل الألحان والأنغام وأنت تسير امام قهوة وأخرى من مقام عراقي  ليوسف عمر وناظم الغزالي  الى محمد عارف جزراوي الى مريم خاني الى حضيري أبو عزيز . الى الأغاني التركية وفي الطريق تسمع أحاديث بالعربية وبالكردية والأرمنية والتركمانية والكلدانية .. حقاً قيل انه متحف حي طبيعي متحرك .
 واليوم :
اليوم والحسرة تملأ  قلوبنا ، فهذا النسيج الجميل قد اختفى عن الوجود وحل محله اللون الواحد ، اليوم ينمو بأرض الموصل التاريخية زؤان الأرهاب الذي يقلع كل النباتات وكل الأزهار الجميلة من هذه الأرض الطيبة ، قلع الأرهاب الذي لا يطيق الجمال والمحبة ، قلع جذور هذه الأقليات الجميلة الطيبة ، وحاربها ، فاختفت الوانها الجميلة الزاهية ، وأصبحت مدينة الموصل مدينة خاضعة للعنف والدم والأشباح .
 والسؤال المثار : ما هو موقف أهل الموصل من كل ما يتعرض له ابناء الأقليات في مدينتهم  ؟
 لماذا الصمت المطبق حينما يتعرض للأغتيال الأب كني ورفاقه في شوارع الموصل وفي وضح النهار ، أين أهل الموصل من عملية أختطاف رئيس أساقفة  الكنيسة الكاثوليكية للكلدان مار بولص فرج رحو واغتيال مرافقيه فارس ورامي وسمير بعد خروجهم من كنيسة الروح القدس ( السفينة ) وفي وضح النهار ؟
أتساءل هل أهل موصل مع الأرهابيين ام مع أصدقائهم وابناء وطنهم وشعبهم أبناء الأقليات المحبين للسلام ، لماذا كل هذا السكوت عن الجرائم التي تطال الأقليات وبضمنهم ابناء شعبنا الكلدانــي ؟ أين محافظ الموصل ؟ اين أبناء الموصل من الذي يجري على أرضهم ؟ ينبغي ان نعلم جميعاً أننا لانستطيع الأبتعاد عن حقائق التاريخ وعن استحقاقات الجغرافيا .
 ألم تكن رمادي مرتعاً خصباً للأرهاب ؟ وكيف استطاع شعب هذه المدينة من قلع جذور الأرهاب في مجمل محافظة الأنبار ؟
 وماذا عن القوات الحكومية وقوات التحالف التي وقفت مشلولة امام هذه الجرائم النكراء ، لقد سمعنا كثيراً عن تحرك القوات الحكومية وعن التصميم لقلع جذور الأرهاب من مدينة الموصل لكن فقط نسمع  جعجعة ولا نرى طحيناً . سمعنا قولاً ولم نرى فعلاً  ؟
 هل حكومتنا عاجزة عن إداء واجبها في المحافظة على المسـاجد والكنائـس والمعابد ، فإن كانت عاجزة الى هذه الدرجة فلماذا لا تستقيل لتأتي حكومة قادرة على إداء واجبها اتجاه المواطنين جميعاً بصورة متسـاوية ؟ إنه أمر مثير للأستغراب ، أن يقتل بالمئات من ابناء الشعب الأبرياء وكان يجدر بالحكومة على الأقل ان تنكس العلم او تعلن حزناً او حداداً على الضحايا الأبرياء الذين يتساقطون يومياً .
 إن اهل الموصل الكرام مدعوون لكي يعودوا الى علاقاتهم وصداقاتهم التاريخية مع المسيحيين واليزيدية وغيرهم من ألأقليات الدينية والعرقية ، إنها احكام وناموس الجيرة التاريخية التي لا يمكن تبديلها او إلغائها ، ونتمنى ان تعود موصل الى سابق عهدها في التآخي مع الأقليات وفي شعورها بواجبها بالمحافظة على رموز هذه المدينة وفي مقدمتهم الأسقف الكلـــداني مار بولس فرج رحّو الذي نتمنى له العودة الى اهله وذويه والى كنيسته ومدينته الموصل ووطنه العراق . ورحم الله رفاقه الشهداء الأبرار فارس جرجيس خضر ، ورامي حكمت بولص ، وسمير عبد الأحد دانو .
 حبيب تومي / اوسلو         

452

تركيا وتحجيم قضية الشعب الكردي وحصرها بجبل قنديل
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


التحركات العسكرية التركية في الاونة الأخيرة رغم انها لا تحمل طابعاً مغايراً لما كانت تقوم به في السابق لكن الرسالة التي تريد تركيا إبلاغها للداخل ولمحيطها الأقليمي والدولي  لم تكن خافية على ذي نظر . فتركيا التي تعمل على ارتداء الجلباب الأسلامي اليوم لا زالت عند موقفها من الأقليات ، وهي ترغب في تحركها العسكري الجديد الذي سخرت له آلاف العسكريين المدججين بأحدث الأسلحة وبإمكانيات لوجستية كبيرة مع إسناد من سلاح المدفعية والدبابات والطائرات الحربية والمروحيات .
   الحقيقة ربما افلحت تركيا في جعل الأضواء تسلط الى داخل الحدود العراقية وبالذات على مرتفعات ووديان وشعب جبل قنديل في أقليم كردستان . وقد افلحت تركيا في وسائل إعلامها  الى تسليط الأضواء على عمليتها العسكرية داخل الأراضي العراقية وهي تقول : ان عمل وقائي ضد الأرهاب والعملية هي نوع من الهجوم الدفاعي ما يوحي الى ان تركيا تشن حرباً هجومية للدفاع عن نفسها من مقاتلي حزب العمال الكردستاني .
 قبل أيام كانت تركيا قد شرعت قانوناً لحماية الأقليات غير المسلمة ، حيث أقر البرلمان التركي الذي يشغل معظم مقاعده حزب العدالة والتنمية الحاكم ، وهذا القرار مهم لتركيا في مساعي انضمامها الى الأتحاد
الأوروبي الذي يشترط على تركيا احترام الحقوق والحريات الأساسية لكل المواطنين الأتراك دون تمييز ديني او اثني ، ولكن بعد هذه الخطوة هل تركيا مستعدة للأعتراف بمذبحة الأرمن ؟ وبالتالي هل هي مستعدة للأعتذار للشعب الأرمني ؟ باعتقادي ان تركيا تريد الظهور بمظهر الحمل الوديع مع امريكا وأوربا فيما تسلك سلوك الذئب المفترس مع الأقليات القومية .
ان تركيا دولة واحدة لكنها متعددة الهويات ، وإن 20 % من التركيبة السكانية لتركيا تكونها القومية الكردية ، وتركيا تستغفل هذا الواقع حينما تعترف للأكراد بأنهم أتراك الجبال ، وشعار تركيا هو : لكي تكون سعيداً عليك ان تصبح تركياً ، وقد سمت اسمها تركيا وهو اسم قوم من اقوامها المتنوعة بدلاً من بلاد الأناضول . يقع 97 % من الأراضي التركية في أسيا ويقع 3% من أراضيها في اوروبا ، ومع ذلك تسعى الا تكون دولة آسيوية إنما دولة أوروبية ، وهي تتوجه وتعمل للأنضمام الى العائلة الأوروبية ، لكن سجلها في التعامل مع الأقليات ومع لائحة حقوق الأنسان لا يرقيان الى منزلة تؤهلها لتتبؤا مكانة العضوية في الأتحاد الأوروبي .
إن اوروبا بتجربتها التاريخية وخبرتها في مجال الديمقراطية وحقوق الأنسان تعلم بأن ادعاء تركيا بتطبيق الديمقراطية لا يشكل سوى الجزء الضئيل من جبل الثلج المخفي معظمه ، فالديمقراطية لا تعني إجراء الأنتخابات وصناديق الأقتراع فحسب  ، إنما صلب الديقراطية وعمودها الفقري هو الحرية والليبرالية والموقف الأنساني من الأقليات العرقية والدينية ، وهي المحرار الذي تقاس به مدى تطبيق المبادئ الديمقراطية .
 إن موقف تركيا التاريخي والراهن كسلطة ونظام لم يكن نزيهاً بالنسبة لقضية الشعب الكردي ، وبدلاً من خطابها المفعم بالشوفينية كان على الحكومة التركية ان تعالج اوضاع المنطقة الكردية التي يثقل كاهلها الفقر والبطالة والأهمال ، فالمليارت التي تصرف على عسكرة كردستان وإرسال الحملات العسكرية ضدها كان يجب الأهتمام بتعميرها وتنميتها .
ألا تستفيد تركيا من بشاعة تعاملها مع الشعب الأرمني ؟ والذي جلب العار لتركيا وسمعتها المتدنية في مجال حقوق الأنسان . اليوم تركيا فيما تسعى اليه هو فرض حصار أعلامي محكم حول الشعب الكردي في تركيا ، ولكن يبدو ان جهودها باءت بالفشل هذه المرة حيث تعالت اصوات من كل جانب لتستنكر العملية العسكرية التي أقدمت عليها تركيا .
 كان الأستاذ مسعود البارزاني قد أشاد بالموقف العراقي الرسمي والشعبي بتضامنه مع اقليم كردستان ، لكن برأيي ان الموقف الرسمي كان ينبغي الا يكون على مستوى الأستنكار فحسب ، إذ لم يتطور الى تقديم شكوى الى الأمم المتحدة او جامعة الدول العربية ، وحتى هذه الأخيرة لم نقرأ لها تحركاً تضامنياً مع العراق حينما كانت تستباح أراضيه من قبل القوات الأجنبية .
إن كانت تركيا قد استثمرت وجود قوات الحزب العمال الكردستاني في جبل قنديل وتوظيفه الى جهة دفاعها وتصديها للأرهاب الى حين ، لكنها لا تستطيع إغفال مسألة الشعب الكردي وأوضاعه المتردية الى ما لا نهاية ، وعلى تركيا ان تكون صريحة مع نفسها ومع الآخرين وأن تعالج مسألة الأقليات جذرياً فتعتذر للشعب الأرمني وتتعامل مع الشعب الكردي مع ما يتطلع اليه هذا الشعب وليس الى ما تقرره تركيا .
 في ضوء النظام الدولي الجديد وعلى ضوء ما أقر من من مواد بصدد حقوق الأنسان فإن المادة الأولى تؤسس على حرية الأنسان وحقوقه حيث تنص :
 يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في المكانة والحقوق وقد وهبوا العقل والوجدان وعليهم التعامل مع بعضهم البعض بروح الإخاء . وهذا ما يقودنا الى ان الدول التي تقتسم الشعب الكردي عليهم التفكير ملياً برغبة هذا الشعب وطموحاته المشروعة ، وهو في نهاية المطاف يتطلع الى مسأله تقرير مصيره بنفسه . إن مسألة القاسم المشترك بين الدول التي تقتسم كردستان كان ولا زال هو التعاون والتنسيق من اجل القضاء على تطلعات هذا الشعب في هذه الدول ، والمفروض اليوم وفي المستقبل إن يتغير هذا الخطاب الى فلسفة التعامل مع الحقوق المشروعة للشعب الكردي باعتباره شعباً يتكون من 30 مليون نسمة ومن حقه تقرير مصيره في نهاية المطاف .
 حبيب تومي / اوسلو   

453
الى كتّاب وساسة شعبنا لنقتدي بمجلس مسيحيي كركوك 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

تشكيل مجلس مسيحيي كركوك ، كم هي بسيطة هذه الجملة ،  وكم هي رائعة تحمل في طياتها من المعاني الزاخرة بالوعي والمحبة والشعور بالمسؤولية ، إن هذه النخبة من شعبنا ـ رغم التراكمات التاريخية ـ استطاعت ان تهدم الحواجز وتجتاز كل الأشكاليات لتحقق لقاءً وتفاهماً وبرنامجاً للعمل المشترك ومجلساً لمسيحيي كركوك .
نقرأ :
 بمبادرة من رئيس أساقفة كركوك للكلدان وبعد لقاءات عدة بين ممثلي الكنائس الرسولية  :
كنيسة المشرق الآشورية ، والكنيسة الشرقية الجاثليقية القديمة ، والسريان الكاثوليك ، والسريان الأرثوذكس ، تم تشكيل مجلس يمثل مسيحيي كركوك لتوحيد خطابهم وصوتهم ونشاطاتهم العامة وزيارة المسؤولين . إن هذا المجلس لم يمله أحد ولم يموله أحد ، كما انه لا يهدف الى إزالة نشاطات المجالس والأحزاب المسيحية التي نحترم عملها ونتمنى لها التوفيق ، ولا يتدخل في خصوصيات كل كنيسة .. الخ
لست هنا بصدد مناقشة أهداف وميكانزم عمل هذا المجلس ، لكن يهمنا بقدر كبير آلية تشكيل هذا المجلس وفي تأكيده على ان المجلس لا يتدخل في خصوصيات كل كنيسة ، كما ان هدف المجلس تحدد في نقاط يمكن ان نطلق عليها بأنها تمثل الحد الأدنى من التعاون وهذا عين الحكمة والعقلانية .
الملاحظ هنا ايضاً ان اي من الفرقاء لم يفرض الوصاية على غيره ، فكل كنيسة تحتفظ بخطابها  المستقل والجميع سواسية ، بعكس ما يفعله كتابنا في اكثر الأوقات  وساستنا في بعض الأحيان .
عودة الى عنوان المقال الذي يدعو السياسيين والكتاب للأقتداء بما أنجزه نخبة محترمة من رجال الدين لتأسيس هذا المجلس وكتابة أجندته . فالملاحظ ايضاً اننا لم نجد فريق ادعى الحقيقة المطلقة كما يفعل كتابنا وساستنا . فكتابنا الأجلاء وهم يمثلون النخبة المثقفة ، نعم يدعون لتوحيد الكلمة والرأي ولكنهم يريدونها بعد فرض وصايتهم واحتكار الحقيقة الى جانبهم دون سواهم ، فهم يتمترسون بخندق الوحدة القومية ، والوحدة القومية عندهم تسوغ لهم خطاب إقصائي مفضوح لا يخفِ على ذي نظر .
فأستطيع دون تردد ان أزعم ان ( جميع ) الكتاب من الأخوة الآشوريين لا يعترفون بشعب اسمه الشعب الكلداني الذي كان يقطن هذه الأرض قبل هجرتهم اليها ، وهم يريدون ان يفرضوا اجندتهم الحزبية ووصايتهم على غيرهم من المكوناة الأخرى من شعبنا منهم الكلدان والسريان ولكن بشكل اخف على  الأرمن .
 والساسة ربما تكون اجندتهم اخف وأيسر من الكتاب المؤدلجين ، ولكن لحد الآن لم نلمس علامات ودلائل لذوبان جبال الجليد التي تفصل بين هذه الأحزاب والمنظمات التي تمثل الأجندات السياسية لشعبنا  إلا في مواقف قليلة متناثرة والتي لا تشفي الغليل ولا توصلنا الى خطاب مشترك .
وأرجع وأقول ان الكتاب يتحملون كثير من المسؤولية الأخلاقية في تشرذم الخطاب السياسي لمكوناة شعبنا ، فالمقالات المشحونة بالفكر الأديولوجي وخطاب التخوين والعمالة الذي يشمل كل من يخالفهم رأياً  كان وراء تفتيت شعبنا الى اوصال . والمعروف ان هذا الخطاب قديم وداب القوميون العرب على استثماره ، واليوم اخواننا الكتاب الاشوريين ( وسوف لا استثني أحداً من الذين قرأت لهم ) يدعي بسطحية واضحة ان الآشورية قومية والكلدانية مذهب كنسي فحسب ، وهكذا بقي هذا الخطاب قائماً وسبب في تشرذم خطابنا الى اليوم  .
إن المجلس المنبثق لمسيحيي كركوك ، رغم كونه كان بمبادرة الكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني ، فإن مبدأ الوصاية واحتكار الحقيقة لم يجدا مكاناً لهما في بيان هذا المجلس الوليد ، بل كل طرف احترم وجود الطرف الآخر واحترم وجهات نظره دون فرض خطاب معين كما سبق ، فكان المجلس شراكة بين مكوناة يحترمون مبدأ التكافؤ والندية والمساواة  .
 لا أستطيع ان اناشد كتابنا من الأخوة الآشوريين فالأمر ميؤوس منه  فالأفكار القومية الأديولوجية قد خيمت سماء أفكارهم وليس من اليسير التخلي عن تلك الأفكار .
 اما ساستنا فيمكن مناشدتهم للأقتداء بمجلس مسيحيي كركوك ، بتضافر الجهود بغية توحيد خطابهم العام وفي مقدمة هذه الأمور الهامة ما هو متعلق بموضوع ( الحكم الذاتي ) لشعبنا وتوحيد الخطاب اتجاه هذا الأمر الخطير .
 اما  النقطة الأخرى وهي الأهم ، فهو هاجس الهجرة التي تهدد كينونة شعبنا في الوطن العراقي . ووضع الحلول ، ولا أقول لأيقافها ، ولكن على  الأقل للتقليل منها ، وفي الحقيقة لا يتمكن طرف واحد  ان ينوء لوحده بتحمل المسؤولية ، فيتعين ان تتضافر الجهود مجتمعة للعمل المشترك لمعالجة هذا الجانب الخطير  .
 علينا ان نفكك هذه الأشكالية ( الهجرة ) هل هي مسألة أمنية ام اقتصادية ؟ هل تكفي جرع المساعدات الشهرية التي تقنن أبناء شعبنا بالمساعدات ( الخيرية ) ؟ هل ثمة خطوات اخرى تقلل من هذه الحالة ؟
 علينا ان ندرس هذه الناحية إن كانت مثمرة من ناحية النتائج ، وهل ثمة سبل أخرى يمكن سلوكها لربط هذا الأنسان بوطنه وأرضه ؟ ومن ثم تعميق جذوره في أرضه ، وما هي الآليات الأكثر فعالية لتحقيق هذا الأمر الشائك ؟
 ومن أجل هذا الأمر الخطير ينبغي تجميد كل الخلافات في مجمدة والتوافق على عمل مشترك لأيقاف هذا النزيف .
 وتتجسد أمامنا تجربة الآباء الأجلاء لكنائسنا بتشكيل مجلس مسيحيي كركوك  نموذجاً بسيطاً وسهلاً للعمل المشترك ، وللأتفاق على القضايا الهامة التي تتربص لقلع جذور شعبنا من وطنه . واكرر اعجابي بتجربة مجلس مسيحيي كركوك لنأخذه كدرس بليغ وهو خليق بأن نقتدي به  .
 حبيب تومي / اوسلو

454
الشعب الكردي هو الذي خلّد زعيمه ملا مصطفى البارزاني
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com



شخصية المرحوم ملا مصطفى البارزاني دخلت التاريخ من اوسع ابوابها ، ومرد ذلك ان الرجل كرّس حياته لشعبه فكان الوفاء من هذا الشعب لقائده . البديهي في عالم السياسة ان يكون لقضية كل شعب مناصرين ومعارضين وأعداء لتك القضية ، والشعب الكردي واحد من هذه الشعوب أراد ان يقرر مصيره بنفسه ، لكن كان ولا زال الى اليوم من يسعى الى وضع العصا في دولاب تطور الحركة التحررية للشعب الكردي والذي يبلغ تعداده السكاني عشرات الملايين .
 الراهب في صومعته يهب حياته للتعبد فينسى الدنيا وهمومها ويتفرغ لعبادة ربه وليس له اهتمام آخر يعلو تلك النزعة التعبدية التي اختارها لنفسه . والمرحوم ملا مصطفى البارزاني قد اختار قضية شعبه لتكون البوصلة التي يهتدي بها في مسيرة حياته النضالية ، وكل ما يحيط به يضعه في ميزان المعادلة التي احد طرفيها مصلحة الشعب الكردي ، فأعداء القضية الكردية هم أعدائه وأصدقاء شعبه هم اصدقائه ، وهي معادلة بسيطة لا تحتاج الى بعد فلسفي ولا تقبل التأويل .
لقد أجمع معظم الصحفيين الأجانب إن لم يكن جميعهم على سمات قيادية يتسم بها ملا مصطفى البارزاني وأجمعوا على تواضعه وبساطة عيشه ، ولم يتنصل من المسؤولية يوماً ، ولم يدعي العصمة وإنما اثناء العمل الطويل الدؤوب كانت احتمالات الخطأ والصواب واردة ، لقد قاد نضال شعبه في طريق شائك وكان ينتصر يوماً ويخفق آخر وبمرور السنين استطاعت هذه الشخصية الكارزمية ان تحتل مكانة سامية في قلوب الشعب الكردي ، وأصبح رمزاً خالداً للملايين من الأمة الكردية . وكان ينبغي علي ان احترم مشاعر هذا القوم فسميت المرحوم ملا مصطفى الزعيم الكردي الخالد . لكن خرج علينا السيد ياقو بلو ليعطينا دروساً في الوطنية ، ودروساً أخرى عن ماهية الثورة الكردية ..   
يقول السيد ياقو بلو:
((اننا نجد انفسنا مضطرين امام اصرار حبيب تومي وامثاله على تسمية ملا مصطفى البرزاني بالزعيم الخالد الى تحديهم كي يبرزوا لنا ولو مثالا واحدا وحيدا يبرهن على موقف وطني وقفه البرزاني))
ويستمر:
((ثورة ايلول، يا للعار، ويا لقبح من لا يستحي، تمرد عشائري مسلح شجبه الاكراد جميعا صغيرهم وكبيرهم ويصر الكاتب الملهم حبيب تومي الذي يتغنى بماضيه الماركسي على تسميته ثورة الى اي منزلق عفن يريد امثال هذا الكاتب الكلداني بالعراقيين يا ترى؟))
ويختتم:
((وهل هناك على وجه الكرة الارضية من يتجرأ ويسمي تمردا عشائريا مسلحا ثورة؟ انها حقا ازمة اخلاق حقيقية، طالما بيننا من يصر ان يمضي بالبسطاء الى الدرك الاسفل.))
في الحقيقة احب الحوارات والمجادلات الثقافية على الا يخرج الحوار من تخوم الأحترام المتبادل  وأخلاقية الكتابة والأسلوب المؤدب الحضاري المطلوب . لقد ناشدني عدداً من الزملاء ان أرد على هذا الرجل لأنه كتب مقالات أخرى وأقحم أسمي وكأن حبيب تومي يعمل خادماً لأهل بيته ، وأخبرت زملائي  بأنني  لا أرد على من يمتهن مهنة الوصاية والتخوين وكيل التهم ، وهذا الرجل بالذات كان له اسلوب سوقي مبتذل ورخيص ، لايمكن ان أرد عليه، وهو يستطيع شتمي شخصياً ما يشاء وسوف لا أرد على شتائمه الواطئة .
أما ما يتعلق بأمور لا تخصني شخصياً ، منها تتعلق  بتطاوله على شخصيات وطنية ودينية فإنني سوف أقف له بالمرصاد فقد تطاول على البطريرك عمانوئيل الثاني وعلى الكاردينال عمانوئيل الثالث . وإني اليوم سأناقش هذا الشخص بكل هدوء حول الثورة الكردية وقائدها الخالد ملا مصطفى البارزاني .
أقول :
كانت الثورة الكردية حركة تحررية تريد لشعبها الكردي ان يكون له حق تقرير المصير . لقد كان منهاج ولسون للسلام العالمي 1918 يتضمن :
ان الأقليات غير التركية ضمن الأمبراطورية العثمانية يجب ان تتاح لها فرصة حقيقة لممارسة استقلالها بعيداً عن كل تدخل وتأثير ولا شك ان السيد ياقو بلو يعرف ان واحدة من هذه الأقليات في الدولة العثمانية هي القومية الكردية .
وكانت معاهدة سيفر التي أبرمت في آب أغسطس 1920 تنص المادة 62 منها ان تقوم لجنة خاصة وخلال ستة اشهر من توقيع الأتفاقية بتقديم خطة للحكم الذاتي المحلي للمناطق التي تقطنها اغلبية كردية من شرق نهر الفرات وجنوب الحدود الأرمنية ، التي يمكن تحديدها فيما بعد ، وشمال الحدود بين تركيا وبين سوريا والعراق .. ، لكن جاءت معاهدة لوزان في تموز 1923 لتبطل مفعول معاهدة سيفر ..
أما ثورة أيلول التي يقول عنها ( بلو ) انها تمرد عشائري ، فيكفي ان شعارها كان (( الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان )) . فاية عشيرة ترفع مثل هذا الشعار ؟
في 5 آذار 1963 قدمت الثورة مطاليبها الى القيادة الجديدة التي تزعمت انقلاب 8 شباط . وتضمت هذه المطاليب الأعتراف بالحكم الذاتي لكردستان ، والأعتراف بحدود الجغرافية لكردستان شمالاً تركيا وشرقاً أيران وغرباً سورية وجنوباً سلسلة جبال حمرين ، تكون اللغة الكردية لغة رسمية في كردستان وغير ذلك من المطاليب التي تمس الشعب الكردي عموماً وقضيته العادلة ، فأين وجه العشائرية في هذه المطاليب .
إن التركيبة الأجتماعية للشعب الكردي ، لاسيما في القرية ـ هي تركيبة عشائرية ، وعندما تساهم العشيرة في الدفاع عن الثورة لعموم الشعب الكردي لا  يعني ذلك ان الثورة اصبحت عشائرية ، لقد ساهمت الأحزاب الكردية والحزب الشيوعي العراقي وعناصر كثيرة من الجيش العراقي التحقت بالثورة الكردية . لقد ساهمنا نحن الكلدانيين  بهذه الثورة كما ساهم بها الأشوريون وسقط منهم شهداء ابطال وفي مقدمتهم الشهيد هرمز ملك جكو ، فأي نوازع عشائرية لهذا الخليط البشري ،  إنها طروحات ساذجة وسطحية التي طرحها ياقو بلو ويبدو ان هذه الطروحات تحمل وجه واحد فقط وهو الحقد الأعمى ويدعو بكل صراحة الى الكراهية والحقد بين مكوناة النسيج المجتمعي في أقليم كردستان خصوصاً وفي العراق عموماً .
 يمكن للسيد ياقو بلو ان يسافر الى القوش ويزور مقبرة الشهداء في دير الربان هرمز ، لكي يرى بأم عينه كم يحترم شعبنا الكلداني هؤلاء الشباب الذين ضحوا بحياتهم ، هل ان السيد بلو يستخف بهذه التضحيات ؟
 لقد صدرت قرارت دولية لحماية الشعب الكردي بعد تعرضه لموجة من التطهير العرقي ولحملة ظالمة وتصفيات جسدية وتشريد وهدم آلاف القرى وحملات ( الأنفال البطولية ) ، ألا تحرك كل هذه المواقف ضمير السيد بلو ، ليقول عن الثورة الكردية أنها عبارة عن تمرد عشائري ؟
 يقول الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد في مقاله في مجلة المجلة في 23 / 4 / 1991   
" الشوفينية العربية في أحدث معاركها "
إن الكثير من اجهزة التلفزيون العربية أغلقت أعين المشاهدين عما يحدث في جبال الأكراد . الصور المرعبة لآلاف النازحين الذين مات منهم المئات حتى الآن ، تحرك أقسى القلوب . أعتقد انها أكثر صور مآسي البشر وضوحاً لم نر مثلها لا في لبنان ولا في فلسطين ولا في الهند .. وإذا تجاوزنا تخاذل العرب عن دعم أخوانهم الأكراد ، وفهمنا مسألة الحفاظ على وحدة العراق كما يقولون ، فإنه يصعب ان نبرر ان يكال الى الناس الذين يموتون واقفين على أقدامهم المتجمدة ، صفات تخوينية وعبارات تآمرية . إن حق هؤلاء في العيش كمثل حق العرب الآخرين ومثل حق كل شعوب العالم . .ويضيف : لقد بلغت الشوفينية العربية مرحلة هذه الأيام تمثل أدنى الدرجات التي يمكن للأنسان ان ينزل اليها .. وهذا كاتب عربي ، ومن المؤكد ان السيد بلو سيكيل سيل التهم الى هذا الكاتب لأنه يقر بأحقية الشعب الكردي بتقرير مصيره .
 أنا هنا لا أريد إقناع السيد بلو بهذه الحقائق ، فمن يتسلح بفكر اديولوجي منغلق ، لا يمكن ان يخرج من القوقعة التي يتخندق بها ولا يريد ان يتنفس الهواء الطلق ليفتح قلبه وصدره للمحبة والأخاء بين المكوناة الجميلة للشعب العراقي بعربه وكرده وكل مكنواته القومية والدينية ، لأنه يرى في نفسه فلتة من فلتات الزمن ، ويرى ان الحقيقة المطلقة بجانبة ولهذا يعطي الحق لنفسه بإصادر الأحكام على الناس ويجعل من نفسه وصياً عليهم وهو العليم الحكيم في كل الأمور ، ومن حقه ان يمنع الحرية عن الشعوب ويكيل التهم كما يشاء ولمن يشاء .
 إن ثورة الشعب الكردي ستبقى شعلة وضاءة في تاريخ الشعب الكردي ، وقيادة ملا مصطفى البارزاني ستبقى قيادة خالدة في قلوب شعبه ، وإن الشعب الكردي اليوم يبني أقليمه الكردستاني ، وإن حكومة اقليم كردستان تجاهد وتعمل في سبيل تنمية وبناء وتطوير كردستان ، الى جانب البناء الديمقراطي الليبرالي العلماني في المجتمع الكردي ، وهي تقف على مسافات متساوية من الأقليات الدينية والأثنية التي تكون أقليم كردستان ، ولا أعتقد ان لأفكار بلو مكاناً في هذه البقعة ، ولا يمكن ان تعكر الصفاء والنقاء الذي يسود هذه البقعة الطيبة من الوطن العراقي .
 اما ترديد بلو بكوني كاتب كلداني ، فأنا أعترف للسيد ياقو بلو بأنني كاتب كلداني ويشرفني وأعتز بقوميتي الكلدانية العراقية الأصيلة .
وملاحظة لأحد الزملاء وهو هفال محمد زاخولي إذ يدعي بوجود خلافات شخصية بيني وبين ياقو بلو ، فلا يوجد بيني وبين بلو أي خلافات شخصية لأن ليس لي معرفة شخصية سابقة بها الرجل ، وقد عرفته من خلال نصوص مقالاته فحسب .
 حبيب تومي / اوسلو






455
الى الباحث الأكاديمي سيروان شابي بهنان المحترم
لم أعثر على بريدك الألكتروني او على طريقة لأرسل لك رسالة شخصية لأعبر عن استغرابي لأقحام اسمي في رسالتك الى موقع عنكاوا وبصورة مخالفة للواقع والحقيقة .
 تقول :
.. (( ولن أستخدم كلمة نابية واحدة تسيء الى مشاعر السريان أو الاثوريين في العراق لكونهم أخوة لنا في الدين المسيحي الواحد  وهذا ما أوصيت به فعلا في اول مقالة  نشرتها في صفحة عينكاوا كوم وطالبت جميع الكتاب ان تكون هذه الامور  جزء من أخلاق  الكتابة عندهم وليس كما فعل السيد حبيب تومي في مقالته (ماذا يريد شعبنا الكلداني من القيادة الاشورية الشقيقة) أذ وجه  نقد مسيء للغاية وكلمات نابية تتناقض مع مشاعر انسان قومي صادق ومسيحي صادق في الوقت نفسه وبخاصة في وصفه للاثوريين بالمرتزقة وعملاء الانكليز أذ يبدو على حبيب تومي انه يجهل ان الذي خطط المذابح ونكل بالاثوريين هم الانكليز وحدهم في هذه الدنيا )) . انتهى الأقتابس
إنك باحث اكاديمي يا أخ سيروان شابي ، هل لك ان تذكر لي وللقرأء وللمشرفين على موقع عنكاوا أين هي الكلمات النابية التي استخدمها حبيب تومي في مقاله ( ماذا يريد شعبنا .. الخ ) ( مطلوب منك ان تذكر الكلمات النابية التي استخدمتها في مقالي وبعكسه ، سيكون كلامك فارغاً من المعنى ولا اقول اكثر من ذلك ) ، ثم ما معنى نقد مسئ للغاية ؟ وبعد ذلك ما هي  وصيتك التي طالبت فيها ( جميع الكتاب )  ان تكون جميع هذه الأمور جزء من أخلاق الكتابة ، يا حبذا لو تتكرم وتعلمنا وتقرأ علينا هذه الوصية .
وفي ردي هذا ايضاً اشكرك على تزويدي بهذه المعلومة العظيمة التي كنت اجهلها وهي ان الذي خطط المذابح ونكل بالآثوريين هم الأنكليز ، وارى في هذه المعلومة يا استاذ سيروان ، أنها تشبه معلومة المعلق الرياضي المصري الذي كان يعلق على سير المباراة بين فريق مصر وفريق افريقي آخر قائلاً :
 إن سارت المباراة على هذا المنوال ،  فحسب خبرتي لثلاثين سنة في التعليق الرياضي  حتماً ستنتهي هذه المبارة الى فوز مصر ، او الى فوز الفريق الأفريقي ، او الى التعادل بينهما .
 يا اخ سيروان لا يحق لك ان تقوّلني كلمات لم اقولها : انا لم اكتب ان الآثوريين  عملاء للأنكليز ولم استخدم كلمة عميل طول المقال فيجب ان تتوفر لديك مصداقية في النقل ، اما كلمة المرتزقة ، فإن كنت كانب ، ولا أريد ان انصحك لأنك باحث اكاديمي لكن أرشدك الى استخدام المنجد اللغوي لتعرف معنى الكلمة الحرفي ، والكلمة شرحتها في توضيح للقراء وللسيد طورا ماذا تعني كلمة مرتزق فهي ليست كلمة نابية إنما هي مهنة لمن يعمل في جيش أجنبي وكان هذا جارياً في زمن الأغريق حيث كان المرتزق يتطوع في جيش اسبارطة او اثينا او غيرها لقاء راتب معين .
 نصيحتي الأخوية لك وأنا اكبر منك عمراً ، فعندما تكتب مقالاً أرجع على قراءته في اليوم التالي قبل إرساله ، هل فيه كلمة جارحة لمشاعر إنسان آخر ، وإن التنقيح هو  الفلتر الذي يصفي المقال من العوالق الضارة .
 اما الحقائق التي كتبتها في المقال المذكور فهي حقائق تاريخية اقتبستها من مصادر وكتب تبحث في القضية الآشورية وأشرت الى الصفحات واسم المؤلف وكل ما يخص مصداقية الكتابة ، ومن هنا فأنا لا اريد النيل من هذا القوم ، ولا يحق لك او لغيرك وضعي في دائرة معاداة الآشوريين وهذا خلاف الواقع والحقيقة ، ونحن يا اخ سيروان نكتب التاريخ ، والذي كتبته هو الواقع ولا مجال للمجاملات ، كما لا يجوز تسييس التاريخ كما كان يفعل الحكم السابق  ومن ثم تزويره تحت ذريعة إعادة كتابة التاريخ .
 وأرجو ان كان لك حق تريد ان تأخذه يا استاذ سيروان عليك ان تأخذه بجهودك وحججك الراسخة  ، وإن كان لك حق لا اعتقد ان الزملاء في موقع عنكاوا يبخلون به عليك ، على الا  تجعل الآخرين وقوداً لك . القضية بينك وبين الموقع ما دخل حبيب تومي بالموضوع ؟ وهذه هي اخلاقية الكتابة الصحيحة وليس التضحية بالآخرين من اجل الحصول على حقك ، والمصداقية في كل الأحوال مطلوبة .
تحياتي
ح . تومي / اوسلو   

456
قصتي مع ميخائيل عبد الأحد الذي جسّد الرجولة والشهامة الألقوشية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

غيب الموت الأنسان الشهم ميخائيل ( ميخا ، أبو مازن ) عبد الأحد منصور كوزا ، الصديق الوفي  ، وافاه الأجل في القوش مسقط رأسه ، وها هي القوش تحتضن ابنها بعد عودته من مسيرة الحياة  الطويلة الحافلة بالعمل والتعب ونكران الذات  .
ماذا نعرف عن هذا الأنسان البسيط ؟ ولماذا يكون ميخا ابن استاذ ابلحد مثال حي للرجولة والشهامة الألقوشية ؟
كان هذا الرجل يعمل فنياً كهربائياً في الشركات قبل ان يفتح له محلاً  للتأسيسات الكهربائية في بغداد وبالضبط في شارع النضال مقابل بانزينخانة العلوية  ولأول مرة التقيت به كان يوم سفرنا من القوش الى دربندخان ، وكان صديقاً للمرحوم عمي كريم الذي كان يعمل ايضاً في دربنديخان .
كل الآلاقشة يعرفون المرحوم ميخا ( ابو مازن ) ، بأنه كهربائي ماهر لا يضاهيه كهربائي آخر في مهنته ، لكن هذا الرجل كان يحمل في جنباته روح رجل عظيم قل مثيله اليوم .

إن ادعائي هذا ليس خالياً من الحقيقة فقد حان الزمن لنكتب عنها وتصبح جزءاً من تاريخ القوش الحافل بمثل هؤلاء الرجال .
 من غريب الصدف اننا في اواسط  شهر شباط ، والحادث ايضاً يعود الى مثل هذه الأيام من عام 1963 م يوم وقع الأنقلاب الدموي في بغداد في 8 شباط من تلك السنة .
 بعد أيام من وقوع الأنقلاب  وفي منتصف الليل القي القبض علي من قبل الحرس القومي في منطقة البتاويين . لقد طرق أفراد من الحرس القومي الباب وسألوا أهل الدار،  وهي عائلة مسيحية بسيطة من باطنايا . هل يسكن عندكم رجل اسمه حبيب ؟ ومن شدة خوفهم اعترفوا بوجود حبيب وارشدوهم على غرفتي فوق السطوح كما يقال .
فاقتادوني الى احد مراكزهم وبدأوا معي بالتحقيق ، وعلمت من نوعية الأسئلة انهم يقصدون حبيب آخر كان يعمل في عين زالة وكان ساكناً في نفس البيت وهو القوشي ايضاً . المهم بعد تأكدهم بأنني لست الرجل الذي يبحثون عنه أخلوا سبيلي في صباح اليوم التالي .
وعلاقة المرحوم ميخا ( ابو مازن ) بهذا الموضوع هو انني كنت اعمل في محله للكهربائيات وعملي يقتصر على تلقي المكالمات الهاتفية وبيع المواد الكهربائية ، وأتقاضى منه شهرياً 12 دينار ، وأداوم في المساء في الصف الخامس العلمي في ثانوية النجاح في البتاويين . وبعد ان تدهورت الأوضاع في بغداد وبعد اعتقالي وأطلاق سراحي قررت دون إبطاء السفر الى القوش والألتحاق بالثورة الكردية  مع العراقي الألقوشي الكلــداني  توما توماس  .
 وهكذا كان علي الذهاب الى المرحوم ميخائيل في محله لأستلم منه راتبي الى يوم 8 شباط يساعدني في الوصول الى القوش ، فذهبت الى المحل وكان لوحده وشرحت له وجهتي ، ونقدني بعض النقود وزيادة على ما استحقه ، فشكرته وقلت له :
 إن سألوا عني فأرجو ان تقول لهم إن حبيب سافر الى البصرة ، وأنا بالحقيقة سأسافر الى القوش .
 في هذه اللحظة بالذات دخل شاب ، وقال لأبو مازن : هل هذا محلك ؟
فأجاب ابو مازن : نعم ، فقال له  الشاب لدينا اخبارية تقول بأن حبيب .. وردد اسمي كاملاً ، يعمل عندك فأين هو الآن ؟
 وفي هذه اللحظة دخل أربعة أفراد من الحرس القومي مسلحين بالرشاشات . لم يرتبك ابو مازن ، ولم يحاول النظر نحوي  وقال لهم :
 نعم حبيب كان يعمل عندي لكنه ترك العمل منذ مده ولا أعرف اين هو الآن ؟
في تلك اللحظة بدأت اقلب المصابيح باعتباري مشتري في المحل ، ولا اريد ان اخرج من المحل لأثير شكوكهم . وتذكرت في تلك اللحظة ان هويتي المدرسية في جيب قميصي الذي البس فوقه السترة ، وبادرت حالاً الى الأنزواء الى داخل غرفة صغيرة ملحقة كمخزن للمحل وفيها مغسلة وسطل ماء نجمع فيه ماء الغسل لعدم وجود مجاري لتصريف المياه ، فمزقت الهوية المدرسية وأدخلتها في السطل الذي فيه الماء القذر وخرجت .
  اشتدت لهجتهم مع ابو مازن  مع تهديدات صريحة باجباره على الأعتراف. فظل ميخا مسيطراً على اعصابه قائلاً : أن الذي اعرفه ان حبيب يسكن في منطقة البتاويين ، وهنا التفت احدهم نحوي وقال لي من تكون انت ؟ أعطني هويتك ! فقلت :
 ليس لي هوية ولا داعي لحمل الهوية حيث جئت لشراء مصباح من الأخ مشيراً الى ابو مازن .
 وأردفت قائلاً  امامه لأبو مازن : لما لا ترافق الأخوان الى البتاويين وتسألون هناك عن حبيب ؟
 ويبدو ان اقتراحي هذا نال استحسانهم ، فخرج ابو مازن مع المسلحين ، ووقفت امام الباب في الشارع العام لأجد سيارة تكسي تبعدني من هذا المكان . وفي هذه الأثناء لمحت  ابو مازن عند سيارتهم من الجانب الآخر من الشارع ، ثم رأيته  يتركهم ويعود الى المحل . وفي هذه اللحظة توقفت سيارة تاكسي ، وبدون ان التفت اليه ، قال لي بالكلــداني ( أو ديّان أروق ، أن آريلوخ بـ ... دينوخ ) . أي أذهب بسرعة وإن القو القبض عليك .. فردد مسبّة القوشية .. 
 انقذ الرجل الشهم ميخا عبد الأحد أبو مازن حياتي ، وكلما اصادفه في مجلس ما اشير الى ابو مازن  وأذكر موقفه الرجولي  .
بعد ان رتبت لي هوية للسفر ، وبينما أنا جالس في السيارة ( نيرن ) المتجهة الى القوش ، رأيت أبو مازن يودع   بعض اقاربه وتفاجأ لرؤيتي ، فاستفسرت كيف تخلص منهم ؟ فقال :
 طلبت منهم أرقام هواتفهم وأعلمتهم بان حبيب يتردد الى المحل ، وحال مجيئة الى المحل سأخبركم عنه ، وحلفت لهم الى ان صدقوني .
بعد اكثر من ثلاثين سنة من هذا الحادث اي في اواسط التسعينات من القرن الماضي . كان لي في الميكانيك مكتب ( القوش ) للمقاولات وتجارة الأراضي ، وفي مساء احد الأيام  وقفت سيارة امام المكتب ونزل منها أربعة شباب ودخلوا المكتب ، وقال لي احدهم هل انت حبيب ؟
 قلت : نعم ، قال : لقد أرسلني الوالد مع اخواني اليك وقال لنا عندما تصلون الى حبيب  سيحل كل مشاكلكم .
 فقلت له ومن هو والكم الذي اوصاكم بهذه الوصية ؟
فقال نحن اولاد ميخا أبو مازن ، وهنا نهضت من مكاني وبدأت اقبلهم ، وقلت لهم :
 نعم إنكم وصلتم وستنالون كل ما تحتاجونه ، وكل ما قدمته بعد ذلك من خدمة لهذا الرجل ولعائلته الكريمة ولاولاده الشباب النجباء المؤدبين لا يساوي تلك اللحظة الرجولية الشجاعة التي وقفها ابوهم في ذلك الموقف المحرج .
 باعتقادي ان الكثير من مواقف البطولة والشهامة والرجولة  يسجلها أناس بسطاء دون دعاية ودون ضجيج ، وإن المرحوم ميخائيل ( ابو مازن ) واحد من الرجال الآلاقشة الذي سطروا مواقف شجاعة نبيلة . رحم الله هذا الأنسان الألقوشي الشهم وأسكنه الرب فسيح جناته ، ولعائلته  الكريمة ولأخيه عابد ابو عدي ، ولاولاده النجباء المهذبين مازن وماجد ومالك وماهر والبنت المهذبة ميسون ، نتضرع الى الرب ان  يمنحهم جميعاً نعمة الصبر والسلوان لفقدان والدهم العزيز .
 حبيب تومي / اوسلو 

457
توضيح للأخوة القراء وللعزيز Tura
حصل سوء فهم لدى قراءة المقال السابق ( ماذا يريد شعبنا الكلداني من القيادة الآشورية الشقيقة ؟ ) الذي نشر على المواقع وفي المقدمة على موقع عنكاوا ، لقد علق الأخ طورا على المقال بقوله ان الآشوريين هم اهل البلد وليس مهاجرين او مرتزقة كما تزعمون انتم ..
 عزيزي طورا إن ما اوردته من حوادث تاريخية في المقال المذكور : هو من اجل وضع اسس مشتركة للعمل في الوقت الراهن ، بسبب الظروف العصيبة التي يمر بها شعبنا والتي تتطلب وحدة قيادتنا السياسية الآشورية .
وقد اوردت في المقال المصادر الآشورية لكي لا يكون ثمة حساسية في الموضوع ، ولم أرغب في إثارة مشاعر أي شخص من أبناء شعبنا ، فالتاريخ لا يمكن تسيسه كما نشاء ، وإنما نكتبه كما هو .
 اما مفردة المرتزقة التي وردت عرضاً حيث ورد في المقال : لقد استغل الأنكليز حاجة هذا القوم الى المادة والدواء والسلاح ، وهكذا تم تسخيرهم كمرتزقة في خدمة التوجهات البريطانية في العراق ، واقتبست شاهد على كلامي من الكاتب الآشوري  ماتفيف بار متي من كتابه الآشوريون والمسألة الآشورية في العصر الحديث ص 116
واستخدمت كلمة مرتزقة كمفردة مجازية ولها مدلول لغوي ليس إلا .
فهي في المنجد في اللغة العربية المعاصرة من مادة " رزق "
رزق : ج أرزاق اسباب العيش او سبله ، مورد عيش ... راتب : كم رزقك في الشهر ؟
وأيضاً عقارات وأملاك ، صاحب رزق أي يعيش من رزقه ...الخ
 مرزوق = محظوظ ، رجل مرزوق .
إرتزق = اخذ رزقه إرتزق العامل ، حارب في جيش لا يتبع دولته طمعاً في مكافاة مادية .
إرتزق الله = طلب منه رزقاً
إرتزق من = كسب رزقه ، حصل وسائل العيش ، من ارتزاق من عمله .
 مرتزق = مورد رزق وعيش ، مثلاً فقد مرتزقه .
مرتزق = ج مرتزقة ، من يحارب في جيش على سبيل الأرتزاق ... الخ
فالمعنى واضح في المنجد وفي المقال ، وأنا اعتذر للأخ طورا وللآخوة الذين اعتقدوا انني أردت ـ لا سامح الله ـ النيل من شريحة مهمة من مكوناة شعبنا المسيحي ، وراحت بهم الظنون أبعد من الغاية التي قصدتها  . ولاجله كتبت هذا التوضيح
 حبيب تومي / اوسلو في 19 / 02 / 2008
 

458
ماذا يريد شعبنا الكلــــدانـي من القيادة الآشورية الشقيقة ؟ 
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com
             
قطعاً في هذا المقال لا  أودّ التطرق الى موضوع التسمية ، وإنما أريد ان ابحث واقع ينبغي التعايش معه في هذه المرحلة السياسية التي يمر بها شعبنا الكلــــــــــداني . فهنا أقر اننا المسيحيين نشكل شعباً وأحداً إن كنا من الكلدان او السريان او الأرمن او من الآشوريين ، فإن كان هناك من يحكمنا من اخواننا الأكراد او من العرب ، فلماذا لا نقبل بحكم أخواننا الآشوريين ، لكن في كل  الأحوال لدينا مطالب عادلة ينبغي تحقيقها .
 في مطاوي الحرب العالمية الأولى وفي العقد الذي أعقب هذه الحرب ، هاجر المسيحيون الذين طالهم التنكيل والأضطهاد في ظل الدولة العثمانية وبعد ذلك في ظل الدولة التركية الأتاتوركية ، وكان المهجرين الى هذه الديار ( العراق ) منهم الأرمن وهم الأقلية ومنهم الآشوريين وهم الأكثرية . القوم الأول ( الأرمن ) اندمجوا مع السكان وزاولوا حياتهم الأجتماعية والأقتصادية ، وأصبحوا جزء من المجتمع العراقي ، وعكفوا على تأسيس  جمعيات ونوادي واحتفظوا بلغتهم وتراثهم وبمرور الزمن  اصبحوا جزءً من النسيج المجتمعي في المدن العراقية .
الأكثرية من المهاجرين وهم الآشوريون  بعضهم من الآراضي التركية وآخرين من الآراضي الأيرانية ، وحينما وصلوا الى العراق كان الأنكليز يستغلون اوضاعهم المزرية إن كانت صحية او معاشية ، وبعد ان فقدوا اهم ما يملكون وهي اراضيهم في تلك البقاع .
 لقد حاول هذا القوم العودة الى أراضيه في تركيا ( جبال حكاري ) وأيران ( اورمي وسلامس ) ، وقد جهزت حملة بقيادة آغا بطرس وبمساعدة الأنكليز ، لكن الحملة أخفقت في الوصول الى اهدافها لأسباب سياسية وجغرافية وتعبوية ولا مجال للأسهاب في شرح هذه الأسباب لأنها خارج اهداف هذا المقال .
 بعد إقرار الحاق ولاية الموصل بدولة العراق في سنة 1925 كانت بمثابة وأد الآمال الآشورية بالعودة الى ديارهم فلم يكن امامهم سوى قبول الواقع الجديد بالأستقرار في الوطن العراقي .
 لقد استغل الأنكليز حاجة هذا القوم الى المادة والى الدواء والى السلاح ، وهكذا تم تسخيرهم كمرتزقة في خدمة التوجهات البريطانية في العراق ، وكان جل استخدامهم ضد الأنتفاضات العربية والكردية ويقول الكاتب الآشوري ماتفيف ( بار متي ) في كتابه : الاشوريون والمسألة الاشورية ص116
(( ان زعماء الآشوريين كسورما خانم شقيقة البطريرك بنيامين وبولص مار شمعون وعمه البطريرك أيشا مار شمعون الدور الكبير في تأسيس هذه الكتائب ، إذ كان لها كما للملوك والكهنة مصلحة مادية في توسيع تشكيلات الكتائب العسكرية ، حيث كانت العائلة البطريركية وكبار القادة والكهنوت يتقاضون وفق الأتفاق مع القيادة الأنكليزية حصة نقدية من مرتب كل ضابط ومجند آشوري )) .
باعتقادي المتواضع لو لم يكن هذا الدافع لانخرط الناس البسطاء من هذا القوم مع بقية شرائح المجتمع العراقي دون إعاقة او خلق ضغائن وكما فعل الأرمن من قبلهم . ونمضي الى القول أن هذا القوم دفع ضريبة الحرب وأردوا تعويض ذلك بمشروع قومي وحكم ذاتي في العراق وحينما فشلوا في ذلك ، لم يعد متاحاً امامهم سوى الألتفاف على الكلدانيين لتعويض ما خسروه ، والكلدانيون شعب وديع ويريدون التعاون والتآخي مع الجميع بضمنهم الآشوريين .
لكي لا نسرف في الكتابة ونتعب القارئ العزيز نأتي الى المرحلة التي أعقبت تحرير العراق في 9 نيسان 2003 م .
كان الشعب الكلداني في العهد الملكي له حقوق سياسية ازعم انها كاملة ، لقد كان لهم عضو ثابت في مجلس الأعيان المتكون من 20 عين ، وكان البطريرك الرئيس الديني لشعبنا الكلـــداني يشغل هذا المنصب لكن في بعض الفترات شغل هذا المنصب الكلــــداني يوسف غنيمة ، وكان للشعب الكلداني في العراق 4 نواب في البرلمان وبعد مغادرة اليهود في اواخر الأربعينات من القرن الماضي  اصبح لهم 8 نواب .
بعد 2003 تغيرت مكانة الشعب الكلداني ونعلم عن السفير بول بريمر الذي كان ينوي تشكيل مجلس الحكم إذ يدرج في كتابه : عام قضيته في العراق ص 131 يقول :
(( خطر ببالي ان أبلغ العديد من المرشحين بأنهم لم يكونوا في عداد المجلس . أولاً المطران دلّي زعيم طائفة المسيحيين الكلـــــدان . فقد كانت ( الجالية ) المسيحية الصغيرة مجزأة على غرار كافة الطوائف الدينية في البلد .
 كان هناك الكلـــــدان الذين يبدو انهم يفوقون الآشوريين عدداً ، لكنهم لم يكونوا منظمين جيداً مثلهم وأقل فعالية سياسية ، وللمحافظة على هدف الحصول على اصغر هيئة تمثيلية ممكنة كان لدينا مكان مسيحي واحد فقط في المجلس . ويمضي بريمر قائلاً :
أخترنا ممثلاً للمسيحيين الآشوريين وتوقعنا ان يسبب ذلك استياءً لدى الكـلـــــدان وكان ذلك صحيحاً ، إذ في تلك الليلة لم يكن قلب المطران يفيض بالمحبة المسيحية ، فبعد التذمر من استبعاده غادر غاضباً )) .
أقول :
يبدو ان السفير بول بريمر لم يسبق له ان قرأ تاريخ العراق فأراد ان يرضي من يعلو صوته فقط ناسياً او متناسياً الحقائق التاريخية والديموغرافية على الأرض فكان نفاقه وغدره لحقوق  الكلدانيين ، ويبدو انه اعطى إجازة لضميره فغدر بالسكان الأصليين لهذه البلاد والى اليوم لا زال حقوقهم مسلوبة في وطنهم التاريخي العراق ، والدليل على جهله المطبق بأحوال العراق هو استخدامه كلمة جالية للتعبير عن الشعب المسيحي في العراق .
أقول :
 يوم هاجر الأرمن والآثوريون الى العراق شعر الكلدانــيون إن تعدادهم الديموغرافي سيتعزز بقدوم أعداد كبيرة من المسيحيين ، لقد كان الكلدانيـــــون يساهمون في العمل السياسي في العهد الملكي مع الأحزاب المتعاونة مع الدولة وحتى الأحزاب السرية ومنها الحزب الشيوعي العراقي وسنعلم مدى هذه المساهمة حينما نتعرف الى ان مؤسس الحزب الشيوعي العراقي هو  يوسف سلمان يوسف ( فهد ) هو مسيحي من القومية الكلدانية  . وكان تفاعلهم في الحياة السياسية العراقية وانخرط  قسم كبير منهم في حزب البعث ، وساهم كثير منهم في مقاومة هذا الحزب بعد ان اصبح الحكم دكتاتوري يحكم العراق بالحديد والنار ، فاستشهد عدد كبير من الكلدانييـــن في مقاومة الحكم وأشتركت شريحة كبيرة منهم في مناصرة الثورة الكردية التي قادها المرحوم ملا مصطفى البارزاني .
 لكن الذي حدث بعد 2003 ان حظوظ الكلدانييــــن من الكعكة السياسية لم تكن من نصيبهم وأجاد أخواننا الآشوريون في قطف ثمرتها ، لقد سعت الحركة الديمقراطية الاشورية الى تحييد الصوت الكلـــداني .  بعد هذا الغبن والأهمال الذي طال الشعب الكلــــداني في وطنه ، إذ عقدت مؤتمراً في بغداد في اعقاب التغيير في 2003 طالبة ان يكتفي الكلدانيون بالتعبير المشترك لمكوناة شعبنا فيما احتفظ الآشوريون بأسمائهم الاشورية ، ومن منطلق اننا شعب واحد ، استأثر الآشوريون بكل الأمتيازات والمناصب الرفيعة :
االأستاذ سركيس آغا جان وزير المالية في حكومة اقليم كردستان ، والأستاذ نمرود بيتو وزير السياحة ، وألأستاذ روميو هكاري عضو برلمان كردستان ، وباسكال وردة وزيرة سابقة ، ويونادم كنا عضو البرلمان العراقي وغيرهم إما هم أشوريون او كلدانيون لكنهم اعضاء قياديين في الأحزاب الآشورية ، حتى بعض الوظائف التي يشغلها بعض الكلدانيين نلاحظ بأنهم  كوادر  رفيعة في أحزاب آشورية لا سيما في الحركة الديمقراطية الاشورية  .
 استطيع ان اقول ان الكلدانيين خرجو من المولد بلا حمص بعد 2003 وحصلوا على شئ واحد اسمه (( إننا شعب واحد )) لا غير .
ولابد ان نسبر اغوار ذاتيتنا قبل ان نرمي الآخر بشتى التهم ، لقد أخفقنا في ايصال الشخصية العراقية الكلدانية التكنوقراطية الأستاذ حكمت حكيم الى قبة البرلمان وعمل فؤاد بوداغ وغيره من الكلدانيين بإخلاص وتفاني ولكننا نحن الكلدانيين خيبنا آمالهم فبخلنا عليهم حتى باصواتنا . وإن الأستاذ أبلحد افرام فاز بعضوية المجلس بعد تفاعل حزبه الحزب الديمقراطي الكلداني مع القائمة الكوردستانية .
وفي هذا المقام أقول :
إن كنا شعب واحد مع الآشوريين فيجب ان يفسر ذلك على أرض الواقع ، ومعنى هذا التفسير الا تكون القيادة الآشورية منحازة للآشوريين او الكلدانيين والسريان الذين ينخرطون في احزابهم او الموالين لخطابهم فقط .
 فيجب ان تكون هناك شفافية وحيادية في التعامل مع الجميع  ــ استطيع ان أزعم :
ان الميزانية التي يتصرف بها السيد سركيس آغا جان توزع بنوع من الشفافية على مكوناة شعبنا ، لكن لنا عودة في قادم الأيام حول هذا الموضوع وعودة أخرى على موضوع قناة عشتار ، وارجو ان تتفتح القلوب لسماع الكلام الى أخره  .
(( ولكن قبل ذلك نطلب من القيادة الآشورية وهي في اعلى المناصب ان توحد خطابها ، ففي شأن الحكم الذاتي ثمة خلافات في هذه القيادة وينبغي ان يجتمع خطابها على رأي ثابت وحول كل القضايا  الأخرى التي تخص شعبنا ، فقيادتنا السياسية اليوم تقريباً جميعها من  قومية واحدة وهي القومية الآشورية ودين واحد ، ولغة واحدة ، فلماذا لا يوحدون خطابهم السياسي بعد زوال الأسباب التي تفرقهم  )) ؟
نحن نقرأ عن هذه الخلافات في المواقع الألكترونية ونتمنى ان تزول تلك الخلافات .
 بقي ان أقول لشعبنا الكلداني ينبغي ان نقتدي بأخواننا الآشوريين في رفع راية قوميتنا الكلدانية وتوحيد خطابنا ومؤازرة احزابنا الكلدانية لكي ننهض بشعبنا الكلداني ويحتل مكانته التاريخية في الوطن العراقي الحبيب   
حبيب تومي / اوسلو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
ــ السفير بول بريمر " عام قضيته في العراق " دار الكتاب العربي ، ترجمة عمر الأيوبي .بيروت 2006
ــ ق . ب . ماتفيف ( بارمتي ) " الآشوريون والمسألة الاشورية في العصر الحديث " دمشق ، الأهالي للطباعة والنشر سنة 1989 ترجمة ح . د . آ
ــ نينوس نيراري " آغا بطرس سنحاريب القرن العشرين " ترجمة فاضل بولا ، سان دياغو 1996م
.

459
اليوم الأخير من حياة عبد الكريم قاسم
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


 9 شباط 1963 كان آخر يوم من حياة الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم ، كان اسم هذه الشخصية الكارزمية مصدر حراك الشارع العراقي من شماله الى جنوبه ، وكنت شخصياً واحداً من الملايين الذين كانوا مستعدين  عفوياً للتضحية والتفاني والذود عن حكم الزعيم عبد الكريم قاسم .
مواقف كثيرة كانت وراء التفاعل والتأييد العفوي الصادق الذي تكنه الجماهير  للمرحوم عبد الكريم قاسم ، فإضافة الى موقفه الثابت من مناصرة الطبقة الفقيرة ، ومنح الحريات في العمل السياسي والصحافة وإطلاق سراح المسجونين السياسيين والسماح بعودة المنفيين وفي مقدمتهم ملا مصطفى البارزاني والبارزانيين المرافقين له من الأتحاد السوفياتي . كان موقفه الثابت من الهوية العراقية ، فالرجل مع كل ما يحسب له او عليه كان مناصراً أميناً وثابتاً للانتماء العراقي والهوية العراقية ، وكان هذا الموقف على وجه الخصوص يغيض القوى القومية ويثير حفيظتها منها أحزاب سياسية كحزب البعث والضباط الأحرار من العسكريين الذي شاركوه بثورة 14 تموز ، الى درجة وصل الأمر بهؤلاء الى تدبير عدة محاولات انقلابية للقضاء عليه .
لم يكن في حكومة قاسم أي ممثل او وزير مسيحي إن كان من الكلـــدان او السريان او الآشوريين او الأرمن ، لكن تعلق هذا الرجل بالهوية العراقية ورفع مكانتها الجليلة على ما سواها من الأنتماءات ، كنا نشعر نحن الأقليات بأن حقوقنا مصانة لا خوف عليها ، ولهذا كانت الصيغة العمومية لشعبنا هي ألأخلاص والذود عن الحكم الجمهوري .
في الحقيقة تعزز دور الجيش بعد القضاء على الملكية فتزايد دوره في مجريات الحياة فكان من وظائفه الرئيسية ايضاً مهمة تدبير الأنقلابات وقمع الأنتفاضات والتمردات القومية والدينية والأجتماعية مثبتاً قوته وتفوقه الساحق .
وفي مسلسل الوصول الى القصر الجمهوري سلك البعثيون وبمؤازرة  الضباط  ذوي الميول القومية وقوى قومية أخرى شتى الطرق . لقد كانت محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم واحدة منها .
في الساعة السادسة والنصف مساءً من يوم الأربعاء الموافق 7 / 10 / 1959 انهال على سيارة ( قاسم ) في منطقة رأس القرية وابل من نار الرشاشات والرمانات اثناء مرورها في شارع الرشيد في طريقها من وزارة الدفاع الى حفل الأستقبال في دار البعثة الدبلوماسية لألمانيا الشرقية في الباب الشرقي ، قتل السائق وأصيب عبد الكريم قاسم في كتفه الأيسر . اشترك في هذه المحاولة ستة اشخاص اصائل في العملية وهم أياد سعيد ثابت وخالد علي الصالح واحمد طه العزوز وسليم عيسى الزيبق وعبد الحميد مرعي وسمير عزيز النجم وعبد الوهاب الغريري . أما الأعضاء المساندين لهم فهم كل من صدام حسين التكريتي وعبد الكريم الشيخلي وحاتم العزاوي وقد اصيب الأولان بجروح واستطاعا الهروب الى سورية .
حينما فشلت هذه المحاولة بالتخلص من قاسم بدأوا بنسج خيوط محاولة انقلابية اوسع وأشمل .
قبيل 8 شباط 1963 بعدة ايام كان عبد الكريم قاسم قد صرح لجريدة لوموند Le Monde  بأنه يكتفي بالنوم لمدة ساعتين او ثلاث ساعات يومياً وهناك الكثير مما يجب عمله ، وكانت تبدو عليه علامات القلق والتعب والأرهاق .
كان الأتفاق على صباح يوم الجمعة 14 رمضان الموافق 8 شباط يوم تنفيذ الأنقلاب ، باعتبار ان الجمعة هو يوم وجود الضباط في الأجازات وهو يوم الأستراحة ، وتكون الشوارع خالية او قليلة المرور .
في حدود الساعة الساعة الثامنة من يوم 8 شباط  وصل عبد السلام عارف الى كتيبة الدبابات في ابو غريب وانضم الى العقيد احمد حسن البكر واستقل كلاهما دبابة وضعها تحت تصرفهما امر الكتيبة خالد مكي الهاشمي ، فعادت بهما الى بغداد وتوجها الى دار الأذاعة وكان ضباط من حرس الأذاعة مشاركين بالمؤامرة ، فسيطروا على الأذاعة وأبنيتها واجهزتها الأذاعية .
في الساعة  الثامنة والنصف صباحاً من يوم 8 شباط  اغتيل قائد القوة الجوية جلال الأوقاتي حسب الخطة وهذه اللحظة اعتبرت ساعة الصفر  ، وفي هذه الأثناء قصفت مدرجات معسكر الرشيد لمنع الطيارين الموالين لعبد الكريم قاسم من الطيران .
في الساعة 40 , 9 أذيع بيان رقم واحد الصادر من المجلس الوطني لقيادة الثورة بكلمات مفادها : قضي على ( الطاغية ) و ( الخائن المجرم ) عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع ، وكان هذا ادعاء مخالف للحقيقة إذ ان عبد الكريم قاسم في هذه الدقيقة كان في بيته ، وخرج يشق طريقه وسط الحشود عبر شارع الرشيد وكانت الحشود التي كانت تطالبه بالسلاح وتنشد بإيقاع واحد ( ما كو زعيم ألا كريم ) ونجح في الوصول الى وزارة الدفاع في العاشرة والنصف صباحاً ، ورفض الزعيم حتى اللحظة الأخيرة من تسليم السلاح للمدافعين عنه من الجماهير المحتشدة .
 في الساعة الحادية عشر والنصف كانت دبابات الأنقلابين تطوق وزارة الدفاع المتحصنة وكانت هذه الدبابات بدأت تحصد بحشود المدافعين والتي دعاها الحزب الشيوعي للدفاع عن قيادة عبد الكريم قاسم .
 في الثالثة بعد الظهر بدأت معركة قاسم من مقره في  وزارة الدفاع وفي هذه الأثناء اسقطت احدى الطائرات المغيرة على تحصينات عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع .
 في الساعة الخامسة والنصف اعلن العقيد نصرت في ادعاء استباقي ان المقاومة توقفت ، لكن المعركة كانت مستمرة الى يوم 9 شباط  .
 يوم 9 شباط ظهراً بعد ان تدهورت الأمور ، اتصل عبد الكريم قاسم بعبد السلام عارف في مبنى الأذاعة عن طريق الهاتف .
قاسم : عبد السلام انتصرتم ، وانتهى دوري وأنا أريد ان أرحل خارج العراق حقناً للدماء . أعطوني كلمة شرف .
اجاب عبد السلام : والله يا كريم ليس بيدي بل بيد الأخوان مجلس قيادة الثورة ، وهو الذي يقرر لم يبق زعيم اوحد .
 قال عبد الكريم : تذكر اني حفظت لك حياتك . وانا قدمتك وغفرت لك كل ما قمت به تجاهي وتجاه البلد .
 ـ هذا خارج الموضوع استسلم وسنحاكمك .
 قاسم : ماهي شروطكم ؟
 ـ تخرج من قاعة الشعب وترفع يديك وتسلم سلاحك وتنزع عنك رتبتك وشارات القيادة .
.... ..........
 في الساعة الثانية عشر والنصف من بعد ظهر يوم 9 شباط  سلم عبد الكريم قاسم نفسه وكذلك فعل الضباط الذين اختاروا البقاء معه . فأصعد عبد الكريم قاسم وطه الشيخ احمد الى دبابة لوحدهما ، وأصعد قاسم الجنابي وفاضل المهداوي وكنعان خليل حداد الى مدرعة واتجه الجميع الى دار الأذاعة .
 عند الساعة الواحدة والدقيقة الثلاثين من بعد ظهر السبت 9 شباط اقتيد هو والمهداوي وطه وكنعان الى استوديو التلفزيون ، وبلغوا بقرار المجلس الوطني لقيادة الثورة بأعدامهم رمياً بالرصاص واعتبرت المناقشة بينهم بمثابة محاكمة ، وعند تنفيذ الأعدام رفضوا وضع عصابة على اعينهم .
 في منتصف الليلة التي قضي على حياة عبد الكريم قاسم ، نقلت جثته الى منطقة معامل الآجر الواقعة بين بغداد وبعقوبة ، وحفرت له حفرة ووضع فيها ببزته العسكرية وأخفيت معالم الحفرة أخفاءً تاماً ، إلا ان احد العمال شاهد ما جرى فاستعان برفاق له ليحملوا الجثة ويدفنوها في موضع ما بين المجمعات السكنية العمالية في المنطقة .
 إلا ان الأمر لم يبق سراً فبلغ الأمر سلطات الأمن التي قامت بإلقاء القبض على المشاركين واحالتهم على المحاكم وقضت عليهم بأحكاتم ثقيلة ، ثم استخرجت الجثة  ووضعت في غرارة اثقلت بكتل من الحديد الصلب ، وألقيت من فوق جسر ديالى في نقطة اتصال بغداد ـ سلمان باك .
بذلك كان حظ  قاسم من تربة العراق التي احبها اقل بكثير من حظ الحكام الذين قضى عليهم في ثورة 14 تموز 1958 ، الذي نقلوا فيما بعد الى المقبرة الملكية في بغداد .
الخلاصة التي اود طرحها من وجهة نظري : أن عبد الكريم قاسم لم يتقن اللعبة السياسية ، وإن الأخلاص ومحبة الفقراء ليسا ضمانة للحفاظ على الحكم . لم يحاول عبد الكريم قاسم تشكيل حزب سياسي فيه وسطية واعتدال فكان يجذب اليه جماهير كثيرة من المعتدلين وربما من جماهير الحزب الشيوعي او البعثي او من الأكراد ، وبقي الناس المخلصون له يطلق عليهم تسمية القاسميين .
 سعى الى خلق توازن سلبي بين القوى القومية التي تمثلت في حزب البعث والقوى اليسارية التي تمثلت بالحزب الشيوعي العراقي ، ولم يسع الى التوفيق بين الحزبيين لأكمال مسيرة البناء والأعمار ، وبدلاً من إخماد هذا الصراع ، كان يسكت عليه ، وربما يعتقد ان هذا الصراع سيجنبه الخطورة من الطرفين .
 وفي الساعات الأخيرة امتنع عن تقديم السلاح للمدافعين عنه وليس في ذلك أية حكمة وليس لهذا الموقف تفسير معقول .
 حين احتلال مكتبه في وزارة الدفاع عثر على مستندات مفادها ان الرجل كان يوزع راتبه على عوائل فقيرة ، ولا اعتقد ان حاكماً في العراق تميز بنزاهة وشفافية عبد الكريم قاسم في المحافظة على اموال الدولة وثروة الشعب .
 حبيب تومي / اوسلو 
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 المصادر المعتمدة للمعلومات الواردة في المقال كانت :
1 ـ اوريل دان : العراق في عهد قاسم ، نقله الى العربية جرجيس فتح الله المحامي ، ج 1، دار نبز 1989 السويد .
2 ـ جرجيس فتح الله المحامي : العراق في عهد قاسم ج2 دار نبز 1989 السويد
3 ـ حنا بطاطو : العراق ك 3 ترجمة عفيف الرزاز  ط 1 منشورات فرصاد ، ايران  2006 
4 ـ سلام عبود : ثقافة العنف في العراق ، منشورات الجمل ، 2002 م ، المانيا

460
الرئيس مسعود البارزاني اعرض لسيادتكم تأسيس جامعة في القوش
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com
                                         

بادئ ذي بدء ، اقول ان طلبي هذا هو طلب فردي ، لا امثل حزباً او منظمة ولا انوب عن احد سوى نفسي .
لست مجانباً للحقيقة او مجافياً لها حينما أزعم ان القوش كانت ترتبط بكردستان بوشائج اجتماعية وسياسية واقتصادية عبر عصور من الزمن وتبلورت وتوثقت تلك الأواصر بعد انبثاق ثورة أيلول عام 1961 م تحت قيادة القائد الكردي الخالد ملا مصطفى البارزاني ،  فكانت القوش تقدم الرجال المقاتلين وتقسم رغيف الخبز بينها وبين كردستان ، وبقيت القوش مصدراً حيوياً لوصول الأرزاق للمقاتلين الأكراد ، وكم من الآلاقشة الشباب زجوا في السجون وحوكموا وتهمتهم تقديم المعونات للأكراد ، ومن جملتهم المرحوم عمي كيكا تومي الذي حوكم لمدة سنتين بتهمة أيصال المساعدات والأرزاق للأكراد ، وكانت تهمة لم يستطع انكارها لوجود القرائن .

 

على مدى عقود وقرون زمنية كانت العلاقات التجارية مزدهرة بين الطرفين ،الأكراد يجلبون الفاكهة والتبوغ والفحم والحطب ، ويستوردون من القوش الحبوب والسكر والشاي واللباد والملابس الكردية ( الشال والشبوك ) التي كانت تنسج في القوش وكان فيها في الأيام الخوالي اكثر من مائتي جومة لحياكة هذه الملابس وبيعها لأكراد المنطقة ، إضافة الى سوقها التجاري العامر .
اما الجانب العلمي لألقوش فمشهود له عبر التاريخ حيث ان مدرسة القوش التي اسسها مار ميخا النوهدري في مطاوي القرن الخامس الميلادي تعتبر من أوائل مدارس العراق والتي استمرت طيلة عقود وأجيال والى يومنا هذا لا زالت بقاياها شاخصة للعيان .
 من جانب آخر فإن المسيرة العلمية لكردستان عموماً والمنطقة المتآخمة لسهل نينوى بحاجة الى صرح ورافد علمي يغني المنطقة ويغطي حاجتها الماسة في طلب العلم والمعرفة والتي باتت اهم سمات العصر . إن تأسيس جامعة باللغة العربية والأنكليزية ، مع تدريس اللغتين الكرديــة والكلدانيـــة ، يكون لقطاع كبير من الشباب في هذه المنطقة سبيل الأستفادة منها .
سيادة الرئيس : إن إنشاء جامعة علمية في القوش له مغزى عميق في توثيق اواصر الأخوة العربية الكردية ، فألقوش كانت دائماً في العهد العثماني تعكس الرؤية المشتركة او بالأحرى محطة اللقاء العربي الكردي ، فمكانتها الدينية والجغرافية والأقتصادية  شكلت نقطة جذب وتنافس في العهد العثماني على تبعيتها بين إمارة بهدينان وإمارة الموصل ،الى درجة ان الأمر حسم بربط  ديرها ـ دير الربان هرمز ـ الكائن في صدر جبل القوش ، ربط مع إمارة بهدينان ، ونسبت القوش للأرتباط مع ولاية الموصل . لكن هذا الخلاف السياسي لم يكن يمنع التواصل الأجتماعي والأقتصادي بين ألقوش وكردستان على مر العصور ، وهناك احداث كثيرة لهذا التواصل لا مجال للأشارة اليها  في هذا المقام .
وفي حقل آخر كانت القوش ملتقى اليهود القاطنين في كردستان أيام أعيادهم حيث يتقاطرون الى مرقد النبي ناحوم الألقوشي الكائن في القوش والذي كان ملتقى زيارة اليهود السنوي ، القادمين من مدن وقرى العراق ولكن بصورة رئيسية كانوا يتقاطرون  من كردستان قبل هجرتهم من العراق اواسط القرن الماضي .
 إن تأسيس جامعة باللغة العربية والأنكليزية في القوش يحي المنطقة ويجعلها قبلة علمية ثقافية يؤمها طلاب العلم والثقافة من كل مكان . وهناك ايضاً من الطلبة من الأقليات الأثنية  لا يستطيعون الأستمرار باللغة الكردية فيستمرون باللغة العربية وهذه الأقليات تعيش في اقليم كردستان ، وهذا جانب يوثق اواصر الصداقة والأخوة بين الشعبين الكردي والعربي وكل الأقليات الأثنية المتآخية في الفسيفساء الأثني للنسيج المجتمعي العراقي الجميل ، فكما هو معلوم ان التعددية أصل الحياة وصيرورتها ، والجامعة العلمية ستؤسس لايجاد لغة مشتركة ، فأقليم كردستان اليوم يزدهر بنسيجه المجتمعي المتنوع بكل أقلياته الى جانب اخوانهم الأكراد منهم العرب والتركمان والكلدانيين والسريان والأرمن والآثوريين والشبك ، هذا الى جانب التنوع الديني المتمثل بالأسلام والمسيحية واليزيدية والمندائية .
 أقليم كردستان يتطلع الى حجز مكانة لائقة في مصاف امم العالم المتمدن وهو مؤهل لهذه المكانة بفضل النهج العلماني الديمقراطي الليبرلي الذي تنتهجه القيادة الكردية الحكيمة .   
إن هذه الجامعة ستعزز الفكر الأنساني الذي يتقبله الأنسان الكردي بعيداً عن التزمت والتعصب مهما كان نوعه ، فاللغة العربية والأنكليزية تشكل الطريق نحو العمق العربي والأفق العالمي بعلومه وفنونه وثقافته .
إن استئثار اقليم كردستان بناصية العلم يثبت للعالم الوجه الناصع لقضية الشعب الكردي التي طالها الظلم والتعتيم عبر قرون من الزمن .
إن هذا الصرح العلمي سيكون منارة علمية يرمز الى التآخي ويعطي المنطقة جرعة شافية بعد عقود من الأهمال والتعتيم  . ومن جانب آخر ستكون الجامعة عوناً للطلبة الذين يتعرضون الى التهديد والوعيد من قبل قوى الظلام التي تجبر هؤلاء الطلبة بإطاعة اجندتهم في السلوك الشخصي وبفرض الحجاب وتقييد الحريات ويتعرضون الى شتى انواع المضايقات .
إن موقع القوش الجغرافي المحصن نسبياً من ناحية الأمن ، الى جانب كون ناحية القوش الأدارية غنية بتنوعها الأثنوغرافي  ، وهي ستشكل نقطة جذب لشرائح كثيرة من المجتمع المجاور ، وربما يقصدها طلاب من مراكز بعيدة من كردستان او مدن عراقية .
 نحن نقرأ عن معاناة الطلبة من الأقليات العرقية والدينية في جامعة الموصل ، والبعض الآخر لهم مشاكل لغوية في جامعات كردستان ، وستكون الجامعة في القوش المتنفس الطبيعي لهؤلاء الطلبة الذي يسعون الى طلب العلم والمعرفة .
 أضع هذا الطلب امام سيادة الرئيس مسعود البارزاني لكي يضيف الى مآثر كردستان ومواقفها مأثرة علمية وأنسانية  أخرى . إنها مبادرة كريمة لغرس  شتلة  مباركة في اقليم كردستان وفي الوطن العراقي الحبيب .
 حبيب تومي / اوسلو

461
وهل الأستاذ جلال جرمكا كلدانـــي ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com



استهل هذا المقال بطلب المعذرة من الأستاذ جلال جرمكا لوضع اسمه في عنوان المقال ، وبعد ذلك اقول : إن توارد الأفكار والأبداع والكتابة والنقد والنقاش والحوار كل هذا يوحي للكاتب ان يصيغ افكاره في إطار يخرج على شكل مقال او محاضرة او دراسة .. الخ وفي هذا السياق اكتب في شؤون شتى ، منها ما يعانيه شعبنا العراقي  عموماً وما حل بشعبنا الكلداني من مظالم  مما نجم عنه نزيف الهجرة التي كانت بوصلتها ذات اتجاه واحد نحو مغادرة الوطن . فكان الخلل الديموغرافي لشعبنا الكلداني على أرضه ووطنه العراقي .
وأكتب ايضاً مقالات عن الشعب الكردي الذي طاله الظلم ، وحرم من حقه في إقامة دولته المستقلة .
لكل ما اكتبه ردود أفعال مختلفة بين مؤيد او ناصح او ناقد او ناقم على ما اكتبه وفي حالات تصل الرسالة الى تخوم التهديد .
وحين كتابتي لبعض المقالات عن الشعب الكردي وأقليم كردستان كان ثمة من يستفسر عن سبب اهتمامي وأنا كلداني بالكتابة عن المسألة الكردية ، وهل ذلك أشارة للأنسلاخ من القومية الكلدانية ؟
في الحقيقة ان الأمر ليس كذلك فأنا اعتز بكل القوميات العراقية منها الكردية والعربية والتركمانية والآشورية والسريانية والأرمنية ، لكن بأنسنة الفكر القومي   يحق لي ان اناصر قضية شعب يطمح الى تقرير مصيره ؟ ان كان هذا الشعب ، الشعب الكردي او الفلسطيني او اللبناني او السوداني .
لقد قرأت مقالة للأخ العزيز أدو كليانا تحت عنوان ( الى الكاتب حبيب تومي مع التقدير ) ، واستشفيت من كلماته نبرة المودة والأخلاص مع مكاشفة وصراحة وهذه باعتقادي حالة مطلوبة ، فهو يقول أنني اخذت منحى جديد في الكتابة التى تحولت للكتابة عن القضية الكردية وهو يقول بصراحة :
 (( أنا لايمكن لي أن أتهم كاتبنا بأي شيء رغم وجود حالات كثيرة في الوطن والخارج من تغيير في النهج والافكار بتأثير من السلطة الغير المحدودة أو المال الوفير حد البذخ في شمال عراقنا الحبيب كردستان.  ولكن يبقى هذا السؤال مطروحا لكاتبنا ما هذه الحمية الزائدة في الدفاع عن الاكراد؟؟ )) . انتهى
يا صديقي العزيز أدو كليانا لم يبق من العمر كثيراً لكي يكون لي اطماع في جمع ثروة مالية او إشغال منصب وظيفي ، فأنا من هذه الناحية مدين لملك النرويج الذي يمنحني راتب تقاعدي يغنيني عن طلب المال ، وجل طموحي يتركز في الكتب وهي اثمن هدية عندي ، وانا طماع شره في مسألة القراءة وجمع الكتب وهذه هوايتي . فأرجو ان تطمئن بأنني حينما اكتب عن الأكراد وقضيتهم ليس من أجل المادة لأنني اصلاً لست بحاجة اليها ، لكن هناك اسباب أخرى للكتابة عن الأكراد ، فحين التقي بأصدقاء أكراد أعرف نفسي اولاً بأن قوميتي  كلدانيــــــة ، لكن أكتب عن القضية الكردية لأنني صرفت أجمل سنوات عمري في خدمة القضية الكردية وهي سنوات العمر من 20 ـ 26 ، فعدسة الذاكرة لا زالت مسلطة على احداث ليست المعارك اهم لوحاتها ، إنما كانت هناك لوحات كثيرة رسمت خيوطها في نسيج الحياة وتجاربها ، لقد كان التناكب على المبادرة  والتضحية والشجاعة والصدق والصراحة وألأخلاص ، لكل هذه المناقب خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها ، فالحياة كانت جميلة وصافية لا تشوبها أدران الأطماع والأكاذيب والأنتهازية ، كان ثمة امتحان يومي ولا بد من اجتياز هذا الأمتحان بنجاح ، برغم ان هذا النجاح في تلك الأوضاع الخطيرة قد يكون ثمنه فقدان الحياة بأية لحظة .
حينما هجم تيمورلنك على بغداد والمدن الجنوبية عمل على اجتثاث شعبنا المسيحي الكلداني من مدن العراق ووجد هذا القوم الملاذ الأمين في جبال كردستان والكاتب الكلداني يوسف رزق الله غنيمة في كتابه ( نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ص 172 ) .يقول :
فالنساطرة الذين هجروا بغداد والبصرة وكل مدن العراق ما خلا الموصل وتوابعها والتجأوا الى قمم جبال كردستان ... وخربت بيعهم وهدمت معابدهم وباتت اديرتهم قاعاً بلقعا ًيعشش فيها البوم والغراب وباد كل معبد لهم .
وما اشبه اليوم بالبارحة ، ورغم المسافة الزمنية لتلك العصور المظلمة إذ نحن نودع الألفية الثانية ، وندلف عتبة الألفية الثالثة . فإن اليوم يضطر ابناء شعبنا الى ترك بغداد والمدن العراقية الأخرى ولجوء قسم كبير منهم الى أقليم كردستان ، والصديق هو الذي يقف الى جانبك وقت الضيق ، فالمسألة تقضي بأبسط تجلياتها ان نشكر الشعب الكردي وقيادته على موقفهم . ومن جانب آخر فشعبنا بحاجة الى بناء علاقات صداقة وطيدة مع مختلف شرائح الشعب العراقي بما فيهم الشعب الكردي .
وماذا نفسر حينما يكتب الزميل جلال جرمكا وهو كردي عن شخصية عبد الكريم علكة الكلــــداني الشهم وحينما يكتب عن فضائية كلدانيـــة وعن كلمات معبرة للشعب الكلــــداني ، هل ان الزميل جلال جرمكا سلخ عن نفسه  قوميته الكردية ؟ إنها فرضية سطحية لا تستند على واقع .
 إن من يناصر قضية شعب آخر هي قضية انسانية محضة لا تقبل التأويل ، وهي شطر من لوحة الحياة العامة والمنهج الأخلاقي للثقافة ، اما من يسلخ جلده القومي فهو من ينكر قومه وقوميته ويحاربهما تحت ذرائع جاهزة ، ولدينا مثال الأكراد الذين التحقوا بالقوات الحكومية تحت اسم الفرسان وحاربوا أبناء جلدتهم ، وكذلك بعض الكلــدان الذين لا يكتفون بالنأي عن قوميتهم بل يلجأون الى تخوين بني جلدتهم  تحت مبررات مختلفة .
إن من حق الكاتب ان يناصر قضايا الشعوب وأن لا يسكت على القهر والتطهير العرقي والسياسي والطائفي ، وأن يكون له رأي ورؤى لكن ليس على حساب قومه . فمناصرة شعب مظلوم على مدى عقود ، هو بحد ذاته موقف إنساني لا تشوبه شائبة .
 في النرويج وبلاد أوروبية أخرى ثمة شخصيات سياسية وأدبية وعلمية تناصر قضايا شعوب كثيرة وتتطوع بالمال او بالأعمال لمناصرة شعوب بعيدة عنها جغرافياً ومختلفة عنها دينياً وعرقياً ، ولا يعني ذلك ان هؤلاء سلخوا جلودهم الوطنية .
 نحن نكتب بشكل عام عما يعانيه شعبنا وعن الأمن والأستقرار المفقود في بلادنا وعن غياب او تغييب الهوية العراقية الجامعة لكل أطياف الشعب العراقي . ويقع جزء من هذا الواجب على عاتق الكتّاب وعليهم ان يتحملوا المسؤولية في بلورة الواقع لتكون الصورة أكثر وضوحاً وتكاملاً ، وهذه في الحقيقة مهمة ثقافية ووطنية وتتطلب جهداً جماعياً لوضع الهوية العراقية في مكانها اللائق .
 وتحياتي للزميل جلال جرمكا والى كل من يناصر قضايا الشعوب المظلومة .     
حبيب تومي / اوسلو

   


462
الأنفال صفحة مظلمة من التاريخ العراقي ( لا ) لتكرارها 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


أصدقائي وأقراني من الجيل العراقي الذي تعدى عمره النصف قرن من السنين تتراكم في مخيلتهم مشاهد اليمة قاسية تبدو عصية على النسيان ، مهما توالت السنون ، وتباعدت المسافات فستظل تلك الحقبة تمثل أكثر مراحل التاريخ المعاصر إيلاماً . لكن بغية صياغة الماضي المؤلم الى الحاضر القائم لا بد من اعادة تشكيل منظومة المفاهيم السابقة برمتها ، وإعطاء المفردات معاني لكي تصبح مفهومة في الزمن الراهن .
إن خيوط الحدث الواحد تتشابك في عدة عقد وليس من اليسير التطرق اليها ووضعها في إطار موحد ،
لكن يمكن الركون الى حقيقة مفادها ان المحطات الكئيبة او النقاط السوداء التي تراكمت على صفحات التاريخ العراقي المعاصر ، كانت إفراز تراكمي للفكر الأديولوجي القومي الذي طغى على المشهد العراقي ودون منافسة من قوى موازية ، وتتجلى هذه المرحلة اكثر وضوحاً بعد انهيار حكم عبد الكريم قاسم تحت سطوة الضباط الأحرار ذوي الفكر القومي وحزب البعث العربي الأشتراكي في عام 1963 م .
وشكلت الأنفال إحدى جرائم العصر وتتكشف خيوط هذه الجريمة يوماً بعد آخر كلما اكتشفت مقابر جماعية طمر في ثناياها ضحايا وهم أحياء ، وجريرتهم انهم أكراد وأغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ . واليوم يمضي   عقدين من الزمن على تلك الجريمة ، ويشاهد العالم من الفضائيات الكردية نقل رفات المجموعات المؤنفلة من الضحايا الى مثواهم الأخير في موكب مهيب لكي توارى الثرى في أديم أرض كردستان .
   

إن الكتابة عن تلك الذكريات الأليمة ليس من اجل نكأ الجروح القديمة ، لكن كل ما نصبو اليه هو ألا تتكرر تلك المآسي .
 يقول الأستاذ مسعود البارزاني : ما زالت هناك أطراف تريد تكرار عمليات أنفال الكورد فيما لو سنحت لها الفرصة .. لكن حلمهم هذا قد ولى زمانه لا يمكن لأي طرف ولا لأي أحد ان يعيد هذه الجريمة بحق شعبنا ..                                                                       
 بنظري ، إن الذهنية العسكرية في علاج المعضلات العراقية بقيت متلازمة منذ انبثاق العهد الوطني الملكي ، وظلت المؤسسة العسكرية التي تتحين الفرص للأستحواذ على مقاليد الحكم لتحقق أجندتها التي كانت تتمحور حول الفكر القومي العروبي ، والذي تأثر جوانب فكرية منها بالفكر النازي لاسيما في مسألة حل مسألة الأقليات العرقية ومسألة الأكراد على وجه الخصوص . لقد افلح الضباط الأحرار في ثورة 14 تموز 1958 في السيطرة على مقاليد الحكم ، وقد حاول المرحوم عبد الكريم قاسم بترجيح كفة الهوية العراقية قبل الهوية العربية ، ولكنه أخطأ في في نهاية المطاف في التعامل مع الشأن الكردي ، فجرد حملات عسكرية على الأكراد ، وكانت هذه المحطة الرئيسية التي قوضت حكمه وأدخلت العراق في دوامة الأنقلابات العسكرية ، وآخرها كان هيمنة حزب البعث على مقاليد الأمور في تموز 1968 وبعد عشرين سنة من حكم البعث وقعت مآسي الأنفال والتي أطلق عليها في حينها مصطلح (عمليات الأنفال البطولية ) لكنها كانت في جوهرها عمليات للأبادة الجماعية ، وظاهرة جلية للتطهير العرقي .
إن المراقب للأحداث العراقية في خمسين سنة او اكثر الماضية ، يرى ان الحملات العسكرية التي جردت على الشعب الكردي ، كان يجمعها عامل مشترك واحد وهو : ان الأكراد يتمادون في مطاليبهم وإنهم يطلبون اكثر مما يستحقون . إن هذه الجدلية قد تكررت ، وكل الحروب التي شنت على الأكراد كانت تحت هذه المقولة .
 إن الشعب الكردي كبقية شعوب الأرض من حقه تقرير مصيره ، واليوم وهو يتمتع بحكم ذاتي واسع  في اقليم كردستان يبرهن هذا الشعب على انه شعب مجد ومثابر يحب الحياة ومواكب على العمل بغية تطوير الأقليم وإضفاء معالم التقدم المدني والحضاري لهذه البقعة من الأرض . لكن يبدو ان حكومتنا المركزية في بغداد ، واياً كانت التأويلات ، تحاول تصور الأمور كالسابق بأن الأكراد يطلبون أكثر مما يستحقون .  إن كان ذلك بمحاولات تعطيل عقود النفط التي ابرمتها الشركات مع حكومة اقليم كردستان ، او عبر عرقلة تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي حول قضية كركوك او ما يخص رواتب قوات البيشمركة .
   لقد حفل المشهد العراقي باستقطابات واصطفافات قومية ودينية ومذهبية ، وكلها سببت للعراقيين الماسي تلو المآسي ولم يجن منها الشعب العراقي سوى الحروب والويلات وكان آخرها الأستقطاب المذهبي الذي سحب كثير من مدن العراق الى مستنقع لنموذج من الحرب الأهلية القذرة  .
 واليوم بعد تلك الصفحات المظلمة نتطلع الى صفحة عراقية ناصعة نظيفة نقية من تلك التخندقات  المغيبة للهوية العراقية والتي تعتبر المنارة الوضاءة لارشاد العراق للخروج من محنته ، لكننا اليوم نسمع أيضاً بالجهود الرامية الى تبني استقطاب قومي مهمته كبح المطاليب الكردية .                     أقول : لقد آن الأوان للتفكير ملياً بعقيلة عراقية جامعة بعيدة عن الأفكار الشمولية في الأحتواء او التصدي لكل ما يعارض الفكر الأيديولوجي إن كان قومياً او ديننياً او مذهبياً ، إن الفكر العراقي العلماني الديمقراطي المنير المتفتح على كل التكوينات العراقية الأثنية والدينية والمذهبية ، هو الكفيل بتجنب شعبنا من الويلات التي مرت وتمر عليه وإن شعبنا العراقي بكل أطيافه يقول كلمته اليوم :             لا لأنفال ثانيـــة .
حبيب تومي / اوسلو       

463
شعبنا المسيحي هل يتلقى صدقات ام مساعدات ؟
بقلم : حبيب تومي /أوسلو
habeebtomi@yahoo.com

في الحقيقة انا محتار في أمري في هذه الأعلانات اليومية التي تظهر على المواقع الألكترونية لشعبنا خصوصاً على موقع عنكاوا ، عن تخمة شعبنا بالمساعدات التي تقدمها الجمعية الخيرية ... والمجلس .. وغيرهما ، لا أدري ما هي العبرة في مثل هذه الأعلانات غير الدعاية الفارغة .
فالذي يمنح مساعدة او حتى صدقة يتعين عليه ان يضعها طي الكتمان ولا ينبغي الأعلان عنها في المواقع او على الفضائيات .
 أقول :
يمكن ان نعلن عن تشييد بناية او مدرسة او جسر له نفع عام او مستشفى ، او أي عمل فيه استفادة عامة ، لكن ان يقدم أخ لأخيه مساعدة ويعلنها على الملاء تدل هذه الحالة على الشماتة بأخيه  وليس لها تفسير آخر .
 قُدم لأحد أقاربي في العراق مساعدة عينية ورأيته هو وأطفاله يظهر على قناة عشتار وبيده أكياس خمنت انها ( بطانيات ) ، ورأيت كيف توجه له اسئلة ربما يراد بها تقديم الشكر والتقدير للجهة التي قدمت هذه الأغطية ، في الحقيقة فرحت لظهوره في عشتار واعتقدت ان يكون قدم له مبلغ معين مع هذه البطانيات لكن عرفت فيما بعد ان الأمر اقتصر على ثلاث بطانيات له ولأطفاله ، وأتساءل هل تحتاج هذه المساعدة ومهما بلغت الى الأعلان عنها اصلاً  ؟
في نادي بابل الكلداني في بغداد وزعنا مساعدات بمبالغ معينة مقدمة من أبناء شعبنا الكلدانــي في اميركا ، ووزعت في النادي بعد مناداة على كل اسم ، وكنت اعرف اكثر من واحد بأمس الحاجة الى ذلك المبلغ ، ولكن كرامتهم لم تسمح لهم بالوقوف في مجتمع لأخذ مساعدة تمنح على شكل صدقة ، وربما كانت الفرضية لهذا التوزيع بغية توثيق توزيع المبلغ على مستحقيه .
يتعين علينا ان نقر بأن لجميع ابناء شعبنا شخصية ورجولة وكرامة إن كان فقيراً او غنياً ، وكرم الأخلاق وكرم الرجولة تجبرنا ان نقدم هذه المساعدة لمستحقيها دون منية ودون شكر ، واعتقد الأخلاق الدينية تقر بأن من يعطي صدقة او مساعدة فإن يده اليمنى يجب الا تعرف باليد اليسرى التي منحت هذه المساعدة ، فإن واجب الأخ ان يساعد أخيه  وأوكد انه واجب ولهذا ينبغي ان تمنح هذه المساعدات للأشخاص دون النيل من قيمتهم او إحساسهم بكونهم بحاجة الى مساعدة .
 الجهات الدولية تقدم المساعدة دون منية وإن أمريكا بصدد تقديم عشرة ملايين دولار لشعبنا كما قرأنا قبل ايام ، وقدمت هذه المبالغ دون ان ينتظروا شكر وتقدير من الذين يستلمون هذه المساعدات لانهم يقولون هذا واجب إنساني ( نعم واجب ) فعلينا برأيي المتواضع ان نكف عن هذه الأخبار التي تجعل من شعبنا منتظراً بفارغ الصبر الصدقات التي يتصدق بها محسنون .
والسياسي ينبغي ان لا يوظف هذه المبالغ المقدمة لأبناء شعبنا للتحشيد لتأييد حزبه .
ومن باب الصراحة لا بد ان اشير الى الخبر المنشور على موقع عنكاوا والذي يفيد : بأن اساقفة مدينتي أربيل وكركوك الذين اجتمعوا مع وزير الخارجية الأيطالي فرنتيني وطلبوا منه تقديم مساعدة للشعب العراقي وبضمنهم المسيحيين ، ولما سال وزير الخارجية عن المساعدة التي يمكن ان تقدمها الحكومة الأيطالية لمسيحيي العراق ، أجاب الأسقف رابان ان مشكلة الأمن هي نفسها لجميع الشعب العراقي وبضمنهم المسيحيين .
وفي الحقيقة أحترم المطارنة الأجلاء ولكن أبدي استغرابي  لنوعية الطلب المقدم لوزير الخارجية الأيطالي ، ماذا يعني توفير الجانب الأمني ؟ وما هي علاقة وزير الخارجية الأيطالي بهذا الأمر وماذا يمكن ان يقدمه في الجانب الأمني ؟ إن كانت قوات التحالف والقوات العراقية  لا تستطيع توفير الجانب الأمني ، وحتى لو صح هذا الطلب فإنه فإنه من صلب اختصاص حكومتي الأقليم والحكومة المركزية ، وابقى أضع علامة التعجب امام هذا الخبر لطلب مساعدة المسيحيين في الجانب الأمني .
أقول : إن شعبنا من كلدان وسريان وآثوريين وارمن ينبغي ان نتعامل معهم بندية وصداقة دون أي اعتبارات اخرى .
 أقول : نحن مسيحيون علينا ان نتعاون ونتكافل ليس بعقلية ( المكرمة ) التي كنا نتلقاها عبر  البطاقة التموينية . علينا ان نكون في هذه المسألة أسرة واحدة ، وفي  الأسرة الواحدة لا منية من أخ على أخيه حينما يمد له يد المساعدة  ، إنه ببساطة يقوم بواجبه ليس أكثر  .
 تحياتي لكل من يقدم أية مساعدة مهما كانت صغيرة لمستحقيها دون ضجيج ودون اعلان .
 حبيب تومي / اوسلو 






















464
قراءة نقدية في مجلة اور لجمعية الثقافة الكلدانية في القوش
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

كانت فرصة سعيدة ان تصلني اعداد من مجلة اور التي تصدرها جمعية الثقافة الكلدانية في القوش ، وأقرأ في رئاسة التحرير والمحررين اسماء نخبة من المثقفين الألاقشة . وكان بودي ان اكتب عن الأعداد السابقة إلا ان الأنشغال وضيق الوقت كانا دائماً يحولان دون تحقيق تلك الرغبة في الكتابة . وحينما وصلني العدد الثالث من تلك المجلة ، فكان لابد من تأجيل المواعيد والأعمال ، فمن أجل عيونك القوش ومن أجل مجلة " أور " الجميلة التي تصدرها جمعية الثقافة الكلدانية ، ومن أجل هذه النخبة الطيبة من المثقفين سأختصر الزمن وأقطع المسافات لأكتب عن حبي وتقديري لتلك المجلة وتلك الأقلام التي سطرت تلك المواضيع الشيقة .
وإذا بدأنا بالغلاف الأول سينير أمام أبصارنا  ذلك الوجه المشرق لفتاة بطناوية بابتسامتها الغامضة ونظرتها الهادئة وهي ترتدي الزي الشعبي المحبب الى قلوبنا . ويبدو ان الغلاف الأخير جاء مكملاً للغلاف الأول لتنير صفحته وجوه شابة من أبناء شعبنا وهي تتشابك بالأيدي لتتناغم في رقصة جماعية شعبية وهي رقصة الدبكة المنتشرة في مدننا وقرانا الكلدانية .
كانت كلمة افتتاحية موفقة بقلم رئيس التحرير ثم قصيدة باللغة الكلدانية بقلم استاذنا المغترب صادق برنو . ونقرأ المقال التاريخي عن أسرة أطباء السريان بقلم الأستاذ سمير زوري المعروف بتضلعه وإبداعه باللغة الكلدانية وبفنون كتابتها ، ثم كان المقال التاريخي الموسوم : أقدم الشرائع العالمية من أعداد ماري ميخا / القوش .
 في الحقيقة ثمة شرائع اخرى قبل شريعة حمورابي منها شريعة أورنمو مؤسس أسرة أور الثالثة حوالي عام 2050 قبل الميلاد وشريعة ليبيت عشتار وشريعة أشنونا ، لكن هذه الشرائع لم يبق منها الكثير ، وعليه كانت شريعة حمورابي اوسع وأشمل من كل هذه الشرائع ، حيث ان حمورابي وحّد الدويلات تحت راية دولة مركزية قوية ،وقد يكون عهد حمورابي الأشارة الأكثر وضوحاً في تكوين كيان بلاد ما بين النهرين التي اصبحت دولة العراق في العصر الراهن .
 كان لابد من وجود قانون شامل يحمل الجميع الى طاعته ، فالقانون هو تحويل إرادة الطبقة المسيطرة الى تشريع ، ويحدد مثل هذا التشريع ظروف الحياة المادية للمجتمع الطبقي ، ثم كان اهم من مواد القانون هو الجهاز الذي يجعل الناس تراعي قواعده وحدوده ولهذا الجهاز امكانية معاقبة من يعصي تلك القوانين . ويفتتح حمورابي تلك الشريعه بمقدمة يقول فيها :
أنا حمورابي الملك الذي اختارتني الآلهة نيابة عنها لحكم البشر وإسعادهم ونشر العدل بين الناس والقضاء على الشر والسوء حتى لا يطغي القوي على الضعيف . أنا حمورابي ملك الملوك .. الخ
ثم قرأت المقال المهم حول ثقافتنا الكلدانية المعاصرة بين الموروث والتجدد الذي سطره الأستاذ نوري بطرس عضو الجمعية الوطنية .
وبعدها قرأت زاوية هل تعلم بقلم الزميل روميل حنا يوسف وهو موضوع شيق عن اسماء بعض المدن لكنه كان مختصراً، وكان يمكن ان يكون الموضوع خارج زاوية هل تعلم ، وأن يمتد الى مساحة أكبر كمقال مستقل .
وكان ثمة مقال بقلم الزميل جميل حيدو ، تحت عنوان لغة الطفل الرضيع في القوش ، واعتقد ان للزميل جميل كتابات سابقة حول الموضوع ، كما ان العنوان وهو تحديد هذه المفردات بأنها لغة الطفل ( الرضيع ) باعتقادي ان العنوان غير دقيق حيث ان الرضيع وهو ابن السنة فإن التعابير هذه ربما تأتي بعد الرضاعة حيث يكون عمر الطفل اكثر من سنة ، فيمكن ان يكون العنوان لغة الطفل في القوش  وهذا رأيي لا أدري مدى صوابه . وننتظر المزيد من الصديق العزيز جميل حيدو . وقرأت مقالاً حول استقرار العراق للأستاذ أركان عبد حسين ورأي للكتور أمير عبو هيلو ومقال عن المسرح للمبدع باسل شامايا وخاطرة شعرية جميلة للصديق صبحي حداد .
 وثمة التحقيق حول مسيرة الرياضة في القوش بقلم مازن صباح هومو ومقالات متنوعة في مختلف المواضيع ومنها ايضاً أبواب الفن والطبخ والصحة والتكنولوجيا والأبراج والكاريكاتير ومواضيع أدبية وسياسية وعلمية متفرقة ، وفي الحقيقة فإن المجلة تبدو شاملة بتنوعها رغم العمر القصير لهذه المجلة . والشئ المهم أيضاً ان المقالات والأبواب معظمها سطرت بأقلام شابة فأتوصل الى معرفة كتابها من قراءة  اسماء الآباء او الأجداد لهؤلاء الكتاب الشباب ، وهذا يبعث الفرح والأمل في النفس الى استمرارية وديمومة الحركة الثقافية والعلمية في ( القوش ديّان ) الحبيبة .
في الصفحة الأخيرة قرأت مقالاً ساخراً لظافر بوداغ : عجائب وغرائب وقد توفق الكاتب بشكل مميز في إبراز الفكرة وبأسلوب ساخر .
وكانت السيدة أديبة جلو في ظل الأماسي الحزينة تسكب كؤوس الحزن .. تقول ( .. في عمق ذلك القصر المهجور ، الذي بدأ يتداعى ، وكأنه بيت من الرمل ... فبات لونها أصفراً ، يدب فيه الموت وهو على قاب قوسين او أدنى ، تملمت بعض الشئ وكان بودها ان تسمع صدى أهاتها , ولكن لا صدى يرن ولا باب يفتح ولا ظل يقاسمها الليل والتهار ... ران الصمت حولها وذرفت دموعاً ساخنة على الأطلال ... ) نعم انه الألم والحزن لكن في الحياة صفحات مشرقة كثيرة ، نعم إنه زمن عقيم طافح بكل معاني وأسباب اليباب ، ولكي نخف عنا هذا الغلو في الآلام علينا ان نتفيأ في ظلال الرغبة والأرادة والأمل لكي نعيد الماء والرونق والصفاء الى هذه الحديقة التي يريد الأشرار اغتيال كل وردة وكل فراشة وكل ابتسامة على ثغور الأطفال .
 الحياة قصيرة وهي لحظة واحدة من عمر الزمن ، يقول عمر الخيام :
أتدري لماذا يصبح الديك صائحاً
يردد لحن النوح في غرة الفجر
ينادي لقد مرت من العمر ليلة
وها انت لم تشعر بذاك ولم تدر
استوقفني مقال الزميل جمال جرجيس لاسو الموسوم : وباء الشرق والغرب ورأيت ان ابدي بعض الملاحظات على بعض ما ورد في المقال الذي يعتبر الحلقة الأولى . وهو يقسم سكان الكرة الأرضية الى شعوب الشرق والغرب ويقول :
 .. من خلال ملاحظتي وتفكيري العميق عن سبب بقائنا نحن سكان شرق الكرة الأرضية في حالى تخلف رازحين تحت رحمة الغرب الأوروبي وسادة العالم الجديد أمريكا ، والتي هي اليد الطولة المنفذة لمخطط التآمر العالمي ، والذين يحسبون أنفسهم هم الأفضل بين خلائق الله ، وهم يجب ان يكونوا البشر الوحيدين والسادة ، والباقين هم قطعان بشرية حيوانية او كما اعتادوا ان يطلقوا تسمية ( قطعان بشرية ) على باقي الأعراق البشرية ... الخ ( انتهى الأقتباس ) .
أقول للزميل جمال لاسو . اولا ان تصنيفك بأن الشرق المتأخر هو تصنيف غير دقيق وإن كنت تعني ان الشرق متأخر تكنولوجياً فالتصنيف غير وارد حيث ان اليابان وكوريا الجنوبية وهي تصنف في المرتبة الثالثة عشر في القوة الأقتصادية والصين وهي تحمل المرتبة الثالثة في العالم في قوة الأقتصاد ،والهند الناهضة وسنغافورة وتايوان وغيرها من الدول التي تتمسك بناصية العلم والتكنولوجيا ولا يمكنها تصنيفها على انها متخلفة ، وريما كان تصنيفك أقرب الى الصواب لو قسمت الى دول الشمال ودول والجنوب .
 أما قولك انهم ( الغرب ) اعتادوا ان يطلقوا تسمية قطعان بشرية على باقي الأعراق البشرية .. لا أدري من أين استقيت هذه المعلومات الخاطئة ، لا يوجد في الغرب كتب او مفكرين او ساسة او احزاب يطلقون هذا المصطلح على أي من الأعراق البشرية ، في الغرب يحترم الأنسان وله حقوقه الأنسانية مهما كان عرقه او دينه او لونه او حزبه ، لا يفرقون بين البشر ، إنهم يحترمون كل الثقافات دون تمييز , ولا يوجد مصدر يشير الى ما ذكرته ، وحبذا لو تشير في الحلقة الثانية من مقالك الى المصدر الذي استقيت منه تلك المعلومات الخاطئة . وعلينا أيها الزميل ان لاننخدع في نظرية المؤامرة التي انفضحت مقاصدها حيث نعلق سبب تأخرنا على شماعة الغرب والأستعمار والصهيونية ، في حين ان السبب يكمن فينا، لكننا نعزف عن النظر في المرآة لرؤية واقعنا ، فنتعلق بأذيال نظرية المؤامرة لتبرير لتبرئة انفسنا من الواقع المتخلف الذي نتشبث في مستنقعه . وإن كنت تقصد نظرية أدولف هتلر النازية او موسيليني الفاشية ، فالأمر ليس كذلك فأوروبا هي التي حاربت النازية والى اليوم ليس مسموحاً للأحزاب النازية بحرية العمل رغم تأثيرها المحدود في المجتمعات الأوروبية .
يشير الكاتب جمال لاسو في مقاله الى ان الثقافة هي سبب تأخرنا يقول : الثقافة والتثقف هما ما يمكنني اعتبارهم بؤرة الداء والوباء القاتل الذي ينخر أجسادنا بدون ان يكون لنا معرفة بكونه هو بيت الداء وجرثومة الوباء ... ) انتهى الأقتباس .
أقول : لا اخفي استغرابي من هذا الأستنتاج ، كيف يمكن ان تكون الثقافة وراء تأخر الشعوب ؟
هل الأمية والجهل اسباب ضرورية في تقدم الأمم والشعوب ؟
 المثقفون هم من يصنع الأفكار وهم ينيرون الدروب امام شعوبهم ، أن الحكام يخشون المثقفين ويلجأون الى كسبهم ، وربما اعتقالهم او تصفيتهم للتخلص من شرهم ، يقول نزار قباني في نقد ساخر للعرب الخليجيين ( كنعان مكية " قسوة الصمت 35 " ) :
أيا طويل العمر :
يا من تشتري النساء بالأرطال ..
وتشتري الأقلام بالأرطال ..
لسنا نريد أي شئ منك
فانكح جواريك كما تريد ..
واذبح رعاياك كما تريد ..
وحاصر الأمة بالنار .. بالحديد
 لا احد يريد منك ملكك السعيد
 لا أحد يريد ان يسرق منك جبة الخلافة
 فاشرب نبيذ النفط عن آخره ..
واترك لنا الثقافة
يستدرك الزميل جمال لاسو بأن الطبيب الأختصاصي هو أمهر من الطبيب العام في تشخيص المرض ، ويذهب الكاتب الى القول : إن الغرب قد تخلص مما يسمى الثقافة وبالتالي اكتشفوا أي الغربيين ان التخصص والأختصاص الدقيق هو من سيجعلهم متقدمين ... ويختم الكاتب الحلقة الأولى من مقاله بقوله :
واعلموا ان ما يدفعكم اليه الغرب ، للتثقيف هو ما سيبقيكم متخلفين عنه بل عبيد له مدى الأيام ..
أن هذا الكلام بعيد عن الواقع فالثقافة ليست أداة تخلف ، وأن الغرب ليسوا جميعاً اخصائيين واصحاب شهادات ماجستير او دكتوراه ، إن نسبة الأمية تكاد تكون معدومة او تشكل نسبة ضئيلة ، أما الأختصاصات فعلى سبيل المثال في المجال الطبي هناك الأطباء العامين والأخصائيين ومساعدي اطباء وجراحين وممرضات وممرضين ومنظفين وغيرهم فليسوا جميعاً اخصائيين ، وهكذا في كل مجالات الحياة ، ففي الأعمار هناك المهندسين باختصاصات مختلفة وهناك العمال الماهرين وغير الماهرين والى آخره ، وفي مجال الثقافة فإنهم يعلمون الطفل الى ان يكبر كل أمور الحياة منها النجارة والبناء والطبخ والسباحة والتزلج والأعتناء بالطفل والكومبيوتر والقراءة والكتابة .. كل هذه ثقافة ، فلا أرى في طرح الزميل جمال لاسو شئ من الواقعية ولا أدري ماذا سيكتب في الحلقة الثانية من هذا المقال .
في صفحة 38 من المجلة ثمة صور تراثية جميلة لكن الصورة التي في اعلى الصفحة لألاقشة في زيهم الألقوشي الجميل ، ينقصها تاريخ التصوير وأسماء الحاضرين في هذه الصورة .
إن مجلتكم الجميلة قد استبدت بنا الحنين الى زمن مضى والذي كان منتشياً بصباحاته ومساءاته فينتزع شريط الذكريات من أعماق النفس ، كم هو جميل ان نستعرض تلك الذكريات فتخفف عنا غلواء زخم هذا الزمن المادي المحفوف بالأحداث الدامية التي تستحوذ على مساحات كبيرة من وطننا الجريح .
أشكر الأستاذ مسعود صنا والسادة ظافر بوداع وسمير زوري وجمال لاسو وغزوان رزق الله قس يونان ومازن هومو وعمار أمير وربيع بطرس كوزا ، وكل الكتاب الذين ساهموا في مجلة (( اور ) الرائعة .
ونتمنى لهذه المجلة التقدم والأزدهار في الأعداد القادمة .
ملاحظة : نشرت هذه المقالة في مجلة اور لجمعية الثقافة الكلدانية في القوش في العدد الرابع لسنة 2007 
حبيب تومي / اوسلو

465
أقلام كتّابنا وغبطة الكاردينال دلّي وطارق عزيز 
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

اقلام لكتاب أجلاء من أبناء شعبنا سطّروا مقالات يتناولون فيها جوانب من تصريحات غبطة الكاردينال مار عمانوئل الثالث دلي ومنها تصريحاته بشأن طارق عزيز ، ولا يعدم كل منهم ان يجد ما يكفي من المبررات لأثبات حجته . فتناول الزملاء الأعزاء اسكندر بيقاشا وكامل زومايا ومايكل سيبي وأصدقاء أخرين على موقع عنكاوا ومواقع أخرى بالتعليق على كلمات غبطة الكاردينال دلي عن طارق عزيز وتميزت معظم المقالات التي كتبها الزملاء بنقد لاذع وعتاب وتناولت طارق عزيز بنوع من التقريع والذم ، لكن آخر مقال قراته كان للزميل الدكتور وديع بتي حنا حول الموضوع برأيي كان يتسم بالأنصاف وبنفس حيادي  .
لقد حالفني الحظ بمشاهدة لقطات من المقابلات التي اجريت للكردينال عمانوئيل دلي الثالث ، وكانت كلماته في هذه اللقاءات موزونة ورصينة وتتميز في الأعتداد بالنفس ، ومنها قوله الذي اشتهر : لا تسألوني عن المسيحيين اسألوني عن العراقيين جميعاً دون تفرقة ، وهو الذي صــرح سابقاً بأنه آخر مســيحي يترك بغداد .
بشأن التصريحات حول طارق عزيز فقد قال : ان يقدم الرجل الى المحاكمة ، فإن كان غير مذنب يطلق سراحه ، ومن المعلوم ان المتهم برئ الى ان تثبت إدانته  . والأمر اعتيادي لا يخرج عن حيز المألوف ، فقد امضى الرجل ما يقارب الخمس سنوات في التوقيف وكان ينبغي تقديمه الى المحكمة خلال هذه المدة ، وإن كان غبطة الكردينال دلي قد طلب إطلاق سراحه لأسباب إنسانية ، فالأمر طبيعي ايضاً ، فالموقوف إن كان مسناً او مريضاً فثمة قرارات إنسانية تكون بجانبه ، إن كان طارق عزيز او غيره من الأشخاص .
أنا  شخصياً اعشق حرية الرأي وأحترم أراء الزملاء الذين كتبوا بهذا الصدد ، لكن يبقى التعامل من موقع الحياد والأنصاف في إصدار الحكم هما سيدا الموقف .
الآن ننتقل الى طارق عزيز الذي كان له منصب رفيع في عهد صدام . أنا اتفق مع الأخوة الكتاب الأجلاء أنه لم يسع الى مساعدة البطريرك بولص شيخو ، يوم طلب منه إلغاء قرار تعليم القران لطلاب المدارس من المسيحيين ، وكان من البطريرك الشجاع ان رفع بوجهه محجنه ( عكازته ، كَبّالة Goppala ) مستنكراً موقفه ، وخرج غاضباً ، وبعد ذلك  قابل احمد حسن البكر الذي الغى القرار بالنسبة للطلبة المسيحيين .
كان طارق عزيز منتمياً الى حزب البعث العربي الأشتراكي ، وكان منصهراً في بودقة هذا الحزب ولهذا نال مركز رفيع في الدولة والحزب ، ولم ينفرد طارق عزيز لوحده بذلك ، إنما كل القيادة كان حالها حال طارق عزيز .
 أما انه لم يساعد المسيحيين او الكلـــدان أو الكنيسة فالواقع انه لم يفعل شيئاً لأنه لم يكن قادر على فعل شئ  ، سواء شاء ذلك ام أبى ، لكنه لا يتجرأ وليس له الشجاعة لأنه لا يعرف وربما يعرف نتيجة طلبه .
وأخال أنني لا أجافي الحقيقة بقولي : ان طارق عزيز لم يكن لوحده بعثي وإنما هناك كثيرين ( ولا أقول المئات او الآلاف ) من ابناء شعبنا المسيحي ، كلـــدان وسريان وآثوريين وأرمن منخرطين في هذا الحزب ومنهم من لهم مواقع مسؤولية رفيعة لكن طارق عزيز كان أبرزهم  .
ويقول الزميل بيقاشا : إن طارق ادخل السجن لانه كان احد اعمدة نظام دكتاتوري نشر في العراق الذعر والظلم والطغيان ... انا اتفق مع الزميل ، لكن في كل الأحوال ينبغي ان يقدم الى المحاكمة ، ويتعين ألا يغيب الوجه الأنساني في مسألة المرض او من بلغ من العمر عتياً . ولست هنا في معرض الدفاع عن رجال النظام البائد حيث ان عشيرتي الصغيرة في القوش قدمت خمسة شهداء من شبابها في ذلك العهد .
 كنت اعمل في مؤسسة حكومية وبعد استقالتي بفترة حدث ان تم اعتقال كل موظفي تلك المؤسسة بأمر من صدام حسين نفسه ، وكان من بين المعتقلين إمرأة لديها طفل صغير ، وهذه الموظفة ابنة اخت احد الوزراء ، وحينما اتصل اهلها بالوزير طالبين وساطته ، وهي عملية انسانية بالأساس ، لكن الوزير اعتذر لهم ، وقال هذا امر مستحيل ان اطلب من القائد مثل هذا الطلب . هل ان الوزير لا يريد ان يطلق سراح ابنة اخته ؟
 والجواب ، نعم ، يريد لكنه لا يتجرأ مفاتحة القائد بذلك .
 وحادث آخر : أمرأة من القوش تمكنت ان تصل الى طه الجزراوي ، وطلبت منه باسم الأمومة ان ترى ابنها الموقوف والذي سلم نفسه الى السلطات بعد صدور العفو عن المشتركين بحوادث الشمال ، على شرط ألا  تتحدث معه ، او على الأقل يعلمها إن كان ابنها على قيد الحياة ، فاعتذر لها ثاني رجل في الدولة قائلا هذه قضايا امنية ليس بمقدوري  ابداء اية مساعدة . والأمثلة كثيرة ولا مجال لسردها .
 ونحن نعرف جميعاً الذين عايشنا تلك الظروف بأن جندي بالحماية كان له سلطة ونفوذ اكثر من أي وزير في الحكومة العراقية .
اما ان طارق عزيز لم يكن مسيحياً او اعتنق الأسلام ، فلا اعتقد ان المقولة صحيحة . فالهوية إن كانت دينية او قومية تبقى خلفيتها قائمة ، فلم نسمع يوماً عن اعتناقه الأسلام ، وكان يوصف في كل وسائل الأعلام انه مسيحي كلداني ، اما عن اسمه ، اعتقد ان اسمه الحقيقي هو ميخائيل يوحنان وهو من مواليد 1936 ، وانتمى الى حزب البعث سنة 1957 ، وكان صديقاً لصدام حسين منذ الخمسينات من القرن الماضي ، فيكون اسم طارق عزيز هو اسمه الحركي ، وطغى على اسمه الحقيقي ، وهذا وارد حيث كان هناك  تغييراً باسم نوري المالكي وابراهيم الجعفري وغيرهم .
وعن تغيير الدين فإن ميشيل عفلق اعتنق الأسلام وسمى اسمه أحمد ، وفي نهاية المطاف خسر الأثنين فخسر ابناء دينه المسيحيين والمسلمين لم يعترفوا بأسلامه لأنه كان من اجل المنفعة ، ويوم توفي لم يدفن في مقبرة مسيحية او اسلامية إنما دفن في مكان منعزل قريب من القصر الجمهوري بحجة ان يشيد له نصب تذكاري .
 أما طارق عزيز فكان مسيحياً وربما لم يكن متديناً ولم يتردد الى الكنيسة وهناك مسيحيين كثيرين مثله . لكن المعروف ان زوجته كانت تتردد باستمرار الى الكنيسة في الكرادة ، ولم تكتف بالصلاة فحسب ، إنما كانت تبكي وتصلي تحت صورة مريم العذراء ، ويوم اوشكت القيادة العراقية على الهروب ، عرض بعضهم على العائلة بإخلاء البيت من الآثاث ونقلها الى مكان امين ، ولكن العائلة رفضت ، واليوم يقال ان احد اعضاء القيادة الجديدة يسكن بيتهم . كما ان الرجل لا يعرف عنه انه جمع ثروة مالية من وظيفته .
أما وصفه من قبل الزميل مايكل سيبي انه أبو رغال ، فهذا التشبيه غير وارد ، فالرجل كان ينتمي الى حزب سياسي ، ولم نسمع انه كان يشي بأبناء قومه لمنفعة شخصية ، ولم يخونهم في حادث معروف ، فعدم مساعدته لأبناء قومه إن كان تحت ظروف قاهرة او خلاف ذلك فلا يعني ذلك انه أبو رغال ، وقصة ابو رغال معروفة في خيانته لبني قومه حينما أرشد الغزاة الى فتح مكة .
لا أريد هنا ان أدافع عن طارق عزيز بل جل ما اود تقديمه هو ان نكون منصفين بأحكامنا إن كان طارق عزيز او غيره ، فالمسألة ان الرجل لم يكن متنفذأ ، ولم نسمع ان اسمه ارتبط بالجرائم ، اما انه وضع توقيعه على اعدامات المواطنين فأعتقد ان صدام لم يكن بحاجة الى موافقة او توقيع طارق عزيز لينفذ احكام الأعدام .
فإن كان طارق عزيز او غيره من المتهمين ، كان يجب تقديمهم الى المحاكمة خلال مدة خمس سنوات مضت ، وإن لم تثبت إدانتهم فينبغي إطلاق سراحهم ، وفي كل الأحوال يجب ان تراعى الحالة الصحية والمرحلة العمرية للمتهم مهما كان دينه او مذهبه او قومه او جنسه ، والكردينال مار عمانوئيل دلي لم يصرح بأكثر من ذلك .   
تحياتي لكل من كتب بهذا الموضوع وعلينا ان نفتح النوافذ امام الآراء والنقد والحوار لأنها سر الديمومة لأي مجتمع يريد الأنتقال من صقيع الصــحراء في احادية الرأي واللون  الى الحديقة الخضــراء الزاهية بكل الألوان والرياحين ، ولكن يبقى الأنصاف في أصدار الأحكام على شتى الأمور محور نتفق عليه جميعاً .
حبيب تومي / اوسلو

466
كلام للمناقشة عن عشرة ملايين دولار مخصصة لشعبنا


 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

لا مراء في حقيقة ان مبلغ عشرة ملايين دولار يخصص لشعبنا يعتبر مبلغاً مهماً ، وخصص لشعبنا باعتباره من الشعوب الأصلية القاطنة في الوطن العراقي وهو مهدد بالأنقراض .
 نشر على موقع عنكاوا خبراً مفاده : ان الكونغرس الامريكي خصص عشرة ملايين دولار لمساعدة الكلـــدان الاشوريين السريان في سهل نينوى ، وجاء في متن الخبر ان الكونغرس خصص عشرة ملايين للأقليات العراقية المضطهدة ، خصص 8 ملايين الى الكلــــــدان ومليونان خصصت للمشروعات الصغيرة ويضيف الخبر :
ان جاكي بيجان رئيسة الاتحاد الكلـدانـي الآشـوري السـرياني اعربت عن ارتياحها لقرار الكونغرس حيث قالت :
 واخيرا فقد نجحنا في اظهار معاناة شعبنا في العراق  الى النور وان الكونغرس بدأ باتخاذ خطوات عملية لابراز التحديات الحقيقية التي تجابهها الاقليات المهمشة في العراق .
 اما السيد مارتن منا رئيس غرفة التجارة الامريكية الكلدانية ،رئيس المجموعة في ديترويت فقال:
كان لنا حظا قليلا من النجاح قبل هذا العام في ايصال مطالب وحاجيات شعبنا الكلداني الاشوري السرياني. لكنه بعد ان اتحدنا معا فقد استطعنا ان نحصل على ركيزة اساسية لابناء شعبنا.
وقال جوي نولينبيرغ العضو الاقدم في اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية الامريكي :
 على جميع الامريكيين فهم مازق المسيحيين في العراق. واضاف :
ان العديد من جيراننا الكلـــــدان لديهم عوائل واصدقاء يعانون في العراق وهذه المنحة ستقدم لهم المساعدة. وإن المنحة تحتاج الى توقيع الرئيس الأمريكي جورج بوش لتصبح نافذة المفعول .
 كل ذلك مهم والآن نأتي الى الأهم :
ـ لا شك ان شعبنا في الوطن ومن تشرد في دول الجوار هو في ظمأ الى المساعدة ، لكن ثمة رزمة من التساؤلات ينبغي الأجابة عليها ، وأهمها :
1 ـ من هو المخول باستلام هذه الملايين العشرة ؟
في الوهلة الأولى سيتردد أسماء : أولاً ، الحكومة العراقية . وثانياً ، حكومة أقليم كردستان . وثالثاً الكنيسة الكلدانية او مجموع الكنائس . ورابعاً ، الأحزاب القومية السياسية لشعبنا . وأخيراً ، لجنة من شخصيات سياسية مستقلة او حزبية لشعبنا . ويبقى هذا السؤال بحاجة الى إجابة شافية .
 2 ـ النقطة الأخرى ، لمن تمنح هذه المساعدة ؟ من يستحقها من ابناء شعبنا ؟ هل توزع على شكل مبالغ نقدية  فيقسم مبلغ العشرة ملايين دولار الى نصف مليون او اكثر من المسيحيين الموجودين على تراب الوطن او الذين تقطعت بهم السبل في دول الجوار او مناطق أخرى ويقسم المبلغ بالتساوي ؟
 وبرأيي الشخصي  ان هذا التوزيع ليس واقعياً ولا يحل اية مشكلة ولا يوفي بالغرض .
أقول :
 3 ـ  بتصوري ان يجد هذا المبلغ طريقة الى الأستثمار ، واستغلال ريعه في مساعدة أبناء شعبنا من الكلــدان والسريان والآشوريين ، كما ان استثماره سيساهم في رفع المعاناة المالية وذلك بإيجاد وظائف شاغرة  وسيساهم في القضاء على البطالة ويكون عاملاً حاسماً في قطع نزيف الهجرة .
4 ـ من القنوات المهمة للصرف . الحد او على الأقل تقليل من نزيف الهجرة المنهك ، ولا ريب ان الصعوبات المالية التي تعترض ابناء شعبنا بسبب فقدان أعمالهم التجارية ، نراهم يعزفون عن الزواج او عن الأنجاب ، وهذه نتيجة طبيعية للصعوبات والظروف الأستثنائية العسيرة ، وبهذا الصدد اقترح منح مبلغ معقول الى كل من ينوي الزواج من شبابنا ، إضافة الى ذلك يخصص مبلغ معين لكل عائلة من عوائل شعبنا تنجب طفلاً في داخل الوطن او في دول الجوار . وتقدم دراسة بمقدار هذا المبلغ .
5 ـ من المقترحات ايضاً تأسيس دار نشر كبيرة مع مطبعة متطورة لكي تساهم في نشر الكتب والمجلات والأصدارات الأخرى ، وفائدة هذا المشروع مزدوجة وهي ثقافية وعلمية وبنفس الوقت تساهم في إشغال أيدي عاملة .
6ـ من الأفكار المعروضة واعتقد انها تلقى الترحاب من لدن أبناء شعبنا بمختلف مراحلهم العمرية وتوجهاتهم السياسية ، هو تأسيس جامعة باللغة العربية والأنكليزية في القوش ، وتفاصيل هذه الجامعة يمكن ان تقدم بها دراسة ، هل تكون جامعة تكنولوجية أم معاهد فنية ام دراسات أخرى ، واللغة العربية والأنكليزية ضرورية لمواصلة الدراسة لأبناء شعبنا ، وفيها تدرس اللغات الأخرى كدورس ثانوية مثل اللغتين الكردية والكلدانيـــة . واضافة الى أبناء شعبنا من الطلبة سيستفيد من هذه الجامعة إخواننا اليزيدية والعرب والأكراد الذين يرغبون بمواصلة الدراسة باللغتين العربية والأنكليزية ، ومثل هذه الجامعة ستضع حداً لمعاناة طلبتنا من الأقليات عموماً في ما يتعرضون له اثناء مواظبتهم للدراسة في الموصل .
 وربما يتساءل القارئ الكريم لماذا اقترحت اسم القوش والسبب يكمن في موقعها الجغرافي حيث القوش مركز لناحية فيها كل الأطياف ولا سيما الأخوة اليزيديين الذي طالهم الأرهاب ، والقوش بعيدة نسبياً وليست في متناول يد الأرهاب ، كما انها منطقة متآخمة لأقليم كردستان ، والقوش كانت سيرورة التعليم جارياً  فيها على مدى دهور ، وأسم القوش مقبول أكثر بين أبناء شعبنا من الكلـــدان والسريان والاشوريين ، وهذا رأيي الشخصي وربما للقارئ الكريم رأي مخالف .
إن مثل هذه الجامعة سينهض بسهل نينوى ويصبح مركزاً مهما ، فالجامعة تعتبر معلم حضاري وعلمي ضروري لتطور المنطقة : منطقة كردستان وعراقنا الحبيب عموماً ، وهي ايضاً مظهر من مظاهر الحكم الذاتي المقترح للمستقبل .
أضع هذه المقترحات ولا بد ان للقراء الأعزاء لهم أفكاراً ونتمنى ان نعمل بأفكار متنوعة ولكن بقلب واحد في سبيل خدمة شعبنا .
 حبيب تومي / اوسلو   

467
أجل استاذ مسعود البارزاني إنها محاولة لوأد تجربة كردستان
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

عالم السياسة غريب عجيب ، فهنالك دائماً اهداف وأمور وقضايا تعلن على الملاء ، وتبقى الخبايا ، وما يضمر من الأهداف غير المعلنة هي التي يسعى اليها الساسة في مجمل تحركاتهم وأفعالهم . تركيا المتغيرة  كما يلقبها هاينتس كرامر تبحث عن ثوب جديد ، أرى انها ربما تكون متغيرة في اشياء كثيرة لكن يبقى هاجس الشعب الكردي يؤرقها ، ولا تستطيع استيعابه وهضمه مهما بلغت من الرقي والحضارة ، إنها في الحقيقة لا تريد ان تعترف بأبجدية تقرير المصير للشعوب ومنها الشعب الكردي .
كانت تركيا تشكل رقماً مهماً في عملية احتواء الفعّال للأتحاد السوفياتي السابق منذ اندلاع الحرب الباردة ، حيث كانت تركيا تحرس الخاصرة الجنوبية الشرقية للحلف الأطلسي ، ففي العرف الغربي فإن تركيا هي دولة ديمقراطية علمانية مستقرة وذات توجهات غربية في سياساتها المعلنة .

 

                           الطائرت التركية العسكرية في اجواء اقليم كردستان

إن كان هذا انطباع الغرب عن تركيا فما بال هذه الدولة تسلك سلوك الشرطي مع جيرانها . من البديهي ان ان التدخل الخارجي في شؤون الغير يحمل اجندته ومصالحه الأستراتيجية ، والتدخل الخارجي هو بحاجة الى ثغرة تشكل مبرراً للتدخل ، على سبيل المثال يوم تحرير الكويت او تحرير العراق كان ثمة مبرر للتدخل الأمريكي . لكن تركيا تبدو متلهفة للعثور على ثغرة للنفاذ منها في عملية التدخل في الشأن العراقي وعلى التحديد في منطقة اقليم كردستان . ويبدو ان احلام الأمبراطورية التركية المتجانسة التي تدغدغ مخيلتها لا زالت قائمة ، وهي لا تريد ان تكون شاهد على تجربة كردستان الناجحة ، فهي ترى في هذه التجربة خطراً جسيماً عليها  ، إن هاجس العمق الكردي في تركيا ذلك ( البعبع ) الدائم ، لا تريد له النهوض من ( قمقمه ) ، إنها لا تريد ان تفتح عيونها لترى الواقع ، وهي تشارك النعامة في محاولة التعامي عن الحقيقة ، لقد دأبت على العزف على نفس الوتر  وإن اختلفت النوتة الموسيقية فاليوم يجري العزف على نغمة خطورة حزب العمال الكردستاني .
إذا كان لتركيا ان تعلمنا من دروسها في الديمقراطية والعلمانية فعليها ان تفتح النوافذ لتشرق هذه النعمة على غيرها ، فالديمقراطية والحرية كنور الشمس لا يمكن ان يحجب نورها عن الأخرين ، وهكذا النسيم العليل الذي يهب لا يستقيم امر احتكاره وصده عن الآخر .
على تركيا ان تكون واقعية مع نفسها ومع غيرها ، فالشعب الكردي كبقية شعوب الأرض يحق له تقرير مصيره بنفسه دون وصاية ، واليوم يثبت الشعب الكردي انه شعب مسالم يحب البناء والأستقرار  وهو يثبت بالتجربة الناصعة هذه الخاصية فلماذا تريد تركيا وأد هذه التجربة ؟
 لا ريب ان الشعب الكردي اليوم اكثر من أي وقت بحاجة الى اصدقاء وبنظري ان توطيد اواصر العلاقات الأستراتيجية مع الولايات المتحدة سيصب في مصلحة الطرفين ، وحسنا فعل الرئيس البارزاني حينما اكد ان عدم لقائه برايس لا يعد مؤشراً على توتر العلاقات مع الولايات المتحدة  وبرأيي  ان الذين يضمرون الحقد على كردستان يرومون الى عزل كردستان دولياً . وقد اسقط البارزاني تلك الأوهام حينما بين ان سبب عدم توجهه الى بغداد لمقابلة وزيرة الخارجية الأمريكية رايز كان بسبب تعرض قرى كردية متاخمة للحدود التركية  للقصف وكان عليه الأجتماع مع ابناء شعبه للأطمئنان عليهم والوقوف بصفهم ساعة محنتهم .
 لقد كان البارزاني صريحاً مع ابناء شعبه حينما أكد ان القصف التركي يستهدف إجهاض تجربة إقليم كوردستان والشـعب الكردي ، لقد وضـع اصـبعه على الجرح وقال امام مواطني القرى التي تعرضت للقصف :
 إن الطائرات والدبابات والمدفعية لن تقتل إرادة الشعب الكوردي، رغم تمكن تلك الأدوات من القتل والتدمير، موضحاً أن القصف يستهدف تجربة الإقليم والشعب الكوردي:
"لا يمكن أن نقبل بأية حجة أن تقصف قرانا، وقلت مراراً إن الهدف هو تجربة إقليم كوردستان والشعب الكوردي".
وأشار البرزاني إلى لقاء مرتقب له مع رئيس الجمهورية جلال الطالباني للبحث بشكل جدي في مسألة القصف التركي، متعهداً لمواطني قرى سفح جبل قنديل ببذل جهود حثيثة لإعادة إعمار قراهم، وتقديم المساعدات اللازمة للنازحين من هذه القرى .
في كل مرة يؤكد الرئيس مسعود البارزاني استعداد اقليم كردستان لحل كل القضايا العالقة بالطرق الدبلوماسية بضمنها مشكلة مقاتلي حزب العمال الكردستاني ، إن المنطقة ينبغي ان تتجاوز مرحلة المعارك والتوتر للأنتقال الى مرحلة التنمية والبناء ، إن الأنتعاش الأقتصادي وخلق الأجواء المستقرة وحدود آمنة للتجارة يصب في مصلحة كل الأطراف وفي مقدمتها تركيا .
إن الحكومة التركية ورئيسها رجب طيب أردوغان تطرح على الصعيد الداخلي حديث متنام مفاده وجود خطة شاملة لحل المسألة الكردية في تركيا سلمياً ، ومن المؤكد ان ذلك يتطلب التحلي بالشجاعة للجوء الى الآلية التي تفضي الى الطريق السلمي لحل الأشكال المتعلق بالحزب العمال الكردستاني  . لكن الأستشراف لحجم الأستنفار العسكري والدبلوماسي والسياسي الذي حشدته انقرة في حملتها العسكرية هذه المرة ، يؤشر الى اهداف أبعد تكمن وراء الزعم بشن حملة محددة على مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين يتخندقون  في شعب وتضاريس جبلية عاصية ، فالحكومة تشن مثل هذه الحملات منذ ربع قرن . ماذا حمل حكومة أردغان لمثل هذا الأستنفار والتجييش هذه المرة ؟
وبنظري ان أنقرة استهدفت من وراء تلك الحملة ، وفي استخدام جديد لذريعة حزب العمال الكردستاني  ، بإرسال رسائل معينة في هذا التوقيت وهي تستبطن جهوداً بالضغط وتطويق التجربة الكردية وتطويقها وكبح مسيرتها ، بوضع الخطوط الحمراء لفرملة هذه المسيرة . وأرى ان اهداف الحملة تتلخص في أولاً : ربما تصفية حسابات قديمة مع القيادة الكردية العراقية .
 وثانياً : تهدف الى دق اسفين الخلاف بين القيادة الكردية العراقية والولايات المتحدة ، فأنقرة لا يسعدها تطور وتنامي هذه العلاقات .
وثالثاً ترمي الى الأجهاض على التجربة الكردية الرائدة التي تنال الأعجاب والتأييد في اوساط شعبية ورسمية على النطاق الدولي والأقليمي .
ورابعاً : وهو الأهم  يمكن استقراء رسالة واضحة ترسلها حكومة اردوكان  للشعب الكردي وقيادته في اقليم كردستان مفادها : ان إقامة كردستان متطورة حديثة لن يكون يسيراً وسهلاً .
حبيب تومي / اوسلو


468
الأخت الفاضلة كاترين ميخائيل ..إنه تجنّي على الحكم الملكي 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habibtomi@yahoo.com

أقرأ المقالات التي يسطرها القلم الحر للزميلة الدكتورة كاترين ميخائيل  ، وفيها الكثير حول المرأة وحقوقها وعن المعضلات العويصة والرزايا التي  تخيم على سماء العراق ، وأقرأ ايضاً ومضات مضيئة فيها ذكريات عن القوش ، رغم مرارتها ، فإنها تبقى دافئة في اغوار النفس  . لكن في المقال الأخير الموسوم ( رسالتي الى الذين يروجون للفكر الملكي ) فأختلف في كثير مع ما ورد في طرحها ، وأملي ان يبقى الأختلاف في الرأي حقاً مشروعاً وأن لايفسد للود قضية .
أزعم ان المقال الأخير حول الحكم الملكي هو تجني عليه . فلا يجوز ان تذهب بعض المثالب بالمناقب  والتركيز عليها وغض الطرف عن الفضائل والأنجازات الحاصلة في العهد الملكي . إن الأنتقاد حالة صحية ضرورية لفتح نوافذ النقاش وتسليط الأضواء على اماكن الخلل ، ولكن في كل الحالات يتعين الأحاطة بكل جوانب الموضوع لكي يأخذ النقاش والأنتقاد طابع المهنية والحياد .
 ــ ورد في الفقرة " 1 " من المقال ((.. كان العراق مقسماً الى عدة أقسام وقد دمرهم الفقر والجهل .. الخ )) .
 أجل أن العراق كان مقسماً ، لكن هذا التقسيم لم يكن في العهد الملكي لقد كان في الزمن العثماني حيث كانت هنالك كما هو معروف إمارة البصرة وإمارة بغداد وإمارة الموصل ، وجاء العهد الملكي الوطني ووحد هذه الولايات فكّون الدولة العراقية . يقول المؤرخ حنا بطاطو في الكتاب الأول : العراق 31 " في مطلع القرن العشرين ، لم يكن العراق شعباً واحداً او جماعة سياسية واحدة . وهذا لا يعني الأشارة فقط الى وجود الكثير من الأقليات العرقية والدينية في العراق ، كالأكراد والتركمان والفرس والآشوريين والأرمن والكلدانيين واليهود واليزيديين والصابئة وآخرين . فالعرب أنفسهم الذين يؤلفون اكثرية سكان العراق كانوا يشكلون الى حد بعيد ، من جملة من المجتمعات المتمايزة والمختلفة فيما بينها والمنغلقة على الذات ، بالرغم من تمتعهم بسمات مشتركة ) .
اما تفشي الفقر والجهل فهذه نتائج طبيعية للحرب الكونية التي استمرت بويلاتها الى 1918 م . وهذا التأخر في معظم نواحي الحياة كان متفشياً في كردستان العراق كما في جنوبه ووسطه . ثم إن العراق لم يكن لوحده بؤرة فقر وجهل ومرض ومحاطاً بدول يسودها التقدم والعلم والأزدهار ، إنما الدول المحيطة بالعراق في اقليمها في الشرق الأوسط ، برمتها ، كانت ضحية الفقر والجهل والعراق لم يشكل استثناءً لتلك القاعدة السائدة .
تمضي الزميلة الدكتورة كاترين ميخائيل في نفس الفقرة الى القول :
(( .. لأن الحكومة حينها لم تهتم بالشعب بقدر ما كانت تهتم بطبقتها الغنية الدائرة حواليها فقد لا غير .))
 في الحقيقة لم نقرأ عن وجود طبقة غنية مستفيدة من الوضع ، فالملك نفسه حينما يقوم بشراء سيارة بالأقساط  سيكون من المتعذر اثبات ان الطبقة الحاكمة كانت تهدف الغنيمة من الأنخراط في الدولة ـ وسأكون شاكراً لو رجعت الى مقال كتبته تحت عنوان : بين نوري المالكي ونوري السعيد ضاع الأنسان العراقي . على هذا الرابط او على موقع تلسقف مثلاً .
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,116629.0.html
في العهد الملكي الليبرالي لم يكن هناك اشخاص أثرياء ، او طبقة ثرية على حساب المناصب الحكومية كما هي اليوم . أنا لا انكر وجود النظام الأقطاعي في العهد الملكي وشكّل الأقطاع كما هو معروف عن هذه الطبقة ، طبقة نفعية كان تأييدها للدولة العراقية بدافع الغنيمة ، لكن لنبقى مع الصراحة فإن الأصلاح الزراعي الذي تحقق بعد ثورة 14 تموز 1958 لم يحقق أي نتائج ملموسة على الصعيد الأقتصادي فالعراق كان من الدول المصدرة للحبوب أصبح بعد الأصلاح الزراعي والى اليوم  دولة مستوردة لها .
ــ النقطة 2 حول كردستان : اعترف ان موقف الحكومات في العهد الملكي الليبرالي لم يتسم بالعدالة مع الشعب الكردي ، لكن ينبغي تسليط الأضواء على جوانب اخرى في هذه القضية منها المصالح الدولية ، وتاثير التيار القومي العروبي على قرارات الحكومات بشان القضية الكردية ، وفي اواسط الأربعينات من القرن الماضي كان لنوري السعيد برنامج متكامل مقبول من قبل الشعب الكردي وقيادة ملا مصطفى البارزاني بالذات  لحل المشكلة ، لكن بضغط من التيار القومي سقطت الوزارة وشكلت وزارة متشددة برئاسة حمدي الباججي .
وكما هو معروف فإن القضية الكردية بقيت تترواح دون حل في العهد الجمهوري ، وكانت آخر الممارسات بحق الشعب الكردي كما هو معروف هو قصف حلبجة وعدد كبير من القرى الكردية بالأسلحة الكيمياوية المحرمة دولياً مما اودى بحياة آلاف الضحايا وكان ذلك في ظل حكومة البعث .   
ــ الفقرة الأخرى 4 تقول :
-4 )) الاقتصاد العراقي مربوط باقتصاد بريطانيا وثروة النفط بيد المستعمر وابناء الشعب العراقي يستلمون الراتب من الاجنبي وكان والدي احدهم يعمل محاسب في شركة النفط في كركوك اكثر من عقدين . )) .
الأخت الكريمة كاترين ميخائيل اوردت هذه الفقرة بكلام فضفاض إن صح التعبير : من هم أبناء الشعب العراقي الذين يستلمون رواتبهم من الأجنبي ؟ هل تقصد الموظفين في الحكومة ؟ فهؤلاء كما هو معلوم يستلمون رواتبهم من دوائرهم الحكومية اما العاملين بالشركة فإنهم يستلمون رواتبهم من الشركة التي يعملون فيها إن كانت اجنبية او عراقية او عربية فأين وجه الغرابة في ذلك ؟ وما علاقة ذلك بالمستعمر ؟
وفي مجال الأقتصاد لابد من الأقرار بحقيقة ان الدينار العراقي في العهد الملكي كان اقوى عملة في المنطقة واستمر زخم قوته حتى بعد ثورة تموز 1958 وبعدها طفق يهبط في ظل الأنقلابات والحروب الداخلية والخارجية حتى وصل الى ما هو عليه اليوم . 
أما الفقرة الخامسة فتقول :
5((  ـ الحركة السياسية الوطنية محاربة باكملها . ولدت في زمن الملكية حركات سياسية ديمقراطية ويسارية وقومية كلها حوربت وتعرضت الى الاضطهاد والقتل والسجن والمحاربة العلنية والسرية . لاحرية للتعبير ولا حرية للاحزاب السياسية . واعدم الالاف منها)) . 
لا أدري ما هو المصدر التي اعتمدته الأخت الكريمة كاترين ميخائيل حيث تقول : وأعدم الآلاف منها ، إن المعروف في العهد الملكي والذي دام ما يقارب الأربعة عقود من الزمن لم يعدم من السياسيين الالاف ولا حتى المئات ، وههم معروفون ، منهم : يوسف سلمان يوسف  الملقب باسم فهد وهو مؤسس الحزب الشيوعي العراقي ورفاقه ، وكان من الذين اعدموا أيضاً صلاح الدين الصباغ وجماعته من مؤيدي الفكر القومي ، واعدم أيضاً أربعة أكراد ممن سلموا أنفسهم للسلطات العراقية بعد عودتهم من أيران  وهم عزت عبد العزيز ومصطفى خوشناو وخير الله عبدالكريم  ومحمد محمود قدسي وكان ذلك يوم 19 / 6 / 1947 م . أي ان جميع المعدومين من السياسيين في العهد الملكي كان بحدود العشرين شخصاً او اكثر قليلاً  فمن أين استقت الكاتبة الجليلة على رقم الآلاف ؟
قد يكون من المفيد للمقارنة بين العهد الملكي الليبرالي والعهود التي اعقبته . وكمثال غير حصري كانت ( مذبحة كاورباغي ) في تموز 1946 حيث فتحت الشرطة النار على عمال شركة النفط المضربين عن العمل ، فسقط خمسة من القتلى واصيب أربعة عشر بجراح من عيارات نارية . ونجم عن هذه الجريمة هيجان للرأي العام ، فعزل متصرف اللواء وطرد مدير الشرطة ونقل رئيس محكمة الأستئناف وبعث بقاض جديد ليقوم بالتحقيق ، ثم بعد اشهر قليلة سقطت الحكومة ، فأين وجه المقارنة في ايامنا هذه ، كم مواطن عراقي يطاله القتل والأرهاب والخطف والأبتزاز و .. و .. ولا تحرك الحكومة ساكنا . لقد كان في العهد الملكي الليبرالي قانون الدولة يسري على الجميع ، واليوم قانون الميلشيات والعصابات يسري على الجميع .   
في الفقرة التاسعة ورد :
9 ـ ))  اكن كل الاحترام للسياسي شريف علي الذي اراد ان يدخل الانتخابات ويرجع بعض من رجالات النظام الملكي لكن لم ينجح وسحب بكل احترام ومن هنا فرض احترامه . الم تكن هذه التجربة كافية لذوي هذا افكر ؟))
إن الحركة الملكية الدستورية العراقية والتي تمثلت في الشريف علي بن الحسين تقول اولاً : من ميثاقها الوطني انها تتمسك بوحدة الوطن العراقي والحفاظ على استقلاله .
وفي سادساً : تدعو الى إقامة نظام ديمقراطي تعددي وتنتقل فيه السلطة عبر صناديق الأقتراع وإنشاء المؤسسات الديمقراطية السليمة على اساس الفصل التام بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية . والحركة تدعو ايضاً الى إجراء استفتاء حر لكي يختار الشعب النظام الذي يريده .
ليس مستغرباً ان تخفق الحركة الملكية في الأنتخابات فنتائج الأنتخابات العراقية كانت في صالح الأحزاب الدينية التي الهبت العواطف المذهبية للناخبين ، وكان ذلك بهدف تسويق المفاهيم التي انكشف عجزها في إدارة الدولة ، وهكذا لم يكن الأخفاق من نصيب الحركة الملكية الدستورية العراقية فحسب ، إنما طال كل القوى العلمانية الديمقراطية ، ونجم ذلك بسبب هيمنة التيار الديني السياسي والذي اضفى المقدس على كل  قراراته وهذا ما اثر على مجمل نتائج الأنتخابات .
 من باب الأنصاف في إصدار الحكم على النظام الملكي الوطني في العراق ، لا بد من الأشارة الى ان هذا الحكم عمل على ترسيخ ركائز الدولة العراقية الحديثة وأعلاء شأن الهوية العراقية . وفي مجتمع ينزع فيه للولاء القبلي في انتماءاته ، كان لابد من توطيد سلطة مركزية فاعلة ، مبنية على اساس فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وأنا لا ازعم بوجود نظام ديمقراطي ليبرالي مزدهر في ذلك العهد ، لكن كانت هناك محاولات جادة بهذا الخصوص ، ومرة يصيبها النجاح وأخرى ينتابها الأخفاق كأية تجربة جديدة .
أن الحكم الملكي الليبرالي كان يستثمر الثروة النفطية وأستطاع ان يخطط ويبني مشاريع تنموية عملاقة لتطوير العراق ، منها سد دوكان ودربندخان وسدة الكوت ومشروع الثرثار وسد أسكي موصل حيث وضعت تصاميمه في العهد الملكي وكان الصديق ، والدك المرحوم ،  يشرح لنا عن فوائد هذا المشروع وكان يقول : ان القوش وكل القرى في سهل الموصل سوف تستفيد من ناحية الأرواء من هذا المشروع ، لكنه نفّذ على الصورة التي هو عليه اليوم وسمي سد صدام بدل سد اسكي موصل .
كنا نسمع من الراديو في العهد الملكي عن هذه المشاريع وغيرها وكان ذلك في برنامج عنوانه : العراق في انتقال ، وكنا نحن اليساريين وأنا واحد منهم نقول : " العراق في انتقال من قندرة الى بسطال "  في باب البروبكندا قوامها التهكم على هذه المشاريع الخيّرة .
إن الثروة النفطية في العهد الملكي استغلت لأنشاء المشاريع وتطوير البلد وبعد تأميم هذه الثروة أصبحت مبالغها أداة سهلة للأنفاق على الأسلحة وعلى شن الحروب وعلى قمع الشعب وعلى المصفقين والمداحين للأنظمة اللاحقة .
أحيي الأنسانة الدؤوبة كاترين ميخائيل على مثابرتها وجهودها القيمة في اعلاء شأن الكلمة الحرة في عراقنا العزيز .
 حبيب تومي / اوسلو

469
كردستان .. تداول مواقع المسؤولية ما له وما عليه
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
Habibtomi@chello.no

حينما قدر للعراق ان  يتحرر  من قبضة الحكم الدكتاتوري كانت الآمال معقودة على بناء دولة عراقية معاصرة تقوم على اساس اعلاء كلمة النظام والقانون وتشييد دولة مؤسساتية راسخة ، لكن الفراغ الأمني الذي خلفه الحكم الدكتاتوري استوعب من قبل الأحزاب الدينية التي تسربلت بغطاء طائفي ، فحل الخراب مكان البناء ، واستشرى الفساد والنهب والسلب بدل الشفافية والحفاظ على الأموال العامة  وكانت الطائفية والمحسوبية والقبلية والميليشيات والمجموعات المسلحة عوظاً عن مؤسسات الدولة .
 لكن الآمال لم تنقطع فلا زلنا ننظر الى النصف المملوء من الكأس ، وهذا الأمل والتفاؤل يزدهران حين النظر الى تجربة أقليم كردستان ، ففي هذا الجزء العزيز من الوطن كان للشعب الكردي تجربة مريرة على مدى عقود ، وحينما توفرت اسباب الأمان والأستقرار له في مطاوي 1991 من قبل الهيئات الدولية ، كرس هذا الشعب ( الشعب الكردي ) نفسه لعملية البناء والتعمير ووضع اسس متينة لأرساء قواعد النظام والقانون وبناء دولة المؤسسات .
لقد أثبت الشعب الكردي للعالم أجمع الوجه الناصع لقضيته وحينما وجد نفسه طليقاً من الأغلال والظلم انخرط مباشرة في عملية البناء وعزز اسس السلام والأستقرار واشترك في اللعبة السياسية من اوسع ابوابها .
للأكراد اليوم كيان فيدرالي ضمن الدولة العراقية ، وهي بذاتها أي كردسان لديها برلمان منتخب وحكومة قائمة تعمل ليل نهار من اجل حفظ امن المواطن ومواكبة عملية البناء والتعمير .
إن اقليم كردستان لا يزال يفتقر الى دستور دائم الذي يعتبر القانون الأساسي في البلد ، وهو العقد الأجتماعي والعمود الفقري لبناء دولة القانون والذي يحدد هيكلية الدولة ويضمن حقوق شرائح المجتمع وفي مقدمتها حقوق الأقليات .
في الحكم الدكتاتوري ، يكون الحاكم فوق القانون وأعلى من تشريعات الدستور ، وهو الآمر الناهي ، وقد يستطيع الحاكم المستبد في هذه الحالة من فرض الأستقرار والهدوء بفعل عمليات الظلم والبطش .
لكن حالما تسقط الدكتاتورية ينهار البنيان الهش الذي كان قائماً على ركائز فردية غير مدروسة تتناغم مع مزاج القائد الأوحد . أما دولة  دولة المؤسسات والقانون لا يمكن ان تنهار بانهيار الحاكم ، فرئيس الجمهورية في هذه الدولة هو موظف ، وتنحصر مسؤوليته في إطار وظيفته بالأدارة ، وهذه الحالة تتجلى في الديقراطيات الأوروبية وأميركا والهند واليابان وكوريا الجنوبية واستراليا وغيرها .
تلقب اليابان بدولة الشركات ، اما الولايات المتحدة الأمريكية فهي دولة المؤسسات وفيها الأدارة قائمة فاعلة مهما كان التغيير في قمة الهرم ، إن تداول السلطة بين الحزبين الرئيسيين في امريكا يساوي الفرق بين برنامجيهما والتنافس يجري على جذب الناخب الأمريكي صوب برنامج الحزب الذي يشرح رؤيته لخدمة البلاد .
في اقليم كردستان يبدو ان غياب الدستور الدائم قد أفرز الأتفاقية بين الحزبين الكرديين ، حزب الأتحاد الوطني الكردستاني ، والحزب الديمقراطي الكردستاني ، في تداول سلطة رئيس الوزراء ، وسلطة رئيس البرلمان في اقليم كردستان كل سنتين من عمر الأنتخابات النيابية التي أمدها أربعة سنوات . في الحقيقة ان هذا الأتفاق يجسد نوع من المساواة والعدالة ، لكن من الجانب الآخر قد يكون له تأثير سلبي على مجمل البرامج السياسية والأقتصادية والتنموية التي تزمع الحكومة على تنفيذها في بحر السنوات الأربع لدورة حكمها .
إن سلّمت بيت غير كامل البنيان لمقاول آخر يكمّل ما بدأته في البناء ، فسيكون للمقاول الثاني رؤية تختلف عن رؤيتي ، في ان هذه الغرفة صغيرة وتلك النوافذ ليست في محلها ، وغرفة الأستقبال كبيرة جداً الى آخره من التصورات التي يراها المقاول الثاني ، ولهذا يفضل ان ينهي المشروع من بدأه لكي يتحمل مسؤولية النجاح او الفشل .
 وفي المشهد السياسي ، قدرت مدة الحكم في الحد الأدنى بأربعة سنوات ، تستلم الحكومة مهامها وتنفذ برامجها وتنتهي منها بعد أربعة سنوات ، وهذا النظام سار في الولايات المتحدة التي يتانافس على حكمها حزبان رئيسيان ، وفي تصوري  ان الحكومة الأقليمية في كردستان ربما ألأجدى ان تستمر دورتها الحالية ولغاية أربع سنوات ، لتنهي ما بدأته من مشاريع اقتصادية وسياسية ، ثم تليها حكومة ثانية من الحزب الآخر ولمدة أربع سنوات أيضاً وهذا باعتقادي المتواضع سيكون في خدمة التنمية في كردستان .
حبيب تومي / اوسلو   

470
الدكتور منذر الفضل ومصداقية دراساته حول القضية الكردية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

في غمرة انشغالي في الآونة الأخيرة في اعداد دراسة حول شخصية القائد الكردي الخالد ملا مصطفى البارزاني ، كان همّي ينحصر في أيجاد مصادر تسبغ على بحثي الموضوعية والمصداقية ولهذا غالباً ما اعتمدت على مصادر لمفكرين أكراد وكتّاب عرب ممن تناولوا القضية الكردية او شخصية البارزاني بالبحث والدراسة ، ومن بين الكتب التي وصلتني من احد الأصدقاء ، كتاب من تأليف الدكتور منذر الفضل


والموسوم : دراسات حول القضية الكردية ومستقبل العراق ، دار آراس ، أربيل سنة 2004 م .
وفي الحقيقة اعطيت حكماً مسبقاً على الكتاب حينما علمت ان مؤلفه عربي من مدينة النجف ، وتوقعت ان يكون مضمونه يندرج في نفس السياق العروبي المتزمت حول القضية الكردية ، لا سيما وإني قاربت النهاية من قراءة : كتاب مصطفى البارزاني الأسطورة والحقيقة لمؤلفه  الدكتور فاضل البراك ، وكان تصوري ان ينحو الدكتور منذر الفضل نفس المنحى ، ولكن بعد قراءة ما بين دفتي الكتاب يتعين علي الأقرار بأنني قرأت كتاباً يتميز باخلاقية الحياد والمهنية . وهذا السياق نادراً ما يصادفك  عند الكتابة عن القضية الكردية بين الكتاب العراقيين وأقصد الكتاب الذين تسلحوا بالفكر القومي المتزمت .
 وأردت الوقوف على السبب الذي جعل الدكتور منذر الفضل منصفاً في طروحاته حول القضية الكردية ولكن سرعان ما تلاشى استغرابي بعدما عثرت في نفس الكتاب على تفسير للأمر ، فحينما طالعت الصفحة الأخيرة من الكتاب قرأت ان الدكتور منذر الفضل قد حصل على شهادة الدكتوراه في القانون الخاص بدرجة جيد جداً من كلية الحقوق في بغداد ، وقبل هذا كان قد نال شهادة الماجستير في القانون الخاص بدرجة جيد جداً من كلية الحقوق جامعة بغداد ايضاً ، وبعدها توالت دراساته الأكاديمية في هذا الحقل وأبدع ودرّس وألقى المحاضرات في العراق وفي أقطار عربية وأوروبية ، ونشر المؤلفات القانونية في العراق والجزائر والأردن والسويد . وكان له ابداعات ونشاطات اكاديمية وقانونية متواصلة ومكثفة ، هذه الخلفية الثقافية الأكاديمية تعكس لنا المصداقية التي نتوخاها في مؤلفات هذه الشخصية ، لذلك فإن هذه النظرة المُنصفة عن القضية الكردية لم تأت من فراغ ، بل جاءت حينما نظر الدكتور منذر الفضل فيما حوله وأحس بهشاشة الأحكام التي تبنتها الثقافة القومية العراقية المتزمتة بحق الأكراد والأقليات القومية العراقية .
إن الكاتب السياسي يحاول أدلجة القضايا على ما يوائم هدفه السياسي ، وهو يحاول جاهداً تقزيم الآخر وتهميشه او صهره ، وفي المقابل يسعى الى تعظيم نفسه وإبراز خطابه وكأنه الشمس التي تمنح الحياة للكائنات . وكما أشرت قبل قليل فقد قرأت كتاب الدكتور فاضل البراك عن البارزاني ، ورغم الوثائق والأمكانات المتاحة لهذا المؤلف فقد كان يسعى جاهداً لحصر البارزاني في قوقعة العمالة إن كان للبريطانيين او للسوفيات او لأسرائيل ، ومسح عنه اية سمة تشير الى الأخلاص للعراق او لشعبه الكردي .
 ارتأى الأستاذ الدكتور منذر الفضل ان يستهل كتابه باهدائه الى الحبيبة الكردية التي تعلم منها :
حب الشعب الكردي ...
حب العراق ...
حب الأنسانية ... لكي ينعم البشر بالسلام والأمن والأستقرار واحترام حقوق الأنسان مهما كانت اصولهم وعقائدهم ولون بشرتهم ..
  وأعقب هذا الأهداء قراءة قيّمة للكتاب بقلم الدكتور كاظم حبيب ، وأعقب هذه القراءة تقديم الكتاب من قبل الباحث والكاتب الصحفي العراقي خالد يونس خالد .
ينقسم الكتاب الى قسمين فالقسم الثاني وهو بعنوان : المجتمع المدني والديمقراطية في عراق المستقبل ويتألف من ثلاثة عشر فصلاً .
 أما القسم الأول فيتألف من سبعة فصول ، وهو تحت عنوان رؤية عربية للقضية الكردية .
يشير المؤلف الى ان العلاقات العربية الكردية كانت تتسم بالتفاهم والتسامح حينما يغيب الفكر القومي العربي المتزمت ، لكن ما يعمل على تفشي هذا الفكر هو المناهج الدراسية المقررة وانبثاق بعض  الأحزاب العربية ذات الصبغة القومية ويأتي في مقدمتها حزب البعث . لقد كانت هذه الأحزاب ترفع شعارات رنانة مفادها العرب يشغلون المرتبة العليا فيما الأقوام الأخرى يحتلون المرتبة الثانية .
والعامل الآخر في تفاقم المشاكل وتطورها الى صدامات مسلحة كان في عدم الأعتراف بحقوق الشعب الكردي وبحقه في تقرير مصيره أسوة بالشعوب الأخرى في المنطقة ، فالشعب الكردي له خصوصيته الثقافية والقومية والتاريخية واللغوية ، وكانت المحاولات تجري بغية صهره في بودقة الشعب العربي .
والكاتب هنا يدعو الى الحوار فالظروف الآن مواتية وهو يحدد نقاط مهمة لتكون محور هذا الحوار ، ومن اهم هذه النقاط كانت تلك التي تقول :
 ان أي حوار يتعلق بمستقبل العراق عامة وبمنطقة كردستان خاصة سيكون أكثر فعالية ونجاحاً بإشراك الأقليات الأخرى التي تعيش بتآخ وسلام في المنطقة كالآشوريين والتركمان والكلدان حيث لا يمكن إغفال دورهم ماضياً وحاضراً في العراق الجديد القائم على التعددية ودولة القانون .
في الفصل الثالث يرى الكاتب ان الأتحاد الفيدرالي يعتبر صيغة دستورية لحل القضية الكردية وصيانة الوحدة العراقية ، وفي هذا الفصل يتطرق المؤلف الى تقسيم الدول حسب القانون الدولي الى دول بسيطة واخرى مركبة ( اتحادية ) ، ويشير الى الاتحاد الفيدرالي باعتباره نظام دستوري يقوم على وجود عدة وحدات ادارية سياسية في الدولة الواحدة ومن ضروبها الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا وكندا وسويسرا وماليزيا .
 ويرى المؤلف ان هذا الضرب من الدولة طالما اصبح مقرراً من قبل ممثلي الشعب الكردي كنمط للعلاقات مع السلطة المركزية في بغداد فلابد من احترامه وتطويره باعتباره افضل الخيارات لحل القضية الكردية التي كانت تستنزف طاقات العراق وثرواته الأقتصادية والبشرية ، وهو أفضل حل للدولة التي توجد فيها قوميتان رئيسيتان كالعراق الذي يتكون من شريكين اساسيين في الوطن وهما الشعب العربي والكردي بالأضافة الى الأقليات الأخرى مثل الآشوريين والتركمان ، ولا أدري لماذا اهمل المؤلف الجليل هنا اسم الشعب الكلــــداني العريـق ؟
في فصل آخر وهو الفصل الرابع يكتب المؤلف عن حقوق الأنسان والتنوع الأثني لسكان كركوك . وهو يشير الى اهميتها الأقتصادية لما يكمن في باطنها من ثروات البترول والغاز الطبيعي وخصوبة أراضيها الزراعية ، ويقطن هذه المدينة تنوع مجتمعي لمختلف الأديان والأثنيات فيها الكرد والعرب والتركمان والآشوريين والأرمن ، وهنا ايضاً يهمل المؤلف اسم الشعب الكلداني علماً ان القومية الكلدانية أعرق قومية عراقية وتشكل ثالث قومية عراقية بعد العرب والأكراد .
ويشير المؤلف الى تاريخ كركوك* الذي يعود الى الآف السنين حيث تأسست في زمن الكوتيين او الكاشيين 1600 قبل الميلاد ، وكانت في الماضي تعرف بـ ( كوركوا ) أي نور النار باللغة الميدية القديمة ويرى البعض ان المقصود بتسمية المدينة ومنذ عهد السومريين ( العمل المنظم والشديد ) وهي ترجمة لكلمة ( كاركوك ) .
يذكر المؤلف  روح التسامح والتعايش الذي تسود التنوع المجتمعي في هذه المدينة ، لكن ممارسة سياسة التطهير العرقي ( Ethnic Cleansing ) من قبل حكومة البعث والتي كانت ترمي الى تغيير وجه المدينة الى جهة تعريبه ، فشكل هذا السلوك مخالفة للدستور والقواعد القانونية الدولية وبخاصة ضد الكرد والتركمان .
والمؤلف يسهب في وضع المقترحات والحلول الناجعة لجهة إبقاء مدينة كركوك مدينة الأستقرار والتسامح والتفاعل والتعامل الأيجابي بين الألوان الجميلة المكون للنسيج المجتمعي في هذه المدينة التاريخية .
في معرض دراسته يشير المؤلف في فصل آخر الى الكرد الفيلية وحقوقهم في عراق المستقبل ، ويعرج الى الجرائم التي ارتكبت بحقهم من الأبعاد ومصادرة الأموال والتطهير العرقي ، وهي جرائم دولية لا تسقط بمرور الزمان .
 قبيل ان تضع الحرب الأيرانية العراقية اوزارها ارتكبت الحكومة العراقية جريمة حلبجة في 16 آذار 1988 حينما ضربت المدينة بالسلاح الكيمياوي والغازات السامة وقتل ما يناهز الخمسة آلآف من المدنيين ، وتعتبر جرائم حلبجة والأنفال في كردستان من جرائم إبادة الجنس البشري مما اضطر مجلس الأمن الدولي الى اصدار القرار رقم 688 لحماية الشعب العراقي عموماً والشعب الكردي خصوصاً من القمع الحكومي .
يورد المؤلف الدكتور منذر الفضل انواع الجرائم الدولية وهي :
1 ـ جرائم مرتبطة بالحرب War Crimes
2 ـ جرائم ضد السلم Crimes against peace
3 ـ جرائم ضد الأنسانية Crimes against Humanity
في القسم الثاني من الكتاب يتطرق المؤلف الى المجتمع المدني والديمقراطية في عراق المستقبل وهو يشير الى لائحة حقوق الأنسان في العراق . بعد الحرب الكونية الأولى طافت على السطح قضية حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، وطفق الأنسان يظهر كأحد رعايا القانون الدولي تجنباً لانتهاك حقوقه الثابتة بصرف النظر عن قوميته او معتقداته او لونه او جنسه او ديانته . لكن في مطاوي سنين الحرب الكونية الثانية 1939 ـ 1945 توالت الكوارث المدمرة ضد الجنس االبشري وبلغت ضحايا الحرب الملايين من البشر وانتهكت حقوق الأنسان في عمليات التعذيب والأعتقال وسياسات التهجير والتطهير العرقي ..
يركز المؤلف على مجمل لوائح  حقوق الأنسان العراقي ، منها الحقوق المدنية والسياسية  ، وأخرى تشمل الحقوق الأقتصادية والثقافية والأجتماعية . وثمة حقوق عامة مشتركة ، والتي تشمل المساواة التامة بين الرجل والمراة في حقول الحقوق المدنية والسياسية والثقافية والأجتماعية . وهو يشير الى عدم جواز تعدد الزوجات او استخدام التعذيب البدني او النفسي ضد أي انسان .. وهو يرى ان القوانين الوطنية يجب ان تنسجم مع الألتزامات الدولية ومع الأعلان العالمي لحقوق الأنسان .
 يعرض الدكتور منذر الفضل في الفصل الثاني مقترح مسودة مشروع الدستور الدائم للدولة العراقية الفيدرالية ، والذي يشمل على الديباجة وعلى تسعة وأربعين مادة تتناول شتى مناحي الحياة .
يؤكد الدكتور في دراسته على مبدأ استقلالية السلطة القضائية ، وهي ضرورة لابد منها بغية بناء دولة مؤسساتية دستورية . ويخصص في دراسته فصل كامل عن المرأة ، فيتطرق الى انتهاكات حقوق المرأة في العراق والحماية القانونية لحقوقها في المجتمع المدني ، فهناك تفاوت في الحماية القانونية بين الجنسين في التشريعات العراقية ، ويعطي نماذج لانتهاكات حقوق المرأة في العراق ، وليس ذلك غريباً فمجتمعنا يعتبر مجتمع ذكوري ، والرجل هو الخصم والحكم ، وتساعدة التشريعات القانونية على اتخاذ هذا الموقع المتسلط وكمثال غير حصري ، اصدرت الحكومة  القرار رقم 111 في 28 شباط لسنة 1990 الذي أجاز قتل المرأة دون عقاب الفاعل حيث ورد فيه :
أولاً : لا يساءل جزئياً من قتل عمداً او عمداً مع سبق الأصرار :
1 ـ أمه أو أخته أو عمته او بنت اخيه او بنت عمه غسلاً للعار .
2 ـ من ارتكب مع إحدى المذكورات في البند 1 من هذه الفقرة الفعل المخل بالأخلاق في دار الزوجية او دار الأهل إذا كان قتله قد وقع بعد قتلها وكان الباعث لقتلهما واحداً .
إن هذه القوانين تعيد الأنسان الى الطور الطبيعي الذي يسبق القوانين الوضعية ، فإذا وضعنا الرجل والمرأة في منزلة واحدة كبشر أي إن المرأة ليست شاة متى ما نريد نذبحها ، ولا أدري ان كان السيد في عصر العبيد له الحق في قتل عبده ، فيكون في هذه الحالة مصير المرأة في مجتمعاتنا مساوياً لمصير العبد في عصور تفشي نظام العبودية وشرعيته قبل آلاف السنين .
 وفي دراسته يقترح المؤلف نقاط  وتوصيات هامة بغية حماية المرأة في عراق المستقبل .
في مسألة هامة أخرى يتطرق المؤلف الى إهدار الحريات الأكاديمية وهجرة العقول العراقية ، وهو يحدد اسباب هذه الهجرة ويعطي الحلول والمقترحات من اجل ضمان عودتها الى العراق . ولا شك ان الكاتب الجليل قد كتب مؤلفه هذا قبل تفشي حملة الأغتيالات والتصفية الجسدية التي طالت طبقة تشمل اساتذه الجامعة والأطباء والمهندسين والمثقفين والخبرات العراقية ، إنها حملة شعواء لتفريغ العراق من هذه الطبقة المهمة في تطور أي بلد ، وهذه الطبقة كما هو معلوم هي الدعامة الأساسية في البناء التنموي  ومن يريد سد المنافذ امام تقدم البلد ونهوضه وتطوره عليه القضاء على هذه الطبقة عن طريق الأغتيالات او الترهيب او الأجبار على التهجير القسري كما يحدث اليوم في العراق ، والمؤلف يعطي الحلول الناجعة للحيلولة دون المزيد من هجرة العقول وضمان عودتها الى العراق .
أزعم ان المؤلف قد ناقش بإسهاب وبتجرد ومهنية عالية بسفره الجليل قضايا عراقية وإنسانية شاملة واعطى الحلول الواقعية منطلقاً من أرضية قانونية رصينة ، وقد اسهب في دراسة الواقع العراقي عموماً والمسألة الكردية خصوصاً من وجهة نظر عربي منصف في حلوله بالوقوف على مسافة واحدة من جميع مكونات نسيج الشعب العراقي إن كانوا عرباً او أكراداً او تركماناً او كلداناً أو آشوريين او أرمن ، لقد كان المؤلف الجليل كما قلت قريباً من الجميع دون تفضيل او انحياز ، وفي ختام قراءتي لهذا السفر لابد ان اشير الى مسالة ناقشها الدكتور الفضل وهي بعنوان : الأدعات الباطلة حول الوجود الأسرائيلي في كردستان .
أقول :
 إن هذه المزاعم تثار دائماً ، وتأخذ قالب الأتهام ، وكأن التعامل مع اسرائيل هو خطيئة لا تغتفر ، حسناً لو سلمنا جدلاً بهذه المقولة ، فمن حق السائل ان يتساءل : ماذا عن تعامل العرب مع اسرائيل ؟ وأكثر من ذلك ماذا عن تعامل الفلسطينيين انفسهم مع اسرائيل ؟ ولهذا بتصوري ان الخطاب العربي ينبغي ان يتحرر من هذه القوقعة ، فهذه التهمة باتت ممجوجة لا طعم لها ، واصبحت ذريعة باطلة لا طائل من ورائها في ظل التعامل العربي والفلسطيني مع اسرائيل .
يتعين علي القول ان كتاب الدكتور منذر الفضل الموسوم : دراسات حول القضية الكردية ومستقبل العراق ، الذي يتسم بحضور ملحوظ للصيغ القانونية والموضوعية في السياقات والمعاني المبثوثة في مضمونه يمكن الأقرار بأنه من المراجع المهمة التي ينبغي الأعتماد عليها حين الكتابة عن العراق او القضيــة الكردية .
حبيب تومي / اوسلو
             
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* اضيف الى ما اورده المؤلف عن معنى اسم كركوك بأنه مشتق من كرخ سلوخ ، ويعني قلعة او مدينة السلوقيين ، إشارة الى تجديد المدينة من قبل سلوقس اليوناني . وهي منحوتة من الآرامية ( كرخا دبيث سلوخ ) أي مدينة او حصن سلوقس وسميت اليوم كركوك مختصر كرخ سلوخ .
 كان اسم كركوك القديم ارابخا ( Arabkha ) الذي حرف حديثاً الى أرافا او عرفة الذي اطلق على حي العمال الجديد في شركة النفط ، وقد بنى هذه المدينة آشور بانيبال ( ت 626 ق. م ) وأقام حاكماً عليها رجلاً  اسمه كرماي او جرماي ونسبت اليه الكورة فدعيت بيث كرماي او باجرمي .. وقام سلوقس ( ت 282 ق. م ) وهو احد قواد الأسكندر الكبير ، فهدم معظم مبانيها القديمة وزاد عمارتها وشاد بروجاً عالية فوق قلعتها وسميت كرخ سلوخ باسمه أي مدينة او حصن سلوقس ( راجع : توما المرجي : كتاب الرؤساء ، تعريب البير ابونا ، ص 66 وكذلك : رفائيل بابو اسحق : مدارس العراق قبل الأسلام ص 110 ) .

 

471
طلقات سريعة ومساهمات جادة عن الفضائية الكلدانيـة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

واحدة من طرائف اليهود العراقيين ، ان حداداً يهودياً عراقياً كان يستخدم صبي مسلم نفاخاً في نار كوره ، ويوماً ساله الصبي المسلم : استاذي ( منو يروح للجنة باعتقادك ) ؟ فأجاب اليهودي ( أبني قابل هاي بيها سؤال ، نحن شعب الله المختار والجنة من حصتنا بدون كاف لام ) .
سأله الصبي : استاذي والمسيحيين ( محّد بيهم يروح للجنة ؟ ) .
 اليهودي : المسيحيون ربما ( كم واحد بيهم يجوز يدخل الجنة ) .
وأردف الصبي بالسؤال : والمسلمون ماذا عنهم ؟
أجابه اليهودي : انفخ ابني انفخ ( خوما الجنة خان شغان ياهو اليجي يدخلها ) .
رباط الكلام ، يبدو اننا تعدينا الخطوط الحمراء ، فكيف ندعو الى تأسيس فضائية كلدانية ؟ إنه كما كان يقال في الموصل ( كفر نصراني ) وربما هذا المسكين النصراني كان يطالب بحقه ، لكن ذلك اعتبر كفراً ، ومن هذا المنطلق انطلقت الطلقات السريعة من رماة مدربين في ميدان الرماية على كل من يقدم على كتابة سطر لا ينسجم مع رؤيتهم . فاليوم فضائية كلدانية وغداً القوشية وبعدها زاخولية .. وهلم جراً ـ قابل باب الفضائيات ( خان شغان ياهو الكان  يدخلّه ) .
أتذكر مرة كتبت مقالاً عن فضائية عشتار وعن اللغة غير المفهومة في نشرة اخبارها وأمور اخرى .
 واستشفيت من تعقيبات السيد صبري أيشو في وقتها انه لا يقبل بفتح نافذه للعقل النقدي فلا يسمح بإلقاء حجر المسائلة في بحيرة الصمت الراكدة ، وفي جانب آخر لا يقبل مبدأ تقديم مقترح يدعو على الأعتماد على اكثر من عكازة ، إنه يقفز فوق التاريخ والتراث وتفكير الناس وإجبارهم على الأيمان بأجندته ، وينسى او يتناسى حرية الفكر وحقوق الأنسان وحرية الأنتماء ، فللسيد صبري أيشو حرية الفكر وحرية الأختيار ، ولكنه يوصد منافذ الحرية امامنا وهو يعطينا الحلول الجاهزة ويتعين علينا الأقرار بما يراه ( هو ) صالحاً لنا .
واستغربت من الأستاذ صبري أيشو حينما يطلق على شعبنا الكلداني بقوله الطائفة الكلدانية ، إن هذه العبارة كان قد اطلقها من كان لهم ميول قومية واسلامية في البرلمان العراقي في العهد الملكي ، واستنكرها الكلداني الشهم يوسف غنيمة وافلح في تبديل العبارة الى الأقلية الدينية او القومية  بدل الطائفة . واليوم السيد صبري يؤيد الأفكار الشوفينية بحق شعبنا الكلداني بتعبيره هذا ، وإن كان هذا الكلام يصدر من السيد صبري ايشو وهو احد المثقفين من ابناء شعبنا ، سوف لا نعاتب المسؤول الحكومي حينما يقول بأننا مجرد جالية  . 
 في هذا السياق وتعليقاً على مقال الفضائية الكلدانية ايضاً ، أرسل لي احدهم رسالة الكترونية دون ان يذكر لي اسمه ، ولم استنتنج اسمه من الأيميل ، ويقول في رسالته : انه كلداني لكنه يعلن انه آشوري وهو يدعوني ان احذو حذوه وإلا سأبقى في خانة الأعداء وخونة الأمة  لأنني ضد الوحدة القومية طالما انا باق على انتمائي الكلداني . وقد اجبته بسؤال واحد وطلبت منه الأجابة ولكنه لم يجبني لحد الآن  وسوف لن يجيب أبداً ، سالته :
من كان على حق من الأكراد ؟ من ترك قومه وذهب مع الحكومة وتطوع مع ما كان يعرف بالفرسان ( جتا ) ام الذين بقوا مع قومهم وثورتهم وواصلوا ميراث آبائهم وتحملوا القسوة والمصاعب ؟ ولا زلت بانتظار الجواب .
 انا مع حرية الفكر وأشكر السيد صبري أيشو واحترم رأيه ، لكن فقط  أقول انه من مصلحة شعبنا ان ننبذ افكار الوصاية ، واحتكار الحقيقة ، وان نتعامل ونتعاون بندية وتكافؤ دون السماح لأي ضرب من ضروب التسلط والمغالاة في ان  تستشري بيننا . 
نوقش أقتراح الفضائية الكلدانية من قبل زملاء طيبين آخرين وطرحوا أفكاراً جديدة حول الفضائية ، فقد طرح الأستاذ زيد ميشو مسألة فضائية دينية تحمل تراث كنيسة المشرق ، وأن تساعد كنيسة الفاتيكان في هذا المشروع وكان مقاله تحت عنوان : حلم آخر " فضائية باسم الكنيسة .
كما طرح الأستاذ سعد عليبك الموضوع عبر المقال الموسوم : فضائية كلدانية من الحلم الى العمل وهو يدعو الى اعطاء الموضوع اهمية قصوى نظراً لأهمية مثل هذه الفضائية في حياة شعبنا . كما قرأت على موقع عنكاوا مقالاً بقلم الأستاذ منصور توما ياقو وهو تحت عنوان رد الأعتراض على تأسيس الفضائية الكلدانية ، وقد كان الكاتب موفقاً في الرد وليس لي ما اضيف عليه  .
. وكنت قبل فترة قد قرأت تعقيباً للأستاذ دومينيك كندو يشير الى اهمية فضائية كلدانية ، كما قرأت أخيراً مقالاً للأستاذ ميخائيل بولص الأمراوي والمقال تحت عنوان فضائية كلدانية .. بين الواقع والطموح . ووردت في هذه المقالات افكار مفيدة وهي متفقة في الهدف ، ولنا وطيد الأمل ان تتحق هذه المنفعة لشعبنا لكي ينال نصيبه في ابراز تاريخه وتراثه ولغته وثقافته في الوطن العراقي .
اقول
إن وجود هذه الفضائية حق مشروع وليست موجهة ضد أي طرف ، إنما اتخيل هذه الفضائية ان تكون منبر مشاع للجميع دون تفرقة ، فالكلدانيون في العراق يتسمون بالأنتماء العراقي الأصيل ويحملون بعداً اجتماعياً مرغوباً وقريباً من جميع مكونات المجتمع العراقي ، إنهم أكراد مع الأكراد وعرب مع العرب وسنة مع السنة وشيعة مع الشيعة ويقفون على مسافات قريبة من جميع المكونات المجتمعية في العراق إنهم ملح المجتمع العراقي إن كان في العهد العثماني او العهد الملكي وإلى اليوم . وخير شاهد على مكانة الشعب الكلداني في المجتمع العراقي هو اللقب الذي ناله الكردينال العراقي الكلداني مار عمانوئيل دلي الثالث ، والذي اشتهر بمقولته : أسالوني عن الشعب العراقي ولا تسألوني عن المسيحيين . لقد اثبت هذا الشيخ الجليل ايمانه المسيحي وإصالته العراقية حينما قال انه آخر مسيحي يترك بغداد .
ان الكلدانيين العراقيين محرومين من هذه النعمة وهي الفضائية الكلدانية ، ومن المؤكد ان تكون هذه القناة ، قناة فضائية عراقية انسانية غير منحازة لأية جهة سوى انحيازها الى الهوية العراقية ومن المؤكد ايضاً انها ستبرز تاريخ وتراث وحضارة العراق بكل مصداقية فهي ستبرز الوجود الكلداني والسرياني والآشوري والتركماني والعربي والمندائي واليزيدي والكردي والأرمني والشبكي وكل طيف من اطياف القوس قزح العراقي الملون الجميل .
وفي هذا المقام هل لنا ان نسأل الحكومة العراقية بأن تساهم في هذا المشروع ؟
 هل لنا ان نسأل ان تخصص الحكومة العراقية في فضائيتها العراقية ساعة او ساعتين في اليوم للبث باللغة الكلدانية .
هل يمكن ان نطلب من فضائية كردية ان تمنحنا هذه الهدية .
 هل هناك جهات عراقية تعني بشؤون الأقليات تساهم بهذا المشروع بشكل من الأشكال ؟
نطلب من كل الجهات المعنية ان تلتفت الى هذه الشريحة العراقية الأصيلة وتنصفها لأبقائها حية بثقافتها في وطنها العراقي .
 حبيب تومي / اوسلو 

ملاحظة : بعيد الأنتهاء من أرسال المقال الى المواقع ، ونشره في موقع عنكاوا ، قرأت الخبر المفرح المنشور على موقع عنكاوا في ( اخبار شعبنا ) يقول الخبر :
      بيان من حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني تنظيم استراليا ونيوزلندا

بشراكم ايها الاخوة الكلدان حبيب تومي وسعد علببيك ولعيناكم ايها الكلدان أحفاد الكلدانييون النجباء في كافة انحاء العالم فالحلم الذي اطلقتم نداءكم من أجله وانتخيتم حزبكم الرائد لتحقيقه سيكون واقعا وحقيقيا وفضائية الكلدان قادمة اليكم بعون الرب وبركته ولهذه الغاية شكلنا لجنة اولية لدراسة الموضوع ووضع اللمسات الاولى وبعد ذلك سنعلن عن فتح باب الانتساب وتشكيل مجلس الادارة لفضائية الكلدان والدعوة للمساهمة في المشروع العظيم لصوت الكلدان من خلال فضائية الكلدان .

ايها الاخوة الكلدان الاعزاء شدوا العزائم والهمم وساهموا في هذا المشروع الكلداني الكبير وضموا ايديكم الى ايدينا وساعدوا اخوانكم ليصبح الحلم حقيقة والرب يحفظكم ويرعاكم.

اخوانكم في حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني - تنظيم استراليا ونيوزلندا
صباح فرنسيس صلان -  رئيس التنظيم  438274260 (0) 61+
بســـــام فـريتـــــــــي -  مقرر التنظيـــم 402729944 (0) 61+
أقول :
 إن من يساهم بهذا المشروع بأي شكل من الأشكال سيكون كمن يشعل شمعة ينير الدرب ، ويعمل على استحضار الضوء من عمق العتمة ، نحن بحاجة الى مرآة ناصعة تعكس بشفافية وواقعية حاضر شعبنا وماضيه وتخطط لبناء مستقبله . نحن واقفون في دياجير الغسق ، ويتعين تبديد هذا الظلام بأنوار ناصعة ، تنير  الجوانب الطيبة لهذا الشعب وتبلور حضارته وتراثه وثقافته  ، علينا إثبات وجودنا بين الموجودين ، بارك الله بكل من يساهم بهذا المشروع . ويمكن ان نزعم بأننا ، وأخيراً لمحنا بصيص من ضوء في آخر النفق .
حبيب تومي   



472
قراءة تحليلية في طروحات السيد سركيس آغاجان 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habibtomi@chello.no

كان السيد وسام كاكو قد اجرى مقابلة مع الشخصية العراقية المعروفة وزير المالية في حكومة اقليم كردستان الأستاذ سركيس آغا جان . وما لفت انتباهي هو المحور الثالث من هذه المقابلة حيث ورد فيها جملة مواضيع هي حديث الساعة ، وابرز ما تطرق اليه بصراحة كان موضوع التسمية ، والحكم الذاتي لشعبنا .
وفي البداية احب ان اذكر ان شخصية السيد سركيس آغا جان تذكرني بالشخصية العراقية المعروفة وهي شخصية المرحوم يوسف غنيمة ، فهذا الرجل مسيحي كلداني شغل منصب وزير المالية ايضاً في عدة وزارات عراقية :
وزارة عبد المحسن السعدون الثالثة  ، وتوفيق السويدي ، ووزارة نوري السعيد سنة  1930 ووزارة جميل المدفعي ثم في الوزارة الأيوبية الأولى ووزارة ارشد العمري .. ومنحه الملك غازي وسام الرافدين من الدرجة الثانية سنة 1934 ، وكان من مؤسس حزب الأخاء الوطني المعارض لنوري السعيد وكان ابرز شخصيات هذا الحزب : محمد رضا الشبيبي وياسين الهاشمي وعلي جودت الأيوبي ورشيد عالي الكيلاني ، ويوسف غنيمة وتوفيق السويدي وغيرهم . وكان المرحوم يوسف غنيمة يجاهد في مجلس الوزراء وفي البرلمان وفي مجلس الأعيان في تثبيت حقوق شعبه الكلداني ، وفعلاً استطاع المسيحيون من ان يكون لهم صوت مسموع في الدولة العراقية . كان من مجموع 100 نائب في المجلس التأسيسي 5 نواب مسيحيين ومثلهم من اليهود ، وفي سنة 1956 كان للأقلية المسيحية ثمانية نواب في البرلمان العراقي ، وكان هناك عيّن مسيحي كلداني واحد ثابت في مجلس الأعيان المتكون من 20 عضوا .
 من ناحية الأدب والثقافة اصدر جريدة صدى بابل ، وانشأ جريدة السياسة وكتب في مجال اللغة والأدب وكتب سلسلة مقالات منها : احوال الكلدان على تواري الأزمان ، انتقاء الزوجات ، العناصر والأديان في المملكة العثمانية وغيرها كثير ... وقد أوردت هذه الشخصية لأقول ان السيد سركيس اغاجان أيضاً هو وزير المالية في حكومة اقليم كردستان وينتمي الى حزب كردي وهو يشجع الثقافة والأدب ، وهو يدافع عن حقوق شعبنا .
 أرمي في هذا المقال الى قراءة تحليلية لما ورد في المحور الثالث للمقابلة التي اجراها معه السيد وسام كاكو .
بالنسبة الى التسمية التي اطلقت على مكونات شعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) ، يقول السيد آغا جان جاءت لكون الكلــــدان يمثلون الأكثرية ويليهم السريان ثم الآشوريين .
 بتصوري أن العبرة تنحصر في احترام كل التسميات التاريخية لشعبنا وفي عدم إلغاء أي تسمية ، او اعتبار واحدة تسمية الأسياد او هي  تمثل القومية والأخر تأتي في عداد المذاهب الكنسية ، كقولنا الآشورية تسمية قومية والكلدانية تسمية لمذهب كنسي ، وهذه الفرضية السطحية الساذجة ، وإشكالية تخوين من لا يقر بها هو عمل يمزق وحدة شعبنا ، فالكل يعتز بتسميته التاريخية القومية وإن وضعها بصورة مجتمعة تعني اننا شعب واحد .
وفي رأيي المتواضع ينبغي الا تكون التسمية عائق في توحيد خطاب شعبنا ، والعبرة هي في تخطي هذه الجدلية لننتقل الى ساحة العمل ، بغية إيجاد مكانة لائقة لشعبنا على الخارطة السياسية العراقية  .
إن توحيد التسمية لا يشكل عصا سحرية تضع الحلول الناجزة لكل معضلاتنا ، والأستدلال ظاهر من التسمية العربية الواحدة التي فشلت في توحيد الصف العربي الى اليوم . فالتشبث بذريعة التسمية هي اشكالية ممانعة اطلقها غلاة القومية بغية إخماد انفاس الآخر ، وليس لهم أي برنامج واقعي لخدمة شعبنا سوى الشعارات الثورية البراقة التي لا تغني ولا تشبع .
إن وضع البرامج الأنمائية وتوفير فرص العمل واختزال اسباب الهجرة الأستنزافية لمكوناة شعبنا مما جعلنا أقلية مجهرية هامشية . ان وضع الحلول لأزالة تلك الأسباب يعني التعامل مع شعبنا بشكل واقعي بعيد عن الأفكار المثالية الأقصائية المتحجرة .
                                                الحكم الذاتي
 ثمة صلة وثيقة بين حقوق الأنسان وحقوق الأقليات لجهة ان كليهما يأتيان في سياق المسعى الى توفير الكرامة الأنسانية . ففي ظل الهيمنات الدولتية المركزية يكون في واحد من وجوهها مركزية هويوية قوموية او ثيوقراطية وهي تجاهد لابتلاع المكونات الفسيفسائية في الأطار الحدودي للدولة الواحدة ، ومن هنا كانت القرارات الدولية بشان الذوات التي لها ما يخصها وما يميزها عن الأكثرية او الأكثريات السائدة .
 يندرج مصطلح الحكم الذاتي لأنتماء هوياتي محدود في دائرة ممارسة الحياة السياسية والثقافية والأقتصادية والأدارية في الصيغ المؤطرة لها والضامنة لتمتعها في حقوقها في ظل الدولة المركزية .
يقول نوري السعيد وهو رئيس لوزارات عديدة في العهد الملكي :
إن بريطانيا منحت العراق الحكم الذاتي الى حد بعيد في سنة 1920 واستقلالاً ذاتياً في سنة 1924 ثم عهدت مهام المحافظة على النظام الى العراقيين أنفسهم فشرعوا بإنماء ثروة بلادهم بطرقهم الخاصة وإنشاء دولة جديدة بأساليب حديثة ، وبناءً على ذلك تأسس نظام برلماني في العراق للحصول على الأستقلال التام والأعتراف به كأمة مستقلة من أمم العالم الحرة . ( الدكتورة عصمت السعيد : نوري السعيد .. 85 ) .
إن قراءتي للأفكار التي طرحها السيد سركيس آغا جان حول مفهوم الحكم الذاتي هي اكثر من طموحة ، وهي ترمي الى إنشاء كيان " الحكم الذاتي " وفيها مفاهيم إدارية وضعية كاملة لكل نشاطات الحياة منها الأقتصادية والسياسية والثقافية والأدارية والتعليمية والطبية .. الخ
بنظري ان هذه الطروحات تستوفي كل ما يتمناه أي شعب له إرادة في النهوض والبناء ، لكن يبقى الشيطان كما يقال كامناً في التفاصيل وهنا يكمن ايضاً في ميكانزم التطبيق وتشعباته ومعوقاته  .
يقول الأستاذ سركيس آغاجان :
(( لم نقل أبداً إننا نريد حكماً ذاتياً مرتبطاً بكردستان. نُريد أن يتم تثبيت الحكم الذاتي لشعبنا في دستورَي العراق والإقليم أولاً، وبعد ذلك يمكن لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري أن يُعطي قراره بخصوص إرتباط الحكم الذاتي مع بغداد أو مع الإقليم. ))
إن هذه الفقرة تشير وكأن الحكم الذاتي قد أقر لشعبنا ، إن كان من قبل حكومة اقليم كردستان او من قبل الحكومة العراقية ، في هذا المقام نحن لا ننكر وجود تعاطف مع شعبنا من قبل اوساط معتدلة كثيرة في الحكومة العراقية في بغداد وفي حكومة اقليم كردستان في أربيل ، لكن هذا لا يعني عدم وجود معارضة على هذا المشروع من قبل اوساط في الحكومة العراقية وربما في الحكومة الكردية ايضاً ، فيجب ألا نستسهل الأمور وكأنها في متناول اليد .
 لا مراء بأن شعبنا يطمح ان يكون سيد نفسه ولكن السائل من حقه ان يتساءل : كيف ؟ ومتى ؟ وأين ؟ هذه الأسئلة وغيرها ينبغي الأجابة عليها لكي تختمر الفكرة وتغدو واقعاً ملموساً .
يمضي الأستاذ سركيس آغاجان الى القول :   
(( أود أن أوضح أولاً إن ما نُطالب به هو الحكم الذاتي لشعبنا في مناطقه التاريخية وليس تحديداً في سهل نينوى .. )) .
أزعم ان هذه الفقرة ـ بالنسبة لي على الأقل ـ غير مفهومة ، فأين هي مناطقنا التاريخية ؟ مناطق بلاد ما بين النهرين برمتها هي مناطقنا التاريخية ، إن كان على الصعيد القومي ، فكانت آخر دولة عراقية خالصة  والتي اعقبت الدولة الآشورية هي الدولة البابلية الحديثة او الدولة الكلدانية ، وبعد بزوغ شمس المسيحية على أرض بلاد النهرين استحوذت على قلوب قاطني هذه الديار . ومعها انتشرت الكنائس والأديرة والمدارس المسيحية في أركان هذه البلاد ، فماذا نعني بمناطقنا التاريخية ، وما هي الركائز التي يمكن الأعتماد عليها لتحديد هذه المناطق ؟
في السياق نفسه يقول الأستاذ سركيس آغاجان : 
(( بالمناسبة إن كلامنا هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال إننا نُحاول أن نفصل أنفسنا بالحكم الذاتي عن الآخرين، ففي هذه المنطقة يوجد العرب والأكراد واليزيديين والشبك وعدد من الصابئة والتركمان. ستكون لكل هؤلاء، وبموجب عددهم، حقوقاُ وسيشاركون في برلمان وحكومة الحكم الذاتي وهذا سيكون للمقيمين في حدود منطقة الحكم الذاتي فقط وستكون للجميع حقوقاً متساوية حتى ولو بنسبة تمثيل مُتفاوتة )) .
إن هذه الفقرة توضح بأن البنية الديموغرافية ستبقى على حالها وهذا أمر جيد ، فسيشاركنا في منطقة الحكم الذاتي مكونات أخرى من نسيج المجتمع العراقي . ومن أجل المزيد من الأيضاح يسأل السيد وسام كاكو سؤالاً يقول :
(( هل توجد منطقة يُمكن إقامة الحكم الذاتي عليها؟ )) .
وكان الجواب على هذا السؤال :
((  نعم يُمكن في الوضع الحالي وعلى مساحة (2000-5000) كيلو متر مربع وبأغلبية سكان من أبناء شعبنا أن نُشكل الحكم الذاتي. )) .
بقي هذا الرقم يفتقر الى تحديد احدائياته الجغرافية . هل هذه الكيلومترات المربعة تقع في منطقة واحدة ؟  هل تشمل عدة مناطق ولكنها تراعي الواقع الديموغراقي ؟ وهل بهذا القياس ( الديموغرافي )  تحدد المنطقة الجغرافية ؟ وكان على الزميل وسام كاكو ان يستجلي هذه الأمور لكي تكون الصورة واضحة للقارئ .
أقول :
 ثمة نقاط مهمة وردت في سياق المقابلة ينبغي التوقف عندها وهي تشكل بمجموعها قضايا مصيرية وخطاب طموح فيه الكثير من المكاسب التي يتطلع نحوها شعبنا وأي شعب من شعوب الأرض ، ولهذا بنظري ينبغي ان تقرن هذه الطروحات بلقاءات ومؤتمرات ودراسات واسعة من قبل الساسة والنخب الثقافية ورجال الدين والقانونيين . وأن يكون هنالك تحديداً مدروساً ومتفق عليه يشمل النقاط التي تدخل ضمن إطار العمل اليومي التكتيكي ، مع تحديد إطار الأهداف القومية الأستراتيجية وفق رؤية جماعية ، وإن تعذر تكوين هذه الرؤية ـ وهذا أمر طبيعي ـ فيعمل على ترجيح رأي الأكثرية .
وأقول :
 نحن امام قضية مصيرية وهي فرصة تاريخية ربما لا تتكرر .
 فشعبنا الذي دارت به طواحين الزمن وباتت احواله تتأرجح بين العمليات الأرهابية وعلميات الخطف والأبتزاز والتهجير القسري ، والرحيل بين الدول والقارات املاً في الأستقرار والملاذ الآمن . كل هذا جعل من ديموغرافية شعبنا تعاني من الأختزال الخطير على أرض الوطن العراقي ، وامسى وجوده على ارضه عبارة عن نتوءات مرجانية في خضم المحيط الممتد مع الأفق البعيد .
 إن كبح عوامل استنزاف ديموغرافية شعبنا ومحاولات قلع جذوره من ارض اجداده ، ينبغي ان تتربع هذه الأولويات على اية اهداف أخرى . إن ملف مصلحة هذا الشعب من الكلـــدان والسريان والآشوريين والأرمن ينبغي ان تحتل المكانة العزيزة في قلوب ساستنا وأن تكون فوق المصالح الحزبية ، ولنا الثقة العالية بهؤلاء الساسة ان يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية وإلا ...
حبيب تومي / اوسلو   












 

473
المشترك واللامشترك في لقاء بابا الفاتيكان والعاهل السعودي (2 ـ 2 )
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

في المقال السابق اشرنا الى قرون مضت على العلاقة بين المسيحية والأسلام منذ نشاته ، وفي هذا المقال سوف ننتقل الى الزمن الحاضر :
حينما نريد صقل الحاضر وإظهاره  وكانه العصر الذهبي للتعايش السلمي المدني بين المسيحيين والأسلام ، نضطر في مواقف كثيرة الى الكذب والتزلف والمداهنة بإظهار الصورة على غير حقيقتها ونترك لبها ونشير الى قشورها في مسعى لأقناع انفسنا بأننا نعيش في بحبوحة من التسامح الديني ، وإن ما مضى من الأزمان كانت بمثابة كابوس ليل مظلم وطويل ، وإن العصر الراهن هو عصر التنوير والحرية والديمقراطية وحقوق الأنسان والأقليات والتسامح والى آخره .
لكن إن عرجنا الى منطق الصراحة بعيداً عن التملق والمداهنة  فإن اليوم لا يختلف عن الأمس إن لم يكن يفوقه في السوء والظلام  .
 فالمسيحيون في الشرق الأوسط  بين الأكثرية الأسلامية ليسوا افضل حالاً من العقود والقرون الماضية ، وعلى سبيل المثال لا الحصر في العراق كان هنالك مدن ومناطق كانت فيها كثافة سكانية مسيحية كبيرة تكاد اليوم ان تكون خالية من اللون المسيحي ، وكانت هذه نتيجة حتمية لما طالهم من عمليات ارهابية وتهجير قسري واعمال خطف وابتزاز ، كل ذلك يجري امام انظار الحكومة التي تجسد احزاب سياسية اسلامية دينية طائفية .
قد يكون خرجت من عنوان المقال الى مواضيع شائكة لكنها في كل الأحوال هي جزء من فكرة المقال التي تركز على قطبي المسيحية والأسلام .

 

كان البابا السابق يوحنا بولس الثاني قد تعرض لمحاولة الأغتيال سنة 1981 من قبل شاب مسلم تركي اسمه  محمد علي آغا ، وبعد ان شفي البابا يوحنا من جروحه زار المدان في سجنه بعد سنتين واعلن البابا علنا الصفح عنه ، هذا يعني التسامح بأعمق ما تعني هذه الكلمة من معنى .
 وقبل ذلك حينما زار الملك فيصل لأيطاليا عام 1973 تبرعت الحكومة الأيطالية للعاهل السعودي بقطعة أرض مساحتها 30 ألف متر مربع لبناء جامع كبير في روما ، وكما هو معروف فإن العرف الدبلوماسي للتعامل بالمثل ، يقضي بأن تمنح الحكومة السعودية قطعة ارض لبناء كنيسة كبرى في الرياض او جدة ، وعندما لم تقدم السعودية الى هذه الخطوة يمكن اعتبار هذه النقطة غير مشتركة بين الطرفين ونفسرها على انها انفتاح الفاتيكان على الآخر وانغلاق السعودية على نفسها .
من المبادرات التي تسلكها الكنيسة الكاثوليكية بغية التفاهم والتقارب بين الأديان والثقافات هو قيامها بجمع رجال الدين من كل الأديان : المسيحي والهندوسي والبوذي واليهودي والكونفوشي والأسلامي والطاوي ومن كل المذاهب  والسماح لهم  للصلاة في كنيسة القديس بطرس في روما وكل على طريقته الخاصة ، انها خطوة رمزية رائعة لتفاهم اتباع مختلف الديانات وتوظيفها  من اجل الحوار بين شعوب الأرض .
المسلمون يطلبون من البابا الجديد ان يسير بالخطى التي سار عليها البابا يوحنا بولس الثاني ، ولكن السؤال يبقى قائماً : ماذا يقدم المسلمون مقابل هذا الأنفتاح والتسامح ، هل ينهض المسلمون بخطوة واحدة إزاء من يخطو نحوهم ، هل يقبل المسلمون باقامة الصلوات للأديان الأخرى في في المدن السعودية وسوف لا نقول في مكة .
 البابا بنديكتوس السادس عشر كان قد قدم محاضرة  في سبتمبر عام 2006 وكأنه كان يربط بين الأسلام والعنف ، وكان يجب معالجة ذلك بالحوار الفكري وليس بقتل المسيحيين وحرق كنائسهم في بغداد ، إن طرح النظريات والأفكار ينبغي مجادلتها بطرح الحجج والقرائن الفكرية وليس بأعمال التقتيل والشغب ، وكان ان اضطر البابا الى الأعتذار تحت الضغط الذي لا علاقة له بالفكر والحوار الفكري .
 ثمة خطاب اسلامي لا يتلائم مع روح العصر ، بجهة حقوق الأنسان ، وتساوي البشر .امام القائمين على الشأن الأسلامي  من الساسة ورجال الدين مثلاً إلغاء مفهوم تدنيس الأراضي المقدسة بمن ليسوا على الديانة الأسلامية ، فالمسلم طاهر وغير المسلم غير طاهر ( نجس ) بسبب ديانته .
 إن مكة المكرمة ليست مكاناً خاصاً بالمسلمين ، لقد كانت مكة محجاً لكل الأديان سواء كانوا من عبدة الأوثان او من المسيحيين او اليهود او الأحناف .
(( في السيرة النبوية لابن هشام مؤسسة المعارف ، بيروت 2004 ص100 ـ 101 ورد عن بنيان الكعبة :
قال ابن اسحاق : فحدثني بعض من يروي الحديث أن رجلاً من قريش ، ممن كان يهدمها أدخل عتلة ً بين حجرين ليقلع بها احدهما ، فلما تحرك الحجر تنقضت مكة بأسرها فانتهوا عن ذلك الأساس .
 الكتاب الذي وجد في الركن :
قال ابن اسحاق : وحدّثت أن قريشاً وجدوا في الركن كتاباً بالسريانية ، فلم يدروا ما هو ، حتى قرأه لهم رجل من يهود ، فإذا هو " أنا الله ذو بكّة ، خلقتها يوم خلقت السموات والأرض ، وصورت الشمس والقمر ، وخلقتها بسبعة أملاك حنفاء ، لا تزول حتى يزول أخشباها ، مبارك لأهلها في الماء واللبن "  .
قال ابن هشام : أخشباها جبلاها . )) .
إن كتاب مكة بالسريانية يشير الى اصلها المسيحي والأديان الأخرى قبل صيرورة الأسلام وكانت محجاً وملتقى لكل الأديان ، لكن الأسلام حينما جاء الغى الحرية في التعددية والديمقراطية التي كانت سائدة ، وأبقى المكان خاصاً للمسلمين ، والسؤال كيف نفسر عملية طهارة المسلم إن كان زانياً او قاتلاً او سارقاً ، ونجاسة غير السلم مهما كان وفياً ومتعبداً وصادقاً وأميناً ، أقل ما نقول انها افتراضات بعيدة عن المنطق  والعقلانية .
في الوقت الذي تمنع السعودية من تداول الكتب الدينية المسيحية المقدسة وتمنع بناء كنائس للمقيمين في السعودية الذين يبلغ تعدادهم زهاء مليون نسمة بل وتمنع عنهم إقامة شعائرهم الدينية بصورة علنية في هذا الوقت بالذات تبنى الجوامع في الدول الأوروبية المسيحية وبضمنها أيطاليا وتطبع الاف النسخ من القران والأدبيات الدينية الأسلامية ، في الوقت ذاته فإن المسيحيين المقيمين في السعودية وبعض دول الخليج ليس لهم كنائس ولا يقبل بترويج الكتب الدينية بل وتمنع عنهم إجراء الشعائر الدينية بصورة علنية . فاستطيع الزعم عن الحرية الدينية بين الدول المسيحية وبعض الدول الأسلامية هو كالفرق بين وضح النهار وعتمة الليل .
 إن السعودية ودول عربية أخرى تبني المساجد وتطبع المصاحف والكراريس والأدبيات الدينية والتي في احيان كثيرة تحرض على كراهية المسيحيين واليهود وفي قسم من هذه المساجد والمراكز الأسلامية في عواصم الدول الأوروبية المسيحية يدعون الى القتل المسلمين المرتدين وإبقاء النساء داخل البيوت ، والى تكفير غير المسلم ورفض المجتمع الذي آواهم وساعدهم . إن هذا الخطاب العنفي هو التربية التي نمت فيه التنظيمات الأرهابية الأسلامية التي قامت بالعمليات الأرهابية في نيويورك وواشنطن وبغداد والرياض ولندن ومدريد وموسكو والقاهرة  وباريس وغيرها من المدن والعواصم . 
إن الدول الأوروبية قد حسمت امرها ووضعت الدين في مكانه الطبيعي في دور العبادة وفي قلوب معتنقيه ، ولم يعد للدين وزن سياسي ، فالدين لله والوطن للجميع . وهكذا في الدول الديمقراطية كل يؤدي واجبه حسب الحقل الذي يعمل به فالمنهدس لا يعمل طبيباً والنجار لا يعمل حداداً ورجل الدين لا يرأس حزباً سياسياً ، وكل يعمل باختصاصه ، لكن في المؤسسة الدينية الأسلامية هناك تشابك الدين مع الدولة وحتى في الدول العربية التي تعتبر نفسها علمانية فهي سجينة الدساتير الدينية التي تجعل رجل الدين في المقام الأول في الدولة .
صحيح ان ايجاد المشترك هو غاية العقلاء للأنطلاق منها لتجسير الروابط وتمتينها ، والدين هو العامل الأهم من بين العوامل الأخرى التي يمكن توظيفها في مسألة التقارب ، وفي الحالة التي نبحثها في العلاقة او المشترك بين طرفي المعادلة المتمثلة في بابا الفاتيكان الذي يرمز الى المؤسسة الدينية المسيحية ، والعاهل السعودي الذي يرمز الى المؤسسة الدينية الأسلامية . فلابد ان نقر بصعوبتها لكنها ليست مستحيلة . وتعتبر زيارة العاهل السعودي للفاتيكان زيارة حضارية وتجسد الوجه المعتدل للأسلام وتعتبر ان المسلمين  لا يمكن اختزالهم بالأرهاب وليس جميعم محمد علي آغا او ان جميعم يحملون الأحزمة الناسفة ، بل ان جلهم يحملون رسالة حضارية متسامحة وتريد ان تمد يدها الى الآخر بغية بناء جسور للتواصل الأنساني والحضاري مع كل البشر وفي مقدمتهم المسيحيون .
 ونأمل ان ينعم شعبنا المسيحي مع جيرانه المسلمين إن كان في العراق او في الشرق الأوسط عموماً بحياة مستقرة كريمة سيما والبشرية تلوج بوابة الألفية الثالثة التي تجسد حقوق الأنسان وقواعد التعددية واحترام الآخر وحرية العقيدة والتسامح ...
حبيب تومي / اوسلو 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 المصادر
ـ السيرة النبوية لابن هشام
ـ هوستن سميث : أديان العالم
ـ جريدة الشرق الأوسط  اللندنية
ــ موقع البي بي سي دوت كوم
ـ فيليب فارح ويوسف كرباج : المسيحيون واليهود في التاريخ الأسلامي العربي والتركي .

474
كردسـتان واحة خضـراء لا تقبل التصـحر
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
اhabibtomi@yahoo.com

جبال كردستان ووديانها وشعابها وأشجارها الوارفة وانهارها وهضابها وسهولها بقيت هذه الأرض الطيبة على مدى عقود منصرمة ساحة مكشوفة  لدراما اجتماعية وسياسية وعسكرية وداهمها ليل معتم طويل خيمت فيه المعانات والظلم . وبعد ان وجد السلام طريقه الى هذه الربوع ، أثبت الشعب الكردي انه ليس شعباً محارباً شجاعاً  في ساحات الوغى فحسب إنما هو شعب مثابر قادر على البناء والتعمير ويعشق السلام والتعايش مع الآخرين وفق المعايير الأنسانية السامية .
إن واحة كردستان الوارفة لم تأت بضربة عصا سحرية إنما كانت ثماراً لنضال طويل خاضه الشعب الكردي لعقود طويلة صعبة وكانت قيادته تتجسد في شخصية المرحوم ملا مصطفى البارزاني ( 1903 ـ 1979 ) حيث استطاع ان ينهض بقضية شعبه ويخرجها من غياهب الأهمال والنسيان السياسي ، ومن مجاهلها التضاريسية في كهوف وشعاب ووديان الى المنابر الدولية والى واجهات الأخبار والاعلام ،
 لقد اخرجها من المحيط الأقليمي في دائرة تجاذبات الدول المحيطة تركيا وأيران والعراق ، الى فضاء السياسة الدولية لتفرض نفسها في إطار شعب سلبت حقوقه في حق تقرير مصيره .
الملفت للأهتمام ان تركيا ترغب ان تظهر بثوبها العلماني المعاصر وتستفيد من التكنولوجيا الغربية ، وتحاول الولوج في العائلة الأوروبية لتكون عضواً فيها والتي تشترط اولاً مراعاة حقوق الأقليات القومية والدينية من كل الملل والنحل .  لكنها من جانب آخر تغمض عيونها عن المطلوب منها في مجال حقوق الأنسان . إن سجل تركيا الأتاتوركية في التعامل مع الأقليات الدينية والعرقية ليس نقياً ولا تريد أيلاء انتباه انظار المجتمع الدولي الى ماضيها القريب ، إنها انهت وجود 3 ملايين مسيحي من أرمن ويونانيين وآشوريين وكلدانيين ، سواء عن طريق الأبادة الجماعية او الترحيل . وإن نزعتها القومية ألغت الكوزموبوليتانية التي كانت مزدهرة في ظل الأمبراطورية العثمانية وعوضتها بالأنتمائية التركية تحت ذريعة خلق انسجام قومي ، وكان هذا الأنسجام على حساب صهر وتذويب كل القوميات في بودقة  القومية التركية ، وهي لا تزال تأبى ان تهضم مفردة اسمها كردستان وهناك شعب كردي يريد ان يكون له مكان على الخارطة الدولية وبين أمم الأرض .
إن كانت تركيا تتعمد في تهميش الدور الكردي والقيادة الكردية في اقليم كردستان بالذات فإنها ستقع في خطأ سياسي كبير ، فالمسألة لم تعد قيام بجولة عسكرية في اراضي دولة جارة دون حسيب او رقيب ، فاليوم اقليم كردستان العراق بات ثقلاً سياسياً واقتصادياً يحسب له حساب في المعادلة الدولية ، وها هي اميركا تتباهى في نجاح تجربتها في كردستان العراق وتعثرها في مناطق العراق الأخرى ، وها هي القيادة الكردية تحرص على وحدة العراق ولم تسع الى الأنفصال عنه ، وكما كان يزعم التيار القومي العربي ، فكردستان جزء من العراق ، وتشترك بالعملية السياسية العراقية بكل ثقلها .
إن تركيا التي تؤرقها مشكلة الأقليات إن كان في ماضيها القريب ، وإن كان في الوقت الحاضر ، عليها ان تراعي المنطق المعاصر في حل معضلة الأقليات فالعقلانية  والديمقراطية هما السبيل السوي لحل هذه المشاكل . لم تفلح تركيا بالقضاء على حزب العمال الكردي التركي لمدة 25 سنة ، لأنها كانت تلجأ الى الحلول العسكرية والقمع ، واليوم بإصرار تركيا على وضع ملف حزب العمال الكردستاني التركي في إطاره العسكري البحت سوف يعيد المنطقة الى مسلسل الحروب الذي اثبت ان لاطائل من ورائه وسوف يعقد المسألة أكثر ، وبهذا الصدد يقول السيد نيجرفان البارزاني رئيس وزراء أقليم كردستان :
دعوني اكون واضحاً بأن حكومة إقليم كردستان العراق مستعدة تماماً وسوف تظل مستعدة لأيجاد حل طويل الأجل لهذه المشكلة ولهذا الهدف نقترح إجراء محادثات بين أنقرة وبغداد وأربيل وواشنطن .. ولا يستطيع أي طرف ان يجد لها حلاً من نفسه وسوف نجلس في أي وقت مع أي أحد يسعى الى حل دبلوماسي متفاوض عليه .
في مقال سابق أشرت الى ضرورة إشراك القيادة الكردية في اقليم كردستان العراق إن كانت تركيا تريد وضع حل سلمي  مشرف للمشكلة ، إن اشراك القيادة الكردية في هذه المفاوضات يعني سلوك الطريق الصحيح ، إذ كيف يمكن لتركيا ان تتجاهل دور القيادة الكردية وقيادة مسعود البارزاني بالذات إن كان على الساحة الكردية او على الساحة السياسية العراقية عامة ؟
إن أقليم كردستان اليوم يحتضن التنوع العراقي ويشكل واحة خضراء وارفة لا يقبل ظمأ وقساوة التصحر .
فمنذ 1991 بات هذا الأقليم رقعة آمنة دأبها السلام والأمان والبناء وبعد نيسان 2003 تعزز هذا الكيان وبات الشعب الكردي يخوض بهمة ونشاط تجربة الديمقراطية والبناء والتعمير ، ولم تعدد المنطقة تتحمل تبعات الأعتداءات والأجتياحات العسكرية ، ولا يمكن ان تشكل كردستان بعد اليوم مسرحاً للمعارك بين جهات متصارعة ، وبدلاً من المعارك العسكرية يمكن اللجوء الى الطرق الدبلوماسية لحلحلة الوضع مهما كان معقداً ، أما من يريد النيل من كردستان وتجربتها فلا أعتقد أن بإمكانه ذلك فالوضع اليوم يختلف عما كانت عليه الأوضاع يوم وإدت جمهورية مهاباد الكردية في مهدها وذلك عام 1946 م .
اليوم كردستان حديقة وارفة وينبغي ان يزدهر خضارها ولم يعد للتصحر منفذاً لاجتياحها  .
حبيب تومي / اوسلو

475

بلاغ عن اجتماع اللجنة التحضيرية لتجمع الكتاب والمثقفين العراقيين في النرويج
habeebtomi@yahoo.com
بغية التواصل مع الجهود الرامية الى  بلورة تشكيل اتحاد الكتاب والمثقفين في النرويج  وتنسيق جهودهم ، عقدت اللجنة التحضيرية اجتماعها الأول يوم السبت الموافق 17 / 11 / 2007 م .
ـ قرر المجتمعون تكثيف الجهود للأتصال بالكتاب والمثقفين العراقيين في بلاد النرويج بينهم كتاب وأدباء وشعراء ورسامين وفنانين ، لخلق حركة تواصل بينهم من اجل بلورة الثقافة العراقية والتراث الأنساني العراقي وتنوع النسيج المجتمعي العراقي في هذا البلد الذي يمزقه العنف والأرهاب .
ـ كما قرر المجتمعون القيام بنشاط ثقافي في مستهل العام الجديد ، وذلك بإحياء امسية ثقافية في اوسلو  ، تشمل على مقطوعات موسيقية ، وتنظيم معرض فني تشكيلي ، وإلقاء قصائد شعرية . واللجنة التحضيرية تدعو وتناشد المثقفين العراقيين المقيمين في النرويج الى المساهمة بهذه الأمسية .
ـ قررت اللجنة التحضيرية الأتصال بالجهات الرسمية النرويجية بغية الحصول على الأجازة ، وكذلك الأتصال بالمنظمات المدنية في اوسلو للتعريف بالأتحاد وأهدافه .
هذا إضافة الى الأتصال بالسفارة العراقية ، المزمع افتتاحها في اوسلو ، في مستهل العام القادم ، من اجل توحيد الجهود والتعاون لبلورة وجه العراق المشرق .
                                                                   
                                                                               
                                                                              حبيب تومي 
                                                                              عن اللجنة التحضيرية
                                                                               اوسلو في 18 / 11 / 2007   

476
إطلاق فضائيـة كلدانيـــة هل يغدو الحلم حقيقة ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.com


مثل روسي يقول أن تصل مـتأخراً خير من الا  تصل أبداً . أجل انها دعوى متأخرة لكن هذا لا يعني ان المسالك باتت موصدة . ولست في هذا المقام مخترعاً لمعطيات جديدة في اهمية وخطورة الدور الأعلامي في كل مفاصل الحياة لاسيما السياسية منها . الأعلام يستطيع ان إنجاح أية مهمة او إسقاطها ، ولا شك ان الحكومات أدركت الدور الخطير للأعلام إن كان مرئياً او مسموعاً او مقروءاً ، فكرست الجهود والمبالغ الطائلة لتوظيف الأعلام في كسب الرأي العام نحو الخطاب والأديولوجية التي تؤمن بها تلك الحكومة او ذاك الحزب ، ولكثير من الحكومات وزارة خاصة للأعلام ، لكن بعض الدول ليس لها اعلام رسمي او وزارة الأعلام  كأميركا وأسرائيل .
من هنا فإن الأعلام مهنة تمر بمرحلة مثيرة وهي تواكب التقدم الحاصل في كل مفاصل الحياة لا بل يتقدمها جميعاً ليقف الأعلام في مكان الصدارة من الأهتمام والتقدم . فهو خدمة معلوماتية يحتاجها الجميع دون استثناء .
 ومن بين وسائل الأعلام الأكثر تأثيراً ونهوضاً هي القنوات الفضائية ، لكن الغريب اننا اهملنا هذه النعمة في مجتمعنا الكلــداني . حسب معلوماتي في بداية سقوط النظام في سنة 2003 كان هناك  وفداً من المغتربين من ابناء شعبنا قادماً من امريكا وزار هذا الوفد مقر الحركة الديمقراطية الآشورية في بغداد قرب منطقة زيونة ، وكان هناك يافطة مكتوب عليها فضائية بابل ، وهنا اقترح الوفد القادم من اميركا ان يكون اسم الفضائية : فضائية كلدان وآشور او كلدوآشور . واتجه بعدها الوفد الى كردستان ثم عاد الى بغداد وهنا لاحظ الوفد الزائر ان يافطة فضائية بابل قد أزيلت ورفع بدلها فضائية آشور . وأصبحت قناة آشور الفضائية المعروفة ، وكان قد نشر في موقع مقالاً حول الموضوع وقد طبعت المقال في وقتها  ولكني فقدته مع الأسف .
 أما واقع اليوم فهناك تعتيم اعلامي على شعبنا الكلداني باستثناء بعض الأيماءات المبعثرة من هنا وهناك ، وهي بمجموعها لا تشكل إلا النزر اليسير من التراث الأصيل لشعبنا الكلداني .
 وإذا تركنا شأن القنوات العراقية الكثيرة فسنلاحظ وجود قنوات لشعبنا المسيحي منها قناة سورويو وهدفها واضح من اسمها ، وهناك فضائيات اخرى تعمل لحساب الآشوريون حصراً .
ثمة قناة آشور التابعة للحركة الديمقراطية الآشورية ، وهي تعكس الثقافة الآشورية من دون التطرق الى الأسم الكلداني ، وهي تقرّب وتتواصل مع الكلدانيين المتعاطفين مع الحركة فحسب او الذين ينالون ويحرفون الأسم القومي الكلداني لمقاصد سياسية . وهناك قناة بين النهرين الآشورية المعروفة ، فمن ينطق باسم الكلدانيــة امامهم فسيعرض نفسه الى خطر قد يصل الى حكم الأعدام .
 وكان أملنا بقناة عشتار واعتقدنا ان هذه الفضائية ستكون حيادية بين مكونات شعبنا لكن مع الأسف اسقط في يدنا وخابت آمالنا  فالقناة تركز على  طرف واحد من مكونات شعبنا وهو الطرف الآشوري ، إن كان من ناحية الأزياء او الأغاني او الشعار او التراث او اللهجة ، حتى نشرة الأخبار ـ وباعتقادي لا ضرورة لنشرة أخبار عالمية في هذه القناة ـ يجب ان تكون مفهومة بلغة الجميع فهي تقرأ بلهجة آثورية غير مفهومة إلا من قبل شريحة محدودة من الآشوريين .
الفرق بين اللهجتين الكلدانية والاشورية ، هو ان الكلدانية مفهومة في القوش وتلكيف وباطنايا وباقوفا وتلسقف  وعنكاوا ومانكيش وبغديدا وكرملش  وبرطلة وبغداد والموصل والبصرة.. وهي لغة واحدة  ولهجة واحدة لم يكن بينها حواجز طبيعية تمنع اختلاطها وهي تشكل لغة منسجمة متجانسة في عموم العراق .
 اما اللهجة الآثورية فهي تتفرع الى لهجات العشائر الآثورية التي كانت تقطن في معاقلها العاصية في سلسلة جبال حكاري الوعرة فتشكل العوائق الطبيعية حائلاً  دون اختلاط هذه اللهجات فكانت هذه الحالة تفرز تباعداً  فيما بينها مع  مرور الزمن . أي ان الآثورية تتفرع الى لهجات متعددة ، لكن مع ذلك فإن إدارة عشتار تصر على إبعاد اللهجة الكلدانيــة عن هذه القناة . وهذا شأن يخص هذه الأدارة ولا نريد ان نتدخل بما يرونه صائباً .
ان متابع قناة عشتار يلمس تجاوبها الصادق مع كل مكونات المجتمع العراقي فيها العربي وفيها الكردي والتركماني والأرمني ، اما زعمها ببلورة التراث : الكلداني والآشوري والسرياني فهذا بعيد عن الواقع ، فالتراث الكلداني في عداد التهميش باستثناء بعض الأيماءات البسيطة ومثلها موجود في كل الفضائيات العراقية . وأتمنى في المستقبل ان تكون هذه القناة أكثر انصافاً بين مكونات شعبنا .
إن شعبنا الكلداني يعاني من الضعف في مضمار الأعلام حتى على نطاق المواقع الألكترونية فثمة شحة واضحة وعلى سبيل المثال فإن الجالية الكلدانية في استراليا رغم امكاناتهم لم نقرأ لهم موقعاً الكترونياً واحداً  يعكس نشاطاتهم ومشاكلهم وكتاباتهم . وإن المواقع الشخصية لا يمكن ان تكون بديل لمواقع المنظمات او النوادي والجمعيات  ويمكن الأسترشاد بموقع كلدايا نت في أمريكا بهذا الصدد .
 وثمة إهمال آخر نعاني منه نحن الكلدانيين وهو غياب العلم الكلداني عن مناسباتنا ، فالعلم هو الرمز المعنوي الذي يشير الى هوية القوم والى وطنهم وكيانهم . وفي الحقيقة إن كان ثمة أختلافات في وجهات النظر حول التصميم  ـ اعتبرها هامشية ـ فمن الضروري اهمال الأختلافات البسيطة  للخروج به الى واقع الحياة . ونتمنى ذوي الأختصاص والمهتمين بالموضوع المبادرة الى اتفاق للخروج من المعضلة ، لكي يتسنى لعلمنا ان يرى النور ويرفرف في الأعالي .
 أما الفضائية فنبقى نحلم بإنشاء مشروع قناة فضائية كلدانيــــة وهو طموح مشروع وتبقى حاجة ماسة الى هذا المشروع قائمة مهما عكست القنوات الأخرى مساهماتنا . لكن قناة تحت اسم :
القناة الفضائية الكلدانيــة .
 او قناة بابل الكلدانيـــة .
 او قناة الكلـدان الفضائيـــة .
ومهما تغير الأسم فهي تبقى ضرورة ملحة تعكس اسمنا وشخصيتنا وخصوصيتنا وذاتينا وكينونتنا وتراثنا ولغتنا الكلدانية وتاريخنا ،إنها ضرورة ملحة ليكون لنا وجود بين الموجودين .
 إنها ضرورة حياتية للشعب الكلداني ، إن كان هذا الشعب يعاني الظروف القاسية في الوطن او كان مشرداً او تائهاً يلتمس ملجئاً آمناً في دولة في ركن من أركان الأرض ، او كان مستقراً في بلاد المهجر ، فمثل هذه الفضائية تكون حلقة تواصـل مع الوطن  وفنارة مضيئــة ترشده الى منابع اللغة ومشــاتل التراث العريق .
 يبقى أمر تمويل هذه الفضائية ، من العوائق الرئيسية امام تأسيسها واستمرارها والمثل الشعبي يقول : الفلوس تجيب العروس . وأنا اعتبر الفلوس آفة لكن في الواقع من المحال ديمومة العيش بدونها  .
إن سبب خفوت صوت الكلدانيين اعتقد هو الأفتقار الى المال اللازم لأطلاق فضائية اسوة ببقية الأقوام والشعوب .
واعتقد ان غرفة التجارة الكلدانية في امريكا وكل الميسورين  الذين تبسمت لهم الحياة من ابناء شعبنا الكلــداني لا سيما المقيمين في الولايات المتحدة منذ أمد بعيد فيمكنهم جعل هذه القناة شركة استثمارية مساهمة ، ولتطرح اسهمها على ابناء شعبنا وأصدقائهم ويمكن لريع هذه القناة من الدعايات ان يغطي مصاريفها .
 ليس لي مؤهلات  تقديم الجدوى الأقتصادي لهذا المشروع ، وهناك  ذوي الأختصاص من الأقتصاديين من أبناء شعبنا وأصدقاءهم من يملك مثل هذه المقدرة ، وحبذا لو يطرحون أرائهم بهذا المشروع المهم ، برأيي ان مشروع فضائية قناة كلدانيــة يبقى مشروعاً حيوياً نفتقده نحن الكلــدان في عصر الفضائيات ، وعسى ان نقرأ مساهمات اخرى في هذا الموضوع لتتبلور فكرة فضائية الشعب الكلـــداني لكي يواكب المسيرة الأنسانية في مضمار النهوض والتقدم .
 ولي حق التساؤل مرة أخرى متى تكتحل عيوننا بمشاهدة فضائية كلدانيـــة ؟
 وهل يغدو الحلم حقيقة ؟
حبيب تومي / اوسلو 


477
حفلة رأس السنة لنادي بابل الكلداني في النرويج
لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة المجيدين يسر الهيئة الأدارية لنادي بابل الكلداني في النرويج ، إقامة حفلة ساهرة لأعضاء النادي وعوائلهم وضيوفهم الكرام ، وعلى انغام D. J. المتنوعة ، ويتخلل الحفل فعاليات مسلية ومسابقات مع جوائز ، وهدايا بابا نوئيل للأطفال .
سيقدم في الحفل وجبة عشاء مع مقبلات مختلفة مع الشاي والقهوة والشربت .
يمكن لكل شخص ان يجلب معه المشروبات الغازية والروحية التي يحتاجها .
ـ موعد الحفل : يوم الأثنين 31 / 12 / 2007
ـ الوقت  : الساعة الثامنة مســاءً
ـ سعر البطاقة للشخص الواحد  : 150 كرونة  .
ـ سعر البطاقة للطفل دون الثانية عشر : 75 كرونة .
ـ أطفال عمر 7 سنوات فما دون : مجاناً .
العنوان : قاعة مورتن ثرود  : Helga Vaneks vei 15 , 1283 Oslo
للحجز والمعلومات الأتصال بالسادة :
1 ـ فرج أسمرو ، رقم الهاتف : 90013537
2 ـ ثائر ساكو ، رقم الهاتف : 95160565
Email :
 asmaro@online.no
نتمنى لكم مقدماً اوقات سعيدة وكل عام وانتم بخير
                                                                 الهيئة الأدارية
 

478
المشترك واللامشترك في لقاء بابا الفاتيكان والعاهل السعودي ( 1 ـ 2 )
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

أجل كان لقاءاً تاريخياً بين بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ، اللقاء لم يرم الى عقد صفقات سياسية او اقتصادية او عسكرية ، إنما كان بغية إثبات ان حوار الأديان هو طريق التسامح والأستقرار والأمن في العالم ، وإن الأديان يمكن توظيفها لتكون عوامل تقارب بدلاً من استغلالها كعوامل تفرقة وتنافر بين اتباع الأديان المختلفة .
 ثمة مشترك بين الشخصيتين ، البابا بنديكتوس  السادس عشر وهو رأس الكنيسة الكاثوليكية ويعتبر الأب الروحي لمليار مسيحي كاثوليكي في مختلف بقاع العالم ، وهو أيضاً رأس الدولة في الفاتيكان ويتم انتخابه من قبل الكرادلة لمدى الحياة ويتمتع بالسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية المطلقة ، وفي الفاتيكان اهم كنيسة كاثوليكية وهي كنيسة القديس بطرس الذي اكتشف قبره في الكنيسة عام 1950 بعد عشرات السنين من التنقيب .
 العاهل السعودي الملك عبدالله الذي يتشرف بلقب خادم الحرمين الشريفين فيعين ملكاً مدى الحياة . وهو القائم على شؤون مكة التي هي قبلة المسلمين على الأرض ، إنهم يولون انظارهم شطرها في  صلاتهم اينما حلوا في اركان المعمورة  . والسعودية هي وطن المقدسات الأسلامية وتمثل احد رموز السنة الذين يمثلون الأغلبية الساحقة لمليار مسلم على الأرض .
والمشترك بين الكنيسة الكاثوليكية والأسلام هو تحريم الأجهاض والمحافظة على البيئة ، ويعتبر الأسلام والمسيحية واليهودية ديانات ابراهيمية .


لقد أكد الطرفان أنهما يلتزمان بالحوار بين الثقافات وبين الأديان بهدف تعايش مثمر وسلمي بين البشر والشعوب وبأهمية التعاون بين المسيحيين والمسلمين واليهود بالسلام والعدل والقيم الروحية والأخلاقية .
نحاول العودة الى الماضي فنقول :
سيبدأ التاريخ ببلورة احداث جسام تنطلق مع انبثاق الرسالة الأسلامية المتجسدة في نبي الأسلام محمد بن عبدالله . وستغطي احداث هذه الديانة مساحات كبيرة من الحروب والفتوحات وعبر قرون من الزمن تمتد بين العهد الراشدي والخلافة الأموية ثم العباسية وانتهاءاً بالأمبراطورية العثمانية ، وستكون الأرض المسيحية في معظم هذه الفتوحات قبلة الجيوش الأسلامية من البلاد المتآخمة للجزيرة العربية في الهلال الخصيب وامتداداً الى أوروبا .
قارئ التاريخ بعد القرن السابع الميلادي أي بعد رسالة محمد نبي الأسلام مباشرة سيجد امامه كتلتين عصيتين على التصالح والتعايش ، الأسلامية والمسيحية ، الأولى تريد ان تزيح الثانية من امامها ، إن كان على حدود الجزيرة العربية ، سوريا ومصر وبلاد النهرين ، او على جانبي حوض البحر المتوسط بين شماله المسيحي وجنوبه الذي اصبح  أسلامي .
إن المسلمين الفاتحين سوف يخرجون من شبه الجزيرة العربية في القرن السابع ويصوغون تصوراً للبلدان التي سيحتلونها وسيجدون امامهم المسيحيين واليهود الذين سيمنحون وضعية اهل الكتاب وهم المحميين ، فعلى اهل الكتاب الدخول في الأسلام وإن أرداوا الأحتفاظ بديانتهم فهم ملزمون بإداء الجزية وهي  ضريبة الرأس . إن امامهم ثلاث خيارات الأول : هو التحول الى اعتناق الأسلام ، الثاني : دفع الجزية ، الثالث : الحرب حتى الموت .
 السكان سوف يتأسلمون بالتدريج ، فالأنتقال من المسيحية او اليهودية الى الأسلامية يعني الأنتقال الى مرتبة الأسياد ، فأهل الكتاب معرضون لمحضورات ثيابية ومهنية وقضائية وسلوكية وكمثل غير حصري ، امتطائهم الدواب ورجليهم تتدليان من جانب واحد من الدابة حتى يتسنى تمييزهم من المسلمين من اول نظرة ، وهناك تشريعات مهينة بحق البشر لا مجال لسردها ، وهذه التشريعات كانت تدفع المسيحيين واليهود الى اعتناق الدين الجديد ، ليس حباً به ، وإنما تخلصاً من المهانة والأذلال ، فكانت تتحول الى الدين الجديد افراداً وجماعات .
 لكن من الأنصاف ان نعترف ان التحول الى الدين الجديد في تلك العصور لم يحدث نتيجة لارتكاب المذابح الجماعية ، لكنه حدث بالتدريج تخلصاُ من ضريبة الرأس ومن التشريعات المهينة ، فكان الأنتقال الى الدين الجديد كما قلنا يعني الأنتقال من معسكر العبيد الى فردوس الأسياد  .
كان ايضاً باب آخر لضمان انتشار وهيمنة الأسلام الديموغرافي ، في زواج مسلم من كتابية وثمار زواجهم من الأطفال هم مسلمين حسب الشريعة الأسلامية ، ولا يجوز لكتابي ان يتزوج مسلمة ، وإن أراد ذلك عليه ان يتخلى عن دينه ويعتنق الدين المتفوق المنتصر وهو الدين الأسلامي .
سوف يستغرق إقرار الأسلام في الشرق العربي حوالي تسعة قرون من الهجرة الى حكم المماليك في مصر . كانت محنة الجماعة المسيحية الشرقية على اشدها حينما يلوح في الأفق شبح الأسلام الأصولي فيحتزل الديموغرافية المسيحية ويحد من نفوذهم .
 في ظل الأمبراطورية العثمانية سينتعش الوجود المسيحي وستشهد عمليات التحول الى الأسلام انخفاضاً كبيراً وربما معدوماً في بعض مراحله ، فالأسلام كان يزداد ديموغرافياً بفضل عمليات التحول الى اعتناق الأسلام لتوسعه ، ولكن في الزمن العثماني يبدو ان اسباب هذا التحول قد تلاشت ، فرغم ان ضريبة الرأس أي الجزية بقيت سارية المفعول من الناحية النظرية ، لكنها فقدت طابعها المرهق ، فالضريبة باتت مفروضة على رأس المال والأنتاج دون تمييز على اساس الدين .
 اليهود والمسيحيون سيستفيدون من إنشاء نظام الملل حيث تفوّض الدولة الرئيس الروحي للملة وتعترف به في جميع المسائل التي لها مساس بوضعية الأشخاص من الأحوال الشخصية الى الميراث والمدرسة والمسائل الروحانية ، إنه ميثاق بين السلطان ورئيس الملة أي الطائفة او الأقلية ، فيكون لهم كيان ذاتي معترف به .
 يمكن الزعم بأن الأمبراطورية العثمانية كانت دولة تميزت بالكوزموبوليت ، فحينما خرجت من مهدها الأناضولي وتوجهت نحو اوروبا البلقانية ، كان السلطان في هذه الحال لا يجبر الجماعات المسيحية هذه للتحول الى الأسلام بل يشركها في السلطة .
لكن هذه الحالة سوف لا تستمر بعد الحرب العالمية الأولى ففي عقد من الزمان بين سنة 1914 ـ 1924 حيث تتولد من حطام الأمبراطورية العثمانية  دولة علمانية معاكسة للكوموبوليتية المتعددة الأعراق والقوميات ، لكنها في عين الوقت تنحاز بصورة عجيبة الى بنيان دولة تركية فيها : التركي المسلم فقط ، وسوف تعمل على تحطيم الميراث العثماني التعددي ، إن التراث المتعدد الأعراق الذي بني بنحو الف سنة يجري محوه بمدة عشر سنوات .
المفارقة ان الأسلام المعتدل ولنقل الخطاب العلماني يتفاخر بحياة مشتركة مع المسيحيين واليهود ، أي ان الأسلام بإمكانه العيش مع الأديان الأخرى ، لكن في الدولة التركية الأتاتوركية العلمانية كان ابعد ما يكون عن هذا التعايش ، ففي مطاوي عقد من الزمان أي بين عامي 1914 ـ 1924 اختفت خلالها الجاليتان الأرمنية واليونانية من تركيا والتي كانت تكلفتها 3 مليون من البشر بين المذبحة او الهجرة او التهجير القسري . ولا شك انها نقطة سوداء في تاريخ التعايش للمسيحيين في بلاد الأسلام . وأفرزت تلك الحرب قيام الدولة العربية بعد انسلاخ القومية العربية من ميراث الحكم العثماني ، فيما بقيت الأثنيات الأخرى في محاولة لصهرها في بودقة القومية التركية ، فحتى الأكراد اصبحوا بين ليلة وضحاها اتراك ، لكنهم اتراك الجبال في هذه المرحلة . واختفت المسيحية من هذه الدولة التي كانت وعائاً لا ينضب للمسيحية منذ نشأتها في القرن الأول الميلادي .
حبيب تومي / اوسلو
 يليه القسم الثاني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 المصادر
المصادر
ـ السيرة النبوية لابن هشام
ـ هوستن سميث : أديان العالم
ـ جريدة الشرق الأوسط  اللندنية
ــ موقع البي بي سي دوت كوم
ـ فيليب فارح ويوسف كرباج : المسيحيون واليهود في التاريخ الأسلامي العربي والتركي .



479
على تركيا التفاوض مع الرئيس البارزاني والقيادة الكردية أيضاً
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

كردستان هذه المفردة ، لا تقبل تركيا ان تهضمها ولا تريد ان تعالج المعضلات الكامنة في هذه المنطقة بمفاهيم عصرية ولا تقبل ان تعترف بمشكلة اسمها الأقليات . كان عام 1919 يمثل نقطة أمل حينما اطلق ولسون وعده بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، ومنها الشعوب التي كانت ترزح تحت النفوذ العثماني بضمنها الشعب العربي والكردي والأرمني .
 بتسليط الضوء على مجمل تاريخ الدولة العثمانية من ظهور آل عثمان حتى سقوطها بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية فإن تاريخ هذه الدولة كان يتمحور حول الفتوحات والغزوات والحروب وقمع الثورات . ومن المفارقات ان احد السلاطين طلب منه زيارة بعض الدول الأوروبية للأطلاع على مظاهر التقدم العمراني والحضاري في هذه الدول ، فكان جوابه :
انا لا أزور اوروبا إلا فاتحاً .
كانت حروب هذه الدولة تثقل كاهل الشعوب المقموعة ، إذ ان الباب العالي في اسطنبول كانت تصله الضرائب المفروضة على هذه الشعوب لكي يغذي مسلسل الحروب المتواصلة ، ثم يجند الشباب في الولايات التابعة لرفد الجيش بالعنصر البشري . لقد كان دخول الدولة العثمانية الحرب الى جانب المانيا نقمة على شعوب المنطقة . فقد ارسلت تركيا 20 ألف جندي عراقي من ابناء الكاظمية وسامراء وديالى ، ارسلتهم الى سفوح جبال القفقاس ولم ينج منهم سوى 200 شخص ( فخري الزبيدي : بغداد من 1900 ـ 1934 )  في القوش البلدة الصغيرة لجأ شبابها الى الجبال للتخلص من الجندرمة ، لكنهم نجحوا في استدراج حوالي 50 شاباً فجندوا في القوات التركية وكان مصيرهم الموت من الجوع والبرد ولم يرجع واحداً منهم .
تركيا اليوم لا تقبل ان تراجع مراجعة انسانية عقلانية لتاريخها ازاء الأقليات ، ولا تقبل ان تعترف بشعب اسمه ، الشعب الكردي ، الذي يبلغ تعداده الملايين داخل الدولة التركية .
إن تركيا بإصرارها على اعتبار اكراد تركيا كأتراك جبليين ومحاولتها صهرهم في بودقة القومية التركية ، وصد كل جهد يفضي الى إشهار وبلورة الهوية القومية الكردية ، انها تخدع نفسها قبل ان تخدع الآخرين . وهي ماضية في نظرتها هذه وتحاول وأد التجربة الكردية في كردستان العراق .
لقد اثبت الشعب الكردي في العراق انه ليس عبارة عن قبائل متناثرة في المرتفعات الجبلية همها القتل والتسليب ، لقد أثبت هذا الشعب عندما رفع الحيف والظلم عنه وأتيح له ان يستقر ومنح قدراً من الحرية ، أثبت انه شعب محب للبناء والتعمير ولتعميق المفاهيم الحضارية ولقبول الآخر بروح انسانية بعيدة عن التعالي والتعصب .
إن تركيا تريد ان تغمض عيونها وتتجاهل تجربة أقليم كردستان الرائعة ، إنها تتفاوض مع الحكومة العراقية ولا تقبل ان تمد يدها للقيادة الكردية في أقليم كردستان . ان كان رئيس الوزراء التركي  رجب طيب اردوغان والقيادة التركية يمثلون الشعب التركي ، فإن الرئيس مسعود البارزاني والقيادة الكردية يمثلون الشعب الكردي . إن الحكومة التركية تمد يدها الى الحكومة العراقية لحل المعضلة وهذا حق لا خلاف عليه ، لكن ماذا بها تتجاهل الأتصال المباشر بالقيادة الكردية التي هي محور حل المعضلة ، اليست قوات البيشمركة الكردية هي التي تحافظ على الحدود العراقية مع تركيا ؟

 

إن تركيا لا تريد الأعتراف بأن من يستطيع ضبط الأمن على الحدود بين البلدين هم حصراً قوات البيشمركة الكردية ، لكن الأسم الكردي يؤرقها ، وهي تحاول إبقاء الأضواء مسلطة على بضعة آلاف من مقاتلي الحزب العمال الكردستاني المتخندقين في الغابات والشعاب الوعرة لجبل قنديل داخل الحدود العراقية ، وبهذا تريد التعتيم على قضية 16مليون كردي يريدون إشهار هويتهم وحقوقهم القومية .
لا تقبل تركيا التفاوض مباشرة مع القيادة الكردية ولكنها تطلب من هذه القيادة ان تسلمها الأكراد الأتراك وهذا بعيد عن حقوق الأنسان وعن الأخلاقية المجتمعية والسياسية . وصدق الأستاذ الرئيس جلال الطالباني حينما صرح بقوله : تسليم قيادات حزب العمال الكردستاني حلم لا يتحقق ، ثم أردف بقوله باللغة الكردية : نحن لن نسلم رجلاً كردياً الى تركيا .. بل لن نسلم حتى قطة كردية .
الرئيس مسعود البارزاني كان صريحاً وشجاعاً بقوله : إننا سندافع عن كردستان إذا ما تعرضنا الى عدوان مباشر . وأضاف البارزاني  إذا اعتمدت تركيا حلاً سلمياً فسنقوم بكل ما لدينا من امكانيات لمساعدتها ، لكن تحت التهديد من الصعب ان نقوم بأية خطوة .
العقلانية تقتضي حل مسألة مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي بالتفاوض والتفاهم بين كل الأطراف التي يعنيها الأمر ، أما مسألة اجتياح اقليم كردستان وزجه في فوضى شبيهة بالتي تجتاح مدن العراق ، فإن ذلك ينبغي الأستعداد له للذود عن منطقة اسمها كردستان تخوض تجربة حية في تطبيق القانون وبناء الوطن والأنسان ، ويسود الوئام والسلام في ربوعها .
إن تركيا التي تفكر في تعقيد المسالة من اجل الوصول الى أهدافها تفكر في فرض عقوبات اقتصادية على أقليم كردستان ، ولا ندري أي مضامين انسانية تكمن في فرض عقوبات على شعب من اجل تحقيق اهداف سياسية ، إن على تركيا ان تفكر في حلول أخرى بأن تحل مسألة الأكراد والأقليات بمنظار آخر غير منظار التعتيم على معضلة الأقليات ومحاولة صهرها في البودقة القومية التركية .
من جانب آخر نقول بكل إخلاص للقيادة الكردية ان مقاتلي حزب العمال يشكلون ذريعة لكل من يتربص للنيل من كردستان وتجربتها الرائدة والعمل على  دفنها وهي في المهد ، وهنا ينبغي وضع المعادلة في الميزان لدراستها بعقلانية وحكمة دون الأنجرار وراء العواطف ، وعلينا ان نقارن الفوائد والأضرار التي تشكلها عمليات الحزب العمالي الكردستاني على مجمل القضية الكردية عموماً وعلى التجربة الكردية في اقليم كردستان العراق خصوصاً .
 ونتمنى ان تنقشع الغمامة السوداء من سماء كردستان والوطن العراقي عموماً فتتلألأ النجوم في السماء الصافية وتتدفق ينابيع الأمل والسلام  والأمان في  ربوع وطننا العراقي العزيز .
حبيب تومي / اوسلو









 







480
فضائية عشتار وسهرة طرب من القوش
بقلم / حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

" القوش "
هذا الأسم الجميل كائن في اعماقنا ، راسخ في عقولنا ، يمثل البوصلة التي تلوّح الى الوطن دائماً ، إنها الفنار الذي يرشدنا نحو الوطن في حلنا وترحالنا . لا اجمل من ان نتفيأ بظلال ذكرياتنا عبر مرور قوافل الزمن ، فتعود الأحلام الوردية في الليالي الربيعية  المقمرة ، ونبحر بقاربنا نحو دفئ الذكريات الى ذات المرافئ اللذيذة أيام الطفولة والشباب في منعطفات أزقة القوش الضيقة وبيادرها وكنائسها وسوقها ومدارسها وهوائها العليل وكهوفها التاريخية وحقولها الخضراء وناسها الطيبين وجبلها الأشم وهو الصديق الوفي والشاهد الوحيد الدائم لعراقة هذه المدينة التاريخية .
شاهدنا على مدى ساعة ونصف الساعة برنامج جميل عن القوش تحت عنوان " سهرة طرب من القوش " اشترك فيه نخبة من الشعراء والمطربين والممثلين ، لقد مر الوقت بسرعة وهذا دليل تعلقنا بالبرنامج الشيق ، لكن هذا لا يمنعنا من إبداء ملاحظات نقدية بناءة نرى فيها الصواب ، ولكنها ليست محصنة من احتمالات الخطأ .
الشابة مقدمة البرنامج لم اتوصل الى معرفة اسمها وكنت اتوقع ان اقرأه في نهاية البرنامج لكن يبدو انه اهمل او ربما فاتتني قراءته .
كانت مقدمة البرنامج بارزة في حضورها تستقطب لقطات كثيرة من الكامرة والضوء . كانت جميلة بشبابها وزيها الألقوشي التراثي وابتسامتها اللطيفة التي رافقتها في معظم فقرات البرنامج ، فأظهرت الكامرة انسجامها واندماجها مع اجواء سهرة طرب من القوش . وينبغي ان نذكر انها كانت مسترسلة في اسئلتها  ، لكن لا حظت انها تفتقر الى التلقائية والعفوية بعد الأنتهاء من طرح السؤال مباشرة ، وثمة جانب آخر  في توقيت السؤال ووجه ملائمته ، وكمثال غير حصري سالت مقدمة البرنامج الزميل غزوان رزق الله : كيف كان الألاقشة يقضون اوقات فراغهم ايام غياب الراديو والتلفزيون ، وكان غزوان موفقاً في الأجابة عن هذا السؤال وأورد مثال الرجال الذين كانوا يجلسون ويتسامرون عند قنطرة محلة اودو ، وفي الحقيقة كان هذا السؤال  ينبغي ان تطرحه مقدمة البرنامج على الصديق جميل حيدو بداعي المرحلة العمرية التي تفيض بالذكريات عبر السنين الطويلة .
 لقد كان غزوان يتحدث بلغة الأكاديمي العارف وبلغة كلدانية صافية وهو يريد ان يقول ان المسرح هو وجهته رغم بروزه في مجالات أخرى .
الزميل الصديق جميل حيدو ذكّرنا بمسرحيته شيرو ملكثا التاريخية وهي باللغة الكلدانية ، وسمّعنا أشعاراً جميلة وكان موفقاً في طريقة قراءته لقصيدته الشعرية ( معلم : ملبانا )  .
لدي ملاحظة هنا حينما سألت مقدمة البرنامج الزميل جميل حيدو سؤالها :
 كيف ترى الشعر قديماً وحديثاً ؟ وكان الجواب ان الشعر سابقاً كان عبارة عن منحلياثا دون ان يكون له أي قواعد للشعر ، لكن الشعر اليوم يخضع لضوابط وقواعد شعرية .
 يبدو ان الأجابة عبرت على مقدمة البرنامج دون معارضة منها ، كيف كان الشعر القديم عبارة عن ( منحلياثا ) ؟ وغير خاضع لضوابط ، إنه زعم لا يستند على الواقع  ، فهناك المنحلياثا والأهازيج الشعبية التي تقال في المناسبات وهناك الشعر الموزون والمقفى ، إن كان حديثاً او قديماً ، وعلى مقدمة البرنامج ان تلاحظ الجواب وتناقشه ، إن تطلّب ذلك ،  قبل الأنتقال الى السؤال التالي .
الزميل الفنان عماد ربان كان بارعاً في تقديم مقامه معتمداً على قدرته الصوتية وتجربته الطويلة في الغناء والكلمات الجميلة التي سطرها له الصديق الشاعر فاضل بولا :
لبّي بحبّاح متريلا   أيني منّاح لا سويلا ...
الشابة الجميلة الممثلة فالين ، واعتقد هي ابنة الصديق ابلحد سورو ، ومن حديثها كان يبدو إلمامها بالمسرح ولها هواية التمثيل ولا سيما على خشبة المسرح ، واعتقد الواجب يقتضي تشجيع هذه المواهب الشابة .
الشاعرة منال ابونا كانت متمكنة وتتسلح بلغة غنية زاخرة بالألوان توظفها برشاقة للتعبير عن المشاعر الجياشة ، كانت تصول في جولاتها بين واحات الأفكار ودهاليز الخيال بمقدرة الفارس المتمرس الشجاع .
اطربنا نديم الألقوشي بأغنياته الجميلة ونتمنى له مستقبلاً زاهراً ، وكان للشاب العازف رضوان حضور واضح ومؤثر في سير البرنامج وهذا ما قامت به الشابات مع الشباب الذين اشتركوا بملابسهم الألقوشية الجميلة بالدبكات الفولكلورية التراثية لشعبنا الكلداني .
 المطرب ريمون كان له حضوره الواضح من خلال اغانيه لا سيما اغنية ( شوقناخ بشينا يوما خرايا ) .
 لقد كان للمخرج التفاتة ذكية حقاً في المداخلة الشعرية للشاعرة منال مع اغنية ريمون ، أزعم انها اجمل لقطة مؤثرة خلال البرنامج .
وأخيراً كان الممثل غسان الصفار الذي افلح في تبديل جو الحزن والشوق والآلام الى مناخ فيه شئ من المرح والفكاهة ، وهو يسترسل بلغته الألقوشية المحببة بأنه ممثل وشاعر هاوٍ  ، ونتمنى له ولكل هذه الطاقات الشابة ان تأخذ دورها ونصيبها في المسيرة الثقافية والفنية والرياضية في القوش الحبيبة .
واعتذر مقدماً إن كان ثمة خطأ في الأسماء ، او إن كنت نسيت او اغفلت التعليق عن اسماء اخرى كان لهم حضور في هذا البرنامج ، فالبرنامج تكامل بجميع المساهمين فيه .
بقي ان نقول :
ـ كان يجب على مقدمة البرنامج ان تقدم كل شخص قبل محاورته بنبذة مختصرة وهو يعطي معلومات إضافية عن عمره شهادته .. الخ .
ـ كان واضحاً ما تشكله السماعة من عائق  لقارئ القصيدة وكان يفضل ربط السماعة الصغيرة كالتي كان لمقدمة البرنامج .
ـ كان اسم البرنامج هو " سهرة طرب من القوش " وهذا يوحي للمشاهد ان الحلقة سيحضرها المطربون والعازفون وربما الملحنون ، لكن الحلقة كان فيها اعداد متساوية من الشعراء والممثلين المسرحيين والمغنين ، فتسمية ،  سهرة طرب من القوش ، لم يتلائم مع ماعرض من اشعار ومناقشات حول المسرح والمسرحيات .
 العمل مهما كان ناجحاً لا بد ان تشوبه بعض الهفوات وهذا لا يقلل من شأن البرنامج . وسيبقى الوقت الذي أمضيناه مع برنامج " سهرة طرب من القوش " ذكرى جميلة ليس الى نسيانها سبيل .
 ونأمل الا تكون زيارات قناة عشتار لألقوش زيارة الغرباء أي بالسنة حسنة ، ولا نرضى بأغينة فيروز : زوروني كل السنة مرة .. حرام ، إنما نريد ان تكون زيارات متكررة ، إن ألقوش تشكل احد الأهرامات الثقافية والتراثية الأصيلة والتي ينبغي تسليط الأضواء عليها كي لا يطويها غبار النسيان مع تقادم الأيام والأعوام .
 حبيب تومي / اوسلو
 





481
شكراً للأستاذ المالكي لكن نطلب اعتذار الحكومة لشعبنا المسيحي    
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habibtomi@yahoo.com

سوف لا نحاول في هذا المقال إثبات تأثيل وعراقة المسيحيين العراقيين من القوميات المتآخية الكلدانية والأرمنية والسريانية والآشورية ، وامتداد جذورهم الى سحيق الأزمنة التاريخية في تربة الوطن العراقي  لأن ذلك مثل من  يحاول إثبات حقيقة ان الشمس تبزغ من الشرق وتغيب في الغرب ، لكن نورد بعض الأرقام التي تتناول التاريخ الديموغرافي للمسيحيين في المنطقة التي تعرف اليوم بالمشرق العربي وكانت هذه المنطقة التي نقصد بها الدول المعاصرة : السعودية وسوريا الكبرى ومصر وبلاد الرافدين في لحظة بداية الوحي الأسلامي  حيث ان التقديرات السكانية تشير الى تعداد 15 مليون نسمة من المسيحيين وأقل من ربع مليون نسمة من اليهود ولا يوجد مسلم واحد  وذلك في مطاوي القرن السابع الميلادي .
وكانت بلاد الرافدين اكثر هذه الدول كثافة للسكان حيث تبلغ نفوسه بحدود 9 ملايين نسمة 90% منهم مسيحيون ( راجع فيليب فارج ويوسف كرباج " المسيحيون واليهود في التاريخ الأسلامي العربي والتركي " ترجمة بشير السباعي ص 44 ط1 سنة 1994 القاهرة ) .
 كان في صالح الفتح الأسلامي هو الحروب التي انهكت كل من بيزنطة وفارس وكانت بلاد الرافدين تنتقل بالتناوب من نير الى آخر حيث يتعرضون للأبتزاز لتمويل آلة الحرب العسكرية ، وكانوا مستعدين لتغيير سادتهم .
منذ زمن نبي الأسلام محمد بن عبد الله قسم البشرية الى مجموعتين : البلد الذي تديره الدولة الأسلامية وهي دار السلام ، وبقية الكون هو دار حرب يجب فتحه ، فالحرب توسع دار الأسلام على حساب رقعه دار الحرب .
ومنذ الفتح الأسلامي تدهورت حالة المسيحيين وأخذت أعدادهم في التناقض ، حيث كانت تفرض عليهم الجزية والخراج إضافة الى التشريعات الغريبة التي كانت تتخذ بحق الذمي التي كانت تنتقص منزلته الأنسانية ، وهي كثيرة ومن يريد مراجعتها فهي مدونة في كتاب " ابن قيم الجوزية : احكام اهل الذمة " وهي احكام غريبة تنتقص من مكانة الأنسان وتبتعد عن روح العصر المتسمة بتساوي كل البشر بغض النظر عن اللون او العرق او الدين او المذهب ...
 كل تلك المظالم والتمييز الهائل بين المسلم واللامسلم اجبر سكان العراق للتحويل عن دينهم الى الدين الجديد وغيروا لغتهم الى لغة القوم المنتصر .
 ومنذ تاريخ الفتح الأسلامي بدأ عدد المسيحيين واليهود في العراق في التناقص وكانت أحوالهم تتذبذب وفق مزاج الحاكم  وسيطرة الأسلام أصولي ، بعضهم يميل الى تخفيف هذه الأحكام التمييزية الظالمة ، وآخر يشدد في تطبيقها ، ولكن المحصلة الأخيرة كانت تصب في صالح التشديد .
 اليوم
ينبغي ان تعرف حكومتنا ان المسيحيين في العراق ليسوا اهل الذمة ، إننا مواطنون عراقيون من الدرجة الأولى ، نحن معنيين بالدفاع عن وطننا العراق ، ولا نطلب من الحكومة حمايتنا من عدوان خارجي ، لكننا نطلب من الحكومة حمايتنا من اللصوص والعصابات الأجرامية والمنظمات الأرهابية التي تقتل المسيحيين والمسلمين واليزيدية على حد سواء ، فعلى الحكومة العراقية ان تتعامل مواطنيها بمفاهيم عصرية متطورة مبنية على الديمقراطية وحقوق الأنسان وحقوق الأقليات التي تقرها المعاهدات الدولية ولوائح حقوق الأنسان .
 نحن مواطنون عراقيون نحمل شهادة الجنسية العرقية مثلما يحملها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ويحملها الفلاح او العامل العراقي في البصرة او في السليمانية او أي منطقة من مناطق العراق .
إن ما ترتكبه التنظيمات الأرهابية والعصابات الأجرامية من القتل والتنكيل بحقنا يدل على الروح الحاقدة التي تحملها تلك التنظيمات على كل ما هو عراقي اصيل .
ان الأنصاف والعقلانية تقتضي ان نشكر دولة رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي لدى مقابلته البطريرك ـ الكاردينال عمانوئيل الثالث دلي ، الرئيس الديني للشعب الكلداني في العراق والعالم . حيث  قال :
إننا ندعم المسيحيين في العراق وندافع عن حقوقهم ونعمل على تحقيق مطالبهم لتمكينهم من البقاء في الوطن وعدم اللجوء الى الهجرة .
 وأضاف سيادته :
ان الحكومة مستعدة لتقديم شتى انواع الدعم من اجل عودة المهاجرين من المسيحيين وتوفير ظروف الحياة الحرة الكريمة لجميع العراقيين . 
 وختم المالكي حديثه للكاردينال عمانوئيل دلي بقوله :
إن تكريمكم بهذا المنصب هو تكريم للعراقيين ، ونصر للعراق وتعزيز لمكانته في العالم ، خصوصاً في ظل مواجهة الأرهاب والتطرف والطائفية ، وإن الحكومة ستقدم كل ما تستطيع في سبيل إنجاح مهمتكم .
ومن جانبه قال الكاردينال البطريرك عمانوئيل الثالث دلي : انه يبارك جهود الحكومة في العراقية في بسط الأمن وفرض سلطة القانون ، مشدداً ان يعمل على وضع هذا المنصب في خدمة جميع العراقيين .
هذه خطوة جيدة من جهة ان الحكومة العراقية تدرك حجم المعانات التي يتحملها المسيحيون العراقيون وهي بصدد التخفيف عنهم .
 لكن يبقى الموقف المطلوب من الحكومة العراقية قائماً وهو ان تعتذر الحكومة العراقية لشعبها المسيحي ، ليس بسبب تعريفهم بالجالية المسيحية فحسب ـ إنما  لسكوتها المطبق لكل ما تعرض له هذا الشعب بسبب هويته الدينية ، وتعويضه عما لحق به من نهب وسلب وقتل وخطف وتهجير ، وأخيراً ما بدر منها باعتبار المسيحيين بكونهم جالية مسيحية . والجالية كما هو معروف هم المهاجرون الذين تركوا اوطانهم ونزلوا مدينة او بلاداً غريبة فتوطنوها ، فإن كنا جالية فمن اين قدمنا للعراق ؟
 إن الحكومة العراقية مطلوب ان تتسم  بفضيلة وشجاعة الأعتذار للعراقيين المسيحيين .   
حبيب تومي / اوسلو

482
تعيين الكردينال عمانوئيل دلي تشريف للعراق وللشعب الكلداني 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

الفاتيكان اصغر دولة مستقلة في العالم تقع جنوب أوروبا في قلب العاصمة الأيطالية روما ، وكانت الى عام 1929 تشكل جزءاً من الدولة الأيطالية لكن في ذلك العام تم الأتفاق على إنشاء دولة ذات كيان مستقل تدار من قبل بابا الفاتيكان مباشرة . وهو يعتبر الأب الروحي لنحو مليار مسيحي كاثوليكي منتشرين في بقاع الأرض ، ويتجمع تحت مظلة هذه الكنيسة عناوين مختلفة لشعوب أقوام فتجمع الكنيسة الكاثوليكية الجامعة كنائس مختلفة منها :
1 ـ كنيسة الروم الكاثوليك
2 ـ كنيسة السريان الكاثوليك
3 ـ الكنيسة المارونية
4 ـ كنيسة الأقباط الكاثوليكية
5 ـ كنيسة الأرمن الكاثوليكية
6 ـ كنيسة الكلــدان الكاثوليكية
7 ـ الكنيسة اللاتينية في القدس

كان الشأن العراقي من الأهتمامات الرئيسية لقداسة بابا الفاتيكان ، حيث يمر هذا البلد بمآسي ونكبات انسانية منقطعة النظير ، إن الشعب العراقي بكل تكويناته الدينية والأثنية والقومية والمذهبية قد تعرضت الى مسلسل ارهابي من قتل واختطاف وتهجير ، وكان كل الخيرين يقفون الى جانب الشعب العراقي
في محنته وفي مقدمتهم بابا الفاتيكان بندكتوس السادس عشر .
إن هذا الظلم والأرهاب كان أشد أيلاماً على الأقليات الدينية حيث يؤلفون الحلقة الضعيفة في البنيان الأجتماعي لمكونات نسيج المجتمع العراقي ، ويأتي المسيحيون من الكلدانيين والآشوريين والسريان والأرمن في مقدمة من طالهم هذا الظلم والأرهاب ، ويراد في هذا الأرهاب زرع الفتنة بينهم وبين اخوانهم المسلمين .   
ويشكل الكلدانيون النسبة العالية من مسيحيي العراق ، وينتشر الكلدانيون في انحاء المعمورة ويقدر عددهم بحوالي 2 مليون نسمة ، لكن  العراق يعد موطنهم الأصلي . ولهذا كان مقر البطريرك الكاثوليكي لكنيسة الشعب الكلداني في بغداد وسميت كنيسة بابل الكلدانية .
لقد تعرض الكلدانيون في العراق الى شتى صنوف الأرهاب والتطهير الديني والعرقي ، إنهم سكان هذه البلاد الأصليين ، وتقول موسوعة تاريخ الخليج العربي (محمود شاكر ج1 ص42 ) إن الدولة الكلدانية كانت مقسمة الى 23 ولاية أدارية وكل منها عليها مسؤول متصل مباشرة بالملك وكان وضع القطر البحري في رأس قائمة المقاطعات الكلدانية وهذا يدل على مكانة الخليج لدى الملوك الكلدانيين وقد طغى الأسم الكلداني حتى ان الخليج العربي اليوم سمي باسمهم وعرف بالبحر الكلــدانـي .
لقد خدم الكلدانيون وطنهم ومدوه بكثير من المفكرين والعلماء والمثقفين ، وعملوا في بنائه ودرسوا وتاجروا وعملوا في الزراعة والصناعة والفن والطب والعلوم وكان لهم الحضور الدائمي في بناء الحضارة العراقية على مر العصور .
لكن اليوم تطرق ابوابهم من قبل العصابات الأجرامية او من قبل الأسلام الأصولي  وتفرض عليهم اتاوات باسم الجزية او تغيير دينهم ،  او ترك مساكنهم ، وهكذا هجروا من بيوتهم وتعرضت كنائسهم الى التفجير والعبث والتدنيس وانتهكت اعراضهم وسلبت اموالهم واختطف قسّانهم ... كل هذا والحكومة لا تحرك ساكناً ، بل المضحك في امر الحكومة ( وشر البلية ما يضحك ) انها اعتبرت السكان العراقيين المسيحيين من الكلدانيين والآشوريين والسريان والأرمن انهم جالية مسيحية ، لا نقول اكثر من : عجيب أمور غريب قضية .
 كان قداسة البابا قد أدرك مدى الحيف والظلم الذي يتحمله الشعب الكلداني في العراق ، وما يقاسيه البطريرك عمانوئيل دلي ، وهو يقيم بين شعبه ، هذا الشيخ الوقور لا يدخر جهداً في التخفيف عن مصائب شعبه ، إنه يتصل بالمسؤولين والمنظمات والأحزاب ويرجو ويطلب ويناشد ويصلي من اجل التخفيف عن هذا الشعب لقد كان هذا الأنسان الذي يحمل على كاهله ثمانون عاماً يعمل من أجل شعبه بروح الشباب ، إنه قوي بضعفه ، شجاع لا يهاب الموت من أجل حقه وحق شعبه ، يكافح من اجل المحبة والسلام  .
 إن قداسة البابا بندكتيوس السادس عشر ، قد أدرك هذه الحقيقة وأراد من موقع الشعور بالمسؤولية ان يكافئ هذا الشعب ،الشعب الكلداني ورئيسه الروحي البطريرك عمانوئيل الثالث دلي والقوى المعتدلة والأنسانية في العراق وشعب العراق المظلوم وكان قراره بمنح منزلة الكاردينال للبطريرك الكلداني العراقي كامتياز للشعب العراقي الجريح  ووفاء للشعب الكلداني في محنته ، وتكريم لقداسة البطريرك في جميل صبره وعمق تحمله  .
لم يسبق للكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني ان يتم اختيار بطريركاً ليكون كاردينالاً في الكنيسة الجامعة حيث كان اتحاد كنيسة المشرق مع الكنيسة الجامعة في مطاوي القرن الخامس عشر ويومها أعيد للشعب الكلداني اسمه التاريخي لتأخذ الكنيسة الكاثوليكية في العراق اسم شعبها التاريخي لتصبح الكنيسة الكلدانية ، وليصبح البطريرك بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم .
البطريرك عمانوئيل الثالث دلي معروف بوسع ثقافته وببساطة معيشته وانسجامه مع شعبه ، وتقاسم المعاناة معه ، وسعيه لتوطيد العلاقات الأجتماعية والوطنية مع كل شرائح المجتمع وفي المقدمة تجسير روابط التفاهم مع المسلمين من السنة والشيعة والعرب والأكراد والتركمان واليزيدية وكل مكوناة الشعب العراقي  ، من كل هذا كان تقليده لدرجة الكاردينال وفاءً لهذا الأنسان المخلص ولشعبه الكلداني ولوطنه العراق .   
حبيب تومي / اوسلو


 

 

483
إقرار المزيد من الأمتيازات لأعضاء البرلمان أثلج صدورنا
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
تترتب على أعضاء البرلمان العراقي واعضاء الحكومة العراقية المنبثقة من أعضاء البرلمان او من خارجه   حقوق وواجبات ومسؤوليات وهذا امر طبيعي مألوف لا يحتاج الى تعليق .
كان لنا امل كبير في ان نشترك في انتخابات حرة ديمقراطية وينبثق برلمان يحقق مصالح الناخبين من المواطنين الذين اوصلوهم الى مبنى البرلمان .
 لكن ماذا حدث للتجربة العراقية الديمقراطية ؟
الذي حدث ان اعضاء البرلمان ـ وهم في الغالب من الأحزاب الطائفية يغلب عليهم الخطاب الديني  السياسي ـ وأعضاء الحكومة  تحصنوا في معاقلهم في المنطقة الخضراء وكل منهم شكل له قوات حراسة شخصية لتأخذ هذه القوات أشكال ميليشيات ، وباتت الصراعات بينهم تتأجج من أجل المناصب والمكاسب ، وغاب عن ذاكرتهم اسم شعب يعرف بالشعب العراقي .
 المواطن العراقي لا يريد الأنقلاب على البرلمان اوعلى الحكومة ولا يطمح الى مناصب عالية في السلك الحكومي ، إنما كانت انتخابهم لهؤلاء السادة كي يحققوا لهم :
الأمان والأستقرار، توفير الطاقة الكهربائية الضرورية للحياة المعاصرة ، الغاز والبنزين  الماء العذب الضروري لحياة البشر ، الصرف الصحي للمياه الثقيلة ، ايجاد أعمال للعاطلين عن العمل ، إكساء الشوارع وتبليط الطرق ، الأهتمام بالأطفال والتعليم ،العناية الصحية ، وغيرها من اأمور الخدمية  الطبيعية الأعتيادية التي تقوم بها كل الحكومات من الدول المجهرية مثل ساو تومي في افريقيا واصغر دولة في العالم وهي نورو 10000 نسمة مسحتها 2 , 21 كيلومتر مربع الى الدول مثل الصين والهند ، ومن نيوزيلندة في اقصى الجنوب الى بلاد الأسكيمو واسلندا في الدائرة القطبية الشمالية فإن الحكومات تقوم بخدمة شعوبها  وتؤدي واجبها مقابل الراتب الذي تتقاضاه من ميزانية الدولة ، باستثناء حكومتنا التي تخدم نفسها وتحافظ على منطقتها وتصدر القرارات لمزيد من المكاسب لأعضائها .
والمناقشات التي تدور في اروقة البرلمان العراقي والحكومة معظمها يدور حول تحقيق المكاسب والمناصب للجهات العليا في مؤسستي الحكومة والبرلمان ، أما المناقشات والحوارات حول تقديم الخدمات الضرورية للشعب اصبحت في خبر كان .
واليوم نقرأ خبراً  يفيد بأن مجلس الرئاسة العراقي وافق على قرار جديد يمنح بموجبه رئاسة واعضاء البرلمان امتيازات أخرى . ونص القرار ان يتمتع رئيس مجلس النواب ونائباه بكافة الحقوق والأمتيازات التي يتمتع بها رئيس الوزراء ونائباه فيما يتمتع عضو البرلمان بكافة الحقوق والأمتيازات التي يتمتع بها بها الوزير في جميع المجالات المادية والمعنوية .
 كما وافق مجلس الرئاسة على منح رئيس وأعضاء البرلمان وجميع افراد اسرهم جوازات سفر دبلوماسية ( موقع اخبار ) .
والسؤال يأتي في محله : وماذا عن جوازات سفر العراقيين ؟ هي تسلم لهم بتلك السهولة التي يحصلها اعضاء البرلمان العراقي ؟ ولماذا تتفق الحكومة العراقية مع سوريا لكي تفرض التأشيرة على العراقيين الفارين من العراق ، هل استقرت الأوضاع في العراق ؟
إنها معضلة كبيرة حينما تغدو الحكومة عاجزة عن حل مشاكل البلاد ، وتلجأ الى إصدار قرارات فيها المزيد من المكاسب لأعضائها في قمة الهرم التنظيمي المتمثل في الحكومة والبرلمان .
ومن جميل الصدف ان أقرأ مقالاً للكاتب خالد القشطيني في جريدة الشرق الأوسط يقول فيه :
ان الملك فيصل الأول كان في زيارة للندن وأراد ان يشتري سيارة لاستعماله الشخصي ، لكن ما يملكه لا يكفي لشراء سيارة جديدة فقرر النزول الى مستوى السيارات المستعملة ، ووجد سيارة مارسيدس ( سكند هاند ) وبعد كثير من المساومة اتفقا على السعر ، ومع ذلك وجد الملك فيصل انه غير قادر على تسديد الثمن ، واقترح على المعرض بيعها له بالتقسيط ، ولكن صاحب المعرض لم يسبق له ان باع بالتقسط لشخص أجنبي ، فسأله هل عندك كفيل في هذا البلد يكفلك ؟
فطرح الموضوع على وزارة الخارجية البريطانية لعلهم يجدون له كفيلاً  وفعلاً وجد حلاً لمشكلته ، فاشترى السيارة بالأقساط وكتب في العقد :
 المشتري : فيصل بن حسين
المهنة : ملك
العنوان الدائم : البلاط الملكي ، محلة الميدان ، بغداد .
الكفيل : وزارة الخارجية البريطانية
وعندما وصلت السيارة المستعملة الى بغداد كان يوماً حافلاً بهيجاً من الأيام القليلة البهيجة التي ذاقها المغفور له في حياته .
اما المرحوم نوري السعيد الذي كان رئيساً للوزراء 14 مرة فإن زوجته ظلت تعيش بقية عمرها على مبلغاً زهيداً خصصته لها الحكومة البريطانية ، وابنته انتهت حياتها في دار للرعاية الأجتماعية في بغداد .
كيف نقارن الأمانة والأخلاص والحرص على اموال الدولة ومصلحة الشعب  في تلك الأيام ، بما نشهده اليوم من التسابق والتصارع والتقاتل من اجل براميل النفط ، والأستحواذ على ثروات الشعب ، وإبقائه في خانة الشعوب الفقيرة .
 إن مشاكل الحكومة هي كامنه بها ومنها لأنها حكومة مبنية على اساس طائفي يمزق وحدة البلاد وتهادن الميليشيات التي تعمل على زعزعة الأمن في البلد وتهمش دور الحكومة ، فتصبح ( الحكومة ) جهازاً مشلولاً  لا خير يرجى منه .

لا أدري أين تقف الحكومة والبرلمان من متطلبات الحياة الأساسية للمواطن العراقي . وكما هو معروف يكافئ الأنسان في وظيفته حينما يقدم خدمة مميزة  لشعبه ، وسؤالنا ماذا قدم البرلمان والحكومة العراقية للشعب : هل قدما الأمن والأستقرار ؟ الجواب كلا ! والدليل هو الفرار الجماعي والهجرة  التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ العراقي ، كما ان العراق  في مقدمة الأمم في تفشي الفساد الأداري والمالي ، ثم ياتي غياب او ندرة الطاقة ان كانت كهربائية او وقود السيارات ، وانعدام خدمات الصرف الصحي والعناية الطبية وصعوبة الحصول على جوازات سفر والى آخره من القائمة الطويلة .
 في العهد الملكي كان للشعب مشاكل اساسية ومنا الغلاء ، والحكومة بدورها بادرت الى تسعير  بعض المواد بضمنها الفواكه والخضر وبادر الصحفي العراقي سعيد ثابت ( إن لم تكن الذاكرة قد خانتني )  الى نشر نص برقية الى الحكومة العراقية في  جريدته الساخرة حبزبوز  يقول فيها :
 تسعيركم الشلغم أثلج صدورنا .
 وبدورنا نقول لكم يا اعضاء البرلمان الف مبروك على المكاسب الجديدة ، وإن حصولكم على المزيد من الأمتيازات أثلج صدورنا .
حبيب تومي / اوسلو 

484
الرئيس مسعود البارزاني العقلانية في درء اخطار الحرب لمواصلة البناء
بقلم: حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com
ما اشبه اليوم بالبارحة ، لا جديد في الموقف التركي من القضية الكردية ، تدخل واجتياح وتحليق طائرات عسكرية وقصف مدفعي  .. وكل ذلك يجري وسط تعتيم اعلامي وصمت دولي ، ولا نحتاج الى نباهة لكي نستعلم سبب ذلك . فتركيا محصنة ضد القوانين الدولية ومتطلباته نظراً لموقعها الأستراتيجي في الحلف الأطلسي ، وهي متهمة بالأبادة الجماعية ضد الأرمن في عام 1915 ، وقتلت عشرات الآلاف من الأكراد ، وهي ترفض إعادة النظر بتاريخها ، ولا تقبل بالممارسات العقلاينة في الوقت الحاضر أيضاً .
لم يفرض على تركيا عقوبات دولية كالتي فرضت على صدام رغم انها سيرت قواتها العسكرية ودباباتها وطائراتها واجتاحت حدود العراق وتوغلت في عمق كردستان العراق ولم تصدر بحقها اية إدانة او عقوبات لحد الآن .
إن المنظور الأخلاقي للعلاقات الدولية له معايير من الصعوبة بمكان تحديدها ، ويرى ميكافيللي ان الأعتبارات الأخلاقية غير مناسبة في السياسة لا سيما في  العلاقات الدولية ، وهناك من يؤكد ان الدفاع عن المصالح الوطنية او القومية هي بدوافع اخلاقية ، فمثلاً اينما تجد الولايات المتحدة مصلحتها ، فتلك قيمة اخلاقية يجب اكتسابها ، إن التضحية بالمصالح من أجل أفكار متعلقة بالمبادئ الأخلاقية عملية غير واردة على الواقع الدولي إلا ما ندر . وحينما تنشب الحروب بين الدول في الغالب تكون اسبابها هي المصالح او الخوف على هذه المصالح .
بعد سقوط النظام في نيسان 2003  أدركت القيادة الكردية وفي مقدمتها الأستاذ مسعود البارزاني اهمية العقلانية وعدم الأنجرار وراء العواطف وردود الأفعال الآنية ، لم يكن ثمة مكان للثأر او المضئ بكردستان في طريق الأنفصال ، بل كان الأنخراط الكامل في عملية بناء العراق وأصبح الأكراد شركاء في اتخاذ القرارات من موقع بات فيه الكردي مواطن من الدرجة الأولى . من ناحية اخرى فأقليم كردستان لم يتخذ من مقولة مقاومة المحتل ذريعة لشن هجمات عشوائية على المدنيين وعلى رجال الشرطة وقوات التحالف ، فسلك سلوكاًً مغايراً بعيداً عن أقحام اقليم كردستان في مستنقع الأرهاب والفوضى باسم المقاومة ، وتمسك بديلاً عن ذلك بالعقلانية والواقعية ففرض النظام والقانون في الأقليم وواكب التنمية والبناء في المناطق التي كانت تحت إدارة الأكراد منذ تحرير الكويت في اوائل سنة 1991م . واصبحت كردستان المكان الأمين لعقد اللقاءات وانعقاد المؤتمرات وأصبحت محجاً لمختلف الأطياف السياسية على خلفية  مساعي القيادة الكردية لأبرام توافقات وطنية وجهودها  لتقريب وجهات النظر وتوحيد كل مكونات الشعب العراقي .
 واليوم  وأصبح اقليم كردستان البقعة الوحيدة من العراق التي يمكن زيارتها دون خشية من عصابات القتل والخطف والأرهاب . إن كردستان اليوم حديقة عراقية غناء للمجتمع العراقي بكل اجناسه وأطيافه الجميلة تحميهم قوة النظام والقانون .
يتعرض مركب كردستان اليوم الى عاصفة هوجاء من الرياح العاتية والأمواج العالية ، وليس هناك ما يعاضدها سوى شعبها المسالم وربان دفتها الرئيس مسعود البارزاني والقيادة الكردية .
تركيا التي يؤرقها هاجس انبعاث المارد الكردي من قمقمه تريد وأد كل تجربة كردية ناجحة على حدودها  والأجهاز على كل فكر قومي كردي داخل الدولة التركية ، وهي تصر على قراءة التاريخ بسذاجة حيث لا تقر بالأعتراف بمذبحة الأرمن ولا تقبل بمنح الأكراد حقوقهم القومية التي تنص عليها لوائح حقوق الأنسان وحق تقرير المصير لكل الشعوب ، ولا تريد ان تقر ان للحرب ثمن باهض .
إن الأتراك يرمون بثقل عسكري كبير نحو العراق وعلى تخوم أقليم كردستان وأولى هذه الأشارات هي القصف المدفعي التي وصلت الى مصيف أينشكي وبرور وغيرها من المناطق ، وهي تنتظر موافقة البرلمان التركي للتوغل في الأراضي العراقية تحت ذريعة ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي .
ولنا ان نتساءل : ماذا عن موافقة برلمان وحكومة العراق ؟
وماذا عن موافقة حكومة وبرلمان أقليم كردستان ؟
هل المسألة شأن تركي داخلي صرف لا شأن للعراق او لأقليم كردستان بذلك ؟ وكأن استباحة أراضي  العراق شأن يقرره البرلمان التركي . إن هذا الأفتراض ينطبق مع إقرار ان الحق يعني القوة ، وسط غياب او تغييب العامل الدولي الذي لا يقر هذا المنطق . 
الأرض التي تقف عليها كردستان يحف بها المخاطر من كل جانب ، فالعامل الرسمي المتمثل في الحكومات المجاورة لا يسعدها رؤية أقليم كردي يرفرف على بناياته الرسمية علم كردي ويتاخم حدودها ، لاسيما تركيا ، اما الرأي العام العربي فكان الغالب عليه البروبغندا العروبية ، فالتيار القومي العربي وفي مقدمته حزب البعث كان يرى حقوق الأكراد تنحصر او يجب ان تنحصر في بعض الحقوق الثقافية والأقتصادية على الا تخرج من مظلة الأمة العربية او الوطن العربي او القومية العربية . ولا  نريد الأشارة الى ما ارتكبه الحزب بحق الأكراد لأنه واقع معلوم ولا فائدة من العودة اليه .
هذه الدعاية كانت متفشية في اوساط الشعوب العربية لكن ما يمكن استنتاجه في هذه الفترة ان شرائح كبيرة من الشعب العربي قد أدركت وأقرت بأحقية الشعب الكردي للحصول على حقوقه كاملة ويذهب بعضهم  الى درجة الأقرار بحق الأكراد في تكوين دولة مستقلة على أرضهم كردستان .
 لكن كما قلنا ان هذا لايمثل الأوساط الحكومية . فتحشيد القوات التركية على الحدود والتحرشات والتهديد باجتياح اقليم كردستان بنظري ليس بقصد القضاء على مقاتلي حزب العمال إنما هو بقصد اجهاض تجربة الشعب الكردي لما لها صدى طيب في الداخل والخارج على حد سواء .
إن الأكراد يقطفون ثمار تضحياتهم ونضالهم والحكومة التركية والجيش التركي لا يسعدهما رؤية هذه التجربة تزدهر وتتقدم خشية من تكرارها في أماكن أخرى .
في الجانب الاخر فإن الحكمة تقتضي من القيادة الكردية وفي مقدمتها الأستاذ مسعود البارزاني ان يكون لهم رؤية شاملة عقلانية لأفشال هذا المخطط  والذي يرمي الى منع الشعب الكردي قطاف ثمرة جهودهم وتضحياتهم وإجهاض التجربة الكردية وعدم مواصلة البناء ، إن كردستان التي لم تشهد استقراراً على مدى عقود واجتاحتها حروب متتالية ، مطلوب منها اليوم اكثر من أي وقت آخر  ضبط النفس وعدم الأنجرار وراء الأستفزازات والنفخ في قربة الحرب ، وذلك من اجل انقاذ سفينتهم وهي تشق سبيلها  وسط المصالح والتوازنات الأقليمية ، ان الورقة الكردية ينبغي ان يتعامل بها الشعب الكردي حصراً .
ان تجربة كردستان التي تجسدت في توفير الأمان والأستقرار والبناء والتعمير وفرض القانون ينبغي تعميمها على عموم أراضي العراق . نحن ندرك المعضلات والأشكالات والصعوبات التي تعترض سبيل التجربة الكردية الرائدة واجتياز العاصفة الهوجاء يحتاج الى قيادة عقلانية حكيمة وبنظري ان القيادة الكردية وفي مقدمتها الرئيس مسعود البارزاني مؤهلين للنهوض بهذه المهمة الصعبة .
 حبيب تومي / اوسلو   
       
 
 
 


485
     عيد سعيد يا مليار مسلم 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habibtomi@yahoo.com
عيد سعيد لكل المسلمين في انحاء المعمورة ، وبعد ان شاهدنا عبر الفضائيات العربية موائد ومراسيم الفطور حينما يتحلق أفراد العائلة حول المائدة بعد إطلاق المدفع معلناً موعد الفطور ، انها حالة إيماينة أنسانية لمراجعة النفس وفتح نوافذ المحبة والتسامح بين البشر جميعاً ، والعادات الأجتماعية والشعائر الدينية تتيحان للأطلاع ومعرفة ثقافات الشعوب ومعرفة الأديان بما فيها الدين الأسلامي من اتباع الديانات الأخرى  .
كان نبي الأسلام بمفهوم العصر الحديث إنسان واقعي ويدعو الناس ويرشدهم الى الهداية .
(( لم يرسلني الله لصنع العجائب والخوارق وإنما أرسلني للأرشاد والهداية )) .
(( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك . إن أتبع إلا ما يوحي إليّ . قل هل يستوي الأعمى والبصير ! أفلا تتفكرون : الأنعام 50 )) .
( سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً )) . ( .. إنما أنا بشر مثلكم يوحي أليّ أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا اليه ) .
وما يلخص صفات نبي الأسلام محمد بن عبدالله في مرحلة الشباب عبر التقليد الأسلامي :
 كان نقي القلب ، كريم النسب ، محبوباً من كل من حوله ، كان يتمتع بخلق دمث لطيف وعذب . وقد جعله يتمه وحرمانه في طفولته حساساً اتجاه آلام الناس في جميع أشكالها ، فكان مستعداً دائماً لمساعدة الآخرين لاسيما ( الفقراء والضعفاء ) . وقد أكسبته أمانته وإحساسه بالواجب وإخلاصه ووفاؤه مع نموه في العمر ، لقبين شهيرين عظيمين يغبطه الناس عليهما وهما " الصادق والأمين " ( د. هوستن سميث : أديان العالم 486 ) .
عزيزي المسلم عيد سعيد وكل عام وانتم بخير ، وبعد قراءة هذه المقدمة فإن الصراحة تجبرنا الى الكتابة بما يقترفه المسلمون بعد 14 قرن من انبعاث الدين الأسلامي بحق ناس ضعفاء لا حول لهم ولا قوة ، ولا نريد الأسهاب في هذا الموضوع سوى اشارت خاطفة منها :
ــ يوم 30 / 9 / 2007 وجدت جثتي الأخوين ابراهيم سهاك سركيس البالغ من 70 سنة وأخيه اوانيس سهاك عمره 64 سنة وهما مخنوقين بسلك قاطع ومقطوعي الأطراف وممثل بجثثهم .
ــ اغتيل الشهيد سمير اسطيفان ميخا دودا يوم 3/ 10 / ‏2007‏‏ م .
ــ اغتيل الشهيد فرنسواسحق في بغداد بتاريخ 7 / 10 / 2007 م .
ــ اختطف الشهيد بسام يوسف الياس (( الخادم )) ( نعم الخادم ) في كنيسة الطاهرة بالموصل بعد تأديته الخدمة الكنسية ، ووجدت جثته الطاهرة مرمية في احد أحياء الموصل .
ــ استشهد المواطن المسيحي ميسر منصور حنا من كرمليس على يد مجموعة أرهابية لأنه لم يدفع لهم مبلغ 50000 دولار لقاء الأفراج عنه .
ــ في لندن أدين 6 أصوليين بتهم تتعلق بإنشاء معسكرات تدريب الأسلاميين في بريطانيا ، وقالت مصادر المحكمة ان المحلفين استمعوا الى محادثة سرية بين حميد وأبو عبدالله القبرصي يتحدثان فيها عن تفجيرات لندن وعدد الضحايا الذين وصفهم حميد وعددهم 52 قتيلاً ، بأنهم لا يمثلون وجبة إفطار بالنسبة له . ( الشرق الأوسط في 12 / 10 / 2007 ) .
اختطف بتاريخ 13 / 10 / 2007 اثنان من القساوسة السريان في الموصل وهما الأب بيوس عفاص والأب مازن أيشوع حيث كانا في طريقهما الى الكنيسة لأقامة القداس .
لا أدري كيف نفسر تلك الخصال العظيمة لنبي الأسلام محمد بن عبدالله وبين تلك الأعمال الأرهابية بحق اناس ضعفاء لا حول لهم ولا قوة .
 علينا ان نعترف ان المسلمين لا يمكن ومن المستحيل ان يقبلوا بتلك الأعمال الأجرامية بحق اناس لم يرتكبوا أي ذنب . ولكن من جانب آخر علينا ان نقر بأن كل مرتكبي هذه الجرائم هم مسلمون .
 إن رأيي المتواضع ان المسلمين في الدول العربية وفي العالم أجمع عليهم ألا يدرسوا في مدارسهم الدين الأسلامي للأطفال ، إنما عليهم ان يدرسوا درس يشمل كل الأديان ( المسيحية واليهودية والأسلام والكونفوشية والبوذية والهندوسية والطاوية .. ) ، لكي يعرف المسلمون ماذا تحتوي الأديان الأخرى ؟ ماهي الفضائل التي تنشرها تلك الكتب المقدسة وهي تكتب عن المساواة والعدالة الأنسانية والمحبة والأخوة والسلام والتسامح بين أبناء الجنس البشري دون تمييز . انهم سيقرأون :
الهندوسية :
 من عمق مبادئها استلهم أفكاره الأنسان العظيم مهاتما غاندي ، لقد لقّب هذا الأنسان البسيط بأنه "  الناطق باسم ضمير الأنسانية " .
يفتتح الكاهن الهندوسي صلاته في المعبد بهذا الدعاء :
يا رب ! اغفر لي ثلاثة خطايا ناجمة عن حدودي البشرية .
إنك في كل مكان لكني اعبدك هنا .
إنك من غير شكل ولا جسم ، ولكني اعبدك في هذه الأشكال .
إنك لا تحتاج الى الثناء والمديح ولكني أقدم لك هذه الصلوات والتحيات .
 ربّ ! اغفر لي ثلاثة خطايا ناجمة عن حدودي البشرية .
إن الهندوسية شاركت الزردشتيين والبوذيين والمسلمين والسيخ والمسيحيين في أرضها لقرون متعاقبة وعن قناعتها أن الأديان الكبرى المتنوعة بدائل وطرق متساوية نسبياً نحو الله الواحد .
لقد اعلنت نصوص الفيدا منذ قديم الزمان عن القناعة الهندوسية بأن :
الأديان المتنوعة ليست إلا لغات مختلفة كلّم الله بها قلب الأنسان .
 البوذية :
والبوذية نسبة الى بوذا الذي هزت رسالته الهند وألهبتها صار الملوك ينحنون أمامه والناس يأتونه ، ومع هذا كان يُرى حاملاً طاس التسول بيده . إنه الحكيم الصامت وهو القديس الثائر ، إنه يدعو كل فرد الى الأستنارة في سرية وصمت :
لذا ، يا آناندا ، كن مصباحاً منيراً لنفسك . كن ملجأ ً لنفسك ، لا تلجأ لأي ملجأ خارج ذاتك ، تمسك بالحقيقة ، بشكل وثيق كمصباح منير ، تمسك واعتصم بالحقيقة كملجأ ، اعمل بجهد واجتهاد لأجل خلاص نفسك بنفسك .
وهناك نصوص بوذية تنطبق ومفهوم الألوهية نقرأ :
 النيرفانا دائمة أبدية ، لاتفنى ، لا تتحرك ، لا زمن لها ( بلا بداية ولا نهاية ) بلا موت ، غير مولودة ، غير متحولة وغير متغيرة ، النيرفانا قوة ، ونعمة وسعادة والملاذ الآمن ، والملجأ ، وموضع الأمان المنيع ، إنها الحق الحقيقي ، والحقيقة الأعلى والأسمى ، إنها الخير المحض ، والهدف الأسمى ، والأكتمال الأوحد لحياتنا ، إنها السلام الأزلي ، الباطني غير قابل للأستيعاب .
 الكونفوشية :
الكونفوشية من معلمها الأول كونفوشيوس ومن اقواله :
اكثر الناس نبلاً هم من يطبقون على انفسهم ما يعظون بهم الآخرين به ، ثم يعظون الآخرين بما طبقوه على انفسهم ، وهو يقول :
 الهجمات المتبادلة بين الولايات ، السلب والنهب المتبادل بين البيوت ، والأصابات المتبادلة بين الأفراد ، هذه أحد اهم الكوارث الرئيسية في العالم . ويقول
إذا كان هناك بر واستقامة في القلب ، فسيكون هناك جمال في الأخلاق .
إذا كان هناك جمال في الأخلاق ، فسيكون هناك انسجام في البيت .
إذا كان هناك انسجام في البيت ، سيكون هناك نظام في الأمة .
إذا كان هناك نظام في الأمة ، سيكون هناك سلام في العالم .
 الطاوية :
اما الطاوية وهي من ديانات الشرق الأقصى ونشأت بواسطة رجل يدعى لاو تسو ، وهذه الديانة تتجنب العدوانية والقسوة :
إن من يريد ان يرشد زعيماً للناس عن فوائد الحياة
فإنه يحذره من استخدام الأسلحة لأجل الغزو
حتى افضل الأسلحة وأرفعها ، ما هي إلا أدوات للشيطان ( الشر ) :
إن الأسلحة أدوات العنف ،
 كل الرجال المحترمين المهذبين يبغضونها
يتجنبها الرجل المحترم المهذب
إلا في الضرورات القصوى ...
إن السلام أعلى القيم ..
إنه يدخل المعركة ببطء ووقار ،
مملوء بالحزن والشفقة العظيمة وكأنه يحضر تشييع جنازة .
 وعن البساطة والأنفتاح والحكمة في الطاوية نقرأ :
هناك كائن ، رائع وكامل ،
وجد قبل السماء والأرض
 كم هو هادئ ؟
وكم هو روحي ؟
يبقى وحيداً لا يتغير .
يوجد قريباً وبعيداً ، هنا وهناك ، ومع هذا لا يعاني من هذا التواجد
يلف كل شئ بحبه كثوب يغطي كل شئ ،
ومع ذلك فلا يدعي شرفاً او مقاماً ، ولا يطلب ان يكون سيداً
إنا لا اعرف اسمه ، ولذلك اسميه " طاو Tao " الطريق ، وأبتهج بقوته .
 اليهودية :
إن الحضارات والأديان السماوية متأثرة بقوة بالديانة اليهودية .
منبع الأعتقاد اليهودي " اسمع يا اسرائيل : الرب إلهُنا رب واحد " تثنية 6 : 4 ، في الدوامة الهائلة للتاريخ بين بناء الأهرامات وحضارات بابل وسومر وأكد ، كان العبرانيون قبائل مهملة تائهة يتنقلون في الصحراء العربية ، وكان لهم شأن ضئيل امام القوى العظمى في تلك الأزمنة . لكن في تمسكهم بمشروع الأله الواحد اصبح لهم شأن ديني وأخلاقي مهم في التاريخ .
 تتضمن الشريعة التوراتية قيود حكيمة التي تجعل من البشر أحراراً . يتضمن الكتاب المقدس على الوصايا التي تنظم سلوك الأنسان . منها أربع مبادئ أخلاقية من الوصايا العشر . لقد تبنت المسيحية والأسلام هذه الوصايا العشر ، وأصبحت تشكل الأساس الأخلاقي لمعظم العالم الغربي والشرقي .
" أنا هو الرب قد دعوتك بالبر . أمسكت بيدك وحافظت عليك وجعلتك عهداً للشعب ونوراً للأمم ، لتفتح عيون العمي ، وتطلق سراح المأسورين في السجن ، وتحرر الجالسين في ظلمة الحبس " إشعيا 42 : 6 ، 7 .
" فيطبعون سيوفهم محاريث ورماحهم مناجل ، ولا ترفع أمة على أمة سيفاً ، ولا يتدربون على الحرب فيما بعد " إشعيا 2 : 4 .
المسيحية :
 من بين الأديان الكبرى المسيحية التي تعتبر من اوسع الأديان انتشاراً ، وتقول بعض الأحصائيات ان هنالك شخص مسيحي من أصل كل ثلاثة أشخاص على وجه كوكبنا . السيد المسيح كان في حياته متواضعاً زاهداً لكن له شخصية كارزمية نافذة . كان ينتقل من مكان الى آخر يعمل الخير ويتكلم ولم يسبق ان تكلم أحد بمثل ما تكلم به السيد المسيح ، لقد كان له كلمات متقدة تحمل نبضاً ووقعاً استثنائياً :
" إن اعثرتك يدك فاقطعها وألقها عنك .. وإن كانت عينك اليمنى فخاً لك فاقلعها وارمها عنك " وعن جمع الثروات يقول السيد المسيح : الجمل الذي أسهل ان يدخل في ثقب أبرة من ان يدخل الغني ملكوت الله . .. والذي يلاحظ القشة في عين أخيه ، لكنه لا يتنبه الخشبة الكبيرة في عينه .
 إن تعاليمي حقة ، ليس لأنها تأتي مني ، ولا حتى لأنها تأتي من الله على لساني وبواسطتي ، ولكن لأن قلوبكم تشهد بأحقيتها وصدقها ، رغم كونها ضد التقاليد والأعراف السائدة . 
إن المسيحيين في كل انحاء كوكبنا يصلون الصلاة الربانية :
 بابان ديلي بشميا
" أبانا الذي في السماوات ، ليتقدس اسمك ، ليأت ملكوتك ، لتكن مشيئتك ، كما في السماء كذلك على الأرض . أعطنا خبزنا كفافنا اليوم ، واغفر لنا خطايانا ، كما نحن أيضاً نغفر لمن أخطأ الينا ، ولا تدخلنا في التجربة ، لكن نجّنا من الشرير ، لأن لك المُلك والقدرة والمجد الى أبد الأبدين ... أمين " .
الأسلام
ينتمي الأسلام لعائلة الأديان الأبراهيمية ، والكلمة مشتقة من السلم والسلام والمعنى الكلي يعني الأستسلام او التسليم الذي يحصل حينما يسلم المرء نفسه الى الله . وتفيد الروايات الدينية ان محمد بن عبدالله هو خاتم النبيين وهو تحدر من ذرية اسماعيل وهو ابن ابراهيم من جاريته ثم زوجته هاجر ، وإن زوجته الأولى سارة انجبت له ابناً سماه اسحق ، وطبقاً للقران أُخذ اسماعيل ووالدته الى المكان الذي نشأت فيه مدينة مكة فيما بعد ، وذريته تكاثرت وازدهرت وهم المسلمون الأوائل ، فيما عرفت ذرية اسحق الذين بقوا في فلسطين باسم العبرانيين ثم اصبحوا اليهود .
وتقول سورة الفاتحة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين .
 اياك نعبد وأياك نستعين .
اهدنا الصراط المستقيم .
 صراط الذين انعمت عليهم . غير المغضوب عليهم ولا الضالين .
ويرتكز الدين الأسلامي على خمسة أركان : الشهادة : وهي جملة واحدة " لا إله إلا الله محمد رسول الله .
والركن الثاني هو الصلاة . والركن الثالث هو التصدق والأحسان ( الزكاة ) ، والركن الرابع هو صيام شهر رمضان ، والخامس هو الحج .
 وعن فردية الروح البشرية في الخطاب الأسلامي يقول حسن البصري :
يا ابن آدم ستموت وحدك وستدخل القبر وحدك وستبعث وحدك وستحاسب وحدك . وعن التعاليم الأجتماعية فقد هناك بعض الأمتيازات للذكور : فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ..
ونقرأ في في القرأن :
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلوكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ، البقرة : 190   
لا أكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيّ ، البقرة : 257 .
 إن المسلمين في انحاء المعمورة يلبون الدعاء الى الصلاة :
الله أكبر  الله أكبر   أشهد ان لا إله إلا الله    أشهد ان محمداً رسول الله   حي على الصلاة حيّ على الفلاح
الله أكبر   الله أكبر لا إله إلا الله .
إضافة الى الأديان التاريخية ثمة الأديان البدائية والتي تعرف بالأديان الشفهية لعدم انتشار الكتابة بين معتنقيها او الأديان القبلية لأنحصارها في تجمعات صغيرة .
وأخيراً اقول :
 ان المطلوب من المسلمين الأعتدال وبناء علاقات الندية والأحترام بين من يخالفوهم في الدين ، فالأديان قاطبة تدعو الى التفاهم والتعايش والتسامح ، والأعياد هي فرص لصفاء القلوب والعفو والتصالح ونبذ الكراهية والضغينة من القلوب ، علينا ان نسعي الى مد الجسور بين المسلمين وبين غيرهم من البشر ، إن خاتم النبيين لا يلغي ما قبله من الأنبياء ، إنها أفكار تراكمية لمصلحة البشر وليس العكس  .
 إنه من الأجرام ان يلجأ مسلم لقتل أناس أبرياء بحزام ناسف او سيارة مفخخة بأمل بلوغ جنة غامرة بالممارسات الجنسية مع اعداد غير معقولة من الحور والغلمان ، إن غسل الأدمغة لتوجيه الجريمة بهذا الشكل هو ابشع انواع الأساءة الى الدين الأسلامي .
 وكل عام وانتم بخير ومحبة مع كل الناس من الأديان الأخرى بما فيهم المسيحيين العراقيين  .
 حبيب تومي / اوسلو   

   

486
رئيـس كردسـتان إنها حتميـة تاريخيـة
بقلم : حبيب تومي / أوسلو
habeebtomi@yahoo.com

( دايكي نشتمان ) وطننا الأم :
 كان هذا عنوان لمسرحية درامية غنائية ( اوبرا ) مؤثرة  ، وهي باللهجة الكردية المهابادية عرضت على خشبة مسرح في مهاباد في أوائل عام 1945 ، كان طاقم التمثيل يتألف من مجموعة من الأعضاء الحزبيين .. الوطن الأم في خطر ..
المتفرجون الدموع تفيض من مآقيهم ..
 إنه الوطن المكبل بالأغلال والقيود .. والنظارة يتأوهون ويطلقون الحسرات ..  أخيراً يتقدم لأنقاذ الوطن الأم أبناؤه الشجعان .. تصفيق عام . ( وليم أيغلتن الأبن : جمهورية مهاباد 81 )  .
خلاصة القصة ان امرأة تدعى " دايكي نشتمان اغتصبها ثلاثة شقاة ( عراق ، أيران ، تركيا ) وبعد الأهوال والمصاعب انقذت الأم على يد ابنائها الشجعان ...
 بات الجو مشحوناً بالوطنية فالتجربة المسرحية كانت صادقة في تجسيد الآمهم فشاهدوها بشكل تمثيلي وكان لها اثراً عميقاً في نفوسهم . هذه وغيرها بذور غرست في مشاتل القومية والوطنية للشعب الكردي .
وإذا انطلقنا من تلك اللحظة المؤثرة الطافحة بالمشاعر القومية فإننا سنصادف تاريخاً زاخراً بصور مختلفة للدراما التي تواصلت فصولها على مر العقود المتلاحقة والمسرح بات عاجزاً عن تمثيلها لضخامتها ولجسامة احداثها .
المتابع للمعضلة الكردية يلاحظ انها تصدرت الأجندة الرئيسية للدول الثلاث عراق ، تركيا ، أيران ، إضافة الى اهتمامات دول مؤثرة في المنطقة وهي بريطانيا والأتحاد السوفياتي السابق وأميركا .
أفلحت الدول الثلاث " عراق تركيا ايران " وبمساعدة بريطانيا في تقسيم كردستان الى اجزاء تحدها الحدود السياسية لهذه الدول ، وكل جزء من هذه الأجزاء طُلب منه ان يكون موالياً وخاضعاً للدولة المركزية التي امسى جزءاً من كيانها وكان المتشددون في هذه الدول يدعون الى صهر الشعب الكردي في بودقات القوميات الثلاث العربية والتركية والفارسية .
في هذه المعضلة غُيبت الدوافع الأخلاقية ، وشُرع في إذلال هذا الشعب وانتهاك حقوقه وانسانيته وأصبحت القضية الكردية والمجازر التي ارتكبت بحق الشعب الكردي من القضايا المشهورة المسكوت عنها من قبل الأجندة الأخلاقية العربية والعالمية .
كان منفذي القرار في هذه الدول مهمتهم تذكير الشعب الكردي بأن عليه ان يختار بين الخضوع لما قدّر له من العيش في ظل الدول التي تحتويه وفق اجندتها وبين ان يتعرض للهجمات العسكرية بما فيها قصف الطائرات والمدفعية الثقيلة وشتى صنوف العمليات العسكرية . كانت الدول هذه " تركيا عراق أيران " تعمل على تغييب الوعي القومي  لدى الأكراد ومع غياب الوعي يمكن حجب الحقيقة وبعدها كل محاولة ستتحول الى عبثية . لكن مهما طال الزمن وامتد الأوان فالحقيقة لا بد ان تظهر .
كانت الحكومات العراقية التي تعتلي العرش عبر الأنقلابات العسكرية  تسوق لبروبغندا مفادها الترويج للأحتمالات الوردية للشعب الكردي بإن مطالبهم باتت قاب قوسين او أدنى وما عليهم سوى قطافها ، وبعد ان يشتد ساعد الحكومة وتستقر لها الأوضاع تنكث بتعهداتها وتباشر اولاً  بشراء الذمم ثم يعلن المذيع العراقي قائلاً : قررنا ما يلي .. فيبدأ الهجوم العسكري على المنطقة الكردية ، وهكذا يبدأ فصل جديد من دوامة قمعية مستمرة متعاقبة .
كان الشعب الكردي مختلفاً في رؤاه للأمور منهم من يرى ان الحرية لا تساوي الثمن الذي يدفع من أجلها ، وآخرون كانوا مع المضئ في الدروب الوعرة لكنها في الأخر  تؤول الى نيل الحرية .
 استطاع القائد التاريخي للأكراد  ملا مصطفى البارزاني من توحيد خطاب الشعب الكردي ومن قيادة ثورة ايلول 1961 بتصميم عالي وإرادة قوية  وكان ميدانها يمتد عبر فضاء كردستان ، واستطاع ان يوحد كلمة الأكراد وأن يرفع لواء القومية الكردية عالياً ، واصبح في حكم المؤكد ان حقوق شعبه لا تُمنح وإنما تؤخذ بالقوة .  لكن تبقى المصالح تغيّب الأخلاقيات فتجرف مصالح الشعوب مع التيارات التي لا تؤمن بالمبادئ والأخلاقيات ، وفي هذا الفصل من المسيرة الكردية ايضاً كانت القوى الأقليمية قد تعاقدت فيما بينها للأجهاز على ثورة الشعب الكردي والوقوف بوجه  تطلعاته .
لقد اثمرت تلك الأرادة والتضحيات والأعمال والمعارك البطولية عن قيام اقليم كردستان في العراق ، وفي هذه الأقليم ثمة برلمان منتخب وحكومة منتخبة ومؤسسات وعمليات تعمير وبناء ، وفي الأقليم نظام وقانون يسريان على الجميع ، وثمة اتصالات دبلوماسية وتجارية اقليمية ودولية  .
وانسجاماً مع مكانة كردستان الدولية وتعاطفاً مع إرادة الشعب الكردي ومع الحقيقة التاريخية فإن الأستاذ مسعود البارزاني رئيس أقليم كردستان صرح لصحيفة أكشام التركية : أنه لن يزور أي بلد ما لم يكن مدعواً بصفة رئيس أقليم كردستان ، وفي حواره مع صحيفة الخليج الأماراتية قال :
 لن أزور أية دولة لا تعترف بأقليم كردستان .
إنها الحتمية التاريخية  فلكل مرحلة تاريخية في حياة الشعوب لها دلالاتها وحتمياتها تقررها الظروف الموضوعية للشعب والأوضاع الأقليمية والدولية المحيطة . إن أقليم كردستان اليوم فيه من العناصر المفاهيمية التي تكمل بعضها البعض والتي تساعد على صياغة النموذج الواقعي للدولة والتي يأتي في  مقدمتها ، استتباب الأمن والسيادة والمصلحة القومية ، والقوة اللازمة لحفظ الكيان من الغزو الخارجي ، والحفاظ على الأستقرار والأمن في الداخل  .
إن الحقوق المدنية والسياسية للشعوب تقرها المادة ( 1) من العهد الصادر من عن الجمعية العامة للأم المتحدة والذي ينص
1 ـ لكافة الشعوب الحق في تقرير المصير ، ولها استناداً الى هذا الحق ، ان تقرر بحرية كيانها السياسي وأن تواصل بحرية نموها الأقتصادي والأجتماعي والثقافي ..
إن الأكراد لهم حق تأسيس دولة اسوة بباقي الشعوب ومنها الشعوب العربية ولهم الحق في اختيار نمط الحكم الذي يختاروه إن كان شكل الأتحاد الفيدرالي الأختياري او تأسيس دولة كردية مستقلة " إن كانت الظروف الأقليمية والدولية تسمح بذلك " .
إن المستجدات السياسية بعد سقوط النظام في نيسان 2003 وضعت اقليم كردستان في دائرة الفيدرالية ، وأثبت هذا الأقليم الكفاءة والأمكانات المتطورة في إبعاد شبح الفوضى والأرهاب عن الأقليم والشروع في بناء مؤسساتي على نطاق الأقليم وبناء جسور العلاقات مع مختلف المؤسسات والمنظمات الأقليمية والدولية إضافة الى بناء علاقات تجارية وسياسية مع مختلف الدول . ومن حق الشعب الكردي ان يبني علاقات ندية ومتكافئة مع مختلف الدول والشعوب وهو يعيش ضمن عراق فيدرالي .
إن الراصد للمشهد السائد في فيدرالية أقليم كردستان يلاحظ وجود أكثرية كردية ولكنه يلمس غياب الطابع الديني او القومي او المذهبي . فأقليم كردستان منطقة جغرافية يتآخى فيها السني والشيعي والعربي والكردي والكلداني والسرياني  والأرمني والشبكي  والتركماني والآثوري والمسيحي والمسلم والصابئي المندائي واليزيدي .
 إن هذه الأطياف الجميلة مجتمعة تشكل النسيج الأجتماعي لأقليم كردستان والذي يرأسـه :
                                              الرئيـس مسـعود البـارزاني .
حبيب تومي / اوسلو     

       



487
العزيزان كامل كوندا وخوشابا هوزايا / تحية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com
أخي الفاضل كامل كوندا
تحية ومحبة
لقد أشرت ضمن المقال ما نشره السيد نبيل ماروكي وذلك في (( العدد السادس )) من مجلة عشتار ( معذرة لا يحضرني الرابط  الألكتروني )  ، وطبيعي لو لم أقرأ المقال لما كتبت المقال المنشور في عنكاوا وغيرها من المواقع . علماً إنني لم أعلق على الموضوع بذاته ، لكني علقت على الفكرة الأقصائية الشوفينية التي استهدفها المقال ، والناشر  يشكر الحركة الديمقراطية الآشورية لنشرها هذا المقال وتوزيعه على الأحزاب والمنظمات السياسية في العراق ـ فكيف أتصرف حيال هذا العمل برأيك ؟ إذا ما فسرنا ان السكوت من الرضا . ولا أدري إن كان المقال منشور سابقاً ، لكنني قرأته في آخر عدد لمجلة عشتار الألكترونية .
أنا لا احبذ إثارة مثل هذه المواضيع ، لكن بعد ان يحاول احدهم الدوس بحذائه القومي وباسم الوحدة على مشاعرنا ينبغي علينا التصدي له من ترويج الفكر الأقصائي الفاشي بين مكونات شعبنا .
اما نقد الحركة الديمقراطية الآشورية باعتبارها حركة سياسية فالنقد أمر مشروع ، وأنا لم اعمل اكثر من ذلك حينما كان امامي النص المنشور في مجلة عشتار الألكترونية العدد السادس .
 عزيزي كامل كوندا لا اشك في مشاعرك الصادقة من اجل وحدة شعبنا وهو هدفنا جميعاً وعلينا العمل بهذا السبيل وأن لا نقبل هيمنة افكار الأقصاء والفاشية بتقسيمنا الى أسياد وعبيد . نحن في زمن الديمقراطية وحريات الفكر وحقوق الأقليات وحرية الأنتماء  .
 شكراً لك ايها الزميل العزيز كامل عيسى كوندا
أخي الفاضل شماشا خوشابا
اهنئك بل اسمح لي ان اقول احسدك على مقدرتك للقراءة والكتابة باللغات الثلاث الكردية والعربية والسريانية بارك الله بجهودك .
أجل ان الحركة الديمقراطية الآشورية تحتاج الى افكاري النقدية ، ان الأنغلاق والتصفيق الببغائي والعزف على وتر الشعارات البراقة يدخلنا في بحيرة الصمت الراكدة ، والعتمة والركود تنميان الأشباح الذهنية التي تغطيها خيوط العناكب مع مرور الزمن . فإطلاق العنان للعقل النقدي عملية حضارية مطلوبة للأنعتاق من قمقم الزمن المغلق على نفسه .
قولك : ( إن كتاباتك التي لا تخلو من العطن بالحركة .. ) أقل ما اقول عنه انه غير دقيق فأنا لا اقبل على نفسي ان اطعن بالحركة او بالأشخاص ، إنها مسألة تباين وجهات نظر وهذه مسألة مشروعة فالناس على مذاهب شتى وحق الأختلاف حق محفوظ للجميع دون تمييز ، واعتقد لا يحق لك توجيهي بما يجب علي ان اكتبه ، فأنا اكتب في مختلف المواضيع وفق قناعتي الشخصية ، فأنا لا ارتبط بحزب معين لكي التزم بأديولوجيته ولا اتلقى مساعدات او اموال من جهة معينة لكي اكتب لحسابها ، فأنا اكتب ما يمليه على ضميري فحسب .
أما دعوتك لزيارة احد مقرات الحركة في الوطن ، نعم قمت بذلك قبل ان ترشدني الى ذلك ففي عام 2004 زرت مقر الحركة الديمقراطية الآشورية الكائن في البناية القريبة من ملعب الشعب الدولي . وأهديت لهم نسخة من كتابي الذي طبعته في بغداد عن القوش . وانا متعجب لماذا تحاول ان تحصرني في زاوية معاداة الحركة ، علماً اني احترم هذه الحركة لتاريخها النضالي ، فاعتقد ليس من حقك ان تضعني في زاوية معاداة الحركة بكوني امارس حقي في النقد لا اكثر .
أنت مسؤول في الحركة الديمقراطية الآشورية في مدينة من استراليا ، لكن الطاعة العمياء ، وتكميم الأفواه ، وترديد كلمة نعم دون اعتراض لا يعتبر ذلك خدمة للحركة التي تعمل بها . أن هذا السلوك تسلكه الأحزاب الأديولوجية منها القومية وأخرى دينية ، التي تتقوقع في شرنقة المقدس ، ولا تقبل اعتراض او مناقشة إن كان من داخل الحزب او من خارجه .
اما قولك : .. لجمعت كل المتطرفين من الكلدان ـ الآشوريين ـ السريان بالوسائل الكتابية ووضعتهم في قدر كبير وصنعت منهم تمثالاً وعلقته بين الأرض والسماء لكي يبقى رمزاً وعبرة للمتطرفين الذين يرهبون شعبنا ويدوسون على كرامته كل يوم . ( انتهى الأقتباس ) .
أخي خوشابا هوزايا
 اقول :
بقولك هذا سوف أريحك  كثيراً فأرشك الى بعض  الاحزاب الآشورية وأدبياتها والتي تزكم الانوف بشعاراتها المتطرفة المتشددة ، فلا داعي الى البحث بين الكلــــدان او السريان ، إن الأفكار الشوفينية المتطرفة يتسم بها الاشوريون فقط  ، دعنا ان نتكلم بشئ من الصراحة ونقول :
 أن القبائل الآشورية التي هاجرت الى العراق من بلاد فارس ومن تركيا بسبب الظلم الذي طالها ، خلقت أعداء لها في العراق من العرب والأكراد ـ ولا نريد ان ندخل في التفاصيل ـ وبعد ان قدم اخوانهم الكلدانيون لهم وللأرمن المساعدات الممكنة وبدلاً من توجيه الشكر لهم ( الكلدانيون ) ، يلجأ الآشوريون المتعصبون الى الغاء الكلدانية من الدستور ويحاولون القضاء على الأسم الكلداني ، وأتمنى ان لا تكون انت واحد من هؤلاء المتشددين والناكرين للقومية الكلدانية .
ما هو التطرف أكثر من هذا ؟ أنه أمر عجيب حقاً ، وربما انت كلداني وقوميتك كلدانية وتعمل في حزب أشوري ونحن الكلدانيون نعطيك الحق في الأنتماء ، فلماذا تريد ان تجبرنا الى إلغاء قوميتنا الكلدانية ؟ فإن كان لك حرية الأنتماء فاسمح لنا ان يكون لنا حرية الأنتماء ايضاً ؟
لا يوجد تطرف كلداني او سرياني لانهم لا يلجأون الى ألغاء الآخر إنما يريدون ان يحتفظوا بهويتهم الكلدانية وهذا حقهم المشروع تقره لوائح حقوق الأنسان في حرية الدين والقومية والأنتماء .
 فالقدر الذي تريده ضع فيه زملائك الآشوريين من المتعصبين فقط من غير السريان والكلدان .
تقبل مني تحية خالصة
 حبيب تومي / اوسلو
   
                                                                             



488
أقف إجلالاً لوزيرة الشهداء والمؤنفلين في كردستان
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

كم كانت محنة الشعب الكردي حينما يشمل تكوينها الحكومي وزارة باسم وزارة الشهداء والمؤنفلين ، وهذا يدل على جلل الحوادث والحروب التي عصفت بهذا الشعب طيلة العقود المنصرمة ، والمؤنفلين هم شهداء عمليات الأنفال التي كان يرتكبها النظام السابق تحت شعار ( عمليات الأنفال البطولية ) .
ومصدر الأنفال من نفل : جعل له ما غنمه " نفل القائد جنده " والطبري في تاريخه ص347 يقول عن معركة بدر : .. ثم ان أبا سفيان أقبل بعد ذلك ومن معه من ركبان قريش مقبلين من الشام ، فسلكوا طريق الساحل فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب أصحابه وحدثهم بما معهم من الأموال ، وبقلة عددهم ، فخرجوا لا يريدون إلا أبا سفيان والركب معه ، لا يرونها إلا غنيمة لهم .. لقد كانت هذه قافلة تجارية مسالمة لكن يبدو ان الأسلام كان بحاجة الى اموال فأجهز على القافلة واستولى على اموالها ، ونزلت سورة الأنفال ( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله إذا كنتم مؤمنين . إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنّي ممدكم بألف من الملائكة مردفين .. إذ يوحي ربك الى الملائكة أني معكم فثبّتوا الذين آمنوا سألقي في نفوس الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان .. واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل .. ( الأنفال 8 : 1 ، 9 ، 12 ، 41 ) .

 لقد كانت هذه معركة بدر الكبرى وكان هدفها الأستيلاء على الأموال من القافلة التجارية القادمة من دمشق ، أي ان الأنفال هي غنائم الحرب . لكن الأنفال في كردستان لم تكن تستهدف الأموال ، إنما كانت تستهدف أرواح الناس الأبرياء ، وترمي الى اجتثاث شعب بكامله من الوجود . كانت البلاغات العسكرية في حكومة البعث تعلن في عام 1988 عن عمليات الأنفال البطولية : الأولى والثانية والثالثة .
بدأت هذه العمليات في شباط 1988 وانتهت في بداية ايلول من نفس السنة وقادها الفيلقان العسكريان الأول والخامس وبمساعدة مئات الآلاف من القوات المرتزقة الكردية التي كانت تعمل لحساب الحكومة .
 بلغ مجموع القرى الكردية التي أزيلت منذ عام 1968 وفي خلال حملة الأنفال 3500 قرية أي بمعدل 80% من المجموع الكلي للقرى الكردية ، ومن أجل المقارنة فإن القرى الفلسطينية التي أزالتها أسرائيل داخل حدودها كان عددها 369 قرية .. ( كنعان مكية : القسوة والصمت 159 ) .
أما بالنسبة للسكان فكان يجري دفنهم أحياء في مجاهل الصحراء الغربية ، إن الرقم الذي يعطيه الأكراد لضحايا الأنفال هو 182 ألف قتيلاً . لكن في اعقاب حرب الخليج كان في ربيع 1991 اجتماع بين زعماء أكراد منهم الدكتور محمود عثمان ومسؤولين حكوميين منهم القيادي العراقي علي حسن المجيد الملقب بعلي الكيمياوي ، وبحسب ما ذكره الدكتور محمود عثمان عن الأجتماع ، ان علي المجيد اعلن عن استيائه لدى طرح موضوع محاصرة الأكراد خلال حملة الأنفال فهو  " استشاط غضباً ، وأغلق الملف أمامه بعنف وكأنما ليندفع خارجاً من الغرفة " ثم وكأنما يهدف الى وضع الحد لكل كلام بشأن الحملة ، صرخ المجيد :
 ما هذه المبالغة في القول ان الرقم يبلغ 182 ألفاً ؟ العدد لا يتعدى الـ 100 ألف . ( كنعان مكية ، المصدر نفسه 161 ) .
نعم بعد تلك الأرقام المخيفة ، نقرأ اليوم عن جنار سعد عبدالله وزيرة الشهداء والمؤنفلين في حكومة اقليم كردستان أنها ترفض الحضور وممثلين عن ذوي الضحايا في حلبجة مراسيم تنفيذ حكم الأعدام بحق علي حسن المجيد حاضراً ، وقالت الوزيرة : انها لا تريد ان يتحول الحكم القضائي الى مجرد عملية ثأر وانتقام فنحن نريد ان يأخذ القضاء مجراه ، وصرحت لجريدة خبات ان من يفترض حضورهم هم رجال الدين والقانون والمنفذون . ودعت الوزيرة الى تنفيذ حكم الأعدام بصورة سرية بعيداً عن الأضواء .
 إن الوزيرة جنار سعد عبدالله تعكس الرؤية الأنسانية والمؤسساتية بعيداً عن ردود الفعل الآنية  والأنفعال والعاطفة  وهي تشير الى قوة القانون ومكانته في اقليم كردستان  ، وهذا الموقف  يذكرنا بالمسرحية التي اعدت لأعدام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ، والتي كانت عبارة عن حفلة انتقام وتشفي والبعيدة عن البروتوكول المتبع في مثل هذه المواقف .
تحية إكبار وإجلال للوزيرة جنار سعد عبد الله وهي تجسد عملها وواجبها بمهنية وحرفية رغم كل ما لحق بشعبها من قسوة وظلم ومآسي أنسانية ، إن الوزيرة الكردية  تسعى الى استحضار النور من رحم العتمة ، وتزرع الأمل في صحراء اليأس ، إنها تسعى الى عراق جديد يتوّج سمائه الوان قوس قزح  فيها المحبة والتسامح والأمل والأخوة والسلام والوئام  .
 حبيب تومي / اوسلو




489
الشيخ عبد الستار ابو ريشة شهيد الهوية العراقية الأصيلة     
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

نحن مع الوطن العراقي إن كان هذا الوطن شرطياً يلاحقنا ، أو سجناً يحتوينا ، او حاكماً ظالماً يستبد بنا ، إنه الوطن ، ولا نستطيع إلا ان نكون مع الوطن ، في هذا الزمان  نبتت غابة موحشة في هذا الوطن  يحكم داخل اسوارها  ذئاب بشرية يعلنون الهيمنة على مصير الوطن الذي يسمى العراق .
أراد الأنكليز إنشاء دولة عراقية ليبرالية ، وكان الحكم الملكي يعبر عن هذا النموذج ، وجاء العهد الجمهوري في تموز عام 1958 والذي كانت نهايته على ايدي قوى قومية عربية ، ثم كان حكم البعث الذي كان برئاسة وزعامة وقيادة صدام حسين ، وقد اشتهر هذا العهد بالحكم الفردي الديكتاتوري ، وكانت زلة لسان او طرفة او نكتة بحق القائد يتفوه بها المواطن العراقي كافية لتصنيفه مع الخصوم ثم يجري تصفيته جسدياً ويرحّل من هذه الدنيا . فالكلام وحده دون الحاجة الى الأفعال كانت كافية لأنهاء حياة مواطن  . ويجب ان لا يغيب عن بالنا حملات الأبادة الجماعية ، حملات الأنفال  والحروب الداخلية والخارجية والمقابر الجماعية ... 
اليوم بعد هيمنة التيار الديني السياسي والأحزاب الدينية الطائفية على مقاليد الحكم في العراق ، انبثقت ميليشيات وتنظيمات عسكرية جهادية ، وهذه جميعها لها وكالة من الله على الأرض وهي مخولة بتصرف بمصائر الناس وفق قوانينها ولها حق ذبح الناس كما تشاء ، إنها تقتل السني والشيعي والمسيحي والمسلم واليزيدي ، إنها فرق كثيرة للذبح وكل منها له مشروع لقتل الناس في الغابة العراقية ، ففي عهد السلطة الدينية الحاكمة في العراق بات الجميع يقتل الجميع ، واصبحت صناعة الموت هي الصناعة الوحيدة المزدهرة في العراق .
إن هذا الواقع الأليم يحتم على كل إنسان عراقي غيور على وطنه ان يساهم بما يستطيعه لأنقاذ المركب العراقي من الغرق ، والشهيد الشيخ عبد الستار أبو ريشة أراد ان يساهم بإنقاذ الوطن ، فقدم من الخارج وهو لا يحتاج مالاً ولا ينشد وظيفة او موقع سياسي مرموق في هرم الدولة او الحكومة العراقية .
  انخرط في عملية الصراع مع قوى الأرهاب التي تزرع الموت في ربوع العراق ، وشكل مؤتمر صحوة الأنبار وقاد حملة تطهير هذه المحافظة من مقاتلي القاعدة الذين دوخوا القوات الأمريكية والعراقية . لقد فقد الشهيد أربعة من أشقائه وثمانية من عائلته ، إنه نموذج للأنسان العراقي المضحي بأغلى ما يملك في سبيل استقرار وطنه ، لقد اصبحت تجربة الأنبار تجربة مثالية يحتذى بها فشكل مؤتمر صحوة صلاح الدين وديالى والموصل وغيرها .
 لقد سخر الشهيد أبو ريشة من خرافة عدم التعاون مع الحكومة او مع قوات التحالف ، ورأى ان مصلحة بلده هي اسمى من كل افتراضات اخرى ، فكان تعاونه مع القوات الأمريكية من اجل تطهير منطقته وإعادة السلام والوئام والخدمات الى هذه المنطقة المضطربة من العراق .
 ان استقرار العراق وسلامة أراضيه منوط برجال أوفياء أشداء أمثال الشهيد عبد الستار ابو ريشة ، الذين يستطيعون التصدي للوحوش الكاسرة التي لا  تراعى أي قيم أنسانية او دينية ، وتقف بالمرصاد للمخلصين لبلادهم من امثاله ، وهي تنذر وتقتل وتهدد كل من يحاول ويسعى لعودة الأستقرار الى هذا البلد الجريح ، وقرر الشهيد أبو ريشة العمل مع الأمريكان من أجل استئصال الأرهاب من أديم تربة العراق .
 لقد كان أبو ريشة أبن السابعة والثلاثين سنة قد ترك بصماته وكتب اسمه في اخطر منطقة لمكافحة الأرهاب وكان ذلك بسبب شجاعته  وشخصيته الكارزمية بين أبناء قومه وقدرته على التأثير على محيطه  .
لقد قدّر هذا الدور من اعلى المستويات في الولايات المتحدة فحينما حطت طائرة الرئيس الأمريكي في محافظة الأنبار ، كان الشيخ عبد الستار أبوريشة في مقدمة من اجتمع بهم الرئيس الأمريكي الزائر جورج بوش ، إن الوطنية العراقية الحقة تقتضي التعاون مع القوات الأمريكية لمكافحة القتل والأرهاب في أية بقعة  من مناطق العراق .
 كان يوم 3 أيول موعداً للقائه مع الرئيس الأمركي بوش ، وبعد هذا الأجتماع صرح الشيخ أبوريشة قائلاً :
 نحن لم نتكلم مع بوش باسم الأنبار بل باسم العراق ، نحن قلنا له إننا نريد ان نكون وطناً واحداً تحت خيمة واحدة .
 لقد كانت مصلحة العراق تحرك ضميره وحقق نجاحات باهرة ، لقد أحيا مفهوم الرجولة والشهامة العراقية وجسد مفهومية الهوية العراقية التي لا مناص من أعلائها ان أردنا عراق موحد متين ، وأثبت ان العراقيين لا يحبذون حكم طالبان إن كانت طالبان سنية او شيعية .
إن اغتيال أبو ريشة هو القضاء على التيار العراقي الذي يريد السلام والوئام للعراق ،  ونتمنى ان يتبوأ أخيه الأكبر الشيخ أحمد أبو ريشة مكانة أخيه الشهيد عبد الستار . لقد كانت صحوة الأنبار الشعلة التي ستمتد جذوتها الى كل العراق ، إذ وضعت هذه الصحوة العراقي على المحك لكي يختار بين عراق مفكك ومقسم الى كانتونات تحكمه قوى الظلام ومافيات مختلفة المشارب والأهداف وبين عراق تسوده المحبة وتجمعه الهوية العراقية الخالدة .
إن الحكومة العراقية مدعوة لأن تلعب دورها الأيجابي في الحراك الشعبي هذا وأن  تقف على مسافات متساوية من جميع القوى والطوائف دون تفرقة او محاباة . 
إن خلاص العراق مرهون بالأرادة العراقية الجامعة لكل مكوناته العرقية والدينية والأثنية تحت راية الهوية العراقية الخالدة  .
حبيب تومي / اوسلو   

 



490
الحركة الديمقراطية الآشورية أخطأت بنشرها هذا الكتيّب بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


من فضائل الأنسان الأخلاقية والدينية والتربوية والأجتماعية والسياسية في كل زمان ومكان ان يراعي مشاعر الآخرين  ، وليس هناك اجمل من القول المأثور لكونفوشيوس :
ما لا تريد ان يفعله الناس معك لا تفعله مع الآخرين . والسيد المسيح يؤكد هذا القول الرائع بالصيغة الأيجابية بقوله : أحب لغيرك ما تحب لنفسك .
وفي العصر الراهن ونحن نلوج بوابة القرن 21 حيث تنتشر وتترسخ  دعوات ومبادئ حقوق الأنسان ، وتنتشر الدعوات لضمان حقوق الأقليات وحرية الفكر  والأنتماء والهوية .. وفي عصرنا المتسم بمبادئ التنوير والتحديث ، يصادف أن تستيقظ بعض الأحافير  من سباتها  ليعودوا بنا الى العصور المظلمة ويختاروا عناوين بارزة لتحجرهم الفكري العنصري المتزمت الذي أكل عليه الدهر وشرب ، عموماً ، إن من حق الأنسان ان يكون له وجهة نظر على الاّ  تهدف الى  الأقلال من قيمة الأخر والأستعلاء عليه عبر تنظيرات غوغائية :
نقرأ على موقع مجلة عشتار الألكترونية ومن اعداد نبيل ماروكي ـ سويد ، يقول :
صدر عن المثقفين الآشوريين ـ البحث الموسوم ( الكلدان مذهب أم قومية ) . وقد تم توزيعه الى مختلف الفصائل السياسية العراقية وصحفها . وهو يسجل كلمة شكر الى قسم الثقافة والأعلام في الحركة الديمقراطية الآشورية الذين قاموا بإصدار هذا الكتيّب والذي يسئ لشريحة كبيرة من شعبنا .
سوف لا اخوض في ماهيات هذا البحث " أقصد البيان السياسي " الصادر عن ( المثقفين ) الآشوريين  في هذا المقال القصير وعسى ان يحالفني الوقت في المستقبل في تفكيك هذا البيان السياسي الأديولوجي  والرد عليه جملة وتفصيلاً . ولكن في هذا المقال  المختصر أقول :
أولاً
ــ في مقالهم هذا  يجهل او يتجاهل هؤلاء ( المثقفين ) معنى القومية ، إنهم اختاروا لبيانهم السياسي ما انساق مع ما يناسبهم وما يلائم مقصدهم ، فالباحث في معنى القومية ينبغي ان يكون ملماً بمعناها وتاريخها وسياقات استخدامها ، قبل ان يعطي آرائه القطعية ويدعوا الآخرين الى طاعته .
ثانياً
ــ قام هؤلاء ( المثقفين ) الآشوريين بأدلجة بحثهم التاريخي الأجتماعي ، وهذا مما يشوه الموضوع وجهه الحقيقي الذي كان ينبغي ان يتسم بمهنية وحيادية ونزاهة .
ثالثاً
ــ البحث الأجتماعي او التاريخي ينبغي ان يرسل الى مجلات اختصاصية بالموضوع قيد البحث ( تاريخية ، علمية .. ) ، لا أن يوزع الى مختلف الفصائل السياسية العراقية وصحفها . هذا يدل على جهل هؤلاء الكتاب بأصول الكتابة وأخلاقيتها ومصداقيتها .البيان السياسي يمكن توزيعه الى الجهات السياسية العراقية وصحفها وبهذا فضح هؤلاء المثقفين انفسهم بأنهم كتبوا بياناً  سياسياً  أيديولوجياً  وليس بحثاً تاريخياً او ثقافياً يتسم بالمصداقية والشفافية .
رابعاً
 ــ يبدو لهؤلاء المثقفين ان هاجس الكلدان يؤرقهم ، واختاروا نظرية غوبلس وزير الأعلام الألماني التي تقول : أكذب ثم أكذب ثم أكذب الى ان يصدقوك ، واستخدم الصحاف وأحمد سعيد نفس النظرية وفشلت في كل الحالات ، فنظريتكم قديمة ايها السادة ، المصداقية أفضل من تلك النظرية البائسة . إن عملية توزيع هذا البيان على الأحزاب والمنظمات وصحفها تعتبر عملية اعلانية رخيصة ، وكل النشاطات المرتبطة بالدعاية فإنها تعيش وتموت مع انتهاء الدعاية وإن الشعب الكلداني يبقى راسخاً رغم هذا الأسلوب الرخيص .
خامساً
 ــ من طلب من هؤلاء ( المثقفين ) الآشوريين ان يعرّفوا لنا ماهية الكلدانية أهي قومية أم مذهب كنسي ؟  هل ان جميع الكلدانيين اميين ولا يوجد بينهم  خريج واحد من دورة مكافحة الأمية ليتبرع هؤلاء ( المثقفين ) ويتفضلوا علينا بدراستهم العقيمة هذه ؟ وهل هنالك قوى دينية او سياسية كلدانية كلفوهم بهذه الدراسة وطلبوا منهم هذه الحسنة او المعروف  ؟ 
سادساً
ــ كتب هؤلاء الكتاب بيانهم السياسي مبنياً على الأحاسيس والعواطف بدلاً من مضمون تاريخي واسع الأفق فكانت نظرتهم عن الكلدانيين نظرة استعلائية مشوهة وهي سطحية وتبعث على السخرية .
لقد كانت المغالاة تدفعهم الى الأنغلاق على نموذجهم الرفضي ويدافعون عنه باستماتة مع غلق ابواب النقد والنقد الذاتي ، ونصّبوا انفسهم المدافعين الوحيدين عن الأمة ، فكان وقوعهم بمستنقع التعصب والتشدد والشعور بالتفوق الوهمي الناجم عن خطاب الكلمات المقدسة المطلقة  .
سابعاً
ــ لماذا لا يصرف هؤلاء المثقفين شئ من هذا الوقت الذي كتبوا فيه هذا المقال ( الأديولوجي ) السياسي في قراءة شئ مفيد مثل  قوانين حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، وقتئذٍ كان هؤلاء المثقفين قد قرأوا :  أن حقوق الأقليات ليست محصورة  بالآشوريين فحسب ، إنما بالآخرين ايضاً بما فيهم الكلدانيون يملكون نفس الحقوق ولهم حق أختيار انتمائهم كبقية البشر .
ثامناً
 ــ هل هناك من منح هؤلاء ( المثقفين ) الآشوريين حرية التصرف بمصير الكلدانيين في العراق ؟
من هم هؤلاء المثقفين ؟
من يعترف بهم ؟
ما هو موقعهم السياسي ؟
 لماذا يكون هؤلاء منظرين لنا نحن الكلدانيين ؟
 أسئلة تترى ، أنه لأمر عجيب حقاً أن ينصب أحدهم نفسه وكيلاً ووصياً عليك وانت لا تريده ، قيل : " تريد أرنب خذ أرنب تريد غزال خذ أرنب " وهذا منطق القوة وليس العقل .
تاسعاً
ــ كان على هؤلاء ( المثقفين ) الآشوريين ان يتعظوا بما آلت اليه جهود صدام في صهر الأكراد والأقليات الأخرى ، وإن صداماً قد قضى والأكراد والأقليات الأخرى يبنون حياتهم في الهوية التي كانت ممنوعة عليهم ، إن فرض فكر سياسي او قومي على اناس لا يقتنعون به تعتبر ( فاشـــية فكرية ) ، وهي تلك التي يريدون بها حرمان الآخر من رأيه وفرض عليه هوية دون قبوله او استشارته .
عاشراً
 ــ كان على السيد نبيل ماروكي وهو يعيش في السويد ، قبل ان يعد هذا الكتيّب الكئيب ان يقرأ ما يكتبه الكاتب السويدي غوستا كارلسون وهو استاذ السوسيولوجيا في جامعة لوند يقول :
إن موضع الهوية القومية اصبح ذا سمعة سيئة في الأوساط العلمية في السويد ، وذلك لأن هذا النوع من الدراسات غالباً ما يستخدم لقصد سياسي وقومي متزمت بغية تمجيد شعب ينتمي اليه الباحث ، وإبرازه كشعب أكثر فضيلة واستحقاقاً من غيره .
حادي عشر
 ــ ان كتّاب هذا البيان يقفون خارج الزمن ، انهم يعيدون ويصقلون نموذجاً أرومياً مع فرملة سيرورة  الزمن ، فأرض أشور قبل 2700 سنة لا زالت تحوي الآشوريين فقط ،  فكل ما يعيش عليها لحد اليوم هو اشوري وهي الأسطورة البدائية التي تخلد الماضي خارج نطاق تطور الزمن ، فكل التغييرات الأجتماعية والثقافية والتاريخية متوقفة في تلك اللحظة التي حكم فيها سنحاريب وآشور بانيبال  . وهم مخمورون في  الأحلام الوردية هذه ولا يشاؤون  رؤية الواقع المحيط بهم .
إثنا عشر
 ــ في مثل هذه الدراسات إذا لم يتجرد الباحث من الأرتباط السياسي او القومي او الديني فإن بحثه ينتهي الى بلورة عقلية الكاتب أي عقلية الذات المفكرة والتي تنتهي الى ماهية فكر وعقيدة الكاتب وليس الواقع الموضوعي الذي يتطلب التجرد والحياد . فكيف في مجموعة جاءت وفي نيتها فكرة تريد تمريرها بكل الأساليب ؟
ثلاثة عشر
 ــ إن دخول الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) على الخط ومساهمتها بنشر مثل هذا البيان المتزمت الشوفيني العنصري ، يدعو الى الأسف والى العجب وليس الى التعجب  .
 ألا ترى الحركة بأن مثل هذه البيانات تمزق وحدة شعبنا ؟
 لماذا تريد الحركة استفزاز مشاعر شريحة كبيرة من أبناء شعبنا ؟
لو كانت الحركة تؤمن بما جاء بهذا البيان العنصري ، وحتى لو هي ترى فيه الحقيقة ، ألا يجدر بها احترام مشاعر الذين يخالفون هذا التفكير ؟
كيف تقبل حركة بحجم الحركة الديمقراطية الآشورية وتاريخها النضالي ان تقبل باستفزاز مشاعر قوم تدعي هي بالدفاع عنهم ؟
 ماذا عن احزابنا الكلدانية ؟
 ماذا عن منظماتنا الكلدانية ؟
ماذا عن كل الذين يؤمنون بأنهم  كلدانيون ؟
هل ترسل هؤلاء جميعاً الى الجحيم لترضية حفنة من المفكرين الأديولوجيين ذوي تعصب اعمى ؟
هل هكذا يكون العمل المشترك  والأخوة ؟
هل استفزاز مشاعر نخبة من أبناء شعبنا تعني نحن شعب واحد ؟
 هل للآشوري مشاعر والكلداني عديم المشاعر ؟  ويجب ان يكون بدون إحساس لترضية هذه الحفنة المدعية للثقافة . إنه أمر عجيب حقاً .
كنت اعتقد ان الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) تتميز بحسها البراغماتي والموضوعي وهي تميل الى الأعتدال لهذا اتساءل ، لماذا لا تنأى الحركة بنفسها من هذه البحوث العقيمة السقيمة التافهة  المفرقة لشعبنا ؟
ان الكراس يسيئ الى مشاعر أبناء شعبنا من الكلدانيين ، ما هي مصلحة الحركة بهذه الأفكار العنصرية التي لا تتلائم ورح العصر ومبادئ حقوق الأنسان والأقليات بصورة خاصة ؟
لكي يكون للحركة الديمقراطية الآشورية مصداقيتها عليها ان تتبرأ من هذا البيان الذي يمزق وحدة شعبنا .
أما الأستاذ نبيل ماروكي الذي تعب بإعداد هذا البيان والأسراع والمناكبة في توزيعه على الأحزاب والصحف ، ألم يجد الأستاذ نبيل ماروكي غير هذا البحث الرخيص لترويجه ؟  وهو يعيش في السويد بلد حرية الرأي وحرية المعتقد وحرية اختيار الهوية وحرية الأقليات ؟
توحيد صفوف شعبنا مضئ ومنوّر بأفكار الحرية واحترام الرأي والندية والتكافؤ وليس في بث سموم النرجسية والأستعلاء والتفرقة يا أيها السادة !
 حبيب تومي / اوسلو
 
 





491
كردستان اليوم لم تعد ساحة عرضات عسكرية
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

في رقعة من الأرض على كوكبنا يسكن شعب اسمه الشعب الكردي ، وعرفت تلك الأرض باسم الشعب الذي يقطنها فسميت كردستان أي بلاد الأكراد او الكورد ، وهي لا تختلف عن أي أرض أخرى يقطنها شعب آخر ، إن قلنا أفغانستان او باكستان ، او قلنا بلاد العرب او بلاد الفرس .. وهذا الشعب ـ الشعب الكردي ـ  له الحق في الحرية والحياة والعيش بسلام وأمان وهو يقيم على أرضه . وينبغي ان تكون هذه حقيقة لا لبس فيها ولا تقبل التأويلات والأجتهادات .
تمخضت المصالح والحروب في المنطقة فأفرزت مسالة او مشكلة او قضية عرفت بالمسألة الكردية . وهذا المقال لا يتسع لشروحات مراحل ولادة هذه القضية ولكن يمكن التطرق الى نتائجها وهي ماثلة أمامنا ، المشهد كينونة  شعب كردي مقسم الى اوصال تتقاسمها دول تدعو الى التحرر لبلدانها وشعوبها ولا تقبل بحرية هذا الشعب ، فالعراق يدعو الى التحررالقومي العربي ، وهذا حق لا تساوره الشكوك وكذلك الدولة التركية  ، والدولة الأيرانية الفارسية ، فالأمم والشعوب لها حق تقرير المصير وهذا حق مشروع لا خلاف عليه .
والآن ننتقل الى العدوى الأخرى من النهر كما يقال ، فالأكراد شعب لهم لغتهم وتراثهم وأرضهم ، ولهم طموحهم في تكوين دولة كردية تضم حدودهم ويرفرف عليها علمهم ، وهم شعب خلقه الله ايضاً ولهم نفس الحقوق المضمونة  للشعوب الأخرى . ولحد الآن كل شئ في مساره الطبيعي لا اعترض عليه .
لكن مصالح الدول كانت تقضي بأن يغير مجرى النهر ليصب في بساتينهم فحسب وترك الشعب الكردي دون حصة في هذا التقسيم ، فجزأت أرضه مع التقسيمات السياسية ، وخرج الشعب الكردي من المولد بلا حمص  .
وحينما تحرك الشعب الكردي لنيل حقوقه أسوة بالآخرين ، كانت تلصق به تهم الأنفصال والتآمر والتمرد والعصيان والتخلف والقبلية ... وهلم جراً . واتفقت دول الجوار " العراق ، أيران ، تركيا " مع بريطانيا بعد الحربين الكونيتين ، على ان يبقى الأكراد شعب ممزق لا تقوم له قائمة .
 وبغية تطبيق تلك الرؤى كان لابد من قمع كل تحركات هذا الشعب لأخمادها وهي في مهدها لكي لا تتوسع رقعتها فتصل شرارتها الى الأجزاء الأخرى او يلتئم الشعب في وحدة نضالية فاعلة ، فكانت الأرض الكردية أرض مشاعة لهذه الدول لاستخدام شتى صنوف القسوة والقمع بما فيها استخدام القوة العسكرية ، بمختلف صنوفها  .
كانت كردستان أرض منتهكة وساحة عرضات عسكرية لجيوش المنطقة ، لقد لقب الأنكليز الشيخ محمود الحفيد بلقب " مدرب " القوة الملكية الجوية البريطانية ، ومما لا شك فيه ان كردستان أصبحت منذ أيام الشيخ أحمد البارزاني ساحات تدريب او مختبر للحكومات العراقية لتدريب جيوشها واستخدام اسلحتها الفتاكة ، ولم يكن استعمال نظام صدام حسين للأسلحة الكيمياوية إلا النتيجة المنطقية والحتمية للعقلية والممارسة التي مكنت الحكومات العراقية وبدعم من بريطانيا في قمع الحركات الكردية وثورتي الشيخ محمود الحفيد والشيخ احمد البارزاني ( د. عثمان علي : دراسات في الحركة الكوردية 593 ) .
وفي نفس السياق يؤكد هاملتون في كتابه طريق الى كردستان يقول :
عندما جردت حملة على الشيخ احمد البارزاني عام 1931 بالرأي الذي يقول : وماذا نعمل بالجيش العراقي الذي صرف على إعداده وتجهيزه الأموال الطائلة إن لم نبعث به الى طريق راوندوز ليتعلم فنون القتال وليتدرب بشنها على الكرد . ويضيف ان جوابي التالي قوبل بالضحك :
أقرب من هذه المنطقة الى بغداد والموصل توجد مساحات شاسعة من المناطق الصحراوية الخالية التي يملكها العراق وهي صالحة لتجربة البنادق ومدافع الميدان وتحريك الدبابات وتحليق الطائرات ، فلنطلق المدافع حيث لا يخشى ان تصيب احداً .. ( مسعود البارزاني : البارزاني والحركة التحررية الكردية ج1 ص36 ) .
اليوم تتكرر تلك النغمة الناشزة من قبل تركيا وأيران حيث يجري قصف  المنطقة تحت ذريعة ملاحقة البيشمركة من حزب العمال الكردستاني التركي ، والبشمركة من  حزب ( بيجاك ) الحياة الحرة الكردستاني الأيراني . ونرى تركيا وأيران الأسلامية تجريان في نفس المضمار وتمارسان نفس اللعبة القديمة ، والمعروف ان لكل ظرف زمني لغته ومستحقاته ، ولا يمكن التعامل مع كردستان اليوم باللغة التي عوملت بها سابقاً .
كان ينبغي على تركيا وأيران الأسلامية ان تعلما ان الوقت الذي كانت فيه أرض كردستان ساحة العرضات العسكرية قد ولى ، وإن عجلة التاريخ لا ترجع الى الوراء ، إن أقليم كردستان اليوم قد خط الحدود الموضوعية بين البناء المدني والتنمية وبين قوانين الثورة وطقوسها ، ومتطلبات السلطة وموجباتها ، اليوم يبنى في أقليم كردستان وفي مدينة السليمانية بالذات صرح أكاديمي حضاري وهو الجامعة الأمريكية ، في اقليم كردستان برلمان منتخب وقانون وحكومة ومؤسسات ، تعمر فيها الفنادق والمدارس ، وتنتعش فيها الأسواق التجارية وفيها حرية للمراة وحرية للأديان والمعتقدات وحرية الصحافة ، وفيها تنتعش الأقليات ولها حقوقها أسوة بكل مكونات الشعب الكردي ، إنها تكافح الفساد والرشوة وتسعى الى أقامة مجتمع مدني مزدهر ، وتنمو الطبقة الوسطى من المجتمع وتبذل الجهود بغية انتعاش الديمقراطية في هذه الرقعة من الأرض التي تسمى كردستان ، هل بعد هذا يحق لأحد ان يخرب هذا الصرح ويعود لجعلها ساحة عرضات عسكرية مفتوحة ؟
 إن الشعب الكردي مطلوب منه اكثر من أي وقت آخر الذود عن أرضه ومكتسباته .
 حبيب تومي / اوسلو 

492
حضرات السادة اعضاء ( شركات ) الخطف



بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com


 بات من غير المناسب إطلاق صفة المجرمين على أفراد يمارسون عمليات خطف الناس الأبرياء ، ربما هذه العصابات هي منظمات او ميليشيات أو قد تكون شركات تمارس هذه المهنة المربحة  ، وبعض المنظمات تحاول التمويل من هذا المصدر الذي يحقق الربحية السريعة دون أتعاب ، فإطلاق سراح الرهائن الكوريين من قبل طالبان كان مقابل 20 مليون دولار حسب تصريح زعيم بارز في طالبان ـ جريدة الشرق الأوسط  في 2/ 9 ـ يقول : ان المبلغ سيصرف على شراء اسلحة وذخائر وسيارات مفخخة لشن هجمات انتحارية ، بمعنى ان هذه المهنة ليست حكراً على المجرمين العاديين .
وفي عراقنا الذي تزدهر به صناعة الخطف والأرهاب ، وفي مقال سابق كنت قد أشرت على عمليات خطف المواطنين الأبرياء وابتزازهم واطلاق سراحهم او قتلهم بعد استلام الفدية من ذويهم  من قبل هذه العصابات عفواً ( الشركات ) ،  واعتبرت هذه الجريمة  لصوصية حديثة ساعدت على انتشارها غياب الدولة وسيف القانون . لكن يبدو ان علينا تصحيح تلك المعلومات بأن نتعامل مع عصابات الخطف بمنظور آخر على ضوء اختطاف الوكيل الأقدم وأربعة من المدراء العامين في وزارة النفط العراقية ومن ثم إطلاق سراحهم  .
اللصوص يسطون على المحلات والبيوت تحت جنح الظلام ويتحاشون المناطق القريبة من مراكز الشرطة والدوائر الحكومية ، لكن عصابات ( شركات ) هذا الزمن يقصدون الأماكن القريبة من مراكز الشرطة ، لا بل يقصدون الدوائر الحكومية وفي وضح النهار تحت الأضواء . وينفذون عملياتهم ( برهاوة ) وفي سيارات مكيفة ذات الدفع الرباعي الشهيرة والتي تشبه تلك التي تستخدمها قوات الأمن العراقية ، وأفراد العصابة  لا يكذبون الخبر حينما يرتدون ملابس قوات الأمن العراقية أيضاً .
في هذه الأجواء المترعة بحرية التخطيط  والتنفيذ ، كانت عملية اختطاف وكيل وزير النفط مع أربعة مدراء عامون يعملون في الوزارة . وفي الحقيقة ان عمليات الخطف باتت أحداث يومية ، خاصة بالنسبة للمواطنين العزل الأبرياء الذين لا يجدون من يذود عنهم لمواجهة هذه العصابات ، فيجري ابتزازهم بصورة خسيسة تنتهي بإطلاق سراح الضحية او يجري تصفيتها بعد استلام الفدية .
لكن في عملية اختطاف وكيل وزير النفط ورفاقه ، وقفت الحكومة الى جانبه ، وهذا عمل نبيل وإنساني من قبل هذه الحكومة . وفي هذه العملية فإن الحكومة العراقية تنفي دفع فدية لخاطفي وكيل وزارة النفط  ، لكن عائلة وكيل الوزير تؤكد دفع الفدية والتي مقدارها 900 ألف دولار ، ودفعت الحكومة العراقية  650 ألف دولار مقابل 250 ألف دولار دفعتها عائلة الوكيل . وكل تفاصيل الخبر منشورة في جريدة الشرق الأوسط اللندنية يوم 30 / 8 / 2007  وأياً كانت الحقيقة ، فإن الضحايا عادوا الى عوائلهم سالمين وهذا خبر سار .
وتعليقنا على الخبر أن هذه العصابات تبلغ من القوة بحيث أصبحت نداً قوياً للحكومة وعكفت على ان تتحداها في أقوى معاقلها وفي وضح النهار ، وباتت الحكومة تفاوض الخاطفين وتساومهم . واية حكومة أخرى تريد ان تحتفظ بماء الوجه كان ينبغي عليها ان تستقيل بدلاً من جعل الأمر انتصاراً وأنجازاً لها .
أي إنجاز هذا الذي تفاوض الخاطفين وتدفع الفدية لهم ؟ ـ او حتى لو لم تدفع الفدية ـ
 إن الطبيعي وما كان يعبر عن قوة وهيبة الحكومة هو ان تكون الحكومة العراقية قد داهمت اوكار هذه العصابات وحررت المخطوفين وألقت القبض على الفاعلين ، واعلنت اسماؤهم على الملأ ، لا ان تساومهم .  ومهما كان الأمر فإنه يحق لنا على الأقل التساؤل :
لماذا لا يكون للحكومة نفس الموقف حينما يخطف الأنسان العراقي البسيط الذي لا حول له ولا قوة ، أم ان حكومتنا مسؤولة فقط عن المدراء العامين وما اعلى رتبة في السلّم الوظيفي  . 
اصحاب الأموال والشركات لهم حمايات خاصة يدفعون رواتب حراسهم والموظفون الكبار في الدولة لهم حراسهم تدفع رواتب هؤلاء الحراس من خزينة الدولة وهي بالأساس اموال المواطن العراقي .
فيما يبقى العراقي بدون حماية ، وكلهم يتغنون بالدفاع عن الشعب ، ولكن نسمع الجعجعة ولا نرى الطحين كما يقال .
 مهنة الخطف الرائجة في العراق تمارسها العصابات الأجرامية بغياب سلطة الحكومة في الغالب بغية الأستحواذ على اموال الناس بعد المساومات بين عائلة المخطوف والعصابة . وهنالك عمليات الخطف المتطورة وهي من ( الوزن الثقيل ) والتي اشرنا اليها وهي التي تحدث في النهار وفي سيارات الدولة او السيارات الشبيهة بها والصفقات تكون عالية وهي ربما تكون لتغطية المصاريف العمليات الأرهابية .
إن الحكومة العراقية مدعوة للنهوض بواجبها بتوفير الأمن لكل المواطنين دون استثناء ، وعليها ان تدعم وجود دولة مركزية واحدة ، مع ضمان وقوفها مع مكونات الشعب العراقي دون تمييز ، فالحكومة إن كانت قد جاءت الى الحكم بفضل الأكثرية الشيعية فإن حكمها ينبغي ان ينطلق مصلحة عراقية جامعة ، إنها مسؤولة عن أمن الشيعي بنفس القدر بمسؤوليتها عن أمن السني ، والمسلم والمسيحي واليزيدي والمندائي ، وهي مسؤولة عن أمن الوزير والمدير العام بنفس القدر الذي تكون فيه مسؤولة عن أمن بائع الخضروات  وسائق التاكسي ومنظف الشوارع إنها حكومة الجميع وليست حكومة طائفة مذهبية او دينية او نخبة وظيفية معينة .
إن الحكومة يقوي مركزها بالأعتماد على الشعب ومحاربة العصابات بدلاً مهادنتها والرضوخ لها . وإن كانت الحكومة تهادن هذه العصابات فإن المواطن المسكين ليس أمامه سوى الرضوخ لها وتنفيذ ما يطلب منه او الهروب والتشرد من منزله ومنطقته الى مكان آمن يوجد فيه حكومة تحميه .
عسى ان تعامل الحكومة خاطفي الناس الأبرياء معاملة أفراد عصابات إجرامية وليس أفراد شركات او لجان تجبر المواطن التعامل معها كجهات نافذة وترك الحكومة محصورة في أسوار المنطقة الخضراء .
وكان الله في عون المواطن العراقي  المسكين .
حبيب تومي / اوسلو[/size][/color]

493
السادة آغا جان وكنّا وأبلحد افرام .. ندعوكم حول المائدة المستديرة


بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com
 يرزح شعبنا في العراق من الكلــدان والآشوريين والسريان تحت نير الظلم والقتل والتهجير .. إنها الحقيقة الوحيدة التي نتفق عليها اجمعين دون جدال او خلاف .
وانطلاقاً من هذه الحقيقة التي تستقطب الأجماع أعطي لنفسي الحق في الدعوة  الى من يحملون بيدهم أكثر من غيرهم نواصي الحل والربط ، ويكون الساسة الذين يظهرون على الساحة السياسية العراقية كممثلين لشعبنا : الأستاذ سركيس آغا جان معروف بمواقفه وارتبط اسمه بجهوده في توحيد الصفوف وتقديم المساعدات المالية لمختلف قطاعات ونشاطات شعبنا . والأستاذ يونادم كنا يمثل حزب آشوري عريق يستقطب شريحة كبيرة من أبناء شعبنا ويرتبط اسم زوعا بتاريخ نضالي . والأستاذ افرام عبد الأحد الامين العام للحزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني  يمثل اكبر حزب قومي كلداني ومن المعروف ان القومية الكلدانية هي ثالث قومية عراقية بعد العربية والكردية . والأستاذ نمرو بيتو رئيس الحزب الوطني الآشوري وكذلك جمعية الثقافة الكلدانية والحزب الديمقراطي المسيحي والمنبر الديمقراطي الكلداني وحزب بيث نهرين والمجلس القومي الكلداني والمنظمات والأحزاب الآشورية والكلدانية والسريانية الأخرى التي تعمل باسم شعبنا على الساحة العراقية والتي نحفظ لها كامل التقدير والأحترام .
بما ان هذه المنظمات وهذه الشخصيات تعمل باسم شعبنا فمن حقنا نحن أبناء هذا الشعب دعوتهم الى الجلوس حول مائدة مستديرة لكي تستثمر طاقاتهم ويجري التنسيق بينهم حول محور مفاده اختيار السبل المؤدية الى خدمة شعبنا .
 إن الحد الأدنى من الأتفاق يرمز الى الجلوس حول المائدة المستديرة وجهاً لوجه ، فالقادة الأكراد كمثل غير حصري يجتمعون سوية ويقررون ما هو في صالح الشعب الكردي عموماً بعيداً عن المصالح الحزبية للحزبين الكرديين الرئيسين . إن الأجتماع  سوية بروح أخوية سيكون من اجل اجتياز الحاجز النفسي والثقافي لمد جسور التفاهم وتقديم البدائل وبغية استكشاف مساحات التواصل ، ومن ثم استيضاح مسببات المشاكل ، ولابد من الأعتراف بالخلافات لوضع الحلول الناجعة لحلها ، ومن منظار شمولي بعيد عن الأستئثار بالمصالح الحزبية وترك مصالح شعبنا العامة ، ويمكن تحديد مسارت النقاط التي ينبغي دراستها في مثل هذا الأجتماع بالنقاط الأتية وهي ليست حصرية :
1 ـ ايجاد صيغة من أجل شراكة حقيقية بين هذه القوى انطلاقاً من مفهومية شركاء متضامنون مستعدون للربح والخسارة ـ وليس الربح فقط  .
2 ـ بعث الثقة المتبادلة ، والثقة هي اساس نجاح العمل او الشراكة فالمعروف  ان النظر على الآخر بعين الريبة والشكوك او بمنظار  فقدان الثقة بين الأطراف المتحاورة تفقد القرارات ـ مهما كانت حاسمة ـ جوهرها وتصبح حبر على ورق ، فالثقة هي عنصر اللصق المعنوي للأجزاء  وهي النسيم العليل التي ينعش الأعمال الناجعة .
3 ـ الأتفاق بين كل الأطراف على التوقف حالاً عن كيل التهم لهذا الحزب او لتلك المنظمة او لتلك الشخصية ، ويكون هذا التفاهم مدخلاً حاسماً لبناء الثقة كما ورد في الفقرة السابقة .
4 ـ الأتفاق على خطاب اعلامي موحد يحترم خصائص ثقافاتنا دون عنصرية او تمييز فالمعلوم أن الخطاب الأعلامي لشعبنا ليس متكافئاً فنشاهد قناة فضائية واحدة سورويو وثلاث قنوات آشورية وهي قنوات بين النهرين  وآشور وعشتار وهذه الفضائيات تعمل على احياء الثقافة الآشورية فحسب فيما تدفن الثقافة الكلدانية . فإن كانت هذه القنوات لشعب واحد فينبغي ان تعكس ثقافة هذا الشعب وتراثه وليس ثقافة وتراث جزء منه .
5 ـ البحث عن طريقة لحماية شعبنا من التنظيمات الأصولية وتنسيق ووضع خطة مركزية يتفق عليها  الساسة مع القيادة الدينية لكنائسنا لتقديم الخدمات والمساعدات  للنازحين من أبناء شعبنا ، وانتشالهم من محنتهم بروح أنسانية شريفة ومبادئ حقوق الأنسان .. ونوافذ المساعدة معاشياً سكنياً تعليمياً علاجياً .. الخ
6 ـ توحيد الخطاب للتعامل مع حكومة اقليم كردستان ومع الحكومة المركزية من مسألة الحكم الذاتي او الأدارة الذاتية لشعبنا ، ودراسة الموضوع من كل جوانبه للخروج بدراسة ناضجة مبنية على اسس عقلانية تراعى فيها مصلحة شعبنا من كل النواحي ، والتسليم بمبدأ قبول تشكيل كيان ذاتي لشعبنا بعد دراسة الموضوع من جوانبه المختلفة  .
7 ـ إن التنسيق بين القيادات السياسية  ومن ثم القيادات الدينية سيكون ذلك نافذة مضيئة لأنارة القلوب بين أبناء شعبنا للأقتداء بالقيادة التي انتقلت من مرحلة الشعارات الى مرحلة بناء جسور التفاهم والأحترام المتبادل أي الدخول الى مرحلة الأفعال بدلاً من الأقوال .
8 ـ وضع مسألة التسمية على الرفوف وتنحيتها ، وأحترام كل التسميات بالتساوي والندية والتكافؤ ، ووضعها جانباً لكي يتسنى الدخول الى العمل بروح جماعية بعيداً عن كل الأجتهادات الكثيرة المطروحة في الجدال الأزلي الدائر حول التسمية . إن هذه الحالة ستنتشلنا من رومانسية الشعب الواحد الى واقعية الشعب الواحد . وتضع حداً لأفكار العنصرية القومية لغلاة التعصب القومي بين أبناء شعبنا .
9 ـ إن مثل هذا الأجتماع سيشكل منفذاً طبيعياً لعقد ( مؤتمر ) موسع لقوى يشمل كل التوجهات بغية التنسيق لأيجاد خطاب سياسي موحد يتضمن المصالح العليا لشعبنا .
10 ـ إن المؤتمر قد يكون فاتحة لانتخاب برلمان مشترك يضم مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، ويكون البرلمان المنبثق هو الأرضية التمثيلية لقوى شعبنا الشرعية الممثلة في الأحزاب والمنظمات وحتى الكنائس .
سؤال يطرح نفسه دائماً : من يتحمل المسؤولية في مشاكلنا هل يتحملها شعبنا نفسه ام قادتنا ؟ والجواب ان الجزء الأكبر من هذه المسؤولية تقع على الجلاد الذي يحمل سيف الظلم بيده ، ولكن جزء من هذه المسؤولية تقع على عاتقنا ضمنياً ، فمن يتحملها شعبنا نفسه ام قادتنا ؟ وفي هذه الحالة ينبغي ان تجتمع هذه القيادة لأيجاد أفضل السبل لتلافي هذه المشاكل ولأنبات بذرة التفاهم بين الجميع .
إن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة وهي الخطوة الأولى الحاسمة ، ويجب أن يقوم بهذه الخطوة تلك الشخصيات التي أشرنا اليها .
إن مناشدة الساسة لشعبنا بالوحدة تبدو عقيمة حينما نرى القادة انفسهم متنافرين لا يطيقون حتى الجلوس وجهاً لوجه  حول مائدة مستديرة لبحث امور شعبهم المتدهورة من كل النواحي ، إن الواجب والأخلاص لهذا الشعب يدعو : الأستاذ سركيس اغاجان والأستاذ يونادم كنا ، والأستاذ نمرود بيتو والأستاذ  أبلحد أفرام ، والأستاذ روميو حكاري والأستاذ سعيد شامايا .. وكل الأساتذة الأجلاء الذين يتزعمون احزابنا السياسية العاملين في الساحة العراقية .
أنها دعوة مخلصة لغرس نبتة الثقة والأحترام المتبادل وبناء علاقات أخوية متبادلة شفافة يسودها التعاون والمحبة في قمة الهرم القيادي لشعبنا ومن ثم انتقالها الى عموم الشعب الواحد  ، إنها خطوة تبادر اليها القيادة فيكون  لها صدى ووقع طيب في اوساط  شعبنا العزيز .
حبيب تومي / اوسلو    [/size]

494
بين حكومتي نوري السعيد ونوري المالكي ضاع الأنسان العراقي   
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com
أسدل الستار على مآسي الحرب العالمية الثانية ، وطفقت الشعوب والأمم تضع بوصلتها صوب البناء والتعمير لما دمرته الحرب  وما خلفته من المآسي والأهوال . في العراق دأب الحكم الملكي  الوطني  الى السعي في انتقال البلاد من الوضع الذي خلفته الحرب العالمية الثانية الى الوضع الطبيعي الذي تقتضيه ظروف  السلام  وفي المقدمة باشرت في بعث الحياة الحزبية .
تشكلت وزارة توفيق السويدي في 23 شباط 1946 التي اتخذت الخطوات السريعة نحو السماح للأحزاب السياسية بالعمل ، فأغلقت معتقل العمارة وألغت الأحكام العرفية ..
أجازت هذه الحكومة خمسة أحزاب من أصل ستة تقدمت للحصول على ألأجازة ( هادي حسن عليوي : الأحزاب السياسية في العراق 104 ) . وهذه الأحزاب هي :
 1 ـ حزب الأحرار يرأسه سعد صالح ، ويمثل فئة الطبقة الحاكمة .
 2 ـ حزب الأستقلال يرأسه محمد مهدي كبة ، ويمثل الأتجاه القومي العربي .
3 ـ حزب الشعب يرأسه عزيز شريف ، يمثل بعض الفئات اليسارية .
4 ـ الحزب الوطني الديمقراطي ، يرأسه كامل الجادرجي ، وهو في الأصل جماعة الأهالي .
5 ـ حزب الأتحاد الوطني ، يراسه عبد الفتاح ابراهيم ويمثل بعض الفئات اليسارية .
6 ـ حزب التحرر الوطني : لم توافق عليه وزارة الداخلية ، وقد اراده الشيوعيون واجهة علنية لنشاطهم الحزبي السري .
وكانت هناك أحزاب سرية تعمل بدون إجازة وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي ، وهناك ايضاً أحزاب كردية سرية منها حزب شورش وحزب روزكاري كوردي والحزب الوطني الديمقراطي الكردستاني . كما برز اتجاه جديد في التيار القومي الذي مثله حزب البعث العربي الأشتركي .
سقطت حكومة السويدي وكلف الوصي على العرش عبد الأله أرشد العمري بتأليف الوزارة .
 وفي الأول من حزيران 1946 تشكلت الوزارة وكان يوسف غنيمة وزيراً للمالية ووزيراً بالوكالة للتموين .
بعد إجازة الأحزاب الخمسة وشروعها في العمل العلني ، كان من الأحداث التي جرت خلال حكم هذه الوزارة هو اضراب عمال شركة النفط في كركوك يوم 12 تموز 1946 وكان في قلعة " كَاور باغي " أي بستان الكافر وعرف الحادث ( بمذبحة كاور باغي ) .
 وخلاصة الحادث ان عمال شركة النفط في كركوك اضربوا عن العمل مطالبين زيادة اجورهم وتهيئة دور سكنية لهم وطالبوا تطبيق قانون العمل والعمال بخصوص تحديد ساعات العمل وبعض المطالب العمالية الأخرى .  وحكومة أرشد العمري سلمت بأحقية تلك المطالب ، لكن العمال شعروا ان الحكومة لا تجري مفاوضات جدية معهم فواصلوا الأضراب ، ولم تنجح زيارة وزير الأقتصاد الى لواء كركوك والأجتماع بممثليهم في وقف اضرابهم ، لقد صمموا على المضئ في الأضراب لحين الأستجابة الى مطالبهم .
 في هذه الأثناء اجتمع متصرف اللواء بممثليهم وأبلغهم ان شركة النفط سلمت مبدئياً بأحقية مطالبهم وأمرهم بالعودة الى العمل ، إلا انهم اجتمعوا في عصر ذلك اليوم 12 / 7 / 1946 في قلعة كَاور باغي بشأن التداول فيما بينهم بقبول العرض او الأستمرار في الأضراب . وهنا بعثت السلطة بعدد من الشرطة الخيالة وحاولت تفريقهم بالقوة ثم فتحت النار عليهم فسقط  خمسة من القتلى وأصيب أربعة عشر بجراح بعيارت نارية .
ماذا حدث بعد ذلك ؟
يحدثنا جرجيس فتح الله ( العراق في عهد قاسم ج2 ص 737 ) يقول :
ثارت الخواطر لهذه الجريمة بشكل غير معهود وقدمت الأحزاب الخمسة الحديثة التكوين احتجاجات شديدة ، وهاج الرأي العام العراقي بحيث أكره الحكومة العراقية على اتخاذ إجراءات تأديبية ، فعزلت متصرف اللواء وطردت مدير الشرطة ونقلت رئيس محكمة الأستئناف ، وبعثت بقاض ليقوم بالتحقيق ، فجاء تقريره النهائي ليدين الأدارة كلياً ، ملقياً اللوم فيما حصل على سوء تصرف السلطة ومؤيداً العمال بأنهم كانوا عزلاً . واستجابت الحكومة بعد ذلك الى كل مطالبهم . مع كل ذلك اضطرت وزارة أرشد العمري الى الأستقالة بعد بضعة اشهر وكان ذلك في 10 / 10 / 1946 وكان السبب الرئيسي في الأستقالة هو اطلاق الرصاص على العمال بدون استحصال الموافقات الأصولية لفتح النار ، حيث قتل   ( خمسة اشخاص ) وأصيب عدد آخر . وقد شكلت وزارة جديدة برئاسة نوري السعيد وكان لهذه الشخصية الدور الفعال في الحكم الملكي الليبرالي العراقي ، حيث بلغ عدد المرات التي كلف (نوري السعيد ) بتشكيل الوزارة  15 مرة خلال تاريخ الحكومات العراقية ، من الحكومة الموقتة برئاسة عبد الرحمن الكيلاني في 25 / 10 / 1920 الى 14 تموز 1958 ، وكان عددها خلال هذه الفترة  59 وزارة .
(( لقد كان للأنسان العراقي قيمة في تلك العهود فمن أجل ( خمسة عمال ) قدمت خمسة أحزاب ـ وهي جميع الأحزاب المجازة ـ  احتجاج شديد اللهجة الى الحكومة ، عزلت الحكومة متصرف اللواء وطردت مدير الشرطة ونقلت رئيس محكمة الأستئناف لكن مع ذلك لم تسلم الحكومة من إجبارها على   الأستقالة )) .   
واليوم بعد مرور أكثر من ستين سنة على تلك الحكومة التي استقالت لمقتل " خمسة عمال " ، وفي هذه العقود كان ينبغي ان ترتفع مكانة الأنسان العراقي ، أصبح هذا الكائن أرخص بضاعة في العراق .
في يوم يفوز الفريق  العراقي في مباراة دولية  لكرة القدم ، ويحتفل العراقيون بهذا الفوز ، فتحصد السيارارت المفخخة المئات منهم بين قتيل وجريح ، والحكومة العراقية لا يرف لها جفن ، وكأن الحكومة العراقية هي حكومة شعب آخر وليست حكومة الشعب العراقي .
 وفي ظل حكومة المالكي تعرضت ماكنة الأرهاب  لقريتين عراقيتين تقطنهما الطائفة اليزيدية وتشكل اكثر الهجمات دموية وتهدف الأبادة الجماعية لهذه الشريحة العراقية وتخلف أكثر من 400 قتيل والحكومة العراقية المنتخبة تثبت أقدامها غير آبهة بما يجري للمواطن العراقي إن كان يزيدي او مسيحي او مسلم او مندائي .
لقد كانت الأحزاب السياسية في العهد الملكي الليبرالي تتسابق على خدمة الشعب العراقي وبرامجها تدور حول مصلحة الشعب وكرامته وهي بالأساس احزاب علمانية في اليمين واليسار والوسط وأحزابنا اليوم دينية وطائفية ، ليس لها علاقة بمصلحة الشعب ، أنها في واد والشعب في واد آخر .
 لقد جاءوا للحكم نتيجة الأنتخابات لكنهم لم يكونوا أمناء لهذا الشعب الذي اوصلهم الى كرسي الحكم .
ما هي المكتسبات التي حققوها للشعب العراقي  الى اليوم  ؟
 الحصيلة النهائية هي صفر في صفر ، بل اعادوا العراق خطوات الى الوراء في كل النواحي :
 غياب الأمن ، انعدام الخدمات ، الفساد الأداري والمالي ، تفشي الجريمة ، تلوث البيئة ..
رحم الله نوري السعيد وأرشد العمري ، وحمدي الباجه جي وتوفيق السويدي وصالح جبر وجعفر العسكري وأحمد مختار بابان وعلي جودت الأيوبي وغيرهم من رؤساء الوزارة العراقية الذين كان ضميرهم يؤنبهم لمقتل خمس عمال فتستقيل الوزارة بكاملها .
لقد ضاع الزمن العراقي ، كما ضاع الأنسان العراقي ، ونتساءل متى يكون للأنسان العراقي قيمة في وطنه ، ومتى تشعر حكومتنا المنتخبة انها تمثل الشعب العراقي وليس الشعب الهندي او الباكستاني  ؟
 ومتى تعرف أنها مسؤولة عن امن العراقيين وصحتهم وتعليمهم ووقودهم وكهربائهم ... ؟
 على الحكومة العراقية ان تعرف انها ستكون صادقة في اقوالها وأفعالها حينما تستطيع ان تحمي اليزيدية وكل الأقليات حيث تركوا بدون حماية .
ومتى يعرف اعضاء البرلمان العراقي والحكومة العراقية أن عليهم ان ينجزوا مسؤولياتهم بأمانة لأنهم يستلمون رواتبهم من الخزينة  مقابل إدائهم لهذا الواجب ؟
حبيب تومي / اوسلو

495
المجلس القومي الكلداني العبرة في النهوض بعد الكبوة
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

أعتبر نفسي صديقاً للمجلس القومي الكلداني ولكل أحزاب ومنظمات شعبنا الكلداني التي تحاول إثبات شخصيتنا واستقلاليتنا وهويتنا في وجه من يحاول مسح هذا الأسم التاريخي من الخارطة العراقية .
قبل حوالي 3 سنوات اثناء تواجدي في القوش حضرت الأجتماع العام بمناسبة تأسيس فرع للمجلس القومي الكلداني في القوش ، وكان حضور كبير من الألاقشة بضمنهم سيادة المطران ميخا المقدسي الذي حضر لمدة نصف ساعة وغادر القاعة بسبب ارتباطات سابقة . وشرح السيد فؤاد بوداغ وزملائه الآخرين بضمنهم الدكتور عصام بتو أهداف المجلس وتطلعاته في العراق الجديد .
 وبعدها زرت عدة مرات مقر المجلس في القوش وكان الصديق جورج قس يونان والأخ اودا قس يونان يديران المقر في وقتها  .
قبل أشهر التقيت في سورية بالصديقين فؤاد بوداغ وعصام بتو ، ولمست لديهما الحماس والرغبة في مواصلة العمل القومي ، وليس الرغبة فحسب بل قيامهما بعدة فعاليات منها سفرات وحفلات ونشاطات أخرى بغية جمع وتخفيف عن جاليتنا الكلدانية .
إن المجلس القومي الكلداني شانه شأن المنظمات والأحزاب الكلدانية الأخرى تحاول بنشاط وجدية الدفاع عن ثقافتنا وشخصيتنا واسمنا التاريخي بوجه من يحاول إلغاء وصهر هذه الشخصية تحت حجج واهية ،والتي  تحمل في جوهرها توجهات عنصرية بعيدة عن روح العصر ومبدأ حرية الأختيار والأنتماء لكل البشر بمن فيهم الكلدانيون العراقيون .
إن المجلس القومي الكلداني  بقي وسيبقى مخلصاً وغيوراً ويعمل جاهداً في تثبيت حق الكلدانيين في الوجود ، بعد محاولات الأقصاء الظالمة .
 إن الظروف الأمنية الأستثنائية في العراق وتشرد شعبنا الكلداني وإجباره على مغادرة أرض الوطن ، كان لهذه الظروف الأثر السلبي في العمل القومي الكلداني . بجهود كبيرة استطاع البطريرك مار عمانوئيل دلي من تثبيت اسمنا القومي الكلداني في الدستور العراقي . وكانت الجهود المبذولة من قبل تنظيمات اجتماعية وسياسية كلدانية الدور الكبير في نشر الوعي القومي الكلداني بين أبناء شعبنا ، في مقدمتها حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني وكذلك المنبر الديمقراطي الكلداني والمجلس القومي الكلداني وجمعية الثقافة الكلدانية والنوادي الأجتماعية والمنظمات الأخرى . كل هذه الجهود رغم انها لم تكن بالمستوى المطلوب إلا انها ساهمت بشكل كبير في بث الوعي القومي بين أبناء شعبنا الكلداني . ولا بد هنا من الأشارة الى نخبة مثقفة ساهمت مع هذه التنظيمات بإنبات الوعي القومي لدى شعبنا ومنهم على سبيل المثال لا الحصر المقالات التي كان يسطرها الكتاب الأجلاء : عامر حنا فتوحي ، كوركيس مردو ، وديع زورا ، نزار ملاخا .. مع اعتذاري لأصحاب الأقلام الحرة الأخرى والتي غابت اساؤهم  عن ذاكرتي  . وأحب ان اشير هنا الى محاضرات سيدنا المطران سرهد يوسب جمو وقد وصلتني من امريكا بواسطة بعض ألأصدقاء والتي تتميز بمهنية وعلمية عالية .
 اليوم نقرأ عن كبوة المت بالمجلس القومي الكلداني بين اناس مخلصين هدفهم جميعاً خدمة شعبنا ولكن يبدو ان عنصر التفاهم قد تغيب او اهمل شأنه ، والمعروف ان التفاهم هو مفتاح الحلول لكل المعضلات مهما تفاقمت وتوسعت .
نقرأ عن بيان صادر من الهيئة العليا للمجلس القومي الكلداني مذيل بـ 54 اسم من السادة الحضور ، ثم نقرأ عن بيان صادر عن الأجتماع الموسع للمجلس القومي الكلداني في 19 / 8 ومذيل بـ 23 اسم من السادة الحضور ، وكل اجتماع من الأجتماعين يصدر مقررات مناقضة للطرف الآخر .
إن هذه الحالة مؤسفة أقل ما نقول عنها ترمز الى غياب التفاهم وعنصر الديمقراطية .
 لقد تطرقت في بداية المقال الى الأوضاع الأمنية الشاذة التي احاطت بالشعب العراقي عموماً وبشعبنا الكلداني ، وكانت الهجرة والتشرد من نصيب شعبنا ، والسيد فؤاد بوداغ وزملائه جزء من هذا الشعب حيث اضطر قسماً منهم الى مغادرة الوطن وبضمنهم السيد فؤاد بوداغ .
 المقولة التي تقضي بوجود رئيس او سكرتير المجلس في الوطن أمر مسلم به لا اعتراض عليه . وفي وقتها يوم تأسيس المنبر الديمقراطي الكلداني أختير السيد سعيد شامايا لرئاسة المنبر وأحد أهم الأسباب كان لأقامته في الوطن ، وهذا اعتقد ينطبق الى حد ما على الصديق العزيز فؤاد بوداغ ، فالساحة الرئيسية للعمل السياسي بين الجماهير هي الساحة العراقية .
أنا شخصياً لا أشك في قدرات وأخلاص الصديق فؤاد بوداغ او الدكتور عصام بتو او بقية الشباب ، لكن هناك ظروف قاهرة تجبر الأنسان على تغيير مسكنه او عمله . وإن التطوع بعمل ما يمكن خدمته بشتى السبل ، او مكان تواجد الشخص . وحسب تقديراتي ـ وأنا أتكلم هنا كصديق للجميع ـ فسكرتير التظيم يفضل ان يكون داخل الوطن ، إن كان الأستاذ فؤاد بوداغ او غيره . وأنا هنا ابدي رأيي من موقف المتفرج من الأمور من الخارج وليس من داخلها .
بقيت هنا إشارة وهي (( زبدة الموضوع )) إذ  ينبغي التقيد بها ، وهي آلية هذه التغييرات التي تقتضيها الظروف الموضوعية ، هل تتم بقرارات واجتهادات فردية أم تجري وفق السياق التنظيمي الأصولي وسط أجواء من الحرية والديمقراطية .
 لست مطلعاً على النظام الداخلي للمجلس القومي الكلداني ، لكن بشكل عام تجري مثل هذه التغييرات في هيكلية التنظيمات السياسية في الكونفرنسات او الأجتماعات الطارئة الموسعة على ان يكون مبدأ الديمقراطية هو سيد الموقف في كل قرار يصدر في هذه الأجتماعات او المؤتمرات .
المراقب لمسيرة المجلس القومي الكلداني في ظل الأرقام المتواضعة بالأجتماعات الموسعة يصدر حكمه الذي مفاده :
أن هذا التنظيم ليس في مقدوره تحمل الأنقسامات في صفوفه ، فالتريث والتفاهم ، ومنح فرصة لمبدأ الديمقراطية كل ذلك كفيل بحل المشاكل الطارئة بروح من الأخوة والتفاهم والشعور بالمسؤولية .
إن قراءتي  لما يجري بين صفوف هذا التنظيم بين المختلفين ليس هناك  خلافات مبدأية حول الأهداف الرئيسية التي قام من أجلها هذا التنظيم ، إنما هناك اختلاف في ميكانزم العمل ، وأرى في كل الأطراف الرغبة في العمل وعنصر الأخلاص  مع الأتفاق على الهدف المشترك ، وأرجو ان تكون هذه كبوة طارئة ينهض منها التنظيم معافى ، ولي الثقة بنخبة المثقفين من أبناء شعبنا الذين يعملون تحت راية هذا التنظيم بان يشدوا الهمم والتصميم  في رأب الصدع وإزالة النقاط السوداء من خارطة العمل المشترك  .
 حبيب تومي / اوسلو


496
      الأقلية الأيزيدية إهمال حكومي وعنف مجتمعي 
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
اليزيدية او الأيزيدية او الدسناي قوم عراقي أصيل تتأثل جذوره في اعماق تربة الوطن العراقي  ، ورثوا ثقافتهم وتراثهم ودينهم من آبائهم وأجدادهم ، كما هو الحال بالنسبة للأديان والثقافات الأخرى ، فالمسلم ورث أسلامه من آبائه وأجداده وكذلك المسيحي واليهودي والأديان الأخرى . وفي القوش نقول عنهم الداسناي ، وقد ذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان ، بأن الداسن جبل عظيم في في شمال الموصل من جانب دجلة الشرقي فيه خلق كثير من طوائف الأكراد يقال لهم الداسنية
إن الديانة اليزيدية ديانة باطنية مغلقة لا يريدون ان يدخل الناس فيها افواجاً او افراداً ، إنهم يطمحون ان يتركهم الناس وشأنهم ويمارسون حياتهم كما يشاءون ، وهذا ما أكدته لوائح حقوق الأنسان والأقليات في حرية الدين والمعتقد وممارسة الشعائر الدينية .
كان الأيزيديون  والى اليوم يفلحون الأرض ويزاولون الأعمال الزراعية إضافة الى الأعمال التجارية في صرف منتجاتهم الزراعية وقيامهم بمختلف المهن في سبيل كسب العيش الشريف بتعبهم وبعرق جبينهم ، وإنهم كباقي الأقليات الدينية العراقية مع اصالتهم الوطنية فهم لا يطمحون ان يحكموا العراق او يتبوأو مناصب عالية في الحكومة العراقية ونحن متأكدين من ذلك لأن الحكومة مبنية على اسس طائفية بعيدة عن الروح الديمقراطية التي تقول الشخص المناسب في المكان المناسب ، ولهذا بقيت الأقليات العراقية الدينية في مؤخرة المجتمع ، وأكثر من ذلك فإن الحكومة العراقية لها موقف المتفرج والساكت عما يطال الأقليات الدينية في هذه الديار .
اليزيدية أناس مسالمون ، كانت بعض الحكومات تراعي مشاعرهم  وأخرى تضطهدهم وتحاول ترويضهم من اجل ترك ما يؤمنون به وذلك باستخدام العنف والقوة والتاريخ يسجل صفحات طويلة ظالمة لما تعرض له هذا القوم من العنف الحكومي والمجتمعي .
ينتشر اليزيدية في القرى التابعة القوش والشيخان ، وكذلك في قضاء سنجار وبعض القرى المتآخمة لها .
في أواخر الأربعينات من القرن الماضي وأوائل الخمسينات منه كنت أرى في القوش وأنا طفل ، رجالاً تسدل على اكتافهم ضفائر الشعر وهذا منظر غريب بالنسبة لنا نحن الأطفال ، وكان هؤلاء الرجال يحملون على اكتافهم المناجل ، وينتظرون في سوق القوش لمن يستخدمهم في حصاد حقول الحنطة والشعير ، لقد كان هؤلاء العمال معروفين بقوتهم وتفانيهم وكدحهم في عملية الحصاد ، إذ ليس أمامهم سوى الأخلاص في العمل وإلا سيكونون عرضة للبطالة حيث أجور النوم في الخان وتكلفة الأكل الذي يتكون من خبز وتمر ودفتر ورق للف السكائر ، بينما إذا عمل لدى صاحب الحقل سيتكفل هذا في مأكله وتبغه ودفتر اللف . ولهذا كان اليزيدي السنجاري ( من شنكر ) معروفاً بدقة عمله ووفرة انتاجه ،  وكان الآلاقشة يتسابقون في استخدام اليزيدية من اهل سنجار ( شنكر ) في حقولهم .
أما اليزيدية القريبين من القوش فكانوا يرتبطون بعلاقات اقتصادية وثيقة مع القوش ، إن كان في جلب حطب من الجبل او في جلب منتجات الألبان او في العمل  في البيوت كرعاة او مساعدين في الأعمال الزراعية ، وكان احد المستخدمين في بيت صديقي حكمت جولاغ يتقاضى أجور سنوية بحدود العشرين دينار مع تزويده بالتبغ ودفاتر اللف وأربعة قوالب صابون ( حلب ) وهو صنع محلي .
 وفي العقود الأخيرة من القرن الماضي عكف الكثير من شبابهم يعملون في محلات بيع المشروبات الروحية  في مناطق الوسط وجنوب العراق حيث كانت هذه التجارة رائجة ، والمشروبات الروحية كما هو معروف كانت مرغوبة لكنها مذمومة كأكل السمك مرغوب ومذموم  وهم يتحملون الكثير من التقريع والأهانة من الزبائن لكنهم يتحملون ذلك من اجل كسب العيش .
كان يطال اليزيدية الظلم والأضطهاد على يد الحكومات لاسيما في العهد العثماني حينما كانت الفتاوي التي تنال من معتقداتهم الدينية . واليوم في سنجار وهي مدينة عراقية قديمة يسكنها اليزيديون بكثرة وتشتهر بوعورة جبلها المنتصب وسط سهل مترامي الأطراف ويكتبها اوليفيه في رحلته الى العراق هكذا : Sinjaar  وفي القوش نقول شنكَر Shengar أما في ( رحلة نيبور 93 )  الى العراق فيقول : ان جميع المسلمين يعتقدون ان لسكان جبل سنجار من اليزيدية كنزاً .. يخبئونه في بئر داخل ماء متجمع ... وإن سليمان باشا لم يكتف بالقضاء على العشائر اليزيدية الرحالة حسب ، بل تغلغل في جبل سنجار وأمر بجلد نبلاء اليزيدية وشنق عدد منهم ولكن لم يبح احداً بمكان الكنز .
وتتوالى المآسي على هذا القوم فيقول سير وليس بج رحلات الى العراق 259 : في سنة 1838 ضرب محمد  باشا الموصلي يزيدية سنجار ضربة ساحقة ماحقة ، وفي 1844 قسا عليهم بدر خان بك .. وفي سنة 1890 ـ 1891 كان أيوب بك في سنجار يسعى الى حمل اليزيدية على اعتناق الأسلام .. وبعد سنة قتل مئات منهم وعذبوا ...
 اليوم ونحن على اعتاب القرن الواحد والعشرين ، حيث تزدهر وتتعالى اصوات حقوق الأنسان وحقوق الأقليات وتعترف كل الأنظمة والدول بحقوق وحرية الأقليات الدينية في اختيار المعتقد وفي ممارسة الطقوس والشعائر الدينية إن كان ذلك بصورة سرية او علنية ، تطلع علينا حفريات الدهور المظلمة من مكامنها لتعلمنا ما هو الخطأ وما هو الصواب ، وتستخدم التكنولوجيا الحديثة المتوفرة في تطبيق أفكارها السلفية في قتل البشر والتي عفا عليها الزمن .
قرأت في موقع صوت كردستان خبراً مفاده : انه في قرية قرب كركوك قتل مواطنان يزيديان بالرجم بالحجارة حتى الموت وسط اهازيج الأهالي ،  والمواطنان من بعشيقة او بحزاني يعملان في تجارة الزيتون . والسبب كما هو معروف انهما يزيديان .
وكل يوم يمر يحصد الأرهاب أرواح اناس ابرياء من مختلف الملل والنحل في عراقنا الجريح ، واليوم كان نصيب هذا القوم الوديع ( اليزيدية ) هذه الحملة الظالمة التي تكفر بكل القيم ، فكانت سنجار على موعد مع هذا القتل الوحشي الذي فاق كل المقاييس : تنفجر سيارة في كراج النقليات في تل عزير وحينما يبادر الناس لأنقاذ الجرحى تكون سيارة أخرى بانتظارهم لتنفجر في وسط من يهرع لمساعدة الضحايا ، حتى الفاشست لم يسلكوا هذا السلوك القذر في قتل الناس . وإن كانت هذه العمليات تجرى باسم الله فأي كفر يرتكبه هؤلاء القتلة . فكان العدد  يقترب من 500 ضحية بين قتيل وجريح .
 إن الحكومتين الكردية والعراقية المركزية ينبغي ان يقوما بواجبيهما في حماية الأقليات العراقية والتي ليست طرفاً في الصراع الدائر في العراق ، إن كان من اجل المناصب او من اجل النفط ، او في دائرة الصراع الطائفي  .
 كان الله في عون الشعب العراقي ، وفي عون إخوتنا اليزيدية والأقليات التي تتعرض الى كل انواع القتل والتهجير والظلم .
 حبيب تومي / اوسلو

497
كردستان تجربة رائدة لمقاربة الثورة مع الدولة
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com
حينما اكتب عن الأكراد يبدو لي ـ على الأقل ـ أن امرهم غريب عجيب ، فكل المصادر تقول ان هذا القوم يشتهر بالشجاعة وشدة البأس ، وإن بلادهم تشتهر بوعورة تضاريسها وشموخ جبالها ، وإن ثقافة الأكراد تبدو متناغمة مع واقعهم الجغرافي . وكان هذا الأتفاق على الجغرافية يقابله تباين النظريات في تاريخ الشعب الكردي ، حيث تباينت التفسيرات عن  اصول هذا الشعب ، منها تأصيلهم الى الميديين مثلاً ، وغير هذا ذهب الكتاب والمؤرخين شتى المناحي . ولا يسع لنا المقام هنا الى التطرق الى كل تلك الأفتراضات لكن منها ما هو غريب عجيب بإلحاقهم بالجن عن طريق إماء سليمان بن داود ( شرفنامة ومروج الذهب )  ، وفي المعارف لأبن قتيبة فيذكر أن الأكراد هم فضل من طعم ( بيوراسف ) وذلك اذ كان يأمر ان يذبح له كل يوم إنسانان ، ويتخذ طعامه من لحومهما ، وكان له وزير يقال له أرمائيل ، فكان يذبح له واحداً ، ويستحيي واحداً ويبعث به الى جبال فارس ، فتولدوا في الجبال وكثروا ..   
وبعد هذه التفسيرات نقول :
نحن أبناء اليوم أمامنا الشعب الكردي قائم بذاته ويحمل هويته بين الشعوب والأمم ويطالب المجتمع الدولي بالحد الأدنى من المساواة بين الأمم في أن يكون له كيان ذاتي وشخصية مستقلة .
 لقد ارتبط اسم الشعب الكردي بالمفهوم الذي نحته له مختلف الأطراف فتركيا تقول عنهم أتراك الجبال وبريطانيا  كانت تقول عنهم :
انهم قوم غير متحضر فكان قائد جناح Gale للسلاح الجوي يقول :
إذا لم يتعلم الأكراد منا كقدوة أن يتصرفوا بأسلوب متحضر ، وجب علينا ان نؤدبهم . وكان ذلك يتم بالقنابل والرشاشات .
وصدام ايضاً سعى من أجل ترويضهم فأعمل فيهم القتل الجماعي التي ارتكبت بحقهم في عملية الأنفال السيئة الصيت ، أما موقف أمريكا من الأكراد فقد عبر عنه موظف أمريكي في اواسط التسعينات بقوله :
لدينا سمكات أكبر لنقليها والأكراد ليسوا سمكة كبيرة جداً .
في اعقاب الحرب العالمية الأولى وبعد تقويض الأمبراطورية العثمانية كان الشعب الكردي يعقد الآمال في تكوين كيانه المستقل أسوة بالأمم الأخرى ، لكن ذلك لم يتحقق بسبب إرادة بريطانيا التي كانت مصالحها النفطية تقضي بإلحاق ولاية الموصل مع العراق وعدم منح أي حكم للأكراد . فشكّل الأكراد دائماً ظاهرة غريبة في العالم الحديث ، كونهم أمة من غير وطن .
وإذا توخينا المقارنة بين كردستان وفلسطين او اسرائيل فسيكون لكردستان وضع خاص أيضاً فالشعب الفلسطيني يحظى بتأييد ودعم الدول العربية المجاورة والمنظمات الأنسانية الدولية . وأسرائيل التي يحيط بها الأعداء من كل جانب لكنها تحظى بتأييد ودعم الدول الغربية وأميركا . تبقى كردستان محاطة بدول متفقة على تقسيمها ، ويغيب عنها الـتأييد السياسي ومساعدات المنظمات الأنسانية   .
 إن هذا الواقع قد أجبر القيادة السياسية الكردية في مختلف المراحل بالأعتماد على القدرات الذاتية للشعب الكردي اولاً  والتضاريس الجبلية المساعدة في حرب العصابات ثانياً ، وترك هذا الواقع بصماته على هذا الشعب فكان قدره ان يكون في دوامة من الثورات في تاريخه المعاصر ، وطفقت ثقافة الثورة ملازمة لخطابه .
الثورة مهما اختلفت بيئتها فهي معنية باتخاذ استراتيجية سياسية ودبلوماسية وعسكرية ، فالثورة لا يمكن ان تكون معلقة في الهواء إنما هي واقع معاش على الأرض يتفاعل مع الأطار العالمي والأقليمي والمحلي ، والثورة تسعى الى تغيير واقع غير مقبول وهي معنية بتجنب الوقوع في شباك العمليات الأرهابية .
 إن اهم معاني الثورة وتفسيراتها ، انها ليست غاية بذاتها ، إنما هي تكتيكات هادفة لأنجاز استراتيجية مرسومة وتنتهي بعد انتهاء مهامها وهي تعبد الطريق امام تشكيل دولة المؤسسات والأدارة المدنية بغية دفع عجلة التقدم والتنمية نحو الأمام .
المشهد الأجتماعي والسياسي والأقتصادي في كردستان يشير الى نجاح  المقاربة نحو دولنة الثورة الكردية ، وصيرورتها الى دولة المؤسسات والمجتمع المدني في ظل دمقرطة الحياة السياسية والأجتماعية .
من الأمراض السياسية لبعض الدول هي الأنصراف الكلي نحو البناء الأقتصادي وإهمال الجانب الديمقراطي ، وهذا يؤدي بالأخلال في عملية بناء دولة المؤسسات ، إذ ينبغي التنسيق في كل مفاصل الحياة منها الأهتمام في البنية التحية والخدمية وملازمة العملية الديمقراطية والبناء الأقتصادي .
إن كان ثمة صراع من اجل أستمرارية الثورة على حساب الغاء أو تأجيل الدولة فإن البلاد تبقى في أتون الصراعات ، وتختفي عملية البناء المطلوبة . إن الثورة على الحكم الملكي في العراق وأعلان الجمهورية قد أبقى الدولة العراقية اسيرة لبداوة الثورة ، فكان نبذ او أهمال الديمقراطية وعمليات التعمير والبناء ، وأدخل العراق في اتون الصراعات الداخلية والخارجية ، فمن التعامل الشوفيني مع القوميات العراقية وفي مقدمتها القومية الكردية ، فكانت هذه المعضلة قميص عثمان للتهرب من الديمقراطية والبناء العلمي للدولة العراقية الحديثة .
 النظر بعدسة التفاؤل الى التجربة الناجحة  لأقليم كردستان سينمو الأمل في نفوسنا في امكانية ترسيخ  وانتصار الدولة العراقية على بداوة التقسيمات المذهبية والعرقية والدينية التي تحاول تمزيق هذه الدولة وإرجاعنا الى القرون المظلمة ، ونأمل ان يكون تفاؤلنا في محله .
 حبيب تومي / اوسلو 
 
 


498
          برازيلي رئيساً للحكومة العراقية .. أنه مجرد اقتراح
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com








إن كان وطننا غارقاً في جحيم الأرهاب والعنف الدموي ، وكل الجهود التي تبذلها القوات الأمريكية والعراقية لا تستطيع أيقاف العمليات الأرهابية ، والحكومة العراقية مقيدة بتجاذباتها وتقسيماتها الطائفية ، والسيد رئيس الوزراء نوري المالكي يحاول ترضية كل الأطراف بموجب الحصص الطائفية ، والرجل رغم اخلاصه وخبرته السياسية إلا  انه لا يحل ولا يربط في مسالة حل العقد العراقية المستعصية منها :
الأمنية والخدماتية والسياسية والأقتصادية  ، وكل يوم تتردى الأوضاع  ويزداد الوضع سوءاً ، وتتنوع عليه الضغوطات إن كانت  من الميليشيات الشيعية او المسلحين المجاهدين من السنة او من الأحزاب الدينية والطائفية التي لا تنظر الى المصلحة العراقية ، ناهيك عن الضغوطات الخارجية من الجيران وغيرهم ، والرجل  عاجز عن تغيير الواقع المأساوي ، لأن الأشكالية تكمن في ان الحكومة نفسها مبنية على اسس طائفية  .
إن حال رئيس الوزراء يشبه الى حد كبير حال أي مدرب عراقي نهض بمهمة تدريب المنتخب العراقي ، فهو يقع تحت تأثير السلطات التي عينته مدرب الفريق ، وهو معني بتنفيذ أوامرها ، وليس له استقلالية وحرية اختيار اعضاء الفريق  ، وهكذا كان الفشل من نصيب الفريق المتكون اصلاً بحسابات الوساطة والمحسوبية  وغيرها من التأثيرات التي لا تصب في مصلحة الرياضة .
 في العراق اليوم من المدربين العراقيين افضل من المدرب البرزايلي فييرا ، لكن العراقي مقيد بقيود سياسية ومحسوبية واليوم بقيود طائفية ايضاً . وكان المدرب البرازيلي المغمور في حل من كل تلك الألتزامات ، فجمع اللاعبين حسب كفاءتهم وليس حسب انتمائهم الديني او الأثني او العرقي ، شرطه الوحيد ان يكون اللاعب عراقي  كفوء ، وتحت سارية الراية العراقية بعيداً عن كل الأنتماءات الأخرى  استطاع هذا المدرب ان يقود الفريق العراقي الى الفوز المؤزر ، بقطع النظر  عن المعوقات الكثيرة التي كانت تعتري سبيله .
 لو فرضنا ان تدريب المنتخب كان داخل العراق ، وإن المدرب عراقي ، فهذا المدرب ملتزم ان ينفذ أمر وزير الرياضة والشباب  ، وكما هم معلوم فإن كثير من الوزراء جعلوا وزارتهم معقلاً ومقراً لأحزابهم ، وبما ان الأحزاب من اسمائها وأفعالها هي احزاب دينية  ومذهبية أي لا علمانية فدأبت كل وزارة  تعكس الطائفة التي تنتمي اليها ، فالفريق العراقي في هذه الحالة كان ينبغي ان يراعي هذا التوزيع الطائفي ، كأن يعطي خط الدفاع للسنة والهجوم للأكراد والوسط للشيعة وحارس المرمى من الأقليات القومية والأحتياط من الأقليات الدينية من المسيحيين والمندائيين واليزيدية الذين يهّجرون من العراق . من المؤكد إن هذه الخرافة كانت قد مزقت الفريق وسببت في فشله الذريع في اولى مباراته .
لكن من حسن الصدف ان المدرب الأجنبي سخر واستهجن  هذه التقسيمات ،فاختار فريقاً عراقياً يحمل الراية العراقية ليس غير ، وتحت الراية العراقية فقط استطاع هذا المدرب ان ان يخلق لحظة سعادة للعراقيين وأثبت ان الهوية العراقية هي قادرة على كل شئ فيما عجز المالكي بكل امكانياته من تحقيق مثل هذه اللحظة للعراقيين .
نعود الى المشهد السياسي  العراقي وإمكانية استقدام رئيساً للوزراء من البرازيل او من الصين او من من اليابان ، او يكون أحد الخبراء او المستشارين في الأمم المتحدة . وحتماً هذا الشخص سيختار حكومة من التكنوقراط  من التنوع العراقي ، ولا اعتقد في الأمر انتهاك او إساءة للسيادة العراقية ، فإذا أخذنا بمفهوم الديمقراطية ، فإن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء وكل العاملين في الدولة العراقية هم موظفين ، وكل يؤدي واجبه من موقعه الوظيفي ، إن كان وزيراً او موظف استعلامات فجميعهم موظفون في الدولة ويستلمون رواتبهم من الخزينة العراقية في نهاية الشهر   .
 نحن نستقدم موظفين وخبراء في شتى الأختصاصات ، ومن جملتهم استقدمنا مدرباً لفريقنا الوطني من البرازيل ، فما هو المانع من استقدام موظف خبير ويعمل تحت عنوان رئيس للوزراء ، ومن المؤكد فإن هذا الخبير الذي يأخذ راتبه من الدولة العراقية سيصرف كل وقته من أجل إعادة البنية التحتية المنهوكة العراقية ، ويعمل من  اجل توفير الكهرباء وماء الشرب وتصريف المجاري وتبليط الطرق وتوفيرالوقود من البنزين والكيروسين والغاز . والرجل سوف يجمد مطالب جبهة التوافق والكتلة الصدرية والأئتلاف الشيعي وكل مطالب المتعلقة بمصلحة الأحزاب الأنانية البعيدة عن المصلحة العامة للشعب العراقي .
بقيت امور بسط الأمن والأستقرار وهذا هو المهم ، من المؤكد ان هذا الرجل الذي يعمل بمهنية عالية سيعين مدراء الأمن والشرطة ومدراء المراكز الحساسة من الكفوئين دون النظر الى انتمائهم الطائفي وحصة هذه الطائفة او تلك ، وهو سيختار حسب المقدرة والكفاءة ، إن كان المنصب سيشغله كردي او عربي ، سني او شيعي ، مسلم او مسيحي . المهم المقدرة والكفاءة وأن يكون عراقي الجنسية لا أكثر .
لقد عُين الأمير فيصل ملكاً على العراق في مؤتمر القاهرة في 23 أذار 1921 وفي 23 آب 1923 تم تتويجه على عرش العراق ، والأمير فيصل كما هو معروف ليس عراقياً ، واستطاع هذا الشخص من بناء الدولة العراقية بعد ان كان العراق تنازعه التقسيمات العشائرية بالدرجة الأولى .
فماذا يمنعنا اليوم بالأستعانة برجل خبير وليكن أجنبياً من اجل ترتيب الأوضاع في العراق .
إن العراق لا تستقيم اموره بإسقاط هذه الوزارة وعودة الجعفري أو بأتيان رئيس وزراء يملك الأكثرية في البرلمان العراقي ، لأن البرلمان نفسه يشكل مركز استقطاب طائفي كئيب .
إن كان الأصرار ان يكون رئيس وزراء عراقي فلابد ان تكون الشخصية التي تقوم بهذا الواجب  شخصية علمانية ليبرالية لا تأخذ المشورة من رجال الدين ، او من الكتل التي توجه بوصلتها السياسية نحو المذهبية والطائفية مهما كان لونها . ولكن يبقى ترأس اجنبي للحكومة العراقية افضل من غيرها لأخراج العراق من نفقه المظلم والمدرب البرازيلي مثال حي على هذه الفرضية التي تبدو لأول وهلة غريبة .
 ولكن إذا جاء خبير من الأمم المتحدة وشغل هذا المنصب ، وتعاون الجميع معه من المؤكد سيقلب المستحيل الى ممكن كما فعل المدرب البرازيلي .
 حبيب تومي / اوسلو
 

499
  لماذا تغـرد حكوتنـا خـارج السـرب ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com

 








 الراصد للمشهد السياسي في العراق يبقى في حيرة من امره في كيفية تصرف الحكومة العراقية ومعها البرلمان العراقي . وليس هنالك تفسير معقول للسياسة التي تتبعها الحكومة .
 اجتمع السفيران  الأمريكي والأيراني  في بغداد وبحثا الوضع في العراق ، والعراق كان حاضراً بشخص ( رئيس الوزراء ) ويبدو انه كان مراقباً ، وشأنه شأن من يتفرج على لعبة الشطرنح لا يحق له التدخل في سير اللعب ، انه مشاهد ليس ألا  .
 والأنسان العراقي من حقه ان يتساءل ، إن كان  حضور السفير الأمريكي له نوع من الشرعية في بحث مصير العراق باعتباره سفير دولة محتلة ، وهذا الوضع معترف به في الهيئات الدولية وقوات بلاده موجودة في العراق بموجب قرارات دولية ، فما هو المسوغ القانوني الذي يسمح للسفير الأيراني ببحث مصير العراق مع السفير الأمريكي ؟ وبحضور  ( رئيس الوزراء  مع السفيرين ) ، كيف نفسر هذه المعادلة الغريبة ؟
النقطة الأخرى التي جعلت الحكومة العراقية وكأنها تغرد خارج السرب ، هو الحدث الوطني العراقي الذي هز العراق بكل مدنه وقراه وكل تنوعاته الأجتماعية والعرقية والدينية ، وخرجت مظاهرات الفرح والأحتفالات ورفع العلم العراقي في كل أرجاء الدنيا يوم انتصر الفريق العراقي ببطولة آسيا في جاكارتا ، وسلطت الأضواء من كل جانب الى هذا الحدث التاريخي . لكن الحكومة العراقية كانت تسير في الممرات المعتمة بجدالاتها العقيمة ، إنها ماضية في متاهات الحروب الكلامية والتلاسن وتبادل التهم ومثلها أيضاً جلسات البرلمان العراقي الغارقة في مستنقع الجدالات العقيمة  والتي لم تثمر لحد الآن أية منجزات للشعب العراقي  .
 لكن ويبدو ان البرلمان العراقي قد حقق انتصاراً على جبروت أميركا حينما لم تستطع ثنيه عن عزمه في التمتع بالأجازة الصيفية ، معتبرين انه لا قضية مهمة في العراق  تستحق قطع هذه الأجازة .
ويبدو إن قتل وجرح العشرات من العراقيين لسبب بسيط هو احتفالهم بفوز  الفريق العراقي يشكل للحكومة العراقية والبرلمان بانه أمراً بسيطاً وربما لا يستحق النشر ، أما انقطاع التيار الكهربائي في الصيف العراقي القائض ، ومن ثم قطع الماء في مناطق كثيرة من بغداد فهو أمر سهل لا يستحق النظر فيه وهو أمر اعتيادي بالنسبة للعراقيين فما هو المانع من تمتع اعضاء البرلمان بالأجازة السنوية ؟ لكنهم يستدركون فيقولون لو حدث حادث طارئ فإنهم مستعدين لقطع إجازاتهم والحضور للأجتماع الطارئ .
 يا لها من مفارقة مضحكة مبكية ، كل ما يحدث في العراق لا يشكل نقطة مهمة تستحق الأجتماع الطارئ ، وفي هذه الأحداث اليومية المروعة ، وأنعدام كل الخدمات للشعب المنكوب ، كل هذه الأمور ليست مهمة .
أعلمونا رجاءً ما نوع الحدث الجلل الذي يدعو لانعقاد اجتماع طارئ  للبرلمان العراقي  ؟
كان على الحكومة العراقية  ان تحتضن الفريق العراقي بالرعاية والتكريم واستثمار الحدث  لضماد الجروح والتئامها ، ووقف نزيف الدم العراقي لكن بدلاً من ذلك  يصرح الناطق الرسمي بلسان الحكومة العراقية ، بأن خشية كابتن الفريق على حياتهم ومستقبلهم ليست في محلها مستخفاً بما خطر ببال الكابتن من الخطورة على حياة أعضاء الفريق لو عاد الى العراق متهماً أياه بانه تجاوز حدود صلاحياته .
 إن الحكومة حينما تقاعست في القيام بواجبها ، لكن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لم يتأخر من إداء واجبه كعربي أصيل وقام بتخصيص طائرة لنقل الفريق العراقي الى دبي والأحتفاء بهم بما يلائم ونصرهم المؤزر ، وفوق ذلك تبرع لهم بمبلغ عشرين مليون درهم . وفي هذا المقال نحتج على عزف النشيد الوطني القديم في حفل استقبال المنتخب .
لكن يقال ان الحكومة العراقية فتحت باب التبرع للفريق ، ومعجم التساؤلات لا ينتهي ونقول :
من  يستحق اكثر من الفريق العراقي بتخصيص طائرة لنقلهم ؟
ومن هو أحق منهم في الثروات العراقية ؟
 إن ما نعرفه عن الأحزاب الطائفية التي تتاجر بالدين انهم يكرهون الرياضة والرياضيين ، لكن كيف مع حدث وطني مهم كهذا ؟
 لقد قالت الأم الثكلى بابنها الذي استشهد في حادث تفجير سيارة مفخخة   جريرته ان خرج ليحتفل  بفوز العراق . قالت هذه المرأة سوف لا تقيم عزاءً إلا بعد ان يفوز الفريق العراقي .
 كان هذا حافزاً قوياً للفريق بأن ينجح بالمهمة التي القتها هذه المرأة العراقية على عاتق الفريق ، لم يكن هناك دعم حكومي يذكر ، تلاحم الأغلبية الصامتة في العراق وارتفاع حناجرها بتشجيع الفريق ، وطلب المرأة العراقية العظيمة ، هذه العوامل كانت وراء خلق إرادة لا تلين لدى الفريق العراقي لينجز هذه المهمة الوطنية .
إن الحكومة العراقية  إن أرادت الا  تكون مغردة خارج سرب الشعب العراقي ، وعازفة على وتر الطائفية عليها القيام بواجبها إزاء الحدث  وعليها إقامة تمثال للمرأة العراقية وابنها الشهيد ، لكي تذكر الأجيال كم هو الأنسان العراقي مخلص لوطنه العراق ، اما ان بقت تتماهي في التلاسن والجدال البيزنطي العقيم  حول توزيع المستحقات الطائفية من جسد العراق ، وبالمنظور الطائفي المقيت فإنها ستبقى تغرد خارج السرب العراقي .
 ونتمنى ان تصفى القلوب وأن تعمل الحكومة العراقية بقلب واحد كما لعب الفريق العراقي ومدربه البرازيلي والكادر التدريبي ،  لقد عملوا جميعاً تحت راية العراق وهكذا على الحكومة  ان تعمل تحت راية العراق الجامعة وأن تمسح عنها الوجه الكئيب للطائفية .
 نتمنى ان يبزغ فجر العراق وينجلي الليل الطويل وتشرق الشمس في سماء العراق الصافية .
 حبيب تومي / اوسلو
 

500
لقد فعلها أسود الرافدين
بقلم : حبيب تومي / أوسلو
لم أفكر يوماً ان أهتم بنتيجة مباراة لكرة القدم مثل هذا اليوم ، لقد انجذبت نحو شاشة التلفاز وأنا أتطلع الى النتيجة بأعصاب متوترة ، كنت انفعل دون إرادتي ، وحين انتهاء المباراة بفوز العراق انهمرت الدموع الغزيرة من مقلتي  ولم تفلح محاولاتي  لكبحها وأيقافها . إن هذه الدموع لم تكن لنتيجة المباراة الكروية فحسب إنما لكونها جاءت كنصر حققه العراق الجريح .
بجهود شباب ابطال أبوا إلا ان يعملون صفاً واحداً وفريقاً واحداً وقلباً واحداً ، واثبتوا ان الواحة العراقية ، لا يمكن ان تكون غابة موحشة يلعب فيها الأشرار . استطاع هؤلاء الشباب الأبطال ان يرسموا ابسامة على وجوه العراقين في الزمن العراقي الصعب .
( العراقي في الملاعب يلعب وأيده على جرحا )
 نعم العراق الجريح يلعب في ظروف قاهرة ، ولهذا نستطيع ان نقول  الفريق العراقي لم يأتي بنصر فحسب إنما اتى بمعجزة .
المباراة في كأس أمم آسيا التي اقيمت في العاصمة جاكارتا كانت عربية بين العربية السعودية والعراق ، لكن بصراحة نقول ان النصر كان عراقياً خالصاً لعباً ونتيجة . لقد كان تسجيل الهدف الغالي في المرمى السعودي في الدقيقة 71 من المباراة من نصيب اللاعب يونس محمود وهو قائد الفريق العراقي ومهاجمه  .
 المملكة العربية السعودية بلد الأمن والأستقرار ، تراعي فريقها بالعناية والأهتمام وتصرف ببذخ المبالغ الطائلة لتدريب وإعداد الفريق ، والفريق العراقي الذي لا يستطيع ان يعيش في بلده ، ويأتي من ناحية اهتمام الحكومة بالمركز الأخير في قائمتها . هذا الفريق تحدى الشتات السياسي العراقي ، وتحدى مخططات الأرهاب وكل الأشرار في تدمير العراق ، وصنع نصراً عراقياً  .
 لقد ظهرت تلك الوجوه الشابة على مسرح الملعب التي كانت تعمل بتخطيط المدرب ، واستطاع هؤلاء الشباب من ترسيخ أقدامهم على البساط الأخصر وتمكنوا من على ذلك المسرح الأخضر والتي كان يشاهده الملايين تمكنوا من عزف سمفونية عراقية موحدة رائعة ، وهم يثبتون أن الرياضة ليست مسرح للمبارة فحسب إنما هي ساحة للوحدة والمحبة وإنها تغسل كل امراض الحقد والكراهية والوحشية .
في الدقائق التسعين للمباراة كان الفريق العراقي هو المسيطر والمبادر  ويجري الفريق السعودي ورائه لاهثاً متعباً  لا يعرف كيف يحمي شباكه من الكرات العراقية الصاروخية  .
لقد تجسد التصميم والأرادة في لعب الفريق العراقي ، وإن كانوا لا يستطيعون التدريب واللعب على أرضهم ، وإن الأرهاب والقتل قد نالا شريحة من الرياضيين العراقيين ، إنه الوطن ورايته يجب ان تبقى خفاقة ، ويقولون كما قال الشاعر العربي .
أحب بلادي على رغمها   وإن لم تنلني سوى عارها
لقد اعطى لاعبونا درساً لشعب العراق ولحكومته  وبرلمانه  : بأننا إن عملنا فريقاً واحداً تحت راية العراق الخفاقة فنستطيع ان نحقق الفوز والأنتصارات ليس على البساط الأخضر فحسب ، إنما في كل مفاصل الحياة  بشرط ان  نرفع  هويتنا العراقية في المقدمة . لقد جسد هؤلاء الشباب الوحدة العراقية بفريق عراقي واحد ، وعلى الحكومة العراقية والبرلمان العراقي ، أن ينتبهو لعراقيتهم وأن ينبذوا اوهام الأصطفاف الطائفي والمذهبي والديني . لنتعلم من هؤلاء الشباب قليلاً يا حكومتنا .
 بقي من الأنصاف ان نقول : إن الأجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية بمنع مرور المركبات أثناء وبعد المباريات وإنزال قوات اضافية لحفظ الأمن ومنع العمليات الأرهابية بحق الناس الأبرياء ، كان إجراءاً حكيماً . ولا أدري ماذا كان يمنعها بالقيام بنفس الأجراءات في المباريات السابقة التي ذهب ضحيتها العشرات الأبرياء المحتفلين بفوز وطنهم العراق ؟
 حبيب تومي / اوسلو



صفحات: [1] 2